الاجتماعية والثقافيةالجماعات الاسلاميةالدراسات البحثية

استراتيجية المواجهه : كيف تواجه مصر الآرهاب فى ظل التحد يات الدوليه ؟

اعداد الباحثة: إيمان ابوزيد مخيمر – المركز الديمقراطي العربي

 

مقدمه:
لايمر يوم إلا ونسمع في الأخبار العالمية والإقليمية عن الإرهاب والإرهابيين والعمليات الإرهابية، ولكن ماذا يقصد السياسيون والإعلاميون عند ذكر هذا المصطلح، ماهو الخطر الذي يتكلمون عنه ؟

وهل يتحدث جميعهم عن ذات الشيئ ستأثرت ظاهرة (الإرهاب) العالمي خلال العقد الاخير من القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين بإهتمام متزايد من البلدان المتقدمة والنامية على حدٍ سواء، وذلك نتيجتاً للأثار السلبية التي ترتبها في حياة المجتمعات البشرية، إذ ارتبط شيوع هذه الظاهرة بتطور الأحداث الجارية في الساحة السياسية وتعمقها، حتى أضحى مفهوم (الإرهاب) صفة لصيقة لكل حدث سواء كان مخططا أم غير ذلك والإطار العام الرئيس الحاكم لحركة الدول وسياستها المختلفة.

وهنا فقد اختلفت التفسيرات والدوافع التي أدت إلى تنامي ظاهرة الإرهاب بين من يؤكد ان حالات التنافس والصراع الدولي ساعدت في تغذية ونمو ظاهرة الإرهاب، وبين من يدعي ان الإرهاب ظاهرة طبيعية يمكن ان تظهر في أي مجتمع مرتبطة بعوامل مختلفة منها البيئة السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الدينية و الايديولوجية ، إن أي معالجة لقضية ذات صلة ببعض المفاهيم تحتاج ان تحدد تلك المفاهيم من خلال تعريف يوضح مكوناتها وخصائصها.

وقبل تحديد معنى ومفهوم الإرهاب ينبغي الإشارة مسبقا إلى أن لفظة الإرهاب Terror تعود في أصلها إلى اللغة اللاتينية

1- أين تحدث العمليات الإرهابية في العالم؟
توضح الخريطة أدناه أعداد ضحايا العمليات الإرهابية من قتلى ومصابين في العالم في سنة 2011، أعلى البلدان تعرضاً للعمليات الإرهابية أفغانستان، ثم العراق ، باكستان ، نيجيريا، وروسيا. أما أقل الدول تعرضاً للإرهاب في فهي على سبيل المثال دول أمريكا اللاتينية، الصين، أوربا، الولايات المتحدة الأمريكية.
وبالرغم من أن كثيراً من بلدان العالم لا تتعرض لعمليات إرهابية كثيرة، إلا أن مكافحة الإرهاب على أولويات أجندات حكوماتها، وكذلك من أهم أهداف المنظمات الدولية مثل UN والإقليمية مثل NATO وغيرها.

2- تاريخ الإرهاب ؟
الإرهاب كعمل عنيف يقوم به أشخاص من خارج الحكومة (السلطة) ضد أهداف حكومية ليس بجديد، ففي القرن الحادي عشر ظهرت مجموعة أطلق عليها “الحشاشون” Assassins والذين قاموا باغتيال المسؤولين والقادة العسكريين من أجل تشكيل أحلاف أو من أجل الانتقام.

بدأت من روسيا، وامتدت إلى بقية أنحاء العالم، واستخدمت تقنيات التليغراف والجرائد، أما أهم مجموعاتها فهي “إرادة الناس” Narodnaya Volya قامت بقتل قيصر روسيا، وإمبراطورة أوستريا، وملك إيطاليا، ورئيس الولايات المتحدة ماكنلي.
موجة ضد الاستيطان وكانت في سياق الصراع من أجل تقرير المصير في المستعمرات البريطانية والانكليزية وغيرها، واعتمدت تكتيكات حرب العصابات (اضرب واهرب) وكان من الصعب على الجيوش النظامية مواجهتها، سمى هؤلاء أنفسهم “مقاتلون من أجل الحرية” وليس “إرهابيين” ، من أهم المجموعات IRA – جيش الجمهورية الإيرلندية ، ومجموعة FLN – جبهة التحرير الوطنية في الجزائر، أريغون – مجموعة صهيونية كانت تقاتل حكم البريطانيين في فلسطين.

كانت في سياق الحرب الباردة، وشكلت حرب فيتنام دافعاً قوياً لتشكل مجموعاتها في غرب أوربا وشمال أمريكا، منها مجموعة Under Ground من أمريكا و RAF من فرنسا والذين اعتبروا أنفسهم “طليعة” من العالم المتقدم للجموع المقموعة في العالم الثالث ، ومنها أيضاً مجموعات حرب العصابات في أمريكا اللاتينية، كما كانت منظمة التحرير الفلسطينية PLO بقيادة ياسر عرفات منها. استخدمت هذه المجموعات أساليب احتجاز الرهائن وخطف الطائرات كأسلوب لجذب الانتباه والضغط على الحكومات لتحقيق أهداف معينة.

في عام 1979 انتصرت الثورة الإسلامية في إيران، واحتلت القوات الروسية أفغانستان ، كما تم اقتحام الحرم المكي. وفي هذه الموجة تشكلت الكثير من المجموعات الإسلامية، اليهودية وكذلك مجموعات من السيخ والمسيحيين ،
Aum Shinrikyo مجموعة مسيحية في اليابان قتلت 12 وأصابت 1000 شخص في ميترو بغاز السارين، وكانت من أساليب هذه المجموعات الاغتيالات واحتجاز الرهائن، والتفجيرات الانتحارية. من المجموعات التي استخدمت أسلوب التفجير الانتحاري حزب الله اللبناني في هجومه على قواعد عسكرية فرنسية وأمريكية في لبنان أثناء الحرب الأهلية في لبنان، مجموعات نمور التاميل الساعين للاستقلال في سيريلانكا، القاعدة في أولى هجماتها التي جذبت اهتمام الإعلام وكانت على سفارة الولايات المتحدة الأمريكية في تنزانيا في نيروبي.

لماذا علينا أن نحاول الوصول إلى تعريف متفق عليه ؟
علينا أن نحاول الوصول إلى تعريف متفق عليه كما يرى أدوين بيكر Edwin Bakker (2013)1 وذلك للأسباب التالية:
• التعاون الدولي في مكافحة الإرهاب ومن نحارب وماهي المنظمة تحسينالإجراءات القضائية
• منع الاعتداء بواسطة تهم الإرهاب من بعض الحكومات وخصوصاً تلك ذات الطبيعة الاستبداية وهذا ما حذرت منه منظمة مراقبة حقوق
• تحسين البحث في مواضيع الإرهاب ومكافحة الإرهاب.

حاولت الأمم المتحدة بقيادة كوفي عنان (1997 – 2006) الوصول إلى نوع من الاجماع على ماهية الإرهاب، وعرفته على أنه القتل المتعمد للمدنيين والعسكريين في حالة عدم الاشباك من أجل أغراض سياسية ، أراد كوفي عنان أن يرسل رسالة أخلاقية أن الإرهاب بهذا التعريف غير مقبول ولايمكن تبريره. إلا أن هذا التعريف لم يلق دعم كل الدول الأعضاء، فبعضهم وجد أن هناك نوعاً من الإرهاب يمكن تبريره مثل الإرهاب ضد الاحتلال الأجنبي وضد إرهاب الدول، وبعضهم لم يرد دعم تعريف لايستثني بشكل صريح أن تكون الدولة هي الإرهابية إذا استخدمت تكتيكات إرهابية ضد دول أخرى أو ضد شعوبها.

تعريف الإرهاب:
على أنه فعل عنفي من أجل تحقيق أهداف سياسية تقوم به جهات غير حكومية، أما في حال استخدام الدول لأساليب إرهابية ضد شعوبها أو ضد شعوب دول أخرى فيفضل أن يتم التعامل معها بناءعلى القانون الدولي والقانون الإنساني وقانون الحرب واعتبارالجرم إساءة لاستخدام القوة والسلطة وجرائم ضد الإنسانية، وبذلك تستخدم أدوات دولية وقانونية لمحاربة جرائم الحرب وإساءة استخدام السلطة، أما في مجال الإرهاب فلا يوجد أدوات قضائية ودولية متفق عليها.

وبالرغم أنه لايوجد تعريف متفق عليه للإرهاب إلا أنه هناك اتفاق على أنك أسلوب أو تكتيك من جهات حكومية أو غير حكومية لتحقيق أهداف معينة، إلا أن استخدام القوة جزء من التكتيك ولكنه ليس الهدف، كما أن نشر الخوف بالنسبة للعمل الإرهابي هو أهم من نشر القتل، والضحايا المباشرين ليسوا هم الهدف الأساسي، إنما أولئك الذين يشاهدون هذا الفعل. تساهم الميديا والسياسيين في نشر الخوف والتصرف بمبالغة تجاه الفعل، كما أن للإرهاب أثراً كبيراً على المجتمعات وعلاقتها بالمجتمعات الأخرى وعلى الاقتصاد والسياسة.

إذا ما حاولنا أن نقدم تعريفاً مبسطاً للإرهاب، فإنه يعنى استخدام العنف ضد المدنيين والمنشآت والمسؤولين ومؤسسات الدولة؛ لتحقيق أهداف سياسية وكسر احتكار الدولة للعنف المشروع، باعتبار الدولة الجهاز الذى يفوضه المواطنون بصيغة تعاقدية أو بصيغة الأمر الواقع في استخدام العنف لتحقيق الأمن والاستقرار للمجتمع، ضد الخارجين على القانون وضد من يشرعون في اعتماد العنف لتحقيق أهداف سياسية لأسباب والعوامل الاقتصادية الناشئة عن تنامي ظاهرة الإرهاب على صعيدين داخلي وخارجي

العوامل داخلية: تكمن في بعض المشاكل الرئيسية التي يفرزها المجتمع ومنها

1-التخلف: والناتج بصورة رئيسية عن السياسات الاقتصادية غير المتلائمة مع الواقع الاجتماعي للدولة، بحيث تتكون فجوة تتسع تدريجا بين الفقراء والاغنياء وبين المتعلمين وغير المتعلمين وبين ذوي المصالح الاقتصادية الواسعة وبين فئات اقتصادية مهمشة، باختصار بين من يملك ويحاول زيادة هذه الملكية باي صورة كانت حتى وان ادى ذلك إلى إفقار وتهميش شرائح واسعة من المجتمع وبين من لا يملك ومن هو مستعد للتضحية بحياته في سبيل تحقيق مكانة أو التخلص من واقع الحياة خاصة بين فئات الشباب.

2- البطالة: استكمالا لما تقدم أعلاه، مع ملاحظة ان فصل هذه العوامل عن بعضها البعض هو لأغراض الدراسة الأكاديمية في حين أنها في الواقع مترابطة ومتداخلة، فالبطالة وانتشارها بصورة واسعة لدى فئة الشباب خاصة سواء كانت بطالة حقيقية أم بطالة مقنعة، فإنها تولد شعورا بالعجز واليأس من ناحية، وشعورهم بالاحباط من ناحية أخرى إلى جانب شعور هؤلاء الشباب المرتبط بواقع الحياة المرير بانهم ليس لديهم ما يغيروه أو يحافظون عليه بالاستمرار بالحياة، هذا الواقع مترابط مع جهات أو جماعات مستعدة لتقديم أموال كبيرة لقاء أعمال صغيرة يستشعر معها الشباب انهم يقومون بعمل ما وإن كان ذا طابع عنيف أو دموي ولكنه بالنسبة إليهم عمل هادف يستحق الجهد المبذول فيه، فالشاب الذي لا يجد له فرصة عمل يكون هدفا سهلا لمختلف الاتجاهات المتطرفة دينيا أو سياسيا أو عصابات النصب والاحتيال والسطو المسلح

سوء توزيع الثروة: والموارد اللازمة للتنمية وتوفير الحاجات الأساسية للناس وعلى نحو غير متوازن بعبارة أخرى وجود خلل في العدالة الاجتماعية تفرز قدرا متعاظما من الظلم الاجتماعي الجماعي والحرمان النسبي لدى قطاعات متزايدة من السكان، وهنا الحرمان النسبي ليس بالضرورة ناتجا من الفقر والافتقار على المستوى الفردي، وذلك أن الأفراد القائمين بالإرهاب قد يكونون أغنياء بذاتهم ولكنهم انطلاقا من الاحساس بالتهميش والدونية من قبل الدولة مما يخلق حالة من الغضب والنقمة لدى فئة معينة تجاه فئات أخرى ورد فعل متطرف مصحوب بعمل إرهابي

عمليات الفساد الاداري الحكومي: التي تسهم بها معظم البلدان والازمات الاقتصادية المستمرة ابتداء من التضخم والكساد الاقتصادي إلى حالات الكسب غير المشروع في الصفقات التي تتم بشكل غير قانوني مع رجال الدولة أو الدخول في صفقات غير قانونية لتمرير العشرات من أنواع البضائع الفاسدة بجهود أشخاص ذوي نفوذ في الدولة مثل هذه الممارسات تولد لدى الشباب أو الناس المحرومين سلوكا عدوانيا عنيفا من الكبت سرعان ما ينفجر بعمل عدواني منظم يستهدف الاشخاص والمؤسسات أو الدولة ذاتها مما يؤدي إلى تدهور الأبنية الاقتصادية – الاجتماعية للدولة، وهنا يتخذ الإرهاب صورا عديدة منها (حالات السلب والنهب وعمليات الاختطاف المنظمة المصحوبة بدفع فدية مالية معينة تستخدم لتمويل عمليات إرهابية على الصعيد السياسي من تنظيم حملات مسلحة وغيرها). وعلى أساس ما تقدم، يمكن صياغة معادلة تفسر بان:
الجهل + الفقر والافتقار + القمع والكبت والاقصاء والتهميش = ظاهرة الإرهاب.

وهذه المعادلة لا تنفي أو تلغي دور العوامل الخارجية المسببة لظاهرة الإرهاب بل يمكن أن تساعد على تغذيتها وبالشكل الذي يقودها إلى حرب أو صراع اجتماعي مستمر.

العوامل الخارجية:
ترتبط البيئة الخارجية وصلتها بظاهرة لإرهاب) أساسا ببعدي السياسات والقوى الخارجية التي تمارس بشكل مباشر أو غير مباشر ضغوطا على دولة ما لإرغامها لإتباع نهج أو سياسة ما، مما يولد حالة من العدائية والصراع لدى طبقات واسعة يمكن أن تستغل في تاجيج الصراعات الداخلية والخارجية.

إن بحث ودراسة العوامل الخارجية المسببة لظاهرة الإرهاب لا تقل أهمية عن العوامل الداخلية كونها تؤشر مخرجات فعل الإرهاب ومحصلتها (واحدة) هي إشاعة روح الخوف والتهديد في جماعة معينة بقصد تحقيق أهداف معينة قد تكون سياسية أو اقتصادية أو اجتماعية… الخ.

وبالنظر لتعدد المداخل التي يمكن من خلالها معرفة وتشخيص ظاهرة الإرهاب اقتصاديا على المستوى الخارجي يمكن الإشارة إلى أن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1972 كانت قد شكلت لجنة متخصصة لدراسة الدوافع والأسباب التي تقف وراء شيوع ظاهرة الإرهاب اقتصاديا، وكان تشخيصها للأسباب الاقتصادية والاجتماعية كما يلى:

  • 1- استمرار وجود نظام اقتصادي دولي جائر يمكن أن يقود إلى خلق حالة من الغضب والعداء المستمر بين مختلف شعوب العالم
  • 2-الاستغلال الاجنبي للموارد الطبيعية الوطنية والذي يمكن أن ينتج بفعل ظاهرة
  • 3- التبعية تدمير ما لدى بعض البلدان من سكان وأحياء ووسائط نقل وهياكل اقتصادية
  • 4- الظلم والاستغلال السياسي والاقتصادي والاجتماعي
  • 5- الفقر والجوع والشقاء وخيبة الأمل أو الاحباط
  • 6 – تدهور البيئة الاقتصادية الدولية وهيمنة الدول الكبرى على الاقتصاد العالمي

هذه العوامل مجتمعة تشكل محور أسباب انتشار ظاهرة الإرهاب عالميا ومن الطبيعي بحث وتفحص عوامل أخرى تقف وراء هذه الظاهرة. أبرزها حالات التنافس والصراع الذي تشهده الساحة السياسية الدولية، فقد أكدت الأحداث أن التطور اللامتكافئ بين الدول المتقدمة والدول التي تسعى إلى النمو وما تمثله ظاهرة التبعية المتسمة بسيطرة الدول المتقدمة وانتشار الانماط والاساليب المتعددة للجريمة المنظمة والتي تعتبر نتيجة تمرد على الواقع المعاش باتساع تلك الهوة بين عالم الشمال المتطور والجنوب الساعي إلى التطور، أدت إلى بروز أساليب متعددة لارتكاب أعمال إرهابية تعبر عن حالة الرفض للتبعية وللاستعمار والاستغلال على المستوى الدولي.

يضاف إلى تلك العوامل الخارجية المتمثلة بسياسات الدول المتقدمة، السياسات المتبعة من قبل المؤسسات المالية الدولية وبالذات صندوق النقد والبنك الدوليين عبر برامجهما المتمثلة بالإصلاح الاقتصادي والتكييف الهيكلي المشروطة باتباع سياسات معينة من قبل البلدان المطبقة لتلك البرامج، إذ إن تطبيق هذه البلدان لتلك البرامج قد أدى إلى سوء توزيع الدخل وتدهور القدرة الشرائية واتساع رقعة الفقر والتهميش هذا فضلا عن تجلي انتهاكات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية في النمو الكبير الذي حدث في أرقام البطالة إلى جانب تخلي الدولة عن الالتزام بتعيين خريجي المعاهد والجامعات التي تولد معها ارتفاع في معدلات الجريمة والإرهاب في تلك الدول، ذلك انه كلما زادت فترة بطالة الفرد زادت احتمالات انجرافه بسبب تردي أحواله النفسية والاجتماعية والاقتصادية.

من جهة أخرى هناك إرهاب اقتصادي وهو (الإرهاب المعلوماتي) المتمثل باستخدام الموارد المعلوماتية والمتمثلة في شبكات المعلومات وأجهزة الكومبيوتر والانترنت من أجل أغراض التخويف أو الإرغام لأغراض سياسية ويرتبط هذا الإرهاب المعلوماتي إلى حد كبير بالمستوى المتقدم للغاية الذي باتت تكنولوجيا المعلومات تلعبه في كافة مجالات الحياة في العالم، ويمكن ان تسبب الإرهاب المعلوماتي في إلحاق الشلل بأنظمة القيادة والسيطرة والاتصالات أو قطع شبكات الاتصالات بين الوحدات والقيادات المركزية وتعطيل انظمة الدفاع الجوي أو اختراق النظام المصرفي أو إرباك حركة الطيران المدني أو شل محطات الطاقة الكبرى.
كما ساعد التطور العلمي والتكنولوجي في وضع وسائل عصرية أكثر فاعلية في تحقيق الأهداف المتوخاة بين أيدي مرتكبي الأفعال الإرهابية مثل المسدسات والبنادق الصغيرة ذات المديات البعيدة.

– يضاف إلى ذلك، يمكن للإرهاب بصورته الاقتصادية أن يتجلى بصور واشكال مختلفة ومتعددة تمثلها مجموعات منظمة تدير مختلف العمليات الإرهابية وهدفها اقتصادي بحت بالدرجة الاساس، ومنها ما يتمثل بعصابات تجارة المخدرات والمافيا الإيطالية إلى جانب عصابات الجرائم الاقتصادية الكبرى المتمثلة بعصابات غسيل الأموال العالمية التي تمارس إرهابا اقتصاديا ضخما.
مما تقدم يمكن القول إن المتغيرات الدولية والتحديات الجديدة التي يشكلها (النظام الدولي الجديد) مع العالم الخارجي والمتمثلة بزوال القطب السوفيتي وتربع الولايات المتحدة على قمة الهرم السياسي الدولي قد اضافت بعدا جديدا في تنامي ظاهرة الإرهاب عالميا.

ومن جهة أخرى أدت أحداث 11 أيلول 2001 إلى ميلاد حقبة سياسية دولية جديدة سمتها الرئيسية الجنوح المتزايد نحو الاستخدام اللامحدود للوسائل العسكرية والضغوط السياسية في مواجهة القوى المعارضة للولايات المتحدة، وهو ما شجع على دعم وتعزيز ظاهرة الإرهاب العالمي التي تسير في خط تصاعدي إلى يومنا هذا.

ومن خلال ما سبق يمكن التوصل إلى مفهوم عام لظاهرة الإرهاب يعتمد من قبل الدراسة ويأتي معبرا عن الخصائص التي تنطوي عليها هذه الظاهرة بأنه (أي فعل خطير من أفعال العنف أو التهديد بارتكابه من قبل شخص ما سواء ارتكب هذا الفعل بمفرده أو بالاشتراك مع أشخاص آخرين إذا كان موجها ضد اشخاص محميين دوليا أو ضد منظمات أو أماكن أو أنظمة نقل أو اتصالات محمية دوليا أو ضد أشخاص عاديين بقصد تخويف هؤلاء ومتسببا بوفاتهم أو إلحاق أضرار بهم أو شل أنشطة هذه المنظمات الدولية.
أضحى الإرهاب ظاهرة عالمية عابرة للحدود الوطنية والقارات، وقد جاءت العمليات الإرهابية التي قامت بها منظمة القاعدة عبر العالم وأبرزها هجمة 11 سبتمبر 2001، لتشعل حرب عالمية ضد الإرهاب تقودها الولايات المتحدة. ترتب على حرب الإرهاب والحرب ضد الإرهاب فضائع من الطرفين أو من الاطراف المشتبكة وهي المنظمات الإرهابية والدولة العظمى الوحيدة الولايات المتحدة وغالبية دول العالم، خصوصا تلك التي تجرى عمليات إرهابية على أراضيها أو هي متحالفة مع الولايات المتحدة في حربها ضد الإرهاب.

موقف الآمم المتحدة من الآرهاب
اهتمت الأمم المتحدة بقضية الإرهاب قبل هجمة 11 سبتمبر، حيث صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارات وتوصيات بشان الإرهاب ومكافحته. لكن حدث 11 سبتمبر دفع الولايات المتحدة والدول الكبرى أن تضعه في أولويات الأمم المتحدة، والعمل الدولي المشترك، أو العمل المتعد الاطراف بقيادة الولايات المتحدة.

انبثقت من مجلس الأمن لجنة دولية لتنسيق العمل الدولي لمكافحة الإرهاب كما تشكلت لجنة لمكافحة غسيل الأموال الذي يستخدم في تمويل الإرهاب، كما وضع عدد من الاتفاقيات الدولية لمكافحة الإرهاب منها مكافحة غسيل الأموال المستخدمه لتمويل الإرهاب حيث مملكة البحرين طرف فيها،ومركز تنسيق الشرق الأوسط.

لكن التوصل لتعريف الإرهاب وقواعد العمل الدولي والياته لمكافحة الإرهاب ضمن الأمم المتحدة ظلت قضية شائكة. رغم ذلك فان الأمم المتحدة بصدد إقرار استراتيجية عالمية لمكافحة الإرهاب، في إطار استراتيجية إصلاح الأمم المتحدة، والتي ستعرض على قمة الأمم المتحدة في سبتمبر 2004.

أما الجانب الأخر في اهتمام الأمم المتحدة، فهو انه في سياق حرب الإرهاب أو الحرب ضد الإرهاب، فقد جرت انتهاكات فاضحة وواسعة ومنهجية لحقوق الإنسان من قبل الطرفين, المنظمات الإرهابية والدول التي تكافحها.

ولذي عين الأمين العام للأمم المتحدة ممثلا خاصا عنه لرصد هذه الانتهاكات والتأكد من أن التشريعات الوطنية والاتفاقيات الثنائية والجماعية لا تنتهك حقوق الإنسان الأساسية.

تعريف الإرهاب من وجهة نظر الآمم المتحدة:

جاء في تقرير الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان المقدم الى قمة الأمم المتحدة في سبتمبر 2004 تحت عنوان” في جو من الحرية أفسح صوب تحقيق التنمية والأمن وحقوق الإنسان للجميع”، “أنني أويد تأييدا تاما دعوه الفريق الرفيع المستوى الى وضع تعريف للإرهاب يوضح أن الإرهاب هو أي عمل، الى جانب الاعمال المحظورة فعلا في الاتفاقيات القائمة يراد به التسبب في وفاة مدنيين أو أشخاص غير محاربين أو إلحاقا إصابات جسمانية خطيرا لهم، بهدف ترويع مجموعة سكانية أو أرغام حكومة أو منظمة دولية على القيام بأي عمل أو الامتناع عنه، وأحث بقوة قاده العالم على تأييد ذلك التعريف وإبرام اتفاقية شاملة لمكافحة الإرهاب قبل نهاية الدورة الستين للجمعية العامة”

إذا ما راجعنا المادة (1) من مشروع قانون مكافحة الإرهاب، فان ذلك يتجاوز كثيرا التعريف الذي تسعى الأمم المتحدة الى إقراره كمرجعية لكافة الدول الأعضاء والى اعتبار أعمال إجرامية عادية والتي يغطيها قانون العقوبات لعام 1976 بتعديلاته المتلاحقة، وأعمال تندرج في باب المعارضة السياسية اوالحق في ممارسة الحريات العامة كحرية التعبير والتجمع والتظاهر، والتنظيم والإضراب والاعتصام سواء في معارضة سياسات الحكومة وتشريعاتها بما في ذلك معارضة أحكام الدستور وانتقاده والقوانين واللوائح.

