البرامج والمنظومات الديمقراطيةالدراسات البحثيةالمتخصصة

اعادة بناء العلاقة بين مراكز الفكر ودوائر صنع السياسات في مصر

إعداد: د. هبة جمال الدين  – المركز الديمقراطي العربي

تأتي هذه الدراسة متزامنة مع عدد من المبادرات والمشروعات القومية لدعم منظومة البحث العلمي في مصر على رأسها اطلاق مؤسسة الرئاسة لبنك المعرفة، وتكوين البرلمان ( برلمان مصر الجديدة)  وما ينتظره من تحديات متعددة وتوقعات بتقديم حلول وتشريعات جديدة لتعالج المشكلات والمجتمعية الداخلية والخارجية التي تقف امام مسيرة التنمية في مصر.

مما يعكس وجود مناخ من الدعم والاحتياج لكيانات جديدة تدعم عملية صنع السياسة العامة في هذه المرحلة الفارقة من تاريخ الوطن، عبر ما تقدمه من توصيات Recommendations  وبدائل سياسات Policy Briefs، ومقترح تشريعاتBills .

وههذه الكيانات الجديدة هى مراكزالفكر Think Tanks التي جاء ظهورها في العالم نتيجة للاحتياج المجتمعي والتطورات على الساحة الدولية وما يسفر عنه من ضرورة وجود مصانع للافكار تتولى مسئولية وضع الخطط الاستراتيجية واقتراح بدائل من السياسات التي يمكنها مجابهة تعقد المشكلات الطارئة على أجندة صانع القرار، فجاء ظهورها مع مطلع القرن الماضي في الولايات المتحدة لوضع خطط الغزو وقت الحرب العالمية الاولي واخذ دورها في الظهور والتبلور خاصة مع ظاهرة العولمة وما اسفرت عنه من غزارة في المعلومات والمعرفة التي تحتاج لقرءاة رصينة ومتخصصة من باحثين على درجة من الكفاءة والخبرة والتخصص يستطيعون مخاطبة صناع القرار بما يلائمهم من صياغات تتفق مع طبيعة عملهم وما يطلعون به من مهام، وما هو متاح لديهم من وقت؛ فظهر ما يسمى بأوراق السياسات العامة Policy Papers  تختص بها مراكز الفكر كآلية لمخاطبة صانع القرار. ومع تطور الوضع وتطور دورها لم يعد وجهتها فقط صناع السياسة او متخذ القرار بالمعنى التقليدي، لكن الأمر تطور ليمتد إلى دوائر صنع السياسة المحتملين والمتوقعين من مختلف القوى السياسية الكائنة بالمجتمع المحلي والدولي  كجماعات المصالح، وجماعات الضغط، والاحزاب السياسية، ومؤسسات المجتمع  المدني – المحلية والدولية وما تندرج تحتها من شبكات مؤثرة اقليميا ودوليا- ومنظمات حقوق الانسان ، والصحافة، ووسائل الاعلام المختلفة بما تحمله من قنوات مختلفة تقليدية ومستحدثة منها مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة.

ومن ثم طورت أدواتها للتعامل مع تلك القوى الجديدة والمؤثرة.

ومن ثم لم يعد وجود تلك القوى من قبيل الترف او الوجاهة وانما اصبح ضرورة ملحة للاستمرار في ظل ما يواجهها من تحديات كائنة ومتوقعة او محتملة على المدى القريب او البعيد.

ومع اهتمام الجماعة الدولية وظهورها كأحد اللاعبين المؤثرين بالدول الديموقراطية كالولايات المتحدة الامريكية كمركز راند، ومعهد بروكنجز، ومركز وقف كارنيجي للسلام الدولي..، نجد أن دورها على المستوى القومي لا يرتقي بالخبرة الدولية والعالمية وعلى الرغم من وجودها حتى ان بعض التقديرات كتقدير الدليل الكوني لمراكز الفكر الصادر عن جامعة بنسلفانيا حيث يقدرها بنحو 57 مركز (إلا ان الباحثة تخلف مع هذا الرقم ومنهاجية البحث والاختيار كما سيتضح لاحقا) لكن دور أيا من هذه المراكز لا يمكن مقارنته بدور مراكز الفكر في الخبرة الامريكية او الاوروبية، او حتى الآسيوية- التي جاء ظهورها وتمحور دورها في المساعدة بوضع خطط التنمية التي تحتاجها الدول الأسيوية خلال عملية البناء الاقتصادي للدول- أو الإسرائيلية – التي تخدم المخطط الصهيويني التوسعي بما يحتاجه من خطط بديلة تمكنه من الاستمرار في سياساته ومواجهة ما يقابله من مخاطر دورية نتيجة وجوده في كيان معادي لسياساته- .

ومع إيمان القيادة السياسية بأهمية دورها كما ورد في حديث الرئيس عبد الفتاح السيسي خلال افتتاح المؤتمر السنوي لمنتدى الفكر العربية حيث أكد على ضرورة ربط التنمية بالسياسات الاجتماعية والاقتصادية، إلا اننا مازلنا امام غياب استراتيجية رسمية واضحة لدعم مراكز الفكر ودورها فعلى سبيل المثال لا يوجد تشريع يعترف بوجودها ويقنن عملها يمكن من خلاله مواجهة التحديات التي تقف أمامها نتيجة لتصنيفها إما كجمعية أهلية أو كشركة خاصة.

ولم يتم تمثيل تلك المراكز في الهيئات الاستشارية لمؤسسة الرئاسة، أو لم يشاركون بشكل مؤسسي في وضع الدستور المصري..، لا تعتمد الحكومة على الكوادر البشرية بتلك المراكز لتوليها مراكز في جهازها البيروقراطي تفعيلا لدورها كمورد للقوى البشرية للجهاز الادراي بالدولة…

من هنا جاءت هذه الدراسة خاصة في ظل دخول الوطن في مرحلة تاريخية جديدة باكتمال سلطاتها الثلاثة التشريعية والتنفيذية والقضائية، لتحاول ان تقدم مدخل لعقد اجتماعي جديد بين مراكز الفكر وصناع السياسة العامة وذلك عبر تشخيص الوضع ووالوصول لبدائل سياسات جديدة يمكنها ان تكون نواة لاطلاع طرفي المعادلة بصياغة استراتيجية توافقية لشكل العلاقة بينهما للوصول بمصر إلى بر الامان وحدوث ثورتين متتالين بمصر لابد ان يعكس الاحتياج لبناء مستقبل أفضل لتتكاتف فيه جميع القوى لإعادة بناء الدولة ومؤسستها، فجميع مؤسسات الدولة عليها مسئولية مشتركة للتعاون والتنسيق والتكامل لتضافر الجهود المخلصة للتغلب على التحديات التنموية المختلفة والتهديدات الخارجية والداخلية الهدامة.هذه هى شكل العلاقة الواجب توافرها بين مؤسسات صنع القرار بمصر ومراكز الفكر المصرية، فمستقبل مصر هو الأهم وهو المصلحة المشتركة بين الطرفين.

في هذا الإطار لم تكتفي الورقة البحثية بالمصادر المكتبية من الكتب والمراجع الاجنبية والعربية، وانما استخدمت أداة المقابلة شبه المقننة مع عدد من رؤساء وخبراء مراكز الفكر الدولية والمصرية؛ أولاً بهدف التعرف على الخبرة الدولية المختلفة وما قدمته من دور في دعم عملية صنع السياسة العامة بأوطانها للوقوف على ابرز الدروس والخبرات التي يمكن الاستفادة بها في الخبرة المصرية، علاوة على رسم خط متواتر لشكل العلاقة بين صانع القرار ومراكز الفكر ومكانة الخبرة المصرية على هذا الخط المتواتر. ثانياً ساعدت المقابلات مع خبراء المراكز المصرية للوقوف على ابرز المشكلات التي تقف حائلا اما لعب دور مؤثر داخل عملية صنع السياسة، وتصوراتهم لما يجب ان تكون عليه شكل هذه العلاقة. ولم تغفل الدراسة التعرض لبعض دوائر صنع السياسة بمصر.

وقد بلغ عدد المقابلات 18 مقابلة؛ 5 مقابلات مع عدد من الخبراء على الساحة الدولية (خبراء اسبان- المان- جنوب افريقيا- فلسطين)، 13 مقابلة من خبراء وبعض القيادات ودوائر صنع السياسات المصرية، وكانت المقابلات مع الخبراء المصريين؛ تحاول ان تعكس عينة ممثلة لمراكز الفكر فجمعت بين المراكز الجامعية- الحكومية- والمستقلة المؤثرة التي ترتبط بعلاقات قوية مع صانع القرار، والتي ليس لها علاقة قوية مع النظام. والمراكز النخبوية كالمجلس المصري للشئون الخارجية، والمراكز التي تتواصل مع الجمهور كمركز الاهرام للدراسات السياسية. هذا علاوة على استخدام بعض الوثائق الاولية المنشورة وغير المنشورة.

إلا انه تجدر الاشارة لضرورة تسجيل بعض الملاحظات التي طرأت خلال سلسلة المقابلات التي أجرتها الباحثة مع رؤساء وخبراء مراكز الفكر في مصر وبعض المسئوليين خاصة إنها قد تكون كاشفة عن طبيعة عمل مراكز الفكر ومدى ايمانها بالتطوير والشفافية والمكاشفة ليس للانتقاص وإنما لتقرير واقع فعلي:

رفض بعض مديري المراكز المشاركة بأرائه في البحث لأسباب غير مفهومة قد تكون تجنبا لإبداء الرأي في قضية شائكة تتداخل فيها وضع حرية التعبير والرأي

خلال سلسلة المقابلات ومع محاولة تحري الامانة العلمية في الطرح، صنفت الباحثة وفق توجه قادة المركز إذا كان المركز مناوئ للنظام الحالي فتم اعتبارهها مدسوسة من قبل الجهات الأمنية لاستطلاع عملهم، وإن كان المركز على صلة قريبة من صانع القرار أو من صناع القرار كان ينظر إليها بعين الشك والحذر. مما مثل صعوبة خلال التقدم في هذه الدراسة، ولكن صدورها يحمل في طياته الأمل في ان تفيدالمكتبة العربية وصانع القرار ومراكز الفكر في وطننا الغالي ويساعدها على ان تصبح فعلي شريك في المستقبل.

من هنا تنقسم هذه الدراسة إلى ثلاثة أقسام رئيسة الأول يتناول خريطة مراكز الفكر في مصر، والثاني يناقش إشكالية مراكز الفكر في مصر: تشخيص المشاكل الخاصة بالعلاقة بين مراكز الفكر ودوائر صنع السياسات في مصر، والثالث يتناول بدائل نوعية لإعادة بناء العلاقة: بين مراكز الفكر ودوائر صنع السياسات.

القسم الأول

خريطة مراكز الفكر بجمهورية مصر العربية ([2])

وعند دراسة مراكز الفكر المختلفة بمصر وجدت الباحثة ان بعض المراكز التي تصنف نفسها كمراكز فكر ليست مراكز فكر بالمعنى المتداول في التجارب الدولية، فلا تهتم بعملية صنع السياسة العامة، والقضايا التي تضعها بعض هذه المراكز على أجندتها تخرج عن دائرة الشأن العام، كما أن بعضها لا يمتلك آلية مخاطبة صانع القرار عبر إعداد أوراق السياسات العامة. ومن ثم تخرج من نطاق الدراسة بالاساس، فالمعيار الحاكم هو مدي اهتمام تلك المراكز بقضايا السياسة العامة وقدرتها على طرح بدائل السياسات لصانع القرار.

ويمكن التدليل على تلك المعايير المستخدمة عبر المدخل النظري الذي سيطرح المفهوموتصنيفاته وتقاطعه مع عملية صنع السياسة العامةكمدخل لدراسة حالة التجربة المصرية.

  1. مقدمة: مراكز الفكر مدخل نظري

لم تعد عملية صنع السياسة العامة حكراً على الدولة ومؤسساتها الرسمية، فهناك قوى جديدة بازغة لها إسهامها ودورها، بل وتقوم بوظائف جديدة تعجز بعض الحكومات عن الاضطلاع بها. هذه القوى هى مراكز الفكر التي جاء ظهورها نتيجة للاحتياج المجتمعي، والتطورات على الساحة الدولية وما تفرضه من ضرورة مساعدة صناع السياسة في مواجهة القضايا المعقدة التي أصبحت سمة العصر، إضافة إلى سقوط النظم الديكتاتورية والشمولية، وما أفرزته ظاهرة العولمة من فرص وتحديات جديدة أمام صانع السياسة العامة. ([3])

وتتعدد تصنيفاتها وتختلف من سياق سياسي لآخر وفقا للوظيفة الموكلة إليها أو المساحة المتاحة وفق النظام السياسي التي تعمل في كنفه. فهناك تصنيف يعتمد على نوعية الإنتاج البحثي الذي تقدمه مراكز الفكر، وآخر يتعلق بنطاق عملها، وتصنيف إضافي يقوم على تخصصها البحثي (حيث تتعدد بينالتنمية الدولية، والسياسة الصحية، والسياسة البيئية، والأمن وشئون الدولة، والسياسة الاقتصادية المحلية، والسياسة الاجتماعية، والعلوم والتكنولوجيا، والشفافية والحكم الرشيد. وفقا لما ذكره د. ماجين) ([4])، وهناك تصنيف إضافي  يستند إلى الجمهور المستهدف (صانع القرار، ام الرأي العام، أم الجمهور). ([5]) هذا علاوة على التصنيف الذي يحتكم للتاريخ والنشأة، أو النطاق الجغرافي الذي تهتم به وتتخصص فيه.

إلا أن هذه الدراسة سترتكز بالاساس على معيار الاستقلالية والتبعية لتوافقها مع السياق المصري لبحث المساحة المتاحة لكل صنف من الاصناف العاملة لمراكز الفكر والوقوف على توافر كافة هذه الانماط من غياب بعضها. ومساحة التأثير لها، وتصنف مراكز الفكر وفق هذا المعيار الحاكم إلى:

تؤثر هوية مراكز الفكر على استقلاليتها سواء بالنسبة لأجندتها البحثية، أو لمصادر تمويلها ومدى استمرارية تلك المصادر. في هذا الإطار تصنف مراكز الفكر وفق ست مجموعات:

  • مراكز مستقلةAutonomous and Independent: مستقلة في ممارسة أنشطتها ومصادر تمويلها عن الحكومة وأية جماعة مصالح أو جهة مانحة.
  • مراكز شبه مستقلةQuasi Independent: هى مراكز مستقلة عن الحكومة، ولكن أغلب مصادر تمويلها يأتي من جماعات المصالح، أو جهة مانحة، أو وكالة تعاقدية Contracting Agency. كما أن هذه الجهات لديها تأثير واضح على عمليات مراكز الفكر.
  • مراكز تابعة للجامعةUniversity Affiliated “جامعية بدون طلبة”: هى مراكز بحث تعمل داخل الحرم الجامعي.
  • مراكز تابعة للأحزاب السياسيةPolitical Party Affiliated: تنتمي رسمياً للأحزاب السياسية.
  • مراكز تابعة للحكومةGovernment Affiliated: هى جزء من هيكل عمل الحكومة، ومن ثم تحصل على كافة امتيازات الجهات الحكومية وعليها ذات الواجبات.وتمارس دورها كمراكز فكر تسعى لتقديم ملخص السياسات ومقترح التشريعات لرفعها لصناع القرار ، ومنها ما يتواصل مع الجمهور ومنها ما يقتصر دورها على التواصل على صناع السياسة العامة. إلا أن هناك من يستثني تلك المراكز من كونها مراكز فكر نظرا لتبعيتها للحكومة وما يترتب علية من تدخلها في وضع وتحديد أجندتها حتى أن البعض قد يشكك في نزاهة المقترحات ونتائج الدراسات التي تصدرها وتعلنها للجمهور.
  • مراكز شبه تابعة للحكومةQuasi Governmental: تمول بواسطة المنح الحكومية والتعاقدات الحكومية، إلا أنها ليست تابعة رسمياً للجهاز الحكومي.

وإذا نظرنا إلى المفهوم ذاته، سنجدأن المحك الرئيسي لتعريف مراكز الفكر وتحديد هويتها هو انشغالها بقضايا السياسة العامة. وقبل تناول هذه النقطة ينبغي الإشارة إلى أن هذه الدراسة تستخدم التعريف الإجرائي لعملية صنع السياسة العامة باعتبارها سلسلة القرارات والقوانين والبرامج التي تصدرها الحكومة بالاشتراك مع فاعلين اخرين بمناقشة مشكلة ملحة تهم قطاع عريض من الجمهور بهدف علاجها او منع تجدد حدوثها. ([6]) ومن ثم المراكز التي لا تهتم بتلك القضايا تخرج من نطاق التعريف ومن نطاق هذه الدراسة.

وتتدرج  مراكز الفكر من حيث انشغالها بعملية صنع السياسة العامة ما بين مراكز مختلطة تجمع بين الطبيعة الاكاديمية وكونه كمركز فكر بمعنى آخر يقدم دراسات أكاديمية وأوراق سياسات ترفع لصانع القرار. وهناك مراكز تسمى مراكز الفعل والتفكير Do Think Tanks التي تنشغل ببناء القدرات والتميكن السياسي والتنمية المجتمعية كمراكز المناصرة . ومراكز فكر نقية Pure Think Tanks ينصب شغلها الشاغل بقضايا السياسة العامة Policy Oriented ويظهر ذلك فيما تطرحه من مناقشات وما تقدمه من إصدارات ويعكس هذا النوع مستوى التقدم في الدوائر الأكاديمية وإدراكها لمتطالبات دورها والتأثير المنتظر أن تمارسه. ([7])

والنظرإلى عملية صنع السياسة العامة، يطرح تساؤل هام حول أنماط تأثير تلك المراكز داخل عملية صنع السياسة وعلى دوائر الصنع حيث تستخدم الدراسة مفهوم دوائر صنع السياسات بالمعنى الواسع ليشمل الدوائر الرسمية وغير لرسمية بمعنى دوائر صنع السياسة المحتملين والمتوقعين من مختلف القوى السياسية الكائنة بالمجتمع المحلي والدولي  كجماعات المصالح، وجماعات الضغط، والاحزاب السياسية، ومؤسسات المجتمع  المدني – المحلية والدولية وما تندرج تحتها من شبكات مؤثرة اقليميا ودوليا- ومنظمات حقوق الانسان ، والصحافة، ووسائل الاعلام المختلفة بما تحمله من قنوات مختلفة تقليدية ومستحدثة منها مواقع التواصل الاجتماعي المختلفة. وذلك لمحاولة الوقوف على الدور المنوط بتلك المراكز في دراسة الحالة حيث بعد ثورتين متتالين لن يمكن الارتكان إلى الدوائر الرسمية كفاعل وحيد في عملية صنع السياسية بمصر فهناك فاعلين جدد ومطالب متعددة تحتاج إلى إشباع على مراكز الفكر آخذها في الاعتبار عند صياغة البدائل وكتابةأوراق السياسات.

وتتعدد هذه الأنماط في خمس رئيسة وفقاً لمراحل صنع السياسة العامة تبدأ بتحديد المشكلة المجتمعية، ورصد ملامحها خلال ما تقدمه من إنتاج علمي. ثم تنتقل إلى العمل على تحسين عملية صنع السياسة العامة ومساندة صناع السياسة كالمساهمة في تحديد أولويات الحكومة، وتوعية الرأي العام وصانع السياسة ووسائل الإعلام بالمشكلات الملحة على الساحة.

إضافة إلى تيسير تبادل الأفكار بين مختلف قطاعات المجتمع، ومد صناع القرار بالخدمات التقنية التي يحتاجونها، وكذا مدهم بالكوادر البشرية المطلوبة. هذا علاوة على مساندة مراكز الفكر لبعض السياسات الجديدة التي يؤيدها الخبراء وصناع السياسة العامة، وإكسابهم الشرعية اللازمة لتطبيق تلك السياسات. يليها المساهمة في تنفيذ السياسة الخارجية للدولة من خلال ما تقدمه من أنشطة وما تنخرط فيه من نشاطات تقع في دائرة المفاوضات ثنائية الطريق، وأخيرا ما تقوم به مراكز الفكر بخصوص تقييم سياسات الحكومة وبرامجها حيث تتطلب دراسات التقييم الجادة والرصينة بيانات كافية حول الكيفية الجيدة لعمل برامج الحكومة، وكذا دراسة مدى استعداد جزء من الحكومة للمخاطرة بشكل يمكن أن يعرضها للفشل.

وتقل جودة هذه الدراسات في الدول التي تقل بها إتاحة المعلومات، وتضعف بها محاسبة الحكومة. ([8])

مما سبق يمكن الوقوف على المفهوم الإجرائي الذي ستستخدمه هذه الدراسة لمراكز الفكر؛ حيث ستحتكم إلى معيارين ريئسيين للنظر إلى مراكز الفكر في التجربة المصرية؛ الأول معيار الاستقلالية النسبية ككيانات تتمتع باستقلال نسبي عن أية كيانات حكومية أو غير حكومية والمحك هو وضعها القانوني، وأجندتها البحثية، ومصادر تمويلها.  والثاني معيار انشغالها بقضايا السياسة العامة فهى Policy Oriented ومن ثم سيخرج من نطاق الدراسة مراكز الابحاث التي لا تعمل بقضايا السياسة العامة أو التي لا تقدم أوراق سياسات عامة لصانع القرار.

  1. دراسة الحالة: التجربة المصرية لمراكز الفكر

كما سبق التنويه أن بعض المراكز التي تنعت نفسها بمراكز الفكر لا يتطبق عليها المفهوم السابق الذي تتنباه الدراسة، كما أن بعض هذه المراكز يمكن تصنيفها في مرحلة ما من عملها كمركز فكر وفي مرحلة اخرى كمؤسسة بحثية والامر يتوقف على رؤية مدير المركز وتوجهاته بل وصلاته وعلاقاته الشخصية مع النظام وقياداته، وتظهر هذه الظاهرة بدرجة كبيرة بين المراكز الجامعية فمركز الدراسات السياسية بجامعة القاهرة، ومركز دراسات الدول النامية، ومركز الدراسات الاقتصادية  ومركز استشارات الإدارة العامة جميعهم مروا بمراحل مختلفة كمنحى صاعد وهابط نحو الاهتمام بالسياسة العامة والتواصل مع صانع القرار.

كذلك الحال بالنسبة لمركز معلومات مجلس الوزراء استطاع خلال الفترة الاخيرة من عهد الرئيس مبارك لعب دور كمركز فكر للسلطة التنفيذية بل واخذ على عاتقه مهمة تنظيم سلسلة من المؤتمرات التي تناقش قضايا مراكز الفكر في الخبرة الدولية المختلفة التي بدأت عام 2007 وانتهت مع ثورة 25 يناير وكان من المخطط ان ينشأ المركز شبكة دولية لمراكز الفكر في الدول النامية لكن العمل بها توقف عقب تحول دوره لإدراة تنفيذية داخل الجهاز الاداري للدولة كما سيتضح لاحقا.

وعلى الرغم من أن الدليل الكوني لمراكز الفكر الصادر عن جامعة بنسلفانيا يذكرأن عدد المراكز في مصر 57 مركز فكر إلا أن هذا الرقم وفقا للمفهوم السابق قد يكون مبالغ فيه بدرجة واضحة وسيتضح الأمر عن تناول تشخيص مشاكل العلاقة بين مراكز الفكر وصانع القرار. ([9])

إلا أن ذلك لا ينفي وجود تلك مراكز فكر على الإطلاق فهناك مراكز يمكن تصنيفها بوضوح كمراكز فكر تهتم بدعم عملية صنع السياسة العامة كمركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والمركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية رغم حداثة عمله، والمركز الوطني للدراسات الامنية، ومركزشركاء التنمية…

وعلى كل ٍ يمكن الوقوف على ثلاث تصنيفات رئيسة لمراكز الفكر المصرية:

  • وفقا للتبعية:
  • تبدأ بمراكز الفكر الأكاديمية التابعة للجامعات الحكومية كجامعة القاهرة كمركز الدراسات السياسية خلال حقبة التسعينات وبداية الالفية والتابعة للجامعات الخاصة كالجامعة الامريكية (فقد لا تكون الجامعة الامريكية مثالا على سبيل الذكر وأنما نموذج حصري ضمن منظومة التعليم الجامعي الخاص بمصر) ، حيث يندرج تحت كل من هذه الجامعات سلسلة من مراكز الفكر. وتصنف كمراكز ذات طبيعة خاصة تعود تبعيتها للجامعة.
  • أما التصنيف الثاني فهو لمراكز الفكر التابعة الحكومة كمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء وإن كان دوره حاليا بعد الثورتين قد لا يجعله يندرج تحت منظومة مراكز الفكر بالأساس وأنما مركز للأزمات أو المعلومات تابع لمجلس الوزراء. ولكنه قبل الثورة كان قد برز دوره كمركز فكر للسلطة التفيذية ولكن مع الثورة اختلف وضعه ودوره. ومن أبرز امثلة المراكز التابعة للقطاع العام مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية.
  • ثم يأتي في النهاية التصنيف الثالث لمراكز الفكر الخاصة والمستقلة وما يميزها هو استقلالها عن الطابع الحكومي وقيامها بإعداد مشروعات وأبحاث لأغراض تجارية. ويختلف تأثير هذه المراكز حسب القرب والبعد من صانع القرار، فتأثيرها يتوقف على مدى استجابة صانع القرار لها، كالمركز الإقليمي للدراسات ويتضح ذلك في شكل رقم (1) الذي يوضح خريطة مراكز الفكر بمصر.

ولا يوجد بمصر مراكز فكر حزبية أي تتبع الأحزاب السياسية رغم تشدق بعض الأحزاب بوجودها داخل المنظومة المؤسسية للحزب لكن ما هو قائم بالفعل لا يعدوا أن يكون مكتب سكرتارية للحزب يقوم بتجميع معلومات او ينسق أعمال الحزب الإدارية على أقصى تقدير، وليس مركز فكر بالمعنى المتعارف عليه في التجارب الدولية، وهذا قد يعود إلى ضعف الأحزاب ذاتها وضعف المخصصات المالية للأحزاب علاوة على ضعف الكيان المؤسسي للأحزاب السياسية في مصر.

  • التقسيم وفقا للوضع القانوني:

وبالنسبة للوضع القانوني لتلك المراكز، فلا يوجد قانون واحد يشرع وجودها ويقنن وضعها وعلاقاتها ببعضها البعض. فمنها ما ينشئ كجمعية أهلية تندرج تحت قانون 84 لسنة 2002، أو تنشأ كشركة خاصة تندرج تحت قانون الاستثمار . أو كوحدة ذات طابع خاص تتبع أحد الجامعات. أو تتبع أحد مؤسسات الدولة وتعتبر تابعة لجهازها البيروقراطي او أحد مؤسسات القطاع العام . بمعنى أخر يختلف وضعها القانوني وفق تبعيتها وتصنيفها القانوني.

  • التقسيم وقفا للأجندة البحثية:

تتنوع القضايا التي تتخصص فيها مراكز الأبحاث بمصر وبإستعراض مجال اهتمام تلك المؤسسات البحثية ، وبتطبيق التخصصات البحثيةلمراكز الفكر التي أدرجها د جيمس ماجين يتضح انطباقها جميعاً حيث تعمل في الثمانية تخصصات المذكورة وهى: التنمية الدولية، والسياسة الصحية، والسياسة البيئية، والأمن وشئون الدولة، والسياسة الاقتصادية المحلية، والسياسة الاجتماعية، والعلوم والتكنولوجيا، والشفافية والحكم الرشيد. ([10]) ولا ينفرد مركز محدد بفرع معين من الأفرع البحثية السالف ذكرها. إلا أنه يلاحظ عليها أن القضايا المطروحة على اجندتها البحثية ليتم النظر اليها كمراكز فكر لابد ان تخضع تحت طاولة قضايا السياسة العامة بأركانها المعارف عليها([11])

  • خطة،برنامج،سلسلة قرارت أوقوانين
  • يتم اتخاذه من قبل الحكومة بالتعاون مع فاعلين آخرين
  • بغرض معالجة مشكلة أوقضية
  • تهم قطاع عريض من الناس
  • وذلك بمايهدف حل هذه المشكلة أو منع تجدد حدوثها

فبغض النظر عن تصنيف د. ماجين لكن لابد من النظر إلى القضايا التي تهم صانع القرار المصري حاليا ومدى اهتمام مراكز الفكر بهذه القضايا. فالمحلل لتوجهات القيادة السياسية في مصر سنجد أنها تضع على قائمة اهتماماتها المشروعات القومية وتشجيع الاستثمار وحل المشكلات القومية كالتعليم والاسكان وغلاء الاسعار مكافحة الارهاب ([12]) .. هنا يكمن السؤال حول عدد المراكز المهتمة بمثل هذه القضايا او بأي منها. وهل القضايا التي توضع على الاجندة البحثية لمثل تلك المراكز تهم قطاع عريض من المواطنين بمعنى اخر هل هى قضايا شأن عام. هل تتناول بدائل السياسات التي يتم طرحها تستهدف علاج المشكلة او منع تكرار حدوثها ام مجرد رصد المشكلة وابعادها دون دعم صانع القرار بالسبل اللازمة لمواجهة المشكلة.

فمثلا قضية تغير المناخ تعد أحد قضايا السياسة العامة والشأن العام وتمثل خطر شديد يداهم مصر بل ويهدد جزء هام بها بالغرق ورغم ذلك القضايا المطروحة على اجندة المراكز بمصر تغفل الاهتمام بهذا الخطر ولكن من أبرز الجهودالتي تناولت القضية مركز شركاء من اجل التنمية نظم مؤتمر ضخم تناول القضية عام 2009 .

فما تقصده الباحثة أن مفهوم السياسة العامة قد تغفله المراكز في مصر خلال عملها ومن ثم يصعب وصفها بمراكز الفكر.

  • تقسيم وفقا للاستقلالية:

تؤثر هوية مراكز الفكر على استقلاليتها سواء بالنسبة لأجندتها البحثية، أو لمصادر تمويلها ومدى استمرارية تلك المصادر. في هذا الإطار تصنف مراكز الفكر وفق ست مجموعات ([13]):

  1. مراكز مستقلة: كالمركز الإقليمي للدراسات و”المركز الديمقراطي العربي” وهما مراكز  مستقلة في ممارسة أنشطتهم ومصادر تمويلهم وفي تحديد أجندتهم البحثية.
  2. مراكز شبه مستقلة: كمركز ابن خلدون فهو مركز مستقل عن الحكومة إلا أن أغلب مصادر تمويله يأتي من الجهات المانحة مما قد يؤثر على مفهوم الحياد التام بسبب أجندة وأولويات الجهات المانحة.
  3. مراكز تابعة للجامعة University Affiliated “جامعية بدون طلبة”: كمركز الدراسات السياسية وحوار الثقافات.
  4. مراكز تابعة للأحزاب السياسية Political Party Affiliated: لا يوجد هذا النوع في مصر بسبب ضعف الاحزاب ذاتها. ولكن يمكن القول ان الجمعية الوطنية للتغير التي كان يرأسها رجل الاعمال احمد عز أبان حكم مبارك كانت تحاول أن تلعب هذا الدور مع الحزب الوطني اللجنة العليا للسياسات ولكن بعد سقوط النظام تم حلها.
  5. مراكز تابعة للحكومة Government Affiliated: ومن أبرز الامثلة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء ولكن دوره كان بارزا قبيل نهاية حكم مبارك ولكن مع تغير نظم الحكم وسرعة تغير الحكومات تأثر دور هذا المركز وتراجع دوره كمركز فكر لصانع القرار بل اصبح بمثابة وحدة للازمات بمعنى اخر تقلص دوره في دعم عملية صنع السياسة العامة مقابل كونه مؤسسة تنفيذية تساهم في تنفيذ السياسة العامة. ويندرج مركز الاهرام للدراسات السياسية تحت هذا التصنيف حيث كان يخضع قبل حل مجلس الشورى إليه وبعد الغاء وجوده يدير شئون المؤسسة شانها شان المؤسسات القومية الاخرى المجلس الاعلى للصحافة الى حين اقرار مجلس النواب قانون خاص بذلك.
  6. مراكز شبه تابعة للحكومة Quasi Governmental: تمول بواسطة المنح الحكومية والتعاقدات الحكومية، إلا أنها ليست تابعة رسمياً للجهاز الحكومي. كمركز الدراسات السياسية والمستقبلية الذي تم حله مع عام 2013.

وبالنسبة للحياد بعد الثورات المتتالية بعد عام 2011 أصبح الحياد والالتزام بقواعد البحث العلمي أمر شديد الحساسية فظهرت مراكز موالية لحكم الإخوان بل وتصدر تقارير قد تخالف الواقع مثل المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام الذي يصدر استطلاعات للرأي العام تناصر الاخوان ويظهر ذلك فيما يصدره من نتائج.([14]) بل وهناك بعض المراكز التي اتخذت مواقف سياسية من بعض القضايا كمركز النيل للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية فوقت الانتخابات الرئاسية عام 2012 أعلن رفضه ترشح الفريق احمد شفيق وطالب الدكتور محمد مرسى واستاذ حمدين صباحى والدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح بالتوحد معا حفاظاً على التئام الميدان وقواه الثورية مما يتنافى مع القواعد العلمية للبحث العلمي التي تفرض الحياد. ([15]) وكان لمثل هذا النهج الفضل في زيادة أزمة الثقة بين مراكز الفكر وصانع القرار وقد يكون الانتماء السياسي للباحثين اصبح أحد مشاكل مراكز الفكر في مصر (وهذا ما سيتم تناوله لاحقا).

  • وفقاً لمعيار فئة الاستهداف ([16])
  1. مراكز تستهدف الرأي العام في المقام الأول: هى مراكز فكر تهدف لأن يكون لها تأثير طويل الأجل لصياغة أهداف السياسة العامة، عبر الوصول إلى الرأي العام والاهتمام بالقضايا التي تهم الجمهور. ولن نجدها بمصر بشكل كبير فأغلب مراكز الابحاث بمصر مراكز نخبوية ولكن مجازا يمكن وصف مركز بصيرة لدراسات الرأي العام باعتباره يهتم باستطلاع رأي الجمهور بالقضايا الملحة فهو بمثابة اداة كاشفة لنبض الرأي العام.([17]).
  2. مراكز تستهدف وسائل الإعلام: إذا كانت غاية مراكز الفكر هى المساعدة في تشكيل المناقشات العامة فهذا الصنف يضع أولوية أعلى للاقتراب من وسائل الإعلام أكثر من تقديم تقارير إلى صناع القرار. مثل مركز الجمهورية للدراسات والابحاث السياسية والامنية. ([18])
  3. مراكز تستهدف صانع القرار: تقوم بدعوة واختيار أعضاء البرلمان وأعضاء السلطة التنفيذية للمشاركة في انشطتها حتى يتسنى لها التأثير على عملية صناعة السياسة العامة، مثل المركز الاقليمي للدراسات الاستراتيجية ([19]) والمجلس المصري للشئون الخارجية…([20])

وإذا حاولنا قياس تأثير مراكز الفكر في مصر على عملية صنع السياسة العامة، فكما سبق القول يصعب قياس تأثير اختلاف الأفكار والجزم بتأثير مركز عن الاخر، إلا أن الباحثة ستحاول جاهدة أن تستخدم بعض المحددات التي طرحها د جيمس ماجين([21]) لرصد تأثير بعض المراكز حيث تتصف تلك المعايير بالمزج بين الكم والكيف كما سبق الاشارة وقد توصلت للتالي:

  • القدرة على البقاء عبر الزمن: استطاعت العديد من مراكز الابحاث في مصر على البقاء على ما مدى طويل وفقا لسنة إنشاؤها، إلا أنه في المقابل هناك مراكز لم تستطيع الصمود رغم تميزها البحثي وانتهى عملها كالمركز الدولي للدراسات المستقبلية.
  • القدرة على توظيف نخبة من الباحثين والمحللين و زيادة عضوية مجلس إدارة مراكز الفكر (بنسبة معقولة) لا تواجه مراكز الابحاث في مصر مشكلة كبيرة في هذا العنصر فهناك مراكز حديثة العهد قد لا يتعدى عمرها السبع سنوات واستطاعت تكوين فريق بحثي قوي ومجلس ادارة متميز كالمركز الاقليمي.
  • الموارد المالية المتاحة ومدى استمراريتها: تعتبر هذه مشكلة كبيرة تعاني منها العديد من مراكز الابحاث في مصر وسيتم تناولها بالتفصيل خلال تشخيص الأزمة.
  • حضور شخصيات عامة وهامة للمؤتمرات والسمينارات والقدرة على التقرب بين النخبة والاكاديميين ومدى استقلالية تلك المراكز: يتفاوت هذا المعيار من مركز لاخر حسب القرب من صانع القرار وشبكة العلاقات والاتصالات. فعلى سبيل المثال المركز العربي للدراسات الانسانية يعجز بعد ثورة 30 يونيه ليس عن دعوة شخصيات بارزة في فاعلياته وأنما عن اقامتها بالفعل بسبب الموافقة الامنية خاصة وأنه مركز اسلامي الطابع والتوجه.
  • إصدار مطبوعات محكمة والتوجه نحو زيادتها: تصدر العديد من مراكز الابحاث للمطبوعات والدوريات المحكمة كمركز الاهرام بل وتتعدد قضاياها لكن يعاني الوطن العربي بالاساس من غياب التنافسية البحثية وقد يكون من اسبابها قضية المحكم ذاته. ([22])
  • سمعة أكاديمية جيدة (وعلى الساحة الدولية): للأسف تعمل مراكز الفكر في مصر بمعزل عن الساحة الدولية والمعايير الدولية إلا العدد القليل فمركز الاهرام للدراسات يحتل المرتبة رقم 65 عالميا من اول 100 مركز على مستوى العالم خارج امريكا في دليل مراكز الفكر الصادر عن جامعة بنسلفانيا لعام 2014، والمركز الثاني على مستوى الوطن افريقيا والشرق الاوسط، يليه المركز المصري للدراسات الاقتصادية حاصل على المركز رقم 13 على مستوى افريقيا. ([23])
  • التغطية الاعلامية للأنشطة والعلاقة مع وسائل الإعلام: تتفاوت من مركز لآخر لكن سيتم مناقشتها خلال تشخيص المشكلة.
  • رصد توصية محددة لمراكز الفكرتم تطبيقها من قبل صناع السياسة العامة، ووجود علاقة مباشرة بين جهود المراكز الفكرية والتغيير الإيجابي، وإعداد مقترحات قوانين وأوراق أكاديمية وبحثية. من الصعب رصده ولكن الحالة الأكثر شيوعا هى حالة مركز الاهرام خلال حرب الخليج الثانية. ([24])

وبغض النظر عن هذه المحددات ولكننا تبسيطا للوضع ومراعاة للخبرة المصرية استطاعت الباحثة الوقوف على خمسة محددات رئيسة يمكن من خلال معالجتها النظر إلى تأثير تلك المراكز من عدمه:

أولاً: العلاقة مع الحكومة

  • إلى أي مدى يعي المسئولون والجهات الحكومية بالأنشطة البحثية لمراكز الفكر.. ويأخذونها في الاعتبار ويساندونها
  • كم عدد ملخصات السياسات التي يتم رفعها بشكل دوري إلى صانع القرار
  • هل يلتحق عدد من العاملين بمراكز الفكر بالعمل في دوائر صنع القرار
  • إلى أي حد تدمج هذه الأنشطة في إطار الخطط الإقليمية والوطنية
  • إلى أي درجة يحرص صناع القرار أو يستجيبون إلى دعوة مراكز الفكر للمشاركة في أنشطتها كالمؤتمرات والندوات.

ويمكن القول أن المجلس المصري للشئون الخارجية مثال جيد للاجابة على هذه التساؤلات حيث يتواصل بشكل واضح مع وزارة الخارجية المصرية عبر علاقات اعضاء مجلس الادارة القوية وانتماء بعضهم لتلك المؤسسة الكبيرة، ويشاركون في المناقشات التي تحتاج الوزارة للاستماع للخبراء بالنسبة للشأن الخارجي، بل ويشارك وزير الخارجية في المؤتمر السنوي للمركز. ([25])

ثانياً: العلاقة مع وسائل الإعلام:

إلى أي مدى تقدر المؤسسة على التواصل مع وسائل الإعلام في دعم أنشطتها:

  • نشر المعلومات عن مراكز الفكر
  • بناء الوعي العام حول عمل مراكز الفكر
  • حملات التوعية المصممة لتغيير السلوكيات
  • المناصرة
  • تجنيد الموارد

تنجح بعض مراكز الفكر المصرية في هذا الشأن ولكن ليس بالمعنى المذكور فعلى سبيل المثال نجح المركز الاقليمي في فترة وجيزة من التواجد في الساحة الاعلامية ولكنه في المقابل لم يشن حملة مخططة للمناصرة أو حملة للتوعية وتغيير السلوك او لتنمية الموار وحشد الرأي العام.

ثالثاً: المناصرة Advocacy:

  • إلى أي درجة تبذل مراكز الفكر جهود مدروسة للتأثير في صانعي السياسات والقرارات الأخرى التي تؤثر في جمهورها المستهدف سواء كانوا:مسئولين حكوميين، أو أفراد أخرين يتمتعون بصلاحيات تتعلق بصنع السياسات أو اصلاحها
  • إلى أي مدى تدعم مراكز الفكر التطبيق الفعال للسياسات القائمة

تفتقد مراكز الفكر بدرجة كبيرة لفكر المناصرة وشن حملة جماهيرية منظمة للتأثير على الرأي العام ومتخذ القرار فقد يظهر بعض باحثي مراكز الفكر في التلفاز للحديث عن اسباب العزوف عن الانتخابات واهمية المشاركة كما حدث في الانتخابات البرلمانية 2015 ولكنهم يظهرون بصفتهم الفردية دون تخطيط من المركز التابعين له أو بمبادرة منه فالحملة يشنها الاعلام او بعض مؤسسات الدولة. ([26])

رابعاً: العلاقة مع الجمهور والرأي العام

أي إلى أي درجة يعي الجمهور بوجود وأهمية مراكز الفكر وينعكس ذلك في مدى:

  • قرب المراكز ماديا ومعنويا وسهولة الوصول إليها
  • تصور الجمهور بأن له صلة مباشرة بأنشطة مراكز الفكر
  • رفع وعي الجمهور المستهدف بأنشطتها والدراسات التي تناقشها

من أبرز المراكز التي يصل انتاجها للجمهور وما تنظمه من أحداث هو مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية نظرا لانتمائه لمؤسسة صحفية كبيرة  تمكنه من وصول مطبوعاته إلى داخل وخارج مصر، وتقدم لباحثيه مختلف التسهيلات والتيسيرات في النشر والظهور الاعلامي .. الخ.

خامساً: العلاقة مع مراكز الفكر الدولية والاقليمية:

  • إلى أي مدى تقوم مراكز الفكر ببناء علاقات تعاون مع غيرها من المراكز على الساحة الدولية والإقليمية بهدف تكامل الجهود، وتبادل المعلومات ، وتكرار التجارب الناجحة، وبناء قوى ضاغطة على الساحة الدولية.
  • هل تشترك مراكز الفكر المصرية والعربية في الشبكات الدولية لمراكز الفكر.

تعتبر هذه القضية مشكلة مستمرة مع مراكز الفكر المصرية فقد تنظم بعض المراكز زيارات ودراسات مشتركة وورش وندوات مع بعض المراكز الدولية ولكنها لا تبذل جهد للاشتراك في ايا من شبكات مراكز الفكر العالمية مثل مركز دراسات الشرق الاوسط فالوضع بالنسبة له مجتزء على خلاف المركز الاقليمي الذي رغم حداثته هو عضو في عدد من الشبكات الدولية كما سيتضح لاحقا.

ومن خلال الإجابة على تلك التساؤلات أمكن للباحثة تشخيص العلاقة بين الطرفين أى بين مراكز الفكر وصانع القرار.

بغض النظر عن خريطة تلك المراكز ووضعها التي يصعب وصفها بمراكز فكر بالمعني المتعارف عليه في الادبيات الغربية ولكن تجدر الاشارة إلى أن هذه المراكز (أو بالاحرى مراكز الابحاث) تعاني من العديد من المشاكل الخاصة بعملها في السياق المصري وعلاقاتها مع صانع القرار التي تظهر في شكل العلاقة بين الطرفين وهذا ما سيتناوله الجزء القادم.

القسم الثاني:

إشكالية مراكز الفكر في مصر

تشخيص المشاكل الخاصة بالعلاقة بين

مراكز الفكر ودوائر صنع السياسات في مصر ([27])

حينما بدأت في فاعليات الدراسة وبدأت في خضم المقابلات مع مراكز الفكر أو ايا من دوائر صنع السياسة من متخذي القرار او من هم محتمل وصولهم للسلطة من الاحزاب وجماعات المصالح ومؤسسات المجتم ع المدني والاعلام والقطاع الخاص.. واجهت سؤال متكرر والغريب أنه من كبار باحثي مراكز الفكر في مصر علاوة على النخب السياسية والاعلامية الذين طرحت عليهم الموضوع. تمثل السؤال في “هل يوجد في مصر حقا مراكز فكر، أين هي“. هذا السؤال يحمل في ذاته العديد من المشكلات وتشخصيها في ذات الوقت.

فعدم إدراك وجودها هو نفيا لدورها وكيانها على الاطلاق وحينما ينبع من النخب يعكس غياب الجدوى والاهتمام علاوة على أزمة الثقة. وطرح النخبة المثقفة من الباحثين للسؤال يؤكد على العديد من المشكلات الداخلية التي تؤدي للقناعة بإنعدام الدور علاوة على ضعف أواصر العلاقة بين الطرفين.

ومن ثم يحاول هذا الجزء تفسير هذا الوضع الملتبس عبر تشخيص المشاكل الخاصة بالعلاقة بين مراكز الفكر وصانع السياسة العامة بمصر. ومن ثم ينقسم هذا الجزء إلى أسباب عدة يمكن تقسيمها إلى أربع مجموعات رئيسة؛ أسباب ناتجة للسياق العام، أسباب تعود لصانع القرار، أسباب تعود لمراكز الفكر، أسباب خارجية.

  • السياق العام:

اولاً: طبيعة النظام السياسي أو نظام الحكم

قد يكون الدستور، والمؤسسات السياسية، وتوازن القوى، والثقافة السياسية عوامل غير مواتية لعمل مراكز الفكر بل وتواجدها أصلاً. وأبرز مثل على ذلك النظام السياسي الفرنسي إذ تضطلع بأداء وظائف مراكز الفكر التقليدية عدة مؤسسات أخرى.

فالدولة قد تضع القيود والعقبات في طريق عمل تلك المراكز، سواء كان ذلك بشكل رسمي أو غير رسمي، خاصة أنه يفترض أن تباشر مراكز الفكر دوراً يعتد به في تقييم برامج وسياسات الحكومات المتعاقبة. ([28])

كما تؤثر الثقافة السياسية  السائدة على المساحة المتاحة أمام مراكز الفكر في مناقشات السياسة العامة كما هى الحال بفرنسا. إذ يسيطر على صناع السياسة العامة ما يسمى باقتراب صناع القرار Decisionist Model – الذي طوره د. يوجن همبرنس – وهو اقتراب  ينهض على ما يسمى بالإدراك الذاتي لصناع السياسة العامة. فمنذ إنشاء الجمهورية الخامسة الفرنسية ينتخب الرئيس بواسطة الاقتراع العام المباشر Universal Suffrage لمدة سبع سنوات، ومن ثم يستمد قوته وشرعيته من الجمهور. وبالتالي يشعر بأنه حامٍ  للدستور وأن مكانته تعلو الأحزاب السياسية، ومن ثم ليس بحاجة لنصيحة سياسية من الخبراء. كما أن الثقافة الفرنسية تراعي الهيراركية والولاء الكامل للدولة، وهذا المبدأ يكمن خلف فلسفة الخدمة المدنية الفرنسية التي تقضي بوجود عدة كيانات تتعايش معاً لأداء وجبات اجتماعية متنوعة، عبر تنظيم كل كيان بشكل رأسي يفرض طاعة الرؤساء، والالتزام بسرية المعلومات والقواعد المنظمة. ومن ثم لا يقدم الموظفون الفرنسيون على تقديم النصح أو الحلول الابتكارية للرؤساء (أو بمعنى آخر لصناع السياسة العامة). بيد أن صناع السياسة العامة في فرنسا يحتاجون من حين لآخر إلى خبراء مراكز الفكر المستقلة؛ بدليل وجود هؤلاء الخبراء بمختلف قطاعات الخدمة المدنية بالحكومة الفرنسية. ([29]) بعبارة آخرى فإن الاستعانة بخبراء مراكز الفكر المستقلة يتوقف على طبيعة الثقافة السائدة لدى صانع القرار ومدى تقبلهم لهذه الفكرة. ([30])

وهذا ما يتوافق بعض الشئ بالنسبة للوضع في مصر ذات النظام السياسي المختلط فالرئيس منتخب مباشرة من الشعب وقوته تنبع من ذلك خاصة أن الثقافة السياسية السائدة في مصر سياسة أبوية تقدس الحاكم فهو رمز الالهة منذ الدولة الفرعونية القديمة. وهذا ما تجلي أبان حكم مبارك تلاه حكم الاخوان المسلمين وحاليا نحن في مرحلة ملامحها قيد التشكيل. الا أن الواضح حتى الان اهتمام القيادة السياسية بالبحث العلمي والاستفادة من الخبراء وتجلي ذلك في تشكيل المجالس الاستشارية للرئيس.

ويرى أنصار مدرسة المؤسسة الجديدة Neo-Institutionalists أن الهيكل المؤسسي للدولة يؤثر بدرجة كبيرة على تشكيل السياسة العامة، فالاختلاف بين النظم السياسية الرئاسية والبرلمانية يترك تأثيره على دور مراكز الفكر، والمساحة المخصصة لعمل مراكز الفكر بطرق عدة.. ([31]) وتقضي بالاستعانة بتلك المراكز في حصول السلطة على النصح والمشورة اللازمة. ورغم أن مصر نظام مختلط لكن يميزها ضعف المنظومة الحزبية وعدم امكانية الاكتفاء بأداء اعضائها أو الاستناد على خبرة الاعضاء البرلمانين في ظل تفاوت المستوى التعليمي والثقافي لهم.

ثانياً: عدم الاستقرار السياسي

شهدت مصر قبيل انهيار نظام مبارك العديد من الاضرابات وما تبعها من ثورتين متتاليتين أثرتا على أداء عمل مراكز الفكر في مصر وما نتج عنه من عدم استقرار نخبوي وعدم وضوح للرؤية وكثرة موجات العنف والارهاب واختلاف في طبيعة النخب الحاكمة.

إلا ان عدم الاستقرار اختلف تأثيره من مركز لأخر فهناك مراكز (وهو القطاع الأكبر) شعرت بعدم وضوح للرؤية وعدم وجود بيئة سانحة للانتاج والتواصل خاصة حتى قبل 30 يونيه حيث اهتمت النخبة الحاكمة بدوائر الثقة المتمثلة في جماعة الاخوان المسلمين ومكتب الارشاد، وكان لا يتم الاهتمام بتوصيات الخبراء خارج تلك الدوائر وأنما على حد وصف د. عزمي خليفة (مستشار بالمركز الاقليمي) كان يتم السخرية من توصيات الخبراء والتقليل من ما يطرحونه. ([32]) هذا في حين نجد فريق آخر (فريق المراكز الذي تتسم بالنزعة الدينية) كالمركز العربي للدراسات الانسانية يقيم رئيس مجلس أمنائه  م. حسن الرشيدي الفترة الممتدة من 2011 حتى 2013  بأنها فترة انفتاح سياسي واعلامي اتسمت بالتفاعل والانتشار للمراكز السياسية داخل مصر. فكانت فترة تسودها الحرية بعد سقوط النظام وكان الشعب اقوى من النظم واستطاع فرض رؤيته فأصبح الموضوع منفتح دون قيود بحثية. كانت ساحة خصبة لتنظيم الندوات والمؤتمرات والابحاث واستطلاعات الرأي. خلاف الوضع بعد 30 يونيه. ([33])  وقد يكون السبب هو اشتراك النخبة الحاكمة مع اعضاء المركز بشخصهم وسياسة المركز في نفس التوجه، ولكن من الجدير بالذكر وجود بعض المراكز اللليبرالية تقيم تلك الفترة بنفس المنطق مثل المركز الديموقراطي العربي فيقيم الفترة الحالية بعد ثورة 30 يونيه بأنها فترة تشكيك ينظر فيها لحرية التعبير بأنها مطلب للمرتزقة، ويسودها مناخ عدم الثقة لما هو خارج المنظومة الأمنية والعسكرية، تسعى لإشغال الرأي العام بأمور ثانوية عبر الاعلام غير الجدي واهتمامه بالقضايا السطحية وعدم نقله لما يحدث عالميا بشكل اكثر انفتاحا وقربا. ([34])

إلا أن بغض النظر عن تلك الوجهة لكن لا يمكن تجاهل التحديات التي نتجت عن موجة عدم الاستقرار والهجمات الارهابية المتوالية وما أدي إلى توجه القيادة السياسية إلى مد لعمل بقانون الطوارئ وقانون مكافحة الارهاب لصادر عام 1992 وعدد من القرارات العسكرية الصادرة حيث تعطي سلطة ممتدة لتقييد الحريات الاساسية في ظل الأخطار التي تواجهها الدولة في ظل الإرهاب الغاشم. وتقضي تلك القوانين بعدد من القواعد التي قد تشكل قيد على أداء تلك المؤسسات بل وقد تمنع بعضها للاستمرار في نهج المطالبة بالإصلاح: ([35]):

  • القبض علي المشبه واحتجازه بدون محاكمة لفترة زمنية ممتدة
  • احالة المدنيين إلى محاكم استثنائية او عسكرية
  • منع الاضرابات والمظاهرات والاجتماعات العامة
  • مراقبة أو غلق الصحف باسم الأمن القومي.

مما قد يؤثر سلبا على حرية تعبير تلك المراكز أو قدرتها على عقد فاعلياتها البحثية والنقاشية. إلا أن الخبرة الدولية تؤكد أن الحرية السياسية ليست شرطا للتقدم العلمي، فالاتحاد السوفيتي السابق يصلح نموذجا لتأكيد هذا الرأي علي أساس أن البحث العلمي – مع الفارق الشديد فلا يوجد وجه شبه بين قانون مكافحة الارهاب والطوارئ وبين الوضع بالاتحاد السوفيتي السابق- فقد شهد ازدهارا شديدا مع أن النظام السياسي كان ديكتاتوريا يقوم علي القمع بشكل واسع.

غير أن النظرة التاريخية فيما يتعلق بالمصير الذي لاقاه الاتحاد السوفيتي وهو الانهيار الكامل يؤكد أن مستقبل البحث العلمي المزدهر في نظام سياسي قمعي ليس مضمونا لأن كل البنية العلمية للاتحاد السوفيتي انهارت مع انهيار النظام. ([36])

وعلى الجانب الاخر نجد أن تنامي خطر الجماعات الارهابية قد يؤثر على حرية التعبير خاصة في ظل موجة التهديدات بالقتل التي وجهت ضد العديد من الصحفيين والاعلاميين وقادة الرأي والباحثين الذين أخذوا على عاتقهم مواجهة هذا الخطر خلال الفترة الاخيرة خاصة منذ حكم الاخوان حتى الان. ([37])

ثالثاً: التشريعات المنظمة

لا يوجد تشريع ينظم عمل مراكز الفكر كمراكز فكر حتى أن وجودها مختلف من حيث الطبيعة القانونية؛ فهناك مراكز تصنف قانونا كجمعيات اهلية، وأخرى كشركات خاصة، وثالثة كوحدات ذات طبيعة خاصة، أو كأحد أجهزة الجهاز الاداري بالدولة او تتبع للقطاع العام بالدولة كما سلف الذكر.

وما تناولته الدولة في مجال البحث جاء تحت مظلة مصطلح البحث العلمي الذي بدأ الاهتمام به مع عام 1939 باصدار مرسوم انشاء مجلس فؤاد الاول الاهلي للبحوث (نوفمبر 1939)، ومع عام 1956 تم اصدار قانون انشاء المجلس الاعلى للعلوم (يناير 1956)وتم عام 1963 انشاء اول وزارة للبحث العلمي والعلوم، ومع عام 1971 تم انشاء اكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا. ([38]) والمتابع لأوضاع هذه المراكز لابد وان يلاحظ انها تعاني من مشاكل جسيمة فهي مبعثرة علي الوزارات المختلفة ولم يعد هناك وزارة الا ويتبعها مركزا بحثيا ومع الأسف لا يوجد اي تنسيق او تعاون حقيقي بين تلك المراكز رغم كل الجهود التي بذلت في هذا الاتجاه حتي وصل الحال الي تكرار الأبحاث والخطط البحثية والدراسات والمشاريع العلمية التي يقوم بها الباحثين مع تكرار شراء الأجهزة مما تسبب في اهدار كبير للمال العام.  وبداخل كل وزارة مشاكل إدارية ومالية تواجهها فالنظم الإدارية واللوائح والقوانين المنظمه لم تتغير علي مدار سنوات عديدة والميزانية المخصصة للإنفاق علي شراء الأجهزة والمعدات والكيماويات وغيرها ضعيفة للغاية وهكذا اصبح وضع تلك المراكز خطيرا ويمثل ضوء احمر ينذر بمشاكل عديدة لمنظومة البحث العلمي في مصر . ([39])

حتى أن مع دستور 2014 والنص على وجود نسبة مخصصة من موازنة الدولة على البحث العلمي لا يوجد ضمانة حول اليات التطبيق وتوافر الموارد والالتزام بها وقت الازمات المالية وندرة الموارد. ([40]) هذا علاوة على عدم وجود مخصص للبحث في مجال العلوم الاجتماعية ([41])

وإذا نظرنا إلى الوضع الملتبس الخاص بقانون الجمعيات الاهلية نجد أن  قانون رقم 84 لسنة 2002 ” يمثل تهديد لاستقلالية مراكز الفكر المصنفة كجمعيات اهلية حيث خول القانون للسلطات الإدارية الحق في التدخل بشئون الجمعيات وفتح الباب للسيطرة الأمنية عليها ، كما قيد حقها في تلقي تمويل خارجي فلا يتم صرف المنحة إلا بموافقة وزارة التضامن الاجتماعي، كما ان لوزارة التضامن الاجتماعي الحق في تعيين مجلس امناء الجمعية او مجلس ادارة الجمعية مما قد يدفع للسيطرة التامة عليها. ([42]) ومع اختلاف طبيعة مراكز الفكر عن الجمعيات نجد أن الوضع يهدد استقلاليتها البحثية خاصة في الشق الخاص بالعلاقة مع السلطات الادارية بالدولة، فقد لا تجد الحرية في تقييم أداء تلك المؤسسات أو اقتراح بدائل سياسات مخالفة للنهج والتوجه السياسي لمؤسسات الدولة.

  • أسباب تعود لصانع القرار

اولاً: ازمة الثقة

قد تمثل الموروثات والقيم الثقافية السائدة عاملا مهما في تفسير ضعف دور مراكز الفكر، وقلة انغماسها في العملية السياسية. في بعض الدول مثل كندا تنتشر ثقافة تختص بالعمل الحكومي أو الوظيفي الرسمي Officialdom حيث يهتم الساسة بالنصائح المقدمة من قبل الجهاز البيروقراطي، ومن داخل الحزب السياسي أكثر من تلك التي تقدمها الجهات الخارجية. وبرغم أن إنشاء مراكز الفكر بكندا جاء نتيجة جهود الدولة، إلا أن الأخيرة لا تعبأ كثيرا بمخرجات المؤسسات البحثية. ([43])

وقد يكون سبب عدم الاهتمام نابع عن الشك وعدم الثقة فعلى سبيل المثال جاءت نشأت مركز المعلومات والبحث التابع للكنيست منذ عام 2000 عندما اضطر بعض أعضاء البرلمان إلى الاستعانة بمنظمات غير حكومية بإسرائيل للحصول على النصح والمشورة،  وذلك مقابل مادي. إلا أن هذا الوضع أثار قلق وحفيظة رئيس الكنيست آنذاك “أفراهام بورج” (رئيس الكنيست الخامس عشر) خوفاً من دوافع وأغراض تلك المنظمات،. ففي خطاب له حول أسباب تأسيس المركز، ذكر أن ما يحصل عليه من معلومات هى معلومات مغلوطة ويجانبها الصواب في أنحاء كثيرة، إذا اضطر الأعضاء إلى الاعتماد على مصادر خارجية في الحصول على المعلومات المطلوبة داخل اللجان البرلمانية، بل وفي بعض الأحيان تكون المعلومات ذات طبيعة منحازة وغير محايدة تخدم مصالح فئوية محددة. وقد ترتب على هذا الوضع تراجع مكانة الكنيست تدريجياً نظراً لعدم قدرته على أداء وظائفه على الوجه الأكمل. ([44])

وهذا ما قد يشوب توجه صانع القرار المصري في ضوء ادراك بعض نخب مراكز الفكر المصرية لهذا الوضع خاصة في ظل تحيز بعض مراكز الفكر لفصيل سياسي دون آخر متغاضية عن قواعد البحث العلمي المفترض. فهناك رأي يرى أن بعد ثورة 30 يونيه تم تقييد دور  مراكز الفكر والابحاث عامة بمصر خاصة فيما يتعلق بالموافقات الامنية لتنظيم الانشطة وتلقي تمويل خارجي، وذلك نتيجة عدم ثقة المؤسسة العسكرية في المدنين حيث يقتصر اهتمامها على التعاون مع دوائر الثقة مراكز الدراسات الخاصة بالجيش والعمليات العسكرية) بل يذهب هذا الاتجاه بعيدا ليرى ان هناك توجه لتقليص المجال العام والسياسة، فصانع القرار بعد 30 يونيه لديه دوائر المعرفة والمعلومات التابعة له لا يوجد احتياج للتعاون مع اي مؤسسة مدنية. ويدلل هذا الاتجاه بأزمة حاملي الماجستير والدكتوراه فلايوجد اهتمام من مؤسسات الدولة لبحث تخخصاتهم والاستفادة من المتميز منها. ([45]) وفي المقابل يقف رأي المؤسسة العسكرية حيث تؤكد على اتفتاحها على التعاون مع مراكز الفكر والدليل دعوة عدد من المؤسسات العسكرية كأكاديمية ناصر للعديد من الخبراء لتقديم تدريبات أو اعداد اوراق بحثية مشتركة. أو عبر تنظيم مؤتمرات يشارك فيها العديد من المدنين بأوراق عمل أو توجه لها الدعوة، ومن ابرز هذه المراكزمركز الدراسات الاستراتيجية التابع لاكاديمية ناصر العسكرية. ويرى بعض القادة أن من ابرز ملامح انفتاح المؤسسة العسكرية على المدنين تقديم أكاديمية ناصر لرنامج تدريبي في مجال الامن القومي والعلوم الاستراتيجية حيث يعكس اقتناع صانع القرار بالتواصل مع الشباب والمهتيمن من المدنين لرفع وعيهم وقدرتهم البحثية في الشئون الخاصة بالامن القومي وهو مفتوح أمام الجمهور كافة. ([46]) وهناك رأي وسط يرى ان ازمة الثقة لا تعود لكون السلطة الحاكمة عسكرية ام مدنية وأنما بسبب لتهديد الخارجي يدفع صانع القرار إلى عدم الثقة في مراكز الفكر وهذا يعمل على تحجيم دورها. ([47])

ومع اختلاف تلك التفسيرات ترى الباحثة أن نهج بعض مراكز الابحاث بل والعديد من المؤسسات بما فيها مؤسسات الدولة قد يعكس تحييز سياسي معين لذا لا يوجد ما يمنع صانع القرار من الحيطة في التعامل مع تلك المراكز والاختيار وفقا للسمعة الطيبة.

ثانياً: غياب النهج المؤسسي في التعامل مع الخبراء

هناك توجه لدى صانع القرار للاستفادة بالخبراء والاكاديمين والباحثين بصفتهم الفردية دون التعاون مع مراكز الفكر مباشرة ككيان مؤسسي فقد يكون الخبير باحث بأحد مراكز الفكر ولكن يشارك مع القيادة السياسية بصفته الشخصية وليس بتبعيته لتلك المراكز البحثية. وذلك لتجنب التعقيدات البيروقراطية فالنهج المؤسسي مازال غير راسخ في مصر. ([48])

ثالثاً: غياب قناة واضحة للتواصل مع صانع القرار

لا يوجد بمصر قناة واضحة يمكن لمراكز الفكر المختلفة تقديم آرائها مباشرة ورفعها لصانع القرار فالامر يعتمد على العلاقات الشخصية فلا يوجد ضمانه لوصول ابحاث مراكز الفكر المهتمة لصانع القرار فالامر يتوقف على القدرات الخاصة لمراكز الفكر وامكانياتها الخاصة وشبكة علاقاتها. ([49])  مما قد يصيب الباحثين في المراكز غير المعروفة غير المستندة على شبكة قوية من العلاقات الشخصية بما يسمى وفق الخبرة الفرنسية مركب نقص “Inferiority” عندما يقارنون أنفسهم بالباحثين بالمراكز الأمريكية، حيث تتمتع بقدرات مؤسسية غير عادية ولها تأثير واضح على عملية صنع القرار، ويصف هذا الشعور د. ميشيل جيرارد قائلاً “إن الباحثين الفرنسيين يقللون مما يتمتعون به من مصداقية بين صفوف المتخصصين”. ([50]) بالتطبيق على الحالة المصرية هناك مراكز ذات علاقات طيبة بصانع القرار كالمركز الاقليمي على سبيل المثال  يرسل المركز لرئاسة الجمهورية كل اسبوع تقديرات موقف سواء مطبوعة او الكترونية، ويشارك بعض خبراء المركز في لجان لإبداء الرأي، يتم ارسال هدايا رمزية من رئاسة الجمهورية، خطابات شكر على الدور المتميز. ([51]) وفي المقابل ينظر باحثي المركز العربي للدراسات الانسانية نظرة يائسة ويؤمنون انه حتى مع بذل العديد من الجهد لن تصل توصياتهم لصانع القرار بمصر. ([52]) وهناك اتجاه يفسر هذا الشعور بأن الحديث عن صعوبة تواصل المراكز مع صانع القرار يعود بدرجة كبيرة لهذه المراكز خاصة ان من يعاني من هذا الوضع هى في الاغلب مراكز ذات توجه سياسي واجندة سياسية مناوئة للنظام السياسي. ([53])

رابعاً: الرؤية الاستراتيجية وإدراك صانع القرار

يرى استاذنا السيد يسن أنه لا يمكن للسياسة العلمية أن تقوم دون استراتيجية مجتمعية أي أن غياب رؤية استراتيجية شاملة للمجتمع من شأنه أن يجعل جهود البحث العلمي تتم دون بوصلة تحدد أهدافها ووسائلها. أبرزها ضعف الإنتاج العلمي للباحثين العرب كما وكيفا، وانقطاع الصلة بين اتخاذ القرار والبحث العلمي، والاعتماد أساسا علي نقل التكنولوجيا من الدول المتقدمة، وهجرة العقول العلمية. ([54]) بمعنى آخر أنه لابد من وجود رؤية استراتيجية للمجتمع ككل بما فيه منظومة البحث العلمي ودعم منظومة صنع السياسة العامة بمؤسساتها المختلفة، رؤية قائمة على العلم والدراسات لاتخاذ قرارات رشيدة قابلة للتطبيق لتحقق أكبر عائد ممكن من الرشادة والكفاءة. وهذا هو التوجه الحالي لصناع القرار فيما يتعلق بوضع الخطط الاتراتيجية لمستقبل مصر كخطة مصر 2030 إلا أنه يؤخذ على طرق وضعها اعتمادها ايضا على اهل الثقة والدوائر المقبولة فكريا وسياسيا دون الاخذ في الاعتبار الثقل العلمي أو الخبرة العلمية.

هذا علاوة على إدراك صانع القرار بالدور الواجب اتباعه ونظرته لمعاونيه والهيئات الاستشارية ومراكز الفكر فعلى سبيل المثال اتسمت السياسة الخارجية أبان حكم مبارك بالفردية المتمثلة في شخص الرئيس فلم تكن تدار بشكل مؤسسي ، وخلال حكم مرسي كان الامر يدار من داخل مكتب الإرشاد بداخل جماعة الاخوان المسلمين. أما الان فيستعين الرئيس بعدد من المجالس والهيئات الاستشارية ولكن يؤخذ عليها عدم تمثيلها لاعضاء من مراكز الفكر العاملة بالمجتمع. ([55])

  • أسباب تعود لمراكز الفكر

أولاً: القوى البشرية

يعتبر رأس المال البشري من أهم مقومات عمل مراكز الفكر؛ فكلما كان فريق العمل بأحد المراكز يعكس الخبرة، والكفاءة، وله علاقات قوية بمختلف فئات وأطياف المجتمع خاصة الساسة، كان ذلك مؤشراً مهماً على قوة المركز وتأثيره على عملية صنع السياسة العامة.  ([56])

إلا أن القوى البشرية في مراكز الفكر المصرية تعاني من عدد من المشاكل تتنوع وتختلف من مركز لآخر ومن خبرة لأخرى:

  • صعوبة ايجاد باحث متمكن من ادواته البحثية بسبب ضعف المرتبات وانشغال الباحثين الكبار والمتميزين المتخصصين بالرغبة في الانتشار دون إيجاد متسع من الوقت للعمل البحثي. ([57]) وبعض المراكز المصرية كالمركز العربي للدراسات الانسانية يعتبر ان الوضع البحثي في مصر لا يتيح وجود باحثين متمكنين من أدواتهم البحثية بسهولة وييسر والامر يحتاج لوقت وجهد ومال ([58])
  • عدم كفاية الموارد المالية اللازمة لتقديم تدريبات لرفع القدرات البحثية لشباب الباحثين. ([59]) ولكن يمكن سد العجز عبر الاستفادة من الخبرات الخارجية عبر ما يسمى بـ “Outsourcing”.وبالنسبة للمراكز الجامعية فعدم كفاية الموارد قد تحول دون وجود فريق عمل متفرغ ويتم أيضا الاعتماد من خلال الفريق الاكاديمي بالجامعة التي يتواجد بها المركز. ([60]) ومن الجدير بالذكر أن صعوبة تجنيد عناصر بشرية مدربة وعلى درجة عالية من الخبرة والممارسة، بسبب ضعف التمويل اللازم لجذب تلك الخبرات، يؤثر على جودة الأبحاث والدراسات والتقارير المنتجة من قبل المؤسسات البحثية، بل ويصرف صناع السياسة عن تلك المنتجات البحثية لقلة جودتها، وعدم ارتباطها بأسماء لها مصداقية داخل الساحة السياسية. ([61]) ويظهر ذلك بالنسبة للمراكز ضعيفة أومحدودة التمويل.
  • عزوف الباحثين الجادين عن التعاون مع بعض المراكز ذات الأجندة السياسية التي لا تتفق مع توجهاتهم. ([62]) مثل حالة المركز العربي للدراسات الانسانية حيث يتبني وجهة اسلامية ذات توجه سلفي قد يخشي البعض من  ربط اسمه مع اسم المركز.
  • امتهان العديد من الباحثين والخبراء بالعمل السياسي والاعلامي رغبة في الوصول للسلطة مؤخرا مما قد يحول دون قدرتهم على تخصيص الوقت الكافي للعمل البحثي. وتظهر هذه الظاهرة بدرجة كبيرة في مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. ([63])
  • استقطاب مراكز الابحاث لنفس الباحثين العاملين بالمراكز الاخرى فالباحث يعمل في اكثر من مركز في ذات الوقت، قد يكون السبب الرغبة في الانتشار وتوسيع دائرة العلاقات علاوة على عدم كفاية المخصصات المالية التي يحصلون عليها في المركز الاساسي مما يؤثر على المنتج البحثي المفترض القيام به ويعوضون الامر عبر الاستفادة من الخبرات الخارجية عبر ما يسمى بـ “Outsourcing” فيتم تكليف باحثين من خارج المركز لاعداد الابحاث المطلوبة ويكون الباحث الرئيسي بالمركز هو محرر للدراسة أو يقوم بإجراء دراسة مشتركة تعويضا عن انشغاله، وهذا يظهر في باحثي وخبراء مركز الاهرام للدراسات فالباحثين يعملون في الغالب في ثلاث مراكز رئيسة بجانب مركز الاهرام وهم المركز الاقليمي، المركز العربي للدراسات، مركز بدائل.
  • انتشار ظاهرة استقطاب الباحثين المصريين المميزين خارج مصر للعمل خاصة بدول الخليج العربي أو بعض المراكز الامريكية او الاوروبية، إما رغبة في تحسين وضعهم المادي او عدم توافر الامكانيات اللازمة للبحث العلمي، أو بسبب الشعور بالدونية وعدم الاهمية والجدوى مما يقدمونه من بحث علمي. ([64]) فيرى استاذنا السيد يسن أن إدارة ومناخ ومصر طاردة للعلماء فعلى سبيل المثال الموارد التي تخصصها مصر لأنشطة العلوم والتكنولوجيا مازالت محدودة نسبيا، وذلك من حيث الكم ( الإنفاق) ومن حيث النوع ( مستويات التأهيل والتنظيم). ([65])
  • انعكاس الفكر السياسي للباحثين على ما يقدمونه من دراسات وابحاث وما قد يطرحونه من بدائل سياسات مما ينافي قواعد البحث العلمي المتفق عليها. ([66])
  • انصراف الباحثين للاهتمام بالدراسات التي قد لا تدخل في اهتمام صانع القرار رغبة في الترقية الاكاديمية خاصة بالنسبة للمراكز الجامعية فالرغبة في الترقية اعلى من الاهتمام بقضايا السياسة العامة التي تشغ صانع القرار. ويظهر ذلك خلال المؤتمرات والاوراق البحثية المنشورة في الدوريات العلمية فقليل منها ما يتناول أحد قضايا السياسة العامة بل يغلب على بعضها الطابع الاكاديمي. ([67])
  • بعض المراكز مازالت لا تعطي مناصب قيادية لشباب الباحثين وتظل حكرا على كبار الخبراء سنا كالمجلس المصري للشئون الخارجية. ([68]) هذا على خلاف غيره من المراكز كمركز الاهرام للدراسات الذي توجه في الفترة الاخيرة لتمكين شباب الباحثين لتولي مناصب قيادية ورئاسة تحرير عدد من الدوريات الهامة مما يقلل من فرص المنافسة السلبية بين الجيل الجديد والجيل القديم من الخبراء بل ويعطي دفعة لشباب الباحثين للتميز والارتقاء، ويصب دماء جديدة بفكر جديد على العمل البحثي بالمركز. ([69])

ثانياُ: ضعف الموارد المالية

يعد التمويل مشكلة كبيرة تواجه مراكز الفكر في الدول حديثة العهد بالديموقراطية والدول النامية كمصر، وكذلك الحال في الدول الكبيرة سواء كانت هذه المراكز عامة أو خاصة “مستقلة”… الخ. وتتمثل المعضلة الكبيرة في استمرارية مصادر التمويل. هذه المعضلة تواجه المراكز المستقلة على وجه الخصوص؛ نظراً لاعتماد المراكز الحكومية على تمويل الدولة بشكل تام أو جزئي، كحالة مراكز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء حيث يتلقى النسبة الاكبر من دخله من الموازنه العامة للدولة. ([70]) ولكن في الدول حديثة العهد بالديموقراطية، قد لا يكفي هذا التمويل رغم استمراريته لدعم الأنشطة التي تضطلع بها مراكز الفكر. كما أن التغيرات في الحكومة وتغيير السياسة العامة للدولة، وأولويات المسئولين قد تؤثر على هذا التمويل بالزيادة أو النقص كما هى الحال بالنسبة للمراكز الخاصة وهذا ما حدث بالفعل بالنسبة لمركز البحوث بالمنظمة المصرية للاغاثة والمركز الدولي للدراسات المستقبلية فضعف مصادر التمويل كانت سبب رئيسي في انهاء عمل المركزين بل وغلقهما تماما.([71])

وينعكس ذلك في الجزء المخصص من الميزانية على البحث والتنمية R&D . كما أن التمويل الحكومي سواء كان بشكل كلي أو جزئي لمراكز الفكر، قد يؤثر على ما تتم ممارسته من أنشطة بل وعلى هيكل المركز. فهو الذريعة التي من خلالها يمكن التدخل فيما تمارسه تلك المراكز. فرضاء السلطات المعنية بالتمويل هو الضمانة لاستمرارية هذا التمويل. ([72]) وهذا ما يواجه عمل مراكز الفكر في مصر خاصة المصنفة كجمعية اهلية فموافقة وزارة التضامن الاجتماعي شريطة لقبول التمويل والبدء في تنفيذ المشروع البحثي، وفي الاغلب يستغرق الامر فترات زمنية طويلة قد تزيد عن العام وهذا ما يوجه مركز ماعت لدراسات السلام على سبيل المثا ([73])، بل أن التمويل الاجنبي قد ينظر إليه باعتباره سئ السمعة ويرفضه بالاساس عدد من المراكز البحثية كالمجلس المصري للشئون الخارجية على سبيل المثال.([74])

وفي المقابل ترى بعض المؤسسات أن الحصول على تمويل حكومي يحمي مراكز الفكر من إثارة أية غموض حول مصادر تمويلها “كما هو شأن المراكز في الخبرة الألمانية”. ([75]) كما أن تمويل القطاع الخاص يشوبه مشاكل أيضاً، إذ يحصل الجيل الجديد لمراكز الفكر على دعم مالي من مؤسسات وشركات بالقطاع الخاص، إلا أن هذه المؤسسات تفرض قضايا محددة على أجندة تلك المراكز، مما ينال من قدرتها على الاستجابة لاحتياجات صناع السياسة العامة. كمركز شركاء التنمية حيث يواجه مشكلة في التمويل تتعلق بتوجهات شركات القطاع الخاص وأولوية أجندتهم البحثية.([76]) بل ويحد من قدرتها على تقييم أو توجيه أية انتقادات للشركة قد تؤثر سلبا على سمعتها بالسوق وبالتالي على حجم أرباحها المالية المحتملة، هذا علاوة على أن الشركات خاصة الدولية لديها توجهها الخاص الذي قد لا يجد في تمويل مراكز الابحاث في مصر بغيته ([77]) فتوجه سياسة المسئولية الاجتماعية لشركات القطاع الخاص (Community Social Responsibility Policy)يغلب عليه تقديم خدمات تنموية تخدم المجتمع المحيط  بأماكن عمل تلك الشركات، بما يتوافق مع مصالح شركات القطاع الخاص. ([78]) ويظهر هذا النموذج بالنسبة للشركات الامريكية العاملة بمصر والتي لديها مسئولية مجتمعية فتوجهها وفقا لسياسات محددة تحركها قد لا تتوافق مع توجهات القيادة السياسية او قد لا تلبي احتياج مجتمعي فعلي.

ثالثاً: انخفاض معدلات الاستقلالية:التبعية الإدارية والتنظيمية

تعاني مراكز الفكر خطراً كبيراً يهدد عملها، بل ووجودها على الإطلاق ألا وهو ضعف مستوى استقلاليتها وتبعيتها إدارياً وتنظيمياَ، ويأخذ ذلك عدة مظاهر:

  • يتأثر الوضع القانوني لمراكز الفكر بمصر بتدخل الدولة، فغالبية مراكز الفكر مشهرة قانونياً سواء كجمعية اهلية او شركة خاصة او كاحد الوحدات ذات الطابع الخاص التابعة للجامعات ( ويعد هذا الامر خاص بالمراكز غير الحكومية لان استقلاليتها محل نقاش خلاف المراكز الحكومية التي تستثنيها بعض الادبيات من طاولة مراكز الفكر مثل د. جيمس ماجين بجامعة بنسلفانيا). أيا كان وضعها القانوني فموافقة السلطات السياسية بالدولة شرطا أساسيا لإشهارها . وبالتالي الحصول على الميزات المترتبة على هذا الوضع- فعلى القائمين على المركز تقديم المستندات اللازمة، وهي في الأغلب تتضمن بيانا يوضح اسم المنظمة، وغرضها، ومكان مقرها الرئيس، واسم المختصين، وعناوينهم، وجنسياتهم. وهذا يتطلب موافقة السلطات المختصة على جميع المستندات المقدمة، .ومن ثم الأنشطة التي ستمارس. مما يؤثر على النهج والاستراتيجية المتبعة من قبل تلك المراكز كي تتوافق مع سياسات الدولة. وقد أدي هذا الوضع إلى تجميد بعض المراكز عملها من داخل مصر ونقلها للعمل من الخارج كالمركز العربي الديموقراطي ([79])
    • وإذا نظرنا إلى مركز الدراسات الاستراتيجية التابع لاكاديمية ناصر العسكرية فاستقلاليته محل شك من قل بعض الباحثين لانه تابع لوزارة الدفاع ومن ثم قد يشكك البعض في استقلاليته لانه تابع لاحد اجهزة الدولة رغم أنه يقدم التوصيات بكل حرية وانفتاح على صانع القرار. ([80])
  • الحصول على تمويل حكومي من الدولة مع الحرص على الاحتفاظ بمسافة كافية بين مراكز الفكر والحكومة، وذلك للتأكيد على مصداقية تلك المراكز. فإعداد دراسات تنحاز للحكومة يمثل خطراً وتهديداً لهذه المصداقية ، فيما يسمى بظاهرة امتصاص الدماء Vampirization “أي نجاح الحكومة في تجنيد تلك المراكز لإعداد دراسات ذات نتائج متوقعة تنحاز لصالحها”. ومن ثم تكون توصيات تلك الدراسات بمثابة العلاج. لأن التوصيات المشوشة Spin Doctoring لا تسهم في إصلاح المجتمع على المدى الطويل. ([81]) وقد يكون الوضع في مصر أبعد بعض الشئ فالامر لا يتوقف فقط على تجنيد المراكز من قبل الحكومة ولكن نظرا للتعقيدات والمراقبة الامنية نظرا للتهديدات الخارجية والداخلية تحد من حرية التعبير والبحث العلمي فيصف د. عمار شرعان مدير “المركز الديمقراطي العربي”الوضع بأن السلطات الامنية قد تساوي بين الباحث والناشط السياسي على الرغم من ان كلاهما ليسوا متساويان. ([82])
  • كما يأخذ التدخل الحكومي منحى آخر، فمجلس إدارة مراكز الفكر قد يتحكم فيه ممثلون من قبل المؤسسات الحكومية بالدولة، بل وقد يصل هذا التحكم لدرجة الهيمنة التامة، خاصة وأن لمجالس الإدارة صلاحية تعيين مديريها.كما هو الحال بالنسبة للمراكز الجامعية فرئيس المركز لابد من الحصول على موافقة الجهات الامنية ورئاسة الجامعة، ([83]) أيضا كذلك الحال بالنسبة للمراكز الحكومية.

وإذا تطرقنا للمراكز العاملة في مجال التطور التكنولوجي  فالحكومى منها يعاني من العديد من المشاكل الإدارية والمالية التي تواجهها تلك المراكز فالنظم الإدارية واللوائح والقوانين ألمنظمه لم تتغير علي مدار سنوات عديدة والميزانية المخصصة للإنفاق علي شراء الأجهزة والمعدات والكيماويات وغيرها ضعيفة للغاية وهكذا اصبح وضع تلك المراكز خطيرا ويمثل ضوء احمر ينذر بمشاكل عديدة لمنظومة البحث العلمي في مصر ([84])

رابعاُ: الاجندة البحثية

يؤكد  ويليم تروشيم أن الأبحاث هي في أغلبها انعكاس للمشكلات الاجتماعية والثقافية السائدة، فهي نتاج للواقع الاجتماعي المحيط رغبة في علاج آفاته وتتأثر بالواقع المجتمعي، وتسعى إلي التأثير فيه. ومن ثم فإنتاج مراكز الفكر لا يتم بمعزل عن واقعها الاجتماعي. ([85]) وتتمثل أبرز مشاكل تلك المراكز بمصر في هذا الشأن في الفجوة بين القضايا التي تهم صانع القرار والقضايا التي تضعها مراكز الفكر على اجندتها في مصر فصانع القرار يهتم الان بالمشروعات القومية العملاقة ويندر ان نجد مركز يقدم بدائل سياسات او تقديرات موقف في هذا الشأن. فعلى سبيل المثال يولي المركز العربي للدراسات الانسانية أهمية بعد ثورة 30 يونيه بقضايا ليس لها واقع على أجندة صانع القرار المصري ولا تواجه مشكلة تنموية تهم الجمهور العريض من المواطنين، كتقرير الحالة الصوفية بمصر، تقرير الحالة السلفية في مصر، وحال الامة الاسلامية وغيرها من القضايا التي تندرج في دوائر السياسة العامة خلال هذه المرحلة حتى عند تناول قضايا تتعلق بالشأن الاقتصادي كان الاهتمام حول جدلية العلاقة بين الضرائب والزكاة ، فلم تهتم بالتحديات الاقتصادية وسبل مواجهتها او طرح بدائل سياسات جديدة تقلل تكلفة المشروعات القومية . ([86])

هذا علاوة على انصراف عدد من الابحاث والدراسات باهتمام بالجانب الأكاديمي وإهمال الجانب التطبيقي له، وما يزيد الوضع سوءا أن مراكز الفكر  في مصر تقدم ابحاث غير مرتبطة، باحتياجات البيئة التي تعمل فيها والمجتمع الذي ينتمي إليه، كحالة المركز العربي للدراسات الانسانية فما يقدمه قد لا يخدم احتياجات صانع القرار المصري بل يستهدف به صانع القرار السعودي او العربي خاصة ان اغلب مصادر تمويله من المملكة العربية السعودية  ([87]) ومن ثم قد لا يعبء صانع القرارلمصري بما تقدمه من انتاج بحثي.

خامساً: الانتاج البحثي

الاهتمام بالقضايا البحثية طويلة الاجل يؤدي إلى انصراف  اهتمام صانع السياسة عن هذا النوع من الدراسات، مقابل إيلاء الاهتمام بالقضايا العاجلة. كذلك فإن القضايا طويلة الأجل ترتب أعباء جديدة، تتمثل أبرزها في الاح;8تياج لموارد مالية ضخمة تتوافق وطبيعة القضايا محل البحث. ([88])

فالمراكز قد تولي اهمية أكبر  للتحليلات والدراسات بدلاً من تقديم إجابات محددة للقضايا التي تشغل صناع السياسة العامة، حيث قد تقع بعض مراكز الفكر في مصر في فخ المشروعات البحثية طويلة الاجل مما قد يشتت دورها المفترض واهتمامها بقضايا السياسة العامة. .  ([89]) كوضع مركز دراسات الشرق الاوسط بجامعة عين شمس حيث اختلف دوره بعد ان كان متواصل مع صانع القرار في بداية الالفية اصبح يعاني من حالة من فتور العلاقة او العلاقة الموسمية فاتجه ايضا للاهتمام بالدراسات الاكاديمية طويلة الاجل.

بعض مراكز الفكر في مصر لا تجيد كتابة اوراق السياسة العامة كتقدير الموقف وملخص السياسات ومن ثم لا يلبي انتاجها البحثي حاجة صناع القرار او متطلبات وظيفتهم التي لا تتيح لهم متسع من الوقت للاطلاع على الاوراق البحثية المطولة. ([90])

وبسؤال أ. معتمر أمين عضو لجنة الخمسين التي وضعت دستور مصر 2015 حول مدى الاستفادة من انتاج مراكز الفكر في مصر وأرائها خلال مرحلة سن الدستور أفاد “إن بعض مقالات الراي لكبار الكتاب كانت اهم من الاوراق البحثية المقدمة من مراكز الأبحاث التيقدمت منهم على لجان وضع الدستور فأغلب الاوراق  كانت غير محدثة وغير واقعية لا تراعي البيئة التي تعمل بداخلها، والقانوني منها علي سبيل المثال يكون قانوني بحت يفتقد لروح القانون وفلسفة الواقع بالمجتمع. إلا أن هذا لا ينقي وجود دراسات جادة استفادت منها اللجنة بالفعل خلال وضع الدستور.” ([91]) مما يعكس مشاكل المنتج البحثي المقدم لصانع القرار.

سادساً: مشكلات تتعلق بضعف الكيان المؤسسي لمراكز الفكر:

  • ضعف الاتصالات التي كان من الممكن أن تعمل على جذب كبار المفكريين، والباحثين للعمل بتلك المؤسسات البحثية. أو تيسر تواصل المراكز مع صانع القرار مباشرة([92])فهناك فجوة ما بين تلك المراكز والقطاع الخاص، إضافة إلي ضعف مستوى الاتصالات Communications بين باحثي السياسة العامة، والقاعدة العريضة من باحثي العلوم الاجتماعية ككل. ([93]) وهذا الوضع يظهر بشدة في المراكز الصغيرة، أو الحديثة مقارنة بالمراكز المرموقة أو ذات الشهرة والصيت. ([94])
  • ضعف مستوى الشفافية والمحاسبة
  • الابتعاد عن الجمهور، يمتاز عدد من مراكز الفكر في مصر بأنها مراكز نخبوية تتحدث كثيراً لذواتها وتنفصل عن المجتمع، وتقصر نشاطها واهتمامها على مجموعة صغيرة من صناع السياسة، مما يشعر الجمهور بوجود فجوة بينهم وبين الساسة، كما هي الحال في الاتحاد الأوروبي. ([97])
  • سرعة دورة (دوران) فريق العمللتلك المراكز.([98]) فعلى الرغم من ان احد أبرز مداخل تأثير مراكز الفكر هو عملها كمورد للقوى البشرية إلا أن هذا يفرض التفرغ لأيا من المهنتين فعلى سبيل المثال في الخبرة الاسبانية انتقل الدكتور مانول بيريز رئيس مراكزالدراسات الاجتماعية المتطورة Instituto de Estudios Sociales Avanzados لشغل وظيفة المتحدث الرسمي باسم الحكومة الاسبانية وذلك خلال الفترة الممتدة من عام 2009 حتى عام 2011 وفي تلك الفترة تفرغ تماما لعمله الجديد وترك العمل البحثي وعقب انتهاء فترة انتدابه عاد مرة اخرى للعمل كمدير للمركز، فالتفرغ البحثي أمر هام والاستقرار بعد ضروري من أجل جودة المنتج البحثي. ([99])
  • قصر عمر مراكز الفكر،

مما سبق يمكن القول أن ضعف الكيان المؤسسي مما يمنعها من أداء وظيفتها في تزويد الأجهزة الحكومية بالكوادر البشرية المناسبة، عبر ما يسمى بظاهرة الأبواب الدوارة Revolving Doors ، كذلك  لا يتم الاستعانة بها في جلسات الاستماع بالبرلمان لغياب ما يسمى بالمراكز القابضة Holding Tanks أي التى لديها قدرة على الاستمرارية والبقاء. ([101])

  1. أسباب خارجية:
  • ضعف التنسيق بين مراكز الفكر وتبادل المعلومات بينهاالابحاث. ([102])
  • ضعف العلاقة بوسائل الإعلام، . إلا أن اشكالية العلاقة مع وسائل الاعلام يجب النظر إليها كمدخل من مداخل التأثير وليس كهدف في حد ذاته.
  • نقص المعلومات: أي استمرار حجب المعرفة اللازمة لأداء مراكز الفكر لعملها، علماً بأن ثورة المعلومات وظاهرة العولمة أديتا إلى تقليل الحواجز واختصار المسافات، لكننا نشهد حتى الآن قيودا يضعها الساسة على المعلومات والوثائق.  ([103]) فنقص المعلومات يشكل عائقا منيعا أمام دراسة واقع العلم والتكنولوجيا في الوطن العربي. ([104])
  • زيادة المنافسة: إن كثرة عدد مراكز الفكر يزيد من المنافسة فيما بين بعضها البعض. ويضع صعوبة على متخذي القرار أو الرأي العام لتمييز المراكز الجادة والرصينة. ويصل عدد مراكز الفكر في مصر وفق تقرير جامعة بنسلفانيا لعام 2014 57 مركز،- إلا أن هذا العدد مبالغ فيه كما سبق الذكر فمازال التقرير العالمي لمراكز الفكر يفتقر إلى التقييم الفعلي للمنتج البحثي لتلك المراكز بل ويعتمد على معلومات قديمة غير محدثة كتصوره مثلا لمركز معلومات مجلس الوزراء فلم يعد دوره كمركز فكر كما كان عليه  خلال الفترة السابقة مباشرة لحكم الرئيس حسني مبارك، وعلى الرغم من ذلك يحصل على ترتيب متقدم داخل التقرير-  (ثم يعتبر هذا تحديا أكبر للمراكز الجديدة مقارنة بالقديمة نسبياً، ذات السمعة والشهرة والإمكانات. ولكن هذا لا ينفي تعدد المراكز الجديدة بميزة نسبية فهى أكثر مرونة ومتخصصة بدرجة أكبر، وتباشر مهام إعداد مشاريع بحثية قصيرة الأجل تتواءم بدرجة أكبر مع احتياجات صانع السياسة. وتزداد المنافسة بدرجة كبيرة حينما يتم خفض التمويل العام المخصص لمراكز الفكر، إذ تحتدم عندئذ المنافسة نظراً لعدم كفاية الموارد المخصصة. ([106])

القسم الثالث

بدائل نوعية لإعادة بناء العلاقة بين مراكز الفكر ودوائر صنع السياسات:

يحاول هذا الجزء تقديم بدائل سياسات لصناع السياسة العامة والمراكز ذاتها، وذلك كمحاولة لإعادة بناء علاقة فعالة بين الطرفين، من أجل دعم عملية صنع السياسة العامة بوطننا العزيز فركب التنمية لن يمكن مسايرته بالأمال فقط أو بالاماني الطيبة. لكن العمل والتعاون بين مختلف مؤسسات الدولة الرسمية وغير الرسمية هو ما سيجعلنا نصل إلى المرجو إليه.

وفي ظل وجود تحديات كبيرة أمام صانع القرار المصري في تلك المرحلة الحرجة كان هناك ضرورة لإعادة رسم ملامح العلاقة بين الطرفين ليدعم كلل منها الاخر ويعملان معا نحو المستقبل. في هذا الإطارسينقسم هذا الجزء إلى قسمين رئيسين الأول موجه نحو مراكز الفكر ذاتها والثاني نحو صناع القرار .

  1. توصيات موجهة لمراكز الفكر

أولاً: لتنمية الموارد

  • انشاء ادارة لتنمية الموارد

من أهم المشكلات التي تقف أمام صانع القرار هى نقص التمويل ومن ثم تؤثر على استقطاب عناصر ناجعة وكفئة في العمل البحثي، وعليه تؤثر بدورها على جدودة المنتج البحثي، وعلى استقلالية بل وبقاء المراكز ذاتها. ومن ثم لابد من وجود متخصصين ذو قدرة على التواصل مع الجهات المانحة، وكتابة المقترحات التمويلية يتسمون بالمهارة في التفاوض. ويعملون ضمن فريق العمل الاداري بمراكز الفكر بصفة دائمة.

  • تعدد موارد التمويل

من المهم لضمان الاستدامة والبقاء عبر الزمن هو تعدد مصادر التمويل، وتثبت الخبرة الدولية ان مراكز الفكر العالمية تتنوع مصادر تمويلها ما بين: ([107])

  • تبرعات افراد
  • منح دولية
  • مساهمات شركات القطاع الخاص (المسئولية الاجتماعية)
  • خدمات استشارية
  • مشروعات اوبحوث تعاقدية
  • تمويل حكومي
  • الوقف
  • مصادر دخل اخرى: كاشتراكات الاعضاء، المطبوعات والدوريات، رسوم المشاركة في الندوات والمؤتمرات، البرامج التدريبية.

وبتعدد مصادر التمويل قد يساهم ذلك بدرجة كبيرة في ضمان الاستمرارية والاستدامة خاصة اذا وجد تمويل وقفي لصالح مركز الفكر.

ثانياً: بناء القدرات البحثية لشباب الباحثين وتصعيد الجيل الثاني

على مراكز الفكر الحرص أن تكون مصدر لاستقطاب الكفاءات والخبرات فهى كمصنع لصناعة الباحثين والخبراء، وان تستثمر دوما في الجيل الثاني من شباب الباحثين، وأن تنظم مسابقات بحثية من حين لآخر لاكتشاف الباحثين الاكفاء من وقت لاخر. ([108]) ويتميز المعهد الافريقي لجنوب إفريقيا بتشجيع الباحثين الشباب للنشر والمشاركة بالابحاث الدورية عبر ما ينظمه من سلسلة مؤتمرات ومسابقات بحثية لشباب الباحثين خاصة من القارة الافريقية المهتمين بالشأن الافريقي ([109])  حيث ينظم المعهد للعام العاشر مؤتمر شباب الباحثين الافارقة سيعقد بمارس 2016 ([110])حيث يهدف بشكل دوري لتشجيع الباحثين الشباب واكتشاف القدرات البحثية الجديدة المهتمة بالشأن الافريقي، لخلق أجيال جديدة من Think Tankers القادرين على تقديم أوراق السياسات العامة وتساهم في دعم عملية صنع السياسة خاصة أبان مواجهة التحديات ([111])

ثالثاً: وجود ساحة أو منتدى أو شبكة تجمع مراكز الفكر المصرية وتنسق العمل بينها

لابد من وجود شبكة لمراكز الفكر المصرية تمثل ساحة لتبادل الخبرات والمهارات والتتسيق البحثي وكذا ضمانة لعدم تكرار الموضوعات البحثية، ومن الجدير بالذكر أن مركز دراسات الحضارة أخذ هذه المبادرة عام 2012 ولكنها لم تكتمل.([112])

رابعاً: حملة مطالبة واقتراح تشريعي لمسودة قانون ينظم عمل مراكز الفكر في مصر

على مراكز الفكر أن تجتمع سويا وتنسق معا لصياغة مسودة قانون يطرح أمام مجلس النواب (مجلس نواب 2015)، ينظم عملها ويضعها في نصابها الصحيح. وان تشن حملة مطالبة Advocacy منظمة لدفع صانع القرار لاصدار هذا القانون.

خامسا: تدريب الباحثين على اوراق السياسات العامة

من أهم اسباب عزوف  صانع القرار بمصر عن منتج مراكز الابحاث هو أنها لا تستهدفه أو تلبي احتياجاته، ومن ثم عليها اولا تحدد وجهتها وأن تقدم المنتج المطلوب الذي يلبي احتياجاته. أيضا أن ترفع القدرات البحثية للباحثين بكيفية اعداد أوراق السياسات كتقديرات الموقف وملخص السياسات ومشروعات القوانين لتقديمها فيما بعد للبرلمان.

سادساً: الحرص على التواصل مع صانع القرار

عبر تقديم الدعوات للمشاركة في ورش العمل والمؤتمرات، وإرسال أوراق السياسات لصانع القرار بشكل رسمي ودوري فالتواصل قاعدة اساسية للتأثير على عملية صنع السياسة العامة.

سابعا: الاستفادة من الخبرة الدولية عبر الانضمام إلى شبكات مراكز الفكر

انضمام مراكز الفكر إلى الشبكات الدولية لمراكز الفكر مثل شبكة GDNالشبكة الكونية للتنمية، شبكة مراكز الفكر شرق الآسيوية  NEAT. ([113])فهي آلية للتبادل البحثي والأكاديمي ما  بين مراكز الفكر، و ساحة لدبلوماسية المسار الثاني Second-Track Diplomacy بين الدول التي تمثلها مراكز الفكر ، فهذه الشبكات تسعى للتشبيك  بين مراكز الفكر وحكوماتها وشركات القطاع الخاص. وتخلق ساحة للتفاعل بين القطاعات الثلاثة. كما أنها ساحة لتبادل الخبرات والدروس المستفادة حول التكامل بين السياسات المحلية المختصة في التنمية وبدائل السياسات المطروحة من جانب تلك المراكز. كما أنها ساحة لتبادل المطبوعات والأبحاث والتحليلات المستقبلية، ودعم القدرات البحثية للخبراء بالدول خاصة النامية والانتقالية ووصلها بالقادة بمختلف أنحاء العالم. ومن ثم ستساعد صانع القرار بشكل غير مباشر في تنفيذ السياسة الخارجية للدولة. ومن الجدير بالذكر عضوية كل من المركز الاقليمي والمجلس المصري للشئون الخارجية في شبكة EUROMESCO . ([114])

وفي هذا السياق نذكر مبادرة مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار لينشئ شبكة لمراكز الفكر بالدول النامية NTTDC عام 2009 عقب تنظيمه لسلسلة من مؤتمرات مراكز الفكر بالدول النامية بداية من عام 2007 ولكن لم يستمر العمل بها وبقى الوضع على ما هو عليه. ([115])

ثامناً: التواصل مع الجمهور وصانع القرار

على مراكز الفكر ألا تكون مراكز نخبوية فقط وأنما كجسر للمعرفة بين النخبة والجمهور والعكس صحيح فعليها أن تعكس وتترجم السياسات وتفسرها للجمهور الذي يجب ان تنقل نبضه ومشاكله وآرائه إلى صانع القرار ليكون مدخل من مدخلات عملية صنع السياسة العامة وتترجم ما يصدره من سياسات وتقيس مردود السياسات على المجتمع وتنقله بدروها لصانع القرار لتحسين جودة السياسات.

تاسعاً: لعب دور في عملية صنع السياسة العامة عبر:

  • وضع أجندة الحكومة، أي تحديد القضايا ذات الأولوية لتحتل المكانة الأولى في جدول أهتمامها،
  • توفير المشورة والنصح فيما يتعلق بقضية طارئة على صانع القرار تتطلب سرعة البت فيها،
  • إعادة اهتمام صانع القرار أو الجمهور بقضية ما، أو إعادة تشكيل الآراء بصددها.
  • كما تقوم بترجمة السياسات والأحداث الجارية في وسائل الإعلام الإلكترونية والمطبوعة.
  • تيسير تبادل الأفكار؛ نظراً لعدم تخصص أغلب الساسة وصناع القرار في مختلف القضايا المطروحة على الساحة، ومع احتمالية عدم وجود رغبة لديهم لقراءة الأبحاث والدراسات المعدة بشأن القضية محل الاهتمام
  • إنتاج دراسات تقدم خدمة تقنية لصانع السياسة العامة، ولتحقيق ذلك الهدف تقوم مراكز الفكر بتطوير معرفة ( أبحاث، دراسات …) خاصة بتفاصيل برامج وسياسات الحكومة، مع الاستعداد لتقديم أية اقتراحات تقنية لصانع السياسة، مما يخلق سمعة طيبة لتلك المراكز.
  • منبع للكوادر المؤهلة لمناصب صنع السياسة العامة. فمراكز الفكر تقوم بتغذية دوائر صنع السياسة العامة بأفراد من خارج الجهاز البيروقراطي من بين خبرائها وباحثيها.
  • دعم بعض السياسات العامة الجديدة، وإكسابها الشرعية اللازمة لتطبيق تلك السياسات.
  • الدفاع عن السلطة السياسية، والعمل على منحها الشرعية فيما تمارسه من سياسات وما تتخذه من قرارات. ويتم ذلك عبر إحاطة النخبة علما بالتأثير المحتمل في حالة الحفاظ على الوضع المؤسسي الراهن، والسيناريوهات المحتملة في حالة معارضة سياسات الإصلاح. كما تقدم تبريرا للسياسات التي قد ينتج عنها أذى لقطاع عريض من الجمهور على المدى القصير. ([116])

عاشراً: الحرص على تقييم سياسات الحكومة وبرامجها:

عبر الإجابة على عدة تساؤلات مثل أي من السياسات المتاحة لمواجهة المشكلة محل الاهتمام أقل تكلفة؟. هل ما تقدمه الحكومة من خدمات يتلاءم من حيث الحجم مع ما تقدمه الحكومات الآخرى؟.

الحادي عشر: العمل كآلية من آليات القوة الناعمةSoft Power لصياغة الأجندة السياسية، فهى وفقاً لجوزيف ناي تمثل تحدياً للغة الحوار العام الذي تم الاعتياد عليه، وتستخدم كآلية لإعادة تعريف الخرائط العقلية لصناع السياسة. ([117])

الثاني عشر: خلق حركات الرأي وقيادتهاونشر الأفكار السياسية، إذ تسهم المراكز بدرجة كبيرة في القيام بتغطية إعلامية مكثفة تكسب قضية ما السخونة والاهتمام اللازمين لتصبح محور النقاش المجتمعي. ([118])

الثالث عشر: التأثير على النظم السياسية عبر تعديلالبرامج أو السياسات الموجودة بالفعل، وإعادة تصميم البرامج والسياسات الأساسية وتبني سياسات جديدة. ([119])

الرابع عشر: وجود وحدة لاستشراف المستقبل

تبرع مراكز الفكر في إسرائيل في علم المستقبليات بل وبدأت في تناول هذا العلم في حقل العلوم السياسية وعلم الاجتماع فعلى سبيل المثال يناقش مركز السياسة والاستراتيجية بشكل دوري خلال مؤتمره السنوي”سلسلة مؤتمرات هرتسيليا لميزان الأمن القومي” أبرز التحديات الواقعة والمحتملة على الأمن القومي الإسرائيلي وسبل الخروج منها ([120]) وتقدم بدائل سياسات أمام صانع القرار تطور سنويا بل ووضع استراتيجية من اجل بقاء اسرائيل :استراتيجية مجابهة معاداة السامية الجديدة”. ([121])

ومن ثم على مراكز الفكر المصرية الاهتمام بالمخاطر المحتملة وتخصيص ادارة مختصة بالنظر للمستقبل ووضع سيناريوهات بديلة تقدم لصانع القرار.

الخامس عشر: الاهتمام الجدي بنوعية القضايا (قضايا السياسة العامة)

من المهم أن تهتم مراكز الفكر بالقضايا والمشكلات التي تمس قطاع عريض من الناس وتقع على أولوليات صانع القرار بهدف حلها أومنع تكرار حدوثها. أي تهتم بالسياسة العامة وليس بالقضايا الهامشية وعليها ايضا أن تلقي الضوء على التهديدات المحتملة في المجتمع لتوجيه اهتمام صانع القرار بها.

السادس عشر: وضع استراتيجية جديدة للتواصل مع الاعلام

على مراكز الفكر الاهتمام بوسائل الاعلام والتواصل معها بشكل دوري فوسائل الإعلام تستطيع المساهمة في صياغة الرأي العام وتشكيل إدراكه ، وكذلك صناع القرار حول القضايا المهمة، وتسليط الضوء حول الكيانات والأشخاص شاغلي المواقع البارزة بالمجتمع. فيمكنها أن تدعم مصداقية مراكز الفكر، بل وتخلق صورة ذهنية مؤداها سيطرة تلك المراكز على عملية صنع السياسة العامة. فعليها أن تحرص على تغطية أنشطتها إعلامياً، وكذا الأحداث التي تنظمها، وظهور باحثيها في نشرات الأخبار، والبرامج الحوارية Talk Shows التي تبثها القنوات التليفزيونية، ومحطات الإذاعة  والمشاركة في الصحافة  من خلال “كتابة المقالات، والدراسات، ومقالات الرأي، والأعمدة الأسبوعية…”، وكل ذلك للرد على التساؤلات المثارة بوسائل الإعلام. ([122]) وقد تحتاج تلك المراكز لوجود مسئول للاعلام والعلاقات العامة لتحقيق مهمة التواصل مع وسائل الاعلام المختلفة.

والأكثر من ذلك يمكنها فتح قناة اعلامية لها ثبت عليها احداثها وبرامجها وفاعليتها أو برنامج تليفزيوني كمعهد إسرائيل للديموقراطية حيث أسس برنامج العين السابعة على التلفاز الاسرائيلي وهو البرنامج الذي يصفه أعضاء المركز عبر موقعهم الإلكتروني بأنه المقر الأول ذو البث المباشر بالعالم للنقد الذاتي الذي يتم بشكل حرفي وموضوعي لما ينظمه ويصدره من منتجات بحثية عبر وسائل الإعلام. ([123])

السابع عشر: وحدة للتطوير المؤسسي

هناك أهمية لوجود وحدة للتطوير المؤسسي لتقيم اداء المركز بشكل دوري وتقدر احتياجات الموارد البشرية والمادية لتقوم عمل المركز وتضع خطة للتطوير يمكن تطبيقها لتحسين جودة المنتج البحثي والدور المرجو من المركز ووضعه على مصاف المراكز الدولية والعالمية ومن الجدير بالذكر أن المركز الإقليمي لديه وحدة للتطوير المؤسسي. ([124])

الثامن عشر: وضع استراتيجيات للضغط على صانع القرار والبرلمانين والاعلاميين وحثهم لتبني وجهة نظر المركز في القضايا المطروحة.

التاسع عشر: البعد عن التوجهات الذاتية والسياسية خلال العمل البحثي

  1. بدائل سياسات مطروحة أمام صانع القرار

أولاً: سن تشريع ينظم عمل مراكز الفكر في مصر:

أي اصدار قانون ينظم عمل مراكز الفكر وعلاقتها بالدولة، ويقنن وضعها فهى ليست شركة خاصة أو جمعية أهلية. وكذا يقنن القنوات الشرعية المتاحة أمامها للحصول على التمويل.

كما ينبغي إعادة النظر في القوانين المنظمة لعمل المراكز الحكومية لتفادي التعقيدات البيروقراطية وإهدار الوقت والجهد وهجرة العقول.

ثانياً: الاعتماد على المراكز طيبة السمعة:

لمواجهة مشكلة أزمة الثقة يمكن لصانع القرار الاعتماد على المراكز طيبة السمعة، وليس فقط الدوائر القريبة والمتقاطعة. فيرى د. جيمس ماجين ان السمعة الطيبة لها ثلاث أبعاد: ([125])

  • سمعة أكاديمية جيدة (اعتماد رسمي، والاقتباس من مطبوعات بالمركز Citation of Think Tanks، ومطبوعات للباحثين كالكتب الأكاديمية، والجرائد، والمشاركة في المؤتمرات، وبعض المطبوعات المتخصصة). ومن ثم فعنصر الحياد العلمي مكون واضح خلال عملها.
  • سمعة طيبة لمراكز الفكر بالإعلام، ويظهر ذلك في عدد مرات الظهور بوسائل الإعلام، والتغطية الإعلامية، والمقابلات بالبرامج الحوارية.
  • سمعة طيبة لدى صناع السياسة العامة (الخبرة الموروثة)، ويتضح ذلك في اعتراف صانع القرار بقضايا معينة، عدد الملخصات المقدمة له، وعدد المقابلات الرسمية مع صناع القرار، مشروعات القوانين المقدمة من مراكز الفكر.

ثالثا: اعادة النظر لعمل مراكز الفكر والحاجة الملحة لدورها:

على صانع القرار أن يعي أهمية مراكز الفكر ودورها في دعم عملية صنع السياسة العامة، لأن طبيعة العصر اختلفت والمشكلات الطارئة أصبحت شديدة التعقيد والصعوبة التي يعجز أمامها موظفي الجهاز الحكومي والبيروقراطي على مجابهتها بمفردهم.

رابعاً: وجود كيان مؤسسي ينظم العلاقة مع مراكز الفكر وصانع القرار

من المهم وجود كيان مؤسسي يتواصل مع مراكز الفكر ويكلفها بالتكليفات التي تلبي حاجة صانع القرار عند مناقشته للقضية المطروحة أمامه. وقد يكون هذا الكيان تابع لرئاسة الجمهورية أو أحد المجالس الاستشارية. فهناك ضرورة لحصر المتخصصين والمراكز المهتمة وفق لتخصصها البحثي حتى يمكن التواصل معها في القضايا الطارئة.

ويمكن لهذا الكيان المؤسسي طرح مشروعات بحثية مشتركة مع مراكز الفكر والجهات الحكومية المعنية للاستفادة من خبرة كل طرف ولتحقيق مزيد التعاون بين الطرفين.  والخروج بتوصيات أكثر جدوى وملائمة للواقع. ([126])

خامساً: استعانة صانع القرار بخبراء مراكز الفكر بالمجالس الاستشارية التابعة لرئاسة الجمهورية

هناك أهمية أن يتم تغذية المجالس الاستشارية التابعة لرئاسة الجمهورية بخبراء مراكز الفكر نظرا لما لهم من علم وخبرة ومعرفة، ولتكون بمثابة قناة مباشرة للتواصل مع متخذ القرار.

سادساً: حرية تبادل المعلومات في ضوء الممكن والمتاح:

من المهم تيسير تبادل المعلومات التي لا تمس الامن القومي المصري حتى يمكن لمراكز الفكر تقييم أداء عمل الحكومات المتعاقبة والسياسات المطبقة وتقديم تقرير وافي لصانع القرار حول جدوى وفاعلية السياسات التي تنتهج ومدى تأثيرها المجتمعي.

سابعاً: الاستعانة بخبراء مراكز الفكر في الجهاز البيروقراطي بالدولة

تمد مراكز الفكر الحكومة بالكوادر البشرية اللازمة، فهى بمثابة مخزون استراتيجي للحكومات وعلى صانع القرار الاستفادة من هذا المخزون خاصة أن عدد المراكز التي تم الاستعانة بخبرائها في المناصب الحكومية بالدولة. ([127])

ثامناُ: الاستعانة في تقييم برامج السياسة العامة

أثبتت الخبرة الدولية لمراكز الفكر أن أنجح عمليات تقييم السياسة العامة التي تتم بتفويض من الحكومة ذاتها. وتتطلب دراسات التقييم الجادة والرصينة بيانات كافية حول الكيفية الجيدة لعمل برامج الحكومة، وكذا دراسة مدى استعداد جزء من الحكومة للمخاطرة بشكل يمكن أن يعرضها للفشل. وتقل جودة هذه الدراسات في الدول التي تقل بها إتاحة المعلومات، وتضعف بها محاسبة الحكومة. ([128])  فمن المهم إدراك الحكومة أن عملية تقييم أدائها ليس من قبيل النقد الهدام وأنما البناء المثمر لتحسين دورها ودعم شرعيتها المجتمعية وزيادة قدرتها على تلبية احتياجات المواطين.

تاسعاً: النظر للمستقبل:

القائد الذي ينظر إلى مستقبل الأمة هو الداعم لدور مراكز الفكر حتى في ظل النظم الشمولية والسلطوية، فالنظرة للمستقبل هى التي تدفعه للنظر للامام بغيا في للوصول للافضل. فمراكز الفكر لديها القدرة على إنتاج المعرفة، ووضع حلول ابتكارية للمشكلات، وإجراء الدراسات والأبحاث لتوقع الاحتياجات المستقبلية لصناع السياسة العامة، ووضع سيناريوهات لمواجهة التحديات المستقبلية.([129]) فمراكز الفكر يجب أن تكون قادرة على التوقع ورد الفعل Anticipate & React  أي توقع المشكلة، ووضع خطط لمواجهة التحديات العاجلة والقريبة وقصيرة وطويلة الأجل. ([130])

من هنا يمكن القول إنه في البلاد التي صاغت لنفسها مشروعا نهضويا، فإن العلم والبحث العلمي يحتل في العادة مكانة عليا. لأن المشروع النهضوي يهدف عادة إلي تحقيق التنمية البشرية الشاملة، مع التركيز علي قوة الدولة بالمعني الشامل الكامل، ونعني عسكريا وصناعيا وثقافيا. ([131])

الخلاصة:

لقد مرت مصر بتجربة قاسية من عدم الاستقرار، وغياب واضح لمؤسسات الدولة خاصة خلال ثورة 25 يناير وما تبعها، وتوالت الخسائر والمخاطر، وظهر أمامنا تحديات جديدة للقضاء على الافات الاجتماعية والاخطار الداخلية كالارهاب، ومواجهة المطامع الخارجية، وإعادة بناء الوطن من الداخل اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا.

مما خلق أمامنا تحدي لإعادة بناء البيت المصري مما يتطلب وجود دور للخبراء والمتخصصين في وضع سيناريوهات المرحلة بل والنظر نحو المستقبل، وهذا لن يتأتي بالجهاز الاداري للدولة فالتطور وغزارة المعلومات وسرعة وتواتر المتغيرات وكثرة الامال والطموحات التي صاحبت الثورتين المتتاليتين لن يمكن مواجهتها وتلبية الممكن منها إلا بوجود دور حقيقي لمراكز الفكر.

فمراكز الفكر ما يميزها هوانشغالها بقضايا السياسة العامة للدولة التي تمثل شأنا عاما تعكس أجندة صانع القرار، وهذا في الواقع ما يؤهلها من ممارسة دور مميز وفعال للنظر نحو المستقبل.

وقد استطاعت الدراسة تشخيص بعض المشكلات التي تعاني منها مراكز الفكر خلال عملها بمصر، كتحدي رأس المال البشري واشكالية استقطاب الكفاءات، ونقص الموارد المالية، وما له من تأثير على استقلالية تلك المراكز وانعكاس على أجندتها البحثية. وما تستخدمه من وسائل للتأثير وآليات في التواصل مع صانع القرار.

ولكن تنبغي الاشارة إلى أن مراكز الفكر في مصر عليها عبء ثقيل لمساعدة النخبة في دعم عملية صنع السياسة، وتقديم بدائل السياسات في ضوء الممكن والمتاح لتعظيم الفائدة المرجوة وتقليل الفاقد المتوقع. فالخروج من بوتقة تحديات المرحلة الحالية تتطلب العبور نحو مستقبل مدروس قائم على خطط استراتيجية قابلة للتنفيذ.

وقد توصلت الدراسة في هذا الشأن إلى عدد من التوصيات الهادفة لبناء عقد اجتماعي جديد بين طرفي المعادلة، وسجلت الدراسة عدد من التوصيات الموجهة لمراكز الفكر أملاً في النظر إليها بعين الاعتبار، وأخرى موجهة لصانع القرار كتعبير عن ارادة حقيقية للتغير نحو الافضل. فتطلب العلاقة الجديدة بين الطرفين استيعاب بعض الحقائق وتبني بعض المبادرات لدعم دور كل منهما. فبالنسبة لمراكز الفكر يمكنها الاعتماد على متخصصين في مجال تنمية الموارد التي يجب ان تتسم بالتعدد والتنوع والاستمرارية، وأن تحرص على بناء القدرات البحثية لشباب الباحثين وتصعيد الجيل الثاني، وتدريبهم على كتابة اوراق السياسة العامة حتى يمكنهم مخاطبة صانع القرار، والتنسيق فيما بينها لتكوين شبكة تجمع مراكز الفكر المصرية وتنسق العمل بينها، وتبنيها لمبادرة لاعداد مسودة قانون ينظم شكل العلاقة بين الطرفين،  علاوة على الاستفادة من الخبرة الدولية عبر الانضمام إلى شبكات مراكز الفكر. وان تحرص على لعب دور في عملية صنع السياسات بل وتقييم برامج الحكومة وانجازاتها، وخلق حركات رأي مجتمعية، لتشكيل آلية من القوة الناعمة، وصياغة آلية للتواصل مع وسائل الاعلام المختلفة، بل وتأسيس وحدة للتطوير المؤسسي والبعد عن الذاتية والتحييز، بل ووضع استراتيجيات للضغط على صناع القرار وشن حملات للمطالبة والدفاع.

اما بالنسبة لساحة صانع القرار؛ فالامر يتوقف على الارادة والرغبة في دمج هذا الفاعل الهام خلال منظومة صنع السياسة العامة، عبر سن تشريع ينظم عملها، والتعاون معها متخطية لأزمة الثقة القائمة عقب الثورة عبر الاعتماد على المراكز طيبة السمعة وتقنين الوضع في كيان مؤسسي ينظم العلاقة مع تلك الكيانات الهامة، وتبادل للمعلومات في ظل مناخ من الحرية والدعم، والاستعانة بقياداتهم داخل الجهاز البيروقراطي في الدولة وفقا لدوائر التخصص المختلفة. والأهم من كل تلك البدائل هو النظر للمستقبل اي ارادة القائد للنظر إلى الامام وليس الخلف.

في ظل ما يجابهنا من تحديات داخلية وخارجية  هناك ضرورة ملحة للتصدي للواقع المذري الذي لن يستطع أن يقاومه إلا الفكر الاستراتيجي الذي ينظر إلى المستقبل، وهذا هو الدور المفترض أن تقوم به مراكز الفكر بوطننا العزيز، لوضع خطط بديلة لمجابهة المخاطر المستقبلية، والقائمة بالفعل لبناء مجتمعات متماسكة قادرة على عبور المستقبل وبناء واقع أفضل. والامر لن يتوقف عليها فقط فالمسئولية مشتركة بينها وبين صانع القرار فالمستقبل هو مسئولية تكاملية تفرض توافر كافة الجهود المخلصة للعبور نحو بر الأمان.

فوجود مراكز الفكر وما تمارسه من دور لم يعد ترف أو شكل للتباهي والتفاخر، ولكنه أضحى ضرورة مجتمعية فدورها بدأ في الظهور في العالم لتلبية احتياجات صانع القرار مع الحرب العالمية الاولي لمواجهة خطط الغزو، وتدرج دورها بعد ذلك حتى أصبح مقوم أساسي لمواجهة تحديات كثرة المعلومات وتعدد دوائر المعرفة التي شكلت قوة ضاغطة للحاجة لكيانات قادرة على تقديم بدائل سياسات وتحليلات موضوعية موثوق فيها وذات جدوى. وتتوقع الباحثة ان دور مراكز الفكر على المستوى العالمي قد يصبح في المستقبل القريب أحد بنود المشروطية الدولية للمؤسسات الدولية والجهات المانحة بهدف حث الحكومات على اتخاذ قرارات محسوبة ومدروسة تقلل من المخاطر التحديات والحروب والنزاعات القائمة بين الدول.

وعلى دوائر صنع السياسات أن تدرك هذه الحقيقة وألا تتبني سياسة رد الفعل وأنما الفرصة مازالت قائمة لتبني سياسة المبادأة والمبادرة لتقوية مراكز الفكر وتقنين دورها ومواجهة ما تقابله من تحديات وعقبات. وعلى المراكز في الوقت ذاته أن تدرك ما عليها من مسئولية ودور في تقديم تحليلات جادة للقضايا المدرجة على أجندة صانع القرار وان تساعده في معالجة القضايا الاجتماعية الملحة والتحديات الممكنة أو المتوقعة. فالاستشراف والنظر للمستقبل أصبح هو الآلية اللازمة لمراكز الفكر المصرية فنهضة الوطن لن تكون هبة أو منحة وأنما تتطلب جهد وجد وتعاون من جميع الأطراف.

ومع حرص القيادة السياسية متمثلة في شخص الرئيس عبد الفتاح السيسي على دعم المنظومة البحثية في مصر، ودعم دور مراكز الفكر، وجب على تلك المراكز تعظم الاستفادة من هذه الارادة الواضحة والتعاون سويا لوضع رؤية جديدة لما يمكن ان يكون عليه الوطن في المرحلة التاريخية الجديدة التي نمر بها.

[1] تتقدم الباحثة بالشكر الي مبادرة الاصلاح العربي على دعمها خلال اعداد الدراسة في اطار برنامج دعم شباب الباحثين العرب للدورة الثانية 2015-2016

[1][1] مدرس السياسات العامة بدلومة الدراسة الاسرائيلية، كلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، باحث متخصص في شئون مراكز الفكر، مؤلف كتاب دور مراكز الفكر في صنع السياسة العامة، دراسة حالة اسرائيل الصادر عن مركز دراسات الوحدة العربية، 2015، ومتخصصة في الشأن الإسرائيلي من أهم ما نشر لها كتاب أزمة اليسار الإسرائيلي تدهور وانهيار الصادر عن مركز الاهرام للترجمة والنشر عام 2009، والاستراتيجية الاسرائيلية للبقاء الصادر عن معهد الدراسات العربية عام 2015، ومستقبل لمنطقة العربية رؤية لاحد مراكز الفكر الاسرائيلية الصادر عن مركز دراسات الاوسط ببيروت عام 2015، وعملت فترة بمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار من عام 2007 حتى نهاية عام 2010، وعدد من مراكز الابحاث الاخرى. وشاركت في العديد من المشروعات البحثية أبرزها بحثها الصادر عن خريطة المجتمع المدني الافتراضي خلال عملية الانتقال الديموقراطي بمصر الصادر عن مركز الاهرام للدراسات الاستراتيجية عام 2015، وتكتب الباثحة أيضا عن دور مؤسسات المجتمع المدني في القارة الافريقية وذلك بشكل دوري في التقرير الاستراتيجي الافريقي الصادر عن معهد الدراسات الافريقية، يضاف إلى مشاركتها في العديد من المؤتمرات البحثية كمؤتمر مؤسسة الألسكو بالجامعة العربية تحت عنوان دور مراكز البحوث في التنمية بالوطن العربي عام 2016، بورقة بحثية عن مسئولية مراكز الفكر في صنع السياسة العامة.فازت الباحثة بمسايقة درو طن لعام 2016 من مركز الامارات للدراسات السياسية

[2]
مع بداية القرن الماضي أدركت إدارة الدولة المصرية أهمية البحث العلمي ودوره في خدمة المجتمع فبدأت في وضع الخطط لإنشاء مراكز للأبحاث العلمية وكان مركز البحوث الفلكية والچيوفيزياقية هو أول مركز بحثي تم إنشاؤه في تلك الفترة وفي الثلاثينيات ظهرت فكرة انشاء مركز بحثي متعدد التخصصات وصدر مرسوم ملكي بإنشاء مجلس فؤاد الاول للأبحاث العلمية والذي تحول بعد ذلك الي المركز القومي للبحوث وتم افتتاحه عام الف وتسعمائة وستة وخمسين وتلاه المركز القومي للبحوث الاجتماعية ثم توالي انشاء مراكز بحثية اخري خلال النصف الثاني من القرن الماضي مثل هيئة الطاقة الذرية و مركز البحوث الزراعية ومركز بحوث المياه والإسكان وغيرها. لمزيد من التفاصيل انظر: وزارة البحث العلمي، خريطة مؤسسات البحث العلمي في مصر عام 2010، (متاحة  نوفمبر 2015)، ص 2.

[3]لمزيد من المعلومات انظر:

Michael B. Teitz, “Analysis for Public Policy at the State and Regional Levels T he Role of Think Tanks” International Regional Science Review, Vol. 32, No. 4, (2009) , P 480: P.494.

[4]James Mc-Gann, 2010Global Go To Think Tanks Call for Nominations, (Philadelphia Think Tanks & Civil Societies Programs: Foreign Policy Research Institute, 2010), p 4:  p 5

[5]Donald E. Abelson and Christine M. Caberry, Comparative Analysis of Think Tanks in Canada and the US”, Canadian Journal of Political Science, (September 1998), P.525: P.555, http://www.jstor.org/stable/3233043, (accessed September 21 2001)

[6]“عبد المنعم المشاط (وآخرون)،“مقرر السياسة العامة للدولة، مدارس الديموقراطية، المعهد الايرلندي للديموقراطية التعددية، 2012، متوافر على شبكة المعلومات الدولية في http://democracy-schools.com/ar/Curriculum/Details/26، )متاح سبتمبر 11 . 2015(

[7]    د. إيمان رجب، “مراكز الفكر فاعل صاعد مؤثر في عملية صنع السياسات في الشرق الاوسط”، مجلة اتجاهات الاحداث، العدد 8، (مارس 2015) ،ص 13، ص14

[8]Kent R Weaver & James G.McGann, Think Tanks and Civil Societies in the Time of Change in James Mc-Gann, & Kent R.Weaver (eds), Think Tanks & Civil Societies Catalysts for Ideas and Action, (New Jersy: Transaction Publishers, 2005), p.5: p.6.

[9] لسنا في مجال لتقييم التقرير ولكن معايير الاختيار كان ينبغي وضوحها خاصة ان بعض المراكز تغير دورها بشكل كبير كمركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار حيث انحصر دوره ولم يعد مركز فكر بالمعنى المتعارف عليه فكيف يحصل على المرتبة رقم 17 على قمة مراكز الفكر في افريقيا والشرق الاوسط متقدم عن مركز موشي ديان في إسرائيل بـ 16 مركز، فاعتقد ان التقرير كان عليه تحديث بياناته ودراسة الانتاج البحثي لكل مركز بدقة بل وزيارة تلك المراكز.

[10]James Mc-Gann, 2010Global Go To Think Tanks Call for Nominations, (Philadelphia Think Tanks & Civil Societies Programs: Foreign Policy Research Institute, 2010), p 4:  p 5

[11]عبد المنعم المشاط (وآخرون)، “مقرر السياسة العامة للدولة، مدارس الديموقراطية، المعهد الايرلندي للديموقراطية التعددية، 2012، مرجع سابق

[12] المركز المصري لمكافحة الارهاب أحد المراكز المهتمة بقضية مكافحة الارهاب ووضع بدائل سياسات لدعم صانع القرار في هذا الشأن. لمزيد من التفاصيل انظر:الموقع الرسمى للمراكز المصري لمكافحة الارهاب”، http://www.egycct.org/، (متاحة اكتوبر 15، 2015)

[13]دليل السياسة الخارجية:

دليل لمراكز الفكر بمختلف انحاء العالم يتبع معهد السياسة الخارجية بجامعة بنسلفانيا يتم بشكل سنوي ليقيم أداء مراكز الفكر الاكثر تأثيرا على المستوى المحلي والاقليمي والعالمي، حيث يتم ترشيح ابرز المراكز بمختلف انواعها ولكن تستثني المراكز الحكومية لعدم استقلاليتها مما يؤثر على فاعليتها. لمزيد من التفاصيل انظر:

International Relation Program at University of Penselvania, Think Tanks Foreign Policy Directory”, http://www.sas.upenn.edu/irp, )accessed November 15 2013).

[14] لمزيد من التفاصيل ارجو الاطلاع على دراسات الرأي العام بموقع “المركز المصري لدراسات الإعلام والرأي العام “تكامل مصر“،،http://www.ecmeg.com، (متاحة نوفمبر 11، 2015)

[15]جريدة الوطن، (3 يونيه 2014)

[16]Donald E. Abelson and Christine M. Caberry, Comparative Analysis of Think Tanks in Canada and the US”, Canadian Journal of Political Science, (September 1998), P.525: P.555, http://www.jstor.org/stable/3233043, (accessed September 21 2001)

[17]الموقع الرسمي المركز المصري لبحوث الرأي العام،www.baseera.com.eg/home_en.aspx، (متاح نوفمبر 11، 2015)

[18]الموقع الرسمي مركز الجمهورية للدراسات والأبحاث السياسية والأمنية،.http://www.algomhuria.net.eg/terrorism/، (متاح نوفمبر 11 . 2015)

[19]مقابلة مع السفير عزمي خليفة، خبير بالمركز الاقليمي للدراسات، (القاهرة، اكتوبر )2015. ومقابلة مع د. قدري سعيد، نائب مدير المركز الاقليمي للدراسات، (القاهرة، اكتوبر 2015.)

[20].مقابلة مع السفير الدكتور السيد أمين شلبي، المدير التنفيذي للمجلس المصري للشئون الخارجية، (القاهرة، اكتوبر 2015)

[21]James Mc-Gann, 2010Global Go To Think Tanks Call for Nominations, Op.Cit, p 4, p 5.

[22]لمزيد من التفاصيل انظر:

أحمد موسى بدوي، “القدرات التنافسية للبحث الاجتماعي العربي تحليل مقارن للبحوث المنشورة في دوريات علمية محكمة”، اضافات، العدد 12 ، (خريف 2012) ، ص 74 : ص 94

[23] ماجين 2014

[24] من الصعب الوقوف علي الامر نظرا للوضع السياسي غير لمستقر بمصر علاوة على عدم افصاح صانع القرار بمثل هذا الوضع علاوة على تفضيل صانع القرار للتعاون مع الخبراء بذواتهم وليس بتبعيتهم المؤسسية كما سيتضح. المصدر: مقابلة مع الاستاذ الكتور محمد كمال: استاذ العلوم السياسية ومدير مركز دراسات المناطق الدولية بجامعة القاهرة، (القاهرة،  نوفمبر 2015)

[25]مقابلة مع السفير الدكتور سيد أمين شلبي، مرجع سابق

[26] والغريب ان ما تفتقده مراكز الفكر نجحت فيه بعض مؤسسات المجتمع المدني كالمؤسسات الخيرية حيث استطاعت شحن الرأي العام والنخب لدعم عملها وتبني بعض مشروعاتها العملاقة ومن أبرزها مؤسسة مصر الخير، مستشفى 57357… وقد يكون السبب هو اعتمادها على فريق متخصص ي الاعلام والتسويق وتنمية الموارد.

[27]دوائر صنع السياسات: المعنى المستخدم في الدراسة يضممنهمفيالسلطة،وكذلك الكياناتالمحتمل وصولهاللسلطة،مثلالأحزابالسياسية،وجماعاتالمصالحالمختلفة والقطاعالخاص،وقوى الشارعالتيأصبحمنالواضحأنلديهاالقدرةعلىالتأثيرفيسياسات الدولالداخليةوالخارجية،وكذلكتغييرطبيعةالنظمالتيتحكم.

[28]Kent R.Weaver  and James G.McGann, Think Tanks and Civil Societies in a Time of Change, in James G.McGann and  Kent R.Weaver , eds, Think Tanks & Civil Societies: Catalyst for Ideas and Action, Op.Cit, P.5, P.20.

[29]Lucile Desmoulins, French Policy Research Institutes and their Political Impact as another illustration of the French Exception, in James Mc-Gann, and Kent R.Weaver, eds, ThinkTanks & Civil Societies Catalysts for Ideas and Action, Op.Cit, P. 148, P.149.

[30]Stephen Boucher, “Europe and its Think Tanks” a Promise to be Fulfilled”, Op.Cit.

[31]ففي النظام الرئاسي هناك فصل للسلطات مقابل تداخل السلطات في النظام البرلماني. ويسمح  الفصل بوجود عدد أكبر من نقاط التداخل، مما يشجع مراكز الفكر على إنشاء علاقات تبادلية مع بعض أعضاء السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية. كذلك فإن ضعف الأحزاب السياسية، وعدم قدرتها على تلبية الاحتياجات المعرفية اللازمة لصانع السياسة العامة لمزيد من التفاصيل انظر:

Donald E.Abelson, Think Tanks in North America, Think Tanks and Civil Societies in a Time of Change, in James G.McGann and Weaver, R. Kent, eds, Op.Cit, P. 38

[32]مقابلة مع السفير عزمي خليفة، مرجع سابق.

[33]مقابلة مع م. حسن الرشيدي، رئيس مجلس إدارة المركز العربي للدراسات الانسانية، (القاهرة، سبتمبر 2015)

[34]مكالمة تليفونية مع د. عمار شريعان، مدير المركز الديموقراطي العربي،)سبتمبر 2015.(

[35]

Bakry M. El Medni, “Civil Society and Democratic Transformation in Contemporary Egypt: Premise and Promises, International Journal & Social Science: Special Issue, Vol. 3, No. 12, June 2013), p 14- p26.)

[36] السيد يسن، “حوار تفاعلي حول النهضة العلمية”، الاهرام، (ديسمبر26، 2013)

مصرس، (يناير 3 2012)[37]

وزارة الدولة للبحث العلمي، خريطة مؤسسات البحث العلمي في مصر 2010، ص2. [38]

[39] هاني الناظر، “مراكز الأبحاث المصرية بين الواقع والمأمول”، الوطن نيوز، www.elwatannews.com/news/details/414523، (متاح  فبراير 20، 2014)

[40]مقابلة مع أ.د. محمد كمال، مرجع سابق

[41]مقابلة معالكاتب الصحفي معتمر أمين: عضو لجنة الخمسين لإعداد دستور2014، (القاهرة، أكتوبر 2015)

[42]

Bakry M. El Medni, Civil Society and Democratic Transformation in Contemporary Egypt: Premise and Promises, Op.Cit.

[43]Donald E. Abelson, Think Tanks in North America, Think Tanks and Civil  Societies in a Time of Change, in James G McGann & Kent R.Weaver, eds, Op.Cit, P. 38.

[44]

Shirley Avrami,Estabishing a Research and Information Centre in the Israeli Parliament (Knesset),

http://knesset.gov.il/mmm/data/pdf/me02972.pdfو, )accessed on  February 15, 2013(

مقابلة مع المهندس حسن الرشيدي، مرجع سابق[45]

[46]مقابلة مع أحد القيادات العسكرية، )القاهرة، اكتوبر 2015(

[47]مقابلة مع السفير الدكتور عزمي خليفة، مرجع سابق.

[48]مقابلة مع الاستاذ الدكتور محمد كمال، مرجع سابق.

[49]مقابلة مع المهندس حسن الرشيدي، مرجع سابق

[50]Lucile Desmoulins, French Policy Research Institutes and their Political Impact as another illustration of the French Exception, in James Mc-Gann,  and  Kent R.Weaver eds, ThinkTanks & Civil Societies Catalysts for Ideas and Action, Op.Cit, P. 142: P.143

[51]مقابلة مع السفير الدكتور عزمي خليفة، مرجع سابق.

[52] هذا على خلاف توصيات المركز التي تصل لصانع القرار العربي مع اختلاف القضية محل النقاش فعلى سبيل المثال الكتب والابحاث كتاب “الحوثية في اليمن الاطماع المذهبية في ظل التحولات الدولية” ح اهتم به صانع القرار بالسعودية سمو الامير خالد بن سلطان نائب وزير الدفاع آنذاك ولقى مردود قوي داخل المؤسسة السعودية.  المصدر: مقابلة مع المهندس حسن الرشيدي، مرجع سابق.

[53]مقابلة مع  اللواء أحمد الشربيني، قائم بأعمال مدير المركز القومي لدراسات الشرق الاوسط، (القاهرة، أكتوبر 2015)

[54] السيد يسن، “حوار تفاعلي حول النهضة العلمية”، الاهرام، (ديسمبر 26، 2013)

[55]مقابلة مع السفير سيد شلبي، مرجع سابق.

[56]“The Newsletter about Reforming Economies,Interview with Raymond J. Struyk, Independent Think Tanks Roll On in Transition”, Economies Transition Newsletter:, http://www.worldbank.org/html/prddr/trans/about.htm, (accessed February 11, 2011)

[57]مقابلة مع المهندس حسن الرشيدي، مرجع سابق.

[58]مقابلة مع المهندس حسن الرشيدي، مرجع سابق

[59]مقابلة مع المهندس حسن الرشيدي، مرجع سابق.

[60]مقابلة مع د. محمد كمال، مرجع سابق

[61]Donald E.Abelson, Think Tanks in North America, Think Tanks and Civil Societies in a Time of Change, in James G.McGann and Weaver, R. Kent ,eds, Op.Cit, P. 38.

[62]مقابلة مع المهندس حسن الرشيدي، مرجع سابق.

[63]مقابلة مع الكاتب الصحفي معتمر أمين، مرجع سابق

[64]مكالمة تليفونية مع د عمارشريعان، مرجع سابق

[65] السيد يسن، “الاستراتيجية العلمية بين الرغبة والقدرة‏!(5)‏”، الاهرام، (ديسمبر 19، 203)

[66]مقابلة مع اللواء الشربيني، مرجع سابق

[67]مقابلة مع الكاتب الصحفي معتمر أمين، مرجع سابق

[68]مقابلة مع السفير سيد شلبي، مرجع سابق

[69]مقابلة مع أ. محمد عباس ناجي، رئيس تحرير مجلة مختارات ايرانية، مركز الاهرام للدراسات السياسية والاستراتيجة، القاهرة، (ديسمبر 2015)

[70] في اجتماع مع د احمد نظيف رئيس الوزراء الاسبق بمقر المركز في أغسطس 2009 أفاد أن الحكومة تولي اهتمام كبير بعمل المركز وستقدم له الدعم المالي المطلوب بدون سقف محدد. المصدر: محضر الاجتماع مع دولة رئيس الوزراء أحمد نظيف، بمقر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمحلس الوزراء،وثيقة غير منشورة،  (القاهرة، أغسطس 12، 2009)

 قد عملت الباحثة في المركز لفترة طويلة.[71]

[72]Stephen Boucher,“Europe and its Think Tanks” a Promise to be Fulfilled”, Op.Cit.

[73]مقابلة مع الباحث والاعلامي محمد الششتاوي، رئيس قسم الابحاث بمركز ماعت للسلام،(القاهرة، أغسطس 2015.)

[74]مقابلة مع السفير سيد شلبي، مرجع سابق.

[75]

Idem

[76] Allen S. Hepner, “Next Generation Think Tank Techniques Can Bolster Issues Management Results”, Impact, (October 2004.), http://www.newmillenniumresearch.org/Impact_1004.pdf, (accessed February 11, 2012)

[77]مؤتمر صحفي بعنوان المسئولية الاجتماعية للشركات الامريكية العاملة بمصر في عهد الرئيس باراك أوباما، )القاهرة، 12 نوفمبر 2014(.

[78]لمزيد من التفاصيل انظر:

United Nation Development Program (UNDP), Report 1: Caribbean Regional Conference Corporate Social Responsibility Creating Value Through Private Public Sector Partnership, Trinidad& Tobago, Tuesday 27 Oct. 2009, http://www.undp.org.tt/csr/UNDP%20CSR%20Regional%20Conference%20report%20final%20complete%202009.pdf,  (accessed February 30, 2013)

[79] فهو يعمل الان من المانيا. المصدر: مكالمة هاتفية مع د. عمار شريعان، مرجع سابق

[80]مقابلة مع أحد القيادات العسكرية، مرجع سابق

[81]Stephen Boucher,“Europe and its Think Tanks” a Promise to be Fulfilled”, Op.Cit..

[82]مكالمة هاتفية مع د. عمارشريعان، مرجع سابق

[83]مقابلة مع د. محمد كمال، مرجع سابق.

[84]

هاني الناظر، مراكزالأبحاث المصرية بين الواقع والمأمول، مرجع سابق.

[85]William M.K Trochim,” Where Do Research Topics Come From”, Research Method Knowledge Base, http://www.socialresearchmethods.net/kb/probform.php,2006, (accessed April 15, 2013)

مقابلة مع أ.د. تيسير عبد الله رئيس الاكاديمية الفلسطينية للعلوم الامنيةبرام الله، عبر شبكة المعلومات الدولية ، بتاريخ (مارس 20، 2013)، ومقابلة مع أ. محمود محي الدين حسن عوض خبير بالشئون الأمنية، ( القاهرة، أكتوبر3، 2013).

[86]مقابلة مع المهندس حسن الرشيدي، مرجع سابق.

[87] السيد يسن، حوار تفاعلي حول النهضة العلمية، مرجع سابق

[88]Roy Stewart, On the Definition of Think Tanks: Towards a More Useful Discussion, Op.Cit..

[89]Lucile Desmoulins, French Policy Research Institutes and their Political Impact as another illustration of the French Exception, in James Mc-Gann,  and  Kent R. Weaver, eds, ThinkTanks & Civil Societies Catalysts for Ideas and Action, Op.Cit, p. 147.

[90]مقابلة مع السفير عزمي خليفة، مرجع سابق.

[91]مقابلة مع الكاتب الصحفي معتمر أمين عضو لجنة الخمسين، مرجع سابق.

[92]Lucile Desmoulin, French Policy Research Institutes and their Political Impact as another illustration of the French Exception, in James Mc-Gann, and Kent R. Weaver eds, ThinkTanks & Civil Societies Catalysts for Ideas and Action, Op.Cit, p. 145.

و مقابلة مع م. حسن الرشيدي، مرجع سابق

[93]Lucile Desmoulins, French Policy Research Institutes and their Political Impact as another illustration of the French Exception, in James Mc-Gann and Kent R.Weaver eds, ThinkTanks & Civil Societies Catalysts for Ideas and Action, Op.Cit, p. 144

[94]Stephen Boucher, “Europe and its Think Tanks” a Promise to be Fulfilled”, Op.Cit.

[95]Roy Stewart ,On the Definition of Think Tanks: Towards a More Useful Discussion, Op.Cit.

[96]صدى البلد، (يونيه 11، 2015)

[97]Stephen Boucher, “Europe and its Think Tanks” a Promise to be Fulfilled”, Op.Cit..

[98]Ben Rogers,“Rethinking the Role of Think Tanks: As Politics Becomes Less Tribal, Ideas Become More Important for the Left Think Tanks May Provide Crucial New Direct“, Op.Cit.

[99]Phone call with Dr. Manual Perez Yurula, (Cairo, Feb 2012)

[100]Roy Stewart ,On the Definition of Think Tanks: Towards a More Useful Discussion, Op.Cit.

[101]Idem

[102] السيد يسن، حوار تفاعلي حول النهضة العلمية، مرجع سابق

[103]CPRN: Research Report, “The Future of Policy Capacity in Canada”, Roundtable Report, Toronto(, December 1, 2008), www.cprn.org, (accessed  January 12, 2013)

[104] السيد يسن، الاستراتيجية العلمية بين الرغبة والقدرة‏!، مرجع سابق

[105]McGann, James G., The Global Go To Think Tanks: the Leading Public Policy Research Organizations in the World, Think Tanks & Civil Societies Programs, Philadelphia, Foreign Policy Research Institute, 2014,.http://www.fpri.org/research/thinktanks/mcgann.globalgotothinktanks.pdf, )accessed August 12, 2015

[106]Stephen Boucher,“Europe and its Think Tanks” a Promise to be Fulfilled”, Op.Cit.

[107]Idem

[108]مقابلةمع د. قدري سعيد، مرجع سابق.

[109]Interview with Prof Matlotleng Patrick, Chief Executive Officer; Africa Institute of South Africa, (Cairo, Sept. 2009)

[110]10th Africa Young Graduates and Scholars (AYGS) conference 2016, http://www.ai.org.za/, (Dec. 2015).

[111] د. إيمان رجب، “مراكز الفكر فاعل صاعد مؤثر في عملية صنع السياسات في الشرق الاوسط”، مجلة اتجاهات الاحداث، مرجع سابق، ص 15

[112]مقابلة مع م. حسن الرشيدي، مرجع سابق

[113]

United Nations Conferences on Trade & Development, Launch of Global Network for Development Think Tanks and Development and Globalization: Facts and Figures, http://www.unctadxii.org/en/Programme/Other-Events/Parallel-and-Side-Events/Launch-of-Global-Network-for-Development-Think-Tanks-and-Development-and-Globalization-Facts-and-Figures, accessed on 03/10/2012 &Network of East Asia Think Tanks, http://www.neat.org.cn/english/zjdyen/index.php?topic_id=001001, )accessed  October 30, 2012)

[114] هى الشبكة الرئيسية للابحاث الخاصة بدراسات الامن والساسة في المتوسط، تأسست عام 1996، تضم في عضويتها 102 مؤسسة و32 دولة. لمزيد من التفاصيل انظر:

Euro-Mediterranean Study Commission,

http://www.euromesco.net/index.php?option=com_content&view=article&id=14&Itemid=35&lang=enو, (accessed December 5, 2015)

[115]مقابلةمع السفير حسين الكامل، مستشار مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار سابقا، القاهرة، 2014

[116]Werner Eichhorst & Ole Wintermann,”Generating Legitimacy for Labor Market and Welfare State Reforms: The Role of Policy Advice in Germany, the Netherlands, and Sweden”, Discussion Paper, No. 1845, ( November 2005), http://www.thinktankdirectory.org/downloads/051101-iza-legitimacy.pdf , (accessed  May 17, 2013).

[117]Stephen Boucher, “Europe and its Think Tanks” a Promise to be Fulfilled”, Op.Cit..

[118]Lucile Desmoulins, French Policy Research Institutes and their Political Impact as another illustration of the French Exception, in James Mc-Gann, and  Kent R.Weaver , eds, ThinkTanks & Civil Societies Catalysts for Ideas and Action, Op.Cit, p. 153

[119]Evert A.Lindquist, Discerning Policy Influence: Framework for Strategic Evaluation of IDRC Supported Research, School of Public Administration: University of Victoria, (September 2001.),http://betterevaluation.org/sites/default/files/discerning_policy.pdf, (accessed August 11, 2012)

[120]لمزيد من التفاصيل انظر: هبة جمال الدين، دور مراكز الفكر في صنع السياسة العامة: دراسة حالة إسرائيل،) بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2015(.

[121]لمزيد من التفاصيل انظر: هبة جمال الدين، “الاستراتيجية الاسرائيلية من اجل البقاء: مجابهة ظاهرة معاداة السامية الجديدة“، مجلة البحوث والدراسات العربية، اكتوبر 2015.

[122]Donald E. Abelson, Is Anybody Listening? Assessing the Influence of Think Tanks” in Adolfo Garce’, & Gerardo U”na,“Think Tanks and Public Policies in Latin America, Op.Cit

[123]Israeli Institute for Democracy, Op.Cit

[124]مقابلة مع د. قدري سعيد، مرجع سابق.

[125]James Mc-Gann, 2010Global Go To Think Tanks Call for Nominations,  Op.Cit, p 4, p. 5

[126]مقابلة مع م. حسن الرشيدي، مرجع سابق

[127]التصعيد كان يتم في عهد مبارك من داخل مركز المعلومات فقط والباقي من داخل الحزب الوطني بصفتهم الحزبية وليس نتيجة لانتمائهم البحثي لمراكز الابحاث، وبالنسبة وقت حكم الإخوان كان الامر يتم أيضا وفق الانتماء الحزبي لجماعة الاخوان المسلمين (حزب الحرية والعدالة)، والان الامر متعلق أيضا بدوائر الثقة.

Morgan Lahrant, & Stephen Boucher, Think Tanks in Europe and US: Converging or Diverging with Dr. James McGann, FPR and Stephen Boucher”,Notre Europe Studies,Paris(, Dec. 13., 2004) http://www.notre-europe.eu/fileadmin/IMG/pdf/Semi22-en.pdf, (accessed  April,1st.2014).

[128]Kent R Weaver & James G.McGann, Think Tanks and Civil Societies in the Time of Change in James Mc-Gann, & Kent R.Weaver (eds), Think Tanks & Civil Societies Catalysts for Ideas and Action, Op.Cit, p.5: p.6.

[129]Idem.

[130]Idem

[131] السيد يسن، محاضرة علمية في جامعة زويل‏، مرجع سابق.

4/5 - (1 صوت واحد)

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى