جرابلس السورية بعد الهجوم التركي تبدأ محو إرث تنظيم “الدولة الإسلامية”
-المركز الديمقراطي العربي
أصبحت صورة مقاتل تنظيم “الدولة الإسلامية” الممتطي صهوة جواد يقف على قائمتيه الخلفيتين وفي يده راية سوداء ويتدلى على جانبه سيف من العلامات التي بدأت تختفي على سيطرة الجهاديين على هذه المدينة الحدودية بعد أسبوع من اجتياح قوات المعارضة المدعومة من تركيا لها.
وشيئا فشيئا بدأت تختفي تحت طلاء حديث أزرق الرسوم التي نقشها على الجدران المتشددون الإسلاميون الذين أداروا جرابلس على مدار ثلاثة أعوام. وعاد الأطفال للعب في الطرقات الترابية وقد اختلط العرق بالتراب في شعرهم بينما نشرت النسوة غسيلهن خارج مبان تهدم نصف بعضها على أطراف المدينة.
وأضاف متحدثا بالتركية وهو يصف الحياة في ظل حكم التنظيم “الحياة ما كانت حياة. كانت الممنوعات كثيرة جدا. ممنوع التدخين ولم يكن بإمكان النساء إظهار وجوههن.”
واقتحمت قوات من المعارضة السورية تتألف في أغلبها من العرب والتركمان مدينة جرابلس يوم الأربعاء الأسبوع الماضي في عملية دعمتها قوات خاصة ودبابات وطائرات من تركيا بهدف طرد تنظيم الدولة الإسلامية من المدينة وما حولها ومنع مقاتلي ميليشيات كردية من السيطرة عليها بعد خروج الإسلاميين.
وبعد مرور أسبوع لا توجد علامات تذكر على الوجود العسكري التركي. فمقاتلو المعارضة السورية – وبعضهم يرتدي ملابس القتال المموهة والنعال الخفيفة والبعض الآخر يرتدي ملابس مدنية – هم وحدهم الذين يسيطرون على الأمور في المدينة ويسيرون دوريات على دراجات نارية وشاحنات تويوتا مكشوفة.
وترددت أصداء إطلاق النار احتفالا بالتطورات إذ راح بعض الشباب من المعارضة يطلقون النار في الهواء ويرفعون أصابعهم بعلامة النصر ويبدون استعدادهم لوقوف أمام الكاميرات لالتقاط صورهم ويتباهون أمام مجموعة من الكاميرات التي كان أغلبها كاميرات تلفزيونية تركية خلال زيارة رتبتها الحكومة التركية.
وأعلنت المعارضة السورية والجانب التركي السيطرة على جرابلس بعد ساعات من بدء العملية الأسبوع الماضي. لكن المدينة تقع على حافة منطقة حرب نشطة للغاية. ويوم الثلاثاء أصيب ثلاثة جنود أتراك بجروح بعد أن تعرضت دبابتهم لنيران غربي جرابلس.
وقال ياسين درويش الطبيب في عيادة صغيرة مظلمة إن الجهاديين أخذوا معهم كل شيء وهم يفرون ولم يتركوا من المواد سوى ما يكفي لعلاج الجرحى. ونقلت إلى المدينة مواد غذائية ومساعدات طبية من تركيا.
وقال درويش “أخذوا كل قطعة من المعدات ولذلك فالمستشفى خاو. لا توجد سوى إمدادات الطوارئ ولا يوجد حتى جهاز الأشعة السينية.”
وأضاف أن 30 مريضا نقلوا إلى المستشفى يوم الأربعاء وحده وكان بعضهم مصابا بجروح من جراء انفجار ألغام أرضية.
* “أخذوا حتى التنور” (الفرن)
وثمة شح في إمدادات الخبز ومياه الشرب في المدينة التجارية التي كانت الحركة فيها لا تهدأ في يوم من الأيام غير أنها أصبحت بلا علامات تذكر على وجود نشاط تجاري فيها.
ورغم الحر القائظ أشعل الأطفال النار في كومة من القمامة على ناصية أحد الشوارع. وأضاف “كان هناك تنور في المخبز وحتى هذا أخذوه.”
وأضاف أن أهل المدينة يخشون نقل المياه من نهر الفرات على الجانب الشرقي للمدينة لأن الجهاديين زرعوا ألغاما أرضية في تلك المنطقة.
تقع جرابلس على الجانب الشمالي الشرقي من مستطيل في الأراضي السورية يمتد نحو 80 كيلومترا سيطر عليه تنظيم الدولة الإسلامية عندما أعلن قيام دولة خلافة على مساحات كبيرة من الأراضي السورية والعراقية.
وتأمل تركيا والولايات المتحدة منذ مدة أن تتمكنا بإبعاد التنظيم عن تلك المنطقة الحدودية من حرمانه من طريق التهريب الذي كان عاملا رئيسيا في تدعيم صفوفه بمقاتلين أجانب وخزائنه بالمال من التجارة غير المشروعة.
ويوم الأربعاء قال المتحدث باسم الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إن الهدف من العملية العسكرية التي أطلق عليها اسم “عملية درع الفرات” هو تطهير الشريط الحدودي من كل الجماعات المتشددة والأخطار التي تمثل تهديدا للأمن التركي.
وإلى الشرق مباشرة على الناحية الأخرى من نهر الفرات تقع أرض تخضع لسيطرة ميليشيا كردية تدعمها الولايات المتحدة وتحارب الجهاديين أيضا.
غير أن تركيا تعتبر هذه الميليشيا قوة معادية تمثل امتدادا للمسلحين الذين يشنون حركة تمرد منذ ثلاثة عقود من الزمان من أجل منح الحكم الذاتي للأكراد في جنوب شرق تركيا.
وقد اشتبكت القوات التركية مع المقاتلين الأكراد وهي تتوغل في عمق الأراضي السورية جنوبي جرابلس وهو ما يعني أن المدينة والمنطقة المحيطة بها ما زالت على أطراف خط مواجهة ساخن.
وقال عادل “لست ضد الأكراد فهم طيبون وأعطونا سجائر.”
وأضاف أن المقاتلين الأكراد اقتربوا لمسافة بضعة كيلومترات من الناحية الجنوبية للمدينة. وتابع “دول كبرى تتقاتل ونحن مجرد ناس تحت نعالهم.”المصدر:رويترز