الدراسات البحثيةالمتخصصة

الإرهاب الدولي وصناعة ثقافة الخوف – المجتمع العربي أنموذجا

إعداد : م. كرار علي مكطوف – جامعة واسط- كلية القانون

  • المركز الديمقراطي العربي

 

ملخص البحث:

احتل الإرهاب بمختلف إشكاله وصوره جزءا من حياتنا وهاجسنا حاضرا له حساباته سواء في طريقة تفكيرنا وفي عملنا او في حاضرنا ومستقبلنا لذا أصبحت الضرورة القائمة على الرغم من كل المحاولات الأدبية للباحثين والمتخصصين والأكاديميين في دراسة هذه الظاهرة والتركيز على إيجاد السبل الناجعة لعلاجها عن طريق الإسهام في بث ثقافة ورفع مستوى الوعي المجتمعي والبحث العلمي المتواصل للوقوف على أسباب افة العصر وانعكاساتها المباشرة على جميع مفاصل الحياة إفراد المجتمعات فهذه الظاهرة استأثرت باهتمام متزايد وأصبحت ظاهرة عالمية خلال العقد الأخير من القرن المنصرم وبداية القرن الحالي لأثارها السلبية التي ترتبها في حياة المجتمعات الإنسانية فشيوع هذه الظاهرة ارتبط بتسارع الإحداث الجارية على الساحة السياسية الدولية , وعليه فقد أصبح الإرهاب خطراً حقيقياً يواجه الوجود البشري وحضارته وإنجازاته خاصة، وأن الأنشطة الإرهابية أصبحت تمارس وعلى نطاق واسع عبر الزمان وعبر المكان في الماضي والحاضر والمستقبل.

المقدمة:

تعد ظاهرة الإرهاب من مظاهر العنف الذي تفشى في المجتمعات العربية , يعود تاريخ العمل الإرهابي إلى ثقافة الإنسان بحب السيطرة وزجر الناس وتخويفهم بغية الحصول على مبتغاة بشكل يتعارض مع المفاهيم الاجتماعية الثابتة، ان المجتمعات الإنسانية على مر العصور خبرت أشكالا كثيرة من الخوف فضلا عن تسارع وتيرة انتشاره وتنوع مصادره وتعدد اسبابه وتباين دوافعه وخصوصا في المجتمعات العربية لذا أصبحت ثقافة الخوف سمة من سمات هذه المجتمعات الى الحد الذي يمكننا ان نصف عصرنا الراهن بعصر الخوف لشعور الفرد بالخوف المزمن سواء على المستوى النفسي او الاجتماعي او المكاني فثمة أزمات كثيرة وتحديات كبيرة تعصف بالأمة الإسلامية برمتها وتهدد ماتبقى من أمنها وتماسكها وتشوه صورتها وتعرض حاضرها ومستقبلها للإخطار.

مشكلة البحث:

وقد أصبح الإرهاب أكبر التحديات وأخطرها والتي تواجه الحكومات الساعية إلى الاستقرار الوطني والإقليمي والدولي على حدٍ سواء، فهو عقبة رئيسة أمام تنمية وتطور الشعوب، لذا فقد أدركت الدول والمنظمات الدولية مدى ما يشكله الإرهاب من خطر واضح منذ ثلاثينيات القرن الماضي، وقد كرست كافة الدول والمنظمات الدولية الجهد الكبير من أجل التعاون فيما بينها من أجل محاربة ومكافحة الإرهاب, الأمر الذي يدعو إلى ضرورة البحث فيما يقف وراء هذه الظاهرة، والآثار والتداعيات التي تترتب علي ظاهرة الإرهاب بأشكاله وصوره المختلفة.

أهمية البحث:

تعود أهمية البحث الحالي إلى موضوع البحث (الارهاب الدولي وصناعة ثقافة الخوف) تُعد ظاهرة الإرهاب واحدة من أهم القضايا الإقليمية التي تواجه الشعب والتي تتطلب تضافر الجهود المجتمعية للتصدي لها، إلى جانب ضرورة دراسة وتحليل هذه الظاهرة للوقوف على أسبابها، وتداعياتها وسبل مكافحتها.

منهجية البحث:

اعتمدت في البحث على المنهج الوصفي والذي يقوم على دراسة الواقع قد تفيد  القائمين على التعامل مع ظاهرة الإرهاب، الأمر الذي يؤدي إلى محاصرة ظاهرة الإرهاب بكل أشكالها وصورها، ووضعها تحت السيطرة ومن ثمّ الحد من تداعياتها وأثارها المختلفة.

المبحث الأول: مفهوم الإرهاب الدولي

ان مفهوم الإرهاب هو استخدام العنف والقوة في إطار منظم، وغير مشروع، يرتكبه فرد أو دولة ضد أشخاص، هيئات، أو مؤسسات، أو ممتلكات تابعة لها بهدف التأثير على السلطة أو المدنيين، وذلك من خلال نشر الرعب والخوف، من أجل تحقيق أهداف معينة، سواء أكانت سياسية أم اقتصادية، أم اجتماعية، وأن يكون هذا الاستخدام للقوة والعنف لغير الدفاع عن النفس، أو الدين أو مقاومة العدوان والتحرر من الاحتلال, وهناك تفسيرات مختلفة لمفهوم الإرهاب ، وخاصة بعد الهجمات الإرهابية على الولايات المتحدة ،فمعظم الدول أشارت بأصابع الاتهام إلى المسلمين في أنحاء العالم ، والإسلام بصفة عامة ، وفهناك تناقض تام مع المعتقد الحقيقي لهذا الدين ، فالإسلام في جوهره يُدين الإرهاب ، معتبرا انها جريمة ، كما جاء في القرآن الكريم ، والدين الإسلامي ينص على شروط جزائية بموجب القانون لمثل هذه الجرائم الإرهابية ، مهما كانت الأهداف والوسائل

  • المطلب الاول – دوافع الإرهاب الدولي

ان المتغيرات الدولية والتحديات الجديدة التي يشكلها النظام الدولي الجديد مع العالم الخارجي والمتمثلة بزوال القطب السوفيتي وتربع الولايات المتحدة على قمة الهرم السياسي الدولي قد أضافت بعدا جديدا في تنامي ظاهرة الإرهاب عالميا ومن جهة أخرى أدت أحداث 11 أيلول 2001 إلى ميلاد حقبة سياسية دولية جديدة سمتها الرئيسية الجنوح المتزايد نحو الاستخدام اللامحدود للوسائل العسكرية والضغوط السياسية في مواجهة القوى المعارضة للولايات المتحدة، وهو ما شجع على دعم وتعزيز ظاهرة الإرهاب العالمي وتنطوي هذه الظاهرة أي فعل خطير من أفعال العنف أو التهديد بارتكابه من قبل شخص ما سواء ارتكب هذا الفعل بمفرده أو بالاشتراك مع أشخاص آخرين إذا كان موجها ضد أشخاص محميين دوليا أو ضد منظمات أو أماكن أو أنظمة نقل أو اتصالات محمية دوليا أو ضد أشخاص عاديين بقصد تخويف هؤلاء ومتسببا بوفاتهم أو إلحاق أضرار بهم أو شل أنشطة هذه المنظمات الدولية.

  • المطلب الثاني – أساليب الإرهاب الدولي

أولا / التفجيرات:

ويستند هذا الأسلوب على إيقاع أكبر الخسائر في الهدف المنتحب، وذلك باستخدام أنواع متعددة من القنابل التفجيرية. ويُعد هذا الأسلوب من أكثر الأساليب شويعاً في العالم، حيث احتل المرتبة الأولى في أساليب الإرهاب 46%، والهجوم في المرتبة الثانية 22% ، واختطاف الطائرات 12%، والاغتيالات  9.5%، واختطاف الأفراد 6% وأخرى 4.5%.

ثانيا / الاختطاف:

يعتبر الخطف من الطرق الإرهابية التقليدية لتوفير أموال لدعم التنظيمات وقد أصبحت هذه الوسائل إستراتيجية إرهابية مفضلة لجأت إليها معظم المنظمات منذ بداية موجة الإرهاب العالمية باندلاع حركة الشباب في فرنسا، والخطف قد يقع على وسائل النقل أو على الأشخاص كالتالي:

خطف وسائل النقل : يمارس الإرهاب الدولي هذا التاكتيك على وسائل النقل الجوي والبحري بصفة خاصة حيث يقوم الإرهابيون باختطاف الطائرات والسفن. وقد اعتبر خطف الطائرات في العقود الأخيرة من القرن 19 والأولى من القرن 20 بديلا أكثر حدة وتأثيرا من خطف السفن البحيرة وتغيير مسارها في ما عرف بالقرصنة البحرية بعد تزايد أهمية النقل الجوي حتى أطلق على عمليات الاختطاف الجوي ” القرصنة الجوية” وان كان هذا لا يمنع من ظهور بعض صور

الاعتداءات على السفن واختطافها مثل حادثة السفينة ” اكلي لاورو”وأسلوب اختطاف الطائرات تكتيك إرهابي تمارسه الجماعات الإرهابية أو الأفراد بقصد إحداث أكبر قدر من التأثير والدعاية لقضيتها الأمر الذي يلزم معه توافر شروط معينة في الدول التي يحدث فيها مثل هذه العمليات مما جعل بعض الدول لا تعرف هذه الجريمة إلا من خلال وسائل الإعلام

ثالثا/ عمليات الاغتيال السياسي:

كانت عمليات الاغتيال السياسي الناجحة كثيرة فإن المحاولات الفاشلة لا تقع تحت حصر واغتيال الحكام يعد أشد صور العنف السياسي جسامة ليس فقط بالنظر إلى مكانة الضحية، ولكن لخطورة الظاهرة الإجرامية على حياة الذين يقدمون عليها ، ولقد كان للاغتيالات السياسية لأسباب دينية سبق الوجود في المجتمع الإنساني فقد ظهرت في أوروبا اغتيالات دينية جماعية يقدم عليها الحكام تجاه المحكومين وكان يشار إليها على أنها نوع من المجد في حق فاعليها ، بل إن القاتل السياسي أطلق عليه لقب النبيل أبان القرن 16،17 و 18 .وللاغتيالات بصفة عامة أسباب عديدة ومتنوعة تختلف تبعا للدوافع كما تختلف من حادث لآخر وهي عمليات ليست مقصورة على جنس أو شعب دون آخر ففي عام 1982 حدثت 46 عملية اغتيال في أماكن متفرقة من العالم شملت الأمريكيين وأوروبا الشرقية والغربية والشرق الأوسط وآسيا وتعتبر أوروبا الغربية من أكثر مناطق العالم في عدد حوادث العنف والاغتيال كما تعتبر ظاهرة الاغتيال من إحدى السمات الظاهرة في الولايات المتحدة الأمريكية كما شهدت مصر موجة من الاغتيالات السياسية

  • المبحث الثاني – موقف الاتفاقيات الدولية من الإرهاب

لقد كان هناك عدة اتفاقيات من أجل منع ومعاقبة الإرهاب الدولي بكافة أشكاله ولكن رغم ذلك يجمع هذه الاتفاقيات تناولها بالتحديد مجموعة الأفعال المكونة للإرهاب والتي تشكل جرائم معاقب عليها طبقاً لنصوصها، كما توضح تلك الاتفاقيات طبيعة وملامح جريمة الإرهاب من وجهة نظر القانون الدولي,

المطلب الأول: اتفاقية جنيف لمنع ومعاقبة الإرهاب عام 1937

عقدت هذه الاتفاقية في ظل عصبة الأمم وتتكون من ديباجة و 22 مادة، وقد حثت هذه الاتفاقية الأطراف المتعاقدة على اتخاذ تدابير لمنع الإرهاب وهذا ما تعهدت به الدول الأطراف في المادة الأولى، بينما بينت المادة الثانية العمال التي تكون جريمة إرهابية, وطبقاً لهذه الاتفاقية يشترط في العمل الإرهابي أن يكون من النوع الذي يدخل ضمن الأفعال الإجرامية الواردة في الاتفاقية والتشريعات العقابية الوطنية، وأن يوجه الفعل بطريقة مباشرة أو غير مباشرة إلى دولة، فالأفعال الموجهة ضد الأفراد لا تدخل في نطاق تطبيق الاتفاقية وأن يكون الهدف من ارتكابه هو إحداث حالة من الفزع والرعب وأن تتولد هذه الحالة لدى شخصيات معينة أو مجموعات معينة من الأشخاص أو لدى الجمهور وأن يدخل الفعل الإرهابي في عداد الأفعال الواردة في المادة الثانية من الاتفاقية، وأن يكتسب الفعل طابعاً دولياً, وتتميز اتفاقية جنيف بأنها تتناول بالتحديد مجموعة الأفعال المكونة للإرهاب والتي تشكل جرائم معاقب عليها، طبقاً لنصوصها كما توضح الاتفاقية طبيعة وملامح جريمة الإرهاب من وجهة نظر القانون الدولي، مع تحديد محل هذه الجريمة, وعلى الرغم من عدم دخول هذه الاتفاقية حيز التنفيذ بسبب عدم تصديق الدول الموقعة عليها فهي تعد أول محاولة جادة لمعالجة ظاهرة الإرهاب على المستوى الدولي ويؤخذ على هذه الاتفاقية اقتصارها على شكل وحيد من الإرهاب وهو الإرهاب الثوري والاعتداءات الموجهة ضد حائزي السلطان الدولة ولكنها رغم ذلك تعبر عن إيمان الدول.

المطلب الثاني : الاتفاقية الأوربية لقمع الإرهاب لعام 1977

عقدت هذه الاتفاقية في مدينة ستراسبورغ في إطار دول مجلس أوربا تتكون من ديباجة و16 مادة، وتنص الديباجة على أن الهدف من هذه الاتفاقية هو اتخاذ التدابير الفعالة لتأكيد عدم إفلات مرتكبي الأعمال الإرهابية من الإدانة وتأمين معاقبتهم, ولقد حددت المادة الأولى من الاتفاقية الأفعال المكونة لجريمة الإرهاب الدولة والتي ينبغي عدم اعتبارها جرائم سياسية حتى يمكن تسليم مرتكبيها إلى الدول التي وقعت الجريمة على إقليمها,

-1 العمومية والتجريد الذي انتهجته الاتفاقية عند تحديدها للأفعال المجرمة طبقاً لنصوصها مما يفتح الباب على مصراعيه لتعدد التفسيرات عند وضع هذا النص موضع التنفيذ.
-2 غموض معيار ارتكاب عمل من أعمال العنف الخطيرة، الذي تبنته الاتفاقية وهو ما يفتح باب التقدير التعسفي من جانب الدولة في تحديد ما يعد إرهاباً وما ليس كذلك.
ولكن رغم هذه الانتقادات فإن اتفاقية تعد إحدى المحاولات الهامة نحو قمع الأعمال الإرهابية في

منطقة جغرافية محددة من القارة الأوربية، ويمكن القول أن الدافع وراء إبرام هذه الاتفاقية هو تعرض القارة الأوربية للعديد من الأعمال الإرهابية ومن جهة أخرى ساعد التجانس القائم بين الدول الأعضاء في مجلس أوربا، وتقارب نظمها السياسية والقانونية والاجتماعية على تحقيق هذا القدر من التعاون الذي بلورته نصوص الاتفاقية,

ثانياً- المواثيق الخاصة بمنع ومعاقبة أعمال الإرهاب الموجهة ضد الأفراد والأشخاص المتمتعين بحماية دولية:
لم تقف ظاهرة الإرهاب الدولي عند حدود الأعمال الموجهة ضد الدولية، بل امتد ليشمل خطف الأبرياء واحتجازهم كرهائن طلباً لفدية أو للضغط على الحكومات تحقيقاً لمطلب سياسي كما تفشت ظاهرة خطف الممثلين الدبلوماسيين والاعتداء عليهم. وقد شهدت الأعوام الأخيرة جهداً دولياً واضحاً بهدف مكافحة هذه الجرائم وتشديد العقاب على مرتكبيها وتم التوقيع على ثلاث اتفاقيات دولية بهذا الشأن.
1- اتفاقية منع ومعاقبة الإرهاب التي تأخذ شكل الجرائم ضد الأشخاص، وأعمال الابتزاز المرتبطة بها ذات الأهمية الدولية، الموقعة في واشنطن عام 1971:
عقدت هذه الاتفاقية نظراً لتزايد الأعمال الإرهابية في قارة أمريكا اللاتينية وازدياد خطف الدبلوماسيين والاعتداء عليهم، وتتكون الاتفاقية من ديباجة وثلاث عشرة مادة، وتهدف إلى حماية الأشخاص المتمتعين بحماية خاصة طبقاً لقواعد القانون الدولي وعلى وجه الخصوص أعضاء البعثات الدبلوماسي
المادة الأولى: تقضي بتعاون الدول الأطراف باتخاذ الإجراءات لقمع هذا النوع من الجرائم
المادة الثالثة: تقضي بجواز تسليم الأشخاص المهتمين بارتكاب أي من الجرائم التي نصت عليها

الاتفاقية وذلك طبقاً لمعاهدات التسليم السارية بين الأطراف المتعاقدة أو طبقاً لتشريعاتها الداخلية.

المطلب الثالث : الاتفاقيات العربية لمكافحة الإرهاب

و في سياق الجهود الإقليمية لمكافحة الإرهاب إتخذت  الدول العربية بدورها  العديد  من الخطوات الإيجابية  للحد من تنامي  مخاطر  الأعمال الإرهابية و سبل  مكافحتها  . و قد  تبلورت  أولى الجهود العربية الهادفة إلى مكافحة الإرهاب  في الإستراتيجية الأمنية  العربية  المعتمدة من قبل وزراء  الداخلية العرب سنة 1983 ،  التي نصت  على ضرورة  الحفاظ على أمن  الوطن العربي  و حمايته  من  الأعمال الإرهابية  سواء الموجهة من الداخل أو الخارج, و تواصلت الجهود  و المشاورات للوصول إلى إتفاقية عربية لمكافحة الإرهاب إلإ أنها تعثرت  خلال فترة التسعينيات  بسبب ما يعرف بحرب الخليج . و بعد العديد من المشاورات وقع وزراء  الداخلية  العرب إتفاقية موحدة  لمكافحة الإرهاب  تحت مسمى الإستراتيجية العربية لمكافحة الإرهاب،  و تشير ديباجة  الإتفاقية إلى أن الدول العربية الموقعة  قد أبرمتها إلتزاما  منها بالمبادئ  الأخلاقية  و الدينية السامية ، و لا سيما أحكام الشريعة الإسلامية ،  و كذا بالتراث  الإنساني للأمة العربية التي تنبذ  كل  أشكال العنف  و الإرهاب ، و تدعو إلى

حماية  حقوق  الإنسان . و هي  الأحكام  التي تتماشى  معها مبادئ القانون الدولي  و أسسه و التي قامت  على تعاون الشعوب  من أجل  إقامة السلام ، و إلتزاما بميثاق جامعة  الدول  العربية و ميثاق  الأمم المتحدة  و جميع العهود و المواثيق  الدولية  الأخرى التي تكون الدول المتعاقدة  في هذه الاتفاقية  طرفا فيها، و تأكيدا  على حق  الشعوب  في الكفاح ضد  الإحتلال الأجنبي  و العدوان بمختلف الوسائل ، بما  في ذلك  الكفاح المسلح من أجل  تحرير أراضيها, و تعرف الاتفاقية في مادتها  الأولى  الفقرة الثانية  الإرهاب بأنه ”  كل فعل من أفعال العنف  أو التهديد  به  أيا كانت بواعثه أو أغراضه ، يقع تنفيذا  لمشروع إجرامي فردي أو جماعي ، يهدف  إلى إلقاء  الرعب بين الناس  أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض  حياتهم أ حرياتهم أ  أمنهم  للخطر ،   أو إلحاق  الضرر  بالبيئة أو بأحد المرافق  أو الأملاك العامة أو الخاصة ، أو احتلالها أو الإستلاء  عليها ، أو  تعريض  أحد  الموارد  الوطنية للخطر.

  • المبحث الثالث:

تولي جامعة الدول العربية مكافحة الإرهاب، الذي يهدّد أمن الدول العربية واستقرارها، ويشكّل خطرًا على مصالحها الحيوية، إهتماماَ متزايدًا، سواء على المستوى العربي أو الدولي

المطلب الأول : ظاهرة الإرهاب في الدول العربية

لقد أدت وسائل القمع والإكراه والاستبداد والتسلط والظلم والاستئثار بالسلطة والثروات في العالم العربي طوال عقود طويلة إلى قيام حراك شعبي سلمي في نهاية العام 2010، نواته الرئيسة التيارات العلمانيَة الليبرالية، في معظم الدول العربية (تونس، مصر، البحرين، اليمن، سوريا، الأردن، الجزائر، المغرب، السعودية) مطالبًا بالإصلاح السياسي والاجتماعي. ثم تطوّر هذا الحراك إلى ثورات عسكرية مسلّحة لإسقاط بعض الأنظمة في ليبيا، واليمن وسوريا. وبات واضحًا، بعد نجاح الثورة في بعض البلدان العربية (تونس، مصر، وليبيا) فالتيارات الإسلامية هي التي حصدت نتائجها باستحقاق، مستفيدة من إمكاناتها المالية واللوجستية وتأثيرها على الناس. وقد فشلت هذه التيارات الإسلامية في إدارة شؤون البلاد سياسيًا واقتصاديا واجتماعيا ما أدّى إلى قيام ثورة على الثورة كما حصل في مصر وتونس، وفي المقابل تشهد ليبيا اليوم حالة من الفوضى وعدم الاستقرار والمزيد من الأعمال الإجرامية من قبل المجموعات الإسلامية المتطرَفة والمتشدّدة. أصبح الإرهاب صفة لصيقة بكل ماهو عربي ومسلم وحتى منظمات المجتمع المدني في العالم العربي والإسلامي وخاصة المنظمات الخيرية، ومنظمات المساعدة الإنسانية، تعرضت ومازالت تتعرض(لإرهاب الإرهاب) فصودرت وحجزت أرصدة العديد من المنظمات الإنسانية والخيرية، وصنفت باعتبارها منظمات إرهابية أو منظمات تدعم الإرهاب، وجففت مصادر تمويلها، وروع أهل الخير والعطاء بحجة أنهم يدعمون الإرهاب، من خلال او عن طريق دعمهم للإعمال الإنسانية والخيرية لهذه المنظمات.

المطلب الثاني : الإستراتجية العربية لمكافحة الإرهاب

تضمن مشروع الاستراتيجية العربية لمكافحة الارهاب عددا من المنطلقات والاهداف والمقومات والاليات التي تحدد الاسس التي تقوم عليها سياسة مكافحة الارهاب والسبل الكفيلة بتحقيق اقصى قدر من التعاون على الصعيد العربي والدولي لتطويق هذه الظاهرة والحد من الاخطار التي تشكـــلها على الدول المختلفة. وقد خرجت الاستراتيجية بمفهومها الحديث والشامل عن الارهاب ، واعتبرت ان الاعمال الارهابية هي اعمال عنف منظم يسبب رعبا وفزعا ، على ان يكون واضحا – كما اشارت – انه بعيد كل البعد عن الكفاح المسلح والذي هو حق للشعوب الخاضعة للاحتلال الاجنبي من اجل تحرير اراضيها المحتلة والحصول على حقها في تقرير مصيرها واستقلالها وفقا لميثاق وقرارات الامم المتحدة ، وقد حددت الاستراتيجية فيما يتعلق بالسياسة الوطنية لكل دولة عدة اجراءات وتدابير للوقاية من الارهاب يبرز في مقدمتها زيادة دعم الدولة للأسرة بما يكفل التربية السليمة للنشء والشباب ، وتكثيف استخدام وسائل الاعلام المختلفة لتنمية الوعي الوطني والقومي ، وان الدول ملتزمة باتخاذ تدابير فعالة وحازمة لمكافحة الارهاب بمختلف صوره واشكاله ، وذلك من خلال الحيلولة دون اتخاذ اراضيها مسرحا لتخطيط وتنظيم او تنفيذ اعمال ارهابية ، كما اكدت الاستراتيجية على ضرورة قيام الدول العربية بتشديد اجراءات المراقبة لمنع تسلل عناصر الارهاب والتخريب او تهريب الذخيرة والمتفجرات ، وتطالب الدول الاعضاء بضرورة تحديث قوانينها وتشريعاتها الجنائية لتشديد , العقوبات على مرتكبي الاعمال الارهابية ، وتجميد ومصادرة كافة الاموال الموجهة الى هذه الاعمال كما تطرقت الاستراتيجية الى موضوع تحديث وتطوير اجهزة الامن من خلال دعمها بالمؤهلين وتوفير ما تحتاجه من معدات وتقنيات حديثة ، وكذلك وضع خطط وقائية لمنع أي عمل ارهابي ، كما لم تغفل الاستراتيجية جانب البحث العلمي الذي يتناول دراسة وتحليل ما يقع من اعمال ارهابية ومتابعة التطور المحلي والعالمي للظاهرة ، ويتحقق ذلك من خلال تحديد واجبات الاجهزة المعنية بمكافحة الارهاب بشكل دقيق واقامة تعاون فعال بين تلك الاجهزة وفيما بينها وبين المواطنين . وعلى صعيد التعاون العربي فقد تضمنت الاستراتيجية عدة بنود اهمها تعزيز التعاون بين الدول الاعضاء لمنع ومكافحة الارهاب وتقديم المساعدة المتبادلة في مجال اجراءات البحث الجنائي والتحري والقبض على الاشخاص الخارجين والمتهمين او المحكوم عليهم في جرائم الارهاب ، كما اكدت الاستراتيجية على اهمية تبادل الخبرات والخبراء والتقنيات الحديثة والمعلومات في مجال التعامل الامني مع الجماعات الارهابية ومواجهتها وتختص الامانة العامة لمجلس وزراء الداخلية العرب بمتابعة مستجدات ظاهرة الارهاب وسبل مكافحتها والتنسيق بين الدول العربية بهذا الشأن.

الخاتمة:

إن القضاء على ظاهرة الإرهاب بمختلف أشكالها وصورها وأساليبها المتنوعة، أمر مربوط في المقام الأول بالوقوف على الأسباب والدوافع الكامنة ورائه، إلى جانب تحديد أهم وأبرز الآثار المترتبة على ظاهرة الإرهاب، الأمر الذي يُعد دافعاً كبيراً لدفع الدول والمنظمات الدولية والإقليمية إلى العمل بكل ما أوتيت من قدرات وإمكانات لمحاربة هذا المرض اللعين,وان التعاون العربي لمكافحة ظاهرة الارهاب والتطرف في الوطن العربي لم يتمكن حتى الان من الارتقاء الى مستوى التحديات الامنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية التي تشكلها ظاهرة الارهاب والتطرف التي تجتاح المنطقة العربية منذ عدة سنوات مما يجعل المنطقة مرشحة لمزيد من التدخلات الاجنبية بحجة مكافحة الارهاب,و خطر  يتنامى  في ظل التطور  السريع  الذي يشهده العالم اليوم ، و رغم  كل المساعي  و جهود  المجتمع الدولي لقمع  الأعمال الإرهابية و الحد من تناميها إلا أن إختلاف الرؤى و المصالح السياسية  و الإقتصادية للدول إنعكس سلبا على فعالية مكافحة الظاهرة و الحد من تنامي مخاطرها، ما يسمح بالقول أن غياب  تعريف  دقيق و موحد  للإرهاب هو نتاج هذا الإختلاف الذي يعيشه المجتمع الدولي اليوم.

التوصيات:

1-تكثيف الجهود الدولية وصولا إلى إتفاق يتضمن تحديد  دقيق و شامل لمفهوم الإرهاب مراعيا كافة جوانبه الجوهرية   بحيادية تامة أي دون ربط الظاهرة  بدين معين أو بطائفة منه أو بحضارة أو  بعرق.

2-تمييز ظاهرة الإرهاب عن غيرها من المفاهيم ضمانا لفعالية مكافحته ، سيما ما تعلق بالكفاح المسلح و المنصوص عليه ضمن المعاهدات الدولية و ميثاق الأمم المتحدة.

3-تجريم إرهاب الدولة سواء على المستوى الداخلي  كالتعذيب و الإعتقال و الإغتيال  …، أو   على المستوى الدولي من خلال دعم و  تمويل الأعمال الإرهابية بدول أخرى

4-الالتزام باحترام حقوق الإنسان و سيادة الدول و المنصوص عليها صلب المواثيق الدولية ، دون التذرع بالحرب على الإرهاب.

المصادر:

  • أبوالوفا، أحمد (1998م) الوسيط في قانون المنظمات الدولية، الطبعة الخامسة، دار النهضة العربية، القاهرة.
  • أبوعين، جمال زايد هلال (2009م) الإرهاب وأحكام القانون الدولي، الطبعة الأولى، عالم الكتب الحديث للنشر والتوزيع، إربد.
  • الترتوري، محمد عوض؛ وجويحان، أغادير عرفات (2006م) علم الإرهاب الأسس الفكرية والنفسية والاجتماعية والتربوية لدراسة الإرهاب، الطبعة الأولى، مطابع الحامد، عمان.
  • الجبرين، سعد عبدالرحمن (1989م) الإرهاب الدولي، بحث مقدم للحصول على درجة الماجستير، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.
  • الجحني، علي بن فايز (2008م) خطاب العنف الإرهابي: قنواته وآثاره، جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض.
  • جمال زايد هلال أبو عين، “الإرهاب وأحكام القانون الدولي”، عالم المكتب الحديث للنشر والتوزيع، إربد، 2009، ص. 226ـ
  • عبدالرزاق محمد (2010م) الدعاية والإرهاب، الطبعة الأولى، دار جرير للنشر والتوزيع، عمان.
  • رفعت، أحمد محمد؛ والطيار، صالح بكر (2002م) الإرهاب الدولي، الطبعة الثانية، مركز الدراسات العربي – الأوربي، باريس.

خاص – المركز الديمقراطي العربي

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى