العمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط لضمان الوفرة النفطية
تؤدي تقلبات أسعار النفط والابتكارات التقنية، بالإضافة إلى زيادة الحساسية لخيارات السياسات البيئية، إلى تغيير وجه النقاشات الدائرة حول وقود المستقبل، ليس في الولايات المتحدة فحسب بل في العالم أجمع. وأبرز عامل جديد في هذه المعادلة بالنسبة للولايات المتحدة هو ارتفاع معدل إنتاج النفط نتيجة التحسينات التي أُدخلت على تكنولوجيا التصديع المائي.
كما طرأت تحسينات كبيرة في مجال كفاءة الطاقة. وتنتج الولايات المتحدة نسبة أكبر من نفطها الخاص وتستهلك نسبةً أقل نسبياً، فيما بدأ العالم يفكر في المستقبل ما بعد النفط. لكن من المرجح أن تبقى هيمنة النفط قائمة على الأقل على مدى السنوات العشر إلى العشرين المقبلة، وسوف يكون الشرق الأوسط مصدراً رئيسياً لنفط العالم.
وحيث يصعب التنبؤ بمسار تطور أسواق النفط في ظل هذه الظروف، ينظر هذا التقرير في مجموعة نتائج محتملة على مستوى الطاقة يكون لكل منها تأثير مباشر على سياسات الولايات المتحدة في الشرق الأوسط في ظل أي إدارة أمريكية. ويكمن الهدف من هذه الدراسة في توفير المعطيات اللازمة لمثل هذا النقاش الجيوسياسي.
إنّ الدور المستمر الذي يلعبه النفط في الاقتصاد العالمي ليس هو إلا أحد الأسباب التي تمنع الولايات المتحدة من الابتعاد عن الشرق الأوسط كما قد يتمنى البعض. فالمنطقة تضم أصدقاء وحلفاء قدامى يتطلعون إلى الدعم الذي تقدمه الولايات المتحدة – على المستوى الدبلوماسي والعسكري والاقتصادي. كما أن المنطقة هي مصدر عدم الاستقرار الذي لم ينفك يترك تأثيراته على الولايات المتحدة مراراً وتكراراً كاعتداء الحادي عشر من أيلول/سبتمبر، وهذا عامل مهمٌّ بقدر أي عامل آخر يستدعي الوجود الأمريكي في المنطقة. فالشرق الأوسط هو موطنٌ لخصومٍ قد يسببون العار للولايات المتحدة بل حتى تدميرها أيضاً.
وبينما تدرس الولايات المتحدة كيفية استغلال الفرص الجديدة والتحكم بالمخاطر الناشئة في الشرق الأوسط المتغيّر، يظهر خطرٌ جسيم وهو أن عدم الإكتراث المتصوَّر للولايات المتحدة تجاه الأحداث والتوجهات والتطورات الإقليمية يؤثر سلباً على المصالح الأمريكية وعلى استقرار وأمن أصدقائها وحلفائها.
بيد أن هذا التغير الجذري في طبيعة أسواق النفط يمنح واشنطن مساحة جديدة للمناورة بحرية. فانخفاض الطلب الأمريكي على استيراد النفط يعني أنه بوسع الولايات المتحدة التغاضي عن احتمال مواجهتها لـ “سلاح النفط” الذي استخدمته الدول العربية لإحراجها في عام 1973.
وفي الواقع هناك هدف رئيسي للعمليات العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط وهو ضمان بقاء ممرات الشحن مفتوحة، وهذا دورٌ يمكن تقاسمه مع الدول الآسيوية بمرور الوقت.
وإذا زادت ثقة الولايات االمتحدة بإمداداتها من الطاقة، فبإمكانها فرض العقوبات وغيرها من التدابير بصرامةٍ أكبر على دول الشرق الأوسط التي تملك أسلحة الدمار الشامل بحسب “پاتريك كلاوسون” هو زميل أقدم في زمالة “مورنينغستار” ومدير الأبحاث في معهد واشنطن و “سايمون هندرسون” هو زميل “بيكر” ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد، ومتخصص في شؤون الطاقة والدول العربية المحافظة في الخليج العربي.
ويضيفان “أما انخفاض أسعار النفط وبالتالي تراجع العائدات فقد يحدّان من قدرة الأطراف الفاعلة في الشرق الأوسط – من كلا القطاعين العام والخاص – على رشوة المجموعات المثيرة للمشاكل، الأمر الذي قد يسهّل رفع درجة التعاون الإقليمي الفعال مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب”.
وبالتالي فإنّ إدراك تراجع الولايات المتحدة في اعتمادها على نفط الشرق الأوسط قد يحد ممّا يمكن القول بأنه أبرز عائق أمام اتباع الولايات المتحدة سياسة الضغط مقابل إحداث التغيرات السياسية في الدول غير الديمقراطية في الشرق الأوسط.
وأخيراً، يعني الاستقلال المتنامي للولايات المتحدة في مجال الطاقة أن بوسعها أن تكون أقل قلقاً حول الشرق الأوسط وحول تحويل المزيد من الاهتمام نحو أماكن أخرى من العالم، من بينها ما يسمّى بالمحور نحو أسيا [توجه واشنطن نحو آسيا].
وباختصار، فإنّ تزايد إنتاج الطاقة من قبل الولايات المتحدة يضاعف نفوذ واشنطن بقوة ويفتح أمامها المجال لتعزيز المصالح الأمريكية بحزمٍ أكبر على مختلف الجبهات بحسب الباحثان.
“لكن انخفاض واردات الطاقة قد لا يخلو من الجوانب السلبية، شأنه شأن أي تطور إيجابي آخر. فإذا قلّ اعتماد الولايات المتحدة على النفط والغاز المستوردين، سيكون من الصعب للغاية تفسير سبب انخراط واشنطن بفاعلية في الشرق الأوسط، للشعب الأمريكي. إن تقليل الاعتماد الأمريكي على نفط الشرق الأوسط قد يخلق الانطباع بأن الولايات المتحدة تتراجع عن موقفها الفعال في الشرق الأوسط، الأمر الذي يقوّض من نفوذها على الدول الصديقة.
وإذا شعرت الجهات العدوانية في المنطقة أن التزام واشنطن بأمن الشرق الأوسط يتضاءل، قد تقرر تكثيف أنشطتها المزعزعة للاستقرار. كما أنه من شأن ارتفاع إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة أن يقلل فرص توسيع الإنتاج أمام الجهات المنتجة في الشرق الأوسط، وهذا مسارٌ قد يقوّض ثبات الازدهار القائم على النفط ويحفز عدم الاستقرار على المستوى المحلي”.
من هنا، التماساً لأكبر الفرص وأدنى السيئات، يجب على واشنطن أن تعمل بنشاط على ضبط التوقعات من السياسة الأمريكية في الشرق الأوسط، وذلك في الولايات المتحدة والمنطقة والعالم أجمع. ولا بد أن يسمع الأمريكيون بوتيرة أعلى ووضوح أكبر الأسباب غير المرتبطة بالطاقة التي تقف وراء الدور النشط الذي تلعبه الولايات المتحدة في المنطقة.
وفي المقابل يجدر بالمسؤولين الأمريكيين من أعلى المستويات إلى أدناه تذكير أبناء الشرق الأوسط بشكل متكرر بمدى قوة الالتزام الأمريكي بالمنطقة – ومدى كثافة الأصول العسكرية الأمريكية المنتشرة فيها، وكم من الوقت والجهود التي يكرسها كبار المسؤولين الأمريكيين في المنطقة، ومدى أهمية المنطقة للمخاوف الأمريكية.
وبالإجمال، يحتاج العالم إلى تفسيرات واضحة ومتكررة بأن الولايات المتحدة لا تزال مستعدة وقادرة على لعب دور نشط في العديد من المناطق في الوقت نفسه. على واشنطن أن تفكر في وقع كلماتها على أصدقاء الولايات المتحدة الذين يسندون أمنهم الوطني على مصداقية الالتزامات الأمريكية.
و”في 1 آب/أغسطس، خاطب پاتريك كلاوسون وسايمون هندرسون وحليمة كروفت منتدى سياسي في معهد واشنطن بهدف تعزيز البحث الذي نُشر مؤخراً بعنوان “سياسة الطاقة: أمريكا والشرق الأوسط في عصر الوفرة النفطية”، من تأليف پاتريك كلاوسون وسايمون هندرسون. وكلاوسون هو زميل أقدم في زمالة “مورنينغستار” ومدير الأبحاث في معهد واشنطن. وهندرسون هو زميل “بيكر” ومدير برنامج الخليج وسياسة الطاقة في المعهد، وقد نسق حلقة المنتدى. وكروفت هي الرئيس العالمي لاستراتيجية السلع الأساسية في شركة “آر. بي. سي. لأسواق رأس المال”. وفيما يلي ملخص المقرر لملاحظات كروفت وكلاوسون”.
وأعدت هذا الموجز “إيميلي برلينغهاوز “:
- يقول پاتريك كلاوسون:
انبثق مشروع “سياسة الطاقة” من المفاجأة التي أصابت صانعي السياسات جرّاء الاتجاهات الأخيرة التي شهدتها أسواق الطاقة والمخاوف من احتمال تراجع دور الولايات المتحدة في الشرق الأوسط نظراً لارتفاع إنتاج نفطها المحلي.
وبالفعل، فإن الارتفاع في الإنتاج المحلي وما يرافقه من شعور متواصل بأن حرب العراق عام 2003 كانت مدفوعة إلى حد بعيد بالحاجة إلى نفط الشرق الأوسط، قد أدى بالبعض إلى الاستنتاج أن الولايات المتحدة ستشيح بنظرها السياسي والعسكري عن المنطقة، لا بل يجدر بها ذلك.
ومع هذا، فإن الافتراضات القائلة أن اهتمام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط قائمٌ على النفط، تفتقر إلى المعلومات الصحيحة. وبالأحرى، إن السبب الرئيسي لانخراط الولايات المتحدة في الشرق الأوسط هو مكافحة انعدام الأمن الذي تسببه أطرافٌ ذات عقائد عنيفة، لا سيما وأن لهذه الأيديولوجيات تداعيات خطيرة ليس على الشرق الأوسط فحسب بل على المصالح الأمريكية داخل الولايات المتحدة وخارجها.
وفي الوقت نفسه، ثمة عدة مزايا – ومساوئ أيضاً – لتنامي اعتماد الولايات المتحدة على إنتاجها المحلي من النفط. ومن بين هذه المزايا، ستكون الولايات المتحدة أقل عرضةً للتضرر من ارتفاع الأسعار والمقاطعة كتلك التي واجهتها عام 1973 حين رفضت الدول المنتجة بيع النفط للولايات المتحدة. بالإضافة إلى ذلك، إنّ زيادة مستوى الاعتماد الذاتي يعزز قدرة واشنطن على الضغط على المنتجين في الشرق الأوسط في القضايا المتعلقة بالإرهاب وأسلحة الدمار الشامل.
فعندما كان وضع أسواق الطاقة متأزماً تضاءل نفوذ الولايات المتحدة في هذه الأمور.
ولكن مع زيادة اعتماد الولايات المتحدة على إنتاجها النفطي الخاص، قد تُثار الشكوك لدى دول الشرق الأوسط بأن أمريكا لن تلعب بعد الآن دور الحامي من الاعتداءات الإقليمية. وإذا بدأت الدول بالقلق من تخلي واشنطن عن دورها كلاعبٍ رئيسي في أمن المنطقة، فقد تستخدم وسائل أو تكتيكات لا توافق عليها الولايات المتحدة لضمان أمنها.
فضلاً عن ذلك، فبينما تقلل أمريكا اعتمادها على نفط الشرق الأوسط، فقد تواجه الإدارات الأمريكية المستقبلية صعوبات أكبر في حشد الدعم المحلي اللازم للتدخل في الشرق الأوسط. وعموماً، قد يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تفاقم عدم الاستقرار في المنطقة ما لم تسعَ الدول المنتجة للنفط إلى إجراء إصلاحات.
من هذا المنطلق، وسعياً إلى زيادة الفرص وتقليص المساوئ إلى أدنى حد، على الشعب الأمريكي أن يعرف أن الولايات المتحدة تنخرط في الشرق الأوسط لأسباب تتعلق بالأمن وليس بالنفط. بالإضافة إلى ذلك، على الأمريكيين أن يسمعوا مدى التزام الولايات المتحدة بالشرق الأوسط. وأخيراً، يتعين على المسؤولين الأمريكيين طمأنة المجتمع الدولي بأن انخراط الولايات المتحدة في مناطق أخرى، مثل شرق آسيا وأوروبا، لا يأتي على حساب المصالح السياسية تجاه الشرق الأوسط.
وفي الوقت نفسه، بوسع القوى العالمية أن تعمل مع الولايات المتحدة على معالجة بعض المشاكل الناجمة عن تراجع أسعار النفط. وأحد الأمثلة عن هذا التعاون هو الاتفاق الدولي بين الدول الصناعية المتقدمة للحفاظ على احتياطيات النفط الاستراتيجية. وفي حين أن ميثاق «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» الذي يخضع له الاتفاق لا يسمح حالياً إلا بمشاركة الدول الأعضاء في “منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية”، ثمة اقتراح بتوسيع نطاقه ليشمل الهند والصين.
وحيث أن الصين سبق وأن بدأت بتطوير احتياطها النفطي الاستراتيجي، من الممكن أن تبدي استعداداً أكبر للانضمام إلى “منتدى الطاقة الدولي” الذي ترأسه المملكة العربية السعودية عوضاً عن «الوكالة الدولية للطاقة الذرية» التي تهيمن عليها الدول الصناعية المتقدمة. هذا بالإضافة إلى الجهود التعاونية التي بذلتها القوى العالمية، ومن ضمنها “المبادرة المشتركة بين المنظمات لنشر البيانات” – التي تسعى إلى رفع درجة الشفافية في إحصاءات الإنتاج والاستهلاك والاحتياطي – إلى جانب حماية خطوط الاتصالات البحرية.
إن بحث “سياسة الطاقة” يضع احتمالين لمستقبل الإنتاج النفطي في أمريكا، أحدهما يتمثل باستمرار الولايات المتحدة باستيراد ثلث احتياجاتها من النفط، بينما يتوقع الآخر أن تصبح الولايات المتحدة مصدّراً صافياً للنفط بمعدل عدة ملايين برميل في اليوم. وفي السياق نفسه، يشكّل الإنتاج والطلب متغيّرَين مجهولين في الدول الصناعية والدول الحديثة العهد بالتصنيع.
وبالنسبة للعديد من المؤسسات الحكومية والدولية والخاصة، كان إنتاج النفط خلال السنوات العشرين الماضية، وبصورة متكررة، خارج نطاق التنبؤات حول ما كان متوقع على مدى الخمس إلى العشر سنوات. وعلى الرغم من أن الافتراض السائد هو أن انخفاض أسعار النفط يؤدي إلى تراجع الاستثمار وزيادة الطلب بحيث ترتفع الأسعار، وأن ارتفاع أسعار النفط يؤدي إلى زيادة الاستثمار وتراجع الطلب بما يؤدي إلى انخفاض الأسعار، إلا أن عدداً من التوقعات تشير إلى أن التغيرات التي تطرأ على قطاع النفط تعزى إلى التقدم التكنولوجي بقدر ما تعزى إلى الأسعار.
وتقول حليمة كروفت:
مع ازدياد ثقة الحكومة الأمريكية بحصول أسواق النفط العالمية على الإمدادات اللازمة، تستطيع واشنطن أن تبدي حزماً أكبر في أجندتها مع الدول المنتجة للنفط. لنأخذ نيجيريا على سبيل المثال. في عام 2003 تقريباً، أظهرت الحكومة الأمريكية اهتماماً شديداً بمصادر النفط خارج الشرق الأوسط وتحديداً من خليج غينيا.
وفي نيجيريا على وجه الخصوص، كانت الانتقادات الأمريكية على الانتخابات التي جرت في تلك البلاد عام 2003 أخف بكثير مما كانت عليه في انتخابات عام 2015، ليس بسبب التعاون الأمني الاستراتيجي فحسب بل بسبب الاهتمام بإنتاج النفط النيجيري أيضاً. وفي حين استوردت الولايات المتحدة عام 2003 نحو 10 في المائة من نفطها من نيجيريا، تكاد اليوم لا تستورد أي نفط من ذلك البلد.
وفي هذا التحول الملحوظ الذي سبق الإشارة إليه، في أعقاب الانتخابات النيجيرية عام 2015، فرضت الولايات المتحدة والقوى الحليفة لها المزيد من الضغوط على الحكومة النيجيرية بحيث هددت بفرض حظر على السفر، وتجميد الأصول، وغيرها من التدابير، وذلك ردّاً على التزوير [في الانتخابات].
وقارنت النقاشات السابقة داخل مجتمع السياسات، بين مزايا إدارة العلاقات مع الدول المنتجة للنفط من جهة، والضغط على حكوماتها لإجراء إصلاحات من جهة أخرى. وفي ضوء نمو الإنتاج المحلي في الآونة الأخيرة، قد يصبح بالإمكان استبدال هذه النقاشات بمساعٍ أكبر للدفع بعجلة الإصلاح.
لقد كان للهبوط الأخير في أسعار النفط عواقبه على الدول المنتجة للنفط وعلى عملية صنع القرار في “منظمة الدول المصدرة للنفط” (“أوبك”) ككل. فالعديد من الدول التي زادت إنفاقها في أعقاب “الربيع العربي” تغرق اليوم تحت ديون كبيرة، وحتى الدول الغنية المنتجة للنفط في الخليج وجدت نفسها مرغمة على التعامل مع انخفاض الأسعار من خلال تجديد إصدارات الديون. وعلى الرغم من أن دول الخليج تملك صناديق ثروات سيادية وشبكات أمان كبيرة تخوّلها التعامل مع انخفاض الأسعار، إلا أنها قد تضطر إلى النظر في آفاق إعادة التمويل، والقيام بإصلاحات هيكلية، وإجراء تخفيضات في استثمارات صناديق الثروة السيادية في مجالات معينة كالعقارات وأسواق الأسهم الأوروبية.
ومن غير الواضح إلى متى سيبقى العالم ينعم بإمداد كافي من النفط. فالخيارات المتوفرة قليلةٌ أمام الدول الأفقر المنتجة للنفط، على غرار العراق الذي يكافح تنظيم «الدولة الإسلامية»، وأسعار النفط المنخفضة والمشاكل السياسية في بغداد، باستثناء خيار الاقتراض من “صندوق النقد الدولي” لدفع الرواتب والأجور. وبالرغم من الثورة التي شهدتها أمريكا الشمالية في قطاع الطاقة ومخزونها الحالي الكبير، يعجز المنتجون فيها عن توفير كافة البراميل اللازمة في غياب أي نمو لدى المنتجين الآخرين.
وقد كافحت بعض الدول كالعراق وفنزويلا ونيجيريا من أجل تمويل عملية تطوير بنيتها التحتية الخاصة بالطاقة وشهدت انخفاضات كبيرة في التزوير خلال السنوات الماضية.
ومن المرجح أنّ انخفاض أسعار النفط وزيادة الاهتمام العالمي بمصادر الطاقة المتجددة قد تسبّبا باشتداد مخاوف الدوائر المعنية بالتخطيط الطويل المدى لدى شركات النفط الوطنية في الشرق الأوسط. وفي الوقت الراهن، إن أبرز عامل وراء إبقاء أسعار النفط عند مستويات منخفضة هو المخزون العالمي الهائل الذي يسجل أعلى مستوياته منذ خمس سنوات.
و من المتوقع أن تنخفض هذه المخزونات خلال العام المقبل؛ وحتى لو ارتفع إنتاج النفط في الولايات المتحدة قد يكون من الصعب الحفاظ على عدم وصول الأسعار إلى 70-75 دولاراً للبرميل خلال العامين إلى الأربعة أعوام القادمة إذا لم ينمُ الإنتاج خارج أمريكا الشمالية.
ومع ذلك، تشير التوقعات على المدى القصير إلى أن أسواق النفط تتمتع بكمية كافية ووافية من النفط. ففي الاجتماع الذي عقدته منظمة “أوبك” في حزيران/يونيو 2015، بدا أن الانتعاش الناشئ عن الطلب – الذي سجّل أعلى مستوياته منذ خمس سنوات – يؤدي إلى تحسن ملحوظ في أسعار النفط. وعلى الرغم من هذا التفاؤل حول الأسعار، حالت التباينات بين دول «مجلس التعاون الخليجي» ودول “أوبك” الأكثر فقراً، دون التوصل إلى قرار بشأن سقف سعري جماعي. وعلى النحو ذاته، جاء اجتماع حزيران/يونيو 2016 انعكاساً لاجتماع العام السابق.
وعلى الرغم من أن العديد من الدول المنتجة الكبيرة أجمعت على الحاجة إلى رفع أسعار النفط لتحفيز الاستثمار، لا تزال التفاوتات هائلةً بين دول «مجلس التعاون الخليجي» وتلك التي يُطلق عليها “الدول الخمسة الهشة” أي ليبيا والعراق ونيجيريا وفنزويلا والجزائر.