العمليات الفردية بعيدا عن “الإطار التنظيمي والفصائلي” تؤرق الأمن الإسرائيلي
لجأ فلسطينيون مؤخرا إلى تنفيذ عمليات فردية، ضد الإسرائيليين، في الضفة الغربية، والقدس، بعيدا عن “الإطار التنظيمي” و”الفصائلي”، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى زعزعة “الأمن الإسرائيلي”، وإطالة أمد “الأحداث الدائرة” بحسب ما يرى مراقبون فلسطينيون.
ولم تتبنَ أي جهة فلسطينية، “الهجمات” ضد الإسرائيليين، واكتفت الفصائل والقوى السياسية وأجنحتها المسلحة بإصدار بيانات التأييد والمباركة، والمطالبة بمواصلة “الحراك الشبابي”.
ويقول الخبير العسكري الفلسطيني واصف عريقات، إن الأعمال الفردية، تؤرق أمن إسرائيل وتربك “قادتها” سياسيا وميدانيا. ويضيف عريقات للأناضول أن تأثير الهجمات الفردية، البعيدة عن الإطار التنظيمي، والفصائلي، يختلف عن العمليات المنظمة.
ويتابع: “يصعب على أي جهاز مخابرات في العالم، أن يتنبأ بوقوع الهجوم الفردي، وتوقيت وطريقة تنفيذه، وهو ما من شأنه أن يربك إسرائيل أمنيا وعسكريا، ويجعلها عاجزة عن إيقاف هذه الهجمات”.
ويرى عريقات أن الأعمال الفردية، التي ينفذها فلسطينيون، قد تطيل أمد “هبة الضفة والقدس”. واستطرد قائلا: “ما دامت الأمور خارج نطاق سيطرة الفصائل والتنظيمات، وفي ظل غياب أي حل سياسي فنحن أمام أحداث طويلة”.
وبالإمكان السيطرة على الهجمات المنظمة من خلال اعتقال الخلايا والعناصر التابعة لأي فصيل مسلح، لكن الأمر يبدو مستحيلا مع “الأعمال الفردية” كما يقول عريقات.
وكشف جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، أن غالبية الفلسطينيين منفذي الهجمات ضد أهداف إسرائيلية، خلال الفترة الماضية، عملوا بشكل فردي، ولا ينتمون لتنظيمات فلسطينية، ولا توجد لديهم “سوابق أمنية”.
وقال “الشاباك” في تقرير تحليلي، أجراه على 60 من منفذي الهجمات، التي وقعت منذ بداية شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي، وحصلت الأناضول على نسخة منه، إن إسرائيل “تواجه موجة من الهجمات الفردية، يغلب عليها طابع الطعن”.
وقال التقرير:”الشبان المشاركون في الهجمات لديهم عدد من القواسم المشتركة، فهم غير مؤطرين سياسيا، ولا خطط لديهم للعمل، وإنما يريدون الاحتجاج”. وبحسب “الشاباك” فإن 67 % من الهجمات كانت “عمليات طعن”، (39 طعن و17 محاولة طعن).
وقال: “باقي الهجمات شملت 18 عملية إطلاق نار و4 عمليات دهس، و2 طعن وإطلاق نار، وهجوم واحد باستخدام أنبوبة غاز”.
وأضاف: “22% من الهجمات أدت إلى جروح طفيفة، و21% لم تؤدِ إلى أي إصابات، و17% من الهجمات أدت إلى جروح متوسطة، في حين أن باقي الإصابات كانت ما بين متوسطة وخطيرة”.
وتابع قائلا: “بشكل عام فإن نشاطات هؤلاء الشبان الفلسطينيين ليست منظمة، وإنما تأخذ طابع العفوية والشعبية”. وأفاد “الشاباك”، أن “الفلسطينيين نفذوا 620 هجوما ضد إسرائيليين خلال شهر أكتوبر/ تشرين أول الماضي”.
وقُتل وأصيب عشرات الفلسطينيين، أغلبهم فتية قاصرون، خلال تنفيذهم هجمات بالسكاكين ضد إسرائيليين، أسفرت أحيانًا عن مقتل بعضهم، والبعض الآخر تم اعتقاله.
ويرى عبد الستار قاسم، أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت، برام الله، وسط الضفة الغربية، أنّ عمليات “الطعن”، كشفت هشاشة الأمن الإسرائيلي وعجزه أمام هذا النوع من “الهجمات”.
ويتابع: “الجبهة الداخلية الإسرائيلية لا تحتمل هذه العمليات، أي شخص يريد أن يقوم بعملية ينفذها بمفرده، ومن الصعب منع وقوع مثل هذه الهجمات والتصدي لها”.
وكانت القناة العبرية الثانية، قد ذكرت في تقرير لها، أن سكان إسرائيل أصبحوا في حالة خوف مفزع من العمليات الفردية خاصة “عمليات الطعن”. وقالت القناة إن جميع البلديات الإسرائيلية قررت تمديد فترة الحراسة للمدراس والمؤسسات التعليمة بعد الواحدة والنصف ظهرا.
ووصفت العمليات الفردية، بأنها تماثل خطر الصواريخ، التي كانت تطلقها فصائل المقاومة على البلدات الإسرائيلية في الحرب الأخيرة على قطاع غزة.
ويرى قاسم، أن الحكومة الإسرائيلية تدفع ثمن ما وصفه بـ”جرائمها” وانتهاكاتها المستمرة بحق الفلسطينيين خاصة في مدينة القدس.
وستبقى إسرائيل تعاني من العمليات الفردية، ويفقد مواطنوها الإحساس بالأمن كما يقول قاسم، مستدركا:” الشعب الفلسطيني انتفض رفضا للجرائم اليومية، وهؤلاء الشبان لن يستطيع أحد أن يمنعهم، وعلى إسرائيل أن تدرك أنه لكل فعل ردة فعل”.
وتشهد الأراضي الفلسطينية وبلدات عربية في إسرائيل، منذ الأول من أكتوبر/ تشرين الأول الماضي، مواجهات بين شبان فلسطينيين وقوات إسرائيلية، اندلعت بسبب إصرار مستوطنين يهود متشددين على مواصلة اقتحام ساحات المسجد الأقصى، تحت حراسة قوات الجيش والشرطة الإسرائيلية.
ويصف مخيمر أبو سعدة أستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر بغزة، العمليات الفردية الفلسطينية بأنها “ظاهرة مؤرقة” للأمن الإسرائيلي.
ويقول أبو سعدة , إن هذه العمليات مكلفة على الصعيد الأمني والسياسي، مضيفا: “أمنيا يشعر كل إسرائيلي بالخوف والقلق، وتقف الأجهزة الأمنية الإسرائيلية عاجزة عن كشف توقيت وتفاصيل العملية، وسياسيا، قد تتطور هذه العمليات وتدخل الإطار التنظيمي والفصائلي ما يجعلنا أمام انتفاضة حقيقية”.بحسب الاناضول
وتابع: “من أكثر مزايا هذه الهبة أنها أفقدت الإسرائيليين الشعور بالأمان، وعطلّت كافة مناحي حياتهم”. ويرى أبو سعدة، أن العمليات الفردية الأخيرة، أصابت إسرائيل بـ”الهوس”، ودفعها للقيام بعمليات “تصفية” بحق فتية وقاصرين.
ويتهم الجانب الفلسطيني، إسرائيل بممارسة إعدامات بحق الفلسطينيين، بزعم محاولات الطعن.