التجويع والمساعدات كسلاح حرب: دراسة حالة غزة في ضوء القانون الدولي الإنساني

اعداد : ثامر عبد الغني سباعنة – فلسطين
- المركز الديمقراطي العربي
المقدمة:
يعاني قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر من عام 2023، يعاني من حرب “اسرائيليه” قاسية ، استخدم فيها الاحتلال كل الأسلحة، ولجأ الاحتلال لاستغلال الغذاء والتحكم بالمساعدات كسلاح يحارب به اهل غزة ومقاومتها، مما جعل القطاع يعيش ظروف معيشيه صعبه جدا، وصلت حد التجويع، في نهاية شهر آذار نُشر تقرير IPC، وهي مبادرة شاركت فيها أكثر من 15 منظمة إنسانيّة دوليّة بقيادة هيئة الأمم المتحدة، وهو التقرير الذي حدّد أنّ قطاع غزّة على شفا مجاعة (Famine)، أي الوضع الذي يمثل الدرجة الخامسة والأكثر خطورة في مؤشّر IPC التصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي (Integrated Food Security Phase Classification)، حيث يعاني نصف سكّان قطاع غزة من نقص كارثيّ في الأمن الغذائي. ووفقاً للمعيار الدوليّ المقبول، تكون منطقة ما في حالة “مجاعة” عندما يواجه ما لا يقل عن 20% من الأسَر فيها نقصاً حادّاً في الغذاء ويعاني ما لا يقل عن 30% من الأطفال هناك من سوء التغذية الحادّ.
مفهوم استخدام الغذاء والدواء كسلاح حرب، هي إستراتيجية تُستخدم في النزاعات المسلحة أو الحروب ويحرم فيها المدنيون أو الجماعات المستهدفة من المواد الأساسية مثل الطعام والماء، بهدف إجبارهم على الاستسلام أو تحقيق مكاسب سياسية أو عسكرية، وتشمل هذه السياسة فرض حصار على مناطق معينة، مما يمنع وصول الإمدادات الإنسانية والموارد الأساسية للسكان المحليين.[1] وقد أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق يوآف غالانت في 9 أكتوبر/تشرين الأول 2023 فرض حصار كامل على قطاع غزة، مؤكدا أنه لن يكون هناك كهرباء وطعام وماء أو غاز، وأضاف “نحن نقاتل حيوانات بشرية ونتصرف وفقا لذلك”.
تهدف هذه الدراسة لتسليط الضوء على ما يعيشه الفلسطينيون في قطاع غزة من حرب تجويع بدأت بعد السابع من أكتوبر، وكانت ضمن سياسة حكومة الاحتلال “الاسرائيليه” من حرب شامله على كل ماهو فلسطيني.
الاولا: الاطار النظري والمفاهيمي
تعريف التجويع كسلاح
“التجويع” في الحرب هو الاستخدام المتعمّد لحرمان السكان المدنيين من الغذاء والماء، بهدف الضغط على الجهات المسؤولة عنهم – سواء كانت منظمات أو دول – وإجبارها على الخضوع سياسياً أو عسكرياً.تشمل ممارسات التجويع تدمير المحاصيل والمواشي، كما حدث في حرب السودان، وفي أوكرانيا السوفيتية (الهولودومور)، ومنع أو تأخير دخول المساعدات الإنسانية، كما وثّق مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في تقاريره عن غزة وتيغراي (2023–2024)، واستهداف البنية التحتية الزراعية ومصادر المياه، وفرض الحصار العسكري أو الاقتصادي، كما حلّل أليكس دي وال في كتابه “المجاعة الجماعية: تاريخها ومستقبلها”، وتهجير المزارعين أو السيطرة على أراضيهم بالقوة.وهو أيضاً ما ناقشته نعومي هوسكينغ في كتابها “المجاعة كسلاح: سياسات الغذاء والحرب”، موضحةً كيف تتم السيطرة على الغذاء كأداة للسيطرة على الأرض والسكان[2].
التجويع كوسيلة للاخضاع
ماتزال سياسة الضغط السياسي عبر التجويع متبعة، بل وزادت وتطورت اشكالها واساليبها، وتسعى عدد من الدول الكبرى لخلق التبعية لدى بقية الدول من خلال استخدام الغذاء والطعام، والتهديد بالجوع والحاجة.
فسياسة التجويع امتداد لسياسة الحروب، وهي أحد أنواعها، وترتكز على التحكم في الحاجات الأساسية للإنسان. وبما أن حاجات المجتمع هي مجموع حاجات أفراده، فإن التحكم في إشباع أو عدم إشباع حاجات المجتمع – وخاصة الأساسية منها – يجعل للقوى الأكبر القدرة على التحكم والسيطرة والتأثير..
وما الذي سيمنع استخدام الغذاء كسلاح بيد الدول المنتجة والمصدرة له إذا ما رغبت في ذلك من أجل تحقيق أهدافها، وقد سبق أن استُخدم الغذاء من قبلُ كوسيلة ضاغطة لإجبار الشعوب وإذلالها وإرغامها على الاستسلام أو الدخول في طاعة الغير، والتاريخ الحديث مليء بالأحداث التي تبين لنا كيف كانت القوى المتحاربة تحاصر بعضها بعضاً، وتمنع عنها الطعام، وتحُول بينها وبين الإمدادات حتى تستسلم، كما استخدم الطعام كوسيلة ضغط على الدول والشعوب الرافضة لسياسة معينة، ففي عام ١٨١٢م استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية فوائضها الغذائية كسلاح استراتيجي، وذلك حينما وافق الكونجرس على إرسال مواد غذائية إلى فنزويلا بحجة مساعدتها بعد الهزة الأرضية التي تعرضت لها، ولكن الحقيقة أنها كانت نكاية بإسبانيا التي كانت تحتل البلاد آنذاك.[3]
المساعدات الإنسانية في القانون الدولي
يُقرّ القانون الدولي الإنساني بحقّ السكان المدنيين في أي دولة متأثرة بنزاع مسلح في الحصول على المساعدة الإنسانية. وينظّم القانون، على وجه الخصوص، شروط تقديم المساعدة الإنسانية على شكل أغذية وأدوية ومعدات طبية أو غيرها من الإمدادات الحيوية للمدنيين المحتاجين.[4]
وتنص المادة 54 من القانون الدولي الإنساني: يحظر تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب.[5]
اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الملحقة
تُعد اتفاقيات وبروتوكولات جنيف قواعد قانونية دولية، مهمتها ان تحكم سلوك الأطراف المتحاربة ، وتهدف إلى حماية الأفراد الذين لا يشاركون في القتال ، تتضمن هذه الاتفاقيات والبروتوكولات قواعد خاصة بشأن الغذاء، وتضمن توفير الغذاء والمساعدات الإنسانية للسكان، كما تحظر تجويع المدنيين كأداة للحرب.
ومما ورد في اتفاقيات جنيف وبروتوكولاتها[6]:
( الأشخاص الذين لا يشتركون مباشرة في الأعمال العدائية، بمن فيهم أفراد القوات المسلحة الذين ألقوا عنهم أسلحتهم، والأشخاص العاجزون عن القتال بسبب المرض أو الجرح أو الاحتجاز أو لأي سبب آخر، يعاملون في جميع الأحوال معاملة إنسانية، دون أي تمييز ضار يقوم على العنصر أو اللون، أو الدين أو المعتقد، أو الجنس، أو المولد أو الثروة أو أي معيار مماثل آخر) .
( من واجب دولة الاحتلال أن تعمل، بأقصى ما تسمح به وسائلها، على تزويد السكان بالمؤن الغذائية والإمدادات الطبية، ومن واجبها على الأخص أن تستورد ما يلزم من الأغذية والمهمات الطبية وغيرها إذا كانت موارد الأراضي المحتلة غير كافية.لا يجوز لدولة الاحتلال أن تستولي على أغذية أو إمدادات أو مهمات طبية مما هو موجود في الأراضي المحتلة إلا لحاجة قوات الاحتلال وأفراد الإدارة، وعليها أن تراعي احتياجات السكان المدنيين. ومع مراعاة أحكام الاتفاقيات الدولية الأخرى، تتخذ دولة الاحتلال الإجراءات التي تكفل سداد قيمة عادلة عن كل ما تستولي عليه.)
ثانيا: استخدام التجويع في غزة: السياق والوقائع
الحصار المفروض على غزة (منذ 2007 حتى الآن)
فرض الاحتلال “الإسرائيلي” حصارا كاملا على قطاع غزة منذ عام 2007، وأرجع الاحتلال الحصار لمجموعة من الأسباب ولعل ابرزها: فوز حماس في انتخابات عام 2006، وسيطرة حماس على قطاع غزة بعد الانقسام الفلسطيني الفلسطيني، إضافة الى عملية خطف الجندي “الإسرائيلي” جلعاد شاليط.
يتذبذب مؤشر الأمن الغذائي في قطاع غزة نتيجة لتغير محدداته بشكل مستمر نظرا لحساسيتها للظروف الجيوسياسية والاقتصادية التي يتعرض لها قطاع غزة، فبالرغم من كل الجهود المبذولة سواء كانت حكومية أو دولية لا يزال الاتجاه العام لمؤشر
انعدام الأمن الغذائي في تصاعد مستمر، و هذا ما أكده تقرير الاستراتيجية الوطنية لألمن الغذائي الذي أشار إلى أن أكثر من ربع الفلسطينيين يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد والمتوسط، وهو يعتبر معدل عال مقارنة بالمعدلات العربية والعالمية،
حيث أشار التقرير إلى أن هناك العديد من النقاط المؤثرة على قضية الأمن الغذائي منها، العوامل السياسية التي تتعرض لها فلسطين من قبل الاحتلال الإسرائيلي والتي أثرت عل حركة الأشخاص والبضائع مما سبب عجز كبير في مدخلات الإنتاج، وأيضا ندرةالتوافر وارتفاع تكاليف المدخالت الزراعية وضعف نظام البحث والتطوير وخدمة اإلرشاد الزراعي ( Palestine of Government )[7]. وقد شهد الأمن الغذائي معدلات معتدلة ومستقرة حتى العام 2008 ً ، إلا أنه شهد تذبذبا واضحا مع تراجعا ً حادا وملموسا منذ العام 2009 كانت أعالها في انعدام الأمن الغذائي في العام .2018 كما موضح في الشكل أدناه:
القيود على إدخال الغذاء والدواء
ذكرت الأمم المتحده أن عملية الإغاثة في غزة “مُختنقة بسبب إغلاق” المعابر من قبل إسرائيل، فيما أفاد العاملون في المجال الإنساني على الأرض أن الناس “ينبشون القمامة، محاولين العثور على شيء صالح للأكل”. وقالت إن الخطة الإسرائيلية حول الغذاء”تبدو محاولة متعمدة لاستخدام المساعدات كسلاح،” مشددا على ضرورة أن تقدَّم المساعدات بناء على الحاجة الإنسانية، “وليس استخدامها بأي شكل من الأشكال كتكتيك لنقل الناس إلى أي مكان محدد”[8]
أكدت غرفة العمليات الحكومية للتدخلات الطارئة في المحافظات الجنوبية، أن قطاع غزة يتعرض لتجويع متعمّد، في ظل إغلاق المعابر ومنع دخول المساعدات، رغم وجود عشرات آلاف الأطنان من المواد الغذائية والصحية على بعد أمتار من المدنيين الذين يواجهون مجاعة حقيقية. وأضافت أن الحصار الإسرائيلي لم يعد مجرد سياسة عقاب جماعي، بل جريمة إبادة جماعية ممنهجة، مؤكدة أن 81% من مساحة غزة أصبحت إما محظورة الوصول أو خاضعة لأوامر إخلاء قسري، مما تسبب في موجات نزوح متصاعدة طالت 40% من السكان منذ مطلع مارس الماضي[9]
وتمثلت القيود التي وضعها ومارسها جيش الاحتلال “الإسرائيلي” على ادخال الدواء والغذاء الى غزة بعدة اشكال وممارسات منها:
- اغلاق معابر قطاع غزة ومنع ادخال قوافل المساعدات والغذاء
- قصف مخازن الأغذية والأدوية
- صعوبة الوصول الى مصادر الغذاء
- تدمير الأراضي الزراعية في قطاع غزة
- قصف وتدمير المخابز ومواقع توزيع الوجبات الغذائية
- قصف وتدمير البنية التحتية وشبكات المياه والكهرباء وعدم توفر غاز الطهي.
- منع دخول البعثات الدولية والاغاثية
أمثلة موثقة من تقارير أممية ومنظمات حقوقية
وفقًا للتقرير الصادرعن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية حول النظام المتكامل لتصنيف مراحل الأمن الغذائي بشأن قطاع غزة، والذي نُشر في 12 أيار/مايو، من المتوقع أن يواجه جميع السكان البالغ تعدادهم 2.1 مليون نسمة مستويات مرتفعة من انعدام الأمن الغذائي الحاد في الفترة الممتدة بين يوم 11 أيار/مايو ونهاية شهر أيلول/سبتمبر 2025، إذ يواجه نصف مليون شخص (واحد من كل خمسة أشخاص) المجاعة، وأفاد بأن النتائج تشير إلى أن تدهورًا كبيرًا طرأ بالمقارنة مع التحليل السابق الذي أجراه النظام في شهر تشرين الأول/أكتوبر 2024. وحذّر النظام من أن (خطر المجاعة في قطاع غزة لا يُعَدّ ممكنًا فحسب، بل بات مرجحًا بقدر متزايد في ظل الإعلان عن توسيع العمليات العسكرية في شتّى أرجاء قطاع غزة، واستمرار عجز الوكالات الإنسانية عن الوصول إلى السكان المعوزين وحالة التصعيد المتوقعة في الأعمال القتالية والنزوح الجماعي المستمر للسكان.[10])
كما وصف مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) غزة بأنها “أكثر الأماكن جوعا على وجه الأرض”، وحثّ السلطات الإسرائيلية على منح الأمم المتحدة حق الوصول الإنساني الآن، “فالوقت ينفد بسرعة كبيرة، والأرواح تُزهق كل ساعة”[11].
قالت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة “فاو”، إن قرابة 733 مليون شخص في العالم عانوا الجوع عام 2023، وإن أزمة الغذاء في قطاع غزة الذي تشن عليه إسرائيل حرب إبادة جماعية هي الأسوأ في تاريخ تقارير المنظمة. ولفتت إلى أن 96 بالمئة من أهالي غزة يعانون انعدام الأمن الغذائي الحاد بتصنيف رقم 3 وما فوقه من تصنيفات المنظمة، أي الطوارئ والكارثة وأضافت المنظمة ( نتحدث عن أكثر من مليوني شخص يعانون الجوع يوميا” من إجمالي 2.3 مليون فلسطيني في قطاع غزة.)[12]
تقارير OCHA وUNRWA :
- من بين أكثر من 500 شاحنة كانت تدخل يوميًا قبل أكتوبر 2023، تم السماح بدخول أقل من 10% من هذا العدد بعد التصعيد.
- إسرائيل تتحكم في قائمة المواد المسموح بدخولها، وتشمل القيود الغذاء، الأدوية، الوقود، وحتى المياه.
- تقارير عن استخدام المساعدات كوسيلة ضغط سياسي من خلال تأخيرها أو تخصيصها ضمن شروط معينة.
قال 10 خبراء مستقلين تابعين للأمم المتحدة في بيان: “نعلن أن حملة التجويع المتعمدة والمستهدفة التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني هي شكل من أشكال عنف الإبادة الجماعية وأدت إلى المجاعة في جميع أنحاء غزة”.[13]
الموقف الدولي و ما إذا كان ذلك يرقى إلى جريمة حرب
سياسة التجويع جريمة محظورة بموجب عدد من القوانين والاتفاقيات الدولية، ويُنظر إليها على أنها انتهاك خطير للقانون الدولي الإنساني وحقوق الإنسان. ومن أبرز الأطر القانونية التي تناولت هذه الجريمة[14]:
- اتفاقيات جنيف والبروتوكولات الإضافية.
- اتفاقية جنيف الرابعة (1949) وتحظر استهداف المدنيين بحرمانهم من المواد الضرورية لحياتهم.
- البروتوكول الإضافي الأول الصادر عام 1977، ويؤكد على حظر استخدام التجويع سلاحا في النزاعات الدولية المسلحة.
- البروتوكول الإضافي الثاني وينص على حماية المدنيين من آثار النزاعات غير الدولية، بما في ذلك منع استخدام سلاح التجويع ضدهم.
- القانون الدولي العرفي ويحظر استخدام التجويع ضد السكان المدنيين في جميع أشكال النزاعات المسلحة، سواء كانت دولية أو غير دولية.
- القرار 2417 الذي تبنته الأمم المتحدة.
ثالثا : المساعدات كسلاح: التحكم في الإمدادات كوسيلة ضغط
المساعدات الدولية
المساعدات الدوليه ، كانت ولازالت سيفا ذو حدين على الدول النامية او المُتلقية للمساعدات، ورغم شعارات التنمية والانسانية التي تحملها تلك المساعدات الان ان في داخلها اثر في صنع القرار السياسي وسيادة الدولة المُتلقية للمساعدة.
اختلفت التعريفات المرتبطه بالمساعدات الدولية او المساعدات الخارجية، واحداها تشير الى انها عملية دعم تقوم به الدول المانحة المقتدرة طواعية بتقديم الموارد إلى الدول المحتاجة، او انها المساعدات الدوليه التي تنتقل من بلد الى بلد اخر ،او انها المساعدات العابرة للبحار او الاجنبية، وعرفتها الوكالة الامريكية للتنميه ( USAID ) انها : تحويل طوعي للموارد العامة من دولة الى دولة اخرى مستقلة او لمنظمة غير حكومية مثل الاونوروا او للبنك الدولي.
تشكل المساعدات الدولية من اجمالي الاقتصاد العالمي حوالي 0.10 % من الاقتصاد العالمي الذي يبلغ مطلع عام 2019 حوالي 143 تريليون دولار( على اساس ppp وليس ( Gdp، وتحتل الصين مع نهاية عام 2018 المرتبة الاولى في” حجم ” المساعدات الدولية ( وليس النسبة المئوية للمساعدات من اجمالي الناتج المحلي الصيني) ، وتبلغ قيمة المساعدات الصينية حوالي ( 38 مليار) تليها الولايات المتحدة (31 مليار)، ولكن لو حسبنا نسبة المساعدات الى اجمالي الناتج القومي( وليس المحلي ) فإن الاتحاد الاوروبي يقدم 0.47% من اجمالي ناتجه وتقف السويد على راس الدول الاوروبية بنسبة 1.40% تليها النرويج(1.05%) وليكسيمبورغ (0.93%) والدنمارك (0.85%) وهولندا( 0.76%) ، بينما في الدول العربية تقف قطر على راس الدول العربية( 1.24%) تليها الامارات ( 1.09 %)، اما الولايات المتحدة فتحتل المرتبة 20 بين الدول المانحة من حيث نسبة ما تقدمه الى اجمالي الناتج المحلي.[15]
أنواع المساعدات الدولية
يمكن تقسيم المساعدات الى عدة انواع وذلك حسب هدف هذه المساعدات، ومنها:
- المساعدات الانسانية ، والتي ممكن ان تُقدم نتيجة الحروب او الكوارث، وتُقدم بشكل عاجل وسريع.
- المساعدات التي تأخذ الطابع التنموي، والتي تُقدم بهدف دفع عجلة التنمية في بلد ما.
- الساعدات الغذائية.
- المساعدات الامنية.
- المساعدات العسكريه
اضافة الى امكانية تقسيم المساعدات الى :
- مساعدات تُقدم للدول دون شروط او قيود.
- مساعدات تكون وفق شروط الدولة الداعمة.
المساعدات الدولية للفلسطينيين
كنتيجة أساسية لتفكيك الاقتصاد الفلسطيني وتهميش قطاعاته بفعل السياسات الإسرائيلية، بات الاقتصاد الفلسطيني -بعد إنشاء السلطة الوطنية الفلسطينية ومؤسساتها في صيف عام 1994- يعتمد بشكل كبير على المساعدات والمعونات الدولية، لقد اعتمدت السلطة الفلسطينية على المساعدات الدولية كمصدر اساسي بل ورئيسي في تمويل موازنة السلطه ودعم مشاريعها، وفي البداية كان هدف الجهات المانحه دعم المسيرة السلمية بين الفلسطينيين و ’’الاسرائيليين’’ ،ووفقاً لمنظمة التعاون الاقتصادي والتنمية الدولية، صرف أكثر من 35 مليار دولار في الضفة الغربية وقطاع غزة بين العامين 1993 و2016، منها حوالي 24 مليار دولار (حوالي 70% من إجمالي المساعدات) قدمت بين 2006 و2016، بمعدل سنوي يقدر بحوالي 2.2 مليار دولار، وبمعدل 560 دولار للشخص سنويا. وتضع هذه الأرقام الفلسطينيين في مقدمة المتلقين للمساعدات الدولية غير العسكرية على مستوى العالم.
بناءا على بيانات منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية ،قدّم أكبر 12 مانحا لفلسطين، في خمس سنوات فقط ، حوالي 89% من مجموع المساعدات، وأكبر ستة مانحين، هم الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية وووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) والنرويج وألمانيا وبريطانيا، حوالي 70% من مجموع المساعدات.
احصائيات متعلقة بحرب التجويع[16]
( هذه الاحصائيات حتى تاريخ كتابه هذه الورقة البحثيه في شهر يوليو 2025)
عدد السكان الذين يواجهون المجاعة أو مستويات حرجة من انعدام الأمن الغذائي:
1.1مليون شخص (من أصل 2.2 مليون في غزة) يعيشون في ظروف “انعدام أمن غذائي حاد (المرحلة الخامسة: المجاعة)” – وخاصة في شمال القطاع.
حوالي 60000 امرأة حامل في قطاع غزة تعاني من التجويع وسوء الغذاء
المصدر: تقرير IPC (Integrated Food Security Phase Classification)، إصدار مارس – يونيو 2024، وتحديث يونيو 2025.
“Over 1.1 million people in Gaza face famine-level food insecurity, especially in the north.”
– IPC Global Platform, March 2024
عدد الشاحنات الغذائية التي دخلت غزة يوميًا
- قبل الحرب (أكتوبر 2023): نحو 500 شاحنة/يوم.
- بعد الحرب – خاصة بين نوفمبر 2023 ومايو 2024: تراجع إلى 20–30 شاحنة/يوم فقط.
- في بعض الأيام لم تدخل أي شاحنة (خصوصًا شمال القطاع).
المصدر: تقارير الأمم المتحدة – مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA).
“Aid entry into Gaza has dropped to 5% of pre-conflict levels, a humanitarian catastrophe.”
– OCHA Flash Update, May 2024
أطفال يعانون من سوء تغذية حاد ومهددون بالموت
1 من كل 3 أطفال دون سن الخامسة في شمال غزة يعانون من سوء تغذية حاد.
20% منهم في حالة “هزال شديد” (Severe wasting) ومهددون بالموت دون تدخل عاجل.
المصدر: تقارير منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) – فبراير وأبريل 2024.
“Child malnutrition has reached catastrophic levels in Gaza’s north.”
– UNICEF Press Release, April 2024
وصول سكان غزة إلى المياه الصالحة للشرب
أكثر من 95% من سكان غزة لا يحصلون على مياه شرب آمنة.
سكان الشمال يعتمدون على مياه ملوثة أو مياه البحر.
مصدر: منظمة الصحة العالمية (WHO)، تقرير مارس 2024.
“Access to clean water is nearly non-existent for most of Gaza’s population.”
– WHO Gaza Emergency Update, March 2024
وفيات بسبب الجوع أو نقص التغذية مباشرة
وفق منظمة أطباء بلا حدود، قُدّرت أكثر من 102 حالة وفاة (حتى يوليو 2025) بسبب الجوع منهم 80 طفل.
في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، أفاد “قطاع الأمن الغذائي الفلسطيني”، الذي يقوده برنامج الأغذية العالمي و”منظمة الأغذية والزراعة”، أن الحرب دمرت أكثر من ثلث الأراضي الزراعية في شمال غزة. تُشير صور الأقمار الصناعية التي راجعتها هيومن رايتس ووتش إلى أنه منذ بدء الهجوم العسكري الإسرائيلي البري في 27 أكتوبر/تشرين الأول، تم تجريف أراضٍ زراعية، منها البساتين والبيوت البلاستيكية والمزارع في شمال غزة، على يد الجيش الإسرائيلي[17].
رابعا : أمثلة تاريخية
حصار لينينغراد 1941–1944
حوصرت مدينة لينينغراد من سبتمبر/أيلول 1941 حتى يناير/كانون الثاني 1944، بعد أن اجتاحت القوات الألمانية الأراضي السوفياتية، ضمن عملية سُميت “بربروسا”. ودخل الحصار التاريخ لكونه أحد أكثر الأحداث مأساوية في الحرب العالمية الثانية، لما خلفه من خسائر بشرية قدرت بنحو مليون شخص، بينهم 140 ألف طفل، قتلوا خلال 842 يوما من الحصار، بسبب القصف والجوع والمرض وانخفاض درجة حرارة الجسم. عانى سكان لينينغراد أمام هذا الوضع الصعب شدة الجوع والمرض، بسبب تخفيض معدل صرف الخبز اليومي إلى 250 غراما للعمال و125 غراما لغير العمال والأطفال، ويحتوي الخبز على أقل من 40% من الدقيق فقط، في حين أن الباقي عبارة عن خليط من الشعير ونشارة الخشب، الأمر الذي عانى على إثره السكان بشكل كبير من الجوع خاصة في شتاء 1941-1942، إلى أن توفي معظمهم بسبب نقص الغذاء[18].
حصار العراق
تعرض العراق لحصار اقتصادي بموجب قرار مجلس الأمن رقم ٦٦١ في السادس من آب ١٩٩٠م بعد غزوه للكويت، واستمر لمدة ١٣ عاماً، وأدى الحصار إلى نتائج مخيفة في جميع مجالات الحياة العامة؛ الصحية والبيئية والاجتماعية والتربوية والعلمية والاقتصادية، فقد بلغ حجم التضخم في نهاية عام ١٩٩٤م معدل
٢٤٠٠٠٪ سنويّاً، وتعمقت مظاهر التردي والترهل إلى الحد الذي أفقد المجتمع العراقي سمات المجتمع المتحضر المتماسك الذي كان عليه قبل غزو الكويت، وتم تسريح ما يقارب ثلثي القوى العاملة، مما ساهم في زيادة معدلات البطالة، وتمزق الحياة العائلية نتيجة ارتفاع معدلات الجريمة، والعنف الاجتماعي، والرشوة، والانتحار، والسرقة، والتهريب، والبغاء، وجنوح الأحداث، وظواهر اجتماعية أخرى. وإلى جانب تدهور المعاهد التعليمية في كل المراحل، وشيوع ظاهرة التسرب وانخفاض مستوى التعليم؛ واجه العراق ظاهرة هجرة العقول بأعداد كبيرة، حيث يُقدَّر رسميّاً أن أكثر من ٢٣ ألف باحث وعالم وأستاذ جامعي وطبيب متخصص ومهندس مرموق تركوا العراق.[19]
استخدام التجويع في الحرب الأهلية السورية
منظمة الأغذية والزراعة (فاو) أعلنت يوم 29 ديسمبر/كانون الأول 2015 أن المجاعة ضربت نصف الشعب السوري سنة 2015.وذكرت في تقرير أن هناك “13.6 مليون جائع يتوزعون بين عشرة ملايين داخل سوريا، ونحو 3.5 ملايين في دول اللجوء، والعدد مرشح للزيادة”.وأعلن “تجمع ثوار سوريا” أن سنة 2015 شهدت وفاة 208 أشخاص على الأقل بسبب الجوع والحصار في سوريا، جلهم في مناطق دمشق وريفها.وجاء في التقرير السنوي للتجمع أن “معظم المدنيين الذين قضوا بسبب الحصار من الأطفال، حيث بلغ عددهم 132 طفلاً، في حين توفي 55 رجلاً و21 سيّدة معظمهم من كبار السن”.وبحسب التقرير، فقد لقي 191 شخصا مصرعهم بسبب الجوع والحصار في دمشق وريفها، التي تضم مناطق: دوما، ومضايا، والحجر الأسود، ومعضمية الشام، والغوطة الشرقية، ومسراب، وجسرين، وببيلا، والزبداني، ودير العصافير، وشبعا، وعربين، وكفربطنا، والعبادة، وبقين، وجوبر، وبيت سحم، وهي مناطق تحاصرها قوات الأسد[20].
لقد أنزل نظام الأسد في داريا إبان الحصار عقابًا جماعيًا بالمدنيين ضمن استراتيجية تكتيكات التجويع التي ارتقت إلى أن تندرج في إطار جرائم الحرب.وفي شباط/فبراير 2014، أصدر مجلس الأمن بالإجماع قرارًا بشأن سورية، شدّد فيه على أن “استخدام تجويع المدنيين كوسيلة من وسائل القتال، محظورٌ بموجب القانون الإنساني الدولي”. لقد أرادت قوات النظام المهاجمة من هذا الأسلوب احتواء المنطقة المستهدفة، مع خفض احتمال وقوع ضحايا في صفوفها (القوات) إلى الحدّ الأدنى، ومكنتها هذه الطريقة، في الوقت نفسه، من انتزاع تنازلات سياسية من الفصائل مقابل ما يُفترض أنه من بديهيات السلوك الإنساني، مثل تأمين الطعام للمدنيين المحاصَرين.[21]
خامسا: الآثار الإنسانية والاجتماعية
الأثر على الأطفال والمرضى
قال المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، في بيان له : أصبح أكثر من 3500 طفل دون سن الخامسة معرضين لخطر الموت التدريجي في قطاع غزة، بسبب اتباع الاحتلال الإسرائيلي سياسات تجويع الأطفال، ونقص الحليب والغذاء، وانعدام المكملات الغذائية، وحرمانهم من التطعيمات، ومنع إدخال المساعدات الإنسانية، للأسبوع الرابع على التوالي، وسط صمت دولي فظيع، ويعاني هؤلاء الأطفال سوء التغذية بدرجة متقدمة أثّرت على بنية أجسادهم، وهو ما يُعرّضهم فعلياً إلى خطر الإصابة بالأمراض المُعدية التي تفتك بحياتهم، وتؤخر نموهم، وتهدد بقاءهم على قيد الحياة، حيث بات هؤلاء يفتقرون إلى الوصول للخدمات الأساسية؛ مثل الغذاء والرعاية الصحية والمتابعة الطبية الدورية، كما أن حالاتهم تتفاقم وتزداد صعوبة، في ظل حرمانهم من التطعيمات والجرعات الدوائية المخصصة لهم في بدء سنوات حياتهم.[22]
تسببت سياسة التجويع الإسرائيلية بوفاة نحو 37 صغيرا، وكان آخرَهم طفلان قضيا يومي 30 مايو/أيار الماضي، والأول من يونيو/حزيران 2025، في منطقة وسط القطاع[23].
وفقًا لتقرير اليونيسف (UNICEF) ديسمبر 2023
- طفل من كل 3 أطفال تحت سن الخامسة في غزة يعاني من سوء تغذية حاد.
- حالات الهزال الشديد (Severe Wasting) وصلت إلى مستويات “غير مسبوقة”. لدى أطفال قطاع غزة.
تداعيات سياسة التجويع على نساء الحوامل
تعاني النساء الحوامل والمرضعات في غزة من انعدام حاد في الامن الغذائي، حيث يستمرالاحتلال الاسرائيلي بتقييد عمليات وصول المواد الغذائية التي تفتقر إلى القيم الغذائية المتنوعة وهو لا يكفي لتلبية احتياجات أجساد األطفال والنساء الحوامل والمرضعات.وقد ذكرت منظمة “العمل ضد الجوع” بأن “ما بين الأول والعشرين من مايو، سهلت السلطات الاسرائيلية %50 فقط منبعثات المساعدات الانسانية في جنوب
غزة و%37 في شمال غزة، وغالباً ما ُتعيق هذه المشاريع أو ُترفض تماًما.” كما أوضحت أن عمليات توزيع الاغذيةأقل تنوعاً وأقل تغذية وأنه لم يعد بإمكانهم توزيع اللحوم أو البيض، ولم يتمكنوا من توزيع الخبز لعدة أسابيع،والمنتجات التي أدخلوها ليست كافية لمكافحة سوء التغذية.إن سوء التغذية الذي تعاني منه النساء الحوامل والمرضعات في شمال غزة يحول دون حفاظهن على صحتهن ويقلل من منحهن أطفالهن فرص البقاء والنمو والتطور بشكل سليم. بالإضافة إلى ذلك، فإن نقص التغذية
لدى النساء خلال فترة الرضاعة الطبيعية يجعل من الصعب عليهن استعادة مخزونهن الغذائي وتلبيةاحتياجاتهن الإضافية من المغذيات[24].
التأثيرات النفسية لحرب التجويع[25]
في سياق الحرب النفسية من خلال التجويع التي تشنها “إسرائيل” على الفلسطينيين في قطاع غزة، يتحول الجسد الجائع إلى ساحة صراع غير مرئية، يُستخدم فيها التجويع كسلاح صامت لتفكيك الإرادة الفردية والجمعية. فالجوع المزمن لا يقتصر على تدهور الحالة الصحية، بل يؤدي إلى انهيار الوظائف المعرفية مثل التركيز والذاكرة واتخاذ القرار، ما يُضعف الحافز على المقاومة ويُعيد تشكيل الوعي الفلسطيني تحت الضغط القاسي للحياة اليومية. طوابير طويلة من الأطفال والنساء يصطفون بانتظار فتات الطعام، إن وُجد، متشبثين بأمل البقاء وسط مخاطر القصف والقتل المستمرة. هذا ليس مجرد نقص في الغذاء؛ إنه جزء من استراتيجية أوسع يستخدم فيها التجويع كسلاح نفسي منهجي، تتحول هذه الدينامية المعرفية إلى ما يمكن تسميته بـ “التجويف المعرفي”، حيث تُهدم البُنى العقلية النقدية لدى الأفراد، ويتم دفعهم نحو سلوكيات أولية بحتة تتعلق بالبقاء اللحظي. وكما يؤكد فانون، فإن المستعمَر الجائع لا يُفكر، بل يبحث ويركض ويصرخ ويتشبث بالحياة كيفما كان. ومن هذا المنظور، يصبح الجوع ليس فقط سلاحاً جسدياً، بل أداة سيطرة على الإدراك الجماعي، ما يجعل التجويع الممنهج استراتيجية لخلق “إنسان قابل للتطويع السياسي”، يخضع لا فقط لأنه ضعيف، بل لأنه لم يعد يمتلك الطاقة المعرفية للمقاومة.
استهداف المساعدات
لم يكتفِ الكيان الإسرائيلي بمنع المساعدات، بل استهدف بشكل مباشر فرق الإغاثة التي تحاول إيصال الطعام، في أبريل 2024، قتلت القوات الإسرائيلية سبعة من موظفي منظمة “وورلد سنترال كيتشن” (World Central Kitchen) أثناء قيامهم بتوزيع وجبات الطعام على المحتاجين، هذا الهجوم أثار غضبًا عالميًا، لكن لم يُعقبه تغيير فعلي في السياسة الإسرائيلية.كما استهدفت القوات الإسرائيلية مستودعات المساعدات في شمال غزة وجنوبها، ما تسبب في تدمير آلاف الأطنان من الأغذية والأدوية، وتكررت مشاهد إطلاق النار على سكان غزاويين كانوا يحاولون الوصول إلى شاحنات مساعدات محدودة، في مناطق مثل “الكوستل” و”نقطة نيتساريم”، وسقط العشرات قتلى في ما عُرف بمجزرة طابور الخبز[26].
تفشي الفقر وانعدام الأمن الغذائي
وصل انعدام الأمن الغذائي هناك إلى معدلات خطِرة وغير مسبوقة، وبدأت تظهر مظاهر انتشار المجاعة في بعض المناطق، وخصوصاً في مناطق الشمال، فبحسب تقديرات مجموعة الشركاء العالميين للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي.
تم تصنيف جميع سكان قطاع غزة (نحو 2.2 مليون شخص) في المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي المتكامل (مرحلة الأزمة أو ما هو أسوأ) في الفترة 8 كانون الأول/ديسمبر 2023 – 7 شباط/فبراير 2024. وهذه هي أعلى نسبة من الأشخاص الذين يواجهون مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد التي صنفتها مبادرة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي على الإطلاق في أي منطقة أو بلد، ومن هؤلاء، يعيش نحو 50% من السكان (1.17 مليون شخص) في حالة طوارئ (المرحلة الرابعة من التصنيف)، وتواجه واحدة، على الأقل، من كل أربع أُسر (أكثر من نصف مليون شخص) أوضاعاً كارثية (المرحلة الخامسة من التصنيف: الكارثة)، وهي الأُسر التي تعاني جرّاء نقص شديد في الغذاء، والجوع، واستنفاد قدرات التكيف. وعلى الرغم من أن مستويات سوء التغذية الحاد والوفيات غير المرتبطة بالصدمات ربما لم تتجاوز بعد عتبات المجاعة، فإن هذه عادة ما تكون نتاج فجوات طويلة وشديدة في استهلاك الغذاء. ويشكل الضعف التغذوي المتزايد لدى الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات وكبار السن مصدراً للقلق بصورة خاصة[27].
وبحسب تقديرات مجموعة الشركاء العالميين للتصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، فإن جميع الأُسر في قطاع غزة تقريباً تتخطى وجبات الطعام يومياً؛ فمن مجموع كل خمس أُسر، في المحافظات الشمالية، توجد أربع أُسر، بالإضافة إلى نصف الأسر النازحة في المحافظات الجنوبية، يقضي أفرادها أياماً ولياليَ كاملة من دون تناوُل الطعام، ويعاني العديد من البالغين جرّاء الجوع كي يتمكنوا من إطعام أطفالهم. وقد أصبحت الآن المساعدات الغذائية الإنسانية، التي كانت تدعم أكثر من ثلثَي السكان قبل تصاعُد العدوان، غير كافية مطلقاً لتغطية الحاجات المتزايدة بسرعة، والتي تهدد الحياة، كما أن كميات السلع، بما في ذلك المواد الغذائية المسموح بدخولها القطاع، غير كافية إلى حد كبير، وفي معظم الأيام، لا تصل إلاّ إلى جزء من سكان محافظة رفح. أمّا في المحافظات الشمالية، وكذلك دير البلح وأجزاء من خان يونس، فيمنع العدوان المستمر أو الحصار الجزئي نسبة كبيرة من السكان من الوصول إلى المساعدات الإنسانية والخدمات الأساسية (الغذاء والمياه والصرف الصحي والرعاية الصحية)[28]
الموقف “الإسرائيلي” من حرب التجويع
توزع الموقف “الإسرائيلي” من حرب التجويع الممارسه ضد قطاع غزة بين المؤيد والمعارض والصامت.
السياسيين:
أدلى مسؤولون إسرائيليون بتصريحات علنية أعربوا فيها عن نيّتهم حرمان المدنيين في غزة من الغذاء، والماء، والوقود – هذه التصريحات انعكست في العمليات العسكرية التي تنفذها القوات الإسرائيلية في غزة.
رئيس الوزراء “الإسرائيلي” بنيامين نتنياهو:لم يستخدم كلمة “تجويع” صراحة، لكنه دعم منع دخول الغذاء والوقود في مناسبات عدة كـ”ضغط أمني” على حماس.
اما وزير المالية “الإسرائيلي” بتسلئيل سموتريتش (يمين متطرف) الذي قال (إنّ ترك سكان قطاع غزة يموتون جوعاً يمكن أن يكون “أمراً مبرّراً وأخلاقياً)[29].
قال غالانت وزير الدفاع “الإسرائيلي” : ( لقد أعطيت أمراً: غزة ستكون تحت حصار تام لا كهرباء، لا طعام، لا وقود، كل شيء مغلق).[30]
يائير غولان ، رئيس حزب الديمقراطيين “الإسرائيلي: قال: هناك وزراء في حكومة نتنياهو يتبنون فكرة تجويع الأطفال.[31]
الجيش وأجهزة الأمن:
وثيقة وحدة تنسيق الأنشطة الحكومية (COGAT):اعترفت الوثائق المسرّبة بقيام إسرائيل بحساب “الحد الأدنى من السعرات” التي يحتاجها سكان غزة للبقاء أحياء دون الوصول للجوع الكامل – وقد نُشر هذا في تحقيق الغارديان وهآرتس.
يوآف غالانت (وزير الدفاع الحالي):صرّح علناً في أكتوبر 2023: “سنحاصر غزة، لا طعام ولا ماء ولا كهرباء…” ما شكّل اعترافاً صريحاً باستخدام التجويع كسلاح حرب.
الإعلاميون والمفكرون:
بعض الصحفيين الإسرائيليين مثل أمنون أبراموفيتش ونحوم برنيع كتبوا في يديعوت أحرنوت عن أن سياسة التجويع تفقد إسرائيل الدعم الأخلاقي الدولي، بينما دعا آخرون مثل إيال زيسر لاستخدام كل أدوات الضغط، بما فيها “الغذاء”.
جدعون ليفي (صحيفة هآرتس):من أبرز المعارضين لسياسة الحصار والتجويع، كتب: “إسرائيل تقتل الناس ليس فقط بالصواريخ، بل أيضاً بالجوع.”
مراكز الدراسات:
مركز القدس للشؤون العامة (JCPA):كتب باحثوه أن حصار غزة جزء من استراتيجية أمن قومي مبررة لمواجهة حماس، دون إنكار الأثر الإنساني لكنه “أمر ضروري”.
معهد دراسات الأمن القومي (INSS):بعض تقاريره ناقشت التجويع كـ”أداة ردع” وليست هدفاً بحد ذاته، لكن دون إدانة واضحة.
الشارع الإسرائيلي:
استطلاعات الرأي (مثلاً من معهد الديمقراطية الإسرائيلي):تُظهر أن نسبة كبيرة من الإسرائيليين (خاصة بعد 7 أكتوبر) تؤيد تشديد الحصار وتعتبره وسيلة “مشروعة”.
في المقابل، نشطاء يساريون ومجموعات حقوقية داخل إسرائيل (مثل “بتسيلم” و”كسر الصمت”) نظّموا احتجاجات صغيرة ضد سياسة “التجويع الجماعي
أخيرا : الخاتمة والتوصيات
من خلال قراءه لما سبق يظهر بشكل جلي استخدام الاحتلال “الإسرائيلي” الجوع كسلاح ضد الفلسطينيين في قطاع غزة، مما يشكل – وفقا للقوانين واللوائح الدوليه- يشكل جريمة حرب، تستدعي العمل الجاد لتقديم قادة الاحتلال للمحاكمه مع الاحتفاظ بحق التعويض لاهل غزة.
أدى استخدام الاحتلال لسلاح التجويع ارتفاع في اعداد الضحايا الفلسطينيين في غزة، اضافه الى الارتفاع الواضح في اعداد المرضىـ بل وبدأ انتشار أوبئة وامراض نتيجة سوء التغذية.
يهدف الاحتلال “الإسرائيلي” من خلال استخدامه لسلاح التجويع لمجموعه من الأهداف ولعل أهمها: سياسة الانتقام التي تقوم بها دولة الاحتلال ضد الفلسطينيين خاصة بعر السابع من أكتوبر 2023، كما يسعى الاحتلال لدفع اهل قطاع غزة للرحيل والهجرة عن غزة، كما يهدف الاحتلال لدفع اهل قطاع غزة للتمرد على حركة المقاومة الإسلامية حماس واضعاف سيطرتها على قطاع غزة.
مطلوب فلسطينيا توثيق الانتهاكات “الاسرائيليه” في قطاع غزة، والعمل الجاد والدعوة إلى التحقيق الدولي ضد دولة الاحتلال، اضافه الى خلق رأي عام دولي لمساندة ونصرة الفلسطينيين في قطاع غزة، والعمل على توفير احتياجاتهم من خلال فتح المعابر وانهاء الحصار المفروض على غزة.
المراجع والمصادر
القران الكريم
ماهر تحسين عابد، ارتباط التنمية الزراعية بالارادة السياسية الحرة فلسطين نموذجا،دار الفتح، الأردن، الطبعة الأولى، 2018
غاستون بوتول ، ظاهرة الحرب ، دار الفارابي، لبنان ، الطبعة الأولى، 2007
ايلان بابيه ، اكبر سجن على الأرض، مكتبة نوفل، الطبعة الأولى ، 2020
نورمان فنكلستين ، غزة بحث في استشهادها ، مركز دراسات الوحده العربية، لبنان ، الطبعة الأولى ، 2020
المركز الفلسطيني لابحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، البرنامج التدريبي التفكير الاستراتيجي واعداد السياسات، فلسطين، الطبعة الأولى، 2018
المركز الفلسطيني لابحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، البرنامج التدريبي التفكير الاستراتيجي واعداد السياسات، فلسطين، الطبعة الأولى، 2019
معهد الانماء العربي للدراسات الاقتصادية الاستراتيجية، في الطريق الى عصر المجاعة، بيروت، الطبعة الأولى، 1976
المجلات والدوريات:
مجلة الدراسات الفلسطينية،مؤسسة الدراسات الفلسطينية، لبنان، العدد 142، ربيع 2025
مجلة الدراسات الفلسطينية،مؤسسة الدراسات الفلسطينية، لبنان، العدد 81، خريف 2010
مجلة الدراسات الفلسطينية،مؤسسة الدراسات الفلسطينية، لبنان، العدد 141، شتاء 2025
تقارير أممية وحقوقية:
- تقارير الأمم المتحدة بشأن الوضع الإنساني في غزة (OCHA, UNRWA).
- هيومن رايتس ووتش – تقارير عن الحصار وتأثيره.
- العفو الدولية (Amnesty International) – توثيق الانتهاكات.
- اللجنة الدولية للصليب الأحمر – البيانات المتعلقة بحرمان المدنيين من الضروريات.
نصوص قانونية:
- اتفاقية جنيف الرابعة (1949).
- البروتوكول الإضافي الأول (1977)، المادة 54.
- نظام روما الأساسي لمحكمة الجنايات الدولية – المادة 8 المتعلقة بجرائم الحرب.
[1] الجزيرة نت، التجويع جريمة حرب بـ”سلاح” الغذاء، https://2u.pw/hZoTW
[2] BBC عربي، التجويع كـ”سلاح حرب”: ماذا يعني ومتى استُخدم في التاريخ؟ https://www.bbc.com/arabic/articles/c3enz4795qdo
[3] معهد الانماء العربي للدراسات الاقتصادية الاستراتيجية، في الطريق الى عصر المجاعة، بيروت، الطبعة الأولى، 1976، ص57
[4] موقع اللجنة الدولية للصليب الأحمر ، https://2u.pw/U3v5u
[5] المصدر السابق
[6] موقع الأمم المتحدة، اتفاقية جنيف بشأن حماية الأشخاص المدنيين ، https://2u.pw/DkaWx
[7] شماله، نبيل، ورقة حول:حقائق الأمن الغذائي في قطاع غزة واقع وسبل تأمني الغذاء في قطاع غزة في ظل الأزمة العالمية، شبكة المنظمات الاهلية الفلسطينية، الطبعه الأولى، 2020، ص 19
[8] موقع الأمم المتحدة
[9] موقع مجلس الوزراء دولة فلسطين https://www.palestinecabinet.gov.ps/portal/News/Details/55903
[10] https://www.ipcinfo.org/fileadmin/user_upload/ipcinfo/docs/IPC_Gaza_Strip_Acute_Food_Insecurity_Malnutrition_Apr_Sept2025_Special_Snapshot.pdf
[11] موقع الأمم المتحدة https://news.un.org/ar/story/2025/05/1141916
[12] وكالة الاناضول https://n9.cl/kephk
[13] موقع روسيا العربية https://n9.cl/46u52
[14] الجزيرة نت، https://n9.cl/y0dj76
[15] عبدالحي،وليد،فخ المساعدات الخارجية والثمن السياسي، https://www.masarat.ps/article/5156/%D9%81%D8%AE-%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A7%D8%AA-%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%82%D8%AA%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%85%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A
[16] التقارير التي تصنف الوضع بالمجاعة (Famine) تعتمد على معايير صارمة (مثل IPC لذلك يتم توثيقها بدقة شديدة وبالاعتماد على فرق ميدانية.وأغلب هذه الإحصائيات تركز على شمال قطاع غزة، حيث كان الوصول الإنساني شبه معدوم لأشهر
[17] https://www.hrw.org/ar/news/2023/12/18/israel-starvation-used-weapon-war-gaza
[18] الجزيرة نت ، https://n9.cl/svv2o
[19] عابد،ماهر، ارتباط التنمية الزراعية بالارادة السياسية الحرة فلسطين نموذجا،دار الفتح، الأردن، الطبعة الأولى، 2018 ص86
[20] موقع الأغذية والزراعة للأمم المتحدة https://www.fao.org/home/ar
[21]بكور،سامر، التغريبة السورية :الحرب الأهلية وتداعياته المجالية والسكانية 2011-2020 ، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات، الطبعة الأولى 2024، ص193-195 بنصرف
[22] الشرق الأوسط، https://n9.cl/zy156r
[23] الجزيرة نت
[24] المركز الفلسطيني لحقوق الانسان، سياسة التجويع الإسرائيلية في ظل جريمةالإبادة الجماعية:كيف تتأثر النساء والفتيات في شمال غزة؟، ورقة عمل، فلسطين 2024 ، ص8
[25] الراعي،مارغريت، التجويع الممنهج: كهندسة نفسية ومعرفية وتأثيرها على الفلسطينيين في قطاع غزة، بتصرف ، https://taqadoom.com/9581/
[26] موقع الوقت https://n9.cl/rdeab
[27] “GAZA STRIP: IPC Acute Food Insecurity│ November 2023 – February 2024”, Integrated Food Security Phase Classification (IPC), 21/12/2023.
[28] المصدر السابق
[29] سكاي نيوز عربي https://n9.cl/3l4ny
[30] مركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الانسان
[31] شبكة قدس الإخبارية https://2u.pw/p5Zsu



