ترشح حفيد الخميني لمجلس خبراء القيادة يمثل تغييرا سياسيا كبيرا في إيران
حسن الخميني هو الأشهر من بين أحفاد آية الله الخميني الخمسة عشر، وغالبًا ما يشار إليه بـ”الإمام” ببساطة في إيران. يعود الدور الخاصّ لحسن الخميني إلى عدد من العوامل المرتبطة بالحظّ وبالإرث الأبوي، فهو الابن الأكبر لأحمد الخميني. كان لآية الله الخميني ولدان، أكبرهما هو مصطفى الذي توفي في العراق في العام 1977 أثناء وجود العائلة في المنفى؛ والثاني هو أحمد، والد حسن الخميني، الذي أصبح اليد اليمنى للمرشد الأعلى وكان شخصيّة رئيسيّة في منزل الخميني عندما أصبح هذا الأخير مرشدًا أعلى.
عندما توفّي أحمد الخميني فجأة في العام 1995 عن عمر يناهز 50 عامًا، استلم حسن الخميني مهام والده في إدارة مقام الإمام الخميني في جنوب طهران، وقد جرى أيضًا دفن أحمد الخميني هناك. وعندما كان حسن الخميني فتى يافعًا، كان موجودًا إلى جانب جدّه في النجف وضواحي باريس في أعوام الاضطرابات والفوضى التي كان يناهض في خلالها الخميني للإطاحة بالشاه محمد رضا بهلوي.
حاول حفيد الخميني ورجل الدين البالغ من العمر 43 عامًا أن يبقى على مسافة معيّنة من السياسة معظم حياته، لكن يبدو أنّ ذلك يتغيّر، وإنّ خروجه إلى الساحة السياسيّة قد أرعب المتشدّدين بقدر ما أثار الإصلاحيّين.
وقد نشرت صحيفة” الفاينانشال تايمز” مقال كتبته نجمة بزورغمير بعنوان “حفيد الخميني يدخل معترك السياسة مع المعتدلين”.
وتقول بزورغمير إن حسن خميني، الحفيد المعتدل لآيه الله الخميني زعيم الثورة الإسلامية في إيران عام 1979، قرر دخول عالم السياسة، فيما قد يمثل تغييرا سياسيا كبيرا في بلد يشهد بالفعل صراعا على السلطة لتحديد مستقبل إيران.
وتضيف أن الخميني، الذي يحظى بتأييد في أوساط الشباب، سيشارك في فبراير/شباط القادم في انتخابات مجلس الخبراء، وهو المجلس الذي من المرجح أن يحدد من سيكون القائد الأعلى القادم لإيران.
وحسن الخميني هو أول فرد في أسرة الخميني يقرر خوض غمار المعترك السياسي بعد جده أية الله روح الله الخميني.
وتقول بزورغمير إن الخميني، 43 عاما، ينظر إليه في أوساط المعتدلين كزعيم محتمل لإيران. وتضيف أنه لم يتضح إلى الآن كيف ينظر المحافظون إلى حسن الخميني، لأن انتسابه إلى آية الله الخميني ينأي به عن التعرض للنقد المباشر.
وبالاستناد إلى المقابلات والخطابات المعدودة التي قام بها حسن الخميني، من غير المحتمل أن يتمكّن المرء من الكشف عن أيّ من ميوله السياسيّة، وحتّى في خلال المقابلات “البسيطة”، لا نتوقّع منه أن يكشف عن مواقفه. ففي خلال مقابلة أجراها في العام 2008 مع مقدّم البرنامج الأبرز للأخبار الرياضيّة في إيران، سُئِل عمّن يشجّع من بين فريقي كرة القدم المتنافسين في طهران، فأجاب “أنا أشجّع الفريقين”؛ وهذه الإجابة أشبه بقول عمدة نيويورك إنّه يشجّع كلاً من اليانكيز والميتز. وفي معظم مقابلاته الأخرى، ركّز الخميني على الشؤون الدّينيّة أو أدلى بتصريحات عامّة حول الحاجة إلى “الوحدة الوطنيّة” متمثّلاً بشخصيّة جدّه.
لكنّ حسن الخميني لم ينجح في البقاء محايدًا بالكامل، فقد كشف عن ميوله السياسيّة بطرق غامضة. ففي أوساط رجال الدين ومدارس التعليم الديني حيث السياسات المبهمة، يمكننا معرفة الكثير بالنظر إلى الأشخاص الذين يلتقي بهم رجل الدين، والذين يتحدّثون لصالحه والذين يظهرون برفقته.
ويبدو أنّ المؤشّرات على ارتباط الخميني بالتيار الإصلاحي والمعتدل تزداد مع الوقت.
وفي ما يتعلّق بالرؤساء السابقين، ظهر الخميني برفقة الإصلاحي محمد خاتمي والمعتدل هاشمي رفسنجاني أكثر بكثير من ظهوره برفقة المتشدّد محمود أحمدي نجاد.
وفي مقابلة أجراها في شهر آذار/مارس 2015 مع صحيفة شرق اليوميّة الإصلاحيّة، أيّد بشكل أساسي المنبر الإصلاحي غير الرسمي عندما قال، “نحن نفتخر بماضينا، وننتقد وضعنا الحالي ونتطلّع بتفاؤل واحترام إلى مستقبلنا”. غالبًا ما يتحدّث الإصلاحيّون عن عهد آية الله الخميني في ثمانينيّات القرن الماضي كأنّه “عصر ذهبي”؛ وينتقدون الفساد الحالي والسياسات الإقصائيّة مثيرين استياء المتشدّدين، ويحافظون دائمًا على تفاؤلهم حيال العمل ضمن النظام نحو مستقبل أفضل.
ربما قام أيضًا أكبر المؤيّدين لحسن الخميني بالكشف عن ميول رجل الدين الشاب، فقد أشار رفسنجاني مؤخّرًا إلى الخميني بأنّه “علامة”، وهو مصطلح للتعظيم يُستعمَل لوصف علماء الدين الأكثر ثقافة. وإنّ موقع “انتخاب” الالكتروني، المقرّب من التيار المعتدل في إيران، يشير إليه غالبًا بالمرتبة الأعلى، أو آية الله، بدلاً من حجة الإسلام. وربما هذا الثناء ليس في غير محلّه: فمن المعتقد أنّه يعلّم ‘درس خارج’ في مدرسة التعليم الدّيني، وهو المستوى الأكثر تقدمًا في الفقه الإسلامي.
بالإضافة إلى ذلك، وفي مقال نشره موقع مشرق نيوز، وهو أحد المواقع الأكثر تشدّدًا في إيران، جرى اقتباس ما قاله الناشط الإصلاحي عبد الله ناصري، بأنّه “من وجهة نظر فكريّة، حسن الخميني هو إصلاحي لكنّه في موقع يجعله وريث…مؤسّس الثورة”. وإنّ المقال، الذي ركّز على الطريقة التي سيُقبِل فيها الإصلاحيّون على انتخابات العام 2016 البرلمانيّة، حمل عنوان “اعتراف بانتماء حسن الخميني إلى التيار الإصلاحي”.
يشعر الكثيرون بأنّ ميول الخميني السياسيّة باتت علنيّة، وقد قال الصحفي والناشط السياسي الإصلاحي مرتضى كاظميان للمونيتور إنّ “الآراء الإجماليّة” للخميني هي إصلاحيّة، وأشار إلى واقع أنّ الخميني رفض تبنّي الخطاب المتشدّد بعد انتخابات العام 2009 الرئاسيّة المتنازع عليها، والتقى حتّى بعائلة سجناء سياسيّين، وهذان أمران أثارا حنق المتشدّدين، بحسب كاظميان.
من المنطق أن يحاول الإصلاحيّون والمعتدلون التأكيد على وقوف الخميني في صفّهم، فإرث آية الله الخميني لا يزال يستقطب جمهورًا كبيرًا في الأوساط السياسيّة العليا في إيران. فضلاً عن ذلك، إنّ حفيده هو رجل دين شاب نسبيًا يجذب الجيل الشاب.
يؤمن سعيد أكنجي، وهو صحفي وناشط طلابي سابق في إيران، بأنّ الاستحسان الذي يلقاه حسن الخميني في صفوف الجيل الشاب ناتج من حقيقة أنّه “يتمتّع بنظرة جديدة إلى الإسلام تجعله أكثر رأفة”. وقد غذّى الخميني هذه الصورة بعناية، ففي مقابلة أجراها في العام 2007 مع التلفزيون الإيراني، أعرب عن ولعه بالشّعر، وتباهى بإجادته اللغة الإنكليزيّة حتّى أكثر من العربيّة، وتكلّم عن ضرورة أن يصبح الرجال “أكثر مرونة” في قبول دور المرأة في المجتمع نظرًا إلى النظام الذكوري القائم منذ القدم في إيران.