الرقابة على أصحاب العمل وضرورة استفادتهم من الضمان الاجتماعي
Employer oversight and the necessity of their inclusion in social security benefits

اعداد :
- ميساء سويف – الجامعة الاسلامية في لبنان
- ا.د. هادية الشامي – الجامعة الاسلامية في لبنان
المركز الديمقراطي العربي : –
- مجلة مؤشر للدراسات الاستطلاعية : العدد عشرون كانون الأول – ديسمبر 2025 , مجلد 6 , دورية علمية محكمة تصدر عن #المركز_الديمقراطي_العربي “ألمانيا –برلين” في التعاون مع مركز مؤشر للدراسات الاستطلاعية.
-
تعنى بنشر البحوث والدراسات الاكاديمية الرصينة في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية , علوم اللغة والترجمة , العلوم الإسلامية والآداب ،العلوم الفنية , علوم الآثار , العلوم التربوية والعلوم النفسية والأرطفونيا, كما , تعنى بنشر نتائج البحوث الاستطلاعية في مجالات العلوم الاجتماعية والإنسانية.
للأطلاع على البحث “pdf” من خلال الرابط المرفق :-
ملخص :
يُعَدّ الضمان الاجتماعي أداةً مهمةً لحماية أصحاب العمل وضمان استقرارهم المالي، إلا أنّ مشكلة عدم استفادتهم منه تظلّ قائمةً رغم التزامهم بالرقابة. يهدف هذا البحث إلى تسليط الضوء على أهمية استفادة أصحاب العمل من الضمان الاجتماعي وتقديم اقتراحات قانونية لتحسين الوضع القانوني.
يخضع أصحاب العمل للرقابة،إذ يُشرف التفتيش على تطبيق قوانين الضمان الاجتماعي ويضمن أن يلتزم أصحاب العمل بدفع الاشتراكات اللازمة والتصريح عن موظفيهم. الرقابة قد تكون شاملة أو حصرية وتُنفذ بشكل دوري أو طارئ، وتخضع المؤسسات للمراقبة بانتظام، لكن الرقابة لا تشمل بالضرورة أصحاب العمل أنفسهم الذين يُعتبرون المساهمين الرئيسيين في النظام من دون استفادة، هذا الوضع يشكل عبئًا على أصحاب العمل الذين يرون أن دفعهم للاشتراكات لا يعود عليهم بأي فائدة، ما يؤدي أحيانًا إلى فساد أو تجاوزات في نظام التصريح والاشتراكات.
من هنا، توصي الدراسة بضرورة تعديل النظام القانوني لضمّ أصحاب العمل إلى الضمان الاجتماعي أسوةً بالعاملين لديهم، بما يضمن لهم الحصول على رعاية صحية وتقديمات أخرى مشابهة. وقد تم اقتراح تعديل القانون لإلزام أصحاب العمل بالانتساب للضمان الاجتماعي وتحديد الاشتراكات على أساس الأجر المحدد في النظام، بحيث يتمكن هؤلاء من الحصول على تقديمات المؤسسة، وهو ما سيساهم في تحفيز أصحاب العمل على الامتثال للقوانين والوفاء بموجباتهم.
فتفعيل الضمان الاجتماعي لأصحاب العمل مع فرض رقابة فعالة يمكن أن يؤدي إلى تحسين وضعهم الاقتصادي والاجتماعي، ويساهم في تعزيز استقرار الشركات وتوفير بيئة عملٍ أكثر عدلًا لكافة الأطراف.
Abstract
Social security is a vital tool for protecting employers and ensuring their financial stability; however, the issue of their lack of direct benefits remains a persistent problem, despite their full compliance with regulatory obligations. This research aims to highlight the importance of extending social se
curity benefits to employers and to propose legal reforms that would enhance their legal standing within the system.
Employers are subject to strict oversight, as inspections ensure that they comply with social security laws, declare their employees, and pay the required contributions. Although institutions are regularly monitored, such oversight does not necessarily include employers themselves, who are major contributors to the system without receiving any direct benefits. This situation imposes a significant burden on employers, who often feel that their contributions yield no personal advantage, sometimes resulting in irregularities, corruption, or underreporting of wages.
Accordingly, the study recommends amending the legal framework to include employers within the scope of social security coverage, similar to their employees, thereby granting them access to healthcare and other benefits. The proposed amendment seeks to mandate employer affiliation to the social security system and determine contributions based on a standard wage, enabling them to receive the institution’s benefits. Such reform would encourage greater compliance and support a healthier legal environment.
Activating social security coverage for employers, along with effective oversight mechanisms, can significantly improve their economic and social conditions, enhance business stability, and promote a fairer working environment for all parties involved.
المقدمة
تعد مسألةخضوع أصحاب العمل للرقابة وأهمية استفادتهم من الضمان الاجتماعي من المواضيع الهامة خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي يمر بها لبنان. فمن ناحية، يعتبر الضمان الاجتماعي أداة هامة لتوفير الحماية الاجتماعية لأصحاب العمل ولضمان استقرارهم المالي في مواجهة المخاطر المختلفة. ومن ناحية أخرى، يترتب على أصحاب العمل التزام رقابي صارم وهو ما يشكل عبئًا عليهم إذا لم يتمكنوا من الاستفادة من الضمان الاجتماعي .
حيث يشهد مفهوم الحماية الاجتماعية في السنوات الأخيرة تطوّراً لافتاً، حيث لم يعد محصوراً بفئة الأجراء فقط، بل بات يشمل مختلف الفاعلين الاقتصاديين بما فيهم أصحاب العمل. إلا أنّ التشريعات اللبنانية ما زالت تعتمد مقاربة تقليدية تفصل بين الطرفين، بحيث يتمتع الأجراء بمظلّة الضمان الاجتماعي، فيما يبقى أصحاب العمل خارج أي إطار حمائي رغم دورهم الأساسي في العملية الإنتاجية. هذا التباين يخلق فجوة واضحة بين المسؤوليات المترتّبة على أصحاب العمل من جهة، والحقوق الممنوحة لهم من جهة أخرى، ما يبرز الحاجة إلى إعادة تقييم شاملة للنظام القانوني الحالي بما ينسجم مع مبادئ العدالة الاجتماعية ومتطلّبات الإصلاح المعاصر
ففي الفصل الأول من هذا البحث تم التركيز على خضوع أصحاب العمل للرقابة، وهو أمرٌ حيويٌّ لضمان الامتثال للقوانين المتعلقة بالعمل والظروف التي يتعين عليهم توفيرها للعمال. كما ناقش الفصل الثاني ضرورة استفادة أصحاب العمل من الضمان الاجتماعي، باعتباره أداة أساسية لحماية مصالحهم وضمان استقرار شركاتهم، من خلال تقديم اقتراحات قانونية، يسعى هذا البحث الى تسليط الضوء على كيفية تحسين النظام القانوني لضمان التوازن بين رقابة الدولة وحقوق أصحاب العمل.
.1.1هدف الدراسة
يهدف البحث إلى دراسة خضوع أصحاب العمل للرقابة والإضاءة على أهمية استفادتتهم من الضمان الاجتماعي . كما يهدف الى التأكيد على ضرورة وجود قانون يرعى هذا الضمان في لبنان نظرًا لأهميته في وقتنا الحالي مما يجعل من مسألة ضمان أصحاب العمل قضيةً بالغة الأهمية.
. 2.1إشكالية الدراسة
تتمثل إشكالية البحث في غياب إقرار قانون شامل يضمن استفادة اصحاب العمل من الضمان الاجتماعي حتى يومنا هذا على الرغم من أهميته من نواحٍ عديدة.
. 3.1أسئلة الدراسة
لضمان أصحاب العمل أهمية كبرى: فما هي هذه الأهمية؟ وما هي العوائق التي تحيل وراء عدم تطبيقه؟ وما هي الأسباب تبرر ضرورة ضمان أصحاب العمل؟
وما هي الآليات القانونية والرقابية التي تحدد خضوع أصحاب العمل للرقابة في لبنان؟
. 4.1منهج البحث
يعتمد البحث منهجية تحليلية عمادها دراسة الوقائع و تحليلها.
5.1. اصحاب العمل
صاحب العمل هو السلطة التي توظف وتدفع أجور الأفراد الموظفين لديها مقابل عملهم. قد يكون فردًا أو مؤسسةً تمثّل العديد من الأشخاص، أو أي نوع من الأعمال التجارية،أي هو كل شخص طبيعي أو اعتباري يشغِّل عاملًا أو أكثر مقابل أجر.حيث يقوم بتحديد شروط التوظيف للموظفين مثل الأجور الشهرية، وأيام الدوام والإجازة وساعات العمل، وهو المسؤول قانونًا عن ظروف العمال والمسؤول عن ضمانهم، حيث يجب عليه أن يدوّن دون بياض أو حشو أو حك أو تصحيح في صندوق خاص وفق نموذج تضعه إدارة الصندوق تحت تصرفه ويبين فيه تاريخ كل تدوين أسماء الأشخاص الخاضعين للضمان، وتاريخ ومحل ولادتهن ومقدار أجرهم والتعويضات الإضافية التي يستفيدون منها وذلك قبل مباشرتهم العمل، وكذلك تاريخ الانقطاع عن العمل أو الصرف منه خلال ثلاثة أيام على الأكثر تلي تاريخ حصوله، وصاحب العمل الذي يغفل تنظيم هذا السجل يعاقب بغرامة وبحال عدم دفعه خلال خمسة عشر يوما منتاريخ تنظيم محضر الضبط تضاعف العقوبة.
يكون صاحب العمل مسؤول عن التصريح عن التحاق الشخص الخاضع للضمان بالعمل او عن تركه العمل وذلك خلال خمسة عشر يوما من تاريخ الالتحاق أو الترك تحت طائلة عقابه بغرامة بحال اغفاله هذا التصريح، واذا تجاوز التأخر في التصريح مدة أقصاها ثلاثة أشهر من تاريخ الالتحاق بالعمل أو الترك يعاقب المخالف بغرامة إضافية.
1.5.1. أصول الرقابة على أصحاب العمل
حدد نظام التفتيش ومراقبة أصحاب المؤسسات في الفصل الثاني منه قواعد المراقبة وأصول أجرائها، مُحدداً في القسم الاول أنواع إجراء المراقبة وحالاتها ومهل إنجازها. حيث تجري مراقبة اصحاب العمل ومن هم في حكمهم المنصوص عليهم في المواد 9 إلى 12 من قانون الضمان الإجتماعي وفقاً لأحكام المادة 77 وما يليها من ذات القانون وأحكام هذا النظام على أساس مخططات عمل تصدر عن المدير العام سنويا بناء على اقتراح المدير.
وتكون المراقبة شاملة أو حصرية، وتتناول الأولى مختلف نواحي تنفيذ قانون الضمان الإجتماعي والأنظمة والمراسيم المتممة له وتجري إما بطريقة دورية للمؤسسات المسجلة او بطريقة المسح الشامل للمؤسسات المكتومة او بصورة طارئة تلقائياً من قبل المديرية أو بناءً على أي طلب حسب الاصول.
وتتم الثانية بصورة طارئة تلقائيا من قبل مديرية التفتيش والمراقبة او بناءً على أي طلب حسب الأصول.
وقد نصّ النظام على أن تخضع المؤسسات المسجلة لدى الصندوق للمراقبة الشاملة ضمن خطة منهجية مرة كل خمس سنوات بصورة دورية منتظمة وتخضع المؤسسات المكتومة لمسح شامل مرة كل عشر سنوات على الاقل وذلك للتصريح عنها وتسوية اوضاعها تجاه الصندوق. كما ويمكن للمدير أن يقرر إجراء المراقبة الدورية والمسح الشامل في دورة زمنية أقصر لبعض فئات المؤسسات والأنشطة والمناطق الجغرافية وذلك تبعاً للضرورة والإمكانات. [1]
كما حدد نظام التفتيش ومراقبة اصحاب المؤسسات في قسمه الثاني من الفصل الثاني امتداد المراقبة التي يقصد بها امتداد المراقبة زمنيًا، فتمتد المراقبة الشاملة سواء كانت دورية أم طارئة مع مراعاة أحكام مرور الزمن من بدء مفعول الخضوع لقانون الضمان الإجتماعي أو نهاية آخر مدة استحقاق توقفت عندها المراقبة السابقة حتى آخر سنة مالية أقفل حسابها لدى صاحب العمل إلا ان هذه المراقبة السابقة تمتد حتى حصول التغيير في الأوضاع الإدارية أو القانونية لصاحب العمل في الحالات التالية:
- التوقف عن النشاط وعن استخدام أجراء خاضعين للضمان الإجتماعي.
- انتقال الملكية بسبب وفاة صاحب العمل إذا كان شخصاً طبيعياً.
- حل المؤسسة وتصفيتها أو انتهاء وجودها المادي لأي سبب كان.
- الإفلاس
- إبرام أحد العقود التي تتناول الملكية التجارية المنصوص عليها في المرسوم الاشتراعي رقم 11 تاريخ 11/7/1967 وتعديلاته إلا إذا كان وُجِد ضمانًا قانونيًا في إستمرار المؤسسة واستمرار عقود الخاضعين للضمان الإجتماعي.
- يتعين في هذه الحالة الأخيرة تغطية الاوضاع الجديدة بإجراء المراقبة حسب الاصول.
إلا انه يمكن ان تتناول المراقبة الشاملة او الحصرية في حال تناولت موضوع رقابة سابقة بموجب أمر مهمة اضافي صادر عن المدير، وذلك فيحال ظهور عناصر جديدة تبرر ذلك مع مراعاة احكام مرور الزمن المنصوص عليها قانوناً. [2]
وقد نص نظام التفتيش ومراقبة اصحاب المؤسسات أن على المفتش أن يطلب التنحي عن المهمة إذا كان بينه وبين صاحب العمل او الشاكي قرابة أو مصاهرة لغاية الدرجة الرابعة أو صداقة وثيقة أو عداوة مستحكمة يمكن أن تُعَرِّض نتائج تقريره للطعن. وفي حال عدم ورود طلب التنحي من المفتش، يحق للمدير بناءً على اقتراح رئيس المنطقة أن يتخذ قرارًا بتنحية المفتش للأسباب المبينة في الفقرة السابقة أو في حال ارتكاب المفتش خطأ مهنياً من شأنه التأثير على نتائج التفتيش. كما يحق في الاحوال المبينة في الفقرتين السابقتين لكل من صاحب العمل او الشاكي ان يطلب تنحية المفتش بتقديم طلب خطي إلى المديرية، وعلى المدير ان يبت فيه خلال خمسة ايام من تاريخ وروده. وفي كافة الأحوال، يحق لصاحب العمل او الشاكي ان يطعن بنتائج التفتيش امام المحكمة المختصة مدلياً ببطلانها عند توفر اسباب التنحي. [3]
2.5.1 مكان المراقبة وزمان المراقبة
- مكان المراقبة:
تجري المراقبة على المؤسسة في مركزها الرئيس أو الفرع التابع لها أو على عنوان المسؤول عنها الذي يمثلها ت7جاه الغير. وإلا يمكن إجراؤها او استكمالها شرط عدم الإخلال بمبدأ إجراء المراقبة محلياً، لدى:
- المسؤول عن المؤسسة بصورة قانونية إذا كانت شخصاً معنوياً
- مكتب المحامي وكيل صاحب العمل أو ورثته.
- مكتب المحاسبة المعتمد في حال تعذر نقل الدفاتر والسجلات إلى مكتب المفتش.
- وكيل التفليسة
- مصفي المؤسسة او الحارس القضائي.
ويحظر على المفتش القيام بمهامه لدى معقبي المعاملات الذين يمكن ان يعتمدهم صاحب العمل في علاقته مع الصندوق. [4]
- زمان المراقبة:
يستفاد من نص الفقرة (8) من المادة 77 ان اصحاب العمل كافة ملزمون باستقبال مفتشي الصندوق وتمكينهم من القيام بمهامهم بناءً على موعد سابق، أي يمتنع على المفتشين الدخول المفاجئ إلى المؤسسة والمباشرة بإجراء المراقبة فيها إذا تمنع صاحب العمل.
إلا انه بمقتضى المادة 18 من نظام التفتيش ومراقبة اصحاب العمل، يتوجب على المفتش القيام بالزيارة الاولى للمؤسسة من دون اعلام مسبق والاتصال مباشرة بصاحب العمل أو من يقوم مقامه بصورة قانونية، او برئيس المحاسبة المسؤول عن شؤون العمال والمستخدمين والتعريف عن نفسه بإبراز بطاقة الوظيفة.
وفي حال تعذر المباشرة بإجراء المراقبة فعلياً منذ الزيارة الأولى، يحدد المفتش موعداً لاحقاً للمباشرة بها بموجب إشعار بزيارة مفتش.
وفي حال استحالة مقابلة صاحب العمل أو المسؤول في مكان المؤسسة أو تعذر إجراء المراقبة في مكان آخر لعدم توافر الحالات المنصوص عليها في الفقرة (2) من المادة 17 من هذا النظام، توجه دعوة حضور بواسطة رئيس المنطقة إلى صاحب العمل أو المسؤول عن المؤسسة بصورة قانونية على عنوان السكن المصرح عنه إلى الصندوق أو العنوان المعروف بأي طريقة أخرى مرتين متتاليتين للإجتماع بالمفتش وتزويده بالإيضاحات والمعلومات والمستندات اللازمة لإجراء المراقبة. [5]
إن هذا النص، برأينا، لا يولي المفتش حق اجراء المراقبة إذا عارض صاحب العمل إتمامها، انما يضع على عاتقه موجب القيام بالزيارة الاولى بشكل مفاجئ. وفي حال تعذر المباشرة بالمراقبة فعلياً، يجب على المفتش ان يحدد موعداً لاحقاً بموجب اشعار بزيارة.
أما المشترع الفرنسي، وبعد ان كان يلزم اصحاب العمل باستقبال المفتشين في كل حين من دون ارسال اشعار لهم، فرجع عن ذلك ليقرر بأن كل رقابة تجري تطبيقاً لأحكام المادة 243/7 من قانون الضمان الإجتماعي الفرنسي، يجب ان يسبقها ارسال اشعار بواسطة كتاب مضمون مع اشعار بالوصول او بالاستلام.
اما الاوقات المسموح للمفتش بممارسة رقابته فيها فتُحدد ضمن أوقات العمل العادية وطبقاً للدوام المعمول به في المؤسسة وعليه التوفيق بين المقتضيات العملية لكلا الفريقين. [6]
6.1. ضرورة استفادة أصحاب العمل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مع اقتراحات حول هذه الاستفادة:
بالرغم من المساهمات المالية الكبيرة التي يقدمها أصحاب العمل في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي فانهم في الغالب لا يحصلون على أي استفادة بالمقابل. فأصحاب العمل هم من أكبر المساهمين ماديا في الصندوق، بالإضافة الى أعضاء مجلس الإدارة الذين يقومون بمهام كبيرة ويتمتعون بصلاحيات ومهام أساسية لاستمرارية الصندوق إنما لا يستفيدون من خدماته التي يشاركون بشكل أساسي بوجودها.
فأصحاب العمل لا سيما أصحاب المهن الحرة يعانون الحرمان من فرصة الاستفادة من الرعاية الصحية، وكذلك يشترك في هذه المعاناة أعضاء مجالس ادارة المؤسسات العامة والخاصة والشركات من حرمانهم من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
هذا الواقع يخلق تفاوتا كبيرا بين الأجراء وأصحاب العمل حيث يتمتع الأجراء بالحماية الصحية والاجتماعية بينما يظل أصحاب العمل غير مستفيدين من هذه الخدمات بالرغم من تمويلهم للصندوق.
1.6.1.استفادة أصحاب العمل من الصندوق:
حددت المادة 9 من قانون الضمان الإجتماعي الأشخاص الخاضعين للضمان منذ المرحلة الأولى، إلا أنّها لم تذكر أصحاب العمل، بالرغم من قيام هؤلاء بتأمين ضمان أغلب المضمونين. إذ يخضع للضمان الأجراء اللبنانيون (عمّال ومستخدمون) الدائمون والمؤقتون والمتمرنون والموسميون والمتدربون الذين يعملون لحساب رب عمل واحد أو أكثر لبناني أو أجنبي، أيا كانت مدة أو نوع أو طبيعة أو شكل أو صحة العقود التي تربطهم برب عملهم وأيا كان شكل أو طبيعة كسبهم وأجورهم حتى ولو كان هذا الكسب أو الأجر مدفوعاً كلياً أو جزئياً، على شكل عمولة أو حصة من الأرباح أو على الإنتاج وسواء كان مدفوعاً من قبل رب العمل أو من قبل أشخاص ثالثين. [7]
وإذا نظرنا إلى أجهزة الصندوق فإنها تتكون من مجلس إدارة ولجنة فنية وأمانة سر. وقد روعي في تأليف مجلس إدارة الصندوق تمثيل المعنيين بإدارة نظام الضمان الإجتماعي وتطبيقه، ألا وهم الدولة وأصحاب العمل والأجراء. إذ تحدد الدولة الأسس التي تقوم عليها سياستها على صعيد الضمان الإجتماعي عن طريق إصدار القوانين ووضع الأنظمة، سواء لناحية الخضوع لها أو لناحية التقديمات التي يؤمّنها. ويمكنها من خلال تمثيلها في مجلس الإدارة أنّ تتابع وأن تتدخل عند الاقتضاء لتأمين تنفيذ هذه السياسة. أما أصحاب العمل فقد وُضعت على عاتقهم موجبات قانونية ومالية، إذ يتحملون في المرحلة الحالية القسم الأكبر من تمويل الضمان الإجتماعي. والأجراء هم المستفيدون من تقديمات هذا الضمان والمشاركون إلى حد ما في تمويله إلى جانب أصحاب العمل. [8]
بالتالي فإن أصحاب العمل يتحملون موجبات قانونية ومالية فائقة من دون أي فائدة أو مقابل، حيث المستفيد الأول والأخير هم الأجراء الذين لولا أصحاب العمل لما كان ليتمتع بهذه النعمة.
وبالعودة للمادة 21 من قانون العمل والضمان الإجتماعي فإن الأطباء المقبولين من الصندوق المنصوص عنهم في هذه المادة الذين يؤمّنون العناية الطبية للمرضى المستفيدين منها، هم الأطباء الخاضعين لتقديمات العناية الطبية في حالات المرض والأمومة، استناداً لأحكام البند 4 من المادة 9 من قانون الضمان الإجتماعي التي نصت على أن: “يخضع الأطباء المقبولون لدى الصندوق وفقاً لأحكام قانون الضمان الإجتماعي والنظام الداخلي، وذلك بموجب مرسوم يتخذ في مجلس الوزراء بناءً على إقتراح وزير العمل والشؤون الإجتماعية وإنهاء مجلس إدارة الصندوق”.
فحتى الأطباء مستفيدون من الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، وذلك على عكس أصحاب العمل في المؤسسات، فهم غير خاضعين للضمان الإجتماعي. فلما كان كل من الأطباء وأصحاب العمل خاضعين للرقابة، حيث تخضع الفئة الأولى للرقابة الطبية من مستشفيات وصيدليات وأطباء، والفئة الأخيرة للرقابة على أصحاب العمل، فلماذا يستفيد الأطباء من الصندوق من دون إستفادة أصحاب العمل؟
وفي ما يخص موضوع التفتيش على أصحاب العمل، فقد أخضعت المادة 77 (المعدلة وفقاً للمرسوم الإشتراعي 116-تاريخ 30-6-1977) في فقرتها الأولى أصحاب العمل لمراقبة الصندوق: “يخضع أصحاب العمل في ما يتعلق بتطبيق أحكام هذا القانون والمراسيم والأنظمة المتممة له لمراقبة الصندوق”، وحددت موجباته في نصوص فقرات المادة نفسها.
إن صاحب العمل هو من يقوم وفقاً للأحكام القانونية والنظامية المرعية التطبيق بالتصريح عن الأشخاص الخاضعين للضمان الإجتماعي، وتحديد الكسب الذي يُتخذ أساساً لحساب الإشتراكات، كما يقوم بحسم تلك الإشتراكات المتوجبة عليهم ومن ثم يدفع المجموع في المكتب الاقليمي أو المحلي المختص خلال المهلة القانونية.
وفي ضوء ما تقدم تظهر أهمية التحقق من مدى تنفيذ أصحاب العمل لموجباتهم القانونية والمالية للتأكد من تقيدهم أو مخالفتهم للنصوص القانونية ولا سيما التصريح عن الأشخاص الخاضعين للضمان ودفع الإشتراكات المتوجبة عليهم ومقدار الكسب الحقيقي الذي تحسب على أساسه هذه الإشتراكات.
فمن المعلوم أنّ أصحاب المؤسسات التجارية ينسبون العاملين لديهم إلى مؤسسة الضمان الإجتماعي، لكن في الواقع، عندما يذهب مفتش الضمان الإجتماعي إلى هذه المؤسسات للرقابة على رواتب العاملين فيها، فإنّ بعض أصحاب هذه المؤسسات يطلبون من المفتشين التغافل عن المبلغ الحقيقي للرواتب وتسجيل مبالغ أقل، مقابل رشوة يقوم صاحب المؤسسة بدفعها للمفتش. [9] وبالمقابل، يقوم المفتش بقبول هذه الرشوة لعدة أسباب أهمها المحسوبيات الطائفية، السياسية، المناطقية وغيرها.[10]
ولعل الدافع الأساسي لقيام أصحاب المؤسسات باعتماد أسلوب الرشاوى وعدم التزامهم بما هو متوجب عليهم تجاه مؤسسة الضمان الإجتماعي هو عدم تغطيتهم من قبل صندوق الضمان الإجتماعي، إذ تقتصر التغطية على العاملين في المؤسسة التجارية من دون أصحابها. فيعتبر أصحاب المؤسسات بذلك أنهم يتكلفون من دون إستفادة لشخصهم. لذلك، نرى أنه من الصائب أنّ يقوم قانون الضمان الإجتماعي بتعديل هذه الثغرة وتغطية أصحاب المؤسسات مع العاملين في المؤسسات، حتى يشعر أصحاب المؤسسات التجارية بمسؤولية أكبر تجاه صندوق الضمان الإجتماعي وأن ما يدفعونه من رسوم سيعود عليهم بالمقابل بمنفعة ولن يكون مجرّد عبءٍ يسعون للتخلص منه أو على الأقل، تخفيفه بأي طريقة سواء اعتماد أسلوب الرشوة أو إيجاد باب آخر للإنتساب للضمان الإجتماعي، وإن كان ذلك عن طريق التحايل كشراء لوحة سيارة عمومية مثلاً. (أخضعت المادة التاسعة من قانون الضمان الإجتماعي في فقرتها الأولى (أولاً) في الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي حيث نصت على إنّ :”تحدد بمراسيم تتخذ بمجلس الوزراء بناءً على اقتراح وزير العمل والشؤون الإجتماعية وإنهاء مجلس إدارة الصندوق وبالشروط المحددة فيها، فئات سائقي السيارات العمومية والحرفيين وسائر فئات الأشخاص اللبنانيين غير المذكورين في هذه المادة الذين تتبين ضرورة إخضاعهم منذ المرحلة الأولى، لبعض أو جميع فروع الضمان الإجتماعي”. فلا يخفى أنّ الشخص الذي لا يكون له باب للضمان بالتالي ليس لديه غطاء صحي، يضطر إلى أنّ يبحث عن أي طريقة لضمان نفسه وعائلته، ومن إحدى تلك الطرق شراءه للوحة (السيارة العمومية) من دون ممارسة هذه الوظيفة فعلياً، مما يعتبر إحتيالًا على الضمان الإجتماعي. بالتالي فإن عدم إخضاع أصحاب العمل للضمان الإجتماعي من الممكن أنّ يدفعهم لايجاد حلول بديلة غير قانونية لتفادي الأضرار الناتجة عن عدم خضوعهم للضمان.
2.6.1.اقتراح حول خضوع أصحاب العمل للضمان الاجتماعي:
قد تقدم حضرة مدير عام الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الدكتور محمد كركي إلى حضرة رئيس مجلس إدارة الضمان بتاريخ 8 آب 2018 بمرسوم خضوع أصحاب العمل ومن في حكمهم لأحكام قانون الضمان الإجتماعي فرع الضمان والأمومة تحت الرقم 2569، بعد النظر بالطلبات المتكررة التي تقدّم بها معالي وزير العمل وبعض أعضاء مجلس الإدارة، لذا تم إيداع مشروع المرسوم المتعلق بإخضاع أصحاب العمل ومن في حكمهم لأحكام قانون الضمان الإجتماعي مع الدراسة الإكتوارية التي أعدّها الخبير الإكتواري. وذلك بعد أنّ اقتضت الحاجة لإخضاع هذه الفئة من اللبنانيين لأحكام قانون الضمان الإجتماعي واستفادتهم من تقديماته الصحية، وقد رجا الاطلاع وعرض الموضوع على مجلس الإدارة وتقرير ما يرونه مناسباً.
وأُخضِع إلزامياً لأحكام قانون الضمان الإجتماعي – فرع ضمان المرض والأمومة أصحاب العمل ومن في حكمهم، غير الخاضعين لأحكامهم أو لأي نظام تأميني عام آخر، بأي صفة أخرى، شرط ممارسة العمل شخصيًا على الأراضي اللبنانية، وذلك بناءاً على إقتراح وزير العمل، وبعد استشارة مجلس شورى الدولة، بناء على موافقة مجلس الوزراء، وقرار مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي المتضمن الإنهاء بمرسوم خضوع أصحاب العمل ومن في حكمهم لأحكام قانون الضمان الإجتماعي، وبناءًا على قانون الضمان الإجتماعي الموضوع موضع التنفيذ بموجب المرسوم رقم 13955 تاريخ 26/9/1963 ولا سيما المادة التاسعة منه. والمقصود بأصحاب العمل ومن في حكمهم، مثل التجار المسجلون في السجل التجاري وفقاً للمادة 24 من قانون التجارة البرية، والشركاء في شركات التضامن، والشركاء المفوضين في شركات التوصية البسيطة، والمدير المفوض بالتوقيع في الشركات المحدودة المسؤولية، ورؤساء مجلس الإدارة المدراء العامين وأعضاء مجالس الإدارة في الشركات المساهمة وشركات التوصية المساهمة، طوال فترة انتخابهم، والمدراء العامين المساعدين في الشركات المساهمة، ورؤساء وأعضاء مجالس الإدارة في المؤسسات العامة أو ذات الصفة العامة، والشركاء المتضامنون في شركات التوصية المساهمة، والمدراء المفوضين بالتوقيع في الشركات المدنية المسجلة في السجل المدني لدى الغرفة الابتدائية المدنية في بيروت، ومدراء الشركات الأجنبية التي تملك فروعًا في لبنان أو مكاتب تمثيل، وسائر أصحاب العمل المسجلين في الصندوق ويستخدمون أجراء. وأنّ هؤلاء الأشخاص يستفيدون مع أفراد عائلتهم، بمفهوم المادة 14، من قانون الضمان الإجتماعي من تقديمات العناية الطبية في فرع ضمان المرض والأمومة شرط أنّ يتقدموا من الصندوق بطلب إنتساب وفقاً للأصول مع المستندات المطلوبة، وأن يتثبت الصندوق من تسديدهم للإشتراكات المتوجبة عليهم لثلاثة أشهر سابقة لتاريخ التثبت الطبي. وتحدد الإشتراكات المتوجبة على أصحاب العمل ومن في حكمهم على أساس المعدل العادي المعمول به على أساس كسب شهري مقطوع مقداره الحد الأقصى للكسب الخاضع للإشتراكات المعمول بها في فرع ضمان المرض والأمومة. وتحدد دقائق تطبيق هذا المرسوم في نظام الصندوق الداخلي وفقاً لأحكام المادة 76 من قانون الضمان الإجتماعي.
الأسباب الموجبة: حيث أنّ القانون رقم 75/16 الصادر بتاريخ 11/4/1975 قد عدل بعض أحكام المادة التاسعة من قانون الضمان الإجتماعي وأضاف إلى البند “أ” من الفقرة أولاً المقطع “ه” التالي نصه: “تحدد بمراسيم تتخذ في مجلس الوزراء بناء على اقتراح وزير العمل وإنهاء مجلس إدارة الصندوق وبالشروط المحددة فيها، فئات سائقي السيارات العمومية والحرفيين وسائر فئات الأشخاص اللبنانيين غير المذكورين في هذه المادة الذين يتبين طبيعة إخضاعهم منذ المرحلة الأولى لبعض أو جميع فروع الضمان الإجتماعي”.
وحيث أنّ التجار ورؤساء مجالس الإدارة والمدراء العامين والمفوضين بالتوقيع في الشركات التجارية وهم شركاء أساسيون في نظام الضمان الإجتماعي اللبناني بصفتهم أصحاب عمل يصرحون عن أجرائهم ويسددون عنهم الإشتراكات المتوجبة.
كما أنّ غالبية التجار ينتمون إلى فئتي صغار أو متوسطي التجار وبمعظمهم غير خاضعين لأي نظام حماية إجتماعية يؤمن لهم ولأفراد عائلاتهم الاستقرار الإجتماعي والتغطية الصحية.
لذلك تم وضع هذا المرسوم لإخضاع هذه الفئة لأحكام فرع ضمان المرض والأمومة في الصندوق وإفادتهم من تقديمات العناية الطبية في هذا الفرع وتحديد الكسب المتخذ لحساب الإشتراكات بالحد الأقصى المعمول به لفرع ضمان المرض والأمومة وفقًا للمعدل العادي المعمول به في الصندوق على أنّ يبدأ الخضوع إعتبارًا من بداية الشهر السادس لنشر المرسوم في الجريدة الرسمية لجهة إستحقاق الإشتراكات وبداية الشهر التاسع للنشر لجهة استحقاق التقديمات.
أمّا بالنسبة للدراسة الإكتوارية ، فإنّ أهم ما ورد فيها إلى جانب الاحصاءات من خلال الدراسة بطريقة تقريبية:
نظراً للظروف الإجتماعية الدقيقة التي تعاني منها جميع فئات المجتمع اللبناني، بما في ذلك أصحاب المؤسسات والتجار والشركات التجارية، لجهة الارتفاع الهائل في نفقات الإستشفاء بالإضافة إلى الغلاء الفاحش في أقساط شركات التأمين الخاصة، لذلك لا بد من إيجاد نظام حماية اجتماعية يؤمن لهؤلاء نوعًا من الاستقرار الإجتماعي على صعيد المرض والأمومة، وذلك عن طريق إخضاع هذه الفئات إلى الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.
ونظراً لعدم توافر (حاليًا) معطيات إحصائية حول أصحاب هذه المؤسسات وأفراد عائلاتهم الذين يقع على عاتقهم استخراج ما يلزم من عناصر أهمها:[11]
- متوسط الأعمار لهؤلاء الأشخاص
- التكوين العائلي (متوسط عدد أفراد العائلة)
- عدد الزوجات على عاتق الزوج (لا تعمل)
- عدد الأولاد:
- أقل من 18 سنة.
- من 18 سنة لغاية 25 سنة.
- عدد الأهل (الأب والأم)
لخطورة هذا النظام، ولغياب كامل المعطيات الإحصائية الضرورية حول صاحب المؤسسة أو التاجر وأفراد عائلته الذين هم على عاتقه، وتجنباً من الوقوع بنتائج سلبية، كما حصل بالنظام الخاص للاختياريين، اقترح حضرة مدير عام الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي الدكتور محمد كركي بمشروع القانون هذا، تعديل هذا الإشتراك برفع الأجر المعتمد البالغ أربع مرات وربع الحد الأدنى الرسمي للأجور بنسبة 10% أو 15% أو 20%.
وقد تقدم حضرة وزير العمل مصطفى بيرم بكتاب لجانب مجلس إدارة الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي موضوعه مشروع مرسوم يرمي إلى خضوع أصحاب العمل ومن في حكمهم لأحكام قانون الضمان الإجتماعي – فرع المرض والأمومة، المحال إلى جانبهم بموجب كتاب المدير العام رقم 2569 تاريخ 8/8/2018 تضمن ما يلي:
يعاني أصحاب العمل لا سيما أصحاب المهن الحرة الحرمانَ من فرصة الإستفادة من الرعاية الصحية، وكذلك يشترك في هذه المعاناة أعضاء مجالس إدارة المؤسسات العامة والخاصة والشركات من حرمانهم من تقديمات الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.
بالرغم من أنّ قانون الضمان الإجتماعي قد أُلزِم باتخاذ التدابير المناسبة لإخضاع كافة العاملين وأصحاب العمل لأحكامه.
الخاتمة
يتضح أن إيجاد توازن فعلي بين خضوع أصحاب العمل للرقابة وتمكينهم من الاستفادة من تقديمات الضمان الاجتماعي هو أمر ضروري لتعزيز بيئة عمل سليمة ومستدامة في لبنان. فالرقابة وحدها لا تكفي مهما بلغت فعاليتها ما لم تترافق مع حقوق موازية لصالح أصحاب العمل الذين يشكلون العمود الفقري لتمويل النظام. كما ان استمرار حرمانهم من التغطية الصحية وسائر التقديمات يفاقم شعورهم بالغبن ويدفع بعضهم الى ممارسة مخالفات، سواء من خلال التهرب أو التصريح غير الدقيق أو إيجاد بدائل غير قانونية.
فبينما تضمن الرقابة القانونية تنفيذ الالتزامات المتعلقة بالتأمينات الاجتماعية بشكل فعال، كما وتضمن حقوق العمال وتحسن شروط العمل، فإنّ استفادة أصحاب العمل من الضمان الاجتماعي توفر لهم الحماية والمرونة لمواصلة نشاطاتهم التجارية بشكل قانوني وآمن وتؤمن حمايتهم من الازمات المحتملة خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعاني منها لبنان.
إنّ الواقع القانوني القائم يكشف بوضوح أنّ استثناء أصحاب العمل من أي تغطية عبر الضمان الاجتماعي لم يعد يتلاءم مع حاجات سوق العمل ولا مع المبادئ الحديثة للحماية الاجتماعية. فاستمرار هذا الاستثناء يكرّس فجوة بين الالتزامات الواجبة على أصحاب العمل وبين غياب أي حماية مقابلة لهم، ما يستدعي مراجعة تشريعية جديّة تعيد التوازن إلى هذا النظام. ومن هنا، يصبح توسيع نطاق الضمان ليشمل أصحاب العمل خطوة ضرورية تساهم في تعزيز الأمان الاجتماعي، وتحقيق المساواة في الحقوق، ودعم استقرار البيئة الاقتصادية بشكل أكثر شمولية وعدالة.
لذا، فإن إدراج أصحاب العمل ضمن فئات المستفيدين من الضمان الاجتماعي لا يسهم فقط في تعزيز الحماية الاجتماعية، بل يشكل حجر أساس في تحديث نظام الحماية الاجتماعية وجعله اكثر عدالة وشمولية.
وللحد من الفساد وتحسين مستوى الامتثال. وفي ظلّ الأزمة الاقتصادية التي تعصف بلبنان، تبرز الحاجة الماسّة إلى إصلاحات قانونية شاملة تعيد هيكلة العلاقة بين الدولة وأصحاب العمل بما يخدم مصلحة الاقتصاد الوطني ويؤمّن استقرارًا مهنياً وصحيًا لجميع الفئات العاملة.
قائمة المراجع
- القوانين
- قانون الضمان الإجتماعي الإجتماعي.
- مشروع انشاء نظام الزامي خاص بأصحاب المؤسسات والرامي إلى استفادتهم من تقديمات فرع ضمان المرض والأمومة، مكتب الدراسات الاكتوارية، الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
- المراسيم والأنظمة
- النظام رقم 19، نظام التفتيش ومراقبة أصحاب العمل
- الكتب
- شوفاني ناجي، شرح قانون الضمان الإجتماعي، الطبعة الأولى، د.ن، 2011
- علوية صادق، شرح قانون الضمان الإجتماعي وفق أحكام وإجتهادات الفقه والقضاء، الطبعة الأولى منشورات زين الحقوقية، بيروت، 2019
- مقابلات
- بو ناصيف شوقي ، مدير مالي ورئيس الديوان في الضمان الإجتماعي، تاريخ: 5/4/2024
- جواد نبيل ، مسؤول الدعم التقني والفني، مقابلة شخصية، الأربعاء 10/4/2019
- علوية صادق ، رئيس مصلحة الضمان الإجتماعي، الأربعاء 10/4/2019
- مهدي لينا، موظفة في الضمان الإجتماعي، مقابلة شخصية، تاريخ: 21/3/2024
[1]النظام رقم 19، نظام التفتيش ومراقبة أصحاب العمل، الفصل الثاني، القسم الأول، المادة 11
[2] مرجع نفسه، المادة 14
[3]النظام رقم 19، نظام التفتيش ومراقبة أصحاب العمل، الفصل الثاني، القسم الثالث، المادة:16
[4] المرجع نفسه، المادة:17
[5] نظام التفتيش ومراقبة أصحاب العمل، الفصل الثاني، القسم الرابع، المادة:18
[6] ناجي شوفاني، مرجع سابق، ص: 664
[7] قانون الضمان الإجتماعي الإجتماعي، المادة 9 بند 1
[8] ناجي شوفاني، شرح قانون الضمان الإجتماعي، الطبعة الأولى، د.ن، 2011، ص:34
[9] صادق علوية، رئيس مصلحة الضمان الإجتماعي، مقابلة شخصية، الأربعاء 10/4/2019، أبدى فيها عن وجود بعض الموظفين الذين يتلقون الرشأوى، وقد تمت ملاحقة البعض منهم
[10] نبيل جواد، مسؤول الدعم التقني والفني، مقابلة شخصية، الأربعاء 10/4/2019
[11] مكتب الدراسات الاكتوارية، الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، مشروع انشاء نظام الزامي خاص بأصحاب المؤسسات والرامي الى استفادتهم من تقديمات فرع ضمان المرض والأمومة.



