الدولة العميقة في العراق ما بعد 2003م
اعداد : م خلود عبد الكريم خلف المسعودي – كلية العلوم السياسية – الجامعة المستنصرية – العراق
- المركز الديمقراطي العربي
مقدمة
شهدت العراق منذ الاحتلال الأمريكي عام ۲۰۰۳ تغيرًا جذريًا في كافة المسارات والأصعدة لا سيما مسار السياسية الدولية والإدارة الاستراتيجية المحلية، وترتب على ذلك سقوط أجهزة الدولة، ودخلت في عاصفة من العنف المسلح.
وعلى الرغم من جلاء الاحتلال الأمريكي منذ ۲۰۱۱؛ إلا أن آثاره السلبية ما زالت موجودة في مكنونات وسياقات السياسة العراقية، حيث تشير الإحصائيات إلى أن العراق في مقدمة الدول التي ينتشر بها الفساد السياسي والمالي، وتشير أصابع الاتهام في هذا الصدد إلى القوى العميقة، أو الدولة العميقة المسيطرة على الساحة السياسية العراقية، وخاصة من بعد عام ۲۰۱4 الذي شهد ظهور تنظيم “داعش” الإرهابي؛ ولذا نعرض من خلال ورقات البحث التالية مكونات الدولة العميقة عموما وفي العراق خصوصا، نظرًا لخطورتها في مسار العلاقات السياسية والإنسانية.
أهمية البحث:
تعود أهمية البحث إلى طبيعة العلاقات العراقية التاريخية والسياسية مع الدول المجاورة، وقد شهدت حقبة ما بعد ۲۰۰۳ م تغيرًا جذريًا وتوترًا في أعماق العلاقات الدولية الإقليمية، ومن مقتضيات هذه الورقة البحثية التعرض لهذه التغيرات والتوترات، ومن هنا تكمن أهمية البحث في شقين أساسيين، وهما العملي والعلمي:
أ – الأهمية العملية: يعتبر البحث محاولة للمساهمة في إيجاد بدائل عملية تكتيكية من شأنها تعمل على تطوير العلاقات السياسية للإدارة العراقية، وصد التدخلات الدولية، وتوحيد صف القوى السياسية الوطنية في مواجهة التكتلات الأخرى التي تراعي مصالحها الخاصة على حساب جموع الشعب العراقي.
ب – الأهمية العلمية: وتكمن في المساهمة في تطوير النظم والأدوات البحثية في حقل العلوم السياسية المعاصرة، من خلال انتهاج الأدوات البحثية المتعارف عليها أكاديميًا، لتتبلور في النهاية مرجعا أدبيًا سياسيًا يمكن أن يعتمد عليه الباحثون والدارسون المهتمون بالدراسة والبحث في وسياقات العلاقات السياسية، وتطوراتها لا سيما تلك المتعلقة بمنطقة الشرق الأوسط.
مشكلة البحث:
تتضح مشكلة البحث التي نسعى لمعالجتها، من خلال الإجابة على السؤال البحثي الرئيس وهو: هل هناك دولة عميقة في العراق بعد ۲۰۰۳؟ وما ينبثق عنه من أسئلة فرعية أخرى، مثل:
- ما الدولة العميقة، وما خصائصها، وأدواتها؟
- ما مظاهر الحياة السياسية في العراق بعد ۲۰۰۳؟
- إذا كانت هناك دولة عميقة في العراق فما هي مظاهرها واستراتيجيتها؟
منهجية البحث:
تعتمد هذه الورقة البحثية على المنهج الوصفي التحليلي، حيث نقوم بجمع الأدبيات السابقة المتعلقة بعناصر البحث وقراءتها قراءة متأنية، ورصينة، وتحليلها علميا.
محاور البحث:
المبحث الأول: محددات الدولة العميقة.
- المطلب الأول: مفهوم الدولة العميقة النشأة والتطور.
- المطلب الثاني: سمات، وخصائص الدولة العميقة.
المبحث الثاني: الدولة العميقة في العراق ما بعد ۲۰۰۳.
- المطلب الأول: الأحوال العراقية.
- المطلب الثاني: الدولة العميقة في العراق بعد ۲۰۰۳.
المبحث الأول: محددات الدولة العميقة:
المطلب الأول: مفهوم الدولة العميقة النشأة والتطور
يكثر استخدام مصطلح “الدولة العميقة Deep State” في السياقات السياسية المعاصرة، وعلى الرغم من أن كثير من الباحثين يرجعون بدايات بلورة المصطلح إلى مراحل زمنية قديمة قدم الوجود الإنساني لا سيما عند الغوص في تعريف هذا المصطلح من وجهة نظر هؤلاء، ويدلل أصحاب نظرية تأريخ الدولة العميقة إلى العصور القديمة بارتباط المصطلح من حيث محتواه المفاهيمي مع بعض أشكال العلاقات، والتفاعلات السياسية قديمًا، وهناك من يؤكد أو يرى أن الدولة العميقة من المصطلحات حديثة النشأة، والعهد بتطور العلاقات الدولية، وفي مقتبل الثورات والأحوال المتجددة التي شهدتها الساحة السياسية في مقتبل القرن العشرين([1])، لذا فهناك حاجة إلى بيان الأطر المفاهيمية النظرية، والتاريخية للدولة العميقة.
ماهية الدولة العميقة النشأة والتطور: يمثل مفهوم الدولة العميقة بعض الإشكالات والالتباس في العلاقات السياسية ليس فقط كونه من المصطلحات المعقدة والفضفاضة إلى حد ما([2])، ولكن فضلًا على ذلك تتشابه إلى حد كبير ببعض المفاهيم الأخرى، كمثل مفهوم الدولة الموازية، أو حكومة الظل على سبيل المثال([3]).
أما بالنسبة لمفهوم الدولة العميقة فغالبًا ما يستخدم في وصف الأوضاع السياسية الفاسدة المتعلقة بانعدام الشفافية، وتوطين البيروقراطية والحد من إدخال المعالجات الديمقراطية في الأطر العامة للخطط الإدارية للدولة؛ فضلًا عن إضافة عوامل أخرى، وحدود متنوعة لمفاهيم الدولة العميقة قد تكون حالات فردية، فتؤدي في النهاية في معظم الأحوال إلى وجود صعوبة حتمية تتلخص في تعميمه على جميع الدول التي تشير أصابع الاتهام إليها بوجود مرتكزات دولة عميقة بها([4]).
ظهرت سياقات الدولة العميقة في الساحات السياسية بدايات القرن العشرين وتحديدًا عام ۱۹۲۳، بمناسبة ما شهدته تركيا من التحركات العسكرية السرية التي قام بها “مصطفى كمال أتاتورك”، وسعت إلى السيطرة على الدولة التركية بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية آنذاك، وتألفت المجموعات المؤيدة لنشاطات “أتاتورك” من أفراد وضباط الجيش والشرطة، بالإضافة إلى رجال أعمال، وإعلام، وسياسة، وتبع هذه التحركات إحداث أعمال عنف، وقتل في حق كل من عارض المشروع العلماني لمصطفى كمال، إذ شمل قتل المزيد من أعضاء الأحزاب ورجال الإعلام والأكراد([5]).
وسرعان ما انتشر هذا المصطلح بعد استخدام بعض الساسة من الولايات المتحدة له في وصف الحالة التركية، وانتشر مصطلح الدولة العميقة على أثر ذلك في الاتحاد السوفيتي بعد قيام بعض كبار قادة الشرطة والسياسة والمخابرات بتشكيل تحالف سري يرمي إلى السيطرة على الحزب الحاكم، يحركه هؤلاء تحقيقًا لمصالحهم التي كانت تحت غطاء سياسي، إلى أن وصفت هذه التحركات كمثل دولة داخل دولة، وكان ذلك في مقتبل حقبة سبعينيات القرن العشرين([6]).
وانتشرت بعد ذلك مكونات، ومضامين الدولة العميقة لكثير من دول الشرق الأوسط والدول العربية، ويرى بعض الباحثين أن الدولة العميقة متأصلة في السياسة الأمريكية قديمًا عبر اللوبي الصهيوني، وبذلك كانت أولى بدايات الدولة العميقة بشكل تطبيقي في السياسة الدولية، حيث تركزت معظم أعمال القائمين على مقتضيات الدولة العميقة في تنظيمات سرية، أو تسعى إلى السرية في أجهزة بسيطة للغاية تعمل بشكل مشروع، أو غير مشروع. وبطبيعة تطور الأحوال السياسية، وخصوصًا بعد انتهاء الحرب الباردة، وسقوط الاتحاد السوفيتي، والتحول إلى عالم يحكمه اتحاد أحادي القطب الولايات المتحدة الأمريكية- تغيرت الأوضاع، وخصوصًا في منقطة الشرق الأوسط الملتهبة سياسيًا وعسكريًا، وترتب على ذلك ظهور كيانات جديدة أكثر عمقًا، وأكثر تنظيمًا، وتنوعًا، وانتشارًا تسعى وتبذل جهودًا مضنية لأجل السيطرة على أجهزة الدولة الرسمية، وأخذ مزيد من الصلاحيات، والامتيازات؛ وليكون ذلك وفقًا للأطر الشرعية، والرسمية في بعض الأحوال ولكن بأساليب ملتوية، وفي بعض الأحيان لم يمكن توقعها([7]).
ويعتبر أول استخدام للمصطلح بشكل شبه رسمي عام 1997 في جريدة “نيويورك تايمز” كوصف للحالة التركية حينها، وعرفتها بأنها: “مجموعة من القوى الغامضة التي يبدو أنها تعمل بعيدا عن القانون”([8]).
وتعرف الدولة العميقة عند البعض بأنها: “دولة غير مرئية، وسرية، وتوازي الحكومة الشرعية في أعمالها وتتصف هذه الأعمال بغير القانونية”([9]).
ويلاحظ أن هذا التعريف لم يتطرق إلى آليات الدولة العميقة وأساليب ليمكن التفرقة بينها، وبين الدولة الشرعية، فضلًا عن معرفة ما هي القوة التي تستمد منها القوة والسرية في أعمالها، فليس من المفترض أن نطلق على فرد أو مجموعة تهمة ما ونجعله خارج إطار القانونية بدون أن نعلم وصف الشخص معنويًا واعتباريًا، والقانون المطبق الذي اخترقه هذا الكيان لا سيما تكتلات الدولة العميقة طبقًا للمفاهيم والتعاريف السابقة.
وشهد مصطلح الدولة العميقة عند البعض مزيدًا من الإيضاح يفصل النواقص في التعاريف السابقة، حيث ضم إلى مرتكزات الدولة العميقة الجهات الغامضة كضباط الشرطة الذين في الخدمة، أو حتى خارجها، فضلًا عن تكتلات المجتمع المدني وعدد لا يمكن إحصاؤه داخل المؤسسات الإدارية للدولة والقطاعات الاقتصادية الاستراتيجية، وهذا كله في سبيل تحقيق المصالح الضيقة لهؤلاء على حساب الدولة، فقد تصل الدولة العميقة إلى مرافق عامة كانت في السابق بعيدة كل البعد عن الصراعات التي تفرضها الحاجة الذاتية الضيقة، كمرفق القضاء الذي أضحى من ضمن مكونات الدولة العميقة إذا ما كان له مصلحة ما بجانب مجموعات أخرى([10]).
وتهدف الدولة العميقة إلى إقامة اتفاقيات سرية متشابكة حسب الحاجة، وخلق حالة من النزاع بأشكاله وبخاصة العسكري لبسط نفوذها، وتنفيذ مصالحها بجانب السيطرة على الأموال، والموارد الاقتصادية، والآلة الإعلامية والسياسية، وبالتالي تشيع حالة من الغموض لا سيما فيما يخص ما إذا كانت تسعى لتحقيق مصالحها فقط أم تحقيق مصالح الدولة، والمجتمع بجانب ذلك. وتظهر معظم مؤشرات الدولة العميقة في نماذج الدول التي تسعى إلى بلوغ التحولات الديمقراطية، عبر الأجهزة الإدارية المعترف بها، ولكن بفضل نشاطات المجموعات ذوي المصالح الشخصية المتشابكة يناهضون فكرة التحول الديمقراطي؛ لأن هذا يعد خطرًا محدقًا لأصحاب النفوذ والسلطة الذين يسعون إلى السيطرة على تدبير الدولة تحقيقًا لمصالح شعبها([11]).
وجدير بالذكر أن الدولة العميقة برغم أنها عبارة عن مجموعات لها مصالح داخل الدولة أي أن القائمين على الدولة العميقة لهم توجيه داخلي سري كالنموذج التركي والروسي، ولكن بفضل تشابك العلاقات، والعولمة، والسياسية العالمية أضحى للدولة العميقة مرتكزات ومصالح خارجية، فنرى التجمعات العسكرية، والتحالفات السياسية، والإعلامية توجه من الخارج تحقيقًا لاتجاهاتهم ولبسط نفوذ الدول المتداخلة([12]).
وهناك من رأى أن الدولة العميقة تشمل صورا أخرى وبخاصة تلك المتعلقة بالولايات المتحدة الأمريكية، إذ تعتمد رؤيتهم على أن الدولة العميقة قد لا تكون تحالفات سرية يحيطها الغموض، بل معلنة، وقد لا تكون متآمرة، بل هي على الرغم من كونها دولة داخل دولة فهي تعد من مكونات الدولة الرامية إلى النفع العام، مع مراعاة مصالحهم في الأساس، وأن القائمين على مثل هذه النماذج من الدولة العميقة ليس لديهم هدف واحد، وأنهم يمتدون عبر الجهاز الإداري في الدولة إلى أن يصلوا إلى القطاعات الخاصة([13]).
بالنظر لما سبق فإن “Mike” يعتمد في تعريفه للدولة العميقة على نموذج الولايات المتحدة الأمريكية وخصوصًا وجود دولة عميقة في الإدارة الأمريكية تتكون من مجموعات من رجال الأعمال والسياسة، ولكن يأخذ عليه أنه لا يمكن الاعتماد عليه كتعميم للدولة العميقة في العلاقات الدولية والسياسية عمومًا، إذا فعلى الرغم من سيطرة هؤلاء على معظم القرارات المصيرية للسياسة الأمريكية وذلك في مسار وسياق تحقيق المصالح الخاصة لهؤلاء إلا أنه في الوقت نفسه يراعون المصلحة العامة للدولة وإلا ما استطاعت الولايات المتحدة أن تكون القوة العظمى على رأس النظام العالمي.
ومن هنا فإن معظم الباحثين على أن الدولة العميقة هي قوة تعمل تحت نطاق النظم الدستورية والقانونية في غالب الأحوال، وأنها أكثر قوة في السيطرة على الدولة، وأكثر انتشارًا من الأعضاء الحاكمين الممثلين للجهاز الإداري للدولة، وتكون موحدة ومتماسكة، بحيث تكون متجذرة في أجهزة الدولة، وتستخدم نفوذها لتطبيق وتنفيذ جدول أعمالها، ولكن تسعي في النهاية إلى السيطرة على المقدرات السياسية، وموارد الدولة، ليمكنها استخدام كليهما في توطين قواعدها وكثيرا ما تفوض أعضاء المرافق العامة كالبرلمان، والقضاء، وكافة الأجهزة الإدارية([14]).
وتأسيسًا على ما سبق يرى البعض أن الدولة العميقة بسياقاتها السابقة ليست من المصطلحات الحديثة، ولكن تبقى نقطة الاهتمام الدولي بمكونات الدولة العميقة بفضل التجربة التركية منذ نشأة لجنة الاتحاد والترقي التي ساعدت في إنشاء تحالف سري من مجموعة طلاب عام ۱۸۸۹ بغرض إدخال بعض الإصلاحات في الدولة العثمانية وظهر ذلك جليًا في عام ۱۹۰۸، وفي الأعوام التالية من سقوط الدولة العثمانية([15]).
المطلب الثاني: خصائص الدولة العميقة:
على الرغم من اتفاق الكثير من المهتمين بالبحث في النظم السياسية على الخطوط العامة للدولة العميقة إلا أن قلة من الباحثين الغربين ينظرون إلى أن هذه الدولة الداخلية ليست سلبية بالضرورة، فهناك دولة داخل دولة في الولايات المتحدة الأمريكية تأخذ المسارات الإيجابية في إدارة مصالحها والأمة معًا، ولتفكيك اللغط في المفهوم نبين الخصائص العامة التي اتفق عليها معظم الباحثين .
أ – الغموض والسرية: إن الورقة الرابحة للقوى العميقة هي الابتعاد عن مرأى عامة الناس لكي يتسنى لها تحريك الحكومات كالدمى، فالملاحظة المستمرة قد تسبب في إحراق هذه القوى وإحراجها، ليس من قبل الإدارة؛ فالإدارة حينها تكون أداة في يد هؤلاء لا حول لها ولا قوة، بل تخشى من الانفجار الشعبي في وجوههم، لأن من مراحل ظهور الدولة العميقة في خضم التحولات السياسية والاتجاه نحو الديمقراطية([16]).
ب – الفساد: إن انتشار الفساد بشتى صوره وأنواعه هو البيئة الخصبة لرجال لدولة العميقة لإيجاد فرصة ذهبية للثراء الشخصي أو المنفعة الذاتية، فهي سمة وخصيصة من خصائص الحالة العميقة، وهي اختراق وانتهاك القانون([17]). وتسعى في تلك البيئة نحو تحقيق أهدافها، والانتشار الأفقي والرأسي في آن واحد فتعتبر نفسها في هذه الحالة الوصية على الأحوال، والمقدرات الوطنية، وإنها بذلك جديرة بالنفع، وإعلاء دور الوطن، وتبقي العداء لمعارضيها الداخليين ولعامة الناس، فيمكن لها الاستئثار بالسطلة دون أدنى محاسبة([18]).
ج – الفوضى: تستفيد القوة العميقة من تدهور الأوضاع الأمنية لدى الدول التي لا تملك قدرة كافية في السيطرة على التراب الوطني، وبخاصة التي تقع في حيز المناطق الملتهبة سياسيًا وأمنيًا، فتنتشر بعد ذلك القوى المسلحة سواء المدعومة داخلية، وغالب الأحوال خارجية فيظهر تشابك المصالح فيما بينها، فهذه سمة وخصيصة أساسية للحالة العميقة في تلك الدولة([19])، لأن كلهم يسعون جاهدين إلى أخذ نصيب الأسد في السلطة، وليصلوا في النهاية إلى السيطرة على الموارد الخاصة لهذه الشعوب([20]).
د – التحالفات: بالرغم من وضع القوى العميقة مصالحها نصب أعينها في المقام الأول، إلا أن ذلك لا يمنع من إقامة علاقات، وإبرام اتفاقيات بينها وبين القوى الأخرى([21])،لأن المحصلة الأساسية لهؤلاء هي تحييد دور الدولة، وقد تحصل تلك القوة على الشرعية السياسية، جراء خلق أمزجة من النظم القانونية التي تظهر شرعيتها، ولكن إذا نظرنا من ناحية الاتفاق الشعبي نجد أن المجتمع تم تحييده عن المشهد، وهذا كما ذكرنا ظاهرًا وجليًا في الحالة العربية، والإفريقية.
جدير بالذكر أنه لا يمكن للدولة العميقة بأي شكل، أو أي حال من الأحوال أن تحافظ على السرية لفترة زمنية طويلة، إذ إنه كلما انتشرت، وتوزعت، وحصلت القوى العميقة على مزيد من النفوذ والسيطرة كلما تولت نشاطاتها أمام الناس، والعامة جميعًا، والذي يشير إلى ذلك بعض من الفضائح والانتهاكات والفظائع، كمثل أعمال الاغتيالات، والتفجير، وما إلى ذلك من أعمال عنف توجه أصابع الاتهام فيها إلى الدولة العميقة، ولهذا قد تعمل القوى العميقة بشكل شبه رسمي، وتكون معروفة للجميع، وخاصة في المراحل المتأخرة من انتشارها واستيطانها([22]).
ومما سبق يمكن لنا تصور الأدوات المختلفة التي تستخدمها القوى العميقة في أعمالها، ولترسخ قواعدها في أعماق الجهاز الإداري للدولة، ولتكون بذلك ثمة أمر واقع مفروض على الشعوب، والمجتمعات المسالمة التي لا يد لها، ولا سلطان في تلك التطورات والمستجدات، ويمكن سرد تلك الأدوات والاستراتيجيات على النحو التالي:
– القوة العسكرية: القوة العسكرية هي الركيزة الأساسية، للقوى العميقة، وأولى بداياتها في نشر سطوتها، والتعمق بين أجهزة الدولة، والقوات المسلحة الرسمية، والمناصب رفيعة المستوى([23]).
– استخدام الغطاءات الطائفية، والإثنية: تستخدم الدولة العميقة الشعارات الرنانة، والحماسية، والتي في محتواها تكون عاطفية لتجذب قدرًا كبيرًا من الأمة، لتكتسب بذلك قوة ونفوذًا؛ لتحقق تقدمًا على الأصعدة كافة، وكثيرًا ما تكون هذه الخطابات التي تصدرها الدولة العميقة مضللة يقع في أثرها، وتأثيرها عامة الناس، بيد لا يتوقعون تأثيراتها إلا بعد أن تصبح القوى العميقة أمرًا واقعًا لا مفر منها، فبالرجوع إلى ما قبل ذلك الخطة المتصدرة لهؤلاء هي الحفاظ على مقومات التكتلات البشرية لا سيما تلك المستضعفة، والتي تم تحييدها عن المشاهد السياسية، والقرارات المصيرية للأمة بمرور الزمن، ولكن بعد ذلك يتكشف للجميع أن تلك القوى جاءت لتحقق مصالحها في المقام الأول التي كثيرًا ما تتعلق بالاستئثار بموارد الأمة([24]).
– الدعم الخارجي: وهذه أداة محورية للقائمين على الدولة العميقة، فالدولة الوطنية تقع ضمن دائرة مغلقة حيث تحركها القوى العميقة كدمى، والأخيرة تحركها القوى الخارجية الإقليمية والدولية على نفس النهج، والنماذج الإفريقية والعربية التي تنتشر فيها جهات الإعلام، والأعمال، والمليشيات المسلحة خير دليل على ذلك([25]).
– الحالة الإدارية التقليدية للدولة: النظم الإدارية القديمة أنماط جامدة لا يمكن تغييرها بين ليلة وضحاها، ويعد هذا دافعًا كبيرًا للقوى العميقة لاختراقها بمرور الوقت، وتتميز كذلك الأنظمة العربية، والإفريقية بتلك السمات حتى في الشؤون العسكرية، والدفاعية، فيتم استهدافها من قبل الدولة العميقة لتنتشر وتتوزع لتصبح أحد اللاعبين في المراكز والمشروعات الاقتصادية العامة للدولة ويتم تعينهم بفضل البيروقراطية في المناصب الرئيسية سواء في الإدارة عمومًا أو حتى في القوات المسلحة([26]).
– التحولات السياسية: تنتهج الدولة العميقة سياسة استخدام توتر الأحوال السياسية، وخاصة في فترات التحولات الثورية، والانتفاضات، والتحول إلى مقدمات النظام الديمقراطي عمومًا، بل تساهم في تعميق سوء الأوضاع، ونشر الفوضى وراء ذلك، فهذه الأوضاع تقتطع أشواطًا كبيرة وأميالًا أمام سطوة جهات القوى العميقة على عكس استقرار الأحوال التي تجعل من تلك الجهات تبذل جهودًا مضنية، وفي فترات زمنية طويلة الأمد حتى تصل إلى غرضها([27]).
المبحث الثاني: الدولة العميقة في العراق ما بعد ۲۰۰۳
لكي نكون على إحاطة بقدر كبير بمظاهر الدولة العميقة في العراق اهتمامًا بالأوضاع التي لحقت بالعراق ما بعد الاحتلال الأمريكي ۲۰۰۳، وما إذا كانت الدولة العميقة تتوغل في مكونات الدولة أي هي حقيقة لا مفر منها أم إنها مجرد مبالغات يقع فيها البعض، فقد لعبت الولايات المتحدة الأمريكية دورًا رئيسيًا في هذه الأوضاع كما هو الحال في خطط هذه الدولة في السيطرة على الدول النامية وخاصة تلك الدول ذات الاحتياطي النفطي، والأهمية الاستراتيجية الجيوسياسية، فذلك انعكاسًا للسياسة الأمريكية، والتي نلاحظ جذورها في سلسلة الحروب الأمريكية الاستعمارية([28]).
المطلب الأول: الأحوال العراقية:
إن المتتبع للتاريخ العراقي قبل ۲۰۰۳ يتوصل إلى أن العراق من الأمم التي لها تاريخ عريق مشهود له بالتفاعلات الإنسانية، حيث إن أقدم الحضارات التي عرفتها البشرية “الحضارة الآشورية” أثرت وتأثرت بنتاجات العلاقات الإنسانية، كما تعد العراق مكانًا آمنًا، ومحتضنًا للعديد من الطوائف، والأعراق، الذين جاءوا إلى العراق من الدول والمناطق المجاورة وبمرور الوقت أضحوا جزءًا من مكونات الشعب العراقي، يسودهم حالة من التعايش السلمي، والتآخي بالرغم من وجود بعض التوترات في بعض اللحظات التاريخية إلا أن ذلك يعد ثمة أحداثًا عابرة لم يمكن حسبانها في مسار العلاقات الإنسانية العراقية التاريخية([29]).
وانقلبت الموازين رأسًا على عقب في العصر الحديث، فتشهد الساحة العراقية منذ منتصف القرن العشرين أحداث عنف، وتوترات سياسية، وحروبًا أهلية عرقية، وتباينت جذور هذه الأزمات العرقية منذ قيام الجمهورية العراقية 1958، ويرجع البعض ذلك إلى اعتماد الإدارة العراقية في نظام حكمها على مجموعات قومية ذات أصول عربية على حساب التكتلات البشرية الأخرى، وكنتيجة عكسية لهذه الممارسات ظهرت أولى جماعات الميلشيا المسلحة “فيلق البدر” عام 1983، وتدريجيًا سطع نجم التكتلات العسكرية المدعومة من إيران، وبقيت الأوضاع العراقية كما هو معهود، ومعروف عنها تشهد استقرارًا سياسياَ واجتماعياَ يتخلله اضطرابات على الأصعدة كافة، وخاصة في ضوء التدخلات الدولية من قبل الولايات المتحدة الأمريكية كالحصار السياسي، والاقتصادي، فتعايش وتأقلم الشعب العراقي على هذه الأوضاع، ولكن جاء عام ۲۰۰۳ ليغير الخارطة العراقية الديموغرافية، والسياسية، والاقتصادية، جراء الاحتلال الأمريكي للعراق، وسقوط الإدارة العراقية بما فيها أجهزة الدفاع والأمن الداخلي، إذ قامت القوات الأمريكية منذ بداية احتلال العراق بتفكيك كل الأجهزة الأمنية كالجيش، ونسبة كبيرة من القوى الداخلية، وإعادة تنظيم الجيش العراقي مرة أخرى لم يكن بكفاءته التنظيمية والتسليحية التي كان عليها من ذي قبل، فيعد ذلك خرقًا، وتنصلًا من تعهدات الولايات المتحدة الأمريكية بإعادة الأوضاع كما هي عليه لمجرد إسقاط النظام([30]).
كما أن قيام الولايات المتحدة الأمريكية بوظائف الدفاع، وإدخالها في الأوضاع السياسية كان سببًا رئيسيًا في إخراج النظام الدفاعي عن وظائفه الأساسية مما أدى إلى عدم تمكن القوى الأمنية في ضبط الأوضاع الاجتماعية والأمنية، وجاء بردود فعل عكسية على الجيش العراقي([31]). وترتب عليه ظهور العشرات من المليشيات المسلحة العراقية، والقومية، والإثنية، وخصوصًا تلك المدعومة من النظام الإيراني أي الجماعات المسلحة تحت غطاء طائفي شيعي([32])، فضلًا عن المليشيات المسلحة السنية، والكردية، والقومية التابعة لحزب البعث العراقي، التي استخدمت شعارات مقاومة الاحتلال الأمريكي في البداية، وبمرور الوقت اتضحت خططها في السيطرة السياسية.
وبالرغم من مغادرة قوات الاحتلال للأراضي العراقية ۲۰۱۱ فلم تشفع هذه التطورات للجماعات المسلحة في وقف أعمال العنف، بل كثفت وزادت حدتها، وأضحى لها نصيب الأسد في القرارات الإدارية. والحشد الشعبي خير دليل على ذلك، والتي تأسست منذ عام ۲۰۱4 إلى أن دفعت تلك الأحداث إلى إعلان رئيس الوزراء العراقي “حيدر العبادي” أن جماعة الحشد الشعبي جزء من الضبط الإداري الأمني للسلطة العراقية منذ حزيران ۲۰۱5.
وتشكلت أيضًا العديد من الأحزاب السياسية بعد ۲۰۰۳، تعد انعكاسًا في معظم الأحوال عن القرارات، والخطط الاستراتيجية للقوى المسلحة المسيطرة على الساحة الأمنية العراقية، فنجد أنه بدلًا من تركيز تلك الأحزاب على محاولة إيجاد حلول لعلاج الأزمة العراقية، وإدخال إصلاحات من شأنها أن تؤدي إلى إعلاء دور الإدارة السياسية الموحدة في تنمية الجوانب الاقتصادية واسترجاع الذاكرة التاريخية للحالة العراقية، التي كانت تعد من أفضل النماذج الإقليمية في احتضان الأعراق، والتعددات الإثنية، والطائفية في كيان واحد متجانس، بل وضعت الأحزاب نصب أعينها السيطرة على القرار السياسي، وإعلاء مصالحها الضيقة على حساب مصالح الشعب العراقي، بيد أن توسعات جبهات الصراع بحيث شملت جميع الجوانب في مقدمتها السياسية، والعسكرية، وخاصة بين الجماعات المسلحة السنية، والشيعية، والتي تسعى إلى محاولة فرض سيطرتها على القرار الإداري العام للدولة العراقية([33]).
جدير بالذكر أن سلسلة التراكمات التي شهدتها العراق من ضعف، وصراع بين القوى السياسية جعلت من الجيش الوطني ضعيفًا غير قادر على ضبط الأمن، فبدلًا من وجود قوى عسكرية لمليشيات مسلحة على الأقل تقدير له أصول وجذور متأصلة من ذي قبل، ولكن ساهمت هذه التطورات في ظهور جماعات مسلحة أجنبية كتنظيم القاعدة، والذي يبدو أن معظم أفراده من القوات المنبثقة من القوات النظامية([34]).
بناء على ما سبق فتنقسم الأوضاع السياسية، والأمنية الحالية إلى شقين كما يراها البروفيسور “آريل آهرام” أن التكتلات المسلحة إما جاءت لتدعم الحكومة، وإيما ممولة من جهات دولية خارجية([35])، وفي الوقت نفسه فإن معظم هذه الجماعات هدفها الرئيس محاربة تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” سواء من قبل الجماعات الشيعية، والأكراد، وبعض الجماعات السنية، ولكن الغاية العليا لهذا الجماعة هي السيطرة على المؤسسات الأمنية، والعسكرية، والتي هي بطبيعة الحال المسيطرة على القرار السياسي، والإداري العراقي، والحشد الشعبي في مقدمة هؤلاء، وتشير أصابع الاتهام إليه بالتعاون مع إيران، وأنكر الحشد ذلك تكرارًا، وذلك من ناحية أهدافها. أما الشؤون التنظيمية للجماعات المسلحة فترتكز في الأساس على محاولة إخضاع الأجهزة التنفيذية الحكومية تحت ولايتها تدريجيًا، وكما تستخدم المناطق الاستراتيجية العسكرية للقوات العراقية الوطنية في أعمالها الحصرية، ويظهر جليًا عندما قامت بعض الميلشيات المسلحة الشيعية بالسيطرة على مطار بغداد بمساعدة الأجهزة الأمنية بعد اختراقها، وذلك بغرض استخدامه أداة لنقل القوات التي تساند، وتدعم الجيش السوري الوطني في حربه على تنظيم الدولة، والمجموعات المقاتلة الأخرى في سوريا([36]).
إذن يتضح من خلال الهياكل التنظيمية للجماعات المسلحة، وأهدافها أن غايتها العليا الانتشار الجغرافي، والتوسع، والتوغل في المناطق الجيوسياسية الحيوية والداعمة إلى السيطرة على موارد الدولة، ومناطق جلب، وإرسال مقاتلين من الداخل والخارج في بعض الأحيان، وبالتالي نتوصل إلى أنها جاءت لتحقق مصالحها في المقام الأول دون مراعاة مصلحة الشعب في الأساس، إذ إن المحتل قد غادر منذ ۲۰۱۱، كما أن العراق تمكن من دحر معظم مقاتلي الدولة الإسلامية في السنوات الأخيرة، وبالرغم من ذلك ما زال المشهد السياسي غير مستقر؛ نظرًا لسعي القوى الحزبية، والعسكرية المختلفة لأجل أخذ مزيد من الصلاحيات، والامتيازات في الإدارة العراقية.
المطلب الثاني: الدولة العميقة في العراق بعد ۲۰۰۳
هناك عدم اتفاق بين الباحثين فيما يخص تواجد أركان الدولة العميقة في ديناميكيات الإدارة العراقية من عدمه؟ حيث يرى أصحاب نظرية عدم وجود ما يسمى الدولة العميقة أن العراق في الأساس في الوقت الحالي في مرحلة اللا دولة فكيف يظهر دولة داخل الدولة، وعلى سبيل المثال يشير “مجاهد الطائي” إلى أن العراق يسعى إلى بلوغ مكونات الدولة فهي دولة ضعيفة، وهشة، فالعراق طبقًا لتكويناته حاليًا عبارة عن هويات متنوعة، ومتصارعة لكسب النفوذ والتحكم في مقدرات سلطة تعاني من الفساد المتنامي، جعلت العراق يأخذ ترتيبًا متقدمًا في مصاف الدولة التي ينتشر بها الفساد، وليس بها أي من مقومات الدولة القانونية الدستورية، وأن اللا دولة ترتكز على استخدام العنف، والفوضى وكما يعتمد في رؤيته ونظريته على أن الأحزاب، والمليشيات المسلحة هي التي تحرك نموذج اللا دولة بالقوة الجبرية([37]).
ولا يتفق الكثير مع هذه الرؤية المتعلقة بمفهوم اللا دولة، ووصف الحالة العراقية بهذه الحالة، حيث إن مفهوم اللا دولة يعني عدم حضور مكونات الدولة بمفهومها الإداري الحديث وتنظيماتها، فمجتمعات اللا دولة لا يحكمها العنف بل تحكمها عادات وثقافات خاصة بها، وتناهض مجتمعات فكرة الدولة لكونها ترتكز وتعتمد على عنصر السيطرة السياسية في يد واحدة من حيث الهيمنة السياسية، والاجتماعية فهناك فرق بين منظومة الفوضى، والصراعات السياسية وبين التعايش الاجتماعي بدون وجود مقدمات ومرتكزات الأجهزة الإدارية([38])؛ ولذلك فإن الحاصل في العراق ما هو إلا صراعات سياسية تأخذ أطرًا طائفية يمكن وصفها بأنها حرب أهلية.
الدولة العميقة في العراق:
ذكرنا سابقا أن سوء الأوضاع الأمنية، والسياسية بعد ۲۰۰۳ أفرز مجموعات مسلحة، وبالنظر إلى مقتضيات مصطلح الدولة العميقة وعند إلقاء نظرة خاطفة على الأحوال العراقية قبل ۲۰۰۳ نتوصل إلى نتيجة مفادها أن الدولة العميقة في العراق يرجع جذورها إلى بدايات عام ۱۹۱۸ حيث تكونت أول مجموعة عسكرية خارج الأطر الشرعية، بدعم من سلطات الاحتلال البريطاني آنذاك، وكانت تسمى حينها “الإدارة المدنية البريطانية” تتشابه نشاطاتها مع أعمال جمعية “الاتحاد والترقي” التركية، التي نشأت في ظلها مقدمات الدولة العميقة في تركيا، فالقاسم المشترك هو أخذ مكانة السلطة الرسمية ([39]). وبعد قيام حزب البعث أخذ رؤساؤه تباعا بإرساء قواعد الدولة العميقة في العراق من خلال بناء شبكة معقدة من رجال الجيش، والقوى الأمنية الداخلية، ورجال سياسة رفيعي المستوى استخدمت فيها أشكالًا متعددة من الاضطهاد، والعنف الفردي، والجمعي، وهذا ما يجعل هذا النموذج متقاربًا مع الدولة العميقة في باكستان، ومصر، بحسب ممارسات حزب البعث العراقي، ومتقاربًا إلى حد كبير مع نهج الدولة العميقة في الدول العربية والإفريقية الأخرى([40]).
إن سياسة حزب البعث في البداية هدفت إلى الاستئثار بالسلطة، وبوجود “صدام حسين” في سدة الحكم انفرد بالمشهد السياسي، وبدعم من رجال الحزب القديم، كما أنه قام بتحييد دور القوى السياسية الأخرى بشتى الطرق والوسائل، وهذا ما يتقارب مع خصائص الدولة العميقة، والتي سبق وأن ذكرناها آنفًا، وهي أن الدولة العميقة تسعى في المقام الأول إلى تطبيق أهدافها دون مراعاة المصالح العامة، وفي الوقت نفسه، وبالتوازي مع انتهاك القانون([41]).
ومرة أخرى تغيرت الأوضاع بشكل دراماتيكي بعد عام ۲۰۰۳، بسقوط الدولة العميقة القديمة، وبداية ظهور مقدمات الدولة العميقة الجديدة، وتتمثل في القوى العسكرية، وأحزابها التابعة إلى “أحزاب الإسلام السياسي” بشقيه السني، المدعوم من القوى الإقليمية المجاورة كالسعودية، والشيعي المدعوم من إيران.
إن المتتبع لمكونات الدولة العميقة يتوصل إلى أن هذه القوى تجذرت أصولها في الأجهزة الإعلامية ومفاصل الدولة وأجهزتها، إذ إن هذه الشبكة العميقة المعقدة، من العوامل الرئيسة في فشل الحكومات العراقية المتعاقبة منذ عام ۲۰۰۳، ومنذ رحيل الاحتلال الأمريكي ۲۰۱۱، لم تتمكن الحكومة العراقية في تحقيق آمال شعبها، فأضحى من الصعوبة تحجيم دور القوى العميقة في العراق في ظل تنامي الدعم الخارجي لها، وإعلان خططها أمام العيان، واعتراف بعض أعضاء الجهاز الإداري بشرعيتها؛ ومن هنا فإن استخدام مصطلح الدولة العميقة من قبل المسؤولين العراقيين في الفترة الأخيرة لم يكن صدفة، بل نتيجة حتمية لتصدر القوى العميقة المشهد مع تحييد دور الحكومة الوطنية جانبًا، حتى صرح أحد أعضاء التحالف السياسي البرلماني “أحمد المساري”([42]) أن الدولة العميقة تعمل الآن على إدارة الدولة، وأنها وصلت إلى البرلمان العراقي، وهو جزء من الدولة العميقة.
وبناء على ذلك، نستطيع القول إن القوى العميقة أخذت مكانة شرعية، فحجر الزاوية في تمكن الدولة العميقة هو الانتشار والتوزع؛ ويوضح هذا -على سبيل المثال- أعمال ميليشيات الحشد الشعبي في الحصول على مقدرات الدولة العراقية من خلال الانتشار المكثف لما يسمى “المكاتب الاقتصادية”([43])، وتحصيل أموال المواطنين إجبارًا، وتوجيهها واستخدامها في التسليح بدلًا من استخدامها لخزانة الدولة، فهذه سمة من سمات الدولة العميقة التي تجني الأموال من المدنيين بالقوة دون مراعاة مصالح الشعب.
وترجع بداية ظهور الدولة العميقة الجديدة على أرض الواقع منذ عام ۲۰۰۸، في ظل الاحتلال الأمريكي، وبحسب جريدة العربي الجديد فإن بداية التأسيس كانت مع وصول حزب الدعوة بقيادة نوري المالكي رئيس الوزراء السابق إلى الحكم، فهذا الحزب هو المؤسس السياسي للدولة العميقة، وتبع ذلك منظمة بدر التي استولت على غالبية الوزرات، فالخطط التي طبقها الساسة آنذاك عمدت إلى تعيين جهاز إداري مقرب أيديولوجيًا من السلطة، وهذا يطابق سياسات حزب البعث في بدايات تواجد الدولة العميقة في مقتبل القرن العشرين، وعمدت معظم هذه القوى لإعلاء مصالحها في المقام الأول، وتكريس النظام البيروقراطي للجهاز الإداري للدولة العراقية، وهذه كلها كما ذكرنا سابقا من أبرز الثغرات التي تستخدمها القوى العميقة في بسط نفوذها تدريجيًا([44]).
ويتوقع الخبراء أن يحل الحشد الشعبي محل حزب البعث إذا بقيت الأوضاع كما هي، وجدير بالذكر أن الدليل على وجود عناصر ومكونات الدولة العميقة أن القوى الشيعية نفسها تتصارع بين بعضها من أجل مراعاة مصالحها الضيقة، كصراع رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي ومقتدى الصدر، واستخدام كلاهما كافة الوسائل، والأساليب لنيل مزيد من المكاسب طبقًا لتقارير نشرتها جريدة العرب([45]).
ويشير ما سبق إلى أن الحروب الأهلية العراقية خصوصًا بين الشيعة والسنة ما هي إلا صراعات تحت غطاءات سياسية ساعدت القوى العميقة في انتشار لهيبها، بدأت جذروها مع الاحتلال الأمريكي، وبدعم إيراني فكثيرًا ما تقترن الدولة العميقة بالجهود والدعم الخارجي، فتؤكد التقارير والشواهد أن الشيعة جزء لا يتجزأ من المجتمع العراقي، وأن العراق وإيران وجد بينهم علاقات قوية وطيدة كما هو الحال مع الدول الخليجية المجاورة، ولكن منذ اندلاع الثورة الإيرانية منذ عام ۱۹۷۹، سعت إيران جاهدة في تصدير ثورتها، وجاء الاحتلال الأمريكي وما نتج عنه من عنف، وسقوط للجهاز الإداري للدولة ثمة نقطة الانطلاق نحو تطبيق ما ترتئيه الدول الرامية إلى فرض ما تريده على العراق في ظل هذا التطورات([46])، ولكن الدولة العميقة لا تراعي إلا مصالحها فكثيرًا ما تنتج صراعات فيما بينها، وحتى وإن كان مدعومة من جهة خارجية واحدة.
إن مظاهر الدولة العميقة في العراق تتضح من خلال ممارسات القوى العميقة من أدوات سبق التنويه عنها، مثل استخدام الأخبار المضللة، أو الحقيقية وتضخيمها من أجل تخويف عامة الناس ليخضعوا إلى سطوة تلك القوة، فبعدما اقتحم تنظيم “الدولة الإسلامية داعش” العراق وخاصة في الموصل قامت المليشيات المسلحة بنشر الخطابات الحماسية لتتمكن من كسب عاطفة الجماهير، فتبدلت الأحوال، وأضحت الجماعات المسلحة هي التي تسيطر على مرتكزات الإدارة العراقية([47]).
وبالنظر إلى أوجه التفرقة بين الدولة العميقة، والدولة الوطنية خاصة فيما يتعلق بالنموذج العراقي نجد أن الأولى تسعى جاهدة إلى عسكرة الحكومة السياسية والجهات الإدارية العامة للدولة، ومنع أي أعمال لمنظمات حرة تراعي مصالح الأمة العراقية عمومًا، وإغراق الدولة العراقية في براثن الفساد والإجراءات الشكلية للسياسات والنظم الديمقراطية، وبقراءة ما تقتضي مفاهيم ومكونات الدولة العميقة كما ذكرنا سابقا نتأكد من أنها تستخدم فترة التحولات السياسية، والتحول السياسي إلى الديمقراطية وحدوث ثغرات في الإدارة، والتداول السياسي لبسط نفوذها والتعمق تدريجيًا، وتظهر الحالة العراقية الحالية مثالًا واضحًا على ذلك([48]).
ومن آثار الدولة العميقة في العراق الحالية فشل الحكومة في إدخال إصلاحات سياسية، واقتصادية، والاستغلال الأمثل لعوائد النفط في العمليات التنموية الاقتصادية كل هذه الأحوال مؤشرات تعبر عن مدى تغلغل القوى العميقة في مسار السياسة العراقية، كما تقوض وتحد من حالات التنمية الإدارية، أن لم تكن تلك الأجهزة مخترقة في الأساس من قبل هذه القوي([49]).
الترخيص للإرهاب:
يحتوي الدستور العراقي في كثير من مواده على نصوص أصبحت مجرد بنود للاستهلاك المحلي، ومن أهم تلك النصوص ما يتعلق بالبنود التالية:
- محاربة الإرهاب بكافة أشكاله، وتطهير البلاد منه([50]).
- تشكيل الجيش والأجهزة الأمنية من مكونات الشعب دون تمييز أو إقصاء وخضوعها للسلطة المدنية وعدم التدخل في الشؤون السياسية والسلطة([51]).
- حظر تكوين ميليشيات عسكرية خارج إطار القوات المسلحة([52]).
- حق كل مواطن في الحياة والأمن والحرية ولا يجوز تقييد هذه الحقوق إلا وفقا للقانون وبناء على قرار صادر من جهة قضائية مختصة([53]).
ولكننا نجد الدولة نفسها تمارس الإرهاب ضد مواطنيها، وتحويل القوات المسلحة إلى أداة للقمع، وقتل المتظاهرين السلميين بالرصاص الحي والغازات القاتلة إضافة إلى الخطف والاعتقال غير القانوني والتعذيب، وتحويل أراضي العراق من قبل الميليشيات المسلحة المدعومة من إيران إلى منطقة صراع من خلال قصفها السفارة الأمريكية في بغداد خلافا للمواثيق الدولية وقصف القواعد العراقية التي يتواجد فيها الأمريكان.
وفي واقعة مؤلمة نرى السلطات العراقية وميليشياتها المسلحة حرمت أكثر من 600 من الشباب من الحياة وأصابت وعوقت أكثر من 25 ألف من الشباب والمئات من الشباب المختطفين والمعتقلين بلا أمر قضائي كما نص على ذلك الدستور العراقي الذي أصبح في ظل الحكومات المتعاقبة حبراً على ورق([54]).
الخاتمة:
يتبين لنا من خلال العرض السابق أن مضمون الدولة العميقة متأصل في العلاقات السياسية منذ قديم الزمن، ولكن ظهر المصطلح في بداية القرن العشرين، وأصبح له مدلولات سياسية محددة، وأن الدولة التي تشهد أحداث عنف داخلية، وتوترات سياسية تعد من الدول التي تشهد حضورًا واضحًا لنشاطات الدولة العميقة.
ومن خلال ما عرضناه في مقدمة هذه الورقة البحثية لخصائص الدولة العميقة وخصائصها وأدواتها، وتطبيق ذلك بما يحدث في العراق نتوصل في النهاية إلى عدة استنتاجات، هي:
- الدولة العميقة في العراق متأصلة ومتجذرة منذ ظهور حزب البعث العراقي.
- ظهرت الدولة العميقة الجديدة في العراق بعد الاحتلال الأمريكي ۲۰۰۳م.
- ترتكز الدولة العميقة في العراق على العوامل الطائفية لنشر سطوتها.
- تعد إيران في مقدمة الدول الداعمة للدولة العميقة، وتتمثل في الجماعات والميلشيات المسلحة العسكرية وعلى رأسها “ميلشيات الحشد الشعبي”.
- القوى العميقة في العراق تتوزع ما بين جماعات مسلحة سنية، وشيعية، وكردية، ولكن الشيعية هي التي تسيطر على القرار السيادي السياسي للإدارة العراقية كتبديل للأدوار مع حزب البعث العراقي القديم.
- أدى ظهور القوى العميقة في العراق إلى ارتفاع معدلات الفساد السياسي والإداري فكلاهما وجهان لعملة واحدة.
- تحتاج الأجهزة الإدارية للدولة العراقية جهودًا مضنية، وفترات زمنية كبيرة للتخلص من الدولة العميقة، وخاصة في ظل عدم وضوح رؤية الدول الإقليمية في مساعدة العراق للخروج من هذ النفق.
المصادر والمراجع:
أولًا: المراجع العربية:
- إبراهيم السيد، ما هي الدولة العميقة؟، مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، مصر، أغسطس ۲۰۱5.
- باتريك أونيل Patrick H.O’Neil، الدولة العميقة المفهوم الناشئ في علم السياسة المقارن، ترجمة: الحسن مصباح، ع ۳۰، دراسات عربية وسياسية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، الدوحة، يناير ۲۰۱۸.
- بيار كلاستر مجتمع اللادولة، تعريب وتقديم: محمد حسين دكروب، ط 3، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، ۱۹۹۱.
- حارث حسن، العلاقات الشيعية فوق الوطنية والدولة الوطنية في العراق، دراسات عربية، المركز العربي للدراسات، الدوحة، سبتمبر ۲۰۱۸.
- ريم أحمد عبد المجيد، نحو تأصيل نظري لمفهوم “الدولة العميقة”، المركز العربي للبحوث والدراسات، مصر، ۲۰۱۸.
- زيناد منصور “المأزق السني في العراق، مركز كارنيغي للسلام الدولي، آذار 2016.
- طارق كاكهرهش محيي الدين، وكاردو كريم رشيد، الجماعات الشيعية المسلحة في الشرق الأوسط، وتأثيرها على النظم السياسية العراقية نموذجًا، ع ۲، مج ۳، مجلة جامعة التنمية البشرية، العراق، ۲۰۱۷.
- عبد المعطي ذكي إبراهيم، الدولة العميقة في مصر الخصائص والركائز، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، ۲۰۱6.
- عباس شريفة، الثورة والدولة العميقة “فلسفة الصراع واستراتيجية المواجهة”، رؤية للثقافة والإعلام، تركيا، ۲۰۱۸.
- علي الجرباوي، الدولة العميقة: محاولة لضبط المفهوم، ع 34، دراسات سياسات عربية “المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، سبتمبر ۲۰۱۸.
- علي جواد توت، وأزهر حميد محمد، الانفتاح الثقافي للجماعات الإثنية في العراق، ع 6۷۸، مجلة الآداب، كلية الآداب، جامعة بغداد، العراق، ۲۰۱۷.
- علي عبد الهادي المعموري، الجيش والفصائل غير النظامية في العراق: جدل الدولة والبديل الاثني، ع 22/6، مجلة عمران، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، قطر، ۲۰۱۷.
- علي عبد الهادي المعموري، سياسة الأمن الوطني في العراق، الدار العربية للعلوم، بيروت، ۲۰۱۹.
- كرار أنور البديري، سقوط الموصل: العراق ومحصلة الأعباء الداخلية والخارجية، دار دجلة، عمان، ۲۰۱5.
- محيي الدين محمد قاسم، العراق بعد الاحتلال بين التصورات الأمريكية المعلنة وواقع الإدارة الفعلية، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، العراق، آذار ۲۰۱۳، مصر.
- مصطفى شفيق علام، الدولة العميقة: المفهوم والتجليات: إطلالة على واقع الحالة العربية، ع ۱۲، مجلة البيان، المركز العربي للدراسات الإنسانية، القاهرة، ۲۰۱5.
- مصطفى عبد التواب، سقوط الأقنعة “القصة الحقيقية لثورة ٢٥ يناير البيضاء الأكثر تحضرًا، مجموعة النيل العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، ۲۰۱6.
- ميراندا سيسونز، عبد الرازق الساعدي، إرث مر، دروس من عملية اجتثاث البعث في العراق ۲۰۰4-۲۰۱۲، المركز الدولي للعدالة الانتقالية.
- يزيد صايغ، فوق الدولة، جمهورية الضباط في مصر، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، بيروت، ۲۰۱۲.
- التورط العسكري لحزب الله في سوريا ودوره الإقليمي الأوسع، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية، السعودية، ۲۰۱۷.
ثانيًا: المراجع الإنجليزية:
- Jon D.Michaels, THE AMERICAN deep state, Notre dame law review, University of Notre Dame, vol.93:4, 2018
- Dana Priest and William Arkin, Top Secret America: The Rise of the New American Security State, New York: Little Brown company, 2011
- Adam Przeworski, Democracy as a contingent outcome of conflicts in: J.Elstar & Slagsted, constitutionalism and democracy, Cambridge: Cambridge university Press, 1988.
- Rhoda rabikn.The aylwin government and tutelary democracy: a concept in search of a case, journal of Interamerican studies and world affairs, vol 34, no 4, 1992
- SERDAR KAYA, The Rise and Decline of the Turkish “Deep State”: The Ergenekon Case, Insight Turkey, Vol.11, No.4, 2009
- Ariel Ahram,.”Proxy Warriors The Rise and Fall of State-Sponsored Militias”.Stanford University Press, 2011.
ثالثًا: الأدبيات والتقارير على شبكة الانترنت:
- أحمد عناد، مفهوم الدولة العميقة بين النشأة وبين العراق، مقالة منشورة لدى جريدة الزمان الإلكترونية، بتاريخ 4 يوليو ۲۰۱۷، متاح على: ly/2Raj6FN.
- أمير المفرجي، العراق: الدولة العميقة واستمرار العملية السياسية، مقال منشور في جريدة القدس الإلكترونية بتاريخ 19/8/2019، متاح على: ly/2r582z6.
- زيد سالم، الدولة العميقة في العراق الحقيقة والمبالغات، مقال منشور لدى جريدة العربي الجديد، بتاريخ 3 نوفمبر ۲۰۱۸، متاح على:ly/34JaJ82 .
- سيار الجميل، مفهوم الدولة العميقة، مقالة منشورة على الموقع الرسمي للدكتور سيار الجميل، بتاريخ 6/12/2018، متاح على: ly/34GlzvZ.
- شاكر النابلسي، العراق: من ديكتاتورية البعث إلى ديكتاتورية الطوائف، تقارير منشور لدى جريدة DW الإلكترونية متاح على: ly/2qbzYAX .
- مجاهد الطائي، هل هناك دولة عميقة في العراق؟ مقال منشور لدى جريدة مركز العراق الجديد بتاريخ 9/2/2019 متاح على:ly/2r55P6U .
- المساري: عبد المهدي لم يلتزم بالاتفاقات…والدولة العميقة تدير الدولة والبرلمان واستبعاد متعمد لقوى الإصلاح، تقارير منشور لدي جريدة “الحدث كما حدث”، بتاريخ 14/4/2019 متاح علىly/2Dzn2YV :.
- علي الكاش: “الدولة العميقة” في العراق، تقرير منشور بشبكة أخبار العراق، بتاريخ: 30/3/2019 متاح على:ly/35VK5JA .
- تقرير عن “الدولة العميقة” في العراق: مقدمة لإقصاء المالكي من المشهد السياسي، تقرير منشور بجريدة ناس الإلكترونية ومصدرها جريدة العرب، بتاريخ: 14/12/2018 متاح على: ly/2Ld8W3m.
([1]) علي الجرباوي، الدولة العميقة: محاولة لضبط المفهوم، ع 34، دراسات سياسات عربية المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، سبتمبر ۲۰۱۸، ص 7-8.
([2]) ريم أحمد عبد المجيد، نحو تأصيل نظري لمفهوم “الدولة العميقة”، المركز العربي للبحوث والدراسات، مصر، ۲۰۱۸، ص ۱.
([3]) مصطفى عبد التواب، سقوط الأقنعة القصة الحقيقية لثورة ٢٥ يناير البيضاء الأكثر تحضراً، مجموعة النيل العربية للنشر والتوزيع، القاهرة، ۲۰۱۹، ص 347.
([4]) باتريك أونيل Patrick H.O’Neil، الدولة العميقة المفهوم الناشئ في علم السياسية المقارن، ترجمة: الحسن مصباح، ع 30، دراسات عربية وسياسية، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسيات، الدوحة، يناير ۲۰۱۸، ص 84.
([5]) إبراهيم السيد، ما هي الدولة العميقة؟ مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية، مصر، أغسطس ۲۰۱۰.
([6]) ريم أحمد عبد المجيد، مرجع سابق، ص ۲.
)[7]) Jon D. Michaels, THE AMERICAN deep state, notre dame law review, University of Notre Dame, vol. 93:4, 2018, p 1653-1656
([8]) تقارير صحفية، بعد تركيا، ومصر، وروسيا… كيف وصلت الدولة العميقة إلى أمريكا، تقارير منشورة لدى جريدة CNN بالعربية بتاريخ 11/3/2017 على الرابط التالي https://cnn.it/2L4WSB9
)[9]) Dana Priest and William Arkin, Top Secret America: The Rise of the New American Security State, New York: Little Brown company, 2011, page 52.
([10]) ريم أحمد عبد المجيد، مرجع سابق، ص ۲.
)[11]( Adam Przeworski, Democracy as a contingent outcome of conflicts in: J. Elstar & Slagsted, constitutionalism and democracy, Cambridge: Cambridge university Press, 1988. P 50-80
)[12] (Rhoda rabikn. The aylwin government and tutelary democracy: a concept in search of a case, journal of Interamerican studies and world affairs, vol 34, no 4, 1992, p 119-194.
([13]) Mike Lofgren, “Anatomy of the Deep State” ,Billmoyers, 21/2/2014, available on: https://bit.ly/2rJhuYQ
)[14] (George Friedman, The Deep State, Geopolitical Futures, March 15, 2017, available on: https://bit.ly/2R4F161
([15]) SERDAR KAYA, The Rise and Decline of the Turkish “Deep State”: The Ergenekon Case. Insight Turkey. Vol. 11, No. 4, 2009. p. 101
([16]) مصطفى شفيق علام، الدولة العميقة: المفهوم والتجليات: إطلالة على واقع الحالة العربية، ع ۱۲، مجلة البيان، المركز العربي للدراسات الإنسانية، القاهرة، ۲۰۱5، ص 6۸-۷۲.
([17]) باتريك أونيل، مرجع سابق، ص ۸5.
([18]) عبد المعطي ذكي إبراهيم، الدولة العميقة في مصر الخصائص والركائز، المعهد المصري للدراسات السياسية والاستراتيجية، مصر، ۲۰۱6، ص ۲.
([19]) مصطفى شفيق علام، مرجع سابق، ص ۷۳- ۷5.
([20]) عباس شريفة، مرجع سابق، ۲4-۲۷.
([21]) عبد المعطي ذكي إبراهيم، مرجع سابق، ص۳.
([22]) على الجرباوي، مرجع سابق، ص ۱۸.
([23]) إبراهيم السيد، مرجع سابق، ۲-۳.
([24]) باتريك أونيل، مرجع سابق، ص ۸6-۸۷.
([25]) عبد المعطي ذكي إبراهيم، مرجع سابق، ص 5.
([26]) يزيد صايغ، فوق الدولة، جمهورية الضباط في مصر، مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي، بيروت، ۲۰۱۲، ص 4-7.
([27]) مصطفى شفيق علام، مرجع سابق، ص ۷۹- ۸۲.
([28]) محيي الدين محمد قاسم، العراق بعد الاحتلال بين التصورات الأمريكية المعلنة، وواقع الإدارة الفعلية، مركز الحضارة للدراسات والبحوث، العراق، آذار ۲۰۱۳، مصر، ص ۱۸۱.
([29]) على جواد توت، وأزهر حميد محمد، الانفتاح الثقافي للجماعات الإثنية في العراق، ع 6۷۸، مجلة الآداب، كلية الآداب، جامعة بغداد، العراق، ۲۰۱۷، ص 2-6.
([30]) كرار أنور البديري، سقوط الموصل: العراق ومحصلة الأعباء الداخلية والخارجية، دار دجلة، عمان، ۲۰۱5، ص ۳6.
([31]) علي عبد الهادي المعموري، سياسة الأمن الوطني في العراق، الدار العربية للعلوم، بيروت، ۲۰۱6، ص: 147.
([32]) طارق كاكهرهش محيي الدين، وكاردو كريم رشيد، الجماعات الشيعية المسلحة في الشرق الأوسط وتأثيرها على النظم السياسية العراقية نموذجاً، ع 2، مج ۳، مجلة جامعة التنمية البشرية، العراق، ۲۰۱۷، ص: ۷65-۷66.
([33]) علي عبد الهادي المعموري، الجيش والفصائل غير النظامية في العراق: جدل الدولة والبديل الاثني، ع 22/6، مجلة عمران، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الدوحة، قطر، ۲۰۱۷، ص ۱۲۲-۱۲4.
([34]) زيناد منصور المأزق السني في العراق، مركز كارنيغي للسلام الدولي، آذار ۲۰16، ص ۱۹.
([35]) Ariel Ahram,. “Proxy Warriors The Rise and Fall of State-Sponsored Militias”. Stanford University Press, 2011, p 7:24.
([36]) طارق كاكهرهش محيي الدين، وكاردو كريم رشيد، مرجع سابق، ص ۷۷۰-۷۷۱.
([37]) مجاهد الطائي، هل هناك دولة عميقة في العراق؟ مقال منشور لدى جريدة مركز العراق الجديد، بتاريخ 9/2/2019 متاح على: .bit.ly/2r55P6U
([38]) انظر في ذلك مكونات وتعريف اللا دولة: بيار كلاستر مجتمع اللادولة، تعريب وتقديم: محمد حسين دكروب، ط 3، المؤسسة الجامعية للدراسات، والنشر، والتوزيع، بيروت، ۱۹۹۱، ص ۱۷۸.
([39]) عبد المعطي ذكي إبراهيم، مرجع سابق، ص 2-4-5.
([40]) شاكر النابلسي، العراق: من ديكتاتورية البعث إلى ديكتاتورية الطوائف، تقارير منشور لدى جريدة DW الإلكترونية متاح على: bit.ly/2gbzYAX.
([41]) ميراندا سيسونز، عبد الرازق الساعدي، إرث مر، دروس من عملية اجتثاث البعث في العراق 2004- 2012، المركز الدولي للعدالة الانتقالية، ۲۰۱۳، ص 4-7.
([42]) المساري: عبد المهدي لم يلتزم بالاتفاقات… والدولة العميقة تدير الدولة والبرلمان واستبعاد متعمد لقوى الإصلاح، تقارير منشور لدى جريدة “الحدث كما حدث”، بتاريخ 14/4/2019 متاح على: bit.ly/2Dzn2YV.
([43]) علي الكاش، الدولة العميقة في العراق، تقارير منشورة لدى شبكة أخبار العراق، بتاريخ 30/3/2019 متاح على: bit.ly/35VK5JA.
([44]) زيد سالم، الدولة العميقة في العراق الحقيقة والمبالغات، مقال منشور لدى جريدة العربي الجديد، بتاريخ 3 نوفمبر ۲۰۱۸، متاح على: bit.ly/34JaJ82.
([45]) تقرير عن الدولة العميقة في العراق: مقدماً لإقصاء المالكي من المشهد السياسي، تقرير منشور لدي جريدة نأس الإلكترونية، ومصدرها جريدة العرب، بتاريخ 14/12/2018 متاح على: bit.ly/2Ld8W3m.
([46]) حارث حسن، العلاقات الشيعية فوق الوطنية والدولة الوطنية في العراق، دراسات عربية، المركز العربي للدراسات، الدوحة، سبتمبر ۲۰۱۸، ص 20- ۳5.
([47]) أحمد عناد، مفهوم الدولة العميقة بين النشأة وبين العراق، مقالة منشورة لدى جريدة الزمان الإلكترونية، بتاريخ 4 يوليو ۲۰۱۷، متاح على: .bit.ly/2Raj6FN.
([48]) د/ سيار الجميل، مفهوم الدولة العميقة، مقالة منشورة على مقوع الرسمي للدكتور سيار الجميل، بتاريخ 6/12/2018، متاح على: bit.ly/34Glzvz.
([49]) أمير المفرجي، العراق: الدولة العميقة واستمرار العملية السياسية، مقال منشور في جريدة القدس الإلكترونية 19/8/2019 بتاريخ متاح على: .https://bit.ly/2r582z6
([50]) انظر: الدستور العراقي 2005، مادة رقم (7).
([51]) انظر: الدستور العراقي 2005، مادة رقم (9/أ).
([52]) انظر: الدستور العراقي 2005، مادة رقم (9/ب).
([53]) انظر: الدستور العراقي 2005، مادة رقم (15).
([54]) مشرق عباس، هيومن رايتس ووتش تنتقد الحكومة العراقية بسبب أحداث الحويجة”، المونيتور، 15 أيار: 2013.