بين دروس الماضي وتحديات الحاضر هل تتكرر نكبة 48 في قطاع غزة؟

اعداد : أنس أحمد السيار – المركز الديمقراطي العربي
تميهد :
من عمق مأساة الذاكرة الفلسطينية ,الى ركام الحاضر في غزة، يعود سؤال النكبة في ذكراه السابعة والسبعين ليّلوح من جديد ، ليس بوصفه حدث تاريخي كان وانقضى، بل كمآل مصيري يلاحق شبحه الغزيين وسط إبادة جماعية منظمة, يفرضها الاحتلال الاسرائيلي بغيت التطهير العرقي وتهجير الفلسطينيين قسرا.،هل يعيد التاريخ نفسه ليكرر سيناريو النكبة في القطاع. وسط مواقف دولية أكثرَ تواطؤا و صمتا.؟
بعد مرور سبعة وسبعين عامًا، يحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة في الخامس عشر من مايو من كل عام ,ذلك المصطلح الذي يشير إليه الفلسطينيون كتسمية لما قام به الاحتلال الاسرائيلي من جرائم ضد الإنسانية في حرب النكبة,التي تمثلت في تهجير المواطنين الأصليين الفلسطينيين, وممارسة جرائم حرب من أجل قتل أكبر عدد ممكن من السكان او اجبارهم على الرحيل بالقوة والارهاب العسكري كما حصل في القرى الفلسطينية المندثرة, كدير ياسين وباقي القرى والبلدات التي مارس الاحتلال الصهيوني جرائم حرب ضد سكانها من أجل بث الرعب والإرهاب ودفع بقية المواطنين للهجرة تحت وطاة الارهاب والقتل والتجويع وتدمير المنازل .تلك التسمية (نكبة 48) أطلقها الفلسطينيون على الاحتلال الصهيوني الذي قام على أراضيهم عام 1948م,كما يسميه الصهاينة الاسرائيليون(المحتلون) تلك الابادة بحق الفلسطينيين بيوم الاستقلال!، أي بيوم قيام دولة الصهاينة الاسرائيليون على الأرض العربية الفلسطينية. لكن هذا العام 2025 كان مختلفًا، إذ تعيش غزة واقعًا يعيد مشاهد النكبة من جديد. مجاعة قاتلة يتعمدها الإسرائيليون وإبادة جماعية ممنهجة، وتطهير عرقي، وتهجير قسري وابادة لكل معالم الحياة الاساسية ، يشن الاحتلال الإسرائيلي كل تلك الجرائم على القطاع منذ أكتوبر 2023، وسط خذلان من المجتمع الدولي ,يتسم بالصمت والتواطؤ تجاه الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين. بل إن بعض القوى العالمية تلعب دور الممول والداعم المباشر لهذه الحرب. فهل يتكرر سيناريو النكبة؟ وهل يتواطئ العالم مع الاحتلال اليوم كما فعل في نكبة 1948؟.
تعود ذكرى النكبة الفلسطينية لهذا العام وسط جرائم حرب ترتكب بحق الفلسطينيين لم يشهدها العالم منذ الحرب العالمية الثانية كما يصفها مراقبون أمميون, في غزة يرتكب الاحتلال الاسرائيلي ابادة جماعية تضع الفلسطينيين في موقف تاريخي حديث, يجعلهم يتساءلون بحيرة؟ ,هل يكرر المحتل الاسرائيلي فعلته بعد 77 عام على مرور,تلك النكبة التي مازالت عالقة في أذهان الاجداد وواقع الأحفاد اليوم, إذ فاقت المأساة في قطاع غزة ما حدث من جرائم حرب في نكبة 48. ينتهج الاحتلال الإسرائيلي سياسة الارض المحروقة التي ادت إلى تدمير آلاف الوحدات السكنية وعشرات المستشفيات وبنى الخدمات العامة ذات الطابع المدني كالمستشفيات والجامعات والمدارس التي تحولت مع حرب الإبادة إلى ملاجئ مدنية يقطنها النازحون هربا من الإبادة الجماعية التي تمارس ضدهم,حرب اجرامية ابادت الارض والحجر والشجر والانسان, مدن ابيدت ومئات الخيام تحرق على قاطنيها من النساء والأطفال عشرات الآلاف من الشهداء والجرحى والمفقودين تحت الأنقاض. وكان دير ياسين تمثلت في خانيونس وحيفا في رفح وكان التاريخ أعاد نفسه, إذ في غزة تكررت حرب التطهير العرقي التي خاضها المحتلون ضد السكان الأصليين في حرب النكبة عام 1948 ,هاهي الالة الاجرامية ذاتها ترتكب ما قد ارتكبه آبائهم الصهاينة من مليشيات الهاجاناه,و الأرغون وشتيرن ,ليحي, تلك العصابات الإجرامية التي ارتكبت أفظع الجرائم ضد الإنسانية بحق الفلسطينيين من قبل.هاهو جيش الاحتلال الذي يمثل امتداد لتلك العصابات الاجرامية اذ يقوم بأشنع الجرائم في قطاع غزة, لا يرى المدنيين إلا جوييم وعماليق يجب ابادتهم من أجل الشعب الصهيوني كما صرح بذلك وزراء حكومته كابن غفير وسموتريتش إذ صرحا بصريح العبارة أنه يجب إبادة الأطفال والمدنيين من اجل ان يعيش الاحتلال بسلام وفي تصريح صحفي لوزيرة الاستيطان الاسرائيلية أوريت ستروك أنه يجب فرض تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة وبناء مستوطنات احلالية مكان البلدات الفلسطينية واضافت قولها بأنها تعد خطة لتنفيذ مشروع الاستيطان في حال فرضت حكومة الاحتلال التهجير القسري بالقوة العسكرية وفرض التجويع وملامح العيش الطبيعية في القطاع ضد الفلسطينيين وهو ما يمارسه الاحتلال الاسرائيلي حاليا, إذ يصف حقيقون غربيين بأن الجرائم التي تمارس ضد الشعب الأصلي للأرض الفلسطينية إنما هي ابادة جماعية وتطهير عرقي يضاهي تلك الجرائم التي مارسها النازيون ضد الشعب اليهودي في ثلاثينيات القرن العشرين في أوروبا وفي تصريح لـ مراقبين قولهم بان دولة الاحتلال تجاوزت بشاعة دولة الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وأنها دولة تجاوزت كل القوانين والاعراف الدولية وأنها لا تقل خطرا عن النازية اذ تهدد الامن الدولي بأسره .وفي تصريح, للحاخام اليهودي ديفيد وايز على قناة الجزيرة,بأن اسرائيل دولة صهيونية غير شرعية أقيمت على أرض الشعب الفلسطيني ويضيف قوله بأن المقاومة حق شرعي للفلسطينيين وفقا للقانون الدولي ومبادئ الأمم المتحدة في حق تقرير المصير للشعوب المحتلة التي ترى بوجوب مقاومة الاحتلال ضد أي شعب. وفي نفس السياق الذي ترتبت عليه أحداث النكبة بحق الشعب الفلسطيني, وفي شهادة خاصة يقول الحاج محمد الشافعي، البالغ من العمر 72 عامًا، وهو لاجئ يعيش في مخيم النصيرات بقطاع غزة، إن جذوره تعود إلى قرية الشيخ مونس قرب مدينة يافا، حيث عاش والداه حياة “هنيّة وطيّبة”، على حد تعبيره، قبل أن تُجبرهم جرائم الحرب في نكبة عام 1948 على النزوح مع عشرات الآلاف من الفلسطينيين، هربًا من المجازر والإبادة الجماعية التي وصفها بـ”محرقة 48”.
ويضيف: “نزح أهلي إلى غزة بعد النكبة، ثم واجهوا نك سة 67، وها نحن اليوم نعيش نكبة جديدة لا تقلّ بشاعة عن التي سبقتها”.
وعن الوضع الراهن في القطاع اليوم و يقول الشافعي، : “الناس في غزة يعيشون حالة موت سريري… مجاعة جماعية مفروضة علينا ,حصار مدروس من الاحتلال. لا ماء، لا طعام، لا كهرباء، والكل صامت. هذه محرقة جديدة يرتكبها الاحتلال أمام العالم.”
“أنا احمل الكيان الصهيوني المسؤولية الكاملة عن دم أكثر من 520000 شهيد مدني وأكثر من 150 ألف جريح. الذي يحدث ليست حرب، الذي يحدث إبادة حقيقية ضد شعب اصيل للأرض”. بلغ الوضع الإنساني في غزة حالة ماساوية من الجوع إذ راح ضحية المجاعة عشرات الاطفال كما جاء في بيان لوزارة الصحة في قطاع غزة معظمهم من الأطفال الرضع قتلوا بسبب الحصار المفروض على المدنيين,الذي ادى الى حالة سوء التغذية لدى الأطفال والرضع على وجه التحديد,كما ان الابادة مازالت مستمرة ضد المدنيين إذ ان جيش الاحتلال الإسرائيلي مازال يستهدف المواطنين العزل بالقصف والاستهداف المباشر لهم سوا قرب مراكز توزيع المساعدات او في مراكز الإيواء التي تبقت للشعب الفلسطيني الأعزل.
فخ المساعدات!
في قطاع غزة تحولت المساعدات الى فخ قاتل راح ضحيته كثير من المدنيين الباحثين عن الطعام لسد رمقهم مخافة أن يمتون من الجوع,إن القتل الصامت (التجويع الممنهج)الذي يتفنن به الصهاينة الاسرائيليون لقيامهم بقتل المدنيين الذين يتوجهون نحو مراكز المساعدات بلغ ذروته اذ قضى عشرات الجرحى والقتلى بسبب ذهابهم الى نقاط توزيع المساعدات في امل الحصول على القوت اليسير,وفي جانب آخر قام الاحتلال الإسرائيلي بمنع دخول المساعدات وتسيسها تحت ما يسمى منظمة غزة الإغاثية اذ تسعى إسرائيل إلى خلق مليشيات إجرامية يقودها ما يسمى بياسر ابو الشباب وظهور عصابات مسلحة يدعمها الاحتلال تقوم بسرقة ما يدخل من المساعدات الغير كافية ل 2000000 مليون فلسطيني يقطن كامل قطاع غزة, إذ يختلق الاحتلال ذلك الوضع وفرضه من أجل تأزيم الوضع الإنساني أكثر وانتشار المجاعة بشكل قاتل, ودفع الوضع الى تمزيق ما تبقى من النسيج المجتمعي لصنع فوضى خلاقة من شأنها أن تزيد المأساة الانسانية في القطاع .وفي تصريح للصحفي الأمريكي جيرمي سكاهيل يقول بأن
“نتنياهو و بتسلئيل سموتريتش كلاهما صرّح بأن الهدف من هذا هو استدراج الفلسطينيين كما لو كانوا حيوانات يدخلون إلى فخ وجذبهم بالطعم ثم محاصرتهم في جنوب غزة حيث يمكنهم إما قتلهم في فخ يتقلص تدريجياً أو إغلاق ذلك الفخ وترحيلهم إلى بلد آخر. إنهم يسمون ذلك خطة ترامب لكن في الواقع كان هذا مشروع لمحو الفلسطينيين كشعب ودولة.” ومازالت الجرائم ترتكب امام مراى ومسمع المنظمات الحقوقية والعالم وسط مواقف رسمية متواطئة وداعمة أما بشحنات الذخائر والسلاح من اجل اتمام الابادة الجماعية او بما يسمى حق النقض في مجلس الأمن الدولي ,كل تلك المواقف المتواطئة إنما هي مشاركة في جريمة الإبادة الجماعية والتطهير العرقي ضد الشعب الفلسطيني كما يرى محللون سياسيون. وفي شاهدة حصرية من داخل القاطع لصحفي الفلسطيني عماد ابو شوشة شهادته عن الوضع في شمال غزة بأن” نصف مليون نازح الان في شوارع قطاع غزة..!!
ومليون ونصف يأكلون وجبة واحدة في اليوم..!!
بضع الكيلو غرام نفقد من أجسامنا كل يوم..!!” الحالة الانسانية والوضع الإنساني في غزة مأساوي وصل الى اقصى مستويات الأجرام وما يمارس ضد الغزيين إبادة جماعية تمارس بسلاحين فتاكين, أولهما القصف والقنص وثانيهم سلاح التجويع ومنع المساعدات الإنسانية من الدخول بشكل كافي لسد الحاجة الإنسانية للسكان إذ يعيش سكان القطاع اسوأ ازمة انسانية لم يعايشوها من قبل . وفي تصريح لمستشفى الأقصى في قطاع غزة قوله بأن عدد الشهداء الذين قتلوا باستهداف الاحتلال تجاوز العشرات من القتلى والجرحى الذين ذهبوا الى مراكز توزيع المساعدات قرب محور نتساريم. مما يتضح للمتابع بشكل قاطع أن تلك الخطة ما هي إلا من أجل التطهير العرقي ضد الفلسطينيين إيقاع أكبر عدد من القتلى والخسائر البشرية وزيادة معاناتهم الإنسانية بشكل مأساوي بهدف التطهير العرقي و الإبادة الجماعية بشكل مقزز يندى له جبين الانسانية في العالم أجمع. الجرائم لم تقتصر على القتل والتجويع بل يسعى الاحتلال إلى عزل غزة عن العالم وسط صحوة شعبية في العالم مناصرة للقضية الفلسطينية وإدانة واضحة الاحتلال الإسرائيلي.
وفي تصريح هيئة تنظيم قطاع الاتصالات الفلسطينية: انقطاع خدمات الإنترنت والاتصالات في قطاع غزة، وتصاعد العزلة الرقمية في غزة نتيجة استهداف ممنهج للبنية التحتية للاتصالات، وهذا التصعيد الخطير ضد البنية التحتية للاتصالات يهدد بفصل غزة عن العالم الخارجي. مخافة ان يتكرر التضامن الفعلي لكسر الحصار كما حدث مع السفينة مادلين وقافلة كسر الحصار المغاربية وفي تصريح خاص للجزيرة لمسؤول في جمعية الاغاثة الطبية في غزة .بأن مراكز المساعدات تحولت الى مصائد قاتلة للمدنيين بشكل متعمد وممنهج,ويضيف قوله بأن الاستهدافات قرب مراكز توزيع المساعدات مباشرة وقاتلة وان الاحتلال يتعمد بقيامه بابادة جماعية وتجويع جماعي ممنهج من أجل التطهير العرقي ويختم تصريحه قائلا بأن المساعدات المسيسة لا تلبي سوى 1% من احتياجات الشعب وان هدفها دعائي بحت وأن تلك الجرائم ترتكب وسط صمت عالمي .وفي ذات السياق يرى الكاتب والباحث السياسي الفلسطيني أ. ربيع أبو حطب في تصريح خاص لتقرير، أن التجويع لطالما كان سلاحًا بيد الاحتلال الإسرائيلي منذ نكبة عام 1948، حيث حوّل حياة الفلسطينيين من مقاومة الاحتلال إلى مقاومة الجوع، في سياسة ممنهجة لإلهائهم عن قضيتهم الأساسية.
ويضيف: “إسرائيل اليوم، مقارنة بنسختها عام 1948، أكثر فجرًا وتجاوزًا لكل القوانين الدولية. ففي الوقت الذي أُنشئت فيه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا) لتقديم الحد الأدنى من الدعم الإنساني، نجد أن هذه الوكالة نفسها اليوم تُحاصر ماليًا وتُمنع من أداء دورها، ضمن خطة لاستخدام سلاح الجوع كسلاح ضغط سياسي لإجبار الفلسطينيين على القبول بالتصفية.”
ويؤكد أبو حطب أن ما يحدث في غزة الآن، “لو حدث في محمية طبيعية، لتحرك الغرب لحماية الأشجار والحيوانات، لكن صمتهم عن هذه الإبادة يكشف زيف شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان التي يروجون لها”.
ويختتم تصريحه باستحضار قول الشاعر الفلسطيني محمود درويش:
“إذا ما جعتُ آكلُ لحمَ مغتصبي… حذارِ من جوعي ومن غضبي!” .
مقارنة بين النكبتين!
وفي مقارنة للحروب التي خاضها المحتلون ضد السكان الأصليين كانت حرب غزة الاخيرة 2023 7/10 اكثر حرب ارتكبت فيها جرائم ضد الانسانية منذ الحرب العالمية الثانية كما يرى مراقبون وفي مقارنة بالأرقام والاحصائيات فإن نكبة 48 لا تضاهي الجرائم التي ترتكب في قطاع غزة اليوم اذا ان الاحصائيات تتحدث بأن ما يحدث فاق كل احصائيات النكبة والحروب التي تلتها ويرى
الكاتب السياسي من قطاع غزة, شجاع الصفدي، في تصريح خاص لـ”التقرير”:
قوله
“مرت غزة خلال تاريخها بالعديد من النكبات، تفاوتت في شدّتها ونتائجها، لكنها كانت دائمًا تنهض من جديد، كما طائر العنقاء من الرماد. إلا أن غزة ليست أسطورة، بل مدينة حية، يسكنها بشر حقيقيون، يتألمون، يجوعون، ويفقدون أحبابهم كل يوم.”
ويضيف:
“هذه الحرب تجاوزت كل ما سبقها. ما يحدث هو حالة إبادة جماعية بكل ما تعنيه الكلمة، كسرت كل الخطوط الحمراء التي اعتاد الاحتلال أن يتوقف عندها.”
ويرى الصفدي أن ما حدث في السابع من أكتوبر غيّر معادلة التوازن التي كانت تتيح للمقاومة هامشًا من الحركة، مضيفًا:
“ما أقدمت عليه حماس أدى إلى نتائج معقدة، ليس فقط في غزة، بل أعطى الفرصة للاحتلال لتنفيذ مخططاته في القدس والضفة الغربية دون رادع.”
ويتابع واصفا الوضع المأساوي في غزة بأنه
“في أسوأ كوابيس الغزيين، لم يكن أحد يتخيل هذا المستوى من التدمير. اليوم، غزة تُقارن بنكبة 1948، لكن الحقيقة أن ما يحدث يفوقها من حيث وحشية القتل وحجم الدمار. لم يبقَ شيء تقريبًا: لا بنى تحتية، لا مشافي، لا مدارس، لا مؤسسات. مجرد ملايين الأطنان من الركام الذي يُراد له أن يتحول إلى أداة تهجير جماعي.”
ويختم شهادته قائلاً:
“نكبة 1948 جعلت العالم يرانا ضحايا. أما نكبة 2023، فقد غيّرت النظرة تمامًا. أصبح الفلسطيني يُعاقب جماعيًا بصمت دولي، وسط غياب أي ضغط حقيقي لوقف الحرب، وكأن رفع العتب هو كل ما تبقى من ضمير هذا العالم.”
ومن منطلق المقارنة بين النكبتين التي راح ضحيتها عشرات الآلاف من القتلى والجرحى المدنيين وسط ممارسات اجرامية تفوق تلك التي مارسها الاحتلال في نكبة ٤٨ من إبادة جماعية وتطهير عرقي وهدم للقرى والمدن وتجهير سكانها الأصليين. يذكر الدكتور صلاح عبد المعطي
في تصريح خاص لـ”التقرير”، قال الدكتور صلاح عبد العاطي، رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، إن “ما يجري اليوم في غزة يفوق نكبة عام 1948 بأضعاف، في ظل حرب تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية وتهجير سكان القطاع بشكل ممنهج”.
وأوضح عبد العاطي أن ما نسبته 88% من البنية التحتية الحيوية في قطاع غزة قد تم تدميره، بما في ذلك المباني العامة، والمؤسسات الخدمية الأساسية، ولا تزال هناك أعداد هائلة من المفقودين تحت الأنقاض لم يُعرف مصيرهم بعد.
وأضاف:
“حين نقارن بين نكبة 1948 ونكبة 2023، نكتشف حجم الكارثة. ففي العقود التي تلت عام النكبة، خسر الفلسطينيون نحو 100 ألف شهيد. أما بعد أحداث السابع من أكتوبر فقط، فقد استشهد أكثر من 70 ألف فلسطيني، وأُصيب 170 ألفًا بجراح، واعتُقل ما يزيد عن 8 آلاف شخص من سكان القطاع، بينما لا تزال عشرات الآلاف من العائلات تبحث عن مفقوديها بين الركام.”ذلك خلال عامين فقط مقارنة بنكبة 48.
وأكد عبد العاطي أن هذه الإبادة الجماعية تُنفذ بدعم وتواطؤ غربي وأميركي، بهدف تحويل قطاع غزة إلى منطقة غير صالحة للحياة، لدفع السكان نحو الهجرة القسرية.
وختم تصريحه بالقول: “كل هذا يحدث على مرأى من العالم، وسط صمت دولي مخزٍ، رغم الانتهاكات الصارخة للقانون الدولي ومبادئ حقوق الإنسان.”
الموقف الرسمي الدولي هل يصحو من الصمت والتواطؤ؟
وسط مايجري في قطاع غزة من جرائم شنعاء تشهد المواقف الرسمية للدول الغربية ودول العالم تغيرا ملحوظا لادانة ما تقوم به اسرائيل رغم ما يصفه مراقبون بأنها لا تتعدى أن تكون قرارات غير فعالة تتخذ من أجل تهدئة الرأي العام داخل تلك الدول ولكنها بدأت تحول ملموسا في خطابها العام ضد اسرائيل مقارنة بالموقف الأمريكي المتعنت اذ ان الولايات المتحدة لاتزال متحيزة كليا لصالح الكيان الاسرائيلي غير مقتنعة بإدانة ما تقوم به اسرائيل من جرائم ضد الإنسانية في قطاع غزة من تجويع السكات والقصف العشوائي ضد المدنيين,ورغم تغير المواقف الرسمية التي لا تتجاوز أن تكون تغيرات كلامية وقرارية غير فعالة وغير جادة في ايقاف الحرب ووقف الإبادة الجماعية لتجنيب الشعب الفلسطيني سيناريو نكبة 48 من فرض التجويع والتهجير القسري وابادة عشرات الالف من السكان الأصليين وسط تواطؤ الدول العظمى ذات التأثير الفعال على سياسة الاحتلال الاسرائيلي اذ انه لو في حال اتخذت كل الدول المصدرة للسلاح والذخائر قرار يمنع تزويد الكيان المحتل بالسلاح والذخائر وفرض عقوبات اقتصادية حقيقية فعالة من شأنها ان تردع الجموح الصهيوني في غزة والمنطقة.لا يزال الموقف الامريكي والغربي داعم لحرب الابادة الجماعية على قطاع غزة بشكل مطلق .إذ صرح نائب الرئيس الأمريكي جي ديفانس عندما سأله صحفى هل ما تقوم به اسرائيل ابادة جماعية اجاب لاغ ارى بان مالتقوم بهى اسرائيل ابادة جماعية وكرر قوله المعتاد منذو توليه منصبه من حق اسرائيل الدفاع عن نفسها ,وفي مقابلة صحفية للمتحدث باسم الادارة الامريكية السابقة فيب عهد بايدن ماثيو ملر,ساله المذيع هل ماتقوم به اسرائيل ابادة جماعية فاجاب متهربا من الافصلاح بشكل صريح ان ماتقوم به اسرائيل ابادة جماعيةوقال لا اعتقد ان ماتقوم به اسرائيل ابادة جماعية ولكن لا شك ان هنالك جرائم ترتكب في الحرب دون ان يصرح بشكل واضح و قاطع. بان مايحدث في غزة جريمة إبادة جماعية بحق الفلسطينيين من جرائم ضد الانسانية” ابادة جماعية”.وفي تصريح للناشطة السويدية غريتا ثونبرغ التي جاءت في سفينة كسر الحصار مادلين بعد أن قام الاحتلال بخطف النشطاء الحقوقيين على متنها في المياه الدولية قبيل وصولها لقطاع غزة صرحت بأن دولة الاحتلال تخالف القانون الدولي بشكل صارخ وان الحكومات الغربية متواطئة في جرائم الحرب التي ترتكب ضد الفلسطينيين في غزة وأنها تدعم الاحتلال الاسرائيلي للقيام بجرائمه في غزة من التجويع وقتل المدنيين بشكل متعمد ومدروس من أجل فرض واقع ابادة جماعية بحق سكان غزة .وفي تصريح لمندوب إسبانيا لدى الأمم المتحدة بان بلاده تقدمت بقرار ايقاف الحرب ورفع الحصار عن غزة وإدخال المساعدات. إذ صوت له اغلبية ساحقة في الجمعية العامة للأمم المتحدة ب 149 صوت مما مثل غالبية لصالح القرار ولكن الولايات المتحدة واسرائيل وصفت القرار بغير الأخلاقي وأنه لا يدين حركة حماس اذ استخدمت الولايات المتحدة حق النقض ضد القرار .ويضيف مندوب اسبانيا انه على كافة دول العالم أن تستخدم كل ما بوسعها من وسائل سياسية واقتصادية لضغط على الكيان المحتل لإيقاف حربه عن قطاع غزة ورفع الحصار وإدخال المساعدات.وفي ذات السياق اتخذت بعض الدول الأوروبية الصغيرة والغير مؤثرة في المجتمع الدولي إذ اتخذت خطوات أكثر صدقا وفاعلية من الدول الكبرى في أوروبا,ولكن تلك العقوبات التي استهدفت اسرائيل من اجل وقف الحرب ورفع الحصار وإدخال المساعدات لم تجدي نفعا وسط تواطؤ ومشاركة مباشرة لكلا من الولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا وألمانيا وبريطانيا اذ انهم يمدون اسرائيل بالسلاح والعتاد إذ صرح مراقبون بأنها مشاركة صريحة وواضحة لمجرم الحرب نتنياهو الذي صدرت مذكرة اعتقال بحقه من محكمة العدل الدولية ويصفون من يتواطئ معه بانه شريك مباشر في ارتكاب جرائم الحرب وأن التاريخ سوف يحاسب المجرمين وانها لا تسقط عنهم تلك التهم الاجرامية بالتقادم,ويختمون تصريحهم بأن كل من دعم ومول حكومة الاحتلال لشحن حربها على المدنيين الفلسطينيين هم شركاء في ارتكاب جرائم الحرب التي ترتكب في غزة ضد المدنيين وان مايفعلونه من تواطو جريمة ضد الانانسية والقيم الغربية العادلة ومبادئ حقوق الانسان وبدا حق تقرير المصير.
بين نكبة 1948 ونكبة غزة اليوم، تتكرّر الرواية ذاتها و بآلة الحرب ذاتها, ولكنها اكثر اجراما وبشاعة إذ راح ضحيتها عشرات الالف من الضحايا المدنيين اغلبهم من النساء والأطفال والشيوخ العزل, الفلسطيني لا يزال الضحية، والعالم لا يزال متواطئًا أو صامتًا. لكن رغم كل ذلك، يبقى صوت الشعوب حاضر ,وعليه رهان التغيير، إذ تكونت لدى الشعوب حول العالم الصورة الحقيقية عن القضية الفلسطينية وعن الاحتلال الصهيوني المجرم للشعب الفلسطيني.إذ دفعت موجة الوعي بين شرائح الشعوب المختلفة إلى تكوين مواقف شعبية مؤيدة للحق الفلسطيني وتدين الاحتلال الاسرائيلي للأراضي الفلسطينية وترا بأنه احتلال باطل يجب ان ينتهي ويسترد حق السكان الأصليين للبلد في تقرير مصيرهم وإنشاء دولة مستقلة على كامل اراضيهم المحتلة .وإخراج المحتلين ليعودوا إلى بلدانهم في أوروبا وبقية دول العالم وذلك مع صعود هذه الموجة من الوعي لدى شعوب العالم إذ عززت من الموقف الشعبي الدولي المساند للشعب الفلسطيني في قطاع غزة والضفة الغربية مما ادى الى ثورة معرفية في الوعي بالقضية حول العالم,ان مايبث وينشر من جرائم حرب متعمدة و شهادات حية ومباشرة على جرائم الكيان الصهيوني، وصور الصمود التي تبث من قطاع غزة، جعلت الإنسان البسيط في كل بقعة على الأرض يتضامن مع القضية بل ويبحث عن جذورها التاريخية من أحداث حرب 48 وما قبل ذلك التاريخ اذ ان الشعوب اليوم تتحدث عن دولة فلسطينية كاملة من النهر الى البحر بعد ان اتضحت لهم القضية من كافة الزوايا واكتملت الصورة الحقيقية عنها,بيد أن المواقف الرسمية للحكومات الغربية مازالت تتحدث عن حل الدولتين تارة وتارة تقف عاجزة او متواطئة او داعمة للابداة الجماعية في قطاع غزة. فهل تدفع موجة الوعي لدى الشعوب الغربية الى الضغط لصالح القضية الفلسطينية على حكوماتهم للدفع بهم الى تبني الموقف العادل وفرض إيقاف الحرب والابادة الجماعية وإدخال المساعدات والاعتراف بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني وادانة الاحتلال الصهيوني للأراضي الفلسطينية ومنع سيناريو النكبة من أن تتكرر .فهل تتغير مواقف الحكومات بشكل حقيقي وفعلي نتيجة ضغط الشعوب على حكوماتها قبل أن تكرر نكبة 48 في قطاع غزة؟ أم أن النكبة الجديدة في غزة ستحدث وسط مرى ومسمع الشعوب وحكومات في العالم؟.