اليمن .. هل تضع الحرب أوزارها وكيف ؟
بقلم : إبراهيم النجار – المركز الديمقراطي العربي
“لقد عاني شعب اليمن بما يكفي، لقد حان الوقت”، تصريح للمبعوث الدولي الخاص باليمن، مارتن جريفيث، يدل بشكل قاطع علي ما آلت إليه الأوضاع في اليمن. الأمر الذي جعله يحمل حقائبه متجولا بين صنعاء والرياض ومسقط، ومعه خطته لإطلاق محادثات سلام بين أطراف الصراع اليمني بالسويد، خلال الأسبوع الأول من الشهر المقبل. مصادر تقول إنه أنهى مشاورات شاقة في صنعاء، خلال سلسلة لقاءات مع الحوثيين، ومسئولين آخرين على مدى الأيام الثلاثة الماضية، على أن يتوجه إلى الرياض ومسقط، قبل عودته للعاصمة اليمنية لاستكمال إجراءات بناء الثقة وترتيبات نقل المفاوضين والجرحى الحوثيين. وعلى وقع معارك محتدمة على الشريط الحدودي مع السعودية، وجبهات القتال الأخرى في تعز والضالع ومحيط صنعاء، يسابق المبعوث الدولي، عقارب الزمن للحفاظ على هدنته “الهشة”، في مدينة الحديدة الإستراتيجية، مدفوعا بمشروع قرار بريطاني لوقف فوري لإطلاق النار هناك، وإزالة العوائق أمام تدفق المساعدات الإنسانية إلى كامل البلاد.
- فهل ينجح جريفيث، في إطلاق محادثات السلام بعد تعثرها في جنيف مطلع سبتمبر الماضي؟
- ما هي شروط وحسابات أطراف الصراع هذه المرة؟
- هل آن للحرب فعلا أن تنتهي بعد أن تحول البلد إلى أسوأ كارثة إنسانية في العالم؟.
أكثر من 5 ملايين طفل من أحفاد الحضارة اليمنية، التي يعود تاريخها إلي ما قبل القرن الثاني عشر الميلادي، هم علي شفير الموت مرضا أو جوعا، كل عشر دقائق يموت طفل يمني بسبب الحرب والفقر والجوع والمرض.
مليون سيدة من حفيدات مملكة سبأ والملكة بلقيس، معرضات للموت أو المرض، بسبب سوء التغذية الحاد. عشرات الآلاف من الشباب والكهول والنساء والرجال والأطفال من العرب الأقحاح ومن مسلمي اليمن، يموتون في حرب مجانية دموية وصفتها الأمم المتحدة بأنها أم الكوارث وأسوء كوارث القرن.
كل هذا لم ينكأ الضمير العالمي، وإذ فجأة صحي هذا الضمير النائم، وقرر أنه لابد من وضع نهاية لحرب اليمن. وبقدرة قادر تقاطرت التصريحات من الأمم المتحدة من أمريكا بريطانيا روسيا، ودول عديدة، تقول بضرورة إيجاد تسوية سياسية. فسلك المبعوث الدولي الطريق صوب اليمن والسعودية ودولا أخري، للاتفاق علي حل فشل سابقوه في تحقيقه.
- فهل حان فعلا وقت إنهاء الحرب في اليمن، ولماذا الآن؟
- ماذا عن السعودية وإيران، من فشل ومن ربح هذه الحرب؟
- هل جاء الحل السياسي بعد فشل أهداف الحرب، أم لأسباب أخري؟
- وآلام سيفضي هذا الحل؟
- هل لتسريع خطي الحل علاقة بالضغوط الدولية التي تعرضت لها السعودية بعد مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده في تركيا؟
ليس المهم الأسباب، الأهم أن تنتهي هذه الحرب، التي قتلت البشر ودمرت الحجر والحضارة واستنزفت كثيرا من مالنا العربي. ويري مراقبون للساحة الدولية، أن ثمة تفاؤلا حذرا يسود المشهد، مع إعلان جولة المحادثات الجديدة في ديسمبر المقبل بالسويد، ويعزو مراقبون، هذا التفاؤل إلى وجود متغيرات ميدانية على صعيد المواجهات العسكرية، إلى جانب مستجدات سياسية ضاغطة ستدفع أطراف الصراع إلى تقديم تنازلات للخروج بالأزمة من عنق الزجاجة.
فمن الجانب الحوثي، أعلنت الجماعة عن مبادرة لإيقاف هجماتها الصاروخية على السعودية والإمارات، واستعدادها لوقف المعارك داخل اليمن، وقالت إن ذلك يأتي استجابة لجهود المبعوث الدولي. كما أعلنت حكومة عبد ربه منصور هادي، المعترف بها دوليا، مشاركتها في المشاورات، داعية المجتمع الدولي والأمم المتحدة للضغط على الحوثيين من أجل التوصل إلى سلام. العامل الميداني الأهم في هذه المعادلة، هو المتعلق بالتحالف السعودي الإماراتي، حيث غيرت السعودية، التي تقود التحالف، موقفها تجاه الحوثيين، وأعلنت دعم المفاوضات المزمعة، وحسب مراقبين، فإن حربها في اليمن، وصلت بها إلى نقطة لم تعد قادرة معها على المضي قدما، بسب الخسائر المادية والبشرية، وهو ما يدفعها لمحاولة الانسحاب من المستنقع الذي دخلت فيه.
جملة هذه المستجدات تدفع للتكهن، بأن جولة المحادثات الجديدة ستكون ذات أثر في جلب السلام إلى اليمن، الذي لم يعد سعيدا منذ دخوله دوامة الحرب.