منظمة التجارة العالمية ومساعي إنضمام دولة فلسطين إليها “الإتفاقيات والإلتزامات والحقوق والإجراءات”
اعداد : د. محمد كمال أبو عمشة – المركز الديمقراطي العربي
أستاذ مساعد جامعة فلسطين التقنية (خضوري) – قسم العلوم المالية والمصرفية المحوسب
مقدمة:
أصبح توجه فلسطين بصفة دولة للانضمام إلى الأمم المتحدة ووكالاتها التخصصية وبشكل خاص المنظمات الدولية الاقتصادية وتوقيع ما يترتب على ذلك من اتفاقيات ومعاهدات دولية، أمراً حيوياً وملحاً لتثبيت كيانيتها السياسية والاقتصادية المستقلة وللاستفادة القصوى من موارد تلك المنظمات وكفاءاتها في بناء أسس الدولة وتدعيم قدراتها. ولا يخفى ما لانضمام فلسطين إلى المنظمات والاتفاقيات الاقتصادية الدولية من أثر في إرتقاء منظمومة علاقاتها الدولية وبشكل خاص الاقتصادية مع باقي دول العالم وتكتلاته الاقليمية.
من حيث المبدأ فإن انضمام فلسطين مطلوب ربما أكثر من غيرها من الدول إلى معظم إن لم يكن جميع المنظمات والاتفاقيات الدولية وخصوصا الاقتصادية منها، لما لذلك من أهمية سياسية ومن اثر اقتصادي إيجابي، تجسيداً لقيام دولة فلسطين على أرض الواقع، لكن الانضمام إلى كل منظمة له خصوصياته وشروطه وتبعاته، مما يجعل الأولويات في عملية الإنضمام إلى المنظمات الدولية متفاوته.
وأعربت دولة فلسطين مؤخراً عن رغبتها في الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وتحقيق مزيد من الاندماج بالنظام التجاري العالمي، والاستفادة من المزايا والتفضيلات والتسهيلات (البنك الدولية، نيسان- 2011) التي تحصل عليها الدول من تحرير التجارة العالمية. وتأتي هذه الخطوة في إطار الجهود التي تقوم بها دولة فلسطين لبناء مؤسسات الدولة القادة على الإستمرار، وتحقيق التنمية المستدامة، وتقليل الاعتماد على الدول المانحة، وكسب مزيد من اعتراف المجمع الدولي بالدولة الفلسطينية، إضافة إلى تنامي الاحتياجات الفلسطينية من السلع والخدمات ومتطلبات التنمية من الأسواق الدولية. مع ضرورة مراعاة الجوانب السلبية المترتبة على الانضمام (العيسوي، 2001) والمتثمل في حرمان البضائع المصنوعة محلياً من المنافسة في السوق المحلي والأسواق الأجنبية، والذي يؤدي على تقليص حجم الناتج المحلي الإجمالي وزيادة عجز الميزان التجاري.
بناءاً على ما سبق فإن قرار الإقدام على طلب الإنضمام للمنظمة يحقق الجوانب الإيجابية، فيمكن لصناع القرار في دولة فلسطين بالبدء بالتفاوض مع منظمة التجارة العالمية للإنضمام لها بعد أن تكون السلطات الاقتصادية في دولة فلسطين على قناعة بأن النتائج الإيجابية للإنضمام تفوق النتائج السلبية سواء في مرحلة عملية الانضمام أو في المستقبل غير البعيد أو مرحلة الإنضمام التدريجي. فمن ناحية فان المجتمع الدولي يقيم وزناً كبيراً للاعتراف الضمني بإنضمام الدول لمنظمة التجارة العالمية ما يمنحها هيبة وسمعة حسنة، فتقدم على الانضمام رغم ترجيح كفة الخسائر المتوقعة على كفة المنافع من واقع تجارب دول كثيرة، وهناك اعتقاد خاطىء بأن انضمام فلسطين للمنظمة يشكل حلاً ناجحاً لاقتصاد مأزوم يعاني تشوهات واختلالات كبيرة. فمن الضروري لدولة فلسطين العمل على التخلص من التشوهات والاختلالات التي يعاني منها الاقتصاد الفلسطيني قبل الاقدام على طلب الانضمام إلى المنظمة. ومن اهمها تقليل العجز في موازنة الحكومة، وتقليص عجز الميزان التجاري من خلال رفع مستوى الإنتاج وبزيادة الصادرات تكون دولة فلسطين قد أنتهت من المرحلة الأولى حيث تكون قد انتهت من تصنيع السلع الاستهلاكية غير المعمرة، وعلى أعتاب الدخول بالمرحلة الثانية وما تقتضيه من تخفيض لجدول التعرفة الجمركية، بحيث يقدم على البدء في عملية تحرير التجارة كاستجابة لمصلحته الاقتصادية، في المقام الأول، وكاستجابة لمتطلبات عضوية المنظمة في المقام الثاني. إضافة الى أن عضوية المنظمة تسهل جهود المرحلة الثانية في تنشيط الصادرات. وهذه هي الطريق التي انتهجتها معظم الدول الصناعية المتقدمة، بما فيها إسرائيل، كما حرصت العديد من دول الجنوب على متابعة مثل هذا النهج قبل ومنذ دخولها واندماجها في المنظومة التجارية متعددة الأطراف.
بالنسبة للوضع الفلسطيني، فإن موضوع الانضمام لمنظمة التجارة العالمية، محكوم بالعوامل الثلاث التالية:
- وزن الأثر الايجابي الثاني كبير نسبياً، وذلك لان قبول فلسطين في المنظمة يتضمن اعترافاً دولياً بكيان اقتصادي فلسطيني مستقل عن اسرائيل، ومن الطبيعي أن يكون لهذا الإعتراف تأثيرا إيجابي باتجاه تأسيس الدولة المستقلة.
- عانى وما زال يعاني الاقتصاد الفلسطيني، منذ الاحتلال الإسرائيلي للضفة الغربية وقطاع غزة منذ العام 1967، من فجوة في موارده تنعكس في: نسبة البطالة تتجاوز الربع في الضفة وتتجاوز ذلك في غزة خاصة بين الشباب، إضافة إلى العجز الدائم في الميزان التجاري تجاوز حجمه في السنوات الأخيرة نصف الناتج المحلي الإجمالي، وعجز في موازنة السلطة يجاوز حجمه أكثر من 10% من الناتج المحلي الإجمالي.
- تبعية الإقتصاد الفلسطيني لإسرائيل، فما يزيد عن 75% من التجارة الخارجية الفلسطينية تتم من خلال الاقتصاد الاسرائيلي او من خلال موانئها ومطاراتها أو المعابر التي تسيطر عليها.
مما سبق يمكننا طرح السؤال التالي كيف يمكن لصناع القرار الفلسطيني التوفيق بين مصالح التنمية الاقتصادية الفلسطينية والأمن القومي من ناحية وبين عضوية فلسطين في منظمة التجارة العالمية قبل انجاز مرحلة الانضمام من خلال برنامج تطوير الاقتصاد الفلسطيني (التحول الهيكلي للاقتصاد الفلسطيني).
منظمة التجارة العالمية:
النشأة:
منظمة التجارة العالمية هي نتاج مفاوضات بدأت عام 1947 لتنظيم تجارة السلع والخدمات بين الدول، عقدت خلالها ثماني جولات تفاوضية، كانت آخرها جولة الأورجواي التي بدأت عام 1986 وانتهت عام 1993 بمشاركة 97 دولة. وكان أول إنجازات هذه المفاوضات توقيع الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية (الجات GATT) عام 1947 بمشاركة 23 دولة، والتي وضعت الأطر والقواعد والإجراءات التي تحكم التجارة الدولية.
بعد هذه الجولات التفاوضية، عقد المؤتمر الوزاري للجات اجتماعه الأخير بمدينة مراكش في شهر نيسان من عام 1994، حيث أصدر الوثيقة الختامية، التي اشتملت على 28 اتفاقية قطاعية، بما في ذلك تجارة السلع والخدمات والتجارة المتعلقة بالاستثمار، وحقوق الملكية الفكرية. وتم الاعلان في نهاية هذا الاجتماع عن ميلاد منظمة التجارة العالمية لتحل محل الاتفاقية العامة للتعرفة الجمركية اعتباراً من كانون أول 1995. وهذه الاتفاقات (التي لا تلزم إلا من ينضم إليها) تؤلف نظاماً قانونيا متكاملاً يشمل معظم قطاعات التجارة الدولية، ويتسم بدرجة عالية من التفصيل والوضوح والإحكام في قواعده وإجراءاته، لكن لا تزال هناك بعض المجالات التي بقيت خارج نطاق عمل المنظمة كتلك المتعلقة بتجارة الصلب والنفط والغاز.
وبموجب المادة الثالثة من ميثاق مراكش تسعى منظمة التجارة العالمية إلى تحقيق مجموعة من المهام في المجالات الداخلة باختصاصها كافة وهي:
- الإشراف على تطبيق ومتابعة وتنفيذ الاتفاقيات التجارية المتعددة الأطراف المنبثقة عن جولة الأورجواي.
- تهيئة محفل للمفاوضات التجارية الدورية ووضع آلية فعالة لتنفيذ نتائجها.
- الإشراف على تسوية المنازعلات التجارية والخلافات حول تطبيق الاتفاقيات التجارية، من خلال آلية فعالة لفض المنازعات.
- المراجعة الدورية للسياسات التجارية وفق الأسس المتفق عليها.
- توفير المساعدة الفنية والتدريب للدول النامية الأعضاء.
- التعاون مع المنظمات الدولية المتخصصة لا سيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي بهدف تحقيق قدر من التنسيق في السياسات الاقتصادية العالمية.
وتجدر الإشارة أن إمكانية الانضام إلى منظمة التجارة العالمية متاحة لأية دولة أو إقليم جمركي بناءاً على الشروط المتفق عليها مع أعضاء المنظمة. وغالباً ما تمر عملية الانضمام إلى المنظمة في ثلاثة مراحل رئيسية، هي:
- تقدم الدولة المعنية مذكرة للمنظمة (للجنة مخصصة للنظر في طلبات العضوية الجديدة، تتكون في الغالب من الدول الصناعية الكبرى، إضافة إلى أهم الدول ذات العلاقات التجارية مع الدول الراغبة في اكتساب عضوية المنظمة) تغطي جميع السياسات الاقتصادية والنظم التجارية، بما فيها الخدمات، لتصبح أساساً لفحص مدى انطباق معايير المنظمة عليها.
- الدخول في مفاوضات ثنائية مع حكومات الدول الأعضاء لتأسيس الإلتزمات والتنازلات الخاصة بالسلع والخدمات (قائمة بالسلع والخدمات التي ستشهد تخفيضاً في تعرفاتها الجمركية) لتحديد المنافع التي سيحصل عليها أعضاء المنظمة، والتي على ضوئها سيحدد فريق العمل الشروط الأساسية للانضمام.
- تقديم تقرير ومسودة بروتوكول الانضمام مع الجدول الزمني المتفق عليه نتيجة المفاوضات الثنائية إلى المجلس الوزاري للحصول على أغلبية الثلثين لصالح الإنضمام.
وتعتبر جميع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، ملزمة بقبول حزمة الاتفاقيات التجارية التي تم التوصل إليها والبالغ عددها 20 إتفاقاُ، ومن بينها الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات، كما تكون الدول ملزمة أيضاً بتقديم التزمات محددة بفتح بعض القطاعات الفرعية في الخدمات أمام الموردين الأجانب، وتمارس هذه الدول حقوقها مقابل تلك الألتزمات، كما تشارك في أية مفاوضات حالية أو مستقبلية في مجال التجارة.
وتعتمد المنظمة قاعدة المساواة في التصويت، أي إن لكل دولة صوتاً واحداً، ويتم صياغة قراراتها بالتوافق بهدف التوصل إلى تسويات توفيقية. وفي حال إعتراض إحدى الدول الأعضاء، يتم اللجوء إلى التصويت بالأغلبية البسيطة، إلا في بعض الحالات التي تحتاج إلى تصويت ثلثي الأصوات، كما في حالة قبول دولة عضو، أو ثلاثة أرباع الأصوات، كما في حالة قرارات فض المنازعات.
وقد وصل عدد الدول الأعضاء في منظمة التجارةالعالمية (الموقعين على ميثاق والاتفاقيات التجارية الملحقة بها) 162 دولة، بينهم 90 دولة نامية، تسيطر على ما يربو على 90% من حجم التجارة العالمية. كما وصل عدد الدول العربية المنضمة إلى المنظمة إلى 11 دولة عربية، إضافة إلى 6 دول أخرى في طور الإنضمام، وهي الآن بصفة مراقب.
جدول رقم (1): الدول العربية الأعضاء في منظمة التجارة العالمية وتاريخ انضمامها
الدولة | تاريخ الإنضمام | الدولة | تاريخ الإنضمام |
مملكة البحرين | 1/1/1995 | المملكة المغربية | 1/1/1995 |
الكويت | 1/1/1995 | تونس | 29/3/1995 |
جيبوتي | 31/5/1995 | مصر | 30/7/1995 |
قطر | 13/1/1996 | الإمارات العربية المتحدة | 10/4/1996 |
الأردن | 11/4/2000 | سلطنة عمان | 10/4/2000 |
السعودية | 11/12/2005 |
المصدر: منظمة التجارة العالمية.
منظمة التجارة العالمية منذ العام 1995:
أصبحت منظمة التجارة العالمية هي المؤسسة المسؤولة عن الإشراف على تنفيذ جميع الاتفاقيات متعددة الأطراف في جولة أورغواي، وتلك التي اتفق على التفاوض بشأنها مستقبلاً، وعلى تطبيق الأهداف الأساسية لمنظمة التجارة العالمية، مع توسيع هذه الأهداف لمنح منظمة التجارة العالمية صلاحية تنظيم تجارة الخدمات والإهتمام بحماية البيئة والحفاظ عليها لدفع التنمية الاقتصادية. تعتبر منظمة التجارة العالمية “منظمة دولية متخصصة” (غير تابعة للأمم المتحدة)، تبنت اتفاقيات “الجات” وطورتها وأضافت لها أحكام وبروتوكولات جديدة، وخصوصاً فيما يتعلق بالتجارة في الخدمات وحقوق الملكية الفكرية. ويكون الالتزام بالمنظمة وقواعدها نهائياً ودائما لكل عضو من الأعضاء، حيث أن الالتزام “بالجات” كان غير كامل. إن جميع الأعضاء في المنظمة متساوون في الأصوات، لكن القرارات في المنظمة تتخذ على أساس توافق الآراء، ويعتبر القرار بتوافق الآراء ما لم يعترض عليه بشكل رسمي أي من الأعضاء الحاضرين في جلسة مناقشة القرار.
ويقوم النظام التجاري العالمي متعدد الأطراف اليوم على أربع قواعد أساسية هي:
- اتباع البلدان الأعضاء سياسات تجارية تحريرية مع وجود حماية لإنتاجها الوطني من المنافسة الأجنبية شريطة أن تتوفر مثل هذه الحماية من خلال التعرفة التي يجب إبقاؤها في مستويات منخفضة، ولهذه الغاية يحظر على البلدان الأعضاء استخدام القيود الكمية إلا في حالات محددة.
- تخفيض وإلغاء التعرفة والحواجز الأخرى التي تواجه التجارة من خلال مفاوضات متعددة الأطراف، وقد أدرجت التعرفة المخفضة في التنازلات لكل بلد المرفق بطلب الإنضمام.
- مزاولة البلدان الأعضاء تجارتها دون تمييز وهذه القاعدة تعرف بمبدأ الدولة الأولى بالرعاية (MFN) وتستثنى من هذه القاعدة حالات الافضليات المقررة في ترتيبات إقليمية كالاتحاد الجمركي ومناطق التجارة الحرة.
- تطبيق المعاملة الوطنية على السلع المستوردة بعد أن تكون قد دخلت أسواقها المحلية ودفعت الرسوم الجمركية على الحدود. وبالتالي فإن فرض أية ضرائب محلية (مثل ضريبة المبيعات أو ضريبة القيمة المضافة) بنسب أعلى من النسب التي تفرضها على منتجاتها المحلية المماثلة سوف يعرض الدول للمسائلة من قبل هيئة تسوية المنازعات التي أصبحت هيئة متخصصة نافذة تفصل بين الأطراف المتنازعة حول القضايا التجارية.
مبادىء منظمة التجارة العالمية:
أولاً: الدولة الأولى بالرعاية:
بموجب هذا المبدأ تمنح الدولة العضو جميع الصلاحيات التي خصصت لدولة معينة إلى جميع الدول الأعضاء، حيث تلتزم كل دولة عضو تقدم أي ميزة تفضيلية في تعاملها مع دولة أخرى بمنح المعاملة التفضيية نفسها لجمع الدول الأعضاء في المنظمة، تحقيقاً لمبدأ عدم التمييز في المعاملات التجارية الثنائية. ويستثنى من ذلك المزايا المتبالة في إطار الاتحادات الجمركية، ومناطق التجارة الحرة، بالإضافة إلى المعاملات التفضيلية الممنوحة من بعض الدول الصناعية لبعض الدول النامية.
ثانياً: الشفافية
ويقصد به وجوب نشر معلومات واضحة ودقيقة عن جميع القوانين، الأنظمة، واللوائح الوطنية ذات الصلة بالقطاعات المندرجة تحت مظلة منظمة التجارة العالمية. وعلى الدولة العضو الإعلان عن جميع القوانين والأنظمة التي تحكم التجارة فيها بصفة عامة، أم بينها وبين الدول الأخرى مع مراعاة عم التمييز في تطبيقها بين الدول الأعضاء في المنظمة وتوضيح الأنظمة الحكومية الخاصة بدواعي المصلحة الوطنية أو الأمن القومي.
ثالثاً: تخفيض العوائق التجارية
على الدول الأعضاء العمل باستمرار على تخفيض عوائق التجارة مثل (الحصص، الرسوم الجمركية ….إلخ) التي تعيق انسياب التدفق الحر للسلع والخدمات بين حدود الدول الأعضاء.
رابعاً: مبدأ المعاملة بالمثل
يحق بموجبه للدولة العضو اتخاذ تدابير وإجراءات ضد أي دولة أخرى مماثلة للإجراءات التي فرضتها ضدها.
خامساً: المعاملة الخاصة للدول النامية
إعطاء مميزات تجارية خاصة ومؤقته مثل (فترة سماح زمنية أطول – وتخفيضات جمركية أقل) للدول النامية، إذ أنها تحتاج إلى حماية الصنناعة الناشئة ذات الحساسية في مواجهة المنافسة الخارجية، على أن تكون الحماية في حدودها الدنيا، وأن تقتصر على فرض الرسوم الجمركية المعقولة. وتشترط قواعد المنظمة تخفيض التعرفة الجمركية عموما، وتحديد سقوفها عند مستويات منخفضة لا يجوز زيادتها في المستقبل، وإزالة الحواجز الأخرى غير الجمركية.
سادساً: المعاملة الوطنية
ويقضي هذا المبدأ في جوهره بعدم التمييز بين المنتجات المحلية من جهة، والمنتجات المماثلة لها من المستورد من حيث الرسوم المحلية، أو الضرائب أو المواصفات القياسية، كما لا تميز الدولة بموجبه في معاملتها للسلع والخدمات الواردة مقارنة بالسلع والخدمات الوطنية.
سابعاً: حماية البيئة
تحترم المنظمة الحاجة لحماية البيئة فيما يخص المعاملات التجارية على المستوى المحلي والدولي.
شروط الإنضمام إلى منظمة التجارة العالمية:
ركزت الجهود الفلسطينية في ملف منظمة التجارة العالمية في المقام الأساسي في محاولة التأهل لطلب صفة العضو المراقب من خلال الترجمة الدقيقة لشروط منح العضوية، رغم الوضع الفلسطيني الخاص الذي لا يظهر، للعديد من المراقبين بأنه يفي بالشروط الخاصة بالانضمام.
لأي “دولة أو إقليم جمركي منفصل يمتلك استقلالا ذاتياً كاملا في إدارة علاقاته التجارية الخارجية” والمسائل الأخرى المنصوص عليها في الاتفاقات التجارية متعددة الأطراف الحق في أن يطلب الانضمام إلى هذه المنظمة، بالشروط التي يتفق عليها بينه وبينها. ويسري هذا الانضمام على جميع الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف، كذلك قرارات الانضمام التي يتخذها المؤتمر الوزاري والذي بدوره يوافق على شرط اتفاق الانضمام بأغلبية أعضاء المنظمة، ويخضع الانضمام إلى تقديم تنازلات للتعرفات الجمركية، حيث يشترط على الدولة الراغبة في الانضمام تقديم جدول للتنازلات يحتوي على تعرفات جمركية تشكل التزامات لا يمكن رفعها من حيث المبدأ إلا في حالات خاصة. كما تقدم الدول التزمات في الخدمات، حيث تقدم الدولة جدولاً بالالتزامات التي ستتبعها في قطاع الخدمات، يشتمل على قائمة بالحواجز والشروط التي تعترض القطاعات والنشاطات المهنية الخدماتية، ووضع جدول زمني لإزالتها. وتتعه الدولة الراغبة في الانضمام إلى المنظمة بالموافقة على تطبيق والالتزام بجميع اتفاقيات المنظمة (ما عدا اتفاقية المناقصات الحكومية واتفاقية الطائرات المدنية التي تعتبر اختيارية).
إن البلدان الأقل نمواً والمعترف لها بهذه الصفة من قبل الأمم المتحدة، لا يطلب منها أن تقدم تعهدات أو تنازلات إلا بالقدر الذي يتفق مع مرحلة تنمية كل منها واحتياجاته المالية والتجارية أو مكانتها الإدارية والمؤسسية. وخلافاً لبقية أعضاء المنظمة التي يتم وضع شروط مرهقة لانضمامها، حيث نلاحظ أن الاتجاه العام يحبذ، من حيث المبدأ، تسهيل مهمة انضمامها لمنظمة التجارة العالمية، فهذه الدول لا يطلب منها التقدم بتعهدات وتنازلات إلا في الحدود التي تتفق مع مرحلة تنمية كل منها واحتياجاتها التنموية والمالية والتجارية، أم مع إمكاناتها الإدارية والمؤسسية، وهذا من الناحية النظرية، أما في الواقع العملي فإن انضمام هذه الدول يتم بعد مفاوضات شاقة، وتقديم تنازلات كبيرة ومن خلال شروط صعبة لم تلتزم بها الدول المتقدمة عند انضمامها أو مسيرتها التنموية نفسها. وهذه الازدواجية تعبر عنها المقولة الشائعة “افعلوا كما نملي عليكم وليس كما فعلنا نحن”.
الإلتزامات والإجراءات المطلوبة لإنضمام دولة فلسطين إلى منظمة التجارة العالمية:
إن منظمة التجارة العالمية والاتفاقات التجارية الأخرى ليست بالطبع طريقاً باتجاه واحد، فأن تكون فلسطين عضواً في المنظمة أو طرفاً في إحدى الاتفاقيات التجارية الأخرى يعني أنه سيتوجب عليها ضمان حقوق مثلية للمنتجين والمصدرين الأجانب فيما يتعلق بالسلع والخدمات عند تصديرها إلى فلسطين. وينطبق نفس الأمر على أصحاب الملكية الفكرية الأجانب مثل براءات الإختراع أو حقوق النسخ أو العلامات التجارية. ومن حيث المبدأ تعتمد جميع الاتفاقيات التجارية على مبدأ التبادلية، أي أن حقوقك هي إلتزاماتي، وحقوقي هي إلتزاماتك. من جهة أخرى، ما يتوجب على فلسطين فعله هو إلى حد ما مسألة تفاوض. ومن الأهمية بمكان فهم ذلك لأن مؤسسات الأعمال الفلسطينية يجب أن تكون معنية ومشاركة بشكل كامل في إطلاع حكومتها على مصالحها الخاصة. إذا كانت إحدى الصناعات الفلسطينية الواعدة على سبيل المثال تحتاج إلى حماية من حيث التعرفات (الرسوم الجمركية المدفوعة عند الحدود) كي تتمكن من العمل والاستمرار والتنافس مع المنتجات المستوردة، من الضروري التأكد من عدم موافقة المفاوضين الفلسطينيين على أي إلغاء أو تخفيض للتعرفات الجمركية ذات الصلة، أو على الأقل الإبقاء على تطبيق تعرفة كافية لتوفير مستوى مقبولاً من الحماية (وذلك في حال كان للطرف الآخر مصلحة قوية في تصدير المنتجات المنافسة إلى فلسطين ويصر على تخفيض التعرفة)، وذلك أمر يمكن التفاوض عليه. وينطبق الأمر نفسه على تجارة الخدمات.
وتضم هذه الاتفاقيات ما يسمى اتفاقيات منظمة التجارة العالمية المتعلقة بالتجارة والتي تغطي:
- تجارة السلع والخدمات.
- حقوق الملكية الفكرية.
- اتفاقية تسوية النزاعات التجارية.
- اتفاقية المراجعة الدورية التي تختص بمدى تطبيق الدول الأعضاء لسياساتها التجارية.
- كما تتضمن الالتزامات الخاصة بكل من الدول الأعضاء فيما يتعلق بتحرير تجارة السلع والخدمات الموصوفة في جدول التزامات الدول الأعضاء.
أولاً: إلتزامات الدول في مجال تجارة السلع والخدمات
ولقد تم التفاوض على شروط جدول التزمات الدول الأعضاء التي إنضمت إلى المنظمة بعد تأسيسها عام 1995 مع أعضاء المنظمة وذلك خلال عملية انضمام هؤلاء الأعضاء. تعمل قواعد وأحكام منظمة التجارة العالمية على تحقيق التوازن بين:
- التزامات الدول الأعضاء بتخفيض التعرفة الجمركية والإجراءات غير التعرفية وفتح أسواق الخدمات وتنظيم تجارة الأفكار (حقوق الملكية الفكرية) من ناحية وحقوقها بالتمتع بضمانات مماثلة عند الاتجار في السلع والخدمات والأفكارمع شركائها التجاريين من الدول الأعضاء في المنظمة من ناحية ثانية.
- ويعتبر التقيد بالالتزامات والتحرير التدريجي لها من أهم المبادىء، فالدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية ملزمة بتقييد تعرفاتها أي بتحديدها عند مستويات قصوى يشار إليها بمصطلع “المعادلات الملزمة” (Bound rates) وكذلك بعدم زيادة هذه التعرفات فوق هذه المعدلات. ويمكن للدول الأعضاء على الدوام تطبيق معدلات أدنى من المعدلات الملزمة. مع التنويه أن منظمة التجارة العالمية لا تحد قواعدها وأحكامها مستويات محددة لقيود التعرفة أو مستويات تحرير أسواق الخدمات، بل بناءً على نتيجة المفاوضات تضع كل دولة عضو قيود التعرفة المطبقة لديها في جدول التعرفة الخاص بها، كما تضع التزماتها المتعلقة بالخدمات في جدول الالتزامات الخاص بها. وينطبق الأمر نفسه على الالتزامات المتعلقة بتخفيض الدعم الزراعي.
- كما اتفقت الدول الأعضاء في المنظمة أيضاً على القيام التدريجي بتخفيض تعرفاتها الجمركية وتحرير أسواق الخدمات فيها، ويتم في بعض الأحيان تحرير أكبر من الالتزامات على نحو أحادي الجانب من قبل الدول الأعضاء، لكنه يأتي عادة نتيجة لمفاوضات متعددة الأطراف بين هذه الدول مثل المفاوضات الجارية ضمن أجندة الدوحة للتنمية. بالإضافة إلى ذلك، غالباً ما تقوم الدول الأعضاء بتطبيق تعرفات أقل من “المعدلات الملزمة” التي وعدت بتطبيقها، وضمان معاملة الخدمات الأجنبية ومزودي الخدمة الأجانب على نحو أفضل مما هي ملزمة به وفق الاتفاقية العامة للسلع والخدمات.
- تتضمن الالتزام بنشر وتعميم القواعد والأحكام والإجراءات ذات الصلة بالتجارة على الصعيد المحلي وإعلام المنظمة بأية تغييرات فيها. وتوفير آلية مرجعة السياسات التجارية الخاصة بالمنظمة كمظهر آخر من مظاهر الشفافية وذلك خلال مراجعة إدارة الدول الأعضاء لأنظمة سياسة التجارة الخاصة بها.
- يعتبر مبدأ عدم التمييز أحد المبادىء الأخرى الخاصة بمنظمة التجارة العالمية، إذ تلزم المنظمة الدول الأعضاء فيها على معاملة السلع المستوردة من الدول الأعضاء بنفس معاملة السلع المحلية وهذا يسمى بمبدأ المعاملة الوطنية. كما تلزم المنظمة معاملة الدول الأعضاء في المنظمة بالطريقة نفسها وعدم منح أية مزايا لواحدة أو أكثر من الدول دون منح هذه المزايا بشكل فوري وغير مشروط لجميع الدول الأعضاء في المنظمة. ويسمى بمدأ الدول الأكثر رعاية.
وتوجد لمبدأ الدول الأكثر رعاية بعض الاستثناءات الهامة، إذ يسمح للدول الأعضاء في المنظمة بعقد اتفاقيات تجارية إقليمة مثل الاتحادات الجمركية واتفاقيات التجارة الحرة والتي يمكنها بموجبها تبادل مزايا مثل الإعفاء الجمركي للبضائع بدون أن يتوجب عليها منح هذه المزايا للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية التي ليست طرفا للاتفاقية الثنائية. كما يسمح لها بتطبيق تعرفة أقل على السلع القادمة من الدول النامية شريطة أن تتم معاملة الدول ذات الأوضاع المتشابهة على نحو متماثل.
كما تنطبق على فلسطين العديد من التزامات منظمة التجارة العالمية ولكن ليس على الحقوق:
بالنظر إلى الالتزامات التي تفرضها منظمة التجارة العالمية، قد يتساءل بعض مؤسسات الأعمال والجهات المعنية الأخرى عما إذا كان من الأفضل لفلسطين أن تبقى بعيدة عن منظمة التجارة العالمية. وقد يكون هؤلاء عاضين بصرهم عن حقيقة هامة: وهي أن معظم الالتزامات التي تفرضها منظمة التجارة العالمية تنطبق سلفاً على فلسطين اليوم، ذلك أن الاتفاقيات التجارية متعددة الأطراف والإتفاقيات التجارية الثنائية التي دخلت فلسطين طرفاً فيها غالباً ما تتضمن بشكل مسبق الالتزامات الرئيسية لمنظمة التجارة العالمية.
بالطبع لا يتوجب على فلسطين رسمياً أن تمتثل لهذه الالتزامات سوى في التجارة مع هذه البلدان التي وقعت معها تلك الاتفاقيات مثل الاتحاد الأوربي وتركيا ودول السوق الجنوبية المشتركة أو شركائها بحسب اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى (الغافتا). من ناحية أخرى، وعندما يتعلق الأمر بالأمور التنظيمية مثل العوائق الفنية في وجه التجارة وتدابير الصحة والصحة النباتية والتقييم الجمركي ومبادىء الشفافية العامة وما شابه، غالباً ما يكون من غير العملي ببساطة تطبيق قواعد وإجراءات مختلفة على التجارة مع الدول الأخرى. يعني ذلك أن فلسطين “تدفع الثمن” سلفاً، لكنها لا تستمتع بعد بالميزات (الحقوق) عند الاتجار مع دول مثل الصين أو الهند أو جنوب إفريقيا أو الباكستان أو غيرها.
الإتفاقيات الحالية لمنظمة التجارة العالمية:
فيما يلي لمحة موجوزة عن الاتفاقيات الحالية لمنظمة التجارة العالمية التي تغطي تجارة السلع والخدمات وحقوق الملكية الفكرية. وتركز اللمحة على أهم مشكلات وهموم التجارة التي تتناولها هذه الاتفاقيات، كما تعطي شرحاً مخترصاً للاتفاقيات وأمثلية توضيحة حول الدور الذي تلعبة.
الاتفاقيات متعددة الاطراف حول تجارة السلع:
المجموعة الأكبر من الاتفاقيات متعددة الأطراف هي تلك التي تتعامل مع تجارة السلع، ولكن ذلك لا يعني أن السلع أكثر أهمية من الخدمات أو حقوق الملكية الفكرية وإنما يعكس حقيقة أن تجارة السلع كانت في الأصل التركيز الأساسي لصناع السياسات التجارية، واجتذبت الجرء الأكبر من الاهتمام.
ترد هذه الاتفاقيات في الملحق A1 لاتفاقية منظمة التجارة العالمية، ويمكن تصنيفها في فئات هي:
- إتفاقية الغات: “الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة” باعتبارها الاتفاقية الرئيسية المظلة.
- اتفاقية قطاعية تتعامل مع قطاعات محددة.
- اتفاقيات بشأن المعايير والشروط الفنية.
- الاتفاقيات التي تؤثر على عملية الاستيراد.
- اتفاقيات تتعامل مع المعالجات التجارية، كما يلي:
الاتفاقيات متعددة الأطراف حول تجارة السلع |
1- الاتفاقيات القطاعية
· الاتفاقية بشأن الزراعة. · الاتفاقية بشأن الأقمشة والملابس |
2- إتفاقية المعايير والشروط الفنية
· اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية · اتفاقية العوائق الفنية في وجه التجارة |
3- الاتفاقيات التي تؤثر على عملية الاستيراد
· الاتفاقية بشأن تطبيق المادة السابعة من اتفاقية الغات (اتفاقية التقييم الجمركي) · اتفاقية الفحص قبل الشحن · اتفاقية قواعد المنشأ · اتفاقية إجراءات إجازة الاستيراد |
4- الاتفاقيات التي تتعامل مع المعالجات التجارة
· الاتفاقية بشأن تطبيق المادة السادسة من اتفاقية الغات (اتفاقية مكافحة الإغراق) · الاتفاقية بشأن الدعم والإجراءات التعويضية · اتفاقية بشأن الحماية |
اولاً: إتفاقية الغات:
الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة (الغات) المبرمة منذ العام 1947 هي الاتفاقية الاهم والمظلة لجميع الأنظمة المطبقة فيما يتعلق بتجارة السلع، وتتضمن العديد من القواعد والأحكام الأساسية والهامة التي تتعامل مع المشكلات الموصوفة أعلاه. ولا تزال هذه القواعد والأحكام ذات أهمية وقيمة كبرى بالنسبة إلى مؤسسات الأعمال، ونوجزها كما يلي:
- التعرفات الجمركية: الحد الأقصى من المعدلات الملزمة. تنص اتفاقية الغات في المادة الثانية منها على أن يكون لكل من الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية التزامات ملزمة حول التعرفات القصوى التي ستطبقها على سلع محددة. وتكون هذه الالتزامات خاصة بحسب كل دولة عضو، ويتم التفاوض عليها مع كل دولة على حدة (سواء في الجولات التجارية أو أثناء عملية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية). وبعد موافقة الدول الأعضاء على هذه التعرفات، لا يسمح لها بزيادتها فوق المستوى الأقصى التي وعدت باحترامة.
- التمييز بين السلع الأجنبية القادمة من بلدان مختلفة: مبدأ الدول الأكثر رعاية. يعتبر هذا المبدأ المبدأ الأم لكل المبادىء التجارية الأخرى، إذ تنص المادة الأولى من اتفاقية الغات على ألا تقوم الدول الأعضاء بمعاملة السلع القادمة من أية دولة عضو في منظمة التجارة العالمية على نحو أسوأ من المعاملة التي تخص بها السلع القادمة من دولة أخرى، وذلك هو مبدأ الدول الأكثر رعاية الذي يعتبر في غاية الأهمية بالنسبة إلى مؤسسات الأعمال الناشطة في مجال السلع الأجنبية الأخرى في سوق الدولة العضو في المنظمة وألا تواجه أي تمييز. مع وجو استثناءات لكنها محدودة جداً، والإستثناء الأكثر أهمية يمكن للدول الأعضاء الدخول في اتحادات جمركية أو اتفاقيات تجارة حرة وبالتالي ضمان الحصول على معاملة تفضيلية، مثل الانضمام إلى السوق الحرة الخاصة بالسلع القادمة من الدول الشريكة.
- التمييز بين السلع الأجنبية والسلع المحلية: مبدأ المعاملة الوطنية، حيث تنص المادة الثالثة من اتفاقية الغات على أن تعامل الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية المنتجات القادمة من الدول الأعضاء الأخرى على أسس من المساواة مع منتجاتها المحلية وذلك بمجرد أن يتم تخليصها عند الحدود. وينطبق ذلك على الضرائب كما ينطبق على جميع القوانين والأنظمة الأخرى مثل القواعد والأحكام المتعلقة بالتوزيع أو البيع أو التخزين. بمعنى آخر، ما أن تصل السلع الأجنبية القادمة من الدولالأعضاء في المنظمة إلى السوق، يجب أن يتاح لها التنافس مع المنتجات المحلية بدون أي تمييز.
- الحظر والحصة وغيرها من القيود الكمية: تمنع المادة الحادية عشر من اتفاقية الغات استخدام أي حظر أو تطبيق أية حصص أو قيود كمية أخرى على استيراد السلع. وفي الحالات التي تضطر فيها الحكومات لوضع قيود على الاستيراد بسبب وجود بعض المشكلات الشرعية المتعلقة بالسياسة (مثل تطبيق الحظر على استيراد اللحوم الملوثة)، يكون هناك تغطية كاملة لمثل هذه الإجراءات بأحكام استثنائية أو حتى باتفاقيات خاصة لدى منظمة التجارة العالمية (مثل اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية)، ولكن يتم منع جميع الحصص والمحظورات التي تطبق لأسباب حمائية فقط.
- أنظمة الترانزيت والرسوم الجمركية والإجراءات الشكلية وغيرها من أنظمة الاستراد. تضمن اتفاقية الغات حرية عبور السلع من دولة عضو في منظمة التجارة العالمية إلى دولة عضو أخرى، وألا يتم تطبيق أية إجراءات (شكلية) جمركية مشددة، وألا تكون الرسوم الجمركية أعلى قيمة من الكلف والخدمات التي تغطيها، وأن قواعد الاستيراد وإجراءاته تتسم بالشفافية وتتم إدارتها بشكل معقول. على الرغم من اتساع هذه الانظمة إلا أنها تحتاج إلى المزيد من التحسين ما ينتج عنها اتفاق جديد لتسهيل التجارة، كما أنها تعتبر سلفاً ذات قيمة كبيرة بالنسبة لمؤسسات الأعمال التي تعرف بأنها لن تكون خاضعة لمعاملة ورسوم غير معقولة. أما بالنسبة لمؤسسات الأعمال الفلسطينية، فربما تتمتع ضمانات العبور (الترانزيت) بالأهمية الأكبر، لأنها لا تضمن فقط المرور الحر للسلع وإنما كذلك عدم تعرضها لتأخيرات غير ضرورية أو قيود أو ضرائب تزيد عن كلف العبور المعقولة.
- عدم الإغراق والحماية وغيرها من آليات المعالجات التجارية. تنص اتفاقية الغات (منذ وضعها عام 1947) أنه وفي الحالات التي تقوم فيها الدول الأعضاء بتطبيق إجراءات استثنائية لمكافحة بعض الممارسات التجارية غير العادلة (مثل تلك المطبقة ضد الواردات ذات الأسعار المنخفضة بشكل غير عادل بسبب الإغراق أو الدعم)، أو لمكافحة التدفق المفاجىء وغير المتوقع للواردات، يتوجب على هذه الدول أن تقوم بذلك فقط وفق شروط معينة. ومنذ ذلك الوقت تطورت هذه القواعد بحيث يتم الآن التعامل مع هذه الحالات بحسب اتفاقيات خاصة في منظمة التجارة العالمية.
- استثناءات من السياسة العامة: الصحة، البيئة، الأمن، الخ. ليس هناك نظام يعمل بدون استثناءات تنشأ بسبب بعض المشكلات المنطقية، وبما أن واجب الحكومات بالطبع هو أن تعمل من بين أمور أخرى على حماية أمن مواطنيها وسلامتهم وتضمن تطبيق القانون وسياة النظام وحماية البيئة. لذلك فإن المادة العشرين من اتفاقية الغات تسمح للدول الأعضاء باتخاذ إجراءات تنتهك مبادىء التجارة الواردة أعلاه إذا كانت هذه الإجراءات ستتخذ لتحاشي حدوث مشكلات لا صلة لها بالتجارة مثل صحة وسلامة البشر والحيوانات والنباتات أو لأغراض تتعلق بالأخلاق العامة أو البيئة أو حماية الثروات الفنية الوطنية أو غير ذلك.ويعتبر ذلك هاماً بالنسبة لمؤسسات الأعمال نظراً لأن الحكومات قد تتخذ اجراءات من شأنها (إساءة) الاستفادة من أجل منح مزايا غير عادلة تفضي إلى تحقيق مصالح خاصة لمؤسسات الأعمال. وتسمح المادة الواحدة والعشرون من اتفاقية الغات باتخاذ إجراءات تنتهك القواعد والأحكام التجارية بدافع حماية الأمن الوطني شريطة ألا تكون هذه الاجراءات جائرة.
ثانياً: الاتفاقيات القطاعية:
تتناول الاتفاقية بشأن الزراعة ثلاثة مشكلات على نحو خاص:
- المواد المدعومة المقيدة والمجدولة للتخفيض. حيث تنص الاتفاقية على ان تقوم كافة الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بتقييد المواد المدعومة محلياً والمواد المدعومة من الصادرات عند مستويات محدودة وتخفيضها عبر الوقت. مع وجود حد أدنى من الاستثناءات للدول النامية وفي حالات الكوارثر والفيضانات.
- التعرفات بدلاً من الحصص وغيرها من الإجراءات يتوجب على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية تحويل جميع الحصص وغيرها من الإجراءات الكمية والإجراءات المشابهة إلى تعرفات والموافقة على تقييدها وكذلك تخفيض التعرفة عبر الوقت إلى مستويات مقبولة ومنطقية.
- إجراءات حماية خاصة: تخشى بعض الدول أن يؤدي تطبيق التعرفة إلى نتيجة عكسية تتمثل في حصول زيادات غير متوقعة في الواردات بما يؤثر سلباً على المزارعين فيها، لذلك إتفقت الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بأن بإمكانها تطبيق “إجراءات حماية خاصة” في مثل هذه الحالات الاستثنائية. وتناقش الدول الأعضاء حالياً إمكانية خلق آلية حماية خاصة جديدة يمكن أن تسمح للدول النامية بتطبيق أداة سهلة الاستخدام من أجل زيادة تعريفاتها المطبقة على منتجات زراعية خاصة عندما تكون هذه التعرفات متدنية للغاية أو هناك كميات كبيرة جداً تهدد وضع المزارعين المحليين.
ثالثاً: الاتفاقيات حول السلامة والمعايير والشروط الفنية:
تلتزم الحكومات بان تضمن لمواطنيها استهلاكهم لمواد غذائية سليمة وصحية حسب معايير السلامة المقبولة، وبأن تحمي حياة الحيوانات والنباتات الكائنة في بلدانها، ومن المكن أن تكون هذه السياسات مفرطة، أو يمكن تطبقها الحكومات كقيود مقنعة على التجارة بهدف حماية المنتجات المحلية. من ناحية أخرى، يتوجب على هذه القوانين، بما فيها معايير السلامة الغذائية:
- أن تكون قائمة على دليل علمي.
- أن تعتمد على تقييمات ملائمة للمخاطر.
- أن تكون مطبقة فقط إلى الحد الضروري لتحقيق أهداف السلامة.
- ألا تميز في المعاملة بين البلدان التي تنطبق عليها نفس الشروط.
كما يتم تشجيع الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية على تبني المعايير الدولية في حال وجودها. وبحسب الاتفاقية بشأن تدابير الصحة والصحة النباتية، بإن المعايير الدولية هي فقط تلك التي يتم وضعها من قبل:
- هيئة مدونة المواد الغذائية (Codex Alimentarius Commission)
- المنظمة العالمية للصحة الحيوانة (OIE) بالنسبة للمعايير المتعلقة بصحة الحيوانات.
- أمانة الميثاق الدولي لحماية النباتات (IPPC) بالنسبة للمعايير المتعلقة بصحة النباتات.
وعندما تتبنى حكومة ما المعايير الدولية التي تم وضعها من قبل هذه المنظمات، يفترض بها أن تعمل بما ينسجم مع الاتفاقية بشأن الصحة والصحة النباتية.
وفي حال عدم وجود أية معايير دولية أو في حال كانت الدول الأعضاء راغبة بتطبيق مستويات من حماية الصحة النباتية أعلى من تلك التي تنص عليها المعايير الدولية، يسمح لها بذلك شريطة أن تكون التدابير قائمة على أدلة علمية.
الاتفاقية بشأن العوائق الفنية في وجه التجارة (TBT):
تحاول الاتفاقية بشأن العوائق الفنية في وجه التجارة باختصار أن توازن حق الحكومات وواجبها في حماية مصالحها الشرعية مع التزامها بتجنب وضع أية عوائق غير ضرورية في وجه التجارة. وهي تدعم حق الحكومات في تحقيق أهدافها التنظيمية الشرعية مثل التأكد من جودة الصادرات وضمان السلامة وحماية المستهلك والمنافسة العادلة وحماية البيئة وكذلك حماية الأمن القومي من خلال تطبيق الشروط الفنية والمعايير وإجراءات الاختبارات ومنح التراخيص. غير أن هذه الاتفاقية تفرض التزاماً على الحكومات بالسعي لتحقيق الاتساق والتناغم عندما يكون ذلك ممكناً. وتتناول الاتفاقية بشأن العوائق الفنية في وجه التجارة باختصار ما يلي:
- النطاق: تحاول الاتفاقية بشأن العوائق الفنية بشأن وجه التجارة باختصار أن تنزم تحضير وإقرار وتطبيق المعايير والشروط الفنية وإجراءات تقييم الامتقال بها. وتضمن هذه المعايير والشروط الفنية شروط التغليف والتسويق ووضع الملصقات بما في ذلك عمليات معالجة المنتج وطرق الإنتاج. أما إجراءات تقييم الامتثال فهي إجراءات تستخدم لتقييم مدى الامتثال بمتطلبات الشروط الفنية أو المعايير.
- عدم التمييز: يتوجب على الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية عدم التمييز بين المنتجات المستوردة وتلك المحلية (المعاملة الوطنية) أو بين المنتجات المستوردة من دول مختلفة (مبدأ الدولة الاكثر رعاية) وذلك عند تطبيق الشروط الفنية والمعايير. وعلى نحو مماثل، يجب ألا يتم تحضير وإقرار وتطبيق إجراءات تقييم الامتثال بطريقة تتضمن تمييزاً بين المنتجات المحلية والأجنبية أو بين المنتجات الأجنبية المستوردة بعضها البعض.
- استخدام المعايير الدولية: تشجع الاتفاقية بشأن العوائق الفنية في وجه التجارة على استخدام المعايير الدولية في حال كانت متوافرة وملائمة وذلك كأساس للشروط الفنية وإجراءات المعايير الدولية في حال كانت متوافرة وملائمة وذلك كأساس للشروط الفنية وإجراءات تقييم الامتثال، ذلك أن استخدام المعايير الدولية يخفف من تشظي الأنظمة ويسمح بتحقيق الاتساق بين الشروط الفنية ويجعل الامتثال لمختلف الأنظمة أقل صعوبة وتحديداً بالنسبة للمنتجين والمصدرين. هناك ميزة إضافية تتحقق من الامتثال لمنظمة التجارة العالمية، فعندما تقر الحكومات المعايير الدولية كأساس لقواعدها الفنية وإجراءات تقييم الامتثال، يفترض بها ألا تخلق عوائق غير ضرورية في وجه التجارة بحسب الاتفاقية بشأن العوائق الفنية في وجه التجارة.
- المستوى الأقل تقييداً للتجارة: في حال لم يكن هناك معايير دولية أو في حال كانت الدول الأعضاء راغبة بتطبيق مستويات من الحماية أعلى من تلك التي تنص عليها المعايير الدولية، فإنها تكون حرة في إقرار الشروط الفنية التي تحقق أهداف السياسة الخاصة بها شريطة ألا يتم إعداد أو إقرار أو تطبيق هذه الشروط الفنية بطريقة تكون أكثر تقييداً للتجارة مما هو ضروري لتحقيق الهدف المنشود. وعند تقييم مخاطر عدم الامتثال، يطلب من الحكومات الأخذ بعين الاعتبار المعلومات العلمية والفنية المتوافرة والاستخدام النهائي للمنتج. إضافة إلى ضرورة قيام الحكومات بمراجعة وتعديل قواعدها الفنية في حال عدم وجود الأسباب أو المخاطر التي كانت مبرراً لوضعها أو لوجودها.
- الاعتراف المتبادل: تشجع الاتفاقية بشأن العوائق الفنية في وجه التجارة الحكومات على القيان باعتراف متبادل بإجراءات تقييم الامتثال الخاصة بكل منها وذلك من أجل تجنب إخضاع المنتجات إلى إجراءات اختبار متعددة.
- “مدونة الممارسات الجيدة” الخاصر بهيئات وضع المعايير: تطبق مؤسسات الأعمال في ممارستها لأعمالها المزيد والمزيد من المعايير الطوعية بالرغم من أن هذه المعايير قد لا تكون فنياً إلزامية وربما تكون مرهقة بالنسبة لمؤسسات الأعمال بقدر ما هي الشروط الفنية الإلزامية مرهقة لها. وتحدد الاتفاقية بشأن العوائق الفنية في وجه التجارة “مدومة الممارسات الجيدة” لهيئات المعايير الحكومية والصناعات وذلك فيما يتعلق بإعداد وإقرار وتطبيق المعايير الطوعية، ففي الحالات التي يتم فيها وضع المعايير من قبل وكالة معايير تديرها حكومة مركزية، يتوجب على الوكالة أن توقع على “مدونة الممارسات الجيدة” وتشارك فيها. أما بالنسبة لهيئات المعايير الحكومية المحلية، فليس هناك سوى التزام الحكومة المركزية للدولة العضو في منظمة التجارة العالمية بالقيام بأفضل جهودها لضمان امتثالها بالمدونة.
رابعاً: الاتفاقيات التي تؤثر على عمليات الاستيراد والتصدير:
لا تتضمن الاتفاقية بشأن قواعد المنشأ فعلياً قواعد منشأ معينة يتوجب على الدول الأعضاء تطبيقها على الواردات، لكنها تتضمن مجموعة من المبادىء التي يجب على أعضاء المنظمة تطبيقها عند تصميم وتطبيق قواعد المنشأ الوطنية الخاصة بهم، نذكر مثلاً أن قواعد المنشأ هذه يجب أن تكون غير تمييزية ويجب أن تطبق بطريقة شاملة ومنطقية وأن يتم نشرها أو يجب أن تسمح للتجار بالحصول على أحكام ملزمة حول بيان منشأ سلعهم عند الطلب (وهذا مهم جداً للتجارة لأنه يسمح لهم بإجراء حساباتهم على أرضية ثابتة).
بمعنى آخر: تقدم الاتفاقية إطاراً من العقلانية لكن ليس فيه أية تفاصيل حتى الآن لأن الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية قد دخلوا في برنامج عمل مطول لتصميم مجموعة من قواعد المنشأة المتناسقة وغير التفضيلية والموافقة عليها، غير أن هذا العمل لم يكتمل بعد، ولكن ما أن يتم اكتماله سيكون بين أيدي الدول الأعضاء تشريعات أكثر تفضيلاً، وسيتم إلى حد كبير تنسيق قواعد المنشأ الخاصة بالتجارة التي تتم بموجب اتفاقيات منظمة التجارة العالمية بين جميع الدول الأعضاء في المنظمة.
تعنى الاتفاقية في المقام الأول بقواعد المنشأ غير التفضيلية، وهي قواعد المنشأ المطبقة على التجارة التي لا تندرج ضمن الاتفاقيات التفضيلية مثل اتفاقيات التجارة الحرة (مثل منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى أو اتفاقية الشراكة المؤقتة بين الاتحاد الأوربي ومنظمة التحرير الفلسطينية). وتتضمن اتفاقيات التجارة الحرة هذه قواعد المنشأ الخاصة بها والتي تحدد السلع التي سيتم اعتبارها “ذات منشأ” بغرض منحها الميزات التفضيلية وفق اتفاقية التجارة الحرة ذات الصلة (مثلاً معاملة معفاة من الرسوم للمنتجات الفلسطينية في الاتحاد الأوربي بموجب اتفاقية الشراكة المؤقتة بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التحرير الفلسطينية).
بناءً على ما سبق، فإن الاتفاقية بشأن قواعد المنشأ الخاصة بمنظمة التجارة العالمية تعنى بالتجارة بموجب مبادىء متعددة الأطراف (لا سيما منظمة التجارة العالمية)، وهي لا تعني بالتجارة التفضيلية وفق اتفاقيات التجارة الحرة (فيما عدا “الإعلان” العام الملحق الذي يأخذ ببعض المبادىء العامة).
اتفاقية إجراءات تراخيص الاستيراد:
يمكن أن تكون الإجراءات المتخذة في مجال تراخيص الاستيراد بحد ذاتها عائقاً في وجه التجارة (مثلها مثل أية إجراءات أخرى)، مثلاً عندما يتم رفض التراخيص بشكل اعتباطي، أو عندما يتم منحها بعد تأخير كبير، أو عندما يكون على التجارة مقاربة عدة سلطات مختلفة للحصول من كل منها على جزء صغير من عملية الترخيص.
تقدم الاتفاقية بشأن إجراءات تراخيص الاستيراد مجموعة من القوانين والمبادىء الإجرائية التي تهدف إلى ضمان أنه كلما طبقت الدول الأعضاء في المنظمة أي شروط ترخيص لأية واردات، فسيتم القيام بالإجراءات بطريقة منطقية ونزيهة وسريعة وموثوقة.
إتفاقية التقييم الجمركي:
هناك تحديات تواجهاد الدول في مجال تحديد قيمة التعرفة الجمركية، الأول أن الدولة المستوردة قد تميل إلى اقتراح قيمة علية بشكل اعتباطي وبالتالي تقوم في الحقيقة برفع التعرفة سراً فوق “القيمة الملزمة” عليها. ثانياً هو أن المستوردين والمصدرين يمكن أن يميلوا إلى “تخفيض الفاتورة” وبالتالي إظهار قيمة السلع بأقل مما هي عليه في الواقع وذلك من أجل عدم دفع رسوم استيراد كبيرة. ويمكن أن يحدث ذلك أيضاً من دون قصد، فمثلا حين يتم شحن السلع ضمن شركة شحن كبرى من أحد فروعها الكائن في البلد الأول إلى فرع آخر في البلد الثاني وذلك مع تطبيق “أسعار النقل” الداخلية بين الفرعين.
تمثل إتفاقية التقييم التجمركي مدونة سلوك واضحة تستفيد منها السلطات الجمركية عند تحديد قيمة السلع المستوردة.
- القانون العام: قيمة التعاملات. المبدأ العام هو أن قيمة السلع هي قيمة المتعاملات، أي السعر الحقيقي المدفوع أو الذي سيتم دفعه، أو بمعنى آخر السعر الوارد على الفاتورة. ويعني ذلك أن السلطات الجمركية لا يمكن أن تفرض سعراً خيالياً يكون مثلاً مبنياً على أساس قائمة أسعار تفضيلية.
- عندما تكون التعاملات التجارية غير واضحة: بدائل متتالية من الطرق الوكيلة. من ناحية أخرى، ماذا لو لم يكن هناك فاتورة (لأن السلع هي عبارة عن هدايا وتبرعات مثلاً) أو حين تشعر السلطات الجمركية بأن السعر على الفاتورة لا يمثل القيمة الفلعية (مثلاً لأن البائع والشاري هم أقارب أو يمثلون فروع لنفس الشركة وتبدو القيمة منخفضة/مرتفعة جداً)؟ في هذه الحالات تشترط اتفاقية التقييم الجمركي أن تتبع الجمارك بدائل متتالية من الطرق الوكيلة (فقط عندما لا تكون الطريقة المفضلة غير مفيدة يمكن الانتقال الى البديل التالي ومن ثم التالي). وتحاول هذه الطرق الوكيلة أو البديلة أن تضمن تحديد القيمة الجمركية بأقرب ما يمكن إلى القيمة الحقيقية. وتبدو هذه البدائل كما يلي:
- قيمة التعاملات بالسلع المتطابقة المستوردة تقريباً في نفس الوقت بكميات متشابهة وعلى نفس المستوى التجاري (مثلاً البيع بالجملة). وإن لم تكن هذه الطريقة مفيدة.
- قيمة التعاملات للسلع المتشابهة المستوردة في نفس الوقت تقريباً بكميات متشابهة وعلى نفس المستوى التجاري. وهنا وبموجب البديل الثاني الأفضل، لا يجب بالضرورة أن تكون السلع متطابقة من جميع النواحي (مثلاً يمكن المقارنة بين شحنة الكوكاكولا والبيبسي). وإن لم تعمل هذه الطريقة يمكن للمستورد أن يختار الطريقة التالية.
- أول عملية بيع قدماً في الدولة المستوردة. يعني ذلك النظر إلى السعر المستخدم في عملية البيع الأولى بين الطرفين تحت الشروط التجارية العادية للسلع في دولة الاستيراد.
- القيمة المحسوبة: يمكن حساب القيمة على أساس نفقات الإنتاج والفوائد المنطقية المفترضة. ويكون هذا منطقياً إن كان المستوردون يملكون هذه البيانات (مثلاً لأن هذه تعاملات بين فرعين) وهم على استعداد لمنحها إلى السلطة الجمركية.
- طريقة الرجوع: “وسائل معقولة”. إن لم تؤد الطرق السابقة إلى نتيجة منطقية، يمكن للجمارك استخدام كل “الوسائل المعقولة” المتوافقة مع مبادىء الطرق آنفة الذكر وذلك من أجل تحديد قيمة السلع. ولكن لا تعني هذه الطريقة أنه يمكن للسلطة أن تفعل ما تريد، بل يجب أن يبقى التقييم متوافقاً مع المبدأ: الاقتراب قدر الإمكان من القيمة التجارية الحقيقية لسلع عند عبور الحدود.
اتفاقية الفحص قبل الشحن:
يتناقص عدد الدول التي تشترط القيام بفحص السلع قبل شحنها، ويتم عادة تكليف الشركات العاملة في مجال الفحص والتحقق بهذه المهمة مثل شركة SGS. وهذه العملية ليست فقط مكلفة لمؤسسات الأعمال، وإنما يمكنها أن تضع هذه المؤسسات في مواقف لا تواجه فيها المسؤولين الجمركيين وإنما الشركات الخاصة التي تكون أقل نزوعاً إلى تجنب القررارات الجدلية. ويمكن أن تفرض هذه العملية على مؤسسات الأعمال شحن سلعها عبر مسارات غير ملائمة من أجل تمكين شركات الفحص والتحقق من القيام بعملها.
أما قانون منظمة التجارة العالمية يقول فيما يتعلق بـ: الفحص قبل الشحن:
تحاول اتفاقية الفحص قبل الشحن تحقيق توازن بين حقوق الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية حول اشتراط القيام بالفحص قبل الشحن من جهة وضرورة ألا تتحول هذه الشروط إلى عوائد مبالغ فيها في وجه التجارة. وتفرض الاتفاقية على الحكومات التي تطبق فحوصات ما قبل الشحن أن تضمن عدم التمييز والشفافية وحماية المعلومات السرية لمؤسسات الأعمال وتجنب التأخير غير الضروري واستخدام الأدلة الإرشادية الخاصة للتحقق من السعر وتجنب أي تضارب في المصالح الخاصة بوكالات الفحص والتحقق.
خامساً: الانفاقيات التي تتعامل مع المعالجات التجارية:
تسمح اتفاقية منظمة التجارة العالمية حول المادة السادسة والمتعلقة بمكافحة الإغراق للدول الأعضاء في المنظمة باتخاذ إجراءات عدم إغراق في الحالات التي يكون فيها إغراق فعلي، أي عندما يتم بيع السلع في الأسواق بأسعار “أقل من قيمتها” وهي الأسعار التي تباع بها السلع في الأسواق المحلية لتلك الدول (وبالتالي فإن الإغراق لا يعني بالضرورة البيع بأسعار أقل من الكلفة، وإنما فقط بأسعار أقل من “القيمة المعتادة”، أو بأسعار الأسواق المحلية للسلع). وفي هذه الحالات، يمكن للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية تطبيق رسوم عدم الإغراق على منتجات معينة من شركات معينة وفي بلدان معينة، ويمكن أن تكون هذه الأسعار أعلى من الحد الأقصى “للأسعار المحددة” للتعرفات التي يجب في غير هذه الحالات مراعاتها.
من جهة أخرى، ونظراً لاتفاع مستوى المخاطرة التي قد تتعرض لها الحكومات، فإن اتفاقية مكافحة الإغراق تفرض مبادىء صارمة على تحقيقات وتطبيقات مكافحة الإغراق. ويتوجب بالتالي على الحكومات التي ترغب بتطبيق إجراءات مكافحة الإغراق أن تطبق عدداً من القواعد الإجرائية قبل أن تتمكن من القيام بذلك، إذ يمكنها على سبيل المثال أن تبدأ بمثل هذا الإجراء عندما يكون هناك دعم كاف من الصناعة المحلية (وليس فقط من شركة أو اثنتان من الشركات الساخطة التي لها روابط جيدة مع الحكومة) بحيث يتم إشراك المصدرين الأجانب في إجراء يتسم بالعدالة وذلك من خلال القيام باستبيان وجلسات استماع تسمح لهؤلاء بشرح كيفية حدوث عملية إغراق الأسعار المفترضة، كما يتوجب عليها احترام الجداول الزمنية وشروط الشفافية، الخ، والتأكيد بالبرهان على أن الإغراق (إن حصل) يسبب فعلياً أو يهد بالتسبب بضرر اقتصادي للصناعة المحلية (وليس فقط المنافسة غير العادلة). ويمكن لهذه الحكومات أيضاً أن تطبق رسوم عدم الإغراق فقط إلى الحد الضروري لحل المشكلة أي لمعادلة آثار الإغراق لا أكثر. بكلمات أخرى، تهدف الاتفاقية إلى ضمان قيام الحكومات بتطبيق إجراءات عدم الإغراق فقط إذا تم (وعندما يتم) البرهنة من خلال عملية عادلة ومفتوحة على أن الإغراق يحدث فعلاً ويسبب أضرار خطيرة أو يهدد بالتسبب بها.
الاتفاقية بشأن الدعم والإجراءات التعويضية:
تتسبب الاتفاقية بشأن الدعم والإجراءات التعويضية إلى المشكلات التي تم وصفها سابقاً بطريقتين.
أولاً، هي تسمح للدول الأعضاء الأخرى في منظمة التجارة العالمية بالطلب إلى الدول العضو الداعمة التوقف عن منح الدعم في حال كان ذلك يؤثر على التجارة. بمعنى آخر، يمكن لهذه الاتفاقية مهاجمة الدعم نفسها.
ثانياً، وعلى نحو مماثل لاتفاقية مكافحة الإغراق، تسمح الاتفاقية بشأن الدعم والإجراءات التعويضية للدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية باتخاذ إجراءات تعويضية ضد الواردات المدعومة التي تسبب ضرراً للصناعة المحلية أو تهدد بذلك:
تضمن أشكال الدعم التي يمكن مهاجمتها بشكل مباشر ما يلي:
- دعم الصادرات ودعم المكونات المحلية. هي أشكال ممنوعة كلياً وفق قانون منظمة التجارة العالمية (بإستثناء الدول الفقيرة للغاية والتي يسمح لها بالاستفادة من دعم الصادرات).
- يمكن مهاجمة الأشكال الأخرى من الدعم (ويجب إيقافها) إذا كانت تسبب (وعندما تسبب) “آثار عكسية” كبيرة على الأسواق التي يمكن أن تشمل الأسواق المحلية للدولة الداعمة أو الأسواق المحلية للشركات المنافسة (في حال كانت السلع المدعومة تصدر إلى ذلك السوق) أو أسواق بلد ثالث تتنافس فيه البضاعة المدعومة وغير المدعومة. من ناحية أخرى، وكما تمت الإشارة سابقاً، لا تكون معظم أشكال الدعم كبيرة بما يكفي للتسبب بمثل هذه “الآثار العكسية” على السوق لا سيما في البلدان النامية، وتعتبر لذلك قانونية تماماً وفق قانون منظمة التجارة العالمية. وتستثنى المستويات المتدنية للغاية من الدعم من الأحكام مع عتبات أعلى للدول النامية.
يمكن معالجة وضع جميع الواردات المدعومة من خلال رسوم تعويضية في حال كانت تسبب أو تهدد بالتسبب بالضرر للصناعة المحلية في الدول المستوردة (سواء كانت هذه الواردات تستفيد من الدعم المباشر للصادرات أو أشكال الدعم الأخرى). وقد تكون هذه الرسوم التعويضية أعلى من “المعدلات الملزمة” التي كان من شأنها أن تحدد مستوى التعرفات في غير هذه الحالة.
الاتفاقية بشأن الحماية:
تنص الاتفاقية بشأن الحماية (والمادة في الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة التي تقوم عليها) على أنه وفي الحالات التي يتم فيها استيراد سلع معينة بكميات زائدة (نتيجة “ظروف غير متوقعة”) بحيث تتسبب أو تهدد بالتسبب بضرر كبير للصناعة المحلية المنافسة، يمكن للبلد المستورد فرض إجراءات حماية غالباً ما تأتي على شكل رسوم إضافية. ويشبه ذلك رسوم مكافحة الإغراق أو الإجراءات التعويضية.
من جهة ثانية، ومرة اخرى، يمكن بالطبع أن يحصل سوء استخدام لهذه الاتفاقية بغرض توفير حماية للصناعة المحلية. لذلك تفرض الاتفاقية بشأن الحماية (كما هي حال اتفاقية مكافحة الإغراق والاتفاقية بشأن الدعم والإجراءات التعويضية) أنظمة إجرائية صارمة دائمة لضمان عدم تطبيق الحماية سوى في حالات استثنائية فقط.
علاوة على ذلك، ولأن الواردات لم تكن غير عادلة، تشترط الاتفاقية بشأن الحماية أن يقدم البلد الذي يطبق الحماية تعويضاً للبدان المصدرة المتأثرة. لكن هذا التعويض لا يكون على شكل دفعات مالية وإنما على شكل امتيازات تجارية في مجالات أخرى فلا يستفيد منه المصدرون المتأثرون وإنما بلدهم ككل.
أظهرنا فيما سبق أن الاتفاقية بشأن الزراعة تتيح إجراءات ميسرة (يطلق عليها اسم حمايات خاصة) في حالات معينة في مجال الزراعة. وعلى نحو مماثل، تقوم الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية بالتفاوض حول آلية حماية خاصة عامة وميسرة يمكن أن تسمح للدول النامية بتطبيق أكثر يسراً للحماات على جميع المنتجات الزراعية.
الإلتزامات في مجال الخدمات:
تتفاوض الدول على تحرير قطاع الخدمات لديها بأسلوب الطلب والعرض Request-Offer ومن ثم فإن إلتزامات الدول المتفاوضة للحصول على العضوية تتحدد بما تسفر عنه هذه المفاوضات. ويتكون هيكل الإتفاق العام للتجارة في الخدمات من ستة أجراء رئيسية، تشتمل على اثنتان وثلاثين مادة تعالج مختلف القضايا على النحو التالي:
- يشير إلى نطاق هذا الإتفاق والتعريف بالخدمات وأساليب توريدها، ويحتوي هذا الجزء على مادة واحدة.
- يشير إلى الأحكام والمبادىء العامة التي تحكم تجارة الخدمات، وهي بمثابة التزامات عامة تطبق على كافة الدول الأعضاء. وقد تم الاسترشاد في وضع هذه المبادىء على أحكام اتفاقية الجات 1947، مع مراعاة الفروق بين طبيعة التجارة في السلع وطبيعة التجارة في الخدمات. ويحتوي هذا الجزء على سبعة عشرة مادة، من المادة الثانية حتى الثامنة عشرة.
- يشير إلى الالتزامات المحددة للقطاعات المحررة، وتكون على شكل التزامات الخاصة تقدمها الدولة في جدول الالتزامات وتتفاوض حولها، وتكون مرفقة ببروتكول انضمام الدولة إلى الاتفاقية. ويحتوي هذا الجزء على ثلاثة مواد من المادة التاسعة عشر وحتى المادة الحادية والعشرين.
- يشير إلى موضوع التحرير التدريجي للخدمات وأحكام تعديل جداول الالتزامات المحددة. ويحتوي هذا الجزء على ثلاث مواد، من المادة الثانية والعشرين حتى المادة الرابعة والعشرين.
- يشير إلى الأحكام المؤسسية والتنظيمة الخاصة بإدارة وتطبيق هذا الأتفاق وتسوية المنازعات، ومتابعة تنفيذ الالتزمات، ومهام مجلس تجارة الخدمات، والتعاون الفني، والعلاقات مع المنظمات الدولية الأخرى. ويحتوي هذا الجزء على خمسة مواد، من المادة الخامسة والعشرين وحتى المادة التاسعة والعشرين.
- يشير إلى الأحكام الختامية، والحالات التي يجوز فيها للدولة العضو التوقف عن منح مزايا معينة، وبعض التعاريف التي تساعد على فهم وإعداد جداول الالتزامات والملاحق الخاصة بالاتفاقية. ويحتوي هذا الجزء على ثلاث مواد، من المادة الثلاثين وحتى المادة الثانية والثلاثين.
ويعطي هيكل الاتفاق العامل للتجارة في الخدمات كافة قطاعات الخدمات، حيث تسري أحكام هذا الاتفاق على 12 قطاعاً خدمياً، ممثلة بما يلي:
1- خدمات الأعمال التجارية، بما في ذلك الخدمات المهنية والمحاسبية | 2- خدمات الاتصالات |
3- خدمات التشييد والبناء | 4- خدمات التوزيع |
5- الخدمات التعليمية | 6- الخدمات البيئية |
7- الخدمات المالية، بما في ذلك التأمين والخدمات المصرفية وأسواق المال | 8- الخدمات الصحية |
9- خدمات السياحية والسفر | 10- الخدمات الترفيهية والثقافية والرياضية |
11- خدمات النقل | 12- خدمات أخرى غير مشمولة أعلاه |
ما هي تجارة الخدمات الدولية؟ وكيف يتم الاتجار بالخدمات بين الدول؟
مثلها مثل تجارة السلع، يمكن لتجارة الخدمات أن تتم عبر الحدود، إذ يمكن أن يكون مزود الخدمة في بلد والمستهلك في بلد آخر. هذه تعتبر تجارة. يتم ذلك بأربع طرق:
- التوريد عبر الحدود –الخدمة تسافر أو تنتقل عبر الحدود: أولاً، يمكن لمزود الخدمة كالمحامي مثلاً أن يرسل الخدمة (على سبيل المثال مذكرة قانونية) عبر الحدود إلى زبون في بلد آخر (على سبيل المثال عن طريق البريد الإلكتروني أو الرسائل). هذا يشبه تجارة السلع: المزود أو البائع يبقى في بلده، والزبون أو المشتري يبقى في بلده، أما الخدمة فتعبر الحدود. يعمل العديد من الفلسطينين مثل العاملين في مجال الاستشارات والوكالات الإعلانية على تصدير الخدمات بهذه الطريقة.
- الاستهلاك خارد البلد –المستهلك يسافر: ثانياً، يمكن للزبون أن يسافر إلى مزود الخدمة لاستهلاك الخدمة قبل العودة إلى بلده. فمثلاً يمكن للمريض أن يسافر إلى الطبيب في بلد آخر للعلاج ومن ثم يعود إلى بلده. طبعاً بالنسبة لفلسطين، يمكن التصدير الأكثر أهمية في هذا النمط في خدمات السياحة فملايين الأجانب يأتون إلى فلسطين سنوياً لاستلاك خدمات سياحية متفرقة.
- الحضور التجاري –يؤسس المزود محلا تجارياً خارج البلد: ثالثاً، يمكن لمزود الخدمة أن يؤسس شركة فرعية أو تابعة في بلد آخر لتزويد المستهلكين بالخدمات هناك. فمثلاً غالباً ما تقوم البنوك وشركات الاتصالات والسلاسل الفندقية وشركات المحاسبة الدولية بفتح شركات فرعية أو تابعة في بلدان أخرى. تستورد فلسطين خدمات عديدة بهذه الطريقة تماماً كما تقوم وفق هذا النمط بتصدير الخدمات ابتداءً من معاهد التدريب المتخصصة الصغيرة مثل “معهد إدارة المهنة للتدريب والاستشارة” من غزة التي أسست لها فروعاً ومكاتب في الأردن والإمارات العربية المتحدة، وصولاً إلى شركة الاتصالات الفلسطينية التي تساهم في العديد من شركات الاتصالات الأجنبية.
- حضور الأشخاص أصحاب المهن –مزود الخدمة يسافر: رابعاً، يمكن لمزود الخدمة على نحو جلي أن يسافر إلى الزبون كي يقوم بإيصال الخدمة ومن ثم يعود. فمثلاً الاستشاري أو السمكري يمكن أن يسافر للخارج لتزويد الخدمة في بلد آخر ومن ثم يعود لبلده.
الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات وفق منظمة التجارة العالمية:
تعتبر الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات واحدة من الركائز الثلاثة الأساسية لمنظمة التجارة العالمية جنباً إلى جنب مع الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة واتفاقية حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة فهي مثلها مثل الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة المتعلقة بتجارة السلع تهدف لتغطية المشكلات الأساسية في الخدمات. وبالنسبة إلى مزويدي الخدمة. يستحق الأمر إلقاء نظرة تفصيلية على الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات واتفاقيات أخرى في تجارة الخدمات على اعتبار أنهم يتعاملون مع تحديات هامة عديدة تواجههم عندما يصدرون خدماتهم أو عندما يستوردون خدمات من الخارج، بإيجاز:
- معاملة الدولة الأكثر رعاية: الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات تطلب من أعضاء من أعضاء منظمة التجارة العالمية معاملة الخدمات ومزودي الخدمات من الدول الأعضاء في المنظمة مثل معاملة الخدمات ومزودي الخدمات من أي بلد آخر.
- إلتزامات الدخول (النفاذ) إلى السوق –قيد التفاوض، لكل قطاع على حدة: وفقاً للاتفاقية العامة لتجارة الخدمات، يقوم أعضاء منظمة التجارة العالمية بتقديم التزامات معينة لمنح الخدمات الأجنبية ومزودي الخدمات الدخول (النفاذ) الى أسواقهم. وعلى أية حال، يتم التفاوض على هذه الالتزامات بشكل مستقل عندما تنضم دولة إلى منظمة التجارة العالمية، لذلك لا يوجد فتح أوتوماتيكي للسوق على الرغم من أن الأعضاء الآخرين سيطلبون الكثير من فلسطين عندما تنضم إلى منظمة التجارة العالمية. وهكذا فإن على مزويدي الخدمات الفلسطينيين وصانعي القرار أن يكونوا مستعدين للتفاوض، أي أن عليهم معرفة القطاعات التي يكونون مستعدين لفتحها والأخرى التي لن يتم فتحها، إضافة إلى تحديد مكامن الخطوط الحمراء. وهم يحتاجون أيضاً لمعرفة الخدمات التي يريدون استيرادها أكثر والتي يمكن أن يتم التسهيل لها عن طريق تطبيق التزامات ملزمة من شأنها أن تعطي راحة أكثر لمزويدي الخدمة الأجانب الراغبين بتقديم هذه الخدمات.
- المعاملة الوطنية –قيد التفاوض، لكل قطاع على حدة: في تناقض جلي مع الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة، لا تتوقع الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات معاملة وطنية تلقائية (معاملة متساوية للخدمات المحلية والأجنبية وكذلك مزويدي تلك الخدامات). ويمكن للخدمات الأجنبية ومزويديها أن تنعم بهذا الشكل من ضمان عدم التمييز عندما يكون ذلك متضمناً وبشكل محدد في الالتزمات الخاصة للدولة المستوردة. ويعني هذا بأن التفضيلات بالنسبة إلى المزودين المحليين للخدمة (مثل الأطباء المحليين والمحاميين وسماسرة الأوراق المالية) يمكن أن تصان في مفاوضات الانضام إلى منظمة التجارة العالمية. وهنا أيضاً يجب على سماسرة الأوراق المالية الفلسطينيين على سبيل المثال أن يكونوا مستعدين ويعرفوا مصالحهم جيداً ليكونوا قادرين على ضمان ذلك.
- الأنظمة المحلية (على سبيل المثال التراخيص والإقرار): الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات هي اتفاقية فتية، كما أن أحكام النظام المحلي ليست قوية بما يكفي بعد (يتم حالياً مناقشة أحكام جديدة في منظمة التجارة العالمية). وعلى الرغم من ذلك، إن الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات تقتضي على سبيل المثال بأن تقدم الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية إجراءات منطقية لإقرار مؤهلات مزويدي الخدمة المحترفين الأجانب (كالمحامين والأطباء والمحاسبين أو المهندسين) في حال الوفاء بالتزاماتهم فيما يتعلق بدخول السوق في هذه القطاعات. يجب أيضاً على هذه الدول التأكد بأن هناك إجراءات منطقية للتراخيص وأن هناك إمكانية لاسئناف القرارات الصادرة بشأن التراخيص.
- استثناءات عامة واستثناءات أمنية: مثلها مثل الاتفاقية العامة للتعرفة والتجارة، تسمح الاتفاقية العامة لتجارة الخدمات للحكومات بأن تنفذ سياسات غير تجارية شرعية (مثل الحفاظ على البيئة والسلامة والأخلاقيات العامة والأمن) وأن “تنتهك” التزاماتها وفق الاتفاقية اذا دعت الحاجة شريطة ألا يساء استخدام هذه الاستثناءات.
اتفاقية التجارة المرتبطة بجوانب حقوق الملكية الفكرية:
تؤسس اتفاقية التجارة ذات الصلة بحقوق الملكية الفكرية لحد أدني من معايير حماية الملكية الفكرية. وتعرف هذه المعايير حقوق الملكية الفكرية التي يلتزم بها أعضاء منظمة التجارة العالمية لحماية مجالهم واتساعهم بالاضافة إلى إجراءات تتعلق بمنح هذه الحقوق وإنفاذها والتي يتوجب على الدول الأعضاء في المنظمة احترامها وفقاً لقوانينهم الداخلية. وهي تبين أيضاً الحد الأدني من المعالجات والعقوبات.
إن معايير اتفاقية حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة هي في الحقيقة معايير عالية نسبياً، وغالباً مما يكون التوصيف مفصلاً. وتعتبر المعايير الحد الأدنى مما تطلبها الاتفاقية والتي يسمح للدول لأعضاء في منظمة التجارة العالمية بتوفير حماية أكبر للملكية الفكرية.
تقوم اتفاقية حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة على معاهدات أخرى للملكية الفكرية موجودة مسبقاً، ولقد تم دمج الكثير من البنود مباشرة في اتفاقية حقوق الملكية الفكرية المتصلة تلقى دعماً بتنفيذها عن طريق منظمة التجارة العالمية لتسوية النزاعات.
تتطلب اتفاقية التجارة المتصلة بحقوق الملكية الفكرية من أعضاء منظمة التجارة العالمية أن تمنح وتدافع عن حقوق الملكية الفكرية التالية:
- براءات الاختراع (حماية الاختراعات، مثل منح براءة اختراع لعقار تم اكتشافه حديثاً)
- حقوق النسخ والحقوق المرتبطة (حماية أساليب التعبير كالنصوص والموسيقى والصور والأفلام والعروض، على سبيل المثال كتب محمود درويش).
- العلامات التجارية (حماية الأسماء والرموز الرئيسية والتي تمييز بضاعة وخدمات عمل تجاري ما، مثل اسم “كوكاكولا”.
- التصاميم الصناعية (حماية تصاميم المنتجات، مثل الهيكل المعدني لسيارة البورش).
- تصاميم الإطار العام للدوائر المدمجة (تصاميم رقاقات الكومبيوتر، مثل معالجات إنتل آي سيفن).
- المعلومات السرية (أسرار العمل التي يبذل المالك جهوداً لحفظها، مثل خلطة أو وصفة الكوكاكولا).
- الدلالات الجغرافية (دلالات المنشأ الجغرافي للسلع أو الخدمات التي يربطها المستهلك بمواصفات معينة، مثل النبيذ الفوار من “شمبانيا” وهو إقليم في فرنسا).
يجب أن تمنح بعض هذه الحقوق لفترات زمنية دنيا تنتهي بعدها صلاحيتها (مثلاً براءات الاختراع تمنح لمدة عشرين سنة وحقوق النسخ لخمسين سنة بعد موت المؤلف). والبعض الآخر مثل العلامات التجارية يتم تجديدها بدون تحديد. تتوقع اتفاقية التجارة المتصلة بحقوق الملكية الفكرية عدداً من الاستثناءات الهامة مثل حق الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية في منح رخص إلزامية لاختراعات تملك براءة اختراع في ظروف معينة (مثلاً عند وجود حالة طوارىء على مستوى البلد كالوباء) أو الحق في إعادة الإنتاج على نطاق ضيق وخاص ولأغراض غير تجارية (استخدام عادل) للمواد التي تملك حقوق نسخ (مثل السماح بنسخ قرص موسيقى تم شراءه قانونياً لأحد أفراد الأسرة).
تتعمق اتفاقية حقوق الملكية الفكرية المتصلة بالتجارة أكثر وبشكل مفصل في آليات الإنفاذ الخاصة بحقوق الملكية الفكرية التي يجب على الأعضاء أن يضمنوها في قوانينهم المحلية، أي الأدوات المتوافرة لحاملي الحقوق (المحليين والأجانب) ليتمكنوا من إنفاذ حقوقهم عبر وسائل إدارية وقضائية (كما أنها تصف حقوق “المنتهكين” المزعومين لحقوق الملكية الفكرية في هذا السياق بحيث تمكنهم من الدفاع عن أنفسهم ضد الاعتداءات غير المبررة عليهم من قبل حاملي الحقوق المزعومين).
تتضمن أدوات التنفيذ التالي:
- إجراءات قضائية مدنية. وتعني إمكانية مقاضاة حامل حقوق الملكية الفكرية (كأصحاب براءات الاختراع والمؤلفين) لمن ينتهكون حقوقهم. يجب أن تكون هذه الإجراءات عادلة ومنصفة.
- أحكام تتعلق بالأدلة التي تنظم المعلومات التي يجلبها المدعي (حامل الحقوق المهضومة) والتي يطلبها المنتهك المفترض.
- قوانين تتعلق بالأضرار التي تشترط وجود أضرار مقبولة متوفرة حالما يحدث انتهاك للحقوق الملكية الفكرية.
- توافر موانع فعالة مثل فساد السلع التي انتهكت حقوق نسخها.
- توافر إجراءات مؤقتة: تعني أنه يجب أن يتمكن حاملو الحقوق المتضررين من الحصول فوراً على إنذار من المحكمة لإيقاف الانتهاكات التي تحدث أو هي على وشك أن تحدث. تعد هذه وسيلة هامة لأن عنصر الوقت يكون حاسماً في كثير من الحالات، فما أن تصبح بضاعة “مزيفة” في السوق يقع الضرر.
- توافر إجراءات الحدود: أي أن حاملي الحقوق الذين يعلمون بأن هناك سلع مزيفة أو منتجات منتهكة لبراءة اختراع على وشك أن يتم استيرادها يجب أن يكونوا قادرين على طلب إيقاف دخولها إلى السوق من سلطات الجمارك.
قوانين منظمة التجارة العالمية المستقبلية: الاتفاقية القادمة لتسهيل التجارة:
قوانين منظمة التجارة العالمية ليست كاملة بعد إذ هناك العديد من المجالات التي تحتاج (أو ستحتاج) إلى أنظمة جديدة أو أكثر تفصيلاً. ومن الأمثلة البارزة على ذلك مسألة تسهيل التجارة، أي بمفهوم عريض: الحاجة إلى تنظيم وضبط عمليات تصميم وتطبيق الإجراءات والآليات ذات الصلة بالاستيراد والتصدير بدءاً بالنماذج الجمركية وانتهاءً بطرق العبور.
تضمن المواضيع التي يتم التفاوض بشأنها ضمن المفاوضات الجارية “لأجندة الدوحة للتنمية” تحسين وتطوير أنظمة تسهيل التجارة. من ناحية أخرى، وعلى عكس معظم المجالات الأخرى، تتقدم المفاوضات حول تسهيل التجارة على نحو ثابت وهي على وشك الاكتمال، وبالرغم من وجود العديد من التفاصيل التي لم يتم الفصل بشأنها بعد، يجدر التوقع بأن الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية قد تصل قريباً الى اتفاق حول الاتفاقية الجديدة لتسهيل التجارة الخاصة بالمنظمة.
ماذا يقول نص التفاوض لمنظمة التجارة العالمية؟
تحدث مفاوضات تسهيل التجارة على أساس مسودة نص التفاوض (“نص التفاوض”) الذي صدرت النسخة الأخيرة منه (TN/ TF/ W/ 165/ Rev. 13) في تشرين الأول 2012. ويمثل نص التفاوض طبعة زرقاء (مخططاً) لاتفاقية منظمة التجارة العالمية بشأن تسهيل التجارة.
يتألف نص التفاوض من قسمين: يتضمن القسم الأول ضوابط تسهيل التجارة الفعلية أو قوانين تسهيل التجارة، ويتضمن القسم الثاني الاستثناءات والتسهيلات المقدمة للدول النامية والأقل تطوراً.
المواضيع الفنية الرئيسية التي هي قيد المفاوضات تحت القسم الأول هي كالتالي:
- نصوص الشفافية التي تتضمن المادة 1 (إصدار وتوفر المعلومات) والمادة 2 (الإصدار والاستشارة المسبقة) والمادة 5 (مقاييس أخرى لتعزيز النزاهة وعدم التمييز والشفافية) والمادة 6 (الضوابط المفروضة على الأجور والتكاليف أو على علاقة بالاستيراد والتصدير).
- النصوص التي تهدف لتسهيل إجراءات الجمارك التي تتضمن المادة 3 (الحكم المسبق) والمادة 7 (تحرير وتخليص السلع) والمادة 9 (تعاون الجمارك).
- نصوص العبور التي تضمن المادة 11 (حرية العبور) والمادة 9 الإضافية (تصريح بالبضاعة المنقولة أو الجارية نقلها).
- نصوص متعلقة بتنسيق وتنظيم الإجراءات الشكلية ذات الصلة بالتجارة وتتضمن المادة 10 (الإجراءات الشكلية المتعلقة بالاستيراد والتصدير والنقل) والمادة 6 (الضوابط المفروضة على الأجور والتكاليف أو على علاقة بالاستيراد والتصدير).
- نصوص متعلقة بإدارة تنظيم التجارة وتضمن المادة 4 (إجراءات الاستئناف القضائي).
- نصوص متعلقة بالتعاون الجمركي وتضمن المادة 9 (تعاون مكتب الحدود).
يتضمن القسم الثاني من نص الاتفاوض والذي يندرج تحت عنوان “أحكام المعاملة الخاصة التفضيلية للأعضاء من الدول النامية والدول الأقل نمواً” استثناءات وتسهيلات للدول النامية والدول الأقل نمواً. تتجاوز هذه التسهيلات أحكام المعاملة الخاصة التفضيلية في اتفاقيات منظمة التجارة العالمية الحالية والتي تمت مناقشتها تحت القسم 3-1-2 أدناه لتضم تسهيلات جديدة تتضمن التسهيل للدول النامية والدول الأقل نمواً لتصنف بنفسها أحكام تسهيل التجارة في ثلاثة فئات مختلفة حسب مصالحها وتعيد صياغة الحاجات والأولويات والجاهزية لتنفيذ أحكام كهذه: الفئة (أ) هي فئة أحكام تسهيل التجارة التي تتضمن تنفيذاً فوريا. والفئة (ب) تتطلب تنفيذاً مؤجلاً (فترة انتقالية) والفئة (ج) تطلب تنفيذاً مؤجلاً وشرطية المساعدة وهذا يعني بأن الدول النامية أو الأقل نمواً تحتاج وقتاً ومساعدة لتنفيذ أحكام تسهيل التجارة تحت التزامات الفئة (ج). وتتضمن التسهيلات الأخرى المرونة بشأن إعادة جدولة الالتزامات (الانتقال بين الفئات) والسعي لتمديد الفترة الانتقالية (آلية التنبيه المبكر) وفترة سماح من أجل تطبيق قوانين تسوية النزاعات.
وهناك مجموعة أخرى من القوانين تحت القسم الثاني تتعلق بتقديم بناء القدرة والمساعدة من قبل المانحين.
مستقبل التسهيل التجاري:
ما يزال من غير الواضح ما إذا كانت المفاوضات الجارية ستؤدي إلى اتفقية جديدة في التسهيل التجاري وبالتالي إلى قواعد جديدة متعلقة بالتسهيل التجاري أو لا. ويحدث حالياً في جنيف دفع من قبل العديد من الأعضاء لتحقيق نتائج مبكرة (“حصاد مبكر”) فيما يتعلق بالتسهيل التجاري في المؤتمر الوزاري الذي عقد في بالي في ناهية العام 2013. وعلى أية لا تزال هنالك العديد من العناصر الغير محسومة في نص التفاوض بشأن التسهيل التجاري والتي تتطلب انتباه إضافي للوصول إلى اتفاقية بشأنها.
معظم الدول نظرياً متفقة على أن التسهيل التجاري أمر مرغوب على اعتبار أنه يسهل التجارة ويحسن الحوكمة المتعلقة بها. ويقول البعض أن قواعد التسهيل التجاري والتي هي قيد التفاوض تسهل الواردات أكثر من الصادرات وبالتالي لا يمكنها أن تمثل بشكل كامل مصالح الدول النامية والدول الأقل نمواً. البعض الأخر يقول بأن تنفيذ قواعد معينة في التسهيل التجاري يتطلب استثمارات كبيرة في البنى التحتية والتي لا تمثل بالضرورة أولويات الإصلاح للدول النامية والدول الأقل نمواً.
بالرغم من ضرورة أخذ هذه الحجج بعين الاعتبار، إلا أن التقييم النهائي حول ما إذا كان عقد اتفاقية التسهيل التجاري وشيك أم لا يعتمد بشكل كبير على العناصر الأخرى التي سيتم ادراجها و(تحقيقها) في حزمة “الحصاد المبكر”.
المعاملة التفضيلية الخاصة: الاستثناءات للدول النامية والدول الأقل نمواً:
تتضمن اتفاقيات التجارة العالمية الحالية الأنماط التالية من شروط المعاملة الخاصة التفضيلية أو التسهيلات التي تقدم للدول النامية والدول الأقل نمواً بهدف دعمها في التغلب على أية عوائق ومساعدتها على الوفاء بالتزاماتها تجاه منظمة التجارة العالمية:
- إعفاءات من الالتزامات: تتعلق هذه الفئة بشروط المنظمة والتي تعفي بشكل كلي أو جزئي الدول النامية أو الدول الأقل نمواً من الالتزامات والتي تنطبق خلاف ذلك على تلك الدول. على سبيل المثال المادة 27 من الاتفاقية بشأن الدعم والإجراءات التعويضية تعفي كلياً مجموعة فرعية معينة من الدول النامية وكل الدول الأقل نمواً من حظر الإعانات المالية للتصدير.
- فترات انتقالية: تعرض بعض اتفاقيات منظمة التجارة العالمية فترات انتقالية للدول النامية والدول الأقل نمواً فيما يتعلق بتنفيذ التزامات معينة متعلقة بهذه الاتفاقيات. على سبيل المثال، تحتوي اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية على شروط تمنح الدول الأقل نمواً فترة انتقالية تبلغ 5 سنوات ودول نامية أخرى سنتين لتطبيق مقاييسها المتعلقة باتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية والمؤثرة على المنتجات المستوردة بسبب نقص الخبرة الفنية أو البنى التحتية الفنية أو الموارد.
- المقاييس الإيجابية في المعاملة الخاصة التفضيلية. تتضمن بعض اتفاقيات منظمة التجارة العالمية شروطاً تقضي بأن تأخذ الدول الأعضاء في الحسبان المشكلات الخاصة وحاجات الدول النامية والدول الأقل نمواً خصوصاً حاجاتها التجارية والمالية والتطويرية في الإعداد والتطبيق للمقاييس التي تمت تغطيتها في هذه الاتفاقيات. على سبيل المثال، تطلب اتفاقية العوائق الفنية في وجه التجارة من الدول الأعضاء بأن تضمن بألا تخلق الشروط والمعايير الفنية عقبات غير ضرورية في وجه الصادرات من الدول النامية والدول الأقل نمواً.
- المساعدة الفنية: تتضمن اتفاقيات عديدة لمنظمة التجارة العالمية شروطاً تلزم أعضاء المنظمة بتقديم مساعدة فنية وبناء قدرة للدول النامية والدول الأقل نمواً وذلك من أجل التقيد بشكل رئيسي بالتزاماتها تجاه المنظمة وتطوير قدراتها. على سبيل المثال، تطلب اتفاقية التجارة العامة المتصلة بحقوق الملكية الفكرية من الدول المتقدمة تقديم حوافز ومشاريع ومؤسسات ضمن مناطقها وذلك لتعزيز انتقال التكنولوجيا إلى الدول النامية والدول الأقل نمواً تعزيز قاعدتها الفنية.
- شروط الشفافية (الخاصة): تتضمن الاتفاقيات الحالية لمنظمة التجارة العالمية بما فيها اتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية واتفاقية العوائق الفنية في وجه التجارة شروطاً تقضي بأن تلفت الأمانة العامة لمنظمة التجارة العالمية انتباه الدول النامية والدول الأقل نمواً للإشعارات الصادرة من قبل أعضاء المنظمة الآخرين فيما يتعلق بالمقاييس المقترحة إن كانت هذه المقاييس تتعلق بمنتجات مهمة للتصدير للدول النامية والدول الأقل نمواً.
- مشاركة الدول النامية والدول الأقل نمواً في المنظمات الدولية المعنية: تتضمن بعض اتفاقيات منظمة التجارة العالمية (بما فيها اتفاقية العائق الفنية في وجه التجارة واتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية) شروطاً لتشجيع المشاركة النشطة للدول النامية والدول الأقل نمواً في منظمات عالمية محددة للمعايير الدولية
تجدر الاشارة الى أن صيغة معظم التسهيلات المتعلقة بالمساعدة الفنية بما فيها المساعدة في دعم الدول النامية في المشاركة في منظمات دولية هي صيغة غير ملزمة قانونياً وبالتالي الالتزامات المترتبة عليها غير مقيدة للأعضاء لتقديم ذلك الدعم.
يقول العديد من الأعضاء بأن هذه التسهيلات تفتقد للقوة الحقيقية وتحتاج لأن تصبح أكثر عملية كما تحتاج إلى التحسين والتوضيح لتستفيد منها الدول النامية والدول الأقل نمواً. وتفوض مفاوضات الدوحة الأعضاء لمراجعة شروط المعاملة الخاصة التفضيلية مع الأخذ بالحسبان تحسينها وجعلها أكثر فاعلية وعملية. ولقد تمت دراسة العديد من الاقتراحات حول كيفية تحقيق ذلك، ولكن الجمود الإجمالي في مفاوضات الدوحة لم يؤدي إلى تقدم ملموس يذكر في المفاوضات حول المعاملة الخاصة التفضيلية.
فلسطين ومنظمة التجارة العالمية:
فلسطين في السياق الاقتصادي الأوسع:
فلسطين بلد تجارة:
تقع فلسطين على تقاطع طرق التجارة الدولية منذ آلاف السنين، إذ كان هناك “طريق التوابل” الذي ينتهي في غزة، و”طريق الحرير” الذي أغنى العديد من البلدان المجاورة لفلسطين كما أفاد فلسطين إذ كانت تشارك بالتجارة المارة فيه.
تعتمد فلسطين اليوم بشكل كبير على استيراد السلع والخدمات بنفس اعتمادها على تصدير السلع والخدمات (إلا أنها تعاني بالرغم من ذلك من عجز كبير في التجارة)، فالتجارة هي شريان الاقتصاد الفلسطيني، لذلك فإن فلسطين هي سلفاً جزء لا يجزأ من التجارة العالمية (ولا يمكنها إلا أن تكون كذلك)، وجميع شركائها التجاريين عملياً هم من الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، أو بكلمات أخرى، في النظام التجاري العالمي.
وبأخذ ما ورد أعلاه بعين الاعتبار، قد يقول البعض أن السؤال الصحيح ليس “لماذا يتوجب على فلسطين أن تصبح عضواً في منظمة التجارة العالمية؟” وإنما “هل تتحمل فلسطين تبعات بقائها خارج النظام التجاري العالمية؟”.
اتفاقية التجارة الفلسطينية: لماذا هي موجودة؟ وما الذي حققته؟
ليست فلسطين حالياً عضواً في منظمة التجارة العالمية، لذلك وعلى عكس مؤسسات الأعمال في معظم الدول الأخرى، لا تتمتع مؤسسات الأعمال الفلسطينية بحزمة الحقوق الممنوحة وفق المنظمة كما هو موصوف أعلاه. ويتسبب ذلك بالضرر لهذه المؤسسات، ذلك أن السلع والخدمات الفلسطينية لا تزال تتعرض بسهولة للتمييز في الأسواق الأجنبية، كما ليس هناك ما يضمن منحها حقوق وصولها إلى الأسواق مثل التعرفات القصوى المطبقة (المعدلات الملزمة) (وبالمقابل فإن فلسطين أيضاً لا تخضع بعد لالتزامات منظمة التجارة العالمية بالطبع).
عندما بدأت عملية السلام، سعت السلطات الفلسطينية (منظمة التحرير الفلسطين والسلطة الوطنية الفلسطينية) إلى أن تضمن على الأقل بعض الحقوق التجارية لفلسطين من أهم شركائها التجاريين. ويتم ذلك من خلال عقد مجموعة من الاتفاقيات التجارية بدءاً بالاتفاقية الأهم بينها: “برتوكول باريس” التي تم التوقيع عليها مع إسرائيل والتي تشكل جزءاً من الاتفاق المؤقت بين الطرفين.
توفر هذه الاتفاقيات او الترتيبات عادة إعفاء السلع الفلسطينية من الرسوم الجمركية أو منحها تخفيضاً للرسوم، كما تتناول العديد منها بعض القيود غير التعريفية وغيرها من القضايا ذات الصلة بالتجارة. وكما أوردنا أعلاه، فإن بعض الاتفاقيات تتضمن أجزاء هامة من قانون منظمة التجارة العالمية، مثل قواعد وأحكام اتفاقية العوائق الفنية في وجه التجارة واتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية. وبالرغم من أن أياً من هذه الاتفاقيات لا تغطي تجارة الخدمات، 10 إلا أن المفاوضات جارية (أو أعيد إطلاقها من جديد) بهذا الصدد مع البلدان العربية والاتحاد الأوربي.
اتفاقيات فلسطين التجارية: لمحة موجزة:
فلسطين طرف في العديد من الاتفاقيات التجارية الثنائية والإقليمية (اتفاقيات التجارة الحرة والاتحاد الجمركي) أو في ترتيبات مشابه مع شركائها التجاريين لا سيما البلدان العربية (وفق اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، الغافتا) والاتحاد الأوربي والولايات المتحدة وكندا وإسرائيل ومنطقة التجارة الحرة الأوربية (EFTA) وتركيا ومؤخراً دول السوق الجنوبية المشتركة (MERCOSUR). ويمكن على سبيل المثال الحصول على وصف موجز لنطاق مضمون هذه الاتفاقيات بإختصار:
- فلسطين وإسرائيل: برتوكول باريس: يربط “برتوكول باريس” إسرائيل وفلسطين باعتباره جزءاً من الاتفاق المؤقت بين البلدين، باتحاد جمركي غير نموذجي إلى حد ما. ولقد قامت فلسطين وإسرائيل في مجال تجارة السلع بتنظيم تعرفاتها الخارجية عن النحو التالي: وافقت فلسطين على عدم تخفيض تعرفاتها إلى حد أقل من التعرفات التي تطبقها إسرائيل على معظم السلع. وعلى الرغم من ذلك، يمكن لفلسطين أن تطبق رسوماً أعلى من تلك المطبقة من قبل إسرائيل على تلك السلع. واتفق الطرفان بالنسبة على امكانية تطبيق فلسطين لتعرفات أقل من تلك المطبقة إسرائيلاً على مجموعة معينة من السلع الواردة في الملاحق (أ-1، أ-2، وب – A1، A2 & B) لبرتوكول باريس. يتضمن برتوكول باريس أيضاً قواعد تطبق على بعض القطاعات الخدمية وكذلك على عدد من الأمور الأخرى بما فيها التعاون في المجال الجمركي وإدارة الضرائب (وهو أساس نظام الضريبة المضافة (VAT) الحالي، كما أنه أساس عملية جمع الرسوم الفلسطينة وضريبة القيمة المضافة المطبقتين على السلع المستوردة من بلدان أخرى.
- فلسطين والاتحاد الأوروبي: الاتفاقية المؤقتة بين الاتحاد الأوروبي ومنظمة التحرير الفلسطينية. يرجع الاتفاق إلى العام 1997، وهو يضمن إعفاء السلع الفلسطينية غير الزراعية المصدرة إلى أسواق الاتحاد الأوربي من الرسوم الجمركية، وكذلك الإلغاء التدريجي للرسوم الجمركية المفروضة على السلع الزراعية. وتتمتع سلع الاتحاد الأوروبي بأفضلية الوصول الأسواق الفلسطينية وذلك بعد تنسيق وتنظيم التزامات فلسطين بما ينسجم مع الالتزامات التي أخذتها إسرائيل على عاتقها وفق اتفاقيتها مع الاتحاد الأوروبي. وتعتبر الحاجة إلى الامتثال للأحكام المتعلقة ببلد المنشأ من أهم التحديات التي تواجه مؤسسات الأعمال الفلسطينية في تطبيق الاتفاقية. وتتضمن هذه الاتفاقية مراجع عامة حول مجالات أخرى من تنظيم التجارة، لكن ليس فيها أيه أحكام أو قواعد تتعلق بتجارة الخدمات.
- فلسطين ومنطقة التجارة الحرة الأوروبية (أيسلندة، لايشتنشتاين، النرويج، سويسرا): تنص الاتفاقية على إعفاء معظم المنتجات الصناعية من فلسطين ودول منطقة التجارة الحرة الأوروبية، ويتم التعامل مع السلع الزراعية وفقاً لاتفاقية منفصلة مع الدول المذكورة. وتنص الاتفاقية على إلغاء الرسوم المطبقة على بعض المنتجات الزراعية الواردة من فلسطين ودول المنطقة وتخفيض الرسوم المطبقة على منتجات أخرى. أما الأسماك الفلسطينية وغيرها من المنتجات البحرية، فتمنح وصولاً معفى من الرسوم إلى دول منطقة التجارة الحرة الأوروبية. ومرة أخرى، تم تنسيق وتنظيم التزامات فلسطين وفق هذه الاتفاقية بما ينسجم مع الالتزامات التي أخذتها إسرائيل على عاتقها وفق اتفاقياتها الموازية مع منطقة التجارة الحرة الأوربية. وتتضمن الاتفاقية أيضاً أحكاماً تتعلق بأنظمة أخرى ذات صلة بالتجارة ولكن ليس فيها أية أحكام أو قواعد تتعلق بتجارة الخدمات.
- فلسطين وتركيا: اتفاقية التجارة الحرة المؤقتة بين تركيا ومنظمة التحرير الفلسطينية. تنص الاتفاقية على إعفاء السلع غير الزراعية من الرسوم الجمركية، والتحرير الجزئي للسلع الزراعية من هذه الرسوم. وتتضمن الاتفاقية أيضاً أحكاماً عامة حول أنظمة ذات صلة بالتجارة لكن ليس فيها أية أحكام أو قواعد تتعلق بتجارة الخدمات.
- فلسطين والولايات المتحدة: أفضلية أحادية موسعة. تتضمن الولايات المتحدة منح السلع الفلسطينية نفس المعاملة التفضيلية التي تمنحها لتلك الإسرائيلية، أي إعفاء موسع من الرسوم. ولقد تم ذلك فنياً من خلال إعلان رئاسي يوسع منح المزايا الرئيسية الممنوحة وفق اتفاقية الولايات المتحدة مع إسرائيل لتشمل منتجات الضفة وغزة والمناطق الصناعية المؤهلة، أي في الأردن. ولهذا، فإن أساس التفضيلات الممنوحة لفلسطين هو قرار أحادي الجانب صادر عن حكومة الولايات المتحدة وليس في اتفاقية دولية.
- فلسطين وكندا: أفضلية موسعة. على نحو مشابه لحالة الولايات المتحدة، توسع كندا التفضيلات الممنوحة لإسرائيل لتشمل فلسطين. لكن ذلك تم على أساس اتفاق ثنائي بين البلدين.
- فلسطين والبلدان العربية: اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى(غافتا). وفقاً لهذه الاتفاقية، تتمتع السلع الفلسطينية من حيث المبدأ بوصول معفى من الرسوم الجمركية إلى أسواق البلدان العربية. وتتناول الاتفاقية أيضاً العوائق في وجه تجارة السلع، ومن الأهمية بمكان أن المفاوضات جارية وفق هذه الاتفاقية لتحرير تجارة الخدمات أيضاً.
- الاتفاقيات الاقتصادية بين فلسطين والأردن وبين فلسطين ومصر: بالإضافة إلى اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، تتمتع بعض السلع الفلسطينية بوصول تفضيلي إلى الأردت ومصر وذلك وفقاً للاتفاقيات الثنائية بين فلسطين وهذه البلدان والتي تم إبرامها بعد أن أدى برتوكول باريس للمرة الأولى إلى فتح الأسواق الفلسطينية أمام بعض السلع العربية.
- اتفاقية فلسطين مع دول السوق الجنوبية المشتركة (MERCOSUR): وقعت فلسطين في نهاية عام 2011 اتفاقية تجارة حرة مع دول السوق الجنوبية المشتركة. وتنص الاتفاقية على إزالة التعرفات المطبقة على السلع على نطاق واسع، وتتضمن عدداً من القواعد والأحكام حول أمور أخرى مثل الحماية واتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية.
الوصول إلى السوق والتبادلية: تصحيح مواضع عدم الاتساق بالنسبة إلى فلسطين:
أشرنا سابقاً أن اتفاقية التجارة الإقليمية مع إسرائيل (بروتوكول باريس) وهي إلى حد ما عبارة عن اتحاد جمركي بمعنى أن لدى فلسطين وإسرائيل تعرفات خارجية مشتركة أو بالأحرى متوازية بالمقارنة مع بقية العالم. ونظراً لأن ترتيبات بروتوكول باريس تعني أن السلع التي تدخل إسرائيل لن يتم فعلياً إخضاعها لإعادة التحقق والفحص عندما تدخل إلى الضفة الغربية أو إلى غزة، أي أن السلع التي تدخل إسرائيل وفق اتفاقيات التجارة الإقليمية مع بلدان أخرى قد تصل في النهاية إلى الضفة الغربية بدون دفع أية رسوم فلسطينية (مع أنها قانوناً تخضع لرسوم التعرفات الفلسطينية). ذاك الوضع بعد بدء عملية أسلو، مما يعني أن فلسطين كانت تخضع فعلياً لالتزامات إسرائيل وفق اتفاقية التجارة الإقليمية الخاصة بهذه الأخيرة، بينما لم تكن الصادرات الفلسطينية تتمتع بأية حقوق أو فرص الوصول إلى أسواق هذه الدول نظراً لأنها لم تكن منتجات إسرائيلية، ولا يمكنها بالتالي المطالبة بأية معاملة تعرفية تفضيلية أو أية ميزات أخرى وفق هذه الاتفاقيات.
دفعت حالة عدم الاتساق هذه وما ترتب عنها من خضوع للالتزامات (فعلياً) بدون التمتع بالحقوق الحكومة الفلسطينية إلى إبرام اتفاقيات تجارة إقليمية مع العديد من شركاء إسرائيل التجاريين من أجل منح المنتجات الفلسطينية فرصاً متوقعة في الوصول إلى أسواق هذه البلدان والتمكن من قلب حالة عدم الاتساق التي يخلقها الاتحاد الجمركي المبرم مع إسرائيل فيما يخص التجارة مع بلدان أخرى وتحويلها إلى حالة اتساق من حيث تبادل الحقوق والالتزامات بين الأطراف التجاريين.
من الأهمية بمكان أن نفس حالة عدم الاتساق تنطبق حالياً على التجارة بين فلسطين والدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية، ذلك أن الواردات من هذه الدول تتمتع فعلياً بميزات مبدأ الدول الأكثر رعاية في الأسواق الفلسطينية، بينما لا يصح ذلك بالنسبة إلى المنتجات الفلسطينية التي لا تحصل على نفس الحقوق في أسواق الدول المذكورة. ويسلط ذلك الضوء على أن الأساس المنطقي للجهود الفلسطينية المبذولة لمقاربة منظمة التجارة العالمية هو ضمان حقوق الصادرات الفلسطينية في أسواق الدول الأعضاء في المنظمة.
إتفاقيات التجارة الإقليمية والالتزامات وفق منظمة التجارة العالمية: لماذا فلسطين في الواقع مقيدة بأجزاء كبيرة من قانون المنظمة؟
من الأهمية بمكان ملاحظة أن عمل اتفاقيات التجارة الإقليمية لا يقتصر فقط على إلغاء الرسوم الجمركية بين أطرافها، وإنما أيضاً معالجة القيود غير التعريفية في وجه التجارة وغيرها من الأحكام التجارية الأخرى مثل رخص الاستيراد وإجراءات اتفاقية العوائق الفنية في وجه التجارة واتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية وقواعد المنشأ والتقييم الجمركي والمعالجات التجارية وغيرها. إن الأحكام المطبقة على القيود غير التعرفية في وجه التجارة في معظم اتفاقيات التجارة الإقليمية (بما فيها تلك التي تضم فلسطين كطرف في الاتفاقية) غالباً ما تشير إلى أحكام اتفاقيات منظمة التجارة العالمية ذات الصلة (مثل اتفاقية الغات واتفاقية تدابير الصحة والصحة النباتية والاتفاقية بشأن الزراعة، الخ) التي تدمج التزامات منظمة التجارة العالمية في اتفاقيات التجارة الإقليمية. يمعنى آخر، إن فلسطين مقيدة سلفاً بمعاملة الورادات من بعض شركائها في اتفاقيات التجارة الإقليمية بحسب أنظمة منظمة التجارة العالمية بدون أن تكون عضواً فيها.
تجارة الخدمات:
باستثناء بروتوكول باريس، جميع اتفاقيات التجارة الثنائية والإقليمية بين فلسطين وشركائها التجاريين هي اتفاقيات لتجارة “السلع فقط” والتي توفر فرصاً متوقعة للصادرات الفلسطينية من السلع وليس من الخدمات للوصول إلى الأسواق الخارجية.
بالرغم من ذلك، تتمتع الخدمات الأجنبية غالباً بوصول فعلي إلى الأسواق الفلسطينية مرة أخرى نتيجة العلاقات الاقتصادية الوثيقة مع إسرئيل وحقيقة أن الدخول المادي إلى الأراضي الفلسطينية لا يخضع إلى الكثير من التفتيش من قبل الحكومة الفلسطينية. هذا ويعتبر القانون الفلسطيني مفتوحاً نسبياً أمام الخدمات التي يقدمها مزودو الخدمات الأجانب.
من ناحية أخرى، لا يتمتع مزوودو الخدمات الفلسطينيين بنفس فرص الوصول إلى الأسواق الأجنبية، ونتيجة لذلك باشرت فلسطين (أو تخطط لتباشر) بمفاوضات لتحرير تجارة الخدمات مع بعض الشركاء التجاريين بمن فيهم دول الاتحاد الأوروبي والدول الموقعة على اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى، لكن ما تزال هذه المفاوضات في مراحلها الأولى، وتبذل الجهود لتعزيز قدرة فلسطين التفاوضية حول اتفاقيات تجارة الخدمات ولتحقيق المزيد من الوضوح فيما يتعلق بالمصالح الهجومية والدفاعية لفلسطين في ما يتعلق بالتجارة الدولية للخدمات.
فلسطين ومنظمة التجارة العالمية: الخلفية والتقدم المحرز:
أولا: عضوية منظمة التجارة العالمية، صفة المراقب في منظمة التجارة العالمية، والوصول إلى منظمة التجارة العالمية: فهم ماذا من ماذا
تسعى فلسطين في الوقت الراهن للحصول على صفة مراقب في منظمة التجارة العالمية، ولا تسعى بعد للحصول على العضوية، أي الانضمام إلى المنظمة. ومن المفيد فهم الفروقات:
- عضوية منظمة التجارة العالمية تعني التقيد الكامل بكافة التزاماتها واكتساب جميع الحقوق، وذلك وفق اتفاقيات منظمة التجارة العالمية التي تمت مناقشتها أعلاه.
- صفة المراقب في منظمة التجارة العالمية تعني (عدم) التقيد بعد بأية التزامات وعدم الحصول (بعد) على أية حقوق حقيقية، لكنها تعني مع ذلك الحصول على بعض الحقوق الإجرائية والمؤسسات مثل:
- حضور الجلسات الت تعقدها منظمة التجارة العالمية ابتدأً بالمجلس العام ووصولاً إلى اللجان (بإستثناء لجنة الموازنة والتمويل).
- التحدث في هذه الجلسات (يمكن دعوة المراقبين للتحدث بعد أن ينهي الأعضاء الكلام)
- استلام معظم الوثائق المعدة من قبل منظمة التجارة العالمية.
- الحصول على المساعدة الفنية من “مؤسسة التدريب والتعاون الفني” التابعة لمنظمة التجارة العالمية.
- الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية هو العملية التي تصبح الدولة بموجبها عضواً في المنظمة كما هو موصوف أعلاه (لذلك فإن العبارات التي قد تقال مثل “الانضمام كمراقب” هي عبارات مضللة). ومن الأهمية بمكان أنه وعندما تقوم دولة بالتقدم بطلب الانضمام عضو، لا يقوم المجلس العام للمنظمة كما جرت العادة بتأسيس الفريق العامل بشأن الانضمام فحسب وإنما يمنح الدولة الراغبة بالانضمام صفة المراقب خلال فترة عملية الانضمام بهدف أن تصبح هذه الدولة أكثر اطلاعاً وخبرة بشؤون المنظمة.
وبناءاً عليه فإن صفة المراقب غالباً ما تكون ببساطة جزءاً من عملية الانضمام أو نتاجاً لها، ولكن المهم في الأمر أنه يمكن أيضاً الحصول عليها بدون أن تكون عملية الانضمام قد بدأت بعد. وهذا ما تسعى فلسطين لتحقيقه في الوقت الراهن.
وعلى نفس الدرجة من الأهمية تقع حقيقة أن عملية الانضمام تتألف في الواقع من عدد كبير جداً من التحضيرات والإصلاحات الداخلية. ويعني ذلك أن معظم العمل يتم على المستوى الداخلي، لذلك لا يهم كثيراً متى تبدأ العملية على المستوى الرسمي، ما يهم هو متى يتم انجاز العمل الداخلي. وفي حال اختارت فلسطين أن تحصل أولاً على صفة المراقب وتسعى من ثم لطلب الانضمام، لا يكون لذلك أثر على توقيت العضوية على الإطلاق، ويعني ذلك ببساطة القيان بالتحضيرات قبل بدء العملية الرسمية بدلاً من إنجازها بعد التقدم بالطلب، إذ من شأن ذلك أن يُقصر جداً المدة اللازمة لعملية الانضمام.
وبالعكس/ إن بدء عملية الانضمام من خلال تقديم طلب العضوية بحد ذاته لا يؤدي إلى تسريع الحصول عليها، إذا ستبقى هناك ضرورة للقيام بالعمل داخل البلد.
بمعنى آخر، إذا قامت الدولة المرشحة للانضمام (فلسطين) بالجزء الخاص بها من العملية على نحو ملائم، يكون هناك فارق ضئيل جداً بين السعي للحصول على صفة المراقب فقط أو السعي للحصول على العضوية الآن. وفي كلتا الحالتين يمكن لفلسطين أن تصبح مراقباً وأن تحافظ على هذه الصفة حتى إتمام عملية الانضمام، وفي كلتا الحالتين يعتمد الأمر بشكل كلي تقريباً على فلسطين: ما إذا قامت (وعندما تقوم) بعملها الداخلي وبالتالي إذا أصبحت (وعندما تصبح) عضواً في منظمة التجارة العالمية.
مقاربة منظمة التجارة العالمية: العملية الخارجية
تنظر فلسطين منذ زمن طويل في إمكانية دخولها في النظام التجاري متعدد الأطراف إذ يعود تاريخ جهود التحضير والمناقشات الأولية إلى أكثر من عشر سنوات مضت، وتقدمت الحكومة الفلسطينية بالعديد من الوثائق إلى منظمة التجارة العالمية.
- صفة مراقب في جلسات المؤتمر الوزاري في الأعوام 2005 و 2009 و 2011. وتقدمت فلسطين بطلب ناجح للحصول على صفة مراقب خلال الجلسات الثلاث السابقة للمؤتمر الوزاري، لكن ذلك لم يمنحها سوى وصول إلى هذه الجلسات الثلاث. أي أن صفة المراقب منحت لها لحالات محددة ولا يجب الخلط بينها وبين صفة المراقب الدائم لدى منظمة التجارة العالمية التي لم تحصل فلسطين عليها بعد (تسمى رسمياً مراقب في المجلس العام).
- صفة مراقب في المجلس العام (مراقبة كاملة). تقدمت فلسطين بطلب رسمي للحصول على صفة مراقب في المجلس العام –مراقبة كاملة- في الخريف من عام 2009. جدد هذا الطلب منذ ذلك الوقت لكنه بقي معلقاً فحتى الآن لم يضعة المجلس العام لمنظمة التجارة العالمية على جدول أعماله، لذلك فإن الدول الأعضاء في المنظمة لم يحصلوا حتى الآن على فرصة مناقشة الطلب الفلسطيني بشكل رسمي. ويرجع سبب هذا التأخير إلى أن بعض الدول الأعضاء ما تزال متحفظة حول الطلب بالرغم من أن هناك العديد من الدول الأعضاء الأخرى التي عبرت عن دعمها له. في هذه الاثناء يتم تحضير طلب جديد يتضمن معلومات مجددة تحت رعاية فريق العمل الوطني.
مقاربة منظمة التجارة العالمية: العملية الداخلية:
من ناحية أخرى، تم في هذه الأثناء القيام بالعديد من الخطوات على الصعيد الداخلي لتحقيق تقدم في هذا المجال.
- قرار بطلب صفة مراقب في منظمة التجارة العالمية. في عام 2009 قررت الحكومة الفلسطينية تقديم طلب لنيل صفة مراقب في منظمة التجارة العالمية كخطوة أولى على طريق الوصول إلى عضوية المنظمة وقد تم التصريح عن هدف فلسطين بنيل العضوية في المنظمة بشكل واضح ببرنامج عمل الحكومة لآب 2009 بعنوان “إنهاء الاحتلال، تأسيس الدولة”.
- فريق العمل الوطني لمنظمة التجارة العالمية (NTF). بناءً على القرار آنف الذكر، تم تأسيس فريق العمل الوطني في كانون الثاني 2010. وهي تتضمن ممثلين من السوية العليا عن القطاعين العام والخاص، وأصبحت تعقد اجتماعاتها حالياً كل شهرين برئاسة وزير الاقتصاد الوطني.
- الفريق الاستشاري الفني (TAT). يساعد فريق العمل الوطني فريق استشاري فني يضم مسؤولين وموظفين فنيين من السوية العليا من الجهات المعنية العامة والخاصة على حد سواء. ويجتمع هذا الفريق عادة مرة كل شهر. ويختلف الفريقان عن بعضهما من حيث التكليف، فبينما يقدم فريق العمل الوطني إرشاداً كلياً وتوجيهاً للسياسة حول التحضيرات الخاصة بمنظمة التجارة العالمية، يكون الفريق الاستشاري الفني مسؤولاً عن كل ما يتعلق بهذه التحضيرات.
- لجنة الشفافية: أسسها فريق العمل الوطني وتضم أعضاء من هذا الفريق والفريق الاستشاري الفني، ومهمتها مراجعة قواعد الشفافية المطبقة في فلسطين من أجل تحقيق الامتثال لشروط الشفافية الخاصة بمنظمة التجارة العالمية.
- وحدة منظمة التجارة العالمية في وزارة الاقتصاد الوطني. قامت وزارة الاقتصاد الوطني بإنشاء وحدة منظمة التجارة العالمية وزودتها بموظفين خبراء لتعمل على تقديم الدعم الفني إلى الفريق الاستشاري الفني وفريق العمل الوطني، إضافة إلى تقديم المشورة لوزير الاقتصاد حول كافة القضايا المرتبطة بمنظمة التجارة العالمية وقوانينها وأية عمليات ذات صلة، وبذلك تكون وحدة منظمة التجارة العالمية بمثابة “أمانة” مركزية لفلسطين حول قضايا منظمة التجارة العالمية.
هناك حالياً عملية إصلاح تشريعي ومؤسساتي تتضمن تطبيق خطوات مثل مراجعة الإطار التنظيمي لقطاع الاتصالات لأغراض الامتثال لمنظمة التجارة العالمية، وصياغة قوانين جديدة للملكية الفكرية، إضافة إلى إجراءات أخرى تم القيام بها مثل وضع خارطة طريق للوصول الى منظمة التجارة العالمية.
بناءاً على ما سبق، يتم حالياً بذل جهود كبيرة على الصعيد الداخلي الفلسطيني، وهناك تصور حول بذل المزيد منها كما لا تزال هناك حاجة للقيام بمزيد من الجهود على جبهتي القطاع العام والقطاع الخاص على حد سواء من أجل التحضير للاندماج في الاقتصاد العالمي بشكل عام والنظام التجاري متعدد الأطراف بشكل خاص.
تتمتع هذه الجهود بدعم المشروعات الممولة من قبل الجهات المانحة بما فيها مشروع مبادرة المناخ الاستثماري (ICI PROJECT) الممول من قبل USAID، والذي وفر مدخلات هامة وخبرات كبيرة لعمل الفريق الاستشاري الفني وفريق العمل الوطني. وهناك مشروع آخر ممول من قبل الاتحاد الأوربي تم إطلاقة حلال عام 2013 يهدف إلى تقديم الدعم إلى الوزارة في مجال صياغة السياسات التجارية والتحضير لعملية الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، علاوة على العديد من المشروعات الأخرى التي تساهم بشكل مباشر أو غير مباشر في هذه الجهود نذكر منها على وجه الخصوص مشروع تجارة الخدمات الممول من قبل الاتحاد الأوروبي برعاية وزارة الاقتصاد الوطني ومركز التجارة الفلسطيني.
إجراءات إنضمام فلسطين لمنظمة التجارة العالمية:
لإنضمام فلسطين لمنظمة التجارة العالمية يتطلب ذلك إعداد عدد كبير من المستندات، وتعديل اعديد من القوانين والتشريعات، لغرض إجراء مفاوضات صعبة سواء جماعية أو ثنائية، وذلك لغرض الدفاع عن مصالحها الوطنية، في وجه الدول الأعضاء التي تحاول إجبار دولة فلسطين عند الإنضمام على تقديم تنازلات كبيرة، قد تفوق أحيانا ما تخضع له بالفعل عند الإنضمام للمنظمة. نتناول في هذا الجزء الإلتزامات التي ستقدمها فلسطين عند إنضمامها لمنظمة التجارة العالمية:
أولا: الإتفاقيات التي تلتزم بها دولة فلسطين عند التقدم للعضوية:
- كافة الإتفاقيات متعددة الأطراف التي أبرمتها دولة فلسطين مع جميع الدول.
- الإتفاقيات متعددة الأطراف: إتفاقيات المشتريات الحكومية
- الأخذ في الإعتبار بما ستسفر عنه مفاوضات جولة الدوحة للتنمية وخاصة على صعيد معاملة المنتجات الزراعية والصناعية والخدمات وتسهيل التجارة.
ثانيا: المعاملة التفضيلية المقررة للدول النامية والأقل نمواً:
- تتمثل في الفترات الانتقالية طويلة الأمد لتنفيذ التزاماتها، منها معدلات خفض أقل للتعريفات الجمركية ومستويات الدعم، تيسيرات أكبر في استخدام إجراءات الوقاية، وغيرها.
- الدول الأعضاء تتشدد الآن في منح مثل هذه التيسيرات للدول الجديدة المتقدمة لعضوية المنظمة.
رابعاً: موضوعات تنظيم الإتفاقيات الدولية الأخرى:
وتشتمل على تنظيم العديد من النشاطات منها:
- حقوق الملكية الفكرية.
- قواعد الصحة والصحة النباتية.
- شؤون البيئة.
أما المقاييس والمعايير:
تنظمها اتفاقيات دولية تقوم بتنفيذها تقوم على تنفيذها منظمات دولية متخصصة:
- تتطلب عضوية المنظمة قبول وتطبيق قواعد العديد من هذه الاتفاقيات.
- انضمام الدول الراغبة في عضوية المنظمة لهذه الاتفاقيات كثيراً ما يسهل عملية قبول عضويتها في منظمة التجارة العالمية.
المتطلبات التي يلزم إعدادها فيما يتعلق بالالتزام بالاتفاقيات السارية في المنظمة:
- تحديد التشريعات المحلية المطبقة بالفعل ذات العلاقة بموضوعات اتفاقيات المنظمة.
- مراجعة مدى توافق التشريع المحلي مع قواعد اتفاقية المنظمة المماثلة.
- تحديد الجهة القائمة على تطبيق التشريع المحلي.
- تبين مدى استعداد هذه الجهة لتعديل التشريع المحلي ليتوافق مع قواعد الاتفاق، والى أي حد.
أما الصعوبات المتعلقة في إجراء العضوية:
تكمن الصعوبات المتعلقة في إجراء عضوية فلسطين في منظمة التجارة العالمية بما يلي:
- إقامة وتطوير البنية المؤسسية والقانونية والتشريعية اللازمة.
- إعداد المستندات المطلوبة لمرحلة مفاوضات العضوية.
- خوض مرحلة المفاوضات متعددة الأطراف والمفاوضات الثنائية.
- إعداد جداول الالتزامات المتضمنة نتائج المفاوضات.
- أقتراحات للتعامل مع صعوبات إجراءات العضوية.
- تحديد السياسة الاقتصادية للدولة، ومدى توائمها مع أهداف منظمة التجارة العالمية.
- صياغة الأهداف التفاوضية بوضوح لتكون واضحة أمام فريق المفاوضين.
- دراسة دراسة مدى توافق التشريعات والأنظمة والمؤسسات والممارسات التجارية القائمة مع قواعد منظمة التجارة العالمية واتفاقياتها، وحدود التغييرات المقبولة فيها.
الجوانب التي يجب أن يأخذها المفاوض الفلسطيني بعين الإعتبار أثناء عملية التفاوص:
- دور التجارة الخارجية في الإقتصاد الوطني.
- أهم الشركاء التجاريين، وما قد يتمتعون به من معاملة تفضيلية.
- أهمية حصيلة الرسوم الجمركية لموارد الموازنة العامة.
- القطاعات الاقتصادية التي يمكنها المنافسة خارجيا.
- الحاجة إلى توفير الحماية لقطاعات معينة أو لصناعات ناشئة أو لفئات معينة من السكان كفئة المزارعين مثلا.
الإجراءات الإدارية التي يجب القيام بها للبدء للانضمام للمنظمة:
تتلخص هذه الإجراءات بما يلي:
جهاز التفاوض:
إنشاء جهاز حكومي تفاوضي وشامل للقطاعات المعنية بالمفاوضات وذلك لخوض مفاوضات العضوية وإجرائاتها. تكون للجهاز سلطة أعلى من سلطات الأجهزة الممثلة للإدارات الحكومية ذات العلاقة بموضوعات المفاوضات. مع أهمية إستمرارية الممثلين الحكوميين في الجهاز قدر الإمكان، مع إتاحة الفرصة لتجمعات القطاع الخاص للتعبير عن آرائها ومقترحاتها لهذا الجهاز بموضوعية.
التواجد في جنيف:
يجب تعيين أو تخصيص أحد أعضاء البعثة الدبلوماسية للدولة في جنيف لمتابعة أعمال المنظمة. كوسيلة اتصال بين جهاز التفاوض وسكرتارية المنظمة. للاستفادة من وضع “المراقب” في المنظمة. ومتابعة مجريات المفاوضات الجديدة الجارية في المنظمة في إطار جولة الدوحة للتنمية.
المساعدات الفنية: كما يمكننا الإستفادة من المعونات الفنية المتاحة. والاستفادة من خبرة ومعاونة الدول الصديقة الأعضاء في المنظمة في تقديم المشورة لفريق التفاوض.
أما على الصعيد الداخلي: السعي لخلق وعي شعبي بأهمية العضوية في المنظمة وإبراز ايجابيات العضوية والرد على المخاوف بشأن سلبياتها. كما يجب الحصول على الدعم السياسي اللازم لضمان إقرار ما يتم التوصل إليه من شروط العضوية.
إستراتيجية إعداد مذكرة نظام التجارة الخارجية وملاحقها:
يتم ذلك من خلال ما يلي:
أولاً: فيما يتعلق بالبيانات الحكومية:
- يتم تجميع بيانات المذكرة، من داخل وخارج الوزارة في توقيت متزامن توفيرا للوقت.
- يتم مراجعة مدى توافق هذه البيانات مع أهداف ومتطلبات المنظمة أولاً بأول.
ثانياً: السياسات والتشريعات:
- تعديل السياسات والتشريعات والقوانين والتعليمات والنماذج الغير متفقة مع متطلبات منظمة التجارة العالمية بقدر الإمكان.
- يترك مؤقتاً ما تعتقد الدول أن العدول عنه أو تغييره سوف يخل بمصالحها الاقتصادية لمحاولة التفاوض على إجراء أقل قدر ممكن من التعديلات فيها إذا ما طالبت الدول الأعضاء بذلك.
ثالثاً: إعداد مذكرة التجارة الخارجية.
- إستيفاء كافة البيانات المطلوبة في المذكرة وملاحقها بقدر الإمكان تلافياً لإضاعة الوقت لاحقا في استكمال هذه البيانات.
- استخدام إحصاءات حديثة بقدر الإمكان.
- طلب مساعدة فنية من منظمة التجارة العالمية أو الجهات والمنظمات الأخرى.
رابعاً: أهم الموضوعات التي تثير جدلاً أثناء عملية التفاوض:
يتم تقسيمها إلى جزئين:
- قواعد المعاملات التجارية:
- تحديد مستويات التعريفة الجمركية التي تطبقها الدولة، ومستويات الخفض التي ستتم عليها، ومستويات ربط وتثبيت التعريفات، وأي رسوم إضافية مفروضة على الواردات.
- مراجعة أوضاع التكتلات الإقليمية، وأي رسوم إضافية على الواردات.
- مراجعة أوضاع التكتلات الإقليمية، التي تكون الدولة عضو فيها، ومدى اتساق هذه الأوضاع مع متطلبات المنظمة وقواعدها، وأي مزايا تمنح في إطار معاملة تفضيلية لدول أخرى.
- تطبيق شروط المعاملة الوطنية.
- القواعد المتعلقة بالإنتاج والخدمات:
- الدعم المقدم للصناعة.
- المعاملة الخاصة بالمنتجات الزارعية: مستويات التعريفة المطبقة، القيود غير الجمركية السارية، مستويات الدعم المحلي، الدعم التصديري.[1]
- القيود المفروضة على تجارة الخدمات، وجداول الالتزامات المتعلقة بتجارة الخدمات.[2]
- إجراءات الصحة والعوائق الفنية على التجارة.[3]
- الالتزام بقواعد حماية الملكية الفكرية، ومدى كفاية الإجراءات المطبقة لنفاذ إجراءات الحماية.[4]
- إجراءات التجارة المتعلقة بالاستثمار.[5]
- إستراتيجية التفاوض:
تكمن إستراتيجية التفاوض في:
- التعرف على المعاملة الخاصة والتفضيلية المقررة للدول النامية والأقل نمواً لاستخدامها كلما دعت الحاجة.
- البدء بأقل قدر ممكن من التنازلات، والتفاوض على زيادة مستوياتها تدريجياً عن الحاجة.
- ألا تستجيب الدولة طالبة العضوية بشكل فوري لمطالب الدول الأعضاء فرادي. وأن تسعى إلى تجميع المطالب من الدولة أو الدول قبل الاستجابة لكل مطلب على حدة.
- المطالبة بفترات انتقالية – لأطول مدد يمكن الحصول عليها من خلال التفاوض- لتنفيذ ما يتفق عليه من تنازلات واتفاقات.
- استخدام كل الظروف الغير مواتية التي قد تكون الدولة طالبة العضوية تمر بها للمطالبة بمعاملة أقل تشدداً.
نختم بالتعجيل بإنهاء إجراءات انضمام الدول المتقدمة لعضوية المنظمة:
الفقرة التاسعة من الإعلان الوزاري الصادر عن مؤتمر الدولة في نوفمبر 2001 تضمنت ما يلي:
- الفقرة التاسعة من الإعلان الوزاري تضمنت الحث على الإسراع في الإنتهاء من إجراءات عضوية الدول التي تتفاوض للإنضمام للمنظمة بهدف تعزيز النظام التجاري متعدد الأطراف.
- الفقرة 42 من إعلان الدوحة تضمن الإلتزام بالإسراع بقبول عضوية الدول الأقل نمواً.
- قرار المجلس العام للمنظمة بتاريخ 10 ديسمبر 2002 بتيسير إجراءات انضمام الدول الأقل نمواً. (المستند WT/L/508).
- الفقرة 58 من إعلان هونج كونج الوزاري الصادر في 18 ديسمبر 2005 بالتأكيد على أهمية تحقيق عالمية المنظمة بالإسراع وتسهيل انضمام الدول التي تتفاوض للانضمام لعضوية المنظمة وخاصة الدول الأقل نمواً منها.
المراجع:
. – إبراهيم العيسوي، الغات وأخواتها، الطبعة الثالث، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2001
. – البنك الدولي، “بناء الدولة الفلسطينية: النمو المستدام، وبناء المؤسسات”، نيسان، 2011
– خليل، عادل، “التجارة العالمية وأهم الاتفاقيات”، خبير اقتصادي ومستشار لشؤون منظمة التجارة العالمية.
. – خليل السحمراني، منظمة التجارة العالمية والدول النامية، دار النفائس، بيروت، 2003
– خميس، الفار، “اتفاقية التجارة العالمية ومدى تأثيرها على الاقتصاديات العربية”، دار النهضة العربية، مصر،
.1999
. – رعد الصرن، أساسيات التجارة الدولية المعاصرة، الجزء الثاني، سلسلة الرضا للمعلومات، دمشق، 2001
. – عبد المطلب عبد الحميد، النظام الاقتصادي العالمي الجديد، مجموعة النيل العربية، القاهرة، 2002
، – عبد الكريم، عصمت، “تجارة الخدمات في إطار منظمة التجارة العالمية”، مجلة الوحدة الاقتصادية، العدد 24
.2002
– أحمد طلفاح، الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية: تجارب بعض الدول العربية، المعهد العربي للتخطيط،
الكويت.
– ، اتفاقيات الغات ونتائج جولة الأورجواي، المعهد العربي للتخطيط، الكويت.
أثر الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية ،UNDP ومنظمة ،UNCTAD وزارة التجارة والصناعة، ومنظمة
. على قطاع الخدمات في الأردن، الأردن، 1996
– شبير الحرازي، تأثير تحرير التجارة العالمية على الدول النامية، صحيفة 26 سبتمبر، العدد 1368 ، كانون
. ثاني، 2008
. – شيحة، مصطفة، “اتفاقيات التجارة العالمية في عصر العولمة”، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2003
. – فادي مكي، “ما بين الجات ومنظمة التجارة العالمية، المركز اللبناني للدراسات، الطبعة الأولى، 2000
– التجارة نحو المستقبل: مقدمة عن منظمة التجارة العالمية، منشورات الموقع الالكتروني لمنظمة التجارة العالمية
.(http://www.wto.org)
– منظمة التجارة العالمي، “دليلك إلى اتفاقيات جولة الأورجواي”، الأمانة العامة لمنظمة التجارة العالمية، إصدار
.(http://www.wto.org) مشترك منشورات الموقع الالكتروني لمنظمة التجارة العالمية
– ، “الاتفاق العام للتجارة في الخدمات (الجاتس): الحقيقية والخيال، منشورات الموقع
.(http://www.wto.org) الالكتروني لمنظمة التجارة العالمية
– ، “الاتفاق العام للتجارة في الخدمات”، 1995 ، منشورات الموقع الالكتروني لمنظمة التجارة
.(http://www.wto.org) العالمية
[1] للتفاصيل يرجى مراجعة مستند المنظمة رقم (WT/ACC/4)
[2] يرجع المستند رقم (WT/ACC/5)
[3] يرجع المستند رقم (WT/ACC/8)
[4] يرجع المستند رقم (WT/ACC/9)
[5] يرجع المستند رقم (WT/ACC/10)