الدراسات البحثية

أثر اقرار قانون يهودية الدولة على المشروع السياسي الفلسطيني

The impact of Jewish law on State Palestinian political project

العدد الثاني مارس لسنة “2017 ” من مجلة العلوم السياسية والقانون

احدى اصدارات المركز الديمقراطي العربي

 

اعداد الباحث هادي الشيب  – والباحث : جمال حنايشه – الجامعة العربية الأمريكية

 

ملخص:

يرصد هذا البحث محاولات الكيان الإسرائيلي إعلان إسرائيل دولة للشعب اليهودي. عبر تصريحات قادتها، ألمستوحاة من التاريخ الحديث تحديداً في القرن التاسع عشر، المتمثل بوعد بلفور، وقرار التقسيم (181) الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1947م. ووثيقة الاستقلال التي أعلنها ديفيد بن غور يون أول رئيس وزراء إسرائيلي في الرابع عشر من أيار عام 1948 م.

هذا البحث علاوة على كشفه الأهداف التي عملت عليها مختلف المؤسسات الصهيونية والإسرائيلية في هذا الميدان. فإنه يدق النفير لإثارة الحوافز الوطنية الفلسطينية من أجل الدفاع عن المشروع السياسي الفلسطيني، وذلك بالإجابة على إشكالية التداعيات المترتبة على إعلان  إسرائيل دولة للشعب اليهودي. متجاوزة الحقوق الفلسطينية المتمثلة بالعودة، وحق تقرير المصير، وإقامة الدولة الفلسطينية، وقد اعتمد البحث على المنهج التحليلي لتفكيك معطيات البحث وإيجاد علاقة التأثير والتأثر بين هذه المتغيرات(مقومات المشروع الوطني الفلسطيني/ إعلان الدولة اليهودية)، والمنهج التاريخي كمنهج مساعد لرصد مختلف التطورات الزمنية التي شهدتها ظواهر الموضوع.

Abstract:

This research attempts to monitor the Israeli entity declaration of the Jewish State, Israel, through statements, inspired by recent history, specifically in the nineteenth century, of Balfour, the partition resolution (181) adopted by the United Nations General Assembly in 1947 and the Declaration of independence proclaimed by “David Ben Gurion” first Israeli Prime Minister on 14 May 1948.
In addition to this research revealed objectives that worked on various Zionist and Israeli institutions in this field, it beats the Eustachian tube to stir Palestinian national incentives for defending Palestinian political project answer the problematic consequences on Israel’s Declaration of the Jewish State, surpassing the Palestinian rights of return, self-determination, and the establishment of a Palestinian State, and had adopted the analytical syllabus search to disassemble data search and find a relationship between these variables influence (elements of the Palestinian national project/Declaration of the Jewish State), and the historical method as a helper for monitoring the various developments in the temporal phenomenology of matter.

مقدمة:

ساهم تحول التحرير كهدف استراتيجي مرتبط بالصراع العربي- الإسرائيلي في تبادر مجموعة من الأطروحات للبحث عن مشروع يوحد اللاجئين الفلسطينيين المقيمين على أراضي الدول العربية إلى شعب موحد ذو قضية وطنية، لكن تقاطع هذا المشروع مع المفاهيم المرتبطة بالقومية العربية لتحرير فلسطين من جهة، ورفض الكيان الإسرائيلي لفكرة التحرير وعودة اللاجئين ساهم في سعي هذا الأخير، إلى الدعوة لإعلان الكيان الإسرائيلي دولة يهودية.

فكـرة يهوديـة الدولـة لـم تكـن فكـرة جديـدة؛ بـل يعـود أصلهـا إلـى الحركـة البروتسـتانتية حينمـا منحـت أتباعهـا الحـق فـي فهـم الكتـب السـماوية، ودعـت لحريـة القـول والـرأي، ومـا كانـت لتنمـو مـن دون معرفـة كتـاب العهـد القديـم؛ وهـو الكتـاب المقـدس لـدى اليهـود والمسـيحيين علـى حـد سـواء، وتعـددت فيـه النصـوص والترجمـات، وكانـت مسـاهمات البشـر فيـه كثيـرة علـى مـدى تسـعة قـرون وبلغـات مختلفـة، وقـد اعتمـدت المسـيحية التـوراة العبريـة حينمـا أمـر الملـك هنـري الثامـن   Henry VIII ) ملـك إنجلتـرا عـام 1538 م ) بترجمـة التـوراة للغـة الإنجليزية؛ ونشـرها وإتاحـة قراءتهـا مـن قبـل العامـة.

وقـد تنـاول زعماء الكيان الإسرائيلي مصطلـح” يهوديـة الدولـة “بشـكل ملحـوظ فـي الآونة الأخيرة، وذلك فـي الخطابات السياسية سـواء فـي داخـل إسـرائيل أو خارجهـا، من خلال دعوة المجتمــع الدولــي الاعتراف بإســرائيل كدولــة يهوديــة، وقــد طالــب رئيــس الـوزراء الإسرائيلي بنياميـن نتنياهو(בנימין נתניהו) في العام 2003، علانية فـي خطابـه بالولايـات المتحـدة بالاعتراف بيهوديـة إسـرائيل. وأكد على ذلك الإعلان رئيس حكومة إسرائيل السابق أيهود اولمرت(איהוד אולמרט) في مؤتمر أنا بولس في27-11-2007 بمطالبة  الوفود العربية باعتراف بإسرائيل دول يهودية.

وتسـعى إسـرائيل فـي ذات الوقـت إلـى انتـزاع اعتـراف بيهوديـة الدولـة مـن الجانب الفلسـطيني في ظل إخفاقات عملية التسوية السلمية لقضايا الحل النهائي عام 2007، وتوجّه الطرف الفلسطيني للأمم المتحدة للحصول على اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية(194) ضمن حدود الأراضي المحتلة عام 1967، وذلــك مــن خــال اشــتراطها اســتئناف المفاوضــات؛ والموافقــة علــى إقامــة دولــة فلســطينية علــى أراضــى المحتلة عام 1967م بالاعتراف بيهوديــة الدولــة، فهــي تعيــش منــذ مــدة مشــكلة الديموغرافيــا، وخوفهــا مــن زيــادة الفلســطينيين يجعلهــا تصــر علــى كســب الاعتراف الدولــي بيهوديـة الدولـة؛ للمحافظـة علـى النقـاء اليهـودي فـي دولـة إسـرائيل ولمواجهـة خطـر الزيـادة السـكانية العربيـة. وتحولـت مقولـة الدولـة اليهوديـة بصـورة غيـر مسـبوقة؛ والمعهـودة إلـى القاسـم المشـترك بيـن مختلـف التيـارات والكتـل والأحزاب والاتجاهات السياسـية المؤيدة والمعارضة. واتخــذت الكنيســت الإسرائيلي فــي 2003/7/16م قــرارا بضـرورة تعميـق فكـرة يهوديـة الدولـة؛ وتعميمهـا علـى دول العالـم، حيـث قـدم مشـروع القـرار أعضــاء كتلــة الليكــود؛ وتــم تشــريعه بعــد التصويــت عليــه، نص مضمونه على أن الضفــة الغربيــة وقطـاع غـزة ليسـت مناطـق محتلـة، ومـن الأهداف الأخرى التي يسعى إليها القرار المذكور، جـذب مزيـد مـن يهـود العالـم إليهـا، فالحركـة الصهيونيـة تعتبـر كل اليهــود هــم المــادة البشـرية لتحقيـق أهــداف إســرائيل التوســعية مــن جهــة، وركيـزة الاستمرار من جهة أخرى.

ومن هذا المنطلق يمكن صياغة إشكالية البحث على النحو التالي:

ما مدى انعكاس إعلان الكيان الإسرائيلي كدولة يهودية على المشروع السياسي الفلسطيني؟

أسئلة الدراسة:

  • كيف تطور مفهوم الدولة اليهودية؟
  • ما تفسير الوثائق الدولية الرسمية وغير الرسمية لمصطلح الدولة اليهودية؟
  • كيف سيؤثر إعلان الكيان الإسرائيلي للدولة اليهودية على طموحات المشروع السياسي الفلسطيني؟

الأدبيات السابقة:

دراسة ( ثابت، عبير)(2015) بعنوان” مدى تأثير فكرة يهودية الدولة الإسرائيلية على مستقبل القضية الفلسطينية” تناولت تطور مفهوم الدولة اليهودية عبر التعاليم الدينية المستوحاة من العهد القديم، وهدفت الدراسة للتعرف على فكرة يهودية الدولة، والأطروحات الفكرية المتعلقة بها، التي تحملها الدبلوماسية الإسرائيلية وتدور بها حول العالم.

وتناولت الآثار والمخاطر على الشعب الفلسطيني ومستقبل مواطني الأراضي المحتلة في عام 1948، وتوصلت بأن هذا الإعلان يسقط حقوق فلسطيني 48، وإعطاء إسرائيل الحق بأن تتعامل معهم كمواطني درجة ثانية وحرمانهم من كافة حقوقهم المدنية والإنسانية في إسرائيل.

أغفلت هذه الدراسة المشاريع الاستيطانية الغربية التي تشكل أساس بناء دولة يهودية، ولم تبحث هذه الدراسة في ركيزة كيفية جعل الكيان الإسرائيلي عبر ممارساتها في مدينة القدس.

وتناولت دراسة ( زريق رائف) ” الدولة اليهودية … مرة أخرى” مخاطر الاعتراف ب يهودية دولة إسرائيل من قبل الجانب الفلسطيني لأن هذا الشرط المرفوع في وجه المؤسسة الفلسطينية من شأنه أن يؤثر في الوضع القانوني للمواطنين الفلسطينيين في إسرائيل، ويفكك الكاتب هذا الشرط ويسعى لكشف الأهداف التي يسعى لها اليمين الإسرائيلي لبلوغها، واعتبر الكاتب بأن فكرة يهودية الدولة موجودة في صلب العقيدة الصهيونية .

توصل الباحث بأن الجانب الإسرائيلي لا يسعى لفرض يهودية الدولة عبر القوة، وإنما من خلال اعتراف فلسطين بحق اليهود في تقرير المصير في دولة خاصة بهم. أغفلت الدراسة الموقف الدولي من إعلان إسرائيل دولة يهودية وفق القوانين الدولية.

وفي دراسة غير منشورة ل ( سلامة، عماد) (2015) بعنوان” الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وتأثيرها على إقامة دولة فلسطين” سعت الدراسة الى تحليل الآثار المترتبة على الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية على إقامة دولة فلسطين، واعتبر الباحث بأن ما يترتب على هذا الاعتراف وصول العملية التفاوضية السلمية الى الطريق المسدود في ظل رفض الجانب الفلسطيني هذا الاعتراف. وتوصلت الدراسة بأن هذا المطلب فقط للمراوغة في العملية التفاوضية، وان الهدف الحقيقي من وراء ذلك الرفض التام لإنشاء دولة فلسطين على حدود عام 1967، أغفلت الدراسة تصريحات الجانب الإسرائيلي حول مفهوم يهودية الدولة، والجانب التاريخي فيما يتعلق بتطور هذا المفهوم في أدبيات الفكر الصهيوني.

وفي دراسة صادرة عن مركز أبحاث إسرائيل ل ( جمعة ، احمد)  بعنوان ” اعتراف ابو مازن بالدولة اليهودية شرط أي اتفاق سلام” تعمل هذه الدراسة على تبيان تصور الاحتلال الإسرائيلي للعملية السلمية والذي مفاده ضرورة موافقة المفاوض الفلسطيني على مطلب الاعتراف بيهودية الدولة حتى تستمر العملية السلمية، وفي حال رفض ابو مازن هنالك أدوات سيتم استخدامها خاصة بأن الجانب الفلسطيني هو الأضعف.

وفي دراسة ل ( محارب، حفيظ) بعنوان ” يهودية الدولة .. الفكرة وإشهارها” تناول في هذا المقال جدلية الديني والديمقراطي ضمن السياق التاريخي لتكون الكيان الإسرائيلي، حيث بين طبيعة التناقض القائم أساسا ما بين مفهوم تكون الدولة وبذور نشأتها وتكوينها وما بين مفهوم الدين وعلاقة تكوين هذه الدولة، ويخص في هذا الجانب الكيان الإسرائيلي والمطالبات الحزبية الداخلية لليمن المتشدد فيها بأن إسرائيل دولة يهودية.

وفي دراسة للكاتب ( غانم، اسعد) ” أهداف نتنياهو من التمسك بيهودية إسرائيل” تبحث في جذور الفكرة وتتبعها منذ جولات التفاوض المنقطعة في عام 2010. وتقدم تمهيدا تاريخيا يربط فكرة يهودية الدولة منذ أن طرحت لأول مرة مع مؤسس الحركة الصهيونية ثيودير هرتزل.

يتضح لنا من خلال الدراسات السابقة أن من الآثار المترتبة على إعلان الكيان الإسرائيلي دولة يهودية يتمثل في إلغاء حق مواطني الأراضي الفلسطينية المحتلة في عام 1948 من الحقوق المدنية والإنسانية، وتتفق هذه الدراسة حول عملية تعطيل العملية السلمية جراء هذا الإعلان. وتتشارك الدراسات السابقة حول بأن هذا الإعلان ذات جذور دينية مستوحاة من العهد القديم، ونظرا لاقتصار الدراسات السابقة على مجموعة من المقالات، وإغفالها للتطور التاريخي لمفهوم يهودية الدولة والآثار المترتبة على هذا الإعلان على حق تقرير المصير وإعلان الدولة الفلسطينية والموقف الدولي من ذلك الإعلان، يسعى هذا البحث لبيان تلك الآثار على المشروع السياسي الفلسطيني، ودعم مقومات المشروع في إعادة بناء الدولة، تقرير المصير، وعودة اللاجئين.

فرضيات الدراسة:

  • بقدر تمسك المشروع الفلسطيني بمقومات حق العودة، تقرير المصير وإقامة الدولة الفلسطينية فإن ذلك يشكل هاجس امني يعكس تنامي سياسات العنف والاستيطان لاستمرارية فكرة إعلان الدولة اليهودية بالنسبة للكيان الإسرائيلي.
  • يعد مفهوم الدولة اليهودية نتاج لتراكمات ذهنية لدى صناع القرار في المنظومة الغربية والإسرائيلية متمحوره في مبادئ حقوق المواطنة، العودة والصراع الإقليمي مع دول المنطقة العربية.
  • كلما تنامت أطروحة الحق التاريخي للشعب اليهودي في بناء دولة على الأراضي الفلسطينية فان ذلك يخلق مجموعة من التحديات التي تعيق مسار تطور المشروع السياسي الفلسطيني خاصة في ظل دعم مراكز الرأي والفكر، حكومات الدول الكبرى لتشطيل هذه الدولة.

منهج الدراسة:

سنحاول من خلال هذا البحث اعتماد خطة منهجية مكونة من مجموعة من المقاربات والنظريات المفسرة  انطلاقا من اعتماد المنهج التحليلي لتفكيك معطيات البحث وإيجاد علاقة التأثير والتأثر بين هذه المتغيرات ( مقومات المشروع الوطني الفلسطيني/ إعلان الدولة اليهودية)، المنهج التاريخي كمنهج مساعد لرصد مختلف التطورات الزمنية التي شهدتها ظواهر الموضوع فضلا عن النظريات المفسرة للأمن القومي الإسرائيلي الذي يعنى بحالة التهديد المستمر الذي يعيشه الكيان الإسرائيلي خاصة في ظل وجود معضلة أمنية دائمة على المستوى الإقليمي بسيطرة هاجس الخوف وعدم الثقة في الطرف الأخر.

نظرية المباريات والتي تعني وجود طريقة رياضية لدراسة بعض جوانب عملية اتخاذ القرارات، لاسيما في المواقف التي تغلب عليها صفة الصراع أو التعاون، جوهر هذه النظرية يقوم على وجود مجموعة من صناع القرار الذين يملكون جزءا محدودا من التحكم في المواقف المرتبطة بمصالحهم وتكون  أهدافهم متداخلة بشكل كبير.

أما القيمة العلمية المضافة لهذا البحث ستكون حول إمكانية دعم مقومات المشروع في إعادة بناء الدولة، تقرير المصير وعودة اللاجئين، وآثار ذلك الإعلان على المستوى الدولي والإقليمي، وتوضيح سبل مواجهة إعلان الكيان الإسرائيلي دولة لليهود.

ولمعالجة الإشكالية والتأكد من صحة الفرضيات المقدمة سنتطرق إلى المحاور التالية:

المحور الأول: التطور الكرونولوجي لمصطلح الدولة اليهودية.

1 – الدولة اليهودية بالفكر الأوروبي المسيحي:

المناداة بدولة لليهود في فلسطين لم تكن أساسا فكرة يهودية خالصة، وإنما استعمارية طرحها المستعمرون الغربيون على اليهود؛ بهدف توطينهم في فلسطين قبل قيام الحركة الصهيونية اليهودية  بأكثر من مائتي وست وسبعين سنة. ففي مؤلفه عام 1621م بعنوان: “The World’s restoration. Or, the calling of the Hives…” (وهو أول كتاب معروف في بريطانيا يدعو لاستعادة إمبراطورية الأمة اليهودية في فلسطين) طالب السير هنري فنش  (Finch 1558-1625)Henry المستشار القانوني لملك انجلترا بضرورة توطين اليهود في فلسطين تحت الحماية البريطانية[1]

وفي عام 1649م قدمت مجموعة من البوريتانيين[i] عريضة إلى الحكومة البريطانية مضمونها إنشاء كيان لليهود في فلسطين[2] تكمن أهمية هذه العريضة بأنها تعتبر تحولاً واضحاً في النظرة المسيحية البروتستنتية إلى فلسطين والقدس، من كونها الأرض المقدسة( أرض السيد المسيح)، التي قامت الحروب الصليبية من أجلها، إلى جعلها وطناً لليهود انطلاقا من فكرة عودة السيد المسيح لا تتم إلا بعودة اليهود إلى فلسطين من ناحية أخرى ، دون أن ينسحب ذلك الإيمان على الكنيسة الكاثوليكية.

في ظل تنامي التنافس الاستعماري الأوروبي على المشرق العربي حتى سقوط الدولة العثمانية اكتسبت فكرة خلق وطن قومي يهودي في فلسطين بالنسبة إلى القوى الاستعمارية الغربية المتنافسة فيما بينها قيمة إضافية. لقد ازداد عدد المشاريع الاستعمارية المعروضة على اليهود لتهجيرهم إلى فلسطين وإقامة وطن قومي أو دولة يهودية لهم فيها في الفترة الزمنية الواقعة بين (1790- 1939) ليصل أكثر من ثلاثين مشروعا[ii]، علماً أن هذه المشاريع لم تقتصر فقط على فلسطين[3].

2.1 الدولة اليهودية بالفكر المسيحي الفرنسي:

يعد الزعيم الفرنسي نابليون بونابرت، أول رجل دولة اقترح إقامة دولة يهودية في فلسطين، تحقيقاً لمصالح فرنسا الطامحة في الهيمنة آنذاك بعد احتلالهـا كافـة أوروبا، ووصول جيوشها مشارق موسكو. كما واحتلت مصر وصولاً إلى عكا، وشـرقا ًإلـى بلاد فارس، وشمالا إلى اسطنبول[4]؛ لـذلك أرادت فرنـسا اسـتخدام اليهـود لخدمـة أهـدافها المتمثلة في:

  • الحصول على قروض مالية من اليهود للحكومة الفرنسية، التي كانت في تلك الفترة تعاني من أزمة مالية، من اجل تمكنها في تمويل حملتها على الشرق، وتعهد اليهود بإثارة الفتن والقلاقل والأزمات في المناطق التي يحتلها الجيش، لتسهيل سيطرتها عليها وتوطيد نفوذهم ودعائم الحكم[5].
  • خلق حاجز بشري في فلسطين تحت الحماية الفرنسية يفصل سوريا عن مصر، من اجل تمكين الاحتلال الفرنسي في المنطقة، ويكسب بذلك نابليون تهديد مصالح بريطانيا( القوة الاستعمارية المنافسة آنذاك) له من خلال السيطرة على الطرق التجارية ومواصلاتها إلى الهند[6].
  • إفشال التحالف الذي تم التوصل إليه بين بريطانيا وروسيا وتركيا منذ عام 1799، مضمونه الحفاظ على سلامة أراض الدولة العثمانية، اعتبر نابليون بأن هذا التحالف موجها ضد فرنسا ومصالحها، ومن اجل فك الخناق والعزلة المفروضة على فرنسا قرر تأمين حماية مصر ضد الأتراك وحلفائهم البريطانيين” واحتلال فلسطين لكسب ود ودعم اليهود[7].

نـابليون استحضر الماضي لتبرير المستقبل وأطلق الشرارة الأولى للكتاب والمفكـرين والمـستعمرين لتناول هذه الفكرة، ففي عام 1799م أصدر نابليون بياناً، في أثناء حملته على بلاد الشام طلب فيه من يهود إفريقيا وآسيا أن يقاتلوا تحت لوائه ومساعدتهم على إعادة إنشاء مملكـة أورشـليم، وإعادة بناء الهيكل، وتأسيس دولة لهم تحت الحماية الفرنسية[8]، ودعاهم إلى إحياء كيانهم السياسي “كشعب بين الشعوب”. ولم يكن لنداء نابليون أي أثر مباشر في عودة اليهود وإنشاء كيانهم السياسي، بسبب فشله دخول عكا وانتهاء حملته، لكن نداءه كان قد نجح نظرياً في إرسـاء القواعد الرئيسية للمشاريع الصهيونية القادمة التي تتوجب بضـرورة التحـالف مـع الـدول الأوروبيـة الاستعمارية لتكون جزء منها. ومع نهاية القرن الثامن عشر كانت الأفكار الصهيونية قد ترسخت في فرنسا ووجدت فكرة البعث اليهودي منطلقاً لها مـن خـلال التعـاليم الدينية[9].

3.1 الدولة اليهودية بالفكر المسيحي البريطاني.

في العام 1830م تولى اللورد بالمرستون (Palmerstone) وزارة الخارجية البريطانية[10]، بالتزامن مع ضعف الإمبراطورية العثمانية. تمحورت سياسة بالمرستون الخارجية حول الحفاظ على بقاء الدولة  العثمانية سليمة وحيـة، بينما كانت روسيا وفرنسا تعملان على موتها؛ أملاً منهما في الحـصول علـى نصيب من تركة الإمبراطورية. مما دفع بالمرستون بالبحث عن حليف يحمي مصالح بريطانيا في الشرق العربي من أطماع فرنسا وروسيا بالإمبراطورية العثمانية، فوجد ضالته في اليهود، وذلك بتأسيس كيان لهم في المستقبل من خلال الاستيطان اليهودي في فلسطين وتكثيفه. وقد بحث بالمر ستون الموضوع مـع اللـورد شافتـسبري (Shaftesbury) زعيم حزب الانجليين، صاحب الجملة المأثورة عن فلسطين ” فلسطين أرض بلا شعب إلى شـعب بـلا أرض أي اليهود “وقد تبنى الصهاينة فيما بعد هذه الجملة وأصبحت من أهم الـشعارات الـصهيونية ” أرض بلا شعب لشعب بلا أرض”[11].

بالمرستون(Palmerston) كان في مقدمة الساسة الإنجليز الذين سعوا إلى إنشاء دولة يهودية قبل أن تولد عام1897م. إلا أن عدداً قليلاً من اليهود استجابوا لنداء بالمرستون بالنـسبة لمـشروع “العودة “، وأغلب اليهود في بريطانيا كانوا ذوي اهتمام بتحريرهم الـسياسي والمـدني فـي بريطانيا أكثر من اهتمامهم بالاستيطان في فلسطين. وبالرغم من عدم رغبة اليهود في الهجرة إلى فلسطين ورغم نصيحة تشافتسبري لبالمرستون بعـدم الانجرار وراء هذه الأفكار أي الهجرة إلى فلسطين إلا أن بالمر ستون استمر فـي مـشروعه بتشجيع اليهود على الهجرة لفلسطين وبعث برسالة للسفير البريطاني في اسطنبول “البارون بونسومبي” طلـب منه التكلم مع الباب العالي كي يسمح لليهود” بالعودة لفلسطين”[12]

وفي عام 1880م تبنّى الأسقف الأنغليكانية في فيَنّا وليم هشلر النظرية التي تقول “إن المشروع الصهيوني هو مشروع إلهي، وإن العمل على تحقيقه يستجيب للتعاليم التوراتية”، وألف هشلر كتابا عام 1882م بعنوان “عودة اليهود إلى فلسطين حسب النبوءات[13]” كما عمل دعاة الصهيونية المسيحية بإنشاء (صندوق استكشاف فلسطين) برعاية الملكة فكتوريا، وقد أثار تأسيس هذا الصندوق المزيد من الاهتمام بمشروع توطين اليهود في فلسطين، إذ قدم العديد من الدراسات التفصيلية لهذا المشروع، الذي شارك فيه خبراء آثار وتاريخ وجيولوجيا ورجال دين، وكانت غالبية هذه الدراسات تشير إلى ضرورة عودة اليهود إلى أرض الميعاد وفي عام 1887 تم تأسيس منظمة “البعثة العبرية نيابة عن إسرائيل” لحض اليهود على الهجرة إلى فلسطين، ولا تزال هذه البعثة قائمة باسم الزمالة الأميركية المسيحية[14].

4.1 أثار الفكر الأوروبي المسيحي على تأسيس دولة يهودية:

بادئ ذي بدء لم تلقى الأفكار والمشاريع الاستيطانية الغربية استجابة من الأوساط اليهودية الراغبة في إنشاء كيان يهودي في فلسطين، إلا في بداية أواسط الثلاثينيات القرن التاسع عشر، وهذه الاستجابة كانت بشكل جزئي ولم تتخذ طابعا جماهيريا واسع النطاق، وإنما اقتصرت على البرجوازية اليهودية المتحالفة مع الطبقات الرأسمالية الحاكمة، حيث قبل ذلك التاريخ كانت العلاقة بين اليهود وفلسطين مقصورة في غالبيتهم على الصلة الدينية والعاطفية، ولم يؤمن اليهود بشكل عام بإعادة بعث الدولة اليهودية القديمة من جديد على أيدي اليهود أنفسهم أو على يد القوى الاستعمارية الغربية، وإنما القناعة الراسخة في الأوساط اليهودية كانت تتمحور حول أن بعث هذه الدولة لا يتم إلا بمعجزة إلهية فقط، يكون نتاجها قدوم السيد المسيح المنتظر الذي سيعيد بناء الهيكل ويقود العالم نحو الخير والصلاح[15]

البرجوازية اليهودية وجدت في إنشاء وطن قومي لليهود في فلسطين تدعمه القوى الاستعمارية الغربية مكسبا ماديا ووسيلة للتخلص من عبء الفقراء اليهود الفارين من روسيا وأوربا الغربية بسبب المعاناة والاضطهاد ضد اليهود. كما أسهمت قناعة الطبقة البرجوازية بصعوبة الاندماج هؤلاء اليهود في المجتمعات الغربية بسبب الحواجز الثقافية واللغوية في ظل انتشار موجة الكراهية ضد اليهود، لجئ إلى إنشاء مؤسسات وجمعيات بهدف تنظيم هجرة اليهود الفقراء إلى خارج القارة الأوروبية وفلسطين.

نتاج ذلك حصل الأثرياء اليهود بمساعدة القنصليات الغربية خاصة البريطانية  عام 1860 على قطعتين ارض، وفي نفس الوقت أسس في باريس النائب في البرلمان الفرنسي إسحاق كريمييه (Isaac Cremieux)   جمعية الاستيطان اليهودي في فلسطين عرفت باسم الإتحاد الإسرائيلي العالمي( (alliance Israelite Universelle  وكان من أعمال هذه الجمعية بان حصلت من السلطان العثماني على فرمان سمح بموجبه باستئجار 2600 دونم من أراضي قرية يازور القريبة من يافا لمدة 99 سنه.

وكللت المؤسسة هذا الاستثمار بإنشاء أول مدرسة زراعية لليهود في فلسطين أطلق عليها اسم مدرسة ” مكفية يسرائيل الزراعية” بتمويل من البارون اليهودي الفرنسي إدموند دي روتشيلد والبارون موريس دي هيرش ) Jewish virtue library)[16].

وفي العام 1878 قامت مجموعة من يهود مدينة القدس بشراء قطعة ارض من قرية ملبس من آل قصار بلغت مساحتها 3375 دونما، وعلى هذه انشأ مستوطنة بيت تكفا ( مفتاح الأمل) والتي أطلق عليها لقب أم المستوطنات”[17]

ثانيا:  الدولة اليهودية بالفكر الصهيوني اليهودي:

نظر المؤسسون والقادة الصهاينة إلى دولتهم على أنها دولة يهودية منذ بداية تكوين الحركة الصهيونية اليهودية التي تبلورت نتيجة جملة من العوامل:

  • الاستجابة والالتقاء مع مصالح وظروف دولية أرادت تأسيس قاعدة أوروبية في المشرق العربي تشكل رأس جسر موالي وتلبي أفكار الصهيونية المسيحية.
  • المساهمة في التخلص من المشكلة اليهودية فقد كانت ردة الفعل على اللاسامية (العداء ضد اليهود واضطهادهم). اضافة الى التخلص من إشكالية الاندماج والانصهار التي ظهرت في أوروبا الغربية بسبب التطورات المتعلقة بالتنوير وسيادة العقل وظهور الدولة القومية التي رفعت شعار المساواة والمواطنة وحلت مكان الانتماء الديني[18].

جسد تلك النظرة المسرحي والمحامي والإعلامي تيودور هيرتزل((Theodor Herzl الأب الروحي للحركة الصهيونية من خلال كتابه ” الدولة اليهودية” المؤلف بالعام 1896 الذي وضع فيه جل أفكار منظرين الحركة الصهيونية من موشيه هيش (Moses Hess) إلى ليوبنسكر(Leon Pinsker). حيث اشتمل على القواعد والأسس للوطن اليهودي المنوي إقامته (الدستور، العلم، اللغة، النظام السياسي، الشعب، …) ترجم هذه الأفكار من خلال الدعوة لعقد أول كونغرس صهيوني في العام 1897عقد في مدينة بازل السويسرية، والهدف من المؤتمر” وضع حجر الأساس للبيت الذي سيسكنه الشعب اليهودي في المستقبل” وقد تمخض عن المؤتمر ” إقامة وطن قومي(دولة) للشعب اليهودي في فلسطين يضمنه القانون العام(الدولي)

وتتكرس فكرة إنشاء دولة يهودية في فلسطين من خلال يوميات هيرتزل الذي عبر عن ذلك بعد انتهاء المؤتمر”لو شئت اختصار برنامج بازل بكلمة واحدة لكانت، في بازل أنشأت الدولة اليهودية”[19]

ومن خلال تذكر الصيغة الصهيونية الأساسية الشاملة والمهودة، والتي تشكل الأساس الراسخ والمقولات الثابتة وراء كل ديباجة والحيل البلاغية الأخرى، وفي قراءة ما بين السطور للخطابات الصهيونية والتي تسمى عملية استنطاق للنص، أي أن نجعله ينطق بما هو مختلف وكامن فيه ولا يفصح عن ( المسكوت عنه) نستطيع أن نستنج  بأن المراد من هدف المؤتمر هو إنشاء دولة للشعب اليهودي، ويتجلى ذلك المقصود من خلال  صـياغة برنامج بازل المراوغ، فلم يُذكَر فيه ما هو مفهوم من الجميع ويمكن أن يسبب الحرج وتُركت في بنوده فراغات كثيرة ليملأها كل صهيوني على طريقته، ولم يذكر الدولة ولا حدودها، وتم تغييب العرب تماماً من خلال التزام الصمت الكامل تجاههم، ويُضاف إلى ذلك عدم تحديد أعضاء الشعب اليهودي، ولم يتم الإفصاح عن أيٍّ من المفاهيم الأساسية الكامنة إلا بعد نصف قرن تقريباً في برنامج بلتيمور (الذي أصدره مؤتمر استثنائي عقده الصهاينة الأمريكيون والأوربيون في نيويورك مع ممثلي المستوطنين في فلسطين في مايو 1942)، وجاء فيه ما يلي: “الاعتراف بأن الغرض من شروط تصريح بلفور والانتداب التي تبيِّن ارتباط الشعب اليهودي التاريخي بفلسطين هو إيجاد حكومة يهودية هناك وجعل فلسطين حكومة يهودية

المحور الثاني: مصطلح الدولة اليهودية في الوثائق الدولية الرسمية وغير الرسمية.

أولاً: إعلان آرثر بلفور والدولة اليهودية.

توالت نجاحات المنظمة الصهيونية العالمية (WZO) التي كان يترأسها حاييم وايزمان(חיים עזריאל ויצמן) في الحصول على البراءة الدولية في سبيل إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، وكان  ذلك النجاح عبر تصريح وزير الخارجية البريطاني اللورد ” آرثر بلفور” (Arthur  Balfour )إلى اللورد اليهودي البريطاني ” ليونيل وولتر دي روتشيلد “( (Walter Rothschildفي تاريخ 2-11-1917[20]،”إن حكومة صاحب الجلالة تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي للشعب اليهودي في فلسطين، وستبذل غاية جهدها لتسهيل تحقيق هذه الغاية ،على أن يفهم جليا أنه لن يؤتى بعمل من شأنه أن ينتقص من الحقوق المدنية والدينية التي تتمتع بها الطوائف غير اليهودية المقيمة الآن في فلسطين ولا الحقوق أو الوضع السياسي الذي يتمتع بها ليهود في البلدان الأخرى وسأكون ممتنا إذا ما أحطتم الاتحاد الصهيوني علما بهذا التصريح. المخلص آرثر بلفور.

وبقراءة تحليليه لهذا الإعلان، نجد بريطانيا وعدت بوطن قومي لليهودي في فلسطين وليس بدولة، رغم علمها المسبق أن الدولة اليهودية ستقام وليس الوطن القومي، فالفرق واضح من الناحية القانونية بين مصطلح وطن ودولة، ففي الوطن يحق لليهود الإقامة في فلسطين دون امتلاك السلطة والسيادة، أما الدولة فهي تعني أرض وشعب وسيادة كاملة غير منقوصة.

يمكن الاستدلال بأن المراد إنشاء “دولة يهودية” وليس وطن من خلال تحليل الشق الثاني من الوعد الذي يتضمن تحفظا وشرطا على الوعد. حيث يكشف هذا الشرط عن عدم الإضرار  بتلك الحقوق لليهود في البلاد الأخرى، على اعتبار أن إنشاء دولة يهودية في فلسطين سيؤثر بدون أدنى شك في الحقوق والوضع السياسي لهم في البلاد الأخرى، أما انتقالهم بهدف السكن فقط في فلسطين، فهذا لا يتطلب التأكيد والاشتراط  والاحتياط لأن السكن في بلد آخر لا ولن يغير من أحوال اليهود – أو غيرهم- في البلاد الأخرى كما هو الحال بالنسبة للحقوق السياسية للإنجليزي- أو غيره- الذي يسكن- بلد غير بلده كأمريكا أو سويسرا أو غيرهما.

ثانياً: الدولة اليهودية في تقرير لجنة بيل الملكية (Royal peel Commission)، مشروع تقسيم فلسطين1937.

في أعقاب انفجار الثورة الفلسطينية الكبرى، واستمرار الإضراب العام، شهدت العلاقات السياسية الصهيونية – البريطانية – تطورات في غاية الأهمية لمواجهة وقمع الثورة، فكاد التعاون بين الطرفين يأخذ طابع التكامل على الصعيدين العسكري والسياسي، فقد قررت بريطانيا تشكيل لجنة بيل الملكية كوسيلة لوقف الإضراب، وإجهاض الثورة بالوسائل السلمية، وذلك بعد أن فشلت جميع محاولاتها للقضاء على الثورة. وفي 7 -7 – 1937 أوصت بإنهاء الانتداب البريطاني القائم كخطوة أولى تمهيدا لتقسيم البلاد إلى ثلاث مناطق عربية تضم، شرق الأردن ومنطقة لليهود تقام فيها دولة يهودية، أما المنطقة الثالثة تبقى تحت الانتداب البريطاني، وبذلك تكون بريطانيا لأول مرة اقترحت التقسيم كحل للمشكلة الفلسطينية. رفضت اللجنة العربية العليا المشروع جملة وتفصيلاً، أما القيادة الصهيونية وبالرغم من ارتياحها إلى مبدأ التقسيم الذي يؤدي إلى قيام الدولة اليهودية، فقد حددت موقفها من القرار بضرورة تحقيق السيادة اليهودية، أو إقامة دولة يهودية في فلسطين، لأنه العنصر الجوهري في الفكر الأيدلوجي الصهيوني، لذلك كان من البديهي أن ترحب القيادة الصهيونية بالفرصة المواتية لتحقيقه، حتى ولو في جزء من أرض الميعاد حسب العقلية الصهيونية لأنه سيكون بمثابة خطوة أولى نحو تحويل فلسطين كلها إلى دولة يهودية.

شعرت بريطانيا برفض الفلسطينيين لسيادتهم وغرس اليهود في أرضهم، وبعد حالة الغليان خاصة فيما جرى في الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1939 عمدت بريطانيا القضاء على تلك الثورة من خلال لجان شكلتها حكومتها من أجل إيجاد حل نهائي للمسألة الفلسطينية، وذلك بتقسيم فلسطين التاريخية إحداهما عربية والأخرى يهودية.

بريطانيا صاحبة الدبلوماسية الاستعمارية، كانت تعي كل حرف صاغته في تقاريرها، فعندما أوصت بدولة عربية لم تكن تعني دولة فلسطينية في المقام الأول، بل عنت من وراء ذلك إنه بإمكان أي زعيم عربي ليس من أصل فلسطيني أن يرأس تلك الدولة المقترحة، ومصطلح الدولة اليهودية أرادت من ذلك تأكيد الالتزام بهذا التوصيف، فهي لم تقترح مسمى دولة إسرائيل بدلاً من مسمى الدولة اليهودية، وذلك لتنفيذ رغبة المنظمة الصهيونية العالمية بالمسمى التي تريده، حتى إذا لم تتمكن المنظمة الصهيونية من إطلاق هذه التسمية لصعوبة الوضع السياسي والعسكري، تحتفظ بحقها فيما بعد بالادعاء بيهودية الدولة المقترحة[21]

ثالثاً: الدولة اليهودية في قرار التقسيم الدولي (181).

في ظل التوافق بين الإدارة الأمريكية خاصة فترة حكم الرئيس هاري ترومان، والمنظمة الصهيونية العالمية، أيد بشدة القرار البريطاني برفع القضية الفلسطينية، لهيئة الأمم المتحدة، بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

فقد قررت بريطانيا إحالة القضية الفلسطينية إلى الأمم المتحدة، التي تخضع فيها الدول الصغرى لنفوذ الولايات المتحدة، ففي ظل انعقاد الجلسة الأولى بناء على طلب بريطاني، تقرر تأليف لجنة دولية لتقصي الحقائق في القضية الفلسطينية(يونسكوب).

توصلت اللجنة إلى مشروعين، يقضي الأول بتقسيم فلسطين إلى دولتين: عربية ويهودية على أن تخضعا لوصاية الأمم المتحدة ،وهو مشروع الأغلبية، أما المشروع الثاني مشروع الأقلية يقضي إلى  إعلان استقلال فلسطين وإقامة اتحادية فدرالية مؤلفة من دولة عربية ودولة يهودية تكون القدس عاصمة لها.

استناداً إلى مشروع الأكثرية أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في 29-11-1947 قرار التقسيم الشهير رقم (181) بأغلبية ثلثي الأعضاء المطلوبة للحصول عليه، حيث صوتت لصالحه 33 دولة من أصل 56 دولة عدد أعضاء الجمعية العامة في الأمم المتحدة آنذاك، وامتنع عن التصويت 10 دول من بينهم بريطاني

إن أهم ما نص عليه القرار تقسيم فلسطين دولة يهودية تبلغ 56% من مساحة فلسطين التاريخية حدودها القطاع الشمالي الشرقي (الجليل الشرقي) من الشمال والغرب والحدود اللبنانية، ومن الشرق حدود سوريا وشرق الأردن. ويضم كل حوض الحولة وبحيرة طبريا وكل مقاطعة بيسان، حيث يمتد خط الحدود إلى قمة جبال الجلبوع ووداي المالح. ومن هناك تمتد الدولة اليهودية نحو الشمال الغربي ضمن الحدود التي وصفت فيما يتعلق بالدولة العربية.

يمتد الجزء اليهودي من السهل الساحلي من نقطة بين ميناء القلاع والنبي يونس في مقاطعة غزة، ويضم مدينتي حيفا وتل أبيب تاركا يافا قطاعا تابعا للدولة العربية. وتتبع الحدود الشرقية للدولة اليهودية الحدود التي وصفت فيما يتصل بالدولة العربية.

أما الدولة العربية بلغت (43.35% من مساحة فلسطين التاريخية حدودها الجليل الغربي، ومدينة عكا، والضفة الغربية، والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة أسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر، أما مدينة القدس تشمل بلدية القدس الحالية مضافا إليها القرى والبلدان المجاورة، وأبعدها شرقا أبو ديس، وأبعدها جنوبا بيت لحم، وغربا عين كارم. وتشمل معها المنطقة المبنية من قرية قالونيا مساحتها. (0.65%) تخضع لإدارة دولية خاصة تحت إشراف الأمم المتحدة[22]

يعتبر هذا القرار من أخطر القرارات التي اتخذت بحق فلسطين؛ لأنها حملت صفة قانونية ملزمة من الأمم المتحدة لتطبيقه على أرض الواقع، إذ حررت الأمم المتحدة شهادة ميلاد غير شرعية لمولود غير شرعي في فلسطين.

والملفت للنظر في هذا القرار ترحيب القادة الصهاينة به، رغم عدم قناعتهم بحجم الدولة المقترحة، إلا أنه كان مصدر فرحتهم لأن الدولة اليهودية سترى النور وفق القانون الدولي، ولم تعد الحاجة لاقتصار ادعاءاتهم الدينية والتاريخية ،علاوة على ذلك إن قرار التقسيم كان ذا صبغة قانونية أقوى من إعلان آرثر بلفور؛ فقرار التقسيم نص على إقامة دولة يهودية، بينما تصريح بلفور نص على إقامة وطن قومي يهودي فقط.

وفي 14-5-1948، أعلن ديفيد بن غوريون، قيام دولة إسرائيل وفقا لقرار الأمم المتحدة القاضي بإقامة دولتين في فلسطين، عربية وأخرى يهودية، وهذا الإعلان جاء بعد محاورات عديدة حول اسم الدولة، حيث طرح عددا من الأسماء جميعها لها علاقة برموز توراتية مثل (دولة يهودا، دولة صهيون، أرض إسرائيل، دولة عابر) ولعل اختيارهم لأسم دولة إسرائيل جاء بناءا على انه مرادف للاسم الذي أطلقه ثيودير هرتزل على كتابة، دولة اليهود، حيث أن كلمة يهود كصفة تطلق على سكان إسرائيلي عامة التي غالبيتها من اليهود، فهي دولة لكل اليهود أينما تواجده في العالم[23].

المحور الثالث: موقف المشروع السياسي الفلسطيني من إعلان الكيان الإسرائيلي للدولة اليهودية.

أولا: اللاجئين وإعلان الكيان الإسرائيلي للدولة اليهودية.

منذ خطاب أرئيل شارون(אריאל שרון) في العقبة يوم 4 حزيران 2003، والذي طالب فيه بالاعتراف بإسرائيل دولة يهودية، وتأكيد الرئيس جورج بوش الابن(George W. Bush) في خطابة في المقام نفسه على هذه الفكرة، وحتى عودة رئيس حكومة إسرائيل إيهود أولمرت(אהוד אולמרט) إلى التأكيد عليها مرة أخرى في مؤتمر أنابوليس 2007، وبتصاعد وتيرة إصرار حكومة بنيامين نتنياهو(בנימין נתניהו)على تمرير مشروع قانون” الدولة القومية اليهودية”[24] ثمة العديد من التداعيات على المشروع السياسي الفلسطيني؛ أولها  إغلاق الباب أمام  عودة اللاجئين الفلسطينيين الذين تم تهجيرهم من خلال عملية التطهير العرقي[25] في عام 1948 ،حيث قام الكنيست الإسرائيلي بإصدار قرار بتاريخ 16/7/2003 بضرورة تعميق فكرة يهودية الدولة، الذي قدم مشروعه الأعضاء البرلمانيون لكتلة ليكود وفاز بأغلبية 26 وعارضه ثمانية. و قد جاء في نصه تعتبر الضفة الغربية و قطاع غزة “مناطق ليست محتلة، لا من الناحية التاريخية، ولا من ناحية القانون الدولي، ولا بموجب الاتفاقيات التي وقّعتها (إسرائيل) وقد دعا القرار إلى “مواصلة تعزيز المستعمرات الصهيونية وتطويرها، وإلى التمسك بثوابت الصهيونية و في مقدمتها “السيادة المطلقة على مدينة القدس”، والاحتفاظ بالمناطق الأمنية الغربية والمناطق الأمنية الشرقية[26].

إذ «اكتشفت» إسرائيل فجأة أن تعميم هذا المصطلح هو الشعار الأنجع لإنهاء حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى وطنهم (ستة ملايين لاجئ فلسطيني)، وإزاحة الأساس القانوني لهذا الحق والحلم والأمل من أجندة الأمم المتحدة بدايةً لشطب الحقوق الفلسطينية[27]، وهذا الأساس هو القرار 194 الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 11-12-1948، والداعي إلى عودة اللاجئين الفلسطينيين في أقرب فرصة ممكنة، والتعويض عن الأضرار التي لحقت بهم جراء اللجوء القسري.

وتسعى لتحقيق ذلك من خلال طرد وتهجير المواطنين الفلسطينيين في الأراضي المحتلة لعامي 1948 وعام 1967 أو تعتبرهم غرباء[28] يحملون تراخيص إقامة يمكن إلغاؤها في أي وقت، الأمر الذي تسعى إليه إسرائيل منذ زمن، فعملية الانسحاب من غزة عام 2005 وبناء الجدار الفاصل في الضفة الغربية، واهتمامها في تحقيق تفوق ديموغرافي يهودي في مدينة القدس يأتي في سياق الحفاظ على يهودية الدولة. وذلك من خلال ممارساتها العملية على الأرض لفرض واقع جديد يستهدف الانسان الفلسطيني وربط مصيره بالإرادة الإسرائيلية، فعملت على ربط شبكتي الهاتف والمياه بها، وطبقت القانون الإسرائيلي على فلسطيني القدس، ونقلت الوزارات والدوائر الحكومية إلى المدينة وطبقت مناهج التعليم اليهودي على المدارس العربية[29]واتبعت ذلك بسلسة إجراءات التي تهدف في نهاية المطاف إلي تهويد المدينة؛ فعملت على تعقيد مسألة الحصول على رخص البناء، حيث يستغرق الحصول على رخصة بناء أكثر من 5 سنوات، وبكلفة تصل إلى 20 ألف دولار، في حين يحصل اليهودي على الرخصة خلال أقل من ستة أشهر وبكلفة رمزية الذي يؤدي إلى دفع الكثير من العائلات الفلسطينية للخروج من مدينة القدس من اجل تأسيس بيوت لأبنائهم في ضواحي مدينة رام الله والبيرة ونابلس، بالإضافة إلى عدم السماح بعودة الفلسطينيين الذين اجبروا على مغادرة المدينة إثر حرب 1967، وقد بلغ عددهم 60000 ألف فلسطيني[30] علاوة على الإجراءات التعسفية المتمثلة في فرض الضرائب، حيث فرضت السلطات الإسرائيلية ضرائب عديدة على الفلسطينيين في مدينة القدس، وبمعدلات عالية بالحد الأدنى لضريبة الدخل هو 35%. وقد يصل إلى 65% تضاف نسبة الغرامات بما يقارب 60% من قيمة الضرائب.

حيث يدفع المواطن الفلسطيني في القدس ضرائب تفوق أربع مرات ما يدفعه المستوطن الصهيوني والهدف من ذلك هو زيادة الضغوط على الفلسطينيين ودفعهم إلى الهجرة من المدينة وإغلاق المنشآت التجارية حيث تفوق الضرائب المفروضة قيمة الدخل العام لهذه المنشآت مما يدفع أصحابها إلى الإغلاق ثم تعمل على مصادرتها مع محتوياتها لحساب الضرائب، وبهذه الطريقة تسربت محلات تجارية كثيرة للمستوطنين الصهاينة في مدينة القدس.

بذات السياق عملت السلطات الإسرائيلية على دفع الفلسطينيين للهجرة وعدم العودة من خلال إجراءات سحب الهويات بطرق شتى منها: إلغاء حق الإقامة لأشخاص الذين يقطنون في ضواحي مدينة القدس الواقعة خارج حدود البلدية[31]. إضافة إلى مطالبة المواطنين العرب المقيمين في القدس الشرقية أن يثبتوا بانتظام أن القدس هي مركز حياتهم، نتيجة لذلك يخاطر سكان القدس العرب بخسارة حقوق الإقامة في مدينتهم إذا درسوا أو عملوا خارجها، وقد خسر جراء ذلك أكثر من 7000 فلسطيني حقوق الإقامة في القدس عام 1996م ونحو 358 مقدسيا عام 1997م. وفي ظل هذه الممارسة  يتوقع بأن يهدد بإلغاء إقامة أكثر من 80 ألف مقدسي

وقد عبرت وزيرة الخارجية السابقة تسيفي ليفيني عن رفض عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم صراحة أثناء المفاوضات مع الجانب الفلسطيني 2006-2009 وفي فترة الحملة الانتخابية التاسعة عشر لعام 2013 وقالت: إسرائيل دولة للشعب اليهودي والقدس الموحدة غير قابلة للتقسيم وهي عاصمة إسرائيل والشعب اليهودي منذ 3000 سنه ولا عودة للاجئين إلى إسرائيل، ولا أية مسؤولية لإسرائيل تجاه قضية اللاجئين وستقر إسرائيل بمعاناتهم ولكنها لن تعلن تحملها أي مسؤولية تجاه قضية اللاجئين، وستشترط إسرائيل، إضافة معاناة اليهود اللذين هجروا وطردوا من الدول العربية، كما ستطالب إسرائيل بتوطين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم في الدول العربية والأجنبية وعدم عودتهم إلى الأراضي الفلسطينية نهائيا، وقد تقبل إسرائيل السماح لعودة عدد محدود جدا من اللاجئين الفلسطينيين إلى إسرائيل وذلك وفق شروط ومعايير إنسانية وبمعدل 1000 شخص كل سنة ولمدة خمس سنوات، أي ما مجموعه خمس ألف عائد فقط.[32] وقد سعى في الوقت نفسه بنيامين نتنياهو رئيس دولة إسرائيل الحالي على انتزاع اعتراف من الجانب الفلسطيني بتخلي عن حق عودة اللاجئين كشرط أساسي لاستئناف المفاوضات وتحقيق سلام عادل

وبهذه الخطابات وبخلق هذه الوقائع  تنقلب الآية رأساً على عقب؛ بحيث يصبح المستوطنون أصحاب الحق الشرعي في فلسطين، بينما يصبح الفلسطينيون هم المغتصبون والدخلاء، إذ لا معنى للاعتراف بدولة” الشعب اليهودي” إن لم ينطو هذا الاعتراف على مثل تلك المعادلة[33]. وبهذا الانقلاب تحصل  الحركة الصهيونية على شرعية إعلان ذاتها حركة تحرر وطني، كما وحققت عودة تاريخية إلى وطنهم، مما يعني ذلك اعتبار نضال الفلسطينيين منذ مطلع القرن الفائت وحتى يومنا هذا لا غيا ولا نتيجة له وأنهم كانوا مجرد إرهابيين حاربوا اليهود لأخذ حق هو من حقوق الآخرين.

ثانيا: الدولة الفلسطينية وإعلان الكيان الإسرائيلي للدولة اليهودية.

يكشف قانون إعلان الكيان الإسرائيلي ” دولة يهودية”  النوايا الحقيقية تجاه كافة الاستحقاقات المترتبة والمتراكمة للشعب الفلسطيني، وفي مقدمتها استحقاق إقامة الدولة العربية وفق قرار التقسيم، فيزعمون من جهة، أن مثل هذه الدولة لن يحصل عليها الفلسطينيون إلا عبر المفاوضات والتسوية[34] بينما هم يعطلون ويفشلون المفاوضات التي تراوح مكانها منذ نحو عشرين عاما، عبر سلسلة من الإجراءات الهادفة في نفس الوقت لتهويد فلسطين؛ ويظهر ذلك من خلال تكريس المزيد من حقائق الأمر الواقع بالاستيطان في كل أنحاء الجسم الفلسطيني، حيث أن هنالك أكثر من 200 ألف إسرائيلي يقيمون في الأراضي المحتلة (بما في ذلك الجولان والقدس الشرقية)، ويشكلون قرابة 13% من إجمالي السكان في هذه الأرضي، ويعيش زهاء 90 ألفا من هؤلاء في 150 مستوطنة في الضفة الغربية ” والتي يخضع نصف مساحة أراضيها لسيطرة السلطات الإسرائيلية.

” وفي القدس الشرقية وفي الضواحي العربية المحيطة بالمدينة يعيش نحو 120 ألف إسرائيلي في حوالي 12 حيا”.[35]

فمنذ سنوات التسعينيات، لم تشهد الأرضي المحتلة مثل هذا التصاعد السريع في عمليات إقامة المستوطنات ويظهر ذلك جليا عبر جملة من المشاريع؛ فالمشروع الاستيطاني E1، الذي تم الإعلان عنه عام 1994 على مساحة تبلغ 12443 دونماً من أراضي قرى (الطور، عناتا، العيزرية، ابو ديس) ويهدف المخطط الذي صودق عليه عام 1997 من قبل وزير الدفاع الإسرائيلي آنذاك اسحق مردخاي إلى:إقامة منطقة صناعية على مساحة 1كم2  وإقامة  4000 وحده سكنية. و10فنادق[36]. هذا المخطط يعتبر من أخطر المخططات الإسرائيلية في حال تنفيذه للأسباب التالية:

  • إغلاق المنطقة الشرقية من منطقة القدس بشكل كامل وتطويق المناطق (عناتا، الطور، حزما) وليس هنالك أي إمكانية للتوسع المستقبلي باتجاه الشرق .
  • منع إقامة القدس، الشرقية (كعاصمة لفلسطين) وإمكانية تطورها باتجاه الشرق .
  • ربط جميع المستعمرات الواقعة في المنطقة الشرقية وخارج حدود بلدية القدس مع المستعمرات داخل حدود بلدية القدس وبالتالي تحويل القرى العربية إلى مناطق معزولة ومحاصرة بالمستعمرات .
  • إقامة القدس الكبرى بالمفهوم الإسرائيلي الذي يعادل 10% من مساحة الضفة وإحداث تغيير جذري في قضية الديموغرافيا الفلسطينية للصالح الإسرائيلي.

 وفي خطوة جريئة وافق نائب وزير الداخلية (ايلي يشاي) على توصيات وزارة الداخلية الإسرائيلية التي قدمت توصياتها بضم مستوطنة (كيدار) إلى مستوطنة (معاليه ادوميم) الواقعة على بعد 3    كم شرقاً وتوسيع المستوطنة بـ 12 ألف دونم، ونقل إدارة هذه المستوطنة إلى نفوذ (معالية ادوميم) وضمن المناطق الفاصلة بين المستوطنات إلى معالية ادوميم.وسيتم بناء6000 وحدة سكنية لاستيعاب 30000 مستوطنة.[37]

واستكملت هذه الإجراءات عبر مخطط 2020 بعد أن وصل عدد السكان العرب إلى 35% من المجموع العام للسكان . كما أن الدراسات الصادرة عن مراكز الأبحاث الإسرائيلية والتي تنبأت بأن العرب عام 2040 سيصبحون 55% من المجموع العام للسكان ، أضاءت الضوء الأحمر أمام المخططين الإسرائيليين فشكلت الحكومة الإسرائيلية طاقماً توجيهياً مكوناً من 40 مخططاً في مجالات متعددة وضمت 31 ممثلاً عن بلدية القدس برئاسة رئيس البلدية لوضع خارطة هيكلية لمدينة القدس بهدف تطوير المدينة وتقوية مركزها باعتبارها عاصمة الدولة العبرية ومركزاً للشعب اليهودي. وتقوية مركزها الاقتصادي والاجتماعي والعناية بالمباني العامة ومباني المؤسسات القومية الدولية وتعزيز وزيادة قوة جذب المدينة بعد أن ظهرت في السنوات السابقة كمدينة طرد سكاني، وخلق احتياطي من الأراضي للبناء السكني والذي يعني أن محاولة إسرائيل السيطرة على المدينة قد اتخذت منحى جديد وهو الصراع الديموغرافي والذي نشاهده في سطور الكتاب الصادر عن البلدية ، حيث تشير الخطة هو المحافظة على نسبة النمو السكاني العربي. في حين تفيد المعطيات بوجود  “ما بين 15-20 ألف” وحده سكنية غير قانونية كما أن إخفاق مشروع التوسع باتجاه الغرب وبناء (20) ألف وحده سكنية لليهود الذي لاقى مقاومة من الأحياء اليهودية وتم على أثره إغلاق ملف مشروع صفادي وتحويله إلى منطقة القدس الشرقية. وهكذا فإن المخطط 2020 بكل أبعاده السياسية والتخطيطية يطرح هدفاً واحداً وهو تقليص الوجود الفلسطيني بالمدينة.حيث يخصص فائض الوحدات السكنية ومساحات التطوير للجانب اليهودي بهدف جذب سكان جدد ومنع الهجرة . أما بالنسبة إلى الفلسطينيين، فإنها جاءت فقط لاستيعاب الزيادة السكانية عن طريق منح  حقوق بناء طوابق جديدة على المباني القائمة ، دون الأخذ بعين الاعتبار البنية التحتية لاستيعاب السكان الجدد، كما انه يأخذ بعين الاعتبار بعض المناطق ذات الطابع القروي التي لا يسمح بالبناء فيها وفي حين  إن تخصيص 2500 دونم لبناء 26 ألف وحدة سكنية للعرب لا يمكن تطبيقه على الأرض لأسباب عديدة أهمها ملكية الأرض وقضية المشاع وعدم وجود بنية تحتية، بالإضافة إلى عدم توفر الإمكانيات المادية لهذا البناء إذا افترضنا حل جميع المشاكل السابقة الذكر. علماً بأن 9.500 دونم وهي المساحة المخصصة لإقامة 47.000 وحدة سكنية ستقام( خاصة أن الحكومة الإسرائيلية وشركات البناء لديها نظامها الخاص في البناء وبيع الشقق الذي يعني بأن القدرة الاستيعابية المراد تحقيقها للجانب اليهودي بهذا المخطط سيتم تنفيذه، وفقاً للخطة المدرجة فيما يبقى البناء العربي المخطط في مهب الريح.[38]إضافة إلى تلك المشاريع تم طرح مشروع 30/1 ويعتبر المشروع المخطط الهيكلي أللوائي لمنطقة القدس الذي يمتد من منطقة اللطرون حتى حدود بلدية القدس الموسعة، أهم المخططات الهيكلية للمنطقة حيث يهدف إلى تامين وتطوير لواء القدس من النواحي الاقتصادية، الاجتماعية والتربوية من خلال عملية تطوير ممكنة التنفيذ بما يضمن الحفاظ على طبيعة نسيج البناء القائم. بالإضافة إلى إحداث تغيير جذري للوضع السكاني في المدينة ،فهو يهدف إلى تكثيف عملية البناء في ضواحي المدينة وتحضير الخرائط التفصيلية لها. كذلك توسيع الأحياء القائمة من خلال المحافظة على النسيج البنائي القائم وخوصاً في المناطق الحساسة والمناطق التي يجب المحافظة على طبيعتها مثل حوض البلدة القديمة. وتشجيع الهجرة للقدس من الخارج، وإعطاء الامتيازات للقدس، وإعلانها كمنطقة تطوير من الدرجة الأولى وتشجيع العمالة والعمل، واعتبار القدس هي المركز الديني وقلب الثقافة والروحانية لأقسام كبيرة من سكان العالم، وان القدس هي قلب الشعب اليهودي وهي مجمع روحي لكل اليهود في العالم ولا يخفي قادة إسرائيل أن الهدف من ذلك هو التأكيد على أنه لا رجعة في قرار إسرائيل بضم القدس بأكملها، وذلك بالرغم من إدانة الأمم المتحدة هذا القرار بالإجماع[39] تجدر الإشارة في هذا السياق، إن وجود هذه المستوطنات يشكل انتهاكاً صارخا لأحكام القانون الدولي، ولاسيما أحكام اتفاقية جنيف الرابعة عام 1949، التي نص على أنه” لا يجوز لسلطة الاحتلال نقل جزء من سكانها المدنيين الأصليين إلى الأراضي التي احتلتها”[40]، والواقع  أن الحفاظ على المستوطنات اليهودية داخل الأراضي المحتلة بحماية الجيش الإسرائيلي، فضلا عن تسليح المستوطنين، يجعل حصول الفلسطينيين على “حكم ذاتي” حقيقي ضربا من الخيال فتوسيع الاستيطان يخل بقواعد السيادة الفلسطينية، والذي يعتبر من العناصر المهمة للدولة، كما يجعل إرساء السلام أمرا مستحيلا مع استمرار الاحتلال.

ثالثا: تداعيات إعلان الكيان الإسرائيلي دولة يهودية على المشروع السياسي الفلسطيني دوليا وإقليما:

قمنا في الإطار السابق بتحليل هذه الآثار على المستوى المحلي، لكن نستوضح  فيما يلي  تأثير هذه التداعيات على المستويين  الإقليمي والدولي.

على المستوى الدولي:

عمدت الإدارة الأمريكية انتهاج خطة عمل  لحل القضية الفلسطينية على نحو يدحض جهود النضال الفلسطيني خلال ستة عقود، فهي من الناحية الشكلية تدعم طموحات الدولة الفلسطينية لكنها في حقيقة الأمر ترغب في دحض أهم الحقوق الفلسطينية وتدعم سياسات الاستيطان، من خلال الخضوع لشروط بنيامين نتنياهو رئيس الحكومة الصهيونية، ففي مقدمة تلك الشروط الاعتراف الرسمي الفلسطيني بإسرائيل كدولة يهودية والإقرار بقبول التنازل النهائي عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين، حيث عبرت عن ذلك الإدارة الأمريكية ضمن خطابات الرئيس الأمريكي باراك أوباما (Barack Obama ) ليس فقط في خطابه أمام منظمة الإيباك( لجنة الشؤون العامة الأمريكية الإسرائيلية) ففي العام 2008 عشية الانتخابات الرئاسية، بل أيضا أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول سبتمبر،2010 حيـن أكـد التـزام الولايـات المتحـدة بالاعتراف بإسـرائيل بصفتهـا دولـة يهوديــة، وأن تتركــز المفاوضــات علــى التوصــل إلــى حــل الدولتيــن، دولــة فلســطينية للشــعب الفلســطيني ودولــة إســرائيلية للشــعب اليهــودي وعاصمتهــا القــدس الكبــرى والموحــدة، وأن يتـم تأكيـد الاعتراف بالدولتيـن مـن لـدن الطرفيـن[41]أي إن حـل الدولتيـن يكـون وفـق الشـروط والمقاييـس الإسـرائيلية؛ وليـس وفـق مـا يطالـب به الفلسـطينيون وقد كرست المؤسسة الأمريكية الإقرار بقبول التنازل عن حق العودة للاجئين الفلسطينيين من خلال سعيها  لربــط اليهــود الذيــن هاجــروا مــن الــدول العربيــة إلــى إســرائيل بعــد حــرب 1948م) ( بقضيـة اللاجئين الفلسـطينيين، حيـث أتخذ  مجلس النواب الأمريكي في 1-4-2008 م قرار يطالـب بموجبـه تعويضهـم فـي إطـار عمليـة السـلام؛ وذلـك لضمـان حقوقهـم الذي فقدوها بهجرتهـم إلى إسرائيل وتركـوا ورائهـم كل مـا يملكـون وأكد على ذلك الرئيــس الأمريكي السـابق بيــل كلينتــون ( Bill Clinton)عــام 2000م عندما اقترح إقامــة صنـدوق دولـي لتعويـض اللاجئيـن اليهـود والفلسـطينيين.

في ذات السياق تقـود وزارة الخارجيـة الإسـرائيلية حملـة لترويـج فكـرة حقـوق المهاجريـن اليهـود، وتربطهـا بقضيـة اللاجئين الفلسـطينيين، وذلـك للتصــدي لقضيــة اللاجئين الفلســطينيين التي تشــكل عقبــة أساســية فــي أي تســوية سياســية؛ فبـدون حـل عـادل للاجئين لـن تنجـح عمليـة السـلام

ومن جانب أخر تسعى المؤسسة الأمريكية بربط حدود الدولة الفلسطينية بمتطلبات الأمن “الإسرائيلي” من خلال دعم فكرة عدم الانسحاب من حدود الرابع من حزيران 1967 وربط الانسحاب بالحدود التي تعطي للكيان ما يطالب به  فهي حدود ذات طابع استراتيجي يخول لهذا الكيان الدفاع عن وجوده. ورفـض أي قرارات دوليــة أخــرى وخاصــة القــرارات 194 و 181،1515 ،1397 ، ورفــض مرجعيــة القانــون الدولـي والمبـادرة العربيـة ورفـض الاعتراف بحـق تقريـر المصيـر للشـعب الفلسـطيني باعتبـار أن هـذا الأمـر مرتبـط بسـير العمليـة التفاوضيـة ونتائجها[42]

على المستوى العربي والإقليمي.

فمواكبة دول المنطقة لموجات التحول الديمقراطي ودخولها مرحلة الانتقال جعلها تعيش ادني مستويات الفقر، البطالة وغياب العدالة الاجتماعية، فالاهتمام بأزماتها الداخلية المتفاقمة انعكس على  فكرة الدفاع عن القضية الفلسطينية وتحولت من الدعم إلى التضامن، فالملاحظ على  التعامل مع المشاريع المطروحة لحل القضية هم الميل للتطبيع مع الكيان ضمن رؤية أوسع لمفهوم السلام، فتقييم الخطر الإيراني على انه تهديد يفوق وجود الكيان الإسرائيلي في المنطقة يجعل هذه الدول تتجه نحو فرص وإغراءات للتعاون مع “إسرائيل” لمواجهة الخطر الإيراني[43]

الخاتمة:

ختاما نخلص لتقديم النتائج التالية:

مصطلح الدولة اليهودية ليس وليد اللحظة، وإنما هو قديم وجد أساسا في تصريحات المركزية الأوروبية، والمؤتمرات الصهيونية المتعاقبة منذ العام 1897م، ولا يخفى أن طرح قادة إسرائيل فكرة إحياء يهودية الدولة في الأعوام الأخيرة منذ العام 1991، كان الهدف منه استغلال ظروف دولية عدة منها؛ تواجد إدارة أمريكية يتزعمها المسيحيون الصهاينة، وغزو الولايات المتحدة الأمريكية أفغانستان واحتلال العراق، والانقسام على الساحة الفلسطينية والتطرف الإسرائيلي .

أعيد طرح مصطلح الدولة اليهودية عام 2007 في مؤتمر أنابوليس للسلام كشرط للدخول في المفاوضات ثم كشرط لتوقيع أي معاهدة سلام مع الفلسطينيين. وهذا يعني ضياع حق العودة للاجئين الفلسطينيين، والسماح بعودة اليهود من كل الدول وضياع الحق التاريخي للفلسطينيين الذين ظلوا مقيمين في فلسطين تحت الحكم الإسرائيلي، والإقرار بصحة الأطروحة الصهيونية أن هناك شعب يهودي هو صاحب الحق التاريخي في فلسطين؛ ليصبح المستوطنون هم أصحاب الحق الشرعي وتنهي إسرائيل الصراع دون أن تدفع الثمن للفلسطينيين.

بناءا على ما سبق وجب تقديم جملة من التوصيات للنهوض بالمشروع السياسي الفلسطيني من خلال:

_ ضرورة عمل السلطة الفلسطينية على العودة للمطالبة بتطبيق قرار التقسيم رقم (181) لدفع إسرائيل إلى الوراء، وليس المطالبة بحدود عام 1967.والعمل على إعطاء القانون الدولي دورة ليكون هو الحكم وليست طاولة التفاوض للحيلولة دون إعلان الكيان الإسرائيلي ” دولة يهودية.”

_ استغلال وسائل الإعلام المحلي العالمي ووسائل التواصل الاجتماعي لتوضيح معنى يهودية الدولة وآثارها.

_التصدي لفكرة الإعلان عن يهودية الدولة بالضغط لمنع الموافقة عليها على المستوى الدولي بعقد حلقات نقاش لإظهار مخاطرها وتداعياتها.

_تعزيز دور الجاليات العربية خاصة في أمريكا من خلال التواصل مع الإدارة الأمريكية، والتأثير على مؤسسات صنع القرار، وخاصة الكونجرس ولا ننسى دور الجماعات الموالية والمناصرة للفلسطينيين( جماعة ناطوري كارتا)، ورجال الدين،لتوضيح خطورة طرح الدولة اليهودية على الفلسطينيين والعالم.

_تطوير السلطة الفلسطينية لدورها المركزي في تحقيق المصالحة الوطنية وإنهاء حالة الانقسام.

_ بناء حكومة تتجاوز مل الخلافات الفكرية وتأسيس برنامج قائم على العمل الفوري المتمثل بإعمار قطاع غزة وإعادة الحياة الاقتصادية لها، ومعالجة مشاكل البطالة التي وصلت الى مستويات خطيرة، وفتح معبر رفح على أرضية فلسطينية مصرية دون السماح بعودة إسرائيل إليه تحت أي شكل من الأشكال.

_مواجهة فكرة حل السلطة الوطنية الفلسطينية من خلال رسوخ فكرة ضرورة تغيير سياسة هذه الأخيرة لتكون رافعة للمشروع الوطني فهي سلطة مقاومة لإنهاء الاحتلال، وليست سلطة خدمات.

_إعادة صياغة مهام الحكومة الفلسطينية على نحو يتوافق ومبادئ القانون الدولي بحيث يصبح الحكم وليست طاولة المفاوضات والضغط على الاحتلال الذي يحقق الأرباح يوميا من احتلال فلسطين اقتصاديا والسيطرة على ثرواتها بجعله احتلالا ذا كلفة مادية كبيرة.

_مقاومة إسرائيل ومقاطعتها داخليا وخارجيا، وإرهاقها برفع القضايا عليها في المحاكم الدولية

[1]– Freedman, Robert, ,Contemporary Israel ,Philadelphia: West view Press,p.xvii.p83-84(2013)

[2] – الشريف، ريجينا،الصهيونية غير اليهودية في إنجلترا والصهيونية العنصرية، مج 2، بيروت، 1977ص، 28

[3] – أبو خليل، الياس، أرض فلسطين في منظومة الفكر السياسي الصهيوني، المجلة الأسبوعية، الصخرة الصادرة عن حركة فتح عدد149. ص 14 ٬ 1987.

[4] مسالمة، سعيد ،وثائق: الصهيونية والإمبريالية المفهوم الفلسفي للحركة الصهيونية، الجريدة، صادرة عن الحركة الاشتراكية العربية:2006 http://www.aljaredah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=15508

[5] عبدا الله محمود، أمين، مشاريع الاستيطان اليهودي منذ قيام الثورة الفرنسية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني الثقافي والفنون والآداب، الكويت، ص14.(1984)

[6] sokolow,Nahum, (N.Y.1964),history of Zionism,VOL I,P.50- 63

[7] خضر، بشارة، أوروبا وفلسطين من الحروب الصليبية حتى اليوم، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ص 75،(2003)

[8] Blom ,John, C Laursen, ,Monarchisms in the Age of Enlightenment: Liberty, Patriotism, and the Common Good,Toronto :University of Toronto Press,(2007) P.163-164

[9] عمرو، نعمان، الدور الأوروبي في تنمية الوعي الانعزالي اليهودي ما بين 1851- 1917، جامعة القدس المفتوحة، الخليل، ص8،2011

[10] Rappaport , Helen, Queen Victoria: A Biographical Companion ,(Santa Barbara: ABC-CLIO(2003),p.p.83-84

[11] Spector, Stephen,(2009),  Evangelicals and Israel: The Story of American Christian Zionism,Oxford: Oxford University Press.p18

[12] دروزةعزة، القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها،المكتبة العصرية، بيروت، ص16- 17 ٬ ب.س.ن

[13] الكيالي عبد الوهاب، تاريخ فلسطين الحديث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.ص25-26 1985

 

[14] Rosenthal ,Gilbert, , A Jubilee for All Time: The Copernican Revolution in Jewish-Christian Relations ,Oregon: Pickwick Publications,p.118.(2014)

[15] sokolow,Nahum, (N.Y.1964),history of Zionism,VOL I,P.50- 63

[16] المسيري عبد الوهاب، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، مجلد 7، دار الشروق ، القاهرة. ص310، 1999

[17] الوعري نائلة، دور القنصليات الأجنبية في الهجرة والاستيطان اليهودي في فلسطين 1840-1914، ط1، دار الشروق للنشر والتوزيع، عمان ، ص 192-193. 2007

[18] عبد الجواد صالح، الصهيونية، دائرة العلوم السياسية – جامعة بيرزيت، فلسطين، ص7-8 ٬  1995

[19] Gevirtz,gila, Jewish History The Big Picture, Springfield:  Behrman House Publishers,p.172(2008)

[20] عثمان عثمان وآخرون، دراسات فلسطينية، جامعة النجاح الوطنية، نابلس، ص 56،2009

 

[21] ابو نحل أسامه، يهودية دولة إسرائيل: جذور المصطلح وتأثيره على القضية الفلسطينية،فلسطين، جامعة القدس المفتوحة،ع 23، ص302-306  ٬ 2011.

[22] United Nations General Assembly Resolution 194.in http://www.unrwa.org/content/resolution-194

[23] محارب عبد الحفيظ، يهودية الدولة الفكرة والدولة وإشهارها ، مجلة شؤون فلسطينية ، العدد، 246،. ص 29 ٬ 2011.

[24] بشارة عزمي، دولة يهودية وديمقراطية، سلسلة دراسات وأوراق بحثية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة- قطر٬ 2011

[25] سياسة محدده جيداً لدى مجموعة معينة من الإشخاص تهدف الى إزالة منهجية لمجموعة أخرى عن ارض معينة، على اساس ديني، أوعرقي، أو قومي. وتضمن هذه السياسة العنف، وغالباً ما تكون مرتبطه بعمليات عسكرية ويتم تنفيذها بكل الوسائل الممكنة، من التمييز الى الإبادة وتنطوي على انتهاك لحقوق الانسان والقانون الدولي. لمزيد من الإطلاع انظر: ” التطهير العرقي في فلسطين، (2007) ايلان بابيه، ط 1، ترجمة احمد خليفة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية.

[26] الجزيرة نت،(2007)، يهودية الدولة أم يهودية لدولة إسرائيل، http://www.aljazeera.net/home/print/6c87b8ad-70ec-47d5-b7c4-3aa56fb899e2/05c79e4a-430d-4d8a-b2ef-63ac462fdf2d

[27] مسارات. التحذير من تداعيات إقرار قانون “الدولة اليهوديّة” على حقوق الشعب الفلسطيني، الاثنين, 29 كانون اﻷول (ديسمبر), 2014 http://www.masarat.ps/ar/content

[28] نسيب سري، الاعتراف بدين إسرائيل الرسمي وهو اليهودية بدلا من الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية٬ على الموقع:

http://www.maannews.net/Content.aspx?id=401418

[29] الأسطل كمال ،  مستقبل مدينة القدس في ظل السياسات والإجراءات الإسرائيلية الهادفة لتغيير الواقع الجغرافي الديموغرافي في المدينة بعد عام 1967، جامعة الأزهر، غزة. http://info.wafa.ps/pdf/future_of_Jerusalem.pdf

[30] جبارة  تيسر واخرون. تاريخ القدس، مقرر تأسيسي. رقم المقرر 0104،  جامعة القدس المفتوحة ،ص 22 ٬ 2009

[31] الاسطل، مرجع سبق ذكره، ص250- 252.

[32] شعبان، خالد،” القدس خلال الحملة الانتخابية التاسعة عشر 2013، مركز التخطيط الفلسطيني.(2013)

[33] عثمان عثمان، وآخرون ، مرجع سابق، ص 56

[34] وكالة معا،2011، معا ريف تكشف- خطة أمريكية سرّية لعودة المفاوضات ومنع إعلان الدولة http://www.maannews.net/Content.aspx?id=401418

[35] دائرة الإحصاء المركزية، (2005)، http://www.pcbs.gov.ps/Downloads/book2025.pdf

[36] Poica, (2013), Israeli COLONIZATION monitoring activities in the Palestinian Territories http://www.poica.org/details.php?Article=4724

[37] حنا،عيسى،(2013)، الاستيطان بالقدس. مخطط ممنهج لتهويد المدينة، http://insanonline.net/print_news.php?id=23956

[38]  كمال الأسطل ٬ مرجع سبق ذكره، ص250-253 .

[39] غارودي روجيه، الأساطير المؤسسة للسياسات الإسرائيلية، ط4، دار الشروق، القاهرة، ص 248. 2000

[40] Emblem,(01-11-2008), relevant articles of the 1949 Geneva Conventions and their Additional Protocols. International Committee of the Red Cross (ICRC,in https://www.icrc.org/eng/resources/documents/misc/emblem-ihl-011108.htm#a1

[41] The White House,Office of the Press Secretary, in   https://www.whitehouse.gov/the-press-office/2010/09/23/remarks-president-united-nations-general-assembly

[42] محارب،عبد الحفيظ، يهودية الدولة الفكرة والدولة وإشهارها ، مجلة شؤون فلسطينية ، العدد، 246،. ص 29 ٬ 2001.

[43] إدريس محمد السعيد،”المشروع الوطني الفلسطيني”، المركز الفلسطيني للأعلام: https://palinfo.com/39990

المراجع باللغة العربية:

  • ابو حسنه، نافذ،(2009)، بيت المقدس،الحلقة 131. https://www.paldf.net/forum/showthread.php?t=414143
  • أبو خليل، الياس،(1987)،ارض فلسطين في منظومة الفكر السياسي الصهيوني، المجلة الأسبوعية، الصخرة الصادرة عن حركة فتح عدد149.
  • ابو نحل،أسامه،(2011)، يهودية دولة إسرائيل: جذور المصطلح وتأثيره على القضية الفلسطينية،فلسطين، جامعة القدس المفتوحة،ع 23، ص302-306.
  • إدريس، محمد السعيد،(2009)،المشروع الوطني الفلسطيني، المركز الفلسطيني للأعلام: https://palinfo.com/39990
  • بابيه،ايلان،(2007)، التطهير العرقي في فلسطين، ترجمة احمد خليفة، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، ص11.
  • بشارة، عزمي، (2011)، دولة يهودية وديمقراطية، سلسلة دراسات وأوراق بحثية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة- قطر.
  • بشارة،عزمي،(2015)، ملاحظات حول مأزق المشروع الوطني والفلسطيني ومستقبله”، محاضرة ألقيت بندوة المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة، http://dohainstitute.org/release/d5ff060e-d3ba-4465-af39-039c21d8c35c
  • جبارة، تيسر، غضبة، أحمد رأفت، ابو بكر، أمين، ابو الرب، هاني.(2009). تاريخ القدس، مقرر تأسيسي. رقم المقرر 0104، جامعة القدس المفتوحة،ص 22.ص 320.
  • جريدة القدس .مقالات ص 18،25-9-2011. http://www.sari.alquds.edu/doc/jews-state.pdf
  • الجزيرة نت،(2007)، يهودية الدولة أم يهودية لدولة إسرائيل، http://www.aljazeera.net/home/print/6c87b8ad-70ec-47d5-b7c4-3aa56fb899e2/05c79e4a-430d-4d8a-b2ef-63ac462fdf2d
  • جمعة، احمد( 2013)، اعتراف ابو مازن بالدولة اليهودية شرط أي اتفاق سلام، موقع مصر الإلكتروني، صحيفة اليوم السابع المصرية، http://www.masress.com/youm
  • حنا،عيسى،(2013)، الاستيطان بالقدس. مخطط ممنهج لتهويد المدينة، http://insanonline.net/print_news.php?id=23956
  • خضر، بشارة،(2003)، أوروبا وفلسطين من الحروب الصليبية حتى اليوم، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، ص 75
  • خلف، سميح (2014): دولة اليهودية بين النظرية والخطاب السياسي والحزبي الإسرائيلي، وكالة أمد للإعلام، نوفمبر 2014. http://www.amad.ps/ar/?Action=Details&ID=51540
  • دائرة الإحصاء المركزية، (2005)، http://www.pcbs.gov.ps/Downloads/book2025.pdf
  • دروزة،عزة،(1959)، القضية الفلسطينية في مختلف مراحلها،المكتبة العصرية، بيروت، ص16-17
  • الربضـى، سلام(2010)، إشـكالية مشـروع إسـرائيل الجديـدة أي إسـرائيل اليهوديـة، موقـع مركـز الزيتونية للدراسـات والاستشارات الالكتروني، http://salamalrabadi.blogspot.com/2011/02/blog-post_06.html
  • أرناؤوط،عبد(2016)، إسرائيل في القدس الشرقية من الحسم الجغرافي الى الحسم الديموغرافي، مجلة الدراسات الفلسطينية، مجلد 27، العدد 105.
  • زريق، رائف،(2010)، الدولة اليهودية مرة أخرى، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، مجلد 21، عدد84.
  • الأسطل، كمال(2005)، مستقبل مدينة القدس في ظل السياسات والإجراءات الإسرائيلية الهادفة لتغيير الواقع الجغرافي الديموغرافي في المدينة بعد عام 1967، جامعة الأزهر، غزة. http://info.wafa.ps/pdf/future_of_Jerusalem.pdf
  • سلامة، عماد(2015)، الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية وتأثيرها على إقامة دولة فلسطين، رسالة ماجستير غير منشورة، جامعة النجاح الوطنية، نابلس.
  • الشريف، ريجينا،(1977)،الصهيونية غير اليهودية في إنجلترا والصهيونية العنصرية،مج 2، بيروت، ص، 28
  • شعبان، خالد،(2013)،” القدس خلال الحملة الانتخابية التاسعة عشر 2013، مركز التخطيط الفلسطيني.
  • عبد الجواد، صالح،(1995)، الصهيونية، دائرة العلوم السياسية – جامعة بيرزيت، فلسطين، ص7-8
  • عبدا الله محمود، أمين،(1984)، مشاريع الاستيطان اليهودي منذ قيام الثورة الفرنسية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، سلسلة عالم المعرفة، المجلس الوطني الثقافي والفنون والآداب، الكويت، ص14.
  • عبير، ثابت،( 2015)، مدى تأثير فكرة يهودية الدولة الإسرائيلية على مستقبل القضية الفلسطينية، مجلة جامعة الشارقة للعلوم الإنسانية والاجتماعية، مجلد 12، عدد1.
  • عثمان،عثمان، قاسم، عبد الستار، نعيرات، رائد، ابو خلف، نايف،(2009)، دراسات فلسطينية،جامعة النجاح الوطنية، نابلس، ص 56
  • علوش، ناجي،(1979)، المقاومة العربية في فلسطين، 1917-1948، مكتبة الأسوار، عكا،ص 141
  • عمرو، نعمان،(2011)،الدور الأوروبي في تنمية الوعي الانعزالي اليهودي-ما بين 1851-1917،جامعة القدس المفتوحة، الخليل، ص8
  • غارودي، روجيه، (2000)، الأساطير المؤسسة للسياسات الإسرائيلية، ط4، دار الشروق، القاهرة، ص 248.
  • غانم، اسعد،(2014)، أهداف نتنياهو من التمسك بيهودية إسرائيل، أمد للإعلام، https://www.amad.ps/ar/Details/19651
  • قاسم،أنيس فوزي،(2011)،”لماذا الإصرار على الاعتراف بإسرائيل دولة يهودية؟“، مجلة الدراسات الفلسطينية،ع86،مجلد22، فلسطين .ص70 http://www.palestine-studies.org/sites/default/files/mdf-articles/10963.pdf
  • كعوش، فضل،(2012)، ” قضايا محسومة لا تفاوض مع الفلسطينيين حولها،( الصباح) http://www.alsbah.net/new1/modules.php?name=News&file=print&sid=10394
  • الكيالي، عبد الوهاب (1985): تاريخ فلسطين الحديث، المؤسسة العربية للدراسات والنشر.
  • محارب،عبد الحفيظ، (2011)، يهودية الدولة الفكرة والدولة وإشهارها ، مجلة شؤون فلسطينية ، العدد، 246،. ص 29.
  • مسارات. التحذير من تداعيات إقرار قانون “الدولة اليهوديّة” على حقوق الشعب الفلسطيني، الاثنين, 29 كانون اﻷول (ديسمبر), 2014 http://www.masarat.ps/ar/content
  • مسالمة، سعيد(2006)،وثائق: الصهيونية والإمبريالية المفهوم الفلسفي للحركة الصهيونية، الجريدة، صادرة عن الحركة الاشتراكية العربية: http://www.aljaredah.com/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=15508
  • المسيري، عبد الوهاب،(1999)، موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية، مجلد 7، دار الشروق ، القاهرة.
  • انطونيوس، جورج،(1966) يقظة العرب، تاريخ حركة العرب القومية، ترجمة ناصر الدين الأسد، إحسان عباس، ط2، دار العلم للملايين، بيروت.

المراجع باللغة الإنجليزية:

  • Prime Minister’s Office,( 28/06/2011) PM Netanyahu’s Address to the Jewish Agency Board of Governors, in http://www.pmo.gov.il/English/MediaCenter/Speeches/Pages/speechsochnut180213.aspx
  • Proclamation of Independence,(14.5.1948), The Declaration of the Establishment of the State of Israel, in https://www.knesset.gov.il/docs/eng/megilat_eng.htm
  • Rappaport , Helen,(2003), Queen Victoria: A Biographical Companion ,(Santa Barbara: ABC-CLIO,p.p.83-84
  • Rhett, Maryanne,(2016), The Global History of the Balfour Declaration: Declared Nation ,New York: Routledge,p.p26-36.
  • Ro’I, Yaacov,(2016), Jews and Jewish Life in Russia and the Soviet Union ,New York: Routledge,p.p.309-310.
  • Rosenthal ,Gilbert,(2014), A Jubilee for All Time: The Copernican Revolution in Jewish-Christian Relations ,Oregon: Pickwick Publications,p.118.
  • sokolow,Nahum, (N.Y.1964),history of Zionism,VOL I,P.50- 63
  • Spector, Stephen,(2009), Evangelicals and Israel: The Story of American Christian Zionism,Oxford: Oxford University Press.p18
  • The White House,( 2010/09/23),Office of the Press Secretary, in https://www.whitehouse.gov/the-press-office/2010/09/23/remarks-president-united-nations-general-assembly
  • Tucker, Spencer,(2008), Encyclopedia of the Arab-Israeli Conflict, The: A Political, Social, andMأعلى النموذجMMilitary History, California: ABC-CLIO,p.p.190-191
  • S.StateDepartmen,(4/6/2003),in’http://usinfo.state.gov/arabic/wfsub . html
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى