الشرق الأوسطعاجل

العراق وجدوى التحول إلى النظام الرئاسي

النظام السياسي الأصلح، هو الذي يتناسب مع ظروف الدولة التي يتأسس فيها

اعداد : د . سعدي الابراهيم – دكتوراه في العلوم السياسية – العراق

  • المركز الديمقراطي العربي

 

مثل الكائن الحي، لا يمكن للنظام السياسي آن يعيش أو يكون فاعلا، إذا ما زرع في جسم غريب عنه، ولا يمكن للجسم إن يدمج العضو الغريب او يوعز لبقية أعضائه بالتفاعل معه .

على هذا الحال فأن الدول تحرص على أن تكون أنظمتها السياسية من جنس أحوالها وظروفها الراهنة، فأن كانت تحتوي على مكونات مجتمعية متعددة، وتعاني من أزمة في هويتها الوطنية فهي تذهب الى النظام الرئاسي ، أو الملكي، كما هو الحال مع اغلب الدول غير المتقدمة. وان كان فيها شعب واعي وثقافة ديمقراطية ، فلا يوجد ما يمنعها من أن تتجه نحو النظام الديمقراطي – البرلماني ، وخير مثال عليه المملكة المتحدة (بريطانيا) ، او حكومة الجمعية ، مثل سويسرا. وبعض الدول تختار الحل الوسط : اي النظام المختلط كما هو الحال في فرنسا . وقد تكون كل هذه الأنظمة غير مناسبة لحال دولة من الدول، فتتجه إلى خلق نظام يتناسب مع ظروفها الخاصة، وخير مثال على ذلك هي الجمهورية الإسلامية في إيران ، التي تحكم وفق نظرية ولاية الفقيه .

لكن تشكل نظام سياسي معين في دولة معينة، لا يعني ان هذا النظام صار قدرا مكتوبا لا يمكن التراجع عنه وتغييره، على العكس فأن التجارب هي مفاتيح التغيير، والشعوب تتعلم من دروس الماضي، فتصلح الحاضر وتنطلق نحو المستقبل .

العراق الذي هو محور حديثنا، يبدو بأنه يحتاج الى التحول نحو النظام الرئاسي او حتى الملكي، فتجربته بعد عام 2003، لم تكن بالمستوى المطلوب، فالنظام البرلماني قد اتعب الشعب، واتعب النخبة السياسية في نفس الوقت، وباتت عجلات الدولة تراوح في مكانها . هذا الكلام ينبغي ان لا يدفعنا لليأس ولا هو دعوى للإحباط، بقدر ما هو دعوى للتفكير بحلول جذرية، فالمحاصصة والانتخاب على أساس الهويات الفرعية، والفساد الإداري ، ومشاكل أخرى . باتت ترجح كفة الانتقال الى نظام سياسي اكثر استقرارا ، الا وهو النظام الرئاسي .

لكن رب قائل يقول: وما هي الجدوى التي ستتحقق للعراق لو انتقل الى النظام الرئاسي، والإجابة تكمن في النقاط الآتية :

أولا – النظام الرئاسي يحقق الوحدة الوطنية:

لم يفرز النظام الديمقراطي، اي شخصية قيادية – يجتمع عليها العراقيون لحد الآن، باستثناء السيد حيدر العبادي الذي هناك قبول وطني لشخصه ، لكنه لم يستثمره بالشكل الأمثل، فجاءت نتائج الانتخابات بصورة مخالفة للتوقعات . اما في حال النظام الرئاسي، فأن ولادة القائد او الزعيم ستكون فرصتها اكبر، وسيكون الرئيس بمثابة الأب الذي يلوذ تحت جاذبيته وإلهامه الشعب بأكمله، فيتخلص العراق من التباعد المذهبي والقومي، الذي يؤثر سلبا بشكل مباشر او غير مباشر، على كل نواحي الحياة .

ثانيا – النظام الرئاسي يحقق التنمية :

التنمية هي فكرة، وهدف، وخارطة طريق . وهذه تتطلب وجود أشخاص مؤمنين بها، حريصين على تنفيذها وإتمامها. ولا يتحقق هذا الأمر مع تعددية الآراء واختلاف الأمزجة الذي يمتاز به النظام البرلماني، بل يتطلب حزم وقوة وإصرار ومتابعة، لا تتوفر آلا في النظام الرئاسي .

ثالثا – النظام الرئاسي يضمن سيادة العراق :

قوة الدولة هو من قوة حكامها . هكذا يتم التعامل دوليا واقليميا، العراق المتعدد سياسيا، قد قلل من احترامه بين جيرانه وبين الدول البعيدة، بسبب تباين الآراء وتناقضها، وتفكك الموقف السياسي الخارجي . لكن في حال تم التحول الى النظام الرئاسي، فأن الأمر سيكون مختلفا، اي سوف يتوحد الموقف ويتوحد الطريق ، وستضطر دول العالم لاحترام السياسة العراقية الخارجية .

  • اذا كانت النقاط أعلاه، كافية لإقناع العراقيين بالتحول الى النظام الرئاسي، فما هي الآليات الكفيلة بتحقيق ذلك؟

من الممكن ان تكون الاليات الاتية هي المناسبة :

اولا – الفئة المؤمنة بالفكرة :

ايجاد فئة او مجموعة من الاشخاص يؤمنون بفكرة الانتقال الى النظام الرئاسي، أيمامنا راسخا لا يتزعزع .

ثانيا – جمع الانصار والمؤيدين:

ان تقوم هذه الفئة بالترويج للفكرة، وجمع اكبر عدد من المؤيدين لها .

ثالثا – الضغط الشعبي السلمي – الدستوري :

  • مطالبة الحكومة والبرلمان وبالطرق السلمية والدستورية، بتنظيم استفتاء عام يتضمن خيارين يطرحان على الشعب : هل تفضل النظام الرئاسي ام البرلماني  ؟

إذن، كون النظام السياسي العراقي برلمانيا، فهو ليس نهاية المطاف، الشعوب الحية تقوم بالإصلاح والتعديل بحسب حاجاتها .

 

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى