السياسة الخارجية لروسيا تجاة الشرق الأوسط منذ 2011-2014
أعداد الباحثة : لبنى عبدالله محمد على يسن عبدالله – المركز الديمقراطي العربي
مقدمة:
بدأت روسيا تظهر من جديد على الساحة الدولية منذ وصول الرئيس فلاديمير بوتين للسلطة فى مطلع 2000، والذى كان لدية رؤية لاستعادة المكانة الروسية على الساحة الدولية ولعب دور لاثبات وجود روسيا كقوة عظمى من جديد. حيث عمل على النهوض بروسيا على الصعيد السياسى حيث سعى إلى تنظيم الحياة السياسية، والخروج بها من حالة الفوضى والصراع الذى كان يعتصر البلاد. ورأى أنه من الضرورى القضاء على التعددية الحزبية المفرطة والمربكة للبلاد وشكل حزب روسيا الموحد. كما عمل على انعاش الحياة الاقتصادية عن طريق الاعتماد على عوائد صادرات النفط والغاز الطبيعى وصادرات السلاح. واتبع فى سياسته الخارجية سياسة براجماتيه نفعية متحرره من القيود الأيديولوجية، وتسعى للشراكة والتعاون مع القوى الكبرى من أجل تحقيق مصالح روسيا وأمنها القومى.
أولاً: المشكلة البحثية:
لاحظ الباحث الصعود الروسى ولعبها لدور فعال على الساحة الدولية بالأخص فى الشرق الأوسط، فلذلك كانت المشكلة البحثية لهذه الدراسة تنصب على : ما هى السياسة الخارجية لروسيا تجاه الشرق الأوسط منذ 2011-2014؟
ثانياً: تساؤلات الدراسة:
بعد مراجعة الباحث للعديد من الدراسات العلمية قرر الباحث أن يطرح سؤال رئيسى لهذه الدراسة وهو: ما هى السياسة الخارجية الروسية تجاة الشرق الأوسط منذ 2011 – 2014؟
أما التساؤلات الفرعية لهذه الدراسة فهى:
– ما هى محددات السياسية الخارجية الروسية؟
– ما هى السياسة الخارجية الروسية تجاه الخليج العربى؟
– ما هى السياسة الخارجية الروسية تجاه مصر؟
– ما هى السياسة الخارجية الروسية تجاه الأزمة السورية؟
– ما هى السياسة الخارجية الروسية تجاه القضية الفلسطينية؟
ثالثاً: تصميم البحث:
تنقسم هذه الدراسة إلى فصلين:
– الفصل الأول: محددات السياسة الخارجية الروسية.
– الفصل الثانى: السياسة الخارجية الروسية تجاه الخليج العربى ومصر وروسيا وفلسطين.
الفصل الأول: محددات السياسة الخارجية الروسية:
أولاً: المحددات الداخلية:
– المحدد السياسى:
يمكن معالجة المحدد فى نقطة أساسية تتعلق بدور ورؤية القيادة السياسية فى تشكيل السياسة الخارجية. الرئيس يمثل مركز الثقل فى النظام السياسى، وهو الذى يحدد الخطوط العريضة واتجاهات السياسة الداخلية والخارية فى البلاد.
بالنسبة للحياة الحزبية لا توجد حياة حزبية فى روسيا بشكل واضح، بوتين اتبع فى قياده لحزب روسيا الموحد سياسة الوسط التى تجمع بين اليمين واليسار وبذلك تجمع أكبر عدد من الأنصار حوله وساهمت هذه السياسة فى تقليص حجم المعارضة بشكل كبير.
أما النظام السياسى فهو شبه رئاسى يتولى رئيس الجمهورية لفترتين متتاليتين، ومنذ تولى بوتين السلطة فى مطلع 2000 وهو محور السياسة الروسية، حتى عندما فاز ديمترى ميديفيديف فى انتخابات رئاسة 2008 بسبب ترشيح حزب روسيا الموحد ومساندة بوتين له. وهذه الانتخابات اكدت على استمرا النهج الديمقراطى فى روسيا عن طريق التداول الرسمى للسلطة وعدم تجاوز الدستور، ولم يرشح بوتين نفسه لولاية رئاسية ثالثة ولم يحاول تعديل الدستور رغم قدرته على ذلك ، وقبل بأن يعمل كرئيس وزراء للحكومة. وأكد ميدفيديف فور استلامه للسلطة بأنه سيسير على نفس الوتيرة التى انتهجها بوتين، إلى أن عاد بوتين لمنصب الرئاسة مرة أخرى فى انتخابات مايو 2012.
لكن يؤخذ على حكم بوتين نزعته التسلطية، بالمقارنة بما تمتع به المواطن الروسى من حريات سياسية واقتصادية، إبان حكم يلتسن. كما يفتقد النظام الروسى أحزاباً سياسية فاعلة، أو آليات مؤسسية تسمح بخلق نخبة مؤهلة لحكم البلاد ديمقراطياً، وبدلاً من ذلك يقوم النظام السياسى على الشخصية المطلقة.
– المحدد الاقتصادى:
لقد عانى الاقتصاد الروسى الانحلال منذ عهد غورباتشوف مروراً بالرئيس يلتسين ومن بعده فلاديمير بوتين. وسادت حاله من التوقعات المبالغ فيها فى الحصول على مساعدات غربية وبالأخص من الولايات المتحدة الأمريكية. حيث ورثت روسيا من الاتحاد السوفيتى الأزمة الاقتصادية التى كانت أحد أسباب انهيار الاتحاد السوفيتى. ومن أهم المشاكل التى عانى منها الاقتصاد الروسى هو الفساد وسيطرة رجال الأعمال.
كما ظل الاقتصاد الروسى يعانى من الأزمات والمشكلات حتى مجئ بوتين إلى السلطة حيث ورث تركه اقتصادية مثقلة بتفاقم الديون، وعجز الحكومة عن سداد رواتب الجنود والموظفين، فضلاً عن انتشار الفقر وهبوط الإنتاج فى المجالين الزراعى والصناعى. ثم وضع بوتين نظام للإصلاح الاقتصادى يهدف إلى رفع معدل نمو الناتج المحلى وخفض الاعتماد على صادرات النفط والانتقال إلى اقتصاد سوق حقيقى. إلى أن أصبح حجم الاقتصاد الروسى إلى 2,5 تريليون دولار، يعتمد اقتصادها على صادرات الطاقة من البترول والغاز الطبيعى. فهى تحتل المركز الثانى من حيث إنتاج وتصدير البترول بعد المملكة ولذلك فهى تتأثر بشكل كبير بارتفاع أو انخفاض البترول، وأصبح متوسط دخل الفرد السنوى 17 ألف دولار.
ويلاحظ أن الاقتصاد الروسى يحتاج إلى إصلاحات هيكلية بعيدة المدى، أبرزها حاجته إلى تحديث لمعظم قطاعاته على نحو يخفض من اعتماده شبه الكامل على صادرات البلاد من المواد الأولية، خاصة النفط والغاز. كما يتسم النمو الاقتصادى الروسى بأنه نمو كمى فقط، حيث تعد المنتجات غير العسكرية، فى معظمها غير منافسة وبالتالى لم تجد روسيا لنفسها مكانا فى الأسواق العالمية للمنتجات الصناعية والزراعية.
وعلى الجانب الآخر تعانى روسيا تراجعاً خطيراً فى عدد سكانها، حيث تسجل الإحصاءات نقصاً فى عدد السكان بمقدار نصف مليون نسمه على الأقل سنوياً، وذلك رغم الحوافز والبرامج الاجتماعية التى تعلن عنها الحكومة لتشجيع المواطنين على زيادة النسل. فيتوقع أن يصل عدد سكانها فى 2050 إلى 109 مليون بعد أن كان 142,5 مليون فى الوقت الراهن.
– المحدد العسكرى:
فى ظل الحرب البارده والتنافس بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى كان الاتحاد السوفيتى الدولة الثانية الأكبر فى العالم فى مجال صناعة السلاح، إلى أن بدأ الاتحاد السوفيتى فى تقليص قدراته العسكرية عبر اتفاقيات متتالية للحد من التسلح وتخفيضه على المستويين النووى والتقليدى بالأضافة إلى الوضع الاقتصادى المتردى. على صعيد أخر نجد روسيا الاتحادية ورثت من الاتحاد السوفيتى ترسانته النووية، ولذلك هى تحتل المركز الثانى من حيث الناحية النووية.
عند وصول بوتين إلى السلطة عمل على رفع المستوى المعنوى لأفراد القوات المسلحة الروسية من خلال تحسين وضعهم المادى، علاوة على الاهتمام بتطوير القدرات البرية الروسية. ووصل حجم القوة العسكرية إلى مليون بعد أن كانت 4,7 مليون فى عهد الاتحاد السوفيتى.
كذلك نجحت روسيا فى استعادة مكانتها كثانى أكبر مصدر للسلاح فى العالم بعد الولايات المتحدة الأمريكية، بعد أن تراجعت للمرتبة الرابعة بعد الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا خلال التسعينات.
ثانياً: المحددات الخارجية:
– المحددات الاقليمية:
بعد انهيار الاتحاد السوفيتى ظهرت دول كانت منضوية أساساً تحت ظل الدولة السوفيتيه السابقة. وفقدت روسيا سيطرتها على دول الاتحاد السوفيتى السابق فلم يكن لديها القدرات الاقتصادية والسياسة لاستمرار السيطرة على هذه الدول. ولكن عملت روسيا دائماً على ممارسة نوعاً من الهيمنة على الأقاليم المجاورة لها، التى ظلت بمثابة التوابع التى تدور فى الفلك الروسى، وعملت على منع أى تدخلات خارجية فى هذه المنطقة (آسيا الوسطى)، وتعاملت مع هذه المنطقة على أنها تمثل منطقة أمن استراتيجى بالنسبة لروسيا، فلذلك كانت تخشى حدوث أى نزاعات فى هذه الدول يمتد أثارها إلى روسيا. كما عملت على الدفاع عن مصالح الأقليات الروسية الكبيرة داخل هذه الجمهوريات.
كما نجد روسيا تسعى لتقوية نفوذها فى آسيا فى الوقت الذى تسعى فيه الولايات المتحدة الأمريكية إلى التوجه نحو آسيا. والولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع روسيا على أنها فاعل ثانوى فى آسيا فيحجم المسئولين عن ذكر روسيا فى خطاباتهم بشأن آسيا. على الجانب الأخر نجد روسيا تتهم الولايات المتحدة الأمريكية بأنها تستخدم النزاعات الآسيوية كذريعة لتبرير زيادة القدرات العسكرية الأمريكية التى يمكن أن تستخدمها الولايات المتحدة الأمريكية ضد روسيا.
كما تسعى روسيا للتعاون مع الهند بسبب قدراتها البشرية والاقتصادية، وأمكانية قيامها بدور مهم فى الاستقرار والأمن فى جنوب آسيا. كما تسعى للتعاون مع الصين فحجم التبادل التجارى بين البلدين فى تزايد، ويتركز هذا التعاون بالأساس على مجال النفط الخام، واحتلت الصين المرتبة الأولى بين مستوردى السلاح الروسى، وهناك تعاون بين البلدين لمواجهة تعزيز الدفاعات الأمريكية المضادة للصواريخ فى آسيا. وهذه الشراكة الثلاثية بين روسيا والصين والهند يمكنها أن تقف فى وجه الهيمنة الأمريكية على الساحة الدولية. كما تسعى روسيا للتعاون مع اليابان فقد عقدت صفقة ضخمة لبيع الغاز الطبيعى الروسى المسال إلى اليابان.
أما بالنظر إلى دول الكومنولث فهى تعتبر منطقة نفوذ تقليدية لروسيا، ولكن الولايات المتحدة الأمريكية تسعى للسيطرة عليها نظراً لحقول البترول بها. فلذلك تسعى الولايات المتحدة الأمريكة لتقديم المعونات الاقتصادية والمالية وتدريب قواتها وضمها لحلف الناتو لكى تخلصهم من روسيا، بحجة مكافحة الأرهاب تسعى الولايات المتحدة الأمريكية إلى أقامت قواعد على أراضيها وهذا يهدد روسيا أمنياً. لذلك تسعى روسيا إلى أستعادة نفوذها فى الكومنولث.
أما أزمة القرم ومنذ 16 مارس 2014 حيث تم إجراء الاستفتاء على مستقبل شبه جزيرة القرم، وشهد الاستفتاء أقبال غير مشهود وصل إلى 83% من السكان. وكانت النتيجة لمصلحة الانضمام إلى روسيا بنسبة 97% فى مقابل 2,5% أيدوا العودة إلى دستور 1992 الذى أعطى للقرم حكماً ذاتياً وصلاحيات واسعة مع الإبقاء عليها جزءاً من أوكرانيا. بعد النتيجة أعلن برلمان القرم استقلال شبه الجزيرة عن اوكرانيا والمطالبة بضمها إلى روسيا. اعتبرت واشنطن أن الاستفتاء غير شرعى وأنه يمثل انتهاكاً لدستور أوكرانيا، واكدت أنها لن تعترف أبدا بنتائجه. وأتخذ الغرب خطوات تصعيدية ضد موسكو منها تجميد التعاون العسكرى مع روسيا وفرض الاتحاد الأوروبى عقوبات على 21 شخصية روسية. كما اعلنت الولايات المتحدة الأمريكية أنها على أستعداد لتجميد حسابات مسئولين وأفراد روس ومنعهم من دخول أراضيها. فى حين اكدت روسيا أنها سترد بالمثل على أى عقوبات غربية.
– المحددات الدولية:
منذ سقوط الاتحاد السوفيتى فى 1991، ومن قبله سقوط حلف وارسو 1990، وحائط برلين فى 1989، تغير النظام الدولى تغيراً جوهرياً، وانتقل من هيكل ثنائى القطبية إلى هيكل أحادى القطبية تقوده، وبالأساس الولايات المتحدة الأمريكية التى أصبحت قوة عالمية وحيدة حتى تفجر أزمتها الاقتصادية فى 2006. وقد كان القرار الأمريكى بتوسيع حلف شمال الأطلنطى (ناتو) وضم كل دول أوروبا الشرقية التى كانت أعضاء سابقين فى وارسو إلى الناتو. فمن المعروف أنه مع انهيار حلف وارسو نادى البعض فى دول الناتو بحل الحلف الغربى. غير أن الولايات المتحدة الأمريكية طرحت حلا لهذه المشكلة بالمناداة بذهاب الناتو إلى خارج منطقته. لذلك يرى البعض أن الولايات المتحدة الأمريكة لاتزال مصممه على استمرار حالة الحرب الباردة ولكن بطريقة يتم فيها استخدام القوة العسكرية من خلال حروب الوكالة واستخدام الأدوات الاستخبراتية. كما أكد القرار الأمريكى على غزو أفغانستان واحتلالها فى 2001، ثم غزو العواق واحتلالها فى 2003 كان أقوى دليل على قيادة أمريكية منفردة أو شبه منفردة للنظام العالمى. وفى ذلك الوقت لم يكن متاحا لروسيا التى كانت تعانى تفكك القطب السوفيتى السابق، أن تلعب دورا رئيسيا فى حركة النظام الدولى، لانها كانت تمر بمرحلة انتقال صعبة ولأنها كانت تؤيد ضمنا عملية أفغانستان 2001، لأسباب تتعلق بعدائها للقوى الإسلامية الإرهابية المتمثلة فى القاعدة.
غير أن الأزمة الاقتصادية العالمية التى انطلقت من الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبى، وتحرك الصين صوب شغل المركز الأول كقوة اقتصادية عالمية، والإجهاد الذى عانته القوة الأمريكية فى كل من أفغانستان والعراق، بالإضافة إلى إفاقة روسيا من غفوتها، كل ذلك أسهم فى تحول النظام الدولى أو هيكله، من الأحادية القطبية إلى التعددية القطبية، أو على الأقل بدء ذلك التحول. ولا يعنى ذلك أن روسيا قد استطاعت أن تحصل على قيادة النظام العالمى، ولكن روسيا قد أصبحت الآن فى موقع أهم ومرتبة أعلى مما كانت عليه منذ انهيار الاتحاد السوفيتى. هذا فى الوقت الذى انخفضت فيه مكانة الولايات المتحدة الأمريكية نسبياً فى قيادة حركة النظام العالمى. وظهور قوى آسيوسة مثل البريكس التى تضم البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا تدعم التعددية القطبية الاقتصادية. معنى ذلك أن النظام الدولى أصبح أكثر تعقيداً. وهو ما يمكن أن يمثل دافعا لكل من هاتين القوتين لتنسيق سياسات مشتركة أو متجانسة فى تعامل كل منهما مع الأخرى، حتى لا ينتهى الأمر بخسارة إحداهما أو كلتيهما لمزايا القيادة الاستراتيجية للنظام الدولى، وهو ما أصبح يتضح فى تعاملها مع قضايا الملف الكيماوى السورى، والملف النووى الإيرانى. إن ثمة مصلحة متبادلة روسية وأمريكية فى عدم تدشين صراع فيما بين الدولتين لأن نتيجة ذلك ستكون متمثلة فى تضاؤل فرص تسوية القضايا المتعلقة بالبرنامج النووى الإيرانى وغيره من القضايا . كما يدفع إلى تكون حلفاء فى آسيا وأوروبا بما يؤدى إلى توازن قوى عالمية فى غير صالحهما.
الفصل الثانى: السياسة الخارجية الروسية تجاه الخليج العربى ومصر وروسيا وفلسطين:
أولاً: الخليج العربى:
ليست العلاقات بين روسيا والخليج العربى جديدة، فى عهد الاتحاد السوفيتى كان أول دولة تعترف بالمملكة العربية السعودية، قبل إعلان قيامها رسمياً بست سنوات، كما أن المملكة هى أول دولة عربية اعترفت بالاتحاد السوفيتى. كانت هناك عدة أسباب وراء الإقبال السوفيتى المبكر على إقامة علاقات مع دول الخليج، خاصة السعودية فى مرحلة ما قبل اكتشاف النفط، فقد كانت موسكو ترى فى الملك عبدالعزيز آل سعود بطلاً عربياً، وأن مشروعه لتوحيد شبه الجزيرة عامل مهم فى معركة الاستقلال العربية ضد الاستعمار الغربى، إضافة إلى الاستفادة من مكانة المملكة الدينية لكسب ود ملايين المسلمين فى الاتحاد السوفيتى. مع ذلك فسرعان ما انحسرت هذه العلاقات بدون أسباب محددة، لكن يمكن تفسير ذلك على ضوء الظروف الدولية التى سادت آنذاك، ومنها نشوب الحرب العالمية الثانية، واقتراب دول الخليج مع الغرب خاصة بريطانيا. ثم الشراكة الاستراتيجية مع أمريكا بعد اكتشاف النفط فى نهاية الثلاثينات، وكذلك نظرا لتماثل الاقتصاد والتقدم التكنولوجى فى الغرب، مما أدى إلى التوجه غربا فى التسليح، والاستثمار، واستيراد التكنولوجيا. كما أن اشتعال الحرب الباردة والاستقطاب جعل دول الخليج تبتعد عن الدخول فى أحلاف لأى من القوتين العظميين.
أهم دوافع الخليج للتقارب مع روسيا:
– تراجع الدورالأمريكى فى الشرق الأوسط على الرغم من أنه لا تزال العلاقات الخليجية– الأمريكية قوية حتى الآن لأنها ذات صبغة استراتيجية. لكن هناك انتقادات علنية للسياسة الأمريكية، خاصة من النخب، وحتى الشعوب الخليجية، وهذه الانتقادات تصاعدت فى فترة حكم أوباما، حيث أخذت الإدارة الأمريكية تتجه شرقاً نحو الصين، وتركت منطقة الشرق الأوسط لوكلاء لها تركيا وإسرائيل وإيران. كما أن السياسة الأمريكية تجاه الثورات العربية تركت نتائج سلبية أضعفت الثقة فى واشنطن كحليف استراتيجى يمكن الوثوق به، خاصة بعد أن تخلت عن أنظمة دول الثورات التى كانت صديقة لها، وتحالفت فى السر ثم فى العلن مع تيارات الإسلام السياسى خاصة جماعة الإخوان المسلمين.
– التقارب الأمريكى الإيرانى حيث تشعر دول الخليج بأن هناك صفقة بين واشنطن وطهران حول البرنامج النووى الإيرانى ورفع العقوبات عنها، والسعودية لا تتخوف من امتلاك إيران للسلاح النووى السلمى ولكنها تتخوف من الوصول لاتفاق يرفع العقوبات عن إيران دون التعهد بتغيير سياستها تجاه الأقليات الشيعية فى السعودية وعدم أستغلالهم لأثارة الاضطرابات وزعزعة الاستقرار فى المملكة.
– سقوط الأيديولوجية السوفيتيه واختفاء الشيوعية وتحول موسكو إلى النهج الرأسمالى وتخليها عن زعزعة استقرار دول العالم الثالث تحت شعار دعم حركات التحرر الوطنى أو دعم اليسار.
دوافع موسكو للتقارب مع الخليج:
– التوافق حول الأوضاع فى مصر حيث القلق من وصول جماعة الإخوان المسلين إلى السلطة فى بعض دول الثورات، والتوافق حول أحداث 30 يونيو فى مصر والاطاحة بحكم الإخوان المسلمين فى مصر.
– تنامى النفوذ التركى حيث أدت الثورات العربية إلى تنامى النفوذ التركى فى المنطقة، وهذا ما تخشاه روسيا استنادا إلى التاريخ الملئ بالتوتر بين الدولتين.
– احتمال تراجع العلاقات مع إيران فقد لا تستمر طويلاً حالة التقارب التى تشهدها العلاقات الروسية الإيرانية بعد الاتفاق الإيرانى الأمريكى الغربى حول البرنامج النووى، وتسوية الملفات المعلقة بين الجانبين، بالإضافة إلى ضعف النظام السورى الحليف الوحيد المتبقى لروسيا فى الشرق الأوسط، الأمر الذى يؤدى إلى فقدان روسيا أرصدة حيوية مع أهم دولتين فى المنطقة.
– روسيا ترى فى دول الخليج حليفا فى مجال الطاقة، وليست منافسا لها. كما ترى أن التنسيق معها يحقق الحفاظ على استقرار أسعار النفط، مع زيادة الاستثمارات الروسية فى مجال البحث والتنقيب بقطاع الطاقة الذى يمثل أحد أهم مجالات التقاء المصالح الخليجية الروسية.
ثانياً: تطور الأحداث المصرية منذ ثورة 25 يناير:
شكلت ثورات الربيع العربى المتغير الرئيسى فى الحسابات الروسية تجاه المنطقة، وبالأخص ثورة 25 يناير المصرية نظراً لمكانة مصر ودورها فى المنطقة. وكان لصعود تيار الإسلام السياسى ممثل فى حزب الحرية والعدالة مصدر عدم ارتياح وقلق لدوائر صنع القرار فى العاصمة الروسية، نظرا لمواقف الجماعة فى تقديم الدعم للحركات الانفصالية فى الشيشان، وشمال القوقاز، وهذه مناطق النفوذ التقليدية لروسيا لتشكيلها لمناطق الأمن القومى الروسى لذلك يعد الاقتراب منها خط أحمر لا يجب المساس به.
لذلك عندما اندلعت أحداث 30 يونيو بدأت روسيا تسعى لاستعادة علاقتها مع القاهرة، من أجل تحجيم دور قوى أخرى كتركيا التى انتهزت فرصة أندلاع ثورات الربيع العربى ووصول تيار الإخوان للسلطة، وعملت على ملء الفراغ الناجم عن انسحاب مصر لتلعب الدور الريادى فى المنطقة، لذلك لم تكن روسيا لتستريح لقيادة تركيا للمنطقة نظراً لتاريخ الصراعات بينهم. لذلك جاءت أحداث 30 يونيو لتزيح تركيا والإخوان المسلمين من السلطة فى مصلحة روسيا.
وعلى الرغم من رغبة الجانب الروسى فى تطوير العلاقات بين البلدين، فإن العائق الروسى كان إدراك القادة الروس لعدم توافر السياسة اللازمة لدى الجانب المصرى من أجل تعزيز وتدعيم العلاقات حتى فى بعض القطاعات المحدودة. وكان الجانب الروسى يرى فى أى خطوة تقارب مصرية مجرد مناورة من القاهرة لتعزيز المركز التفاوضى للقاهرة إزاء واشنطن، وليس تعبيرا عن رغبة صادقة أو حقيقية فى تطوير العلاقات.
وكثيرا ما أعرب المسئولون الروس عن استيائهم من هذا الأسلوب فى التعامل، مشيرين إلى أن توجه مصر سيظل دائماً نحو الولايات المتحدة الأمريكية، رغم ما قد يعترى العلاقات بين واشنطن والقاهرة من توتر بالأخص بعد أنطلاق الدعوات والصيحات فى المجتمع المصرى، بعد قيام واشنطن بتعليق الجزء الأكبر من المساعدات العسكرية إلى مصر بعد أحداث 30 يونيو، للتوجه لروسيا من أجل التسلح.
من هنا ظهرت مجالات للتعاون بين البلدين منها المجال العسكرى الذى قد يمتد ليصل للتعاون فى المجال النووى، وبالأخص أن روسيا معروفه كدولة مصدره للتكنولوجيا النووية كما فعلت مع الصين. كذلك يمكن التعاون فى مجال مكافحة الإرهاب واستفادة الجانب المصرى من الخبرات الروسية فى مكافحة الإرهاب فى ظل الإرهاب الشرس الذى تتعرض له مصر والذى يهدد أمنها واستقرارها.
ثالثا: الأزمة الروسية:
لا يمكن فهم الموقف الروسى من الأزمة السورية بمعزل عن العوامل التالية:
(1) كون نظام الأسد أحد الحلفاء المهمين لروسيا فى المنطقة، حيث ترتبط روسيا بسوريا بتحالفات عسكرية منذ الاتحاد السوفيتى فى ظل الحرب البارده. فقد كانت سوريا منذ نظام حافظ الأسد تقاوم الضغوط الأمريكية وتعمل على مقاومتها من خلال شبكة من التحالفات على رأسها روسيا. وفى ذلك الوقت كانت روسيا تسعى إلى استعادة مكانتها الدولية بعد انهيار الاتحاد السوفيتى. ولذلك سعت روسيا لتكوين تحالف مع سوريا كونها تملك مقومات الحليف الاستراتيجى من حيث إرث العلاقات القوية القديمة بين الاتحاد السوفيتى وسوريا، وطبيعة دور سوريا فى المنطقة.
(2) المصالح الاستراتيجية التى تربط الطرفين، فقد استطاعت روسيا تطوير علاقتها مع سوريا بالأخص فى مجالات الطاقة والتعاون العسكرى والصناعة. وبالطبع أن تغير النظام سيتبعه بالتأكيد إعادة النظر فى العلاقات الروسية. لذلك روسيا تتخوف من خلافة السلطة بعد سقوط الأسد التى ستكون لصالح الأصوليين.
(3) تتخوف روسيا كونها ليست بعيده عما يحدث فى الشرق الأوسط، فقد تظاهر المئات فى روسيا متأثرين بثورات الربيع العربى، مطالبين بتغير الحكومه. فلذلك هناك هواجس روسيا من أن ينتقل المد الثورى العربى إليها.
لذلك سعت روسيا لأطالة أمد الصراع فى سوريا لإجبار واشنطن على الاعتراف بها وبالمصالح الروسية عند التعامل مع الأزمة السورية. وأن كانت أطالة أمد الصراع جاء فى صالح الجهادين الإسلاميين وداعش التى تستخدم الأراضى السوريا بحرية للتوسع خارج العراق وتدريب قواتها على حرب الشوارع والجيوش النظامية.
لذلك آليات السياسة الروسية هى:
(1) العمل فى المجال الدولى لمنع الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها من أستصدار أى قرار من مجلس الأمن للتدخل من أجل الأطاحة بنظام الأسد، لذلك روسيا تستخدم حق الفيتو ضد أى قرار للأطاحة بالأسد وتؤكد على عدم التدخل الخارجى لحل النزاع السورى.
(2) السعى للترويج لحل سياسى تدريجى للأزمة السورية عن طريق الحوار بين المعارضة والنظام بدون تدخل خارجى.
لا يمكن الحديث عن الدور الروسى فى الأزمة السورية دون الحديث عن مبادرة السلاح الكيماوى السورى فمنذ اندلاع الثورة السورية أعلنت واشنطن أن أى محاولة من جانب الرئيس السورى بشار الأسد لاستخدام السلاح الكيماوى سيعرضة لضربة عسكرية أمريكية، أى أن استخدام السلاح الكيماوى يمثل خط أحمر لا يجب الاقتراب منه. ولذلك جاء استخدام نظام بشار للسلاح الكيماوى فى منطقة الغوطه فى 21 أغسطس 2013 تجاوز لهذا الخط الأحمر والذى أسفر عن مقتل ما يقرب من 1400 ضحية من المدنيين. ورغم أنها ليست المرة الأولى التى يستخدم فيها السلاح الكيماوى فى سوريا حيث أشار وزير الخارجية الأمريكى إلى استخدامه من جانب النظام 11 مرة فى وقت سابق، ولكن استخدام السلاح على نطاق واسع هذه المرة وضع مصداقية الرئيس الأمريكى وبلاده أمام اختبار حقيقى.
وهذا دفع بالولايات المتحدة الأمريكية إلى التصعيد والتهديد بضربة عسكرية محدودة، لمحاسبة النظام السورى على استخدامه للسلاح الكيماوى وتجاوزه للخط الأحمر الأمريكى ولخفض قدرات النظام السورى على القيام بهجمات كيماوية أخرى. وفى نفس السياق عملت الولايات المتحدة على حشد تأييد ومشاركة دولية لتوجية ضربة عسكرية للنظام السورى هذا على المستوى الدولى. أما على المستوى الداخلى سعى الرئيس لحشد تأييد من الرأى العام لاقناع الكونجرس لكى يعطيه موافقه لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا.
وفى أوج التصعيد الأمريكى ضد النظام السورى جاءت المبادرة الروسية لنزع السلاح الكيماوى السورى بعد تلميحات من مسئولين أمريكان على رأسهم وزير الخارجية الأمريكى جون كيرى فى 9 سبتمبر 2013 حول ما يمكن أن يفعله الرئيس السورى لتجنب الضربة العسكرية المحتملة بتسليم كل أسلحته الكيماوية للمجتمع الدولى.
من هذا المقترح جاءت المبادرة الروسية لنزع السلاح الكيماوى السورى، ولاقت المبادرة الروسية تأييد من جانب الرئيس الأسد، والرئيس الأمريكى ولذلك اتفق وزيرى خارجية الولايات المتحدة وروسيا جون كيرى وسيرجى لافورت فى جنيف فى 12 سبتمبر 2013 على تنفيذ المبادرة الروسية وتنص الاتفاقية على
– انضمام دمشق إلى معاهدة حظر الأسلحة الكيماوية.
– إفصاح دمشق عن حجم ومواقع أسلحتها الكيماوية ومصانعها.
– أن يتاح لمفتشى حظر الأسلحة الكيماوية التحقق من ذلك.
– تحديد كيفية تدمير الأسلحة الكيماوية بالتعاون مع المفتشين الدوليين.
– وفى حالة امتناع النظام السورى عن الالتزام بهذا الاتفاق تصدر فى حقه عقوبات دولية من مجلس الأمن بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة.
ونلاحظ أن هذه المبادرة أتاحت لأوباما أن يبتعد عن التورط فى المأزق السورى ويتجنب تداعيات محتملة لتوسع الضربة العسكرية لحرب واسعة، وكذلك غياب دعم الرأى العام الأمريكى وتردد الكونجرس. وبالتالى وفرت المبادرة لأوباما فرصة انتصار دبلوماسى أمام العالم يتيح له عدم توجيه ضربة لسوريا وفى نفس الوقت إجبار النظام السورى على التخلى عن السلاح الكيماوى.
نتيجة المبادرة:
لم تستطع المبادرة التخلص من السلاح الكيماوى السورى فى الموعد الذى نصت عليه الاتفاقية وهو النصف الأول من 2014 وذلك لأنها واجهت عدد من التحديات على رأسها
– عدم التزام النظام السورى بالكشف عن كافة أسلحته الكيماوية: فالنظام السورى قد اخفى بعضاً من ترسانته الكيماوية، وماطل فى تسليم كل المعلومات الخاصه بها.
– صعوبات نزع السلاح الكيماوى: حيث تعد العملية معقدة من الناحية التقنية ومكلفة مادياً، بالأضافة إلى أنها ستستلزم وقتاً طويل. كما أن الحرب الدائرة على الأراضى السورية تعيق الوصول إلى العديد من مواقع تخزين الأسلحة وتجعل نقلها أشد خطورة. فتوزيع الأسلحة الكيماوية السورية على أكثر من 45 موقعا على كل الساحة السورية، ما يؤدى إلى صعوبة نزع السلاح بالنسبة للمناطق التى تسيطر عليها جماعة النصرة والقاعدة (داعش). وبالنظر إلى التكلفة المادية فالتخلص من السلاح الكيماوى يحتاج إلى المليارات لبناء مصانع لتدمير الأسلحة الكيماوية سواء بطريقة تفريغ الغازات الكيماوية من رؤوس الصواريخ ومقذوفات المدفعية، ثم إحراق الغازات فى أفران عند درجة حرارة 800 درجة مئوية، مع ما فى ذلك من تلوث الجو بالأدخنة السامة الناتجة من عملية الإحراق، أو بطريقة إبطال مفعول الأسلحة الكيماوية باستخدام مواد كيماوية مثل الجير المطفى والمواد المذيبة، وتحويل النفايات إلى الحالة الصلبة، وهنا أيضاً تبرز مشكلة التخلص من هذه النفايات ودفنها.
وهكذا يمكن القول أن المبادرة الروسية قد جاءت لإيجاد مخرج مناسب لكل الأطراف المأزومة فى الأزمة السورية. كما أثبتت هذه المبادرة مكانة روسيا وأمكانية لعبها لدور مؤثر على الساحة الدولية.
رابعاً: القضية الفلسطينية:
قديماً كان الاتحاد السوفيتى يؤيد الجانب العربى فى حربه ضد إسرائيل، فى حرب 1973 وقف بجانب العرب، ورفض مبادرة مصر للسلام وإطار كامب ديفيد. ولكن بدأت سياسة جوربتشوف تتجه للتعاون مع الولايات المتحدة الأمريكية فى قضايا الشرق الأوسط لتجنب الصراع، وبدأ الاتحاد السوفيتى يؤيد المبادرات السلمية لتسوية النزاع.
روسيا لا تمتلك إمكانية التأثير والضغط على تل أبيب، وما يتردد عن كون المهاجرين اليهود الروس فى إسرائيل يشكلون ورقة ضغط فى يد روسيا على الحكومه الإسرائيلية بسبب
– عدم أكتراثهم بمصالح روسيا وتوجهات السياسة الروسية فى المنطقة.
– لا يزال امكانية التعويل على ولاءهم لروسيا محل شك أيضاً.
– كما أن إسرائيل ترفض أى وساطة غير أمريكية لتسوية الصراع العربى الإسرائيلى.
إلا أن هذا لا يقلل بأى حال من الأحوال من أهمية الدعم الدبلوماسى، والفنى الروسى للسلطة والحكومة الفلسطينية لا سيما فى مواجهة الضغوط الأمريكية والاسرائيلية بالأخص بعد إعادة أنتخاب حكومة اليمين المتطرف الإسرائيلى بزعامة نتنياهو.
الخاتمة:
نخلص إلى أن بوتين يتبع فى سياسته الخارجية منهج مدرسة توازن القوى التى تتعامل مع روسيا على أنها قوة كبرى ولابد للعالم أن يعترف بها، فهم لا يسعون إلى عالم أحادى القطبية أو ثنائى القطبية ولكنهم يدعون إلى عالم متعدد القطبية. كما أنهم لا ينظرون للغرب على أنه عدو ولكنهم يأخذون منه موقف محايد، فلذلك هم لا يمانعون من التعاون مع الغرب فى الاستثمارات التجارية وغيره. كما أنهم يسعون إلى زيادة النفوذ الروسى فى مناطق الجوار الروسى التى تعد مناطق النفوذ الطبيعية، وكذلك لعب دور مؤثر فى قضايا الشرق الأوسط. أما مدرسة النزعة القومية الموجهة ضد الغرب والتى تنظر له على أنه خصم، وترى أن الثقافة الروسية والهوية الروسية التى تتميز بالأخلاق تختلف عن الثقافة الغربية. وبالتالى فهى ضد الاندماج فى المؤسسات الغربية حيث يرون أن روسيا لابد أن يكون لها دور قيادى، وضرورة استعادة النفوذ فى الجمهوريات السوفيتيه السابقة بل ويذهب بعضهم إلى حد المطالبة بضم هذه الجمهوريات كالقرم. هذه المدرسة يتبعها بوتين فى سياسته الداخلية. أما المدرسة الليبرالية المؤيده بشكل كامل للغرب وتدعو للاندماج فى المؤسسات الغربية، فبوتين لا يتبعها سواء على الصعيد الداخلى أو الخارجى كما أن هذه المدرسة لها تأثر محدود جداً فى المجتمع الروسى.
يظل السؤال قائم هل روسيا تعد قوة صاعده مؤهله للعب دور فعال على الساحة الدولية؟ فبالنظر إلى المقوم الاقتصادى نجدها ضعيفة لأنها تعتمد على سلعة واحدة، لذلك روسيا تواجه تحدى لتحويل اقتصادها من سلعة واحده لعدد من السلع. أما بالنسبة للقوة العسكرية فهى لديها صناعة سلاح متقدمة ولكنها لم تصل إلى المستوى الأمريكى .
على صعيد أخر نجد روسيا تقدم نفسها على أنها قوة تقف بجانب حلفائها مثال الأسد على عكس أمريكا التى لم تقف بجانب حلفائها فى ثورات الربيع العربى.
لكن هناك وجهات نظر غربية ترى روسيا فى حالة تراجع، وأن الولايات المتحدة الأمريكية عليها أن تجد طريقة للتعامل مع روسيا التى تعانى من حالة انهيار وليست روسيا فى حالة الصعود، لأن الدول فى حالة الأنهيار تكون أكثر خطورة وعدوانية.
قائمة المراجع:
الدوريات العلمية:
أحمد دياب، ” شراكة اقتصادية: محددات الدور الروسى فى وسط وشرق آسيا.” السياسة الدولية، العدد 195. (يناير 2014).
رابحة سيف علام، محمود حمدى أبو القاسم. “الثورة السورية: التعقيدات الداخلية والتوازنات الدولية.” كراسات استراتيجية، العدد 236.(2013).
عبدالعزيز بن عثمان بن صقر، ” هواجس متبادلة: الخليج بين الحليف الأمريكى والوافد الروسى.” السياسة الدولية، العدد 195. (يناير 2014).
عزت سعد الدين، ” تكاليف المنافسة: التحديات أمام مكانة روسيا فى الاستراتيجية العالمية.” السياسة الدولية، العدد 195، (يناير 2014).
علاء الحديدى، ” مصالح لا محاور: فرص وقيود العلاقات الروسية المصرية بعد 30 يونيو.” السياسة الدولية، العدد 195. (يناير 2014).
محمود حمدى أو القاسم. ” التوافق الروسى الأمريكى حول نزع الكيماوى السورى هل تراجعت احتمالات العمل العسكرى؟” ملف الأهرام الاستراتيجى 226. (أكتوبر 2013).
مصطفى علوى، ” قطبية لا متماثلة: تحولات السياسة الروسية تجاه الولايات المتحدة.” السياسة الدولية، العدد 195. (يناير 2014).
معتز سلامة، “تحركات مدروسة: طريق روسيا للعودة إلى مسرح السياسة العالمية.” السياسة الدولية، العدد 195. (يناير 2014).
ميشيل كيلو، ” رهانات صعبة: حسابات موسكو تجاه الصراع فى سوريا.” السياسة الدولية، العدد 195. (يناير 2014).
نورهان الشيخ، “القيادة المحسوبة: كيف استعاد بوتين المكانة العالمية لروسيا؟” السياسة الدولية، العدد 195. (يناير 2014).
هانى شادى، ” الثقة المفقودة: الصراع الروسى الأوروبى على الفضاء الأوراسى.” السياسة الدولية، العدد 195. (يناير 2014).