عربُ إيرانْ وشيعةُ السعوديةْ
بقلم : عبدالله عبدالحميد فرحان
تترقبُ المنطقةُ بقلقٍ كبيرٍ مُستجداتِ التوتر السعودي الإيراني، فمع أنَّ حديثَ الأمير محمد بن سلمان إلى صحيفة ايكونوميست قبل أيام قد استبعد احتمال صِدامٍ عسكري مباشر بين السعوديين والإيرانيين، ترتفع أسهم صداماتٍ بين الدولتين على أراضٍ أُخرى، والتي لا بد وأن تكون عربية على نحوٍ أساسي.
مع ذلك يبحثُ هذا المقال في تلويحٍ سعوديٍ بورقةِ الأحوازِ في إيران، مقابل تلويحٍ إيرانيٍ بورقةِ الشيعة في المنطقة الشرقية السعودية، وفي دول خليجية أخرى.
إنَّ نموذج التأثير الإيراني في الشيعة السعوديين مقابل التأثير السعودي في العرب الإيرانيين يمكن أن يشرح الفجوة الكبيرة في القدرة على كسب الصراع بين الإيرانيين والسعوديين، فهل التأثير السعودي في قضية الأحواز الإيرانيين يوازي التأثير الإيراني في قضية الشيعة السعوديين؟، إن لم يكن ذلك؛ هل يفوقه أو يقل عنه؟
إلى حدٍ ما؛ تتشابه الظروف التاريخية والاقتصادية بين القضيتين، فمنطقة العرب الأحواز تمثل منطقة الثروة النفطية في إيران، وقد ضمها رضا شاه بهلوي (بموافقة بريطانية) في عشرينيات القرن العشرين، فيما تقع الثروة النفطية في شرق السعودية ضمن مناطق الشيعة السعوديون والتي ضمها الملك عبدالعزيز آل سعود إلى دولته في ذات الحقبة التاريخية تقريباً، وبدعم بريطاني أيضاً ضمن مشروع خارطة المنطقة الجديدة آنذاك.
وفيما يستدعي السعوديون اليوم خطاباً قومياً لإدارةِ ورقةِ الأحوازيين العرب المنتمين إلى المذهب الشيعي، يستدعون خطاباً مذهبياً في ساحات الصراع العربية في مواجهة الشيعة المرتبطين بإيران؛ كما هو الحال في سوريا واليمن، ما يفترضُ ترجيح كفَّة إيران – التي نجحت في استمالة الشيعة في الدول العربية – من جهة، ويشيرُ إلى التناقض الذي قد يضعف الورقة السعودية في الأحواز من جهة أخرى.
بالمقابل يعتمد الإيرانيون على استدعاء الورقة المذهبية خارجياً وفي الداخل الإيراني ذو القوميات المتعددة والتي يجمعها إلى حد كبير (المذهب الشيعي) بما في ذلك قومية الأحواز الشيعة، ولعلَّ تعدد القوميات هو ما دفع بالشاه رضا بهلوي في الحادي والعشرين من مارس ١٩٣٦م إلى استبدالِ تسميةِ دولة (فارس) بمسمى دولة (إيران) كتعبير عن هويَّة قومية أكثر اتساعاً (الآريين الهندو أوروبيين)، ومغازلةً لشعوبٍ أوراسيةٍ على ارتباط بذات القومية الثقافية.
بحسب كثيرين : نجح اعتناق الإيرانيين المذهب الشيعي في الحفاظ على إيران كدولة ذات هوية ثقافية خاصة في محيط سني كبير، ويساهمُ المذهبُ في التأليف بين قومياتٍ متعددةٍ في إيران، كما يسهمُ في ترسيخ النفوذ الإيراني في أوساط الأقليات الشيعية في العديد من الدول، وزيادةً في مغازلةِ الإيرانيين للشيعةِ في الدول الأخرى، لا يشترط الدستور الإيراني أنْ يكون الولي الفقيه إيرانياً (مع أنَّه عمليا لن يكون غير ذلك).
تؤكِّدُ المعطيات أنَّ العربَ يصبحون الحلقة الأضعف عند استدعاء الصراع المذهبي، خاصةً في غياب المشروع السياسي الجامع وتسَيُّد الهويات المفككة على حساب هوية حضارية جامعة، وفيما تحضر المشكلات السياسية الأمنية والاقتصادية والاجتماعية؛ يتشبَّثُ العرب (بالدولة القبيلة) في القرن الحادي والعشرين وما بعد (الدولة المؤسسية).