النظام القانوني لتحديد الجرف القاري في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار: المغرب نموذجا

المؤلف : بوسلهام عيسات
التحميل نسخة pdf –
النظام القانوني لتحديد الجرف القاري في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار
الطبعة الأولى “2017″ – كتاب“النظام القانوني لتحديد الجرف القاري في ضوء اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار: المغرب نموذجا”
جميع حقوق الطبع محفوظة: للمركز الديمقراطي العربي ولا يسمح بإعادة إصدار هذا الكتاب أو اي جزء منه أو تخزينه في نطاق إستعادة المعلومات أو نقله بأي شكل من الأشكال، دون إذن مسبق خطي من الناشر .
مقدمة:
تشكل البحار المساحة الكبرى من الكرة الأرضية ، و تغطي المياه ثلاثة أرباع مساحة الكوكب الذي نعيش فيه ، و اضظرت البشرية إلى الاتجاه إلى البحار و المحيطات بحثا عن الغذاء و المعادن المختلفة اللازمة للصناعات العالمية بعد أن ضاقت اليابسة بشاغليها نتيجة الزيادة المضطردة في السكان ، و لم يعد البحر السبيل لعبور السفن و البواخر كوسيلة للمواصلات العالمية و إنما أصبح أمل البشرية في الحصول على غذائها و معادنها و ثرواتها الأخرى التي أصبحت قابلة للنضوب على اليابسة.
و بالتالي فإن تلك المساحات الهائلة من المياه أضحت ملاذا لسكان الكرة الأرضية في بحثهم الدءوب و المستمر إلى عيش رغد وحضارة مستمرة متجددة، خاصة اذا علمنا طبقا للاكتشافات العلمية المتقدمة ما تحتويه البحار من ثروات حيوانية و ما يحتويه قيعانها من ثروات معدنية كفيلة بتأمين احتياجات البشرية لقرون طويلة متعددة و لأعداد متزايدة من السكان.
وكانت البشرية عبر تطورها البطئ و المستمر و الدءوب لا تولي أهمية متزايدة للبحار ،إلا في حدود ما تستغله من ثروات بحرية أو ما تسلكه كطريق سهل ميسور و رخيص التكاليف لنقل البضائع و الأفراد و لكن كنتيجة تقدم الحضارة الإنسانية في كافة مناحي الحياة و الخاصة في مجال علوم الملاحة البحرية و ما نتج عنه من تطور في صناعة المراكب و السفن التي تمخر عبابه ، و نتيجة استعمال مياهه في الغزو و الاحتلال و إنشاء المراكز التجارية البعيدة المدى على سواحله، أخذت البشرية تولي إهتماما متزايدا بأهميته و فعاليته كطريق للمواصلات من جهة و كسبيل للفتح و الغزو و تقوية الاقتصاد الوطني من جهة أخرى.
فمن الناحية السياسية و الأمنية تشكل المجالات البحرية خطوطا دفاعية أولى ضد أي تهديد خارجي، فإذا أحسن إستغلالها فسيكون لذلك فوائد أكيدة على أمن الدولة و إستقرارها ، وبالمقابل إذا أهملت أهميتها فإن الواجهة البحرية ستتحول إلى منفذ سهل للتدخل و الغزو لأن اغلب الغزوات العسكرية تمت عبر البحر.
و هكذا أصبحت البحار بل و ظلت كأداة للإتصال و التجارة تستعمل في هذه الأغراض من قبل من يشاء من الشعوب و الأفراد، دونما تمييز و بغض النظر عن ميولها و سياساتها و أهوائها ، الأمر الذي نتج عنه مبدأ قانوني هام ألا وهو مبدأ حرية الملاحة في البحار.
و في السنوات الأولى من القرون الوسطى تبدلت نظرة المجتمعات البشرية إلى البحار و المحيطات ، خاصة بعد تزايد المبادلات التجارية بين البلدات الأوروبية و شعوب الشرق الأدنى ، و إنتشار تجارة التوابل و رواجها و ظهور التنافس الشديد بين الدول التي احتكرت تجارته ومحاولتها السيطرة على الطرق البحرية لتأمين تجارتها ووسائل مواصلاتها .
وقد تغير ذلك التنافس التجاري الذي انقلب إلى صراع سياسي كان البحر و طريقة استغلاله و استعماله الحاسم الأكبر فيه فظهرت بذلك فكرة الاستيلاء على جزء من البحار لسيطرة الدولة و ملكيتها ، و أهم مثل تاريخي على ذلك ادعاء جمهورية البندقية ملكيتها للبحر الادرياتيكي.
ولكن العامل الرئيسي و الفعال الذي أدى إلى الحد من مبدأ حرية الملاحة البحرية و امتداد سيادة الدول على جزء من البحار ، هو الاكتشافات الجغرافية الأوروبية ، التي أدت إلى إكتشاف طرق بحرية تصل البلدان الأوروبية بشعوب الشرق كأندونسيا و الهند و الصين .
- الناشر: المركز الديمقراطي العربي للدراسات الإستراتيجية والسياسية والاقتصادية