تأثير تحولات إيران الى الشرق على استراتيجيتها السيبرانية وانعكاساتها المحتملة على المجال الجيوسياسي ـ السيبراني في منطقة الشرق الأوسط
The Impacts of Iran's Shift to The East on Its Cyber Strategy and Its Potential Repercussions on The Cyber-Geopolitics in The Middle East
اعداد : حسن مظفر الرزو – مستشار سابق لشؤون التخطيط الاستراتيجي
المركز الديمقراطي العربي : –
- مجلة مدارات إيرانية : العدد الثاني والعشرون كانون الأول – ديسمبر 2023 المجلد 6, دورية علمية محكمة تصدر عن #المركز_الديمقراطي_العربي ألمانيا –برلين” .تعنى بالشأن الإيراني داخليا واقليميا ودوليا.
-
فصلنامه مدارات إيرانية فصلنامه أي علمي از طرف مركز دمكراسي عربي برلن منتشر مي شود.
للأطلاع على البحث “pdf” من خلال الرابط المرفق :-
المستخلص :
أضحت مسألة الأمن السيبراني من المسائل المهمة التي باتت تشكّل بعداً استراتيجياً في منطقة الشرق الأوسط، ودول العالم المختلفة، بعد أن تعمّق انتشار أدوات المعلومات والاتصالات، وتمدد مجال الفضاء السيبراني الذي بات حاضراً في جميع أنشطة مجتمعاتنا المعاصرة. وإيران بوصفها أحد القوى الفاعلة في المجال السياسي والأمني بمنطقة الشرق الأوسط سعت منذ أكثر من ثلاثة عقود الى تعزيز قدراتها لضمان أمن فضاءها السيبراني، وتعزيز قدرتها على الردع السيبراني لضمان توسيع هيمنتها بالمنطقة، وتأكيد حضورها قبالة الدول التي تمتلك قدرات سيبرانية متفوقة مثل الولايات المتحدة، وإسرائيل، واللتان تمثلان تهديداً دائماً لبرنامجها النووي، وتطلعها لبسط نفوذها في منطقة الشرق الأوسط.
وقد سعت إيران منذ بداية الألفية الجديدة على ترسيخ شراكاتها الأمنية مع روسيا وكوريا الشمالية، لما تمتلكانه من قدرات سيبرانية متقدمة، ومستثمرة خلافات هذين النظامين مع سياسة الولايات المتحدة لكسب المزيد من الخبرات وجذب الخبرات الى كوادرها البشرية ولتعزيز بنيتها التحتية بأدوات ترسّخ قدراتها على مواجهة الهجمات والتهديدات، من جهة، وتطوير قدراتها على شن هجمات في مجال الفضاء السيبراني لخصومها. كما استثمرت الخلافات القائمة بين الهند وباكستان، لنيل حظوة لدى الهند لجذبها نحو المزيد من التعاون في مجال الأمن السيبراني.
وقد أسهم النزاع المستعر بين روسيا وأوكرانيا ووقوف الولايات المتحدة وحلف الناتو مع أوكرانيا ضد الغزو الروسي لأوكرانيا وزيادة الهوة بين المعسكر الشرقي الذي توجه نحو روسيا، والمعسكر الغربي في تماسكه لمواجهة النمو المتزايد لتهديدات روسيا وسياساتها الاقتصادية والعسكرية تجاه دول حلف الناتو، في توجه إيران نحو الشرق بقوة على صعيد تعاملاتها الاقتصادية، وتحالفاتها العسكرية والأمنية لكسب المزيد من الأنصار في التجاذب العولمي الجديد. وقد أسهم التوجه الجديد لإيران نحو دول الشرق، مع دورها المتعاظم في النزاع الروسي الأوكراني الى تزايد نقمة دول حلف الناتو تجاه سياساتها الجديدة، مع استثمار الولايات المتحدة وإسرائيل لهذا التحوّل في كسب دعم هذه الدول والتحالف معها لتوجيه حزمة جديدة من العقوبات على إيران، مع زيادة وتيرة الهجمات والتهديدات السيبرانية ضد البنية التحتية فيها.
لم تظفر إيران بما تريد من الاتفاقيات التي وقعتها مع روسيا والصين في مجال الأمن السيبراني، فقد تحفظت الدولتان على صعيد تطوير قدراتها السيبرانية (الهجومية والدفاعية) والاقتصار على تزويدها بتقنيات سيبرانية دفاعية محدودة، مع وجود تنسيق استخباراتي ـ سيبراني بين الأطراف الثلاثة.
ABSTRACT
Cybersecurity has become a crucial issue for states around the world in recent years, as the rapid pace of technological advancement and increasing reliance on the Cyberspace landscape has created new and complex security challenges. As a major player in the Middle East, Iran is no exception. Iran has sought to build deep relationships with other countries with significant capabilities in this field to enhance its cybersecurity posture, including Russia, North Korea, and India. These relationships are driven by a range of factors, including mutual interests, geopolitical considerations, and the need to address shared security challenges.
This paper aims to examine the cybersecurity strategy of Iran in the context of its collaborations with Russia, North Korea, and India and focuses on the extent to which these relationships contribute to Iran’s ability to effectively address cyber threats and to its overall strategic objectives.
The cybersecurity strategy of Iran was analyzed in the context of its move to the East and its collaborations with Russia, North Korea, and India. The analysis shows that these relationships play an important role in Iran’s efforts to enhance its cybersecurity posture and address the challenges posed by cyber threats.
Despite these challenges, Iran has shown a commitment to enhancing its cybersecurity capabilities, and its relationships with other countries in the East have contributed to its ability to effectively address cyber threats. However, the country faces several ongoing challenges in securing its cyber domain, and the risk of cyberattacks against its critical infrastructure remains a concern.
- 1. مقدمة:
تعد عملية تحوّل إيران نحو الشرق من المسائل التي باتت تطرح على طاولة النقاش والتحليل في دائرة العلاقات الدولية وتوازن القوى، وتداعياتها المحتملة على المشهد الجيوسياسي ـ السيبراني لمنطقة الشرق الأوسط.
لقد نجحت إيران خلال عقدين من الزمن في تطوير قدراتها السيبرانية (الهجومية والدفاعية)، وأضحت تتبوأ مكانة متقدمة في مجال المواجهات والحروب السيبرانية، بعد أن أرست أركان استراتيجيتها السيبرانية على أسس متينة، ووسعت من دائرة الهيكلة المؤسسية التي توفر خططاً ورؤى استراتيجية بزّت بها بقية بلدان منطقة الشرق الأوسط.
ولقد أسهمت الخبرة العميقة للنظام الإيراني في ممارسة الأنشطة غير المعلنة، والتي يلفّها الكتمان في المنطقة، وتكاثر وكلاءها السيبرانيون في المنطقة، لتوجيه دفة أهداف استراتيجيتها، ومسار التهديدات والهجمات السيبرانية التي تمارسها فصائلها السيبرانية ووكلاؤها في ترسيخ حضورها المؤثر على الخارطة الجيوسياسية ـ السيبرانية في المنطقة، وعلى صعيد المجال السيبراني العولمي.
ولقد تركزت تهديداتها وهجماتها السيبرانية للرد على الهجمات المتكررة للولايات المتحدة وإسرائيل على برنامجها النووي، وبنيتها التحتية للمعلومات والاتصالات، وممارسة الحروب السيبرانية الناعمة لتأجيج الرأي العام ضد النظام الإيراني، كما سعت الى استثمار بصمات التهديدات والهجمات في تطوير برمجياتها الخبيثة، وبناء قدرات كوادرها السيبرانية للرد على هاتين الدول وحلفائها لضمان كفّ مثل هذه الهجمات بالمستقبل، وضمان امنها السيبراني.
إن تعميق سياسة التوجّه نحو الشرق التي حرص الرئيس الإيراني الجديد إبراهيم رئيسي، مستثمراً التوجّه الجديد لكل من روسيا، والصين، والهند، ودول أخرى لتشكيل تحالف جديد قبالة الولايات المتحدة وحلفائها، كان له تأثيرات ملموسة على خارطة المجال الجيوسياسي بالمنطقة، كما أن له آثاراً ستنعكس لا محالة على المجال الجيوسياسي ـ السيبراني الذي سيكون محور عملية التحليل التي سنمارسها في هذه الدراسة. وسنسعى فيها الى الإجابة عن جملة من الأسئلة الملحّة التي ستكشف عن أهمية المجال الجيوسياسي ـ السيبراني، وتأثيراته والتحديات التي باتت مرتهنة به على المستويين العولمي وفي منطقة الشرق الأوسط، وما هي خصائص الاستراتيجية السيبرانية الإيرانية، وغايتها، وطبيعة البنية التحتية المؤسسية والأمنية التي تركز إليها، وما هي أهم خصائص وسمات التحوّل نحو الشرق من خلال معالجتنا التي ستركّز اهتمامها على المجال السيبراني، وما هي طبيعة التحالفات التي أقامتها إيران مع دول المعسكر الشرقي وانعكاساتها على مكانتها في المجال الجيوسياسي ـ السيبراني في منطقة الشرق الأوسط، واخيراً ما هي آثار هذا التحول على النشاطات التي ستمارسها إيران في المجال السيبراني.
- توازن القوى في المجال الجيوسياسي ـ السيبراني: الخصائص والتوجهات:
نشب عن توسع نطاق الفضاء السيبراني، وتوغّله الكبير في حياة الانسان المعاصر حصول نقلة مفاهيمية في دلالة الكثير من الاصطلاحات، كما أفرز مفاهيم موازية لما ألفنا التعامل معه في المجال السياسي، والاقتصادي، والمعرفي، والاجتماعي.
وبرز اصطلاح المجال السياسي الجيوسيبراني Cyber Geopolitics بوصفه مفهوماً موازياً للمجال الجيوسياسي التقليدي عند مناقشة التحديات الجيوسياسية التي نتجت عن هيمنة الفضاء السيبراني، وبروز التهديدات والهجمات السيبرانية، وتكاثرها الى مستوى بات يؤثر بشكل ملحوظ على العلاقات والتفاعلات بين دول العالم المختلفة على صعيد المجال السياسي العولمي.
ويظهر في الجدول (1) أهم الفروق المقيمة بين المجال الجيوسياسي التقليدي والمجال السياسي الجيوسيبراني، وتداعيات هذه الفروق على صعيد التوازن بين القوى في عالمنا الرقمي ـ المعاصر.
الجدول (1) ـ اهم الفروق المفاهيمية بين المجال الجيوسياسي والمجال الجيوسياسي ـ السيبراني.
المفهوم | المجال الجيوسياسي التقليدي | المجال الجيوسياسي ـ السيبراني |
مجال الاهتمام. | يعنى بدراسة وتقييم تأثير العناصر الجغرافية (الأراضي، والموارد الطبيعية، والحدود الطبيعية) على العلاقات بين الدول وانعكاساتها على توازن القوى، في خطوة لتحليل التداعيات التي تنشب عن هذه الأمور على صعيد المسائل السياسية، والاقتصادية، والعسكرية نتيجة أنماط التفاعل والاحتكاك المختلفة بين دول العالم. | يعنى بدارسة التأثيرات التي تنشأ عن انبساط الفضاء السيبراني في المجال الاتصالي العولمي، وبين دول العالم المختلفة، وانفتاحه على الحدود الإقليمية التقليدية، نتيجة لسمة الفضاء المفتوح التي يتسم بها الفضاء الرقمي، وتوفر الأدوات الرقمية التي باتت تستخدم في ممارسة تهديدات على الدول، باتت تشكل مورداً جديداً للتنافس والنزاع، كما انها باتت تؤثر بشكل ملموس على توازن القوى إقليمياً وعولمياً. |
الجهات الفاعلة وديناميكية القوة. | يوجّه اهتمامه نحو الدول والنظم السياسية بوصفها الجهة الفاعلة الأساسية على صعيد رسم الخارطة الجيوسياسية للبلاد، فيباشر في تحليل استراتيجياتها، وهوية البلدان المتحالفة معها أو المناوئة لها لتحديد وزنها على الخارطة الجيوسياسية الإقليمية والعولمية. | رغم أن المجال السياسي الجيوسيبراني يتفق مع المجال الجيوسياسي في الدور الأساسي الذي تمارسه الدول والنظم الحاكمة في تشكيل الاستراتيجية الوطنية إلا أن المجال قد توسع نتيجة انفتاح مجال الفضاء السيبراني لتلتحق به بلدان متعددة تشكل تحالفاً إقليمياً أو سياسياً، وميليشيات سيبرانية، ومجاميع قراصنة سيبرانيين، ومجاميع إجرامية ـ سيبرانية في تحديد ملامح التجاذبات وتوازن القوى، وتشكيل أنماط جديدة على صعيد التنازع الجيوسياسي ـ السيبراني. |
طبيعة التهديدات الأمنية ومحاور النزاعات وأسبابها. | يركز، بصورة عامة، على النزاعات والمواجهات العسكرية بين البلدان، والخلافات الحدودية، والتنازع على الموارد الطبيعية المشتركة، او المتجاورة. | يوجه اهتمامه نحو التهديدات الأمنية والهجمات التي تمارس في الفضاء السيبراني المفتوح/ والتي قد تمارس من قبل مجاميع قرصنة، أو ميليشيات سيبرانية تدعمها نظم حاكمة، او تتحالف فيما بينها لممارسة تهديدات ضد جهات مناوئة. |
الأبعاد التقنية. | تستخدم التقنيات التقليدية والرقمية، والأسلحة المتطورة لإدارة النزاع في المجال: الأرضين وابحري، والجوي، والفضائي. | توظف أدوات المعلومات والاتصالات، والفايروسات، والبرمجيات الخبيثة لإدارة النزاعات والتهديدات المفتوحة في الفضاء السيبراني، وتستثمر التطورات المتلاحقة في هذا المضمار لإنتاج أنماط متجددة من أدوات التغلغل الشبكاتي وممارسة التهديدات من خلال الفجوات المقيمة في النسيج الشبكاتي. |
التحديات قبالة صياغة السياسات ونطاق الحوكمة. | تعد الحدود الجغرافية للبلدان المحدد الأساسي الذي ترتكز إليه صناعة السياسة الوطنية، وتحديد مستويات الاستراتيجية والسياسة قبالة التجاوزات والتهديدات التي قد تباشرها البلدان الأخرى على أرض الوطن، وكيفية توظيف الديبلوماسية لحلحلة الأزمات. | يتميز المجال السياسي الجيوسيبراني بنمط سياسي وحوكمي يحفل بالتحدّيات نتيجة للمسائل ذات الصلة بالأمن السيبراني، وأم مستودعات المعلومات الوطنية، وخصوصية البيانات في ظل غياب أعراف واتفاقيات دولية واضحة بصدد التعامل مع المسائل الشائكة للفضاء السيبراني، وكيفية بسط القوانين والاتفاقيات على فضاء مفتوح تقيم به جهات متعددة مجهولة الهوية والانتماء. |
من اجل هذا فإن توازن القوى في المجال الجيوسياسي ـ السيبراني يختلف الى حد كبير عما هو عليه في المجال الجيوسياسي التقليدي، نتيجة لطبيعة الفضاء السيبراني، وما يتميز به من سمات فريدة، تختلف الى حد كبير عن عناصر القوة التي تحكم المجال الجيوسياسي، مثل: القوة العسكرية، والموارد الاقتصادية، والتأثير الديبلوماسي الذي تمارسه الدول، والذي يعد مؤشراً على قوة الدول وانبساط سلطانها، والذي لم يعد حاضراً في المجال الجيوسياسي السيبراني حيث يقاس السلطان السيبراني للدول بامتلاكها لبنية تحتية آمنة للمعلومات والاتصالات، وقدرات هجوم وردع سيبراني يجعلها حصينة امام التهديدات والهجمات المتكررة، مع وجود مجاميع وقراصنة سيبرانيين يعملون بمعيتها لممارسة الهجمات ضد مصالح الخصوم، والتجسس على موارد البيانات الحساسة، واختراق شبكات المعلومات، وزج الفايروسات والبرمجيات الخبيثة، وممارسة هجمات رفض الخدمة لشلّ خصومها.
كذلك فإن عملية توازن القوى في الفضاء السيبراني تتميز بكونها محكومة بسمة عدم تكافؤ القوى التقليدية Asymmetric Power Relationships حيث يمكن لدولة صغيرة، أو مجموعة من القراصنة السيبرانيين ان تمتلك قدرات سيبرانية بالغة التعقيد، وبموارد محدودة، يمكن أن توظفها في اختراق نظم معلومات دول كبرى فتقضّ مضاجعها، وتسبب لها خسائر مادية جسيمة. لذا لم تعد تستبعد الدول الضعيفة بمواردها المادية والعسكرية من دائرة التأثير في المجال السياسي الجيوسيبراني.
وبالرغم من ان تماسك البنية التحتية للمعلومات والاتصالات، وامتلاك مضيفات خدمة آمنة بات امراً ضرورياً لحماية الموارد الوطنية من التهديدات والهجمات السيبرانية، فإن سمة الفضاء المفتوح، ووجود الثغرات السيبرانية في النسيج الشبكاتي جعل من مسألة الأمن السيبراني المطلق أمراً يغيب عن نظم المعلومات في الدول المتقدمة، وأن القرصان السيبراني الذي يتربّص بوجود ثغرة للاختراق يمكن أن يسبب اضراراً خطيرة على نظم معلومات في دول كبرى، المر الذي أسهم في زيادة تعقيد مسألة الأمن السيبراني وانعكاساته الخطيرة على المجال السيبراني الجيوسياسي العولمي، والإقليمي.
وإذا كان المجال الجيوسياسي التقليدي قد أسس أركانه ومعاييره في دائرة الحدود الفاصلة على المستوى الوطني، والإقليمي، والجغرافي، فإن المجال السياسي الجيوسيبراني يقف أمام فضاء مفتوح لا حدود واضحة فيه بين البلدان والأقاليم، وان حدود النزاعات لم تعد محكومة بحدود مشتركة تسهم في تأجيج النزاعات، وإنما في تباين المصالح، والرغبة في حصاد المعرفة العلمية، واستراق البيانات الحساسة، وإحداث خلل في النسيج الشبكاتي الذي تدار فيه شؤون البلد المناوئ.
هذه الأمور، وتفاصيل أخرى جعلت من المجال السياسي الجيوسيبراني يرتكز الى أسس تتسم بمميزات لم تعد تتوافق الى حد كبير مع الأركان التي قام عليها المجال الجيوسياسي التقليدي ـ انظر الشكل (1). لقد أصبح ملف الأمن الوطني رهيناً الى حد كبير بمسألة الأمن السيبراني بعد ان أصبحت البنية التحتية للمعلومات والاتصالات، وشبكات المعلومات المدنية والعسكرية، والبيانات الحساسة عرضة للتهديدات والهجمات السيبرانية.
الشكل (1) ـ أهم التأثيرات التي قد تنشأ عن المجال الجيوسياسي ـ السيبراني.
كذلك تبرز أهمية المصالح الاقتصادية ودورها في المجال السياسي الجيوسيبراني، ذلك لأن التهديدات والهجمات التي تمارس ضد مؤسسات التجارة والأعمال، والمؤسسات المالية، وأسواق البورصة، وسرقة حقوق المعرفة العلمية والتقنية ستكلف البلدان خسائر مادية جسيمة، إضافة إمكانية توقف هذه المؤسسات عن عملها، أو خسرانها لزبائنها بسبب غياب الثقة بقدراتها على حماية حقوق المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال.
ولم تعد العلاقات الديبلوماسية بين البلدان بمعزل عن تأثير النزاعات التي تنشب عن التهديدات والهجمات السيبرانية، وحملات التجسس وسرقة البيانات الحساسة، واستهداف المواقع الحكومية التي باتت تشكّل عنصراً مهماً في تشنّج العلاقات الدولية.
لقد أصبحت الحروب الناعمة Soft Cyberwarfare من الأسلحة المؤثرة التي تمارسها الدول لإعادة تشكيل الرأي العام، وتأجيج الاضطرابات في البلاد، ونشر معلومات كاذبة قد تؤثر على المنظومة الاقتصادية كتأثيرها على المنظومة السياسية والاجتماعية.
وكم كان تأثير الهجمات السيبرانية التي مارستها إسرائيل وبالتنسيق مع الولايات المتحدة مؤثراً على المواطن الإيراني، وزعزعة الثقة بالحكومة، عندما نشب عنها توقف محطات تزويد الوقود في إيران، والتي أجّجت الرأي العام ضد النظام الإيراني قبل بضعة سنوات.
واخيراً يأتي التأثير التقني والعلمي الذي يصاحب عدم التوازن في مجال السيبراني الجيوسياسي، الذي اذكى صراعاً محموماً على سرقة حقوق المعرفة العلمية من الدول المتقدمة، وبالخصوص المعلومات العسكرية والأمنية، وحقوق المعرفة في مجال التقنيات المتقدمة والعسكرية، مما جعل الكثير من البلدان توجّه دفة مساقاتها التقنية والعلمية لتحقيق هذه الغايات من جهة، وتأمين مستودعاتها العلمية من عمليات الاختراق.
- الاستراتيجية الإيرانية ـ السيبرانية: : مراجعة وتحليل:
منذ العقد الأخير الذي سبق الألفية الجديدة، وجهت إيران أنظارها نحو المجال السيبراني بوصفه قوة مؤثرة يمكن أن تستثمر لتجاوز أزمة الحصار المستديمة، وعدم تكافؤ قدراتها العسكرية قبالة القدرات التي يمتلكها الخصوم من دول حلف الناتو والولايات المتحدة الأمريكية، كما أن أي تعرّض أو تهديد معلن لمصالح هذه الدول أو حلفائها يعد بمثابة إعلان حرب قد ينشب عنه المزيد من الحصار، أو قد يلجئ خصومها الى تبرير ممارسة التدخل العسكري. وقد سعت وبفضل حنكتها السياسية، وارتكازها الى موارد بشرية تمتلك مهارات وخبرات في حقول أمن المعلومات والاتصالات، والأمن السيبراني، نحو تأسيس استراتيجيتها السيبرانية التي منحتها ثقلاً وكفة راجحة في دائرة توازن القوى بالمجال السيبراني الجيوسياسي الإقليمي والعولمي.
- 1. أركان الاستراتيجية السيبرانية الإيرانية وغاياتها:
سعت إيران خلال العقد المنصرم الى بذل ما في وسعها لتشكيل استراتيجية سيبرانية توطّد مكانتها الإقليمية، وتمارس دوراً حيوياً لتأمين مجال يعزز امنها في الفضاء السيبراني، والمجال الجيوسياسي التقليدي. وقد أثبتت الأيام نجاح إيران في تحقيق الغايات المرجوة من استراتيجيتها السيبرانية بعد أن نجحت بالحضور المميز في المجال السيبراني بالمقارنة مع بقية الدول الإقليمية، وصعودها على صعيد سلّم السلطان السيبراني بحيث أضحت تتفوق على كثير من الدول الغربية في مجال قدراتها الهجومية السيبرانية، وامتلاكها لقوة ردع لا يستهان بها في هذا المضمار ـ
ويبدو لمن يتتبع الحضور السيبراني لإيران أن يتلمّس نجاح هذه الاستراتيجية على أرض الواقع. ويمكن ان يعزى هذا النجاح، والقفزات التقنية والأمنية التي افلحت في تحقيقها بالمجال السيبراني الى أسباب عدة، لعل أهمها:
- إنشاء بنية مؤسسية متطورة، اتسمت بتعقيد لافت، مع تعدد مستويات الارتباطات القائمة بين عناصر هيكلتها التنظيمية لضمان التخطيط السليم لعملية تطوير القدرات السيبرانية، وتوجيه دفة الإجراءات باتجاه يلبي الغايات والأهداف التي رسمت لهذه الاستراتيجية، وضمان بلوغ مستوى متقدم في تنسيق الجهد السيبراني في جميع مفاصل الدولة الإيرانية ـ أنظر الشكل (2).
الشكل (2) ـ البنية المؤسسية للتخطيط وتطوير القدرات السيبرانية الإيرانية.
- تشكيل قوة هجوم وردع سيبراني باتت تعرف بجيش إيران السيبراني Iran Cyber Army يتألف قوامها من وفصائل الباسيج السيبرانية، وميليشيات سيبرانية التحقت بالمؤسسات الأمنية والعسكرية التي تنتظم بالحرس الثوري الإيراني، ووكلاء سيبرانيون يقيمون في اليمن، وسوريا، ولبنان، وغزة، بالإضافة الى الدعم اللوجستي الذي يوفره معهد المبنى ومعهد خيبر لتقنية المعلومات. ويضاف الى ذلك مجموعة من الميليشيات السيبرانية التي انبثقت عن منتديات القراصنة المحليين، وخلايا القراصنة السيبرانيين الإيرانيين، وكيانات القرصنة السيبرانية التي تتمتع ببنية مؤسسية هرمية وتدين بالولاء لتوجهات الحراس الثوري الإيراني رغم استقلاليتها في الممارسات الأمنية ـ أنظر الشكل (3).
الشكل (3) ـ الهيكلة التنظيمية لقوى الردع والدفاع السيبراني في إيران.
- إقحام مؤسسات الأمن الوطني في تطوير قدراته السيبرانية لضمان مجال اتصالي داخلي آمن، وبناء قدرات أفراد هذه المؤسسات لكي يكونوا قادرين على ممارسة عمليات القرصنة السيبرانية على العقد الرقمية داخل حدود الفضاء السيبراني الإيراني لقمع صوت المعارضة، ولدرء المخاطر المحتملة عن التهديدات والهجمات المحتملة التي تمارسها الدول المناوئة لإيران. فبرز دور كل من شرطة الفضاء السيبراني الإيراني FATA، وتنظيمات الباسيج، ومركز مهر لفرق الاستجابة الأمنية، ولجنة تحديد المواقع غير المرخصة، ومجاميع تلتحق بوزارات الدولة ومؤسساتها في ممارسة عملية كف والتقليل من المخاطر المحتملة عن التهديدات والهجمات السيبرانية على الفضاء السيبراني الداخلي لإيران.
- زج المؤسسات الأكاديمية الوطنية ومراكز البحوث في عملية بناء القدرات المحلية، وتصنيع الفايروسات والبرمجيات الخبيثة Malware، بالإضافة الى توفير برامج اكاديمية لمنح شهادات البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه في مجال الأمن السيبراني، وإعداد دورات تدريبية مكثفة لبناء القدرات السيبرانية لدى كوادر وزارة الدفاع، والمؤسسات الأمنية، ومؤسسات الدولة المختلفة لضمان توفير قدرات ومهارات محلية قادرة على درء الأخطاء التي قد تحيق بالبنية التحتية للمعلومات والاتصالات في إيران، مع جهوزية مجاميع لممارسة مختلف أشكال التهديدات والهجمات السيبرانية ضد الدول المناوئة للبلاد. وتستقر على رأس قائمة هذه المؤسسات: جامعة شريف للتقنية، وجامعة أمير أكبر للتقنية، وجامعة إيران للتقنية والعلوم، وجامعة طهران، وجامعة آزاد الإسلامية.
ويحتل الهاجس الأمني المرتبة الأولى في قائمة أولويات النظام الإيراني، حيث تسعى المؤسسات العسكرية والأمنية الإيرانية الى تحصين الثورة الإسلامية من المناهضين من داخل إيران وخارجها. بيد أن هذا الأمر لا يمنعها من تحقيق طموحاتها الإقليمية عن طريق تسخير الجحافل السيبرانية الملتحقة بجيش إيران السيبراني، والوكلاء والقراصنة السيبرانيون الذين يدينون بالولاء للحرس الثوري الإيراني لممارسة تهديدات وهجمات على نظم المعلومات، والبنية التحتية للمعلومات والاتصالات، والمواقع الحكومية الحساسة، ومراكز التجارة والأعمال لدى الدول المناهضة لترسيخ سلطانها السيبراني وكفّ وردع أية محاولات للإخلال بأمنها، أو تعطيل برنامجها النووي، أو برامج التسلّح، أو المساس بمكانتها الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط.
- 2. استثمار إيران لخصائص المجال الجيوسياسي السيبراني في توطيد هيمنها بمنطقة الشرق الأوسط:
يمكن أن تعزى عملية تبني مجال الفضاء السيبراني في تعزيز الموقف الجيوسياسي لإيران على الخارطة العولمية والإقليمية الى أسباب عدة منها: السعي الحثيث لإيران نحو تعزيز الأمن الوطني من خلال اعتماد مجال مضاف الى المجالات المعتمدة في ترسيخه، وضمان أمن البينة التحتية للمعلومات والاتصالات، وكف التهديدات والهجمات السيبرانية المحتملة؛ تعزيز القدرات الهجومية التي تمنح لإيران فرصة ممارسة المزيد من الهجمات السيبرانية لجمع المزيد من المعلومات الاستخباراتية، والضغط على خصومها لتحقيق أهدافها الاستراتيجية عن طريق نشر معلومات مزيفة، وتبني الحروب الناعمة بمختلف أشكالها، ودون اللجوء الى العمليات العسكرية التقليدية؛ استثمار الثغرات الأمنية التي تستوطن في نسيج الفضاء السيبراني للتغلغل الى مستودعات المعلومات ومواقع الويب الخاصة بالخصوم لجمع المزيد من المعلومات الحساسة، وسرقة معلومات تخص التقنيات المتقدمة لاستثمارها في توطين تقنيات متقدمة في البلاد؛ استغلال سمة غياب الهوية وعدم وضوح التوطن المكاني للهجمات في تغييب بصمة مشاركتها في التهديدات والهجمات السيبرانية، أو سرقة البيانات، مما يجعلها بمنأى عن دائرة الاتهام والعقوبات الدولية؛ تجاوز عقبة الحدود الإقليمية، التي قد تشكّل عقبة أمام بلوغ أهدافها في ممارسة تهديدات وهجمات ضد خصومها في أماكن متباعدة، على المستويين الدفاعي والهجومي؛ المرونة في التعامل التهديدات المحتملة مع وجود أكثر من فرصة لمراجعة تفاصيل الاستراتيجية الأمنية وتكييفها بحسب ما يستجد على ساحة الحدث؛ انخفاض كلفة الاستراتيجيات التي تستند الى الفضاء السيبراني عند المقارنة مع العمليات العسكرية التقليدية، حيث ترتكز الى توظيف أدوات متاحة على الانترنيت، أكثرها مجانية، مع توظيف الفضاء السيبراني العولمي لممارسة التهديدات والهجمات وفق مبدا الحرب غير المتكافئة Asymmetric Warfare وبكلف منخفضة تدعم التوجهات الاستراتيجية الإيرانية في ظل الحصار الخانق الذي فرض عليها من قبل الولايات المتحدة وأوربا. إضافة الى كل ما ذكر فإن الخبرات والقدرات السيبرانية التي تمتلكها الدول المناوئة للمعسكر الغربي مثل: روسيا، والصين، وكوريا الشمالية تعد مجالاً خصباً لعقد الشراكات والتعاون على صعيد ممارسة تهديدات وهجمات سيبرانية مشتركة ضد الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، الأمر الذي سيمهد لها فرصة ثمينة في عقد شراكات استراتيجية معهم وتبادل الخبرات والمهارات، والحصول على تقنيات متقدمة لتطوير آلتها السيبرانية الهجومية والدفاعية.
- إيران والتحركات الجيوسياسية ـ السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط:
لا شك أن عملية توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط تتسم بتعقيد بنيتها وتعدد مستوياتها، وأنها محكومة بمجموعة من العوامل المتشابكة التي ترتبط بتأثيرات جيوسياسية، وأخرى اقتصادية، والثقل العسكري الذي تمتلكه دول المنطقة، وطبيعة التحالفات التي تقيمها مع الدول الكبرى. لذا فإن التأثير الجيوسياسي ـ السيبراني على معادلة توازن القوى سيشكّل عاملاً مضافاً يقلّ تأثيره أو يتزايد بحسب خصائص المجال الذي ينتمي إليه، والدور الذي يمارسه المجال في تشكيل الإطار العام للتجاذبات القاطنة في الفضاء السيبراني ـ أنظر الشكل (4).
الشكل (4) ـ الأركان التي ترتكز إليها الاستراتيجية الجيوسيبرانية الإيرانية في منطقة الشرق الأوسط.
كما أن الاستراتيجية الإيرانية ـ السيبرانية وسلطانها السيبراني المتعاظم خلال السنوات الأخيرة قد نشب عنه مجموعة من التأثيرات على معادلة توازن القوى بالشرق الأوسط كونه بات يشكل عنصراً مضافاً الى معادلة توازن القوى التقليدية، من جهة، ولتعاظم الدور الذي بات يمارسه الفضاء السيبراني، والأدوات الرقمية التي باتت تستخدم بكثافة هذه الأيام. ويمكن إجمال أهم التأثيرات المصاحبة لهذه المسألة بما يأتي:
- التأثير الإقليمي للعمليات السيبرانية (التهديدات والهجمات) التي بدأت إيران باستخدامها، بصورة مباشرة أو بواسطة وكلاءها السيبرانيين في منطقة الشرق الأوسط لممارسة الضغط على الدول التي لا تتفق مع خطاطتها العقدية أو السياسية، لإحداث أضرار على البنية التحتية للمعلومات والاتصالات، وبمستويات متعددة، أو مباشرة هجمات سيبرانية شرسة خارج نطاق حدودها الجغرافية، ممارسة مختلف أنماط الحروب الناعمة للتأثير على الرأي العام، والتي باتت تشكّل تهديداً متصاعداً للاستراتيجيات الأمنية التي تتبناها دول المنطقة، مع زيادة الضغط باتجاه إيجاد وسائل أو تحالفات جديدة لتقليل تأثيرات التحديات الجديدة التي باتت تكاثر في المجال السيبراني.
- القدرة على ممارسة التهديدات والهجمات السيبرانية في ظل مفهوم الحروب غير المتساوقة Asymmetric Warfare دون أن يكون للحصار المفروض عليها تأثير على المستوى المادي، أو اللوجستي، حيث يقوم جيش إيران السيبراني والميليشيات والوكلاء السيبرانيين الملتحقين به بممارسة سلسلة من عمليات استكشاف الثغرات الأمنية التي تقيم في النسيج الشبكاتي للدول المناهضة، وتوفير قائمة اهداف تمتلك وزناً تأثيرياً لإدراجها ضمن قائمة الأهداف التي تصب في خارطة طريق الاستراتيجية الإيرانية لترسيخ ثقلها الجيوسياسي والأمني في المنطقة.
- أسهم نجاح المؤسسات العسكرية والأمنية السيبرانية في إيران بإنتاج أدوات وبرمجيات خبيثة يمكن ان تستخدم ضد الدول المناهضة في تعزيز قدرتها على ردع الدول المناهضة من ممارسة هجمات ضد بينتها التحتية للمعلومات والاتصالات، بعد أن أصبحت قادرة على الرد وبصورة مؤثرة في اكثر من مجال.
- بالإضافة الى الدور الذي باتت تمارسه القدرات السيبرانية المتعاظمة لإيران هذه الأيام في توطيد سلطانها السيبراني ومكانتها الجيوسياسية ـ السيبرانية، فإنها باتت تشكّل عاملاً يحول دون تصعيد المواجهة مع الدول التي تروم مواجهة إيران في الفضاء السيبراني، أو خارجه. لأن أي خطأ في تقدير الانعكاسات المحتملة عن الدخول في مواجهات مباشرة قد تؤدي الى عواقب وخيمة، والمزيد من عدم الاستقرار في المنطقة، وبالخصوص لوجود فضاء مفتوح لممارسة الهجمات خارج حدودها الجغرافية وعلى منابع النفط والغاز في دول الخليج والتي تشكّل تهديداً على سوق الطاقة العولمي.
- بلوغ مستوى مقبول في الكفاية الأمنية للبنية التحتية للمعلومات والاتصالات في إيران، وتقليل فرص اختراق الثغرات الأمنية نتيجة لتطوير قدراتها في مجال الأمن السيبراني.
- توفر أكثر من فرصة للدخول في تحالفات، والتعاون في مجال ممارسة التهديدات والهجمات السيبرانية مع الدول المناهضة للولايات المتحدة وحلفائها أو مع الميليشيات السيبرانية النشيطة في المجال السيبراني مما يعزز مكانتها الإقليمية، ويوحّد جهودها في إحداث نقلة في موازين القوى بمنطقة الشرق الأوسط لصالحها نتيجة لتكامل القدرات والمهارات مع الدول التي تحالفت معهم في هذا المجال.
وستسهم هذه المحاور مجتمعة في ترسيخ أركان الأمن السيبراني الإيراني، ومنحها مكاناً متميزاً على الخارطة الجديدة للمجال الجيوسياسي ـ السيبراني، والقدرة على ردع التهديدات والهجمات السيبرانية والتقليل من تأثيراتها المحتملة، وبلوغ مستوى مقبول من الاعتماد على قدرات كوادرها الوطنية في إنتاج أدوات قدارة على ممارسة الهجمات السيبرانية ودرء المخاطر عن بنيتها التحتية للمعلومات والاتصالات.
ومن هنا يمكننا القول، نتيجة لما اتضح لنا من تحليل الجزء المتاح من تفاصيل الاستراتيجية السيبرانية الإيرانية أنه قد تم تشكيلها وفق منطق براغماتي سعى من خلالها العاملون في مجال الأمن السيبراني الى استثمار الخصائص الفريدة التي تتسم بها إيران على صعيد: المجال الجيوسياسي، والحراك الإقليمي، وحجم التهديدات التي تحيط بها، والمتغيرات التي تعصف بملفات التجاذب بين الغرب والشرق، بحيث تستثمر أقصى ما يمكن من فرص متاحة لتعزيز قدراتها ومكانتها، مع الحفاظ على الثوابت العقدية لنظامها قبالة مختلف أنماط التحديات المتشابكة التي تحيط به.
- توجّه إيران نحو الشرق وآلية استثمارها لهذا التوجّه في تعزيز قدراتها السيبرانية:
بصورة عامة، يمكننا القول إن القدرات السيبرانية التي تمتلكها إيران قد طوّرت ببصمة إيرانية محضة وبواسطة خبراء بالأمن السيبراني لتلبية الاحتياجات الأمنية لكفّ التهديدات المتزايدة، والهجمات المتكررة من قبل الولايات المتحدة وإسرائيل لتعطيل برنامجها النووي، أو إحداث خلل في برنامج صواريخها الباليستية، أو لتأجيج الرأي العام بواسطة حملات ممنهجة تمارس فيها القوى الناعمة.
لذا لا زالت الأدوات السيبرانية والبرمجيات الخبيثة التي توظفها قطعاتها السيبرانية، وبمختلف انتماءاتها بدائية، إلا أن هذا الأمر لا يمكن أن يقلل من التأثيرات الجسيمة التي بدأت تقلق الولايات المتحدة وحلفاؤها الاقليميون. يضاف الى ذلك الخصائص الفريدة التي تتسم بها البيئة المؤسسية السيبرانية، وتنوّع الجهات التي تشترك بالتخطيط وإدارة ومباشرة التهديدات والهجمات السيبرانية وبإشراف مباشر من قبل إدارات الحرس الثوري الإيراني التي تتقن ممارسة أنشطتها بسرّية عالية، وحرص شديد على تغييب أي بصمة يمكن أن توجّه أصابع الاتهام نحوها. الأمر الذي منح وسيمنح الاستراتيجية السيبرانية ـ الإيرانية ميزات لا تتمتع بها بقية دول المنطقة، أو كثير من الدول المتقدمة بهذا المضمار.
بالمقابل فإن طموح إيران لبلوغ مرتبة متقدمة على صعيد ممارسة التهديدات والهجمات السيبرانية ودرء التهديدات التي تحيق بأمن فضائها السيبراني لا زال يدفع بها لإيجاد فرص تعزّز أهدافها ومكانتها الإقليمية في مجال المواجهة الرقمي. لذا كان لهذه المسألة دوراً مهماً في تقاربها مع المعسكر الشرقي، سنحاول إلقاء الضوء على تفاصيلها وتداعياتها في هذه الفقرة.
- 1. توجّه إيران نحو الشرق: سياسة أم استراتيجية؟:
تبنت إيران سياسة التوجّه نحو الشرق، بعد أن تأزمت علاقتها مع الولايات المتحدة والدول الغربية بعيد الثورة الإسلامية، ثم تعمّقت الحاجة الى هذه السياسة بعد بروز مسألة البرنامج النووي الإيراني، وبرنامج الصواريخ البالستية في بدايات الألفية الجديدة، فبدأت بصياغة الخطوط العريضة لاستراتيجية التوجّه نحو الشرق Eastern Strategy. وقد ارتكزت هذه الاستراتيجية الى مبدأ توطيد العلاقات وترسيخها مع روسيا، والصين، والهند، ودول أخرى في الشرق، وحتى مع دول تصطف معها في مناهضة الولايات المتحدة وحلفائها من دول أمريكا اللاتينية[1].
وسعت إيران في هذه الاستراتيجية الى التخفيف من ضغوط الحصار الذي أرساه المعسكر الغربي بالضد منها، وفتح آفاق جديدة للتعاون الاقتصادي والتقني مع دول الشرق، مع استثمار الموقع الجيوستراتيجي الذي تتمتع به في منطقة الشرق الأوسط لتعجيل ودعم التحوّل المحوري من الغرب الى الشرق، والذي باتت تخطط لأن يكون لها مكانة استراتيجية في المعمارية الجيوسياسية العولمية المحتملة. كذلك فقد حرصت على أن تكون حاضرة في التحالف الذي بات وشيكاً بين دول المعسكر الشرقي قبالة المعسكر الغربي، بعد أن تطوّر الخلاف فيما بينهم بعد عام 2018.
لقد توقّع صنّاع القرار الإيرانيين أن تتحول التجاذبات الاقتصادية والسياسية بين الولايات المتحدة وروسيا والصين الى توتر وصراع، الأمر الذي يعزّز احتمال ولادة تحالف منافس يعارض هيمنة الولايات المتحدة وحلفاؤها، لذا فإن تبنّي سياسة التوجّه نحو الشرق سيتوفر لها مجالاً سياسياً متعدد الأوجه والوسائط في أكثر من محور على الصعد الجيواقتصادية، والجيوستراتيجية السياسية والأمنية، مع توفّر فرصة للتعامل مع كل مجال من مجالاتها بحسب أولويات إيران على المستويين الإقليمي والعولمي[2].
بصورة عامة لا تشكل علاقات إيران مع الهند عمقاً استراتيجياً باستثناء العلاقات التجارية التي تربط البلدين. أما الصين فيمكن أن يضاف الى ملف العلاقات التجارية مع إيران مسألة تقنيات الاتصالات التي تمتلكها والتي قد توفّر دعماً في إحكام قبضتها على فضاء الاتصالات الإيراني وما يسببه من قلق دائم بسبب أنشطة التيارات المعارضة، ولا يبدو ان هناك في الأفق ما يؤشر نحو استثمار ترسيخ العلاقات مع الصين ما يدعم الاستراتيجية الطموحة للأمن السيبراني التي تبناها الحكومة الإيرانية.
بالمقابل فإنه رغم تضاءل فرص التعاون الاقتصادي والتجاري لإيران مع روسيا، فإن هناك أكثر من فرصة أمام إيران لترسيخ تعاونها العسكري والأمني والتقني مع روسيا خصوصاً بعد قيامها بتجهيزها بالطائرات المسيّرة في حربها ضد أوكرانيا، وبحزم من الصواريخ الموجّهة.
ولا تكاد تخلو استراتيجية التوجّه نحو الشرق من العقبات على المستوى السياسي المحلي حيث تنازع المحافظين مع المتوسطين والاصلاحيين، وفقرات الدستور التي تقف عقبة أمام التوجّه بصورة كلية نحو المشرق أو المغرب، إضافة الى العقبة الأيديولوجية حيث لا يوجد فرص للتوافق مع الأيديولوجية التي تتبناها روسيا أو الصين مع الخطاطة العقدية الإيرانية.
من اجل هذا فإنا نعتقد أن الاستراتيجية الإيرانية بالتوجّه نحو الشرق لن تكون سهلة التطبيق قبالة هذه التحديات، وأنها ستنصبغ بصبغة متعددة المستويات والأهداف، الأمر الذي سيجعل منها نمط من أنماط السياسة المتوافقة مع معطيات الموقف الجيوعولمي بملفاته الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية والأمنية المتشابكة حيث ستمارس إيران سياسة يحكمها ما يفرضه المشهد العولمي للتوازن بين القوى، والفرص التي قد تسنح لها على المستوى الاقليمي[3].
- 2. الاتفاقيات التي أبرمتها إيران مع دول المعسكر الشرقي في مجال الأمن السيبراني:
لم تعد إيران تعقد آمالاً على أوربا بعد أن وقفت موقفاً متشدداً في صف الولايات المتحدة قبالة مسألة الملف النووي الإيراني، ومشاركتها لها في فرض الحصار على إيران. الأمر الذي جعل إيران تستبعدها من خارطة استراتيجيتها في الأفق المنظور، بعد أن أخفقت السياسة التي انتهجها الرئيس السابق حسن روحاني ووزير خارجيته جواد ظريف خلال السنوات (2013-2021) في محاولتهما لتحسين أجواء العلاقات مع الغرب. الأمر الذي دفع بإبراهيم رئيسي في انتهاج سياسة جديدة وإعادة الحسابات ومراجعة الاستراتيجية الإيرانية، وضرورة المباشرة في التوجّه نحو الشرق، في سعي جديد لترسيخ تحالفات إيران مع روسيا، والصين، والهند لإيجاد مخرج من العزلة والحصار الذي بات ملازماً لها دون وجود بصيص أمل قريب لانفراج في العلاقة مع الغرب.
سعت إيران الى توطيد أركان سياستها (خلال السنوات الأخيرة) بالتحوّل نحو الشرق من خلال توطيد علاقاتها مع روسيا، والصين والهند، بمختلف المجالات لترسيخ الأواصر وجني ثمار عملية التحوّل. وبدأت الزيارات المتبادلة تتكاثر بين إيران وهذه البلدان، مع الإعلان عن حزم من الاتفاقيات المشتركة لتعميق التعاون في المجالات السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والأمنية. وكانت مسائل التعاون في مجال الأمن السيبراني من المسائل والقضايا، التي حرصت إيران على زجها ضمن مفردات وفقرات هذه الاتفاقيات.
- 2. 1. الاتفاقيات المبرمة مع روسيا:
منذ عقود وتقيم إيران علاقات متينة مع روسيا بوصفها الشريك الأفضل بين دول الشرق، لذا فإن ملف الاتفاقيات المبرمة بين هذين البلدين حافل بحقول مشتركة للتعاون المشترك بكافة المجالات. وقد كثّفت إيران من الاتفاقيات المبرمة مع روسيا بعد أن تعمّقت العزلة التي حلّت بها نتيجة للموقف المتشدد الذي تبنته الولايات المتحدة وحليفاتها ضد برنامجها النووي، فوجدت في روسيا ملاذاً للتخفيف من العزلة وباباً لتوريدها بما تفتقر إليه من تقنيات وأدوات لإدارة دفة أنشطتها المختلفة.
في شهر يناير عام 2021 وقعت إيران اتفاقية مشتركة مع روسيا حول التعاون في مجال الأمن السيبراني وتقنيات المعلومات والاتصالات. وقد تضمنت بنود هذه الاتفاقية التعاون المشترك على صعيد نقل التكنولوجيا، وبرامج التدريب المشترك، والتنسيق السيبراني بين البلدين[4]. وتعد الاتفاقية التي وقع عليها الطرفان معلمًا بالغ الأهمية في العلاقات الثنائية بين روسيا وإيران يهدف الى توسيع التعاون الإقليمي والدولي بين البلدين في مجال الأمن السيبراني.
ورغم أن الاتفاقية أشارت الى إمكانية مساهمة روسيا في تطوير القدرات الهجومية السيبرانية الإيرانية، إلا أن الحقيقة هو أن الاتفاقية أكّدت على دعم القدرات السيبرانية ـ الدفاعية الإيرانية وبما يتوافق مع توجهات البلدين المشتركة في الحد من نفوذ الولايات المتحدة بالشرق الأوسط، إضافة الى تحقيق رغبة إيران الأكيدة في تقليل اعتمادها على التكنولوجيا الغربية[5].
وقد أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية أن هذه الاتفاقية تهدف الى التنسيق المشترك للكشف عن عمليات التسلل السيبراني Cyber Intrusion والتنسيق لضمان مستوى أمني ـ سيبراني جيد لإيران وحلفائها[6]. كذلك شملت الاتفاقية التعاون بين البلدين لمحاربة الجرائم السيبرانية، والاستفادة من التجربة الروسية في مراقبة الفضاء السيبراني والتي يطلق عليها الانترنيت السيادي Sovereign Internet والذي نجحت روسيا من خلاله في فرض رقابة صارمة على محتوى مواقع الانترنيت، وقطع الاتصال بالمواقع التي تعدّ تهديداً لأمن روسيا، في تطوير شبكة الانترنيت الحلال بإيران. كذلك فقد تم الاتفاق خلال السنتين 2019 و2020 على تشكيل فريق عمل مشترك من البلدين لتنفيذ مشروع المدينة الذكية الذي سيتيح لإيران فرصة مراقبة المواطنين بواسطة كاميرات مراقبة ذكية تمتلك القدرة على تمييز بصمة الوجه، ومتابعة حركة المجاميع المشبوهة. كذلك تم الاتفاق على تشكيل فرق برمجية لصناعة برمجيات ونظم برمجية لمحاربة احتكار الولايات المتحدة لسوق النظم البرمجية، وإيجاد بدائل محلية للتقليل من الاعتماد على الغرب[7].
ورغم التقارب الذي فرضته عملية تمتين العلاقات أثناء الغزو الروسي لأوكرانيا وقيام إيران بتزويد روسيا بالطائرات المسيّرة، وقيام الرئيس إبراهيم رئيسي بزيارة موسكو، وتوقيع اتفاقية التعاون المشترك لمدة تصل الى عشرين عاماً، بحسب ما صرّح ممثل لجنة العلاقات الإيرانية الروسية في مجلس النواب الإيراني في شهر حزيران من هذا العام[8]، فإنه لم يحصل تغيير جديد بصدد اتفاقيات التعاون المشترك في مجال الأمن السيبراني بين البلدين، ولا توجد أي مؤشرات حول وجود تعاون في مجال تطوير القدرات الهجومية السيبرانية لإيران، على أرض الواقع، رغم وجود إشارات في الاتفاقية الى مثل هذا الأمر.
- 2. 2. الاتفاقيات المبرمة مع الصين:
يلعب ملف تجهيز النفط دوراً جوهرياً في تشكيل الإطار العام للعلاقة التي تربط بين الصين وإيران، وتركزت الاتفاقيات التي وقّعها الطرفان في مضمار التعاون المشترك استثمار تقنيات المراقبة التي تمتلكها الشركتين الصينيتين Huawei & ZTE واستخدماه في البنية التحتية الاتصالية الإيرانية لمراقبة فضاء الاتصال الداخلي (النصوص، والمكالمات، والبريد الالكتروني) لضمان الأمن الداخلي وقمع صوت المعارض والحيلولة دون تواصل أفراد ومجاميع المعارضة الإيرانية فيما بينهم.
ولعل من العلامات الفارقة في التعاون الإيراني الصيني في مجال الأمن السيبراني اللقاء الذي جمع وزير الاتصالات والمعلومات الإيراني جواد آزري والوزير الصيني Maio Wei في النصف الأول من عام 2019 حيث اتفق الطرفان على ضرورة التعاون المشترك لمواجهة الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة على شركتي الاتصالات الصينية Huawei & ZTE وضرورة تجاوز القطبية الأحادية، والتهديدات السيبرانية التي تمارسها ضد إيران والصين والسعي للتعامل معها وفق برنامج عمل مشترك[9].
كذلك أبرمت إيران اتفاقية استراتيجية مع الصين (أمدها 25 عاماً) لدعمها في استكمال وتشغيل مشروع الانترنيت الوطنية الإيرانية SHOMA (يطلق عليه اسم الانترنيت الحلال) الذي تسعى من خلاله عزل الفضاء السيبراني الإيراني عن الفضاء السيبراني العولمي لكف الهجمات المتكررة على بنيتها التحتية، ولإحكام سيطرتها على مراقبة وتكبيل المجال الاتصالي الذي توظفه المعارضة الإيرانية باستمرار ضد النظام الإيراني[10].
هذا وقد قام وفد صيني عالي المستوى شمل عضواً في مجلس الدولة، صحبة وزير الدفاع الصيني بزيارة مفاجئة الى طهران في نهاية شهر أبريل من عام 2022، وحضرا عدة اجتماعات مع رئيس الجمهورية إبراهيم رئيسي، ووزير الدفاع الإيراني، والقائد العام للقوات المسلحة، ومسؤولين من الحرس الثوري الإيراني، بقصد تعميق العلاقات الثنائية ومواجهة القطبية الأحادية التي تمارسها الولايات المتحدة في المنطقة[11].
ولم تعلن إيران عن تفاصيل الاتفاقية الدفاعية المشتركة، إلا أن الاجتماعات وإطار الاتفاقية قد تضمن مسائل تبادل الخبرات في مجال التسليح وتدريب القوات المسلحة، وتقنية الصواريخ البالستية، وتعزيز الجهد الاستخباراتي، وتنسيق العمل في مجال الأمن السيبراني، وبالخصوص بعد الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الإيراني عبد اللهيان في بداية العام ذاته لبكين، وتطرق فيها مع نظيره الصيني حول ضرورة تعاون البلدين في مجال الأمن السيبراني في حال تعرض أي من البلدين الى هجمات سيبرانية من المعسكر الغربي.
5 .2. 3. الاتفاقيات مع كوريا الشمالية والهند:
لم تغفل الحكومة الإيرانية عن استثمار العداء المستفحل بين الولايات المتحدة الأمريكية، وكوريا الشمالية في تعزيز قدراتها السيبرانية فعمدت الى توقيع اتفاقية مشتركة معها منذ عام 2012. وتضمنت الاتفاقية توسيع التعاون المشترك في المجالات العلمية والتقنية، سواء على مستوى البحث العلمي، وتبادل البعثات العلمية للطلبة، وتبادل التقنيات الجديدة[12]. وقد بدت ثمار هذا التعاون في التطور الحاصل بالقدرات الهجومية ـ السيبرانية لدى الإيرانيين وبالخصوص خلال الهجوم السيبراني الواسع الذي قامت به مجاميع من القراصنة السيبرانيون الإيرانيون والذي عرف بهجمة [13]Cleaver التي استمدت اسمها من اسم المجموعة ذاتها.
ورغم وجود إشارات حول التعاون التقني والاقتصادي بين إيران والهند، إلا انه لا توجد أي وثيقة تؤكد وجود اتفاقية مشتركة بصدد التعاون في مجال الأمن السيبراني بين البلدين، ويبدو أن العلاقة الاستراتيجية بين الهند والولايات المتحدة في مجال الأمن السيبراني التي أرساها الاتفاق بين البلدين منذ عام 2016 [14]قد شكّلت عائقاً دون وجود اتفاقيات مشتركة بين الهند وإيران في هذا المضمار، رغم وجود علاقات متينة في حقول أخرى.
- الانعكاسات المحتملة للتوجه نحو الشرق على القدرات الجيوسيبرانية الإيرانية:
لغرض فهم أرضية مطالب المجلس الأعلى للفضاء السيبراني ـ الإيراني من قائمة أهداف الاتفاقيات التي أبرمت بعد اتبني طهران لسياسة لتحوّل نحو الشرق، سنحاول تحليل طبيعة القدرات السيبرانية التي تمتلكها إيران، مع تحديد أهم الفجوات اللوجستية والتقنية التي تفتقر إليها، والتي ستشكّل قائمة المطالب التي حاولت إيران أن تترجمها الى إجراءات واقعية من خلال الاتفاقات التي سعت الى توقيعها مع دول المعسكر الشرقي.
أعلن التقرير الصادر عن مؤسسة Cyber Project في Harvard Kennedy School لسنة 2022 أن إيران قد ارتقت على صعيد القدرات السيبرانية من المرتبة الثانية والعشرين عام 2021 الى المرتبة العاشرة عام 2022، والتي تعد قفزة نوعية غير مسبوقة. كذلك يبدو واضحاً من الشكل (5) أن التراتبية العولمية لإيران على صعيد مؤشرات القدرات السيبرانية (حسب تقارير عام 2022) تعد متقدمة بالنسبة لدول المنطقة، كما أنها تنافس حليفتيها (روسيا، والصين) في أكثر من مؤشر[15].
الشكل (5). مقارنة القدرات السيبرانية لدى كل من إيران وروسيا والصين عام 2022[16].
ويبدو جلياً أمامنا من الشكل أعلاه، هو أن إيران تتقدم على روسيا في مؤشرات: إدارة المعلومات، والمراقبة السيبرانية، والتمويل السيبراني[17]، بينما تتخلف عنها بوضوح على صعيد مؤشرات: القدرات التدميرية السيبرانية، والقدرات الدفاعية السيبرانية، ومؤشر المخابرات السيبرانية، ومؤشر تجارة الأدوات السيبرانية، ومؤشر الأعراف السيبرانية.
بالمقابل فإن إيران تتقدم على الصين، على صعيد مؤشر إدارة المعلومات، بينما تتخلف عنها في بقية المؤثرات، مع وجود بون شاسع في بقية المؤشرات.
وشأن الاستراتيجية السيبرانية المحكمة التي أعدت من قبل المجلس للفضاء السيبراني الإيراني، فقد أدرج المجلس مجموعة من المطالب والغايات لتطوير الآلة السيبرانية الإيرانية، بشقيها الدفاعي والهجومي، لكي تأخذ نصيبها من الاتفاقيات التي رافقت عملية التحوّل نحو الشرق.
وقد توزّعت هذه المطالب والأهداف على خارطة الدول المحتملة لعمليات التنسيق السيبراني المشترك، وبحسب ما تمتلكه كل دولة من إمكانيات سيبرانية متقدمة، تفتقر الى بعض جوانبها الآلة السيبرانية الإيرانية وخبرات الكوادر المشاركة بتشغيلها، لضمان سد الثغرات المقيمة هنا او هناك، وضمان بلوغ مرتبة متقدمة تمنحها ثقلاً مؤثراً في المنطقة، ولدى خصومها التقليديين، الولايات المتحدة، والدول الغربية، وإسرائيل.
ويظهر في الشكل (6) خارطة استراتيجية التحالفات الإيرانية التي أرادها المجلس الأعلى للفضاء السيبراني الإيراني مع بقية المجاميع، وعلى رأسهم جيش إيران السيبراني، لكي تدرج ضمن ما ستتمخض عنه التحالفات التي بدأت الحكومة الإيرانية بترجمتها الى اتفاقيات مع دول المعسكر الشرقي، خلال السنوات الأخيرة.
الشكل (6) ـ الإطار العام للاستراتيجية الإيرانية للتحول الجديد وتعزيز قدراتها من التحالفات مع دول الشرق.
ويبدو واضحاً أن إيران قد وضعت روسيا على رأس القائمة لغرض استثمار ما تمتلك من أدوات وبرمجيات خبيثة توظفها في النزاع غير المعلن في الفضاء السيبراني مع الولايات المتحدة، كذلك تطوير القدرات الدفاعية ـ السيبرانية لضمان أمن إيران من التهديدات والهجمات التي باتت تؤثر على مشروع برنامجها النووي والبنية التحتية للمعلومات والاتصالات، وإحكام قبضة المراقبة والحظر على فضاء الانترنيت لإسكات صوت المعارضة وقطع موارد القوى الناعمة التي يمارسها الخصوم ضد الثورة الإسلامية، وأخيراً بناء القدرات من خلال برامج تدريبية مشتركة.
وتأتي الصين بالمرتبة الثانية بعد روسيا، وتشكل تقنيات المراقبة والحظر التي تمتلكها الشركتان الصينية Huawei & ZTE مطلباً اساسياً بالإضافة الى وجود حاجة الى تنسيق مشترك مع الصين في مجال درء التهديدات السيبرانية الأمريكية، والحصول على تقنيات جديدة. أما كوريا الشمالية فإن التحالف مع ميليشياتها السيبرانية في ممارسة التهديدات والهجمات السيبرانية يعد من المطالب المهمة لما سيسهم به من بناء قدرات الكتائب السيبرانية الإيرانية.
وتبرر بيانات هذا الشكل توجّه إيران نحو التحالف السيبراني مع روسيا، ذلك لكونها تتخلف عنها وعن دول أخرى في المخابرات السيبرانية، والقدرات الدفاعية السيبرانية، والقدرات التدميرية السيبرانية. بينما تتقدم عليها في مجال التخصيصات المالية لتمويل القدرات السيبرانية، والمراقبة السيبرانية، وتتقارب معها في تجاوز الأعراف السيبرانية الى حد كبير[18].
وتشير الوقائع والتقارير التي تصرّح بالأعداد الكبيرة للتهديدات والهجمات السيبرانية، والبرامج الخبيثة التي تنطلق من إيران باتجاه الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة وخارجها الى أن إيران لا تفتقر الى حد كبير الى القدرات السيبرانية التدميرية، وان الفجوة السيبرانية التي تعاني منها وتقضّ مضاجعها إدارتها هو تراجع قدراتها الدفاعية السيبرانية قبالة القدرات الهجومية السيبرانية والناعمة للولايات المتحدة، وإسرائيل الأمر الذي دفع بها نحو التوجه الى روسيا لنيل المزيد من الدعم للارتقاء بقدراتها الدفاعية السيبرانية، أولاً، ثم تطوير قدراتها التدميرية ثانياً.
وسيسهم توجهها نحو الشرق وتعزيز التحالف السيبراني مع روسيا في توجيه المزيد من الضغط والتحديات على الولايات المتحدة وحلفائها بالمنطقة وخارجها لأسباب عدة ـ أنظر الشكل (7).
الشكل (7) ـ الآثار الإيجابية المترتبة على توجه إيران نحو إنشاء تحالف تقني ـ سيبراني مع روسيا.
وعلى هذا الأساس تكون إيران قد حققت أكثر من غاية من غاياتها على صعيد ترسيخ مكانتها الجيوسيبرانية بالمنطقة، سواء في تعميق قدراتها الدفاعية السيبرانية، وترسيخ الخبرات لدى كوادرها السيبرانية نتيجة التعاون الميداني مع القراصة السيبرانيين الروس، في الكشف عن مواطن الفجوات السيبرانية، وحضور البرمجيات الخبيثة، وتحليل معماريتها البرمجية، وإنتاج برمجيات خبيثة مشابهة لها. كما أنها ستعقّد المشهد على الولايات المتحدة وإسرائيل وبقية حلفائها في تخصيص المزيد من الموارد المالية عند التخطيط للهجمات السيبرانية، مع إجبارها على اعتماد تقنيات سيبرانية أكثر تقدماً لضمان بلوغ المستوى التأثيري المطلوب.
ولقد توسع نطاق التعاون في المجال السيبراني بين روسيا وإيران بعد أحداث الحرب الأوكرانية[19]، وما قامت به إيران من تزويد روسيا بطائرات مسيرة وصواريخ قصيرة المدى، حيث بدا تساهل روسيا واضحاً في تخفيف شروطها إزاء منح إيران مجموعة متنوعة من التقنيات السيبرانية المتقدمة في مجال التنصت على الخطوط الهاتفية[20]، وفرض الرقابة على المحتوى المطروح على الانترنيت في سعيها لمواجهة الحراك الداخلي المعارض[21].
وبعد أن قدمت طهران مجموعة من الطائرات المسيّرة الى روسيا لدعمها في حرب أوكرانيا قامت روسيا بتزويد إيران بتقنيات وأجهزة متقدمة للمراقبة والتنصّت السيبراني، بالإضافة الى نظم كاميرات مراقبة، وأجهزة الكشف عن الكذب. كذلك قامت موسكو بتزويد إيران ببرمجيات تمارس عملية القرصة على مكالمات الهواتف، والنظم التي تستخدمها المجاميع المنشقة والمعادية للنظام الإيراني داخل إيران، كذلك قامت شركة PROTEI ببرمجيات متقدمة لحظر المواقع[22] لغرض استخدامها في شركة الهاتف المحمول الإيرانية Arian Tel بالإضافة الى مقاطعة الاتصالات ومراقبة البريد الإلكتروني، ونشاط المواطنين الإيرانيين على منصات التواصل الاجتماعي.
وقد استثمرت روسيا اتفاقية الدفاع السيبراني مع إيران للكشف عن البصمات الرقمية للهجمات السيبرانية التي تمارسها الولايات المتحدة وإسرائيل ضد البنية التحتية للمعلومات والاتصالات، والمشروع النووي الإيراني، للوقوف على التقنيات الجديدة التي تستخدم في مجال ممارسة الهجمات السيبرانية، لتطوير دفاعاتها ضد الهجمات التي قد تمارسها الولايات المتحدة، وتحليل المعمارية البرمجية للبرمجيات الخبيثة والفايروسات التي تستهدف الفضاء السيبراني الإيراني، لغرض محاكاتها وإنتاج برمجيات خبيثة مناظرة لها، مع ادعاء قيامها بالكشف عن آثار الهجمات السيبرانية على إيران، والارتقاء بدفاعاتها السيبرانية ضد التهديدات والهجمات المحتملة.
وبالرغم من ميل إيران نحو التحالف مع روسيا، ووجود أكثر من اتفاقية، وتوفر الفرص لتمتين العلاقات بينهما، إلا أن كلا الطرفين لم ينجحا بالتغلّب على وجود فجوات مستديمة في العلاقة بينهما، وبالخصوص على صعيد الخلافات العقدية، ووجود تنافس غير معلن بين الطرفين حول الهيمنة الجيوسياسية في المنطقة المحاذية للبلدين، ووجود تقاطعات غير معلنة تحكم الاستراتيجية الروسية في منطقة الشرق الأوسط، بحيث تحتّم عليها في بعض الأحيان تجاوز نطاق الاتفاقيات وخرق بنودها لترسيخ الإستراتيجية الجيوسياسية الروسية بمنطقة الشرق الأقصى والأوسط. بالرغم من أن اتفاقية التعاون المشترك بين موسكو إيران في مجال الأمن السيبراني قد ذكرت وجود اكثر من فرصة لتقديم روسيا الدعم التقني، وبناء قدرات الكوادر الإيرانية في مجال القدرات السيبرانية الهجومية، إلا أن مراجعة بنود الاتفاقية تظهر أن جل فقراتها قد تناولت تطوير القدرات السيبرانية الدفاعية لدرء الأخطار التي قد تترتب عن التهديدات أو الهجمات التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها ودول أخرى ضد البنية التحتية، وأدوات الفضاء السيبراني الإيراني، مع توفير الفرص للتقليل من اعتماد إيران على الأدوات والمعدات ذات الصلة بملف الأمن السيبراني الوطني .
ولم تكون روسيا منفتحة في تعاونها مع إيران في مجال تطوير قدراتها على ممارسة الهجمات السيبرانية لأسباب عدة، منها رغبتها في الاحتفاظ بالتفوّق في هذا المضمار في شرق آسيا، ومنطقة الشرق الأوسط، والحرص على استبقاء التوازن الجيوسياسي ـ السيبراني في المنطقة[23]، وعدم بلوغ مرحلة الثقة بما تريد إيران تحقيقه من هذه الاتفاقيات على الأمد البعيد، إضافة الى احتمال قيام إيران بتزويد هذه التقنيات الهجومية الى وكلائها السيبرانيين في منطقة الشرق الأوسط، والتي قد ينشب عنها تصعيد مع إسرائيل، ودول خليجية.
لذا اقتصرت الاتفاقية على تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتحسين قدرات الدفاع السيبراني بدلاً من منحها تقنيات تدعم مشاركتها في عمليات سيبرانية هجومية قد تؤثر على توازن القوى في المجال السيبراني المفتوح[24].
من اجل هذا سيبقى التعاون السيبراني بين موسكو وروسيا حبيساً في دائرة تبادل المعلومات الاستخبارية، والسعي نحو تطوير القدرات الدفاعية السيبرانية، دون أن تتوسع دائرته باتجاه تطوير القدرات الهجومية السيبرانية لإيران، والذي سيشكل تهديداً اكيداً الى المجال الجيوسيبراني الروسي في المنطقة.
على صعيد آخر، أعلنت كل من إيران والصين التزامهما على التعاون في مواجهة الهيمنة الأمريكية في المجال السيبراني وما يتمخّض عنها من تهديدات محتملة للبلدين. وقد قام البلدان بتوقيع اتفاقية للتعاون الاستراتيجي في شهر كانون الثاني من عام 2022 تمتد لمدة 25 عاماً تضمنت مسألة الأمن السيبراني فقرة مهمة من فقراتها، مع قيام الصين بمساعدة إيران لاستكمال مشروع الانترنيت الوطنية (الانترنيت الحلال)[25].
كذلك فهناك شكوك حول وجود تنسيق مشترك بين وزارة أمن الدولة الصينية ونظيرتها في طهران بعد التصعيد في وتيرة الهجمات، وحضور مستوى عال من التنسيق بين الجهات التي مارست هجمات سيبرانية شرسة على مؤسسات دفاعية أمريكية وأخرى في إسرائيل، حملت بصمات قراصنة سيبرانيين من الصين وإيران، مع وجود دعم من الحكومتين لهذه المجاميع.
إلا أن الواقع لا يعزز هذه الشكوك لأن الصين لا زالت متحفظة على صعيد تجهيز إيران بموارد وأدوات تدعم قدراتها السيبرانية التدميرية بسبب حرصها على إبقاء علاقات اقتصادية حميمة مع حلفائها في منطقة الشرق الأوسط، والاستبقاء على توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، مع إبقاء باب التعاون في مجال الارتقاء بالقدرات السيبرانية الدفاعية في إيران مفتوحاً لحد ما، مع تجهيز إيران بجميع أشكال أدوات التنصت، والتتبع، وحظر المواقع.
- خاتمة:
أضحت عملية دراسة وتحليل الموقف الجيوسياسي ـ السيبراني من المسائل المهمة لفهم دينامية التغير في آلية توازن القوى على المستويين المحلي والإقليمي، والوقوف على الدور الذي باتت تمارسه تقنيات المعلومات والاتصالات في تحديد مستويات تفاعلها على صعيد تشكيل معالم السياسات السيبرانية Cyberpolitics، وتحديد متطلبات الأمن، وتخوم المجال الجيوسياسي الذي لم يعد محكوماً بالمحددات الجغرافية والمكانية في الفضاء السيبراني المفتوح.
وعلى صعيد المجال الجيوسياسي ـ السيبراني لا نكاد نعثر على دولة أو نظام من النظم السياسية لا يلجأ الى الفضاء السيبراني وأدواته الرقمية في ممارسة القرصنة السيبرانية، واختراق مستودعات البيانات، أو نشر المعلومات المضلّلة للتأثير على الرأي العام المحلي، أو لدى الدول المناوئة لخلخلة الاستقرار وحشد الأصوات المعارضة، وجمع المعلومات الاستخباراتية، بالإضافة الى ممارسة طيف واسع من التهديدات والهجمات السيبرانية التي تتعدد غاياتها بدءاً بهجمات رفض الخدمة، وانتهاء باستهداف البنية التحتية لمؤسسات عسكرية وأمنية، أو حكومية، أو اقتصادية.
لقد بذلت إيران قصارى جهدها لتحقيق مستوى متقدم للتعاون مع روسيا والصين، في ظل انفتاحها وتوجه بقوة نحو الشرق. ووقعت مجموعة من الاتفاقيات، وأعلنت بتصريحات مسؤوليها عن وجود تنسيق عال في مجال الأمن السيبراني، وحرص روسيا على بناء القدرات السيبرانية الإيرانية الهجومية والدفاعية، وملفات تقنية أخرى.
بالرغم من أن اتفاقية التعاون المشترك بين موسكو إيران في مجال الأمن السيبراني قد ذكرت وجود اكثر من فرصة لتقديم روسيا الدعم التقني، وبناء قدرات الكوادر الإيرانية في مجال القدرات السيبرانية الهجومية، إلا أن مراجعة بنود الاتفاقية تظهر أن جل فقراتها قد تناولت تطوير القدرات السيبرانية الدفاعية لدرء الأخطار التي قد تترتب عن التهديدات أو الهجمات التي تمارسها الولايات المتحدة وحلفاؤها ودول أخرى ضد البنية التحتية، وأدوات الفضاء السيبراني الإيراني، مع توفير الفرص للتقليل من اعتماد إيران على الأدوات والمعدات ذات الصلة بملف الأمن السيبراني الوطني .
إلا أن هذه الاتفاقيات لم تحقق لإيران ما كانت ترجوه، حيث لم تتلمس من روسيا أي تعاون بنّاء في مجال العمليات السيبرانية الدفاعية، كما أن روسيا لم تلق بالاً للتعاون في مجال العمليات السيبرانية الهجومية. وبقيت على أرض الواقع فجوة مقيمة بين الفصائل السيبرانية الروسية والإيرانية، على صعيد ممارسة هجمات سيبرانية مشتركة على الدول المناهضة، ولم تبد روسيا أي رغبة في تبادل المعارف والخبرات التي تفتقر إليها إيران على صعيد بناء قدراتها السيبرانية الهجومية، كما أن ما حصلت عليه في مجال القدرات السيبرانية الدفاعية لا زال محدوداً.
بالمقابل فإن ملف التعاون السيبراني بين إيران والصين، لا زال بعيداً عن طموح القيادة السيبرانية الإيرانية، وبشقيه الهجومي والدفاعي، بسبب تحفظ الصين في التعاون مع إيران على بناء قدراتها الهجومية السيبرانية، حرصاً منها على استبقاء التوازن الجيوسياسي ـ السيبراني في منطقة الشرق الأوسط من جهة، وعدم رغبتها بظهور منافس جديد لها في المنطقة، بعد أن نجحت إيران في تقديم قفزات كبيرة خلال العقد المنصرم.
قائمة المصادر
- Aftandilian, Gergory, Lessons of History: The Fleeting Nature of Iran-Russia Collaboration, Gulf International Forum, June 21st ,2023, Available At: Lessons of History: The Fleeting Nature of Iran-Russia Collaboration – Gulf International Forum (gulfif.org), Accessed on June 27th , 2023.
- Al-Arabiya, Iran Seeks Cyber Assistance From Russia Amid Growing Military Cooperation, Al-Arabiya News, March 28th 2023, Available At: https://english.alarabiya.net/News/middle-east/2023/03/28/Iran-seeks-cyber-assistance-from-Russia-amid-growing-military-cooperation, Accessd on May 10th
- Brief, Flash, Iran Obtains Advanced Cyber Warfare Capabilities from Russia, Defense of Democracies, March 28th, 2023, Available At: https://www.fdd.org/analysis/2023/03/28/iran-obtains-advanced-cyber-warfare-capabilities-from-russia/, Accessed on May 3rd,
- Brief, Flash, Iran Obtains Advanced Cyber Warfare Capabilities from Russia, Defense of Democracies, March 28th 2023, Available At: https://www.fdd.org/analysis/2023/03/28/iran-obtains-advanced-cyber-warfare-capabilities-from-russia/, Accessed on May 3rd
- Doffman, Zak, Cyber Warfare Threat Rises As Iran And China Agree ‘United Front’ Against U.S., Forbes, July 6th ,2019, Available At: https://www.forbes.com/sites/zakdoffman/2019/07/06/iranian-cyber-threat-heightened-by-chinas-support-for-its-cyber-war-on-u-s/?sh=6d81374842eb, Accessed on June 25th , 2023.
- Dov Lieber, Dov, Faucon, Benoit & Michael Amon, Russia Supplies Iran With Cyber Weapons As Military Cooperation Grows: Tehran Is Receiving Advanced Surveillance Software After Providing Drones For Ukraine Battlefield, The Wall Street Journal, March 27th 2023, Available At: https://www.wsj.com/articles/russia-supplies-iran-with-cyber-weapons-as-military-cooperation-grows-b14b94cd, Accessed on May 3rd
- Dov Lieber, Dov, Faucon, Benoit & Michael Amon, Russia Supplies Iran With Cyber Weapons As Military Cooperation Grows: Tehran Is Receiving Advanced Surveillance Software After Providing Drones For Ukraine Battlefield, The Wall Street Journal, March 27th 2023, Available At: https://www.wsj.com/articles/russia-supplies-iran-with-cyber-weapons-as-military-cooperation-grows-b14b94cd, Accessed on May 3rd
- Esfandiari, Golnaz, Iran To Work With China To Create National Internet System, Radio Free Europe, September 4th 2020, Available At: https://www.rferl.org/a/iran-china-national-internet-system-censorship/30820857.html, Accessed on May 3rd
- Esfandiari, Golnaz, Iran To Work With China To Create National Internet System, Radio Free Europe, September 4th , 2020, Available At: https://www.rferl.org/a/iran-china-national-internet-system-censorship/30820857.html, Accessed on June 5th , 2023.
- Esfandiari, Golnaz, Iran To Work With China To Create National Internet System, Radio Free Europe, September 4th 2020, Available At: https://www.rferl.org/a/iran-china-national-internet-system-censorship/30820857.html, Accessed on May 3rd
- Fixler, Annie, The Dangers of Iran’s Cyber Ambitions, Defense of Democracies , October 28th 2022, Available At: https://www.fdd.org/analysis/2022/10/28/the-dangers-of-irans-cyber-ambitions/, Accessed On May 3rd
- Fixler, Annie, The Dangers of Iran’s Cyber Ambitions, Defense of Democracies, October 28th , 2022, Available At: https://www.fdd.org/analysis/2022/10/28/the-dangers-of-irans-cyber-ambitions/, Accessed on June 25th
- Fixler, Annie, The Dangers of Iran’s Cyber Ambitions, Defense of Democracies , October 28th 2022, Available At: https://www.fdd.org/analysis/2022/10/28/the-dangers-of-irans-cyber-ambitions/, Accessed On May 3rd
- Gering, Tuvia & Jason M. Brodsky, Not “Business As Usual”: The Chinese Military’s Visit To Iran, MEI@75, May 16th 2022, Available At: https://www.mei.edu/publications/not-business-usual-chinese-militarys-visit-iran, Accessed on May 3rd
- Gering, Tuvia & Jason M. Brodsky, Not “Business As Usual”: The Chinese Military’s Visit To Iran, MEI@75, May 16th 2022, Available At: https://www.mei.edu/publications/not-business-usual-chinese-militarys-visit-iran, Accessed on May 3rd
- Hadian, Nasser, Explainer: Iran’s Strategic Pivot to the East, The Iran Primer, April 21st 2023, Available At: https://iranprimer.usip.org/blog/2023/apr/21/explainer-iran%E2%80%99s-strategic-pivot-east, Accessed on: May 10th
- Hardie, John & Annie Fixler, Russia-Iran Cooperation Poses Challenges For US Cyber Strategy, Global Norms, DESI, February 8th , 2021, Available At: https://www.c4isrnet.com/thought-leadership/2021/02/08/russia-iran-cooperation-poses-challenges-for-us-cyber-strategy-global-norms/, Accessed on June 23rd , 2023.
- Kausch, Kristina, Cheap Havoc: How Cyber-Geopolitics Will Destabilize the Middle East, The German Marshall Fund of the United States, Policy Brief, No. 35, 2017.
- Khamenei, Ali, 2016. Speeches. Available at: https://farsi.khamenei.ir/38981, Accessed on June 21st, 2023.
- Lasiello, Emillio, What Happens if China, Iran, and Russia Form a Cyber Tripartite?, OODALOOP, Available At: https://www.oodaloop.com/archive/2023/05/03/what-happens-if-china-iran-and-russia-form-a-cyber-tripartite/, Accessed on June 27th , 2023.
- Rosett, Claudia, North Korea And Iran: Partners In Cyber Warfare?, Forbes, December 12th 2014, Available At: https://www.forbes.com/sites/claudiarosett/2014/12/12/north-korea-and-iran-partners-in-cyber-warfare/?sh=622a06b359aa, Accessed on May 3rd
- Rosett, Claudia, North Korea And Iran: Partners In Cyber Warfare?, Forbes, December 12th 2014, Available At: https://www.forbes.com/sites/claudiarosett/2014/12/12/north-korea-and-iran-partners-in-cyber-warfare/?sh=622a06b359aa, Accessed on May 3rd
- Rosett, Claudia, North Korea And Iran: Partners In Cyber Warfare?, Forbes, December 12th 2014, Available At: https://www.forbes.com/sites/claudiarosett/2014/12/12/north-korea-and-iran-partners-in-cyber-warfare/?sh=622a06b359aa, Accessed on May 3rd
- Sanaei, Mahdi & Jahangir Karami, Iran’s Eastern Policy: Potential and Challenges, Russia in Global Affairs Journal, No.3, July/September 2021, Available At: https://eng.globalaffairs.ru/articles/irans-eastern-policy/, Accessed on June 21st,
- Sariolghalam, Mahmood, Diagnosing Iran’s Emerging Pivot Toward Russia And China, MEI@75, Available At: https://www.mei.edu/publications/diagnosing-irans-emerging-pivot-toward-russia-and-china, Accessed on June 21st,
- T, MP: Iran, Russia Agreed On Frameworks Of 20-Year Cooperation Document, Tehran Times, Friday 30th June,2023, Available At: MP: Iran, Russia agreed on frameworks of 20-year cooperation document – Tehran Times, Accessed on June 25th 2023.
- Timofeev, Ivan, A Cybersecurity Agreement Between Russia & Iran, Russia News, January 27th 2021, Available At: https://dfnc.ru/en/cyber/a-cybersecurity-agreement-between-russia-iran/, Accessed on May, 3rd
- Timofeev, Ivan, A Cybersecurity Agreement Between Russia & Iran, Russia News, January 27th 2021, Available At: https://dfnc.ru/en/cyber/a-cybersecurity-agreement-between-russia-iran/, Accessed on May, 3rd
- Voo, Julia, Hemani Irfan & Daniel Cassady, National Cyber Power Index 2022, Cyber Project, (Cambridge: Harvard Kennedy School, 2023).
- Voo, Julia, Hemani Irfan & Daniel Cassady, National Cyber Power Index 2022, Cyber Project, (Cambridge: Harvard Kennedy School, 2023).
- Voo, Julia, Hemani Irfan & Daniel Cassady, National Cyber Power Index 2022, Cyber Project, (Cambridge: Harvard Kennedy School, 2023).
- H., FACT SHEET: Framework for the U.S.-India Cyber Relationship, Office of The Press Secretary, White House, June 7th , 2016.
- Wechsle, Omree, The Iran-Russia Cyber Agreement and U.S. Strategy in the Middle East, Council of Foreign Relations, March 15th 2021, Available At: https://www.cfr.org/blog/iran-russia-cyber-agreement-and-us-strategy-middle-east, Accessed on May 2nd
- Wechsle, Omree, The Iran-Russia Cyber Agreement and U.S. Strategy in the Middle East, Council of Foreign Relations, March 15th 2021, Available At: https://www.cfr.org/blog/iran-russia-cyber-agreement-and-us-strategy-middle-east, Accessed on May 2nd
- Wechsler, Omree, The Iran-Russia Cyber Agreement and U.S. Strategy in the Middle East, council on Foreign Relations, March 15th, 2021, Available At: https://www.cfr.org/blog/iran-russia-cyber-agreement-and-us-strategy-middle-east, Accessed on June 25th , 2023.
- Whyte, Christopher, Why Russia’s Cyber Arms Transfers Are Poor Threat Predictors, CSO, April 27th 2023, Available At: https://www.csoonline.com/article/3694614/why-russias-cyber-arms-transfers-are-poor-threat-predictors.html, Accessed on May 3rd
- Whyte, Christopher, Why Russia’s Cyber Arms Transfers Are Poor Threat Predictors, CSO, April 27th 2023, Available At: https://www.csoonline.com/article/3694614/why-russias-cyber-arms-transfers-are-poor-threat-predictors.html, Accessed on May 3rd
- Whyte, Christopher, Why Russia’s Cyber Arms Transfers Are Poor Threat Predictors, CSO, April 27th 2023, Available At: https://www.csoonline.com/article/3694614/why-russias-cyber-arms-transfers-are-poor-threat-predictors.html, Accessed on May 3rd
[1] . أكد المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي بخطاباته للشعب الإيراني وفي أكثر من مناسبة على ضرورة التحوّل في السياسة الخارجية لإيران نحو الشرق بدلاً من الغرب، ومحاولة تطبيع العلاقات مع دول المنطقة بدلاً من الدول البعيدة عن إيران، بسبب القواسم المشتركة بين مصالح هذه البلدان ومصالح شعوبها.
Khamenei, Ali, 2016. Speeches. Available at: https://farsi.khamenei.ir/38981, Accessed on June 21st, 2023.
[2] . Sanaei, Mahdi & Jahangir Karami, Iran’s Eastern Policy: Potential and Challenges, Russia in Global Affairs Journal, No.3, July/September 2021, Available At: https://eng.globalaffairs.ru/articles/irans-eastern-policy/, Accessed on June 21st, 2023.
[3] . إن التقارب بين إيران والمملكة العربية السعودية هذه الأيام يعد مرتبة من مراتب سياسة التوجّه نحو الشرق والتي ستبقى محكومة بالظروف التي ستحيط بها، ولا توجد ثمة ضمانات لديمومتها قبالة الإطار العام للاستراتيجية الإيرانية الشاملة.
[4] . Wechsle, Omree, The Iran-Russia Cyber Agreement and U.S. Strategy in the Middle East, Council of Foreign Relations, March 15th 2021, Available At: https://www.cfr.org/blog/iran-russia-cyber-agreement-and-us-strategy-middle-east, Accessed on May 2nd 2023.
[5] . Timofeev, Ivan, A Cybersecurity Agreement Between Russia & Iran, Russia News, January 27th 2021, Available At: https://dfnc.ru/en/cyber/a-cybersecurity-agreement-between-russia-iran/, Accessed on May, 3rd 2023.
[6] . Fixler, Annie, The Dangers of Iran’s Cyber Ambitions, Defense of Democracies, October 28th , 2022, Available At: https://www.fdd.org/analysis/2022/10/28/the-dangers-of-irans-cyber-ambitions/, Accessed on June 25th 2023.
[7] . Hardie, John & Annie Fixler, Russia-Iran Cooperation Poses Challenges For US Cyber Strategy, Global Norms, DESI, February 8th , 2021, Available At: https://www.c4isrnet.com/thought-leadership/2021/02/08/russia-iran-cooperation-poses-challenges-for-us-cyber-strategy-global-norms/, Accessed on June 23rd , 2023.
[8] . T.T, MP: Iran, Russia Agreed On Frameworks Of 20-Year Cooperation Document, Tehran Times, Friday 30th June,2023, Available At: MP: Iran, Russia agreed on frameworks of 20-year cooperation document – Tehran Times, Accessed on June 25th 2023.
[9] . Doffman, Zak, Cyber Warfare Threat Rises As Iran And China Agree ‘United Front’ Against U.S., Forbes, July 6th ,2019, Available At: https://www.forbes.com/sites/zakdoffman/2019/07/06/iranian-cyber-threat-heightened-by-chinas-support-for-its-cyber-war-on-u-s/?sh=6d81374842eb, Accessed on June 25th , 2023.
[10] . Esfandiari, Golnaz, Iran To Work With China To Create National Internet System, Radio Free Europe, September 4th 2020, Available At: https://www.rferl.org/a/iran-china-national-internet-system-censorship/30820857.html, Accessed on May 3rd 2023.
[11] . Gering, Tuvia & Jason M. Brodsky, Not “Business As Usual”: The Chinese Military’s Visit To Iran, MEI@75, May 16th 2022, Available At: https://www.mei.edu/publications/not-business-usual-chinese-militarys-visit-iran, Accessed on May 3rd 2023.
[12] . Rosett, Claudia, North Korea And Iran: Partners In Cyber Warfare?, Forbes, December 12th 2014, Available At: https://www.forbes.com/sites/claudiarosett/2014/12/12/north-korea-and-iran-partners-in-cyber-warfare/?sh=622a06b359aa, Accessed on May 3rd 2023.
[13] . قامت بهذه الهجمة مجموعة من القراصنة السيبرانيين الإيرانيين الذين يعملون مع النظام الإيراني والتي حدثت عام 2014، وتميزت بامتداد آثارها على الولايات المتحدة وحلفائها في أوربا والشرق الأوسط، حيث قاموا خلالها بحصاد كم كبير من البيانات المهمة من مواقع حكومية حساسة، ومواقع البنى التحتية، وشركات التجارة والأعمال.
T
[14] . W.H., FACT SHEET: Framework for the U.S.-India Cyber Relationship, Office of The Press Secretary, White House, June 7th, 2016.
[15] . Voo, Julia, Hemani Irfan & Daniel Cassady, National Cyber Power Index 2022, Cyber Project, (Cambridge: Harvard Kennedy School, 2023), pp.21.
[16] . Voo, Julia, Hemani Irfan & Daniel Cassady, National Cyber Power Index 2022, Cyber Project, (Cambridge: Harvard Kennedy School, 2023), pp.11-12.
[17] . ويقصد بالتمويل السيبراني سعي الدول الى تحقيق عوائد مالية من خلال ممارسة الهجمات السيبرانية عن طريق برمجيات الفدية الخبيثة Ransomware التي تستهدف المؤسسات المالية والبنية التحتية للمعلومات والاتصالات بالاختراقات ومنع الضحية من الوصول إليها إلا بتسديد الفدية، وهي ما تميزت به إيران من قدرات خلال السنوات الخمس الخيرة، ملتحقة بكل من الصين وكوريا الشمالية اللتان تحتلان مرتبة متقدمة في هذا المضمار.
[18] . رغم أن التقرير قد اعد من قبل مؤسسة علمية مرموقة إلا أن المجال السيبراني لا يمكن الكشف عن تفرعاته العميقة، وغير المعلنة، وأن إيران تمتلك قدرات تدميرية أكبر بكثير مما قد أفصح عنه التقرير، وأنها تشكّل بعداً تأثيرياً كبيراً على صعيد المشهد الجيوسيبراني العولمي لا يمكن تجاهله، ويشكّل تهديداً اكيداً على الولايات المتحدة وحلفائها في المنطقة وعلى دول الاتحاد الأوربي بالوقت ذاته.
[19] . Brief, Flash, Iran Obtains Advanced Cyber Warfare Capabilities from Russia, Defense of Democracies, March 28th 2023, Available At: https://www.fdd.org/analysis/2023/03/28/iran-obtains-advanced-cyber-warfare-capabilities-from-russia/, Accessed on May 3rd 2023.
[20] . قامت شركة PROTEI Ltd الروسية بتزويد إيران ببرمجيات مراقبة وحظر المواقع غير المرغوب بها على الانترنيت، والتي ستتيح للسلطات الأمنية في إيران مراقبة، ومقاطعة وإعادة توجيه جميع أشكال الاتصالات التي تتم عن طريق شبكة المحمول والتي تقوم بها المعارضة من داخل البلاد او خارجها.
[21] . Dov Lieber, Dov, Faucon, Benoit & Michael Amon, Russia Supplies Iran With Cyber Weapons As Military Cooperation Grows: Tehran Is Receiving Advanced Surveillance Software After Providing Drones For Ukraine Battlefield, The Wall Street Journal, March 27th 2023, Available At: https://www.wsj.com/articles/russia-supplies-iran-with-cyber-weapons-as-military-cooperation-grows-b14b94cd, Accessed on May 3rd 2023.
[22] . Al-Arabiya, Iran Seeks Cyber Assistance from Russia Amid Growing Military Cooperation, Al-Arabiya News, March 28th 2023, Available At: https://english.alarabiya.net/News/middle-east/2023/03/28/Iran-seeks-cyber-assistance-from-Russia-amid-growing-military-cooperation, Accessd on May 10th 2023.
[23] . Wechsler, Omree, The Iran-Russia Cyber Agreement and U.S. Strategy in the Middle East, council on Foreign Relations, March 15th, 2021, Available At: https://www.cfr.org/blog/iran-russia-cyber-agreement-and-us-strategy-middle-east, Accessed on June 25th , 2023.
[24] . Wechsler, Omree, The Iran-Russia Cyber Agreement and U.S. Strategy in the Middle East, council on Foreign Relations, March 15th, 2021, Available At: https://www.cfr.org/blog/iran-russia-cyber-agreement-and-us-strategy-middle-east, Accessed on June 25th , 2023.
[25] . Lasiello, Emillio, What Happens if China, Iran, and Russia Form a Cyber Tripartite?, OODALOOP, May 3rd 2023, Available At: https://www.oodaloop.com/archive/2023/05/03/what-happens-if-china-iran-and-russia-form-a-cyber-tripartite/, Accessed on June 27th , 2023.