كما لا يمكننا بالتأكيد اعتبار إلحاق الضرر بالبيئة أو الصحة العامة أو الاقتصاد الوطني أو المرافق أو المنشات أو الممتلكات العامة أو الخاصة أو الاستيلاء عليها أو عرقلة أدائها لإعمالها أو منع أو عرقلة السلطات العامة أو دور العبادة أو معاهد العلم عن ممارسة أعمالها أعمالا إرهابية، وألا اعتبر العديد من المواطنين والمقيمين وعلى رأسهم كبار المسؤولين إرهابيين.

وإذا جئنا للمادة (2) والتي تفصل جرائم الإرهاب، فأنها بالتأكيد مخالفة لتعريف جريمة الإرهاب الذي تسعة الأمم المتحدة لإقراره، ومخالفة لما استقر عليه القانون الدولي وغالبية هذه الجرائم يغطيها قانون العقوبات ومن المضحك كما في البند 6، اعتبار الاعتداء على نظم المعالجة الآلية للبيانات المعلوماتية جريمة إرهابية.

وبالنسبة للمادة (3) والتي تفصل العقوبات المترتبة على الجرائم الواردة في المادة (2)
أن العالم يتجه الى إلغاء عقوبة الإعدام وتتجه البحرين للانضمام الى العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية حيث البرتوكول الثاني الملحق بها، يحرم عقوبة الأعلام عدى أن مملكة البحرين (دولة البحرين سابقا) لم تنفذ عقوبة الإعدام طول عقدين تقريبا.

استقر مبدأ العقوبة على قدر الجريمة كمبدأ للعدالة الدولية، وتغليظ العقوبات المقررة في مشروع القانون هذا مخالف لهذا المبدأ.

أن عددا من العقوبات المقررة المواد 10، 12، 13 تندرج ضمن قانون المطبوعات والنشر أو الجمعيات الأهلية، بينما باقي المواد يمكن أن تندرج ضمن قانون العقوبات وإدراج هذه المواد ضمن مشروع القانون مخالف لتوجه مملكة البحرين للانضمام لاتفاقيات دولية مثل العهد الدولي لحقوق السياسية والمدنية، والتي تنص على تعزيز الحريات والحقوق العامة، ومعالجة خروقاتها بقوانين مدنية وليست استثنائية.

وبالنسبة للمادة 24 والتي تجيز الحكم فضلا عن العقوبة المقررة الحكم بتدبير أو أكثر من التدابير الآتية:

  • خطر الإقامة في مكان معين أو في منطقة محدودة
  • الإلزام بالإقامة في مكان معين
  • خظر التردد على أماكن أو محال معنية
  • فهذه العقوبات يلجا إليها كبديل عن العقوبة وفي حالات استثنائية جدا، لعتات المجرمين وفي حالات محددة يبينها القانون، وبالتالي فهي مخالفة للمادة 13 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان بشان حرية التنقل والإقامة والسفر والمادة 12 من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية بذات الحقوق.

وبالنسبة للمادة 29 والتي تجيز لنيابة العامة سلطات قاضي المحكمة الصغرى والمحكمة الكبرى، فان هذا يخالف مبدأ استقلال القضاء وحق المتهم في المثول أمام قاضيه الطبيعي وفي محاكمة تتوفر فيها شروط حق المتهم بتوفيرمحام وشروط أخرى لمحاكمة عادلة ونزيهة كما هو وارد في المواد 8، 15، 11 من الإعلان والمادة 9 من العهد. كما أنها مخالفة للاتفاقيات الدولية المتعلقة بأصول المحاكمات العادلة والنزيهة، والإجراءات التضامنية، والتي لم تنضم إليها مملكة البحرين لكنها ملزمة أدبيا. بالنسبة للمادة 34 من مشروع القانون بخصوص التصرف في أموال الأقارب من الدرجة الاولى ( الزوجة، الأولاد القصر) فان ذلك مخالف لمبدأ أن الجريمه أو إجراءات ألعقوبة شخصية وبالتالي فأن الماده مخالفة لروح القانون الدولي.

السابقة القانوني

لقد أصدرت بعض الدول الديمقراطية مثل المملكة المتحدة والولايات المتحدة تشريعات واتخذت إجراءات لمكافحة الإرهاب، والذي حدث فعلا على أراضيها، وتبين أن هذه التشريعات والإجراءات مخالفة لمبادئ العدالة الى جانب مخالفتها للشرعية الدولية، ولذى أبطلت المحكمة العليا في بريطانيا المنبثقة عن مجلس اللوردات إجراءات الحكومة البريطانية بالاعتقال الاحتياطي المفتوح، وبإطلاق سراح المعتقلين الإسلاميين، كما طعنت محاكم فدرالية اميركية في أوامر الرئيس الاميركي بمحاكمة المقبوض عليهم من الأجانب بتهمة الإرهاب أمام محاكم عسكرية واحتجازهم الاحتياطي المفتوح في سجن جوانتنامو، لذي يجدر على مملكة البحرين أن لا تكرر ذات الخطأ، لأنه سيتم الطعن في مثل هذا القانون محليا وأمام المؤسسات الدولية وفي مقدمتها لجنة حقوق الإنسان بالأمم المتحدة.

إجراءات مكافحة الإرهاب وحقوق الإنسان:

أدرك المجتمع الدولي أن ظاهرة الإرهاب الدولي ظاهرة معقدة لها أسبابها العميقة والتاريخية بما في ذلك الظلم الاجتماعي، والتخلف، والتعصب والاحتلال، والنظام الدولي الجائر، والعولمة المتوحشة، ولذلك فان كلا الوثيقتين الدوليتين المشار إليها سابقا قد تضمنتا الإجراءات المتوجب اتخاذها من قبل الدول منفردة ومن المجتمع الدولي لمكافحة الإرهاب من جذوره، وليس الاكتفاء بالاجراءات الامنية والعقابية فقد جاء في البند سادسا فقرة 148 الارهاب من تقرير لجنة الحكماء.

” ضرورة وضع استراتيجية عالمية لمحاربة الارهاب تعالج الاسباب الجذرية وتعزز الدول التي تشعر بالمسئولية وتدعم سيادة القانون وحقوق الانسان وتتضمن ما يلي:

  • أ) تعزيز الحقوق الاجتماعية والسياسية وسيادة القانون والاصلاح الديمقراطي والعمل على انهاء حالات الاحتلال ومعالجة المظالم السياسية الرئيسية ومكافحة الجريمة المنظمة والحد من الفقر والبطالة.
  • ب) بذل جهود لمكافحة التطرف والتعصب بسبل التثقيف وتعزيز المناقشة العامة

وقد حذرت كلتا الوثيقتين من انتهاكات حقوق الانسان المترتبة على مكافحة الارهاب اذا لم تتم في اطار القانون ورقابة القضاء.

فقد جاء في مذكرة الحكماء سادسا: الارهاب تحدي المنع وسبل مواجهة استراتيجية شاملة / فقرة 147″ ابدت الحكومات ومنظمات المجتمع المدني قلقها كون الحرب على الارهاب الجارية حالا قد ادت في بعض الحالات الى تاكل ذات القيمتين اللتين يستهدف الارهابيون النيل منها،وهما حقوق الانسان و سيادة القانون. وقد أبدوا مخاوف من كون النهج المتبع في التعامل مع الارهاب والتي ترتكز على التدابير العسكرية والمتعلقة بالشرطة والاستخبارات تهدد بتقويض الجهود الرامية الى تعزيز الحكم الرشيد وحقوق الانسان

كما جاء في الفقرة 49 من تقريرا الامين العام ” ان الارهابين لا يخضعون لمساءلة احد، اما نحن فيجب علينا ان لا نغفل عن مسؤليتنا امام المواطنين في كل ارجاء العالم فمن واجنا ان نحرص ونحن نخوض الحرب على الارهاب المساس ابدا بحقوق الانسان…” ” وأحث الدول الاعضاء على ايجاد مقرر خاص يوافي لجنة حقوق الانسان بتقرير عن توافق تدابير مكافحة الارهاب مع قوانين حقوق الانسان الدولية”

ولم يكن ما جاء في التقرير من فراغ، بعد ان تكشفت فصول بشعة من سجون ابو غريب وباغرام وجوانتامو وبومارش وسجون العديد من الدول بما فيها سجون عربية استبيحت فيها حقوق الانسان باسم مكافحة الارهاب.

وبالفعل فقد عين الامين العام الامم المتحدة مقررا خاصا لرصد التوافق والتنافر ما بين اجراءات الحرب على الارهاب والقانون الدولي وحقوق الانسان ويقدم تقارير دوريه الى ألأمم المتحده.

كيف ان تواجه مصر الارهاب في المعركة ضد الإرهاب لأسباب عديدة، من بينها أن مصر الدولة لديها خبرة متراكمة في مواجهة الإرهاب خلال التسعينيات، وقبلها خلال الثمانينيات وما بعدها في صعيد مصر وفى سيناء وفى العاصمة ذاتها، هذه الخبرة المتراكمة لمصر سبقت خبرة دول كثيرة كانت تفتح أبوابها تحت بند اللجوء السياسي ظاهرياً لكثير من هؤلاء الإرهابيين، وذلك لا يعنى بالضرورة تكرار أخطاء هذه الحقبة السوداء في تاريخ مصر، بل يعنى استدعاء مختلف الجوانب الإيجابية لهذه الخبرة في إطار حكم القانون ودولة القانون، أي اعتبار الجريمة فردية وشخصية وليست جماعية وتوفير الضمانات القانونية للقبض على المتهمين وضمانات الدفاع والمحاكمة.

من ناحية أخرى فإن أكبر ضمانة لنجاح مصر في المعركة ضد الإرهاب تتمثل في المضي قدماً كما هو الآن في تنفيذ خريطة الطريق إلى المستقبل، وترجمة هذه الخريطة إلى خطوات إجرائية ومبدئية لتحقيق عملية التحول الديموقراطي وإرساء أسس الصراع السياسي بعيداً عن العنف والذى يتمثل في الاحتجاج السلمى والتظاهر السلمى والالتزام بالقانون وحظر اللجوء إلى العنف، ولا شك أن الالتزام بخريطة الطريق هو الذى يكفل في نهاية المطاف سلمية المجال العام وابتعاده عن العنف وذلك عبر القواعد والمبادئ المجردة والعامة التي ترتضيها الدولة والمجتمع للمساهمة في الشأن العام.

ولا شك أن لجوء الجماعة وحلفائها إلى الإرهاب والعنف هو أقصر الطرق إلى الانتحار الفردي والجماعي، والخبرة الماثلة للعيان في كافة الأنحاء تشير إلى ذلك وبوضح فلم تكسب الجماعات الإرهابية معركة قط ولم يفضى الإرهاب إلى تحقيق أي هدف باستثناء تلك الأهداف السلبية التي تصاحب الإرهاب مثل اختطاف الإسلام وتشويه صورة الإسلام والمسلمين وتعبئة الرأي العام العالمي ضد قضايانا المصيرية وتدعيم الانقسام والاستقطاب على الصعيد الوطني والصعيد العالمي وسيادة قيم التطرف والتكفير والانتقام وتعطيل العقل والتفكير وفتح الباب للعودة البدائية لقيم العدوانية والعنف ووضع المسلمين في موضع الاشتباه والتوجس في المطارات والسفارات والموانئ والمعابر الحدودية.

ليس أمام مصر من خيار سوى المواجهة الحاسمة للإرهاب في إطار القانون والمصلحة العامة وتعبئة كافة القوى المعنوية والمادية من أجل الفوز في المعركة ضد الإرهاب وإرساء قواعد ومبادئ التحول الديموقراطي واعتماد الصراع السياسي السلمى بأساليبه وآلياته المعروفة وسوف يكون الفشل حليف من يتبنى نهج العنف والإرهاب

كيف تواجه مصر الآرهاب ؟

مصرتواجه الإرهاب. تلك حقيقة يمكن إثباتها ببساطة، ليس فقط من خلال الأحداث التى تقع فى سيناء ومدن القناة، حيث يُقتل جنود الجيش وضباطه، وتستهدف قوات الشرطة، وتُطلق القذائف على الأكمنة والمواقع العسكرية والأمنية، ولكن أيضاً هنا فى الوادى، حيث تُروع الدولة، وتستهدف سلطتها، وتُقطع الطرق، ويُفزّع الجمهور، ويتعهد «الإرهابيون» بشل الحركة، أو مهاجمة المدارس، أو «غلق مصر لحين عودة مرسى».

تريد الدولة أن «تواجه الإرهاب»، لأن هذا دورها، وتلك مسؤوليتها. ويريد الجمهور البسيط أن يعيش فى أمان من دون تهديد ولا ترويع، وأن تستقر الحياة ليواجه مطالبها التى لا تنتهى، وذلك منتهى أمله. وتريد الجماعات السياسية المعارضة أن تصل إلى الجمهور وتستميله، وهذا حقها. ويريد بعض النخب والسياسيين والحقوقيين والمثقفين أن يحافظوا على الوجه المدنى للدولة، وسيادة القانون، وحقوق الإنسان، وآليات الديمقراطية، وهذا واجبهم. ويريد «الإرهابى» أن يقوض كل هذا ويشعل النار فيه، وهذه طبيعته.

كيف يمكن تحقيق التوازن بين كل ما سبق، فى وقت يعكس فيه إرادات متصارعة فى أحيان، ونزعات إجرامية فى أحيان أخرى، ومطالب متناقضة غالباً؟

كيف سندعو السائحين، ونحن غير قادرين على توفير الحماية لهم؟ وكيف سنرحب بالتحويلات والتدفقات الاستثمارية ونحن نريد أن نقيدها ونخضعها للفحص لأنها قد تحوى تمويلاً خارجياً لـ«الإرهابيين»؟ وكيف ستدور عجلة الإنتاج، والعمال لا يستطيعون استخدام «مترو الأنفاق» فى الوصول إلى مقار أعمالهم، لأن «الإرهابيين» قرروا تعطيله أو تفجيره أو مجرد الإيحاء بذلك؟
كيف نوفر الحرية والحماية لهذا المواطن الذى حوصر فى بيته، ودُمرت ممتلكاته، وحُرق معبده، وفُرضت عليه «الإتاوة»، وحُرم من أداء شعائر عبادته مطمئناً، والخروج فى نزهة مع عائلته إلى حديقة قريبة من المنزل، فى الوقت الذى كنا مشغولين فيه بتوفير الحرية والحماية لأخيه المواطن، الذى قرر أن يفعل كل ذلك، فى إطار محاولته لـ«التعبير عن رأيه»، وفرض إرادته السياسية؟ إذا الإجراءات الأمنية المطبقة فى مطارات العالم كلها تتراوح فى شدتها مراوحة كبيرة، فأحياناً تكون سلسة وميسرة وبسيطة إلى حد أنك لا تشعر بها، وأحياناً أخرى تكون جادة ومتسلطة إلى حد أنها قد تخرجك عن شعورك، وربما تجعلك تقرر الإحجام عن السفر. هو المطار نفسه، فى الدولة ذاتها، لكن التهديدات الإرهابية تنعكس فى إجراءات على الأرض، والهدف واضح وواحد: «حماية المواطنين وصيانة أمن الدولة»، ثم أى شىء آخر. لا تفرط دول العالم الحر، ولا تتساهل أعتى الديمقراطيات، ولا تتلكأ أعظم الدول فى اتخاذ التدابير اللازمة لحماية المواطنين وصيانة الأمن والحفاظ على مقدرات الدولة فى إطار سيادة القانون. جميع دول العالم الحر تسن قوانين استثنائية لمواجهة المخاطر الاستثنائية، وأفضل تلك الدول يطبق تلك القوانين بصرامة ومن دون أى تساهل أو مماطلة.

تتلخص المبادىء الأساسية لموقف مصر فى ظاهرة الإرهاب وضرورة مواجهتها فى الآتي:

1ـ تجنب الخلط بين العمليات الإرهابية وبين حركات التحرير الوطنية التى تلجا إلى الكفاح المسلح للتخلص من إحتلال التراب الوطنى وتمكين الشعورب من ممارسة حقها الطبيعى فى تقرير مصرها،على النحو الذى اعترفت به إتفاقيات جينيف 1949 والاتفاقيات الدولية لمناهضة اخذ الرهائن ، التي استبعدت من دائرة الإرهاب الأفعال التى ترتكب أثناء المنازعات المسلحة،بما فى ذلك المنازعات المسلحة التى تناضل فيها الشعوب ضد السيطرة الاستعمارية والاحتلال الأجنبى، وممارسة لحقها فى تقرير المصير، كما يجسد ميثاق الأمم المتحدة وإعلان مباديء القانون الدولى الخاص بالعلاقات الودية والتعاون بين الدول على مكافحة العمليات الإرهابية.

2ـ إن حرص مصر وإدانتها لتلك العمليات لايمتد إلى إطلاق الأحكام العامة على الشعوب وتشوية صورتها فى الأذهان، لأن من مصلحة المجتمع الدولى عزل الفئة القلية التى تحترف الإرهاب وتجاهربه على الملأ.

3ـ أهمية عقد مؤتمر دولي تحت رعاية الأمم المتحدة، ويأخذ في الإعتبار جميع الاتفاقيات الدولية المعنية بالإرهاب الدولي بهدف عقد إتفاقية شاملة لمكافحتة وردعة.ويحب أن تعالج الإتفاقية المقترحة كافة النواحي المتصلة بالإرهاب والتعاون المطلوب بين الدول للتصدى له وردعه ، و يدخل فى هذا التبادل المعلوماتي بين الأجهزة المختصة عن المخططات الإرهابية والأفراد والجماعات المتورطة فيها وتدريب وحدات خاصة على مواجة الإرهاب والإرهابين، وتوفير الوسائل التي تستخدم تلك المواجهة والتعاون للقبض على الإرهابين وتسليمهم والتحقيق معهم ومحاكمتهم وكذلك ما يتبع من إجراءات جماعية إزاء الدول التي تساعد الإرهابين وتحرضهم ، بصورة تضمن أن لا تأخذ هذه الإجراءات الرادعة طابع العداء لجماعة قومية أو لمجموعة من الدول أو تنبع من انحياز سياسى معين بل يجب ان تكون مرتبطة بعامل واحد هو مسلك تلك الحكومات إزاء الإرهاب.

4 – حرصت مصر على أن توضح للعالم أجمع أن الإسلام برئ من الإتهامات الجزافية والخاصة بدعمه للإرهاب . وقد عزز من فرص إستهداف الغير لدول العالم الإسلامي عدد من العوامل يمكن إيجازها فيما يلي :

أ – عدم وجود صورة واضحة عن الإسلام وتعاليمه السمحة في الدول غير الإسلامية على نحو أتاح الربط دون حق بين الإسلام ومفاهيم التطرف والمغالاة والعنف والرغبة في تدمير الغير وساعد على ذلك ما قامت به قلة متشددة من تصرفات غير مسؤولة خالفت بها كافة تعاليم الإسلام .

ب – إن العديد من الدول والشعوب التي مازلت تعاني من الاستعمار والاحتلال حتى الآن تنتمي إلى دول العالم الإسلامي على نحو أتاح تصوير سعي هذه الدول والشعوب نحو الاستقلال وتقرير المصير على أنه عدوان ضد الحضارات والديانات الأخرى .

ج – إن الارتباط في المصالح بين الأمم والشعوب وما يترتب عليه من تحالفات سياسية وإقتصادية وعسكرية في بعض الأحيان قد زاد من تدخل العنصر العقائدي في تشكيل السياسات التي تنتهجها الدول وأحيا مفاهيماً قديمة عفا عليها الزمن وتجاوزاتها الأحداث كمفاهيم الحرب الصليبية ، الأمر الذي ينذر ما لم يتم تداركه بسرعة بظهور حالة من الصراع بين الأديان قد تقود العالم أجمع إلى موجة جديدة من التشرد والتطرف .

الجهود المصرية في مجال مكافحة الإرهاب:

لقد كانت مصر أول من دعت إلي عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب وكانت تلك المبادرة والتي أطلقها الرئيس السابق في حديثه أمام الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا في 28 يناير 1986 تقوم علي قاعدتين أساسيتين :

القاعدة الأولى : أمنية ، وتقضي بملاحقة الخلايا الإرهابية وعناصرها في كل مكان وأن يقوم تعاون دولي بين الأجهزة الأمنية لهذا الغرض وأن تتم ملاحقة مصادر تمويل الإرهاب عبر الشبكة المالية الدولية .

القاعدة الثانية : فكانت تقضي بالبحث عن جذور الإرهاب وإجتثاثها وقال الرئيس السابق في هذا الصدد بوضوح وثقة ” إن سيف الإرهاب سيطال الجميع ” . وقد طرح الرئيس مبادرته في جميع المحافل الدولية وأشار إليها في عدد كبير من أحاديثه ولقاءاته …

في 27 يناير 1987 , قال الرئيس السابق في كلمته أمام مؤتمر القمة الإسلامي الخامس في الكويت :
أ – أن مصر قد نبهت منذ ما يزيد علي عام إلى ضرورة التصدي لظاهرة الإرهاب والكشف عن دوافعها وآثارها السياسية والإقتصادية والنفسية .
ب – أن مصر قد دعت إلي التفرقة بين أعمال الإرهاب المستنكرة وبين النضال الذي تخوضه حركات التحرير الوطني للخلاص من الاحتلال الأجنبي والإستعمار والسيطرة .

فى12 مارس 1993 , أكد الرئيس السابق في حديثه لصحيفة الأنباء الكويتية على :
أ – أن الإرهابيين مجموعة من المجرمين الخارجين علي القانون .
ب- الغالبية العظمي منهم كانت في أفغانستان وكان الواحد منهم يتقاضى ألف وألف وخمسمائة دولار في الشهر وعندما انتهت العمليات العسكرية في أفغانستان بدأوا الحديث عن مصدر آخر للعمل والتمويل فوجدوا ضالتهم في إيران ولكن طهران لم تعطيهم الكثير وبالتالي فقد انتقلوا من إيران للسودان ومن السودان إلي مصر .

في 7 ديسمبر 1995 , مؤكداُ خلال المؤتمر الصحفي المشترك الذي جمعه برئيس الوزراء الإسرائيلي -آنذاك- شيمون بيريز في القاهرة على أن …
أ – الإرهاب ليست ظاهرة خاصة بدولة معينة ولكنها ظاهرة دولية .
ب – لابد من التعاون بين جميع دول العالم حتى تتوقف عمليات الإرهاب عند حدودها .

فى13 مارس 1996 , جاء في تصريحات الرئيس السابق عقب إجتماعات قمة صانعي السلام بشرم الشيخ ” إن العمليات الإرهابية يمكن أن تحدث في أي وقت ولا يمكن منعها مائة في المائة ولذلك كان لابد من عقد هذا المؤتمر الدولي لمكافحة الإرهاب على الأقل لكي يشعر الناس في كل مكان أن الإرهاب مدان من الأغلبية العظمي من زعماء العالم ” .

فى14 يناير 1998 , أكد الرئيس السابق في كلمته أمام المؤتمر الطارئ لإتحاد البرلمانيين العرب بالأقصر علي أن :
أ – الأنشطة الإرهابية تتعدي حدود الدول لنشر الرعب في المجتمعات الآمنة وتخرق القيم الإنسانية والقواعد الأخلاقية .
ب – الإسلام برئ من كل ما يعلق به من إفتراءات فهو دين الرفق والمحبة وإحترام إنسانية الآخرين .
ج – التضامن العربي يتيح تضافر جهود الدول العربية من أجل مكافحة قوى الظلام والتطرف ودعاة الخراب .

في 25 يناير 1999, أشاد الرئيس السابق في كلمته بمناسبة الإحتفال بعيد الشرطة ، بالشرطة المصرية وذلك لنجاحها في تطويق خطر الجماعات الإرهابية وتقويض تنظيماتها وشل فاعليتها .

فى12 فبراير 2000 , قال الرئيس السابق في حديثه لوكالة الأنباء الفرنسية ” إن مشكلة التطرف والإرهاب ليست مقصورة على مصر إنها مسألة إرهاب دولي كما أنها ظاهرة عالمية مثل ما يحدث من أعمال العنف التي جرت في أوروبا والولايات المتحدة وقد دعوت منذ عشر سنوات إلي عقد مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب الذي يمثل ظاهرة عالمية ” .

في 25 سبتمبر 2001 , وبعد أحداث سبتمبر الإرهابية والتي أصابت نيويورك وواشنطن أكد الرئيس السابق في حديث لشبكة سي بي أس الإخبارية الأمريكية أن :
أ – جميع الدول في العالم دون إستثناء ستعمل مع الولايات المتحدة ضد الإرهابيين فلا توجد دولة واحدة مقتنعة بمساندة الإرهاب .
ب – مصر عانت لسنوات من وطأة الإرهاب وأن عناصر حركة الجهاد الإسلامي المصرية ليسوا في مصر فهم مع بن لادن .

في 6 مارس 2002 , قال الرئيس السابق أمام مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي :
أ – إن أحداث سبتمبر المأساوية تؤكد أن المجتمع العالمي يجب أن يعمل معاً في مواجهة الإرهاب بكل اشكاله .
ب – إن هذا الحدث أكد أن رفاهية البعض يمكن أن تكون رفاهية للجميع وأن الآلام والظلم الذي يتعرض له آخرون يجب أن تكون آلامنا ومظالمنا جميعاً .
ج – أن مصر تحركت للرد على قوى الظلام وتبذل مساعيها لإستئصال هذا السرطان الذي يهدد الجميع .

في 10 مارس 2003 , أكد الرئيس السابق في كلمته أمام المؤتمر السادس لوزراء الإعلام العرب أن :
أ – الإرهاب جريمة عالمية منظمة تهدد الإستقرار والأمن في العالم كله لا دين ولا وطن ولا جنسية .
ب – الإرهاب خنجر مسموم يرتد إلى قلب من يحميه .
ج – مصر طالبت العالم بالتكاتف للتعرف على أسباب الإرهاب والقضاء عليها وإجتثاث جذور وتجفيف متابعة من خلال مواجهة عالمية شاملة تحت مظلة الأمم المتحدة وفي إطار مؤتمر دولي .

موقف الولايات المتحدة من الآحداث فى مصر:
حاولت الحكومتان الأميركية والمصرية، خلال الشهر الماضي، تجاوز التشنّجات التي طبعت العلاقات الثنائية بينهما منذ تموز/يوليو 2013، وذلك عبر إعادة تركيز العلاقات الأميركية-المصرية حول المصالح المتبادلة الملحّة، وعلى رأسها مكافحة الإرهاب. على الرغم من أن هذه المقاربة تبدو منطقية، يستمر التوتّر لأن تعريف “الإرهاب” يختلف بين الطرفَين. وحتى في الوقت الذي تتعاون فيه الولايات المتحدة مع السلطات المصرية من أجل التصدّي للتهديدات في سيناء وسواها من المناطق الحدودية المصرية، ستظل العلاقة بين البلدَين مشحونة – ومن غير المرجّح أن تتدفّق المساعدات بحرية وسهولة – بسبب إصرار الحكومة المصرية على تصنيف المعارضة السياسية في خانة الإرهاب أيضاً.

تواجه مصر تهديداً إرهابياً حقيقياً وخطيراً داخل شبه جزيرة سيناء التي تشكّل أيضاً منطلقاً للهجمات الإرهابية في أجزاء أخرى من البلاد، ومما لاشك فيه أن التصدّي لهذا التهديد يشكّل أولوية أمنية مشتركة. بحسب مصادر الحكومة المصرية، بلغت حصيلة القتلى في الهجمات الإرهابية منذ اندلاع الانتفاضة في العام 2011، أكثر من 700 شخص في صفوف الجنود والشرطة والمدنيين، مع الإشارة إلى أن حوالي 500 منهم لقوا مصرعهم منذ الانقلاب في تموز/يوليو الماضي. وقد سقط العدد الأكبر من الضحايا في سيناء أو على أيدي أفرقاء يتخذون من سيناء قاعدةً لهم. في معظم الحالات، عندما تنفجر عبوة ناسفة عند قارعة الطريق، وهذا يحدث بصورة شبه يومية، أو تتعرّض آليات الأجهزة الأمنية لإطلاق نار، لاتتبنّى أي جهة المسؤولية؛ فالإرهابيون يتبنّون عادةً التفجيرات الضخمة التي يسقط فيها عدد كبير من الضحايا. المجموعة الأكثر نشاطاً التي تتبنّى هذه الهجمات هي أنصار بيت المقدس، كما أنه التنظيم الوحيد في سيناء الذي يُعلن مسؤوليته عن هجمات خارج شبه الجزيرة.

على الرغم من أن اسم التنظيم، أنصار بيت المقدس، يُشير إلى أن إسرائيل هي المستهدفة، تحوّلت المجموعة، في أقل من ثلاث سنوات على تأسيسها في مطلع العام 2011، من مهاجمة إسرائيل ومحاولة تعطيل العلاقات المصرية-الإسرائيلية إلى التركيز بطريقة شبه حصرية على حربها ضد الجيش المصري، لاسيما منذ صيف 2013. وقد تبنّت عمليات عدة بدءاً من الهجمات بالصواريخ على إسرائيل مروراً بالتفجيرات في شمال سيناء وجنوبها وصولاً إلى محاولة اغتيال وزير الداخلية المصري محمد ابراهيم في 5 أيلول/سبتمبر الماضي والهجمات على الشرطة ومديريات الأمن في محافظات القاهرة والدقهلية والإسماعيلية والشرقية. وفي 25 كانون الثاني/يناير الماضي، أسقطت جماعة أنصار بيت المقدس مروحية تابعة للجيش المصري في سيناء بواسطة صاروخ أرض-جو محمول على الكتف؛ وفي 16 شباط/فبراير الماضي، نفّذ التنظيم هجوماً انتحارياً استهدف حافلة تقلّ سياحاً كوريين في طابا، في أول اعتداء مباشر على السياح منذ انتفاضة 2011.

على الرغم من طموحات أنصار بيت المقدس ودعمهم لفكر تنظيم القاعدة، لاتربطهم أية صلات رسمية بالقاعدة، ولاتشكّل هذه المجموعة التي تتخذ من سيناء قاعدة لها تهديداً مباشراً لأمن الولايات المتحدة. لكن نظراً إلى أن أنصار بيت المقدس تنظيم جهادي يتمركز في الأراضي الحدودية بين دولتَين حليفتَين للولايات المتحدة ويشنّ هجمات ضدهما، فهو يشكّل تهديداً مباشراً لثلاث مصالح مرتبطة بالأمن القومي الأميركي: الاستقرار المصري، والأمن الإسرائيلي، والحفاظ على الهدوء عند الحدود بين الدولتَين. وقد صنّفت وزارة الخارجية الأميركية جماعة أنصار بيت المقدس في خانة التنظيمات الإرهابية في 9 نيسان/أبريل 2014.
خلال الأشهر القليلة الماضية، حقّقت القوات المسلحة المصرية نجاحاً أكبر في التصدّي للتهديد القادم من سيناء عبر تطبيق إجراءات أمنية مشدّدة في شبه الجزيرة. عندما أسقطت جماعة أنصار بيت المقدس المروحية العسكرية في كانون الثاني/يناير الماضي، ثم شنّت الهجوم على حافلة السياح في شباط/فبراير، بدا وكأنه من المستحيل وضع حد لزخم العمليات التصاعدية التي يشنّها التنظيم. إلا أن هذه الهجمات سمحت للقوات المسلحة المصرية بتركيز جهودها. فإصرار الحكومة المصرية على أن جماعة الإخوان المسلمين تقف خلف الهجمات التي يشنّها أنصار بيت المقدس – فضلاً عن أن الإخوان كانوا يشكّلون خصماً سياسياً وجودياً – دفع بالقوى الأمنية إلى التركيز على الإخوان أكثر منه على أنصار بيت المقدس. لكن في الأسابيع التي تلت إسقاط المروحية، قصف الجيش المصري، بواسطة مروحيات أباتشي، مواقع يُشتبَه بأن الجهاديين يختبئون فيها خارج مدن العريش ورفح والشيخ زويد شمال سيناء. من الناحية العملانية، كان استخدام المروحيات في هذه الهجمات الطريقة الأكثر فعالية – وعشوائية – للقضاء على الجهاديين، لكنه كان مؤشراً واضحاً أيضاً بأن هجوماً واحداً بواسطة صاروخ أرض-جو لايكفي لتعطيل تفوُّق الجيش في القوة النارية على الأرض.

حتى خلال تعليق المساعدات الأميركية بين تشرين الأول/أكتوبر ونيسان/أبريل الماضي بسبب حملات التضييق الشديد على الإخوان المسلمين وسواهم من الناشطين السياسيين، تابع الجيش المصري هجومه في سيناء. تُفضّل مصر عدم الكشف على الملأ عن تعاونها مع إسرائيل، بيد أنهما تنسّقان معاً عمليات الجيش المصري في سيناء منذ العام 2011. وكذلك يتباحث المسؤولون الأميركيون باستمرار مع نظرائهم المصريين حول سبل معالجة التهديد في سيناء. وعمليات الجيش المصري في سيناء هي أيضاً من مصلحة الولايات المتحدة، وقد نوّهت الحكومة الأميركية بتكثيف السلطات المصرية جهودها في هذا الإطار.

وأتى المسؤولون في وزارة الخارجية الأميركية على ذكر هذه العمليات – فضلاً عن الإقرار بالتهديد المشترك الذي يمثّله تنظيم أنصار بيت المقدس – لدى الإعلان في نيسان/أبريل الماضي عن قرار إرسال عشر مروحيات أباتشي جديدة إلى مصر.
فيما تركّز القوات المسلحة والشرطة على التهديد الإرهابي في سيناء، أكثر من أي وقت مضى منذ اندلاع الانتفاضة في العام 2011، استتبّ الهدوء إلى حد كبير في شبه الجزيرة، على الأقل في الوقت الحالي. لكن وفي حين نجحت القوات المسلحة في كبح الهجمات الكبرى التي تنطلق من سيناء، سُجِّل ارتفاع في أعداد الهجمات الصغيرة، التي لاعلاقة لها على الإطلاق بالمجموعات المتمركزة في سيناء، والتي تستهدف دوريات للشرطة وحواجز تفتيش وأفراداً في المدن المصرية، وتُنفَّذ رداً على ممارسات الشرطة التعسّفية، كما توصَف، منذ عزل مرسي. هذه الهجمات هي أيضاً أعمال إرهابية، ولايجوز الصفح عن مثل هذه الممارسات العنيفة أو تبريرها؛ لكن الولايات المتحدة ترى أن النزاع السياسي الراهن في مصر – والقمع الذي تمارسه السلطات المصرية بحق المعارضه المصريه وهكذا تنظر الولايات المتحدة موقف مصر ضد الارهاب يزيد من حدة المخاطر التي تحدق بالبلاد جرّاء التهديد الإرهاب.

تعتبر الحكومة الأميركية أن عدداً كبيراً من السياسات التي تنتهجها الحكومة المصرية المؤقتة خطير ومقلق، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الكثير من الأحكام الصادرة عن القضاء المصري. توافق واشنطن على أن مرسي لم يكن رئيساً فعّالاً ولا جامعاً، لكنها غير مقتنعة بالرواية المصرية بأن الإخوان المسلمين هم العقل المدبّر للإرهاب في مصر. فقد ورد في تقرير وزارة الحارجية الأميركية عن “الإرهاب في دول العالم” للعام 2013 الذي صدر مؤخراً، أن الحكومة المصرية “لم تقدّم أية أدلّة تثبت أن الإخوان المسلمين ضالعون مباشرة في الهجمات الإرهابية التي أعقبت عزل الرئيس محمد مرسي”. واقع الحال هو أن المسؤولين الأميركيين سئموا من سماع نظرائهم المصريين يردّدون هذا الكلام بدلاً من التركيز على التهديدات الإرهابية الحقيقية القادمة من سيناء وليبيا.
إذن، عبر توسيع مصر “حربها على الإرهاب” لتتحول إلى “حرب على المعارضة السياسية”، تخسر الدعم الأميركي لمكافحة الإرهاب في الداخل المصري. فعلى صعيد التجهيزات، تتردّد الولايات المتحدة في إرسال معدّات من شأنها المساعدة على مكافحة الإرهاب، خوفاً من استخدامها لاستهداف المعارضين السياسيين أيضاً. خلاصة القول أن التعاون الأميركي-المصري في مكافحة الإرهاب في سيناء، وعلى الرغم مما قد يعترضه من عراقيل بسبب الخلافات الحالية، يمكن أن يستمر، وسوف يستمر على الأرجح سواء سلكت مصر مساراً ديمقراطياً أم لم تفعل، والسبب هو أن الأمن في شبه جزيرة سيناء يشكّل مصلحة مشتركة للدولتَين. إلا أنه من شأن الولايات المتحدة أن تزيد إلى حد كبير مساعداتها لمصر في مجال مكافحة الإرهاب في حال توقّفت السلطات المصرية عن التضييق على المعارضة السياسية.

النتائج المقترحات:

المقترحات التى يجب ان تستخدم التجنب مخاطر هذه الظاهرة وبالتالي إنهاء وجوده.
ومن أبرز هذه المقترحات
1 – المساواة بين طبقات المجتمع كافة، ومعالجة ظاهرتي التخلف والبطالة التي تعتبر من مخلفات الحرمان الاقتصادي المزمن وتداعيات القهر الاجتماعي المتواصل
2 – إعادة توزيع الثروة وموارد التنمية وتلبية مختلف الحاجات الأساسية للفرد المواطن وعلى نحو متوازن تجعله يمتلك القدرة على العطاء والبناء والابتعاد عن السلوك والاعمال العدوانية الملازمة لظاهرة الإرهاب وبالشكل الذي يخلق حالة من الثقة المتبادلة بين المواطن والدولة من جهة والمواطن وافراد المجتمع المحيطين به من جهة أخرى
3 – مكافحة عمليات الفساد الإداري والرشوة في جميع مرافق وإدارات الدولة 4 – وبناء قاعدة اقتصادية متطورة تؤمن الحاجات الاساسية الضرورية للمواط ضرورة إعطاء مجال واسع من الحرية والتعبير عن الراي لفئات مختلفة من الشباب تجنبا لحالة التهميش وفتح مراكز تدريب و تأهيل خاصة بالشباب تنمي قدراتهم وتعزز مواهبهم.
5 – اعادة تأهيل قطاع الاتصالات والمعلومات في جميع مفاصل الدولة لكي يتسنى لطبقات واسعة من المجتمع الاطلاع على المستجدات العلمية والتقنية وكسر حالة الكبت والجمود لديهم.

ما المطلوب من دولة حرة تواجه خطراً إرهابياً سافراً
أولاً: مراجعة قوانينها الاستثنائية لضمان أن تفى بالوسائل اللازمة لمواجهة تلك الخطر
ثانياً: تفعيل القوانين الاستثنائية بكل دقة وصرامة طالما كان الخطر قائماً
ثالثاً: امتلاك رؤية واضحة معلنة عن حالة الحريات والإجراءات التى ستكون نافذة وفاعلة ومصانة بمجرد هزيمة الخطر الإرهابى مصارحة الجمهور
رابعا :رصيد بالحقائق غير المصنفة سرية فى هذا الإطار، وإحاطته بدوافع القرارات والإجراءات الاستثنائية، وإعلان نتائج التحقيقات الكاشفة بشفافية، ودعمها بالوثائق كلما أمكن
رصد وتوثيق حالات الانتهاك التى تقع من السلطات خارج حدود القانون، ومحاسبة المخطئ

خامس: مصارحة الجمهور بالحقائق غير المصنفة سرية فى هذا الإطار، وإحاطته بدوافع القرارات والإجراءات الاستثنائية، وإعلان نتائج التحقيقات الكاشفة بشفافية، ودعمها بالوثائق كلما أمكن
لابد من تحديث الادوات المستخدمه الموجة الآرهاب من المعدات والعمل على رفع كفاءة الجهات الامنيه المختلفه وتسليحه بااحدث الاسلحه الموجوده لابد من التعاون بين الجهات الآمنيه والموطنين لموجهة هذه الظهره التى يعانيه منه كل المصرين والوطن العربى من التدخل الخارجيه والتمويل المستمر لهذه الجهات التى تحمل اسماء مختلفه
لابدمن مراقيبة كل الموارد والمصادر لبعض الجهات والجماعات والمنظيمات الدوليه التى تعمل على ارض الدوله والهدف لهذه المنظيمات اى كان الهدف غير المعلن .

تواجه مصر إرهاباً اً مدعوماً من الخارج، وهو يستهدف تقويض الدولة وإشاعة الفوضى، ويجب على الدولة مواجهته بكل صرامة، ولها فى ذلك أن تطبق القوانين الاستثنائية المعنية، وسيكون لذلك تأثير سلبى على نسق الحريات الذى نأمله، والذى يجب أن تتعهد الدولة بتفعيله، بمجرد دحر الإرهاب، وسنقوم نحن بمراقبتها يف يمكن أن يحافظ المجتمع الديمقراطى الحر على حقوق الإنسان الفرد وقيم الديمقراطية، ويواجه الإرهاب فى آن واحد.

يمكن القول ان ظاهرة الإرهاب ليست جديدة وإنما هي ظاهرة قديمة قدم الانسان ذاته فهي لصيقة بطبيعة وجوده وتطورت الظاهرة بفعل متغيرات البيئة الدولية التي تتحرك فيها والتي تعتبر العامل الرئيسي وراء التحول في اشكال الإرهاب الدولي فعلى الرغم من ان جوهر الإرهاب يظل واحدا فان اشكاله وأدواته وتكتيكاته تختلف وتتطور بسرعة مع الزمن وتبقى المسألة الرئيسية تكمن في حصر وتقنين ظاهرة الإرهاب مسألة ذات بعد حضاري إنساني كون الإنسان هو الشخص الذي يمتلك الإرادة الفعلية والعملية في استئصال جذور الإرهاب لينهض من جديد بفكر خلاق بناء قادر على التعاطي الإيجابي مع واقع وأعباء الحياة المختلفة.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى