الشرق الأوسطتقارير استراتيجيةعاجل

البرلمان العربي يوصي بمواجهة نفوذ إسرائيل في أفريقيا

اعداد السفير: بلال المصري – سـفـيـر مصر السابق لدي أنجولا وساوتومي والنيجر
  • المركز الديمقراطي العربي
صدر بيان ختامي بعد إنعقاد الجلسة العامة للبرلمان العربي بمقر جامعة الدول العربية بالقاهرة في 6 يوليو 2017 , تضمن عدداً من التوصيات من بينها توصية بدعوة أعضاءه إلي مواجهة النفوذ المُتنامي لإسرائيل في أفريقيا بصفة عاجلة , وذلك علي ضوء التحضيرات الجارية لعقد قمة أفريقية / إسرائيلية في العاصمة التوجولية Lome في أكتوبر القادم , هذا وقد وضع البرلمان العربي مسودة خطة عمل أهم ما تضمنته  :
 
– مخاطبة رؤساء البرلمانات الأفريقية الذين يزمعون المشاركة في هذه القمة وتذكير حكوماتهم بحقوق الشعب الفلسطيني وحقهم في إقامة دولة مُستقلة عاصمتها القدس الشرقية طبقاً للقرارات الدولية ذات الصلة خاصة القرارين 242 و338 الصادرين عن مجلس الأمن الدولي والمبادرة العربية للسلام  .
 
– قيام أعضاء البرلمان بزيارات لبرلمانات الدول الأفريقية الرئيسية لحثها علي دعم القضية الفلسطينية وتنشيط العلاقات العربية / الأفريقية .
 
كان مجلس الجامعة العربية قد عقد بطلب من فلسطين وموافقة عدد من الدول العربية الأعضاء إجتماعاً غير إعتيادي علي مستوي الممثلين الدائمين للدول العربية بمقر الجامعة بالقاهرة في 12 يونيو 2017 لمناقشة كيفية مواجهة “التسلل” الإسرائيلي المُتنامي بأفريقيا وتداعيات ذلك علي الأمن القومي العربي .
 
في تقديري أن ما وُصف بأنه ” مسودة خطة عمل ” للبرلمان العربي لمواجهة النفوذ الإسرائيلي في أفريقيا  هو في الواقع إضافة مُتكررة للعجز العربي وبيان مُؤكد عن حالة الإنفصال الشبكي التي تعاني منها الأنظمة العربية ومؤسساتها , وهناك أسباب مختلفة تبرر ذلك من بينها :  
 
* أن جلسة البرلمان العربي عُقدت ولا رد فعل رسمي من أي من الدول العربية علي هذا التطوير بالغ الأثر للسياسة الإسرائيلية في أفريقيا منذ أن سلم Robert Dussey وزير خارجية توجو الدعوة رسمياً إلي Benjamin Netanyahu رئيس وزراء الكيان الصهيوني خلال زيارته للكيان الصهيوني في 23 يناير 2017 لعقد القمة الإسرائيلية / الأفريقية , هذا التطوير المُتزامن مع إنسحاب عربي شبه كامل ومُؤسف من القارة الأفريقية إلا من تمثيل دبلوماسي عربي غير مدعوم من قواعده بالعواصم العربية , ولما لم يتبق سوي ثلاثة أشهر لعقد قمة إسرائل – أفريقيا في أكتوبر القادم بتوجو بمشاركة ما بين 20 إلي 25 دولة أفريقية , لذا كانت هناك ضرورة لرد فعل ما ولو لمجرد إستيفاء الشكل Pour la form من كيان عربي ما فكانت هذه الجلسة العامة للبرلمان العربي , فالفترة الفاصلة ما بين جلسة البرلمان العربي والقمة الافريقية / الإسرائيلية قصيرة لدرجة أنه من العبث تصور أنه سيُتاح فيها فرصة أو فرص للتأثير بأي شكل علي هذه القمة , بل ربما ستكون إثباتاً للأفارقة علي أصوبية إتجاههم نحو إسرائيل التي تتحرك بمؤسساتها وفق جداول زمنية مدروسة ,إذ ما هي الآثار السياسية و الأدبية والأخلاقية المتوقعة لخطاب يُوجه لرؤساء البرلمانات الأفريقية تتضمن تذكيرهم بحقوق الشعب الفلسطيني ؟
أولو إقترحت السلطة الفلسطينية أو الجامعة العربية دعوة نفس هذه الدول التي قد تشارك في قمة إسرائيل – أفريقيا للمشاركة في قمة عن فلسطين وقضيتها , أفسترفض هذه الدول المشاركة ؟
أعني أن التحرك الإسرائيلي يتقدم للأمام لأن حركة الأنظمة العربية بمؤسساتها الفاعلة التنفيذية تتجه للوراء في كل الملفات السياسية والإقتصادية والإجتماعية علي إختلافها ومن بينها القضية الفلسطينية التي تعد – من وجهة نظري – مُؤشراً من المُؤشرات الرئيسية علي شلل هذه الأنظمة وعدم أهليتها لإدارة الدول .
 
* لا يملك وزراء الخارجية العرب العمل علي إتخاذ رد فعل ما ولو حتي بالدعوة لإجتماع نقاشي علي مستواهم هم وليس علي مستوي مندوبيهم بالجامعة العربية , فكثير من التوجهات السياسية لدول عربية رئيسية تبدلت للعكس تماماً فيما يتعلق بإسرائيل والقضية الفلسطينية التي في الحسابات الختامية صراع عربي/ إسرائيلي  فهذا الرئيس يتكلم عن علاقات دافئة مع إسرائيل وذاك يقول بجرأة مفهومة أن علي بلاده أن تحفظ أمن جيرانها وتدافع بالتالي عن أمن إسرائيل , فكيف يمكن لوزير خارجية هؤلاء هم قادتهم يصدر عن نزوع لفعل إيجابي مُضاد للتحرك الإسرائيلي في أفريقيا ,  كان من الأحري أن يدعوا وزراء الخارجية ” العرب ” إلي عقد هذا الإجتماع قبل غيرهم خاصة وأن حركة إسرائيل بإتجاه أفريقيا تُدار بواسطة مُؤسسات تنفيذية أهمها رئاسة الوزراء والخارجية ووكالة التنمية الدولية الإسرائيلية للتعاون Mashav والمخابرات الخارجية الإسرائيلية MOSAD وغيرهم , ويُلاحظ أن خطة العمل التي صدرت كانت عبارة عن “توصية” مُوجهة لأعضاء البرلمان العربي وردت في ثنايا بيان ختامي لجلسة عامة للبرلمان العربي أي أن الجلسة لم تكن مُخصصة لهذا الموضوع الذي كان له أن يعتبر خطيراً كما أن هذه التوصية مكتبية أكثر منها أي شيئ آخر فهي عبارة عن خطابات تُرسل لرؤساء البرلمانات الأفريقية وزيارات لدول أفريقية رئيسية ربما منها من لن يحضر قمة إسرائيل – أفريقيا مثل جنوب أفريقيا التي قرر حزب المؤتمر الأفريقي ANC الحاكم خفض التمثيل الدبلوماسي في الأراضي المُحتلة من سفارة إلي مكتب إتصال Liaison office , مع الوضع في الإعتبار قوة ونفوذ الجالية اليهودية بجنوب أفريقيا .
 
* هناك تطور نوعي تدريجي في علاقات دول عربية رئيسية بإسرائيل مُغطاة بطبقة خفيفة من السرية , ومع ذلك يعلم القادة الأفارقة ومعهم العالم ما يتردد مثلاً عن تقارب سعودي / إسرائيلي مغطي بإنكار سعودي مُعتاد وتصريح إسرائيلي به تردده وسائل إعلام إسرائيلية ودولية , فصحيفة THE TIMES OF ISRAL أوردت مقالاً تحليلياً في 20 يونيو 2017 أشار إلي هناك ثمة تقارير منها ما نشرته صحيفةThe Times  البريطانية بعددها في 17 يونيو 2017 بالإحالة علي مصادر عربية وأمريكية  تشير إلي ترحيب سعودي بإرساء علاقات إقتصادية مع إسرائيل تتضمن فتح المجال الجوي للطائرات الإسرائيلية والسماح بالتعامل السعودي مع رجال الأعمال الإسرائيليين , وأن بعض المصادر الخليجية ربطت التقدم في هذا الإتجاه بالتقدم في عملية السلام وأن هذا ما أكدهJoshua Teitelbaum  كبير الباحثين بمركز Begin-Sadat للدراسات الإستراتيجية عندما قال ” بدون تحرك جدي علي نحور عملية السلام فلن يكون هناك تغير نوعي في العلاقات مع السعودية ” , لكن صحيفة  The Times أشارت في عددها المُشار إليه إلي أن مفاوضات تجري بين الرياض وتل أبيب لإرساء العلاقات الإقتصادية علي أن تكون بدايتها محدودة , لكننا إن ربطنا ذلك بما صرح به H.R. McMaster مستشار الأمن القومي بإدارة الرئيس Trump في 5 يونيو 2017 من أن ” زيارة الرئيسTrump الناجحة للشرق الأوسط تعكس مدي التغيرات المُمتدة هناك , خاصة فيما يتعلق بالتحالف المُتنامي بين إسرائيل والدول العربية السنية …. فاليوم نجد أن مصالحهما مُتطابقة , وهذه فرصة “, وعموماً فإن Shmuel Bar وهو مؤسس لشركة تدعيIntuView   قال ونشرت نقلاً عنه شبكة Bloomberg في 2 فبراير 2017 أنه إلتقي وبحرية سعوديين وخليجيين في مؤتمرات وفي فعاليات خاصة وأن التجارة والتعاون المخابراتي يزدهر بين إسرائيل ودول عربية .  
 
* في الوقت الذي كان البرلمان العربي يعقد جلسته العامة للتداول في  مسألة الإختراق الإسرائيلي لأفريقيا  وتتويجه بعقد قمة إسرائيل – أفريقيا في أكتوبر القادم , كان وزراء خارجية أربع دول عربية هي السعودية والبحرين والإمارات العربية ومصر يجتمعون بدعوة من مصر في القاهرة في 5 يوليو 2017 للتشاور في الخطوة القادمة فيما يتعلق بقطر التي قطعوا العلاقات معها العلاقات الدبلوماسية وضربوا عليها في 5 يونيو 2017 حصاراً بذريعة دعم وتمويل الإرهاب وزعزعة إستقرار الأنظمة بالمنطقة – بدون قرار صادر عن الجامعة العربية أو أي تنظيم عربي – , ومن ثم فالسؤال المُتحرر من المحرمات السياسية هو : أي عالم عربي هذا الذي يقطع علاقاته بدولة كل ما إقترفته في نظر هذه الأنظمة المُتعطشة شعوبها للحرية أنها وفرت منصة إعلامية مهنية وحرة أي حد بعيد لتمد الجمهور العربي بالوعي والتنوع في الفكر ؟ فهذه المنصة نفسها – من وجهة نظر هؤلاء الحكام المُتخلفين – هي التي مع عوامل موضوعية ذاتية لدي الشعوب العربية أدت إلي ثورات الربيع العربية التي وصفها أمير الكويت بالوهم , ومن ثم فمن الممكن يمكن لأحدهم أن يعتبر هذا البرلمان العربي سادراً في غيبوبة عميقة بحيث لا يمكنه التمييز بين الواقع العربي الشائه بسبب حكام غير مُؤهلين في معظمهم وبين الواقع الإسرائيلي الذي يعلم الوزن الحقيقي للعالم العربي بعد أن أفرغه معظم هؤلاء الحكام من كتلته الحيوية بالمحاولات المستمرة لمحو الهوية الإسلامية العربية , وإذا بك أمام شعوب لا وراء لها ولا أمام هي في الغالب ودائماً ” محلك سر ” وهو الوضع المثالي لحكام لا قيمة فعلية لهم آلو علي أنفسهم التشبث بالسلطة بأي ثمن .
 
* البرلمان العربي كالحكام العرب منتج غير ديموقراطي شأنه شأن معظم الحكام العرب الذين أتت بهم الصدفة فأصبحوا ملوكاً أو رؤساء أو بعمليات إنتخابات مُصطنعة تقوم علي صناعتها إجهزة شرطة مُدجنة في خدمة السلطة العسكرية أو بإنقلابات عسكرية برعاية أمريكية أو فرنسية فالوسطاء الآخرين يمتنعون , وبإختصار فإن بغض النظر عن عداوتي وكل العرب الأحرار للكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين إلا أنه بقيم الديموقراطية أصبح ليها مؤسسة حكم قادرة مُؤهلة مسئولة أمام برلمان مُنتخب بشفافية فيه كافة القوي الحزبية المُمثلة لشعب هذا الكيان وحزب ديني يصفه بعضهم من المغفلين السفهاء سياسياً بالمُتطرف فهو موجود ومُمثل بالكنيست , وتجد وزارة خارجية فعالة تتحرك لمصلحة شعب لا مصلحة حاكم يخدر شعبه بخطب يستحقها من إرتضوا أن يحكمهم أناس مستواهم التعليمي والتربوي أدني من الحد الأدني , لذلك لا يتوقعن أحد أن يكون لبرلمانات أنتجها وسط سياسي مُتعفن فعالية أو قيمة … إسرائيل ماضية للأمام ونحن ماضون إلي حتفنا طالما لم يستسغ الفاسدون فينا مذاق الديموقراطية  .
القاهرة . تحريراً في 11 يوليو 2017
 
Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى