قطر مدعوة لعقد مفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة الشباب الإسلامي الصومالية
اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – مصر – القاهرة
تعاني الصومال واحدة من أسوأ حالات الجفاف في جيل واحد بعد ثلاثة مواسم ممطرة متتالية ومحاصيل سيئة ووصل نقص الغذاء إلى حد الأزمة المُستحكمة مع الارتفاع المستمر في أسعار المواد الغذائية الأمر الذي يؤجج التضخم , ووفقًا للأمم المتحدة “يمكن أن يستمر الجفاف في التأثير بخطورة علي 4.6 مليون شخص بدون طعام كاف بحلول مايو 2022″ وعندما يضرب الجفاف الصومال يتذكر الكثير من الناس رعب المجاعة في 2011-2012 ووصل عدد القتلى رقماً مذهلاً يقدر بـ 258000 شخص نصفهم من الأطفال فقدوا حياتهم خلال تلك الفترة لكن هل الطبيعة هي الجاني الرئيسي للمجاعة في الصومال دائماً ؟ الإجابة بالقطع : لا , فتمزق الصومال إلي 3 وحدات سياسة منفكة الصلة ببعضها والوجود العسكري الأمريكي مع داعيات التغير المناخي والتصحر والفساد الحكومي عوامل رئيسية في أزمة الصومال التي لم تجد حلاً من الولايات المتحدة وغيرها من الوي الدولية المنافسة خاصة الصين الشعبية التي كالولايات المتحدة والأوروبيين يطفون علي موجات أزمة الصومال التي لا تهدأ .
كما أنه ووفقاً لـنشرةReliefweb في 10 يناير 2022 فقدأطلق الشركاء في المجال الإنساني خطة الاستجابة الإنسانية للصومال لعام 2022. وتسعى الخطة للحصول على ما يقرب من 1.5 مليار دولار أمريكي لمساعدة 5.5 مليون من الأشخاص الأكثر ضعفاً في البلاد , ساهم الصندوق الإنساني للصومال والصندوق المركزي لمواجهة الطوارئ بشكل كبير في الاستجابة الشاملة للصومال في عام 2021 ، حيث تم تخصيص حوالي 81 مليون دولار ، وهو ما يمثل حوالي 10 في المائة من إجمالي التمويل الوارد لخطة الاستجابة الإنسانية في عام 2021., وتشير النشرة إلي أن الجفاف يتفاقم في الصومال مع زيادة عدد المتضررين إلى أكثر من 3.2 مليون شخص في 66 من أصل 74 مقاطعة في البلاد بحلول نهاية ديسمبر ، بما في ذلك حوالي 169000 شخص نازح , وقد قامت بعثة الأمم المتحدة المشتركة بين الوكالات بزيارة بلدة سيل وعق للمرة الأولى منذ ست سنوات بعد إعادة فتح مهبط الطائرات المحلي من قبل سلطات جوبالاند أدى إغلاق مهبط الطائرات في مارس 2020 إلى جعل منطقة سيل وعق بعيدة عن متناول العاملين في المجال الإنساني , وقد أصدرت الأمم المتحدة والشركاء الإنسانيون في الصومال في 20 ديسمبرخطة الاستجابة الإنسانية لعام 2022 (HRP) للصومال والتي تسعى للحصول على ما يقرب من 1.5 مليار دولار لمساعدة 5.5 مليون من الأشخاص الأكثر ضعفاً في البلاد , سيحتاج ما يقدر بنحو 7.7 مليون شخص في الصومال إلى المساعدة الإنسانية والحماية في عام 2022 ، مما يمثل زيادة بنسبة 30 في المائة في الاحتياجات في عام واحد فقط ستعطي خطة الاستجابة الإنسانية الأولوية للمساعدة المنقذة للحياة لـ 5.5 مليون شخص ، بما في ذلك مليون طفل دون سن الخامسة وحوالي 1.6 مليون نازح داخليًا و 3.9 مليون غير نازح داخليًا ، فضلاً عن الأشخاص ذوي الإعاقة في جميع المقاطعات الـ 74 من خلال ضمان الوصول الآمن والعادل والكريم إلى سبل العيش والخدمات الأساسية .
وسط هذا الوضع المأساوي المُتدهور وبالإنفصال تماماً , عنه قامت إدارة الرئيس الأمريكي الجديد Joe Biden وبناءً على تقييم أجراه البنتاجون ومداولات مع الوكالات ووزارة الخارجية بتعديل قرار إنسحاب القوات الأمريكية البرية التابعة للقيادة الأفريقية العسكرية الأمريكية AFRICOM من الصومال الذي إتخذه الرئيس الأمريكي السابق D Trump في ديسمبر 2020, ففي شهر مايو 2022 أعلن الرئيس الأمريكي Biden من خلال وزارة الدفاع عن إعادة انتشار قوات البنتاجون في دولة الصومال / مقديشو , ويتزامن إتخاذ مثل هذا القرارمع تصعيد الحرب بين روسيا وأوكرانيا والتي سببها ما أُثير عن توسع منظمة حركة الشباب الإسلامي الصومالية (الناتو) بضم أوكرانيا إلي الحلف مما يؤدي من وجهة النظر الإستراتيجية إلي إضعاف الاتحاد الروسي وبداية زحف الصين الشهبية إلي الدول الجزري بجوب المحيط الهادئ بتوقيعها إتفاقاً أمنياً مع جزر سليمان في نهاية مارس 2022 وزيارة وزير الخارجية الصيني Wang Yi في نهاية مايو 2022 لخمس من هذه الدول وعقده لمؤتمر في 30 مايو 2022لوزراء خارجية 10 من هذه الدول الجزرية في SUVA عاصمة Fiji لتوقيع إتفاقية مع كل هذه الدول يغطي كل شيء من الأمن إلى مصايد الأسماك لكنه اخفق في 31 مايو في الإتفاق معهم جميعاً في الوصول لتوافق حول هذا الإتفاق , إلا أن الصين غير معهود عنها أنها تيأس بسرعة فستحاول إعادة الكرة , فالبعض يعتقد أن الطموحات العسكرية والمالية لبكين في المنطقة تثير مخاوف , ويعتقد البعض الآخر أن مثل هذا إلاتفاق سيُؤدي بلا داع إلى تصعيد التوترات الجيوسياسية وتهديد الاستقرار الإقليمي وأنه يتضمن في ثنياته تهديد ببدء عهد حرب باردة جديدة في أحسن الأحوال ،وحرب عالمية في أسوأ الأحوال” , بينما يعتقد آخرون بهذه الدول الجزرية إن الوجود الصيني المتزايد أفاد الناس , وأنهم أي الصينيين يجلبون المال إلينا .
إن قرار إعادة تمركز القوات الأمريكية في الصومال لا يمكن قراءته بمعزل عن التكليفات والمهام المنوطة بالعسكرية الأمريكية في العالم ككل وفي أفريقيا والقرن الأفريقي بصفة خاصة , لقد أكدد وزير الدفاع الأمريكيLloyd Austin ووزير الخارجية Antony Blinken أهداف واشنطن من تمويل حرب تقليدية في أوكرانيا , وإجهاد العسكرية الروسية فيها , وشارك أفراد الجيش الأمريكي في هجمات بطائرات بدون طيار وعمليات تفجير أخرى في الصومال منذ الفترة 2006-2007 ، عندما شجعت الإدارة السابقة للرئيس George W. Bush الأبن حكومتي إثيوبيا وكينيا آنذاك على التدخل في الشؤون الداخلية للصومال ، خدم تشكيل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (AMISOM) في عام 2007 مصالح الإدارات الأمريكية المتعاقبة وأوروبا الغربية ويأتي تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال من قبل الولايات المتحدة ودول الناتو الأخرى إلى جانب الأمم المتحدة , وتجدد الأمم المتحدة كل عام وجود بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال , وعلى الرغم من تمويل بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال(اجتاحت حركة الشباب قاعدة عمليات أمامية تابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال على بعد حوالي 100 ميل من العاصمة مقديشو ، مما أسفر عن مقتل ما يقدر بنحو 30 جنديًا من قوات حفظ السلام في تبادل لإطلاق النار) وتدريبها وتزويدها بالدعم الدبلوماسي من قبل دول الناتو إلا أن الوضع الأمني العام في الصومال لم يتحسن فقد واصلت حركة الشباب (تأسست في أوائل 2004 وهي الذراع العسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية وأشقت عنها لانمام الأخيرة لتحالف المعارضة الصومالية)شن تفجيرات وهجمات أخرى مميتة ضد المنشآت الحكومية وقواعد بعثة الاتحاد الأفريقي والمدنيين المنخرطين في الهياكل السياسية في البلاد , هذه المقاومة من جماعة الشباب الصومالي تستند في مقاومتها أو تمردها – وفقاً لوجهات نظر أخري -إلي الاحتلال العسكري المباشر للولايات المتحدة والأمم المتحدة للصومال بين 1992-1994 ، عندما حشدت العديد من قوات المقاومة لطرد الوحدات العسكرية الأجنبية من البلاد , وفي الواقع يمكن اعتبار ما قبل الاحتلال الأخير للصومال من قبل حكومة الولايات المتحدة استمرارًا لجهود إحتلالية بذُلت في السبعينيات فخلال هذه الفترة شجعت إدارة الرئيس الأسبق Jimmy Carter الحكومة الصومالية بقيادة الجنرال محمد سياد بري التي حولت ولاءها فجأة من الدول الاشتراكية إلى واشنطن وقامت – بدون تحسب لقوتها الداخلية ونفوذ خصومها وإرتباطاتهم الخارجية – بغزو إقليم أوجادين في إثيوبيا لإستعادته للصومال , ولم تحقق هذه الجهود في 1977-1978 الهدف المرجو منها وفشل غزو أوجادين فكانت القوات الكوبية الدولية – كما فعلت في أنجولا – موجودة في إثيوبيا تحت قيادة الدرج وساعدت القوات المسلحة للعقيد منجيستو هايلي مريم على هزيمة الغزو الصومالي المدعوم من الولايات المتحدة بشكل حاسم وبحلول عام 1991كان نظام سياد بري قد انهارتماماً مما أدى إلى فترة من عدم الاستقرار استمرت لأكثر من ثلاثة عقود وللآن ثم في أعقاب “Black Hawk Down ” عام 1993 ، عندما قام صوماليون بجر جثث جنود أمريكيين في الشوارع مما أثار انتقادات لإدارة Bill Clinton آنذاك وخلق ضغوطا من أجل انسحاب القوات الأمريكية وهو ما حدث بالفعل فقد أصبحت “بلاك هوك داون” معاناة لا تُنسى للجيش الأمريكي وغيرت السياسة الأمريكية في الصومال بل حتي في القارة الأفريقية , ولما عاد الأمريكون ثانية للصومال كانت الصومال هدفا للحرب الإمبريالية منذ ديسمبر 2006عندما دعمت الولايات المتحدة غزوًا بقيادة إثيوبيا أطاح بأول حكومة مستقرة بها ظهرت عندما دفعت القوات الإثيوبية القيادة الصومالية إلى المنفى فظهر المزيد من الفصائل المتشددة في مكانها وزرع بذور نمو ما يعرف الآن باسم حركة الشباب , وصنفت وزارة الخارجية الأمريكية حركة الشباب كمنظمة إرهابية أجنبية في فبراير 2008 ، مما وفر غطاء لإدارة Bush لبدء استهداف المجموعة ومعها الشعب الصومالي من الجو وبعد فترة وجيزة من تولي الرئيس Barack Obama منصبه في عام 2009أعطي الأذن بضربات الطائرات الأمريكية بدون طيار وكذلك نشر قوات العمليات الخاصة داخل الصومال , ثم قام الرئيس Donald Trump بتصنيف أجزاء من الصومال على أنها “مناطق القتال الفعلي” ووضع قواعد استهداف منطقة الحرب عندما وسع السلطة التقديرية للجيش لشن غارات جوية وغارات , ثم تعرض جنوب الصومال لتصعيد غير مسبوق في ضربات الطائرات الأمريكية بدون طيار حيث قُتل ما بين 900 و 1000 شخص بين عامي 2016 و 2019. حدث كل هذا دون إعلان الولايات المتحدة رسميًا الحرب على الصومال , ولذلك ولأسباب أخري يتحرك الأمريكيون في الصومال في مناخ مفعم بالكراهية والعداء المُستحكم , ولهذا فبقاء القوات الأمريكية في الصومال المُحطم من المستحيلات , إن إدارة الرئيس Biden تواصل استخدام الإدارات السابقة للقانون كتكتيك حرب ، وتدخل وتطبق قوانين وسياسات جديدة من أجل اقتراح أن تبذل الولايات المتحدة مزيدًا من الجهود للحد من الخسائر المدنية حتى مع إنها توظف القوة المميتة , كما لاحظ ذلك المؤرخ وأستاذ القانون Samuel Moyn فإن فكرة أن الحرب يمكن خوضها بطريقة إنسانية أصبحت محورية في الليبرالية الأمريكية مع عدد أقل وأقل من الأمريكيين الذين يشككون في قرار شن الحرب نفسها التي مازال يجري التصوير العنصري لها وللصومال كدولة مزقتها الحرب مع إمكانية مزعومة لتهديدها مصالح الولايات المتحدة أمر أساسي في الحفاظ على الدعم العام لتجديد الالتزام بالحرب . إن تصوير الصومال علي أنها تهديد للأمن القومي للولايات المتحدة زعم مفضوح يزيد من قبحه دعم الولايات المتحدة وتنافسها في ذلك القوي الدولية الأخري مثل الصين وروسيا والإتحاد الوروبي لنظم مشوهة وبغيضة وفاسدة في الشرق الأوسط , إنه نوع مبتذل من النفاق أصبح إدماناً يريدون ترويجه بين الجماهير التي مارسوا الذلال لها .
إن القرار الذي أتخذ بإعادة تمركز القوات الأمريكية في الصومال لم يكن قراراً عفوياً أو مُرتجلاً بل تزامن معه عقد مؤتمر حول أمن شرق أفريقيا الذي شاركت فيه العسكرية الأمريكية ووكالات الأمن القومي الأمريكي , فلقد أكدت AFRICOM في 16 مايو 2022 ضمن تقرير حديث , عقد المنتدي بمشاركة العديد من الوكالات الحكومية الأمريكية العاملة في جيبوتي وموقع معسكر Lemonnier بها حيث به قاعدة تابعة للبنتاجون وقاعدة عسكرية فرنسية يتمركز بهما الآلاف من القوات بهاتين القاعدتين , وبحسب الجنرال William Zana قائد قوة المهام المشتركة بالقيادة العسكرية الأمريكية لأفريقيا AFRICOM (CJTF-HOA) فإن منتدى أمن شرق إفريقيا لعام 2022 الذي عُقد في جيبوتي في 11 مايو2022 كان بمثابة منصة وجهًا لوجه لممثلين من وزارتي الخارجية والدفاع الأمريكية والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية ومجلس الأمن القومي واجتمع فيه أكثر من 50 مسؤولًا حكوميًا يعملون في أكثر من 10 دول في جميع أنحاء شرق إفريقيا معًا في جيبوتي في 2022, وتراوحت المناقشات بين الإستراتيجية الشاملة طويلة المدى والتهديدات الأمنية المحددة في المنطقة , وقال الجنرال Zana “إن أفريقيا هي موطن لبيئة أمنية معقدة – مليئة بالفرص والتحديات على حد سواء” وقال الجنرال بالجيش الأمريكي Stephen Townsend قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا “هذا صحيح بشكل خاص في شرق إفريقيا” , وقد واصلت حركة الشباب (يصفها الأمريكيون بأنها أكبر وأغنى وأخطر فرع للقاعدة في العالم) ، الهجمات العنيفة مثل تلك التي وقعت في سيل باراف في شهر مايو 2022, ويتعقد العسكريون الأمريكيون بأنه إذا تُرك “المتطرفون العنيفون” والتحديات الأمنية الأخرى دون رادع , فسوف يستمرون في تعريض شرق إفريقيا لخطر متزايد , وأن هذه التحديات بما في ذلك التراجع الديمقراطي والصراع والجفاف والمجاعة هي بالضبط سبب عقد منتدى شرق إفريقيا الأمني وليس بسبب إعادة تمركز القوات الأمريكية في الصومال وما يرتبط بذلك القرار .
للوقوف علي مغزي قرار الرئيس Biden إعادة تمركز القوات الأمريكية في الصومال والذي قال في مايو 2022 مسؤول كبير في إدارة Joe Bidenلصحيفة The Hill بشأنه : “وافق الرئيس بايدن على طلب من وزير الدفاع لإعادة تأسيس الوجود العسكري الأمريكي المستمر في الصومال (الجيش الصومالي يعمل على أسس سياسية وعشائرية ويقوم علي تدريبه دول مختلفة حتي عسكرياً) لتمكين قتال أكثر فعالية ضد حركة الشباب” , وأعتقد أنه للنظر إلي هذا القرار , يلزم النظر أولا إلي قرار الرئيس D . Trump السابق في ديسمبر 2020 والقاضي بإنسحاب القوات الأمريكية من الصومال أي قبل شهر من تولي الرئيس Biden , وفي هذا الشأن يُلاحظ أولاً : أن القرار تغير بعد إنقضاء نحو 5 أشهر علي إصداره فأعلنت إدارة Biden مؤخرًا أنها ستوفر “وجودًا مستمرًا” في الصومال لما يصل إلى “حوالي 450” جنديًا أمريكيًا علي حين كان القرار الذي اتخذه الرئيس الأمريكي Trump في ديسمبر 2020 يُشير إلي إنسحاب حوالي 700 جندي أمريكي من الصومال , وقال خبراء إنه قد يقوض الأمن في الصومال , وفي الواقع والحقيقة أنه قد يُقوض الأمن القومي الأمريكي لأن القرارات الأمريكية في خارج الولايات المتحدة معنية فقط بالأمن القومي الأمريكي , كما لا يعني هذا الإنسحاب إنسحاباً مطلقاً إذ الولايات المتحدة إحتفظت بما تدعيه من قدرة على تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب المستهدفة في الصومال وجمع الإنذارات والمؤشرات المبكرة المتعلقة بالتهديدات التي تتعرض لها الولايات المتحدة , ووفقاً لقرار الرئيس Trumpفقد انسحبت الولايات المتحدة بالفعل من مدينتي Bossaso و Galkayo الصوماليتين في وقت سابق من عام 2020 اعتبارًا من نوفمبر2020 , وكانت القوات الأمريكية لا تزال في مدينة Kismayo الساحلية الجنوبية وقاعدة Baledogle الجوية في منطقة Shabelle السفلى ، وفي العاصمة مقديشو , وقال مسئول أمريكي وقتذاك إن جميع القوات الأمريكية تقريبا ستغادر الصومال رغم أن بعضها سيبقى في مقديشو وأشار وقال بيان صادر عن البنتاجون لم يكن موقعا : “إن عددا غير محدد من القوات في الصومال سيتم نقله إلى الدول المجاورة ، مما يسمح لها بتنفيذ عمليات عبر الحدود وسيتم إعادة تعيين الآخرين خارج شرق إفريقيا “وقال أحد مساعدي أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي : ” إن الانسحاب يأتي في وقت صعب بالنسبة للصومال فهو قبل الانتخابات البرلمانية والرئاسية في الصومال ، وسيشكل معضلة مبكرة للرئيس المنتخب Joe Biden” , ولقد كان قرار الرئيس Trumpخلافيا وغير مُتفق عليه بين الرئيس Trump ووزير دفاعه Mark Esper الذي إستقال بسبب هذا القرار وربما معه أسباب أخري , فقد قال مسؤول أمريكي : “إن الوجود الأمريكي في الصومال كان نقطة خلاف بين Trump ووزير دفاعه السابق Mark Esperالذي أقاله الرئيس Trump في نوفمبر 2020حيث لم يكن وزير الدفاع يريد الإنسحاب .
القرار إذن كان خلافياً حتي في أوساط إدارة الرئيس السابق Trump ولهذا كان من اليسير نسبياً علي الرئيس الأمريكي الحالي Joe Biden تعديل هذا القرار ربما بناء علي عقيدة أنه لا تغيير في السياسة وأنما التغيير سيكون في الوسائل , فالجهد الأكبر سيكون في الجانب الوجيستي فستنتقل القوات الأمريكية من خارج الصومال إلي الصومال , أضف إلي ذلك الزيادة في وتيرة هجمات حركة الشباب الصومالي بنسبة لا تقل عن 17% عن عام 2020 ضد الوجود الأجنبي وقوات الأمن الحكومية الصومالية , فعلى المستوى العملياتي يٌقدر المسؤلون العسكريرن الأمريكون أن حركة الشباب ماتزال تمثل التحدي الأكبر الذي يواجه القوات الأمريكية , فوفقًا لتقييم إدارة Biden فإن حركة الشباب “للأسف فقط نمت أقوى” منذ قرار Trump الانسحاب في ديسمبر 2020, فحركة الشباب زادت من وتيرة هجماتها بما في ذلك ضد الأفراد الأمريكيين” وأن ساحة المعركة تشهد تصاعداً في الهجمات وكذا في المسار المالي لها فلدي الحركة القدرة على توفير مساحة أكبر للمجموعة للتخطيط و في النهاية لتنفيذ هجمات خارجية , وهنا لابد من القول – خاصة في ضوء تجربة أفغانستان – أن الأرض تحارب مع أصحابها ولذلك فإن هزيمة حركة الشباب عسكريًا والحالة هذه أمر مستبعد للغاية , لذلك يجب على صانعي السياسة الأمريكيين دعم تسوية تفاوضية لإنهاء الحرب في الصومال والتي طال أمدها , ولم ييأس مقاتلي الحركة فهم راسخو القناعة بأنهم يقاتلون مُحتل , ويتأسس علي هذه الحقيقة ضرورة بدء الإدارة الأمريكية في التفاوض مع حركة الشباب الصومالي كما تفاوضت في الدوحة مع طالبان/ افغانستان , وعلي التوازي علي الأمريكيين لربط الصومال مستقبلاً ككل بهم تشجيع المصالحة بين النخب الصومالية ويجب أن يشمل ذلك بدء حوار سياسي مع حركة الشباب حول كيفية التفاوض على إنهاء الحرب , فالرئيس Biden قال وأعلن عن ذلك غير مرة أن العدو رقم واحد للولايات المتحدة هو : الصين الشعبية يليها روسيا وليس طالبان أو حركة الشباب الصومالي أو غيرهما من القوي أو التيارات الإسلامية فقد حان وقت إنهاء هذه المتلازمة العدائية بين الإسلام السياسي والجهادي والولايات المتحدة , (آخر مرة ناقش فيها قادة الشباب إمكانية التفاوض على إنهاء الحرب كانت عام 2018) ورغم ما أقول فمازال بعض العسكريون الأمريكون وهم الجناح النافذ مقتنعون بأن أهداف الجيش الأمريكي في الصومال هي المساعدة في احتواء وإضعاف قوات الشباب وتعزيز قوات الأمن الصومالية ، مع دعم مهمة الاتحاد الأفريقي في الوقت نفسه وهذا أصبح الآن محل جدل وخلاف ومن هذا الجناح الجنرال Stephen Townsend قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا الذي صرح في شهر مايو 2022في مقر القيادة في شتوتجارت بألمانيا وقال :” أن جماعة الشباب الإرهابية استغلت الخلل السياسي في الصومال بعد الانسحاب الأمريكي لإعادة تجميع صفوفها وتحسين قدرتها على الضرب داخل القرن الأفريقي , في الأشهر الـ 16 الماضية ومنذ أن انتهينا من إعادة التموضع خارج الصومال ، أصبحت حركة الشباب أكبر وأقوى وأكثر جرأة وقد رأيناهم في الأشهر الأخيرة يشنون هجمات لم تكن لديهم القدرة على القيام بها في السنوات الثلاث الماضية التي كنت فيها هنا” , ومن الطبيعي لقائد القيادة العسكرية الأمريكية أن يكون هذا هو موقفه إذ أنه قال لأعضاء مجلس الشيوخ في 15 مارس 2022 إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) قد تضيف قوات في الصومال للسيطرة على حركة الشباب الإرهابية المتنامية وأضاف ” من وجهة نظري هي أن مشاركتنا الدورية التي يشار إليها أيضًا باسم الانتقال إلى العمل تسببت في تحديات ومخاطر جديدة لقواتنا وتقديري هو أنها ليست فعالة وتعرض قواتنا لخطر أكبر أعرب المشرعون في 15 مارس 2022عن دعمهم لتعزيز وجود القوات الأمريكية في الصومال وقال السناتور James Inhofe من ولاية أوكلاهوما ، والعضو البارز في لجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ ، إنه يعارض أمر إدارة Trump بسحب جميع القوات الأمريكية تقريبًا من الصومال والاعتماد على القدرات في الأفق لمكافحة الإرهاب , نحن نرى هذا يحدث على أرض الواقع في الصومال حيث تسوء الأمور وتكتسب حركة الشباب قوة , فقامت حركة الشباب التي تم تصنيفها على أنها منظمة إرهابية في عام 2008بتخطيط وتنفيذ عدد من الهجمات الإرهابية البارزة في جميع أنحاء إفريقيا بما في ذلك هجوم في عام 2019 ضد مجمع فندقي في نيروبي أسفر عن مقتل 21 شخصًا , وأعلنت الجماعة أيضا مسؤوليتها عن هجوم 2013 على مركز تسوق في نيروبي أسفر عن مقتل 67 شخصا ” , بناء علي الإعتراف المر بقوة حركة الشباب الصومالي فقرار الإنسحاب ثم تعديل هذا القراربإعادة التمركز لاشك يعكس مقدار الخلاف والجدال داخل البنتاجون والبيت الأبيض معاً ومجرد التراجع عن القراريعني ببساطة أنه خلافي .
وفي تقديري أن وجود قاعدة صينية كبيرة في جيبوتي تخدم البحرية الصينية متنامية القوة في المحيطين الهتدي والهادئ من العوامل الرئيسية في إتخاذ إدارة الرئيس Biden قرار إعادة تمركز القوات الأمريكية في الصومال , فالصين الآن تزحف بقوة نحو الدول الجزرية بالمحيط الهادئ ومن بين الإشارات الدالة علي أهمية وخطورة التداخل بين المحيطين الهندي والهادئ تغيير مُسمي القيادة العسكرية الأمريكية في المحيط الهادئ USPACOMليكون القيادة العسكرية الأمريكية للمحيطين الهادئ والهندي INDOPACOM , إن لدي الصين إتجاه واضح لعسكرة بحر الصين الجنوبي منأجل أمنها القومي , ولما كان من المهم ملاحظة خطورة موقع القاعدة الصينية في جيبوتي ووقوعها علي خليج عدن المُؤدي المحيط الهندي فالمحيط الهادئ , لهذا وقعت الولايات المتحدة مع الهند في 29 أغسطس 2016 على مذكرة اتفاق التبادل اللوجستي (LEMOA) وهي اتفاقية لوجستية عسكرية بموجبها السماح لكلتا الدولتين باستخدام القواعد الجوية والبحرية والأرضية لكل منهما بغرض الإصلاح أو التجديد , وبموجبها أيضاً تلتزم الولايات المتحدة برفع مستوى الهند إلى نفس مرتبة حلفائها الأقرب في نقل التكنولوجيا والتجارة العسكرية , مما سيسهل التدريبات والعمليات المشتركة , وهذا الإتفاق أبعد الهند لمسافة عن الصين , وهو علي أي مقياس تطور إستراتيجي في العلاقات الهندية / الأمريكية وإنقلاب نسبي لموازين القوي في آسيا ومع الصين بصفة خاصة .
كانت سياسة إدارة Trump تجاه إفريقيا متطرفة فقد كان أسلوب الرئيس Trump نفسه تجاه المنطقة محتقرًا مشوب بعدم المبالاة وتصويرالقارة على أنها “دول قذرة” , ويكفي في لتاكيد هذا أنه لم يزرأي دولة أفريقية أبدًا خلال فترة رئاسته , ورغم أن الرئيس Biden كان تركيزه مؤخرًا على أوروبا بما في ذلك بذله جهود لقمع واحتواء روسيا على الصعيد الدولي ، إلا أن موسكو ظلت تتمتع بنفوذ قوي في إفريقيا وخاصة في القرن الأفريقي ، في الوقت الذي تتوخى فيه الولايات المتحدة اليقظة تجاهه على وجه الخصوص و تزيد أهمية هذه المنطقة مع تصاعد هجمات حركة الشباب والوصع غير المُستقر في إثيوبيا ومغزي دعم إريتريا لروسيا في أزمة أوكرانيا الحالية فهي الدولة الإفريقية الوحيدة التي صوتت ضد قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الذي يطالب روسيا بسحب قواتها العسكرية من أوكرانيا , وبالتالي فلن تترك إدارة Biden هذه المنطقة وشأنها للروس وللصين منافستها الأساسية ، فالولايات المتحدة كررت مرارًا وتكرارًا أن الصين تهدف إلى توسيع نفوذها في إفريقيا وفي هذا الشأن عينت الصين دبلوماسيا كبيرا في منصب تم إنشاؤه حديثا كمبعوث خاص لشؤون القرن الأفريقي في فبراير2022 , ومنذ ذلك الحين انضمت العديد من الدول في القارة إلى مبادرة الحزام والطريق التي اقترحتها الصين مع قاعدة الدعم الخارجية العسكرية الوحيدة للصين والموجودة في جيبوتي التي تقع أيضًا في القرن الأفريقي كل هذه التطورات أثارت قلق واشنطن , علاوة على ذلك وكإنعكاس لتاثير الحرب الروسية / الأوكرانية يُقال إن الصومال هي واحدة من آخر الحدود البترولية غير المستكشفة على مستوى العالم وفي فبراير 2022رفض كل من رئيس الصومال ورئيس الوزراء الصومالي صفقة للتنقيب عن النفط تم توقيعها مع شركة أمريكية بعد ساعات من توقيعها حرصًا على حماية الموارد الوطنية للبلاد وقد تكون واشنطن غير سعيدة للغاية بهذه النتيجة فتأثير ضغط صناعة النفط الأمريكية على الحكومة قوي للغاية , واليوم في سياق ارتفاع أسعار النفط وأزمة الطاقة العالمية دعت الولايات المتحدة OPECإلى زيادة الإنتاج ، لكن الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية لم تكن على استعداد للاستجابة لمطالب أمريكا بالتي تنظر إلي النفط المحتمل بالصومال بأهمية خاصة , لذلك ليس من المستغرب أن نرى محاولة واشنطن تكثيف سيطرتها على المنطقة لمواصلة الوصول إلى موارد الطاقة الاستراتيجية بالإضافة إلى ذلك يُلاحظ أنه في اليوم السابق لإعلان البيت الأبيض قراره بإعادة نشر القوات الأمريكية في الصومال أجرت الصومال انتخابات رئاسية فاز فيها حسن شيخ محمود الذي شغل منصب رئيس الصومال بين عامي 2012 و 2017 .
علي أي حال فقرار الرئيس Biden لم يلغ الحاجة للضربات الجوية في الصومال علي غرار الضربات الجوية للجيش الأمريكي في أفغانستان , فيشير أحدث تقرير عن الضحايا المدنيين صادر عن القيادة الأمريكية في إفريقيا (AFRICOM) والذي غطى الفترة المنتهية في 31 مارس 2022 إلى أن القيادة لم تصدر تقريرًا واحدًا منذ أكثر من عام وبعد الضربة الأخيرة التي نُفذت في 22 فبراير من عام 2022, وفي أحدث تقرير ربع سنوي لتقييم الخسائر المدنية المنتهية في 31 مارس 2022 ، لم تتلق القيادة الأمريكية في إفريقيا أي تقارير جديدة عن وقوع إصابات في صفوف المدنيين ولم تكن هناك تقارير مفتوحة تم ترحيلها من الأرباع السابقة للعام , لذا قالت القيادة في بيان لها :”لا توجد حاليا تقييمات مفتوحة أو قيد المراجعة” , وقالت AFRICOM في بيان آخر إن الضربة الجوية في 22 فبراير 2022 كانت هجوماً مضاداً ضد المتمردين (أصحاب البلد) بعد أن هاجموا القوات الشريكة في مكان بعيد بالقرب من Duduble, ويُعد ذلك ثاني هجوم خلال إدارة الرئيس Biden بعد أشهر من الهجوم الأولي في يوليو عام 2021والذي وقع بالقرب من Galkayoفي الصومال , وكل هذا لا يعني أن لا خسائر بين المدنيين ففي تقرير آخر ظهر أن الانخفاض الملحوظ في استخدام أمريكا لضربات الطائرات بدون طيار لقتال حركة الشباب في الصومال أدى إلى عدد أقل من التقارير عن سقوط ضحايا مدنيين في البلاد , وهذا مرجعه إلي بعض المنظمات الإنسانية إنتقدت الهجمات الأمريكية الجوية التي لا تميز ما بين جماعة الشباب والمدنيين , ولهذا إلتزمت الإدرة الأمريكية التي يقوها الرئيس Biden فأدارت هجمات تحرت فيها إنضباطاً ورشدا فوضعت قيودًا جديدة على ضربات الطائرات بدون طيار خارج مناطق الحرب النشطة التي تتطلب هجمات بطائرات بدون طيار فأمرت بضرورة الحصول على سلطة مباشرة عبر البيت الأبيض ومع ذلك تشير صحيفة نيو يورك تايمز في 16 مايو 2022 : “إلي أن القيادة الأمريكية في إفريقيا ستعيد نشر قوات في الصومال ، وأن البيت الأبيض وافق على طلب البنتاجون السلطة التقديرية لتنفيذ ضربات الطائرات بدون طيار في البلاد , وربما كانت هذه التهدئة النسبية تؤدي إلي سبيل ما للإقتراب من تحقيق تسوية بين الولايات المتحدة وحركة الشباب , يُضاف إلي هذه السبل الزيارة الأخيرة التي قام بها وفد أمريكي إلي صوماليلاند (أرض الصومال) في 12 مايو 2022 وترأس الوفد السفير Larry Andre ممثلاً للولايات المتحدة في الصومال (وليس جمهورية أرض الصومال) ومن بين كبار المسؤولين العسكريين الآخرين الجنرال Stephen Townsend قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) , حيث إستقبلهم في هرجيسا “رئيس جمهورية أرض الصومال” موسى بيهي عبدي ووزير الخارجية د. عيسى كايد محمود وكبار المسؤولين الآخرين بمن فيهم المعاون الشخصي للرئيس والسكرتير الشخصي كل منهم كان متحمّساً بكلماته الخاصة بالترحيب بالولايات المتحدة وتوجه الوفد الأمريكي إلى بربرة لمشاهدة المطار الذي قامت بعمله القوات الجوية الأمريكية في أوروبا – القوات الجوية الأفريقية الصيف 2021, هذا وتناولت الزيارة مناقشات حول تعميق صوماليلاند والولايات المتحدة الشراكة والتعاون الأمني بينهما وهذه نقطة هامة فالوفد كان فيه Stephen Townsend قائد القيادة الأمريكية في أفريقيا (أفريكوم) وكان البحث فيها عن وسائل تعميق الشراكة بين صوماليلاند والولايات المتحدة وعلاقات التعاون الأمني , لذلك لهذه الزيارة مدلول يتجاوز المدة القصيرة لها , وتُعد هذه الزيارة تاريخية قياساً علي حقيقة أن ما يُدعي “جمهورية أرض الصومال” هي في الحقيقة جزء مُنفصل من جمهورية الصومال الإتحادية وتتأكد طبيعة الخطوات التي تخطوها الولايات المتحدة في الصومال من واقع الزيارة التي قام بها الرئيس موسي بيهي إلى الولايات المتحدة قبل بضعة أسابيع وهي الزيارة التي جاءت خلواً من أي شيء سلبي بما فيه سوء التسمية حيث رحبث إدارة الرئيس Bidenبهذه الزيارة رغم أنها تحمل في طياتها إعترافاً ضمنياً بما يُسمي جمهورية أرض الصومال وتأثير ذلك علي علاقات الولايات المتحد مع الدولة الفيدرالية في مقديشيو , ومن جانبها سارعت القيادة العسكري الأمريكية لأفريقياAFRICOM في إصدار البيان الذي أشارت فقرة منه إلي ما نصه : “التقى الجنرال في الجيش قائد القيادة الأمريكية في إفريقيا Stephen Townsen إلى جانب سعادة السفير Larry Andre الابن ، سفير الولايات المتحدة في الصومال مع موسى بيهي عبدي ، رئيس أرض الصومال في هرجيسا ، الصومال ، 12 أبريل 2022 ، ” وكانت الزيارة تتضمن تقييماً للوضع في الصومال وهي جزء من الجهود الروتينية لتقييم مواقع التشغيل المحتملة لتكون قادرة على الاستعداد للطوارئ أو ممارسة الاستعداد أو تعديل وضع القوة حسب الحاجة” مما يشير إلى أن مقديشو سمحت للوفد بزيارة أرض الصومال .
تمت زيارة الوفد الأمريكي لأرض الصومال وانتهت وقد عاد حسن شيخ محمود الرئيس السابق للصومال (2012-2017) بعد إنتخابه في 15 مايو 2022 بعد أكثر من عام من تأجيل الإنتخابات ، فهل يمكنه توحيد بلاده وإعادة العلاقات مع إثيوبيا ؟ , والسعى لإقامة علاقة أكثر توازناً مع إثيوبيا المجاورة , إن التحديين الرئيسيين اللذين يواجههما الرئيس حسن شيخ داخليان: القتال ضد مقاتلي الشباب كما يعتقد هو وحكومته والتصالح مع المنطقة الشمالية الانفصالية من أرض الصومال وهذا أمر ليس يسيراً فصوماليلاند أحرزت إعترافاً جزئياً بوجودها كدولة مُستقلة عن جمهورية الصومال الفيدرالية فأسست علاقات دبلوماسية مع جمهورية الصين الوطنية ( تايوان) أُعلن عنها في الأول من يوليو 2020 , وقد إستقبل رئيس صوماليلاند سفير تايوان لدي هرجيسة في 27 أكتوبر 2020 , وقبل الإعلان الرسمي عن إقامة العلاقات غرد Joseph Wu وزير خارجية تايوان علي تويتر وقال ” إن تايبيه و دولة صوماليلاند المُستقلة وقعتا اتفاقية لإنشاء مكاتب تمثيلية في أراضي كل منهما ” , ولإنهما كيانين غير مُعترف بهما من قبل المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالتبعية , إلا أن ذلك لن يمنع أن يكون القاسم المُشرك بينهما الحليف الأول لتايوان وهو الولايات المتحدة , وقد يدفع الوجود العسكري الصيني الكثيف في جيبوتي والفساد المُستشري بها الولايات المتحدة لإيجاد بديل لتمركز عسكرييها في موقع إن لم يكن مساو لجيبوتي في الأهمية فربما يفوقها , هذا الموقع هو ميناء بربرة بصوماليلاند وهو عميق المياه قادرعلى استيعاب معظم السفن الأمريكية , وبالقرب منه أحد أطول مهابط الطائرات في إفريقيا خلال الحرب الباردة ويجدر بالذكر أن الولايات المتحدة حافظت علي وجود عسكري في بربرة ولذلك تضمنت زيارة الوفد الأمريكي لهرجيسة في 12 مايو 2022 المتحدة زيارة تفقدية إلى بربرة لمعاينة المطار الذي قامت بعمله القوات الجوية الأمريكية في أوروبا – القوات الجوية الأفريقية الصيف 2021، وكما قال أحد المسؤولين الأمريكيين في بربرة ساخرًا خلال رحلة أخيرة ” إن عقد NASA للمنشآت في المطار لا يزال ساريًا من الناحية الفنية وبالتالي يمكن لنا العودة “غدًا “, ولميناء بربرة أهمية أيضاً لدي أثيوبيا التي تعتمد علي مينائي جيبوتي وبربرة , لكن إصرار الخارجية الأمريكية علي تجنب إغضاب مقديشيو التي يخطب ودها دائماً الصينيون والروس تظل عقبة أمام تمركز أمريكي في بربرة , لكن بقاء الوضع الصومالي سائلاً قد يُؤدي إلي تغيير النهج الأمريكي خاصة وأن جيبوتي مُعرضة تماماً لإغراءات صينية مختلفة قد تُعرض الوجود العسكري الأمريكي للإنكشاف , كما أن الأمريكيين قد يتوجهون إلي بربرة بدلاً من جيبوتي قبل أن يتمركز بها الروس الذين وضعوا خطط إرتكاز علي البحر الأحمر في نقاط علي طول شاطئه الغربي من بينها بورسودان(بالإتفاق مع العسكريين السودانيين الجدد المُنفتحين علي الكيان الصهيوني) .
إتخذت الإدارة الامريكية قرار الإنسحاب من أفغانستان بتوقيع إدارة الرئيس الأمريكي D Trump في 29فبراير 2020 في الدوحة فكان الإتفاق التاريخي مع طالبان وأهم ما تضمنه نص على انسحاب كل القوات الأجنبية قبل الأول من مايو 2021 في مقابل حصول الولايات المتحدة على ضمانات أمنية وإطلاق مفاوضات مباشرة بين المتمردين والسلطات الأفغانية , وهذا الإتفاق يصلح في ذاته ليكون سابقة يمكن البناء عليه في تكوين قرارات مُشابهة تتخذها أو علي الأقل تبحث فيها العسكرية ووكالات الأمن القومي بالولايات المتحدة ومثل هذه القرارات تتخذ عندما يلتقي إحداثى الأمن القومي مع إحداثي التكاليف البشرية والمالية في نقطة ما مع إحداثي آخر أكثر أهمية وهو مُتعلق بالمواجهة الصينية مع الولايات المتحدة ومحلفاءها في المحيط الهادئ خاصة بعد فشلت جولة وزيرالخارجية الصيني Wang Yiلثمانية دول جزرية بجنوب المحيط الهادئ والتي إستمرت 10 أيام في 30 مايو2022في Suva عاصمة Fiji في تقديم اتفاق متعدد الأطراف في بكين حول الأمن والتنمية , ولكن هناك عدد قليل من العلامات على أن النكسة قد أخمدت تصميم الصين على توسيع نفوذها في المنطقة ذات الأهمية الاستراتيجية , وهو – مع إختلافات معينة – ما حدث في حالة الوجود العسكري الفرنسي في الساحل عندما أعلن الرئيس الفرنسي في 10 يونيو 2021 نهاية عملية Barkhane العسكرية في شمال مالي داعياً الرئيس إلى تشكيل قوة جديدة تعوّض عملية Barkhane التي بدأت في 14 أغسطس 2014في الساحل الإفريقي .
نــتيــجــة :
علي الإدارة الأمريكية أن تعي لفترة أطول أن مواجهتها للصين وفي ذيلها روسيا أهم وأخطر من زعمها المفضوح بأن حركة الشباب الصومالي ومُسلمي موزمبيق في Cabo Delegado وفي الساحل الأفريقي والتيارات الإسلامية أو الإسلام السياسي عموماً هو خصم للولايات المتحدة , فلتقترب منهم علها تظفر بسند يعينها علي مواجهة الصين التي سامت وتسوم مسلمي إيجور سوء العذاب , وفي ذيلها الروس الذين تحطمت إمبراطوريتهم السوفيتية علي أيدي المسلمين الأفغان الذين أذلوا الأمريكيين أيضاً وما إستطاعوا إنهاء حربهم مع طالبان إلا من خلال مفاوضات الدوحة الناجحة .
ليس هناك ما يدعو العسكريين الأمريكيين للتشدد والتطرف في مواقفهم خاصة وهم وغيرهم يعترفون بقوة وشكيمة حركة الشياب الصومالي فهم يذودون عن وطنهم , ويمكن لهؤلاء العسكريون مد أجل الحرب مع حركة الشباب الصومالي ولكن إلي متي ولماذا ؟ فهم خضعوا في النهاية لإرادة شعوب حرة في فيتنام وأفغانستان , إن الولايات المتحدة بحاجة لعقول مُتحررة من مخاطر المهنة فالعسكريون لا يقرروا بل ينفذوا ما يقرره الساسة , وعلي ساسة الولايات المتحدة بدورهم التحرر مما تفكر فيه الكنيسة فيقرروا لشعوبهم السلام الخالص من ربقة الأفكار المُسبقة والمُعلبة .
يمكن لقطر أن توفر منصة تفاوض ناجح بين حركة شباب الصومال والولايات المتحدة الأمريكية إن أرادت ووعت درس طالبان في الدوحة , وهذا في حالة توفر الثقة لدي حركة شباب الصومال في نوايا الأمريكيين .