القارة الافريقية بين التحديات والفرص في اجندة التمويل الدولي الرابع

اعداد : د. مصطفى عيد ابراهيم – المركز الديمقراطي العربي
تمهيد
عقد في الفترة من 30 يونيو إلى 3 يوليو 2025 في مدينة إشبيلية، إسبانيا، المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، والذي يعد فرصةً فريدةً لإصلاح التمويل على جميع المستويات، بما في ذلك دعم إصلاح الهيكل المالي الدولي ومعالجة تحديات التمويل التي تعيق الاستثمار لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. وتُعدّ المؤتمرات الدولية لتمويل التنمية المكان الوحيد الذي يجتمع فيه قادة جميع الحكومات، إلى جانب المنظمات الدولية والإقليمية، والمؤسسات المالية والتجارية، والشركات، والمجتمع المدني، ومنظومة الأمم المتحدة، لتعزيز التعاون الدولي. ولقد تناول المؤتمر القضايا الجديدة والناشئة، والحاجة المُلِحّة إلى التنفيذ الكامل لأهداف التنمية المستدامة، ودعم إصلاح الهيكل المالي الدولي. ويركز المؤتمر على تقييم التقدم المُحرز في تنفيذ توافق آراء مونتيري، وإعلان الدوحة، وأجندة عمل أديس أبابا[i] وتوصيات منظمة العمل الدولية واهداف الأمم المتحدة للتنمية لدفع عجلة التنمية المستدامة وتقوية الاستجابات والمرونة أوقات الازمات والتغلب على الفجوات التمويلية وأزمة التمويل والديون.
دفع عجلة التنمية المستدامة
تُعدّ فعالية التنمية مسارًا أساسيًا في الطريق إلى المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية، والذي تشارك فيه 59 دولة شريكة (حتى 11 ديسمبر 2024)، إلى جانب شركائها في التنمية والجهات الفاعلة الأخرى، في عملية رصد الشراكات العالمية للفترة 2023-2026، ومتابعة تقدمها على المستوى الوطني نحو تعاون إنمائي أكثر فعالية[ii]. وكذلك رصد الشراكة العالمية وهو العملية التي تقودها الدول الشريكة لتعزيز المساءلة الجماعية بشأن فعالية التعاون الإنمائي. واسترشادًا بالمبادئ الأربعة المتفق عليها دوليًا للتعاون الإنمائي الفعال، يتتبع الرصد تقدم الدول الشريكة وشركاء التنمية والجهات الفاعلة الأخرى في تنفيذ التزاماتهم المتفق عليها لتحقيق تعاون إنمائي أكثر فعالية. ويدفع هذا الرصد عجلة تغيير السلوك من خلال التركيز على كيفية شراكة الجهات المعنية على المستوى الوطني لتحقيق نتائج إنمائية أفضل.
منذ عام 2011، قادت 103 دول شريكة عملية الرصد مرة واحدة أو أكثر بالتعاون مع أكثر من 100 شريك إنمائي وجهات فاعلة أخرى. وقد عُقدت الجولات الثلاث الأولى للرصد العالمي في أعوام 2014 2016 2018. وعقب ذلك، العمل على اجراء إصلاح تشاركي وشامل لاستمرار العملية في تحقيق أهدافها الأصلية وتلبية الاحتياجات المتطورة لأصحاب المصلحة. يتميز الرصد المُجدد بإطار عمل جديد (ما نقيسه وماهي القطاعات والمؤشرات) وعملية مُحسّنة (كيف نقيس بناء على معايير معينة).[iii].
وفي إطار الاهتمام بمحددات التنمية، فقد غطى المؤتمر مجموعة واسعة من الموضوعات ذات الاهمية، بما في ذلك الضرائب، والديون، والتجارة، والتعاون الإنمائي، والتمويل الخاص، حيث تشتد الحاجة إلى إصلاحات جريئة لسد فجوة التمويل لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. بالإضافة الى تسليط الضوء على الثغرات الحرجة التي يجب معالجتها لوضع الديمقراطية والعدالة الاجتماعية في صميم الهيكل المالي الدولي. وكذا الاتفاق على التزامات مشتركة للاستثمار في القطاعات الإنتاجية، وخلق فرص عمل لائقة، ودعم تطوير المهارات، وزيادة الاستثمار في اقتصاد الرعاية، وتعزيز إضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد غير الرسمي والدعوة إلى تخصيص 4 تريليونات دولار أمريكي لتمويل المناخ سنويًا.
بالإضافة الى الاهتمام بإدراج هدف قابل للقياس للدول النامية لزيادة تغطية الحماية الاجتماعية بما لا يقل عن نقطتين مئويتين سنويًا – وهو هدفٌ تبنته منظمة العمل الدولية. يُعالج هذا الهدف الواقعَ المُلِحّ المتمثل في افتقار ما يقرب من نصف سكان العالم لأي شكل من أشكال الحماية الاجتماعية. لا سيما أثناء الصدمات والأزمات. ويُؤكد على دور الآليات المالية الدولية في مساعدة الدول منخفضة الدخل على سد فجوات تمويل الحماية الاجتماعية لديها.
على صعيد اخر، تضمن نتائج إشبيلية التزامًا واضحًا بتعزيز الضرائب العادلة والتصاعدية من خلال تعزيز أنظمة ضريبية عادلة، وتحسين الشفافية الضريبية الدولية، وضمان مساهمة الشركات والأثرياء بنصيبهم العادل. ورغم تخفيف صياغة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن التعاون الضريبي الدولي، لا تزال نتائج مؤتمر التمويل من أجل التنمية الرابع “تشجع على دعم” تعزيز التعاون الضريبي العالمي. ويشمل ذلك المشاركة في العملية الرامية إلى وضع اتفاقية ضريبية للأمم المتحدة – وهي خطوة أساسية في مكافحة التهرب الضريبي وبناء نظام ضريبي دولي أكثر شمولًا وإنصافًا
ومع ذلك، فلقد أضاع مؤتمر إشبيلية فرصةً للاعتراف بأهمية الأجور المعيشية، كما هو مُحدد في الاتفاق الثلاثي لمنظمة العمل الدولية بشأن الأجور المعيشية، والمساواة في الأجر عن العمل ذي القيمة المُتساوية. تُعدّ الأجور المعيشية بالغة الأهمية لملايين العمال الذين تُنصبّ أولويتهم اليومية على كيفية تلبية احتياجاتهم. كما تُعدّ الأجور المعيشية أداةً سياسيةً أساسيةً لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. لذلك، يجب دمج سياسات الأجور المعيشية والمساواة في الأجر – وخاصةً الجهود المبذولة لسد فجوة الأجور بين الجنسين – في استراتيجيات التنمية الحكومية. يشمل ذلك تحسين كفاية الحد الأدنى للأجور وتوسيع نطاق التفاوض الجماعي. علاوة على ذلك، تُفوِّت وثيقة نتائج مؤتمر التمويل من أجل التنمية الرابع فرصة اقتراح إصلاحات جريئة لآليات تسوية المنازعات بين المستثمرين والدول في اتفاقيات التجارة والاستثمار.
الاستجابة لتمويل المناخ والصدمات
تفتقر الوثيقة إلى الطموح فيما يتعلق بتمويل المناخ، إذ لا تتضمن التزامًا صريحًا بالتخلص التدريجي من دعم الوقود الأحفوري. وبالمثل، لا تتضمن أهدافًا طموحة لحقوق السحب الخاصة (SDRs)، على الرغم من الحاجة الملحة إلى عمليات إعادة التخصيص هذه لتوقع الصدمات المتعلقة بالمناخ والصحة والرقمنة وغيرها من التحديات الناشئة والتخفيف من آثارها.
على صعيد اخر، تقول “رباب فاطمة”، الممثلة السامية لأقل البلدان نموًا والبلدان النامية غير الساحلية والدول الجزرية الصغيرة النامية فان هناك تباينات تدعو للقلق. فالدول الـ 92 الأقل نموًا – التي تضم 1.4 مليار نسمة، ونحو خُمس سكان العالم – تُمثل نسبة ضئيلة من انبعاثات الكربون والتجارة العالمية، ومع ذلك تواجه أخطر التحديات – كوارث مناخية تُبدّد سنوات من التنمية في ساعات، وأعباء ديون لا تُطاق، وتراجعًا في الاستثمارات في ظلّ احتياجات متزايدة. وذكرت: “هذه ليست مجرد شواغل إنمائية، بل هي تهديدات وجودية”، وهو ما لم يُصمَّم الهيكل المالي الدولي لمعالجته. وأضافت أن تقرير الأونكتاد للاستثمار العالمي لعام 2025 يُقدِّم “صورةً قاتمة”، مشيرةً إلى أن أقل البلدان نموًا والدول الجزرية الصغيرة النامية لم تتلقَّ سوى أقل من 2.5% من الاستثمار الأجنبي المباشر، وأن البلدان النامية غير الساحلية تواجه فجوةً في البنية التحتية قدرها 510 مليارات دولار. وأكدت قائلةً: “يجب أن يكون هذا المؤتمر نقطة تحول”، مشيرةً إلى أن التوافق بين التزام إشبيلية وبرامج عمل الدوحة يُشكِّل أساسًا للتغيير الجذري.[iv]
وفي ذات السياق، صرح ممثل مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث بان كل دولار يُستثمر في بناء القدرة على الصمود يوفر خسائر مضاعفة، ويخفض الاحتياجات الإنسانية، ويُسرّع وقت التعافي، ويحمي سبل العيش. ولذلك يقف مكتب الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث على أهبة الاستعداد للعمل مع الشركاء لتسريع التحول من بناء القدرة على الصمود للجميع. -. وصرح بأنه عند احتساب الآثار غير المباشرة وآثار النظام البيئي، تُقدر تكاليف الكوارث بأكثر من 2.3 تريليون دولار سنويًا، وفقًا لتقرير التقييم العالمي للحد من مخاطر الكوارث لعام 2025. وأضاف: “بالنسبة للعديد من البلدان النامية، تُشكل هذه التكاليف تهديدًا للازدهار الاقتصادي والتنمية المستدامة”. ورحب بالتزام إشبيلية، وخاصةً الفقرة 17 منه، التي تُلزم بتوسيع نطاق الاستثمار في الحد من مخاطر الكوارث وتعزيز التنمية الواعية بالمخاطر في البنية التحتية، مشيرًا إلى أن مكتبه بصدد إطلاق “مبادرة تمويل الحد من المخاطر التي تهدد القدرة على الصمود” لمساعدة المزيد من البلدان النامية على تحقيق الهدف المزدوج المتمثل في الاستثمار في الوقاية من الكوارث مع إدارة المخاطر المتبقية في الوقت نفسه.[v]
وعلى صعيد التعليم ذكرت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) بانه يُعدّ أحد أقوى قوى البشرية لتحقيق التحول الإيجابي، ويُحقق عوائد استثنائية – فكل دولار يُستثمر في التعليم يُولّد ما بين 10 و15 دولارًا في النمو الاقتصادي – وقليل من الاستثمارات تُحقق هذا التأثير. -) . ومع ذلك، أشارت إلى وجود فجوة سنوية قدرها 97 مليار دولار في البلدان منخفضة ومتوسطة الدخل الدنيا، وأنّ مخصصات المعونة للتعليم آخذة في الانخفاض. وأضافت: “إنّ تكلفة التقاعس عن التعليم باهظة – فالتسرب من المدارس وفجوات المهارات ستُكلّف الاقتصاد العالمي ما يصل إلى 10 تريليونات دولار سنويًا”. يبلغ متوسط ديون البلدان منخفضة الدخل 72% من الناتج المحلي الإجمالي – مما يُقلّص بشكل كبير الحيز المالي المُخصّص للتعليم والخدمات الاجتماعية الأخرى.[vi]
تداعيات على افريقيا
بمقتضى نتائج المؤتمر الدولي الرابع للتنمية، ستقود إسبانيا والبنك الدولي مركزا لمقايضات الديون من أجل التنمية لتوسيع نطاق صفقات مبادلة الديون مقابل التنمية، كما ستقوم إيطاليا بتحويل 230 مليون يورو من الديون الأفريقية إلى استثمارات تنموية. اما “تحالف شرط وقف الديون” من الدول والبنوك التنموية فأعلن عن التزامه بتعليق مدفوعات الديون أثناء الأزمات. فضلا عن تقديم منتدى إشبيلية للديون المساعدة الدول على تنسيق إدارة الديون وجهود إعادة الهيكلة. وعلى صعيد الاستثمار، سيقوم تحالف الرسوم التضامنية العالمية بفرض ضرائب على الطائرات الخاصة والرحلات المميزة لجمع أموال المناخ وأهداف التنمية المستدامة. وضرائبيا أعلنت كل من البرازيل وإسبانيا العمل على فرض ضرائب أكثر عدلا على الأثرياء ودعم مراكز المساعدة الفنية الجديدة إعداد المشاريع وتسليمها. وفيما يتعلق بتقوية الأنظمة المالية، ستدعم منصات التمويل التي تقودها البلدان الخطط الوطنية. وفي المنتدى الدولي للأعمال، تعهدت الشركات بزيادة الاستثمار المؤثر، حيث تم عرض مشاريع بقيمة 10 مليارات دولار[vii].
على صعيد اخر وفي سياق اكثر واقعية، ذكرت لورانس كاراميل من صحيفة لوموند إن الأمين التنفيذي السابق للجنة الاقتصادية لأفريقيا التابعة للأمم المتحدة كارلوس لوبيز، دعا القارة السمراء، عشية المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية في اشبيليه إلى بناء نظامها المالي الخاص، دون انتظار العون من أحد، وان تبتعد أفريقيا عن نموذج التنمية الذي وضعه الشمال. وفيما يتعلق بمؤتمر اشبيلية فإن الموافقة على البيان الختامي تمت قبل افتتاح المؤتمر، مما يؤكد أن لم تحدث مفاوضات في إشبيلية، ومن ثم لن تكون النتائج مما يحق لأفريقيا توقعه. وذكر بأن القضية الحقيقية هي مسألة الحصول على رأس المال بشروط عادلة، مشيرا إلى أن إصلاح المؤسسات المالية الدولية لتوفير المزيد من القروض الميسرة، وإيجاد أدوات لتشجيع القطاع الخاص على زيادة الاستثمار، خطوات في الاتجاه الصحيح، ولكنها تظل غامضة. خاصة وان أن الدول الأفريقية لا تجد صعوبة في الاقتراض من الأسواق الدولية أو من البنوك فحسب، بل إن الاقتراض إن وجد، يكون بشروط باهظة، وضرب مثالا بوكالات التصنيف الائتماني الكبرى التي تواصل تقييم المخاطر الأفريقية بناءً على الديون السيادية مع أنها نادرا ما تفعل ذلك في أماكن أخرى كما ان تفكيك الوكالة الامريكية للتنمية وتراجع المساعدات الإنمائية الرسمية من الجهات المانحة الأخرى، وعودة ترامب إلى السلطة أدخلت العالم إلى بعد آخر من تراجع التعددية وتمويل المبادرات العالمية، حيث يتفاوض على كل صفقة بطريقة صعبة دون رؤية جماعية شاملة.
ودعا لوبيز الدول الأفريقية إلى أن تتعلم من العواقب، وأن تقيم سياسات المساعدة الإنمائية الرسمية التي حاصرت نفسها بها، مؤكدا أنه لا يدعو إلى التخلي عن كل ما هو مفيد، ولكن يذكر بأن هذه المساعدات لم تفض بعد 6 عقود، إلى تحول هيكلي في اقتصاداتها. وحذر من “أوهام النمو”، موضحا أن أفريقيا ستكون ذات أفضل نمو اقتصادي في عام 2025، وفق توقعات صندوق النقد الدولي، ولكن هذا النمو لا يزال نموا خارجيا، يعتمد على تصدير الموارد الطبيعية، إذ لا تزال أفريقيا عالقة في النموذج الاستعماري. ويعد سباق الحصول على أرصدة الكربون، الذي تخوضه الحكومات الأفريقية أملا في إيجاد مصدر تمويل، مثالا آخر على أن أفريقيا لا تحدث تحولا كافيا، ومع ذلك يرى لوبيز أن أفريقيا أساسية لإدارة الاتجاهات الرئيسية التي ستشكل عالم الغد.
لذلك يجب على افريقيا التي تمتلك المعادن الاستراتيجية اللازمة للتحول البيئي إضافة الى امتلاك إمكانات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح والهيدروجين الاخضر، لإزالة الكربون من الاقتصاد العالمي.، ان تضع الاستراتيجيات المستقلة التي تؤهلها من الاستفادة من هذه الطاقات الكامنة للقضاء على حالة التهميش من خلال خلق مصالح عامة مشتركة، وبحيث لا تظل دائما عبء مالم ينظر إلى الإمكانات والطاقات التي تمتلكها، خاصة في ظل ما اسماه لوبيز بالنفاق الهيكلي في العلاقات مع أفريقيا، وأوضح أن ذلك يتمثل في إطلاق وعود لا نهاية لها دون الوفاء بها ودون الحاجة إلى تبريرها.
ولقد أشار لوبيز الى ان منطقة التجارة الحرة القارية التي أُطلقت في خضم الجائحة كانت دليلا على الإرادة السياسية، إلا أنه يجب المضي في علاج المشكلة الرئيسية، وهي الوصول إلى رأس المال من خلال بناء نظام مالي خاص، خاصة أن أكثر من تريليوني دولار مودعة في صناديق التقاعد وغيرها من المؤسسات المالية في أفريقيا، ولكن معظمها مستثمر من الخارج[viii]
ودعا إلى العمل الجماعي لضمان توافق أهداف وأدوات المنتدى السياسي رفيع المستوى المقبل في نيويورك، وقال إن الجمعية “مستعدة للقيام بدورها في تصميم نظام مالي دولي أكثر شمولاً واستدامة ومتانة وواقعية”.
وختاما، كان الدور المستقبلي للأمم المتحدة في تشكيل هيكل الديون العالمي من أكثر القضايا إثارة للجدل خلال مفاوضات مؤتمر التمويل من أجل التنمية الرابع. وتُلزم الوثيقة الدول الأعضاء في الأمم المتحدة “ببدء عملية حكومية دولية في الأمم المتحدة بهدف تقديم توصيات لسد الثغرات في هيكل الديون واستكشاف خيارات لمعالجة استدامة الدين”. وعليه يجب أن توفر هذه الآلية تخفيفًا شاملًا لأعباء الديون خاصة على الدول الأقل نموا بالقارة الافريقية، بما في ذلك الإلغاء وإعادة الهيكلة، للدول منخفضة ومتوسطة الدخل عند الطلب. والأهم من ذلك، يجب أن يكون هذا التخفيف خاليًا من الشروط المتعلقة بالتقشف، وأن يدعم التعافي والقدرة على الصمود والتنمية المستدامة.
ومع عدم إيلاء التمويل الخاص الأولوية الكافية للتنمية المستدامة، يواصل اتفاق إشبيلية تشجيع تعبئة رأس المال الخاص واستخدام التمويل المختلط. لكي يدعم التمويل الخاص التنمية دعمًا حقيقيًا، يجب على الجهات الفاعلة الخاصة الامتثال لمعايير منظمة العمل الدولية، والالتزام بالعناية الواجبة وسلوك العمل المسؤول. وهذا يسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى معاهدة ملزمة للأمم المتحدة بشأن الشركات المتعددة الجنسيات وحقوق الإنسان.[ix]
وأخيرا، على الرغم من أن الوثيقة تؤكد مجدداً على أهمية المساعدة الإنمائية الرسمية (ODA)، إلا أنها لا تقدم التزامات محددة ومحددة زمنياً لزيادة المساعدات أو ضمان استخدامها بفعالية. ويثير هذا الإغفال قلقاً بالغاً في ضوء التخفيضات الواسعة في المساعدات. ولعكس هذا الاتجاه، من الضروري وضع جداول زمنية ومؤشرات واضحة لزيادة المساعدة الإنمائية الرسمية، وإنشاء آليات قوية تضمن الشفافية والمساءلة والتأثير.، لذلك يظل الامر مرهونا بالإرادة السياسية للدول الافريقية والتي لا تجعلها رهينة لأليات التمويل الدولية غير العادلة.
[i] – https://www.un.org/esa/ffd/wp-content/uploads/2015/08/AAAA_Outcome.pdf
[ii] – https://www.effectivecooperation.org/ffd4
[iii] – https://www.effectivecooperation.org/4thMonitoringRound
[iv] – https://press.un.org/en/2025/ffd4_live
[v] -ibid
[vi] -ibid
[vii] – https://europe-arabs.com/ar/news/6411
[viii] – https://www.aljazeera.net/amp/politics/2025/7/2/%D8%AE%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A-%D8%B9%D9%84%D9%89-%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A%D8%A7-%D8%A3%D9%84%D8%A7-%D8%AA%D9%86%D8%AA%D8%B8%D8%B1
[ix] – https://www.ituc-csi.org/ITUC-Statement-on-the-Compromiso-de-Sevilla