الأفريقية وحوض النيلالدراسات البحثيةالمتخصصة

أثر حركة بوكو حرام على هشاشة نيجيريا وغرب إفريقيا

اعداد : كرستين مرجس جرجس – باحثة في العلوم السياسية

  • المركز الديمقراطي العريي

 

مقدمة

تتسم نيجيريا بسمات فريدة من نوعها لاسيما تمتعها بالثروات النفطية وهي أكبر دول القارة من حيث المساحة وأيضاً الأكثر كثافة سكانية مما جعلها من أهم الدول الإفريقية ولكنها في نفس الوقت تعاني من صراعات دينية وأثنية كما انها شهدت عدة انقلابات عسكرية فضلاً عما يشهده واقعها السياسي بعد الاستقلال من تدخل الدين في سياسة البلاد مما جعلها غير مستقرة سياسياً وعلي أثر ذلك اصبحت هشة اجتماعيا واقتصادياً.

وانطلاقاً من الواقع النيجيري المفتقر للأمن والاستقرار ويشوبه صراعات وخلافات قبلية ونزاعات عرقية ظهر التنظيم الإرهابي بوكو حرام بما يحمله من مبادئ وأفكار متطرفة كغيره من الجماعات الإسلامية المتطرفة المتوغلة في القارة الإفريقية؛ وما خلفه من انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان وتدمير للحياة الكريمة للمواطنين في نيجيريا لاسيما الجزء الشمالي الشرقي وهو ما جعل الواقع النيجيري يعيش أزمة إنسانية من أخطر كوارث القرن الحادي والعشرين فضلاً عن تصاعد العصابات الإجرامية بشكل متزايد في إرجاء البلاد.

ونظرا لتفاقم ازمة الوضع الأمني نتيجة تضاعف نشاط تنظيم بوكو حرام ولما يمثله من تهديد على المستوى الداخلي في نيجيريا أو المستوى الإقليمي في الغرب الإفريقي وهو ما دفع بنيجيريا ودول منطقة غرب افريقيا إلى محاولة إيجاد أدوات أمنية ملائمة وفعالة لاحتوائه كالتحالف الإقليمي بين دول غرب إفريقيا، إلي جانب خطورته   على الأمن والاستقرار الإقليميين والدوليين، وتهديد للمصالح الإستراتيجية والحيوية للقوى الدولية بمنطقة غرب افريقيا، اتبعت القوي الدولية عدة آليات في محاولة للحد من انتشاره في المنطقة.

إشكالية الدراسة

تمثل حركة بوكو حرام عدم الاستقرار في نيجيريا إذ تعد أشد الجماعات الإرهابية في تلك الدولة، ظهرت جماعة بوكو حرام في 2002 على يد محمد يوسف تحت مسمى (جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد) ، ومنذ ذلك التاريخ، تسببت الأنشطة الإرهابية للجماعة في مقتل وتشريد الآلاف من سكان شمال نيجيريا. لذا طرحت  هذه الدراسة التساؤل الرئيسي : كيف أثرت حركة بوكو حرام علي هشاشة الدولة النيجيرية؟ وللإجابة علي هذا التساؤل لابد من طرح عدة أسئلة فرعية تتمثل في :

  • ١_  ما هو البناء المجتمعي لنيجيريا؟
  • ٢_ما هي طبيعة النظام السياسي في نيجيريا ؟
  • ٣_ كيف نشأت بوكو حرام وكيفية تطورها ومبادئها؟
  • ٤_إلي أي مدي أثرت الحركة علي الأمن الإنساني والتنمية الاقتصادية في نيجيريا؟
  • ٥_كيف واجهت نيجيريا ومواطنيها خطر بوكو حرام ؟
  • ٦_ ماهي الجهود الإقليمية والدولية المبذولة لمحاربة بوكو حرام ؟

أهداف الدراسة

هدفت تلك الدراسة إلي مجموعة أهداف تتمثل في:

  • (1معرفة ما مر به النظام السياسي في نيجيريا منذ الاستقلال
  • (2توضيح أبرز تطورات حركة بوكو حرام
  • (3إبراز دوافع وأسباب نشأة حركة بوكو حرام
  • (4توضيح الأثار السلبية للحركة علي الوضع الاجتماعي والاقتصادي داخل نيجيريا
  • (5التطرق إلي الآليات المستخدمة لمحاربة بوكو حرام محلياً وإقليمياً ودولياً

أهمية الدراسة

تنقسم إلي أهمية علمية (أكاديمية )، وأهمية عملية (تطبيقية) كالآتي:

*الأهمية العلمية

تكمن الأهمية العلمية للدراسة في تحليل وتفسير التهديدات الأمنية الناجمة عن تنظيم بوكو حرام الارهابي وتداعياته على استقرار الدولة النيجيرية، من خلال  دراسة علمية أكاديمية من أجل فهم جذوره، طبيعته وما يشكله من مخاطر تمس أمن واستقرار نيجيريا داخلياً وغرب إفريقيا خارجياً، وذلك بالاستعانة بالنظريات والدراسات الأكاديمية المتخصصة في هذا المجال، كما تستمد هذه الدراسة أهميتها من حيث استمرارية الموضوع وخطره الراهن علي أمن القارة الإفريقية بأكملها وضرورة إيجاد حلول له سلمياً أو عسكرياً، لهذا تعتبر الدراسة ضمن المراجع الأكاديمية التي يستفيد منها الباحثين المختصين بالشأن الإفريقي.

الأهمية العملية

تستمد الدراسة أهميتها من إبراز التهديدات الأمنية التي فرضها تصاعد العمليات الإرهابية التنظيم بوكو حرام في شمال شرق نيجيريا، والتي أدت إلى تمكن هذا التنظيم من توسيع دائرة نشاطه وخروجه من النطاق المحلي الى الجوار الإقليمي وأيضاً ما أفرزه  تنظيم بوكو حرام من عمليات إرهابية وأزمات إنسانية مما أدي إلى إدراك الفاعلين الاقليمين والدوليين ضرورة التصدي لهذا التهديد ومكافحته بجانب الحكومة النيجيرية وذكر أهم الأليات التي تمت الاستعانة بها في حربهم ضد إرهاب بوكز حرام والتوصية بحلول بديلة يمكن الاستعانة بها وأخيراً تجدر الإشارة إلي أهمية الموضوع علي الساحة الإفريقية والدولية منذ بداية القرن الحادي والعشرين حتي وقتنا الحالي .

منهج الدراسة

تفرض طبيعة الموضوع المدروس نوعية المناهج ؛ فالمنهج هو الطريقة يسلكها الباحث في دراسته من أجل الوصول إلى الكشف عن الحقيقة بإتباعه مجموعة من الخير للإجابة على إشكالية الدراسة حيث تعتمد هذه الدراسة على المنهج النظمي( النسقي) الذي يستخدم في دراسة النظم السياسية، المؤسسات المختلفة والجماعات، كما يستخدم في دراسة السياسة الخارجية والمنظمات الدولية، والنظم الإقليمية، تم الإستعانة بهذا المنهج الدراسة كيفية تأثير التفاعلات بين المؤسسات والجماعات داخل النظام السياسي في نيجيريا  علي الاحزاب السياسية  المكونة للحياة السياسية داخلها، كما استعانت الدراسة بالمنهج الوظيفي الذي يدرس الدور الذي يلعبه النظام السياسي من خلال قيامه بعدة إجراءات من أجل بقاء النظام ككل، ويتوضح ذلك في دراسة الوظيفة التي يقوم بها النظام السياسي اتجاه بوكو حرام من جانب ،والعمليات الإرهابية التي تقوم بها بوكو حرام.

تقسيم الدراسة

  • فصل تمهيدي : التأصيل النظري لمفهومي (الإرهاب _الدولة الهشة )
  • الفصل الأول : بوكو حرام في نيجيريا
  • المبحث الأول: النظام السياسي في نيجيريا
  • المبحث الثاني: حركة بوكو حرام
  • المبحث الثالث : تداعيات بوكو حرام علي هشاشة الدولة النيجيرية
  • الفصل الثاني: الجهود المبذولة لمحاربة بوكو حرام
  • المبحث الأول: الجهود الوطنية ضد بوكو حرام
  • المبحث الثاني :الجهود الإقليمية ضد بوكو حرام
  • المبحث الثالث: الجهود الدولية ضد بوكو حرام

 فصل تمهيدي

                   التأصيل النظري لمفهومي (الإرهاب-الدولة الهشة  )

يتناول هذا الفصل التعريف اللغوي والاصطلاحي لمفهومي الإرهاب، والدولة الهشة كما يتضمن مؤشر الدولة الهشة، وذلك تمهيدا لتفسير ظاهرة الإرهاب داخل نيجيريا وبالأخص حركة بوكو حرام وهي من أهم عوامل هشاشة الدولة النيجيرية.

أولاً: الإرهاب

لمفهوم الإرهاب مكانة محورية في السياسات الإقليمية والدولية منذ عقود من الزمن لما له من خطورة على السلم والأمن الدوليين ولأنه يحتل هذه المكانة  كان لابد من وضع التأصيل النظري له لغويا واصطلاحيا

١)الإرهاب علي المستوي اللغوي

تشتق كلمة « إرهاب » من الفعل المزيد ( أرهب ) و يقال أرهب فلانا أي خوفه و فزعه و هو نفس المعنى الذي يدل عليه الفعل المضعف ( رهب)، أما الفعل المجرد من نفس المادة ( رهب ) يرهب رهبة ورهبا فيعني خاف، فيقال رهب الشيء رهبة أي خافه[1].

٢) الإرهاب اصطلاحاً

يرى البعض أن الإرهاب فكرة، يراه آخرون أسلوبا وطريقة العرض سياسي ويراه غيرهم فلسفة وحركة مما أدي إلي التباين في تعريف الإرهاب ولكن الجميع يعترف بأن الإرهاب هو استعمال القوة والعنف ،ومن أبرز هذه التعريفات :

*عرفه عبد الستار الطويلة بأنه “محاولة فرد أو مجموعة من الأفراد أو الجماعات فرض رأي أو فكر أو مذهب أو دين أو موقف معين من قضية من القضايا، بالقوة والأساليب العنيفة، على أناس أو شعوب أو دول، بدلا من اللجوء إلى الحوار والوسائل المشروعة الحضارية، وهذه الجماعات أو الأفراد تحاول فرض هذه الأفكار بالقوة؛ لأنها تعتبر نفسها على صواب والأغلبية مهما كانت نسبتها على ضلال، وتعطي نفسها وضع الوصاية عليها تحت أي مبرر.

*ورد في التقرير الصادر عن الوزارة الخارجية الأمريكية في أكتوبر سنة ۲۰۰۱م أن الإرهاب يعني: “العنف المتعمد ذو الدوافع السياسية، والذي يرتكب ضد غير المقاتلين عادة بغية التأثير على الجمهور، حيث إن غير المقاتلين هم المدنيون، إلى جانب العسكريين غير المسلحين، أو الذين هم في غير مهماتهم وقت تعرضهم للمحادثة الإرهابية، أو الأوقات التي لا توجد فيها حالة حرب أو عداء، أما في الإرهاب الدولي؛ فهو الذي يشترك فيه مواطنون، أو يتم على أرض أكثر من دولة واحدة”  وهذا التعريف أيضا فيه شيء من الحصر؛ حيث قصر الدوافع على الدوافع السياسية فقط، والاعتداء من قبل المدنيين أو غيرهم تجاه طائفة تحت سيطرة الحكومة وليس فيه تعرض للإرهاب الذي تمارسه بعض الدول ضد الأقلية تحت سيطرتها أو سيطرة غيرها لأغراض سياسية أو غير سياسية [2].

*عرفه مجمع الفقه الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي، إذ عرف الإرهاب بأنه: “العدوان الذي يمارسه أفراد أو جماعات أو دول بغياً على الإنسان دينه، ودمه، وعقله، وماله وعرضه ويشمل صنوف التخويف والأذى والتهديد والقتل بغير حق وما يتصل بصور الحرابة، وإخافة السبيل، وقطع الطريق، وكل فعل من أفعال العنف أو التهديد.

*تعريف الإرهاب  في الموسوعة السياسية لعبد الوهاب الكيالي ورد فيه: الإرهاب هو استعمال العنف غير القانوني، أو التهديد به بأشكاله المختلفة كالاغتيال والتشويه، والتخريب والنسف، بغية تحقيق هدف سياسي معين، مثل كسر روح المقاومة والالتزام عند الأفراد، وهدم المعنويات عند الهيئات والمؤسسات وكوسيلة من وسائل الحصول على المعلومات أو المال، وبشكل عام استخدام الإكراه الإخضاع طرف مناوى لمشيئة الجهة الإرهابية .

* الموسوعة السياسية والعسكرية وردت سمات العمل الإرهابي بأنه: عمل عنيف بعرض الأرواح والممتلكات للخطر أو يهدد بتعريضها له، وهو موجه إلى أفراد أو مؤسسات أو مصالح تابعة لدولة ما ويقوم به أفراد أو جماعات مستقلون أو مدعومون من دولة ما، وقصده تحقيق أهداف سياسية .

ثانيا :الدولة الهشة

اكتسب مفهوم وظاهره الدولة الهشة  تأثيرا كبيرا و مهماً لدي الصحفيين والأكاديميين وصانعي السياسات و مستشاريهم مع عدم وجود تعريف متفق عليه خلال فترة التسعينات ، وتتجاوز الدول الهشة حقوق الخدمات لتشمل الدول التي تفتقر إلى السلطة الوظيفية لضمان الأمن الأساسي داخل حدودها، والقدرة المؤسسية على تلبية الاحتياجات الاجتماعية الأساسية لها السكان فهناك مؤشرات متعارف عليها دولياً لقياس الدولة الفاشلة سنتطرق لها بعدما نذكر ماهية الدولة الهشة[3].

١)الدولة الهشة لغوياً

الدولة:

الدولة في لسان العرب، هي اسم الشيء الذي يُتداول، وهي أيضًا الفعل والانتقال من حال إلى حال، واشتقت من الفعل دال، يدول، والإدلالة بمعنى الغلبةً. وتداولنا الأمر: أخذناه بالدُّول. وقالوا: دواليك، أي مداولة على الأمر، وقال سيبويه: وإن شئت حملته على أنّه وقَعَ في هذه الحال، ودالت الأيام أي دارت، والله يداولها بين الناس.

الهشة:

الهش في لسان العرب، هو الخوّار الضعيف سريع الكسر، وهو أيضًا الرخو اللين. قال ابن منظور: الهش والهشيش من كل شيء ما فيه رخاوة ولين. ويقال هَشَّ الخبْزُ ونحوُه بمعنى رَقَّ وجَفَّ حتَّى صار سريع الكسر، وهشَّ الشَّخصُ، أي صار خَوّارًا ضعيفًا[4].

٢)الدولة الهشة اصطلاحاً

يعتبر من المصطلحات غير المتماسكة نظريّاً، وقد وجد استخدامه الرائج، في البداية، من قِبل المؤسسات الدولية، كالبنك الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، والمنظمات المعنية بالأوضاع المعقدة في الدول التي تعاني مشكلات جوهرية، فمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ترى بأن “الدولة الهشّة لديها قدرات ضعيفة على القيام بوظائف الحوكمة الأساسية وتفتقر إلى القدرة على تطوير علاقات بناءة متبادلة مع المجتمع، كما أن المناطق أو الدول الهشّة تعتبر أيضًا أكثر ضعفًا على صعيد الصدمات الداخلية أو الخارجية مثل الأزمات الاقتصادية أو الكوارث الطبيعية.

وفقاً  لصندوق النقد الدولي؛ فهي تلك الدولة التي لا تقدّم الخدمات المطلوبة منها لسكانها بشكلٍ فعّالٍ، وذلك في واحدةٍ أو أكثر من الوظائف السالفة الذكر. وفي تعريفه للدولة الهشة يرى البنك الدولي أنها تلك الدول التي تواجه تحديات في التنمية، تتمثّل في ضعف القدرات المؤسسية، وافتقارها للحكم الرشيد، ووجود حالةٍ من عدم الاستقرار السياسي قد تؤهلها إلى مستوى ما من العنف الداخلي، أو قد تكون تلك الحالة من عدم الاستقرار موروثة من صراعٍ داخليٍّ في الماضي القريب، وتعاني من انخفاض الدخل أيضاً.[5]

٣)مؤشرات الدولة الفاشلة

أصدر صندوق السلام العالمي في العام 2005، تقريرًا سنويًا بالتعاون مع مجلة السياسة الخارجية الأمريكية، للدول الفاشلة بالتعاون مع “منظمة الصندوق من أجل السلام” على نشر مقياسها السنوي للدول الفاشلة، حيث تقوم بترتيب أبرز الدول الفاشلة في العالم، صنف مؤشر الدول الفاشلة لعام 2014م (187) دولة في العالم باستخدام 12 معيارا رئيسيا لقياس مدى فشلها ، وفي 2014 استخدم التقرير للمرة الأولى مصطلح الدول الهشة بدلاً من الدول الفاشلة، معتمدًا في تقييمه لهشاشة الدول على ثلاثة مؤشرات رئيسية هي الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، ولكل مؤشر من تلك المؤشرات أخرى فرعية؛ ومن أهم المؤشرات مايلي:

_المؤشّرات الاجتماعية، وتشمل: الضغوط الديموغرافية المتزايدة، هجرة السكان أو نزوحهم في الداخل من منطقة إلى أخرى أو الحركة الكبيرة للنازحين، تنامي عدد المجموعات التي تسعى إلى الانتقام من مجموعات أخرى، المشكلات الحزبية والعرقية، الفقر والبطالة والجريمة والمخدرات والسرقة، وتنامي الهجرة المزمنة والطوعية بما في ذلك هجرة الأدمغة.

_المؤشّرات الاقتصادية، وتشمل: التنمية الاقتصادية غير المتكافئة ما بين المجموعات التي تنتمي إلى البلد الواحد (الإنماء غير المتوازن)، والتدهور الاقتصادي الحاد والفقر  (اختلالات بنيويّة، ركود في الدورة الاقتصادية، وانهيار قيمة النقد الوطني)، هجرة المفكرين والمبدعين .

_المؤشّرات السياسية، وتشمل: فقدان شرعية الحكم ، فقدان الثقة بالدولة ومؤسّساتها الغير قادة علي تقديم الخدمات لمواطنيها ، تراجع وظيفة الدولة لجهة تقديم الخدمات العامة، إساءة استخدام السلطة وزيادة التدخل الخارجي في شؤون الدولة الداخلية، زيادة الشقاق الحزبي، والصراعات بين النخب الحاكمة، تقويض حقوق الإنسان وسيادة القانون ،التدخلات الخارجية في شؤون الدولة.[6]

الفصل الأول : حركة بوكو حرام في نيجيريا

 نيجيريا هي  من أغنى دول المنطقة من حيث الثروات الطبيعية والمعدنية فبالرغم من أن نيجيريا تعد أكبر الاقتصاديات الإفريقية إذ تمثل خزانًا للثروات الطبيعية والمعدنية في إفريقيا عمومًا وغربها خصوصًا إلا أنها تعاني من واقعها الإثني والصراعات وحالة من عدم الاستقرار الأمني السياسي وأيضاً تغلغل الجماعات الإرهابية التي أبرزها بوكو حرام نيجيرية المنشأ، وهذا ما سنتناوله خلال الفصل من خلال ثلاثة مباحث المبحث الأول بعنوان النظام السياسي في نيجيريا ، المبحث الثاني بعنوان حركة بوكو حرام ومن ثم المبحث الثالث محورية موضوع الدراسة بعنوان أثر حركة بوكو حرام علي هشاشة الدولة النيجيرية.

                         المبحث الأول: النظام السياسي في نيجيريا

لا يمكن التعرف علي الطبيعة السياسية دون أن نوضح الطبيعة المجتمعية داخل نيجيريا لذلك لابد من التعرف أولا علي البناء المجتمعي لنيجيريا ومنها للانتقال إلي النظام السياسي وتشكيله وأهم الأحزاب السياسية وما تتسم به لذا حوي هذا المبحث ثلاث مطالب يتقدمهم البناء المجتمعي النيجيري ثم النظام السياسي في نيجيريا وأخيراً الأحزاب السياسية داخل النظام السياسي.

المطلب الأول : البناء المجتمعي النيجيري

يتسم المجتمع النيجيري بالتنوع الشديد في التنظيم الاجتماعي ذو الطبيعة المتداخلة المعقدة أثنياً ودينيا،ً إذ تحوي نيجيريا أكثر من 250 مجموعة اثنية تتحدث 500 لغة محلية، ولكل مجموعة فروع ؛ تعتبر الهوسا أكبر عرقية ، ثم تليها كل من اليوروبا ثاني أكثر القبائل النيجيرية عددًا لذا فهو مجتمع قبلي تمثل القبيلة المكون الأساسي له و يعد المسلمون هم أكبر نسبة من السكان في نيجيريا إذ تصل نسبتهم ل 50٪ لأكثر ويتركز معظم المسلمين في ولايات الشمال بينما تتركز الأكثرية من المسيحيين في الجنوب، وهناك ديانات أفريقية تقليدية وكذلك تعيش أقليات دينية مسيحية ومسلمة بأعداد كبيرة في غالبية مدن الشمال والجنوب، كما توجد أقلية  وثنية يدينون بما يسمى بالديانات الطبيعية، ووفقا الاختلافات الأثنية سوف تسرد الدراسة أهم القبائل المكونة للمجتمع  بشكل موجز:

*قبيلة الهوسا: يتكلم أفرادها لغة الهوسا وتتركز هذه المجموعات في الأقاليم الشمالية يدينون بالإسلام ويشكلون مجتمعين حوالي %29 من سكان نيجيريا، وبالرغم من أن الفولاني مجموعة مختلفة عن الهوسا، إلا أن تبنيهم لغة الهوسا والدين والتزاوج وحدنا الجماعات على مر السنين.

* اليوروبا: هي ثاني أكبر قبيلة بعد الهاوسا، تتمركز بالجنوب الغربي يتكلمون لغة اليوريا ويتساوى تقريبا المسلمين والمسيحيين فيها، تتألف قبائل اليوروبا من سبع ولايات لكل منها زعيمها الخاص (الأيبو، والأجبا، والإيكيتي، والإيف، والأجبو، والأندو، والكبة)  هذه القبائل لم تُشكِّل كيانات سياسية موحدة، لكنَّ ممالكها كانت تتعايش تارة وتتصارع أخرى.

* الإيبو:  فهم يتوزعون في الجنوب الشرقي لنيجيريا بين الكاميرون ونهر النيجر وبنين والمحيط الأطلسي، ويشكلون 18% من سكان نيجيريا، يتحدثون لغة الإيبو، وهي ثالث أكبر قبيلة في نيجيريا بعد الهوسا واليوروبا، يتمركزون حيث انتشار مراكز استخراج مصادر الطاقة، وقد كانت هذه القبائل مقسمة إلى 200 مجموعة عرقية، ويدينون بالدين المسيحي[7].

كما تتكون نيجيريا من 36 ولاية مقسمة إلى ستة أقاليم جغرافية كبرى، وهي: إقليم الشمال الغربي ويتكون من سبعة ولايات تنتمي إلى اثني الهوسا والفولاني،  إقليم شمال وسط ويتكون من سنة ولايات وهو خليط بين الهوسا واليوريا،  إقليم الشمال الشرقي: يتكون من ستة ولايات وهو خليط بين الهوسا والكثير من الأقليات الإثنية الأخرى والتي تصل إلى حوالي 200 إثنية، إقليم الجنوب الغربي ويتكون من ستة ولايات وهو خليط بين إثنية الإيبو وأكثر من 30 أقلية إثنية، إقليم الجنوب الشرقي: ويتكون من خمسة ولايات تسيطر عليها إثنية الإيبو[8].

كان هذا الانقسام الإثني والديني من دوافع الانتهاكات المتبادلة بين الإثنيات، وخاصة بين قبائل الفولاني المسلمة واكثرهم من الرعاة التي عانت من التهميش ومصادرة الأراضي، والمزارعين من المسيحيين، فكان هناك أحداث من قبيل أحراق المساجد والكنائس، وتشويه الرموز الدينية للطرفين، واغتيال رجال الدين وغيرها من الأحداث المحتدمة خلال العقود الأخيرة والتي منها: الاشتباكات بين أبناء الهوسا واليوروبا في لاغوس عام 2000، وبين اليوروبا والفولاني في مدينة كيشي من نفس العام، واللذان خلفا حوالي 700 قتيل؛ فقلد عانت نيجيريا منذ استقلالها من الصراعات الأثنية والتهميش والانقلابات العسكرية والاغتيالات السياسية للمعارضين والفساد[9].

المطلب الثاني :النظام السياسي في نيجيريا

منذ استقلال نيجيريا وهي تعاني من الانقلابات العسكرية إذ شهدت انقلابها الأول عام 1966م  ثم  انقلاب أخر في نهاية نفس

العام وهو ما يعكس حالة عدم الاستقرار السياسي في البلاد وهو ما دفع إلي حرب أهلية بسبب النزاعات بين العرقيات استمرت لثلاث سنوات وبعد انتهاء تلك الحرب توالي انقلاب آخر  عام 1975م ثم انتقلت البلاد إلي الحكم المدني عقب انتخابات تولى علي إثرها الشيخ شيجاري الحكم عام 1979 ولكنه لم يدم طويلاً حيث انتشر فيه الفساد علي مختلف المستويات وهو ما مكن من حدوث انقلاب بتولي محمد البخاري عام 1984م ولم يستمر الحال كما هو عليه فلقد توالي انقلاب عليه إلا أن وصلت نيجيريا إلي الحكم المدني عام 1999م بوصول أوليسيغون أوبسانجو إلى سدة الحكم عبر انتخابات تعددية و تداول سلمي للسلطة وضعت البلاد على المسار الصحيح للتحول الديمقراطي وقد وضع دستورا للبلاد نص على تقاسم السلطات واعتماد النظام الرئاسي والذي قسم السلطات إلى ثلاث السلطة التنفيذية والسلطة تشريعية والسلطة قضائية[10].

وهناك أيضا حكومات محلية للأقاليم الفدرالية تؤطرها نصوص دستورية، والجدير بالذكر أن السلطات التنفيذية والحكومة في أيدي  رئيس الدولة، رئيس السلطة التنفيذية للاتحاد والقائد العام للقوات المسلحة و ينتخب الرئيس من قبل الشعب لمدة أربع سنوات على ألا يتولى منصبه أكثر من مدتين رئاسيتين ويعمل نائب الرئيس ومجلس الوزراء على مساعدة الرئيس في تصريف شؤون الحكم، وينتخب الشعب نائب الرئيس بينما يعين الرئيس أعضاء مجلس الوزراء فيما تتكون الهيئة التشريعية (البرلمان) من مجلسين: مجلس النواب وبه 360 عضواً ينتخبون مِنْ كل من لدوائر الانتخابية المخصصة للبلاد لمدة من أربع سنوات، ومجلس الشيوخ وبه 109 أعضاء وهم منتخبوا الأربع سنوات كل ولاية تمثل بثلاثة أعضاء، إن مجلسي الشيوخ والنواب يترأسهم رئيس البرلمان ونائب له ينتخبان من قبل أعضاء البرلمان، أما السلطة القضائية فتتألف من المحكمة الاتحادية العليا في نيجيريا أعلى محكمة، وتتكون من رئيس للقضاء وعشرة قضاة، تعينهم جميعا الحكومة الاتحادية. وتشمل أيضا محاكم اتحادية للاستئناف ومحاكم عدلية عليا للولايات، ومحاكم قضاة، ومحاكم فرعية، ومحاكم شرعية تعمل وفقا للشريعة الإسلامية في الجزء الشمالي من البلاد نظراً للغالبية الإسلامية[11].

لقد برز دور الدين لاسيما بعد الاستقلال من العوامل المؤثرة في سياسة وسلطة البلاد، و أحد أدوات التعبئة والتنافس على السلطة، مما أدي إلي زيادة حدة التوترات بين سكانها  وأصبحت الهويتان الإسلامية والمسيحية تتنافسان مع الهوية السياسية النيجيرية، وصارت عقيدة كل مرشح سياسي، عاملا رئيسا في تحديد فوزه واختيار نائبه وموظفيه، تبين ذلك مؤخرا مع الرئيس النيجيري الحالي ” بولا تينوبو” مرشح حزب مؤتمر جميع التقدميين النيجيري (الحزب الحاكم منذ ٢٠١٥) ؛ الذي اختار: كاشم شيتيما نائبا له، وهو مسلم من ولاية بورنو الشمالية، وهي خطوة رفضتها منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات المسيحية النيجيرية، وإقليم جنوب الشرق واتهمته  بمحاولة أسلمة نيجيريا وطالبة منه احترام الاختلاف الديني، وصفقة عامي ۱۹۹۸ – ۱۹۹۹م، حول أن يكون الرئيس ونائبه من إقليمين ودينين مختلفين لتفادي الصراع الديني والإثني، إلي جانب قرار تطبيق الشريعة الإسلامية فبدوره تشتعل المواجهات بين المسحيين والمسلمين  لاسيما وأن ثلث الولايات النيجيرية الـ36 قد أقرت وطبقت الشريعة الإسلامية في العقد الماضي، وغير ذلك تطالب جماعة بوكو حرام إحدي التنظيمات الإرهابية في نيجيريا _وسوف نتطرق لها فيما بعد _بتوسيع نطاق تطبيق الشريعة  في مختلف مناحي الحياة في ظل واقع أثنياً منقسماً[12].

المطلب الثالث : الأحزاب السياسية

ترجع نشأة الأحزاب إلى ما قبل الاستقلال في نيجيريا وبالتحديد 1922، حيث كان الحكم الإنجليزي والشعب على السواء بحاجة لتنظيمات سياسية تحمي مصالح الأول وتحكم نيابة عنه، وقد نشأت الأحزاب لتحقيق أهداف أثنية في أقاليم معينة، فبرغم نص الدستور على المساواة وعدم التمييز على أساس الإثنية، أو اللغة، أو العرق، أو الدين إلا أن النشاط الحزبي في نيجيريا يسير وفق بعدين: أحدهما ديني، والآخر إثني؛ ومن أهم تلك الأحزاب التي استمرت للجمهورية الرابعة (مرحلة التحول الديمقراطي 1999م) في نيجيريا تتمثل في:

١)حزب الشعب الديمقراطي: (PDP)

 واحداً من أقدم الأحزاب السياسية في نيجيريا، والتي نشأت في ظل الحكم العسكري،  واضحي كبديل مدني قوي يقوم على شبكة من المصالح والعلاقات بين رجال الأعمال والعسكر والشعب، وسعى الحزب إلى الانتشار بشكل يحرره من الإثنية، وبناء قواعد شعبية تتجاوز الدين والعرق، وهو ما بدا في انتشار الحزب في الشمال والجنوب والوسط. وقدد حقق الحزب نجاحات في جميع الانتخابات 1999، 2003، 2007، 2011، ، فقد شهدت كل هذه الانتخابات أغلبية للحزب في المجلسين والرئاسة، ما عدا الانتخابات الأخيرة في 2015.

وبالنسبة لأهدافه؛ فهي تشمل الاهتمام بالطاقة، والبنية التحتية، التعليم والصحة، وتحقيق الأمن الداخلي، وعلى المستوى الاقتصادي يتبع سياسات التحرر، وتخفيض الإنفاق الحكومي، أما على الجانب الاجتماعي فقد رفض الحزب بصورة علاقات الشذوذ الجنسي ، وهو ما صدر قانون يُعاقب عليه بالسجن عام 2005. ومن الناحية الدينية فقد كفل الحرية الدينية، وهو ما حدا ببعض الولايات الإسلامية في الشمال إعلانها عن تطبيق الشريعة، وهو ما سبب بعض التوترات الدينية، وحاولت السلطات الفيدرالية أن تكون بمنأى عنها[13].

٢)حزب عموم شعب نيجيريا: (ANPP)

وهو من أوائل الأحزاب التي نشأت في الفترة الانتقالية، 1998، وتمثل منطقة الشمال وبعض أجزاء الوسط مركز الثقل السياسي للحزب، وظل هذا الحزب هو الحزب المعارض للحزب الحاكم طيلة فترة الحكم المدني ليشكل بعدها تحالفًا سياسيًا تحت حزب واحد هو “حزب عموم التقدميين” (APC) -الحاكم حاليًا-وهو يعتبر حزبًا محافظًا، ويؤكد برنامج الحزب على محاربة الفساد ومنع نهب الأموال من قبل الحكام. أي كان يستمد قوته من نقد الحزب الحاكم صاحب الأغلبية, وأهم مايميزه برنامجه للقضاء علي الفساد .

٣)حزب مؤتمر العمل:ACN

كان يُعرف قبل ذلك باسم مؤتمر العمل النيجيري حتى عام 2010، فتجمعت ثلاثة أحزاب لها ثقلها إلى جانب أخرى صغيرة ليشكلوا معًا حزب مؤتمر العمل النيجيري. وتأسس الحزب ليكون مناهضًا للحزب الحاكم -السابق- (الشعب الديمقراطي)، ويرتبط الحزب بشخصية “أحمد تيتو”  بميوله المؤيدة للديمقراطية والطابع الفيدرالي للدولة، وتتركز أولويات الحزب في انتخابات حرة ونزيهة موثوق بها، إلى جانب تأكيده على محاربة الفساد والاعتناء بقضايا المرأة والعمال سياسيًا واجتماعيًا، كما رأى الحزب في التكنولوجيا أمرًا مهمًا لتدعيم الأمن والاستقرار والرفاهية.

ثانياً: أهم سمات الأحزاب السياسية النيجيرية

مرت نيجيريا بالتحول الديمقراطي  والتعدد الحزبي ولكنها اتبعته بالطابع الشكلي؛ فالواقع السياسي يشوبه عدم استقرار وللحكم الصحيح علي طبيعة الأحزاب داخل نيجيريا لابد التطرق إلي ما يغلب عليها كالآتي[14]:

١_تحكم الاعتبارات الأثنية والدينية  على الولاء الوطني للحزب :

فلا زالت الأبعاد الإثنية  والدينية هي المحرك للأحزاب السياسية،  إلى جانب ذلك، أثبت الواقع أن للأحزاب السياسية في نيجيريا بعدين أساسيين، أحدهما إثني والآخر ديني، ويستخدمان لزيادة عدد الموالين للحزب من جهة، ولحصد مزيد من الأصوات من جهة أخرى، وهو ما يتعارض مع وصف الحزب وسيلة لتجميع المصالح والتعبير عنها في إطار وطني.

٢_ عدم وجود إيديولوجية  واضحة للحزب:

تتسم معظم الأحزاب النيجيرية بغياب التوجه الإيديولوجي المحرك للسياسة والاقتصاد، وذلك على الرغم من وجود برامج أو مبادئ عامة؛ فهي لا تعكس ذلك الاتجاه الموجه لحركة الحزب، ما يجعلها تتنافس من أجل المنافسة والسلطة وحسب، لا لأجل المصلحة القومية، ما يجعلها عامل فرقة أكثر منها عامل قوة، وهو ما نتج عنه أيضًا تشابه في البرامج السياسية أو الحزبية.

٣_ضعف البنية المؤسسية والتنظيمية  للحزب :

عادة ما تتمحور  تلك الأحزاب حول شخص بعينه لا يُتصور استمرار الحزب وبقاؤه حال غيابه، وهو ما شهدته كثير من الأحزاب من دمج وانشقاقات كحزب بخاري (حزب عموم شعب نيجيريا) ثم (أراد هو أن يتحالف مع غيره ليشكل حزب عموم التقدميين)، فضلاً عن النظر إلى المناصب السياسية والحزبية كمصدر إثراء بالإضافة إلي أن الأحزاب افتقرت قيادة تعمل على تهدئة  الصراعات مما ينعكس على رؤية الحزب وقوته السياسية مما يترتب عليه من انشقاقات.

٤_استخدام الوسائل غير الشرعية كآلية لضمان الهيمنة الحزبية على السلطة:

فالحزب الحاكم يقوم بتجنيد  أجهزة الدولة كاملة لخدمة أغراضه الانتخابية، وبما يضمن استمراره في السلطة، ابتداءً من اختيار أعضاء الهيئة المشرفة على الانتخابات، مرورًا بكشوف الأسماء ومواعيد الانتخابات، انتهاءً بأجهزة الدعاية والإعلام. وهو ما أوجد للعنف طريقه إلى معظم الانتخابات النيجيرية، حيث عادة ما نسمع عن قتلى ومصابين أثناء وعقب الانتخابات. [15]

المبحث الثاني : حركة بوكو حرام

تمثل حركة بوكو حرام عدم الاستقرار في نيجيريا وعلي خطاها نبعت العصابات الإجرامية وتدهورت الأوضاع السياسية والأمنية والاقتصادية ؛ فهي صنفت من اخطر الجماعات الإرهابية في إفريقيا وفقاً لمؤشر الإرهاب العالمي ولكن قبل كل شيئ  وجب توضيح نشأة هذة الحركة  وكيفية تطورها عبر الزمن علي اختلاف قادتها منذ تأسيسها وتفسير أهم دوافع نشأتها ومبادئها التي تسير علي نهجها ،وهذا بالفعل ما أفضي به هذا المبحث مشتملاً علي ثلاث مطالب : نشأة الحركة وأهم دوافع نشأتها ومبادئها العقائدية .

المطلب الأول : نشأة الحركة وتطورها

تأسست جماعة بوكو حرام أو جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد والتي يعني اسمها بلغة الهوسا  “التعليم الغربي حرام “عام 2002 في شمال شرق نيجيريا لتكون إحدى الحركات الدينية الداعية في تفسيرها الخاص لأحكام الشريعة الإسلامية وتطبيقها ، ولكن جذورها التاريخية الحقيقية تعود إلي  عام 1995م، عندما أسس أبو بكر لوان جماعة أهل السنة والجماعة أو جماعة الشباب (منظمة الشباب المسلم) في ما يدوجوري بولاية بورنوا وتعرف الحركة بأسماء أخرى أيضًا مثل حركة طالبان النيجيرية، والمهاجرون، والطائفة اليوسفية  نسبة إلى الزعيم المؤسس محمد يوسف، أو جماعة “التكفير والهجرة” ،  السنة والجماعة، أتباع تعاليم محمد ويفضل بعض علماء المسلمين أن يطلقوا عليه “الخوارج”، إلا ان جماعة بوكو حرام تطلق علي نفسها “إزالة البدعة وإقامة السنة “، وطالبان نيجيريا نسبةً إلي ارتباطها بالأفكار الدينية المتشددة التي تعتنقها حركة طالبان أفغانستان.[16]

بدأ الوجود الفعلي للحركة  خلال العام 2004م بعد أن انتقلت إلى ولاية يوبي على الحدود مع دولة النيجر، حيث بدأت عملياتها المسلحة، وقد اقتصر نشاطها على التنفيذ الصارم للشريعة الإسلامية وتنظيم حلقات الوعظ غير أنه سرعان ما بدأت المطالب السياسية بالتبلور بالدعوة إلى إنشاء نظام تعليمي قائم على المدارس القرآنية، وأنشأت نظام تعليمي  في مدينة بورنو ،ولقد قامت  الجماعة في ولاية برنو شمال شرق نيجيريا في ذلك الوقت  بتجنيد أعضاء من خريجي الجامعة العاطلين عن العمل، وكانت فئة الشباب والمهمشين مادياً واجتماعياً هم من استهدفتهم حركة بوكو حرام بالدرجة الأولى، وكان عنصر الجذب الرئيس لديها تكفل الحركة بالتعليم وخدمات الرعاية الاجتماعية والتمكين الاقتصادي، عوضاً عن الحكومة؛ فقد كان قادة الحركة يقدمون هذه الخدمات وأكثر، ومن ضمنها تسهيل متطلبات الزواج وبرامج التغذية المستدامة مما عزز أكثر من نفوذ الحركة المتزايد وبدأت تتخذ هوية دينية وطائفية خاصة.[17]

ومنذ عام 2009  بدأت الجماعة في شن هجماتها الإرهابية بعدما قتل زعيمها “محمد يوسف” و800 شخص  من أعضاء الجماعة بعد هجوم للحكومة النيجيرية ولقد تولي زعامة التنظيم بعده أبو بوكر محمد شيكوا  الاكثر عنفاً وعقب ذلك أخذت الحركة في الانتقام؛ فلقد أصبحت بوكو حرام مجازا للتعبير عن انعدام الأمن في نيجيريا وبداية عملياتها هي هجوم إرهابي في يناير 2010 بولاية بورنو، تحديدا دالا الماديري وارد بمدينة مايدوغوري، الذي أسفر عن مقتل أربعة أشخاص، ثم الهجوم الانتحاري في 16 يوليو 2011 على مركز الشرطة في أبوجا يمثل علامة فارقة وتحولاً نوعياً  حيث انتقلت بوكو حرام إلى تنفيذ عمليات نوعية ما أشاع مخاوف من إلحاق الحركة بمجموعة جهادية على المستوى العالمي بعد مبايعتها لتنظيم القاعدة التي استفادت منه  في العمليات الانتحارية المتطورة  بالإضافة إلي تدريب أعضاء بوكو حرام من قبل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي[18].

لقد أعلنت الحركة عن “الخلافة الإسلامية ”  في 2014م بعد تصاعد نشاطها في الولايات التي استولت عليها في شمال شرق نيجيريا فضلاً عن مبايعة زعيمها أبو بكر شيكاو لخليفة الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي (داعش) في2015م مما ترتب عليه ازدياد عدد عملياته، ونشط في حوادث اختطاف الفتيات واستهداف البنية التحتية العسكرية والأمنية النيجيرية والدولية، بل أصبح يهدد دول بحيرة تشاد وإقليم الغرب الإفريقي ككل؛      وقد فضل خليفة داعش حبيب يوسف الملقب بأبي مصعب البرناوى كقائد للتنظيم، حيث أطلقوا على “بوكوحرام” تنظيم “الدولة الإسلامية فى غرب إفريقيا” ونتيجة لرفض تنظيم “داعش” قيادة شيكاو لـ”بوكوحرام” انقسمت الجماعة إلى فصيلين: جماعة أبوبكر شيكاو والتى عادت إلى اسمها القديم “جماعة أهل السنة للدعوة والجهاد”  و”ولاية غرب إفريقيا الإسلامية”  بزعامة البرناوى، دار الصراع بين الجبهتين نتج عنه مقتل أبو بكر شيكاو ثم تولية مصعب البرناوى لزعامة التنظيم منذ أغسطس 2016 ولكنه قتل أيضا من طرف أنصار شيكاو الذين لم يعترفوا بقيادة البرناوي، وتكتلوا خلف باكرا مودو القائد الجديد للحركة، ويصنف التنظيم في المرتبة الرابعة بين أكثر الجماعات الإرهابية دموية في العالم، بحسب مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2022، ولقد أكد مؤشر الإرهاب العالمي علي أن تنظيم داعش ولاية غرب إفريقيا هو الأكثر دموية في نيجيريا من بوكو حرام لعام 2021م.[19]

ومنذ قيادة أبو يكر شيكاو للحركة  بدأت الجماعة في اختطاف الفتيات والتلاميذ كما سبق ذكره  حيث؛  أعلنت يوم 14 أبريل 2014 عن اختطاف 276 طالبة من مدرسة فتيات في قرية “شيبوك” في ولاية “بورنو” شمال نيجيريا، كما قامت باختطاف 8 فتيات أخريات في 6 مايو 2014، كما قامت باختطاف  فتاة خلال هجوم إرهابي علي مدرسة في ولاية “يوبي” النيجيرية شمال شرق البلاد في 24 فبراير 2018 ، واعترفت يوم 15 ديسمبر 2020، مسؤوليتها عن اختطاف 344 تلميذاً  في احدي المدارس الثانوية في “كانكارا” بولاية “كاتسينا” شمال غرب فقد تم إطلاق سراحهم بعد 6 أيام بعد مفاوضات بين الخاطفين والحكومة  17 فبراير 2021، أعلنت السلطات النيجيرية عن حادثة اختطاف جماعي جديدة لتلاميذ علي أيدي مسلحين، وذلك نقلاً عن وكالة “رويترز”، حيث تم الهجوم علي مدرسة العلوم الحكومية الثانوية في منطقة “كاجارا” بولاية النيجر،  واختطفوا 42 شخصاً، من بينهم 27 طالباً [20].

ولم تكتفي بوكو حرام باختطاف الأطفال والفتيات بل قامت باستخدامهم كوسائل لتحقيق أهدافهم واستخدامهم للتفجيرات الانتحارية حيث أرسلت خلال الفترة من 11 على أبريل 2011 إلى 10 يونيو 2017 عدد 434 انتحارياً إلى 247 هدفاً في 230 هجوماً منفصلاً تشكل الإناث نسبة أعلى من إجمالي عدد الانتحاريين في بوكو حرام بنسبة تصل إلى 56.2 في المائة، وفي النصف الأول من عام 2017، كان ما يقرب من ثلثي الانتحاريين الذين تم التعرف على جنسهم من الإناث، ووجد أن 81 على الأقل منهم كانوا من المراهقات أو الأطفال، نستنتج من ذلك أن جماعة بوكو حرام استخدمت فئة النساء كانتحاريات أكثر من أي مجموعة إرهابية أخرى في التاريخ .[21]

المطلب الثاني : دوافع نشأة بوكو حرام

هناك مجموعة من الدوافع التي أدت إلى ظهور بوكو حرام  في نيجيريا في ظل التدهور السياسي والاقتصادي ومن أبرزها[22]:

١)عدم وجود مؤسسة إسلامية ذات مرجعية علمية معتبرة تأخذ على عاتقها تكوين الكوادر العلمية العاملة في مجال العمل الإسلامي تأهيلاً بكفاءة بالإضافة إلي التلاعب بالدين وتشويهه.

٢) فشل حركة الإسلام السياسي في تقديم البديل الناجح لمشكلات التنمية بعد دخول العامل الديني بوصفه متغيرا فاعلا في الساحة السياسية الإفريقية، خاصة ظاهرة تطبيق الشريعة الإسلامية في نيجيريا، إذ رأت فصائل وجماعات إسلامية عدة من الشباب بعد مضى عقد على اعتماد الشريعة الإسلامية في أكثر من اثنتي عشرة ولاية في مناطق شمال نيجيريا أنها مجرد شعــار

٣) التوتر المذهبي بين المسلمين بسبب العلاقات المضطربة والمتوترة التي تسود الساحة الإسلامية الإفريقية لدى الجماعات الصوفية من جهة والجماعات السلفية العلمية والجهادية من جهة أخرى، وقد شهدت نيجيريا صراعاً مريراً بين الطرفين. كما تطورت المواجهات بين السنة والشيعة لاغتيال رموز الطرفين.

٤) ضمور الخطاب الإسلامي الرسمي المعتدل أو غيابه التام بلهجات تناسب المقام أمام محاولات النيل من التيارات الشبابية المتحمسة للدين لدى الجهات الرسمية والأجنبية الأمر الذي ولد ردود أفعال متطرفة حيال تلك المؤسسات.

٥) الوضع السياسي المتأزم في البلد، حيث تشهد الأوضاع السياسية حالة من الاضطراب والتوتر على خلفيات وأسباب حزبية وطائفية وقبلية وغيرها، الأمر الذي وجدت معه هذه الجماعة أرضية خصبة للنمو والتمدد بدواع وذرائع دينية إسلامية.

٦)  سوء إدارة التعددية القبلية والجهوية والإثنية التي تتسم بها نيجيريا، مما سهّل على المستغلين استخدامها وتوظيفها في ظروف ومراحل مختلفة وتفاقم الوضع مع الاستجابة الضعيفة للحكومة النيجيرية.

٧) الصراع بين مسيحي ومسلمي نيجيريا (لاسيما بين الرعاة المسلمين والمزارعين المسحيين)  وما خلفه من خراب وتدمير لدور العبادة وقتل رجال الدين  مما أدي إلي انقسام المجتمع بينهما

٨) الوضع الاقتصادي والمعيشي السيئ للمواطنين وحالة التأزم والإحباط التي يعيشها الشعب من جراء الفقر والتخلف، والفجوة الواسعة بين الطبقات، إذ يعاني ثلث السكان من الجوع، ولا يتجاوز نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في نيجيريا 300 دولار أميركي، وتقدر تقارير البنك الدولي عدد من يعيشون على دولار واحد في اليوم بنحو 80 ٪ من السكان، بمعنى أن عدد الفقراء يفوق 100 مليون شخص، خاصة في الشمال النيجيري فهناك أكثر من 72% تحت خط الفقر[23] .

٩)  عدم وجود قنوات اتصال فعالة بين الحكومة والمحكومين، وهو ما خلق فجوة متزايدة بين الحكومة النيجيرية والشعب النيجيري، بالإضافة إلي سياسات الحكومات العسكرية والمدنية المتعاقبة في نيجيريا، والتي تستخدم العنف المفرط تجاه الحركات السياسية الرافضة لها، خصوصاً جماعة بوكو حرام التي استطاعت أن تكسب العديد من الأنصار في أوساط الشباب، كما استطاعت أن تكسب تعاطف بعض المسلمين بسبب عمليات القتل البشعة والخارجة عن القانون التي ارتكبتها الشرطة النيجيرية في حق أعضاء الجماعة، مما خلق نوعا من التعاطف والمساندة لها مما مكن بوكو حرام بالتقرب إلى الأفراد ونشر أيديولوجيتهم.

١٠) عدوى الإرهاب العالمي وانتشار الإرهاب في اليمن وأفغانستان، والصومال في إفريقيا.

١١) انهيار النظام التعليمي النيجيري، وهو ما دفع الأفراد للتوجه نحو أطر أخرى لتلقي التعليم.

١٢) انتشار الأسلحة والانفلات الأمني على الحدود النيجيرية، وهو ما سهل دخول الأسلحة ووصولها إلى بوكو حرام

١٣) قدمت جماعة بوكو حرام نفسها مدافعا عن الإسلام والمسلمين ضد المسيحيين مما أعطاها نوعاً من التعاطف من بسطاء المسلمين.

١٤) التمدد الغربي الأمريكي والأوروبي في البلدان الإفريقية انطلاقاً من الأطماع الخارجية الاستعمارية في ثرواتها وفي موقعها الاستراتيجي.

المطلب الثالث : المبادئ الفكرية للحركة

جماعة أهل السنة والجهاد (بوكو حرام) تتيقن أن تطبيق الشريعة الإسلامية لا يتحقق إلا بالسلاح  ومواجهة الحكومة وهذا ما تبرزه أهم مبادئها التي سنوضحها تفضيلاً كالآتي:

المبدأ الأول: تكفير الحكومة التي لا تحكم بما أنزل الله تكفيراً مطلقاً والسياسيون المنتخبون عن طريق الديمقراطية كلهم، لأن الحكم بالقانون الوضعي كفر، وقال أبو يوسف:” ومن ذلك الكفر الصريح الحكم بقانون الجهلة الذي غلب على كثير من بلاد المسلمين”. وقال علاء الدين البرناوي (محمد علي): “فإن التحاكم إلى حكم الطاغوت كله كفر ولو في أقل القليل” لأنه يدل على عدم الرضى بحكم الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. وقال أيضا: فالحكم بالطاغوت ولو في أقل القليل ينافي هذا التوحيد”[24].

المبدأ الثاني : أحياء روح الجهاد بين مسلمي نيجيريا وتطبيق الشريعة الإسلامية بقوة السلاح إذا لزم الأمر  ؛فهم يصفون انفسهم  (الفرقة الناجية ).

المبدأ الثالث: تحريم الدراسة تحت النظام الجاري في هذه البلاد المدارس الموجودة في هذه البلاد من الابتدائية إلى الجامعات حرام الدراسة والتدريس فيها، بل يحرم التعاون مع النظام بأي وجه من الوجوه، وذلك العدة أسباب[25]:

1 ) إن المسيحيين هم الذين أسسوا هذه المدارس منذ البداية لتخدم غاياتهم في تنصير الأمة المسلمة. وقد كان نظام التعليم تابعاً للإسلام في بلادنا قبل مجيء المنصرين، ولم يزل مستقيماً على الجادة حتى تغلب المستعمرين على جنبات البلاد، فكرسوا أنظمتهم على كل مرافق الحياة، لأهمية نظام التعليم ولارتباطه الوثيق وتأثيره في الحياة خططوه وأفرزوا المناهج وفق ما يخول المسلم رويداً رويداً إلى الكافر أو العميل لهم.

2)  الاختلاط والتبرج في الفصول والقاعات وساحات المدارس، والله تعالى يقول: اولزن في بُيُوتَكُن وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ واقتضى هذا انتشار الفواحش والرذائل كالزنا والسحاق واللواط .

3 ) تعلم بعض المواد والأفكار والنظريات المضادة للدين. نحو نظرية دارون في تطور خلق الإنسان، والتي تخالف قول الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ ثُمَّ إِذَا أَنتُم بَشَرٌ تنشرون) [الروم : ۲۰]، واعتقاد بعضهم وقوف الشمس ودوران الأرض حول الشمس، ونظرية الذرة بأنها لا يمكن خلقها ولا إغنائها تخالف قول الله تعالى: (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فان (٢٦) وَيَبْقَى وَجْهُ ) وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ﴾ [الرحمن ثم إليه : المطر يعود ٢٧]، ٢٦ : ، وأن للنطفة روحا متحركة يخالف قول الله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بالله وكنتُمْ أَمْوَاتاً ا . فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ۲۸]، ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ ! إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [البقرة : وأن : إلى السماء في الصيف، ثم ينزل في الربيع، يقول: «المطر مثلا نحن كمسلمين نعتقد أنه من عند الله، وليس من صنع الشمس»، تخالف هذه النظرية قول الله . تعالى: (وَأَنزَلْنَا مِن السَّمَاءِ مَاءً بقدر فَأَسْكَنَّاهُ في الأَرْضِ) [المؤمنون : ۱۸]

 المبدأ الرابع: تحريم التوظف تحت الحكومات الحالية، سواء في الشرطة والجندية أو في سائر الوظائف الديوانية، لأن من جملة الطاعة المطلقة لنظامها، والله تعالى يقول: ولا تركنوا إلى الذين ظلموا فتمسكم النار) [هود: ۱۱۳]. وبعد أن ذكر أبو يوسف جملة من الأحاديث قال: “فمجموع هذه الأحاديث تدل دلالة قطعية على أن العمل لا يجوز تحت الحكومة التي لا تحكم بالكتاب والسنة، وأن الوظائف الحكومية الديمقراطية أو الشيوعية حرام، يؤدي إلى الكفر من عدة وجوه منها[26]:1. الدخول في دين الديمقراطية. 2 التحاكم إلى حكم الطاغوت السياسي باختيار.

3 التعاون على الكفر والعدوان باختيار .4 موالاة المشركين واليهود والنصاري.             

 المبحث الثالث : أثر بوكو حرام علي هشاشة الدولة النيجيرية

تعاني نيجيريا بالفعل من أزمة إنسانية من اخطر الكوارث في القرن الحادي والعشرين؛ تتفشي تلك الأزمة علي مختلف المستويات الداخلية للدولة النيجيرية فهي تتمثل في انعدام الأمن وانتشار العنف إلي جانب تدهور الوضع الاجتماعي والاقتصادي وتفاقم تردي الوضع السياسي والبيئي كل هذا ينصب في تداعيات تنامي حركة بوكو حرام وتوغلها في نيجيريا داخلياً ومنطقة غرب إفريقيا إقليمياً لهذا لا حديث عن تنمية في ظل وجود تلك الحركة المعادية للإنسانية ،لذا تم تخصيص هذا المبحث المحوري ليتناول تداعيات الحركة الإرهابية بوكو حرام متضمناً ثلاث مطالب كالآتي :

المطلب الأول:انعدام الأمن و انتشار العنف

انتهجت حركة بوكو حرام العنف في مناطق تواجدها بشكل متصاعد، فدمرت مدارس وأماكن عبادة ومستشفيات وأسواقاً وتسببت في حرمان آلاف الأطفال من الدراسة وأطفال كثيرين من إمكانية الحصول على الرعاية الصحية، بالإضافة للقتل، واستخدام الأطفال في الأعمال العدائية، والاغتصاب، والتعذيب، وإساءة المعاملة، وصلت حدة التوحش إلى اعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

لقد تسببت بوكو حرام  في تشريد 2.3 مليون شخص، بما في ذلك 1.4 مليون طفل في منطقة بحيرة تشاد،وقد أرغمت البنات على الزواج والتنظيف وحمل المعدات والأسلحة، واستخدمت الحركة الأطفال والنساء للقيام بعمليات انتحارية ضد قوات الشرطة والجيش، بالتزامن مع خططها التوسعية خارج حدود نيجيريا، عن طريق ممارسة أنشطة إجرامية عبر الحدود مع دول الجوار، وبالاعتماد على تقرير العالمي للإرهاب لسنة 2015  فقد احتلت نيجيريا المرتبة الثالثة من حيث تعرضها للتهديد الإرهابي على المستوى العالمي، وصنف تنظيم بوكو حرام من أخطر التنظيمات الإرهابية في العالم، حيث لقي أكثر من 6644 شخص حتفهم في سنة 2014، في 443 هجوم لتنظيم بوكو حرام، وفي الفترة الممتدة ما بين 2009 و 2014 وصل عدد الضحايا نحو 6 آلاف مدني، في حين بلغ عدد الضحايا المدنيين أكثر من 2563 شخص سنة 2014،  وإلى أكثر من 3500 شخص، وفي سبتمبر 2015 قدرت منظمة الهجرة الدولية عدد النازحين داخليا ب 1,856,616 نازح من شمال نيجيريا، ويعيش 92% منهم في مجتمعات مضيفة ، بينما يعيش الباقي في مخيمات اللاجئين وتعاني هذه المخيمات من الازدحام الشديد، نقص المواد الغذائية، كما تعرض العديد من النازحين لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان التعذيب استعمال القوة، التعرض الجنسي وحتى الإتجار بالبشر[27].

ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة سنة 2015 نزح أكثر من 2.1 مليون شخص من نيجيريا بسبب هجمات بوكو حرام،  يقيمون المدارس والكنائس وأماكن الإقامة المؤقتة التي هي في معظمها مباني غير مكتملة أو منازل مهجورة مكتظة غير متوفرة على المرافق الأساسية كالمياه والصرف الصحي، إضافة لتفشي حالات السرقة والاغتصاب، وانتقال الأمراض، وغالبا ما تكون النساء الأكثر تضررا في مثل تلك  الحالات ،ووفقا لإحصائيات 2018 فقد خلفت العمليات العسكرية لبوكو حرام 1.7 مليون نازح داخليا كما أنها في نفس العام قامت باختطاف 110 فتاة من مدرسة دبشي الثانوية في ولاية يوبي فأصبحت منطقة الشمال الشرقي لنيجيريا هي منطقة متخلفة من الناحية التعليمية وارتفعت نسبة الأمية والشباب العاطل عن  وكان قبلها قامت باختطاف اختطاف 276 تلميذة من مدرسة ثانوية في مدينة شيبوك معظمهن مسيحيات وتم تعريضهن للبيع أو الزواج قصراً  والعديد من عمليات الاختطاف النسائية المستمرة حتي الآن لتحقيق أهداف الحركة [28].

كمت أدى تصاعد تنظيم بوكو حرام وممارسته للعنف والأعمال الإرهابية إلى تأجيج واشتعال العلاقات النزاعية ما بين المسلمين والمسيحيين، فنتج عنه مقتل العديد من الأفراد، الجرحى والنازحين، وتدمير المساجد الكنائس، المدارس وسرقة ونهب الماشية، انتشار العنف والصراع إلى مناطق أخرى من المنطقة، مما أدى إلى انقسام المجتمع النيجيري بينهما وتفككه  تحت وطأة حرب بوكو حرام علي المسحيين ومقاومة المسحيين لتلك الحرب فيما يسمي بالحرب الدينية نهيك عن الحرب الأثنية العرقية مابين قبليتي (الإيبو_الهوسا فولاني)[29].

كل هذة التداعيات انفضت  إلي  زيادة  العصابات الإجرامية خصوصاً في المناطق التي تسيطر الحركة ، وهو أمر خلف واقعاً شديد الهشاشة حيث انتشرت الفوضى، فتضاعف مستوى التهديدات الأمنية، تنظيم بوكو حرام لا يمس فقط وجود واستمرارية النظام السياسي، وإنما وجود الأمة النيجيرية في حد ذاتها. وبذلك أصبح يعني دولة داخل دولة ، فأضحى يشكل بذلك كتهديد مباشر لوجود ، بقاء، واستمرارية الدولة النيجيرية وخطرا يمس من سيادتها.

المطلب الثاني  : انهيار الوضع الاقتصادي والأمن الغذائي

أدي انعدام الأمن مع  التصعيد المتزايد للهجمات التي تقوم بها حركة بوكو حرام خاصة في شمال شرق نيجيريا إلى عكوف النيجريين عن ممارستهم لأنشطتهم التجارية، وهجرتهم من المناطق المتضررة، فقد اضطرت عدة شركات إلى توقيف أنشطتها، واضطر بعضها إلى تسريح العمال وتقليص ساعات العمل، فهناك 75%من رجال الأعمال في قبائل الإيبو  فروا إلي العاصمة أبوجا إضافة إلى انخفاض الاستثمارات في المناطق المتأثرة، فقد جاء في تقرير الاستثمار العالمي لسنة 2011 الصادر عن مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية أن التراجع في الأنشطة التجارية كلف الاقتصاد النيجيري 6 بليون دولار، نتيجة الهجمات التي تشنها بوكو حرام[30].

بالنسبة إلي النشاط الذراعي فلقد أثرت حركة بوكو حرام  علي المساحة الذراعية والتي  تعتبر مناطق إنتاج رئيسية لبعض المنتجات كاللوبيا، الأرز الطماطم، البصل، البطاطا وتعتبر كل من ولايات يوبي ، اداماوا بورنو الأكثر تضررا من الذرة إضافة لرعى الماشية وإنتاج الأسماك، وقد أدى تصاعد نشاط الحركة في المنطقة إلى توقف المزارعين عن الذهاب إلى مزارعهم ، وهو ما أدى لتراجع الإنتاج الزراعي الذي يعتبر مصدر عيش معظم النيجيريين، ووفقا لمفوض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين فقد أجبر أكثر من 1.5 مليون شخص معظمهم من المزارعين على الفرار من ديارهم سنة 2015 كما تعطلت الطرق الزراعية بين الشمال الشرقي والجنوب مما جعل نقل وتوزيع الأغذية في غاية الصعوبة[31].

حسب منظمة الأغذية العالمية FAO فإن أغلبية النيجيريين وبخاصة المنظمة الشمالية يعيشون تحت خط الأمن الغذائي، وبلغ عدد الأشخاص الذين تعرضوا إلى انعدام الأمن الغذائي نحو 5 ملايين شخص بسبب عدم قدرة الحكومة على تلبية حاجياتهم الأساسية، ومما فاقم من مستوى وتعقيد الأزمة الأمنية الغذائية في نيجيريا، هو إستمرارية وتصاعد نشاطات الأعمال الإرهابية وخاصة في المنطقة الشمالية والتي أدت بدورها إلى زيادة عدد الأفراد النازحين داخليا حيث وصل عدد النازحين حسب منظمة الهجرة الدولية في بداية سنة 2016 إلى 1.8 مليون نازح والذين يواجهون صعوبات كبيرة في تلبية احتياجاتهم الغذائية، خاصة في ظل نقص وتراجع الدعم والمساعدات الدولية، حيث يعاني معظم النازحين من المجاعة، ونقص حاد في تلبية حاجياتهم الغذائية[32].

بالنسبة إلي الاستثمار الأجنبي فلقد خلقت هجمات تنظيم بوكو حرام بيئة غير آمنة وغير مشجعة للمستثمرين الأجانب، وتشير الإحصائيات إلي انخفاضه سنة 2012 بنسبة 21.3  %ثم أنخفض إلي 5.5 مليون دولار سنة 2013 مما يدلل علي إغراق مصادر إنعاش الاقتصاد النيجيري علاوة علي ذلك ارتفع الانفاق العسكري لمحاربة  الحركة من الإنفاق في مجالات تهدف إلى بناء الاقتصاد وتحقيق تنمية شاملة ومستدامة، كما أدى مستوى أداء وفعالية الاقتصاد النيجيري إلى انكشاف اقتصادها وتبعيته للاقتصاديات الدول المتقدمة.[33]

أجبر تدهور الوضع الاقتصادي الحاد عددا كبيرا من الشباب والعاطلين عن العمل على الانخراط في الأنشطة الإجرامية والعنيفة لإعالة أنفسهم وعائلاتهم مما يفسر سبب استمرار أنشطة العصابات في إقليم الجنوب العربي ومعاناة جنوب الجنوب النيجيري من التطرف والقرصنة وسرقة النفط والجدير بالذكر أنه  في عام 2022 بلغ معدل التضخم في نيجيريا أعلى مستوى له منذ 17 عاما حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية والمواد الأخرى في فقر متعدد الأبعاد بشكل كبير مع تباطؤ النمو الاقتصادي من 3098 في عام 221 إلى 352% في الربع الأخير من عام 2022 بل وانخفض إنتاج النفط الذي يعد شريان الحياة[34].

أكدت أحد تقارير الأمم المتحدة؛ حيث أشار إلى أن أكثر من نحو (25) مليون شخص في نيجيريا  يواجهون انعدام الأمن الغذائي في عام 2023؛ وذلك بنسبة زيادة تصل إلى نحو ( 47%)، كما أضاف التقرير أن من المحتمل أن يتعرض نحو مليونَي طفل دون سن الخامسة في جميع أنحاء ولايات شمال وشرق نيجيريا إلى سوء التغذية الحاد في عام 2023.[35]

المطلب الثالث : تردي الوضع السياسي والبيئي

قامت هجمات بوكو حرام بإضعاف شرعية النظام السياسي النيجيري؛ فبسبب تكثيف الهجمات الإرهابية من قبل بوكو حرام واستيلائها علي مناطق عديدة لاسيما في شمال شرق نيجيريا فضلاً عن الانفلات الامني وانتشار العنف ،ترتب علي ذلك يقين المواطنين بعجز الدولة وضعف ولائهم لها وللحكومة التي لم تستطيع توفير الأمن لهم وأيضاً انعكست تلك الأوضاع سلبياً علي الانتقال الديمقراطي والعملية الإنتخابية سواء الرئاسية أو التشريعية ، فعلي سبيل المثال تم تأجيل الانتخابات من 28مارس 2015 إلي 14أبريل 2015 .

كما ان تردي الأوضاع الأمنية بفعل تنامي حالة العنف والإرهاب المسلح في منطقة الحزام الأوسط والتي تعتبر منطقة رئيسية لإنتاج المحاصيل الزراعية في نيجيريا،يزيد من تصاعد وتيرة النقد الموجه لأداء النظام الحاكم بقيادة الرئيس المنتخب في الفتوة الراهنة  “بولا تينوبو”؛ وذلك لعدم قدرته على بسط السيطرة والهيمنة الأمنية الكاملة على هذه المنطقة وغيرها من المناطق ؛ وذلك على الرغم من تعهد الرئيس “تينوبو” بتنفيذ  الإجراءات اللازمة لمعالجة الصراعات  بين المزارعين والرعاة في البلاد في مايو2023 [36].

أما علي المستوي الخارجي انعكس ذلك سلباً علي العلاقات السياسية والدبلوماسية الخارجية فلاُحظ امتناع بعض الدول عن توقيع اتفاقيات مشتركة مع نيجيريا بالإضافة إلي عدم منح تأشيرات السفر للمواطنين النيجيريين للخارج وحرمانهم من السفر ،علي الجانب الآخر تم إجلاء رعايا الدول الأخرى من نيجيريا خوفاً علي حياتهم ولقد حذرت العديد من الدول مواطنيها بالإجلاء السريع من نيجيريا إذ باتت نيجيريا تشكل تهديداً للأمن وبدأت تتشوه صورتها بسبب بوكو حرام حيث نص  تقرير مؤشر الإرهاب العالمي لعام 2020علي احتلال نيجيريا المرتبة الثالثة بين الدول الأكثر إرهابًا في العالم، وشهدت زيادة هجمات بوكو حرام على الأهداف العسكرية في 2019 وتعد هذه المرة السادسة على التوالي التي يصنف فيها المؤشر نيجيريا  كثالث دولة لديها أسوأ تأثير الجرائم الإرهابية على مستوى العالم كما تم اغلاق الحدود المشتركة مع الدول المجاورة حتي لا تتسرب عدوة الإرهاب إلي أراضيها.[37]

بيئياً شهدت البلاد أزمة بيئية نتيجة الأعمال الإرهابية والعنف الممارس من طرف تنظيم بوكو حرام ، فقد أفضت إلي تهجير المزارعين من أراضيهم ومن ثم جفافها فما يقرب من ثلثَي القوة العاملة في نيجيريا على الزراعة أو الرعي لتلبية احتياجات الحياة المعيشية مما أدى علي أثره إلى انعدام الأمن الغذائي ؛ففي عام2020 تم نزوح 1.9 مليون في ولايات أداموا ويوبي بورنو في نيجيريا تاركين أراضيهم متجهين إلي الجنوب واستيلاء بوكو  حرام عليها ، من ناحية أخري ترتب علي هذا النزوح  صراعات علي الأراضي الذراعية الباقية كما امتد الصراع حول الموارد البيئية وصلت إلي اشتباكات عنيفة وعلى سبيل المثال، أفضت الاشتباكات بين المزارعين والرعاة إلي مقتل ثلاثة أشخاص في “أوكورديا” و”زاراما” بولاية “بايلسا” في مارس 2023، غير أن استمرار بوكو حرام في نشاطاتها في الغابات ترتب عليه إتلافها وتدمير الغطاء النباتي[38]

الفصل الثاني : الجهود المبذولة لمحاربة بوكو حرام

تعددت طرق مواجهة الإرهاب بين جهود محلية داخلية متجلية في مكافحة الحكومة النيجيرية وأيضاً مكافحة مدنية ضد الحركة، وجهود إقليمية سواء تحالف إقليمي أو مكافحة التنظيمات الإفريقية والإتحاد الإفريقي   ومجموعة غرب إفريقيا (الإيكواس)  وأيضاً الجهود الدولية متمثلة في منظمة الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والجهود الفرنسية للقضاء على تمدد الحركة وعملياتها الإرهابية ، يوضح هذا الفضل الآليات والطرق التي تم أتخاذها لمكافحة بوكو حرام داخلياً وإقليمياً ، وهذا يتجلى في ثلاث مباحث

المبحث الأول : الجهود الوطنية لمكافحة بوكو حرام

تنوعت الأليات التي اعتمدت عليها المكافحة المحلية من مواجهة إعلامية وتشريعات قانونية؛ كقانون الوقاية من الإرهاب واستخدام التفاوض للحل الدبلوماسي مع الحركة، ليس ذلك فقط بل حث الجمعيات الإسلامية علي مواجهة الحركة من خلال التعليم الصحيح للأصول الدينية والتبصير،فضلاً عن المواجهة العسكرية لتجفيف بؤر التنظيم والقضاء علي عناصره، والجدير بالاهتمام هو مشاركة المواطنين في مواجهة خطر الإرهاب لحماية أنفسهم ،وقد جاء هذا المبحث لتوضيح تلك الجهود من خلال ثلاث مطالب تبدأ بما اتخذته الحكومة النيجيرية لتضييق الخناق على بوكو حرام .

المطلب الأول :المواجهة السلمية ضد بوكو حرام

وذلك من خلال عدة مواجهات علي مستوي الدولة النيجيرية سلمياً كمحاولة لتقليل الخسائر البشرية والمادية التي ستجلبها المواجهة العسكرية وكحل بديل للحل العسكري لحماية الشباب من استقطاب التنظيم وتتمثل تلك المواجهة في :

(1المواجهة الإعلامية

اتخذت نيجيريا حملة توعية هدفت إلى عزل العناصر الارهابية عن الشعب مستخدمة مختلف القنوات الاعلامية (فضائيات تلفزيونات محلية، اذاعات، صحف، ندوات واجتماعات جماهيرية، ومنشورات توزع بما في ذلك الالقاء من الطائرات وخصوصا في مناطق الشمال الشرقي (مايدوغري – جوس) التي تشهد عمليات واسعة لتلك الجماعات.[39]

٢) التصدي عبر التشريعات القانونية

عن طريق  إصدار تشريعات تجرم  كافة أنواع وأشكال العمليات الإرهابية بالتعاون مع مختلف الجهات والهيئات الوطنية وذلك مع تكثيف هجمات بوكو حرام فلم يكن النظام القانوني لنيجيريا يحتوي على تشريعات مصممة خصيصا لمكافحة الإرهاب ، وضعت الدولة أول تشريع لمكافحة الإرهاب بعنوان قانون الوقاية من الإرهاب العام 2011، وقعه الرئيس جوناثان جودلاك في 3 جوان 2011، ليتم تعديله لاحقا في 2013 كان الهدف الأساسي من هذا التشريع تجريم الإرهاب وردعه في نيجيريا ينص على تدابير للوقاية، حظر مكافحة أعمال الإرهاب وتمويله في نيجيريا، كما ينص على العقوبات المخالفة على أي من أحكامه . تكمن الابتكارات المهمة في قانون الوقاية من الإرهاب لعام 2013 في مسألتين رئيسيتين وهي إضافة تمويل الإرهاب والأعمال  الإرهابية خارج الحدود الإقليمية إلى الإطار التشريعي لمكافحة الإرهاب.

تتمثل أحد التحسينات الرئيسية في قانون الوقاية من الإرهاب لعام 2013 الإطار الموسع الذي يغطي تمويل الإرهاب إدراكا للأهمية التي يمكن أن يجلها تجفيف مصادر تمويل الإرهاب، فالمادة 10 من قانون الوقاية من الإرهاب لعام 2013 تنص على أن: “أي شخص، أو هيئة اعتبارية، بأي شكل من الأشكال مباشرة أو غير مباشرة يقدم على أو يطلب جمع الأموال بقصد استخدامها بالكامل أو جزئيا لتمويل إرهابي أو منظمة إرهابية، أو يرتكب جريمة في انتهاك لتشريع محدد في الجدول الزمني لهذا القانون أو يفعل أي فعل آخر بهدف إلى التسبب في وفاة أو إصابة جسدية خطيرة المدني أو أي شخص آخر لا يمارس نشاط المشاركة في الأعمال العدائية في حالة نزاع مسلح، عندما يكون الغرض من هذا العمل بطبيعته أو سياقه هو تخويف مجموعة من الناس أو إجبار حكومة أو منظمة دولية على القيام بأي عمل أو الامتناع عنه يرتكب جريمة بموجب هذا القانون ويكون عرضة للسجن لمدة لا تقل عن عشر سنوات.[40]

٣) التفاوض

لجأت الحكومة النيجيرية لاستخدام المفاوضات  ومحادثات السلام مع بوكو حرام استجابةً لدعوة العديد من الشخصيات البارزة في نيجيريا لإيجاد حل سياسي مع التنظيم ؛وبالفعل بدأت محادثات السلام بين الحكومة النيجيرية والتنظيم في عام 2011 وأنشأت الحكومة النيجيرية لجنة العفو المكونة من ثمانية أشخاص لإيجاد حلول واقعية فتوصلت إلي أهمية التفاوضات مع بوكو حرام والعفو عن كل العناصر التي ترفض العنف والإفراج عن المساجين التي تم القبض عليهم قسرياً، وبعد وصول جودلاك جوناثان للرئاسة تم إجراء أولي المفاوضات في عهده في مارس2012, ولكنها فشلت وتوقفت المفاوضات بين الطرفين علي أثر القبض علي أحد زعماء تنظيم بوكو حرام المدعو “أبو الدرداء”  ولكنها استمرت مرة أخري بعد محاولات لجنة العفو التي أسسها جودلاك ولكن كل هذه المفاوضات فشلت لاسيما بعد تصنيف بوكو حرام كتنظيم إرهابي من قبل الحكومة النيجيرية مما أدي إلي تصاعد العنف والأعمال الإرهابية من جانب بوك حرام ومن ثم أعلن الرئيس النيجيري حالة الطوارئ في ثلاث ولايات (أداموك، بورنو، بوبي) في 2013 ،وفي محاولة لعودة المفاوضات مرة أخري سعت المملكة العربية السعودية كوسيطة بينهما تم التوصل إلي وقف إطلاق النار في تلك الفترة ولكن سرعان ما نقضت بوكو حرام هذا الاتفاق واستمرت في عملياتها، [41] وعند تولي محمد بخاري الرئاسة صرح بأن الدولة علي استعداد في الدخول في مفاوضات مع الحركة ولكن دون استجابة من قبل التنظيم بالإضافة إلي المبادرات التي كانت بوساطة دولية هدفت إلي تسوية شاملة للصراع ولكنها فشلت أيضاً ، وإذا نظرنا إلي أهم أسباب فشل المفاوضات فهي: تفضيل بوكو حرام استخدام القوة في مواجهة الحكومة النيجيرية وسعيها لبسط نفوذها في مناطق أكثر في شمال نيجيريا فضلاً عن عدم الثقة بين الطرفين خاصة بوكو حرام ومخاوفها تجاة قتل أعضائها واعتقالهم ،ومن جهة الحكومة النيجيرية فهي لم تضع اهمية الحوار مع بوكو حرام في اولوياتها بل تسعي لتحقيق انتصار عسكري في الأساس باعتبار أن بوكو حرام في موضع دفاعي ساعية إلي تحقيق مكاسب أعلي في جولات المفاوضات علي حساب عناصر بوكو حرام وإلقاء القبض علي مزيد من أعضائها وهو سبباً في انسحاب بوكو حرام من تلك المفاوضات[42].

٤) الجمعيات الإسلامية

اتخذت الجمعيات الإسلامية مجموعة من الإجراءات والترتيبات لمواجهة تطرف بوكو حرام، حيث ما تقوم به هذه الجماعة من أعمال إرهابية حث الجمعيات الإسلامية والعاملين في ساحة العمل الإسلامي في نيجيريا لتبرئة الدين الإسلامي علي إتخاذ موقف ضدها ، وكان من بين الإجراءات التي تم اتخاذها ما يلي :

– إعلان الإدانة القوية والواضحة والصريحة للأعمال الإرهابية التي تقوم بها جماعة بوكو حرام” داخل البلد وأن الاسلام بريء مما تفعله هذا الجماعة وأصدر المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في نيجيريا بيانات متتالية لإدانة ممارسات جماعة بوكو حرام.

– العمل على تحييد التيارات الإسلامية ذوات التوجهات المناهضة لسياسات الحكومة من الصراع حيث ساعد ذلك على تفويت الفرص على جماعة بوكو حرام من كسب أرضية شعبية واسعة من قطاع الشباب الرافضين السياسات التغريب.

– تنشيط المنابر الثقافية والعلمية المعروفة في البلد لتبني حملات توعوية علمية ثقافية منظمة لتدعيم الفكر الوسطي المعتدل للإسلام.[43]

المطلب الثاني: المواجهة العسكرية ضد بوكو حرام

واجهت الحكومة النيجيرية بوكو حرام منذ عام 2010 من خلال نشر قوة المهام المشتركة، والتي تتألف من عناصر الجيش القوات الجوية القوات البحرية خدمات أمن الدولة والشرطة، والتي تم هيكلتها تحت قيادة موحدة، بهدف زيادة تبادل المعلومات الاستخباراتية وتنسيق القوى وتوحيد التصورات التي تعتبر ضرورية لأي عملية لمكافحة بوكو حرام، واعتمدت بشكل كبير على العمليات التي يقودها الجيش من أجل القضاء والقبض على مقاتلي بوكو حرام. في حين مكن هذا النهج بشكل واضح بالضغط على معاقل بوكو حرام في الولايات الشمالية الشرقية لاسيما في ولايات بورنو يوبي، أداماوا، وتقليص نطاق نشاطها لكنه في الوقت نفسه خلف عمليات قتل خارج نطاق القضاء واعتقالات جماعية وترهيب للمدنيين الذين يعاملون كمتعاطفين مع بوكو حرام .[44]

في عام 2013، شن الرئيس جودلاك جوناثان هجومًا كبيرًا ضد بوكو حرام، وأعلن حالة الطوارئ في ولايات أداماوا وبورنو ويوبي، وخلفه الرئيس النيجيري محمد بخاري فقد اعتمد بوخاري إصلاحات لتحسين فاعلية الجيش النيجيري وذلك بنقل المقار العسكرية من أبوجا إلى ما يدوجوري وزيادة التمويل للعمليات في المنطقة وتعيين قيادة عسكرية جديدة ، واستطاعت قوات المهام المشتركة النيجيرية استعادة الأراضي من بوكو حرام مرة أخري إضافة إلى المدن الكبرى والسلطة الإدارية إلى بعض المناطق المحلية في البداية إلا أنها اقتصرت على المناطق الحضرية، حيث لا تزال المناطق الريفية في بعض الحكومات المحلية لولاية بورنو غير آمنة،  كما أعطت قوات المهام المشتركة الأولوية لتأمين طرق النقل كما يتضح من خلال إعادة فتح طريق “ما يدوجوري بانكي” في مارس 2018 على الرغم من محاولات قوات المهام المشتركة إلا أن بوكو حرام حافظت على قدراتها واستمرت في شن الهجمات، واستهدفت طرق النقل التي أعيد فتحها.[45]

وفي يوليو 2019 اتبعت الحكومة النيجيرية إستراتيجية جديدة  التي أعلنها الرئيس “محمد بخاري”  وهي (المعسكرات الفائقة )  تعمل على سحب العديد من القوات الرسمية  المشتركة في  مكافحة الإرهاب من الانتشار في المدن الصغيرة والقرى، على أن يتم تركيز القوات في معسكرات رئيسية تتمتع بطاقة استيعابية كبيرة، وتشكل نقاطًا حصينة يسهل الدفاع عنها ضد أي هجوم إرهابي، وتنطلق منها حملات على قدر كبير من الاستعداد والتجهيز لمهاجمة تجمعات الإرهابيين من حين لآخر، وعلى الرغم من أن هذه الاستراتيجية حققت أحد أهدافها المباشرة في الحد من الخسائر البشرية والمادية في قوات مكافحة الإرهاب إلا أنها تركت المناطق في شمال شرق نيجيريا تسيطر عليها التنظيمات الإرهابية وتركت المعدات العسكرية تسيطر عليها تلك التنظيمات كما صرح أحد مسؤولي الجيش.[46]

اعتمدت الحكومة النيجيرية على رفع مستوى القوات النيجيرية وإخضاعها لتدريبات مكافحة الإرهاب التي تضمنت تدريبات خاصة بحرب الشوارع، المعلومات وإدارة الأزمات الإتصالات التكتيكية، إدارة العلاقة بين القوات العسكرية والمدنيين، كما زودت الحكومة النيجيرية قواتها بأنظمة مراقبة وأجهزة كشف عن المتفجرات والعربات المصفحة  وتعتبر نيجيريا  ثاني أكبر دولة في منطقة إفريقيا جنوب الصحراء إنفاقا على جشيها قدره 3.5 مليار دولار في عام 2023، كما تعول القوات النيجيرية علي أحدث الأسلحة والطائرات الأمريكية  في إطار مشروع مشترك مع الحكومة الأمريكية بتكلفة 500 مليون دولار، وتشمل المرافق منطقة لتخزين الذخيرة مزودة بمخازن ، ومنشأة لصيانة الذخيرة وتجميعها، ومدرج جديد ومنصة للعتاد.[47]

المطلب الثالث : مواجهة الشعب النيجيري ضد بوكو حرام

على مستوى الشعب النيجيري شكلت المجتمعات المحلية شبكات مقاومة ومجموعات أهلية في عام 2013 لحماية أنفسهم، ففي بورنو عملت بعض هذه الجماعات مع حكومة الولاية وقوات الأمن الهزيمة بوكو حرام وأطلقت على نفسها قوة المهام المدنية المشتركة تقدم الدعم للقوات العسكرية لتحقيق انتصارات  يعتبر جمع المعلومات ميزة أخرى لفكرة مكافحة التمرد والإرهاب  وتقديم المساعدة في عملية البحث عن العدو واستهدافه لقد كان السكان المحليون في الشمال الشرقي لنيجيريا معرضين لهجمات بوكو حرام من جهة، وبين تجاوزات القوات المسلحة النيجيرية في حملتها المعلنة ضد بوكو حرام التي تجاوزت في استعمال القوة من أجل إخضاع عناصر واستعادة الأراضي المسيطر عليها من قبل بوكو حرام لم تكن القوات العسكرية النيجيرية قادرة على التمييز بين الأبرياء والإرهابيين الأمر الذي أدى إلى اعتقالات واغتيالات وانتهاك لحقوق الإنسان فأخذ السكان المحليين علي عاتقهم  مواجهة بوكو حرام كما بدأت حكومة ولاية بورنو في النظر للحاجة إلى تدريبها وتجهيزها بشكل أفضل، وقامت ولاية بورنو بتدريب 500 عنصر من السكان على كيفية استخدام الأسلحة الخفيفة ووضعتهم تحت قيادة الجيش استكمل برنامج توجيه تدريبات تحت قيادة الجيش ليصل عددهم إلى 1850 شخصا، وأصبحت قوة المهام المدنية المشتركة  تضم ما يقارب 25000 عضوا [48]

المبحث الثاني: الجهود الإقليمية لمحاربة بوكو حرام

أصبحت بوكو حرام تمثل تهديداً إقليمياً بعدما انضمت إلي تنظيم الدولة في 2015 ولمواجهة التنظيم تكاتفت الدول المحيطة بنيجيريا لما طالها من عمليات إرهابية زعزعت استقرارها ،وتتمثل تلك المواجهة في شكل قوات إقليمية أو منظمات إفريقية كما سيتم توضيحه في ثلاث مطالب .

المطلب الأول : قوات التدخل المشتركة متعددة الجنسيات

تحول نشاط الحركة إلي تهديد إقليمي ولمواجهته كان لابد من تشكيل قوة إقليمية كبيرة وبالفعل في عام 2015  وضع رؤساء أركان الدول المعنية بمحاربة الجماعة وهي (نيجيريا، النيجر، تشاد، الكاميرون، وبنين) نشر قوات مشتركة متعددة الأطراف مكلفة بالقضاء على بوكو حرام، وقد ساهمت كل دولة من هذه الدول بتزويد القوة بجنود حتى يشمل كيانها 8700 عسكري وشرطي، حيث تشترك نيجيريا بـ 5750 مجنداً، تشاد ب 3000، الكاميرون بـ 2650،النيجر ب 1000، وبنين بـ 18750 ،وعين الجنرال النيجيري إيليا أبال قائدا لهذة القوة الإقليمية.[49]

ركزت القوات المتعددة الجنسيات للمهام المشتركة في 20150على إنشاء قواتها وتحديد طريقة عملها فهي مهمة صعبة نظرا لما تتطلبه من تعاون دبلوماسي ووطني بين الدول الأعضاء، وفي عام 2016 أعلنت حملتها العسكرية المسماة  ” إنهاء العمل”، سجلت القوات متعددة الجنسيات عدة انتصارات متتالية في المعارك ضد بوكو حرام حتي  نوفمبر 2016 وتم الإعلان عن نجاح العملية مع إطلاق سراح رهائن، وتحرير بعض المناطق التي كانت تسيطر عليها بوكو حرام التي تلقت خسائر على مستوى الأسلحة، تمكنت كتيبة “باغا سولا” المتمركزة في غرب تشاد في أوائل نوفمبر 2016 من القبض على 240 مقاتل من بوكو حرام، أما عن نتائج العمليات في القطاع الثاني المتمركزة في “مورا” بالكاميرون فقد أدت إلى تحييد العديد من مقاتلي بوكو حرام وأفرجت القوات المتعددة الجنسيات للمهام المشتركة عن الرهائن ودمرت معسكرات تدريب بوكو حرام ، وفي عام 2018 قامت بوكو حرام بمهاجمة  مقر قاعدة القوات المتعددة الجنسيات للمهام المشتركة في “باغا” مما اضطرها إلى تغيير مقرها إلى بورنو ، ثم ردت القوات المتعددة الجنسيات للمهام المشتركة بالقيام بعملية عسكرية المسماة   “الحرية الدائمة”.[50]

– قام الجيش التشادي بعدد من العمليات العسكرية ضد بوكو حرام كرد فعل على الهجمات الإرهابية التي نفذتها في الأراضي التشادية، والتي تستهدف مقرات الشرطة التشادية، وقوات الجيش، وأيضا المناطق التي تكثر بها الأسواق الشعبية، والمدن والقري الحدودية. وفي منطقة بحيرة تشاد، أدي تصاعد العمليات التي قامت بها “بوكو حرام”، إلي إعلان دول المنطقة حالة الطوارئ في المنطقة، حيث وافق المجلس الوطني في تشاد –  البرلمان – في 17 نوفمبر 2015 بإجماع 147  صوتا علي تمديد حالة الطوارئ في منطقة بحيرة تشاد الغربية لمدة أربعة أشهر، بحيث تنتهي في مارس 2016 ويذكر أن حالة الطوارئ قد أعلنتها تشاد في 9 نوفمبر 2015، ولمدة 12 يوماً، إلا أنها أمدتها بسبب تصعيد حركة “بوكو حرام” لهجماتها علي المناطق النائية حول بحيرة تشاد.

_كثفت القوات الكاميرونية من عملياتها ضد بوكو حرام، في ظل تكرار هجماتها داخل قري ومدن الكاميرون التي تتشارك في الحدود مع نيجيريا.

_أعلنت  بنين إرسال 800 جندي للمشاركة في القوة الإقليمية المناهضة ضد “بوكو حرام”. . وفي منطقة بحيرة تشاد أدي تصاعد العمليات التي قامت بها “بوكو حرام”، إلى إعلان دول المنطقة حالة الطوارئ في المنطقة، حيث وافق المجلس الوطني في تشاد البرلمان في 17 نوفمبر 2015 بإجماع 147 صوتا علي تمديد حالة  الطوارئ في منطقة بحيرة تشاد الغربية لمدة أربعة أشهر، بحيث تنتهي في مارس 2016.

_ منذ 2015  تعرضت ديفا جنوب شرق البلاد بالقرب من الحدود مع نيجيريا إلي هجمات لبوكو حرام   وداعش واستطاع الجيش النيجيري لصد هجوم كبير من قبل بوكو حرام علي ديفا في مايو 2021.[51]

لقد عول المجتمع الدولي على القوة الإقليمية في تقلص إرهاب بوكو حرام، بينما تعاني المجموعة الإقليمية من  مجموعة من المعوقات أهمها: التنافس الإقليمي، وعدم الانسجام بين مكونات الدول، وطبيعة الحروب والتكتيكات التي تتبعها الحركة، خاصة بعد مبايعتها تنظيم الدولة الإسلامية في مارس 2015، وهجرة المقاتلين الأجانب من الدول المختلفة إلى منطقة الساحل والصحراء، حيث يتبع التنظيم في تحركاته أساليب قتالية مختلفة؛ لتشتيت جهود التحالف الإقليمي، الدول الخمسة المشاركة قوام القوة الإقليمية تشهد أزمات كالفقر ، وضعف الأداء الاقتصادي، وغياب التنمية، إضافة إلى عدم الاستقرار، والاضطرابات، والكوارث في ظل الإنقلابات العسكرية التي تشهدها دول القارة لاسيما في العام الماضي فمن الصعوبة توجيه كامل دعمها للقضاء على بوكو حرام، ولاسيما أن المجموعات القبلية في هذه الدول متداخلة، وتتواصل على جانبي الحدود بشكل طبيعي.

المطلب الثاني : الاتحاد الإفريقي ومواجهة بوكو حرام

سمح مجلس الأمن التابع للاتحاد الأفريقي في القمة التي عقدت في يناير ٢٠١٥ بنشر قوة مشتركة متعددة الجنسيات لمحاربة بوكو حرام  لفترة أولية مدتها ۱۲ شهرًا يبلغ قوامها ۷۵۰۰ من الأفراد العسكريين ولكنها زيدت بعد ذلك إلى 10ألف من الأفراد العسكريين وبعد ذلك عقد الخبراء اجتماعاً من أجل تفعيل القوة المشتركة ووضعوا مفهوماً محدداً استراتيجياً للعمليات وأحيل بعد ذلك لمجلس الأمن.[52]

في الدورة الاستثنائية لمؤتمر رؤساء دول وحكومات مجلس الأمن والسلام في وسط أفريقيا قرر قادة وسط أفريقيا إنشاء صندوق طوارئ بمبلغ 50 بليون فرنك لدعم الجهود العسكرية للكاميرون وتشاد ضد بوكو حرام،  كما دعم الجيش النيجيري بمعدات جديدة بما في ذلك دبابات تي 72 المحدثة وطائرات الهليكوبتر المقاتلة أيضا بالهجوم وتم استرداد عدداً من البلدات في ولايات بورنو وأداماو وتم صد هجوم كبير شنه تنظيم بوكو حرام على  مايدوجودي عاصمة ولاية بورنو وقد الحق خسائر فادحة بالمتشددين والجدير بالذكر أنه ساعد  جنود تشاد والنيجر والكاميرون ونيجيريا في استعادة معظم الأراضي التي كانت قد أعلنت جماعة بوكو حرام سيطرتها عليها من قبل.[53]

في عام 2021م  طالب  مجلس السلم والأمن التابع للاتحاد الإفريقي، الذي كانت ترأسه  السنغال في تلك الفترة في بيان صادر عنه، مفوضية الاتحاد بالتنسيق مع الدول الأعضاء في منظمة حوض بحيرة تشاد بالإضافة إلى بنين، بالتعاون مع الشركاء وباقي الأطراف المعنية بـ”البحث بشكل عاجل في إمكانية الرد بشكل أكثر فعالية على هذا التهديد وإعاقة كل أشكال الدعم السياسي والعسكري والمالي لجماعة بوكو حرام”. وقد قرر المجلس خلال اجتماعه، تجديد ولاية القوة المشتركة متعددة الجنسيات لمدة 12 شهرا، ابتداًء من 31 يناير 2021.

المطلب الثالث :الإيكواس (الجماعة الإقليمية في غرب إفريقيا)

تضم  الجماعة في عضويتها كل من بنين بوركينا فاسو الرأس الأخضر، كوت ديفوار جامبيا غانا غينيا بيساو غينيا ليبيريا، مالي، النيجر نيجيريا، السنغال، سيراليون، ويتمحور دورها حول  ثلاثة محاور رئيسية، يتعلق الأول بوضع الجماعة استراتيجية لمكافحة الإرهاب، أما الثاني فينصرف إلى إنشاء آلية  خاصة لمكافحة تمويل الإرهاب، وهى مجموعة العمل الحكومية الدولية لمكافحة غسل الأموال في غرب إفريقيا.[54]

تتمثل أهداف الإستراتيجية في : تعزيز التنسيق بين الدول الأعضاء، وبخاصة في مجالات المخابرات وتطبيق القانون والتحقيق وغيرها وتعزيز القدرات الوطنية والإقليمية للكشف وردع واعتراض، ومنع الجرائم الإرهابية واحترام حقوق الإنسان، وحماية المدنيين في أنشطة مكافحة الإرهاب ومنع ومكافحة التطرف الديني العنيف وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في الأمور المتعلقة بالإرهاب، بما في ذلك تسليم المجرمين والمساعدة القانونية المتبادلة .وتستند هذه الاستراتيجية إلى ثلاثة ركائز رئيسية، وهي: المنع والمتابعة، والإصلاح فلابد من بذل كل جهد ممكن لمنع حدوث الإرهاب، وفي حالة الفشل في القيام بذلك، يتوجب عليهم ملاحقة مرتكبي الأعمال الإرهابية وتقديمهم إلى العدالة، وإصلاح أي ضرر قد يلحق بالضحايا والمجتمع ككل جراء تلك الأعمال وأيضاً عزمت الإيكواس علي تخصيص جزء كبير من ميزانيتها عام 2023 لمكافحة الإرهاب في غرب إفريقيا والتركيز علي السلام والأمن.[55]

رغم تلك الجهود استمرت أنشطة بوكو حرام في منطقة الساحل في الازدياد منذ عام 2016 م؛  لذا تعاونت الإيكواس مع الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية على الصعيدين الإقليمي والدولي على المستوى الإقليمي، كانت الإيكواس مركز للتعاون بين الدول الأعضاء لتطوير وتنفيذ تدابير مكافحة الإرهاب في عام ۲۰۰٦م، على سبيل المثال، ومن أهم اتفاقيات الحد من تمويل الإرهاب والصكوك الدولية ذات الصلة بشأن مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب كما أبرمت الإيكواس اتفاقية أمن وتنمية متعددة السنوات (2015- 2019) مع حكومة الولايات المتحدة في عام 2015، وركزت الاتفاقية على تعزيز المؤسسات الديمقراطية وتعزيز التجارة والاستثمار وكذلك السلام والأمن، بما في ذلك مكافحة الإرهاب عبر الصحراء. أيضا طورت الإيكواس عددا من التدابير، بما في ذلك إنشاء مؤسسات وأدوات مكافحة الإرهاب تماشيا مع شراكة لجنة الأمم المتحدة المكافحة الإرهاب.[56]

لم تحقق الإيكواس الأهداف الموضوعة رغم الجهود المبذولة والتنسيقات الدولية والإقليمية  فلاتزال بوكو حرام متوغلة في نيجيريا، وعليه فإن المنظمة تواجه معوقات كنقص الموارد، وانعدام الإرادة لمتابعة تنفيذ البروتوكولات. هذا بالاضافة إلى الدور المحدود لمنظمات المجتمع المدني ضمن البنية الأمنية للجماعة، ونتيجة للضعف العسكري والدبلوماسي الإيكواس تم إنشاء قوات التدخل متعددة  الجنسيات كتحالف إقليمي بجانبه المجموعة الخماسية لدول الساحل[57].                        

                                 المبحث الثالث :الجهود الدولية لمحاربة بوكو حرام

برزت جماعة بوكو حرامة بقوة على الساحتين الإقليمية والدولية حيث تحولت إلى تنظيم إرهابي يُشكل تهديدًا خطيرًا، وأصبح الأكثر دموية على مستوى العالم في أواخر عام ٢٠١٥، وفقًا لمؤشر الإرهاب العالمي، لذلك لم تقف الدول الكبري والمنظمات الدولية مكتوفة الأيدي أمامه وكانت داعمة للقوي الإقليمية في محاولة لإحاطة هذا التنظيم والقضاء عليه ، لذلك سيتم توضيح أدوار كل منهما في ثلاث مطالب .

المطلب الأول : جهود الأمم المتحدة ضد بوكو حرام

نتيجة  لتزايد التهديد الإرهابي لتنظيم بوكو حرام، قررت لجنة الجزاءات التابعة لمجلس الأمن الدولي في 22 ماي 2014، إدراج تنظيم بوكو حرام ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، كما فرضت عقوبات عليه، كما أدرج زعيم التنظيم أبو بكر محمد شيكاو ضمن القائمة يوم 26 جوان 2014، عملا بالفقرتين 2 و 4 من القرار 2161 الصادر في سنة 2014 بوصفه شخصا مرتبطا بتنظيم القاعدة، بسبب مشاركته في تمويل الأعمال والأنشطة الذي يقوم به تنظيم بوكو حرام، وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي أو التخطيط لهذه الأعمال أو الأنشطة أو تيسير القيام بها أو الإعداد لها أو ارتكابها أو المشاركة في ذلك معهما أو باسمهما أو بالنيابة عنهما أو دعما لهما أو تقديم أي أشكال أخرى من لدعم للأعمال أو الأنشطة التي يقومان بها[58].

لقد تعهدت  منظمة الأمم المتحدة في أغسطس 2015، بدعمها للجهود النيجيرية والإقليمية في مواجهة “بوكو حرام”، والسعي نحو معالجة لجذور النهج المتشدد التي تتبعه التنظيمات الإرهابية كما دعت الأمم المتحدة ودول تشاد، والنيجر، والكاميرون المجتمع الدولي إلي مساعدة سكان منطقة حوض بحيرة تشاد، بعد تضررهم من هجمات “بوكو حرام”، التي أدت إلي فرارهم، حيث يتعرضون للجفاف، والفيضانات، والأمراض، فقد أشارت الأمم المتحدة إلي نزوح أكثر من 2.3 مليون شخص من ديارهم منذ عام 2013.

ومن ضمن جهود الأمم المتحدة ايضا إطلاق “مجموعة أصدقاء ضد الإرهاب” بمقر الأمم المتحدة بنيويورك برئاسة الممثل الدائم للمغرب لدي الأمم المتحدة، وتتكون هذه المجموعة التي أنشت مبادرة من المغرب من 30 دولة منها الدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، والتي تهدف التنسيق بين كافة المبادرات التي تم تبنيها في إطار الأمم المتحدة، وتعزيز التعاون الدولي في مجال مكافحة الإرهاب، من خلال تبادل الخبرات والتجارب العملية بين الدول وذلك من خلال تنظيم موائد مستديرة وندوات حول مختلف أتحاد ظاهرة الإرهاب وإيجاد جو الفاعلي مع المجتمع المدني والأوساط الأكاديمية ومراكز التفكير.[59]

وباعتماد القرار 2349 (2017) بالإجماع، أدان المجلس بشدة جميع الهجمات الإرهابية وانتهاكات القانون الإنساني الدولي وانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها جماعة بوكو حرام والدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش) في المنطقة، بما في ذلك عمليات القتل، والاختطاف، وزواج الأطفال، والزواج المبكر والقسري، والاغتصاب، والاستعباد الجنسي، والاستخدام المتزايد للفتيات كمفجرات انتحاريات. ويجب محاسبة المسؤولين وتقديمهم للعدالة.

كما شجع المجلس الحكومات على تعزيز التعاون العسكري الإقليمي، والتحرك “بقوة وحسم” لخفض تدفقات التمويل إلى الأفراد والجماعات والمؤسسات والكيانات المدرجة في قائمة العقوبات المفروضة على داعش والقاعدة، بما في ذلك بوكو حرام. وحث حكومات حوض بحيرة تشاد على تنفيذ سياسات متسقة لتشجيع الانشقاقات من بوكو حرام وتنظيم الدولة الإسلامية، والقضاء على التطرف وإعادة إدماج أولئك الذين انشقوا بالفعل، وضمان عدم إفلات المسؤولين عن الهجمات الإرهابية من العقاب.[60]

المطلب الثاني: جهود الولايات المتحدة ضد بوكو حرام

في نوفمبر 2013 صنفت الولايات المتحدة الأمريكية تنظيم بوكو حرام كتنظيم إرهابي أجنبي، بموجب الأمر التنفيذي رقم 13224 بتاريخ 14 نوفمبر 2013، كما تم تصنيف قائد تنظيم بوكو حرام، أبو بكر شيكاو، وكذلك خالد البرناوي، في 21 جوان 2012، بإعتبارهم إرهابيين عالميين بشكل خاص في إطار الأمر التنفيذي رقم 13224 كما أعلنت الولايات المتحدة تقديم  الدعم الحكومة النيجيرية وصدر بيان مشترك يحدد مجالات التعاون ما بين البلدين صرحت الولايات المتحدة الأمريكية فيه  بإنشاء مجموعة عمل فرعية من أجل مساعدة قوات الأمن النيجيرية على جمع المعلومات الإستخبارية وتحليلها. وفي 2012 عرضت وزيرة الخارجية الأمريكية كلينتون” إنشاء مركز للمخابرات، وفي نوفمبر 2012، طلبت الحكومة النيجيرية رسميا المساعدة من الولايات المتحدة الأمريكية.[61]

بعد حادثة خطف الفتيات في شيبوك في 2014 أرسلت وزارة الدفاع الأمريكية نحو 650 جندي أمريكي إلى نيجيريا من أجل تدريب قوات الأمن النيجيرية. كما تم وبناء على طلب من الحكومة النيجيرية نشر طائرات بدون طيار وطائرات مراقبة أمريكية من أجل العثور على الفتيات كما قدمت الولايات المتحدة الأمريكية، خبراء ومستشارين أمنيين تدريب، تجهيزات معدات استخبارات لدعم الجهود النيجيرية المكافحة تنظيم بوكو حرام، كما وضعت (أفريكوم)   خطة عمل 2016 2020، من أجل مكافحة تنظيم بوكو حرام كما خصصت وزارة الدفاع الأمريكية 105 مليون دولار المكالمة تنظيم بوكو حرام في عام 2016.[62]

كما قدمت وزارة الخارجية الأمريكية مساعدات إضافية لمكافحة تنظيم بوكو حرام في إطار عمليات حفظ السلام، وخصص وزير الدولة الاستخدام نحو ما يصل 45 مليون دولار لدعم الدفاع النيجيري بما فيه التدريب العسكري، وتعزيز جهود (القوات المشتركة متعددة الجنسيات)المواجهة تنظيم بوكو حرام، حيث بلغ مجموع المساعدات الأمريكية لمكافحة تنظيم بوكو حرام، نحو 400 مليون دولار.

وكانت الحكومة الأمريكية في عهد الرئيس ترامب أكثر تعاونا: ففي أبريل 2017م وعد الرئيس ترامب ببيع طائرات مقاتلة بقيمة 600 مليون دولار لنيجيريا، وقد تسلمتها في عام 2020م. وبعدما تسلحت  بمعدات حديثة. تمكنت القوات النيجيرية من استعادة جميع الولايات المحلية. وجعلها تحت سيطرتها، فعاد المتمردون إلى حرب العصابات ومع هذا لا يزال تهديد بوكو حرام قائما في الشمال الشرقي، ويحتاج المتخصصون العسكريون إلى ابتكار طرق جديدة للتعامل مع التهديد القائم والتركيز علي التنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان.[63]

المطلب الثالث: جهود أوروبية لمحاربة بوكو حرام

كان الدور الأوروبي مماثل لنظيره الأمريكي إذ وضع الاتحاد الأوروبي بوكو حرام في قائمة التنظيمات الإرهابية كما ركز الأتحاد الأوروبي في مكافحة تنظيم بوكو حرام في مساعدة نيجيريا في مسارها الديمقراطي تحسين التعليم إصلاح قطاع العدالة تحسين مستويات التنمية السياسية والاقتصادية كمواجهة سلمية للقضاء على أسباب ظهور تنظيم بوكو حرام ،وفي 2015، أكد كل من الإتحاد الأوروبي والإتحاد الإفريقي عن التزامها بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة في تحقيق السلم والأمن الدوليين، حيث رحبت المفوضية الأوروبية بقرار تفعيل القوات المشتركة متعددة الجنسيات كما أكنت على دعمها وتمويلها من أجل مكافحة تنظيم بوكو حرام، ساهم الإتحاد الأوروبي ب 50 مليون يورو للقوات المشتركة فضلاً عن تقديم الاتحاد الأوروبي مليون يورو من خلال مرفق السلام الإفريقي لدعم القوات متعددة الجنسيات للمهام المشتركة والتي تغطي بشكل خاص تكاليف أفراد الفرقة والتكاليف التشغيلية واللوجستية ، وأيضا تساهم وزارة أوروبا والشؤون الخارجية في الجهود الإنسانية وجهود تحقيق الاستقرار في حوض بحيرة تشاد، وكذلك في شمال غرب نيجيريا.[64]

  • جهود فرنسية

في أواخر سنة 2014 وأوائل 2015 بدأت فرنسا في المشاركة في مكافحة تنظيم بوكو حرام، وقامت بمهام استخباراتية على الحدود النيجيرية، كما قدمت فرنسا مساعدات عسكرية لمكافحة تنظيم بوكو حرام. وقبل زيارة الرئيس النيجيري لباريس في سبتمبر 2015، تم إقامة خلية لتبادل المعلومات الإستخباراتية على المستوى الإقليمي.[65]

وفي2016 وقعت  فرنسا ونيجيريا خارطة طريق لتعزيز التعاون العسكري والاستخباراتي من أجل مكافحة الاٍرهاب وجماعة (بوكو حرام) المتطرفة عند منطقة (بحيرة تشاد) ، كما تساعد وحدات عملية برخان (5100) جندي منتشرين في كامل حزام الساحل القوات متعددة الجنسيات للمهام المشتركة في تنفيذ عمليات مكافحة الإرهاب عبر الحدود مع تعزيز تنسيق القدرات العسكرية الدولية في المنطقة .

وعلى المستوى السياسي وفيما يتعلق بالتنمية في منطقة بحيرة تشاد، تشارك فرنسا في مجموعة الدعم الدولية للاستراتيجية الإقليمية لتحقيق الاستقرار والانتعاش والقدرة على الصمود للاتحاد الأفريقي ولجنة حوض تشاد.[66]

تقييم الجهود علي المستويات الثلاثة

 علي المستوي المحلي: حققت الحكومة النيجيرية انتصارات في بعض المعارك التي شنتها علي جماعة بوكو حرام ولكنها تفتقر العديد من الفاعلية وذلك لعدة أسباب؛ كعدم قدرة الشرطة النيجيرية علي جمع المعلومات فهي تعتمد علي الاعترافات بنسبة 60٪ كما أنها تفرض في استعمال القوة ولا تفرق بين الأبرياء والإرهابيين وهذا ما يجعلها بعيدة كل البعد عن التأييد الشعبي ومساعدة المواطنين لها في حملاتها ضد بوكو حرام، علاوة على ذلك تدني مستوى الثقة في المؤسسات الأمنية المفتقرة للتعاون والتنسيق فيما بينها ويتوغلها الفساد وسوء إدارة الموارد وهو ماينعكس علي نقص تدريب الجنود الغير مؤهلين للمواجهة المباشرة .

علي المستوي الإقليمي: لا يمكن التغافل عن التقدم في مواجهة بوكو حرام التي أحرزته قوات التحالف الاقليمي المشتركة مما أدي إلي استرجاع بعض الاراضي من تحت وطأتها وهو علي أثره حجم من دورها ،وبالرغم من ذلك فأنه يعاني هذا التحالف من وجود إستراتيجية موحدة لتحقيق أهداف جماعية فكل دولة تسعي لتحقيق أهدافها منفردة ،هذا إلي جانب أزمة التمويل ؛فاقتصاديات تلك الدول هشة بالتأكيد فضلاً عن تسليحها واعتمادها المستمر علي المساعدات الدولية كما يسوده ضعف التنسيق وتبادل المعلومات نادرا ما تشارك الحكومات الوطنية والقيادات العسكرية الخطط العملياتية مع القوات المتعددة الجنسيات للمهام المشتركة مما أعاق التخطيط المشترك وحماية المدنيين.

وعلى الرغم من جهود الاتحاد الأفريقي لمكافحة الإرهاب، فأنه يعاني من قصور  في المستويات القانونية والمؤسسية إذ تظل المشكلة السائدة في سياسات الاتحاد الأفريقي لمكافحة الإرهاب هي تفضيل التدابير الوطنية على الاتفاقات الجماعية التي تعاني من عدم وجود آليات إنفاذ قوية، كما يحتاج الاتحاد الإفريقي لمكافحة الإرهاب إلى الابتكار، الذي يعتمد بشكل أساسي على نهج تقليدي، مع وجود آليات إقليمية ذات كفاءة محدودة، فضلاً عن غياب التنسيق ونقص الموارد المالية.

علي المستوي الدولي:  نستنتج اقتصار دور الأمم المتحدة علي الدعم المعنوي للقوات المتحالفة الإقليمية وتقديم المساعدات الإنسانية  دون وجود مساعدة قوية رادعة تحجم من دور هذة التنظيمات الإرهابية وهوما لم  يمنع بوكو حرام من التوقف في شن هجماتها.

الخاتمة

وختاماً تأكد الدراسة علي ما ورد في فصولها  حيث ناقشت الطبيعة داخل نيجيريا إذ تتسم بالتنوع الشديد في التنظيم الاجتماعي دينياً وأثنياً وأهم قبائلها كقبيلة الهوسا واليوربا والإيبو لتنتقل الدراسة إلب النظام السياسي في نيجيريا الذي شهد عدم استقرار منذ استقلالها وتوغلا الانقلابات العسكرية الحياة السياسية إضافة إلي الحرب الأهلية وما يشهده النظام السياسي من تدخل الدين في سياسة الدولة وهو ما أدي بدوره إلي زيادة حدة التوترات بين سكان نيجيريا ،كل هذة الاضطرابات مهدت لظهور حركة بوكو حرام التي تدعي علي نفسها “أهل السنة والدعوة والجهاد ” والإشارة إلي عامها الاسود 2009 آخذة طابع العنف بعدما قتل زعيمها محمد يوسف ومن ثم ارتكابها أخطر الجرائم في حق المدنيين واستخدام الأطفال والنساء كذروع بشرية ثم تطرقت الدراسة إلي أهم دوافع تلك الحركة ومبادئها ،لتسلط الضوء علي اثرها علي هشاشة الدولة النيجيرية موضوع الدراسة وهو ما يتمثل في انعدام الأمن وانهيار الوضع  الاقتصادي والأمن الغذائي وأيضاً تردي الوضع السياسي والبيئي وأخيراً تأكد الدراسة علي الجهود المبذولة لمحاربة بوكو حرام علي المستوي الوطني والإقليمي والدولي وما انتهجوه من آليات وقرارات للقضاء علي الإرهاب عامة وبوكو حرام خاصة . لذا توصلت الدراسة إلي أهم النتائج للدراسة تتمثل في :

  • طرح العنف الطائفي الذي شهدته نيجيريا التي تشهد تنوعاً شديداً أثنياً ودينياً كالصراعات بين مسلمي ومسيحيي  نيجيريا ظهور جماعات إرهابية جلب  تأثير ضارا على كافة مخططات الاستقرار والتنمية في نيجيريا منذ الاستقلال.
  • مبايعة بوكو حرام لداعش مكنت التنظيم من مواصلة أعماله الإرهابية والتمدد داخل الغرب الإفريقي بالإضافة إلي خروج فصيل (ولاية غرب إفريقيا) التابع لتنظيم الدولة الإسلامية ثم انشق مجموعة من بوكو حرام يرأسهم البرناوي واصحبوا تحت رعاية داعش رسمياً
  • انتشار التهديد الإرهابي لتنظيم بوكو حرام في منطقة الغرب الإفريقي، شكل تهديد استقرار وأمن دول المنطقة واختراق الحدود الوطنية، وبخاصة بعد تمكن تنظيم بوكو حرام من شن هجمات إرهابية مباشرة على دول غرب إفريقيا، كما ساهم تنظيم بوكو حرام في تنامي انتشار وتهريب الأسلحة بتحالفه مع جماعات الإجرامية بالإضافة إلي تهديدات الأمن الإنساني، بمختلف أبعاده، وبذلك اعتبر التهديد الإرهابي لتنظيم بوكو حرام من الأولويات الأمنية لدول منطقة غرب افريقيا نظرا لما يشكله من تهديد مباشر لأمنها القومي .
  • استندت الحكومة النيجيرية في مكافحتها  لتنظيم بوكو حرام على المواجهة السلمية  التي تتمثل أساسا في المفاوضات السلمية، وأيضًا  اعتمدت على الآليات العسكرية عن طريق الهجوم العسكري  واعتقال اعضاء  التنظيم، وبالرغم من كل الآليات والإجراءات الأمنية والإتفاقيات التي اتخدتها نيجيريا لمواجهة إفرازات التنظيم الإرهابي بوكو حرام، إلا أنها لم تكن كافية .
  • لم تلعب المنظمات الإقليمية دوارا هاما في مكافحة تنظيم بوكو حرام، وبخاصة الإيكواس ، بالرغم من تبنيها لإستراتيجية لمكافحة التهديد الإرهابي بمنطقة غرب افريقيا، إلا أنها لم تشهد لها دور ملموس في مكافحة تنظيم بوكو حرام، ولم تقم بتنسيق الجهود الاقليمية في ذلك، حيث اكتفت بإتخاد مواقف منددة للأعمال الإرهابية التي يقوم بها تنظيم بوكو حرام داخليا وخارجيا.
  • كما قامت المنظمات والقوى الدولية بهدف تأمين  مصالحها بالمنطقة بإتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير وبإصدار مواقف منددة أيضا ضد تنظيم بوكو حرام، لكنها لم تكن جادة في  تحقيق هدفها الأساسي المتمثل في القضاء على تنظيم بوكو حرام.

كما توصي الدراسة بمجموعة من أهم التوصيات تتمثل في :

*تقرب الحكومة النيجيرية من المواطنين وتقوية وسائل الاتصال بينهما حتي لا يتم استقطابهم من قبل الحركة وتجنيدهم ضمن أعضائها وذلك يتم من خلال تلبية احتياجاتهم وتوفير حماية لهم وخطابات المسؤولين لهم ومن الجدير بالاهتمام تصفية الخلافات بين القبائل الأثنية خاصة (الهوسا_الإيبو) وحل النزاعات علي الموارد والأراضي الزراعية.

*يجب علي الحكومة النيجيرية  الاهتمام بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية في المناطق المتضررة  لتوفير الموارد الغذائية وتوفير فرص العمل وتلبية  الاحتياجات الأساسية لبقاء الأفراد على قيد الحياة، وذلك من خلال الاستثمار.

*يجب  القضاء على كل أشكال الفساد  بين الأقاليم، ومحاربة الفقر وتطبيق  الحوكمة  الجيدة لتقليل العوامل التي تسهم في تعزيز الانتماء لحركات متطرفة.

* تعزيز الجهود الدينية والاهتمام بالخطابات الدينية لمنع انتشار الأفكار المتطرفة وتصحيح الأخطاء الفكرية بجانب الإصلاح التعليمي وتوفير التعليم المجاني.

*لابد أن تهتم الحكومة بشكل كبير “بقوات المهام المدنية المشتركة” وتدريبهم وتسليحهم ومدهم بالمعلومات الكافية للتصدي للتنظيم الإرهابي بوكو حرام .

* تقوية التعاون العسكري بين الاتحاد الأوروبي والإتحاد الإفريقي بشكل يسمح ببناء قدرات الجيوش الإفريقية ويضمن محاربة الإرهاب بشكل عام وبوكو حرام بشكل خاص ويتم تطبيق ذلك بآليات أكثر فاعلية في مهاجمة معاقل التنظيم منعاً لتكوين تنظيمات إرهابية عابرة للحدود .

*حشد دعم أكبر للمبادرات الإقليمية من خلال الهياكل ذات الصلة بالاتحاد الأفريقي، بما في ذلك المركز الأفريقي للدراسات والبحوث المتعلقة بالإرهاب، وآلية الاتحاد الأفريقي للتعاون في مجال الشرطة، ولجنة أجهزة الأمن والاستخبارات  في إفريقيا .

قائمة المراجع باللغة العربية

أولاً: الرسائل العلمية

١) إحسان أمينة مرداس ، الإرهاب وإنعكاساته علي منطقة غرب إفريقيا دراسة حالة بوكو حرام بنيجيريا 2001:2016، رسالة ماجستير ، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، جامعة الجزائر ، 2016م

٢) شيماء محيي الدين محمود، العلاقة بين آليات تداول السلطة والاستقرار السياسي للدول الإفريقية منذ انتهاء الحرب الباردة”: دراسة حالتي نيجيريا، وموريتانيا، رسالة دكتوراه، قسم السياسة والاقتصاد، معهد البحوث والدارسات الإفريقية، جامعة القاهرة، 2014م

٣) صلاح السيد عبد المنعم، الانتخابات الوطنية في نيجيريا 2007: دراسة في الديناميات السياسية، رسالة ماجستير، قسم السياسة والاقتصاد، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة، 2012م

ثانياً: الدوريات العلمية

١)أحمد صلحي ،التطرف بغرب أفريقيا: بوكوحرام نموذج، مجلة رهانات ، مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية ع٣٨ ،٢٠١٦م

٢) أحمد مرتضي ، جماعة بوكو حرام ، قراءات سياسية  محكمة  ،العدد الثاني عشر ، يونيو٢٠١٢م

٣) أميدو ساني ، الخطابات السلفية والجهادية :بوكو حرام  وشبكات الإرهاب الصاعدة في الغرب الإفريقي المسلم  مركز فيصل للبحوث الإسلامية ، نوفمبر ٢٠١٦م

٤) أونا إخومو ، بوكو حرام – تحدِّيات أمنية وتمرُّد متصاعد، التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب  العدد ثلاثون ، يناير 2022م

٥) إدريس عطية، الجريمة المنظمة والإرهاب :مصادر جديدة لتهديد الأمن في إفريقيا، مجلة الأستاذ الباحث للدراسات السياسية والقانونية ، م١، العدد الثامن ،2017م

٦) بشرى عبد الكاظم عبيد، التكوين الإثني في نيجيريا وأثره الجيوبولتيكي ،مجلة كلية الأداب ، العدد 9، 2005م

٧) حكيم آلادي نجم الدين ، التحديات السياسية والاقتصادية أمام  “بوال تينوبو” الرئيس النيجيري الجديد آفاق إستراتيجية العدد7، 7يونيـو 2023م

٨) حمدي عبد الرحمن حسن، العنف وهشاشة الدولة: بوكو حرام نموذجا، مجلة الديمقراطية ، مؤسسة الأهرام، مج٢٥،ع٥٨، ٢٠١٥م

٩)  رشا رمزي، الجهود الدولية  والإقليمية لمحاربة الإرهاب غرب إفريقيا: بوكو حرام في نيجيريا، متابعات إفريقية مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ، العدد 10، 2021م

١٠)  رولان جاكار ، ظلال “بوكو حرام” والانتخابات الرئاسية في نيجيريا ، آفاق سياسية  ، المركز العربي للبحوث والدراسات ، ع٣٢ ،٢٠٢٣م

١١)  شعيب العابد ،مقاربة الحكومة النيجيرية في مكافحة بوكو حرام: الإنجازات والمعوقات،  مجلة السياسة العالمية المجلد ٦، العدد ٢، ٢٠٢٢م

١٢) عبده مختار موسي ، بوكو حرام: من أين جاءت؟ وكيف تواجه؟، الخطاب التكفيري في الفكر العربي الحديث والمعاصر ، لناشر: جامعة القيروان – كلية الآداب والعلوم الإنسانية ،مجلد ١ ،2017م

١٣) عبد الحق زغداك ، النزاع في نيجيريا بين الاثنية والظاهرة الإرهابية: بوكو حرام نموذجا،  جامعة محمد خيضر بسكرة – كلية الحقوق والعلوم السياسية ، ع١٦،ديسمبر  ٢٠١٧م

١٤) عدنان بوزيدي ، الدولة الفاشلة: دراسة في المفهوم والظاهرة، مجلة مدارات سياسية ، المجلد 1، العدد4، مارس 2018م

١٥ ) فاروق حسين أبو ضيف ، التغير المناخي والإرهاب: بحيرة تشاد نموذجا، مركز الدعم واتخاذ القرار، آفاق استراتيجية – العدد 6،  أغسطس 2022م

١٦) فريدة حموم ، لسمر أسماء ، حركة بوكو حرام كتهديد للأمن الإنساني في نيجيريا ، المجلة الاكاديمية للبحوث القانونية والسياسية ، المجلد ٥ ،العدد الثاني، ٢٠٢١م

١٧) كبير آدم ، مبادئ بوكو حرام عرضاً ونقداً ، مجلة العلوم الفنية والإدارية والاجتماعية، ديسمبر ٢٠٢٢م

١٨) كنزة مغيـــش، الدولة الهشة” أم “وضعية الهشاشة” ؟ قراءة في إشكالية  بناء الدولة في إفريقيا، المجلة الجزائرية للدراسات السياسية ،المجلد 8،العدد1 يونيو2021م

١٩) كريم راقولي، أحلام وغسيلي، الصراعات الإثنية وإشكالية بناء الدولة في إفريقيا :دراسة حالة نيجيريا جامعة الجيالي  بونعامة ، مجلة العلوم الإنسانية  والاجتماعية ، ع٣،  2022م

٢٠) محمد عبد المحسن سعدون, مفهوم الإرهاب وتجريمه في  التشريعات الجنائية الوطنية والدولية، العدد السابع 2008م

٢١) نشوى مختار حسين، دور المنظمات  الدولية والإقليمية  في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي  مجلة الدراسات الإفريقية ، العدد 50، الجزء 2، يوليو 2021م

٢٢) هشام بشير، الجهود المحلية والإقليمية والدولية لمكافحة بوكو حرام ،مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد الثالث  يوليو 2019م

٢٣)  هيفاء احمد محمد، ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في نيجيريا:  دراسة في حركة دلتا نهر النيجر، دراسات دولية ، العدد السادس والأربعون.

رابعاً: الروابط الإلكترونية

١.أحمد أمل ، الاستراتيجية النيجيرية الجديدة لمكافحة الإرهاب: إجراءات استثنائية وتحديات صعبة، المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية النشر بتاريخ 11/11/2019، https://ecss.com.eg/7480/

٢.أماني خليل بخريبة، الدولة الهشة ،الموسوعة السياسية ،2020-09-10، متاح علي https://political-encyclopedia.org/dictionary/

٣. أحمد خميس، أحمد السمبختي، التنمية السياسية في دولة نيجيريا ( تقرير )، المركز الديمقراطي العربي، ٢٠سبتمبر٢٠٢٠، متاح عليhttps://democraticac.de/?p=84823

٤.أحمد عبدالرحمن خليفة،نيجيريا في السياق الغرب إفريقي: نظرة حول طبيعة الدولة وتطورها وقواها السياسية،مركزالحضارة للدراسات والبحوث  ديسمبر 2017، متاح علي

https://hadaracenter.com/%

٥. الخضر عبد الباقي محمد، بوكو حرام ورهانات المواجهة، التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب  08/12/2019، متاح علي

https://www.imctc.org/ar/eLibrary/Articles/Pages/Articles8

٦.حمدي  هبد الرحمن حسن ، تقويم مقاربات مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل ، مركز الاهرام للدراسات السياسية الإستراتيجية ، 13مارس 2024، متاح علي

https://acpss.ahram.org.eg/News/17”51.a’px

٧.  سيد غنيم ، الدولة الفاشلة ومؤشرات الدول الهشة، معهد شؤون الأمن والدفاع ، فبراير 2021، متاح علي https://igsda.org/%’8%A7%D9%8

٨. عبير مجدي ، لماذا تستهدف التنظيمات الإرهابية في إفريقيا تلاميذ المدارس؟، مركز رع للدراسات الإستراتيجية، 21 يونيو، 2023، متاح علي https://rcssegypt.com/14567

٩. علي بكر ، “بوكو حرام” والخلافة الإسلامية.. التأثيرات الداخلية والإقليمية، مجلة السياسة الدولية ، 21-9-2014، متاح علي https://www.siyassa.org.eg/News/4894.as’x

١٠. علي بكر، لماذا يصعب القضاء على جماعة بوكو حرام؟، مجلة السياسة الدولية في 29 مايو 2017، متاح علي http://www.siyassa.org.eg/News/120”2.as’x

١١.محمد الشرقاوي ، أثر حوكة بوكو حرام علي الاستقرار الأمني في منطقة الساحل ، المركز العربي للبحوث والدراسات ، 6فبراير 2022، متاح http://www.acrseg.org/43109

١٢.  محمود الطباخ، الإرهاب والاستقرار السياسي في نيجيريا.. التداعيات وحدود التأثير، العرب للبحوث والدراسات ، 2022/09/21 11:33:48متاح علي https://alarab2030.com/%DA7/١

١٣. محمود زكريا ، مكافحة الإرهاب في أفريقيا: دراسة في الأطر القانونية والمؤسسية، مركز فاروس الإستشارات والدراسات الإستراتيجية ، 2020/01/12، متاح علي https://pharostudies.com/%أ

١٤. تهديد العصابات: أبعاد تصاعد حالة العنف في نيجيريا، إنترريجونال  للتحليلات الإستراتيجية ،4يناير 2024، متاح علي https://www.interregional.com/article/%”8%AA%D9

١٥. قراءة موجزة في ملف جرائم “بوكو حرام”، وحدة رصد اللغات الإفريقية ، الأزهر الشريف ، متاح علي

https://www.azhar.eg/observer/details/ArtMI”/1142/ArticleID

١٦. مكافحة الإرهاب ـ جهود الاتحاد الأوروبي في إفريقيا، المركز الأوروبي للدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات  مايو 06, 2023، متاح علي https://www.europarabct.com

١٧. هيئة الأمم المتحدة، مركز أنباء الأمم المتحدة مجلس الأمن يدرج حركة بوكو حرام على قائمة لجنة العقوبات ،الموقع : http://www.un.org/arabic/news/topstory.’sp?month=5&year=2014

١٨. 25.3 مليون في نيجيريا معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي الحار..تغير المناخ والصراع يعمقان الأزمة، المستقبل الأخضر ، 08/06/2023، متاح علي https://greenfue.com/25-3-%

English resources

1)France and Nigeria, France Diplomacy, 29 August 2023.

https://www.diplomatie.gouv

2) Modu Lawman Gana, “Strategy of Civilian Joint Task Force Militia in Cumbating Bolar Haram in Northern Nigeria”, Amarnanива ,Journal of Legal Studies , 2020.

https://ijols.com/resources/html/article/details

3) Olajide O Akanjit, “Sub-regional Security Challenge: ECOWAS and the War on Terrorism in West Africa.” Inright on Africa , 2019.

https://ideas.repec.org/a/sae/inafri/v11y2019i1p

4) Terna loryue Venda, “Terrorism And Nigeria’s Foreign,02/07/2016.

https://intellektualtourist.wordpress.com/about-intellectualtourist

[1] إدريس عطية ،الجريمة المنظمة والإرهاب :مصادر جديدة لتهديد الأمن في إفريقيا، مجلة الأستاذ الباحث للدراسات السياسية والقانونية ، م١، العدد الثامن ،2017، ص59

[2] محمد عبد المحسن سعدون, مفهوم الإرهاب وتجريمه في  التشريعات الجنائية الوطنية والدولية، العدد السابع 2008،ص136

[3] كنزة مغيـــش، الدولة الهشة” أم “وضعية الهشاشة” ؟ قراءة في إشكالية  بناء الدولة في إفريقيا، المجلة الجزائرية للدراسات السياسية ،المجلد 8،العدد1 يونيو2021، ص 227

[4] أماني خليل بخريبة ، الدولة الهشة ،الموسوعة السياسية ،2020-09-10، متاح علي https://political-encyclopedia.org/dictionary/

[5] عدنان بوزيدي ، الدولة الفاشلة: دراسة في المفهوم والظاهرة، مجلة مدارات سياسية ، المجلد 1، العدد4، مارس 2018، ص59

[6] سيد غنيم ، الدولة الفاشلة ومؤشرات الدول الهشة، معهد شؤون الأمن والدفاع ، فبراير 2021، متاح علي

https://igsda.org/%D8%A7%D9%84%

[7] بشرى عبد الكاظم عبيد، التكوين الإثني في نيجيريا وأثره الجيوبولتيكي ،مجلة كلية الأداب ، العدد 90 ، 2005، ص313

[8] كريم راقولي، أحلام وغسيلي، الصراعات الإثنية وإشكالية بناء الدولة في إفريقيا :دراسة حالة نيجيريا ،جامعة الجبالي  بونعامة ، مجلة العلوم الإنسانية  والاجتماعية ، ع٣، ٢٠٢٠، ص٣٦١

[9] أحمد خميس أحمد السمبختي، التنمية السياسية في دولة نيجيريا ( تقرير )، المركز الديمقراطي العربي، ٢٠سبتمبر٢٠٢٠، متاح علي

https://democraticac.de/?p=84823

[10] أحمد عبدالرحمن خليفة،نيجيريا في السياق الغرب إفريقي: نظرة حول طبيعة الدولة وتطورها وقواها السياسية، مركز الحضارة للدراسات والبحوث  ديسمبر 2017، متاح علي https://hadaracenter.com/%

[11] هيفاء احمد محمد، ظاهرة عدم الاستقرار السياسي في نيجيريا:  دراسة في حركة دلتا نهر النيجر، دراسات دولية ، العدد السادس والأربعون، ص97

[12] حمدي عبد الرحمن حسن، العنف وهشاشة الدولة: بوكو حرام نموذجا، مجلة الديمقراطية ، مؤسسة الأهرام، مج٢٥،ع٥٨، ٢٠١٥، ص١٥٣

[13] شيماء محيي الدين محمود، العلاقة بين آليات تداول السلطة والاستقرار السياسي للدول الإفريقية منذ انتهاء الحرب الباردة”: دراسة حالتي نيجيريا، وموريتانيا، رسالة دكتوراه، قسم السياسة والاقتصاد، معهد البحوث والدارسات الإفريقية، جامعة القاهرة، 2014، ص  86-89.

[14] صلاح السيد عبد المنعم، الانتخابات الوطنية في نيجيريا 2007: دراسة في الديناميات السياسية، رسالة ماجستير، قسم السياسة والاقتصاد، معهد البحوث والدراسات الإفريقية، جامعة القاهرة، 2012، ص  37 – 42.

[15] أحمد عبدالرحمن خليفة،نيجيريا في السياق الغرب إفريقي: نظرة حول طبيعة الدولة وتطورها وقواها السياسية، مرجع سابق

[16] رولان جاكار ، ظلال “بوكو حرام” والانتخابات الرئاسية في نيجيريا ، آفاق سياسية  ، المركز العربي للبحوث والدراسات ، ع٣٢ ،٢٠٢٣ ،ص٢٤

[17] أحمد صلحي ،التطرف بغرب أفريقيا: بوكوحرام نموذج، مجلة رهانات ، مركز الدراسات والأبحاث الإنسانية ، ع٣٨ ،٢٠١٦،. ص٦٩

[18] أحمد مرتضي ، جماعة بوكو حرام ، قراءات سياسية  محكمة  ،العدد الثاني عشر ، يونيو٢٠١٢، ص١٤

[19] أميدو ساني ، الخطابات السلفية والجهادية :بوكو حرام  وشبكات الإرهاب الصاعدة في الغرب الإفريقي المسلم ، مركز فيصل للبحوث الإسلامية ، نوفمبر ٢٠١٦، ص٢٣

[20]  عبير مجدي ، لماذا تستهدف التنظيمات الإرهابية في إفريقيا تلاميذ المدارس؟، مركز رع للدراسات الإستراتيجية، 21 يونيو، 2023، متاح علي https://rcssegypt.com/14567

_[21] هزيمة بوكو حرام ، مجلة منبر الدفاع الإفريقي ، رؤية إفريقية ،  المجلد ١١، الربع ١، ص١٢

[22] الخضر عبد الباقي محمد، بوكو حرام ورهانات المواجهة، التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب ، 08/12/2019، متاح علي https://www.imctc.org/ar/eLibrary/Articles/Pages/Articles8122019.aspx

[23] فريدة حموم ، لسمر أسماء ، حركة بوكو حرام كتهديد للأمن الإنساني في نيجيريا ، المجلة الاكاديمية للبحوث القانونية والسياسية ، المجلد ٥ ،العدد الثاني، ٢٠٢١، ص  ١١٥١،١١٥٢

[24] أحمد مرتضي ، جماعة بوكو حرام ، قراءات سياسية  محكمة  ،مرجع سابق

[25]  كبير آدم ، مبادئ بوكو حرام عرضاً ونقداً ، مجلة العلوم الفنية والإدارية والاجتماعية، ديسمبر ٢٠٢٢، ص٢٤٣

[26] عبده مختار موسي ، بوكو حرام: من أين جاءت؟ وكيف تواجه؟، الخطاب التكفيري في الفكر العربي الحديث والمعاصر ، لناشر: جامعة القيروان – كلية الآداب والعلوم الإنسانية ،مجلد ١، ٢٠١٧،ص٢١٤

[27] إحسان أمينة مرداس ، الإرهاب وإنعكاساته علي منطقة غرب إفريقيا دراسة حالة بوكو حرام بنيجيريا 2001:2016، رسالة ماجستير ، كلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية ، جامعة الجزائر ، 2016،ص149،150

[28] علي بكر ، “بوكو حرام” والخلافة الإسلامية.. التأثيرات الداخلية والإقليمية، مجلة السياسة الدولية ، 21-9-2014، متاح علي https://www.siyassa.org.eg/News/4894.as’x

[29] إحسان أمينة مرداس ، الإرهاب وإنعكاساته علي منطقة غرب إفريقيا دراسة حالة بوكو حرام بنيجيريا 2001:2016، مرجع سابق .

[30] عبد الحق زغداك ، النزاع في نيجيريا بين الاثنية والظاهرة الإرهابية: بوكو حرام نموذجا،  جامعة محمد خيضر بسكرة – كلية الحقوق والعلوم السياسية ، ع١٦،ديسمبر  ٢٠١٧، ص٣١٠

[31] فريدة حموم ، لسمر أسماء ، حركة بوكو حرام كتهديد للأمن الإنساني في نيجيريا ، مرجع سابق

[32] ،_ قراءة موجزة في ملف جرائم “بوكو حرام”، وحدة رصد اللغات الإفريقية ، الأزهر الشريف ، متاح علي

https://www.azhar.eg/observer/details/ArtMI”/1142/ArticleID

[33] محمود الطباخ، الإرهاب والاستقرار السياسي في نيجيريا.. التداعيات وحدود التأثير، العرب للبحوث والدراسات  2022/09/21 11:33:48متاح علي https://alarab2030.com/%DA7/

[34] حكيم آلادي نجم الدين ، التحديات السياسية والاقتصادية أمام  “بوال تينوبو” الرئيس النيجيري الجديد، آفاق إستراتيجية العدد7، 7يونيـو 2023، ص 141،142

[35] 25.3 مليون في نيجيريا معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي الحار..تغير المناخ والصراع يعمقان الأزمة، المستقبل الأخضر ، 08/06/2023، متاح علي https://greenfue.com/25-3-%

_[36] تهديد العصابات: أبعاد تصاعد حالة العنف في نيجيريا، إنترريجونال  للتحليلات الإستراتيجية ،4يناير 2024، متاح علي https://www.interregional.com/article/%”8%AA%D9

[37] Terna loryue Venda, “Terrorism And Nigeria’s Foreign,02/07/2016 “,https://intellektualtourist.wordpress.com/about-intellectualtourist/).

[38] فاروق حسين أبو ضيف ، التغير المناخي والإرهاب: بحيرة تشاد نموذجا، مركز الدعم واتخاذ القرار، آفاق استراتيجية – العدد 6، أغسطس 2022،ص107

[39] علي بكر، لماذا يصعب القضاء على جماعة بوكو حرام؟، مجلة السياسة الدولية في 29 مايو 2017، متاح علي

http://www.siyassa.org.eg/News/120”2.aspx

[40] شعيب العابد ،مقاربة الحكومة النيجيرية في مكافحة بوكو حرام: الإنجازات والمعوقات،  مجلة السياسة العالمية ،المجلد ٦ العدد ٢، ٢٠٢٢، ص٣٤٧

[41] إحسان أمينة مرداس ، الإرهاب وإنعكاساته علي منطقة غرب إفريقيا دراسة حالة بوكو حرام بنيجيريا 2001:2016

مرجع سابق ، ص188

[42] شعيب العابد ،مقاربة الحكومة النيجيرية في مكافحة بوكو حرام: الإنجازات والمعوقات،  مرجع سابق ، ص344

[43] هشام بشير، الجهود المحلية والإقليمية والدولية لمكافحة بوكو حرام ،مجلة كلية السياسة والاقتصاد، العدد الثالث ، يوليو  2019، ص18

[44] إحسان أمينة مرداس ، الإرهاب وإنعكاساته علي منطقة غرب إفريقيا دراسة حالة بوكو حرام بنيجيريا 2001:2016 مرجع سابق ، ص١٩٥

[45] حكيم نجم الدين ، أزمة بوكو حرام وتقييم الجهود لمحاربتها ، متابعات إفريقية ، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ، العدد ١، 2020، ص21

[46] أحمد أمل ، الاستراتيجية النيجيرية الجديدة لمكافحة الإرهاب: إجراءات استثنائية وتحديات صعبة، المركز المصري للفكر والدراسات الإستراتيجية النشر بتاريخ 11/11/2019، https://ecss.com.eg/7480/

[47] القوات الجوية النيجيرية تستفيد بمرافق جديدة لطائرات «مغيرة لقواعد اللعبة»، منبر الدفاع الإفريقي ، مايو 16, 2023، متاح علي https://adf-magazine.com/ar/2023/05/

[48] Modu Lawman Gana, “Strategy of Civilian Joint Task Force Militia in Cumbating Bolar Haram in Northern Nigeria”, Amarnanива ,Journal of Legal Studies , 2020

https://ijols.com/resources/html/article/details?id=206494&language=en

[49] رشا رمزي، الجهود الدولية  والإقليمية لمحاربة الإرهاب غرب إفريقيا: بوكو حرام في نيجيريا، متابعات إفريقية ، مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية ، العدد 10، 2021، ص28

[50] هشام بشير، الجهود المحلية والإقليمية والدولية لمكافحة بوكو حرام ، مرجع سابق ،  ص21

[51] عباس محمد  صالح عباس، الجهود الإقليمية لمكافحة تهديد “بوكو حرام” المحددات والآفاق، رؤية تركية ، ع 16 2015، ص122

[52] محمد الشرقاوي ، أثر حوكة بوكو حرام علي الاستقرار الأمني في منطقة الساحل ، المركز العربي للبحوث والدراسات ، 6فبراير 2022، متاح

http://www.acrseg.org/43109

[53] حمدي  هبد الرحمن حسن ، تقويم مقاربات مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل ، مركز الاهرام للدراسات السياسية و الإستراتيجية ، 13مارس 2024، متاح علي

https://acpss.ahram.org.eg/News/17”51.aspx

[54] محمود زكريا ، مكافحة الإرهاب في أفريقيا: دراسة في الأطر القانونية والمؤسسية، مركز فاروس الإستشارات والدراسات الإستراتيجية ، 2020/01/12، متاح علي https://pharostudies.com/%أ

[55] نشوى مختار حسين، دور المنظمات  الدولية والإقليمية  في مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل الإفريقي ، مجلة الدراسات الإفريقية ، العدد 50، الجزء 2، يوليو 2021، ص123

[56]) Olajide O Akanjit, “Sub-regional Security Challenge: ECOWAS and the War on Terrorism in West Africa.” Inright on Africa ,  (2019)

https://ideas.repec.org/a/sae/inafri/v11y2019i1p94-112.html

[57] المجموعة الخماسية لدول الساحل هي: بوركينا فاسو وتشاد ومالي وموريتانيا والنيجر) هذه المبادرة لتعزيز سلامة شعوبها  أنشأت في 2017 انسحب مؤخرا كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر.

[58] هيئة الأمم المتحدة، مركز أنباء الأمم المتحدة مجلس الأمن يدرج حركة بوكو حرام على قائمة لجنة العقوبات على الموقع : http://www.un.org/arabic/news/topstory.asp?month=5&year=2014

[59] الخضر عبد الباقي ، المواجهة الجماعية تقييم  الجهود الإقليمية والدولية لمحاربة بوكو حرام ، أكاديميا  العربية ، 2015، متاح علي https://academia-arabia.com/ar/reader/article/

[60] Security Council Strongly Condemns Terrorist Attacks, Other Violations in Lake Chad Basin Region, Unanimously Adopting Resolution 2349 (2017, United nations ,   31 March 2017  https://press.un.org/en/2017/sc12773.doc.htm.

[61] إحسان أمينة مرداس ، الإرهاب وإنعكاساته علي منطقة غرب إفريقيا دراسة حالة بوكو حرام بنيجيريا 2001:2016 مرجع سابق ، ص 230.

[62] الخضر عبد الباقي ، المواجهة الجماعية تقييم  الجهود الإقليمية والدولية لمحاربة بوكو حرام ، مرجع سابق ، متاح علي https://academia-arabia.com/ar/reader/article/

[63] أونا إخومو ، بوكو حرام – تحدِّيات أمنية وتمرُّد متصاعد، التحالف الإسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب ، العدد ثلاثون ، يناير 2022، ص11

[64] مكافحة الإرهاب ـ جهود الاتحاد الأوروبي في إفريقيا، المركز الأوروبي للدراسات مكافحة الإرهاب والاستخبارات ، مايو 06, 2023https://www.europarabct.com/

[65] شعيب العابد ،مقاربة الحكومة النيجيرية في مكافحة بوكو حرام: الإنجازات والمعوقات، مرجع سابق ، ص341

[66] France and Nigeria, France Diplomacy, 29 August 2023

https://www.diplomatie.gouv.fr/en/country-files/nigeria/france-and-nigeria-65149/

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى