هل ستنجح قمة العشرين أم سيكون للمصالح رأيُ آخر !
اعداد : إلهام النجار – باحثة متخصصة في العلاقات الدولية
- المركز الديمقراطي العربي
في ظل الخلافات السياسية والتجارية التي تهيمن على مسرح العلاقات بين دول العالم، من واشنطن إلى بكين مروراً بموسكو ولندن.. نزاعات تشمل قضايا عدة وتترك تأثيرات جلية، دبلوماسياً واقتصادياً.
- أسباب ما وراء إنشاء قمة العشرين.
تُعَد “مجموعة العشرين” (G20) اليوم منتدى رئيسياً للتعاون الدولي فيما يخص أهم نواحي المجالين المالي والإقتصادي العالميين.
وتضم المهام والأهداف الرئيسية للمنتدى تنسيق سياسة الدول الأعضاء من أجل تحقيق الإستقرار الإقتصادي والنمو الثابت وتحريك النظام المالي لتخفيض الأخطار ومنع وقوع أزمات مالية، وكذلك إنشاء هيكل مالي دولي جديد.
وتم اتخاذ القرار حول تأسيس “مجموعة العشرين” في لقاء وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية لسبع أكبر اقتصاديات عالمية (بريطانيا وإيطاليا وكندا والولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا واليابان) في واشنطن في سبتمبر عام 1999، فيما جرى مؤتمر تأسيس المجموعة في ديسمبر عام 1999 في برلين.
ويعود السبب الأصلي لتأسيس “مجموعة العشرين” إلى الأزمة المالية لعامي 1997-1998، التي أظهرت ضعف النظام المالي الدولي في ظروف عولمة العلاقات الإقتصادية، كما بينت أن الإقتصاديات النامية ليست مندمجة بالشكل الضروري في مناقشة وإدارة الاقتصاد العالمي.
ويقضي الشكل الرئيسي لنشاط الندوة بإجراء لقاءات سنوية على مستوى وزراء المالية ورؤساء البنوك المركزية، وعام 2008 اُتخذ قرار حول تغيير شكل لقاءات “مجموعة العشرين” وإجراء لقاءات على مستوى رؤساء الدول والحكومات.
وتضم المجموعة حاليا 20 دولة، وهي الولايات المتحدة وكندا والمكسيك والبرازيل والأرجنتين وفرنسا وبريطانيا وألمانيا وإيطاليا وجنوب إفريقيا وتركيا والسعودية وروسيا والصين واليابان وكوريا الجنوبية والهند وإندونيسيا وأستراليا والإتحاد الأوروبي.
وتمثل هذه الدول اليوم نحو 66% من سكان العالم، 75% من التجارة الدولية، 80% من الاستثمارات العالمية، و85% من إجمالي الناتج المحلي العالمي.
وتقليدياً يشارك في قمم “مجموعة العشرين” أعضاؤها الدائمون و5دول ومنظمات دولية أخرى،أما الإتحاد الأوروبي فيمثله رئيس المفوضية الأوروبية ورئيس المجلس الأوروبي.
وتُعقد قمم المجموعة في الدولة التي تُنفذ واجبات رئيس المجموعة ويتم تغيير الدولة الرئيسة للمجموعة كل عام، ففي عام 2015كانت تركيا ترأس “مجموعة العشرين”، فيما عقدت قمة المجموعة عام 2016 في الصينوعام 2017 في ألمانيا، وعام 2018في الأرجنتين
،واستضافت اليابان قمة “مجموعة العشرين” الأخيرة لهذا العام والتي انطلقت يوم الجمعة الموافق 28/6/2019.
وتشارك روسيا في كل قمم “مجموعة العشرين” منذ تأسيسها،كما كانت تقترح مناقشة المسائل التي كانت تدخل بشكل ثابت فيما بعد في البيانات الختامية لهذه القمم،وكانت روسيا ترأس “مجموعة العشرين” عام 2013واستضافت القمة في سبتمبر عام 2013 في مدينة سان بطرسبورغ.
حيث أكد دولة رئيس وزراء اليابان “شينزو آبي” رغبة بلاده في أن تُضيف قمة العشرين زخمًا إلى إصلاحات منظمة التجارة العالمية، مُحذرًا في نفس الوقت من مخاطر يمكن أن تؤدي إلى هبوط الاقتصاد العالمي.
وحث “آبي” في كلمته بإفتتاح أعمال القمة قادة مجموعة العشرين على اتخاذ الإجراءات الضرورية لتحفيز الإقتصاد العالمي.
وأوضح أن الإقتصاد الرقمي حوَّل وبشكل سريع جوانب مختلفة في مجتمعات واقتصاديات الدول.
فيما أكد الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب” في كلمته خلال الجلسة الافتتاحية للقمة على أهمية مرونة وأمن شبكات الجيل الخامس، وقال : “بينما نوسع التجارة الرقميةيتعين علينا أيضا ضمان المرونة والأمن لشبكات الجيل الخامس، هذا أمر مهم للغاية لسلامتنا ورفاهيتنا المشتركة”.
وأوضح ترامب أن الإقتصاد الرقمي يحتاج إلى التدفق الحر للبيانات وحماية الخصوصية والملكية الفكرية بشكل قوي.
يُذكر أن قمة مجموعة العشرين التي تستضيفها مدينة”أوساكا” اليابانية بدأت أعمالها يوم الجمعة الماضي واستمرت حتى يوم أمس السبت بحضور عدد من قادة وزعماء العالم من أجل البحث في العديد من الموضوعات الإقتصادية المهمة المطروحة على جدول أعمال القمة.
وتناقش القمة عدداً من الموضوعات المتعلقة بالإقتصاد العالمي والتجارة الدولية والاستثمار والابتكار والبيئة والطاقة والوظائف والتطوير وغيرها، بالإضافة إلى بحث وسائل تعزيز التعاون بين الأسواق الناشئة والدول النامية ومتابعة تنفيذ أجندة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة.
وشهد اليوم الأول للقمة عددًا من اللقاءات الثنائية بين قادة ورؤساء وفود دول مجموعة العشرين، وسط حضور كبير من وسائل الإعلام العالمية.
فالمواقف الأخيرة للرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، والتي يُطلق عليها “حمائية ترامب”، إعتماداً على مبدأ “أمريكا أولا”،والخلافات مع أوروبا بشأن التبادل التجاري بينهما إضافة إلى إعلانه الانسحاب من اتفاقية التجارة حول المحيط الهادئ.. كل ذلك يضع مستقبل النظام الاقتصادي العالمي محل تساؤلات متعددة، خاصة إذا تأملنا التصاعد المستمر للقوى الآسيوية على المستوى الاقتصادي الدولي، وتأملنا في الوقت نفسه الحرب التجارية بين الولايات المتحدة وكل من الصين وأوروبا، والهند أيضاً.
ومن ضمن أهم هذه التساؤلات:
- هل يمر النظام الاقتصادي العالمي الراهن بمرحلة انتقالية؟
- وإذا كان الأمر هكذا هل نشهد في المستقبل القريب تغيراً جوهرياً في مضمون وملامح خريطة القوى الاقتصادية الكبرى بشكل يختلف عن تلك التي تعوّد عليها العالم طيلة عقود؟
- وهل يؤثر الاختلاف الواضح بين القوى الكبرى حول المصالح والتوجهات الاقتصادية على نتائج هذه القمة!
- جدول أعمال القمة :
8 ملفات تتسم بالقضايا الاقتصادية المهمة، والتي تتصدر جدول أعمال قمة العشرين هذا العام؛ بل وتنصب ضمن الموضوعات الأكثر حساسية من حيث إن معظم دول العالم تركز عليها،وربما تكون هذه القمة هي الأهم، منذ اجتماع لندن عام 2009، من منظور التصادمات التجارية التي ازدادت حدتها مؤخراً.
في مقدمة هذه الملفات يأتي ملف مشكلات الاقتصاد العالمي، إضافة إلى ملف التجارة والاستثمار، فضلاً عن الملف الخاص بسوق العمالة.. وغيرها من ملفات تخص الابتكارات وعلاقتها بالتقنية، والبيئة والطاقة، والتنمية المستدامة؛ وكذلك قطاع الصحة وعلاقته بالاقتصاد العالمي.
وأن مجموعة العشرين التي تم تأسيسها في الأصل استجابة للأزمة المالية العالمية، أمامها مهمة إرساء أسس اقتصادية لتحقيق نمو مستدام وشامل للاقتصاد العالمي، ومن هناتأتي أهمية الملف الخاص بالتجارة الدولية والاستثماركمحركات رئيسية للنمو والإنتاجية والابتكار؛ إضافة إلى ملف سوق العمالة، وهو الملف الذي يهم الكثير من دول العالم.
وفي الواقع أن أهمية التعامل مع هذه الملفات وغيرها في إطار القمة تعود إلى أن مجموعة العشرين تُمثل نحو 90% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 80% من حجم التجارة العالمية، ونحو 66% من تعداد سكان العالم، ومن ثم يصبح التساؤل المُلقى على عاتق القمة يختص بمدى قدرتها على حل مشكلات النظام الاقتصادي العالمي عموماً، ومنظومة التجارة الدولية بوجه خاص.
إضافة إلى ذلك، فإن التعامل مع هذه المشكلات والعمل لأجل وضع حلول لها لا يمكن فصله عن إصلاح منظمة التجارة العالمية، خاصة أن ربع قرن من الزمان قد مرَّ منذ إنشاء المنظمة، ورغم ذلك لم تستطع مواكبة التغير المذهل في الاقتصاد العالمي، بل ولم تنجح في حل مشكلات الصراع التجاري الدولي الذي يشهد العالم مؤشراته حالياً.
- الصراع التجاري الدولي :
في تصريح مثير للإهتمام قال مدير عام منظمة التجارة العالمية “روبرتو أزيفيدو”إن “أعضاء المنظمة يأملون في أن تساعد قمة مجموعة العشرين في تخفيف حدة التوتر التجاري”وفيما يبدو فقد استخدم “أزيفيدو” تعبيراً أقل حدة مما هو جارٍ اليوم بين الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الاقتصادية الكبرى، الصين وأوروبا والهند، إذ إن الحاصل اليوم هو صراع تجاري دولي، يدفع إلى نوع من الاستقطابات على الساحة الدولية، ويأتي في مقدمتها الاستقطاب الأمريكي الأوروبي.
بالطبع، يبدو هذا الاستقطاب الأخير كنتيجة لتوجهات الإدارة الأمريكية نحو الحمائية، تبعاً لـ”مبدأ ترامب”، والاختلافات الأمريكية مع أوروبا عموماً، بخصوص النزاع التجاري بينهما حول صادرات الصلب الأوروبية، والاختلافات الأمريكية الألمانية، في الوقت نفسه، فيما يتعلق بالصادرات الألمانية من السيارات.. وغيرها، وهو الخلاف الذي يضع ألمانيا في موقع قيادة المواجهة مع الولايات المتحدة وإدارتها فيما يخص الدفاع عن مبادئ حرية التجارة العالمية.
لكن أيضاً هناك عوامل تدفع الإدارة الأمريكية إلى تبَّني مثل تلك التوجهات، فهذه القوة العظمى التي يُعاني اقتصادها ترغب في أن تضع حداً لإغراق أسواقها بالبضائع الصينية والأوروبية،فمن جهةتعاني واشنطن من إغراق الإتحاد الأوروبي لأسواقها بصادرات الصلب الرخيصة، وكذا السيارات الألمانية المصنعة في أمريكا الجنوبية،ومن جهة أخرى تعاني من الصين التي تعتمد على رخص أياديها العاملة وسعر صرف عملتها المنخفض.
في هذا الإطار، أعلنت الولايات المتحدة في 31مايو2018 عن فرض رسوم على الصلب والألومنيوم المستورد إليها من أوروبا، وكندا والمكسيك، بنسبة 25% ، 10% وهو ما دفع رئيس المفوضية الأوروبية “جان كلود يونكر” إلى التصريح حينذاك بأن “الإتحاد الأوروبي يعتبر الرسوم الأمريكية متناقضة مع قوانين منظمة التجارة العالمية”، ومؤكداً أن “قرار الولايات المتحدة لا يترك أمام الإتحاد الأوروبي خياراً آخر سوى فرض تدابير رديّة”.
كما أعلنت الولايات المتحدة عن فرض تعريفات جمركية محددة خصيصاً للصين في يوليو2018 وصلت إلى 25% على واردات صينية شتى، تُقدر بمئات المليارات من الدولارات، وهو ما دفع الصين إلى الرد على هذا الإجراء بالمثل في اليوم نفسه.
ولم تتوقف إدارة الرئيس ترامب عند حدود أوروبا أو الصين، لكنها وصلت إلى الهند، حيث قرر الرئيس الأمريكي “شطب الهند من قائمة الدول التي تحظى بأفضلية تجارية”، وبناءعلى رفض واشنطن إعفاء نيودلهي من الرسوم الجمركية المرتفعة على الصلب والألومنيوم قررت الحكومة الهندية زيادة الرسوم الجمركية على 29 منتجاً أمريكياً.
- أهمية الشرق الأوسط :
بالإضافة إلي ما سبق يمكن القول بأن الصراعات التجارية التي تتضح مؤشراتها راهنًا، ليست وليدة اللحظةأو أن ترامب يحاول إشعالها اعتباطًا؛ إذ يكفي أن نلاحظ القواعد الأساسية التي تُبني عليها سياسة الإدارة الأمريكية الحالية، فهناك الإصرار على تعزيز القوة الاقتصادية الأمريكية ومواجهة المنافسين لها، وهناك اعتبار أن الأوروبيين يعيشون على منافع ما بعد الحرب العالمية الثانية، وهو الأمر الذي دفع ترامب إلى تحدي أوروبا أن تتبنى التبادل التجاري الحر، ثم هناك أيضًا اتهام الصين بإستغلال أنظمة الاستثمار الأمريكية المرنة لنقل المعرفة ونقل التقنية المتطورة، ما يُهدد مكانة الولايات المتحدة الأمريكية.
بناءً على هذه القواعدبدأت مؤشرات الصراعات التجارية تتضح منذ قمة العشرين في عام 2017 وهينفسها المؤشرات التي تنعقد في إطارها قمة العشرين هذا العام.
وينقلنا هذا إلى مدى تأثير هذه الصراعات التجارية على المنطقة العربيةوالشرق الأوسط عموماً، إذ في حال استمرار هذا الصراع التجاري، فإنه سوف يتسبب في تباطؤ نمو الاقتصاد العالمي، وسوف يؤدي بالضرورة إلى تقليص نمو كثير من اقتصاديات الشرق الأوسط،ومن أبرز الأسباب وراء ذلك أن أسعار النفط والغاز تميل في الغالب إلى الارتباط المباشر بالإمكانات الاقتصادية العالمية، وعندما تنكمش هذه الإمكانيات تميل الأسعار نحو الانخفاض هي الأخرى.
إلا أنه من جانب آخر ربما تميل القوى الاقتصادية الكبرىخصوصاً أمريكا والصين في التطلع نحو مناطق أخرى بخلاف بعضهما البعض، بحثاً عن أسواق جديدة ومدخلات اقتصادية وفرص استثمارية وإلى حد معين، يمكن أن يؤدي ذلك إلى إعادة توجيه بعض النشاطات الاقتصادية لهذه القوى نحو عدد من المواقع المختارة في الشرق الأوسط.
وكمثال، يمكن أن تزيد الصين بدرجة كبيرة من نشاطات البناء وعدد من الأنشطة الاقتصادية الأخرى، خصوصاً تلك المتعلقة بالجيل الخامس من التقنية المتطورة، وهو نفسه ما يمكن أن تتحرك في اتجاهه شركات أمريكية وأوروبية، بما يعني أن ازدياد الاهتمام الدولي بالفرص التجارية في الشرق الأوسط ربما يقلص الأضرار الاقتصادية الأوسع الناجمة عن توجهات الصراعات التجارية التي يشهدها العالم راهناً.
لقاءات ثنائية علي هامش قمة العشرين :
أولاً:بين مصر ودول أخري …
- عقد الرئيس “عبد الفتاح السيسي”جلسة مباحثات مع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” على هامش قمة مجموعة العشرين، ورحب “السيسي” بما تشهده العلاقات الثنائية بين البلدين من تنامِ، لا سيما في أعقاب زيارته إلى روسيا في أكتوبر 2018 وما أسفرت عنه من التوقيع على اتفاق الشراكة والتعاون الاستراتيجي الشامل على مستوى قيادتي البلدين، فضلا عن التوقيع على مذكرة تفاهم لإنشاء آلية المشاورات السياسية.
من جانبه أشار “بوتين” إلى الأهمية التي يوليها لإستمرار التنسيق والتشاور مع الرئيس بشأن مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وتقديره لدور مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
وخلال اللقاء؛ تم استعراض فرص التعاون الثلاثي بين “مصر وروسيا” في القارة الأفريقية في ضوء رئاسة مصر الحالية للاتحاد الأفريقي، حيث تم التطرق في هذا السياق إلى الاستعدادات الجارية لتنظيم القمة الأفريقية الروسية في أكتوبر المقبل، وتوافق الرئيسان حول ضرورة العمل على بلورة نتائج فعلية وعملية لتلك القمة لصالح الشعوب الأفريقية بالمقام الأول، سعياً نحو صياغة إطار للشراكة والتعاون المستدام بين روسيا والدول الأفريقية.
- وكذلك التقى الرئيس “عبد الفتاح السيسي” مع الأمير” محمد بن سلمان” ولي عهد المملكة العربية السعودية، وذلك على هامش انعقاد قمة مجموعة العشرين بأوساكا.
وأكد الرئيس خلال اللقاء، على مسيرة العلاقات الوثيقة التي تربط البلدين وما يجمعهما من مصير ومستقبل واحد، مشيراً إلى حرص مصر على التنسيق الحثيث مع المملكة تجاه التطورات التي تشهدها حالياً منطقة الشرق الأوسط وذلك في إطار العلاقات الإستراتيجية بين مصر والسعودية، التي تعد من أولويات وثوابت السياسة المصرية، حيث أن التعاون والتنسيق المصري السعودي يعتبر دعامة أساسية لتحقيق الاستقرار الإقليمي.
وتناول اللقاء؛ تبادل وجهات النظر حول أبرز الملفات المطروحة على الساحة الإقليمية، حيث عكست المناقشات تفاهماً متبادلاً إزاء سبل التعامل مع تلك الملفات، وتم الاتفاق على الاستمرار في بذل الجهود المشتركة لتعزيز التعاون بين الدول العربية لمواجهة التحديات والتهديدات المتزايدة للأمن الإقليمي، حيث أكد الرئيس في هذا السياق أن أمن منطقة الخليج يمثل بالنسبة لمصر أحد الركائز الأساسية للأمن القومي العربي، ويرتبط بالأمن القومي المصري.
من جانبه، أشار ولي العهد السعودي، إلى التقدير والمودة التي تكنها المملكة العربية السعودية لمصر قيادة وشعبا في ضوء العلاقات والروابط التاريخية التي تجمع بين البلدين الشقيقين، مؤكداً عمق ومتانة العلاقات الراسخة بين مصر والسعودية.
- وفي سياقِ متصل التقى الرئيس “عبد الفتاح السيسي” مع رئيس الوزراء الإيطالي “جيوسبي كونتي”، وذلك على هامش انعقاد أعمال قمة مجموعة العشرين باليابان.
وتناول اللقاءعدداً من الموضوعات الثنائيةخاصة آخر التطورات المتعلقة بالتحقيقات الجارية في قضية الطالب “ريجيني”، وقد جدد الرئيس في هذا الصدد تأكيد سعي مصر للتوصل إلى الحقيقة، مؤكدا علي الدعم الكامل للتعاون الحالي المشترك الحثيث وغير المسبوق بين السلطات المختصة في كلٍ من مصر وإيطاليا للكشف عن ملابسات القضية، وقد أعرب رئيس الوزراء الإيطالي من جانبه عن التطلع للتوصل للعدالة والحقيقة في قضية “ريجيني” والتوصل إلى الجناة وتقديمهم للعدالة.
وعلى صعيد العلاقات الثنائيةأشاد الرئيس بتميز العلاقات التاريخية التي تجمع البلدين، وما تشهده تلك العلاقات من تطورات إيجابية خلال الفترة الأخيرة، مؤكداً الأهمية التي توليها مصر لتطوير تلك العلاقات في مختلف أبعادها المتنوعة، فضلاً عن تعزيز التنسيق والتعاون الثنائي القائم بين البلدين للتصدي للعديد من التحديات في منطقة المتوسط، بالإضافة إلى تطوير التعاون الثلاثي مع إيطاليا في أفريقيا ليمتد إلى المجالات التنموية، خاصةً في ضوء الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي.
من جانبه، أعرب رئيس الوزراء الإيطالي عن تقديره للدور المحوري الذي تضطلع به مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط، مؤكداً حرص بلاده على تعزيز التعاون الثنائي مع مصر على مختلف الأصعدة، خاصةً في ظل ما تشهده من تطورات إيجابية على صعيد التنمية الاقتصادية، وما يتم تنفيذه من مشروعات كبرى تساهم في تحقيق التقدم الاقتصادي والاجتماعي.
- أما بالنسبة ما يخص دولة ألمانيا فقد التقى الرئيس “عبد الفتاح السيسي” مع المستشارة الألمانية “أنجيلا ميركل” على هامش انعقاد أعمال قمة مجموعة العشرين باليابان.
وأشاد الرئيس، بالتنامي الملحوظ والطفرة النوعية في العلاقات الثنائية بين مصر وألمانيا في كافة المجالات مؤكداً تطلع مصر لتعظيم التعاون الثنائي خلال الفترة المقبلة وتعزيز التنسيق السياسي وتبادل وجهات النظر في ظل الرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي وعضوية ألمانيا في مجلس الأمن، بما يوفر أرضية لتبادل الرؤى وتنسيق المواقف بشأن القضايا متعددة الأطراف، خاصةً التنمية المستدامة ودعم السلم والأمن بأفريقيا.
من جانبها، ثمنت المستشارة الألمانية الروابط الوثيقة بين مصر وألمانيا، مشيدةً بالزخم غير المسبوق الذي تشهده العلاقات بين البلدين بشكل ملحوظ مؤخراً، لاسيما على صعيد العلاقات الاقتصادية والتجارية، ومؤكدةً أن مصر تعد أحد أهم شركاء ألمانيا بالشرق الأوسط، وأكدت “ميركل” حرص ألمانيا على دعم الإجراءات الطموحة التي تقوم بها مصر سعياً للنهوض بالاقتصاد وتحقيق التنمية الشاملة، لاسيما من خلال زيادة الاستثمارات ونقل الخبرات والتكنولوجيا وتوطين الصناعة الألمانية، مشيدة بالنتائج الإيجابية التي أسفرت عنها حتى الآن خطة الحكومة المصرية للإصلاح الاقتصادي الشامل، وهي التجربة التي انعكست على تحسن المؤشرات الاقتصادية.
- ومن ناحية أخري التقى الرئيس عبد الفتاح السيسي، مع الرئيس الأرجنتيني “ماوريسيو ماكري” وذلك على هامش انعقاد أعمال قمة مجموعة العشرين بأوساكا.
وصرح السفير “بسام راضي” المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، بأن الرئيس أكد خلال اللقاء اعتزاز مصر بالعلاقات المتميزة التي تربطها بالأرجنتين، مشيداً بتجربتها التنموية وما حققته من تقدم على الصعيد الاقتصادي، ومعرباً عن تطلع مصر لتطوير العلاقات بين البلدين في مختلف المجالات وتفعيل أطر التعاون القائمة لاسيما على الصعيدين الاقتصادي والتجاري، فضلاً عن العمل على تعظيم الاستفادة مما يتمتع به البلدان من إمكانات متنوعة.
- من جانبه، أشاد الرئيس الأرجنتيني بما حققته مصر خلال السنوات الماضية من تقدم ملموس على صعيد الإصلاح الاقتصادي وتحقيق التنمية الشاملة، معربا عن تقديره لما يجمع بين البلدين من روابط متينة، واتفاقه مع أهمية الدفع قدما بالتعاون الثنائي في المجالات المختلفة، خاصة المجالين الاقتصادي والتجاري لما يتمتعا به من آفاق رحبة لتطوير التعاون بشأنهما.
ثانياً:بين روسيا وأمريكا:
بحث الرئيسان الروسي” فلاديمير بوتين” والأمريكي “دونالد ترامب” خلال لقائهما على هامش قمة مجموعة العشرين عددًا من القضايا أهمها الملف الإيراني وأوكرانيا والأزمة السورية والوضع في فنزويلا.
وقال “البيت الأبيض” في بيان أصدره عقب لقاء الزعيمين أنه بالإضافة إلى هذه القضايا، تبادل بوتين وترامب الآراء حول عدد من المسائل الأخرى مثل العلاقات الثنائية والحد من انتشار الأسلحة.
وذكر “البيت الأبيض” أن الرئيسين اتفقا على أهمية تحسين العلاقات بين البلدين، كما اتفقا على مواصلة الحوار حول صيغة للحد من انتشار الأسلحة في القرن الحادي والعشرين، والتي كان قد تطرق إليها ترامب في وقت سابق، مؤكدًا أن هذه الصيغة لا بد أن تشمل الصين.
واستمرّ لقاء الرئيسين، على هامش قمة مجموعة العشرين في أوساكا اليابانية ساعة ونصف الساعة.
ثالثاً: بين أمريكا والصين .
طغت ملفات رئيسية على “قمة مجموعة العشرين” التي اُختتمت في اليابان أمس السبت وكانت الحرب التجارية بين أمريكا والصين من أبرز هذه الملفات، إذ التقى كلّ من الرئيس الصيني “شيجين بينج” والرئيس الأميركي” دونالد ترامب”،واتفقا على “هدنة تجارية” بين البلدين.
وتمكن الرئيسان الأميركي “دونالد ترامب” والصيني “شي جين بينج” من تفادي الأسوأ خلال قمة مجموعة العشرين في “أوساكا”، بإعلانهما “هدنة” في حربهما التجارية، لكن استئناف الحوار هذا بين أكبر اقتصادين في العالم لم يترافق مع أي جدول زمني.
وطغت العلاقات بين الولايات المتحدة والصين مرة جديدة على البرنامج الرسمي لقادة أكبر عشرين اقتصاد في العالم الذين اختلفوا هذه السنة حول المناخ، بعيداً عن الحكومة العالمية المتناغمة التي حددوها هدفاً لهم في اجتماعهم الأول عام2008.
وقال ترامب: “عقدنا مع الرئيس “شي” لقاء جيّداً جداً، لا بل يمكن أن أقول ممتازاً”، معتبراً أن العلاقات بين البلدين الخصمين “عادت إلى السكة الصحيحة”.
كما أكد “ترامب” أنه لا ينوي “إضافة” رسوم جمركية على الواردات الصينية ولا إلغاء بعضها، “على الأقلّ في الوقت الراهن” مشيراً إلى أن المفاوضات ستستأنف بين البلدين.
إشادة أممية بدور مصر المحوري:
- التقى الرئيس “عبد الفتاح السيسي” مع “أنطونيو جوتيريش” سكرتير عام الأمم المتحدة، وذلك على هامش انعقاد أعمال قمة مجموعة العشرين بأوساكا.
وأعرب الرئيس عن ترحيبه بلقاء سكرتير عام الأمم المتحدة، مؤكدا دعم مصر لجهود الأمم المتحدة الهادفة إلى صون السلم والأمن الدوليين ودفع جهود التنمية المستدامة.
من جانبه أعرب “جوتيريش” عن تقديره للتعاون الممتد بين مصر والأمم المتحدة، لاسيما من خلال المشاركة المصرية الفعالة في مختلف أنشطة المنظمة، مؤكداً دور مصر المحوري في أفريقيا والشرق الأوسط، وحرص الجانب الأممي على تعزيز التعاون مع مصر لإرساء التنمية في محيطها الجغرافي المضطرب وترسيخ أسس السلم والأمن.
وفيما يتعلق بالرئاسة المصرية الحالية للاتحاد الأفريقي؛ أشار السكرتير العام إلى تعويل الأمم المتحدة على الدور المصري الحيوي لتعزيز وتعميق الشراكة الاستراتيجية مع الاتحاد، حيث أكد الرئيس في هذا الخصوص التطلع لدفع التعاون والتكامل بين المنظمتين في إطار قيادة مصر لدفة العمل الأفريقي المشترك، لاسيما فيما يتعلق بتنفيذ أجندتي التنمية 2030 و2063، والتعامل مع تحديات السلم والأمن التي تجابهه القارة، وتعزيز جهود بناء السلام.
- دول مجموعة العشرين واتفاق باريس حول المناخ:
جدّدت 19 من دول مجموعة العشرين، بإستثناء الولايات المتحدة أمس السبتفي أوساكا التزامها من أجل “التطبيق الكامل” للإتفاق الموقع عام 2015 في باريس لمكافحة الإحتباس الحراري،وانهم متفقون على “عدم التراجع” عن هذا الاتفاق، مستخدمين لهجة تذكر بنبرة البيان الختامي لقمة مجموعة العشرين في العام الماضي.
قال الرئيس الفرنسي “إيمانويل ماكرون” “يجب أن نذهب أبعد من ذلك” في ما يخصّ المناخ مُضيفاً “تجنّبنا التراجع لكننا يجب أن نذهب أبعد من ذلك وسنبذل كل جهدنا للذهاب أبعد من ذلك”.
تم التوصل إلى هذا الاتفاق صباح السبت بعد مفاوضات طويلة وشاقة بسبب محاولة الولايات المتحدة عرقلة الإعلان، الذي اتخذ شكلًا مماثلًا لإعلاني قمتي مجموعة العشرين في هامبورغ عام 2017 وبوينوس آيريس عام 2018، بحسب الرئاسة الفرنسية.
وقالت المستشارة الألمانية “أنغيلا ميركل”في وقت سابق إن مجموعة العشرين ستتوصل في ما يخصّ المناخ إلى “نصّ مماثل” لنصّ العام الماضي، بعد مفاوضات شاقة.
- البيان الختامي وتولي السعودية للقمة في العام القادم:
أعلن رئيس وزراء اليابان”شينزو آبي” خلال الجلسة الختامية لقمة مجموعة العشرين تولي المملكة العربية السعودية رئاسة مجموعة العشرين المقبلة.
حيث استضافت مدينة أوساكا اليابانية، على مدار يومين، قمة مجموعة العشرين، بمشاركة الأرجنتين وأستراليا والبرازيل وكندا والصين وفرنسا وألمانيا والهند وإندونيسيا وإيطاليا واليابان والمكسيك، وجمهورية كوريا، وجمهورية جنوب أفريقيا، وروسيا، والمملكة العربية السعودية وتركيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
وشارك الرئيس عبد الفتاح السيسي، فضلًا عن قادة الدول وممثلي المنظمات الدولية المدعوة في القمة، إلى جانب قادة من مجموعة العشرين.
وناقشت القمة عددًا من القضايا التي تهم العالم أبرزها تأثير التحولات المناخية، والاستثمار في البنية التحتية والهيكلة المالية الدولية.
واختتم قادة مجموعة العشرين اجتماعهم الذي استمر يومين دون تعهد بمحاربة الحمائية وأظهروا خلافا بشأن تغير المناخ، حيث أكد رئيس وزراء اليابان رئيس الدورة الحالية لقمة دول مجموعة العشرين شينزو آبي أن دول المجموعة ستعمل من أجل تعزيز النمو الاقتصادي العالمي معرباً عن الالتزام الكامل بالنجاح الكبير لقمة العشرين القادمة في المملكة العربية السعودية.
وقال رئيس وزراء اليابان في ختام أعمال قمة دول مجموعة العشرين اليوم في مدينة أوساكا: اتفقنا على التصميم لتحسين فرص النمو الاقتصادي، مشيرا إلى أن العالم بإمكانه الاتحاد لتوفير بيئة للنمو الاقتصادي.
وأشار إلى أن اليابان حرصت خلال فترة رئاستها لهذه القمة على اكتشاف القواسم المشتركة بين الدول الأعضاء وركزت على ما يجمع بين دول مجموعة العشرين.
وأوضح رئيس وزراء اليابان قائلا: “نحن ملتزمين بشكل كامل بالنجاح الكبير للقمة القادمة في الرياض فالمملكة أعلنت عن رؤية 2030وهي منخرطة بشكل كبير في إصلاحات غير مسبوقة وأتمنى النجاح الكبير لقمة مجموعة العشرين في الرياض”.
وأكد البيان الختامي للقمة سعي الدول الأعضاء في مجموعة العشرين على تسخير قوة الابتكار التقني والتقنية الرقمية بشكل خاص وتطبيقها لصالح الجميع والسعي لخلق دورة جيدة من النمو الاقتصادي والتصميم على بناء مجتمع قادر على اغتنام الفرص والتصدي للتحديات الاقتصادية والاجتماعية والبيئية المعروضة اليوم وفي المستقبل، بما في ذلك تحديات التغيير السكاني.
وأضاف البيان أن دول مجموعة العشرين ستقود الجهود لتعزيز التنمية والتصدي للتحديات العالمية الأخرى لتمهيد الطريق نحو نمو عالمي شامل ومستدام، على النحو المتوخى منه في خطة التنمية المستدامة لعام2030.
وجدد القادة تأكيدهم بالالتزام باستخدام جميع أدوات السياسة لتحقيق نمو قوي ومستدام ومتوازن وشامل والحماية من المخاطر السلبية، من خلال زيادة الحوار والإجراءات لتعزيز الثقة، مؤكدين السعي لتحقيق بيئة تجارة واستثمار حرة ونزيهة وشفافة وقابلة للتنبؤ بها ومستقرة ولإبقاء الأسواق مفتوحة فالتجارة الدولية والاستثمار هما محركان مهمان للنمو والإنتاجية والابتكار وخلق فرص العمل والتنمية.
كما جددوا دعمهم للإصلاح الضروري لمنظمة التجارة العالمية لتحسين مهامها، مؤكدين العمل بشكل بناء مع أعضاء منظمة التجارة العالمية الآخرين بما في ذلك في الفترة التي تسبق المؤتمر الوزاري الثاني عشر لمنظمة التجارة العالمية.
وأكد البيان أيضًا العمل على تحقيق مجتمع شامل ومستدام وآمن وجدير بالثقة ومبتكر من خلال الرقمنة وتعزيز تطبيق التقنية الناشئة ومشاركة فكرة مجتمع المستقبل الذي يركز على الإنسان، الذي يتم الترويج له من قبل اليابان باسم المجتمع.
وأضاف: نظرا لأن التحول الرقمي يحول كل جانب من جوانب اقتصاداتنا ومجتمعاتنا فإننا ندرك الدور الحاسم الذي يؤديه الاستخدام الفعال للبيانات كعامل تمكين للنمو الاقتصادي والتنمية والرفاه الاجتماعي ونهدف إلى تعزيز مناقشات السياسة الدولية لتسخير الإمكانات الكاملة للبيانات
وتضمن البيان 4 قضايا رئيسية هي تعزيز النمو الاقتصادي العالمي وإنشاء دورة نمو مفترضة عن طريق معالجة أوجه عدم المساواة، وتحقيق نمو عالمي شامل ومستدام والقضايا والتحديات البيئية العالمية تضمنت تحتها موضوعات مثل النزوح والهجرة والبيئة والطاقة والصحة العالمية والتطوير والزراعة والسياحة وتمكين المرأة العمل والتوظيف ومكافحة الفساد والتمويل العالمي وجودة البنية التحتية للاستثمار والابتكار والرقمنة وتدفق البيانات المجاني والتجارة والاستثمار والاقتصاد العالمي.