مخاطر الإندثار تحدق ببحيرة تشاد منبع حياة تهدّده “بوكو حرام”
– مخاطر الإندثار تحدق ببحيرة تشاد، هذا المورد الحيوي الذي يمثّل مصدر رزق لنحو 30 مليون شخص في بلدان الساحل الإفريقي التي تطلّ عليها (الكاميرون والنيجر وتشاد ونيجيريا). ومع أن تقلّص متوسّط مياه البحيرة يعود إلى زمن بعيد، إلاّ أنّ تمركز “بوكو حرام” وغيرها من المجموعات المسلّحة في تلك البلدان، فاقم من مخاوف اندثار البحيرة وحال دون تفعيل مخطّط إنقاذها.
وفي تعقيب له عن الموضوع، قال أستاذ العلوم السياسية والقضايا الأمنية، الطيب دجوراب، وهو من الناشطين في ولاية نيوجيرسي الأمريكية ضمن منظمة “الخدمة القانونية بمدينة نيويورك”، غير الحكومية، إنّ أولويات الدول المطلّة على بحيرة تشاد تغيرت، بسبب ارتفاع الخطر الإرهابي، بالمنطقة، مضيفا، في تصريح للأناضول، إنّ “سعي كلّ من بوكو حرام إلى السيطرة على هذه المنطقة، اعتمادا على المعتقدات الدينية والحضارية، وبقية التنظيمات المسلحة المنتشرة بمنطقة الساحل، دفع بالسلطات إلى تغيير أولوياتها، بحيث يأتي عنصر الأمن في طليعة الترتيب”.
وحالت الهجمات الإرهابية المتكررة على المنطقة، دون الحصول على التمويلات الضرورية لمشروع إنقاذ البحيرة، والذي تبنته الدول المطلة على البحيرة منذ 2008.
وخلال كلمته في فعاليات المؤتمر العالمي للمناخ، كوب 21، المنعقد بباريس في ديسمبر/كانون الأول الماضي، قال الرئيس التشادي، إدريس ديبي ايتنو، إنّ “لدى الأفارقة مشروع لم يجد التمويل، وهو نقل المياه من نهر أوبانغي إلى بحيرة تشاد، بكلفة تقدّر بنحو 3 ألاف و980 مليار فرنك إفريقي (ما يعادل 6.4 مليار دولارا)”.
وفي السياق ذاته، أشار الرئيس النيجري محمدو يوسوفو، خلال مشاركته في المؤتمر نفسه، إلى أنّ “بحيرة تشاد تعدّ ملكية مشتركة يمكن اعتبارها إرثا إنسانيا، وأودّ، من هذا المنطلق، توجيه الدعوة لشركائنا وأصدقائنا لينصتوا لصيحات قلوب سكان الدول المطلة على بحيرة تشاد، من أجل مد يد العون للملايين من الأشخاص اليائسين، من خلال المساهمة في تمويل خطة الإنقاذ هذه”.
ومن جانبه، لفت دجوراب إلى أنّ هذه الخطة الهادفة إلى المحافظة على مصدر ثمين للحياة في المنطقة، يظلّ حبرا على ورق، بما أنّ أيّ مموّل للمشروع ينتظر، في المقابل، “عائدات استثماره”، بيد أنّ مناخ انعدام الأمن السائد بمنطقة الساحل الإفريقي، يفرض نفسه “عائقا” بهذا الاتجاه.
ورغم أنّ دراسة الجدوى التي أوكلت إلى شركة دولية، أكدت أن المشروع قابل للتنفيذ من الناحية التقنية، إلاّ أنّ تجسيده لا يزال قيد الانتظار.
من جهته، قال أستاذ الجغرافيا وعلم المناخ بجامعة نجامينا التشادية، باهوتو لاوهوت، إنّ الإشكالات التي تواجهها بحيرة تشاد تتعلق، أساسا، بإدارة المياه المشتركة، والتي تطرح العديد من الأسئلة الشائكة، على مختلف الأصعدة، سواء القطاعية أوالمحلية أوالإقليمية، وهذه القضايا تتمحور حول اثنين من الأخطار المتربّصة بالبحيرة، وهما المساس بالتنوع البيولوجي ونضوب المياه.
وأضاف لاوهوت، في حديث للأناضول، إنّ “مشروع إنقاذ بحيرة تشاد يعود إلى فترة حكم ديزيريه كابيلا، (الرئيس السابق لجمهورية الكونغو الديمقراطية/ 1997- 2001)، وإن لم يدخل حتى الآن حيّز التنفيذ، فبسبب ارتفاع الأصوات المعارضة للخطة في بعض الدول المانحة”.
ويهدف مشروع الإنقاذ الذي تبنته البلدان المطلة على بحيرة تشاد، منذ 2008، إلى تحسين الموارد المائية للحوض، من خلال امتصاص وتجريف نهر شاري- لوغون ، أو عن طريق نقل جزء من مياه نهر أوبانغي، والذي يشكّل الحدود الطبيعية بين إفريقيا الوسطى الكونغو الديمقراطية والكونغو.
وينبع نهر شاري من إفريقيا الوسطى ويصل إلى مدينة نجامينا في تشاد، حيث يلتقي بنهر “لوغون” والذي يشكل حدوداً طبيعية بين تشاد والكاميرون، ويعبر النهر الحدود بين البلدين ليصب في بحيرة تشاد.
ومن المتوقع، أن يقع التوسيع في مساحة البحيرة بحوالي 5 آلاف و500 كم مربّع، من خلال نقل المياه من حوض نهر الكونغو عبر نهر “أوبانغي” باتجاه حوض بحيرة تشاد، بما يسمح برفع مستوى المياه بالبحيرة بحوالي متر واحد في الحوض الجنوبي ومثله في الحوض الشمالي، بحسب البيانات المنشورة على الموقع الرسمي للجنة حوض بحيرة تشاد.
ويهدف مشروع الإنقاذ إلى مقاومة نضوب البحيرة الجذري، وتجنيبها مصير بحر “آرال”، الذي تتقاسمه بلدان آسيا الوسطى الخمسة (يقع بين أوزبكستان جنوبا وكازاخستان شمالا)، والذي اختفى جزء هام منه خلال القرن الماضي.
وبدأت بحيرة تشاد في الجفاف اعتبارا من عام 1962، حيث انخفض منسوب مياهها بـ 4 أمتار، لتتقلّص مساحتها تدريجيا إلى حدود 90 %. كما ساهمت التغيرات المناخية، مثل الجفاف وندرة الأمطار والاستغلال المفرط للموارد المائية من قبل السكان المحليين، ممّن استنزفوا 75٪ من المياه، في تراجع متوسّط مياهها من 25 ألف كلم مربع إلى ألف و350، وفقا لبيانات البنك الدولي ولجنة حوض بحيرة تشاد.