الجغرافيا السياسية لبحر الصين الشرقي (النزاع الصيني – الياباني)
اعداد : أونايسية سمية – جامعة 08 ماي 1945 قالمة – قسم العلوم السياسية
- المركز الديمقراطي العربي
الملخص:
تهدف الدراسة إلى تسليط الضوء على بحر الصين الشرقي وأهميته الجيوبوليتكية، لما يتمتع به من إمكانيات اقتصادية ضخمة وكممر التجارة الدولية، بالأضافة إلى التحولات الجيوسياسية التي تشهدها المنطقة بعد نهاية الحرب الباردة والمتمثلة في صعود الصين وطموحها المتزايد في مد نفوذها البحري في منطقة بحر الصين الشرقي. وحيث يمثل النزاع البحري القائم حول جزر سيكناو / ديايو (التي تطالب بها الصين وهي واقعة تحت سيطرة اليابان) أهم القضايا التي تثيرها الجغرافيا السياسية للمنطقة، فالصين دائما تسعى للتحديث العسكري وإظهار قوتها في بحر الصين الشرقي ومحاولتها لتغير الوضع القائم، وهذا ما جعل اليابان في حالة من اللايقين تجاه نوايا الصين المستقبلية، وقد توجهت اليابان إلى تغير سياستها الدفاعية للإستعداد للمواجهة في حالة التصعيد.
Abstract
The study aims to shed light on the East China Sea and its geopolitical importance, due to its huge economic potential and the international trade corridor, in addition to the changes that the region is witnessing after the end of the Cold War, represented in the rise of China and its ambition to extend its maritime influence in the East China Sea region. In addition to the maritime dispute in the East China Sea over the Siknaw / Diayu Islands, which is claimed by China and is under the control of Japan, China always seeks military modernization and showing strength in the East China Sea and its attempt to change the status quo, and this has created Japan itself in a state of uncertainty about China’s future intentions, and Japan has tended to change its defens e policy and prepare for confrontation in case of escalation.
مقدمة:
تضم منطقة بحر الصين الشرقي دول أساسية هي الصين اليابان، كوريا الجنوبية، تايوان ويقع البحر بين هذه الدول ويبقيها على اتصال دائم بالعالم الخارجي عبر المحيط الهادئ، بالإضافة إلى هذه القيمة النسبية المعتبرة بالنسبة للقوة الإستراتيجية، فإن أهمية بحر الصين الشرقي تستمد مما يتيحه من الموارد الطبيعية الإقتصادية من نفط وغاز ومعادن وثروات سمكية وغيرها، لذا وعبر العديد من المراحل التاريخية السابقة، كانت هذه المنطقة دائما محل تنافس وصراع بين أهم القوى الإقليمية، خاصة بين الإمبراطورية اليابانية والإمبراطورية الصينية منذ القرن السادس عشر خاصة نهاية الحرب العالمية الثانية.
وقد اتسمت العلاقات بين الصين واليابان بالخلافات المستمرة منذ قرون حول مجموعات الجزر المعروفة باسم “جزر سينكاكو” في اليابان و”جزر ديايو” في الصين، وهي ثماني جزر غير مأهولة تقع في بحر الصين الشرقي، تبلغ مساحتها حوالي 7 كيلومترات مربعة وتقع شمال شرق تايوان وشرق الصين وجنوب غرب محافظة أوكيناوا اليابانية. واليوم مع بوادر صعود الصين كقوة إقليمية وحتى دولية، حيث تصاعدت تدريجيا حدة الخلاف الياباني- الصيني حول ملكية الجزر المتواجدة في المنطقة البحرية بينهما في بحر الصين الشرقي، في ظل سعي أمريكي مستمر لضبط التوازن الاستراتيجي في شمال شرق آسيا.
1/ الإشكالية:
ما طبيعة التنافس الصيني – الياباني في منطقة في بحر الصين الشرقي وما إنعكاساته على الاستقرار الأمني والتوازن الاستراتيجي في للمنطقة؟
2/ الفرضية:
التنافس الياباني- الصيني في منطقة بحر الصين الشرقي على الثروة والنفوذ سيؤدي إلى تغيير ببنية التوازن الاستراتيجي في منطقة شمال شرق آسيا.
3/ أهمية الدراسة:
تكمن أهمية الدراسة في محاولة وضع تصور علمي متكامل يستطيع تفسير الوضع الجغرافي لمنطقة بحر الصين الشرقي من خلال البحث في أسياسيات الصراع حول الجزر ديايو؛ وكذا محاولة إيجاد ومعرفة طبيعة الأساليب والآليات التي اعتمدتها كل من الصين واليابان للتعامل مع هذه التغيرات الحاصلة في مجالها الإقليمي.
4/ أهداف الدراسة:
تسعى الدراسة إلى تحقيق مجموعة من الأهداف، فهي موضوع الساعة وشغل الباحثين والمختصين، وهذا يستدعي السعي إلى إبراز المنطلقات التي تستند إليها دول المنطقة والإمكانيات التي تحظى بها من موارد وممرات بحرية لنقل السلع وطرق التجارة الدولية؛ في فهم طبيعة النزاع الصيني الياباني حول الجزر والآليات الفعلية التي انتهجتها للتعامل مع الوضع.
5/ تقسيم الدراسة:
- المحور الأول: الإطار المفاهيمي للجغرافيا السياسية
- المحور الثاني: بحر الصين الشرقي دراسة جيوبوليتيكية
- المحور الثالث: النزاع الصيني الياباني حول بحر الصين الشرقي جزر دياويو
المحور الأول: الإطار المفاهيمي للجغرافيا السياسية
وصفت الجغرافيا السياسية بأنها العلم الذي يعرف المقومات الجغرافية للدولة ومن هذا المنطلق وجدنا أن دراسة الجغرافيا السياسية هي قريبة من الجغرافيا الإقليمية لكن في حدود الدولة مع تفسير القيمة السياسية من منظور المعطيات الجغرافية.[1]
الجغرافيا السياسية يفهمها من واقع مفهوم اقتصادي، حيث يترك النشاط الاقتصادي للسكان أثرا واضحا في القيمة الفعلية للدولة، وفقا تحليل قيمة الدولة من واقع ما لديها من موارد طبيعية واقتصادية، وما لدى السكان من موارد في الإنتاج وحتى موارد بشرية، قادرة على بناء اقتصاد كبير يرفع من وزن الدولة على المستوى السياسية الدولية.[2]
تعريف هارتسهون Hartshosrne الجغرافيا السياسية تهتم بدراسة التباين في الظاهرة السياسية من مكان إلى أخر وتداخلها مع التغيرات التي تحدث في ظواهر سطح الأرض الأخرى وخاصة المكان الذي يقيم فيه الإنسان.[3]
تعريف ويجرت weigert الجغرافيا السياسية هي أحد فروع الجغرافيا البشرية التي تبحث في دراسة العلاقة بين الإنسان والأرض مع تأكيد واضح على إيضاح العلاقة بين العوامل الجغرافية والمتغيرات السياسية.
وفي تعريف الكسندرAlexander تهتم الجغرافيا السياسية بدراسة الأقاليم السياسية ومظاهرها فوق سطح الأرض.[4]
تشترك الجغرافيا السياسية والعلوم السياسية في العديد من الإهتمامات المشتركة لكنها تتعامل مع مواضيع مختلفة كلاهما يركز على العلاقة بين الأرض وسكانها والعنصر الثالث الذي ينشأ من تفاعل الإثنين، ومع ذلك تركز الجغرافيا السياسية على أراضي الدولة والتركيبة السكانية الوطنية، بينما تركز الجغرافيا السياسية على المناطق المترابطة من حيث الكيانات السياسية تحدد الجغرافيا الطبيعية البيئة الطبيعية للبلد والإقليم.[5]
أما فمن الناحية الإيتيمولوجيا: ترتبط كلمة جيوبوليتيكا باليونانيين القدامى حيث تشير كلمة Geia إلى آلهة الأرض و Polis إلى دولة المدينة، وعليه Geiapolis عند اليونانيين تعني: استكشاف للأشكال الأرضية للمجال والأرض ومراقبتها وتنظيمها بواسطة الجنس البشري.
واصطلاحا يوحى بوجود علاقة بين الأرض أو الجغرافيا مع السياسة، ومنه فالجيوسياسية أو الجيوبوليتيك هي علم دراسة تأثير الأرض على السياسة في مقابل مسعى السياسة للاستفادة من هذه المميزات وفق منظور مستقبلي أي (علاقة تأثر وتأثِير). وهناك من يصفها ” بعلم سياسة الأرض” بمعنى العلم الذي يعنى بدراسة تأثير السلوك السياسي في تغيير الأبعاد الجغرافية للدولة، مما يستحضر في أذهاننا أن هناك فاعل يمارس علاقة قوة في إطار جغرافي معين.[6]
أما الجيوبولتيك: حيث عرفه رودولف كيلين Rudolf Kjellen والذي يعد أول من استخدم مصطلح الجيوبوليتيك عام 1905 في كتابه “الدولة مظهر من مظاهر الحياة” على أنه: “دراسة البيئة الطبيعية للدولة، وأن أهم ما تعنى به الدولة هو القوة، كما أن حياة الدول تعتمد على التربية والثقافة والإقتصاد، والحكم وقوة السلطان، ويحاول “كيلين” التأْكيد على أن الغرض الأسمى للعلم هو جعل الجغرافيا في خدمة الدولة أي بعبارة أخرى أكثر دقة كيف يمكن لصانع القرار جعل الموقع الجغرافي كمصدر قوة للدولة في التعبير عن مواقفها السياسية.
أما كارل هاوسهوفر Karel Hawshofer فقد عرف علم الجيوبوليتيك على أنه العلم القومي الجديد للدولة وهي عقيدة تقوم على حتمية المجال الحيوي بالنسبة لكل العمليات السياسية حيث اِعتبر هاوسهوفر علم الجيوبوليتيك بمثابة العلم الجديد للدولة الذي يستند إلى الجغرافيا السياسية بدل أمور أخرى.
ثانيا: أهداف الجيوبوليتيك والجغرافيا السياسية
1/ أهداف الجغرافيا السياسية
- تدرس الحقائق الجغرافية التي تساهم في تكوين سياسة للدولة وشخصيتها،
- تهتم بدراسة الدولة كما هي كائنة وتتميز بالثبات.
- هي الأصل الذي تفرعت منها الجيوبولتيك.
- فحص ودراسة ظروف المجال الأرضي للدولة.
- تدرس الإمكانيات المتاحة للدولة .
2/ أهداف الجيوبولتيك:
- تتناول حيوية للدولة وحركتها في مجالها الإقليمي وفي المجتمع الدولي في ضوء الحقائق الجغرافية،
- تقوم بدراسة الدولة من ناحية مطالبها وأهدافها على مستوى السياسة الدولية.
- التأثيرات الجغرافية هي الأساس في قوة الدولة وعلاقتها الخارجية في مجريات السياسة الدولة.
- هي دراسة متحركة وعرضت لعوامل التغير مع ثبات المعامل الجغرافي كمؤثر في العلاقات الدولية.
- دراسة الماضي والحاضر كمعرفة ما سيكون عليه في المستقبل.
- تعنى بالمطالب المكانية للدولة.
- تستمد مادتها من الجغرافيا السياسية والتاريخ والدراسات التخصصية.[7]
ثالثا: أبعاد الجغرافيا السياسية يمكن أن تساعد دراسة الموارد الدولية والأنشطة الوفيرة في السياسة الدولية في حل المشكلات المتعلقة بالحدود والقضايا البيئية والمشاكل الإستراتيجية للبلدان غير الساحلية مثل سويسرا بالإضافة إلى المشكلات الأخرى المتعلقة بالجغرافيا. كما تحدد أهداف الدولة السياسية والإقتصادية والعسكرية والإجتماعية المدينة التي يتم اختيارها للتنمية أو الاستقرار أو التغيير الذي يتطلب اتخاذ هذه القرارات فهم جغرافية البلد، حيث يقوم بجمع معلومات وإحصائيات دقيقة حول الموارد والأنشطة الدولية.[8]
المحور الثاني: بحر الصين الشرقي دراسة جيوبوليتيكية
تتمتع منطقة بحر الصين الشرقي بخصائص جيوسياسية وتركيبة حضارية كونفوشيوسية جعلت منها محط أنظار القوى الإقليمية.
أولا: الأبعاد الإقتصادية والأمنية لمنطقة بحر الصين الشرقي
يعد بحر الصين الشرقي أحد المناطق البحرية المهمة في السياسات الدولية، حيث يقدر طوله بـ:482.000 ميل مربع هذا البحر جزء من المحيط الهادئ وتبلغ مساحته1.249.000 كيلومتر مربع يحده جزيرة كيوشو اليابانية وجزيرة ريوكيو من الشرق، وتايوان في الجنوب والغرب، وبقية دول آسيا التي ترتبط ببحر الصين الجنوبي عبر مضيق تايوان وبحر اليابان عبر مضيق تايوان ويفتح المضيق الكوري شمالا في البحر الأصفر والدول المجاورة له هما اليابان وكوريا الجنوبية وتايوان والصين حيث يتدفق نهر اليانغتسي.[9]
وتجدر الإشارة أن المياه هي الروابط البحرية بين شمال شرق أسيا وجنوب شرق أسيا فهذه الأهمية الجيواستراتجية هي التي جعلت من منطقة أسيا والمحيط الهادي عامة وبحر الصين الشرقي خاصة منطقة تنافس القوى الإقليمية إلى ما تحتويه من أرخبيل التي تتألف من مجموعة الجزر، وهذا الموقع الهام وفر لها إمكانيات طبيعية وبشرية واقتصادية وينقسم الموقع إلى مظهرين:
1/ نتوء قاري: أو ما يعرف عادة بالبر الرئيسي والذي يضم تايوان كوريا الجنوبية، اليابان، إندونيسيا، الفليبين، الصين بالإضافة إلى الفيتنام وماليزيا.
2/ الدول البحرية: هي سلسلة من الأرخبيلات التي تقع في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي والتي تضم اليابان، الصين، الفليبين، تيمور الشرقية وماليزيا.
ومن حيث النطاق المناخي فمنطقة بحر الصين الشرقي التي تقع ضمن المناطق المدارية وشبه الاستوائية مما يسمح لها الاستفادة من الأمطار موسمية، التي ساعدت على انتشار السلاسل الجبلية والهضاب والشبكات الصرف الواسعة.[10]
وتعتبر قضايا النزاع في بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي من التوترات المزمنة في شرق أسيا إلى جانب قضيتي تايوان وكوريا، حيث يقع بحر الصين الشرقي في المحيط الهادي الذي يمتد من سنغافورة حتى مضيق تايوان، حيث تشير الدراسات إلى أنه ثاني أكبر الممرات البحرية ازدحاما بسفن التجارة الدولية.[11]
- خريطة بحر الصين الشرقي
المصدر: https://www.google.com/search?q=%D8%AE%D8%B1%D9%8A%D8%B7%D8%A9+%D8%A8%D8%AD%D8%B1+%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%8A%
يرتبط بحر الصين الشرقي بالصين تاريخيا من حيث التسمية من جهة، من حيث المصالح الاستراتجية والاقتصادية من جهة أخرى، خصوصا مع موقعه الذي جعله منطقة عازلة بين الصين وعدوها التاريخي اليابان.[12]
وتجدر الإشارة أن الأهمية الإستراتيجية الهائلة للمنطقة الساحلية التي أشار إليها سيكمان على أنها حافة العالم مع تغير مشهد التجارة العالمية، حيث يتم نقل 90٪ من التجارة العالمية المعاصرة بواسطة السفن، وينتهي حوالي نصف التجارة في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي هو محور التجارة الدولية والإقليمية ومصدر توتر بين القوى الدولية والإقليمية.[13]
أما فيما يخص الجزر فهي ثماني جزر صخرية غير مأهلة في بحر الصين الشرقي تعرف باسم سينكاكو في اليابان ودياويو في الصين، حيث تقدر إدارة معلومات الطاقة التابعة للحكومة الأمريكية احتياطيات النفط في هذه المنطقة من 06 مليون إلى 100 مليون برميل من النفط بينما تتراوح الاحتياطيات الكبيرة من الغاز الطبيعي من1 إلى2 تريليون قدم مكعب، بينما المصادر الصينية وفقا للتقرير تتراوح احتياطيات النفط من7 إلى 160 مليون برميل، كما يحتوي البحر موارد معدنية مهمة مثل الأحجار المرجانية الثمينة وأحجار الزركون* والذهب والتيتانيوم والبلاتين، بالإضافة إلى وجود هذه الموارد الطبيعية، تشترك الجزر في قيمة استراتيجية لكلا البلدين نظرا لموقعها الإستراتيجي ستسمح السيادة على الجزر لليابان أو الصين بالمطالبة بـ 40 ألف كيلومتر مربع من البحر كمنطقة اقتصادية خالصة.[14]
فالجزر لدى منطقة بحر الصين الشرقي تحظى بقيمة جيواقتصادية بالنسبة للصين واليابان وذلك لاحتوائها على الثروات الطبيعية فالصين تعتبر ذات قيمة إستراتيجية عسكرية، كونها توفر أهمية الوصول لجيش التحرير الشعبي، من خلال سلسلة الجزر الأولى التي تغطي البحار القريبة. في حين تعبر اليابان من الناحية الأمنية مركزا دفاعي تمنع الصين للوصول الى بحر الصين الشرقي ولذلك تم وضع أنظمة المراقبة والاستطلاع البحري بالقرب من الارخبيل الياباني من أجل مراقبة الوضع بالمنطقة .[15]
فإن الإمكانيات الطبيعية أعطيت الفرصة للشركات النفطية الكبرى التي لديها الخبرات والقدرات الفنية أن تحول هذه التوقعات إلى حقائق مؤكدة مما يزيد من الأهمية الجيوبوليتكية لبحر الصين الشرقي ويزيد من حدة الصراعات بين القوى الإقليمية على استغلال تلك الموارد وخدمة مصالحها الاقتصادية.[16]
وتجدر الإشارة أن جزر )سينكاكو( الغنية بالثروات السمكية وباحتياطي كبير من الثروات النفطية والغازية التي تقع في بحر الصين الشرقي وتبعد بمسافة 92 ميلا بحريا شمال شرقي مدينة كيلونغ بتايوان.[17]
ثانيا: الأبعاد الثقافية لمنطقة بحر الصين الشرقي
منذ 3000 قبل الميلاد إلى القرن السادس عشر قبل الميلاد أدى إلى ظهور مجتمعات زراعية كبيرة التي ساهمت في ظهور تجارة الحرير والنسيج حيث قام المجتمع الصيني بالعمل على تطوير وتوسيع تجارة الحرير في المنطقة ووصولا إلى آسيا الوسطى على الرغم من تطور المجتمع في تلك الفترة إلا أن الصينيون لم يتركوا سجلات مكتوبة حتى حكم أسرة شانغ في القرن السادس عشر قبل الميلاد.[18]
بعد فترة حكم أسرة شانغ حكمت مملكة زو في القرن الحادي عشر قبل الميلاد استمر العمل على النظام الإقطاعي، لكن في تلك الفترة شهدت تطورات على الصعيد السياسي والاجتماعي خلال الفترة 770/256 قبل الميلاد، وقامت الصين بتوسيع حدودها الجغرافيا الى شمال شرق الصين حاليا وكذا ضفاف نهر اليانغتسي وكذا تطور الفلسفة الكلاسيكية الصينية.
وفي سنة1015 قبل الميلاد احتل الصينيون أجزاء من شمال كوريا حيث أثرت الثقافة الصينية على مملكة الأمة الكورية في الجنوب والفيتنام وقد حكموا الفيتنام مباشرة لنحو ألف عام في عهد أسرة هان، وقد وصلت الثقافة الصينية إلى مستوى عال من القيم الكونفوشيوسية خاصة بعد إختراع صناعة الورق.[19]
وتجدر الإشارة أن الإحياء الصيني سيطر على سلالة تانغ في اليابان، حيث تم تطوير دمج الأفكار الصينية الثقافية في النظام القضائي الياباني حيث تعمل بموجب القانون الصيني، على الرغم من أن الباحثين في علم الحضارة يصنفون الثقافتين الصينية واليابانية في فئة حضارة الشرق الأقصى، إلا أن العديد من اليابانيين الآن يعتبرونها حضارة منفصلة ذات خصائص مميزة .[20]
وقد أوضحت الخرائط العرقية والثقافية بأن جزء من أسيا المحيط الهادي يضم عدة مجموعات عرقية ترجع جذورها التاريخية إلى الهجرات الأسترونيزية جنوبا من القسم الساحلي للصين وتايوان إلى جنوب المحيط الهادي.[21]
أما أن ناحية الديانات الموجودة فهي متعددة وهذا راجع للاحتلال للصيني للمنطقة التي يغلب عليها الطابع الكونفوشوسي.
1/ البوذية:
هي ديانة هندية الأصل حيث يعتقد الناس أن العالم مليء بالآلام والمصائب فهي طريق رباني للتغلب على الشهوات حيث تقوم على قواعد من بينها الإيمان المستقيم، الكلام السليم، العمل الصالح، الحياة المستقيمة، الجهد الصحيح، التأمل الصحيح وهي منتشرة في الصين وكوريا ووصلت إلى اليابان ويمكن حصر تيارات البوذية في تيارين كالتالي:
- تيارالهامايانا: أي العربة الكبرى يهدف إلى خلاص الناس جمعيا وهذا التيار منتشر بكثرة في الصين نتيجة زيارة الحجاج الصينيون للهند.
- تيار الهينايانا: أي العربة الصغيرة ويهدف من خلالها إلى خلاص الفرد حتى يهيئ نفسه لخلاص الجميع.[22]
2/ الكونفوشيوسية:
ترجع الروايات التاريخية أن أصل كونفوشيوس نبيل حيث أن أجداده ينتسبون إلى النسب الملكي لدولة “سونج”، لكن جده الأعلى قد انتقل إلى المنطقة التي ولد فيها كونفوشيوس، وهذا ما جعل الفقر يحل بالعائلة رغم نبل نسبها. والواقع أن أفكار كونفوشيوس لم تنل التقدير الذي حظيت به إلا بعد فترة من وفاته إذ عمل تلاميذه على تدوين الأفكار وتطويرها، حيث ظهرت في كتاب “الحوارات” هذه المادة التي جمعت خلال سبعين عام بعد وفاته. [23]
كان التحدي المركزي الذي واجهه كونفوشيوس هو إحياء الأسس الأخلاقية للمجتمع وإنشاء ضمانات دائمة لإعادة إحياء السياسة والحضارة في الصين القديمة التي تقوم على أساس الفرح والتعايش المتناغم مع الكوكب، وعينت كمدرسة فلسفية رئيسية في الصين، وقد كان للكونفوشيوسية تأثير عميق على ثقافة البلاد وتاريخها.[24]
3/ الطاوية :
تشمل مجموعة من المعتقدات الدينية طورت بعد خمسمائة سنة من المدرسة الأولى، وفي ظل حكومة أسرة “الهان” أدخل عليها الكهانة والشعوذة، ويعتبر “لاوتزو” مواطنا في إطار مملكة “تشو” تولى في إطار هذه المملكة منصب أمين المكتبة الملكية، وبهذا تسنى له الإطلاع، وتكوين معرفة واسعة أعطته شهرة كبيرة ولما شاهد انهيار الدولة هاجر إلى مكان قصي في جنوب الصين حيث كانت النفوس تنزع نحو التصوف، ولا تقبل النزعة العقلية المتجمدة، وبهذا تأثر بهذا الجو الفكري وتلتقي الطاوية مع الكونفوشيوسية في الإشكالية الأساسية وهي فساد الأفراد والمجتمع والتأكيد على ضرورة إصلاح ذلك، لكن الاختلاف في الطريقة التي يجب الإصلاح وفقها.[25]
ثالثا: المضائق البحرية لمنطقة بحر الصين الشرقي
تعتبر المضائق البحرية ممرا لمراكز التجارة العالمية وكذا الإمكانيات التي تحظى على الصعيد الاستراتيجي والاقتصادي، فهي تعمل على تقليص المسافات.
1/ مضيق ملقا كمحور استراتيجي للقوى الإقليمية والدولية
يعد كل من مضيق ملقا أطول مضيق بحري في العالم بعد مضيق هرمز ويصنف من بين أهم الممرات المائية الاستراتيجية في الساحة الدولية حيث يبلغ طول المضيق 800 كيلومتر وعرضه من 50 إلى 320 كيلومترا وعرضه 2.5 كيلومتر في أضيق نقطة له وعمقه حوالي 23 مترا أو حوالي 70 قدما. يقع المضيق بين ماليزيا وإندونيسيا، وسنغافورة عند طرفه، وتربط المحيط الهندي وبحر الصين الجنوبي والمحيط الهادئ، وهي المركز التجاري لأوروبا وآسيا على المحيط الهادئ.
وتجدر الإشارة أن مضيق ملقا حاليًا يمثل حوالي 40٪ من التجارة العالمية حيث تمر أكثر من 50000 سفينة تجارية تحمل مختلف الإمدادات والبضائع من جميع أنحاء العالم كل عام وأغلبها واردات نفطية بنسبة 80٪ كما تمر الصين واليابان وكوريا الجنوبية وتايوان عبر المضيق. فهو عبارة عن منطقة بحرية جيوستراتيجية تربط عالم المحيط في الشرق الأوسط وشبه القارة الهندية في شمال شرق آسيا.[26]
- خريطة مضيق ملقا
المصدر: Cgxnd3Mtd2l6LXNlcnAQARgFMggIABCABBDLATIICAAQgAQ
بالإضافة إلى أن المضيق يحمل ما يقارب 300 ألف طن و 1800 حاوية بعمق 21 مترا، والجدير بالذكر أن المضيق يستضيف ما يعادل من 75٪ من الحركة البحرية السنوية بين الشرق الأقصى والشرق الأدنى بإجمالي 300 سفينة يوميا تعبر الممر بحثا عن النفط.[27]
كما أن تتزايد التبادلات عبر المضيق، يؤدي إلى تكامل بين دول المنطقة التي تحتوي على تنوع عرقي كبير متماسك بأحكام عقائدية وهذا ما ساعد على خلق فرص كبيرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى الدول الساحلية في المنطقة وبالتالي تم اعتبارها من أهم العوامل التي ساعدت نشر الأمن والاستقرار الإقليميان شرط أساسي للتنمية الإقليمية، والحفاظ على إمدادات الطاقة بين الاتحاد الأوروبي وشرق آسيا المستمرة عبر الممرات البحرية.
بالإضافة إلى ذلك لعب مضيق ملقا دورا تاريخيا مهما في تكوين الدول الساحلية والمستوطنات عبر المضيق، ومؤخرا بين ماليزيا وإندونيسيا وسنغافورة، بين المنطقة الهندية الأوروبية وبقية دول آسيا وأستراليا، حيث يعتبر أقصر طريق بحري مقارنة بمضيق ماكاسار الإندونيسي ومضيق لومبوك.[28]
من الناحية الاستراتيجية فإن مضيق ملقا يشبه أرخبيل. هذا الامتداد الضيق للأرض يمنع مرور خطوط الملاحة البحرية، لذلك فهو مثالي للمواجهات ومناطق السيطرة وأغراض أخرى مماثلة مما يمنحه أهمية تجارية هائلة.
أ/ أهمية الاستراتيجية لمضيق ملقا بالنسبة للقوى الدولية
ينطلق من منظور جيواستراتجي يهدف إلى السيطرة على محيطات العالم إذ يعتقد خبراء الاستراتيجية البحرية أن المضيق هو مفتاح السيطرة على آسيا، فمنذ الثمانينيات ركزت الولايات المتحدة على تحقيق السيطرة على نقاط العبور الاستراتيجية ومراكز التحكم. وحيث أصبح استراتيجية مهمة لما يسمى بـ: “حلق آسيا” لأنه يقع بين بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، لذلك تعتمد الولايات المتحدة على أهمية بالغة وقيمة من خطوط الشحن البحرية الحساسة، كذلك الوضع في تايوان لأنها تقيم علاقتها العسكرية الوثيقة مع تايوان من خلالها، مما يجعلها منصة للعمليات العسكرية ضد الصين وأمن طاقتها لأنها مجهزة جيدا للسيطرة على كل من مضيق ملقا وتايوان مملكتان مهمتان.[29]
ب/ أهمية مضيق ملقا من المنظور الاستراتجي الإقليمي:
1/ بالنسبة للصين:
بالنظر إلى أن الصين قوة اقتصادية ذات مصالح بحرية واسعة، ومع ما يصاحب ذلك من زيادة الطلب على موارد الطاقة وخاصة نفط الخليج حيث تعمل الصين زيادة نموها في الأسواق الدولية لذا تسعى إلى تأمين الطرق البحرية والتجارية لضمان التدفقات النفطية والتجارية.[30]
في عام 2003 أعرب الرئيس الصيني عن قلقه بشأن الاعتماد المتزايد على الطاقة حيث يواجه ضعفا استراتيجيا حيث يتم نقل 80 ٪ من إمدادات النفط عن طريق البحر، وكان الجزء الأكبر منها يمر عبر مضيق ملقا ولذا سميت بمعضلة ملقا.
للمضيق أهمية إستراتيجية خاصة بالنسبة لدول لشرق آسيا، حيث أن الصين ليست حليفة للولايات المتحدة التي تلعب دورا رئيسيا في حماية الممرات البحرية. بالإضافة إلى التطوير البحري للهند واليابان وهذا يسمح لها بمراقبة حركة المرور البحرية بين مضيق هرمز ومضيق ملقا مما يشكل تهديدا للأمن القومي للصين. كما أن المشاريع القائمة والممرات البحرية البديلة في المنطقة جعلت الصين تابعة لمضيق ملقا فحسب الدراسات ان الممرات البديلة قادرة على تأمين 25٪ من حاجات الصين النفطية مقارنة بمضيق ملقا.[31]
وفقا لتقرير صحيفة واشنطن تايمز بعنوان “الصين تبني خطوطا بحرية إستراتيجية كشفت وزارة الدفاع الأمريكية عن إستراتيجية اللؤلؤ التي تبتنها الصين.[32]
تركز استراتيجية الصين على تشكيل شبكة متصلة من المحيطات في المنطقة الشمالية إلى المحيط الهندي التي تهدف من خلالها إلى تخفيف القيود التي تواجهها الصين حاليا بسبب معضلة ملقا، معتبرة إياها تدبيرا أمنيا ضروريا لحماية إمدادات الطاقة، في جين اعتبرتها واشنطن تعتبره تهديدا محتملا للقوى الأخرى في منطقة.[33]
ب/ بالنسبة لليابان:
تعتبر اليابان ثالث دولة مستهلكة للطاقة في العالم، حيث تستورد ما يعادل 80٪ من النفط الذي يتدفق عبر هذا المضيق معتبرة إياه مكونا رئيسيا لمصالحها الحيوية ومنظورها الاستراتيجي، ووسيلة لتحرير نفسها من الاعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية.[34]
وتجدر الإشارة أن اليابان تهدف إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار بالمنطقة باعتبار مضيق ملقا ممرا بحريا يربط المحيط بالمحيط الهندي وهي طرق التجارة الرئيسية لليابان من أوروبا والشرق الأوسط، حيث استخدم اليابانيون مضيق ملقا للاسترداد موارد الطاقة والغذاء، ووتيرة فعالة التنمية الإقتصادية خاصة قطاع الطاقة في الدولة. فقد أدى ذلك باليابان إلى اتخاذ خطوات نشطة لضمان أمن الممر البحري من خطر الجرائم البحرية مثل القرصنة أو السرقة أو الإرهاب، والتي تشكل عامل رئيسي سيحدد ما إذا كان يمكن القيام بنشاط تجاري بشكل فعال أو العكس.
من جهة أخرى يعتبر مضيق ملقا أقرب الطرق الملائمة لجلب البضائع من الشرق الأوسط إلى اليابان بدال من استخدام بديلين عبر مضيق سوندا ومضيق لومبوك، فمضيق ملقا هو الخيار الأنسب للشركات التجارية اليابانية وذلك من أجل
- تقليل التكاليف ويوفر السفر عبر الزمن إذا اختارت شركات الشحن استخدام مضيق سوندا أو مضيق لومبوك، فيجب عليها إضافة 30 ينا لكل كيلومتر للسفر، أو2 مليار دولار أمريكي إضافة إلى وقت السفر مدة أسبوعين من استخدام ناقلات؛
- يعد مضيق سوندا أيضا أن يشكل خطرا على سلامة السفن خاصة السفن الكبيرة.[35]
تقدم اليابان المساعدة للدول المجاورة لمضيق ملقا في مراحل مختلفة، مما أدى في النهاية إلى تشكيل مجلس مضيق ملقا، والغرض من هذا المجلس هو تعزيز سياسات إدارة المضيق. علاوة على ذلك تشارك العديد من الوكالات اليابانية بنشاط في تعزيز أهداف المجلس خاصة المسائل المتعلقة بالأمن البحري في مضيق ملقا، حيث توصلت الحكومة اليابانية منذ ماي 2000 إلى عقد اتفاقية مع سنغافورة لاستخدام القاعدة البحرية، كما طالبت دول جنوب شرق أسيا بإجراء تعاون للقيام بمناورات عسكرية مشتركة في المضيق.[36]
مضيق تايوان وإشكالية العبور
يغطي مضيق تايوان المعروف أيضا باسم مضيق فورموزا، مساحة 180 كيلومترا مربعا ويربط المضيق بين البر الرئيسي للصين وتايوان ويشمل جزء من بحر الصين الجنوبي ويتصل ببحر الصين الشرقي في المنطقة الشمالية الشرقية، أصغر جزء من المضيق يمثل131 كم.[37]
(3) خريطة مضيق تايوان
المصدر: https://www.marefa.org/%D9%85%D8%B6%D9%8A%D9%82
وقد شهد المضيق العديد من الصراعات بين الصين وتايوان منذ أربعينيات من القرن الماضي، تزامنا مع انتهاء الحرب الأهلية الصينية عام 1949، وتعتبر حكومة الصين أن تايوان جزء لا يتجزأ من أراضيها، أما تايوان فتتمسك باستقلالها وبحكمها الذاتي.[38]
مضيق تايوان يحتل مركز أساسي في الإستراتيجية الأمريكية نظرا لموقعه الاستراتيجي بين بحر الصين الجنوبي والبحر الشرقي بالإضافة الى أنه يعمل كطريق حاسم للشحن البحري للموارد خاصة النفط إلى دول المنطقة في حين تحتفظ الولايات المتحدة بعلاقة عسكرية قوية مع تايوان، والتي تعمل أيضا كمنصة للعمليات العسكرية ضد الصين وتحمي أمن طاقتها الجيش التايواني مجهز للسيطرة على المضيق فهو مسلح جيدا ومحصن لحماية مصالحه الحيوية، بالإضافة الى أن سنغافورة أيضا حليف وثيق للولايات المتحدة وقد استثمرت في التسلح العسكري الثقيل لتلعب دورا حيويا في حالة حدوث مواجهة بين الولايات المتحدة والصين.
لدى كل من تايوان وسنغافورة برامج طارئة لإعتراض ناقلات النفط التي تهدف إلى وقف إمدادات الطاقة الصينية في حالة حدوث تصادم، فالولايات المتحدة تعمد بشكل كبير على قاعدتها في غوام وخط اليابان وأستراليا للحفاظ على السيطرة على المضيق.[39]
تمثل تايوان مركزا للإمداد والخدمات اللوجستية عبر مضيق تايوان يربط بحر الصين الشمالي بشمال شرق آسيا وبحر الصين الجنوبي بجنوب شرق آسيا ، فضلا عن حرب عسكرية مع الصين وكوريا الشمالية.[40]
واستمر الموقف الأمريكي القائم على التواجد البحري في مضيق تايوان وتحذير الصين من اتخاذ أي إجراء من جانب واحد تجاه تايوان، أين قامت باستعراض كبير للقوة مدعمة ذلك بإرسال إدارة “بيل كلينتون” 1996 حاملتي طائرات من نوع يوإس إسإندبندسUSS Independence إلى مياه شرق آسيا منطلقة من اليابان إلى المياه المجاورة لتايوان.[41]
فأهمية الممرات البحرية تساعد على بناء استراتجيات الشاملة في كافة المجالات، فالمضيق يحتل أهمية كبيرة بسبب كثافة حركة السفن التي تحمل المواد الهيدروكربونية كالنفط من الخليج العربي الى دول شرق وجنوب شرق أسيا، فالصين تسعى لحماية المضيق بتحجيم وتطويق القوى الأخرى التي تتواجد بالمنطقة.[42]
المحور الثالث: النزاع الصيني الياباني حول بحر الصين الشرقي جزر دياويو
تعرف منطقة بحر الصين الشرقي عدة نزاعات بين أطراف دول المنطقة حول الثروة والنفوذ، لكن لعل أهمها النزاع الصيني الياباني الذي يرتبط بعوامل جيوسياسية هامة والتي تؤثر في عملية الأمن الإقليمي بالمنطقة بتبعات دولية.
تجدر الإشارة أن الجزر المتنازع عليها هي مجموعة ثماني جزر صخرية غير مأهولة أكبرها تبلغ مساحتها 4 كيلومترات مربعة وتقع بين 76 ميلا بحريا من ساحل تايوان، وحوالي 92 ميلا بحريا من ساحل اليابان، وحوالي 100 ميل بحري من ساحل الصين القارية.[43]
تمتاز المنطقة بغناها كمنطقة صيد ويتوقع أن تكون موطنا للمخزونات النفطية والغازية، بالإضافة الى موقعها الاستراتجي على مشارف طرق النقل البحري في بحر الصين الشرقي.[44]
يعود الصراع الصيني الياباني إلى ما قبل الحرب العالمية الأولى والسبب في ذلك هو أن اليابان هي أكبر دولة من حيث عدد السكان، خاصة بعد أن اكتسبت المستعمرات الألمانية في الشرق الأقصى واحتلت اليابان جزءا كبيرا من الصين في عهد تشيانج كاي شيك مما تسبب في حرب أهلية، وفي الوقت نفسه شنت اليابان حربا اقتصادية في منشوريا وحاولت احتلالها.[45]
بالعودة الى مسببات الخلاف بين الدولتين على كثير من النقاط من بينها أسماء هذه الجز حيث أطلقت عليها الصين اسم “دياويو داو” التي تعني “جزيرة الصيد”، وتطلق عليها اليابان اسم “جزر سينكاكو”. يقول الصينيون إنهم كانوا أول من اكتشفها وأطلقوا عليها اسما واستخدموه في صيد الأسماك، وظلت داخل الدفاعات البحرية الصينية منذ ذلك الحين بعد جزيرة تايوان عبر أسرة مينج 1368–1644، ومع هزيمة الصين في الحرب الصينية اليابانية الأولى في سنة 1895 على سلالة تشينغ التي كانت تحكم الصين في ذلك الوقت أجبروا على التوقيع على*معاهدة شيمونوسيكي” ونبذوا التنازل عن جزيرة تايوان والجزر التابعة لها (بما في ذلك جزر دياويو) لليابان. ظلت كذلك حتى نهاية الحرب العالمية الثانية عندما استسلمت اليابان دون قيد أو شرط وعادت الجزر إلى الصين وفقا لإعلاني القاهرة وبوتسدام.[46]
- خريطة الجزر المتنازع عليها
المصدر: https://sabq.org/world/%D8%A8%D8%B3%D8%A8%D8%A8
كانت الصين في ذلك الوقت تمر بحرب أهلية مريرة بين الشيوعيين والوطنيين الذين فروا إلى جزيرة تايوان (فورموزا)، حيث أعلنوا ما يسمى ب: “جمهورية الصين، وسرعان ما وقعت الولايات المتحدة اتفاقية سان فرانسيسكو مع اليابان في سنة 1951، وحصلت على الحق في إنشاء إدارة مدنية في جزيرة أوكيناوا اليابانية والتي كانت جزر دياويو ملحقة بها واستمر هذا حتى1971 عندما قررت واشنطن إعادة أوكيناوا ومنشآتها الملحقة من الجزر إلى اليابان.
وهنا قامت تايوان أو الحكومة كما كانت تعرف بـ “جمهورية الصين” بالتعجيل بتسجيل اعتراضها وأعلنت حقها في السيادة على هذه الجزر، واتخذت الحكومة الصينية في بكين خطوات مماثلة في حين تجاهلت واشنطن الاحتجاجين وأصر على تسليم الجزيرة إلى طوكيو في 15ماي 1972.[47]
وبهذا القرار دخلت الصين في نزاع حول سيادة الجزيرة مع اليابان، وعلى الرغم من وجود عدد قليل من الدول التي تدعي السيادة على بحر الصين الشرقي، وقد حظي بحر الصين الشرقي باهتمام دولي أكبر من اهتمام بحر الصين الجنوبي، واكتسبت الجزر الثلاث والصخور البحرية في بحر الصين الشرقي حالة معقدة مماثلة لبحر الصين الجنوبي.[48]
على الرغم من تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين طوكيو وبكين سنة 1972 على أساس تأجيل القضايا الخلافية، إلا أن قضية الجزر تظل مصدر قلق كبير للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين من جهة، ومن جهة أخرى تمثل خطر العلاقات الدبلوماسية ضد تايوان.
وفي سنة 2011 وقعت هناك أزمة دبلوماسية خطيرة بين اليابان والصين حيث اقتربت قوارب صيد صينية قبالة جزر دياويو، بإذن من وزارة الخارجية الصينية، حيث احتجت اليابان بشدة على احتجاز قوارب الصيد الصينية على متنها 23 فردا بالإضافة إلى زعيمها، وسادت موجة من السخط الشعبي التي نظمها أكثر من 40 محتجا صينيا بالقرب من السفارة اليابانية في بكين، وتم احتجاز السفينة، ليتم بعدها إطلاق سراح 11 من أفراد الطاقم في وقت لاحق باستثناء القبطان، بينما تحتجز الصين يابانيا واحدا بحجة اتهامه بدخول المناطق العسكرية الصينية دون إذن وتصوير لأهداف عسكرية الفيديو وبشكل غير قانوني.[49]
منذ سنة 2012 عملت الصين على تطوير قدراتها المختلفة للقيام بعمليات في *المنطقة الرمادية، التي شملت الميليشيات البحرية للقوات المسلحة الشعبية والعمليات المعلوماتية الإليكترونية والفضائية وقد تمكنت الصين من تطويرها بشكل متزايد بفضل التقنيات الناشئة والذكاء الاصطناعي والخوارزميات وتحليلات البيانات الضخمة. وذلك من أجل تحقيق أهدافها في المنطقة الرمادية وتأكيد سيطرتها الإدارية على الأراضي البحرية المتنازع عليها، والتحكم في الوصول إلى موارد الطاقة والصيد، والتأثير على القواعد والمعايير الإقليمية بشأن المطالبات الإقليمية والتأكيد مزاعم سيطرتها على بحر الصين الشرقي.[50]
وفي سبتمبر2013 شهدت الصين احتجاجات كبيرة شملت مدنا عدة واستهدف المتظاهرون العديد من الشركات اليابانية، بسبب حلول ذكرى حادث “موكدن”18 سبتمبر 1931، وقد طفت قضية زيارة ضريح “ياسوكوني” إلى السطح مرة أخرى، في حين ذكرت تقارير صينية أن “شينزو آبي” عبّر لوسائل إعلام محلية عن أسفه الشديد لعدم زيارته الضريح خلال فترة حكمه السابقة. وفي حالة قيام “آبي” بالزيارة فإن العلاقات الثنائية ستعرف تدهورا أشد.[51]
هذا الصراع يفتح الباب على مصراعيه لتبني الصين إستراتيجية جديدة من خلال البحث عن ذريعة قانونية دولية ومبررات تمنح الصين الحق في اللجوء إلى أساليب أخرى لاستعادة الجزر بحسب المادة 107 من ميثاق الأمم المتحدة لبعض الدول بالتنازل عن نصيبها فالدولة خسرت الحرب احتلت جزءا من الأرض وتحاول استعادتها بكل قوتها.[52]
وفي سنة 2015 أصدرت اللجنة العسكرية المركزية الصينية إرشادات ركزت فيها بشكل كبيرا على تنمية القدرات العسكرية البحرية وخوض حروب المعلوماتية.[53]
وفي نفس السنة أعلنت الولايات المتحدة واليابان قرارهما بإصدار إرشادات جديدة التعاون الدفاعي إدراكا لأهمية التعاون لمواجهة تهديدات التحالف الأمريكي الياباني، وذلك من خلال التركيز التحالف في الفضاء الإلكتروني والفضاء الخارجي، لضمان وجود استجابة”سلسة “الإجراءات الخصوم الموضوعة لاستهداف الفجوات في الانتقال من أوقات السلم إلى الصراعات المسلحة.[54]
وقد نشرت وزارة الدفاع اليابانية تقرير سنة 2020 حول تقديم البيئة الأمنية المحيطة باليابان والنشاطات المتزايدة من قبل الصين لاقتحام المجال الجوي البحري الياباني في بحر الصين الشرقي وقد أكدت الولايات المتحدة الأمريكية توجهاتها في المنطقة في القمة الأخيرة التي شارك فيها الرئيس جو بايدن في أفريل 2021 ووزير مجلس الوزراء الياباني يوشيهيدي سوجا حيث اتفق الطرفين على إنشاء معاهدة التعاون الأمني بين البلدين والتي تنطبق على جميع الأراضي التي تسيطر عليها اليابان، بما في ذلك جزر سينكاكو حيث يبدو أن هذا التأكيد كردع للهجمات الصينية التقليدية في بحر الصين الشرقي بشكل فعال على الأقل في الوقت الحالي ومع ذلك تستمر عمليات المنطقة الرمادية في الصين بشكل متزايد.[55] نظرا لأهمية منطقتي بحر الصين الجنوبي وبحر الصين الشرقي، يتسم الصراع بما يلي:
- ادعاء المتنازع على موقع ثابت في امتلاك حق ممارسة السيادة على الجزر، لم يتم تضمينه في المنطقة الاقتصادية الخالصة، ناهيك عن الدور أمريكي الواضح لمساعدة أطراف الصراع ودفعهم نحو تصعيد الصراع مع الصين حفاظا على التحالف الاستراتيجي في المنطقة.
- بيان لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون يقول إن واشنطن تسعى لحل الخلافات وفق قواعد القانون الدولي أي بما أن تايوان دولة مستقلة وليست جزءا من الصين، فلا خيار أمامها الحق في ممارسة السيادة والمطالبة بجزر دياويو. وهذا يجعل الجزر المتنازع عليها منطقة اقتصادية.[56]
1/ أطراف النزاع على ملكية الجزر المتنازع عليها:
أعلنت الصين أن تهديد اليابان باللجوء إلى محكمة العدل الدولية هو طلب غير مرغوب فيه، حيث تشكو اليابان من تنقيب الصين عن الغاز الطبيعي والنفط في بحر الصين الشرقي بالقرب من جزيرة أوكيناوا في منطقة قد تحتوي على 200 مليار طن من الغاز و 25 مليار طن من النفط، فالصين تصرعلى أن الجرف القاري هو حدودها الإقليمية مما يضعها على حافة جزيرة أوكيناوا، بينما تصر اليابان على أن الحدود الإقليمية يجب أن تحترم المسافة البحرية بين البلدين.[57]
أ/ ححج الصين على جزر دياويو:
تنطلق الصين من حجج مختلفة للدعاء في حقها في ممارسة السيادة على الجزيرة واعتبارها جزءا لا يتجزأ من أراضيها.
1/ الحجة القانونية: طبقا لقانون البحار سنة 1982، وبما أن تايوان جزء من البر الصيني فأن جزيرة دياويو جزء من الصين وذلك بحكم المسافة بين الجزيرة وتايوان البالغة 92 ميل بحري وبالتالي تمثل الجزيرة وما بعدها لمسافة 200 ميل بحري ضمن المنطقة الإقتصادية الصينية.
2/ حجة تايوان جزء من البر الصيني: تصر الصين على اعتبار تايوان جزء من أراضيها حيث تسعى إلى تأكيد ذلك في المحافل الدولية، واعتباره المعيار الأساسي في إقامة أية علاقات دبلوماسية مع الدول الأخرى، ومن هذا المنطلق فأن جزيرة دياويو تعد صينية بدون جدل بسبب أن تايوان صينية.
3/الحجة التاريخية: جاء في بيان القاهرة الذي أصدرته الصين والولايات المتحدة وبريطانيا في ديسمبر 1943 أنه يجب على اليابان أن تعيد الى الصين أراضيها المحتلة ومن بينها شمال شرقي الصين وتايوان وجزر بنغهو، حيث أعلنت اليابان قبولها لبيان بوتسدام والاستسلام بدون شرط لسنة 1945.[58]
فالصين تخشى أن تقيم اليابان نظم استطلاع جوية وبحرية في المنطقة وفي مناطق صينية مثل “وينزهو” و”نينغ بو” تحت المراقبة المباشرة لليابانيين، ويرى الصينيون في هذا تهديدا أمنيا وعسكريا خطيرا، أضف إلى ذلك فإن القوات المسلحة الصينية والعناصر المرتبطة بها تهدف لتعزيز قوة الصين الناعمة ومكانتها في المنطقة الرمادية باستخدام الفضاء الخارجي للأغراض السلمية فقط لتقويض القيود التي يفرضها الكونغرس الأمريكي على التعاون الفضائي مع برنامج الفضاء وأسلحة التدابير المضادة التي يديرها الجيش الصيني أثناء استعراض جيش التحرير الشعبي الصيني..[59]
وقد استخدمت الصين الأقمار الصناعية المضادة للمراقبة الأمريكية في المنطقة حيث تعتمد على قدرات القيادة والسيطرة، أضف إلى ذلك أنظمة الاستخبارات فطبيعة الفضاء الغامضة ساهمت في تنمية قدرات الصين السيبرانية والفضائية، ومن المرجح أن تمارس ضغط المواجهة الباردة في المنطقة الرمادية بهدف إضعاف أو إبطال صلاحية أي أصول فضائية أمريكية أو يابانية بطريقة سلبية؛ على مدى فترة زمنية قصيرة أو طويلة.[60]
ب/ حجج اليابان حول حق السيادة على جزر دياويو
1/ الحجة القانوني: بما أن جزيرة أوكيناوا جزء من جزر اليابان فأن جزر دياويو تمثل منطقة اقتصادية خالصة بحكم المسافة بين أرخبيل وجزيرة أوكيناوا اليابانية التي تتعدى مسافتها 200 ميل بحري وانطلاقا مما تقدم فأن كل الطرفان يدعيان حق امتلك السيادة على هذه الجزر بسبب المتغير الطاقوي حيث أكدت العديد من التقارير إلى غنى هذه المنطقة بالنفط والغاز الطبيعي.
علاوة على ذلك فإن اليابان تقع ضمن تلك الجزر على طول خطوط الاتصالات البحرية اليابانية، أما من الناحية الأمنية تعتبرها اليابان ذات قيمة إستراتيجية دفاعية، لتمنع الصين من الوصول إليها وذلك من خلال وضع أنظمة المراقبة والاستطلاع البحرية بالقرب من الأرخبيل الياباني والسيطرة على الجزر.
وتجدر الإشارة أن اليابان تولي اهتماما كبيرا في كيفية الكشف عن تكتيكات واستراتيجيات الصين في فرض ضغوط الصراع في المنطقة الرمادية في مختلف المجالات، لاسيما في مجال البحر والفضاء الإلكتروني والفضاء الخارجي.[61]
ثالثا: مواقف القوى الإقليمية والدولية من النزاع الصيني الياباني حول جزر دياويو وسينكاكو
نتيجة النزاع على بحر الصين الشرقي وأهميته لدى لدول المنطقة، أدى الى تباين المواقف الإقليمية والدولية من النزاع للاعتبارات أمنية واقتصادية ومحاولة محاصرة القوى المنافسة في المنطقة.
1/ موقف الدول المتنازعة:
استبعدت اليابان تقديم أي تنازلات بشأن الجزر المتنازع عليها مع الصين، وأكدت أنها صاحبة السيادة عليها بالفعل، وذلك ردا على اعتبار بكين أن هذه الجزر أرض صينية مقدسة منذ العصور القديمة. إن جزر سينكاكو جزء أصيل من أرض بلاده على ضوء التاريخ وأيضا بموجب القانون الدولي، في إشارة إلى الجزر الصغيرة التي تعرف في الصين باسم دياويو والتي يدور بشأنها نزاع بين أكبر بلدين اقتصاديين في آسيا.
علاوة على أنه لا يمكن أن يكون هناك أي حل وسط يمثل تراجعا عن هذا الموقف، مشيرا إلى أن تايوان أيضا تطالب بالجزر التي من المعتقد أنها توجد في مياه غنية بمكامن للغاز الطبيعي والتي تديرها اليابان منذ 1895. فالعلاقات بين البلدين تشهد حالة من التوتر دائم ومن ابرز محطات احتدامه ما حدث بعد شراء الحكومة المركزية اليابانية مجموعة من الجزر في بحر الصين الشرقي التي تعرف في اليابان باسم سينكاكو وفي الصين باسم دياويو فالجزر من عائلة يابانية، الأمر الذي أثار احتجاجات في الصين. أما اليابان فتقول إن شراء الجزر يهدف إلى تفادي محاولة “أكثر استفزازية.[62]
في حين تؤكد الحكومة الصينية على ان جزر دياويو جزء لا يتجزأ من الأراضي الصينية بسيادة أمر لا جدال فيه على جزر دياويو، وأن هذا الموقف الصين يدعم بأدلة تاريخية وقانونية عديدة. وأنه يجب حل النزاعات بين البلدين من خلال التفاوض والتشاور.[63]
وقد دعت وزارة الدفاع الصينية الولايات المتحدة إلى عدم دعم اليابان وتأييد تصرفاتها ضمن منطقة بحر الصين الشرقي. فتوتر العلاقات بين أكبر اقتصادين في العالم مؤخرا بسبب الجزر المتنازع عليها غير المأهولة التي تحكمها اليابان والتي تعرف باسم “جزر سينكاكو” لليابان و “جزر دياويو” للصين. وقد أعلنت وزارة الخارجية الصينية عن استيائها من بيان اليابان بشأن “الأنشطة البحرية والجوية العادية” لليابان وشددت على أن بكين ستفعل ما هو ضروري لضمان السيادة على الجزيرة.[64]
ب/ المواقف الدولية ( التحالف الدولي الياباني الأمريكي)
شكل التعاون بين دول منطقة شرق آسيا أهمية خاصة على إعتبار أن النزاع على جزر سينكاكو في بحر الصين الشرقي يشكل خطرا محتملا إذا ما لم يتم التعامل معه بشكل صحيح، ليس من الجيد تغير التحالفات التي هي حجر الزاوية لضمان الاستقرار الإقليمي.
فإن الدفاع عن جزر سينكاكو في حالة وقوع هجوم مسلح أمرًا بالغ الأهمية لردع العدوان، خاصة أن الصين تطورت مجالاتها التقليدية والبحرية والفضاء الإلكتروني في المنطقة، حيث تنوي الصين استخدام العديد من الاستراتيجيات المحسوبة لكل اليابان والولايات المتحدة عن تنفيذ المعاهدة الأمنية، حيث كان السؤال الكبير التالي هو كيف سيتعامل الحلفاء بفعالية مع عمليات المنطقة الرمادية هذه.
في حين يواجه التحالف الياباني الأمريكي عدة تحديات في التصدي لسيطرة الصين على بحر الصين الشرقي فعلى الرغم من إبرام معاهدة الأمنية بين اليابان والولايات المتحدة الأمريكية، على وجه الخصوص فهي غير كافية للتصدي للعمليات التي تقوم بها الصين في المنطقة، لأنها تمثل على عقبة أمام سيطرة الصين على بحر الصين الشرقي، كما أنها تعرقل مطالبتها بحقها القانوني في مياه المحيطة بجزر سينكاكو.[65]
1/ القواعد العسكرية الأمريكية في أسيا والمحيط الهادي
منذ نهاية الحرب الباردة عمدت الولايات المتحدة على نشر القواعد والموانئ والمراكز اللوجستية، من أجل حماية مصالحها الحيوية، يمكن تقسيم القواعد العسكرية الأمريكية في غرب المحيط الهادئ إلى ثلاثة أنواع:
1/القواعد الإستراتيجية الرئيسية: لأغراض التمركز والتخزين، مثل قاعدة أندرسن الجوية في غوام وقاعدة كادينا الجوية في جزيرة أوكيناوا.
2/ القواعد العمليات الأمامية: تتمثل مهمتها في توفير الدعم والحماية للقواعد الإستراتيجية الرئيسية بعدد صغير من الأفراد والمعدات، مثل ميناء سينج فونج، فقاعدة سنغافورة هي قاعدة دعم لأساطيل الهند والمحيط الهادئ، وهي مقر لإدارة السفن القتالية الساحلية وكانت إحدى القواعد الجديدة التي تم إنشاؤها في سنة 1992 منشأة مهمة مخصصة لصيانة السفن البحرية تغطي مساحة 51 ميلا مربعا.[66]
3/ قواعد التعاون الأمني: وهي قواعد جوية وبحرية للحلفاء ومثل القواعد الأسترالية حتى تمكن الولايات المتحدة الأمريكية الوصول اليها واستخدامها في حالة الحرب.
4/ القواعد اليابانية: ذات أهمية قصوى للولايات المتحدة، وخاصة تلك الموجودة في أوكيناوا ويوكوسوكا وساسيبو، وكلها تقع ضمن النطاق التكتيكي نظرًا لقربها من البر الرئيسي للصين والمدن الرئيسية مثل شنغهاي وتشانغتشو وشيمن مدى القوة الجوية في قاعدة أوكيناوا. وتعد قاعدة أندرسون في غوام أهم موقع استراتيجي للقوات الأمريكية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ولديها القدرة على استيعاب عدد كبير من الطائرات ولديها أكبر ترسانة ومستودع، مما يجعلها أكبر قاعدة في المحيط. يبلغ حجمه 66 مليون جالون وهو أكبر مستودع وقود، ويستغرق رحلة حاملة الطائرات من غوام إلى تايوان.
تنقسم منطقة غرب المحيط الهادئ إلى منطقتين استراتيجيتين كخطين دفاع يجب منعهما من تجاوزهما من قبل الصين. لذلك فهو أول أرخبيل يضم شرق آسيا، بدءًا من سوسيبيو في اليابان، مرورا بجزر روكي وتايوان والفلبين في بحر الصين الشرقي وبحر الصين الجنوبي، إنه الأرخبيل الثاني الذي يبدأ في يوكوسوكا باليابان ويمر عبر جزر ماريان ويمتد جنوبا إلى جوام وجزر كارولين، وتعتبر هاتان الجبهتان ضمن المهمة الأساسية للبحرية الأمريكية من حيث أنهما الجبهة الدفاعية للولايات المتحدة أثناء العمليات العسكرية وجبهة الحصار للصين. في هذا الصدد تطورت الولايات المتحدة استراتيجيتين، إحداهما تتعلق بالتوازن العسكري مع الصين بتفوقها العسكري، وإدارة علاقات الحلفاء من أجل تعزير مصالحها خاصة مع الحلفاء اليابان الى أستراليا.[67]
2/ إستراتيجية إعادة التوازن في المنطقة:
أدركت إدارة الرئيس الأمريكي بارك أوباما الأهمية الاقتصادية المتزايدة لمنطقة أسيا والمحيط الهادي والتهديدات المحتملة للولايات المتحدة في المستقبل القريب، لهذا عمدت الولايات المتحدة على تعزيز وجودها بالمنطقة بإقامة علاقات تجارية مع دول المنطقة.
فأن الاستراتيجية الأمريكية الجديدة جاءت نتيجة الإدراك الأمريكي بتغير البيئة الدولية والمشهد الجيوبولتيكي في منطقة المحيط الهادي والهندي، وتعد الاستراتجية من النسخ الحديث والأكثر نشاط للاستراتيجيات التي تقوم على تمرير المسؤولية، حيث تتجنب الولايات المتحدة التدخل المباشر لمواجهة التهديدات وتلقي المسؤولية في الموازنة والمواجهة العسكرية الى قوات الحلفاء الإقليميين، باعتبارهم أصحاب المصلحة الأكبر في تحقيق التوازن مع إمكانية تقديم الدعم اللوجستيكي لهؤلاء الحلفاء والتدخل فقط عند الضرورة، فالولايات المتحدة عمدت على استخدام القوة الذكية بدل القوة العسكرية.[68]
ومن الدول الأكثر استجابة للاستراتيجية الأمنية الأمريكية في المنطقة هي اليابان أستراليا، كوريا الجنوبية. حيث تعبر اليابان ركيزة أساسية في الاستراتجية الأمريكية في المنطقة نتيجة الروابط العسكرية والاهتمام المشترك حول الإصرار الصيني في النزاعات الإقليمية خاصة في بجر الصين الشرقي، لهذا أبدت اهتماما بالغا بالمحتويات الأمريكية في السنوات الأخيرة.
أما أستراليا أيدت المشروع الأمريكي في منطقة جنوب شرق أسيا معتبرة إياه إستراتيجية إعادة التوازن وحجر الزاوية للسياسية الدفاعية الاسترالية، كما أنها أظهرت للاستطلاعات الرأي العام الأسترالي المستجيب للاستراتيجية، حيث قدرت نسبة الاستجابة ب: 87 بالمائة لسنة 2012. أما كوريا الجنوبية عبرت عن دعمها للاستراتيجية الأمريكية، لكن تعقد الوضع بتوسيع علاقتها السياسية والاقتصادية مع الصين، ولهذا سعت على تجنب إثارة غضب الصين مع الحفاظ على التوازن الأمريكي لردع التهديدات كوريا الشمالية.[69]
خاتمة:
أن دراسة منطقة بحر الصين الشرقي من منظور جغرافي لما تحتويه من سلسلة موارد النفطية وكذا الثروة السمكية ومنطقة عبور التجارة الدولية جعل منها رهان أمني بين الدول الإقليمية، بالإضافة إلى الإرث الثقافي التي يميزها عن باقي دول العالم.
يشكل بحر الصين الشرقي مكونا جيوبوليتيكي هاما وفي منطقة أسيا والمحيط الهادي بالنظر إلى موقعها الإستراتيجي المسيطر على أهم الطرق التجارية وكذا دخول الدول المطلة على البحر في نزاعات مقعدة وغير منتهية. فمنطقة بحر الصين الشرقي لها بعد استراتيجي مهم ليس فقط للصين واليابان ولكن أيضا للولايات المتحدة لعدة أسباب أهمها إنتقال السلطة في الصين من الجيل الرابع إلى الجيل الخامس، بالإضافة إلى تحولها مركز الثقل الاقتصادي العالمي نحو شرق آسيا.
لكن الخلاف الذي جمع بين البلدين لفترة طويلة، رغم التقارب الحضاري الاقتصادي المتشابك بين البلدين يجعل من المتحمل تصعيد النزاع لمستوى اعمق ما عليه الآن بسبب تمسك كل من الطرفين بموقفهم من الأحق بالسيادة والسلطة على جزر دياويو و أكيناوا من أجل تعزيز مكانتهم بالمنطقة والسيطرة على المضائق البحرية بها.
النتائج والتوصيات:
بعد حوصلة وفرز نتائج الدراسة وإخضاع متغيرات الدراسة للبحث والتحليل لخصت هذه الدراسة إلى مجموعة من النتائج التي سبق الإشارة إليها موضوعيا سوف نعيد عرض أهمها بشكل موجز فيما يلي:
1/ تركز استراتيجية الصين تجاه منطقة بحر الصين الشرقي على مدى قدرتها على تحقيق أقصى قدر من المكاسب الاقتصادية والجيوسياسية ضد منافسيها البحريين.
2/ يشكل بحر الصين الشرقي خط المواجهة ضد العدو التاريخي للصين اليابان ومجموعة من الجزر في بحر الصين الشرقي، والصراع هو امتداد للنزاعات التاريخية والاستراتيجيات الدفاعية للبلدين، والإقليمية
3/ الصين كقوة إقليمية تحاول توسيع نفوذها في المناطق الجيوسياسية الأكثر أهمية لها وللقارة الآسيوية، بالاعتماد على حل النزاعات الحدودية المشتعلة بين دول الجوار للحصول على موطئ قدم في بحر الصين الشرقي ومضيق تايوان.
4/ أن الصين قادرة على تحويل معتقداتها الجيوسياسية إلى واقع على الأرض من خلال فرض منطق توسعي على هذه الجزر والحصول على أكبر قدر ممكن من الثروة.
5/ تحاول الولايات المتحدة تفعيل التحالف مع دول المنطقة خاصة اليابان من أجل مراقبة تحركات الصين وكذا السيطرة على الممرات البحرية من خلال تواجدها العسكري على أراضي دول المنطقة.
قائمة المراجع:
1/الكتب:
- جاسم محمد الجنابي، صباح. أثر المتغير الجيوبوليتكي في السياسة الخارجية الصينية تجاه تايوان. برلين: المركز الديمقراطي العربي. 2001.
- جوناثان جرينرت .المياه المعكرة في بحر الصين الشرقي عمليات المنطقة الرمادية الصينية والتنسيق داخل التحالف بين الولايات المتحدة واليابان. تر: حسن سالم . د ب ن:المركزالوطني للأبحاث الأسيوية.2021.
- حجازي محمد، محمد. الجغرافيا السياسية. القاهرة: كلية الآداب . 1997.
- خشيب، بلال. عالم الأفكار والتعاقب الحضاري : دراسة نماذج الحضارة اليابانية الصينية والإسلامية من منظور فلسفة التاريخ. د ب ن: مركز ادراك للدراسات والاستثمارات. 2017.
- درويش، فوزي. الشرق الأقصى اليابان والصين، ط 3. د ب ن: د د ن،1998.
- سكوتدبلي وهارولد وأخرون. التحالف الأمريكي الياباني ومواجهة ضغوطات التحالف الأمريكي الياباني ومواجهة ضغوطات النزاع البارد (المنطقة الرمادية) في مجالات البحر والفضاء الإلكتروني والفضاء الخارجي. كاليفورنيا: مؤسسة راند، 2017.
- سلطان، جاسم. الجغرافيا والحلم العربي القادم جيوبوليتيك عندما تتحدث الجغرافيا. بيروت: دار تمكين للأبحاث والنشر. 2013.
- محمد العيسوي، فايز. الجغرافيا السياسية المعاصرة. الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية. د س ن.
- محمد رياض. الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا. القاهرة : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة.2012.
2/ المقالات:
- أسامة عمر و خليل فادي.” الاستجابة اليابانية لسياسة الصين الحازمة في بحر الصين الشرقي في ظل حالة اللايقين”. مجلة الأستاذ للعلوم الإنسانية والاجتماعية04 (2022).
- إسماعيل إبراهيم، ماهر.” المصالح الدولية في بحر الصين الجنوبي دراسة في الجغرافية السياسية. مجلة الدراسات الأكاديمية 04 (2020).
- بردان، باهر. “العلاقات الصينية اليابانية بين الثوابت السياسية والمتغيرات الاقتصادية”. مجلة دراسات دولية 57(د س ن).
- بوزراع منى و منصر جمال. “تحديات القرصنة البحرية وتأثيراتها على أمن الملاحة البحرية في مضيق ملقا”. مجلة الفكر القانوني والسياسي01(2022).
- دندن، عبد القادر.” مكانة بحر الصين الشرقي والجنوبي في الاستراتجية الصينية لمنطقة أسيا المحيط الهادي”. مجلة قضايا أسيوية01( 2019).
- قصعة، حورية.” البعد الجيوبوليتكي لمضيق ملقا ضمن استراتجيات القوى الإقليمية والدولية مبادرة حزام الطريق نموذجا”. مجلة حوليات قالمة للعلوم الاجتماعية والإنسانية02(2021).
- كلاع، شريفة. “المنظور لاستراتيجي الصيني اتجاه قضية تايوان”. مجلة دراسات الدفاع والاستشراق17(2020).
- مال الله قاسم، مشتاق.” موقف روسيا من التدخل الياباني في الصين”. مجلة دراسات ايرانية15(2012).
- مردان، باهر.” العلاقات الصينية اليابانية بين المتغيرات السياسية والثوابت الاقتصادية “.مجلة دراسات دولية 57( د س ن).
- منصر جمال و بوزراع منى. “نزاعات بحر الصين الجنوبي وتداعياتها على أمن الطاقة في مضيق ملقا”. مجلة أبحاث قانونية وسياسية 01 (2022).
3/ المذكرات:
- بلحربي، عومار.”الثقافة الكونفوشيوسية: دراسة في الأبعاد الثقافية للصعود الاستراتجي الصيني”. أطروحة دكتوراء: جامعة الجزائر03. 2018/2019.
- حذفاني، نجيم. “التنافس الجيواستراتجي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في منطقة أسيا باسيفيك”.أطروحة دكتوراء. جامعة الحاج لخضر. 2021/2022.
- دندن ،عبد القادر .”الاستراتجية الصينية لأمن الطاقة وتأثيرها على محيطها الإقليمي: أسيا الوسطى- جنوب أسيا- جنوب شرق أسيا”.أطروحة دكتوراء. جامعة الحاج لخضر باتنة. 2012/2013.
- زاهي عبد العزيز وآخرون.” الديانة حضارة في أسيا القديمة الصينية وبلاد فارس نموذجا من الألف قبل الميلاد إلى الفتح الإسلامي “. مذكرة ماستر. جامعة ابن خلدون،2021/2022.
- العلمي، فريدة.” إستراتيجية الصين الدولية في فترة نهاية الحرب الباردة : مقاربة من منظور الصعود السلمي” . أطروحة دكتوراء. جامعة الحاج لخضر.2019/2020
- فلاح، أمنية.”الإستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة في منطقة جنوب شرق أسيا”. أطروحة دكتوراء. جامعة الحاج لخضرباتنة.2020/2019.
- محمد أحمد طه، يسرا.” أثر الثقافة الكونفوشيوسية على السياسة الخارجية الصينية”. مذكرة ماجستير. جامعة القاهرة،2010.
4/ المحاضرات:
- جمال معتوق وسفيان بلمادي، جيوسياسية المضائق البحرية الاستراتجية وأمن إمدادات الطاقة مضيق ملقا وأثره على امن الطاقة الصيني نموذجا”، محاضرة ألقيت على طلبة السنة الثانية، قسم العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة البليدة، د س ن.
5/ الروابط الإلكترونية:
- شحرور، عزت. “الصين ونزاعات المحيط الهادئ.. الأسباب والمآلات”. أطلع عليه يوم27 أكتوبر،2024 https://studies.aljazeera.net/ar/reports/2012/10/201210191733518887.htm
- مخلوف، مريم.”إبستيمولوجيا علم الجيوبوليتيك أوالجيوسياسية”. اطلع عليه 14 أكتوبر، 2024 https://political- A8%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AA%D9
- المنصوري، عبد الرحمن.” الملفات الساخنة في العلاقات اليابانية والصينية”. أطلع عليه 03 نوفمبر، 2024 https://studies.aljazeera.net/ar/issues/2013/02/20132610105032411.ht
- الموسوعة الحرة. تاريخ الحضارة الاسيوية”. اطلع عليه يوم22 أكتوبر2024 https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%
- الموسوعة الحرة.” الصين تحذر أميركا بشأن جزر “دياويو”. أطلع عليه يوم 27 أكتوبر ،2024، https://www.skynewsarabia.com/world/436764-%D8%A7%D9%84%D8
- الموسوعة الحرة.” اليابان تستبعد التنازل عن الجزر”. أطلع عليه 26 أكتوبر ،2024،https://www.aljazeera.net/news/2012/9/27/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%
- الموسوعة الحرة.”معلومات عن الصين “.اطلع عليه يوم 25 أكتوبر،2024 https://arabic.cri.cn/1421/2013/11/06/82s165337.htm
6/ المراجع باللغة الأجنبية:
- History proves diaoyo islands » ; in Bejing review, septembre 1996,
- James J. Przystup, The U.S.-Japan Alliance: Review of the Guidelines for Defense Cooperation,Washington, D.C.: National.Defense University Press, Institute for Strategic Studies Strategic Perspectives, No. 18, March 2015 .
- Jane Perlez, “Calls Grow in China to Press Claim for Okinawa,” New York Times, June 13, 2013.
- Laurent Amelot, “la strategie chinoise du collier de perles”, O Terre, n°25-26, 2010.
- Laurent Amelot, “Le Dilemme de Malacca”, Outre-terre, n°25-26, 2010 Gopal Suri,” China’s 21st Century Maritime Silk Road old string with new pearls”. Vivekananda International Foundation,India,2010.
- Nathalie Eau, “les enjeux économiques et géostratégiques du détroit de Malacca” , N67, 2013.
- Rasha Suhail Mohamed Zaydan, « US-Chinese competition against the South China Sea(A study of geo-strategic dimensions) » Tikrit Journal For Political Sciences 20 (2020).
- Stanley B. Weeks , Charles A. Meconis, The Armed Forces Of The USA In The Asia-Pacific Region(Australia: Allen & Unwin Pty Ltd, 1999),
[1] – محمد حجازي محمد ، الجغرافيا السياسية ( القاهرة: كلية الآداب ، 1997)، 11.
[2] – نفس المرجع، 14.
[3] – فايز محمد العيسوي، الجغرافيا السياسية المعاصرة ( الإسكندرية: دار المعرفة الجامعية ، د س ن )، 18.
[5] – محمد رياض، الأصول العامة في الجغرافيا السياسية والجيوبوليتيكا(القاهرة : مؤسسة هنداوي للتعليم والثقافة ،2012)،15.
[6] – مريم مخلوف،”إبستيمولوجيا علم الجيوبوليتيك أوالجيوسياسية”، اطلع عليه 14 أكتوبر، 2024 https://political- A8%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%AA%D9%8A%D9%83
[7] – مشاور صيفي ، دور الجغرافيا السياسية في تكوين الدولة في منطقة الساحل الأفريقي، 06.
[8] – جاسم سلطان، الجغرافيا والحلم العربي القادم جيوبوليتيك عندما تتحدث الجغرافيا ( بيروت: دار تمكين للأبحاث والنشر، 2013)، 17.
[9] – عبد القادر دندن “الاستراتجية الصينية لأمن الطاقة وتأثيرها على محيطها الإقليمي: أسيا الوسطى- جنوب أسيا- جنوب شرق أسيا”( أطروحة دكتوراء، جامعة الحاج لخضر باتنة، 2012/2013)،294.
[10] – أمنية فلاح،”الإستراتيجية الأمنية الأمريكية الجديدة في منطقة جنوب شرق أسيا”( أطروحة دكتوراء، جامعة الحاج لخضرباتنة،2020/2019)،37.
[11] – فريدة العلمي،” إستراتيجية الصين الدولية في فترة نهاية الحرب الباردة : مقاربة من منظور الصعود السلمي” ( أطروحة دكتوراء، جامعة الحاج لخضر،2019/2020)،222.
[12] – عبد القادر دندن،” مكانة بحر الصين الشرقي والجنوبي في الاستراتجية الصينية لمنطقة أسيا المحيط الهادي”، مجلة قضايا أسيوية01( 2019): 05.
[13] – نجيم حذفاني، “التنافس الجيواستراتجي بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية في منطقة أسيا باسيفيك”(أطروحة دكتوراء، جامعة الحاج لخضر، 2021/2022)،120.
[14] – باهر مردان،” العلاقات الصينية اليابانية بين المتغيرات السياسية والثوابت الاقتصادية “،مجلة دراسات دولية 57( د س ن):08.
* أحجار الزركون: هي سيليكات الزركونيوم بحكم تشكيلها وطريقة تكوينها وتميز هذا الحجر شبه الكريم خصائص عديده تعطيه تميزًا يجعله متفردًا بين بقية الأحجار الكريمة, ذلك يمكن في سماته المرتبطة بعلم الأحجار الكريمة.
[15] – عمر أسامة وفادي خليل،” الاستجابة اليابانية لسياسة الصين الحازمة في بحر الصين الشرقي في ظل حالة اللايقين”، مجلة الأستاذ للعلوم الإنسانية والاجتماعية04 (2022):06.
[16] – ماهر إسماعيل إبراهيم،” المصالح الدولية في بحر الصين الجنوبي دراسة في الجغرافية السياسية، مجلة الدراسات الأكاديمية 04 (2020):10.
[17] – صباح جاسم محمد الجنابي، أثر المتغير الجيوبوليتكي في السياسة الخارجية الصينية تجاه تايوان(برلين: المركز الديمقراطي العربي، 2001)،71.
[18] – الموسوعة الحرة، تاريخ الحضارة الاسيوية”، اطلع عليه يوم22 أكتوبر2024 https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D
[19] – الموسوعة الحرة، تاريخ الحضارة الاسيوية”، اطلع عليه يوم 22أكتوبر،2024 ، https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8
[20] – بلال خشيب، عالم الأفكار والتعاقب الحضاري : دراسة نماذج الحضارة اليابانية الصينية والإسلامية من منظور فلسفة التاريخ( د ب ن: مركز ادراك للدراسات والاستثمارات، 2017)،21.
[21] – أمينة فلاح ، الاستراتجية الأمنية الأمريكية الجديدة، 38.
[22] – زاهي عبد العزيز وآخرون،” الديانة حضارة في أسيا القديمة الصينية وبلاد فارس نموذجا من الألف قبل الميلاد إلى الفتح الإسلامي “( مذكرة ماستر، جامعة ابن خلدون،2021/2022)،45.
[23] – يسرا محمد أحمد طه،” أثر الثقافة الكونفوشيوسية على السياسة الخارجية الصينية” ( مذكرة ماجستير، جامعة القاهرة،2010)66.
[24] – بلال خشيب، عالم الأفكار والتعاقب الحضاري، 23.
[25] – عومار بلحربي، “الثقافة الكونفوشيوسية: دراسة في الأبعاد الثقافية للصعود الاستراتجي الصيني”( أطروحة دكتوراء: جامعة الجزائر03،2018/2019)،62.
[26] – نفس المرجع .
[27] – منى بوزراع وجمال منصر، “تحديات القرصنة البحرية وتأثيراتها على أمن الملاحة البحرية في مضيق ملقا”، مجلة الفكر القانوني والسياسي01(2022):05.
[28] – حورية قصعة،” البعد الجيوبوليتكي لمضيق ملقا ضمن استراتجيات القوى الإقليمية والدولية مبادرة حزام الطريق نموذجا”، مجلة حوليات قالمة للعلوم الاجتماعية والإنسانية02(2021):04.
[29] – جمال معتوق وسفيان بلمادي، جيوسياسية المضائق البحرية الاستراتجية وأمن إمدادات الطاقة مضيق ملقا وأثره على امن الطاقة الصيني نموذجا”، محاضرة ألقيت على طلبة السنة الثانية، قسم العلوم الاجتماعية والإنسانية، جامعة البليدة، د س ن.
[30] – Nathalie Eau, “les enjeux économiques et géostratégiques du détroit de Malacca” , N67, 2013.125.
[31] – Laurent Amelot, “Le Dilemme de Malacca”, Outre-terre, n°25-26, 2010, p p250-253.
[32] – Gopal Suri,” China’s 21st Century Maritime Silk Road old string with new pearls”. Vivekananda International Foundation,India,2016,p 12.
[33] – Laurent Amelot, “la strategie chinoise du collier de perles”, Outre-Terre, n°25-26, 2010, p178-179.
[34] – جمال معتوق وسفيان بلمادي، جيوسياسية المضائق البحرية الاستراتجية وأمن إمدادات الطاقة
[35] – حورية قصعة، البعد الجيوبوليتكي لمضيق ملقا،09.
[36] – جمال منصر ومنى بوزراع، “نزاعات بحر الصين الجنوبي وتداعياتها على أمن الطاقة في مضيق ملقا”، مجلة أبحاث قانونية وسياسية 01 (2022):13.
[37]– الموسوعة الحرة،”معلومات عن الصين “، اطلع عليه يوم 25 أكتوبر،2024 https://arabic.cri.cn/1421/2013/11/06/82s165337.htm
[38] – أحمد جلال محمد عبده، أثر الأزمة التايوانية على التوازن الاستراتيجي، 15.
[39] – جمال معتوق وسفيان بلمادي، جيوسياسية المضائق البحرية الاستراتجية وأمن وإمدادات الطاقة.
[40] – وصفي محمد عقيل، الاستراتيجية الأمريكية اتجاه تايوان،26.
[41]– شريفة كلاع، “المنظور لاستراتيجي الصيني اتجاه قضية تايوان”، مجلة دراسات الدفاع والاستشراق17(2022):11.
[42] – Rasha Suhail Mohamed Zaydan, « US-Chinese competition against the South China Sea(A study of geo-strategic dimensions) » Tikrit Journal For Political Sciences 20 (2020) , 5.
[43] – عزت شحرور، “الصين ونزاعات المحيط الهادئ.. الأسباب والمآلات”، أطلع عليه يوم27 أكتوبر،2024 https://studies.aljazeera.net/ar/reports/2012/10/201210191733518887.htm
[44] – عبد القادر دندن، مكانة بحري الصين الجنوبي والشرقي في الاستراتجية الصينية، 08.
[45] – فوزي درويش، الشرق الأقصى اليابان والصين، ط 3( د ب ن: د د ن،1998)،152.
[46] – مشتاق مال الله قاسم،” موقف روسيا من التدخل الياباني في الصين”، مجلة دراسات ايرانية15(2012):17.
* معاهدة شيمونوسيكي:هي معاهدة غير عادلة وقعتها حكومة أسرة تشينغ مع الحكومة اليابانية في 17 أبريل 1895 في عهد الإمبراطور قوانغشوي لأسرة تشنغ في مدينة شيمونوسيكي اليابانية،
[47] – History proves diaoyo islands » ; in Bejing review, septembre 1996, P-10.
[48] – عبد القادر دندن، مكانة بحري الصين الجنوبي والشرقي في الاستراتجية الصينية،08 .
[49] – باهر بردان،”العلاقات الصينية اليابانية بين الثوابت السياسية والمتغيرات الاقتصادية”، مجلة دراسات دولية 57(د س ن): 05.
[50] – سكوتدبلي وهارولد وأخرون، التحالف الأمريكي الياباني ومواجهة ضغوطات التحالف الأمريكي الياباني ومواجهة ضغوطات النزاع البارد (المنطقة الرمادية( في مجالات البحر والفضاء الإلكتروني والفضاء الخارجي( كاليفورنيا: مؤسسة راند، 2017)، 15.
*المنطقة الرمادية: هي الساحة المتنازع عليها ما بين الدول وتكون ضمن الحروب المفتوحة كما أنها تظل أقل من عتبة هجوم يمكن أن يكون له رد عسكري تقليدي .
[51] – عبد الرحمن المنصوري، “الملفات الساخنة في العلاقات اليابانية الصينية.” أطلع عليه 03 نوفمبر، 2024 https://studies.aljazeera.net/ar/issues/2013/02/20132610105032411.html#:~:text=%D8%A
[52] – عزت شحرور، الصين ونزاعات المحيط الهادي الأسباب والمألات.
[53] – عمر أسامة وفادي خليل، الاستجابة اليابانية لسياسة الصين الحازمة،05.
[54]– James J. Przystup, The U.S.-Japan Alliance: Review of the Guidelines for Defense Cooperation,Washington, D.C.: National.Defense University Press, Institute for Strategic Studies Strategic Perspectives, No. 18, March 2015 .p 37.
[55] – جوناثان جرينرت، المياه المعكرة في بحر الصين الشرقي عمليات المنطقة الرمادية الصينية والتنسيق داخل التحالف بين الولايات المتحدة واليابان، تر: حسن سالم ( د ب ن:المركزالوطني للأبحاث الأسيوية،2021)، 05.
[56] – باهر بردان، العلاقات الصينية اليابانية بين الثوابت السياسية والمتغيرات، 12 .
[57] – باهر مردان، الصين و نزاعات بحر الصين الجنوبي والشرقي، 04 .
[58] – نفس المرجع، 07.
[59] – عبد الرحمن المنصوري،” الملفات الساخنة في العلاقات اليابانية والصينية”، أطلع عليه 03 نوفمبر، 2024 https://studies.aljazeera.net/ar/issues/2013/02/20132610105032411.html#:~:text=%D8%A
[60]– Jane Perlez, “Calls Grow in China to Press Claim for Okinawa,” New York Times, June 13, 2013.p26.
[61] – سكوتدبلي وهارولد وأخرون، التحالف الأمريكي الياباني ومواجهة ضغوطات النزاع ،13.
[62] – الموسوعة الحرة،” اليابان تستبعد التنازل عن الجزر”، أطلع عليه 26 أكتوبر ،2024،https://www.aljazeera.net/news/2012/9/27/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8%A7%
[63] – باهر بردان ، الصين ونزاعات بحر الصين الجنوبي والشرقي،06.
[64] – الموسوعة الحرة،” الصين تحذر أميركا بشأن جزر “دياويو”، أطلع عليه يوم 27 أكتوبر ،2024، https://www.skynewsarabia.com/world/436764-%D8%A7%D9%84%D8
[65] – جوناثان جرينرت، المياه العكرة في بحر الصين الشرقي ،08.
[66] – Stanley B. Weeks , Charles A. Meconis, The Armed Forces Of The USA In The Asia-Pacific Region(Australia: Allen & Unwin Pty Ltd, 1999), p.33.
[67] – أمنية فلاح، الاستراتجية الأمنية الأمريكية في منطقة جنوب شرق أسيا، 117.
[68] – أمنية فلاح، الاستراتجية الأمنية الأمريكية في منطقة جنوب شرق أسيا، 117.
[69] – نفس المرجع ، 185.