الشرق الأوسطتحليلاتعاجل

مضيق هرمز تحت التهديد : كيف ستكون تداعيات الإغلاق على اسواق النفط والإقتصاد العالمي

بقلم الاستاذ التدريسي : أحمد عبد السلام هورامي  – كلية العلوم السياسية / الجامعة المستنصرية

  • المركز الديمقراطي العربي

 

يعد مضيق هرمز واحدا من اهم الممرات البحرية في العالم لنقل النفط والبضائع حيث تمر عبره ما يقارب الــــــ 20 % من الامددات العالمية للنفط الخام بمعدل 17 مليون برميل يوميا في بعض التقديرات ، ويقع المضيق بين الساحل الجنوبي لإيران والساحل الشمالي لسلطنة عمان وبعرض 39 كم او 21 ميلا بحريا . وتعتمد عليه دول الخليج في نقل الصادرات والنفط الخام الى الاسواق العالمية بشكل رئيسي .

وتبلغ صادرات النفط التي تصدرها دول الخليج والعراق بحوالي 90% من الصادرات النفطية ، كما يمر عبر المضيق حوالي 25% من الغاز المسال المصدر الى الاسواق العالمية خاصة من دولة قطر التي تعد من اكبر مصدري الغاز المسال في العالم ، وبعد عرض الاهمية التجارية فأن التصعيد العسكري الحالي وخصوصا بعد قيام الولايات المتحدة بشن ضربات جوية على مواقع نووية داخل العمق الايراني ، فـأن موضوع غلق مضيق هرمز اصبح بيد اللاعب الايراني ، اذ صوت البرلمان الايراني على غلق المضيق مع ترك الامر النهائي بيد المرشد الاعلى ( علي خامنائي) ، حيث التهديدات بغلق المضيق سوف تؤدي وبشكل لا لبس فيه الى ارتفاع اسعار النفط العالمية بنسبة 10- 20 % اما اذا كان هناك إغلاق كامل للمضيق فقد يؤدي الى ارتفاع اسعار النفط بشكل غير مسبوق وقد يصل برميل النفط الى 150 دولار للبرميل في غضون ايام قليلة من الاغلاق ، وبطبيعة الحال فأن توقف شحنات النفط عن طريق المضيق و ارتفاع تكاليف الشحن سوف يعطل التجارة العالمي وقد يؤدي الى تضخم إقتصادي عالمي ، إضافة الى ان دول الخليج والتي تعتمد بشكل اساسي على تصدير النفط في تطوير الاستثمارات والتنمية المستدامة في بلدنها سوف تجد نفسها مجبرة على تقديم تنازلات سياسية والدفع مع حلفائها مثل الولايات المتحدة بالتخفيف من الضغط العسكري على إيران في سبيل إعادة فتح مضيق هرمز او الدخول في ازمة إقتصادية نفطية عالمية سيكون تأثيرها في الدرجة الاساس على منطقة الخليج والعراق، لان دول الخليج والعراق يعتمدون إعتمادا شبه تام على المضيق في إستيراد البضائع والمواد الاولية من اسيا و اوروبا اضافة الى تصدير النفط  .

كما ان البدائل الاخرى فيما اذا تم إغلاق مضيق هرمز بالنسبة لدول الخليج تكاد تكون معدومة مما سوف يؤدي الى زيادة الطلب على النفط دون ان تكون هناك حلول لتصديره الامر الذي سوف يؤدي الى زيادة المخزون النفطي مع عدم القدرة على تصديره وبذلك سوف يكون هنالك خلل في إستقرار اسعار النفط العالمية وهذا بحد ذاته سوف يكلف دول الخليج والعراق خسائر يومية قد تصل الى مليارات الدولارات . ولتباين اهمية مضيق هرمز في تصدير النفط لدول الخليج يمكن اخذ بعض النماذج من دول الخليج في تحليل الايرادات المستحصلة من تصدير النفط :

  • المملكة العربية السعودية : تصدر حوالي 70% من إنتاجها النفطي عبر الناقلات البحرية العابرة من مضيق هرمز . واذا ما تم إغلاق المضيق فسيكون هناك إرتفاع في العجز المالي بالمملكة مع تحمل خسائر إقتصادية جسيمة .
  • الكويت : ان الكويت لا تمتلك انابيب بديلة لتصدير النفط خارج الخليج وهي تمتلك اسطول ناقلات بحرية يمر عبر مضيق هرمز بشكل رئيسي ، حيث ان 90% من صادراتها تمر عبر المضيق المذكور .وان اغلاقه سوف يؤدي الى حدوث شلل كامل في عملية التصدير وبالتالي ستكون الكويت امام ازمة ومعضلة إقتصادية كبيرة .
  • قطر : تصدر قطر عبر مضيق هرمز اكثر من 77 % من صادرات الغاز المسال الى دول العالم المختلفة ، وبالتالي فإن إغلاق المضيق سوف يتنزع منها صدراة دول العالم المنتجة للغاز المسال ، إضافة الى ما سوف تتعرض له قطر من غرامات ضخمة للدول التي تصدر لها الغاز بعد ان تعهدت في وقت سابق بموجب عقود رسمية بأنها سوف تلتزم بإجراءات توريد الغاز المسال مع الدول الموقعة معها ، وبالتالي فانها سوف تكون في موضع ثقة مكشوف.

ومن الاهمية بمكان إستعراض الاسباب الموجبة التي تجعل ايران تقرر ان تغلق مضيق هرمز الحيوي مع مبررات خاصة بها وهي كالاتي :

  • الرد على الهجمات ( الاسرائيلية – الاميركية ) حيث ان اي اغلاق لمضيق هرمز سوف يؤدي الى ارتفاع اسعار النفط وتضخم اقاصادي عالمي يحرج موقف الولايات المتحدة مع حلفائها مما يجعل هناك ضغوط دولية تدفع الى أنهاء الحرب والقصف الجوي على ايران .
  • التوازن الردعي : حيث تسعى طهران بقرارها إغلاق المضيق الى اثبات تواجدها العسكري في منطقة هرمز وبأنها موجودة وقادرة على الرد على التواجد الاميركي في منطقة الخليج في أي وقت وبالاجراءات المناسبة التي تراها.
  • منع تصدير النفط الخليجي : حيث اذا ما اغلقت ايران المضيق فأنها سوق تقوم بإجراءات عسكرية مثل زرع الالغام البحرية في طريق سفن نقل النفط وكذلك انتشار القطعات البحرية العسكرية على طول المضيق مع وجود قوارب إنتحارية تشل حركة الملاحة البحرية في المضيق مما سوف يؤدي الى تكدس النفط في مناطق الخليج دون ان تكون هناك طرق اخرى الى تصديره وبالتالي فأن حلفاء الولايات المتحدة مثل ( السعودية والامارات ) سوف تسعى الى رفع الحصار عن منطقة المضيق بالطرق الدبلوماسية وتتفاوض مع الولايات المتحدة للضغط على ( اسرائيل ) بوقف الهجمات والاعتداءات على ايران حتى يكون هناك إتفاق مناسب يرضى عنه الجميع .

وفي الختام فأن ايران تمتلك القدرة والاوراق المناسبة في موضوع غلق مضيق هرمز الحيوي غير ان ايران تدرك ايضا ان الاغلاق الكامل للمضيق هو خيار قد يكلفها الكثير اذا ما استمرت به كسلاح للتهديد او التفاوض ، حيث ان ارتفاع اسعار النفط والتلاعب بالاقتصاد العالمي سوف يكون له تبعات قد تجبر بعض الدول الى الدخول في تحالف عسكري مع الولايات المتحدة لردع ايران عن قرارها و إعاد ةفتح المضيق اذا ما تم إغلاقه بالقوة ، حيث سوف يعطي الولايات المتحدة الشرعية لتشكيل تحالف عسكري بحري قد يجبر ايران بالقوة على التراجع عن قرارها في حال اغلاق المضيق وهو الامر الذي سوف يؤدي الى تصعيد الوضع العسكري وإنتقاله الى منطقة الخليج خصوصا ان ايران قامت بإستهداف قواعد عكرية امريكية في قطر مما يجعل الصراع الحالي يأخذ منحى تصعيدي خطير قد يؤدي الى نتائج لاتحمد عقباها في المستقبل القريب ما لم تكن هناك قنوات دبلوماسية خلفية تسعى الى احتواء ازمة ايران و (اسرائيل) بحلول دبلوماسية ترضي الاطراف المتصارعة .

5/5 - (2 صوتين)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى