الدراسات البحثيةالمتخصصة

السياسة الألمانية تجاه قضية اللاجئين ” دراسة حالة اللاجئين السوريين”

دراسة حالة اللاجئين السوريين - الفترة الدراسية ( 2011 – 2016 )

اعداد الباحثة  : ياسمين أيمن محمد عبدالله – المركز الديمقراطي العربي

إشراف : د\ أمانى غانم

 

المقدمة :

لا يمكننا أن نغفل ما يحدث فى سوريا من عدم استقرار سياسى وأمنى واجتماعى وخاصة بعد ما يسمى بثورات الربيع العربى والتى أدت بدورها إلى بروز وتنامى ظاهرة العنف والقتل داخل سوريا وسببت خرابا طال الكثيرين ,كما أدت إلى نزوح مئات الألاف من اللاجئين إلى دول العالم طالبين الحماية والأمان ,مواجهين ما يعترض طريقهم من مخاطر سواء كانت من رفض الدول استقبالهم أو الهجوم الذين يتعرضون له من القوات الأمنية أوغرقهم فى البحار والمحيطات نتيجة تكدسهم قى قوارب ليست صالحة للسفر ولا تحتوى على أقل أدوات النجاة ,ولقد استقبلت دول الاتحاد الأوروبى عددا لا يستهان به من اللاجئين حيث اعلنت مفوضية اللاجئين فى يونيو 2015 عن اتفاقية قادة دول الاتحاد الاوروبى “لنقل 40,000 شخص بحاجة إلى الحماية الدولية وإعادة توطين 20,000 لاجئ آخر مع الدعوة إلى القيام بالمزيد من أجل وضع حد للأزمة العالمية التي تجبر أعداداً كبيرة من الأشخاص على الفرار من ديارهم .”[1]وتعتبر ألمانيا من أكبر الدول الأوروبية استقبالا للاجئين خاصة بعد سياسة الباب المفتوح التى اتبعتهاالمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل والتى عارضها الكثيرون خارج ألمانيا من دول الاتحاد الاوروبى لما ستدره عليهم من زيادة فى المسئوليات والضغوطات وفتح الأبواب أمام تدفق الملايين من اللاجئين مما يثقل من ميزانيات تلك الدول ويعرضها لمشاكل مستقبلية , كما هو الحال فى داخل ألمانيا سواء كانوا من الحزب الديمقراطى المسيحى أو من البرلمان أو من المواطنين الألمانيين والذين يرون فى استقبال مزيدا من اللاجئين نوع من أنواع التهديد للمجتمع الألمانى , حيث اختلاف اللغة والدين والتقاليد أيضا , حتى داخل المجتمع الألمانى تباينت آراء اللاجئين العرب البعض منهم ذهب فى رؤيته لمدى نجاح تلك السياسة وقدرة اللاجئين الجدد على الاندماج داخل المجتمع والذى يتوقف بقدرة كبير على إرادة ذلك اللاجئ وعلى شبكة العلاقات التى يقيمها داخل المجتمع الألمانى , إلا أن البعض الأخر رأى صعوبة اندماج هؤلاء الأفراد داخل المجتمع بسبب طبيعة الشعوب العربية المتنافية مع التقاليد الألمانية وأيضا بسبب الضغوط التى اصبحت على عاتق الحكومة مما يصعب من فرص تقديم المساعدت وسرعة الاستجابة للطلبات والمعونات .

كما أن العديد من دول الاتحاد الأوروبى قد سعت لإيقاف تدفق اللاجئيين عن طريق عقد اتفاقيات مع تركيا فى هذا الشأنتلك الإتفاقياتتنصب فى إطار تقديم مساعدات مالية لتركيا ووعود بالانضمام للاتحاد الأوروبى والذى تسعى إليه تركيا منذ فترة طويلة .

ومما لا شك فيهفعملية توافد اللاجئين سيكون لها آثار ثقافية واجتماعية وسياسية وأمنية واقتصادية كبيرة داخل المجتمع الألمانى على المدى القصير والطويل ولعل ذلك يرجع إلى اختلاف اللغة والديانة (الإسلامية)التى ينتمى الغالبية العظمى من اللاجئين إليها والتى تتخوف منها دول الاتحاد الأوروبى بشكل كبير بل ويتخوف منها الرأى العام الألمانى بإعتبارها مدخلا من مداخل الإرهاب كما يتصور الكثيرين فربما أدت تلك الاختلافات والتباينات إلى نمو الفكر المتطرف خاصة لما يعانيه هؤلاء اللاجئون من اضطهاد وتهميش فى الحقوق وسوء معاملة مما يدفع إلى زيادة نمو الجماعات المتطرفة داخل المجتمعات الأوروبية , إضافة إلى ذلك تأخر القرارات الخاصةبإلحاق اللاجئين بالتعليم والإصرار على ضرورة معادلة الشهادات العربية للشهادات الألمانية كل تلك الأمور من شأنها أن تعيق سرعة اندماج اللاجئين داخل المجتمع الألمانى ,كما أن عملية عدم التفرقة بين اللاجئين المختلفين من شأنها أن تحدث خللا مجتمعيا كبيرا حيث يقيم فى المخيمات الخاصة باللاجئين جميع الفئات سواء كان طبيب أو مهندس أو عامل أو شخص متطرف دون مراعاة الفروق الثقافية والأخلاقية , لذا فدراسة اللاجئين تحمل بعد إنسانى قبل أن يكون بعد سياسى وهذا ما سوف يتم تناوله فى الموضوع .

المشكلة البحثية :

تهدف هذه الدراسة إلى تفسير السياسة الألمانية تجاه قضية اللاجئين والآثار المرتبتة بتلك السياسات على اللاجئين داخل المجتمع الألمانى وعلى ألمانيا نفسها ودور تلك الآثار فى تراجع ألمانيا عن سياستها المتبعة, وسوف يتم التركيز على قضية اللاجئين السوريين منذ عام 2011 حيث ما يسمى بثورات الربيع العربى وبدأ زيادة توافد اللاجئين إلى عام 2016 , ومن ثم دراسة العوامل المختلفة المؤثرة على السياسة الألمانيةحيث الدوافع التى تدفعها لاستقبال المزيد منهم , والموانع التى من شأنها أن تدفع الحكومة الألمانية لمنع تدفق اللاجئين والمتمثلة فىتزايد الضغوطات والمسئوليات الملقاة على عاتق الحكومة الألمانية سواء اقتصادية أو اجتماعية أو امنية وصعوبة دمج اللاجئين داخل المجتمع الألمانى نتيجة لتباين اللغة والديانة والعادات والتقاليد مما قد يسبب نوعا من أنواع الصدام الثقافى ,ومن هنا فسوف نصيغ السؤال البحثى الرئيسى وهو :

كيف تشكلت السياسة الألمانية تجاه قضية اللاجئين السوريين وما هى تبعات تلك السياسة ؟”

وسوف نصيغ من هذا السؤال الرئيسى مجموعة من الأسئلة البحثية الفرعية وهى :

  • ما هى المحددات الداخلية للسياسة الألمانية ؟
  • ما هى المحددات الخارجية للسياسة الألمانية ؟
  • ما هى الأثار الاقتصادية للاجئين فى ألمانيا ؟
  • ما هى الآثار الثقافية والاجتماعية للاجئين داخل ألمانيا ؟
  • ما هى الآثار السياسية والأمنية للاجئين فى ألمانيا ؟
  • ما هى النتائج المترتبة على الصدام الثقافى بين اللاجئين والألمان ؟
  • هل يمكن تحقيق الوفاق بين اللاجئين السوريين والألمان داخل المجتمع الألمانى ؟

الأدبيات السابقة :

لابد من الإشارة بداية إلى مجموعة من الدراسات السابقة والتى ستساعد على فهم ما سيتم تناوله داخل البحث ويمكن تقسيمها إلى المجموعات التالية :

المجموعة الأولى : الأبعاد المختلفة للأزمة السورية:

لكى نفهم ظاهرة اللجوء والتى سنقوم بدراستها فلابد من دراسة الأزمة السورية وتعقيداتها التى أدت إلى اضمحلال الأوضاع داخل سوريا وتسببت فى نزوح الكثيرين ,وهذه هى مجموعة من الدراسات المتعلقة بالأزمة السورية .

  • فى مقالة بعنوان ” الأزمة السورية من منظور معرفى ” للكاتب عبد الجليل زيد مرهون :

يتسائل الكاتب عن الأزمة السورية هل هى أزمة قومية أم تاريخية أم هى أزمة هوية ؟ وفى تفسيره على إنها أزمة هوية يقول بأنه حدث نوع من أنواع الهيمنة والغلبة لفصيل معين وهو الفصيل الحاكم الذى سبب نوع من أنواع الاحتقان الشعبى لدى الفئات المختلفة وإن لم تكن جميعها حيث أنه حاول الإمساك بتلابيب كل ما حوله , أما من جهة أن الأزمة السورية قومية الأبعاد ففسرها الكاتب بأن الأزمة عكست جانب كبير من الواقع العربى الضحل وعكست الخلافات الواقعة بين الثنائيات والهشاشة للنظام العربى الإجتماعى وخاصة منذ الغزو الأمريكى للعراق فى عام 2003 , أما من الناحية التاريخية فللوقوف على أصول الأزمة لابد من الرجوع إلى جذورها التاريخية فهى ليست وليدة يوم واحد ولكنها نتيجة لتضافر مجموعة من العوامل فى فترات زمنية طويلة , ولقد تسببت تلك الأزمة فى نزوح ملايين اللاجئين وانهيار البنية الأقتصادية التى قامت فى حلب منذ سنوات عدة .[2]

  • فى تقرير بعنوان ” سوريا : كيف هيأ الأقتصاد المسرح لانفجار التطرف ؟ ” للباحث سلام السعدى:

لقد تسببت سياسات الانفتاح الاقتصادى التى تبنتها الحكومات العربية فى العقود الماضية فى تهميش كثيرا من الفئات داخل الدولة وفى تزايد حدة التفاوت الطبقى بين الأفراد , وفى سوريا على وجه الخصوص بعد وصول بشار الأسد إلى سدة الحكم وتطبيقه للسياسات الاقتصادية الليبرالية زاد التفاوت بين الأفراد وارتفعت معدلات الفقر والبطالة منذ عام 2004 بشكل كبير وأدى ذلك لاندلاع الاحتجاجات السورية , ولكن تلك العوامل الاقتصادية لم تكن العامل الوحيد فى قيام الاحتجاجات فعدم القدرة على المشاركة السياسية أيضا تسبب فى ذلك , حيث تقرب التجار وأصحاب المصالح من السلطة وتم تهميش فئات أخرى كثيرة مع تنامى الممارسات الخاطئة للسلطة حيث العنف والقمع وزيادة الطائفية بين الشعب والتى أدت لاشتعال الأوضاع أيضا . [3]

المجموعة الثانية : السياسة الألمانية تجاه اللاجئين:

الموضوع الرئيسى الخاص بالدراسة هو السياسة الألمانية تجاه اللاجئين السوريين ولهذا فلابد من عرض بعض الدراسات السابقة والتى ستمهد أيضا للموضوع الذى نحن بصدد تحليله وعرضه .

  • ففى مقالة بعنوان السياسة الألمانية وأزمة اللاجئين للكاتب السورى غياث بلال :

لقد وضح الكاتب التناقض بين الأعداد المطالبة للجوء فى دولة ألمانيا وبين الميزانية المقررة لاستقبال اللاجئين بها , مما يشكل بدوره ضغطا كبيرا على ألمانيا من حيث قدرتها على استيعاب تلك الأعداد وأيضا قدرتها على سرعة تلبية احتياجتهم ومتطلباتهم , وتهاجم العديد من الدول الأوروبية السياسة الألمانية تجاه اللاجئين مرددين بأن الغرض وراء ذلك هو استغلال هؤلاء اللاجئين للعمل بأجور متدنية ورغبة منها فى سد العجز الديموجرافى , ورفعت العديد من الدول الشعارات الرافضة لاستقبال اللاجئين ومارست بعض الدول مثل بريطانيا وفرنسا سياسة الانتقاء فى استقبال اللاجئين بمعنى استقبال النخب فقط وذلك على عكس ألمانيا التى اتبعت سياسة الباب المفتوح واقرت قوانين لسرعة دمجهم فى المجتمع الألمانى ,حيث إنه فى حالة لاجئي سوريا والعراق فمعظم المهاجرين ينتمون للطبقة الوسطى بل إنهم أصحاب شهادات مما يؤهلهم لخدمة المجتمع الألمانى بشكل كبير ,ولقد نتج فى الشارع الألمانى مبادرات لمساعدة اللاجئين مثل المبادرة الشعبية العارمة لمساعدة اللاجئين , وقامت العديد من الصحف أيضا برفع شعارات المساعدة والعون للاجئين .[4]

  • وفى تقرير بعنوان ” هل تتخلى ميركل عن سياسة الأحضان الدافئة مع اللاجئين ؟ ” للكاتب عبد الناصر عارف :

نتيجة لحادث التحرش الذى وقع فى مدينة كولونيا فى يوم عيد الميلاد ازدادت الضغوط على ميركل من أجل تغيير سياستها فى استيعاب مزيدا من اللاجئين حتى أن الحزب الديمقراطى المسيحى التى تنتمى له قد استغل تلك الفرصة للأطاحة بميركل وسياستها , ورفعت منظمة بيجيدا المناهضة للأجانب لافتات وعليها صورة ميركل تتردى الحجاب مطالبين بتركها لألمانيا ومعها المسلمون , واستغلت الأحزاب تبدل الرأى العام تجاه قضية اللاجئين وقاموا بتغيير السياسات الخاصة بالهجرة واللجوء ولم شمل الأسرة فتم تضييق الخناق على اللاجئين , ولم تجد المستشارة ميركل سبيلا غير الانزلاق وراء رغبة الرأى العام حتى لا تثير السخط والغضب خاصة مع تزايد حدة المعارضة فى ألمانيا.[5]

المجموعة الثالثة : اللاجئون السوريون وردود الفعل الأوروبية :

وكما أشرنا سابقا إلى الازمة السورية ونتائجها وكذلك إلى السياسة الألمانية لابد أن نوضح الحالة الخاصة باللاجئين السوريين وأيضا ردود الفعل المختلفة للدول الأوروبية تجاه تلك الأزمة بإعتبارها إحدى العوامل الرئيسية المؤثرة على السياسة الألمانية فى تلك القضية وهذا ما سنوضحه فى الدراسة .

  • ففى كتاب بعنوان “ refugees in international politics “ for leon gordenker :

يشير الكاتب إلى أن اعداد اللاجئين فى تزايد كبير حول العالم طلبا فى حياة كريمة ورغبة فى تحقيق النجاح ,ونتيجة لإهمال النفس البشرية وعدم علاجها يتزايد الخوف و تتفاقم الأزمات فى الدول ويؤدى ذلك إلى ظهور اللاجئين , ويوضح الكاتب إلى أن مصطلح اللاجئين بشكل عام هو سياسى فى المقام الأول فالتطرفات الدينية والنزاعات هى نتاج قرارات سياسية خاطئة ,فالحرب العالمية الأولى تسببت فى نزوح كثير من البلجكيين على سبيل المثال فارين من هجمات الألمان وكذلك الثورة الروسية انتجت موجات عالية من نزوح اللاجئين وأيضا الأرمن الذين فروا من هجمات وقمع الحكومات التركية , وبالرغم من المساعدات التى تقدمها المنظمات الدولية إلا إنها غير كافية لحل تلك الأزمة حيث إنه ينبغى توحيد الجهود بين الحكومات الداخلية والمنظمات الدولية لحل الأزمة ومساعدة اللاجئين . [6]

  • وفى مقالة بعنوان “Why 100,000s of Syrian refugees are fleeing to Europe”:

يتحدث الكاتب عن أنه لا يمر يوما إلا ونشاهد مصائب وحوادث أليمة تحدث للسوريين الذين يرغبون فى اللجوء إلى الاتحاد الأوروبى, والذين زادت نسبتهم من عام 2014 إلى عام 2015 بشكل كبير جدا حيث بلغت عددطلبات اللجوء المقدمة للاتحاد الأوروبى نحو 210000 وثيقة لجوء وزادت النسبة حتى وصلت 320000 وثيقة طبقا لإحصاءات منظمة الأمم المتحدة للاجئين , ومع التزايد المستمر لأعداد اللاجئين بدأت هنغاريا فى بناء سور على حدود صيربيا لمنع تدفق اللاجئين غير الشرعى ,ويشير الكاتب إلى التناقض الكبير بين قدرات الدول الأوروبية على استقبال مزيدا من اللاجئين وبين السياسات المتبعة تجاه القضية والتى تنحصر فى محاولة تقديم مساعدات عن طريق المنظمات الدولية بالرغم من أن تخاذلهم عن حل الأزمة السورية منذ البداية هو السبب فى نزوح مئات الألاف من اللاجئين ,كما يؤكد على صعوبة تحمل دول الشرق الاوسط ضريبة استقبال مزيدا من اللاجئين السوريين فى ظل الأعباء الأساسية لتلك الحكومات , فيجب على دول الاتحاد الأوروبى والولايات المتحدة الأمريكية بذل جهودا أكبر فى سبيل حل الازمة والسماح لعدد أكبر فى الدخول للقارة .[7]

  • وفى تقرير بعنوان ” الاتحاد الأوروبى يهتز : ميركل وحيدة وسط أزمة اللاجئين ” لشادى عكوم :

يشير التقرير إلى أن الاتحاد الأوروبى على وشك التفكك بسبب السياسات المختلفة التى باتت كل دولة ترغب فى إتباعها وأيضا بسبب رغبة المملكة البريطانية فى الانفصال عن الاتحاد الأوروبى مع الاختلاف فى التوجهات المتبعة نحو قضية اللاجئين من جانب كل دولة ومع معارضة كثيرا من الدول الأوروبية لسياسة الباب المفتوح التى إتبعتها أنجيلا ميركل وتصاعد دور الأحزاب اليمينية المتشددة فى كثيرا من أنحاء أوروبا ,فأكدت مجموعة من الدول ومنها بولندا والمجر والتشيك وسلوفاكيا رفضها لاستقبال مزيدا من اللاجئين وغلقها لطريق البلقان فى وجههم مما يعنى رفضها لسياسة ميركل , كما فرضت الدول الإسكندينافية قيودا على فيزا شنغن مما وضع ميركل فى موقف حرج ,وتبادلت التصريحات المختلفة بين الساسة الأوروبيين فى عدم قدرة دولهم على استقبال المزيد ,ويظل الأمر فى التحكم فى عملية تدفق اللاجئين إلى داخل أوروبا فى أيدى السلطات التركية عن طريق منعها للاجئين من عبور الحدود الخاصة بها وتشديد الإجراءات الخاصة بالعبور ,كما أن ألمانيا قد شددت على موضوع الدخول عبر حدودها مع النمسا وتزايد استغلال الأحزاب اليمينية لأزمة اللاجئين للإطاحة بميركل مع تزايد معدلات العنف ضد اللاجئين بل بلوغ الأمر لاحراق مراكز إيوائهم وارتكاب أعمال عنف فى حقهم .[8]

  • فى مقالة بعنوان الاستغلال السياسى للاجئين فى أوروبا : 120 ألفا إلى الجبل الأسود للكاتب فراس الشوفى :

تعتبر أزمة اللجوء من ضمن المواضيع الملحة على الساحة الأوروبية وتوجد تضاربات وتعارضات كثيرة فى مواقف الأحزاب الاوروبية تجاه قضية اللاجئين , كما فى بولندا حيث حزب “العدالة والقانون” المناهض للاتحاد الأوروبى قد فاز بالانتخابات بعد 8 سنوات متخذا من قضية اللجوء والمصلحة القومية سبيلا للفوز فى الانتخابات خاصة مع تصاعد معدلات الخوف لدى البولنديين من الإسلام ومن تهديد الهوية الثقافية لهم وهذا لم ينحصر فقط فى بولندا بل امتد ليشمل معظم الدول الأوروبية , وحتى المساعدات التى قدمتها الدول الأوروبية للأفارقة بعد ظهور إيبولا كانت بغرض صد الحصار الصينى فى المنطقة وليست لأغراض إنسانية كما تزعم , ويوضح الكاتب المحاولات المبذولة من جانب بعض الدول الأوروبية لاستقبال مزيدا من اللاجئين , كما توجد جهود من جانب المعارضة السورية لحث اللاجئين على اللجوء نحو منطقة الجبل الأسود مما سيزيد الوضع تأزما نتيجة الصدام بين السكان الأصليين والمسلمين فى منطقة البلقان .[9]

  • وفى تقرير بعنوان : ” تركيا تجبر أوروبا على وضع سياسة للاجئين ” :

تحاول أوروبا نشر قيم الديمقراطية فى الدول المجاورة لها فى البحر المتوسط رغبة منها فى تحقيق الاستقرار الأمنى فى تلك الدول ومن ثم تحقيق الأمن والأمان لها إلا أن الأمر حينما تعلق بسوريا وتزايدت حدة الصراعات وقفت الدول الأوروبية مكتوفة الأيدى أمام تلك القضية تاركة للدول الأخرى الإقليمية ولروسيا الحل ومع بلوغ التوترات السورية أوجها كان لدول الاتحاد الأوروبى نصيب من الأزمة مع تزايد معدلات اللاجئين لتلك الدول ,ولقد لعب بوتين على هذه الورقة لزيادة الضغط على الدول الأوروبية الأمر الذى قد يؤدى إلى انهيار اليونان فى ظل غلق الدول الأوروبية المداخل إليها مما دفع ميركل إلى التصالح مع تركيا لتحقيق المصلحة القومية لألمانيا ,هذا التصالح يقتضى بتقديم مزيدا من المساعدات الاقتصادية والمالية إلى تركيا مع الوعود المقدمة لها فى الانضمام إلى دول الاتحاد الأوروبى فيما تناقض رأى رئيس كتلة البرلمان الأوروبى جوى فرهوفستادت مع ميركل حيث أكد على ضرورة توصل دول الاتحاد إلى حل جذرى لتلك المشكلة بعيدا عن تركيا ورفع العقوبات الاقتصادية عن روسيا للضغط عليها لحل الأزمة ,فيما عبر رئيس اللاجئين فى ألمانيا عن رأيه فى ذلك الإتفاق بأن موقف تركيا تجاه قضية اللاجئين هو أوروبى أكثر منه انسانى ,وكل الخطابات الرسمية الأخيرة هى أكبر دليل على الإهتمام بالمصلحة الأوروبية والجيوسياسية فى المنطقة على حساب القيم الإنسانية .[10]

المجموعة الرابعة :رؤى وحلول مستقبلية لقضية اللاجئين :

لإيقاف عملية تدفق اللاجئين داخل دول الاتحاد الأوروبى لابد من حل الأزمة الأصلية وبذل الجهود الأووربية لتقديم المساعدات الانسانية المختلفة للنازحين ,وهنا فسوف نعرض مجموعة من الدراسات المتعلقة بتقديم الحلول .

 

  • ففى مقالة بعنوان ” مساعدة أذكى للاجئين السوريين ” للباحث يزيد صايغ :

يستعرض الكاتب المساعدات المالية والمعنوية التى تحاول الدول الأوروبية والولايات المتحدة الأمريكية أن تقدمها للاجئين السوريين لاستيعاب الأزمة السورية وذلك بعد مؤتمر لندن ,كما وضح الكاتب بأن خطة العمل بين دول الاتحاد الأوروبى وتركيا من أجل الحد من تدفق مزيدا من اللاجئين إلى دول الاتحاد الأوروبى لم تحقق النتائج المرغوبة ,حيث أن الضغوطات قد زادت على لبنان والأردن لصغر حجم اقتصادهم وعدم القدرة على استيعاب الحكومات للاجئين وتوفير فرص عمل لهم , كما أن المساعدات المالية لم تصل للاجئين بالقدر الكافى وهذا من شأنه أن يعرقل حل المسألة ,ووضع الباحث ثلاثة حلول للتعامل مع اللاجئين وهى : 1- تعهد الدول المجاورة لسوريا باستقبال مزيدا من اللاجئين حتى وإن حلت الأزمة السورية , 2- زيادة المنح المالية للاجئين وهذا بدوره سيقودنا إلى الحل الثالث وهو 3- التنويع فى المصادر التنموية التى ستستقبل تلك المنح والمساعدات حتى يمكن تحقيق التنمية على المدى الطويل , كما يجب على الحكومات المضيفة عمل برامج تمكن اللاجئين من سرعة الاندماج فى المجتمعات المضيفة . [11]

  • وفى مقالة تحليلية بعنوان ” مواجهة تحدى اللاجئين : حان الوقت لتغيير النموذج المفاهيمى ” للباحث يزيد صايغ :

ينبغى أن تكون على الدول الأوروبية أكثر فعالية وسرعة واستجابة لحل أزمة اللاجئين ولن يتم ذلك سوى بالتركيز على تنفيذ الخطط الاستراتجية طويلة الأمد , حيث زادت نسبة اللاجئين فى عام 2015 بأعداد بلغت 60 مليون لاجئ طبقا لموقع الأمم المتحدة لشئون اللاجئين , وهذا بدوره يضع الدول الاوروبية امام ضرورة ملحة وهى تغيير منطق التعامل مع الأمر وكأنه أمر طارئ ومؤقت وكذلك التركيز على الجماعات المسلحة فى تلك المناطق باعتبارها سببا لنزوح الافراد أمرا خاطئا أيضا , فالسبب الرئيسى يعود إلى ضعف بنية المواطن والوطن والتى جعلته هشا غير قادر على مواجهة التطرف ,كذلك ضرورة استبدال المساعدات الإنسانية التى يقدمها الاتحاد الأوروبى للاجئين بالمساعدات طويلة المدى التى تمكنهم من مواجهة الحياة الجديدة وسرعة الاندماج بها وليس فقط بمجرد البقاء على قيد الحياة حيث أن المساعدات المادية قصيرة الاجل أثبتت إنها غير مجدية مع تزايد أعداد اللاجئين فى عام 2016 . [12]

  • “Developmental zones for Syrian refugees “ an article for professor Markus Brunnermeier :

تتحدث تلك المقالة عن المشكلات التى تواجه الأتحاد الأوروبى بسبب الضغوطات الناتجة عن استقبال مزيدا من اللاجئين السوريين الأمر الذى يتطلب معالجة الاسباب الرئيسية التى جعلت ملايين من البشر يفرون من ديارهم , وهذا الأمر يعكس عجز دول الشرق الأوسط على تحقيق نمو أقتصادى فعال ويرفع من شأن أسيا وأمريكا اللاتينية , وهذا من شأنه أن يجعل الرعاية الاقتصادية وإقامة مناطق تنموية للاجئين السوريين فى الدول المضيفة لهم مثل تركيا من أولويات أجندة دول الاتحاد الأوروبى , حيث أن اللاجئين يفقدون كل ما يملكون وأيضا يتركون دراستهم ويواجهون الصعوبات والتحديات والتهميشفى الدول المضيفة لهم وهذا من شأنه أن يجعل المخيمات منبعا للتطرف فى المستقبل , وضرب الكاتب العديد من الأمثلة على فوائد استغلال مخيمات اللاجئين ومجتمعاتهم فى تحقيق تنمية اقتصادية .[13]

والغرض من عرض الأدبيات السابقة هو طرح مجموعة متنوعة من الأفكار الرئيسية التى سنتاولها أثناء الدراسة وهى الأزمة السورية كتمهيدا لظهور مشكلة اللاجئين ثم السياسة الألمانية وكيفية صنعها والعوامل المختلفة المؤثرة عليها سواء داخلية أو خارجية ثم الآثار المختلفة لتوافد اللاجئين على ألمانيا ثم عرض السيناريوهات المختلفة والنتائج التى من المتوقع حدوثها فى ألمانيا ,وسنستفيد من هذه الأدبيات طوال الدراسة لتحليل ما جاء بها من أفكار والإضافة عليها من مصادر مختلفة ومحاولة تطبيق المنهج الخاص بالدراسة وهو منهج صنع القرار فى الفصل الأول وتحليل الخطبفى الفصل الثانى .

أهمية الدراسة :

الأهمية العلمية :

تبرز الأهمية العلمية لتلك الدراسة من كونها تحاول فهم السياسة الألمانية والعوامل المحركة لها سواء كانتعوامل خارجية إقليمية مثل الاتحاد الأوروبى أو عوامل داخلية مثل الحكومة والبرلمان الألمانى البوندستاج والرأى العام أو جماعات الأحزاب والمصالح , كما إنها تحاول أن تبرز الآثار الثقافية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية والسياسية التى ستظهر جراء استقبال مزيدا من اللاجئين فى ألمانيا وهذه الدراسة تحاول تجميع وتحليل اكبر قدر ممكن من الدراسات والأبحاث الاكاديمية للوقوف على مشاكل اللاجئين ودور الدول الكبرى وخاصة ألمانيا فى حل تلك المشاكل وتقديم يد العون لهم , كما إننا سنحاول وضع سيناريوهات ورؤى لمستقبل اللاجئين فى إطار التشريعات والقوانين الجديدة .

الأهمية العملية :

تعتبر مشكلة اللاجئين من المشاكل البارزة على الساحة الدولية مما يؤكد على أهمية تلك الدراسة بشكل كبير ,نظرا لما ستقدمه من سرد وتحليلات للقوانين والسياسات المتخذة لحل المشاكل المتعلقة باللاجئين وكذلك فهى ستعقد المقارنة بين الموقف الذى تحاول الدول الأوروبية إظهاره للعالم وبين حقيقة تعاملها مع تلك القضية فهم وإن كانوا يتخذوا من شعارات المدرسة الليبرالية أساس لهم إلا إنهم يتبعون نظريات المدرسة الواقعية والتى تؤكد على أن المصلحة العليا للدولة فوق أى اعتبار بغض النظر عن أى شعارات جوفاء أخرى تحاول تلك الدول إبرازها أمام العالم ,وسنحاول من خلال تلك الدراسة إبراز النتائج التى من المحتمل ظهورها نتيجة لتلك السياسات المتبعة وكذلك الدور الذى يلعبه المجتمع لاستيعاب اللاجئين , هل هذا الدور يختلف من مجتمع لأخر فهل تختلف درجة سرعة دمج اللاجئين فى المجتمعات العربية عن المجتمع الألمانى باعتباره أكثر تقدما وأكثر قدرة على استيعاب مختلف الثقافات وتقبلها ؟

التحديد الزمانى والمكانى للدراسة :

تمتد الفترة الزمنية للدراسة من عام  2011 :

حيث بدأت ما يسمى بثورات الربيع العربى والتى صاحبها تصاعد حدة أعمال العنف فى الدول العربية وعدم استقرار أمنى وسياسى واقتصادى مما دفع المواطنين لترك بلادهم رغبة فى حياة أفضل , فزادت عملية توافد اللاجئين على ألمانيا ودول أوروبا بإعتبارها الملجأ الآمن لهم والسبيل الوحيد للتخلص مما يعانوه فى بلادهم.

وتنتهى تلك الدراسة عند 2016 :

حيث أن الأحداث ما زالت متصدرةالساحة الدولية لما تحتويه من أشكال قهر واستبداد وعنفوعلى سبيل الأخص فى سوريا والتى هى المصدر الأساسى للدراسة,وربما كان ذلك نتيجة لتباطؤ التدخل الدولى لوقف تلك المأساة التى يعانيها الكثيرون فى تلك المناطق , كما أنه بين لحظة وأخرى يصدر المجلس الأوروبى قوانين جديدة من شأنها أن تحدث أثرا كبيرا على الساحة الدولية وتضيف معاناة أخرى إلى معاناة اللاجئين.

المكان :

دولة ألمانيا :

بإعتبارها من أكثر دول الأوروبية استقبالا للاجئين , كما إنها قد طبقت سياسة الباب المفتوح التى فتحت المجال أمام تدفق مزيدا من اللاجئين,بالإضافة إلى أن دولة ألمانيا تعتبر من الدول ذات المرتبة المتقدمة  على مستوى العالم تطبيقا لأسلوب القوى الناعمة فى سياستها المتبعة وبعدا عن استخدام القوة الخشنة أو العسكرية مما يدفعنا لدراسة تأثير تلك القوى ومدى نجاحها على المستوى الداخلى للدولة وفى الخارج أيضا .

الإطار المفاهيمى :

  • اللاجئون :

يقصد باللاجئ ذلك الشخص الذى يضطر لمغادرة إقليم دولته أو إقليم الدولة التى يقيم فيها هربا من سوء المعاملة التى يلقاها من جانب سلطات هذه الدولة ,أو هربا من ظروف اقتصادية واجتماعية أو حتى طبيعية معينة .وقد ظهرت مشكلة اللاجئين على نطاق واسع واتخذت بعدا دوليا منذ نهاية الحرب العالمية الأولى ,حيث عقدت العديد من الاتفاقيات والمعاهدات الدولية لمحاولة وضع الحلول لهذه المشكلة .وقد قامت الأمم المتحدة بإنشاء منظمة خاصة تعنى بشئون اللاجئين عينت لها مفوضا ساميا .وفى عام 1951 , وقعت اتفاقية دولية جماعية بشأن مركز اللاجئين أضيف لها فى عام 1967 بروتوكول جديد .

وهناك فئة خاصة من اللاجئين هم اللاجئون السياسيون الذين يلجأون إلى أقاليم الدول الأخرى أو إلى بعثاتها الدبلوماسية طالبين الحماية ,ويحظون بإهتمام خاص من جانب بعض الدول خاصة دول أمريكا الجنوبية التى تنتشر فيها ظاهرة اللجوء السياسى على نطاق واسع . واللجوء السياسى عادة ما يبدأ فى صورة لجوء دبلوماسى بمعنى لجوء الشخص إلى البعثة الدبلوماسية لإحدى الدول ,ثم يتحول إلى لجوء إقليمى إذا ما تم نقل اللاجئ من مقر البعثة إلى إقليم الدولة التى تتبعها هذه البعثة .وقد ترتب على كثرة المنازعات الدولية والصراعات الداخلية فى العديد من الدول لجوء الملايين إلى الدول المجاورة هربا من ويلات الحرب . كما دفع الجفاف ونقص الغذاء بعض بلدان القارة الأفريقية إلى هروب الكثيرين من مناطق الجفاف إلى حيث يتوقعون ظروفا أسهل للحياة .

وتعتبر قارة أفريقيا من أكثر مناطق العالم معاناة من مشكلة اللاجئين ,حيث إنها تستوعب نحو ثلث عدد اللاجئين على مستوى العالم كله . [14]

وفى تعريف أخر “اللاجئون هم أشخاص يعيشون خارج بلادهم الأصلية ” بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد” (اتفاقية اللاجئين لعام 1951). والنازحون داخليًا هم الأشخاص الذين فروا من ديارهم لكن لم يجتازوا حدودا دولية.”[15] , “ولقد عرفت المادة الأولى من اتفاقية 1951 والخاصة باللاجئين من هو اللاجئ. فهو شخص يوجد خارج بلد جنسيته أو بلد إقامته المعتادة،بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للإضطهاد بسبب العنصر، أو الدين، أو القومية، أو الانتماء إلى طائفة اجتماعية معينة، أو إلى رأي سياسي، ولا يستطيع بسبب ذلك الخوف أو لا يريد أن يستظل / تستظل بحماية ذلك البلد أو العودة إليه خشية التعرض للاضطهاد.”[16]

يعتبر هذا المفهوم هو المفهوم الرئيسى للدراسة فنحن بصدد دراسة اللاجئين السوريين والسياسة الخارجية المتبعة نحوهم من جانب دول الاتحاد الأوروبى وخاصة ألمانيا .

  • حق اللجوء السياسى :

“تصريح إقامة وحماية، تمنحه دولة في منطقة نفوذها لإنسان هرب طُرِد من بلاده، لأنه ملاحق في بلاده من قبل نظام الحكم أو أنَّ حياته عرضة للخطر , ليس بالضرورة أن يكون من يشكل خطرا على حياة هذا الإنسان هو نظام الحكم. على سبيل المثال: يعيش في إسرائيل لاجئون من كولومبيا، تهدد حياتهم بالخطر المافيا الكولومبية وليس نظام الحكم. لقد نالوا مكانة لاجئين لأنهم نجحوا في أن يثبتوا بأنَّ نظام الحكم عاجز عن حمايتهم من المافيا.”[17]

يعتبر هذا المصطلح هو أساس الدراسة فبناء على ذلك المفهوم تم منح الحق للاجئين السوريين بالإقامة والتواجد على الأراضى الألمانية أو غيرها من دول اوروبا .

 

  • مصلحة قومية :

” المصالح القومية هى الأهداف الأساسية التى يسترشد بها صانع القرار عند تخطيط السياسة الخارجية , وتعتمد المصالح القومية لدولة على العناصر التى تشكل الأحتياجات الأكثر حيوية لتلك الدولة مثل حماية الذات , والاستقلال , والأمن القومى , والرفاهية الإقتصادية . وعندما تضع الدولة سياستها الخارجية على أساس من مصالحها القومية فقط دون الإهتمام بالمبادئ والقيم الأخلاقية ,توصف السياسة الخارجية لهذه الدولة بأنها سياسة خارجية غير أخلاقية . ونلاحظ أن كل دولة من دول العالم تحاول تطوير سياسات خارجية وعلاقات دبلوماسية متوائمة مع تعريفها لمصالحها القومية .

وعندما تتسم المصالح القومية للدول فى النظام الدولى بالتناسق , ينتج عن ذلك رغبة تلك الدول فى العمل المشترك من أجل إيجاد حلول للمشاكل العالمية , أما فى حالة تعارض تلك المصالح , فإن ذلك يؤدى إلى إشاعة حالة من التوتر والتنافس والخوف وهو ما قد يؤدى فى النهاية إلى الحرب .[18]

مصطلح المصلحة القومية سيتم استخدامه كثيرا أثناء البحث حيث بناء على المصلحة القومية للدولة الألمانية ستتشكل السياسة الخارجية الألمانية تجاه اللاجئين السوريين .

  • أقلية :

” هى جماعة تشترك فى واحد أو أكثر من المقومات الثقافية أو الطبيعية , وفى عدد من المصالح التى تكرسها تنظيمات وأنماط خاصة للتفاعل وينشأ لدى أفرادها وعى بتمايزهم فى مواجهة الآخرين نتيجة للتمييز السياسى والاجتماعى – الاقتصادى ضدهم مما يؤكد تضامنهم لدعمه “[19]

وهو المصطلح الذى سيتم استخدامه خلال الدراسة للإشارة إلى جماعات اللاجئين داخل ألمانيا بإعتبارهم إقليات ينتمون إلى بيئات إجتماعية وثقافية مغايرة عن البيئة الألمانية فمن الممكن أن نقول أقلية دينية مثل الأقلية المسلمة أو الأقلية العربية أو السورية .

المنهج :

سوف يتم استخدام منهج تفسير السياسة الخارجية العامة بإعتبارنا سندرس السياسة الخارجية الألمانية تجاه اللاجئين وهذا المنهج يتلخص فى الآتى :

“يقصد بتفسير السياسة الخارجية العامة لدولة ما هو تفسير نمط عام فى السياسة الخارجية للدولة , ومن ذلك إتباع الدولة سياسة خارجية نشيطة أو تركيز السياسة الخارجية فى منطقة جغرافية معينة , أو إتباع الدولة سياسة عامة كالتعايش السلمى أو الإنفراج أو الإحتواء أو المواجهة . ويرى سالمور وزوملاؤه أن المتغيرات الهيكلية تلعب دورا أساسيا فى تحديد الخلفية الرئيسية الخارجية العامة . يقصد بالمتغيرات الهيكلية خصائص النسق الدولى والخصائص القومية للدولة ويتداخل مع المتغيرات الهيكلية متغيران آخران هما : النظام السياسى والقيادة السياسية بإعتبارهما متغيرين وسيطين بين المتغيرات الهيكلية والنمط العام للسياسة الخارجية.

فتكمن خصائص النسق الدولى والخصائص القومية للدولة فى خلفية تفسير نمط سياساتها العامة . فتفسير إتباع الولايات المتحدة لسياسة الإنفراج فى أوائل السبعينات يكمن فى طبيعة النسق الدولى وإتجاهه نحو التعدد , وتعاظم قوة الإتحاد السوفييتى لسياسة الإنفراج قد يكمن فى مستوى التطور التقنى السوفييتى وحاجة الإتحاد إلى الموارد والتكنولوجيا الغربية . فالنسق الدولى يحدد الإطار العام للسياسة , كما أنه يحدد طبيعة تأثير الخصائص القومية , فهيكل النسق الدولى يؤثر إلى حد بعيد على حجم ونوعية الموارد والتكنولوجيا المتاحة للدولة . كذلك تؤثر الخصائص القومية على النظام السياسى , فمستوى التحديث يؤثر فى درجة محاسبية ( مساءلة ) النظام السياسى , فمن غير المحتمل أن يوجد فى الدول التى لم تحقق مستوى متقدم من التحديث مؤسسات سياسية مسئولة . وهكذا فإن متغير الخصائص القومية هو السياق الذى يتحدد فى إطاره أثر خصائص النظام السياسى كما أن النظام السياسى بدوره يؤثر على الخصائص القومية ذاتها , فقدرة الدولة على استثمار مواردها تتحدد إلى حد كبير بمدى كفاءة النظام السياسى ومقدار حرية العمل المتاحة للنخبة السياسية .

ومن ناحية أخرى , فإن الخصائص القومية تتأثر بنوعية القيادة السياسية الحاكمة فقدرة الدولة على تعبئة مواردها القومية تتأثر بخصائص القائد السياسى وقدرته على تحديد الأشكال المختلفة لإستعمالات الموارد الإقتصادية للدولة , والقدرة على المناورة فى إستعمالها . كما أن القائد السياسى يلعب أيضا دورا فى مستوى فعالية النظام السياسى . كذلك فالنظام السياسى يؤثر فى قدرة القائد السياسى على التأثير على السياسة الخارجية وفى النظم السياسية غير المقيدة تزداد قدرة القائد السياسى على التأثير على السياسة الخارجية لدولته .

ومن هنا فيجب أن نوضح أيضا عملية تفسير سلوك سياسى خارجى محدد للدولة حيث ينتج عن تفاعل الهياكل التنظيمية المشكلة للسياسة الخارجية للدولة ولكن بشكل مختلف عن تفاعلها عند انتاج السياسة الخارجية العامة , فالنقطة الرئيسية فى تفسير سلوك سياسى خارجى محدد أو تفسير قرار خارجى تعتمد بشكل أساسى على تحديد الحافز الذى حرك العملية السلوكية فالحافز الخارجى يشكل أمام صانع السياسة الخارجية إما فرصة يجب إغتنامها أو مشكلة يجب حلها , وهذا الحافز يدفع صانع السياسة إلى تعريف الموقف تعريفا معينا وهذا التعريف بدوره يعتمد على ثلاثة متغيرات وهى : السلوك السابق مع الآخرين الذين أنشئوا الحافز و البيئة النفسية للقائد السياسى وهيكل وعملية صنع القرار .”[20]

وهذا هو محور الدراسة فعملية صنع السياسة الخارجية الألمانية تجاه اللاجئين السوريين قد اعتمدت بشكل أساسى ومحورى على شخص المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل بعدما رأت الحافز الأساسى فى استقبال مزيدا من اللاجئين متمثل فى منفعة اقتصادية للدولة ويمكن أن ندرك أن البيئة المحيطة بها وتطورات الأوضاع جعلها تعيد صياغة تشكيل السياسة الخارجية المتبعة فى ألمانيا .

 

كما إنه سوف يتم الإعتماد على أداة تحليل الخطابات الرسمية والسياسية والتى تحتوى فى مضمونها على كثيرا من من المقاصد والأغراض وتوجد العديد من أدوات التحليل منها :

” أداة تحليل أثر فعل القول ( الكلام ) من زاوية الأثر المتعارف عليه والمراد ايصاله لمتلقى الخطاب وهو ما يسمى بالفعل الغرضى أو فعل عليه والمراد ايصاله لمتلقى الخطاب وهو ما يسمى بالفعل الغرضى أو فعل القصد ومجاله المقاصد المعبر عنها فى صيغ كالطلب والتقرير والنفى والوعد والوعيد والاستفهام والأمر والتنبيه , ويمثل هذا الفعل القوة البلاغية لأفعال القول ( الكلام ) ويتضمن دائما قوة غرضية بصورة مباشرة أو غير مباشرة .”[21]

الأطار النظرى :

سوف نستعرض المقولات النظرية للمدرسة الواقعية وأيضا البعد القيمى الثقافى الذى يفسر السياسة الخارجية الألمانية تجاه اللاجئين .

“أولا : مقولات المدرسة الواقعية فى العلاقات الدولية :

1- استقيت الرؤى الواقعية من الكتابات القديمة لمفكرين مثل: سان تسو، ثوسيديديس، و هوبز.

2- الواقعية صراع من أجل القوة في العلاقات الدولية لأنه لا وجود لقوة فوقية.

3-  تعتبر الدول، من المنظور الواقعي، أهم الفاعلين على الإطلاق.

4- تحتاج الدول للأمن (القومي) لحماية مصالحها الوطنية ويدخل ضمن هذا الإطار سعيها لاكتساب القوة.

5- الدول فواعل عقلانيون يسعون لتعظيم الفوائد وتقليص التكاليف المتلازمة مع سعيها لتحقيق أهدافها.

6- تعتبر الدولة فاعل وحدوي لأغراض تحليلية، حيث تواجه الدولة العالم الخارجي كوحدة مندمجة. كرات البليارد” (Billiard-ball ) أي أن دول في تصادم دائم.” [22]

ويمكننا أن نلاحظ أن النظرية الواقعية فى العلاقات الدولية كانت أكثر سطوعا فى السياسة الخارجية الألمانية فالدافع والمحرك الرئيسى لألمانيا هو المصلحة القومية والأمن القومى الألمانى والرغبة فى زيادة مواردها الاقتصادية والبشرية وليس الدافع الإنسانى والإخلاقى .

ثانيا : البعد القيمى فى العلاقات الدولية :

القيم تشمل محاور عدة ومنها على سبيل المثال القيم الثقافية والقيم الدينية فهم محددان من محددات العلاقات الدولية حيث أن القائد السياسى أو الدولة لو أعتبرنا أنها فرد تحركها عوامل عدة منها الثقافة المجتمعية وأيضا الدينية فهناك دول تتحدد سياستها الخارجية بناء على البعد الثقافى الدينى الذى يعتبر محدد رئيسى من محددات السياسة الخارجية لها , وسنعرض بعض النقاط الخاصة بالبعد الثقافى.

  • البعد الثقافى :

زاد الجدل حول أهميةالثقافة فى العلاقات الدولية بعد فترة الحرب الباردة كثيرا ويمكن إيجاز دور الثقافة فى العلاقات الدولية على النحو التالى :

  1. “الثقافة تحدد صورة العالم لدى القوى الفاعلة في النظام الدولي، و من ثمة تؤثر في سلوكها و إدراكها أو سوء إدراكها و في أحكامها الأخلاقية ( الخطأ و الصواب )و الجمالية ( الحسن و القبيح) والذوقية (مناسب و غير مناسب)و تبرز أهمية هذا البعد الثقافي في كون أن صناع السياسة الخارجية لا يحسبون المكاسب و الخسائر المتوقعة بعقلانية كاملة بل أن رؤيتهم للعالم وأحكامهم تؤثر في تلك الحسابات ومن ثم سلوكهم,فالبيئة المحيطة المؤثرة فى تكون الشخصية السياسية تسهم فى عملية صنع السياسة الخارجية .
  2. الثقافة تمثل مصدرا مهما للدوافع ، فالدوافع لا تنبع فقط من داخل الفرد و شخصيته بل أيضا بمن حوله و القيم الثقافية في مجتمعه فيمكن التمييز مثلا بين مجتمعات تعلي من قيمة الحرية و أخرى تعلي من قيمة المساواة و الثالثة تعلي من قيمة التضامن و هكذا فتبرير حرب باسم نشر الديمقراطية قد يكون أيسر في مجتمعات تعلي من قيمة الحرية كما فعلت الحكومتين الأمريكية و البريطانية قبيل حربهما على العراق بينما المجتمعات التي تعلي من قيمة التضامن كالمجتمعات العربية فقد يسهل تعبئة الجمهور و حشد الدعم الشعبي لنصرة شعب شقيق في نضاله المشروع كالشعب الفلسطيني ومثل فترة جمال عبد الناصر وحربه مع اليمن .
  • تلعب الثقافة دورا في تحديد هوية الفرد و الجماعة، و تمييز الجماعة عن غيرها من الجماعات على أساس القرابة أو العرق أو الدين أو اللغة أو الأرض أو غيرها فالثقافة تحدد من نحن و من هم فهي الأساس الذي تقوم عليه الإيديولوجيات القومية بما فيها تلك التي قادت إلى حروب كبرى في التاريخمثل النازية وحقبة هتلر وما فعله فى اليهود .
  1. يرتبط بالدور السابق أثر الثقافة في تقسيم الناس سواء على أساس العرق أو الطبقة الاجتماعية و الاقتصادية أو المكانة أو الجنس و يتضح هذا على مستوى العالم في التقسيمات على أساس شرق غرب شمال جنوب , فهذه التقسيمات ليست جغرافية بل ثقافية رغم تسليم بدور العوامل الاقتصادية و التكنولوجية فيه و تقوم نظرية صدام الحضارات على تقسيم العالم على أسس ثقافية .”[23]

ويمكننا أن نطبق تلك المقولات على الدراسة فى العديد من النواحى بداية من عملية صنع القرار الخاص بسياسة الباب المفتوح حيث أثرت الثقافة الخاصة بالمستشارة أنجيلا ميركل فى ذلك القرار وكذلك هويتها الدينية والاجتماعية وصولا إلى الآثار المختلفة سواء كانت الاقتصادية أو الاجتماعية أو السياسية أو الأمنية والتى جعلت ميركل تتراجع عن القرار المتبع بشأن سياسة الباب المفتوح تجاه اللاجئين .

تقسيم الدراسة :

الفصل التمهيدى :تفسيرقضية اللاجئين السوريين ( 2011-2016 ) .

المبحث الأول :أصول الأزمة السورية .

المبحث الثانى :  دور ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبى فى قضية اللاجئين .

الفصل الأول:محددات السياسة الألمانية .

المبحث الأول :محددات داخلية ( الحكومة الألمانية– البرلمان الألمانى – الأحزاب السياسية – الرأى العام)

المبحث الثانى :محددات خارجية ( دور الاتحاد الأوروبى ) .

الفصل الثانى :الآثار الناتجة عن السياسة الألمانية ودورها فى إعادة صياغة تلك السياسة .

المبحث الأول :الآثار الاقتصادية .

المبحث الثانى :الآثار الثقافيةوالاجتماعية .

المبحث الثالث : الآثار السياسيةوالأمنية .

خاتمة :توصيات وسيناريوهات لمستقبل اللاجئين فى المجتمع الألمانى .

الفصل التمهيدى : تفسير قضية اللاجئين السوريين (2011 – 2016 )

الأزمات العربية ليست وليدة اللحظات الحالية ولكنها نتجت من تراكم مجموعة من الأخطاء والممارسات الباطلة على مدار عقود طويلة ,والأزمة السورية على وجه التحديد تعتبر أزمة معقدة ومتشعبة الأطراف حيث تشترك أطراف كثيرة فى تأجيج الوضع الداخلى السورى الذى لا ينعكس على سوريا بمفردها ولكن يحدث أثر كبير على بقية دول العالم .

وبات الأمر واضحا للعيان بأن استمرار الأزمة السورية يحمل جميع الأطراف نفقات باهظة ليست قادرة على تحملها , سواء أكانت تلك الأطراف داخلية أو خارجية إقليمية أو دولية , فمعارضة نظام الرئيس السورى بشار الأسد ومساندة قوى المعارضة لم يجد نفعا لجميع الاطراف ولهذا باتت دول العالم تسعى للصلح مع نظام بشار الأسد بالرغم مما ارتكبه ذلك النظام من أخطاء جثيمة [24].

والأزمة السورية احدثت كثيرا من النتائج والآثار السلبية سواء كان ذلك على الجانب الاقتصادى أو الجانب الثقافى والتراثى أو الاجتماعى وما سوف نبحثه هو قضية اللاجئين السوريين التى لها صدى كبير فى المحافل الدولية والإقليمية , ولقد قمنا بتقسيم هذا الفصل إلى مبحثين :

المبحث الأول : يتحدث عن الأزمة السورية منذ البداية حيث حكم الأسد الأب وصولا إلى الابن وتأزم الأحداث بين الجماعات المسلحة المختلفة داخل الأراضى السورية حتى بدأت عملية الهجرة الجماعية من البلاد طلبا للملاذ الآمن والحياة الكريمة .

المبحث الثانى : وهنا سوف نقوم بفهم الدور الرئيسى لألمانيا فى قضية اللاجئين السوريين وأهميتها وموقعها داخل أوروبا وكيف أثرت قرارات المستشارة الألمانية ميركل على سياسة بقية الدول الأعضاء .

المبحث الأول : أصول الأزمة السورية

اشتركت مجموعة من العوامل الداخلية والخارجية فى وصول سوريا إلى ما هى عليه الآن من أوضاع سياسية واقتصادية متدنية ,ووجود صراعات طائفية وعقائدية أدت لمقتل الملايين ونزوح عدد كبير من السوريين إلى دول العالم المختلفة مما أدى إلى تغير الرؤى العالمية تجاه القضية السورية بل وأدى أيضا إلى إعادة تقييم الموقف المتبع من نظام بشار الأسد ومن قوى المعارضة ,” كما تعد الأزمة السورية تطورا مفصليا يتوقف عليه مستقبل توازنات القوى الإقليمية والدولية بالمنطقة كما أنها أزمة كاشفة فيما يتعلق بهيكل النظام الدولى الجديد. “[25]

مراحل تفاقم الأزمة السورية :

تجمع مئات الألاف من المتظاهرين فى الثامن عشر من مارس عام 2011 فى جنوب سوريا مرددين شعارات تطالببالحرية والتخلص من الخوف وذلك تأثرا منهم بما حدث فى مصر وتونس ورغبة فى التغيير إلا أن الشرطة السورية اطلقت النار على المتظاهرين وتسببت فى قتل ثلاثة ضحايا الذين تسببوا بعد ذلك فى تغيير حياة ملايين البشر فى سوريا ,وتحولت الصراعات إلى صراعات طائفية ذات طابع دينى خاصة فى ظل الخلخلة التى توجد فى توزيع نسب المشاركة فى الحياة السياسية بين الطوائف الدينية المختلفة [26],ويمكن تقسيم الأزمة السورية إلى مجموعة من المراحل وهى :

المرحلة الأولى :

يعتبر الانقلاب العسكرى الذى حدث فى مارس 1963 والذى شارك به حزب البعث والناصريون والقوميون العرب هو بداية الأزمة السورية , حيث تشكلت لجنة من ثلاثة ضباط بعثيين علويين وهم محمد عمران و حافظ الأسد وصلاح جديد وعملت هذه اللجنة على تصفية المشاركين فى الانقلاب العسكرى إلى أن أصبحت مقاليد الحكم فى يد حافظ الأسد عام 1970 ,والذى اتبع سياسة داخلية تقوم على إضعاف وإرهاق قدرة الأقليات والحيلولة دون اندماجها فى المجتمع كما إنه استخدم الطائفة العلوية لخدمة النظام السياسى وربطها مبصيره وحذرها من الطائفة السنية كما عمل على ايقاف جميع الأنشطة السورية السياسية الحرة ووتطد علاقته مع إيران بدلا من العلاقات المتوترة مع الدول العربية .[27]

مرحلة الانفجار :

تبنى بشار الأسد نفس سياسات أبيه الداخلية مخالفا كل التوقعات والأمال فى إحداث تطورات للأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية فى البلاد ,كما تبنى سياسة خارجية سببت حالة من حالات العزلة لسوريا وجعلت دورها متقلصا فى الأحداث الدولية والعربية على وجه العموم ,الأمر الذى تسبب فى تفاقم الأوضاع الداخلية فى البلاد والذى أدى إلى إشعال جذوة الثورة السورية , كما ساعد على تشكيل الخلفيات المختلفة للأطراف المتنازعة داخل سوريا حيث تبنى كل فريق سياسة معينة,وكما هو الحال فى كل الأنظمة العربية التى اشتعلت بها الثورات , حاول النظام السورى التغطية على الأحداث بإظهار أن كل ما حدث هو نتيجة لتدخل عناصر أجنبية ترغب فى إفساد الوضع الداخلى للبلاد وساعدتها التنظيمات الإرهابية فى نجاحها , كما حاول نظام بشار الأسد اشعال نار الفتنة الطائفية حيث أن ما حدث فى البلاد هو نوعا من أنواع الانتقام من العلويين الذين يعانون الاضطهاد فى الريف وقام بتسيير مظاهرات مؤيدة للنظام واستخدم أساليب القمع المختلفة فى ضد المتظاهرين المعارضين للنظام السورى . [28]

مرحلة التعامل :

يمتلك نظام البعث السورى أساليب للتعامل والقمع السياسى تفوق بقية الأنظة العربية نظرا لعمر ذلك النظام , ولهذا فقد لعب هذا النظام على الورقة الطائفية للتصدى للمظاهرات والورقة الطائفية هنا متمثلة فى العلويين كما أنه قد اتحد مع الأكراد وقدم لهم كثيرا من الامتيازات ليكونوا عونا له فى الحكم الأمر الذى منع الجيش السورى الحر من التقدم والسيطرة على كثيرا من المدن السورية التى يعيش بها الأكراد , وأيضا فقدتعامل بنفس الأسلوب مع المجموعات الدرزية فى نواحى دمشق المختلفة .[29]ونتيجة لإستخدام النظام السورى لكافة أشكال العنف والقمع العسكرى ضد المتظارهين والثوار بالرغم من معارضة القوة الدولية لهذا الأسلوب تحولت المواجهات بين الجيش السورى والثوار إلى مواجهات دموية وقتال فى الساحات والشوارع لم تفرق بين شيوخ وأطفال ونساء ,حيث لجأ الطرف الآخر المتمثل فى الثوار إلى التسلح لمواجهة قوات النظام السورى وساعدهم فى ذلك الدول المعارضة لنظام الرئيس بشار الأسد ,كما أن انشقاق بعض الضباط عن جيش النظام السورى ساهم فى تشكيل فرق مقاتلة للتصدى للنظام السورى .[30]

مرحلة المفاوضات :

نتيجة لإستمرار النزاعات بين النظام السورى والثوار كان لابد من تدخل القوة الدولية والإقليمية للتوصل إلى حد لإيقاف النزاع , ولذلك فقد تم عقد مؤتمر “جنيف-1” الذى حث على كثيرا من المبادئ لتسوية الأزمة السورية وإيقافها وكذلك لوضع مجموعة من الخطوات الإنتقالية التى ستحقن الدماء مثل : (إجراء تعديلات دستورية , تشكيل حكومة إنتقالية , مشاركة وطنية حوارية سورية لإنهاء الأزمة , إجراء انتخابات حرة ونزيهة يشارك بها جميع أطراف وفئات الشعب , وتمثيل المرأة فى الحياة السياسية).

إلا أن النظام السورى للرئيس بشار الأسد ماطل فى تنفيذ تلك الخطوات والاجراءات , وتم عقد مؤتمر “جنيف-2 ” وأيضا لم يسفر عن نتائج إيجابية تساهم فى إيقاف النزاع حيث تراشق كلا الطرفين الإتهامات بإستخدام العنف والإرهاب وقتل المدنيين .[31]

نتائج الأزمة السورية :

الأزمة السورية لم يقتصر تأثيرها على سوريا فقط بل امتدت لتشمل أرجاء الوطن العربى المختلفة وخاصة بعد زيادة تدفق اللاجئين على دول العالم فبدأت الدول تتخذ إجراءات فعلية لمحاولة حل الأزمة السورية حيث تبينت أن الوضع سيمتد ليؤثر عليها أيضا , ومع زيادة وارتفاع وتيرة التطرف الإرهابى والفكرى ومع تنامى قوة داعش فى المنطقة وازدياد حدة العنف,تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض لبقاء الرئيس بشار الأسد واتجهت الدول للمفاوضات بعد أن كانت رافضة الجلوس مع بشار الأسد بإعتباره مجرم حرب والمسئول الأول عما آلت إليه الأوضاع فى سوريا .

فروسيا على سبيل المثال تدعم نظام الرئيس بشار الأسد وتصر على بقائه مما يثير حفيظة كثيرا من السوريين , ويقضى على آمالهم فى التغيير , ومع زيادة الضغط الروسى رضخت الولايات المتحدة الأمريكية للمطلب الروسى من حيث قبول الرئيس بشار الأسد ليقود الفترة الإنتقالية السورية إلى أن يتم الخروج من المأزق , ولكن كيف تحدث مرحلة إنتقالية فى ظل تواجد مليشيات حزب الله والجيش السورى الحر والميلشيات العراقية والأفغانية وأيضا الغارات الجوية الروسية والإيرانية ؟,فهذا نوع من أنواع العبث ليس إلا أو أنه سياسة جديدة متبعة فى الشرق الأوسط لتضعه فى قبضة موسكو فى مقابل أن تفرض الولايات المتحدة الأمريكية سيطرتها على دول جنوب شرق أسيا والباسيفيكى وتكون إيران هى وكيل الولايات المتحدة فى منطقة الشرق الأوسط , خاصة مع السعى الدؤوب لإيران لبسط نفوذها فى المنطقة عن طريق اللعب على الورقة الطائفية امتدادا من طهران وصولا إلى سوريا وبغداد ودول الخليج.[32]

ويمكن تقسيم نتائج الأزمة السورية إلى عدة جوانب حيث امتد تأثيرها ليشمل الجانب الاقتصادى والاجتماعى والسياسى والثقافى وسوف نتناول كل جانب على حدة :

أولا الجانب الاقتصادى :

تبدل الاقتصاد السورى بعد أحداث الثورة حيث تمت إعادة توزيع الموارد والثروات حتى تفى بأغراض الحرب, وبعد أن فقدت الحكومة السورية هيمنتها على السوق زاد جشع السوق السوداء وظهرت عصابات المتاجرة بالبشر والأعضاء والآثار ,كما ظهرت جماعات التجنيد والخطف والابتزاز ودمرت البنية الأساسية للاقتصاد السورى حيث المدارس والمستشفيات والشركات مع تزايد معدلات العنف. ونتيجة للدمار المخلف وفقدان الهيمنة الحكومية قامت الجماعات المسلحة بفرض هيمنتها على الموارد الاقتصادية حتى تضمن الولاء للأفراد المنضمين لها ,وتقدر الخسائر فى الاقتصاد السورى منذ بداية الثورة الثورية بنحو 202.6 بليون دولار أمريكى مما زاد من الاعتماد على الدعم الخارجى وقلب موازين العمل الاقتصادية فى سوريا حيث ارتفعت نسب البطالة وزادت معدلات التضخم وانخفض الناتج المحلى الإجمالى بجانب انخفاض مستويات المعيشة وارتفاع الأسعار وعدم قردة الحكومة على تقديم الدعم والمعونات أو تخطى تلك المعضلة .[33]

ثانيا الجانب الأجتماعى :

طالما تأثر الجانب الاقتصادى السورى بهذا القدر فلابد أن يتبعه الجانب الاجتماعى , حيث حدث نوع من انواع التفريغ السكانى فبعد أن كانت تعداد السكان نحو 20.87 مليون فى عام 2010 انخفض ليصل إلى 17.65 مليون نسمة فى عام 2014 نتيجة مجموعة من العوامل ومنها القتل والخطف وأيضا التهجير فتم تهجير مجموعات كبيرة من السكان من منازلها مع نزوح عدد كبير من السوريين إلى الدول المجاورة وبعد أن كانت مشكلة اللاجئين الفلسطنيين تحتل المكانة الكبرى فى العالم صارت القضية السورية هى الحدث الأكبر منذ عام 2014 وارتفعت معدلات النزوح التى بلغت نحو 3.33 مليون لاجئ بنهاية عام 2014 ,كما انخفضت معدلات التنمية البشرية طبقا لاحصاءات الأمم المتحدة وتم تسريب عدد كبير من الأطفال من مدارسهم نتيجة للدمار الذى لحق بها ولقد بلغت نسبتهم نحو 50.8 % من أجمالى عدد الأطفال وتدهورت مستويات ونوعيات الأنظمة التعليمية السورية . وأيضا ارتفعت معدلات الوفيات وانخفض متوسط العمر للأفراد وأصبح السوريون يعيشون حالة من حالات التخبط واليأس والقهر والضغط نتيجة لما يتعرضون له من عنف وأذى نفسى وجسدى فأضحوا كما الغرباء فى أوطانهم .[34]

ولكن المشكلة الأساسية والتى نحن بصدد دراستها والتركيز عليها هى مشكلة اللاجئين وتطورات تلك المشكلة فبعد أن كانت المشكلة إقليمية أصبحت دولية وبعرض كل ما سبق من تطورات للأزمة السورية فنحصر الأسباب الأساسية للهجرة الجماعية والتى يمكن تلخيصها فى الآتى :

  • فقدان الأمل فى الخلاص من الأوضاع المأساوية الحالية داخل سوريا وإنعدام الأمن والأمان .
  • عدم القدرة على توفير متطلبات الحياة الأساسية سواء مشرب أو مأكل أو ملبس .
  • انعدام الرعاية الصحية والتعليمية وارتفاع معدلات البطالة .
  • زيادة حدة العنف من الجماعات المسلحة أو من الجيش السورى وعدم القدرة على الدفاع عن النفس.
  • الرغبة فى حياة كريمة ومستوى تعليمى جيد سواء أكان ذلك فى الدول الاوروبية أو الدول المجاورة حيث الوضع أكثر أمانا .

وقد تنوعت وجهات اللاجئين بين الدول فالبعض لجأ إلى العراق ويتمثل هؤلاء فى الأكراد السوريين ولكن كانت إقامتهم قصيرة فى العراق حيث أتجهوا بعدها إلى ألمانيا , بينما لجأ سوريى الطبقة الوسطى إلى لبنان منتظرين مساعدات الأمم المتحدة فيما أتجه البعض الأخر إلى الأردن وعانوا فى كلا من العراق ولبنان معاملة قاسية من السلطات لعدم قدرتها على سد احتياجتهم وأيضا لعدم منحهم إقامات قانونية ,ولجأ الآخرون إلى تركيا  .[35]

المبحث الثانى

دور ألمانيا ودول الاتحاد الأوروبى فى قضية اللاجئين

أولا نبذة عن دولة ألمانيا :

تعتبر ألمانيا من الدول الأوروبية ذات المساحات الشاسعة وأيضا ذات الكثافة السكانية المرتفعة التى بلغت نحو80780000 فى عام 2014 ,فهى تمتد من بحر الشمال وبحر البلطيق فى الشمال إلى جبال الألب فى الجنوب كما تشترك فى حدودها مع الدينمارك من ناحية الشمال ومع كلا من بولندا والتشيك من الشرق ومع كلا من النمسا وسويسرا من الجنوب ومع فرنسا ولوكسمبورغ من الجنوب الغربى ومع بلجيكا وهولندا إلى الشمال الغربى .

وتمثل الصناعة أهم قطاع من قطاعات الاقتصاد الألمانى حيث تبلغ نسبتها نحو 25.9% من حجم الاقتصاد الكلى وتمثل الأنشطة الاجتماعية والرعاية الصحية والتعليم والدفاع والأدارة العامة نحو 18.2 % من الاقتصاد بينما تحتل التجارة والخدمات الغذائية نحو 15.5% من الاقتصاد الألمانى , وتعتبر فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية والمملكة البريطانية هم الشركاء الأساسين للتصدير مع ألمانيا  فى حين تمثل فرنسا والصين وهولندا المصدر الاساسى للاستيراد .

عاصمتها هى برلين ولغتها الرسمية هى الألمانية والعملة الرسمية لها هى اليورو بإعتبارها عضوا فى منطقة اليورو منذ عام 1999 ,تتبع النظام الفيدرالى البرلمانى وانضمت للاتحاد الأوروبى فى عام 1958 كما لديها 96 مقعد فى البرلمان الأوروبى وهى عضو أيضا فى اتفاقية تشنغن منذ عام 1995 وترأست ألمانيا الاتحاد الأوروبى نحو 11 مرة منذ عام 1958 إلى عام 2007 .[36]

وبعد أن عرضنا دولة ألمانيا جغرافيا وسياسيا واقتصاديا فلابد من عرض الدور الذى لعبته ألمانيا فى قضية اللاجئين السوريين وكذلك عرض سياسات الاتحاد الاوروبى بإعتبارها عضوا فاعلا فيه .

الدور الألمانى تجاه قضية اللاجئين :

فى عام 2012 و 2013 ساهمت ألمانيا بنحو 440 مليون يورو للمساعدات التنموية والإنسانية تجاه الأفراد الذين عانوا من ويلات الصراع فى سوريا مما جعلها تتبوأ مرتبة عليا فى الدول المانحة للمساعدات على مستوى العالم .[37]وفى عام 2013 دعت منظمتان عالميتان ألمانية ودولية دول الاتحاد الأوروبى لفتح أبوابها أمام اللاجئين السوريين الفارين من ويلات الحرب وطالبتا الحكومة الألمانية بتسهيل إجراءات الدخول للسوريين الذين لديهم أقارب فى ألمانيا وتسهيل تصاريح العمل والدراسة ,كما عقدت المنظمات الدولية منهم منظمة العفو الدولية ومنظمة برو أزيل الألمانية مؤتمرات لدعوة الحكومة الألمانية بوضع قوانين خاصة باللاجئين فصدر قرار المستشارة الألمانية أنجيلا ماركيل بالسماح ل 5000 شخص سورى بالدخول إلى ألمانيا إلا أن المنظمتان قد أعتبرتا أن هذا العدد ضئيل جدا مقارنة بما يجرى على الساحة الدولية من مهازل إنسانية فى حق اللاجئين خاصة مع عقد المقارنة بالعدد الذى سمحت به ألمانيا للاجئى البوسنة والذى بلغ نحو 300 ألف لاجئ وفى عام 2013 أى بعد عامان على اندلاع الثورة السورية بلغ عدد اللاجئين السوريين فى ألمانيا نحو 50 ألف لاجئ طبقا لإحصائات كلا من الفرع الألمانى لمنظمة العفو الدولية ومنظمة برو أزيل الألمانية المعنية بشئون اللاجئين[38] ,وفيما يلى نقد المنظمتين لبعض الانتهاكات الأوروبية فى حق اللاجئين السوريين .

التنديد ببعض ممارسات دول الإتحاد الأوروبى :

لقد قامت كلا من المنظمتين برصد انتهاكات الدول الأوروبية وخاصة إيطاليا واليونان حيث سوء أحوال المعيشة بالنسبة للاجئين وعدم تقديم الخدمات والمساعدات لهم وتركهم فى العراء وإعادة نسبة كبيرة منهم إلى البحر مرة أخرى أو سجنهم إن دخلوا البلاد ,وقامت المنظمتان بالدعوة إلى وضع قانون يسمح للاجئ بحرية التنقل داخل الأراضى الألمانية ويعطيه الحق بجلب أطفاله وأسرته بمجرد وصوله وعدم إعادته مرة أخرى إلى الأراضى الإيطالية ,كما دعى المسئولون ألمانيا بضرورة بذل الجهود لإقناع الدول الأوروبية الأخرى بإستقبال مزيدا من اللاجئين فى ظل تلك الكارثة الإنسانية التى تجتاح دول العالم .[39]

الوضع الحالى بخصوص اللاجئين فى ألمانيا :

بلغ عدد طلبات اللجوء فى ألمانيا نحو 203 آلاف طلب حتى يونيو 2015 نصف تلك الطلبات من السوريين والنصف الآخر من دول البلقان ولقد عملت الحكومة الألمانية على استيعاب هؤلاء اللاجئين فالمواطنون الألمان لم يعتادوا على رؤية النائمين فى الحدائق العامة فقامت الحكومة بتحويل كثيرا من الملاعب والمدارس إلى ساحات استقبال لهم ,كما قامت بعض الشركات الألمانية بتقديم المبانى غير المأهولة للاجئين للإقامة بها ومع زيادة البرد ودخول الشتاء قامت الحكومة بزيادة الميزانية المخصصة للاجئين لبناء أماكن صالحة للإقامة لهم .[40]

لعبت ألمانيا دور القائد بين دول الاتحاد الأوروبى منذ ظهور أزمة اللاجئين السوريين حيث عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل عن أنه بدون قيادة رشيدة فإن الدول الأوروبية سوف تفشل فى حل تلك الأزمة التاريخية ولقد عبرت عن ذلك أثناء إلقاء كلمتها أمام البرلمان الألمانى بأنه من خلال التعاون الأوروبى سوف تحل تلك الأزمة وطالبت الدول الأوروبية بإستقبال مزيدا من اللاجئين السوريين ,ولقد استقبلت ألمانيا بدورها أكبر عدد من اللاجئين السوريين وبسطت شروط الدخول لأراضيها بشكل كبير والذى ساهم فى دعم موقف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركيل هو ميل الرأى العام الألمانى لمساعدة طالبى اللجوء خاصة من الدول التى عانت من الحروب الأهلية مثل سوريا وذلك على عكس توجهات الرأى العام الأوروبى حيث مالت كثيرا من الدول إلى غلق حدودها فى وجه االلاجئين ,وذهبت بعض الآراء بأن تبنى المستشارة الألمانية لسياسة الباب المفتوح هو لغرض اقتصادى ألمانى فأنه من المعروف انخفاض معدل المواليد الألمان وارتفاع نسبة العجائز ومع زيادة تدفق اللاجئين فسوف تساهم فى حل تلك المشكلة كما أن موقف الأحزاب اليمينية مثل حزب النازية الجديدة “neo-Nazis” أو حزب القوميين “nationalists” حتى لو كان معارضا لفكرة استقبال مزيدا من اللاجئين إلا أنه ليس له دور كبير فى التأثير على السياسة الألمانية مثل فرنسا على سبيل المثال ,إلا أنه فى لحظة من اللحظات تغير الموقف الألمانى حيث صدر قرار يقتضى بعودة اللاجئين إلى الدولة الأولى التى دخلوها طبقا لاتفاقية دوبلن إلا أنه قد تغير هذا القرار بعد أسبوعين لتسمح للاجئين بالإقامة على الأراضى الألمانية .[41]

خلاصة الفصل التمهيدى :

مما سبق ذكره فى ذلك الفصل يمكننا أن نكون صورة عامة عن الأزمة السورية (ودورها فى ظاهرة اللاجئين السوريين) والتى هى نتيجة مجموعة من العوامل المتضافرة معا فلا يمكننا أن نحصرالمشكلة فى الرئيس بشار الأسد ونظامه فقط فبسقوطه أو بتغيير النظام لن تنحل المشكلة ,كما إننا أدركنا موقف ألمانيا من قضية اللاجئين ودورها كدولة كبرى فى دول الاتحاد الأوروبى كما لاحظنا الدور الذى لعبته المنظمات الإنسانية إسهاما منها فى حل المشكلة وذلك من خلال الضغط على الحكومات الأجنبية لاستقبال مزيدا من اللاجئين أو لتغيير القوانين ,وهنا يتجلى لنا الوضع الحقيقى للمأساة فاللاجئين اصبحوا فى حالة من حالات التخبط والارتباك فهم يريدون حياة كريمة بعيدا عما يدور فى بلادهم وفى نفس الوقت ترفض الدول استقبالهم وتستخدم ضدهم أساليب عنيفة سواء فى مطاردتهم أو من خلال ترحليهم خارج حدود البلاد فهم يعانون من جميع الجوانب وهذا الأمر سينعكس أثره مستقبلا على العالم بأكمله عن طريق ظهور مزيدا من الجماعات المتطرفة ذات الميل العنفوانى .

الفصل الأول

محددات السياسة الألمانية

السياسة الخاصة بأى دولة تتأثر بمجموعة من العوامل فهى لا تنبع من جانب واحد سواء كان داخلى أو خارجى بل تشترك عوامل كثيرة فى تشكيلها ,ونحن هنا بصدد عرض محددات السياسة الألمانية التى تنقسم إلى محددين وهما المحدد خارجى ونحن هنا سندرس المحدد الخارجى الإقليمى بإعتباره الجانب الأكثر تأثيرا على محور القضيةوهو الاتحاد الأوروبى وبإعتبار ألمانيا عضو رئيسى به ,والمحدد الداخلى المتمثل فى المححدات الرسمية وهى الحكومة الحاكمة والبرلمان الألمانى والمحددات غير الرسمية وهى الأحزاب السياسية ووسائل الإعلام التى بدورها تصنع وتشكل الرأى العام وكذلك جماعات الضغط والمصالح والشركات الأقتصادية ,وكلها عوامل تساهم فى تحديد السياسة الألمانية تجاه القضية الأشد جدلا وأثارة على المستوى الأوروبى وهى قضية اللاجئين السوريين فبعد تبنى ميركل لسياسة الباب المفتوح والتى تنص على فتح الباب أمام اللاجئين بنسب معينة بين دول الاتحاد الأوروبى بالرغم من معارضة كثيرا من السياسيين لتلك السياسة وتدفق ألاف اللاجئين على دول الاتحاد الأوروبى ,بدأت مجموعة من الدول الأوروبية تعلن رفضها لتلك السياسة وتتعامل بشكل عنيف مع اللاجئين على الحدود وخاصة المجر وهنغاريا كما استغل السياسيين الممارسات الخاطئة لبعض اللاجئين فى تأليب الرأى العام الأوروبى ضد اللاجئين وخرجت المسيرات حاملة شعارات عدم الرغبة فى استقبال المزيد معبرين عن رفضهم لأسلمة ألمانيا أو دول الاتحاد الأمر الذى وضع ميركل فى مأزق فكان لابد من تغييرها للسياسة المتبعة , وسوف يتم تقسيم ذلك الفصل إلى مبحثين :

  • المبحث الاول :ويتحدث عن المحددات الداخلية للسياسة الألمانية والمتمثلة فى الحكومة الألمانية والبرلمان الألمانى والأحزاب السياسية والرأى العام والدور الذى يلعبه فى تشكيل قرارات الحكومة .
  • المبحث الثانى :يتحدث عن المحددات الخارجية للسياسة الألمانية والمتمثلة فى دول الإتحاد الأوروبى.

المبحث الأول

المحددات الداخلية للسياسة الألمانية

وهنا بالطبع نحن لن نتحدث عن عامل واحد ولكن عن مجموعة من العوامل التى تسهم فى تشكيل السياسة الألمانية ,وسوف نبدأ فى التركيز على أهم عامل من العوامل وهى المحدد الرئيسى والرسمى وهو الحكومة الألمانية .

الحكومة الألمانية :

تعتبر الحكومة الألمانية هى الفاعل الرئيسى فى السياسة الألمانية وفى عملية اتخاذ القرارات وهى إحدى المحددات الرسمية الداخلية فى ألمانيا ,والقرارات التى اتخذتها المستشارة أنجيلا ميركل كان لها صداها سواء داخل ألمانيا أو خارجها وهنا يمكننا تطبيق منهج تحليل السياسة الخارجية والذى يتحدث عن صانع القرار الذى يتمثل فى ميركل وما هو متاح لديها من معلومات وثروات قومية ودوافع وحوافز قومية تدفعها لتبنى سياسة خارجية معينة تجاه اللاجئين السوريين فالعامل الرئيسى المحدد للسياسة ليس إنسانى فقط ولكنه متمثل بصورة أساسية فى تحقيق المصلحة القومية لألمانيا . فمنذ اندلاع الأزمة السورية وتصدع الموقف الدولى وخاصة الأوروبى إزاء أزمة اللاجئين السوريين والحكومة الألمانية تسعى للتوصل إلى أرضية مشتركة بين دول الاتحاد لمواجهة تلك الكارثة الإنسانية التى تهز العالم. منذ يناير 2012 وحتى سبتمبر 2014 استوطن ألمانيا نحو 941 لاجئ سورى وذلك طبقا لإحصاءات مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين ,وفى مارس 2013 أعلنت الحكومة الألمانية استعدادها لقبول استقبال اللاجئين المقيمين بلبنان بعدد يبلغ نحو 20000 لاجئ سورى طبقا لبيانات وزارة الداخلية الألمانية الفيدرالية وهذا يمنح اللاجئ السورى إقامة مؤقتة لمدة سنتين قابلة للتجديد ,كما ابدت نحو 15 ولاية ألمانية دعمها من خلال توفير ما يقرب من 10000 مكان لإقامة اللاجئين به.[42]

وفى سبتمبر 2015 أعلنت المستشارة الألمانية ميركل (ضاربة بعرض الحائط سياسات الأحزاب اليمنية المسيحية فى ولاية بافاريا وأيضا الطبيعة المعروفة عنها من اتخاذ قرارات فى اللحظة الأخيرة) استعدادها لقبول ألاف من اللاجئين السوريين العالقين فى المجر الأمر الذى ضاعف حدة الانتقادات الموجهة لها سواء من جانب رؤساء الأحزاب الرافضين لتلك السياسة مثل هورست سيهوفر رئيس الاتحاد الاجتماعى المسيحى وأيضا وزير الداخلية توماس دى ميزير واللذان استغلا الهجمات الإرهابية التى حدثت فى باريس فى شهر نوفمبر 2015 لدعم موقفهم المعارض لسياسة ميركل وللمطالبة بوضع حد أعلى لأعداد اللاجئين المسموح لهم بدخول ألمانيا ,إلا أنه نتيجة للضغوطات التى تعرضت لها ميركل سواء من جانب الرأى العام أو رؤساء الأحزاب السياسية أو من جانب أعضاء البرلمان والذين اجتمعت بهم فى نوفمبر 2015 رأت أنه من الحكمة العدول عن تلك السياسة المتبعة فى دخول الأعداد الغفيرة لألمانيا دون وضع حدود ووعدت بضرورة تقليل اعداد اللاجئين إلى أقصى درجة ممكنة حتى لا تزيد من الأعباء الواقعة على البلاد وتسبب مشاكل ليست قادرة على تحملها[43].

ولذلك فقد اتجهت الحكومة الألمانية برئاسة المستشارة أنجيلا ميركل مع بقية الدول الأوروبية إلى عقد اتفاقية مع تركيا فى مارس 2016 لمنع تدفق مزيدا من اللاجئين حيث أنهم قد ادركوا صعوبة استقرار القارة الأوروبية بدون استقرار تركيا بدورها بإعتبارها المدخل والمنفذ للاجئين إلى دول الاتحاد وهذا ما عبرت عنه ميركل فى خطاباتها الرسمية  .[44]

يأتى البرلمان الألمانى البوندستاج بعد الحكومة كثانى محدد من المحددات الرسمية الداخلية لألمانيا ولقد كان له دور فعال فى قضية اللاجئين وهذا ما سيتم عرضه .

البرلمان الألمانى البوندستاج :

يعتبر من المحددات الرسمية للسياسة الألمانية حيث أن عملية صنع القرار فى مرحلة من مراحلها تعرض على البوندستاج الألمانى وبالتالى فهو يلعب دور الهيئات المؤسسية التى تساهم فى صنع القرار اللمانى وهنا أيضا يظهر منهج تحليل السياسة الخارجية بوضوح ,والبرلمان الألمانى هو برلمان فاعل بشكل واضح حيث إنه المسئول الرئيسى عن صياغة القوانين الألمانية كما أنه يمارس دور الرقيب على الوزارات الحكومية ومن حقه مساءلة الوزراء [45],ولقد تعرضت أنجيلا ميركل للمساءلة عن السياسة التى أتبعتها بشأن اللاجئين حيث أن القرارات لا ينبغى أن تصدر من الرئيس التنفيذى وحده دون عرضها على الاجهزة المختلفة والرأى العام وتوجيه الأمور للنحو التى تريده من خلال الخطابات الرسمية المختلفة كما أن الجراءة التى استخدمتها ميركل تعود إلى أن السياسة الألمانية تستند بشكل كبير على الرأى العام حيث أن الرأى العام لا يرغب فى إعادة نظام هتلر مرة أخرى ولهذا فهو سوف يقبل بسياسة ميركل على المدى البعيد حيث أنها على دراية بسيكولوجية المجتمع الألمانى .[46] وفى البرلمان الحاكم يشكل المحافظون مع الحزب الديمقراطى الإشتراكى ما يقرب من 80% من البرلمان بينما الأحزاب المعارضة ومنها اليسار والخضر أو greens  فيشكلون نسبة صغيرة من أعضاء البرلمان بينما الأحزاب اليمنية المتطرفة والتى لا تشكل تهديد بالنسبة لميركل فإنه بالرغم من عدم مقدرتها على الفوز فى انتخابات 2013 إلا أنه بسبب سياسة ميركل تجاه اللاجئين فإن تلك الأحزاب اصبحت على مقدرة لزيادة مصداقيتها عند الناس ورفع نسبة فوزها وذلك إذا نأت بنفسها عن سياسات كراهية الأجانب والقومية من جهة وتوجيه مجهوداتها لعلاج القلق المجتمع بشأن القدرة على التصرف أمام تلك المشكلة و عبر المفكرين الفاشستيين عن رغبتهم فى تدمير فكرة الدولة الديمقراطية لعدم قدرتها على الحل والقيام بالدولة ذات معايير مختلفة  ولقد عبر المستشار السابق جيراهرد شرودر بأن أغلبية أعضاء البرلمان وإن كانوا يرفضون سياسة ميركل إلا أنهم يناقشون ذلك من وراء الأبواب فقط .[47] وفى أعقاب أحداث كولونيا(فى ليلة عيد الميلاد والتى قام فيها مجموعة من الرجال اللاجئين بالتحرش بالنساء الألمان) أثناء اجتماع البرلمان فى يناير 2016 أدان النواب ردود فعل اليمنيين المتطرفين إزاء الأجانب والشعارات المناهضة لهم ووضحت زعيمة حزب اليسار المعارض كاتيا كيبينغ استيائها من أحداث كولونيا وعبرت عن إنه لا يجب إلقاء اللوم على الأجانب فقط كما أدانت رئيسة الحزب الخضر المعارض كاترين غورينغ إيكارت الأعتداءات ولكنها رفضت الحملات المناهضة للأجانب سواء على مواقع التواصل الاجتماعى أو فى الشوارع واقترح عدد كبير من النواب بزيادة أعداد الشرطة الألمانية وتدريبهم على مواجهة ذلك النوع من الإعتداءات الجنسية حيث إنها غير مهيأة لذلك ,وفى تقرير أجرته صحيفة “فرانكفورتر ألغماينه تسايتونغ” وضح ذلك التقرير على معارضة أعضاء الكتلة البرلمانية للاتحاد المسيحى فى البرلمان الألمانى لسياسات الحكومة وشددوا على ضرورة تشديد الرقابة على الحدود ووقف عملية تدفق مزيدا من اللاجئين[48] ,ولقد صدق البرلمان الألمانى على قوانين جديدة خاصة بإصدار هويات شخصية للاجئين حتى تتمكن الحكومة الألمانية والمؤسسات من تقديم الخدمات لهم والدعم .[49] وهذا يدل على تعاون البرلمان الألمانى الكبير وعلى مدى أهميته داخل السياسة ورغبة الأعضاء الداخليين فى مساعدة اللاجئين كما انه يبين الموقف القوى لميركل داخل حدود ألمانيا وعلى مستوى مؤسسات الدولة المختلفة ويبرز أهمية الخطابات ودورها فى صنع القرار فالخطابات واسلوب صياغتها له أكبر الأثر فى صنع القرارات وفى تشكيل الآراء .

وهنا يأتى دور المحددات غير الرسمية فى الدولة ولكنها أحدى أدوات التأثير على القرارات داخل الحكومة الألمانية وسوف نقوم بعرض دور كلا من الرأى العام والإعلام وكذلك الأحزاب السياسية .[50]

الرأى العام الألمانى :

خلافا للدول العربية أو دول العالم الثالث فالرأى العام من ضمن محددات السياسة الداخلية الخاصة بالدول الأوروبية ,ويعتبر الرأى العام هو أحد محركات السياسة الألمانية والرأى العام بحد ذاته لا ينبع من فراغ ولكن تحركه مجموعة من العوامل المختلفة ومنها وسائل الإعلام والتى عبر عن أهميتها كثيرا جوبلز وزير إعلام هتلر ,وأيضا وسائل التواصل الإجتماعى والأحزاب المعارضة والحكومة بدورها من خلال ما تبثه من رسائل للرأى العام .

ويعتبر الإعلام من المؤثرات الرئيسية على الرأى العام الألمانى وتعرض القنوات التليفزيونية الرسمية الألمانية ( ZDF&ARD)التقارير السياسية والتى من شأنها مساعدة المواطنين فى تحديد موقفهم من السياسات العامة التى يتم إتباعها داخل الدولة[51] ,منذ أواخر صيف 2015 شهدت ألمانيا تدفق موجات عالية من اللاجئين السوريين ولقد تذبذبت ميكانيكية الرأى العام الألمانى بين رفض الجماعات المناهضة للمهاجرين واللاجئين إلى الدعم الكامل لهم منذ بداية الأزمة إلى الوقت الراهن.[52]إلا أنه يمكننا أن نلاحظ بأن موجات الرأى العام المناهضة لاستقبال اللاجئين وخاصة القادمين من الدول الإسلامية مثل سوريا قد بدأت فى الظهور منذ احداث 11 سبتمبر حيث ظهور ما يسمى بالإسلاموفوبيا وأيضا تتعالى الأصوات فى وسائل الإعلام والتى تشير دائما إلى صعوبة دمج اللاجئين داخل المجتمع الألمانى ومعانتهم من الإضطهاد والعنصرية والعزلة الإجتماعية إلا أن الرأى العام بدأ فى الإتجاه إلى القبول بالمهاجرين نتيجة للخوف من فقدان السوق الألمانى للأيدى العاملة الماهرة. [53]

وفى سبتمبر الماضى حدثت مشابكات عنيفة فى مراكز اللاجئين ودعت الجماعات المعادية للاجئين والتى تسمى بيغيدا pegida للتظاهر ضد اللاجئين وخرج ما يقرب من 9000 متظاهر ,ولكن بالعودة إلى التيار الرئيسى فى المجتمع الألمانى نجده إنه متسامح إلا انه تطغو عليه أحيانا نوع من الحدة والعنف وفى استطلاع رأى أجراه التليفزيون الألمانى أظهرت النتائج أن نحو 51% من الألمان متخوفين من زيادة تدفق اللاجئين أى أن النسبة قد ارتفعت 13 نقطة منذ سبتمبر الماضى وانخفضت نسبة الدعم لميركل بنحو 9 نقاط لتسجل أدنى نسبة لها منذ 2011[54],بينما يوجد نحو 44% من الألمان يؤيدون سياسة ميركل ويؤكدون على قدرة البلاد على استيعاب تلك الأزمة ولقد تغيرت تلك النسبة بسبب أحداث كولونيا (حيث واقعة التحرش فى يوم عيد الميلاد والتى فعلها مجموعة من الشباب اللاجئين).[55]

وفيما يلى رسم بيانى يوضح مدى التغير فى الرأى العام الألمانى إزاء تلك القضية .

Source:http://www.dw.com/en/has-the-german-press-turned-on-merkel-over-her-refugee-policy/a-18987950[56]

وبالتطبيق على منهج تحليل السياسة الخارجية نجد هنا تأثير البيئة المحيطة على صانع القرار فلقد أثر الرأى العام على سياسة ميركل تجاه اللاجئين وهذا يوضح أن صانع القرار عند اتخاذه لقراره يدرس جميع العوامل المحيطة وكذلك النتائج التى حدثت جراء اتخاذ ذلك القرار ,بعدما عرضنا الرأى العام ودوره يأتى دور الأحزاب السياسية كمحدد غير رسمى داخلى داخل ألمانيا .

الأحزاب السياسية :

تنوعت واختلفت مواقف الأحزاب السياسية الألمانية بشأن قضية اللاجئين السوريين وهذا التباين فى المواقف أدى إلى انقسامات فى الرأى العام الألمانى حيث توجهت الآراء للحزب الذى تميل له ولسياسته ,ونتيجة لسياسة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تجاه اللاجئين تأثرت عملية التصويت فى ألمانيا لصالح الأحزاب المختلفة المناهضة لسياسة الباب المفتوح ففى ولاية سكسونيا فاز حزب البديل الشعبى الألمانى المعادى لاستقبال اللاجئين بربع نسبة الأصوات وهو أكبر دليل على رفض جانب كبير من الرأى العام لاستقبال مزيدا من اللاجئين ,كما فاز حزب AFD مما منحه حق التمثيل فى المجالس التشريعية وهذا هو الأمر الذى هز مكانة الحزب الديمقراطى المسيحى الذى تنتمى له ميركل والذى سعى كثيرا للحيلولة دون حدوث ذلك الأمر ,وخسر الحزب فى بعض الولايات لأول مرة منذ الحرب العالمية الثانية ,إلا أن الحزب الديمقراطى المسيحى ما زال يتمتع بشعبية واسعة تبلغ نسبتها نحو 36% مقارنة مع الحزب الديمقراطى الاجتماعى المنتمى ليسار الوسط والذى تبلغ نسبة تأييده بناء على الاقتراعات نحو 23% وأيضا بالرغم من إنخفاض شعبية ميركل طبقا لاستطلاعات الرأى التى تمت فى بعض الولايات الهامة إلى 54% مقارنة بالعام الماضى 2015 والتى كانت تصل إلى 67% إلا أنها تعتبر نسبة كبيرة مقارنة بنسب تأييد رؤساء الأحزاب اليمينية الأخرى فى المجتمع الأوروبى .

ولقد كان لفوز تلك الأحزاب أكبر الأثر فى حدوث نوع من أنواع الاستقطاب داخل المجتمع الألمانى وأيضا فى  تغيير سياسة ميركل فبعد أن اتبعت سياسة الباب المفتوح تجاه اللاجئين قامت بالتوقيع على الإتفاقية مع تركيا لمنع تدفق مزيدا من المهاجرين إلى ألمانيا والدول الأوروبية ووعدت بتقليل نسبة اللجوء إلى أكبر قدر ممكن .ولقد برر أحد المسئولين بأن السياسة المتبعة من جانب ميركل تجاه قضية اللاجئين لا تنبع عن دولة واحدة ولكنها تحتاج لدول الاتحاد أجمع .[57]

وبتطبيق منهج تحليل السياسة الخارجية يظهر دور المؤسسات داخل الدولة فى تشكيل السياسة الخارجية الخاصة بدولة ألمانيا حيث ساهمت المواقف المختلفة للمؤسسات والبيئة المحيطة فى إعادة صياغة السياسة.

المبحث الثانى

المحددات الخارجية للسياسة الألمانية

عندما نشير إلى المحددات الخارجية التى تؤثر على سياسة دولة ما فإننا نقصد بذلك الدول أو المنظمات الدولية التى تؤثر فى عملية صنع القرار داخل تلك الدولة وعند الحديث عن المحددات الخارجية للسياسة الألمانية فإننا لابد أن نذكر الاتحاد الأوروبى بإعتباره أهم محدد إقليمى من تلك المحددات .

 دور الاتحاد الأوروبى فى السياسة الألمانية :

يتكون الاتحاد الأوروبى من 28 دولة وينقسم التشريع داخل الاتحاد الأوروبى إلى تشريع أولى وتشريع ثانوى وتعتبر المعاهدات هى التشريعات الأولية والتى عليها يبنى التشريعات الثانوية التى تشمل القرارات والتعليمات والتنظيمات ,وعملية صنع القرار داخل الاتحاد تعتمد فى الأساس على البرلمان الأوروبى المنتخب الذى يجب أن يوافق على التشريعات بالإتفاق مع المجلس الأوروبى المكون من حكومات الدول الثمانى والعشرين[58], وللاتحاد الأوروبى تأثير هام جدا كمنظمة داخل دولة ألمانيا كما أن النظام التشريعى والقانونى داخل ألمانيا يتأثر بقوانين الاتحاد الأوروبى [59],وبتطبيق منهج تحليل السياسة الخارجية هنا وبالعودة إلى مقولاته الرئيسية نجد هنا أن عملية صنع القرار يشترك بها مجموعة من العوامل ومنها البيئة المحيطة بصانع القرار وتعتبر الدول الأوروبية هى البيئة المحيطة التى تؤثر فى ألمانيا وفى صانع القرار كما إننا حينما نتحدث عن الاتحاد الأوروبى كمنظمة فنحن نتحدث عنه كما نتحدث عن الفرد الفاعل الذى يعمل على اتخاذ القرارات المتعلقة بالشأن الأوروبى وحينما نتحدث عن ألمانيا كعضو داخل الاتحاد فنحن لا نتحدث عن جماد بل نتحدث عنها كشخص كائن بوجوده وهذه هى أحدى مقولات النظرية الواقعية فى العلاقات الدولية .

وتواجه الاتحاد الأوروبى حاليا مجموعة من التحديات التى من شأنها أن تعيق دوله عن مراعاة اللاجئين السوريين واستقبالهم .

التحديات التى تواجه الدول الأوروبية :

تواجه دول الاتحاد الأوروبى ثلاثة تحديات رئيسية وهى أزمة اليونان الاقتصادية وزيادة نسبة التمثيل السياسى للأحزاب اليمينية واليسارية فى عدد كبير من الدول الأعضاء مع ارتفاع احتمالية انفصال عدد من الدول [60],ويمكن حصر بقية التحديات فى الآتى :

  • جعل الأعداء الأسبقين حلفاء كما فى حالة بريطانيا وفرنسا وألمانيا وغيرهم من دول الاتحاد الأوروبى.
  • محاولة حماية الدول الأوروبية من حالة التخبط السياسى الدولى وبالتالى حمايتها من الإنهيار سواء على الجانب الاقتصادى أو السياسى أو الاجتماعى .
  • إنشاء هيمنة وسيادة أصيلة لدول الاتحاد بمفهوم ووضع جديد حيث التخلى عن فكرة الذات والنظر إلى الجانب الأعم والأشمل فى تحقيق القومية الأوروبية وذلك لن يتم من خلال الدول فقط ولكن من خلال تغيير أفكار الشعوب الأوروبية نفسها .
  • إعادة صياغة مفهوم الحداثة الأوروبية والذى بدأت مشاكله تجتاح العالم مثل مشكلة الإحتباس الحرارى وكذلك الأزمات العالمية حيث أن الدول الأوروبية يجب أن تسعى لإصلاح تلك المشاكل التى تسببت بها منذ البداية .
  • توحيد الشعوب الأوروبية ومحاولة بسط أفكار ثقافية واجتماعية تمكنهم من تقبل الآخر فليس الهدف من المشروع الأوروبى فقط وخاصة بالنسبة للأفراد السماح لهم للتنقل بالحرية بين دول الاتحاد ولكن محاولة نشكر مختلف الأفكار وتقبل مختلف الآراء فهى إحدى التحديات الرئيسية .
  • نصف عدد الطلاب ذوى التعليم العالى وكذلك العاملين فى كلا من اليونان وأسبانيا وفى بعض الدول الأخرى يعانون من البطالة وغياب العدالة الأجتماعية وهى أحدى التحديات أمام المشروع الأوروبى .[61]

وكل تلك التحديات تمثل تهديدا للاستقرار الأوروبى وبالتالى تمنعه من استقبال مزيدا من اللاجئين ,ولهذا فحينما تبنت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل سياسة الباب المفتوح بشأن اللاجئين وطالبت بقية دول الاتحاد  الأوروبى باستقبال حصص من اللاجئين أثارت جدلا كبيرا داخل الاتحاد . وتعتبر ألمانيا إحدى الدول الفاعلة داخل الاتحاد الأوروبى فهى صاحبة مركز متقدم فى التأثير على القرارات داخل الاتحاد بل إنها تلعب دور القائد المهيمن داخل الاتحاد منذ نشأته وهذا ما سوف نقوم بعرضه .

 

الدور المهيمن لألمانيا داخل الاتحاد الأوروبى :

بعد سقوط جدار برلين قامت ألمانيا بدور القائد الرئيسى لدول الاتحاد الأوروبى سواء من الناحية السياسية أو الاقتصادية حيث أن القوة الألمانية هى القوة الداعمة لكثيرا من دول الاتحاد وعلى سبيل المثال “اليونان ذات المشاكل الاقتصادية الضخمة” بل وعقدت التحالفات مع اعدائها السابقين مثل فرنسا والمملكة المتحدة البريطانية ,فبدأت عملية الاتحاد ثم ظهرت عملة اليورو الموحدة والتى لم تكن مشروعا اقتصاديا بالأساس بل كانت لأغراض سياسية لعبا كلا من “فرانسوا ميتران وهيلموت كول” دورا كبيرا فى تحقيقها وفى سبيل توحيد ألمانيا تخلت عن جزء كبير من ثروتها القومية لصالح اليورو الأوروبى ,ومع اندلاع الأزمة العالمية فى عام 2008 استغلت ألمانيا تلك الأزمة لتمد نفوذها وسيطرتها داخل السوق الأوروبى وذلك من خلال إضعاف الدول الأقل دينيماكية اقتصادية داخل الاتحاد وفرض التقشف على نظمها الاقتصادية من خلال المفوضية الأوروبية فى بروكسل وصندوق النقد الدولى فى واشنطن,ومنها اليونان والتى ما زالت محصورة فى اقتصاديات العالم الثالث بالرغم من إنتمائها للاتحاد الأوروبى وذلك لمعانتها من نظم اقتصادية متدنية كثيرا ولذلك فكان لابد لها أن تطبق إصلاحات سياسية والمتمثلة فى تصويت الناخبين داخل اليونان للجماعات اليسارية أو اليمينية لتخفيف الديون وبالتالى زيادة ونفوذ الهيمنة الألمانية داخل أراضيها وسياستها .[62]

ويذهب بعض المحللين السياسيين إلى أن ألمانيا عن طريق الصدفة البحتة كونت الرايخ الرابع تشبيها لما كان فى حقبة هتلر إلا أنه فى تلك المرة تلك الهيمنة والقوة ليست عن طريق التدخل العسكرى كما كان سابقا ولكن عن طريق الهيمنة الاقتصادية ومن خلال فرض سياسيات التقشف على الدول الضعيفة أقتصاديا ذات نسب الديون المرتفعة كما فى اليونان ويراها البعض من الجانب الأجتماعى بأن ألمانيا تحاول تطبيق التعاليم البروتساتنتية والتى سعى لها مارتن لوثر وكذلك أفكار ماكس فيبر فى دول الجنوب الأوروبى الفقيرة إلا أن البعض فى ألمانيا لا يراها من الجانب الأخلاقى المزمع تحقيقه بل كأداة لألمانيا لفرض النفوذ على تلك الدول وتوجيهها لإدارة اقتصادها بالطريقة التى ترغب بها ألمانيا .[63]

ونستنج من دور ألمانيا المهيمن داخل الاتحاد الأوروبى مدى القدرة التى تتمتع بها كدولة فاعلة داخل الاتحاد ومدى استطاعتها لاتخاذ قرار بشأن قضية معينة,فهى فاعل اقتصادى داخل المنظمة وبالتالى هى دولة قائدة فكما يؤثر الاتحاد الأوروبى على سياسات ألمانيا هى بدورها تؤثر على سياساته وقراراته وهذا ما سيعنينا فى قضية اللاجئين ,فحينما تبنت ميركل سياسة معينة دفعت بقية الدول الأوروبية للانصياع وراء تلك السياسة حتى لو تم ذلك على مضض أو كان ذلك مؤقتا .

وبعد أن استعرضنا هيمنة ألمانيا على دول الاتحاد الأوروبى والتحديات التى تواجه الاتحاد لابد لنا من تحليل أكبر تحدى للاتحاد الآن ألا وهو أزمة اللاجئين السوريين والتباين المختلف فى الآراء إزاء تلك القضية وكيفية تأثير دول الاتحاد الأوروبى على سياسة ألمانيا تجاه تلك الأزمة .

دور الاتحاد الأوروبى فى احتواء أزمة اللاجئين :

فى الخامس عشر من يوليو عام 2015 صرح بان كى مون السكرتير العام للأمم المتحدة بأن النزاعات المستمرة هى علامة مخزية ودليل واضح على فشل المجتمع الدولى فى حل الأزمات الدولية حيث وضحت تقارير مجلس الأمن بأن الأطراف المتنازعة تجاهلت قوانين الأمم المتحدة والخاصة بمراعاة المدنيين وإبعادهم عن حلبة الصراع القائم بين الأطراف المتنازعة داخل سوريا.[64]

فمع تصاعد دور اليمين المتطرف فى السياسة الأوروبية والتى باتت لا تقتصر على دولة أو أثنين بل امتدت قوته لتسيطر على دول كثيرة مثل بريطانيا والمجر وسلوفاكيا والسويد وفنلندا والدنمارك وغيرها من الدول الأوروبية مع تصاعد نغمة العنصرية تجاه اللاجئين ومحاولة انتقائهم بحيث يتم قبول البعض بناء على توافر مواصفات معينة ورفض الأخرين وهو الأمر الذى تصاعد حدته فى الفترة الأخيرة فى وسائل الإعلام والصحف فى محاولة لنشر فكرة تقبل اللاجئين المسحيين فقط ,وفيما يلى عرض لردود الفعل المختلفة .

ردود الفعل المتابينة تجاه أزمة اللاجئين :

كشفت الأزمة السورية عن ردود متابينة من جانب دول الاتحاد الأوروبى فاتخذت الدول عدة مواقف منها :

  • استيعاب كامل :وهى السياسة التى تبنتها ألمانيا فقررت استيعاب أكبر عدد من اللاجئين السوريين وتوقعت استقبال ما يقرب من 800000 لاجئ بحلول عام 2015 , كذلك اتبعت أسبانيا نفس السياسة إلا أنها لم تقرر حصة معينة بل تركت الأمر مفتوحا .
  • استقبال حذر :وهى السياسة التى تبنتها كلا من فرنسا وبريطانيا ويرجع التراجع فى موقفهما عن استقبال اللاجئين إلى الضغوط التى تعرضت لها كلا الحكومتين من قبل النشطاء السياسيين فتم استقبال نحو 24 ألف لاجئ فى فرنسا ونحو و20 ألف لاجئ فى بريطانيا .
  • الاكتفاء بتقديم المساعدات : وهى السياسة التى اتبعتها الدنمارك حيث أعلنت نيتها عن تقديم ما يقرب من عشرة ملايين و467 ألف دولار للاجئين .
  • استقبال مشروط : ” إذ اشترطت بعض الدول أن يكون اللاجئون مسيحيين، على غرار بولندا وسلوفاكيا والتشيك، وهو الموقف ذاته الذي تبنته المجر، في حين منحت قبرص الأولوية للمسيحيين، وأعلنت سلوفينيا استقبال ألف لاجئ سوري مسيحي، بينما قررت سلوفاكيا استضافة 200 لاجئ سوري مسيحي. واللافت في هذا السياق، هو أن بعض التوجهات المماثلة ظهرت في بعض الدول الأخرى مثل فرنسا، حيث قال نائب رئيس بلدية روان، الجمهوري إيف نيكولين إن “البلدية ستستقبل لاجئين مسيحيين فقط”.[65]

ويرجع التباين فى إختلاف مواقف الدول الأوروبية إلى مجموعة من العوامل منها : أزمة اليونان ومنطقة اليورو والخلاف على توزيع حصص اللجئين بين الدول الأوروبية وكذلك الخوف من تدفق الجهاديين السوريين وبالتالى تنامى الإرهاب الدولى مع مطالبة كثيرا من الدول بتعديل اتفاقية دبلن الخاصة باللاجئين مع وضع استثناءات للاجئين السوريين والخوف من انسحاب بريطانيا من الاتحاد وبالتالى سقوط دول الاتحاد مما أدت تلك العوامل مجتمعة إلى فشل الدول الأوروبية فى مواجهة الأزمة والأمر الذى عبرت عنه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل حينما قالت “إن العالم يراقب ما يقوم به الاتحادُ الأوروبي حيال اللاجئين، فإذا فشل فهذا يعني تدمير منظومة حقوق الإنسان، وإن أوروبا لن تكون هي أوروبا التي حلمنا بها”[66]

ويعتبر عام 2015 بمثابة الإختبار الحقيقى الذى كشف نوايا وسياسات الدول الأوروبية حيث جاء بتصرفات مشينة من تلك الدول المدعية لاحترام حقوق الإنسان إزاء اللاجئين القادمين من الدول الإسلامية فقامت الشرطة على سبيل المثال فى التشيك بإلقاء القبض على مائتى مهاجر ووضع أرقام على أذرعهم كما قامت المجر ببناء سور شائك لمنع عبور اللاجئين لداخل أراضيها وهذا فى حد ذاته يشبه كثيرا ما فعله هتلر فى اليهود فى فترة الحرب العالمية الثانية [67],وفى يوليو 2015 وافق وزراء الاتحاد الأوروبى على أمرين وهما (إعادة توطين نحو 22504 شخص مشرد من خلال برامج متعددة الأطراف , الأمر الثانى هو محارية شبكات التهريب من خلال انشاء عمليات عسكرية أوروبية ).[68] وفى عام 2016 عقدت الدول الأوروبية إتفاقية مع تركيا حتى تعمل على إيقاف تدفق اللاجئين السوريين والذين يفرون من خلال أراضيها .

اتفاقية الدول الأوروبية مع تركيا بخصوص اللاجئين :

تعتبر تركيا هى المدخل والمنفذ الرئيسى للاجئين من الشرق الاوسط إلى دول الاتحاد الأوروبى كما انها ذات أهمية استراتجية واقتصادية كبيرة بالنسبة لدول الاتحاد الاوروبى فهى سادس أكبر شريك تجارى لها وهذا كله قد مهد لعقد الاتفاقية مع تركيا بخصوص تلك الأزمة[69] ,ففى أعقاب المؤتمر الذى عقد فى بروكسل العاصمة البلجيكية فى شهر مارس الماضى من عام 2016 قامت الدول الأوروبية بالإتفاق مع تركيا بشأن قضية اللاجئين على مجموعة من الاجراءات وهى عودة اللاجئين القادمين عن طريق اليونان إلى تركيا مرة أخرى ومقابل كل مهاجر يعاد ستسمح أوروبا فى المقابل بلاجئ سورى للدخول إلى أراضيها بالإضافة إلى تقديم مساعدات مالية إلى الحكومة التركية بقيادة أحمد داوود أغلو لإعانتها على إستيعاب مزيدا من المهاجرين واللاجئين السوريين وأيضا تسهيل عملية إنضمامها إلى الاتحاد الأوروبى بالإضافة للسماح لمواطنى تركيا بدخول دول الاتحاد الأوروبى دون الحاجة إلى تأشيرة دخول.[70]

خلاصة الفصل الاول :

  • عملية صنع السياسة داخل أى دولة تكون مركبة ومعقدة فلا يمكن الاعتماد على شخص واحد فى صنع القرار إلا داخل الانظمة الاستبدادية والديكتاتورية .
  • ألمانيا تحتل مكانة كبرى داخل دول الاتحاد الأوروبى نظرا لقدرتها الاقتصادية وهذا يبرز لنا كيف تستطيع بعض الدول الهيمنة على القرار السياسى الدولى دون الحاجة لاستخدام قوة عسكرية؟
  • الدول الأوروبية لا تسعى للحفاظ على حقوق الإنسان وتطبيقها كما تزعم وإلا كانت اتبعت نهج أخر فى سياستها تجاه اللاجئين .
  • الأحزاب السياسية والرأى العام يحتلان مكانة كبرى فى صنع السياسة الألمانية خلافا للأنظمة الديكتاتورية .
  • وبعد أن عرضنا دور الاتحاد الأوروبى داخل السياسة الألمانية وتأثيره على عملية صنع القرار بإعتباره منظومة ذات قرارات مؤثرة ,ستتجلى لنا معالم القضية الأساسية وهى كيف تصرفت القوى الكبرى إزاء قضية إنسانية كبرى مثل قضية اللاجئين السوريين التى هى حديث الساحة الدولية حاليا فذلك الموقف الذى تبنته الدول الأوروبية هو مخالف تماما لما تزعمه من احترام حقوق الإنسان ورفع شأن الكرامة الإنسانية فتصرفاتها هى مجرد إنعكاس لكافة أشكال العنصرية والأثرة وكذلك مخالفة للقوانين الدولية .
  • المصلحة القومية والبعد الواقعى يتجلى بوضوح فى السياسات الألمانية المتبعة تجاه قضية اللاجئين ,ويجب أن ندرك بأن المصلحة القومية ليست محرك لألمانيا بمفردها ولكنها كانت محرك لكافة الدول الأوروبية .

الفصل الثانى

الآثار الناتجة عن السياسة الألمانية ودورها فى إعادة صياغة تلك السياسة

تتحمل المجتمعات الفقيرة والتى ليست قادرة على تحمل تكاليف معيشتها ضريبة تدفق اللاجئين أكثر من غيرها سواء من الناحية الاجتماعية أو الثقافية أو المادية مما يخلق مزيدا من المجتمعات الضعيفة التى تضم كثيرا من الأفراد الهشين الغير القادرين على مواجهة تحديات العالم .[71]

عملية تدفق اللاجئين السوريين على ألمانيا ليست بالشئ الهين الذى يكون ذا أثر محدود ولكن الأمر سيمتد ليشمل كثيرا من الجوانب المختلفة فى المجتمع الألمانى سواء من الناحية الاقتصادية حيث الاقتصاد الخاص والمتمثل فى الشركات وسوق العمل أو اقتصاد الدولة الألمانية, أو سيكون له أثر كبير من الناحية الثقافية فعملية دمج مجموعة كبيرة من السوريين داخل المجتمعات الألمانية من شأنه أن يحدث جللا داخل الدولة الألمانية وكذلك مدى قدرة المواطنين الألمان على تقبل الآخر ومساعدته فى الإندماج سيكون عليها عامل كبير فى إحداث نوع من انواع الاستقرار داخل المجتمع وأخيرا الجانب السياسى والأمنى فمع تباين وجهات النظر إزاء قضية اللاجئين السوريين سواء من جانب الأحزاب أو المواطنين أو البرلمان الألمانى وكذلك أفراد الحكومة سيصبح من الصعب عودة الاستقرار السياسى الذى تمتعت به الدولة الألمانية لعقود طويلة , ولهذه الآثار دور كبير فى إعادة النظر فى القرار المتخذ بشأن اللاجئين السوريين بل لقد ساهمت فى تبنى مواقف جديدة تجاههم , وسنقوم بتحليل الخطابات الرسمية والتى استخدمتها ميركل وكذلك وسائل الإعلام أو الساسة المختلفون إزاء المؤسسات القومية المختلفة وتجاه الرأى العام حيث لهذه الخطابات أثر كبير فى تشكيل الرأى العام المحيط , وسينقسم ذلك الفصل إلى ثلاثة مباحث وهى :

  • المبحث الأول وهو :الأثر الاقتصادى, وسنقوم بتحليل خطابات الجهات المختلفة الداعية أو المعارضة لاستقبال مزيدا من اللاجئين .
  • المبحث الثانى وهو :الأثر الثقافى حيث الاختلاف الفكرى والدينى بين اللاجئين وبين مواطنى ألمانيا وبالتالى تتعدد الأصوات مع اختلاف نبرتها تجاه تلك القضية .
  • المبحث الثالث وهو :الأثر السياسى والأمنى حيث مدى قدرة الدولة على إشراك الوافدين فى الحياة السياسية الألمانية .

المبحث الأول

الدوافع الاقتصادية الألمانية لاستقبال اللاجئين السوريين

تعتبر عملية تدفق اللاجئين على أوروبا هى أكبر حراك سكانى حدث منذ الحرب العالمية الثانية وهذا بدوره يصحبه تحديات اقتصادية واجتماعية كبيرة [72].وتعرف ألمانيا بإنتمائها للدول ذات الطبيعة الديموجرافية الغير متوازنة حيث ترتفع نسبة العجائز مقارنة بالشباب مما يؤثر بشكل كبير على العمليات الاقتصادية داخل البلاد ويزيد الضغوط والأعباء على الحكومة الألمانية لإن ما ستقوم بدفعه لكبار السن من معاشات وتعويضات وتأمينات صحية لن تسترده مرة أخرى نتيجة لوجود عجز فى الأيدى العاملة حيث انخفاض معدلات الشباب وانخفاض معدلات المواليد الجدد ولذلك فعملية استقبال اللاجئين السوريين ستكون ذات عائد اقتصادى كبير على البلاد .

وتمثل العمالة الأجنبية فى دول الاتحاد الاوروبى ما يقرب من 3.5% من إجمالى قوة العمل بالاتحاد أى ما يساوى نحو 7.5 مليون أيدى عاملة طبقا لتقارير وبيانات معهد الاحصاءات الأوروبى اليوورستات ,ولقد عبرت المستشارة الألمانية أنجيلا ماركيل عن تفاؤلها بشأن استقبال وتدفق اللاجئين حيث أن النتائج المترتبة على ذلك ستكون إيجابية بشكل كبير,كما أكد رئيس اتحاد الصناعات الألمانى أولريش جريللو بإن دمج اللاجئين فى المجتمع الألمانى وخاصة سوق العمل ستنعكس نتائجه سريعا ليس على اللاجئين بمفردهم ولكن على الاقتصاد الألمانى ككل .[73]وكدولة رئيسية فى استقبال اللاجئين فبلغ عدد استقبالهم نحو 140 ألف لاجئ وسيصل هذا العدد إلى 290 ألف لاجئ بنهاية عام 2016 مشكلين نحو 0.7% من القوة العاملة فى ألمانيا[74] .

يرى كثيرا من الاقتصاديين بأن اللاجئين يمثلون فرصة كبيرة لدول الاتحاد الأوروبى ,ويوجد تأثيرين متابينين الأول على المدى القصير والأخر على المدى الطويل وقد سلط المعهد الألمانى للبحوث الاقتصادية الضوء على الآثار المتعلقة بزيادة توافد اللاجئين سواء على الدولة أو على نصيب الفرد[75],وهذا ما سيتم توضيحه كالآتى .

تأثير تزايد توافد اللاجئين على المدى القصير:

  • زيادة نفقات القطاع العام لتغطية سبل حياة اللاجئين من صحة وتعليم وبنية أساسية ومساكن .
  • آثار سلبية على الأسر حيث انخفاض الأجور وأرتفاع مستويات المعيشة وبالتالى حدوث خلخلة اقتصادية ومجتمعية .
  • تأثير سلبى على البيئة والمجتمع .

أما على المدى الطويل :

  • حدوث نمو اقتصادى كبير حيث زيادة معدلات الاستهلاك وزيادة نسبة العمالة المدربة .
  • زيادة معدلات الاستثمار وارتفاع نسبة رأس المال .[76]

وتختلف مشاركة اللاجئين فى التنمية الاقتصادية داخل ألمانيا بمدى تأهلهم لذلك ومدى المهارات التى يمتلكوها فوجد أن معظم اللاجئين يعملون فى المهن التى لا تتطلب مهارات عالية مثل الخدمة فى المطاعم وخدمات الغسيل والتنظيف بينما التدريس والأئتمان والبنوك فتظل تلك المهن بحاجة إلى تأهيل عالى ولذلك يعمل بها الألمان بنسبة أكبر[77].

وعند استخدام أداة تحليل الخطاب هنا نجد أن الأثر الذى أراد المسئولون إيصاله إلى الراى العام هو التفاؤل ودفعهم لتقبل دفع مزيدا من اللاجئين داخل البلاد لما فى ذلك من فائدة عظمى ستعود على الدولة فى وقت لاحق وستساهم فى توازن ديموجرافى ألمانى حيث سترتفع نسبة الشباب والمواليد داخل الدولة مما سياسهم فى زيادة الأيدة العاملة ,ولهذا استجابت القطاعات الاقتصادية المختلفة للخطابات التى يلقيها المسئولون وسعت لتشغيل الأيدى العاملة وهذا ما سنوضحه .

تنافس القطاعات الألمانية على جذب الكفاءات السورية :

تسعى العديد من القطاعات الألمانية للإستفادة من اللاجئين السوريين وضمهم للعمل بأسرع وقت ممكن ولذلك تعمل على إخضاع المرشحين لدورات للغة وبرامج التأهيل لسوق العمل ,ولعل من أكبر القطاعات الداعية للانضمام لها هو الجيش الألمانى الذى يسعى للترويج لمدى إنسانية الجيش الألمانى لضم مزيدا من الشباب الألمان للتطوع به وأيضا لكسب جانب كبير من اللاجئين السوريين الساخطين على الأوضاع التى يحيوها فى المخيمات للإنضمام لهم وبذلك يتم تشكيل جبهة ألمانية سورية داخل الجيش ولقد خصصت الحكومة ما يقرب من أحد عشر مليون يورو للترويج للجيش عبر الصحف ووسائل الإعلام ومواقع التواصل الإجتماعى حتى يدعو الشباب والشابات السوريات ممن يجيدون اللغة الإجليزية للإنضمام لوحدات الرعايا داخل الجيش وبالتالى يمكنهم ذلك من تكوين جيش ألمانى قادر على مواجهة تصاعد حدة العنف فى منطقة الشرق الأوسط وحتى أن رئيس ألمانيا الاتحادية يواخيم غاوغ قد عبر عن تأييده لذلك المشروع بشكل ملفت للانتباه.[78]

واصدر اتحاد أصحاب العمل BDA تقريرا يوضح بأن السوق الألمانى فى حاجة إلى نحو 140000 مهندس ومبرمج وفنى ,كما وضح عدد من القطاعات المختلفة مثل الصحة بأنه بنهاية عام 2015 ستفرغ ما يقرب من 40000 وظيفة داخل القطاعات وستصبح بحاجة إلى عمالة مدربة ,بالإضافة إلى توقع مراكز الفكر إلى ارتفاع نقص العمالة إلى ما يقرب من 1.3 مليون بحلول عام 2020 وارتفاعها مرة أخرى إلى 3.9 مليون بحلول عام 2040 إذا لم يتم فعل شئ حيال ذلك ,ولهذا فعملية استقبال مزيدا من اللاجئين تعتبر عملية نافعة جدا بالنسبة لألمانيا والمستثمرين ولذلك نجد أن العديد من المبادرات من جانب الشراكات قد تمت لتدريب اللاجئين على العمل فى السوق الألمانى كما حدث مثلا فى بافاريا فى جنوب ألمانيا وطالبت الشركات واصحاب الاعمال الحكومة بضرورة تخفيف القوانين المتعلقة بالعمل بالنسبة للاجئين مع وضع الضمان لاصحاب الأعمال بعدم ترحيل العمال بعد تدريبهم بين ليلة وضحاها.[79]

نرى أن العامل الاقتصادى يلعب دور حيوى فى تحديد السياسات الخاصة بألمانيا تجاه قضية اللاجئين ,فعملية فتح الباب لاستقبال مزيدا من اللاجئين الهدف الأساسى منها اقتصادى قبل ان يكون إنسانى ولهذا نجد ان ألمانيا قد اغلقت الباب بعدما اكتفت بعدد معين من اللاجئين ,كما أنها فى عملية استقبالها للاجئين تسعى لاستقبال أصحاب الشهادات العليا الوذين من شأنهم خدمة المجتمع الألمانى .

المبحث الثانى

الأثر الثقافى والاجتماعى

باستمرار توافد اللاجئين على ألمانيا مع إختلاف ثقافتهم وديانتهم ولغتهم عن المجتمع الألمانى ستحدث تغيرات كثيرة داخل المجتمع وهذا التغيرات قد تكون سلبية أو إيجابية ,فهناك عوامل كثيرة قد تعيق عملية اندماج اللاجئين داخل المجتمع سواء من جانبهم أو من جانب الألمان فبإختلاف الخطابات التى يتردد صداها فى الرأى العام تختلف رؤى ووجهات نظر الكثيرين وأيضا طريقة تعامل الدولة مع تلك القضية وأسلوب الخطاب الذى يتم توجيهه للعامة من شأنه أن يسرع عملية الأندماج أو يعيقها , وسوف نتناول بالشرح والتحليل كل تلك العوامل المختلفة .

أولا الخطاب المستخدم فى وسائل الإتصال المختلفة:

بحلول القرن التاسع عشر وانتشار الطباعة بدأت الصحف تشكل وعى الناس ومفهومهم باتجاه كثيرا من الموضوعات والقضايا وبات الناس يتلقون تنشئتهم الاجتماعية من خلال تلك الوسائل ومع ظهور وسائل الإعلام المختلفة بدأت الدولة تتدخل فيما سيتم صياغته للناس وبثه من خلال تلك الوسائل المختلفة حتى تتمكن من صياغة القيم الاجتماعية[80] ,ولقد لعبت وسائل الإعلام الألمانية دورا كبيرا فى إيصال خطاب معين للناس فقالت إن تأثير اللاجئين على الدولة الألمانية هو أكثر عمقا من توحيد الألمانتيين كما قالت المستشارة أنجيلا ميركل بإن توافد اللاجئين والمهاجرين سيسهم فى تغيير ألمانيا فى السنوات القادمة[81] ,وفى خطاب ميركل بمناسبة رأس السنة فى عام 2016 عبرت عن قلقها بسبب تنامى خطابات العنف والاضطهاد ضد اللاجئين طالبة من الألمان أن يواجهوا التحدى ويظلوا يدا واحدة مع ضرورة العمل على دمج اللاجئين داخل المجتمع[82],كما نادت وسائل الإعلام الألمانى بضرورة التوقف عن استخدام عبارات مثل موجات اللاجئين أو فيضان من اللاجئين فهى تعنى أن الهجرة أو اللجوء هى حوادث وكوراث طبيعية وبالتالى فهذا يثير الرعب فى النفوس ,ومع زيادة نسبة اللاجئين القادمين من سوريا طرح أحد الصحفيين عدد من الأسئلة عن رؤيتهم للأمور مثل :

  • ما هى رؤيتهم للعلاقة بين الجنسين ؟
  • ما هى وجهة نظرهم للعلاقة بين الدين والعلمانية ؟
  • كيف ينظرون للدولة العلمانية ؟
  • ما هى أساليبهم فى حل النزاعات ؟[83]

وكل تلك الأسئلة تثير جدلا واسعا داخل المجتمع الألمانى فمن خلال الإجابة عن هذه الأسئلة سوف يتضح هل ستكون عملية دمج اللاجئين السوريين بالمجتمع يسيرة أم عسيرة ؟ وكلما زادت الإختلافات فى التوجهات والإجابات زادت المسألة تعقيدا, بما أن اللاجئين السوريين هم ذات أصول عربية فبالتالى مسألة العلاقة بين الجنسين هى عملية تتم فى أطر معينة وبحدود لا يمكن تجاوزها وهى تختلف فى ذلك كثيرا عما هو سائد فى دول أوروبا وبالتالى سوف يحدث نوع من أنواع صدام الثقافات وبمناسبة زيادة توافد اللاجئين على ألمانيا أعادت DW الاخبارية نشر مقالة خاصة بحق التعرى فى شوارع ألمانيا والبيوت والجامعات مرات عديدة وذلك فى محاولة لإفهام اللاجئين بأن تعرية الجسد فى أماكن معينة هو حق طبيعى لا يجب ان يتم النظر إليه بأعتباره خطأ أو فعل شنيع كما هو شائع عند العرب حيث أن الجسد وتعريته يعد من المحرمات ومن الأمور التى لا يجب الحديث عنها والتطرق إليها ,وكذلك العرب ينظرون للدين كموضوع معظم لا يجب تجاوزه ويضعونه فى حياتهم السياسية وتجربة الدولة العلمانية فى الوطن العربى هى نادرة الحدوث فالفصيل الدينى يحكم فى معظم الدول العربية تقريبا كما ان إحدى الأسباب الرئيسية للنزاع داخل سوريا ,والاساليب التى يستخدموها فى حل النزاعات أحيانا كثيرة لا يكون القانون أحدها وهذا بسبب غياب دولة القانون الذى يطبق على الجميع داخل الوطن العربى كل تلك العوامل ستحدث صدامات على المستقبل القريب والبعيد .

والدين هو المحدد الثقافى الأساسى فى الوطن العربى فهو التربة الذى تمد النبات بالتغذية السليمة لينمو ويكبر ,والإهتمام الذى يصب على تعاليم الدين وتطبيقه يكون كبير فى الوطن العربى وعند الحديث عن سوريا فنحن نتحدث عن مجموعة كبيرة من الطوائف الدينية مثل الإسلام (والذى يحمل أطياف مختلفة بداخله مثل السنة والشيعة والعلويين) وكذلك الديانة المسيحية وغيرها ,والإسلام يشكل أزمة كبيرة بالنسبة للدول الأوروبية حتى ظهر مصطلح يسمى بالإسلاموفوبيا وهو الخوف من الإسلام كديانة وسوف نقوم بعرض بعض الخطابات الموجهة ضد الإسلام والمسلمين فى ألمانيا .

ثانيا :العلاقة بين وسائل التواصل الإجتماعى والإسلاموفوبيا فى ألمانيا :

لا يمكننا ان نغفل الدور الذى باتت تلعبه وسائل التواصل الاجتماعى فى إيصال المعلومات للناس والتأثير على الرأى العام فصورة الطفل السورى إيلان ذو الثلاثة أعوام الذى وجد غريقا على شواطئ تركيا بعدما تقاذفته الأمواج حركت مشاعر وعواطف الكثيرين سواء فى المجتمع الدولى أو داخل المجتمع الألمانى ولكن بعد أحداث باريس فى 13 نوفمبر 2015 استغلت الأحزاب اليمنية المتطرفة ذلك لإثارة الرأى العام الأوروبى ضد الإسلام والمسلمين بإعتبارهم المسئولين عن تنفيذ تلك الحوادث وبإعتبارهم خطر حقيقى على الثقافة والتمدن فى الدول الأوروبية [84], فى عام 2006 اطلقت مؤسسة فريدريش ايبرت التحذيرات وكشفت ان 40% من الألمان يخشون تغير هوية بلادهم بسبب الأجانب وطالب 35% من الألمان بترحيل الأجانب الذين لا يعملون وفى النسعينات قام اليمين المسيحى المحافظ المناهض للإسلام بإطلاق حملات تحت شعار “القارب امتلأ” لتغيير سياسة اللجوء وساهمت تلك الحملة فى شن هجمات على مخيمات اللاجئين فى ولايات مولن وزلينجن وروستوك وهويرزفيردا [85],وعلى خلفية تصريحات الحزب المناهض للإسلام فى ألمانيا وهو حزب البديل والذى عبر عن خوفه من انتشار الإسلام وأنه يتنافى كديانة مع الدستور الألمانى ولابد من منع بناء المآذن وحظر لبس النقاب ,قال الرئيس الألمانى يؤاخيم غاوك “من البديهي انتماء المسلمين إلى ألمانيا، والحرية الدينية حق يكفله الدستور الألماني “وأنا أفعل الكثير كي أكون أيضاً رئيساً جيداً للمسلمين في ألمانيا[86] ,وهذا يوضح الخطاب العدائى المستخدم من قبل بعض الأحزاب ومحاولة بعض المؤسسات والمسئولين استخدام لغة خطاب تبين مدى الرحابة التى يجب أن تتمتع بها دولة ألمانيا من حيث تقبل مختلف الديانات والثقافات .

تأتى بعد مرحلة الديانة وتعقيداتها التى لن تنتهى مسألة اللغة وإختلافها ,وهذا ما سنوضحه .

اللغة :

من ضمن العمليات التى تعيق مسألة انماج اللاجئين بالمجتمع الألمانى هى اللغة ,فاللغة هى السبيل الذى يمكن اللاجئين من فهم البيئة المحيطة والتعامل مع المؤسسات والتكيف مع الأوضاع والتواصل مع غيرهم من أبناء البلد ,ومسألة عدم تمكن اللاجئين من الحصول على الدورات الخاصة بالألمانية بمجرد وصولهم تعيق وتؤجل فرص كثيرة بالنسبة لهم مثل الحصول على وظائف مختلفة والقدرة على التعليم وكذلك القدرة على الاستقلال الذاتى [87],فعندما يتعلم الشخص لغة جديدة مختلفة عن لغته الأم فهو يمر بأربعة مراحل وهى:

  1. مرحلة التعرض الأولى للغة أو الثقافة الجديدة والمقارنة بينها وبين لغته وثقافته الأصلية .
  2. يحدث لدى المتعلم أن يتكون لديه لغة هجين وهى تجمع بين لغته الأصلية واللغة الجديدة وذلك حتى يتحسن مستواه فى اللغة ويحقق سرعة فى التعلم .
  3. قد يظل المتعلم فى حالة اللغة الهجين فترة طويلة وتسمى هذه الحالة بالجمود حيث أنها تعيق فهمه للثقافة واللغة الأخرى .
  4. قد ينطلق متعلم اللغة من مرحلة الجمود سريعا ليصل لأعلى نقطة تؤهله لفهم اللغة والثقافة الأخرى وهنا يحقق قدرا سريعا من الاندماج .[88]

وكلما تأخر اللاجئين فى تعلم اللغة الألمانية كلما تأخرت عملية إندماجهم بالمجتمع الألمانى وتأخرت مشاركتهم فى تنمية المجتمع وتقديم العون والخدمات له وهذا هو الدور الذى يجب ان تلعبه الدولة هنا ألا وهو توفير دورات تدريبية سريعة للاجئين خاصة باللغة وخاصة بالثقافة أيضا فمسألة الحوار حول إختلاف الثقافات ستسهل عملية تقبل الآخر وتسرع من عملية الإندماج داخل المجتمع الألمانى .

المبحث الثالث

الأثر السياسى والأمنى

كما أن للاجئين تأثيرات اقتصادية وثقافية واجتماعية داخل المجتمع الألمانى فسوف يمتد تأثيرهم بالطبع ليشمل الجانب السياسى والأمنى وهذا ما سيتم عرضه .

دور اللاجئين فى استقطاب السياسة الألمانية :

مع زيادة تدفق اللاجئين إلى ألمانيا حدث نوع من أنواع تراكم الأعمال فى المؤسسات الحكومية الأمر الذى خلق نوع من أنواع البيروقراطية وظهرت تصريحات لوزير الداخلية الذى وعد بخلق نحو 4000 فرصة عمل بنهاية عام 2016 لحل تلك المشكلة والقضية,واصبحت قضية اللاجئين وأثرهم على الدولة والمجتمع ومدى قدرة الدولة والمجتمع على التعامل مع تلك الأزمة ودمج اللاجئين بالمجتمع وأيضا كيفية ضبط الأوضاع الأمنية داخل البلاد من المواضيع الرئيسية التى تثار داخل الانتخابات البرلمانية والأحزاب السياسية فى ألمانيا ,ونتيجة لذلك حدثت اختلافات بين مختلف الأحزاب السياسية وبين الأفراد وبعضهم البعض فالبعض أيد سياسة ميركل الخاصة بالباب المفتوح والبعض أكد على ضرورة إيقاف عملية تدفق اللاجئين ليقود ذلك فى النهاية إلى تغيير فى نتيجة الإنتخابات والاقتراعات وارتفاع نسبة التصويت لصالح الأحزاب المناهضة للاجئين وانخفاض شعبية ميركل وحزبها المحافظ .[89]

بالإضافة إلى الدور الذى لعبوه فى حدوث تغيرات فى السياسة الألمانية كان لهم دورا كبيرا أيضا فى التأثير على الوضع الأمنى فى البلاد وسنتناول ذلك تفصيلا كالأتى .

قلقة الاستقرار الأمنى فى ألمانيا :

على خلاف أحداث كولونيا وضح أوله شرودر والمنتمى للحزب المسيحى الديمقراطى الذى ترأسه ميركل وكيل وزارة الداخلية الألمانية للشئون البرلمانية فى جلسة البرلمان الألمانى البوندستاج المنعقدة فى يناير 2016 القوانين والإجراءات التى ستتبعها الحكومة لحماية المواطنين حيث أنه لابد من تنظيم قوانين خاصة باللاجئين الذين يرتكبون الجرائم وقال “أنا لا أريد أن تترعرع ابنتي في بلد لا تشعر فيه بالأمان في الأماكن العامة” , كما قال وزير العدل هيكو ماس، من الحزب الاشتراكي الديمقراطي، إنه “من غير المسموح لأي شخص أن يكون فوق القانون، بغض النظر عن نوعيه جواز السفر الذي يحمله”. وأضاف أن خطة تشديد القوانين ستمكن من حماية “مئات الآلاف من اللاجئين الأبرياء الذين لا يستحقون أن يُجمعوا مع المجرمين في خانة واحدة”.[90]

نتيجة لرفض بعض الألمان لاستقبال اللاجئين زادت وتيرة العنف ضد اللاجئين ومساكنهم فى البلاد وتصاعدت حدة الكراهية والرفض لوجودهم واستقبالهم الأمر الذى سبب فى محاولتهم لإشعال النيران فى منازل اللاجئين فى الولايات بشكل يومى كما قامت جماعات النازيين الجدد بترديد اغانى تحمل كلمات معادية للاجئين وأيضا رشقهم بقشر الموز تعبيرا عن كراهيتهم [91],ومع أزمة كولونيا زادت وتيرة العنف فى ولاية سكسونيا ,وخاصة فى بلدة فرايتال وطالبوا بغلق الحدود ورفض استقبال ألمانيا لمزيدا من طلبات اللجوء إلا ان المحافظ الاشتراكى الديمقراطى لولاية سكسونيا ستيفان ويل قال بأنه بشأن غلق ألمانيا لحدودها والبت فى طلبات اللجوء فينبغى التفرقة بين لاجئى دول البلقان الذين يفرون من بلادهم لحياة أفضل وبين طالبى اللجوءمن العراق وسوريا الفارين من ويلات الحرب والاضطهاد السياسى فلاجئى دول البلقان لابد من حل أزمتهم سريعا ولكن اللاجئين من سوريا والعراق أو الدول التى تعانى حروب أهلية فإن حل الأزمة فى حد ذاته يتطلب وقتا طويلا.[92]

وقد سجلت الشرطة الألمانية نحو 1000 اعتداء على اللاجئين فى عام 2015 وأعلنت مؤسسة ألمانية أخرى نحو 311 اعتداء منهم 55 اعتداء بالحرق من قبل يمنيين متطرفين , وقامت الشرطة بإلقاء القبض على جماعات يمينية متطرفة فعبر وزير الداخلية عن ذلك بقوله: “هذا يوضح أن دولة القانون تتحرك بحزم ومبكرا ضد بنيات متطرفة يمينية وجناة”[93]وكل تلك الأحداث دفعت اللاجئين السوريين للخروج فى مظاهرات حاملين لافتات تؤكد على تسامح الدين الإسلامى وأكد كثيرا من المتظاهرين بأن الدين الإسلامى لا يحض على العنف كما أكدت كثيرا من النساء المتظاهرين بأن التحرش ليس من أخلاقيات الشباب السورى ولو أن فتاة فى دمشق قد تعرضت للأذى أثناء سيرها بالشارع فسيسارع شاب سورى لإنقاذها كما عبرت عن مدى إمتنانها للمستشارة أنجيلا ميركل للعمل الانسانى العظيم الذى فعلته حينما وافقت على استقبال مزيدا من اللاجئين كما أكدت بإن العالم يراهم من نافذة صغيرة بصورة خاطئة ويجب عليهم كلاجئين العمل لتغيير تلك الصور النمطية المتكونة لدى الكثيرين .[94]

وكل تلك الخطابات المتنوعة ذات أثر كبير على الرأى العام فخطابات المسئولين تدعو إلى التسامح واحيانا إلى تغيير السياسات وهذا ما انتجته تلك الخطابات فلقد ساهمت فى اتباع سياسة جديدة ألمانية وكذلك فى إصدار قوانين جديدة خاصة باللاجئين ,كما أن خطابات اللاجئين أنفسهم لها أكبر الأثر فى إحداث تغيير وإعادة ترتيب للصورة النمطية المكونة لهم من قبل .

خلاصة الفصل الثانى :

نتيجة لتلك الآثار السابق ذكرها ودراسة صانعى القرار داخل ألمانيا لتلك الآثار المختلفة تشكلت السياسة الخارجية الألمانية مرة أخرى تجاه اللاجئين وبعد أن اتبعت سياسة الباب المفتوح اتجهت لعقد اتفاقيات مع دول الاتحاد الأوروبى وتركيا لمنع تدفق مزيدا من اللاجئين السوريين إلى الدول الأوروبية وهذا يزيد التأكيد على أن الطابع الواقعى أو المدرسة الواقعية هى الحاكم الرئيسى فى العلاقات الدولية بينما البعد القيمى الأخلاقى قلما يظهر فى سياسات الدول تجاه أى قضية ,ولقد سببت تلك القضية حرجا كبيرا للمستشارة ميركل داخل المجتمع الألمانى وخارجه فبعد أن عرفت بإسم ماما ميركل لما دعت إليه فى بداية الأزمة من مواقف إنسانية يجب إتخاذها كشفت تلك القضية الوجه الحقيقى لصانعى القرار وأن الحافز والمحرك الأساسى لهم فى صنع السياسات هو المصلحة القومية للدولة وليست الجوانب الإنسانية .

كما تجلت لنا الأبعاد الثقافية للعلاقات الدولية هنا بوضوح فالبيئة الإجتماعية الألمانية ساهمت فى إعادة صياغة السياسة الألمانية تجاه تلك القضية , كذلك الجانب الثقافى الدينى لعب دورا حيويا فالأحزاب السياسية ونشرها لفكرة الإسلاموفوبيا قد ساهمت فى تحديد السياسة الألمانية وكل تلك العناصر مثلت البيئة المحيطة التى أثرت على متخذى القرار.

خاتمة

توصيات وسيناريوهات مستقبلية

توجد سيناريوهات عدة لمستقبل اللاجئين فى دولة ألمانيا ولكن نتيجة للوضع العالمى المضطرب حاليا ففسوف نقوم بالتركيز على أكثر سيناريو إثارة للجدل وهو العلاقة بين الإرهاب واللاجئين ,فالآن ونحن فى منتصف عام 2016 ومع استمرار وزيادة طلبات اللجوء إلى الدول الأوروبية وفى نفس الوقت استمرار الأزمة السورية تتصاعد مخاوف الحكومات الأوروبية وأيضا الاحزاب اليمنية والمناهضة للاجئين العرب منذ البداية بشأن تنامى ظاهرة الإرهاب داخل أوروبا حيث هجمات باريس الأخيرة والتى غيرت مجرى الأحداث والسياسات داخل دول الاتحاد الأوروبى وداخل ألمانيا,فتزايدت الدراسات حول العلاقة بين الإرهاب فى القارة الاوروبية وبين اللاجئين المسلمين ,وهل استغلت داعش توافد اللاجئين على قارة أوروبا لتندس بينهم وتنفذ العمليات الارهابية داخل الدول ؟ وهذا ما سيتم عرضه .

االعلاقة بين الإرهاب واللاجئين فى ألمانيا

بات الوضع غامضا كلما تقدم الوقت ,حيث لا يمكن التنبؤ بإستقرار الأوضاع داخل سوريا بسقوط نظام بشار الأسد خاصة مع زيادة الأطراف المتنازعة وهذا بدوره يزيد من عملية توافد اللاجئين السوريين على دول الاتحاد الأوروبى [95],ويزيد من نسبة المخاوف التى لدى البعض بشأن احتمالية ارتفاع ظاهرة العنف والارهاب داخل أوروبا والمرتبط فى ذهن الكثيرين بالدين الإسلامى .

تنامى ظاهرة الإرهاب :

مع زيادة توافد اللاجئين من الوطن العربى سواء من سوريا أو العراق تثار مجموعة من التساؤلات عن احتمالية زيادة نسبة الإرهاب والعنف فى الدول الأوروبية خاصة بأن هؤلاء اللاجئين ينتمون لدول إسلامية وتلك الدول توجد بها جماعات إرهابية مختلفة منها داعش على سبيل المثال فربما تسلل هؤلاء المحاربون مع اللاجئين ,وعلى مر التاريخ ساهمت ظاهرة اللاجئين فى تكوين الجماعات الإرهابية مثل طالبان فى افغانستان وكذلك جماعات الشباب فى الصومال ,إلا أنه لابد من الإشارة إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة والتى توجد فى أوروبا من سنين والتى تدعو إلى الجهاد فى سوريا والعراق ورفعة شأن الدين الإسلامى والمسلمين لم تقم بين يوم وليلة ولكنها جاءت نتيجة فقدان الانتماء وعدم الشعور بالاحتواء داخل الدول الأوروبية [96],ومع هجمات باريس الأخيرة فى عام 2015 جاءت النتائج الأولية للتحقيقات لتؤكد بأن الجماعات الإرهابية متمثلة فى داعش على الأخص قد استغلت عمليات نزوح اللاجئين لتشكل خلايا نائمةبينهم وتصل إلى أوروبا لتقوم بتنفيذ إعتداءات إرهابية فى مختلف أنحاء القارة [97], وهذا سيأخنا إلى منحى آخر وهو أن اللاجئين ليس لهم علاقة على الجانب الأكبر فى ظهور الإرهاب داخل تلك الدول وإنما الأمر بنسبة كبيرة ينحصر فى مسألة تنظيم الدخول ومعرفة هويات وبيانات من يسمح لهم باللجوء داخل دول الاتحاد الأوروبى حتى يمكن السيطرة على العملية والحيلولة دون تسرب جماعات متطرفة إلى أوروبا ,كما أن عملية دمج الأفراد ذات الخلفية الثقافية المختلفة داخل المجتمعات الاوروبية سريعا من شأنها أن تقلل من ظهور ظاهرة وحوادث الإرهاب داخل القارة الاوروبية فنتيجة لما يعانيه البعض من تهمييش واضطهاد وعنصرية يتجهون إلى الاشتراك والإنضمام لمنظمات إرهابية وهذه ظاهرة موجودة بشكل كبير على الساحة الأوروبية حيث ظهر كثير من الأفراد الذين لا ينتمون إلى الإسلام ولا للدول العربية ومع ذلك أنضموا لجماعات إرهابية مختلفة مثل داعش على سبيل المثال وأيضا بوكو حرام فى نيجريا , وفى دراسة أجريت وجد أن احتمال أنضمام الأفراد للجماعات الأرهابية تزيد بنسبة كبيرة إذا كان اخواتهم ينتمون لتلك الجماعات بل وكثيرا ما يكونوا على علم بالهجمات الإرهابية التى سيتم تنفيذها [98] ,ولهذا يجب الأخذ فى الاعتبار بأن الموضوع متشعب ولا يشمل جهة واحدة يمكن السيطرة عليها .

وهذا يقودنا إلى مسألة أخرى ذات أهمية واضحة وهى الأطفال السوريون ونشأتهم داخل المجتمع الألمانى بعدما شاهدوه من كافة ألوان التطرف والعنف والقتل والخراب كيف يقود ذلك إلى ميلهم إلى العدوانية والعنف ولو أضفنا إلى ذلك المعاملة التى يتلقوها داخل المجتمع الألمانى وتأثيرها على الحالة الصحية والنفسية لهم .

الأطفال السوريون والعنف :

كثيرا من الأطفال الذين فروا من ويلات الحرب الأهلية فى سوريا قد تعرضوا للصدمة والخسارة وهذا من شأنه أن يؤثر على صحتهم وقدرتهم النفسية والعقلية ويجعلهم أكثر ميلا للعنف والتطرف ولهذا فهم يحتاجون لتعليم وعلاج نفسى وصحى أكثر من غيرهم فالأطفال المقيمين فى مخيمات اللاجئين الذين لا يتلقون تعليم جيد ورسمى هم أكثر عرضة للشعور بالتهميش ومن ثم فهم أهداف سهلة للتحول إلى الراديكالية والتطرف والاستقطاب من قبل الجماعات الإرهابية [99] , ونشأتهم الأولى تؤثر بشكل كبير أيضا فالطفل تتكون ملامح شخصيته الأساسية فى عمر 5 سنوات ,ومنذ اللحظة الأولى للمواطن العربى فهو يتعرض لبيئات وطرق تربية تختلف فى طبيعتها كثيرا عن تلك التى توجد فى دول أوروبا وبعد أن يبلغ عمر معين يكتشف وجود كثيرا من الأمور المحرمة التى لا يحق له الكلام فيها أو التعبير عنها .

والمتذمتون العرب هم من يسعون لفرض آرائهم على الأخرين سواء عن طريق الضغط الاجتماعى بلوغا إلى ممارسة الضغوط القانونية ومن ثم فالتمدن الذى يتمتع به المواطنون الأجانب لا يتتحقق على الجانب العربى ولهذا نجد انتشار حوادث الاغتصاب والتحرش والعنف وتراشق الكلمات البذيئة وحتى فساد الساسة وأصحاب الرأى نتيجة لتلك الضغوطات التى تعرضوا لها منذ الصغر سواء من الدولة أو من البيت [100],يتعرض المواطن العربى للقمع كثيرا وهذا القمع لا يصدر عن الخطاب الإيديولوجى المتشدد فقط ولكن من السلطات السياسية أيضا فالأنظمة العربية تفرض الرقابة على كافة أشكال الفن ووسائل التعبير عن الرأى ومنها رسوم الكاريكتير على سبيل المثال [101] ,ولهذا فسرعة عمل الحكومة الألمانية على تعليم الأطفال وفتح مدارس لهم ودمجهم بالمجتمع ستساهم فى علاجهم نفسيا ومعنويا والنأى بتفكيرهم عن التطرف والعنف .

عملية الترابط الأسرى تكون ذات أهمية كبرى فى الدول العربية عن الدول الاوروبية ,فالأشخاص فى أوروبا بعد سن معين يسعون للإنفصال عن ذويهم تمهيدا لمرحلة بناء النفس والاعتماد عليها وتشجع الأسرة الأوروبية على ذلك على غرار الدول العربية والتى ينتمى الأفراد فيها لعائلتهم بشكل كبير ولا ينفصل عن الأسرة إلا عند مرحلة الزواج ومسألة الاستقلال بالذات هذه تعتبر قليلة الحدوث إلا فى حالات معينة ,ولهذا فعند وصول اللاجئين إلى ألمانيا بدون أسرهم سيؤثر ذلك على حالتهم النفسية وهذا ما سنقوم ببيانه .

الترابط الأسرى :

يفتقد الكثير من السوريين عائلتهم حيث أنهم يسعون للوصل إلى ألمانيا بمفردهم ثم يقدمون الطلبات لإنضمام عائلتهم إليهم ,وفى ورقة بحثية أجريت على لاجئين يعيشون بالولايات المتحدة الأمريكية عن الحالة النفسية للاجئين وجد أن كثير منهم يشعر بالخوف والإضطراب نتيجة لعدم قدرتهم على التواصل مع عائلتهم وآبائهم[102] ,وبتطبيق هذا الموضوع على اللاجئين السوريين نجد أن ذلك ربما يؤدى إلى ارتفاع حدة العنف فى تصرفاتهم وفقدان الأمان والطمأنينة والانتماء فالشخص حينما يكون بلا عائلة يكون بلا انتماء أو مبادئ بشكل كبير ويفقد كثيرا من مشاعره الإنسانية التى تبثها العائلة ولهذا يجب على المانيا النظر فى تلك المسألة عن استقبال مزيدا من اللاجئين السوريين حيث أن مسألة الفصل بين الأفراد ربما تؤدى إلى نتائج لا تحمد عقباها .

وبعد أن استعرضنا ذلك السيناريو لابد فى الخاتمة أن نشير إلى مجموعة من الاستنتاجات والتوصيات التى من شأنها أن تحل جزء من الأزمة .

توصيات واستنتاجات :

بعد أن وضحنا ملامح الأزمة السورية وكذلك دور الدول الأوروبية فى حل الأزمة وعرضنا السياسة الألمانية تجاه تلك القضية وكيفية التعامل مع اللاجئين وسبل تواصل الدولة الألمانية مع الأفراد وتأثير الرأى العام الألمانى ودور البرلمان الأوروبى وكذلك البرلمان الألمانى البوندستاج داخل ألمانيا وعرضنا مختلف الأحزاب سواء كانت اليمنية المتطرفة المناهضة للاجئين العرب والأحزاب الوسط وكذلك الأحزاب اليسارية وتعرضنا لإحدى السيناريوهات الخاصة بمستقبل اللاجئين السوريين داخل ألمانيا توصلنا إلى نتائج كثيرة ومن ضمنها:

  • الدول الأوروبية وخاصة ألمانيا التى تنادى بأهمية حقوق الإنسان لم تبذل الكثير لحل تلك المأساة الإنسانية والتى ستمتد أثارها على نحو أجيال متعاقبة ليست فى أوروبا وحدها أو فى الوطن العربى بل فى مختلف دول العالم .
  • المحرك الاقتصادى هو السبب الرئيسى لإتباع ألمانيا لسياسة الباب المفتوح فى البداية وليس المحرك الإنسانى والدليل على ذلك عدولها عن تلك السياسة وعقد الإتفاقية مع تركيا فى مارس 2016 .
  • عملية تقبل الآخر بمختلف آرائه واتجاهاته وثقافاته هى عملية ليست باليسيرة على مستوى العالم حيث أننا لا يجب أن نحصر ذلك فى دول العالم الثالث كما يطلق عليها الغرب ولكن الموضوع أشمل من ذلك ويعتمد على مجموعة من العوامل المختلفة , فعملية التأثير على الرأى العام باتت سهلة كثيرا فى ظل تعدد الوسائل المرئية والمسموعة .
  • كذلك فكرة أن الإسلام هو دين إرهاب وعملية الترويج لذلك آن لها أن تنتهى فهى عملية خطيرة تستغلها الأحزاب السياسية المتطرفة فى أوروبا وأيضا يستخدمها الأفراد ذوى الميول العدائية ضد الأجانب العرب لتحقيق مآربهم الخاصة .
  • الحكومة لا يمكنها أن تلعب الدور الكامل فى عملية دمج اللاجئين بالمجتمع الألمانى فالمجتمع أيضا عليه عامل كبير فمن الممكن أن تتخذ الحكومة قرارات ويتخاذل المجتمع عن تطبيقها وبالتالى تكون دون جدوى ,كما أن اللاجئين السوريين عليهم عامل كبير فى تغيير صورتهم أمام المجتمعات الأوروبية أو داخل ألمانيا من خلال إظهار روح التعاون وحب العمل وهذا ما لمسناه بشكل كبير من لاجئى سوريا فى مصر حيث التفانى فى العمل وسرعة الإندماج داخل المجتمع وإن كانت طبيعة مصر تختلف عن طبيعة الدول الأوروبية إلا أن طبيعة الشعب السورى واحدة .
  • أهم خطوة يجب إتباعها لمواجهة ظاهرة الإرهاب والحد من العنف وكذلك لدعم عملية تقبل الآخر هى ,عملية التطوع والاندماج فى منظمات المجتمع المدنى فهى عملية هامة جدا وحيوية بالنسبة للاجئين حيث أنها تؤهلهم لتكوين صداقات ومعارف كثيرة وأيضا تساعد على القضاء على فكرة التعددية الأثنية حيث تجعل الفرد يسعى لتقديم خدماته للافراد داخل المجتمع والدولة تاركا ورائه أى إنتماءات عرقية أو دينية وبالتالى تزيد الفائدة الاجتماعية للدولة وللاجئين أيضا [103], كذلك لابد من عقد شراكة بين دولة ألمانيا وبين المنظمات والمؤسسات المعنية بشئون اللاجئين لغنها اكثر إدراكا للاجئين ولأمورهم وهذا سيسهل على الحكومة اتخاذ الخطوات السليمة والقرار الفعال لمساعدتهم ودمجهم بالمجتمع بالسبل المتاحة لديها .
  • يجب سرعة إلحاق الأطفال أو البالغين بالمراحل التعليمية حتى يتسنى لهم إفادة المجتمع الألمانى والبعد عن أى أفكار متطرفة قد تؤثر على المجتمع الألمانى بالنحو السلب , ولذلك يجب التنسيق بين المؤسسات الحكومية داخل ألمانيا ومكاتب هيئة الأمم المتحدة المعنية بشئون اللاجئين حتى تقدم المساعدات المادية والمعنوية لهم .
  • لابد من صياغة برامج تدريبية للاجئين السوريين تعلمهم كيفية التكيف مع عادات الكجتمع الألمانى حيث اختلاف اللغة والعادات والتقاليد وتؤهلهم لتقبل الآخر , وكذا الأمر من ناحية الشعب الألمانى يجب بث برامج تليفزيونية وإذاعية أو حتى عن طريق استخدام مواقع التواصل الإجتماعى لإيصال رسالة محبة وسلامة وبث روح الأخاء .

كل تلك الخطوات من شأنها أن تعمل على الاستقرار الثقافى والسياسى والأمنى والمجتمعى داخل المجتمع الألمانى فينعم اللاجئون بالمعيشة الهادئة وكذلك الألمان .

المراجع العربية:

الكتب :

  • حسن وجيه , “حوار الثقافات: إدارة الأجندات والسيناريوهات المتنازعة” ,تحرير :أ.د.منى أبو الفضل و أ.د.نادية محمود مصطفى , الطبعة الأولى ,دمشق , دار الفكر, سنة النشر :2008 .
  • محمد السيد سليم , ” تحليل السياسة الخارجية “ , الطبعة الثانية , كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , جامعة القاهرة , 1998 .
  • مارى تريز عبد المسيح ,”الثقافة القومية بين العالمية والعولمة” ,الطبعة الأولى , القاهرة , الهيئة المصرية العامة للكتاب , سنة النشر : 2009.

الرسائل العلمية :

  • أحمد محمد متولى مسلم , ” تأثير الصعود الروسى على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط – دراسة حالة الازمة السورية” , رسالة ماجستير , جامعة القاهرة , كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , 2015 .
  • أميمة مصطفى عبود أمين , ” قضية الهوية فى مصر فى السبيعينيات دراسة فى تحليل بعض نصوص الخطاب السياسى ” , رسالة ماجستير , جامعة القاهرة , كلية الأقتصاد والعلوم السياسية , 1993 .
  • إكرام بركان , ” تحليل النزاعات المعاصرة فى ضوء البعد الثقافى فى العلاقات الدولية ” رسالة ماجستير, جامعة الحاج لخضر باتنة ,كلية الحقوق , سنة النشر 2009\2010 .
  • نيفين مسعد , معجم المصطلحات السياسية  , جامعة القاهرة , كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , 1994 .

التقارير :

  • سلام السعدى , تقريراقتصادى : سوريا : كيف هيأ الأقتصاد المسرح لانفجار التطرف , مركز دراسات الجمهورية الديمقراطية , تاريخ النشر 01\2016 , متاح على الرابط http://drsc-sy.org/wp-content/uploads/2016/01/salam1.pdf
  • شادى عاكوم ,تقرير سياسى , “الاتحاد الأوروبى يهتز : ميركل وحيدة وسط أزمة اللاجئين ” , العربى , تاريخ النشر:19\02\2016 ,متاح على الرابط http://www.alaraby.co.uk/politics/2016/2/18/
  • تركيا تجبر أوروبا على وضع سياسة للاجئين , تقرير سياسى , مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية , تاريخ النشر 13\03\2016 ,متاح على الرابط http://rawabetcenter.com/archives/22500

الصحف والمجلات :

  • سيف الدين العامرى ,“صور تغير المواقف إلى نقيضها من إيلان إلى هجمات باريس” , جريدة العرب , العدد 10114 ,تاريخ النشر:01\12\2015 ,متاح على : http://www.alarab.co.uk/?id=67552.
  • مازن حسان , “متطرفون “برباط عنق” يهددون ثقافة التعددية فى ألمانيا” , الأهرام اليومى , تاريخ النشر : 16\03\2016 ,متاح على:http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/487942.aspx , تاريخ الدخول : 07\05\2016 .
  • محمد عبدالرءوف ,”وسائل التواصل والتكنولوجيا والتحول الثقافى” ,العربى ,العدد 687 ,فبراير 2016 .
  • محمد مختار قنديل , “محددات السياسة الخارجية : بالتطبيق على الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا ” , الحوار المتمدن ,العدد 3412 , تاريخ النشر : 30\06\2011 , متاح على الرابط التالى : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=265345
  • منصور مبارك , “ما بين التزمت والتمدن” , العربى , العدد687 ,فبراير 2016 .
  • ” رغم الانتقادات ميركل تتمسك بموقفها حيال اللاجئين فى 2016 ” ,جريدة الشرق الأوسط , العدد 13548 ,تاريخ النشر 01\01\2016 , متاح على : http://aawsat.com/home/article/532726/ , تاريخ الدخول : 07\05\2016 .

 

المواقع الألكترونية :

  • إبراهيم إبراهيم الغيطانى , “دوافع ديمغرافية : لماذا ترحب ألمانيا بلاجئي سوريا وترفضهم دول أوروبية أخرى ؟”, المركز الإقليمى للدراسات الاستراتجية القاهرة , تاريخ النشر : 29\09\2015 , http://www.rcssmideast.org/Article/3918/- , تاريخ الدخول : 22\04\2016.
  • أكرم البنى , “عن دوافع هجرة السوريين إلى الغرب “, الحياة , تاريخ النشر: 07\10\2015 , http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/11490633/ , تاريخ الدخول :12\03\2016 .
  • بولمكاحل إبراهيم , ” تطور إتجاهات المدرسة الواقعية فى تحليل العلاقات الدولية والسياسة الخارجية ” , بولمكاحل , http://boulemkahel.yolasite.com , تاريخ الدخول : 18\06\2016 .
  • بيرند كغيسلار، عبد الرحمان عمار ,” كي لا تتكرر أحداث كولونيا ـ البوندستاغ والحل المناسب” , DW ,تاريخ النشر : 15\01\2016 http://dw.com/p/1HdfM , تاريخ الدخول : 05\05\2016 .
  • خالد شمت , “دعوة ألمانيا وأوروبا لفتح حدودهما امام لاجئى سوريا” , الجزيرة .نت , تاريخ النشر: 25\09\2013 , http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2013/9/25/ , تاريخ الدخول :29\03\2016 .
  • علاء جمعة , (“الإخوة الإرهابيون”..ظاهرة متكررة لفتت أنظار المراقبين) , DW ,تاريخ النشر: 24\03\2016 , http://m.dw.com/ar/ , تاريخ الدخول : 07\05\2016 .
  • عبد العزيز التويجرى , ب”شار الأسد أصل الأزمة السورية “, الحياة , تاريخ النشر : 09\11\2015 ,http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/11996427/ , تاريخ الدخول : 12\03\2016 .
  • عبد الجليل زيد المرهون , “الأزمة السورية من منظور معرفى” , مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية , تاريخ النشر 08\08\2015 , http://rawabetcenter.com/archives/10675 , تاريخ الدخول 29\02\2016 .
  • عبد الناصر عارف , ” هل تتخلى ميركل عن سياسة الأحضان الدافئة مع اللاجئين ؟ ” , الأهرام , تاريخ النشر : 02\02\2016 , http://www.ahram.org.eg/NewsQ/474153.aspx , تاريخ الدخول : 29\02\2016 .
  • عنات بيسر , “من هو اللاجئ ومن هو طالب حق اللجوء ؟” , المدافعون عن حقوق لإنسان , http://www.humanrights.cet.ac.il/ShowItem.aspx?ItemID=ad9df0c5-5bae-4cd3-b102-be22c4085a80&lang=ARB , تاريخ الدخول ( 19\02\2016 ) .
  • غادة حلايقة , “ما هو حق اللجوء السياسى “, موضوع , تاريخ النشر : 10\09\2014 , http://mawdoo3.com/ , تاريخ الدخول 17\02\2016 .
  • غياث بلال , “السياسة الألمانية وأزمة اللاجئين” , الجزيرة , تاريخ النشر : 13\09\2015 , http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2015/9/13/ , تاريخ الدخول 29\02\2016 .
  • فابيان فون دير مارك , ” ألمانيا: خلية يمينية إرهابية تستهدف اللاجئين” , DW ,تاريخ النشر : 20\04\2016, http://dw.com/p/1IYrq , تاريخ الدخول : 11\05\2016 .
  • فراس الشوفى , “الاستغلال السياسى للاجئين فى أوروبا : 120 ألفا إلى الجبل الأسود “, المركز العربى للدراسات المستقبلية , تاريخ النشر 02\11\2015 , http://www.mostakbaliat.com/archives/48805 , تاريخ الدخول 29\02\2016 .
  • مازن المغربى , “الجيش الألمانى يطالب بحصة من عملية نهب الموارد البشرية السورية” , المركز الوطنى للأبحاث واستطلاع الرأى , تاريخ النشر : 17\11\2015 , http://ncro.sy/?p=2852 , تاريخ الدخول : 23\04\2016 .
  • يزيد صايغ , “مساعدة أذكى للاجئين السوريين” , مركز كارنيغى للشرق الأوسط , تاريخ النشر 23\02\2016 , http://carnegie-mec.org/2016/02/23/ar-62895/iume , تاريخ الدخول 29\02\2016 .
  • يزيد صايغ , “مواجهة تحدى اللاجئين : حان الوقت لتغيير الأنموذج المفاهيمى” , مركز كارنيغى للشرق الأوسط , تاريخ النشر 01\02\2016 , http://carnegie-mec.org/2016/02/01/ar-62643/itfq , تاريخ الدخول 19\02\2016 .
  • يوزف يانيغ , ” تحدى أزمة اللاجئين ” , Magazin Deutshland , ربيع 2016 , الموقع الألكترونى : http://mc.deutschland.de/fileadmin/media/e-paper/2016-01AR_gesamt.pdf , تاريخ الدخول : 23\04\2016 .
  • “مفوضية اللاجئيين ترحب بقرار الإتحاد الأوروبى وتدعو إلى التركيز على اسباب النزوح الجماعى” , تاريخ النشر : 26\06\2015 ,http://www.unhcr-arabic.org/558f82c26.html , تاريخ الدخول : 10\02\2016 .
  • “كيف ينظر المهاجرين العرب إلى اللاجئيين الجدد فى ألمانيا ؟” , القدس العربى , تاريخ النشر 15\02\2016 ,http://www.alquds.co.uk/?p=482647 , تاريخ الدخول 15\02\2016 .
  • ” شروط جديدة للحصول على حق اللجوء فى ألمانيا” , rt بالعربية , تاريخ النشر 23\01\2016 ,https://arabic.rt.com/news/, تاريخ الدخول 15\02\2016 .
  • “ألمانيا تعلن قرب التوصل لإتفاق اوروبى بشأن اللاجئين” , صوت المانيا , تاريخ النشر : 17\02\2016 ,http://germanyinarabic.com/archives/3766 , تاريخ الدخول 17\02\2016 .
  • https://www.icrc.org/ar/war-and-law/protected-persons/refugees-displaced-persons
  • http://www.unhcr-arabic.org/pages/4be7cc27201.html ,تاريخ الدخول 🙁 19\02\2016 ) ..
  • “مكتبة حقوق الإنسان” , جامعة منيسوتا , https://www1.umn.edu/humanrts/arab/b082.html , تاريخ الدخول (19\02\2016 ) .
  • “ما هى حقوق اللاجئين وهل يمكن للدول رفض استقبالهم وما هو موقف العرب ؟ “, cnn عربية , تاريخ النشر ( 09\09\2015 ) , http://arabic.cnn.com/world/2015/09/09/refugee-obligation , تاريخ الدخول ( 19\02\2016 ) .
  • “أزمة المهاجرين : الاتحاد الأوروبى وتركيا يتفقان على مبادئ لخطة مواجهة دون قرار نهائى” , BBC NEWS , تاريخ النشر 08\03\2016 , http://www.bbc.com/arabic/worldnews/2016/03/160307_migrant_crisis_eu_turkey , تاريخ الدخول : 22\04\2016 .
  • “تداعيات تصاعد الاهتمام بقضية اللاجئين السوريين “, المركز الإقليمى للدراسات الاستراتجية القاهرة , تاريخ النشر : 16\09\2015 , http://www.rcssmideast.org/Article/3894/PublicationByYear.aspx?TypeId=2#.VxuOOtR97re , تاريخ الدخول : 22\04\2016 .
  • “استطلاع : تراجع الثقة فى سياسة ميركل تجاه اللاجئين” , DW , تاريخ النشر :15\01\2016 , http://dw.com/p/1He6d , تاريخ الدخول : 05\05\2016 .
  • “غاوك: من البديهى أنتماء المسلمين إلى ألمانيا” ,المركز الألمانى للإعلام ,تاريخ النشر :26\04\2016 , http://www.almania.diplo.de/Vertretung/almania/ar/__Neu__Migration/26__04__2016__BP__Muslime__DEU__Seite.html , تاريخ الدخول: 05\05\2016 .

Bibliography :

Books :

  • Gordenker Leon , “ refugees in international politics “ , (the croom helm United Nations and its agencies series ) , “ London , Sydney , 1987 “.

Periodicals :

Articles and news papers :

  • Ostrand Nicole , “ The Syrian refugee crisis : A comparison of responses by Germeny , Sweden,the United kingdom and the United states “, Journal on migriation and human security,volume 3,number3 2015, available on : file:///C:/Users/home/Downloads/GERMEN.pdf.
  • Pawlak, Patryk , “conflict in Syria trigger factors and the EU response”, EPRS\European Parliamentary Research Service, published date : 01\2016 , available on : http://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/BRIE/2016/573924/EPRS_BRI(2016)573924_EN.pdf.

Reports :

Research papers :

Websites :

[1] – “مفوضية اللاجئيين ترحب بقرار الإتحاد الأوروبى وتدعو إلى التركيز على اسباب النزوح الجماعى, مفوضية الأمم المتحدة لشئون اللاجئين , تاريخ النشر : 26\06\2015 ,http://www.unhcr-arabic.org/558f82c26.html , تاريخ الدخول : 10\02\2016 .

[2]– عبد الجليل زيد المرهون , الأزمة السورية من منظور معرفى , مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية , تاريخ النشر 08\08\2015 , http://rawabetcenter.com/archives/10675 , تاريخ الدخول 29\02\2016 .

[3]– سلام السعدى , تقريراقتصادى : سوريا : كيف هيأ الأقتصاد المسرح لانفجار التطرف , مركز دراسات الجمهورية الديمقراطية , تاريخ النشر 01\2016 , متاح على الرابط http://drsc-sy.org/wp-content/uploads/2016/01/salam1.pdf .

[4]– غياث بلال , السياسة الألمانية وأزمة اللاجئين , الجزيرة , تاريخ النشر : 13\09\2015 , http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2015/9/13/ , تاريخ الدخول 29\02\2016 .

[5]– عبد الناصر عارف , ” هل تتخلى ميركل عن سياسة الأحضان الدافئة مع اللاجئين ؟ ” , الأهرام , تاريخ النشر : 02\02\2016 , http://www.ahram.org.eg/NewsQ/474153.aspx , تاريخ الدخول : 29\02\2016 .

[6]-Gordenker Leon , “ refugees in international politics “ , (the croom helm United Nations and its agencies series ) , “ London , Sydney , 1987 “.

[7]– Kirisci Kemal , “ Why 100,000s of Syrian refugees are fleeing to Europe “ ,Brookings, published date : 03\09\2015, http://www.brookings.edu/blogs/order-from-chaos/posts/2015/09/03-eu-refugee-crisis-kirisci , accessed date : 12\03\2016 .

[8]– شادى عاكوم ,تقرير سياسى , “الاتحاد الأوروبى يهتز : ميركل وحيدة وسط أزمة اللاجئين ” , العربى , تاريخ النشر :19\02\2016 ,متاح على الرابط http://www.alaraby.co.uk/politics/2016/2/18/

[9]– فراس الشوفى , الاستغلال السياسى للاجئين فى أوروبا : 120 ألفا إلى الجبل الأسود , المركز العربى للدراسات المستقبلية , تاريخ النشر 02\11\2015 , http://www.mostakbaliat.com/archives/48805 , تاريخ الدخول 29\02\2016 .

[10]– تركيا تجبر أوروبا على وضع سياسة للاجئين , تقرير سياسى , مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتجية , تاريخ النشر 13\03\2016 ,متاح على الرابط http://rawabetcenter.com/archives/22500

[11]– يزيد صايغ , مساعدة أذكى للاجئين السوريين , مركز كارنيغى للشرق الأوسط , تاريخ النشر 23\02\2016 , http://carnegie-mec.org/2016/02/23/ar-62895/iume , تاريخ الدخول 29\02\2016 .

[12]– يزيد صايغ , مواجهة تحدى اللاجئين : حان الوقت لتغيير الأنموذج المفاهيمى , مركز كارنيغى للشرق الأوسط , تاريخ النشر 01\02\2016 , http://carnegie-mec.org/2016/02/01/ar-62643/itfq , تاريخ الدخول 19\02\2016 .

[13]-Brunnermeier,Markus , “ Development Zones for Syrian refugees “ , project syndicate , published date” 07\12\2015 “ , https://www.project-syndicate.org/commentary/syrian-refugees-economic-development-zones-by-markus-brunnermeier-et-al-2015-12?barrier=true , access date 29\02\2016 .

[14]– د\نيفين مسعد , معجم المصطلحات السياسية  , جامعة القاهرة , كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , 1994 , ص 362 , 363 .

[15]-https://www.icrc.org/ar/war-and-law/protected-persons/refugees-displaced-persons , accessed date ( 19\02\2016 ) .

[16]-http://www.unhcr-arabic.org/pages/4be7cc27201.html, accessed date ( 19\02\2016 ) .

[17]– عنات بيسر , من هو اللاجئ ومن هو طالب حق اللجوء ؟ , المدافعون عن حقوق لإنسان , http://www.humanrights.cet.ac.il/ShowItem.aspx?ItemID=ad9df0c5-5bae-4cd3-b102-be22c4085a80&lang=ARB , تاريخ الدخول ( 19\02\2016 ) .

[18]-د\نيفين مسعد , معجم المصطلحات السياسية  , جامعة القاهرة , كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , 1994 , ص 365 .

[19]-المرجع السابق , ص 179 .

[20]– محمد السيد سليم , ” تحليل السياسة الخارجية “ , الطبعة الثانية , كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , جامعة القاهرة , 1998 , ص 437 , 438 , 440 , 441 .

[21]-أميمة مصطفى عبود أمين , ” قضية الهوية فى مصر فى السبيعينيات دراسة فى تحليل بعض نصوص الخطاب السياسى ” , رسالة ماجستير , القاهرة , كلية الأقتصاد والعلوم السياسية , 1993 , ص د

[22]– بولمكاحل إبراهيم , ” تطور إتجاهات المدرسة الواقعية فى تحليل العلاقات الدولية والسياسة الخارجية ” , بولمكاحل , http://boulemkahel.yolasite.com , تاريخ الدخول : 18\06\2016 .

[23]–  إكرام بركان , ” تحليل النزاعات المعاصرة فى ضوء البعد الثقافى فى العلاقات الدولية “ رسالة ماجستير, كلية الحقوق , جامعة الحاج لخضر باتنة . سنة النشر 2009\2010 , ص 78 , 79 .

[24]– أحمد محمد متولى مسلم , ” تأثير الصعود الروسى على السياسة الخارجية الأمريكية تجاه منطقة الشرق الأوسط – دراسة حالة الازمة السورية” , رسالة ماجستير , جامعة القاهرة , كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , 2015 , ص 136 .

[25]– المرجع السابق , ص 137 .

[26]-Lund Aron,”Syria : The first five years”, Carnegie Endowment for international peace , published date :18\03\2016 , http://carnegieendowment.org/syriaincrisis/?fa=63076 , access date: 20\03\2016 .

[27]– المرجع السابق , ص 137, 138 .

[28]– المرجع السابق  , ص 138 .

[29]– المرجع السابق , ص 139 .

[30]– المرجع السابق , ص 139 , 140 .

[31]– المرجع السابق , ص 141 .

[32]– عبد العزيز التويجرى , بشار الأسد أصل الأزمة السورية , الحياة , تاريخ النشر : 09\11\2015 ,http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/11996427/ , تاريخ الدخول : 12\03\2016 .

[33]“Syria : Alienation and violence impact of Syria crisis report 2014” , Syrian center for policy research ,unrwa and UNDP , published date :03\2015 , available on this link :http://www.unrwa.org/sites/default/files/alienation_and_violence_impact_of_the_syria_crisis_in_2014_eng.pdf , pp.6-8 .

[34]– ibid , pp8-9 .

[35]– أكرم البنى , “عن دوافع هجرة السوريين إلى الغرب” , الحياة , تاريخ النشر: 07\10\2015 , http://www.alhayat.com/Opinion/Writers/11490633/ , تاريخ الدخول :12\03\2016 .

[36]http://europa.eu/about-eu/countries/member-countries/germany/index_en.htm, access date : 20\03\2016 .

[37]-Orchard, Cynthia and Miller Andrew, ”protection in Europe for refugees from Syria”, Oxford university , Refugee Studies Centre Oxford Department of International Development, published date: 09\2014 , available on: http://www.rsc.ox.ac.uk/files/publications/policy-briefing-series/pb10-protection-europe-refugees-syria-2014.pdf , p 55.

[38]– خالد شمت , “دعوة ألمانيا وأوروبا لفتح حدودهما امام لاجئى سوريا” , الجزيرة .نت , تاريخ النشر: 25\09\2013 , http://www.aljazeera.net/news/reportsandinterviews/2013/9/25/ , تاريخ الدخول :29\03\2016 .

[39]– المرجع السابق .

[40]– غياث بلال , السياسة الألمانية وأزمة اللاجئين , الجزيرة, تاريخ النشر 13\09\2015 ,http://www.aljazeera.net/knowledgegate/opinions/2013/11/2/ , تاريخ الدخول 29\03\2016 .

[41] -Meiritz,Annett,” How Germeny became Europe’s moral leader on the refugee crisis “ , vox , date of publication (11\09\2015) , http://www.vox.com/2015/9/11/9307209/q-a-germanys-leadership-role-in-the-european-migrant-crisis , accesed date (29\03\2016) .

[42]-Ostrand Nicole , “ The Syrian refugee crisis : A comparison of responses by Germeny , Sweden,the United kingdom and the United states “, Journal on migriation and human security,volume 3,number3 2015, available on : file:///C:/Users/home/Downloads/GERMEN.pdf ,p 267.

[43] Amman Melanie, Horand Knaup, Ralf Neukirch and René Pfister, translated by Sultan Christopher , “ Quiet capitulation: Merkel slowly changes tunes on refugee issue”, Der Spiegel ,Germeny , issue 48\2015 published date : 20\11\2015 , http://www.spiegel.de/international/germany/angela-merkel-changes-her-stance-on-refugee-limits-a-1063773.html , accessed date : 23\04\2016 .

[44]– يوزف يانيغ , ” تحدى أزمة اللاجئين ” , Magazin Deutshland , ربيع 2016 , الموقع الألكترونى : http://mc.deutschland.de/fileadmin/media/e-paper/2016-01AR_gesamt.pdf , تاريخ الدخول : 23\04\2016 , ص 12-14 .

[45]– Friedbert Rüb, Friedrich Heinemann, Tom Ulbricht, Reimut Zohlnhöfer, ibid, pp.47

[46]– Horn Heather,” Germeny: where leadership is on trial?”, The Atlantic , published date :15\01\2016,available on: http://www.theatlantic.com/international/archive/2016/01/merkel-germany-refugee-policy/426663/ ,accessed date:04\05\2016.

[47]-Melanie Amann, Maik Baumgärtner, Markus Feldenkirchen, Martin Knobbe, Ann-Kathrin Müller, Alexander Neubacher and Jörg Schindler,” Fear, Anger and Hatred: The Rise of Germany’s New Right”, Der speigel , issue 51/2015 published date:(12\ 12\ 2015) , available on : http://www.spiegel.de/international/germany/refugee-crisis-drives-rise-of-new-right-wing-in-germany-a-1067384.html , accessed date : 04\05\2016.

[48]– بيرند كغيسلار، عبد الرحمان عمار ,” كي لا تتكرر أحداث كولونيا ـ البوندستاغ والحل المناسب” , DW ,تاريخ النشر : 15\01\2016  http://dw.com/p/1HdfM , تاريخ الدخول : 05\05\2016 .

[49]– “German parliament approves IDs for refugees” , DW , published date :14\01\2016 , available on: http://dw.com/p/1HdwR , accessed date: 04\05\2016.

[50]– محمد مختار قنديل , “محددات السياسة الخارجية : بالتطبيق على الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا ” , الحوار المتمدن ,العدد 3412 , تاريخ النشر : 30\06\2011 , متاح على الرابط التالى : http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=265345 .

[51]-Friedbert Rüb, Friedrich Heinemann, Tom Ulbricht, Reimut Zohlnhöfer , ibid , pp49.

[52]https://www.wzb.eu/de/forschung/migration-und-diversitaet/migration-integration-transnationalisierung-0 , accessed date : 23\04\2016 .

[53]– Aydin Yasar ,” The Germany-Turkey Migiration corridor refitting policies to a transnational age “ , transatlantic council on migration “A project of the Migration policy institute” ,published date: February 2016 , available on : http://www.migrationpolicy.org/research/germany-turkey-migration-corridor-refitting-policies-transnational-age ,p 12 .

[54]-“Germany’s refugee crisis , Merkel at her limit, after a historic embrace of refugees , Germen public opinion is turning”, The Economist , Berlin , published date :10\10\2015 , http://www.economist.com/news/europe/21672296-after-historic-embrace-refugees-german-public-opinion-turning-merkel-her-limit ,accessed date : 23\04\2016 .

[55]– “استطلاع : تراجع الثقة فى سياسة ميركل تجاه اللاجئين” , DW , تاريخ النشر :15\01\2016 , http://dw.com/p/1He6d , تاريخ الدخول : 05\05\2016 .

[56] – Knight Ben, “Has the German press turned on Merkel over her refugee policy?” , DW , published date:18\01\2016 , http://dw.com/p/1HfdG , accessed date: 15\05\2016 .

[57]– Troianovski  Anton , Germen voters punish Angela Merkel over migirant policy in state elections , THE WALL STREET JOURNAL , published date :14\03\2016 , http://www.wsj.com/articles/germans-head-to-polls-in-test-of-merkels-refugee-policies-1457857810 , accessed date : 22\04\2016 .

[58]– available on: http://europa.eu/eu-law/index_en.htm , accessed date: 15\05\2016.

[59] -Friedbert Rüb, Friedrich Heinemann, Tom Ulbricht, Reimut Zohlnhöfer, “2014 Germany Report” , SGI sustainable governance Indicators (Bertelsmann Stiftung) , published date: 2014 , available on: http://www.sgi-network.org/docs/2014/country/SGI2014_Germany.pdf , pp.44

[60]– Heisbourg Francois ,” The Strategic Implications of the Syrian Refugee Crisis”,( Survival: Global Politics and Strategy :vol.57,no.6, date: 10\11\2015)pp.7-20 , available on :https://www.iiss.org/en/publications/survival/sections/2015-1e95/survival–global-politics-and-strategy-december-2015-january-2016-522a/57-6-02-heisbourg-12d7 .

[61]-Beck Ulrich , Ibid.

[62]-Werbowski Micheal ,Geremeny’s dominant role in the European Union ,global research , published date : 14\03\2013 , http://www.globalresearch.ca/germanys-dominant-role-in-the-european-union/5326785 , accessed date : 20\04\2016 .

[63]-Beck Ulrich , Germeny has created an accidental empire , Social Europe , published date : 25\03\2013, https://www.socialeurope.eu/2013/03/germany-has-created-an-accidental-empire/ , accessed date : 20\04\2016 .

[64]-Pawlak, Patryk , “conflict in Syria trigger factors and the EU response”, EPRS\European Parliamentary Research Service, published date : 01\2016 , available on : http://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/BRIE/2016/573924/EPRS_BRI(2016)573924_EN.pdf , p5.

[65]– تداعيات تصاعد الاهتمام بقضية اللاجئين السوريين , المركز الإقليمى للدراسات الاستراتجية القاهرة , تاريخ النشر : 16\09\2015 , http://www.rcssmideast.org/Article/3894/PublicationByYear.aspx?TypeId=2#.VxuOOtR97re , تاريخ الدخول : 22\04\2016 .

[66]– المرجع السابق .

[67] – M.Jovanovic Srdjan , Right- wing soft power, the refugee crisis and Europe’s failure , Open democracy , published date : 20\09\2015 , https://www.opendemocracy.net/can-europe-make-it/srdjan-m-jovanovi%C4%87/right-wing-soft-power-refugee-crisis-and-europes-failure , accessed date : 22\04\2016 .

[68]-“EU Institutions and Council of Europe’s reactions to migration in the Mediterranean”,(Migration Crisis: Political analysis of EU Institutions and Council of Europe’s reactions|),Caritas Europa,Vienna, 18 September 2015, available on:http://www.caritas.eu/sites/default/files/migration_crisis_-_political_analysis.pdf , pp.4.

[69]– Heisbourg François,” The Strategic Implications of the Syrian Refugee Crisis” , The International Institute for Strategic Studies ,  vol. 57 no. 6 | December 2015–January 2016 , available on: https://www.iiss.org/-/media//silos/survival/2015/survival-57-6/57-6-02-heisbourg/57-6-02-heisbourg.pdf       pp.15

[70]– أزمة المهاجرين : الاتحاد الأوروبى وتركيا يتفقان على مبادئ لخطة مواجهة دون قرار نهائى , BBC NEWS  , تاريخ النشر 08\03\2016 , http://www.bbc.com/arabic/worldnews/2016/03/160307_migrant_crisis_eu_turkey , تاريخ الدخول : 22\04\2016 .

[71]-Ostrand Nicole ,ibid ,p 267.

[72]-Karakas Cemal ,”Economic challenges and prospects of the refugee influx”,  EPRS | European Parliamentary Research Service , PE 572.809 ,December 2015 , available on : http://www.europarl.europa.eu/RegData/etudes/BRIE/2015/572809/EPRS_BRI(2015)572809_EN.pdf , pp.2

[73]– إبراهيم إبراهيم الغيطانى ,” دوافع ديمغرافية : لماذا ترحب ألمانيا بلاجئي سوريا وترفضهم دول أوروبية أخرى ؟”, المركز الإقليمى للدراسات الاستراتجية القاهرة , تاريخ النشر : 29\09\2015 , http://www.rcssmideast.org/Article/3918/- , تاريخ الدخول : 22\04\2016.

[74]– “How will the refugee surge affect the European economy?” ,Migration Policy Debates (OECD),n°8, November 2015 , available on:https://www.oecd.org/migration/How-will-the-refugee-surge-affect-the-European-economy.pdf ,  pp.4

[75]– “ Migration, asylum and refugees in Germany: Understanding the data”,Global Migration Data Analysis Centre (GMDAC),International Organization for Migration (IOM), Issue No. 1, January 2016 , available on : http://iomgmdac.org/wp-content/uploads/2016/01/Data_Briefing_Migration_asylum_and_refugees_in_Germany.pdf, pp.5

[76]-Peter G. Szilagyi,”Economic Implications of the Refugee Crisis” , Budapest Economic Forum ,CEU Business School – Central European University ,Judge Business School – University of Cambridge , published date:01\10\2015 , available on : https://business.ceu.edu/projectSetup/files/bef-refugee-crisis.pdf ,pp .2,3,4 .

[77]-Torlak Elvisa ,”Impacts of immigration on specific economic sectors” , Manfred Kohlmeier and Peter Schimany (editors)  “The Impact of Immigration on Germany’s Society”, Federal Office for Migration and Refugees, Migration and Integration Research Department ,90343 Nürnberg ,Germany ,published date: October 2005, available on:http://ec.europa.eu/dgs/home-affairs/what-we-do/networks/european_migration_network/reports/docs/emn-studies/illegally-resident/de-finalstudy-eng_en.pdf ,  pp.22

[78]– د.مازن المغربى , الجيش الألمانى يطالب بحصة من عملية نهب الموارد البشرية السورية , المركز الوطنى للأبحاث واستطلاع الرأى , تاريخ النشر : 17\11\2015 , http://ncro.sy/?p=2852 , تاريخ الدخول : 23\04\2016 .

[79]-Richter Mathilde , “German industries have an economic case to welcome refugees” , Business Insider, published date : 07\09\2015 , http://www.businessinsider.com/afp-german-industries-make-economic-case-to-welcome-refugees-2015-9 , accessed date : 23\04\2016 .

[80]– محمد عبدالرءوف ,”وسائل التواصل والتكنولوجيا والتحول الثقافى” ,العربى ,العدد 687 ,فبراير 2016 ,ص190,191 .

[81]-Seibt Sebastian ,”Refugees’ impact ‘more profound’ than German reunification”, France24 , published date:08\09\2015 , http://www.france24.com/en/20150908-germany-refugees-berlin-wall-reunification-migrants-solidarity-syria-eu , accessed date : 06\05\2016 .

[82]– ” رغم الانتقادات ميركل تتمسك بموقفها حيال اللاجئين فى 2016 ” ,جريدة الشرق الأوسط , العدد 13548 ,تاريخ النشر 01\01\2016 , متاح على : http://aawsat.com/home/article/532726/ , تاريخ الدخول : 07\05\2016 .

[83]-Knipp Kersten ,”Opinion: Germany needs to think about the long-term impact of migration” , DW

published date: 29\08\2015 http://dw.com/p/1GNpb , accessed date: 05\05\2016 .

[84]– سيف الدين العامرى ,“صور تغير المواقف إلى نقيضها من إيلان إلى هجمات باريس” , جريدة العرب , العدد 10114 ,تاريخ النشر:01\12\2015  ,متاح على : http://www.alarab.co.uk/?id=67552 ,ص12 .

[85] – مازن حسان , “متطرفون “برباط عنق” يهددون ثقافة التعددية فى ألمانيا” , الأهرام اليومى , تاريخ النشر : 16\03\2016 ,متاح على:http://www.ahram.org.eg/NewsPrint/487942.aspx  , تاريخ الدخول : 07\05\2016 .

[86]– “غاوك: من البديهى أنتماء المسلمين إلى ألمانيا” ,المركز الألمانى للإعلام ,تاريخ النشر :26\04\2016 , http://www.almania.diplo.de/Vertretung/almania/ar/__Neu__Migration/26__04__2016__BP__Muslime__DEU__Seite.html , تاريخ الدخول: 05\05\2016 .

[87]-Hopkins Gail ,” A New Beginning: Refugee Integration in Europe” ,United Nations High Commissioner for Refugees, Bureau for Europe, September 2013 , available on: http://www.unhcr.org/52403d389.pdf          pp.59 .

[88]– أ.د.حسن وجيه , “حوار الثقافات: إدارة الأجندات والسيناريوهات المتنازعة” ,تحرير :أ.د.منى أبو الفضل و أ.د.نادية محمود مصطفى ,الطبعة الأولى ,دمشق , دار الفكر, سنة النشر :2008 ,ص60,61 .

[89]– Meyer Henning ,”Germany and the refugee crisis: Why political tensions are likely to get worse”, Voxeurop and social Europe , published date: 11\02\2016 , http://www.voxeurop.eu/en/content/article/5048434-why-political-tensions-are-likely-get-worse , accessed date :09\05\2016.

[90]-بيرند كغيسلار، عبد الرحمان عمار , مرجع سابق .

[91]– Connolly Kate ,”Refugee crisis: Germany creaks under strain of open door policy “ , The guardian , published date: 08\10\2015, http://www.theguardian.com/world/2015/oct/08/refugee-crisis-germany-creaks-under-strain-of-open-door-policy , accessed date: 11\05\2016 .

[92]– “Testing the Limits: How Many Refugees Can Germany Handle?” ,Der Speigel , issue 31/2015 (July 25, 2015) ,available on:http://www.spiegel.de/international/germany/germany-being-tested-by-huge-refugee-influx-a-1045560.html.

[93]– فابيان فون دير مارك , ” ألمانيا: خلية يمينية إرهابية تستهدف اللاجئين” , DW ,تاريخ النشر : 20\04\2016, http://dw.com/p/1IYrq , تاريخ الدخول : 11\05\2016 .

[94]– Conradis Brandon, “Germans and refugees protest sexism and racism in wake of Cologne attacks”  ,DW , published date: 16\01\2016, http://dw.com/p/1Henp , accessed date: 10\05\2016,

[95]-Philippe Fargues, Christine Fandrich, “The European Response to the Syrian Refugee Crisis – What Next?”, MPC RR 2012/14, Robert Schuman Centre for Advanced Studies, San Domenico di Fiesole (FI): European University Institute, 2012.

[96]– L.Bayman Daneil, “Do Syrian refugees pose a terrorism threat?” , Brookings , published date: 27\10\2015 ,http://www.brookings.edu/blogs/markaz/posts/2015/10/27-syrian-refugees-terrorism-threat-byman ,accessed date:10\05\2016.

[97]-“Syrian refugees flows: security risks and counterterrorism challenges,Preliminary Findings of a House Homeland Security Committee Review” , Homeland security committee , November 2015,  available on: https://homeland.house.gov/wp-content/uploads/2015/11/HomelandSecurityCommittee_Syrian_Refugee_Report.pdf ,pp.2,3.

[98]– علاء جمعة , (“الإخوة الإرهابيون”..ظاهرة متكررة لفتت أنظار المراقبين) , DW  ,تاريخ النشر: 24\03\2016 , http://m.dw.com/ar/ , تاريخ الدخول : 07\05\2016 .

[99]– Selcuk R.Sirin and Lauren Rogers-Sirin ,” The educational and mental health needs of Syrian refugee  children” Migration policy institute ,October 2015  available on:file:///C:/Users/home/Downloads/FCD-Sirin-Rogers-FINAL.pdf  pp.10,11.

[100]– منصور مبارك , “ما بين التزمت والتمدن” , العربى , العدد687 ,فبراير 2016 ,ص110 .

[101]– مارى تريز عبد المسيح ,”الثقافة القومية بين العالمية والعولمة” ,الطبعة الأولى , القاهرة , الهيئة المصرية العامة للكتاب , سنة النشر : 2009 , ص182 .

[102]-Owens-ManleyJudith and Coughlan Reed “Adaptation of refugees during cross-cultrual transitions: Bosnian refugees in upstate New York” ,(New York : Hamilton College and Empire State College, State University of New York), available on : https://www.hamilton.edu/levitt/pdfs/owens-manley_refugee.pdf ,   pp.12.

[103]–   “Economic, civic and social contributions of refugees and humanitarian entrants– A Literature Review” , Refugee Council of Australia for the Department of Immigration and Citizenship , February 2010 , available on: https://www.refugeecouncil.org.au/docs/resources/Contributions_of_refugees.pdf , pp.52 .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى