الشرق الأوسطعاجل

خطاب 9 شباط بين العبادي وعبدالكريم قاسم ،، تشابه واختلاف !

كتب : همام السليم
هل كانت مجرد صدفة عابرة ان يتزامن خطاب الدكتور حيدر العبادي رئيس وزراء العراق مساء الثلاثاء 9/ شباط 2016 مع ذكرى اغتيال الزعيم عبدالكريم قاسم في ما سمي بعروس الثورات بقيادة حزب البعث التي منعت الزعم قاسم من القاء خطابه الذي سجله يوم 8/شباط 1963 وتأجيل قراءته والاستماع له ليوم 9 / شباط من العام ذاته؟ حين اضطر الزعيم للاستسلام بسبب تدمير مقره في وزارة الدفاع ونفاذ عتاده وبقاء اربعة اشخاص فقط معه، فالقي القبض عليه واخضع لمحكمة عسكرية حكمت عليه بالإعدام ونفذ الحكم في الجلسة ذاتها.
وبعد اعدامه استمعوا لخطابه الذي قال فيه ( انا ابو الفقراء، أنا بنيت للفراء المدن، أنا طردت الاستعمار، أنا انصفت الفلاحين) ولكنهم اغتالوه، فهل كانت مجرد صدفة ان يتزامن خطاب العبادي مع ذكرى هذه الحادثة أو الثورة ؟ أم ان التاريخ يريد ان يعيد نفسه ؟ ولما اخر العبادي خطابه لوقت متأخر من الليل؟ ولما سافر بعد القاء الخطاب ؟ ولما شابه في بعض مفردات خطابه كلمات الزعيم قاسم؟ ولما ركز على بعض القرارات التي تخص دعم الفقراء كما فعل الزعيم؟ وما هي اوجه التشابه والاختلاف بين الخطابين ؟
اوجه التشابه:
اول اوجه التشابه هو تاريخ 9 / شباط ، وثانيه استهلال العبادي لخطابه بسرد جملة مما اعتبرها انجازاته خلال عام ونصف ومما ذكر ( اجراءه للترشيق الحكومي والغاءه عدد من الوزارات ودمج اخرى، وتقليص اعداد الحمايات وتخفيض رواتب المسؤولين، وقال استطعنا العبور بالبلد الى بر الأمان رغم الضغط المالي وحفظنا البلد من انهيارى كان وشيكا بكل المعايير المالية والاقتصادية) ، وهو بهذا قد شابه الزعيم قاسم الذي كان يركز على توزيع الأراضي للفقراء وانه من طرد الاستعمار وانصف الفلاحين .. اي ركز كلاهما على الانجازات.
ومن اوجه التشابه الاخرى توعد العبادي بمعالجة بعض المشاكل الاقتصادية والاجتماعية سيما ازمتي السكن والبطالة من خلال قراره بمنح قروض للمشاريع الصناعية والزراعية والسكنية، والمشاريع الصغيرة والحرفية وركز على شريحتي الشباب وخريجي الجامعات لإيجاد فرص عمل لهم، فضلاً عن قراره بتوزيع الأراضي السكنية للمسحقين من جميع المواطنين مع توفير الخدمات الاساسية للأراضي التي ستوزع على المواطنين بحيث يمكن بناء مدن متكاملة ببنى تحتية صحيحة ، وهذه الاجراء تشابه إلى حد كبير سياسات وقرارات الزعيم عبدالكريم قاسم ابو الفقراء وابنهم كما يسمي نفسه.
ولعل اهم اوجه التشابه هو ان الزعيم عبدالكريم قاسم يوم 9/شباط 1963 لم يبقى معه سوى اربعة اشخاص من اصدقائه، كذا الحال بالنسبة للعبادي الذي تخلت عنه المرجعية وتراجعت شعبيته كثيراً فضلاً عن تخلي بعض كتل التحالف الوطني عنه سيما كتله دولة القانون وبقاءه وحيداً وسط الضغوط الداخلية والخارجية وسعي البعض لتغيره.
أوجه الاختلاف:
1- ان الزعيم قاسم لم يتمكن من بث خطابه آنذاك، بينما تمكن السيد حيدر العبادي من القائه مباشرةً عبر قناة العراقية شبه الرسمية.
2- ان الزعيم لم يكن يحظى بتأييد دولي كالذي يتمتع به العبادي اليوم وسيما من قبل الولايات المتحدة الأمريكية التي اعلنت مرارا تمسكها به؛ لتناغمه مع توجهاتها بتحييد ايران وبعض المليشيات غير المنضبطة.
3- القي القبيض على الزعيم وحكم عليه بالاعدام، بينما تمكن العبادي من السفر خارج البلاد قاصداً الفاتيكان، تاركاً خصومه من التحالف الوطني قبل غيرهم من الشركاء يعضون اصابع الندم ويشتاطون غيضاَ لترشيحهم له لهذا المنصب بعد محاولته قلب الطاولة عليهم وسحب البساط من تحت اقدام كبار الكتل ورؤسائها.
فبعد اطاح العبادي بالمالكي والنجيفي وعلاوي والاعرجي والمطلكوشاويس سابقاً يخطط اليوم للإطاحة بكل من الشهرستاني والغبان والزبيدي والدراجي وزيباري فضلاً عن خالد العبيدي وخالد العطية وربما الجعفري ضمن التعديل الوزاري الذي دعا البرلمان للموافقة عليه وينوي تقديمه قريباً جداً.
كانت هذه بعض التشابهات والاختلافات بين الخطابين او الحادثتين، ولكن لما اخر العبادي خطابه لوقت متأخر من الليل ولما سافر بعده مباشرة خارج البلد ؟ فهل يوجد خطر على حياته داخل البلاد وهل هناك من يسعى لتصفيته من الفاسدين؟ هذا ما سيتضح في قابل الايام بعد عوته للبلاد وتكثيف حمايته من عدمها.
ختاماً يمكننا القول أن التاريخ لن يعيد نفسه هذه المرة بسبب الدعم الذي يتمتع به العبادي من قبل التحالف الدولي رغم كثرة خصومه ومعارضيه داخلياً ، كما انه سيستعيد الدعم الشعبي وربما المرجعي له بعد طرحه لمشروع التعديل الوزاري الذي توعد به وشمول رؤوس كبيرة ورمي الكرة بملعب الكتل والبرلمان للموافقة عليها ام لا وفي كلتا الحالتين سيكون النصر له على خصومه ، ولم يبقى له إلا ان يضرب الفاسدين بيد من حديد فهل سيفعلها ويخلص العراق منهم ؟؟

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى