تأثير الروبوتات و الذكاء الاصطناعي على حياة الأطفال المصابين بالشلل الدماغي

اعداد : د. هيفاء محمود الأشقر – جامعة الزهراء (عليها السلام) للبنات -تربية الطفل-العراق
- المركز الديمقراطي العربي
يعد الشلل الدماغي (Cerebral Palsy)، من أكثر الإعاقات التي نالت اهتمام قطاعات مختلفة في المجتمع فهي مشكلة متعددة الأبعاد والجوانب، حيث أن لها أبعاد صحية واجتماعية ونفسية وتأهيلية ومهنية، والسبب في زيادة الاهتمام بدارسة الشلل الدماغي هو تعدد الأسباب التي تؤدي إلى هذه الإعاقة وتنوع أشكالها وترافقها مع كثير من الإعاقات الأخرى، وبالتالي تزايد تأثيرها السلبي على المجتمع عموماً وعلى فئة الأطفال خصوصاً.
ويعرف الشلل الدماغي (Cerebral palsy) بأنه اضطراب نمائي ينجم عن خلل في الدماغ ويظهر على شكل عجز حركي يصحبه غالباً اضطرابات حسية أو معرفية أو انفعالية فالأطفال الذين يعانون من الشلل الدماغي وبكونه يأخذ أشكال مختلفة لا يوجد اثنان يعانون من الشلل الدماغي متشابهين تماماً فالبعض إعاقتهم تكاد تكون ملحوظة وآخرون تكون إعاقتهم شديدة وكثير من
الأطفال المصابين لديهم صعوبات في التعلم مما يسبب بطئ في النضج .
– التكنولوجيا في علاج الشلل الدماغي:
طورت التقانات الحديثة طريقة التعامل مع إصابات الشلل الدماغي عند الأطفال من خلال إسهامها في تحسين القدرة على الحركة والاستقلالية. وسنتناول في مقالنا كيفية استخدام
الأجهزة المساعدة، الروبوتات الذكاء الاصطناعي، وغيرها من التقنيات المبتكرة في تحسين التأهيل والعلاج.
-الأجهزة المساعدة:
تقوم الأجهزة المساعدة بتحسين قدرة الأطفال المصابين بالشلل الدماغي على الحركة والاتصال وأداء الخدمات التي يحتاجها للوصول للاستقلالية. ومن هذه الأجهزة نذكر ما يلي:
-الكراسي المتحركة الذكية:
والتي تعمل بتقانات حديثة مثل التمكن من التحكم بالعين أو الصوت، مما يمكن الأطفال العاجزين عن استخدام الأيدي بتحريك الكرسي بسهولة. كما يوجد بعض الكراسي مزودة بحساسات لمنع
الاصطدام، ما يزيدها أماناً أثناء التنقل.
-الأطراف الصناعية والهيكل الخارجي الروبوتي:
وهذه الأجهزة تساعد الأطفال الذين لديهم مشاكل في الحركة (المشي –الوقوف) من خلال استخدام الهيكل
الخارجي الروبوتي لتمكن الأطفال من القيام بالتمارين العلاجية، وهذا ما يحسن من التحكم العضلي وتقليل التشنجات.
-الأجهزة الداعمة للاتصال:
وتعتمد على لوحات اللمس والذكاء الاصطناعي، حيث يستطيع الطفل المصاب من اختيار كلمات منطوقة بصوت آلي وهذا ما يجعله قادراً على الإفصاح عن احتياجاته. كما أن بعض هذه الأجهزة تعتمد على متابعة حركة العين لتمكين التواصل دون الحاجة إلى لمس الشاشة.
– العلاج باستخدام الروبوتات : تحسين التأهيل الحركي والعصبي:
تقوم الروبوتات بتحسين مهارات الطفل الحركية المصاب بالشلل الدماغي من خلال تمارين متكررة موجهة. وسنقوم بذكر بعض التقنيات المستخدمة:
-الروبوتات المساعدة في المشي:
تستخدم هذه الأجهزة نظام دعم يقوم بالتخفيف من الضغط على الساقين مما يساعد الأطفال المصابين بالشلل الدماغي في بناء قوتهم العضلية وتحسين توازنهم.
-الروبوتات المساعدة في العلاج الطبيعي:
هذه الروبوتات توفر مقاومة موجهة أثناء التمارين، مما يحسن مرونة المفاصل ويزيد من قوة العضلات تدريجيا عند الأطفال المصابين بالشلل الدماغي.
-الروبوتات التفاعلية:
تعمل بعض هذه الروبوتات كصديق للطفل المصاب بالشلل الدماغي أثناء قيامه بالتمارين مما يجعله أكثر التزاما بالجلسات العلاجية.
-الذكاء الاصطناعي في التشخيص والعلاج:
يقوم الذكاء الاصطناعي بالتشخيص المبكر للأطفال المصابين بالشلل الدماغي من خلال تحليل صور الأشعة الدماغية (مثل التصوير بالرنين المغناطيسي) لاكتشاف علامات الشلل الدماغي مبكرا، وهذا ما يجعلنا نقوم ببدء التدخل العلاجي في وقت أبكر.
-التقييم الحركي الذكي:
تستخدم خوارزميات الذكاء الاصطناعي لتحليل مقاطع الفيديو التي تظهر حركة الطفل، وتنتقل إلى تقديم تقييم دقيق حول قدراته الحركية، مما يجعل الأطباء قادرين على تصميم خطط
علاجية بناء على حالته.
-التطبيقات الذكية لإعادة التأهيل:
تعتمد بعض من هذه التطبيقات على الواقع الافتراضي لمتابعة تقييم أداء الطفل وذلك أثناء التمارين العلاجية وتعطي توجيهات فورية على كيفية تجاوز نقاط الضعف وتحسين أداءه مما يجعل جلسات العلاج أكثر تفاعلا وتحفيزا.
–الواقع الافتراضي والواقع المعزز في إعادة التأهيل:
توفر هذه التقنيات بيئات تفاعلية تسمح للأطفال بممارسة التمارين العلاجية بطريقة مليئة
بالتحفيز، مثل:
أ-برامج الواقع الافتراضي للتوازن والتنسيق الحركي:
هنا يوجه الطفل المصاب بالشلل الدماغي لأداء حركات معينة داخل بيئة افتراضية محفزة، مثل لعبة تحتاج إلى تحريك الجسم للحفاظ على التوازن.
ب-الواقع المعزز لتحفيز المهارات الحركية:
تستخدم نظارات الواقع المعزز لإضافة عناصر مرئية على البيئة الحقيقية، وهذا يحسن مهارات الطفل الحركية من خلال تفاعله مع الأشياء الافتراضية.
ومن هنا نجد أن التكنولوجيا أصبحت داعم أساسي لعلاج الأطفال المصابين بالشلل الدماغي من خلال التقانات الحديثة التي تقوم باستخدامها مما يجعل الطفل أكثر تفاعلا والتزاما بالعلاج . ومع استمرار التطور في هذا المجال، يمكن أن تشهد السنوات القادمة مزيدا من الابتكارات التي تسهم في تحسين جودة الحياة للأطفال المصابين وأسرهم.