الدراسات البحثيةالمتخصصة

قبرص جبهة إسناد ضد الشعوب العربية

اعداد : السفير بلال المصري – المركز الديمقراطي العربي – القاهرة – مصر

  • المركز الديمقراطي العربي

 

وجه السيد حسن نـــصـــرالله الأمين العام لـ”حزب الله” اللبناني يوم19يونيو2024 خــطــابــاً إنذارياً للكيان الصهيوني من حرب “بلا قواعد أو أسقف”ألــحــقـه بتحذير واضح لقبرص من مــغـــبـة أنها ستكون “جزءا من الحرب مع الصهاينة” إذا فتحت مطاراتها وقواعدها أمام القوات الإسرائيلية فقال :”أن فتح المطارات والقواعد القبرصية أمام العدو الإسرائيلي لاستهداف لبنان سيعني أن الحكومة القبرصية جزء من الحرب والمقاومة [حزب الله] ستتعامل معها كجزء من الحرب” وذلك بعد يوم من تحذير إنذاري لإسرائيل نفسها من أن “الحرب الشاملة معها تقترب جدا” .

في رد فعل سريع وبعد ساعات قليلة من تهديد السيد حسن نصر الله حاول الرئيس القبرصي نيكوس خريستودوليديس التأكيد على سياسة الحياد(المُضللة) التي تنتهجها الجزيرة مشدداً على الدور الذي لعبته حكومته في إنشاء الممر البحري لنقل المساعدات الإنسانية إلى غزة: “قبرص وقال: “إن قبرص ليست جزءًا من المشكلة… [إنها] جزء من الحل” “ودورنا كما يتجلى على سبيل المثال من خلال الممر الإنساني [إلى غزة] معترف به ليس من قبل العالم العربي فحسب بل من قبل المجتمع الدولي بأكمله , كما قال المتحدث باسم الحكومة القبرصية كونستانتينوس ليتيميوتيس لإذاعة CyBC العامة : ” قبرص ليست متورطة ولن تشارك في أي حرب أو صراع ” وأضاف “لذلك فإن تصريحات زعيم حزب الله لا تتوافق مع الواقع” مُوضحاً أن قبرص تتمتع بعلاقات “ممتازة” مع لبنان ولن تسمح لأي دولة باستخدام أراضيها للقيام بعمليات عسكرية ضد دولة أخرى .

قال  الرئيس لقبرصي اليوناني نيكوس كريستودوليديس لقناة ERT في 19 يونيو2024 تعليقا على تصريحات الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله إن جمهورية قبرص ليست منخرطة بأي حال من الأحوال في الأعمال العدائية وأوضح قوله :”لقد قرأت التصريحات التي تم الإدلاء بها وما يجب أن أجيب عليه هو أن جمهورية قبرص ليست متورطة بأي شكل من الأشكال في الأعمال العدائية إن جمهورية قبرص ليست جزءا من المشكلة فجمهورية قبرص جزء من الحل وهذا الدور الذي نقوم به كما يتجلى على سبيل المثال من خلال الممر الإنساني معترف به ليس من قبل العالم العربي فحسب بل من قبل المجتمع الدولي برمته لذا أكررالقول أن قبرص بلدنا ليس متورطًا بأي شكل من الأشكال وليس جزءًا من المشكلة على العكس من ذلك من خلال الإجراءات الملموسة نثبت عمليًا أننا جزء من الحل”.

قال وزير الخارجية القبرصي اليوناني كونستانتينوس كومبوس أيضاً عندما سئل عن هذه القضية بعد اجتماع في 21 يونيو2024مع نظيره الفلبيني في نيقوسيا إن تهديدات زعيم حزب الله اللبناني ضد قبرص لا أساس لها من الصحة وأن قبرص ليس لها علاقة بالعمليات العسكرية وقال الوزير القبرصي إن قبرص أوضحت مراراً وتكراراً أن تهديدات وتصريحات زعيم حزب الله غير مثبتة وأن بلادنا لم ولن تقوم بأي نوع من الأنشطة العسكرية ضد أي دولة في منطقتنا ضد أي دولة ضحية للهجمات العسكرية فـ”لا علاقة لقبرص بهذا الأمر لذا فإننا نعتبر المناقشة برمتها لا أساس لها من الصحة لقد حاولنا مرارا وتكرارا خلال الأشهر القليلة الماضية تقديم الدعم لشعب غزة بالتعاون مع عدد من الدول الأخرى مع الأمم المتحدة لذلك نحن مندهشون بنفس القدر مما قيل لأنه ليس له تطبيق حقيقي على ما حدث في قبرص ما فعلته قبرص أو ما تمثله وقال السيد كومبوس إنه “تم اتخاذ جميع الخطوات اللازمة واتخذنا جميع الإجراءات الدبلوماسية اللازمة” وأشار إلى مواقف سلطات لبنان والاتحاد الأوروبي واليونان والولايات المتحدة ودول أخرى تعبر عن دعمها وتضامنها .

قال وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس في مجلس الشؤون الخارجية في لوكسمبورج في24 يونيو2024 إن  التصريحات التحريضية التي تهدف إلى مزيد من التصعيد وزعزعة الاستقرار في المنطقة تستحق الشجب وشدد على تجنب انتشار الأزمة في الشرق الأوسط وخاصة في لبنان ولكن أيضا دعم قبرص الكامل في الجهود الدبلوماسية المكثفة التي تبذلها الولايات المتحدة وفرنسا موضحا أن قبرص لم ولن تكون جزءًا من الأزمة كما أشار إلى أن قبرص تدعم تنفيذ خطة الرئيس الأمريكي وخاصة قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2735 داعيا جميع الأطراف إلى العمل على تهيئة الظروف التي تؤدي إلى بدء عملية السلام .

قبل عامين استخدم جيش “الدفاع” الصهيوني الأراضي القبرصية لإجراء مناورات حربية محاكاة قتالية في لبنان والتي قيل إنها شملت أكبر عدد من القوات التي أرسلها الكيان الصهيوني إلى الخارج على الإطلاق وركزت التدريبات على تكتيكات الغزو المحتملة إذ تم اختيار الجزيرة لإجراء التدريبات بسبب تشابه تضاريسها مع تضاريس لبنان وفي العام الماضي أجرت القوات المسلحة لكلا البلدين مناورات عسكرية في الجزيرة “للرد على سيناريوهات العمليات الصعبة بشكل خاص”.

بموجب معاهدة إستقلال قبرص عام1960 تضمن المملكة المتحدة وتركيا واليونان إستقلال قبرص وبموجب هذه المعاهدة أيضاً إقتطعت المملكة المتحدة مساحتين من أرض الجزيرة لإقامة قاعدتين عسكريتين الأولي أكروتيري والثانية تدعي ذكيليا وهما بموجب هذه المعاهدة أراضي بريطانية ذواتا سيادة فيما وراء البحار كجبل طارق وتحت سيادة المملكة المتحدة التي ليست ملزمة بإبلاغ نيقوسيا بالتحركات داخل هاتين القاعدتين , وفي وقت سابق من عام2024 كانت هناك احتجاجات خارج إحدى القواعد العسكرية البريطانية في قبرص بسبب مخاوف من استخدام الولايات المتحدة والمملكة المتحدة لهذه المرافق لإرسال مساعدات عسكرية إلى إسرائيل وترفض الأحزاب القبرصية في قبرص وجود هاتين القاعدتين لكن بريطانيا متمسكة تماماً بهما لأهميتهما الإستراتيجية والعسكرية وأستخدمت هاتين القاعدتين في 30 أكتوبر من عام 1956 في العدوان علي مصر وأستخدمتهما في كل النزاعات المسلحة بالشرق الأوسط في قبرص وفي عمليات في سوريا ومؤخرًا في اليمن .

قــــبـــرص والكـــيــان الـصـهـيـوني :

افتتحت قبرص سفارتها في تل أبيب فقط في عام1994  .

يرتع جهاز المخابرات الخارجية الصهيوني بكل حرية في قبرص وكشفت ىبعض عملياته عام 2000 و2001 وقبض علي المتورطين وأفرج عنهم بمنتهي السرعة والسلاسة وكأنهم في بلدهم .

في عام 2022 أجرى الجيش الإسرائيلي والقوات القبرصية مناورة عسكرية مشتركة مع تركيز بعض التدريبات على قتال حزب الله في لبنان وأجريت آخر التدريبات العسكرية الإسرائيلية القبرصية في مايو 2023 في قبرص بحسب رويترز أجرت القوات الجوية الإسرائيلية أيضًا مناورات في المجال الجوي القبرصي أدانت قــبــرص حماس مراراً وتكراراً بسبب هجومها على إسرائيل في 7 أكتوبر2024في ظل تحسن علاقاتها مع إسرائيل سلطت قبرص الضوء على جهودها الإنسانية للمساعدة في إدخال المساعدات إلى غزة في محاولة لتبديد التلميحات بأنها متورطة بأي شكل من الأشكال في حرب غزة .

على الرغم من أن جمهورية قبرص دولة عضو في الاتحاد الأوروبي إلا أنها ليست جزءًا من حلف الناتو الدفاعي .

رد الفعل داخل قبرص علي تحذير السيد / نصر الله :

إنتقدت أحزاب المعارضة القبرصية اليونانية موقف الرئيس القبرصي ورأت أن الترسيخ الأيديولوجي لحكومة نيكوس خريستودوليديس لقيادة قبرص إلى عربة الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في أعقاب سياسة خارجية غربية أحادية البعد يدفع قبرص في الواقع إلى صخور المواجهات والصراعات في المنطقة وعلى المستوى الدولي وأنه لا يجوز لقبرص الصغيرة وشبه المحتلة أن ترمي بنفسها في أحضان الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي متجاهلة أنها تحتل موقعاً جيوستراتيجياً رئيسياً يتطلب منها أن تكون جسراً للسلام والتعاون مع كافة الشعوب وأنه لا يمكن لقبرص أن تتواطأ مع الأميركيين وحلف شمال الأطلسي الذين قدموا وما زالوا يقدمون الدعم لتركيا قوة الاحتلال لشمال الجزيرة ولا يمكن لقبرص أن تسعى إلى تعاون استراتيجي مع الولايات المتحدة التي تبيع أسلحة فتاكة لإسرائيل لقصف الفلسطينيين والشعوب الأخرى في المنطقة…كما لا يمكنها أن تمنح الأمريكيين تسهيلات للتحريض على الحروب المدمرة وإدامتها في منطقتنا وفي جميع أنحاء العالم  ومن الجيد أن يدرك الرئيس خريستودوليديس أن الأميركيين على بعد آلاف الكيلومترات لكن قبرص قريبة جداً من بؤر الحرب وعندمايقول ممثل الحكومة ك. ليتيمبيوتيس أن “بلدنا يظهر كشريك استراتيجي للولايات المتحدة الأمريكية ذو آفاق واضحة…” فإنه لابد أن يتساءل المرء عما إذا كانت حكومة خريستودوليديس قد قامت بقياس الآثار السلبية الواضحة للعلاقة الإستراتيجية بين قبرص والولايات المتحدة الأمريكية ونتساءل عما إذا كان الرئيس خريستودوليدس قد أدرك العواقب المترتبة على تحذيرات زعيم حزب الله اللبناني حسن نصر الله من أن قبرص سوف تكون مستهدفة إذا تنازلت عن أراضيها أو سمحت للقواعد البريطانية بأن تصبح نقطة انطلاق لهجمات أمريكية وإسرائيلية في الدول المجاورة من المؤكد أن تهديدات حزب الله تستحق الشجب ويجب أن تكون هناك احتجاجات ومع ذلك فإن الرئيس مدعو إلى التخلص من مرتكزاته الأيديولوجية وترك قبرص على طريق السياسة الخارجية متعددة المستويات دون التورط في الحرب والعمليات العسكرية سواء من قبل الأميركيين أو حلف شمال الأطلسي أو غيرهم  فمصلحة قبرص الوطنية تحتم عليها أن تبقى دولة سلام وأمن متعاونة مع الجميع  .

نشرت وسائل الإعلام القبرصية عقب خطاب نصر الله , أن حكومة قبرص فتحت قنوات اتصال مع حزب الله بعد التهديدات والتحذيرات التي أطلقها الحزب تجاه حكومة نيقوسيا مباشرة وعبر أطراف ثالثة وعبرها أنكرت حكومة نيقوسيا مشاركتها في أي عمل ضد الحزب وقالت أنها لم تشارك ولن تشارك في أي صراع عسكري كذلك وفي 20  يونيو2024ورداً على سؤال حول ما إذا كانت لا تزال هناك قناة اتصال مع حزب الله أو الحكومة اللبنانية قال يكوس خريستودوليديس رئيس جمهورية قبرص اليونانية : “بالطبع هناك قناة اتصال مع كل من حكومة لبنان والحكومة في إيران هناك قناة اتصال عبر القناة الدبلوماسية” وردا على سؤال عما اذا كان سيتواصل مع زعماء اجانب حول مواقف رئيس حزب الله هذه أجاب رئيس الجمهورية “بالتأكيد عبر القناة الدبلوماسية ولكن أكرر ما تفعله جمهورية قبرص هو علني وليس سرا إن جمهورية قبرص جزء من الحل وليست جزءا من المشكلة ” , كذلك كشف الصحفي سالم زهران – مساعد “مركز التركيز الإعلامي – الذي له علاقات مع حزب الله – أن نيقوسيا ومنظمة موالية لإيران وجدت – حتى من خلال الوكلاء – جسر تواصل  وهو ما تؤكده المصادر المختصة  وقال زهران :”أؤكد لكم أنه كان هناك اتصال غير مباشر فالتواصل المباشر بين القبارصة وحزب الله عبر شخصيات أمنية وسياسية قائم كما أنني أعلم أن قبرصياً سيزور لبنان خلال الساعات القليلة المقبلة  .

في تقدير البروفيسور هيوبرت فاوستمان أستاذ التاريخ والعلوم السياسية في جامعة نيقوسيا أن “القبارصة لن يسمحوا أبدا باستخدام منشآتهم أو أراضيهم من قبل إسرائيل في مواجهة مسلحة لأنهم يعرفون أن ذلك سيضر بشكل خطير بعلاقاتهم مع جميع الدول الأخرى في المنطقة”وأضاف أن “حزب الله يعلم أيضاً أنه إذا تحرك لتنفيذ تهديده ومهاجمة قبرص فمن المرجح جداً أن ينجر الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي إلى صراع لا يريده أيضاً”ولكن بالنسبة لأقرب دولة في الاتحاد الأوروبي إلى الحرب الدائرة فلا يمكن تجاهل التهديد غير المسبوق وأضاف : “هذا هو التحدي الخطير الأول والثمن الذي قد يتعين على قبرص أن تدفعه مقابل التحول المؤيد لإسرائيل الذي قامت به في السنوات الأخيرة”.

هناك قطاع يميني متطرف في الإعلام القبرصي لا يُستهان به وهو مُعبر أيضاً عن قطاع مُقابل في النخبة السياسية التي تتوزع في بعض الأحزاب اليمينية بالبرلمان القبرصي وتعكس الفقرة التالية التي وردت علي موقعOffsite News في 26يونيو2024 فكر هذا القطاع وهو فكر موال للولايات المتحدة وللكيان الصهيوني علي طول الخط :

” … فيما يتعلق بقبرص  فإن الخوف وهو أقوى سلاح لدى حزب الله لا ينبغي أن ينجح هنا لأنه كما تبين أصبحت جزيرتنا الآن أداة قيمة في يد التحالف الغربي الذي يعتبر إسرائيل ذراعاً مهماً في المنطقة  والعقل المدبر الضخم في الولايات المتحدة الأمريكية هو اللوبي اليهودي القوي لسوء الحظ، فإن المأساة في غزة كانت مفيدة لقبرص في اللعبة الجيواستراتيجية الكبرى للمنطقة ويجب على القوى السياسية في المكان أن تجتمع معًا في الوقت الأكثر أهمية وتجلس في مجلس وطني مع البند الأول على جدول الأعمال “قبرص” في التحالف الغربي “…

كذلك يوضح الإعلام القبرصي أهم ما يثيره الرأي العام في قبرص وخلاصته :

” أننا لم نقاتل الأتراك عندما اجتاحوا قبرص عام 1974 في عملية خططها ونفذها وزير الخارجية الأميركي هنري كيسينجر أبرز ممثل للوبي الإسرائيلي الصهيوني في واشنطن فهو الجلاد القبرصي هنري كيسنجر ولكن يبدو أننا الآن مستعدون للسقوط لصالح المذابح والمواقد اليهودية والتنازل عن قبرص لكي تقوم إسرائيل بضرب لبنان وحزب الله ونتلقي انتقام حزب الله وحلفائه من “محور المقاومة” مثل إيران واليمن ويعتقد الأشخاص الصغار الذين يحكمون قبرص واليونان أنهم قادرون على القيام بكل الأشياء القذرة التي يطلب منهم الأمريكيون والإسرائيليون القيام بها دون تحمل أي عواقب وانتزاع مقابل تحويل قبرص واليونان إلى مستعمرات من الدرجة الخامسة وكذا إنتزاع الحق في إدارة الأموال الأجنبية التي تتحرك عبر قبرص لمصلحتهم الخاصة أو نهب الاقتصاد والمجتمع اليوناني لكن الاقتصاد القبرصي يعتمد على السياحة والخدمات المالية فماذا سيبقى من كل هذا لو سقط صاروخان وماذا قد يعني دخول قبرص ـ واليونان من الخلف ـ في صراع مع جماهير العالم العربي الإسلامي بالكامل وهم مئات الملايين من البشر الذين اعتمدت قبرص على تحالفهم في مواجهة تركيا في الماضي؟ فماذا سيعني بالنسبة لهم وهم أسرى فساد وخنوع قادتهم أن يسمحوا للدولة اليهودية الصهيونية المنغمسة في نفسها بجرنا إلى صراع إقليمي كبير وربما نووي , إن تحذير  حسن نصر الله وحزب الله  لنيقوسيا  ليس عرضيا  ولا يمكن اعتباره تافها ويعتبر نصر الله نفسه أحد أهم الشخصيات في العالم العربي فيما ألحق حزب الله بقيادته أول هزيمة عسكرية في تاريخه بدولة إسرائيل خلال حرب لبنان عام 2006 , لن يوجه نصر الله بأي حال من الأحوال هذا التحذير العلني إلى قبرص إذا لم يكن لديه معلومات موثوقة حول خطط إسرائيلية لاستخدام الجزيرة ضد لبنان وبالتأكيد لن يقتنع الكثيرون بما صاح به خريستودوليدس المذعور رداً على ذلك ومن خلال إصدار هذا التحذير غير المسبوق تاريخيًا يقدم نصر الله أيضًا فرصة تاريخية وربما الأخيرة لكريستودوليدس لوقف سياسة المغامرة المتطرفة الخطيرة المتمثلة في الارتباط الفعلي بإسرائيل وسياسات الإبادة الجماعية والأساليب النازية قبل فوات الأوان وعودته في سياسة التوازن القبرصية واليونانية التقليدية في الشرق الأوسط , إن القضية ضخمة ولا يتعلق الأمر برئيس قبرص فقط ولا يتعلق بقبرص فقط كما أنه يهم كيرياكوس ميتسوتاكيس وأحزاب المعارضة في قبرص واليونان ويتعلق بالشعب اليوناني بأكمله ومن لا يتحرك الآن وبشكل فوري فإنه سيتحمل مسؤولية تاريخية ثقيلة عما يحدث وإننا لنأمل ألا تكون الحكومتان القبرصية واليونانية وحزبا قبرص واليونان مجرد زوائد لدولة إسرائيل وجماعات الضغط القوية التابعة لها ويأمل المرء أن يبقوا الهيلينية خارج الصراع في الشرق الأوسط ” .

معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى يكشف في تحليل مطول الاحتمالات والنوايا والعواقب المحتملة لضربة محتملة من جانب حزب الله في قبرص وخبراء هذا المعهد بعد أن توصلوا إلى الأسباب المعروفة الآن التي دفعت نصر الله إلى قول ما قاله يركزون على حقيقة أن قبرص بلد أعزل في مواجهة هجوم صاروخي محتمل وهو ما يمتلك التنظيم – كما يقولون – القدرة عليه وفي الوقت الحالي فإن قبرص والمناطق المحيطة بها ليست محمية بشبكة دفاع جوي وصاروخي قوية ومتعددة الطبقات لذلك يمكن أن تكون الجزيرة عرضة لصواريخ حزب الله دون نشر مدمرات الصواريخ البريطانية أو حلف شمال الأطلسي ومن بين الأهداف المحتملة حتى قواعد أكروتيري البريطانية وذيكيليا حيث أوضحت مصادر الحكومة البريطانية من خلال KYPE أن القواعد في قبرص لم تستضف أبدًا أفرادًا عسكريين أو طائرات إسرائيلية وفي الوقت نفسه يتزايد الدعم لقبرص – كما تدعي – مع تزايد قائمة الدول التي تقف إلى جانب نيقوسيا  .

الإعلام القبرصي اليوناني يروج لعلاقة ما بين تركيا وحزب الله :

بالتاكيد وبتحريض صهيوني تحاول قبرص الترويج لعلاقة ما بين حزب الله وتركيا وجمهورية شمال قبرص التركية فقد نشر موقع protothema.gr في 25 يونيو2024 ما نصه :

“يحتفظ زعيم حزب الله الذي هدد نيقوسيا بعلاقات ممتازة مع تركيا والدولة الزائفة – لماذا تعتبر المنظمة العقبة الرئيسية أمام تنفيذ اتفاقية ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة بين قبرص ولبنان .

تهديدات زعيم حزب الله حسن نصر الله ليست المرة الأولى التي تستهدف فيها قبرص بالعمل الإرهابي الذي تقوم به المنظمة الموالية لإيران في لبنان  ويحتفظ نصر الله وحزب الله بعلاقات ممتازة مع تركيا والدولة الزائفة (جمهورية شمال قبرص التركية) وغالباً ما يدعمان خياراتهما ضد قبرص بينما ينشط مسؤولوهما في المناطق الحرة وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن حزب الله هو العقبة الرئيسية أمام تنفيذ اتفاقية ترسيم حدود المنطقة الاقتصادية الخالصة بين قبرص ولبنان … إن التهديدات المتعلقة باحتمال تورط جمهورية قبرص في العمليات الإسرائيلية في غزة ولبنان هي على الأقل نفاق حيث أثبت حزب الله منذ سنوات أنه يستخدم أراضي قبرص دون علم جمهورية قبرص سواء في المناطق الحرة(اليونانية) أو المحتلة (بعلم الدولة الزائفة وتركيا) لعمليات ضد أهداف إسرائيلية وفي عام 2015  حددت السلطات الأمنية القبرصية في أعقاب معلومات من أجهزة استخبارات أجنبية 8.2 طن من نترات الأمونيا كانت مخزنة في قبو شقة في أجيوس أنارجيروس  لارنكا وتم اعتقال اللبناني حسين بسام عبد الله البالغ من العمر 26 عاماً وهو عضو في حزب الله ويتصرف باسمه وكان حسين عبد الله قد أقر بأنه مذنب في ثماني تهم تتعلق بالمشاركة في منظمة إجرامية وإرهابية وتقديم الدعم لمنظمة إرهابية والمشاركة في ارتكاب جريمة وقبول ارتكابها وحيازة متفجرات بشكل غير قانوني (8.2 طن من نترات الأمونيا) وغسل أنشطة غير مشروعة أي أنه كان بحوزته مبلغ 9400 يورو مع علمه أن هذا المبلغ هو دخل من ارتكاب جرائم جنائية وقد ارتكبت الجرائم بين عامي 2012 و27 مايو 2015 في لارنكا بقبرص وفي لبنان وأماكن أخرى وفي قبو المنزل في أجيوس أنارجيروس تم العثور على 447 صندوقًا ورقيًا بداخلها 65573 عبوة من نترات الأمونيا بوزن إجمالي 8.2 طن وتم العثور على 9400 يورو في غرفة نوم بالمنزل بالإضافة إلى ملاحظات بالأسماء وأرقام الهواتف والعناوين (تتحول نترات الأمونيا عند خلطها بالزيت إلى مادة تسمى ANFO (زيت وقود نترات الأمونيوم) وتعمل كمادة شديدة الانفجار) وقد استخدمه حزب الله في العديد من الهجمات الإرهابيةوأدلى حسين عبد الله (مسلم شيعي) بثلاثة إفادات للشرطة القبرصية ذكر فيها كل ما يعرفه عن القضية ومن بين أمور أخرى قال إن شخصًا وهو أيضًا عضو في حزب الله لم يذكر اسمه سلمه جواز سفر مزورًا وأمره بالحضور إلى قبرص لنقل صناديق نترات الأمونيا وبخصوص مبلغ 9400 يورو فقد استلمه من نفس الشخص كأجر وكانت مهمته فحص الصناديق التي تحتوي على نترات الأمونيا وكان أجره عن كل رحلة إلى الجزيرة 3500 يورو وقبل وصوله إلى قبرص في 21 مايو 2015 تلقى عبد الله تعليمات بنقل صناديق نترات الأمونيا إلى مستودع آخر في مقاطعة لارنكا حيث سيستأجره لمدة عام تقريبًا وعلى حد قوله فإن حزب الله يهدف من خلال الأعمال الإرهابية إلى الإضرار بالمصالح الإسرائيلية في قبرص وكانت الأمونيا مخصصة لهذا الغرض  .

“هجوم” على المهاجرين السوريين في مايو 2024 فقد دعا نصر الله في خطاب متلفز السلطات اللبنانية إلى اتخاذ ” قرار وطني” و”فتح البحر” أمام “كل من يريد المغادرة إلى أوروبا و إلى قبرص” دولة الاتحاد الأوروبي الأقرب إلى الشرق الأوسط وأبقى على التظاهر بأنه قال إن ذلك لن يتم بالقوة ولا ينبغي إجبار أي سوري على ركوب سفينة للخروج من لبنان بل من يرغب في ذلك وحاول تقديم نداءه باعتباره هاجساً إنسانياً قائلاً إن اللاجئين السوريين “ممنوعون” من الخروج وبالتالي “يلجأون إلى المهربين والقوارب المطاطية ولدينا غرقى في البحر لأن الجيش اللبناني ينفذ قراراً سياسياً بمنعهم من ” الهجرة” ولم يخف نصر الله أن الهدف هو الضغط على الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق مع نظام الأسد في سوريا حتى يتمكن اللاجئون من العودة وإرسال المساعدات إلى دمشق ومن المعروف أن ذلك أعقبه زيارة رئيس المفوضية الأوروبية والرئيس خريستودوليدس إلى لبنان حيث تم الاتفاق على مزيد من المساعدات المالية لبيروت لمواصلة استضافة السوريين في البلاد وبالتزامن مع تصريحات نصر الله  اشتدت موجة وصول المهاجرين من لبنان إلى شواطئ قبرص مما عرض حياة من كانوا على متنها للخطر

وأضيفت تهديدات نصر الله ضد قبرص واليونان إلى التهديدات غير المباشرة وإن كانت واضحة لوزير الخارجية التركي هاكان فيدان الذي قال إن تركيا حذرت أيضًا أوروبا والجهات الفاعلة الإقليمية الأخرى و”حقيقة أن هذا الجزء (قبرص) تحول إلى مركز عمليات” وبعد 7 أكتوبر2023 بعد العمليات الأولى التي شنتها إسرائيل نرى في التقارير الاستخباراتية أن “الإدارة القبرصية اليونانية لجنوب قبرص” أصبحت قاعدة تستخدمها بعض الدول خاصة في العمليات ضد غزة أي أن الطلعات الاستخباراتية والطلعات العسكرية التي تجري باستمرار هناك إلى غزة , وفيدان قال أنه عندما سلطت تركيا الضوء على هذه القضية “أعلنت هذا المكان كقاعدة لوجستية لغزة ” لكن تركيا ذكرت أن “عملية القاعدة الإدارية هذه تحولت بوضوح إلى نشاط يخفي حقيقة إنها في الواقع قاعدة عسكرية” بدعوى أن ممر “أمالثيا” لنقل المساعدات الإنسانية له طابع عسكري (وهذا ما ثبت فيما بعد) لتسهيل حرب إسرائيل على غزة… وكانت تركيا منذ اللحظة الأولى ضد الجهود الأمريكية والاتحاد الأوروبي لتدشين هذا الممر الذي فتح ممر بحري لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة لأنها أرادت تجنب التطوير الاستراتيجي لقبرص وفي الوقت نفسه ترى أن أي جهد للتعامل مع الأزمة الإنسانية في غزة يحد في النهاية من الضغط على إسرائيل … غير مسبوق بالنسبة للجهود الدبلوماسية الرامية إلى استهداف ليس فقط جمهورية قبرص ولكن أيضًا اليونان و ذكر فيدان أيضًا أن “حقيقة أن هذا الجزء (جمهورية قبرص) والجزر اليونانية (SS) هو أمر غير مسبوق نظرًا للجهود الدبلوماسية الرامية إلى استهدافها ليس فقط جمهورية قبرص ولكن أيضًا اليونان” (تعني جزيرة كريت) المستخدمة في عمليات باتجاه الشرق الأوسط لن تفيد الإدارة القبرصية اليونانية ولا اليونان” “معسكر” في الأراضي المحتلة وفي ديسمبر 2023 كشف الموقع القبرصي التركي ” بوجون كيبريس” عن تقرير لمركز الأبحاث الأمريكي GIS/Defence & External Affairs المرتبط برابطة الدراسات الاستراتيجية الدولية ISSA والذي جاء فيه أن الدولة الزائفة(جمهورية شمال قبرص التركية) تستضيف نواة حماس وحزب الله والمنظمات الإرهابية الإسلامية الأخرى وفي نفس الوقت تقوم هذه المنظمات بمساعدة إيران وكوريا الشمالية ويقومون بغسل الأموال التي تمر عبر النظام المصرفي التركي من فروع موجودة في الأراضي المحتلة (شمال قبرص) وذكر التقرير من بين أمور أخرى أن “شمال قبرص المحتلة يضم حاليًا العديد من المنظمات الإسلامية الصديقة لحماس وحزب الله…  إنهم يستخدمون في الغالب النظام المصرفي غير القانوني وغير المنظم وما يسمى بهياكل الدولة لأغراضهم غير القانونية والدعم المالي والإدارة”وذكر التقرير نفسه أن العديد من الكازينوهات في الدولة الزائفة تقوم بغسل أموال هذه المنظمات الإرهابية من أجل تمويل أنشطتها(واضح أن قبرص اليونانية دولة طاهرة !!!!) وأخيرا تحدث التقرير عن مافيا إسلامية مرتبطة بشبكات إرهابية لها نشاط اقتصادي وقواعد تدريب في الأراضي المحتلة.

حزب الله هو صنيعة إيران لأنه القوة الشيعية المهيمنة في لبنان التي تأسست في الثمانينيات بعد انتهاء الحرب الأهلية بهدف وحيد هو أن تصبح خصمًا لإسرائيل (عشيقة قبرص) نيابة عن طهران التي توفر حتى يومنا هذا المعدات والتدريب والمساعدات المالية لقد تم إدانة نشاطها الإرهابي من قبل الدول الغربية وفي مقدمتها الولايات المتحدة وإسرائيل (أحط نظامين) وكذلك من قبل دول الخليج العربية وجامعة الدول العربية وكان آخر صراع كبير بين حزب الله وإسرائيل قد حدث في عام 2006 عندما لعبت قبرص مرة أخرى دوراً رئيسياً في إجلاء الرعايا الأجانب ويواجه حزب الله مرة أخرى احتمال نشوب صراع أمامي جديد مع إسرائيل وهو أمر تريد الولايات المتحدة تجنبه لأنه قد يشمل بشكل مباشر إيران وسوريا والمناطق التي يسيطر عليها الحوثيون في اليمن وتشير التقديرات إلى أن حزب الله لديه ما بين 100 ألف إلى 150 ألف مقاتل وترسانة كبيرة تم تعزيزها بطائرات بدون طيار وصواريخ إيرانية بعيدة المدى ويسيطر   نصر الله الذي يقود حزب الله بشكل كامل على شبكة مقاتليه على الرغم من ظهوره العلني فقط منذ عام 2016 ويقتصر على الظهور المتلفز أسبوعياً…. في صحيفة هآرتس الإسرائيلية أشار  المحلل السياسي دافين نود إلى أن الخوف هو سلاح حزب الله الأقوى “في الصراع القادم يتوقع المرء أن يكثف التنظيم سياسته المتمثلة في استغلال الخوف على القدرات العسكرية الفعلية” على سبيل المثال مع الإعلانات عن احتلال الضفة الغربية ومع الهجمات الصاروخية الدقيقة ضد إسرائيل ومع قصف خزانات الأمونيا الضخمة في حيفا أو المفاعل النووي في ديمونة يقول نود: “إن التهديدات ترقى إلى مستوى الترهيب .

مــــوقـــف تـــركـــيـــا :

في مقابلة مع قناة هوبرتورك التركية نُشرت في 26 يونيو2024 قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان: “إننا نواجه تهديدًا كبيرًا وخطر توسيع الصراع وطالما استمرت الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل فإن هذا الخطر سيستمر كما أكدنا منذ البداية والآن خاصة في الوقت الذي يأتي فيه لبنان إلى الواجهة فإن العوامل في لبنان تهدد الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص” كما ورد في جمهورية قبرص وقال “إنهم تصرفوا وكانوا نذير” و قال وزير الخارجية التركي مخاطبا اليونان وقبرص : “ابقوا بعيدين عن الشرق الأوسط  وإلا فإن النار ستأتي وتجدكم” , وتعليقا على تهديدات زعيم حزب الله قال الوزير التركي إنه “لن يكون من المفيد لقبرص أو اليونان أن يستخدم هذا المكان (قبرص) والجزر اليونانية لعمليات في الشرق الأوسط” كما أن قبرص “أصبحت قاعدة تستخدمها بعض الدول خاصة في العمليات ضد غزة” وأنها “في الواقع قاعدة عسكرية” ثم أشار إلي :”فيما يتعلق بمسألة قبرص حذرنا الجهات الأوروبية والإقليمية منذ البداية وخاصة الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص فهذا المكان تحول إلى مركز عمليات… وبعد 7 أكتوبر بعد العمليات الأولى التي شنتها إسرائيل نرى في التقارير الاستخباراتية أن الإدارة القبرصية اليونانية في جنوب قبرص  أصبحت قاعدة تستخدمها بعض الدول خاصة في العمليات ضد غزة أي أن رحلات جمع المعلومات الاستخبارية والرحلات العسكرية تنطلق باستمرار من هناك إلى غزة وعندما وضعنا هذه القضية على جدول الأعمال أعلنوا فجأة أن هذا المكان قاعدة لوجستية لغزة وقال هاكان فيدان: “ثم قلنا إن قاعدة الدعم اللوجستي هذه هي بوضوح نشاط يخفي حقيقة أنها في الواقع قاعدة عسكرية“وتابع الوزير التركي قائلا إن “حقيقة استخدام هذا المكان والجزر اليونانية لعمليات في الشرق الأوسط لن تفيد الإدارة القبرصية اليونانية ولا اليونان ونصيحتنا ما قلناه لليونانيين هو أن “ابتعدوا عن هذه القضايا” لأنه عندما تتورطون بهذه الطريقة في الحروب الدائرة في الشرق الأوسط إذن فقد أصبحتم جزءا منها وستأتي النار وتجدكم ونحن معكم في نفس الجغرافيا لذا ستأتي [النار] وتجدنا أيضاً ولذلك فإننا ننقل إلى محاورينا المختصين دون أي تردد الاستنتاجات التي استخلصناها من الملاحظات التي نبديها بناء على البيانات إنكم متورطون أيضًا في أشياء مختلفة لكن يجب على جميع اللاعبين الإقليميين أن يدركوا أن هناك عسكرة مكثفة هناك ويجب منع احتمال حدوث شيء ما هنا في المنطقة” .

مــوقــف اليونان :

اتخذت وزارة الخارجية اليونانية منذ اللحظة الأولى موقفاً بشأن هذه المسألة وقالت : “نحن نراقب الوضع عن كثب وقالت أن هناك بطبيعة الحال قلق وقالت مصادر دبلوماسية يونانية إن القنوات الدبلوماسية بين قبرص واليونان مفتوحة ويتم دراسة كل شيء بهدوء وفي رد الفعل الرسمي لوزارة الخارجية أشير إلى أن اليونان تعرب عن تضامنها الكامل مع قبرص وتم التأكيد على أن “التهديد باستخدام القوة يشكل انتهاكا صارخا لميثاق الأمم المتحدة”.

نشرت وسائل الإعلام اليونانية في 20 يونيو2024 : “أن الرحلة القصيرة التي قام بها وزير الخارجية اليوناني جيورجوس جيرابيتريتيس إلى قبرص أثارت العديد من الأسئلة في حين لم يكن من المفترض أن تكون كذلك كما تفاجأ بتجنب نيقوسيا وأثينا الإدلاء ببيانات كما هي العادة ففي مثل هذه الزيارات تتعاون حكومتا كيرياكوس ميتسوتاكيس ونيكوس خريستودوليديس وهما سياسيان شابان – لذا من الأسهل الانسجام بينهما – على أساس مستقر ويتحدث رئيس الوزراء اليوناني والرئيس القبرصي بشكل متكرر وكذلك وزيرا خارجية البلدين وكذلك رؤساء الأجهزة السرية وأسباب التحول كثيرة ولكن أبسطها هي بعض الأحداث المتوقعة في يوليو والتي تتعلق بعائلة ميجالونيسوس الأول هو تقرير المبعوث الشخصي لمهمة مبعوث الأمم المتحدة لقبرص فالمعلومات حول محتوى تقريره مثيرة للقلق وسيكون محتوي التقرير مشكلة كبيرة إذا اقترح على سبيل المثال مؤتمر رباعي حول قضية قبرص وذلك من شأنه أن يخفض مرتبة جمهورية قبرص إلى مستوى الدولة الزائفة (جمهورية شمال قبرص التركية)غير الشرعية المحتلة ويجب منع ذلك ويمكن لليونان أن تساعد بشكل لا يقاس في هذا الشأن الحدث الثاني الذي نتوقعه هو النزول غير القانوني للرئيس الإسلامي التركي إلى قبرص المحتلة وسيرافقه وزراء وعسكريون وزعماء معارضة تركية إذ يريدون إظهار أن الموقف في الجزيرة هو نفسه للجميع في أنقرة ومن المتوقع أن يذهب أردوجان إلى التطرف أكثر من أي وقت مضى وسيعلن عن تحركات غير قانونية جديدة تتعلق بمزيد من “ترسيخ” الاحتلال التركي لقبرص وقد لا تزعج تركيا اليونان في بحر إيجه وإيبرو إذ لم يتغير شيء في قبرص فالاحتلال موجود والتهديدات ضد السكان اليونانيين يومية والجزيرة تحت تهديد دائم وتملك تركيا ثاني أكبر جيش في حلف شمال الأطلسي لدى قبرص حرس وطني يمكنه ببساطة الدفاع عن نفسه لمدة أسبوعين أو ثلاثة أسابيع وربما أقل من ذلك ولا تستطيع أثينا أن تتخلى عن قبرص في حين أعلنتها أميركا باعتبارها النقطة الاستراتيجية الأكثر أهمية في شرق البحر الأبيض المتوسط، بل وربما حتى في منطقة الشرق الأوسط الأوسع ولقد وضعت تركيا موطئ قدم قوياً في قبرص بسبب الغزو الجبان وخيانة المجلس العسكري في أثينا عام1974 والدور القذر الذي لعبه هنري كيسنجر وزير خارجية الولايات المتحدة آنذاك  وكان لدى اليونان عقيدة دفاع موحدة ألغيت من قبل الحكومات السابقة بشكل مخز لذا يجب على السيد ميتسوتاكيس أن يبدأ في التفكير في إعادته إلى منصبه هذه قضية وطنية عليا ” .

مــوقــف الـولايات الـمـتـحـدة :

قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية: “نحن وشركاؤنا واضحون فيجب على حزب الله والجهات الفاعلة الأخرى ألا يسعى إلى استغلال الصراع المستمر ولا تريد الولايات المتحدة أن ترى هذا الصراع يمتد إلى لبنان أو المنطقة الأوسع وأي تصعيد سيكون كارثيا على لبنان والشعب اللبناني وليس في مصلحة أحد” وأضاف المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميللر خلال الإحاطة الإعلامية للمحررين المعتمدين أنه “من الواضح أن هذه التعليقات تؤدي إلى نتائج عكسية للغاية وعلى حزب الله أن يتوقف عن تهديد أي أحد ونحن نفضل أن يسعى حزب الله إلى حل دبلوماسي”. وأشار السيد ميللر أيضًا إلى الاجتماع الذي عقده أنتوني بلينكن مؤخراًمع وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كوبو وتحدث عن “اجتماع مثمر بشكل لا يصدق” مضيفا أن وزير الخارجية “بلينكن” شكر حكومة قبرص على العمل الذي قامت به لتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية إلى شعب غزة وقال: وأريد فقط أن أشير مرة أخرى إلى أن قبرص لعبت بالفعل دورًا رئيسيًا كدولة منظمة لتوصيل المساعدات الإنسانية التي تصل إلى غزة والتي تساعد الفلسطينيين الأبرياء وتقدم الغذاء للفلسطينيين الأبرياء وتساءل : لماذا يهاجم حزب الله دولة في خضم هذا الدور الإنساني المهم الذي تلعبه ولماذا يشن هذا النوع من الهجوم اللفظي؟ (نسي أن يشير للإعلانات الأمريكية الرسمية عن تموين القنابل اليومية التي تمنحها الولايات المتحدة للصهاينة!!!!!) .

نشرت صحيفة “بوليتيكو” في 17/6 2024 مقالاً تحليلاً لسفير الولايات المتحدة السابق لدى حلف شمال الأطلسي “الناتو” إيفو دالدر  تحت عنوان ” تحويل قبرص من مشكلة إلى حل “كان محوره الأساسي موافقة الدبلوماسي الأمريكي السابق ووزير الخارجية الرئيس التنفيذي الحالي لمجلس شيكاجو للشؤون العالمية مع النتيجة التي توصل إليها رئيس قبرص خريستودوليدس  ومفادها أنه لا ينبغي النظر إلى قبرص على أنها مشكلة بل كحل في المنطقة(وهو كلام بلا منطق فلا يسنده واقع ولا قبرص أصلاً جديرة ولا مؤهلة لدور كهذا وإلا لكانت حلت قضيتها الباقية بل حل منذ 50 عام ) وفي الواقع “أنه في جزء مضطرب بشكل متزايد من العالم” كما قال المحلل هناك ملحوظات وذلك لأن قبرص كما يوضح “توفر منصة لنهج سياسي واقتصادي وإنساني وعسكري عند تقاطع أوروبا والشرق الأوسط”وأنه على الرغم من الانقسام والصراع المستمر فإن قبرص هي جزيرة استقرار وقد تم التأكيد على قيمتها في 7 أكتوبر2023عندما أدت هجمات حماس الوحشية ضد إسرائيل إلى إرسال المنطقة إلى حالة من الاضطراب مع الإشارة بشكل خاص إلى دورها في إخلاء الغرب المواطنين ولكن أيضا في تقديم المساعدات كما يؤكد على دور قبرص الرئيس خريستودوليدس وما حققته قبرص وما زالت تحققه خطة أمالثيا لمساعدة غزة والتي كانت مبادرة واختراع قبرصي .

ويشير سفير الولايات المتحدة السابق لدى حلف شمال الأطلسي إلى أنه بعد الأزمة المالية غيرت قبرص مسارها وواصلت تعزيز نظامها المصرفي مما أدى إلى أن تصبح مصدرا للاستقرار الاقتصادي والتنمية وتقول إنها تعمل على “تطهير النظام المصرفي الفاسد المعروف” ولم تعد الوجهة الأولى للأموال الروسية السهلة وبعد الإشارة إلى التعاون الوثيق بين السلطات القبرصية ومكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل الأمريكية في التحقيق في الأنشطة المالية الإجرامية، “حتى ضد المواطنين القبارصة” أعرب السيد داندلر عن قلقه بشكل خاص إزاء إنهاء – كما يقول – ” علاقة طويلة ومريحة مع موسكو » مع تحول قبرصي حاسم نحو الغرب والولايات المتحدة على وجه الخصوص ويشير المحلل أيضًا إلى نقاط أخرى عززت هذه العلاقة ويذكر أن رفع الحظر على بيع الأسلحة إلى قبرص من قبل الولايات المتحدة الأمريكية كان نتيجة لهذه التطورات وإذ يشير السيد دالدر إلى أن قبرص ليست عضوًا في حلف شمال الأطلسي “وبالنظر إلى الفيتو التركي شبه المؤكد، فإن احتمال العضوية قاتم” ويشير السيد دالدر إلى رغبة قبرص في إقامة علاقات أمنية أقوى مع واشنطن وهو ما يوضح أنه يتم التعامل معه بشكل إيجابي وعملي على الجانب الأمريكي.

ويخلص إلى القول : “… بشكل عام يمكن للشراكة الجيواستراتيجية مع نيقوسيا أن تقدم لواشنطن العديد من المزايا وستبني على علاقات الجزيرة القوية مع إسرائيل ومصر والفلسطينيين مما يساعد على التوصل إلى حل طويل الأمد للحرب في غزة وشدد على أن هذه العلاقة “ستوفر ثقلا موازنا قويا لجهود روسيا والصين لتوسيع نفوذهما الاستراتيجي في شرق البحر الأبيض المتوسط وستعزز علاقات الطاقة مع اليونان وإسرائيل ومصر ويمكن أن تبني الثقة بين الولايات المتحدة (الناتو)والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة” وربما حتى يقنع أنقرة أنه بعد 50 عامًا فقد حان الوقت لإيجاد نهاية دبلوماسية عادلة للصراع في الجزيرة القبرصية ويختتم بالقول: “إن الشراكة القوية بين الولايات المتحدة وقبرص قد تكون المفتاح لتحويل المشكلة القبرصية إلى حل قبرصي“.

مـــوقــف بــريـــطــانـيـا :

ردت وزارة الخارجية البريطانية في 22 يونيو2024فقالت   إن “مناطق القواعد المهيمنة  APE-MPE (البريطانية في قبرص) لم تستضف أي أفراد عسكريين أو طائرات إسرائيلية منذ (حتى قبل) بدء الحرب بين إسرائيل وحماس”وفي الوقت نفسه أشار المصدرالبريطاني نفسه إلى أن بريطانيا “تشعر بالقلق إزاء الوضع على الخط الأزرق (ترسيم الحدود بين القوات المسلحة لإسرائيل ولبنان) وبالتالي فإن المملكة المتحدة تحث “جميع المعنيين على التحلي بضبط النفس لتجنب المزيد من التصعيد على النحو المحدد في القرار 1701 لمجلس الأمن الدولي”وشدد أيضًا على أن بريطانيا تعترف “بالدور الأساسي في تحقيق الاستقرار الذي تلعبه قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل) والقوات المسلحة اللبنانية ” في حين أشار إلى أن “المملكة المتحدة داعم طويل الأمد للقوات المسلحة اللبنانية وقوى الأمن الداخلي التي تساهم في الحفاظ على استقرار لبنان” .

تجدر الإشارة إلى أن Letymiotis المتحدث باسم الحكومة القبرصية في بيانه الخاص لا يمكن أن يفشل في الإشارة إلى خصوصية القواعد البريطانية التي لها وضعها الخاص فالقواعد البريطانية في قبرص (في جبل ترودس) لا تخضع لسيطرة جمهورية قبرص لأنها ذات سيادة وتعتبر أراض بريطانية ولم تحدد تهديدات نصر الله ما إذا كانت تشمل القواعد البريطانية .

هذه ليست المرة الأولى التي تسبب القواعد البريطانية في قبرص خطراً علي سياسة قبرص الخارجية وخطراً علي وضعها الجيوبوليتيكي معاً فليست هذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استهداف قبرص بسبب القواعد البريطانية فكانت هناك مخاوف خاصة في الجزيرة في يناير2024 أيضًا في أعقاب التقارير التي تفيد بأن الولايات المتحدة كانت تزود إسرائيل بالأسلحة من خلال القواعد البريطانية في قبرص وحتى لو أعلنت جمهورية قبرص عدم اختصاصها وسلطتها للسيطرة على ما يجري في القواعد البريطانية فإن هذه القواعد لا تزال تتحول إلى بؤرة خطر على الجزيرة وشعبها وتوصف القواعد البريطانية في قبرص بأنها من بقايا الاستعمار تقع في أكروتيري وديسيليا وهي “مهيمنة” وقد تم استخدامها بشكل متكرر كقاعدة للبريطانيين وبالنسبة للكثيرين فإن قبرص حتى من خلال القواعد البريطانية وخارجها، تتورط بشكل متزايد في الحرب في الشرق الأوسط مع احتمال حدوث عواقب خطيرة ومما يدل على ذلك إعلان حزب AKEL الذي يشير إلى أن “موقفا حاسما من جانب جمهورية قبرص تجاه حكومة المملكة المتحدة مطلوب فيما يتعلق بمشاركة القواعد البريطانية في العمليات العسكرية الإسرائيلية ” .

رد فعل الإتحاد الأوروبي :

أجري الممثل الأعلى للاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل في21 يونيو2024 اتصالات مع نظيره القبرصي كونستانتينوس كوبو وصرح بقوله :” لقد تحدثت مع وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كوبو وأعربت له عن قلقي إزاء التوترات المتزايدة على الخط الأزرق والوضع في الشرق الأوسط  وقال لقد ركزنا على التزام قوي بتعزيز جهود وقف التصعيد “وأكد أن ” الاتحاد الأوروبي يعبر عن تضامنه مع قبرص وأكرر ندائي لتجنب الانتشار الإقليمي .

أعرب ممثل مفوضية الشؤون الخارجية بيتر ستانو عن دعم الاتحاد الأوروبي الواضح لقبرص خلال مؤتمر صحفي في بروكسل وشدد بيتر ستانو في تصريح نُشر في 21 يونيو2024على أن “قبرص دولة عضو في الاتحاد الأوروبي وهذا يعني أن الاتحاد الأوروبي وقبرص هما الاتحاد الأوروبي وهذا يعني أن أي تهديد لإحدى الدول الأعضاء لدينا يشكل تهديدًا ضد الاتحاد الأوروبي وفي ضوء ذلك فإن الاتحاد الأوروبي يؤيد بشكل كامل قبرص والبيان الذي أدلى به رئيس قبرص بشأن تهديدات حزب الله”وأضاف : “سنواصل الوقوف إلى جانب قبرص وإظهار التضامن معها ولهذا السبب نؤيد البيان الذي أصدره الرئيس القبرصي .

في رد فعل سريع للإتحاد الأوروبي قال متحدث باسم الاتحاد الأوروبي في حديثه لوسائل الإعلام: “إن أي تهديد ضد إحدى دولنا الأعضاء يعد تهديدًا للاتحاد الأوروبي .

قال مبعوث الاتحاد الأوروبي لصحيفة الجارديان عقب تهديدات السيد حسن نصر الله : أن “حزب الله لديه تاريخ في التصرف بناءً على تهديداته”وأضاف : ” يعرف حزب الله أن قبرص لا تملك القدرة العسكرية للرد وبهذا المعنى فهي هدف سهل ” .

تـــــقـــــديـــــــر مــــــوقـــــــف :

الــــعــوامـــل التي أدت بدخول قبرص طرفاً في مواجهة الكيان الصهيوني مع حزب الله :

1- تكوين تحالف ثلاثي ضم اليونان وقبرص والصهاينة :

تأسس تحالف ثلاثي ضم اليونان وقبرص والكيان الصهيوني وهذا التحالف بموجب اتفاق قمة ثلاثية عُقدت بين قبرص واليونان وإسرائيل على المستوى الوزاري في عام 2013 ويعد هذا التحالف مُختلفاً وأقوي من التحالف الذي الثلاثي الذي ضم مصر واليونان وقبرص فقد تميز هذا التحالف الذي يضم الكيان الصهيوني مع الدولتين الهيلينتين  بدعم واضح من الولايات المتحدة لاحقًا ويؤكد ذلك ما نشره موقع sputnik في 31يوليو2015 في مقال تحت عنوان : “هل يشكل جنوب قبرص واليونان وإسرائيل تحالفًا ضد تركيا؟” إذ أشار كاتبه إلي أن إسرائيل تتعاون مع الإدارة القبرصية اليونانية واليونان في مجالات الطاقة والدفاع والسياسة الخارجية والاقتصاد وأنه جرى استعراض قوة هذا التحالف الجديد في 30 يوليو2015 من خلال اتصالات أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مع قبرص اليونانية , وفي 8 مايو2018تحدث رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو فقال أن هناك «تحالف كبير» تعمل الدول الثلاث على بناءه مشيراً إلى أنه «ليس هناك حدود» لما يمكن تحقيقه وقال “أجد أن هذه الاجتماعات ليست بناءة فحسب بل مشجعة للغاية أيضا” مضيفا أنها “تشجعنا للمستقبل” وأوضح أنه “إذا نظرت قبل بضع سنوات فقط فمن غير المعقول أن بلدينا لم يكن لديهما هذا الاتصال الدافئ والوثيق والمباشر” وأضاف: “لقد كنا معزولين عن بعضنا البعض بطرق عديدة وهذا أمر لا يصدق” ووفقا لرئيس وزراء إسرائيل “نحن ثلاث جمهوريات شرق البحر الأبيض المتوسط، لدينا مصالح مشتركة وذلك على وجه التحديد لأن لدينا قيم مشتركة” نحن ملتزمون بنفس الرؤية حول كيفية تنظيم المجتمع، وكيفية تشجيع الحريات، وكيفية حماية التعددية، وأعتقد أنه يمكننا تحقيق ذلك بشكل أفضل معًا وليس بشكل منفصل”.

عقد التحالف الثلاثي الهيليني / الصهيوني تسع قمم ثلاثية آخرها تلك التي عُقدت في 4 سبتمبر 2023 في نيقوسيا وقد أعلنها هذا الثلاثي صريحة في البيان المُشترك الصادر عن دوله الثلاث في4سبتمبر2023 إذ أشار إلي أن هناك ثمة “التزام بقيم ومصالح مشتركة متنامية” .

تعززت العلاقات القبرصية الإسرائيلية بشكل كبير في عام 2009عندما أصدرت إسرائيل مذكرة تحظر على سفنها استخدام المطارات في الأراضي المحتلة في قبرص (جمهورية شمال قبرص التركية) ومنذ ذلك الحين قامت الدولتان بتوسيع العلاقات بينهما وإجراء مناورات عسكرية مشتركة وتوقيع اتفاقيات مهمة أهمها ترسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة بينهما الموقعة في 17 ديسمبر 2015 وكنتيجة أصبح هناك أساس إيجابي لتعزيز التعاون بين قبرص واليونان وإسرائيل فيما يتعلق بإستغلال احتياطيات الطاقة الموجودة في حوض المشرق وأتخذ اللازم نحو القيام بذلك الإستغلال في الأعوام 2009 و2010 و2011 ونوقش احتمال نقلها إلى السوق الأوروبية ومن ناحية أخرى فإن اليونان وقبرص العضوتين في الاتحاد الأوروبي أخذتا تؤيدان تعزيز المصالح الإسرائيلية في بقية أوروبا وفي الفترة من 2013 إلى 2024 عُقدت كما سبقت الإشارة تسعة اجتماعات قمة ثلاثية بمشاركة رئيس الوزراء اليوناني ورئيس قبرص ورئيس وزراء إسرائيل وحضر الاجتماع الثالث في 20مارس في إسرائيل أيضًا وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو الذي أعلن دعم الولايات المتحدة للعملية القائمة مما أدى إلى إعادة تسمية الاجتماعات إلى صيغة 3+1وفي جميع اجتماعات القمة تم التأكيد مجددًا على إرادة الأطراف الثلاثة للتعاون في مختلف القطاعات الاقتصادية والتكنولوجية ولكن أيضًا في مسائل الأمن والاستقرار في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​والمنطقة الأوسع وقد انعقدت القمة الثلاثية الثامنة في 7 ديسمبر 2021 في القدس بمشاركة رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس ورئيس وزراء إسرائيل نفتالي بينيت والرئيس القبرصي نيكوس أناستاسيادس وشدد القادة الثلاثة على الأهمية الجيواستراتيجية لشرق البحر الأبيض المتوسط وأعربوا عن دعمهم الكامل للتوصل إلى حل عادل ومستقر للقضية القبرصية (ولا ذكر للقضية الفلسطينية) وشددوا على أنه بالإضافة إلى خطط خط أنابيب شرق البحر الأبيض المتوسط ​​ومنتدى غاز شرق البحر الأبيض المتوسط ​​(EMGF) يمكن أن تكون الطاقة عاملاً أساسيًا للأمن في المنطقة ثم عُقد الاجتماع التاسع في 4 سبتمبر 2023وصدر بيان مشترك أكدت فيه مجموعة 3+1 (اليونان وقبرص وإسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية) على تعاونها الديناميكي الذي يعكس قيمهم المشتركة وشددوا على أهمية القانون الدولي بما في ذلك اتفاقية قانون البحار (UNCLOS) وقدرة هذه الدول على ممارسة حقوقها السيادية في المناطق الاقتصادية الخالصة الخاصة بها واتفقوا على أن الاجتماع المقبل سيعقد في عام 2024 في إسرائيل .

2- إنضمام قبرص للإتحاد الأوروبي :

انضمت قبرص إلى الإتحاد الأوروبي عام 2004 وجرى التصديق بالإجماع في البرلمان المؤلف من 65 عضوا على المعاهدة التي ستشمل الجزء اليوناني فقط من الجزيرة أما جمهورية قبرص التركية فهي دولة لا تعترف بها سوى أنقرة وأعلن قيام هذه الدولة بعد سيطرة القوات التركية على أراضيها خلال غزو عسكري في يوليوعام 1974 عقب انقلاب قصير قام به القبارصة اليونانيون .

منذ عام 2004 عندما جعل الاتحاد الأوروبي الإدارة القبرصية اليونانية عضوًا كامل العضوية في الاتحاد ممثلاً للجزيرة بأكملها أصبحت قبرص موضع اهتمام عميق من الولايات المتحدة الأمريكية والبنتاجون مع ملاحظة “الجغرافيا التي يجب تحديدها في المقام الأول” تمت السيطرة عليها” كان البنتاجون يعرف الأسباب التي جعلت قبرص عضواً كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي على الرغم من أن اتفاقيات لندن وزيوريخ تنص على أنه “لا يمكن لقبرص أن تصبح عضواً في مجتمع ليست تركيا عضواً فيه” وأن دستور الاتحاد الأوروبي ينص على “دولة مع مشكلة حدودية لا يمكن أن يصبح عضوًا في المجتمع” وبهذه الخطوة التي اتخذها الاتحاد الأوروبي في عام 2004 رأى البنتاجون بوضوح أن الاتحاد الأوروبي كان يستعد لإنشاء قوة عسكرية جديدة ونظام اقتصادي عالمي جديد من خلال إنشاء جيش مستقل عن حلف شمال الأطلسي (بيسكو)، ونظام اقتصادي عالمي جديد من خلال التعاون مع الصين من خلال مشروع الحزام والطريق وكانت إدارة الاتحاد الأوروبي تهدف في المقام الأول إلى وضع قبرص تحت سيطرتها من أجل السيطرة على الشرق الأوسط والقارات الثلاث عبر البحر الأبيض المتوسط .

بدأ الصراع بين الجهات الفاعلة العالمية والذي يهدد السلام العالمي بشكل متزايد في عام 2004 عندما أصبحت قبرص عضوا كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي لأن الولايات المتحدة رأت أن الاتحاد الأوروبي يستعد لإنشاء قوة عالمية جديدة من خلال تنفيذ مبادرة “الحزام والطريق” مع شركة بيسكو وقررت القيام بما هو ضروري وهذا الصراع الذي سوف يتعمق مع جعل قبرص مركزاً للنظام المالي الجديد سوف يؤثر حتماً على تركيا أيضاً.

منذ عام 2004 عندما جعل الاتحاد الأوروبي الإدارة القبرصية اليونانية عضوًا كامل العضوية في الاتحاد ممثلاً للجزيرة بأكملها أصبحت قبرص موضع اهتمام عميق من الولايات المتحدة الأمريكية والبنتاجون، مع ملاحظة “الجغرافيا التي يجب تحديدها في المقام الأول” تمت السيطرة عليها” كان البنتاجون يعرف الأسباب التي جعلت قبرص عضواً كامل العضوية في الاتحاد الأوروبي على الرغم من أن اتفاقيات لندن وزيوريخ تنص على أنه “لا يمكن لقبرص أن تصبح عضواً في مجتمع ليست تركيا عضواً فيه” وأن دستور الاتحاد الأوروبي ينص على “دولة مع مشكلة حدودية لا يمكن أن يصبح عضوًا في المجتمع”.

أن الولايات المتحدة “وافقت” على قيام نتنياهو بحذف غزة من الخريطة مقابل إلغاء الاتفاقات التي أبرمها مع الصين المتعلقة بعمليات قطع “الحزام والطريق” ووصول إسرائيل إلى حماس ولبنان من قواعدها في جنوب قبرص ولا يمكن اعتبار الصواريخ مستقلة عن الحرب بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي .

وفي الوقت نفسه تحاول الإدارة القبرصية اليونانية شراء أنظمة دفاع جوي من الولايات المتحدة منذ فترة طويلة .

ومن المدرج أيضًا على جدول أعمال الولايات المتحدة رفع حظر الأسلحة بالكامل عن قبرص اليونانية .

وفقاً للأسس الجيوبوليتيكية فإن قبرص بعد إنضمها للإتحاد الأوروبي عام 2004 أصبحت من الوجهة السياسية والأمنية والعسكرية جزءاً من أوروبا في قلب البحر المتوسط ولا تنتمي إلي الشرق الأوسط وإن إدعت ذلك , وبالتالي فالكلام عن أنها جزء من الحل عما يجري في غـزة أو بين لبنان والكيان الصهيوني كلام يفتقد المنطق هذا بالإضافة إلي أن قبرص لا يمكن بداهة أن تكون جديرة أو مؤهلة نتيجة لإنحيازها للصهاينة رسمياً ونتيجة لقدراتها الضئيلة جداً ونتيجة لواقعها فهي لم تستطع يوماً الوصول بالتفاوض مع القبارصة الأتراك ولا تركيا برغم الدعم اليوناني السياسي غير المحدود أن تحقق حلاً تفاوضياً ولو محدود للقضية القبرصية فبالتالي فكلام رئيس قبرص عن أنه جزء من الحل وليس جزءاً من المشكلة بالإضافة إليي أنه مُضلل فهو كلام يدل علي سذاجة وطفولة سياسية لن يجد من يعتقد فيه , فقبرص تعيش في حمي المظلة الأوربية خشية من بأس تركيا ولا قبل لها مطلقاً بحل قضيتها فجمهورية شمال قبرص التركية تزحف نحو الإعتراف الدولي تدريجياً وحرب غـــزة قد كشفت أسوأ ما في قلب السياسة القبرصية المزدوجة .

3- الإنضمام المُحتمل لقبرص لحلف شمال الأطلنطي :

خلال إدارة الرئيس القبرصي السابق نيكوس اناستاسيادس و زعيم حزب التجمع الديمقراطى اليمينى أثيرت مسألة انضمام قبرص إلى حلف شمال الأطلسي الأمر الذي انتهى بشكل مـُحبط للقبارصة اليونانيين عندما تمت الإشارة إلى أن مثل هذه الخطوة لا يمكن القيام بها لأن تركيا ستستخدم حق النقض ضد مثل هذا الإجراء لكنها كانت إشارة مؤكدة علي عزم قبرص اليونانية للإنخراط في الإستراتيجية والسياسات الدفاعية الأمريكية والغربية الموالية بالتأكيد للكيان الصهيوني , وكانت حكومة أناستاسيادس التي تتابع سياساتها عن كثب الحكومة ىالقبرصية اليونانية الحالية برئاسة  نيكوس خريستودوليديس الحالية قد أطلقت الحوار مع الولايات المتحدة الأمريكية بهدف الارتقاء بالعلاقات بين البلدين وكذلك رفع الحظر على شراء قبرص الأسلحة الأمريكية , وبالفعل تمت الإستعاضة بإنضمام قبرص الذي لم يتم بإقامة حوار إستراتيجي أمريكي / قبرصي يوناني وهو الحوار الذي يُشير في جزء منه إلي إقرار أمريكي بدور جمهورية قبرص في المنطقة من خلال إقامة الحوار الاستراتيجي القبرصي الأمريكي وهو ما صرح به في 24 يونيو2024  وزير الخارجية القبرصي اليوناني كونستانتينوس كومبوس في مقابلات مع صحيفتي “الليبرال” و”المواطن” التي أشار في حديثه لها بأن “إقامة الحوار الاستراتيجي بين جمهورية قبرص والولايات المتحدة الأمريكية هو نقطة مرجعية لقبرص والتي توازي انضمام قبرص إلى الاتحاد الأوروبي” , وصرح أيضاً بأنه في المرحلة الحالية لا توجد ظروف مناسبة لقبرص لإبداء اهتمامها بالانضمام إلى منظمة حلف شمال الأطلسي .

في السنوات الأخيرة، حققت قبرص وهي عضو في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2004 تحولاً واضحاً في سياستها الاستراتيجية تجاه الغرب ــ وخاصة الولايات المتحدة ــ بعد عقود من العلاقات الوثيقة مع الاتحاد السوفييتي السابق ثم الاتحاد الروسي في وقت لاحق وأصبح الصدع القبرصي الروسي أكثر وضوحًا بعد غزو موسكو لأوكرانيا عام 2022.

4- تأسـس حـوار إســتــراتــيـجـي قبرصي / أمــريــكـي :

قال مسؤولون في 18 يونيو2024 إن العلاقات القبرصية الأمريكية وصلت إلى أعلى مستوياتها حتى الآن بعد أن شرع البلدان في حوار استراتيجي حول القضايا الرئيسية بما في ذلك الدفاع والأمن والطاقة وإدارة الأزمات والحرب ضد الإرهاب وأشاد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن بالتطور باعتباره “دليلا قويا على تعزيز وتعميق (و) توسيع العلاقة بين بلدينا اللذين يعملان معا في العديد من المجالات”وقال بلينكن قبل محادثاته مع وزير الخارجية القبرصي كونستانتينوس كومبوس في واشنطن: “إنه انعكاس لحقيقة أن قبرص لاعب مهم في المنطقة وشراكة للولايات المتحدة نقدرها بشدة” ومن جانبه أشاد كومبوس ببدء الحوار باعتباره سمة مميزة لأوثق العلاقات على الإطلاق بين الدولة الجزيرة الواقعة في شرق البحر الأبيض المتوسط ​​مع الولايات المتحدة في منطقة مضطربة حيث يمكن الاعتماد على قبرص كشريك موثوق به وأوضح قوله :”الرسالة بسيطة للغاية فقبرص جزء من الحل في منطقة الشرق الأوسط ”  , لتوضيح القيمة المضافة التي يمكن أن تقدمها قبرص لمثل هذه الشراكة مع الولايات المتحدة أشار المسؤولون القبارصة إلى الممر البحري بين قبرص وغزة الذي تم من خلاله شحن مئات الأطنان من المساعدات الإنسانية إلى الأراضي الفلسطينية عبر رصيف بحري أنشأته الولايات المتحدة , وتخضع كافة المساعدات للفحص الأمني في قبرص تحت إشراف إسرائيلي وأميركي ويساعد في تأمين المبادرة بشكل عام مركز ممول من الولايات المتحدة يساعد في تدريب القبارصة وغيرهم من الأفراد من البلدان المجاورة على قضايا السلامة والأمن البحري .

من بين الأولويات الرئيسية للحكومة القبرصية من خلال الحوار رفع الحظر الأمريكي على مبيعات الأسلحة العسكرية لقبرص بشكل كامل دون الحاجة إلى موافقة الكونجرس السنوية وتأمل قبرص اليونانية أيضًا الإسراع في تطوير حقل للغاز الطبيعي قبالة الساحل الجنوبي الشرقي لقبرص والمرخص لشركة الطاقة الأمريكية شيفرون والأولوية الأخرى هي أن يتم قبول قبرص في برنامج الإعفاء من التأشيرة الأمريكية حيث تظل قبرص وبلغاريا ورومانيا الدول الأعضاء الوحيدة في الاتحاد الأوروبي التي لم يتم تضمينها .

جدير بالإشارة إلي أن الولايات المتحدة شرعت في إجراء حوارات استراتيجية مماثلة مع 30 دولة أخرى 13 منها من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي .

5- التدرج في دخول قبرص كطرف في حرب غـــزة :

كان التحالف الهيليني / الصهيوني أول خطوة تتخذها قبرص للدخول المباشر في أتون النزاع في الشرق الأوسط من البوابة الصهيونية أما الخطوة الثانية فكانت بعد إنضمام الولايات المتحدة للتحالف الهيليني/ الصهيوني والذي أخذ مسمي 3+1 أي بإضافة الولايات المتحدة له ثم كانت الخطوة الثالثة التي أشتد بعدها هذا التحالف أكثر وأكثر بفعل تداعيات الحرب في غزة وطول مدتها عندما إستعانت الولايات المتحدة بقبرص لتنفيذ مخطط إقامة ” ماتدعي أنه مــيــنــاء إصطناعي مــؤقت لغزة” وفي الواقع فهذا الميناء المزعوم لن يخرج معناه عن أن يكون منفذ سياسي/ أمني أمريكي صهيوني لترتيب أوضاع طويلة الأمد في غزة تخدم الإستراتيجية الصهيونية خاصة في ضوء حقيقة رفض الصهاينة بقوة ووضوح حل الدولتين الذي تدعي الولايات المتحدة علي سبيل الخداع أنها تقترحه وتدعمه وفي نفس الوقت يوافق الصهاينة بسرعة ووضوح علي المخطط الأمريكي لهذا الميناء الذي يدعون أنه مــؤقت , المهم أن قبرص أحد أطراف التحالف الصهيوني / الـهـيـلـيني ستكون مـــعـــيـناً علي تنفيذ هذا المخطط ذو الأبعاد الخفية غير المُعلنة والذي أُفتتح فعلاً والذي قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن بشأنه مؤخراً “إنه لا يرى أي مؤشر على أن حماس تخطط لشن هجوم على القوات الأمريكية في غزة  لكنه أضاف أنه تم اتخاذ الإجراءات الكافية لحماية الأفراد العسكريين ” مـوضـحـاً : أنه ” لن يناقش المعلومات الاستخباراتية على الأرض” وقال أوستن خلال مؤتمر صحفي : “لكنني لا أرى أي مؤشر في الوقت الحالي على أن هناك نية نشطة للقيام بذلك”وقال “ومع ذلك… إنها منطقة حرب ويمكن أن يحدث عدد من الأشياء، وسيحدث عدد من الأشياء”, ولا أستبعد في تقديري أن تعرض قبرص نفسها لتداعيات الحرب علي غـزة طالما إمتلكت شجاعة المشاركة في مخطط عدواني أمريكي / صهيوني أخذ مسمي “الميناء الإصطناعي المؤقت لغزة ” , فشظايا حرب غزة قد تصل لقبرص كنتيجة  .

6 – الــمـــوقــف الـمـيؤس منه لمفاوضات تسوية القضية الـقـبـرصـية :

لم تعد قبرص بحاجة للمواقف العربية المؤيدة لوجهة نظرها بشأن القضية القبرصية هذه المواقف الساذجة وغير المفهومة فقد وصلت المفاوضات لطريق مسدود ليس لفشل المفاوضات نفسها بل لأن تركيا والقبارصة الأتراك أرتقوا لمستوي تفاوضي قوي وجديد ةتلامس مع سياسة الأمر الواقع فقد أصبح الحد الأدني التفاوضي التركي : دولتان متساويتان في السيادة أي أن الموضوع إنتهي وقويت شوكة الوجود العسكري التركي في الجزء الشمالي التركي من الجزيرة القبرصية المُقسمة بالفعل .

“لا إشارة للعودة إلى المفاوضات” تلك هي خلاصة التصريحات التي أدلى بها وزير الخارجية اليوناني كونستانتينوس كومبوس الذي أشار كومبوس أيضاً إلي أن لديهم اتصالات منتظمة مع ماريا أنجيلا هولجوين الممثلة الشخصية للأمين العام للأمم المتحدة في قبرص وذكر أن رئيس الإدارة القبرصية اليونانية نيكوس هريستودوليديس يتحدث بشكل متكرر مع هولجوين وأن لديهم معلومات تفيد بأن هولجوين ستأتي إلى قبرص لإجراء جولة جديدة من المحادثات لكنه أشار  إلى أنه ليس لديهم دور حاسم وأشار كومبوس إلى أنه يتوقع أن تقدم هولجوين تقريرها إلى جوتيريس في الأيام الأولى من شهر يوليو2024وأن المفاوضات ستستمر لأنه ليس هناك الكثير من الوقت قبل تقديم التقريروأكد أنه لا يوجد حتى الآن ما يشير إلى حدوث تغيير في الجانب التركي والقيادة القبرصية التركية من شأنه أن يسمح بالعودة إلى المفاوضات مُوضحاً أن الجانب التركي يصر على المساواة في السيادة والدولتين وأشار كومبوس إلى أنه من المهم أن يكون هناك الآن شخص مفوض من قبل الأمين العام للأمم المتحدة لمساعدتهم على المضي قدمًا .

بناء علي إنتفاء الحاجة للمواقف العربية نتيجة إذراك مؤكد من القبارصة اليونانيين لإنتفاء الرغبة التركية في التفاوض علي الأسس التقليدية ووصول القضية التركية لحائط صد تركي صلب بل وتقارب عربي / تركي ثنائي غير معهود من قبل فقد آثرت قبرص اليونانية التقارب مع الكيان الصهيوني ومحاوولة قطف ثمار إنضمامها للإتحاد الأوروبي والإقتراب من حلف شمال الأطلنطي والإبتعاد عن روسيا وإرساء حوار إستراتيجي مع الولايات المتحدة مع ما يعنيه ذلك من خدمة المصالح الأمريكية التي علي رأسها أمن الكيان الصهيوني .

تبقي الإشارة إلي أن هناك خشية في جمهورية شمال قبرص التركية من إصابتها بخطر علي سبيل الخطأ الفني إن هوُجمت قبرص اليونانية أو الجنوبية بصواريخ حزب الله فعلى سبيل المثال حدث في 30 يونيو 2019 أن هاجمت إسرائيل سوريا بطائرات فوق الأجواء اللبنانية وكانت منظومة الدفاع الجوي السورية أطلقت صواريخ دفاع جوي من طراز إس-200 على طائرات إسرائيلية فأخطأ الصاروخ الطائرة وقطع مسافة 300 كيلومتر في طيران حروسقط الحطام في جبال بيشبارماك في جمهورية شمال قبرص التركية بالقرب من قرية طشقند فبعض الصواريخ التي يستخدمها حزب الله ضد إسرائيل هي من نفس نوع الصواريخ التي تستخدمها سوريا ولذلك هناك دائما مثل هذا الخطر فسيكون الوضع خطيرًا للغاية إذا سقط الصاروخ الذي تم إطلاقه ضد القبارصة اليونانيين أو المستخدم للدفاع الجوي عن طريق الخطأ على أراضي جمهورية شمال قبرص التركية  .

الـــــخــــلاصــة :

العوامل التي أدت بدخول قبرص طرفاً في مواجهة الكيان الصهيوني مع حزب الله مازالت كماهي وستظل وأهم هذه العوامل (1) التحالف الثلاثي مع اليونان والصهاينة و(2) تأسيس قبرص والولايات حوار إستراتيجي بالإضافة إلي (3)عضوية قبرص في الإتحاد الأوروبي وهي ثلاث عوامل كافية لدفع قبرص اليونانية إلي خدمة والتفاني في خدمة الـصهـاينـة بمعني أن ما ذكره رئيس قبرص ووزير خارجيته من أن قبرص جزء من حل المشكلة هو كلام مقصود به الخداع والتضليل فقبرص أضعف من أن تكون دولة مُستقلة(وللتأكيد أقول أن هناك دول عربية تدعي أنها مستقلة فيما هي لا تملك إتخاذ قرارات عرضية في أزمة غــزة) , ثم أن الممر الإنساني البحري أو عملية “أمالثيا” ليست لمصلحة غـــزة أو الحــل كما يدعي رئيس قبرص بل هي عملية مفيدة 100% لقبرص اليونانية بصفة عرضية وتخدم الأغراض العسكرية والأمنية الأمريكية / الصهيونية أصلاً , ولا يخرج كلام رئيس قبرص اليونانية في هذه الجزئية عن ضروارات التمويه .

غاية ما أود التأكيد عليه هو:

(1) أن قبرص اليونانية لم تكن يوماً نطاق آمن للأمن القومي العربي حتي تكون اليوم أو غداً سواء كانت الجزيرة القبرصية نفسها أو القاعدتين البريطانيتين العسكريتين (أكروتيري وذيكيليا) ذواتا السيادة البريطانية وهاتين القاعدتين بهما محطتين للتشويش الراداري والتصنت والإرسال والإستقبال الإيكتروني ألخ , ولا مبررأبداً للتعويل علي كلام القبارصة بأنهم مع الحق العربي فلا مصداقية لهذا الكلام الذي لا يُصدق اليوم من بعض المسؤلين العرب !!

(2) إنها فـرصة لإعادة التفكير والمراجعة فقبرص وفقاً للعوامل الثلاث التي أشرت إليها وهي(1) التحالف الثلاثي مع اليونان والصهاينة و(2) تأسيس قبرص والولايات حوار إستراتيجي  و(3)عضوية قبرص في الإتحاد الأوروبي لم تعد دولة موثوق في كونها تعتبر ضروروية لمنظومة الأمن القومي العربي أو القطري فتحالفها مع الصهاينة يتعارض مع أمن مصر ولبنان مثلاً وحوارها الإستراتيجي مع الأمريكيين يضعها في منظومة خدمة المصالح الأمريكية والأطلنطية وهي في جزء منها متعارضة كلية وستظل كذلك مع أمن مصر و/ أو سوريا و / أو لبنان و/ أو العراق .

بناء علي ذلك وغيره يــصـيـر عقد مذكرات تفاهم أو إتفاقات دفاع أو تعاون في مسائل الدفاع أو ما يُسمي علي سبيل المبالغة و أو الأفك “إرهاب” تــصرف يفتقد إلي الرؤية الصائبة لواقع كيان واهن غير متماسك كقبرص وبالتالي فيجب إما تجميد أي إتفاقات مع قبرص وفقاً لتطور العلاقة بين قبرص والكيان الصهيوني وكذا – وهذا هو الحد الأدني – وفقاً للعوامل الثلاث التي سبق و أشرت إليها .

(3) أنه وتحقيقياً لأقصي درجات الأمن في الصراع اللبناني / الفلسطيني الذي تقوده حماس وحزب الله مع محور المقاومة والإسناد في العراق واليمن ينبغي الأخذ بالسيناريو الأسوا والسيناريو الأسواً هو توقع إستمرار قبرص اليونانية في دعم آلة الحرب الصهيونية وبالمناسبة فقبرص لن تكون وحدها في دعم الصهاينة فمعها اليونان (إنطلاقاً من جزيرة كريــت) واليونان لكيلا ننسي عضو في حلف شمال الأطلنطي الداعم الرئيسي للصهاينة كما  لا تستطيع أثينا أن تتخلى عن قبرص في حين أعلنتها أميركا باعتبارها النقطة الاستراتيجية الأكثر أهمية في شرق البحر الأبيض المتوسط بل وربما حتى في منطقة الشرق الأوسط الأوسع مدي, كما أن قبرص موقع مثالي لآلة الحرب الصهيونية :/ الأمريكية فهي علي  مسافة قــريــبــة من لبنان لا تزيد عن 160 كيلومتراً ولا يوجد من الناحية الفنية أي عائق أمام حزب الله لضرب قـــبـــرص  .

(4) من أجل الأمن القومي الــقـــطــري سيكون من ألأنسب والأصوب تبني مــوقــف جديد من قبرص اليونانية يتناسب مع تغير قوامها السياسي بفعل العوامل الثلاث سابق الإشارة إليها وكذا إتساقاً مع الواقع الحالي للقضية الـقـبـرصـية فهذا الواقع يقتضي من العرب وخاصة من مصر (وليبيا ولبنان التي قد لا تستطيع بحكم تنوع تركيبتها السكانية) تغيير موقفها غير المفهوم والساذج من القضية القبرصية بحيث تعترف بالأمر الواقع علي الجزيرة القبرصية وتعترف بجمهورية شمال قبرص التركية كما إعترفت قبرص نفسها بالكيان الصهيوني وفقاً لمبدأ الأمر الواقع أيضاً , فمصالح مصر المستقبلية خاصة الأمنية والعسكرية تقتضي التنسيق الدائم مع تركيا وهي كاليونان عضو بحلف شمال الأطلنطي وليس مع اليونان (التي ترتبط مع الكيان الصهيوني وقبرص بتحالف ذا تفكير متماثل كما وصفه نتنياهو) وبالتالي فإعتراف مصر بجمهورية شمال قبرص التركية سيكون كافياً للرد علي قبرص اليونانية واليونان والكيان الصهيوني معاً وهم الذين لم يأبهوا بقدر مصر فحذفوها وأستبعدوها من تحالفهم الثلاثي علي مــرأي ومسمع من العالم  هذا بالإضافة إلي أن إبتعاد مصر نسبياً عن المدي السياسي لليونان ولقبرص يمنح مصر مسافة للمناورة في ملفي الغاز والحدود البحري ومن يدعي أن لمصر روابط تاريخية باليونان وبقبرص فما بين مصر من روابط تاريخية ودينية يفوقها  .

(5) كما عزلت قبرص مصالحها مع العرب والشاهد حرب غــزة ودور قبرص فيها الذي دفع أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله أن يُطلق تحذيره الحاسم لقبرص مُنذراً إياها من مغبة التعاون العسكري مع آلة الحرب الصهيونية , فإننا كـــعرب يجمل بنا عـــزل القضية القبرصية عن مجمل سياستنا مع تــركـــيـــا والتعامل معها كــشــان قبرصي / يـونـاني داخلي والتـحــرر من ربقتها علي الأقل تأســيـســا علي حــقيــقـة أن شـــرق البحر المتوسط بعد 7 أكتوبر 2023 ليس كقبله فمن الواضح أن تدشين الولايات المتحدة حواراً إستراتيجياً مع قبرص اليونانية يعني أن قبرص اليونانية ستكون في خدمة المصالح المتعلقة بالأمن القومي تالأمريكي بشرق البحر المتوسط الذي تغيرت درجة أهميته صعوداً للعسكرية الأمريكية بفعل تداعيات الحرب الروسية / الأوكرانية وبفعل تداعيات حرب غزة بين الصهاينة وحماس والجهاد الإسلامي وحزب الله .

الـــــــــــســــــــــفــــــيــــر : بـــــــلال الــــــمـــــصــــــري –

حصريا المركز الديمقراطي العربي – الــــــقـــاهـــــرة / تـحـــريــــراً في 26 يـونـيـو2024

5/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى