الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

التهديدات الجغرافية – السياسية يمكن أن ترفع أسعار النفط الى مرحلة الانفجار

-المركز الديمقراطي العربي

لا يزيد عرض مضيق باب المندب على 20 كيلومترا، مما يجعل مئات السفن هدفا سهلا. وتدفق نحو 4.8 مليون برميل يوميا من النفط الخام والمنتجات البترولية المكررة عبر هذا الممر المائي في 2016 صوب أوروبا والولايات المتحدة وآسيا وفقا لإدارة معلومات الطاقة الأمريكية.

تخوض السعودية وخضمها اللدود إيران حربا بالوكالة منذ ثلاث سنوات في اليمن الذي يقع على جانب مضيق باب المندب عند الطرف الجنوبي للبحر الأحمر، والذي يعد أحد أهم المسارات لناقلات الخام المتجهة من الشرق الأوسط إلى أوروبا.

وهدد الحوثيون من قبل بإغلاق المضيق، وقالوا يوم الخميس إن لديهم القدرات البحرية لضرب الموانئ السعودية وأهداف أخرى في البحر الأحمر. وهددت إيران بإغلاق مضيق هرمز، وهو ممر ملاحي استراتيجي آخر.

قالت السعودية إنها علقت مرور شحنات النفط عبر مضيق باب المندب الاستراتيجي بالبحر الأحمر بعد مهاجمة جماعة الحوثي اليمنية المدعومة من إيران لناقلتي نفط في المضيق فيما يبرز مخاطر تصاعد التوتر في المنطقة.

وقال وزير الطاقة السعودي خالد الفالح إن الحوثيين هاجموا ناقلتي نفط سعوديتين في البحر الأحمر يوم الأربعاء مما ألحق ضررا طفيفا بإحداهما. وقال ”المملكة ستعلق جميع شحنات النفط الخام التي تمر عبر مضيق باب المندب إلى أن تصبح الملاحة خلال مضيق باب المندب آمنة، وذلك بشكل فوري ومؤقت“.

وقالت مصادر في قطاعي النفط والشحن إن من المستبعد أن يؤثر التعليق على إمدادات النفط السعودية إلى آسيا لكنه قد يزيد تكاليف الشحن للسفن السعودية المتجهة إلى أوروبا والولايات المتحدة بسبب زيادة المسافات.

ولدى السعودية أيضا خط الأنابيب بترولاين البالغة سعته خمسة ملايين برميل يوميا ويمتد مساره إلى مدينة ينبع على البحر الأحمر مما سيحافظ على تدفق جيد للإمدادات إلى أوروبا وأمريكا الشمالية.

وذكرت وسائل إعلام رسمية سعودية بعد قليل من إعلان وزير الطاقة أن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان رأس اجتماعا لمجلس الشؤون السياسية والأمنية، لكنها لم تذكر الموضوعات التي جرت مناقشتها.

وانتقد قاسم سليماني قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني الدور الأمريكي في البحر الأحمر. ونقلت وسائل إعلام عن سليماني قوله ”البحر الأحمر، الذي كان آمنا، لم يعد آمنا مع وجود القوات الأمريكية في المنطقة… على “الرئيس الأمريكي دونالد ترامب” أن يعلم أننا أمة شهادة وأننا بانتظاره“.

وفي مقال نشرته “ذي هيل” يقول سايمون هندرسون هو زميل “بيكر” ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في معهد واشنطن حول ارتفاع  سعر برميل النفط ليصل إلى 200 دولار:

الرئيس الإيراني حسن روحاني حذّر الولايات المتحدة يوم الأحد من أن الصراع مع الجمهورية الإسلامية سيكون “أمُّ الحروب كلها“. بالإضافة إلى ذلك، فإن تعليقه بأنّ إيران “لطالما ضمنت الأمن” في مضيق هرمز – الممر المائي الضيق نسبياً الذي يربط الخليج العربي بالمحيط الهندي، والذي تمر عبره 40 في المائة من صادرات النفط العالمية – اعتُبر تأكيداً للتهديدات الإيرانية بإغلاق المضيق فعلاً وليس إنكاراً لها.

وقد دفعت كلمات روحاني الرئيس ترامب إلى تغريد تحذيره الخاص على موقع تويتر، بأحرف كبيرة.

ولم يكن من المستغرب أن ترتفع أسعار النفط في الأصل يوم الاثنين، ولكن أثناء كتابة هذه السطورعادت الأسعار وانخفضت إلى ما دون المستوى الذي أُغلقت عنده يوم الجمعة الماضي. فقد بقي مؤشر “خام غرب تكساس المتوسط “(West TexasIntermediate)” – الذي يُعتبر مؤشراً هاماً في سوق النفط – أقل من 70 دولاراً للبرميل الواحد.

ومع ذلك، أثار تحليل جديد مخاوف أخرى. فقد أصدر مراقب سوق النفط المتمرس فيليب ك. فيرليغر تقريراً من شركته “بي كي فيرليغر المحدودة” توقّع فيه وصول أسعار النفط إلى 200 دولار للبرميل الواحد، مع إمكانية ارتفاعها بشكل ساحق إلى 400 دولار للبرميل خلال الأشهر الاثني عشر إلى الثمانية عشر المقبلة.

واستند تركيز فيرليغر إلى نقص خفيّ في وقود الديزل، بدلاً من التهديدات الجغرافية-السياسية التي تم تبادلها بين روحاني وترامب. ومع ذلك، لا يمكن التغاضي عن تحليله بسهولة. يتعين على محطات التكرير في جميع أنحاء العالم إعادة تقييم وقودها لإنتاج ديزل منخفض الكبريت للوفاء بالأنظمة البيئية الجديدة، مما يؤدي إلى نقص يمكن أن يدفع الأسعار إلى الأعلى.

وفيما يلي بعض المبادئ التوجيهية التي توضح النقاط المهمة لأولئك الذين يجدون صعوبةً في فهم طريقة عمل أسواق النفط بحسب “سايمون هندرسون”:

السياسة الجغرافية:

هو مصطلح منمّق للحروب والأزمات. فإذا [اندلعت] الحرب في الشرق الأوسط، قد يكون الوضع سيئاً بالنسبة إلى أسواق النفط، على الرغم من أن المذابح التي اجتاحت سوريا واليمن في السنوات الأخيرة كانت بالنسبة للسوق مجرد ضجيج في الخلفية. ومن المحتمل أن يتمكن السوق من تحمّل انخفاض صادرات النفط الإيرانية أو حتى انعدامها – ولكن إذا تم تخفيض الصادرات السعودية، فسيكون التأثير سيئاً.

وفي رأيي، إن كل هذا الكلام عن مضيق هرمز هو مجرد أداة لتشتيت الانتباه: فخطوط الشحن الواردة والصادرة تمر فعلياً في المياه الإقليمية العُمانية. وإذا هددت إيران الناقلات بضربة عسكرية (الخيارات الواضحة هي استعمال الألغام العائمة أو القوارب السريعة)، فسيردّ الأسطول الخامس الأمريكي، بدعمٍ من حلفاء الولايات المتحدة، على الفور وبقوة. وأظن أن إيران قد تفضّل التكتيكات التي لا تتجلى فيها لمستها بوضوح – مثل تخريب منشآت النفط السعودية أو البحرينية، أو تشجيع المسلمين الشيعة في هاتين الدولتين على التمرد.

أوبك و”أوبك بلس” (تقييد الإنتاج = OPEC-Plus): تحبّ الدول المصدّرة للنفط الأسعار المرتفعة التي توفّر لها المزيد من المال لإنفاقها داخل بلدانها (أو في جنوب فرنسا وأماكن مماثلة). ولربما ظنّنا قبل عامين أننا قد ودّعنا الكارتل الذي ترأسه السعودية، لكنّ الرياض تعاونت مع موسكو (وبالتالي “أوبك بلاس”) لتقييد الإنتاج ولاستنزاف المخزونات الكبيرة بوجه خاص. والنتيجة هي الأسعار الحالية. وحتى الآن، لا يزال الحديث الأخير عن زيادة الإنتاج لمنع ارتفاع الأسعار بشكل حاد مجرد كلام.

الاقتصاديات:

النمو أمر جيد عموماً ولكنه يزيد أيضاً الطلب على الطاقة، مما يؤدي إلى ارتفاع الأسعار. وفي الوقت الحالي، يشهد الاقتصاد العالمي نمواً جيداً ومن هنا جاء ارتفاع أسعار النفط خلال الأشهر الأخيرة. بيد، إن الاحتمالات المتزايدة لحدوث حرب جمركية [تعريفية] بين الولايات المتحدة والصين تثير حالة كبيرة من عدم اليقين تضرّ بالنمو الاقتصادي.

العوامل التقنية: 

وهي العبارة التي يستخدمها خبراء المجال لوصف الضوابط المفروضة على معامل التكرير وخطوط الأنابيب. فبرميل النفط الخام [بحالته الأصلية] غير صالح للاستخدام، إذ إنه بحاجة إلى عملية “تقطير تجزيئي” في معمل تكرير من أجل إنتاج الديزل والبنزين وزيت الوقود الثقيل ومجموعة من المنتجات التي لا ترتبط بقطاع النقل، بل يُستخدم بعضها في المستحضرات الطبية. ويختلف الطلب باختلاف المنتج، ولا يمكن تعديل عمليات التجزيء المختلفة بشكل كبير.

ومن أبرز المخاوف الأمريكية هو توفر خطوط الأنابيب، إذ يتعذر إرسال بعض الزيت الحجري الجديد إلى معامل التكرير بسبب عدم وجود خطوط أنابيب كافية. ويبدو أن أحداً لا يرغب في مرور خط أنابيب جديد بالقرب من فنائه الخلفي.

لذا، فإنّ أيّ هدوء عملي في أسواق النفط معرّضٌ لجملة تهديدات محتملة – وهي علاوة على ذلك منتشرة على الصعيد العالمي وليست محصورة بالمستوى الإقليمي. (وتعكس الاختلافات الطفيفة في الأسعار بين الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا نوعيات متباينة من النفط الخام ومسافات مختلفة من الأسواق الرئيسية).

ويختم الباحث المقال – صحيحٌ أن الأسواق متطورة بما يكفي لاستيعاب بعض الأخبار السيئة والتغريدات الرئاسية، ولكنها مثل غالبيتنا لا تحبّ المجهول. أما الخطابات السياسية الراهنة فلا تساعد في تحسين الوضع. ويبدو الأمر كما لو أن حبكة تلك الرواية التافهة التي أردنا قراءتها أصبحت حقيقةً على أرض الواقع.

وتقدر صادرات النفط السعودية عبر باب المندب بحوالي 500 ألف إلى 700 ألف برميل يوميا وذلك وفق بيانات لمحللين ورويترز. ومعظم صادرات الخام الخليجية التي تمر عبر قناة السويس وخط أنابيب سوميد تعبر المضيق.

وتقود السعودية تحالفا تدخل في الحرب اليمنية في 2015 بهدف إعادة الحكومة المعترف بها دوليا إلى السلطة وكبح ما تصفها الرياض بطموحات طهران التوسعية في المنطقة.

وبدأ التحالف المدعوم من الغرب هجوما في 12 يونيو حزيران لانتزاع الحديدة من الحوثيين بهدف قطع خط الإمداد الرئيسي للحركة التي تسيطر على معظم المناطق المأهولة بالسكان في اليمن ومنها صنعاء.

لكن التحالف لم يحقق مكاسب كبيرة وأوقف في الأول من يوليو تموز العمليات لإعطاء الأمم المتحدة فرصة لحل الوضع في الحديدة. وقتل الصراع اليمني أكثر من عشرة آلاف شخص.أيدت السعودية والإمارات بقوة قرار ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي مع إيران. وتتهم الدولتان طهران بتزويد الحوثيين بالسلاح بما في ذلك الصواريخ وهو ما تنفيه الجماعة وإيران.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى