الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

دور الذكاء الاصطناعي كأداة في تنمية الحقوق السياسية لطلبة الجامعات

اعداد : د. فراس عباس هاشم – جامعة البصرة – كلية القانون

  • المركز الديمقراطي العربي 

 

لا شك فيه مع التطور التكنولوجي المتسارع الذي تشهده البشرية برز الذكاء الاصطناعي بوصفه تقنية تكنولوجية متطورة تحاكي العقل البشري بل في بعض الاحيان تفوقه في القدرات التي يمكن ان يوديها الذكاء الاصطناعي .

وإزاء ذلك تعود جذور الذكاء الاصطناعي الى سنة 1956 بالولايات المتحدة على يد الباحث الأمريكي “جون مكاثري”، خلال مؤتمر جامعة (دارتموث)،  ولقد كانت أول محاولة لأنشاء آلة ذكية يمكنها أ ن تحاكي العقل الإنساني مع العالم ” فرانك روزنبلات” سنة 1957 ، لما وضع نموذج مبسط للشبكة العصبية تشابه  إلى حد كبير الخلايا العصبية للدماغ البشري. وفي نفس الاتجاه، قام أستاذ علم التحكم الآلي بجامعة ريدينج البريطانية ” كيفن وارويك سنة 1998 بدراسة مدى تفاعل الكومبيوتر الآلي والجهاز العصبي البشري، من خلال زرع شريحة الكترونية في ذراعه وتوصيلها لاسلكيا بالحاسب الآلي، بغية ارسال اشارات من الدماغ يستقبلها الكومبيوتر الآلي ويحولها لحركة، فكانت تفتح الأبواب وتضئ المصابيح بمجرد أن يتجول في الجامعة([1]).

ومن هنا يمكن القول أن الذكاء الاصطناعي أضحى حقيقة ظاهرة للجميع، بحيث جاءت سنة 2018 لتكون بمثابة النقلة النوعية للذكاء الاصطناعي، فقد نمى بشكل كبير على المستوى الواقعي حتى أصبح أداة أساسية تدخل في صلب كل المجالات ومنها مجال الحقوق السياسية، بعد أن خرج من قاعات مختبرات البحوث، ليصبح بهذا جزء لا يتجزأ من المعيش اليومي للشعوب، بدء من الجامعات ووسائل النقل، وتنمية الوعي الثقافي وغيرها، وصولاً لاستعمال مساعدين افتراضيين لتقديم العون في أداء المهام المتعدد في المجالات كافة ([2]).

الذكاء الاصطناعي وتحولات المهام

تشير العديد من التقارير إلى أن الذكاء الاصطناعي يعد ابرز الأدوات التقنية التي يمكن أن تؤثر على العقل البشري، فضلاً عن تشكيله ، نظراً للموضوعات التي يمكن أن يحدث فيها تغييراً لا سيما في تنمية الحقوق المدنية والسياسية لدى فئة طلبة الجامعات وذلك للقدرات التقنية التي يمكن أن توفرها أدوات الذكاء الاصطناعي في تغذيه وعي الطلبة من خلال التطبيقات التي يقدمها في مجال وسائل الإعلام والصحافة والتلفاز وغيرها من مجالات التواصل المعرفي والإنساني .

أضف إلى ذلك بما أن الجامعة من أهم مؤسسات المجتمع، فإنها لا تخرج عن نطاقه وقضاياه المختلفة، إذ أنها تهتم بالمسائل السياسية والثقافية والحقوق إلى درجة أنها أصبحت فضاء لمختلف التيارات والقوى، وما من حدث سياسي يكون داخل المجتمع إلا وكان لو صدى بالجامعة، كما أن الصلة بينها وبين العمل السياسي ليست حديثة الوجود، حيث اقترن تشييد المؤسسات التربوية في الحضارات القديمة بالنظام السياسي، وكان لا بد لسياسة الدولة واتجاهاتها المختلفة أن تجد أثر لها في المحيط الجامعي وإلا ستكون بعيدة كل البعد عن الأهداف التي قامت عليها، كما أن للجامعة تأثير فعال في سياسة الدولة من خلال ما تقدمه للطلبة من معارف سياسية وما تزودهم بو من آراء وأفكار، حيث تعمل هذه المؤسسة التعليمية عن طريق تنمية الثقافة السياسية، على تهيئة الطلبة لممارسة العمل السياسي واشباعهم بقيم المواطنة ومقومات المواطن الصالح ما يساهم في تشكيل الوعي السياسي لديهم، ويظهر ذلك الدور الفعال للجامعة من خلال إنتاجها لقيادات طلابية مؤهلة لقيادة المجتمع وتحمل المسؤولية في مختلف المجالات([3]). ولذلك نلاحظ استجابة الذكاء الاصطناعي للتحولات المعرفية في ظل التطورات الراهنة في مجلات المعرفة المختلفة ومن ضمنها الجامعات ، وهذا يعني امكانية الاستفادة منه على صعيد الجامعة، كأداة مهمة تعمل على تسخير تقنيات الذكاء المتعددة في تطوير الوعي السياسي للطلاب وتحصينه بالثقافة السياسية.

تأثيرات تقنيات الذكاء بتعزيز الوعي

يرى العديد من المختصين أن الذكاء الاصطناعي يمكن أن يؤدي دور الأداء المساعدة في تمكين طلبة الجامعات على فهم حقوقهم الدستورية والسياسية، بالإضافة إلى ذلك تلعب تقنيات الذكاء دوراً مهماً ومحورياً في سد الفجوات المعلوماتية لدى الطلبة فيما يخص بالثقافة السياسية، من خلال العديد من الأنشطة والممارسات التي تتيحها على منصاتها الثقافية، والتي تسهم في نشر ثقافة الالتزام الوطني والحقوق الدستورية، وهو ما يساعد ذلك على تفاعل الطلبة وتحفيزهم على الشعور بالمسؤولية في ممارسة الانشطة والفعاليات السياسية بكل الجوانب المتعلقة بالقضايا الوطنية.

وعليه يوحي مصطلح “الحياة الجامعية” عادة بالأنشطة غير الدراسية كتنمية الشعور بالمسؤولية الاجتماعية وحرية التفكير والتعبير للطلاب، وأيضاً تساعد على اكتساب المهارات الحياتية وبناء شبكة علاقات تعود بالنفع على الطالب، وتحرص إدارات الجامعات على توفيرها وتطويرها بل قد تروج كخاصية تميزها عن نظيراتها، ومن جهة أخرى يختبئ وراء هذا المصطلح ويتعلق بالتعبير الجماعي للطلاب عن قناعاتهم ومواقفهم من إدارة وسياسات الحكومة في بعض الأحيان([4]).

وعلى هذا الأساس فإن الجامعة تقوم بدور فعال ومؤثر في التنمية السياسية واعداد النخب للعمل السياسي، انطلاقاً من طبيعة التغيرات والتصورات والإصلاحات التي تطرأ عليها كمؤسسة تعليمية، وكذلك موقف السلطة من هذه التغيرات والتصورات والإصلاحات، لذلك فاستقلال الجامعة ضرورة ملحة لا يمكن للجامعة إهماله لتتمكن من ممارسة دورها في العمل السياسي بشكل فعال([5])، لذلك يرى العديد من المختصين إلى امكانية الذكاء الاصطناعي في توفير منصات تعليمية سهلة الوصول للطلبة بعيدة عن عوامل الضغط والإجبار والإلزام مع تغذيه تلك المنصات بالمعلومات باستمرار، وبالتالي تساعد هذه التطبيقات على التنشئة السياسية وتحسين الفهم بالحقوق للطلاب .

وفي ضوء ما سبق يمكننا القول أن الذكاء الاصطناعي بوصفه تكنلوجية متطورة قادر على توفير تطبيقات تقنية تكون فضاءاً للتعبير عن الآراء السياسية للطلب الجامعي، علاوة على ذلك يعزز ذلك من روح المواطنة بسلوكياتهم السياسية، فالذكاء الاصطناعي سيلعب دوراً أساسياً في هذا المجال، وبذلك سيسهم على إيجاد بيئية فكرية تقوم ببناء شخصية الطالب، فضلاً عن ذلك يمكن للذكاء الاصطناعي أن يصبح رافعة تعمل على ديمومة واستدامة المساواة والعدالة والإرادة السياسية وتعزيز الديمقراطية في البناء الفكري لدى طلبة الجامعات.

([1]) ياسر الصافي، “استعمالات الذكاء الاصطناعي وتأثيرها على حقوق الانسان والحريات العامة”، مجلة القانون الدولي للدراسات البحثية ، العدد (16)،(2024)، ص 148.

([2]) المصدر نفسه ، ص 148.

([3]) ميساء حريتي، الطاهر بلعيور، “الجامعة وثقافة المشاركة السياسية لدى الطالب الجامعي”، مجلة طبنة للدراسات العلمية الاكاديمية ، المجلد (5) ، العدد (1)، (2022)، ص 1692.

([4]) علاء الغربي ، “نضال عريق متجدد.. أي دور يلعبه حراك الجامعات بالساحة السياسية”، موقع الجزيرة ، 3/7/2024، شوهد في 31/10/2025، في: https://www.aljazeera.net/culture

([5]) ميساء حريتي ، الطاهر بلعيور ، مصدر سابق، ص 1692.

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطي العربي

مؤسسة بحثية مستقلة تعمل فى إطار البحث العلمي الأكاديمي، وتعنى بنشر البحوث والدراسات في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية والعلوم التطبيقية، وذلك من خلال منافذ رصينة كالمجلات المحكمة والمؤتمرات العلمية ومشاريع الكتب الجماعية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى