الديمقراطية الأمريكية في الإنعاش بعد احتكار عائلتي بوش وكلينتون للمشهد السياسي
عائلتا بوش وكلينتون حكمتا الولايات لمدة 19 عاما متواصلة منذ عام 1989 حتى عام 2008.
وخلال الـ 35 عاما الماضية كان اسما بوش وكلينتون هو الأكثر ظهورا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية. وبذلك فإن المواطنين الأمريكية الذين تقل أعمارهم عن 36 عاما، لم يشهدوا سوى انتخابات رئاسية واحدة عام 2012، لم يترشح فيها أي من أفراد العائلتين، والتي فاز فيها الرئيس الحالي باراك أوباما.
تعيش الولايات المتحدة الأمريكية، التي تصف نفسها بأنها “مهد الديمقراطية”، مخاوف من تحولها إلى دولة “تحكمها عائلات” بعينها، نتيجة استمرار الوجود القوي لعائلتي بوش وكلينتون، في الساحة السياسية الأمريكية لمدة 35 عاما متصلة، خاصة مع إعلان هيلاري كلينتون وجيب بوش ترشحهما للانتخابات التمهيدية في حزبيهما، استعدادا للانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2016.
كان أول ظهور لعائلة بوش في الانتخابات الرئاسية الأمريكية، عندما ترشح جورج بوش الأب H.W. Bush، في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري عام 1980، ولدى خسارته أمام رونالد ريغان الذي فاز بترشيح الحزب ومن ثم بالرئاسة، تولى بوش الأب منصب نائب رئيس الولايات المتحدة لفترتين متتاليتين. وفي عام 1989 فاز بوش الأب في الانتخابات ليتولى رئاسة الولايات المتحدة حتى عام 1992، حيث خسر في الانتخابات الرئاسية لصالح مرشح الحزب الديمقراطي بيل كلينتون.
وبعد استمراره رئيسا للولايات المتحدة لفترتين، سلم كلينتون منصب الرئاسة لفرد آخر من عائلة بوش، هو بوش الابن W. Bush، الذي تولى الرئاسة فترتين متتاليتين.
وكان من الممكن أن يعود منصب الرئاسة إلى عائلة كلينتون مرة أخرى، مع ترشح هيلاري كلينتون (68 عاما) في الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي عام 2008، إلا أن انسحابها أمام باراك أوباما، منح السياسة الأمريكية راحة من العائلتين لفترتين رئاسيتين، تخللهما تولي هيلاري وزارة الخارجية في الفترة من يناير/ كانون ثان 2009 إلى فبراير/شباط 2013.
والآن ومع إعلان هيلاري كلينتون الأسبوع الماضي الترشح للانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، وإعلان جيب بوش (62 عاما)، الأخ الأصغر لبوش الابن، ونجل بوش الأب، في الوقت نفسه تقريبا، الترشح للانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، استعدادا لرئاسيات 2016، ثار النقاش في الولايات المتحدة حول ما إذا كانت تلك العائلتان “ستحتكران” السياسة في البلاد، وظهر مصطلح political dynasty أو “السلالة الحاكمة السياسية”، في الأوساط الإعلامية الأمريكية.
تعليقا على ذلك الوضع، اعتبر، روس باكر، مؤلف كتاب “عائلة الأسرار: سلالة بوش الحاكمة”، أن “الديمقراطية في الولايات المتحدة دخلت غرفة الإنعاش”.
ولفت إلى نوع آخر من احتكار السياسة بخلاف احتكار العائلات، هو “سيطرة أصحاب فكر معين على الساحة السياسية”، ضاربا المثل بانتخابات 2004 التي تنافس بها جورج بوش الابن عن الحزب الجمهوري، وجون كيري عن الحزب الديمقراطي، لافتا إلى أن “كلا منهما كان عضوا في نادي (الجمجمة والعظام) السري في جامعة ييل”.
ورأى باكر أن “سيطرة أفراد عائلات معينة أو أصحاب فكر معين، على الساحة السياسية الأمريكية، رغم وجود أعداد كبيرة من المؤهلين، أمر يبعث على الإحباط”. وأعرب عن اعتقاده أن “التأثير الكبير للمال والشركات الكبرى وقطاع الصناعات الدفاعية، على الساحة السياسية الأمريكية، لا يترك كثيرا من الخيارات أمام الشعب الأمريكي”.
بدورها أشارت، باربارا كيلرمان، مؤلفة كتاب “أقرباء جميع الرؤساء: الأدوار السياسية”، وعضو هيئة التدريس في جامعة هارفارد، إلى أن “ظاهرة تولي أفراد من نفس العائلة رئاسة الولايات المتحدة ليست جديدة”، مذكّرة أن “ابن جون آدامز، الرئيس الثاني للولايات المتحدة الأمريكية، جون كوينسي آدامز، تم انتخابه كرئيس سادس للولايات المتحدة”.
و اعتبرت كيلرمان، أهن” من المبكر الحديث عن احتكار عائلتي بوش وكلينتون للمشهد السياسي الأمريكي”، قائلة إن “وقتا طويل يفصلنا عن الانتخابات الرئاسية 2016، ومن الممكن أن تشهد تلك الفترة تغيرات، خاصة مع اعتراض نسبة كبيرة من المواطنين الأمريكيين على فكرة أن تصبح المنافسة في انتخابات 2016، بين تلك العائلتين”.
وكان من اللافت ألا يستخدم جيب بوش الحاكم السابق لولاية فلوريدا الأمريكية اسم العائلة في حملته التي أطلقها الإثنين الماضي، ليصل بذلك عدد المرشحين للانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري إلى 11 مرشحاً.
أما هيلاري كلينتون، زوجة الرئيس الأسبق بيل كلينتون، ووزيرة الخارجية السابقة، والسيناتور الأسبق عن ولاية نيويورك، فقد فضلت أن تطلق حملتها السبت 13يونيو/حزيران الجاري، من وسط ناخبيها السابقين في نيويورك، موجهة خطابها إليهم بأنها في حال فوزها بالرئاسة “ستأخذ المبادرة لصالح الفئة المتوسطة”، ومضيفة أن “هناك حاجة للمزيد من العدالة والنمو”.