الإسلام السياسي والتحول الديمقراطي في تونس: قراءة في وتجربة حركة النهضة في الحكم
اعداد : د. عباش عائشة –أستاذة بكلية العلوم السياسية والعلاقات الدولية –جامعة الجزائر
- المركز الديمقراطي العربي
إذا كانت إشكالية العلاقة بين الديني والسياسي قد فرضت نفسها على الفكر العربي-الإسلامي منذ بداية القرن الماضي، فإنها عادت لتبرز مجدداً وبقوة أكبر، خلال العقد الثاني من الألفية الثانية من القرن الحالي، وهذا نتيجة لمجريات الحراك العربي الذي نعته الكثيرون ب”الربيع الديمقراطي، حيث شكل الجدل حول الدولة والإسلام السياسي ولا يزال قلب الصراعات الدينية والإيديولوجية والسياسية والتنظيمية المتفجرة .
وعليه تأتي هذه الدراسة لتحليل متغيرات البحث على المستويين النظري والتطبيقي في سياق إقليمي ووطني شديد التعقيد يتداخل فيه الوضع السياسي والاقتصادي والأمني والثقافي، وكذا في إطار تراكم معرفي هائل هيمن عليه في غالب الأحيان الطابع الإيديولوجي على مختلف المواقف والرؤى التي أنتجتها السجالات الفكرية بصدد مسألتي الدولة والإسلام السياسي.
كما أن الحركية المتسارعة التي ميزت المشهد السياسي التونسي بعد الثورة خلقت تحديات كثيرة ، تباينت وجهات نظر الفاعلون السياسيون في التعامل معها مما أدى إلى طغيان المظهر الصراعي على الساحة السياسي ، وهو ما ساهم في اضمحلال هيبة الدولة، خصوصا في ظل حالة اللاستقرار التي تشهدها تونس على المستويين الداخلي والإقليمي ، وأمام تلك الأزمة المتعددة الأبعاد توجهت كل الأنظار أو بالأحرى الاتهامات إلى حركة النهضة كونها الفاعل الأساسي والشرعي في السلطة السياسية، ، فكيف أطرت و هيكلتحركة النهضة للمرحلة الانتقالية و ما هي التحديات التي واجهتها ؟.
1-التحول الديمقراطي في تونس بين الطرح النظري و الممارسة: مقاربة تحليلية
لدراسة وتحليل الصيغة التي تمت بها عملية التحول الديمقراطي في تونس نرى من المفيد أولا التعرف على الطرح النظري لعملية التحول الديمقراطي وأنماطه. وذلك بالعودة قليلا إلى اللغة المفاهمية الخاصة بهذا المدلول، من أجل وضع التجربة التونسية في السياق النظري أولا ثم التطبيقي .
1-1 الإطار النظري لمدلول التحول الديمقراطي:
إن التحول الديمقراطي يشير إلى مرحلة وسطية يتم من خلالها تفكيك النظام الشمولي أو التسلطي السابق، وبناء على أنقاضه نظام ديمقراطي جديد ، وعادة ما تشمل عملية الانتقال مختلف عناصر النظام السياسي مثلا، البنية الدستورية والقانونية ، والمؤسسات السياسية وأنماط مشاركة المواطنين في العملية السياسية ، لكن تلك العملية لا تتم بشكل بيروقراطي دون مشاركة المجتمع المدني في صياغة معالمه الأساسية ، وقد تشهد مرحلة الانتقال صراعات ومساومات وعمليات تفاوض بين الفاعلين السياسيين الرئيسيين.
فعملية التحول الديمقراطي لا يمكن القول عنها أنها ناجحة أو مكتملة إلا إذا توافرت فيها شروط عديدة ، أبرزها أن يعمل الفاعلون السياسيون الرئيسيون على صياغة دستور جديد و إصداره بصورة توافقية ، وإقامة المؤسسات الدستورية والسياسية التي تشكل الأرضية الحقيقية لبناء ديمقراطي جديد ، لاسيما تشكيل حكومة جديدة من خلال انتخابات عامة تكون حرة ونزيهة ، على أن تمتلك هذه الحكومة القدرة والصلاحية على ممارسة السلطة وإقرار سياسات جديدة تعكس حالة الانتقال إلى الديمقراطية التعددية ، فضلا عن عدم وجود قوى أخرى تنازعها السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية صلاحياتها واختصاصاتها [1]. .وتتم عملية التحول الديمقراطي بأحد الأشكال التالية:
-أنماط التحول الديمقراطي:
أثبتت تجارب التحول الديمقراطي أنه ليس ثمة طريقة واحدة لتحقيق هذا الأخير، حيث ميز علماء السياسة بين أربعة أنماط رئيسة هي :
– الانتقال من الأعلى :Transtion en Amont وهو الذي يحصل من داخل النظام التسلطي ، ويقوده في هذه الحالة الجناح الإصلاحي في النخبة الحاكمة ، المقبول من المعارضة الداخلية ومن القوة الدولية المؤثرة في الخارج ، مثلما حدث في إسبانيا والبرازيل.
– الانتقال من الأسفل:Transition en Avale وه تقوده المعارضة الداخلية شرط أن تكونموحدة ومتماسكة وتمتلك القدرة التنظيمية والسياسية والتعبوية لقيادة العصيان المدني ضد النظام التسلطي ،مما يضطره لتقديم تنازلات ضرورية متعلقة بالحريات السياسية ، والديمقراطية التشاركية للشعب مثلما حصل في الفليبين، و أند ونسيا ، والمكسيك.
وفي حالة رفض النظام لمطالب المعارضة ، تلجأه الأخيرة إلى الإطاحة به عبر الانتفاضة الشعبية مثلما حدث في البرتغال واليونان .
-الانتقال من خلال التفاوض بين النظام الحاكم وقوى المعارضة:La Transition par la Negociation ويكون هذا النمط من التحول الديمقراطي عندما يكون نوع من التوازن النسبي في ميزان القوى ما بين الطرفين ويستحيل حسم الوضع لمصلحة أي طرف منهما، وبالتالي تبقى المفاوضات السبيل الوحيد لخروج من الأزمة ، والانتقال إلى الديمقراطية بأقل الخسائر الممكنة ، وذلك شرط أن تتوفر هذه القناعة ما بين الطرفين بهدف التوصل إلى إبرام عقد اجتماعي وسياسي جديد بإشراف أطراف إقليمية ودولية لتحقيق عملية التحول الديمقراطي.
-الانتقال الديمقراطي من خلال التدخل العسكري الأجنبي:L’Intervention Militaire وغالبا ما ارتبط هذا النمط من الانتقال بحروب وصراعات تؤثر فيها وتحكمها مصالح وتوازنات داخلية وإقليمية ودولية ، وهو يحدث في حالة رفض النظام الحاكم للتغيير وعدم وجود جناح إصلاحي داخله وعجز المعارضة عن الإطاحة به بسبب ضعفها وهشاشتها ، نتيجة لسياسات النظام القمعية. مثلما حدث في الغزو الأمريكي للعراق عام 2003 ، ويتخذ هذا النمط من التغيير عدة ذرائع لأجل كسب الشرعية الدولية كالتدخل باسم المساعدات الإنسانية وحماية الأقليات ، أو لأجل وضع حد للحروب الأهلية…[2]. لكن هذا الشكل الأخير يمكن اعتباره شكل جديد من أشكال الاستعمار لأجل تبرر التدخل في شؤون الداخلية للدول تحت راية هيئة الأمم المتحدة والمنظمات التابعة لها، أو وجه من أوجه العولمة[3].بناء على الطرح النظري كيف تمت عملية التحول الديمقراطي في تونس؟ هل تقيدت بذلك أم استحدثت أطر أخرى؟.
1-2-طبيعة التحول الديمقراطي التونسي:
يعتقد البروفيسور”بشارة قادر” بعد تحليله لبعض نماذج التحول الديمقراطي، أن التجارب التاريخية برهنت على أن التغيير يستغرق وقتا ، وهذا الوقت يختلف من دولة لأخرى وذلك حسب طبيعة كل ديكتاتور، لذلك يختلف نمط التغيير من دولة لأخرى ،مما يعني أن تجربة التحول الديمقراطي التونسية لم تأتي في نفس السياق الذي جاءت فيه التجارب الغربية ،أو بالأحرى جاءت خارج الطرح الكلاسيكي للتحول الديمقراطي حيث بنت نمطا جديدا للتحول الديمقراطي المتمثل في التحرك الجماهيريالسلمي[4]، إذصحيح أن الشبكات الاجتماعية أسهمت في زيادة منسوب تواصل الشباب المنتفض ، وتدعيم التنسيق بينهم فيما يخص أماكن وأوقات التواجد ، وطبيعة المستجدات المطلبية المفروض رفعها ، لكن ذلك لا يعوض التواجد على الأرض يوم الاحتجاج ، فعناصر التواصل الاليكتروني بشتى أنواعه هي ضرورية ، لكنها لم تكن كافية لحسم مصير حركات الاحتجاج ضد الحاكم ، بمعنى ، أنه لو لا التواجد والضغط بالواقع الحقيقي لما كان للواقع الافتراضي أن يبلغ مداه في التغيير[5].
وقد تجلى لنا ذلك في كم التظاهرات التي نظمت في تونس العاصمة وباقي مناطق البلاد ، وكان إحراق الشاب محمد البوعزيزي لنفسه على مرأى ومسمع الناس في وسط مدينة سيدي بوزيد وأمام أحد مقراتها السيادية شرارة انطلاق الثورة الشعبية في تونس ، حيث ترددت عدة روايات حول لحظة انفجار غضب البوعزيزي وبالتالي انفجار الانتفاضة على المستوى المحلي بالمدينة ثم توسعها إلى باقي المناطق ، فعملية الحرق هي أقصى تعبير عن رفض الواقع المعاش وتعبير عن حالة اليأس التي كان يمر بها المجتمع التونسي و التي اختزلت في حالة البوعزيزي .
وبالتالي هذا ما يجعلنا نقول أن تلك اللحظة التاريخية تحمل أكثر من دلالة تتجاوز مجرد ما يمكن أن يحمله اعتداء امرأة على رجل في منطقة شبه ريفية من خدش للرجولة واعتداء عليها، إلى ما يحمله من بطش السلطة وقطعها لأرزاق البسطاء . كما بقي مشهد الشاب وهو يحترق إشهارا رمزيا قوي الدلالة لتعطل كل مسالك التواصل بين المواطن والسلطة المسئولة بالجهات ، وكان تعبيرا قويا لاحتراق كل سبل الوساطة والتفاهم والعجز عن إبلاغ الصوت . ولقد شاهدنا كيف كان العنف هو الملجأ الوحيد للسلطة ، أما الشعب فوجد ملاذه في الشارع الذي مثل حيزا لاحتضان المطالب الجماهيرية ، وأمام تلك الوضعية كانت الثورة بحاجة إلى أطر تنظيمية لتأطيرها وتحمل المسؤولية ،وكانت منظمات المجتمع المدني على اختلاف أطيافها في الموعد حيث دفعت الثورة دفعا قويا نحو تحقيق أهدافها.
2-1-دور منظمات المجتمع المدني في الثورة
بعد أن تصورت السلطة نفسها أنها محمية من خلال عشرات الشعب المهنية المنتشرة على التراب التونسي للحفاظ على كيانها من أي تهديد ، وأنها قد جسدت “ميكروفيزيا السلطة” ، فوجئت بمناضلين محليين لهم شبكة من التواصل والتضامن ولهم قدرات نضالية في العنوان الاجتماعي متقدمة جدا ،لا تقف مطلقا في حدود مركزية الولاية[6]، و ما اتساع نطاق الانتفاضة إلى ثورة عمت كل مناطق البلد إلا دليل على ذلك، فبقيام ثورة 14 جانفي تحررت تلك المنظمات من قبضة السلطة وساهمت في تفعيلها وبلورت مطالبها ودخلت مرحلة التسييس نظرا لتدخل الفاعل السياسي والحزبي والنقابي ، مما أضفى عليها مضامين ديمقراطية وحقوقية وقانونية تبلورت في مطالبها وشعاراتها ، وهو ما لم يكن ممكنا في بداية انطلاقها ،نظرا لعفويتها وافتقادها لقيادة سياسية أو إيديولوجية[7].
فمحدودية نشاط المجتمع المدني وعدم تأطيره الشباب جعلت الاحتجاج منفلتا وقابلا لأن يكون ثوريا ، فنقطة الضعف تلك هي التي حولت نوعيا الاحتجاج وقلبت طبيعته ليغدوا ثورة [8]، وساهمت في نجاحها وتوسع مجالها المكاني و النضالي من خلال تحرك غير مؤذي ، وغير عنيف من قبل الشعب التونسي كشف عن هشاشة النظام السياسي بأسره ، حيث اختبروا الأمر دون أن يعلموا بذلك ، فكانت النتيجة أن تهاوى نظام السلطة والبيروقراطيات الحزبية وكافة التراتبيات الهرمية ،فالسلطة وجدت نفسها عاجزة أمام شعار ” الشعب يريد” ، وقد صدق وصف أحد الكتاب” بأن الشعب التونسي ولد لما قال ” الشعب يريد” ، هذا الشعب الذي لطالما تصورته السلطة أرض خصبة لفرض إرادتها ، وفقا للمنطق الفرعوني لا أريكم إلا ما أرى ها هو اليوم يتطلع أو بالأحرى ينازعها في فعل “الإرادة”، مما يوحي بأن السلطة أصبحت-بيد الشارع التونسي منبع الثورة- وبالتالي وصول الثورة إلى ذروتها أو أوجها ، وحينها أصبح الأمر بحاجة إلى جماعة رجال لالتقاط السلطة وتحمل المسؤولية على حد تعبير “حنة أرندت” في موضع تحليل الثورة الفرنسية[9].
وتأسيسا عم سلف فشرارة الثورة انطلقت من فرد(البوعزيزي) ثم توسع نطاقها ليشمل كل القطر التونسي و هو ما أجبر الرئيس بن علي على الفرار، وبالتالي انهيار النظام الاستبدادي و تغير المشهد السياسي .وقد شكل انهيار السلطة في تونس بعدا مهما من أبعاد الثورة التونسية ، إذ و إن كانت انطلاقتها توحي بأنها ذات طابع اجتماعي إلا أن مع سيرورة الأحداث والمطالب المتوالية أثبتت أن الشعب التونسي لم يتوان في تصعيد صقف مطالبه ، مستغلا تلك اللحظة التاريخية التي شكلت منعطفا هاما في حياته ، مكنته من إثبات وجوده على المستوى الوطني بإزاحته لمعالم تلك الدولة ، وعلى المستوى الخارجي بتصديره لثورة الياسمين لباقي الدول العربية .
ومن ثم فالفعل الثوري التونسي يضعنا أمام مبادرة منخرطة في فعل تاريخي معقد يفترض أنه وسيلة للتحرر من جبروت التسلط كما يفترض أنه في الوقت ذاته محاصر بمتغيرات إقليمية ودولية لا ينبغي إغفالها عند محاولة قراءته وبناء نتائجه القريبة والبعيدة ، والممكنة و الصعبة ، كما يرسم الحدث في تجلياته الأولى المتمثلة في التظاهر ورفع الشعارات ، ملامح نموذج جديد في التحول الديمقراطي في المجتمعات العربية ككل وتونس واحدة منها ، وأمام هذه الوضعية ينبغي تجنب إطلاق الأوصاف التي تضعنا في قلب مرجعيات نظرية بعينها ، والاتجاه صوب التفكير في المنعطف الذي دشنه الفعل المبادر والذي يعتبر لحظة فاصلة في تاريخ مواجهة دولة التسلط [10]. وبذلك تكون التجربة التونسية بنت نمط أخر للتحول الديمقراطي[11]
هذا عن شكل أو نمط التغيير الذي يعتبر كمرحلة تمهيدية للتحول الديمقراطي، ثم تليه مراحل أخرى من أجل نقل المشروع إلى حيز التنفيذ ، وهذا ما نتناوله في مايلي :
2-هيكلة التحول الديمقراطي:
شملت هيكلة التحول الديمقراطي الجوانب الدستورية والسياسية وإشراك الفواعل الاجتماعية لتأمين مسار التحول الديمقراطي ، وتأطيره من أجل إعادة تشكيل السلطة وتحقيق رهانات المرحلة الانتقالية.
2-1-التأطير الدستوري للمرحلة الانتقالية:
بعد التصحيح في القراءة الدستورية ، تمكن الرئيس المؤقت ” فؤاد المبزع” رئيس البرلمان في النظام السابق ، والمخول دستوريا بتولي منصب الرئاسة في حالة الشغور النهائي للمنصب حسب المادة 57 ، من ضمان تصويت المجلس النيابي على قانون يجيز له إقرار مراسيم اشتراعية ،وذلك بموجب المادة 28 من الدستور ، كما تشكلت حكومة انتقالية برئاسة ” محمد الغنوشي “ضمت وجوه من النظام السابق وأخرى من المعارضة ، أمثال ” أحمد نجيب الشابي ” عن الحزب التقدمي الديمقراطي الذي استبدل اسمه لاحقا بالحزب الجمهوري ، و”أحمد إبراهيم ” عن حركة التجديد التي أصبحت تحت تسمية حزب المسار الديمقراطيين و”مصطفى بن جعفر” عن حزب التكتل من أجل العمل والحريات[12].
وإن هذه الآلية حسب اعتقاد كل من توفيق المديني[13] وعز الدين عبد المولى[14]، أنها حققت نوع من الوفاق بين النخبة التونسية على اختلاف انتماءاتها السياسية والفكرية ،فرغم الطبيعة الثورية للتغيير الذي أطاح برأس النظام ، فقد استطاع جهاز الدولة أن يحتفظ بالمبادرة في ترتيب وضع السلطة الجديدة ضمن الأطر الدستورية، وهذا راجع إلى الإرث الدستوري و الدولتي لتونس ، حيث لا ننسى أن هذه الأخيرة عرفت صدور أول دستور في البلاد العربية ، الذي عرف بدستور 1861 .ويشكل هذا الارث ” الرمزي” ثقة كبيرة للنخبة ، ما عليها سوى استدعائه لأجل انجاح المرحلة الراهنة .
لكن هذا الوفاق –الظرفي- لم يسمو لتطلعات الشعب التونسي ، بل هناك من اعتبر أن الخوف من الانفلات الأمني هو الذي دفع البعض من الذين صنعوا الثورة بالقبول بحلول لا يحكمها منطق الثورة ، مثل القبول بأعضاء الحكومة الانتقالية الأولى ، نظرا لأن الوعي عند الذين قاموا فعلا بالثورة يمتاز أكثر وضوحا من الفاعلين التقليدين ، فعندما قالوا ” إسقاط النظام ” هدفوا من وراء ذلك إلغاء الدستور وحل كل المؤسسات التي انبثقت عنه [15].
لذلك فقد طالب الشعب التونسي بإسقاط الحكومة كونها تمثل استمرارية للنظام السابق ، حيث أجبر أعضاء الحكومة المؤقتة على الاستقالة في 02 مارس 2011 بداية بالوزير الأول ” محمد الغنوشي “وتبعه مجموعة أخرى من الوزراء بفعل الضغط الجماهيري، وحلت محلها الحكومة المؤقتة الثانية برئاسة ” الباجي قائد السبسي” وهي تعتبر مرحلة انتقالية ثانية من بداية التحول الديمقراطي ، حيث حققت الثورة التونسية انتصارا جديدا بتمكنها من الحصول على قرار نهائي من القضاء التونسي يوم 09 مارس 2011 بحل حزب ” التجمع الدستوري الديمقراطي ” كما تم إلغاء إدارة أمن الدولة [16] ، وبذلك نلاحظ تواصل التأثير الجماهيري في عملية التغيير ، وفي تحقيق أهداف الثورة تدريجيا ، لكن هذا لا يكفي لتسيير هذه المرحلة الحرجة التي تمر بها تونس خاصة الظرف الأمني ، وإنما يجب تحصين الثورة بأطر مؤسساتية ودستورية ، لحماية الثورة و من ثم تأمين مسار التحول الديمقراطي ، ونظرا لغياب المؤسسات الديمقراطية المنتخبة بعد إسقاط النظام ، فقد اتحدت فواعل سوسيو-سياسية جديدة وأخرى قديمة للاضطلاع بالمهمة و تم تشكيل الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة و الإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي.
2-2- دور الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة في إدارة المرحلة الانتقالية:
تشكلت هذه الهيئة على أنقاض ” المجلس الوطني لحماية الثورة” الذي ضم تقريبا كل الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني، وسعى للحصول على موافقة رئاسة الدولة لاعتماده الإطار الرسمي لتحقيق أهداف الثورة وإدارة المرحلة الانتقالية ، ونظرا لنشوء خلافات داخل المجلس تدخلت حكومة المؤقتة الثانية وشكلت “الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثور والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي” ، وهي هيئة غير منتخبة وإن كانت تضم أناس منتخبين في منظماتهم وأحزابهم ،وشخصيات وطنية[17]، تأسست في 15 مارس 2011 بعد ادماج هيئة حماية الثورة ،و تضم 12 حزب و19 منظمة أبرزها الاتحاد العام التونسي للشغل ، وضمت 71عضو في أوائل مارس ثم وصلوا 155عضوفي شهر أفريل[18] .
وترأس الهيئة الأستاذ ” عياض بن عاشور” لأجل التحضير لانتخابات ، بالإضافة إلى مراجعة بعض المسائل المهمة التي تتعلق بالمجال الدستوري وتسيير الحياة السياسية كحماية حريات الموطنين، والقوانين الخاصة بالأحزاب والجمعيات …وغيرها لأجل تأسيس دولة القانون[19].
و بالتالي فالهيئة حلت الإشكالية المثارة حول مسألة الشرعية الجديدة في تونس هل الشرعية الثورية أم الدستورية؟، نظرا لتمثيلها للشرعيتين الدستورية والثورية بناء على رغبة الشعب التونسي الذي أراد شرعية جديدة منبثقة عن مؤسسات جديدة، وليس حسب ما ينص عليه الدستور القديم القاضي بإجراء انتخابات رئاسية في غضون شهرين . ومن ثم اضطلعت الهيئة بتلك المهمة ، والتي رغم صبغتها الاستشارية الواردة في نص المرسوم الذي أنشأها ، فإن أغلب مقترحات الهيئة تحولت إلى قرارات نافذة ثم إلى واقع تشكل بالتدريج وأسس لإجراءات وأسس لسلسلة الإجراءات القانونية والتنظيمية التي أطرت عملية الانتقال وأوصلت البلاد إلى انتخاب المجلس التأسيسي ، فإن كانت الحكومة المؤقتة قد شغلت بتسيير شؤون الدولة فيما يخص عملها اليومي إلى جانب إدارتها لملفات الاقتصاد والأمن والسياسة الخارجية ، فإن مهمة الهيئة انصرفت إلى وضع الإطار التشريعي العام ، فخلال الأشهر الثمانية من عملها أصدرت عددا من المشاريع والمراسيم لتنظيم الحياة السياسية ، كان أبرزها المرسوم عدد27 لسنة 2011المؤرخ في 18 أفريل 2011 والذي أنشأت بمقتضاه ” اللجنة العليا المستقلة للانتخابات ” ،التي وضعت القانون الانتخابي الجديد القائم على وجود لجنة انتخابية مستقلة وثنائية متوازية بين الرجال والنساء والاقتراع النسبي ….وقد صادق مجلس الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة بالإجماع على ذلك التعديل ،الذي أسس لنظام سياسي جديد تجلت معالمه في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة في تاريخ تونس في 23 أكتوبر 2011 انبثق عنها المجلس الوطني التأسيسي أولى مؤسسات الثورة ذات الشرعية الانتخابية [20].
2-3-انتخاب المجلس الوطني التأسيسي :ووصول حركة النهضة للسلطة
في27 أكتوبر2011 تم إجراء الانتخابات وفق نظام القائمة النسبية وعلى قاعدة التناصف بين الرجال والنساء ، حيث تقدم أكثر من 10 ألاف مرشح على قوائم تفوق 1519 قائمة منها 830 قائمة حزبية و 655 مستقلة و34 ائتلافية ، وقد أدلى ما يفوق 7 ملايين ناخب تونسي أي بنسبة 90 بالمائة بأصواتهم لاختيار 217 عضو في المجلس الوطني التأسيسي ، ما انتخبت 49 امرأة لعضوية المجلس التأسيسي أي بنسبة 24 بالمائة من مجموع الأعضاء[21].
وقد أفصحت تلك الانتخابات عن تغيرات جوهرية في المشهد السياسي، من خلال إعادة رسم خريطة القوى والتوازنات السياسية ، إذ مثل فوز حركة النهضة بداية لمرحلة جديدة في الحياة السياسية التونسية ، مما يضع التيار الإسلامي أمام اختبار السلطة بعد ربيع الثورات ، خاصة أنه حرص على الترويج لخطاب سياسي وسطي ومعتدل وتعهد باحترام الصبغة المدنية للدولة وسيادة الشعب وقاعدة التداول على السلطة ، و كان من دلالات تلك الانتخابات أن أسست لشرعية جديدة لممارسة الحكم تمثلت في شرعية المؤسسات، حيث انتهت المرحلة الانتقالية الأولى القائمة على أساس التوافق والاتجاه صوب بناء الجمهورية الثانية [22].
كما أفرزت انتخابات المجلس التأسيسي عدة حقائق أو مفاجآت على حد تعبير “صلاح الدين الجروشي ” بشكل أضفى عليها مزيدا من الأهمية و الحيوية أهمها النسبة العالية التي تحصلت عليها حركة النهضة ، فالجميع كان يعتقد أن هذه الأخيرة ستتصدر بقية الأحزاب ، لكن الحجم المرتقب كان مقدرا في حدود 25بالمئة أو ثلاثين غير أن النسبة التي كشفت عنها صناديق الاقتراع اقتربت من النصف وهو ما فاجأ واضعو قانون الانتخابات أنفسهم ، حين اعتقدوا بأنه كافيا للحيلولة دون أن يهيمن أي طرف حزبي على المجلس [23]، ويرجع هذا النجاح حسب تفسير البعض كون التيار الإسلامي الذي ظهر بثقل كبير في المجتمع التونسي على الرغم من محاولات الإقصاء القديمة ، استطاع–ببراعة –بلورة شعارات قريبة من مزاج أغلبية الشعب التونسي ، الأمر الذي أدى إلى الاستحواذ عليه وتوظيفه سياسيا[24].
في حين احتل حزب المؤتمر من أجل الجمهورية المرتبة الثانية بعد أن كان ينظر إليه كحزب صغير ، وهو ما مكنه من أن يكون له دور في المجلس التأسيسي بالإضافة إلى بروز العريضة الشعبية للحرية والعدالة والتنمية كثالث قوة في الانتخابات باحتلالها المرتبة الثالثة، وفي المقابل تراجع حزب التقدم الديمقراطي التقدمي الذي كانت عملية سبر الآراء تضعه في المرتبة الثانية بعد حركة النهضة ،كما تراجعت حركات اليسار والقوى الحداثية ، كم شمل الانحسار أيضا النقابيين الذين شاركوا في الانتخابات سواء في قوائم مستقلة أوضمن أحزاب[25] .
وبالتالي فقد مثل انتخاب المجلس التأسيسي خطوة كبيرة باتجاه طي صفحة الماضي وإرساء قواعد النظام السياسي الجديد ، إذ بموجب هذه الانتخابات قامت أول مؤسسة سيادية ذات شرعية كاملة تتمتع بصلاحيات تأسيسية وتشريعية ، وإذا كانت أول صلاحية للمجلس التأسيسي هي كتابة الدستور فإن أولى مهامه تمثلت في انتخاب رئيس للجمهورية يتولى بدوره تسمية رئيس الحكومة .
ومع تشكيل أول حكومة تونسية بعد الثورة منبثقة من خيار الشعب ، اكتملت الأركان الأساسية للنظام السياسي الانتقالي في اطار من الشرعية الانتخابية التي افتقدتها حكومتي الغنوشي والسبسي وبذلك دخلت تونس في مرحلة جديدة في تاريخها السياسية المعاصر وتجاوزت كثيرا من التعقيدات السياسية والقانونية التي لا تزال بقية دول الربيع العربي تسعى لتجاوزها[26]. فكيف أطرت النهضة لهذه المرحلة؟
3-حركة النهضة التونسية بين أطروحاتها التنظيرية والمشكلات الواقعية
لقد تبنت حركة النهضة منذ تأسيسها هدف إقامة الدولة الإسلامية أو الحكم الإسلامي وتطبيق شرع الله فهل ستسير وفق أطروحاتها وتنظيراتها الفكرية أم تتكيف حسب ما تمليه ظروف المرحلة الانتقالية؟ وحتى يتسنى لنا معرفة ذلك يفترض علينا معرفة خارطة العمل السياسي لحركة النهضة .
3-1-خارطة العمل السياسي لحركة النهضة : سؤال القوة والحضور
لم يعد الحديث عن قوة الإسلاميين وحضورهم السياسي والاجتماعي مجرد تكهنات تخضع لمنطق المبالغات ، فهناك اليوم مؤشرات في تونس ومصر على أن هذه الحركات رقما صعبا في اللعبة السياسية ، إذ ظهرت حركة النهضة بوصفها لاعبا مهما في تونس بعد انتخابات المجلس التأسيسي وهو ما خولها أن يكون لها دور الفاعل الأساسي في ترسيم مسارات المرحلة الانتقالية[27].ولكن حتى وإن تمكنت حركة النهضة من الفوز بالانتخابات ، فإن تنفيذ الرؤية الاسلامية التي تحملها تحتاج إلى قوة سياسية هائلة لا يكفي الفوز الانتخابي لتوفيرها، وقد اتخ>ت حركة النهضة عدة آليات لتسيير المرحلة الانتقالية ن>كر منها:
3-1-التقارب الإسلامي العلماني و تشكيل حكومة الترويكا:
لقد شكل التقارب العلماني الإسلامي نقطة انطلاق لتأسيس مرحلة جديدة في قيادة الدولة التونسية من خلال ترويض فكريهما نحو بناء حكومة ائتلاف وطني ، إذ أفرغ “د. المرزوقي” مفهوم العلمانية من كل معنى يدل على الإقصاء والتصادم مع ما هو ديني في الدولة والمجتمع ، ليحصر معناه العام في رفض وإقصاء واستئصال كل منابت النزع الاستبدادي في الدولة والمجتمع بقطع النظر عن الجهة المستبدة ، وبذلك يكون روض مفهوم العلمانية في المعسكر العلماني ترويضا سمح بإمكانية الالتقاء والتقاطع مع الإسلاميين حول جملة الثوابت الحقوقية والديمقراطية وجعل إمكان تبادل الاعتراف بالوجود والتعاون الفكري والتنسيق السياسي والحقوقي بين العلمانيين والإسلاميين أمرا ممكنا ، ومن جهته خرج الغنوشي بقراءة خاصة لمفهوم الشورى ، حيث أخرج هذا الأخير من معناه الضيق الذي أسر فيه لقرون طويلة ، وهو معنى استئناس ولي الأمر برأي نخبة منصبة من أهل الحل والعقد ، إلى معنى أكثر تشريكا يتناغم إلى حد كبير مع معنى الديمقراطية الغربية المعاصرة ، [28].
وبذلك تم ضبط تناسق الحركة الإسلامية مع التيار العلماني على المستوى الفكري كمرحلة أولى ، أو بتعبير” أوليفيهروا “تم اتفاق العلمانيون والدينيون على ما هو خير ، فالعلمنة حسبه لا تستتبع بالضرورة نزاعا ولا طلاقا مع الدين ، فيمكن لمجتمع معلمن أن يبقى على وفاق مع الثقافة والقيم الدينية ، فالعلمنة تمس الإيمان وليس القيم حتما[29].
وإن التقارب الفكري بين زراع الخير في المعسكر الإسلامي وأنصار الحق في نظيره العلماني لم يبق على المستوى الفكري فحسب ، بل تعداه إلى مستوى الواقع ليثمر حكومة وفاق وطني تمثلت في الترويكا .
-الترويكا:
هي ائتلاف حاكم رئاسيا وحكوميا وبرلمانيا تأسس في 22 نوفمبر 2011 ، يتكون من ثلاثة أحزاب ذات لأغلبية الممثلة في المجلس الوطني التأسيسي لتكوين ائتلاف وطني ،وقد جاءت بناء على طلب حركة النهضة ذات الأغلبية في المجلس الوطني التأسيسي من المؤتمر من أجل الجمهورية والتكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات و الحزب الديمقراطي التقدمي بالانضمام لتشكيل ائتلاف حاكم بقيادة مرشحها لرئاسة الحكومة السيد ” حمادي الجبالي” وقد رفض الحزب الديمقراطي التقدمي المشاركة في حين قبل كل من حزب الجمهورية والتكتل الديمقراطي هذا المشروع مع حركة النهضة ، وبعد أن تم توقيع الاتفاق وقبوله ، أنتخب مصطفى بن جعفر رئيسا للمجلس التأسيسي التونسي ، والمنصف المرزوقي رئيسا للجمهورية التونسية ، وحمادي الجبالي رئيسا للحكومة من حركة النهضة ثم تبعه علي العريض من نفس الحزب، وفي بداية تشكل الترويكا كان ثقلها يساوي 63,59 بالمائة من المقاعد ثم أصبح 53,91 بالمائة نظرا لانسحاب عدد من النواب عن أحزابهم.
ويتفق كل من الرئيس التونسي المؤقت منصف المرزوقي ورئيس حركة النهضة على صعوبة المرحلة الانتقالية ، فقد اعتبر المرزوقي أنه لا يملك عصا سحرية لمواجهة إرث الديكتاتورية، لكن هناك طموح لإيجاد توافق فيما يخص الدستور والحكومة أو مثل عبر نحتاج إلى رسالة تصالحية من أجل توطيد الاستقرار و الاستمرار في عملية الانتقال إلى الديمقراطية[30].
وهو نفس الرأي الذي عبر عنه راشد الغنوشي حيث اعتبر أن تجربة الديمقراطية في تونس ما تزال تواجهها عقبات كون النظام القديم لم يمت ، فلا يزال في الإدارة وفي الإعلام وفي المال والسياسة ، لذلك لابد من حماية الثورة من عودة النظام القديم ولو متنكرا في أشكال جديدة وقانون تحصين الثورة هو نوع من الحماية السياسية ، وليس حكما بتجريم شخص، ضف إلى ذلك-حسب راشد الغنوشي- الشعب التونسي كبت أكثر من قرن و بزوال الحواجز حاليا حضرت كل المطالب دفعة واحدة ، كما أن هناك حاجة إلى التدرب على ممارسة الحرية كي تكون حرية مسئولة، ونحن في مرحلة نحاول من خلالها الجواب على سؤال : كيف نوفق بين مقتضيات الحرية ومتطلبات النظام؟ [31].
في حين ترى المعارضة أن المجلس التأسيسي الذي انتخبه الشعب التونسي لمدة عام لأجل صياغة دستور ديمقراطي جديد للجمهورية التونسية الثانية يبتدئ من تاريخ انتخابه وتنتهي صلاحياته في 23 أكتوبر2012 وبناء على ذلك تنتهي شرعية حكومة الترويكا المؤقتة برئاسة السيد ” حمادي جبالي” المنبثقة من المجلس التأسيسي ، وبالتالي فقد ظلت أحزاب المعارضة تتمسك بموقفها القائل أن الشرعية الانتخابية لإدارة المرحلة الانتقالية من قبل حكومة الترويكا لم تعد كافية ، بل إن الأمر بات يتطلب دعم واسناد تلك الشرعية الانتخابية بشرعية توافقية بين الترويكا الحاكمة والمعارضة الديمقراطية لا سيما في ظل صعوبات المرحلة وعجز الحكومة على إدارتها حسب تصور المعارضة ،التي ترى أن النهضة التي تقود الترويكا منذ نهاية 2012 ليس لديها رؤية واضحة بشأن قيادة المرحلة الانتقالية الصعبة ، باعتبارها مرحلة يعيش خلالها المجتمع والدولة على وتيرتين متناقضتين : وتيرة التفكك وأزمة السلطة والقطيعة من ناحية ، تقابلها و وتيرة إعادة البناء وضرورة تنصيب السلطة و وجوب التواصل الذي لا بد منه حتى لا تعم الفوضى ويحتد التفكك من ناحية أخرى[32].
وأمام هذه الوضعية وحالة العجز التي منيت بها حكومة “حمادي الجبالي”، خاصة بعد اغتيال المعارض “شكري بلعيد”[33] .
أضطر هذا الأخير للاستقالة من رئاسة الحكومة 19 فيفري 2013 وبعدها من الأمانة العامة لحركة النهضة في خطوة تكتيكية للترشح مستقلا لرئاسة الجمهورية[34]. وتم تعين ” علي العريض” في رئاسة الحكومة هذا الأخير استقال في 09 جانفي 2014 .
ورغم حالة أللاستقرار السياسي التي تمر بها تونس نتيجة الاستقالات المتكررة ، إلا أن حركة النهضة ترى في ذلك طريقة للتداول السلمي على السلطة و أن تلك الاستقالة عبرت عن الالتزام العميق لحركة النهضة بتقديم مصلحة البلاد على أي مصلحة حزبية أو فئوية ، وأن الاستقالة الطوعية تبين عدم تشبث النهضة بالحكم ، كما عبرت عن دعمها لحكومة السيد ” مهدي جمعة “[35] الذي تم تعيينه على رأس الحكومة التونسية في 26 جانفي 2014 ، وفي تعليق لراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة فضلت الديمقراطية والدستور على البقاء في الحكم ، وأنها تنازلت عن سلطة منتخبة وتتمتع بشبه أغلبية في المجلس الوطني التأسيسي ومدعومة بأوسع شارع ، فهي – النهضة -خسرت الحكم ولكن في المقابل ربحت الديمقراطية[36].
ولكن رغم ترويج حركة النهضة لفكرة تخليها عن السلطة بمحض إرادتها ، لكن الواقع يثبت عكس ذلك ، حيث نعتقد أن كم الاحتجاجات والتظاهرات من قبل المجتمع التونسي ومنظمات المجتمع المدني بسبب عجزها عن الرد على مختلف مطالبه ، وحالة الانفلات الأمني التي كانت تمر بها البلاد آنذاك ، والاغتيالات السياسية ،… كلها أسباب كافية تثبت عجز النهضة على تسيير المرحلة بالرغم من الإقرار صعوبتها ، وبالتالي هذا ما أجبرها على التخلي عن رئاسة الحكومة وليس عن السلطة ، وبذلك تكون حركة النهضة خطت خطوة كبيرة نحو الاتجاه لتأصيل التحول الديمقراطي التونسي على أرض الواقع، يبقى الآن الإشكال المطروح حول المرجعية الدستورية التي اعتمدته النهضة في صياغة الدستور كونها تمثل الأغلبية في المجلس التأسيسي؟.
3-2–حركة النهضة و إشكالية التوازن بين المبادئ والبراغماتية: الامتحان الصعب
إن التصفح لتاريخ حركة النهضة يجد أن هذه الأخيرة لا تجد صعوبة في تكييف أطروحاتها الأيديولوجية وفلسفتها السياسية ، مما يضفي عليها نوعا من المرونة في التعامل مع مستجدات و تطورات الأوضاع الداخلية ، حيث لم تجد صعوبة في الانشقاق على التيار السلفي المحافظ في الثمانينات، ثم في التسعينات حين قارب الغنوشي آراءه مع أراء آخرين في المنفى[37].
ولكن ذلك تم والنهضة خارج السلطة أي بعيدة عن الممارسة الفعلية لأطروحاتها ، على عكس الوقت الحاضر حيث النهضة تحاول الحفاظ على مبادئها وفلسفتها السياسية للحفاظ على بنيتها الداخلية من التصدعات من جهة ، من جهة أخرى تحاول مسايرة تطلعات المجتمع التونسي عامة الذي رغم ميله ومناصرته لحركة النهضة كونها تدافع على مقوماته الإسلامية التي سلبت منه في العهدين السابقين ، ومع ذلك يبدي تمسكه بالإرث العلماني للنظام السابق ،باعتبارها تمثل مكتسبات للشعب التونسي كمجلة الأحوال الشخصية ،خصوصا وأن التونسيين ثاروا بالأخص على فساد نظام بن علي وليس على قيم بورقيبة التحديثية الليبرالية. وأمام هذه الوضعية وجدت حركة النهضة أمام خيارين ، الحفاظ على المبادئ أم انتهاج أسلوب البراغماتية في التعامل مع الوضع الجديد.
في الواقع مع تقدم الحركة تدريجيا نحو السلطة وقعت في استراتيجية “النصر الخانق” من قبل المعارضة وحلفائها في المجلس التأسيسي ، وفحوى هذه الاستراتيجية وضعت حركة النهضة أمام خيارين التنازل أو الانهيار، ويتضح لنا ذلك من خلال المسائل المهمة التي نالت جدلا كبيرا أثناء صياغة الدستور وتتمحور خاصة حول : مسألة الشريعة ، وضع المرأة ، التجديف ، وطبيعة النظام السياسي التونسي ، ففي البداية اتسم نهج حركة النهضة في كل واحدة من تلك القضايا بالارتباك وبالتفكير قصير المدى وبخلافات حادة في الرأي ، و في نهاية المطاف نزعت القيادة نحو التخطيط طويل المدى وضبط النفس البراغماتي وأنقذت الموقف ، واتجهت نحو مزيد من المواقف الوسطية [38].
وفيما يلي نناقش كل عنصر على حدى ومن ثم نتعرف على طبيعة التنازلات التي قدمتها حركة النهضة قبل صدور الدستور في صيغته النهائية .
-مسألة الشريعة:
وهي المسألة التي نالت جدلا واسعا بين أعضاء حركة النهضة من جهة ، كما شكلت تخوفا من قبل التونسيين خاصة مناصري العلمانية من جهة أخرى، ففي حين ترى حركة النهضة أن مسألة الشريعة لا تستدعي بالضرورة فرض قوانين صارمة ،وإنما تركز بدلا من ذلك على مفاهيم أوسع للأخلاق الإسلامية ، بما في ذلك العدالة الاجتماعية والمساواة بين الناس ، والإسلام حسب رأي راشد الغنوشي لا يقتصر على الحدود والعقاب ، وأن الذين يخشون كلمة شريعة لا يعرفون معناها الحقيقي [39].
وقد كانت هذه وجهة نظر قائد الحركة التي لها وزنها في ضبط توجه الحركة ، إلا أن باقي الأعضاء لم يؤيدوا تلك الفكرة تلقائيا إلا بعد مناقشات طويلة في مجلس الشورى ، وفي نهاية المطاف تم الاتفاق على عدم إدراج كلمة ” شريعة ” في المادة الأولى ، بدعوى عدم الجدال بشأن ” كلمة” من شأنها تقسيم المجتمع التونسي في فترات الضعف ، وبالتالي تم ترجيح خيار إبقاء المجتمع التونسي موحدا، خصوصا و أنه لا تناقض بين الدستور والشريعة ، وقد فسر قرار النهضة بعدم إدراج كلمة الشريعة في الدستور على أنه قرار براغماتي ، دون أن يعني ذلك أنها لا ترمي إلى أسلمة المجتمع التونسي ، وبذلك فقد فضلت النهضة عبر الاختيار الاستراتيجي أحيانا ، وبفعل الضغوط من قبل المعارضة السياسية أحيانا أخرى ، الحفاظ على نفسها كلاعب سياسي مهم وحيوي في الحياة السياسية[40] .
-وضع المرأة :
أثارت هذه القضية ، وتحديدا المادة 28 من مسودة الدستور الأولى ،انتقادات كثيرة من وسائل الإعلام المحلية والدولية ، حيث اعتبروها أنها قللت من شأن المرأة واعتبرتها تابعة أو مكملة للرجل ،وقد رأت المرأة التونسية في تلك المادة أنها تقضي على المكاسب التي حققتها أو ضمنتها لها مجلة الأحوال الشخصية ، وكان الرد الشعبي من خلال تنظيم أكبر مظاهرة في 13أوت 2013 [41].
و نتيجة للانتقادات التي تلقتها حركة النهضة جراء تلك الصيغة ، فقد أقدم أعضاء لجنة الحقوق والحريات التابعة للنهضة ، إلى استبدال ذلك التعبير بلغة أكثر وضوحا تتضمن ” المساواة ” بين الرجل والمرأة ، وقد برر أعضاء النهضة ذلك بأنها زلة ساذجة نتجت عن التسرع في عملية الصياغة ، كما أنهم أكدوا في المادة 22 على مبدأ المساواة بين جميع الموطنين ، وأن المادة 28 تؤكد أن الرجال والنساء متساوون ويكملون بعضهم البعض ، وأن هذا التكامل جاء نتيجة لاختلاف الأدوار والالتزامات كل فئة. ورغم التبريرات التي قدمها أعضاء اللجنة إلا أن التفسيرات الخاطئة التي روجت لها وسائل الإعلام الغربية شكلت فشلا ذريعا للنهضة ، خصوصا في ظل عدم تقديم ترجمات للمسودة باللغات الأجنبية ، وقد خرجت عدة مظاهرات احتجاجا على تلك المادة ، وهو ما أجبر حركة النهضة للتراجع مرة أخرى عن قرارها ، وقامت بتمرير مادة مستحدثة في المسودة الأخيرة من الدستور تدعو إلى المساواة بين الرجل والمرأة .
-التجديف :
ورد في المادة 03 من مسودة الدستور الأولى ” على أن الدولة تضمن حرية المعتقد الديني وممارسة شعائره وتجرم انتهاك المقدسات ” ، لكن الأطراف المعارضة رأت في تلك المادة أنها تحدد سقف حرية التعبير، ويمكن استعمالها كوسيلة مناسبة للقمع السياسي ، ورغم تمسك أعضاء حركة النهضة بالمادة 03 كونها تمثل حسب رأيهم حماية لهوية تونس الإسلامية من الاستفزازات ، إلا أنهم تخلوا في نهاية المطاف عن موقفهم الدفاعي ، بعد مناقشات مطولة مع خبراء محليين ودوليين ، وغيروا من موقفهم بعد الاتفاق على أن الدساتير ليست مكانا لتشريع العقوبات ولا لتعداد المحظورات ، ونتيجة لذلك جاءت المادة 06 من الدستور الأخير تتناول مباشرة مسائل الاعتقاد الديني ، وتتمسك بحرية الضمير فيما يتعلق بالمعتقدات. وبغض النظر عن الجدل القائم حول المرجعية الدستورية التي تبنتها النهضة ، فيما يخص الحقوق والحريات العامة المنصوص عليها في دستور 2014 ، فقد تركز الجدال وبصفة كبيرة أيضا حول طبيعة النظام السياسي التونسي.
– الجدل حول طبيعة النظام السياسي:
دافعت حركة النهضة منذ البداية بتبني النظام البرلماني المحض ، وبالتالي منح لرئيس الحكومة صلاحيات واسعة ، ومن ثم يصبح منصب رئيس الدولة منصبا شرفيا، لكنها وجدت معارضة من قبل الأحزاب الديمقراطية التي رافعت من أجل تبني النظام الرئاسي المعدل [42]، يجمع بين النموذجين البرلماني والرئاسي ، حيث يكون فيه الرئيس كما هو الحال في فرنسا منتخبا مباشرا من قبل الشعب ويحتفظ بسلطات كبيرة ، ففيما تبرر حركة النهضة خيارها بأن النظام البرلماني كفيل بضمان عدم عودة الاستبداد ، في حين تعتقد المعارضة أن الموقف الانتخابي القوي لحركة النهضة يدفعها أن تدعم بشكل طبيعي النموذج البرلماني ، حيث يمكن لعدد أعضائها الكبير أن يترجم إلى سلطة سياسية بصورة مباشرة . وبعد جدال كبير قدمت حركة النهضة تنازلات كبيرة فيما يخص طبيعة النظام السياسي التونسي ، وغيرت موقفها الداعم للنموذج البرلماني إلى نظام مختلط يجمع ما بين النظام الرئاسي والنظام البرلماني[43].
وعليه نستنتج أن حركة النهضة قد تبنت حلا وسطا في التشريعات الدستورية، كما تمكنت من مراجعة أيديولوجيتها وبياناتها التفاعلية، واختارت في نهاية المطاف أن تسلك نهجا عمليا واقعيا فرضه عليها نقص الخبرة. مما يثبت بشكل عام أن الدستور التونسي الجديد ليس نتيجة التوافق بل هو نتيجة صراع توافقي حتمه تعارض مشروعين مجتمعيين ، وأدى هذا الصراع إلى تغليب كفة الشق الديمقراطي والتقدمي ، مستغلا الظروف العصيبة التي كانت تمر بها حركة النهضة على شتى الأصعدة وخاصة انتشار ظاهرة الاغتيال السياسي و زيادة الضغط الجماهيري ، وهو ما دفع الحركة إلى قبول تحويرات مهمة متعارضة مع فكرها. ومع لم تسلم من الانتقادات الموجهة لها من قبل المعارضة السياسية التي كثفت من مطالبها مدعمة بالاتحاد العام التونسي للشغل ، مما أوضع حركة النهضة في امتحان صعب لاختبار قدرتها التنظيرية والفعلية.
و رغم الانتقادات الموجهة لحركة النهضة على الصعيدين النظري والممارسة ، إلا أن هذه الأخيرة منظمة بشكل كبير فهي جبهة إسلامية منظمة للغاية عازمة على طمس المبادئ العلمانية للدولة التونسية، كما أنها حزب براغماتي ومنظم مستعد لتقديم تنازلات لا سيما فيما يتعلق بالقضايا الرئيسية بخوص دور الدين في المجتمع وطبيعة النظام السياسي التونسي ، حيث البراغماتية تلعب دور أكبر من الذي تلعبه مواقف أيديولوجية ثابتة في تشكيل النهج الذي تعتمده حركة النهضة في المناقشات الدستورية[44].
وخلافا للأحزاب المتنافسة ، تمتلك حركة النهضة بنية داخلية ديمقراطية واضحة على الصعيد التشغيلي ، فهي تعقد مؤتمرات حزبية بانتظام ،كما تتمتع بهياكل تمثيلية على المستوى الإقليمي والمحلي تربط الناشطون الشعبيون بقادة الحركة، كما ترتبط حركة النهضة من خلال ما يصفه العديد من أعضائها ب “المشروع الحضاري المشترك “، الإيمان بأن مبادئ الإسلام المفسرة على نطاق واسع ، لا تتوافق مع الحكم الديمقراطي فحسب ، إنما تساعد على بنائه . كما فسر ” عياض بن عاشور “التماسك بين أعضاء حركة النهضة ” أن ما يجمعهم وحدة الدم والدموع”. وتختلف طريقة عمل حركة النهضة عن باقي الأحزاب حيث تعمل من خلال لجانها الست التابعة للمجلس الوطني التأسيسي على عقد اجتماعات خارجية كمجموعات مستقلة ، قبل عرض مواقفهم في المجلس التأسيسي ،وأن القضايا المهمة أو المثيرة للجدل هي التي تنتقل ليتم التصويت عليها في مجلس الشورى ، وبالتالي بدت حركة النهضة منظمة بشكل كبير بفضل عمليتها ثنائية المراحل، وهي خطوة مهمة أغفلتها باقي الأحزاب التي وجدت صعوبة في الحفاظ على تماسكها في المجلس الوطني التأسيسي.
المراجع:
*-مقال نشر بمجلة مخبر رسم وتحليل السياسات العامة 2013 الجزائر
[1]– توفبق ، المديني ، تونس الثورة المغدورة وبناء الدولة الديمقراطية ، الطوباوية الأصولية في السلطة ، بيروت : الدار العربية للعلوم ناشرون ، 2013 ، ص312-313
[2]— نفس مرجع سابق ، ص314-317
[3]– كريم ، خلفان ،” التدخل من أجل إقرار الديمقراطية من مظاهر العولة السياسية ” الملتقى الوطني الأول حول العولمة وحقوق الإنسان ، جامعة مولود معري تيزي وزو،أيام6-8 ماي 2008 ،http// : www.univ-medea.dz/…/indx.php?12-03-2014
– [4]Bichara,Khader,(LePrintempsarabe a l’épreuve de la transition:laTunisieconfrontée à d’autres experiences historiques)communication présentée au 39 congrés du forum de la penséeContemporain organize par la foundation Temmimet KonaradAdenaurstiftung en Tunisie,p6 [4]
[5]-حوار مع الخبير المتخصص في الإعلام د. يحي اليحياوي،” الثورات والإعلام الجديد ” في حوراتمركز نماء للبحوث والدراسات ، ” ، في حوارات ما بعد الثورة، ط1 ،بيروت : مركز نماء للبحوث والدراسات ، 2012 ، ص 126
[6]– صلاح الدين ، المصري ، ،”ثورة 17 ديسمبر في تونس السياق التاريخي والمآلات” في مجموعة من المؤلفين ، ثورات قلقة : مقاربات سوسيو-استراتجية للحراك العربي، ط 1 ،بيروت:مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي ، 2012 ص 345
[7]– توفيق ، بوقعدة “دور المجتمع المدني التونسي في التحول الديمقراطي” ، مخبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية ، الملتقى الوطني الثالث حول المجتمع المدني والتطور السياسي بالمنطقة المغاربية، الجزائر:مخبر البحوث والدراسات في العلاقات الدولية ،2012 ، ص147
[8]– مهدي ، مبروك ، ” ثورة الكرامة والحرية: قراءة أولية في الخلفيات الاجتماعية والثقافية للثورة التونسية ” في مجموعة مؤلفين ، ثورة تونس : الأسباب و السياقات والتحديات ، بيروت: دار العربية للعلوم ناشرون ، 2013 ، ص 233
[8]– نور الدين ، جبنون ، ” دور الجيش في الثورة التونسية ” ، في مجموعة مؤلفين ، ثورة تونس الأسباب والسياقات والتحديات ،
رجع سابق ،ص173-174
[9]– حنة ، أرندت ، في العنف ،(تر: ابراهيم العريس)، بيروت : دار الساقي ، 1999 ، ص 44
[10]-كمال عبد اللطيف ، ” الحدث التونسي وأسئلة الإصلاح السياسي العربي أولويات وسياقات وآفاق ” في مجموعة باحثين ، مرجع سابق ، ص 358
Bichar ,aKhadar,(La Tunisie :paradigm de la revolution heureuse )auBichara ,Khadar,LePrintempsarabe:un premierbilan ;Paris:syllepse ,2012,p 43-60 – [11]
[12]-توفيق ، المديني، تونس الثورة المغدورة وبناء الدولة الديمقراطية، مرجع سابق ، ص 338-339
[13]– نفس المرجع ، ص339-340
[14]– عز الدين عبد المولى ،أضواء على التجربة التونسية في الانتقال الديمقراطي ، مركز الجزيرة للدراسات ،14-20-2013
[15]– محمد ، بن نصر، ” الثورة التونسية بين الشرعية الدستورية والشرعية الثورية ” الشرق الأوسط، 05-04-2011 http:// www.aawsat.com/leader.asp?25-03-2014
[16]-توفيق ، المديني، تونس الثورة المغدورة وبناء الدولة الديمقراطية، مرجع سابق ، ص 342
[17]-نفس المرجع ، ص343-344
[18]-ويكبيديا،الهيئةالعليالتحقيق أهداف الثور والاصلاحالسياسي والانتقال الديمقراطي في 07-02-2014http://ar.m.wipedia.org/wiki/
[19]– Faiza,Ghozal(interview :Yadh Ben Achour )jeune Afrique ,N2611 ,23-29janvier 2011 ;p 26
[20]– توفيق المديني، تونس الثورة المغدورة وبناء الدولة الديمقراطية، مرجع سابق 345-346
[21]-وكالة رويترز بتاريخ 28 أكتوبر 2011
[22]– عبد الله ، التركماني،” دور المجلس التأسيسي التونسي في عملية التنمية السياسية”http://www.m.ahewar.org/s.asp 12-04-2014
[23]– صلاح الدين ، الجروشي، “المفاجآت الستة التي أسفرت عنها الانتخابات التونسية”27 أكتوبر 2011 http://swissinfo.ch/ara/detail/content.html?2011-12-02
[24]-عبد الله ، التركماني ، مرجع سابق ، ص1
[25]– صلاح الدين ، الجروشي ، مرجع سابق ، ص2
[26]– توفيق المديني، تونس الثورة المغدورة وبناء الدولة الديمقراطية مرجع سابق، ص 346-347
[27]-محمد ، أبورمان و حسن ، أبو هنية، الحل الإسلامي : الإسلاميون والدولة ورهانات الديمقراطية والأمن في الأردن، الأردن: مؤسسة فريد ريش إيبرت ومركز الدراسات الاستراتيجية، 2012 ،ص 8
[28]– موسوعة إخوان ويكي ، “في التقارب العلماني الإسلامي : الغنوشي والمرزوقي نموذجا “17 مارس 2014 wiki@ikhwanwiki .com
[29]– أوليفييه ، روا ، الجهل المقدس زمن دين بلا ثقافة ، (تر:صالحالأشمر)، ط 1 ، بيروت : دار الساقي ، 2012 ، ص183
[30]– سارة ميرش،” الرئيس التونسي : لا نملك عصا سحرية لمواجهة الديكتاتورية” حوارمع الرئيس منصف المرزوقي،( تر: عماد غانم)http://ar.qantara.de/content/hwr-m-ryy-twns2013;07-02-2014
[31]-منصف ، السليمي” الغنوشي: النظام القديم لم يمت في تونس ومصر بحاجة إلى توافق وطني “حوار مع رشد الغنوشي ، دويتشه فيله 2012 http ;//://ar.qantara.de/content/hwr-m-ryy-twns07-02-2014
[32]— توفيق المديني، تونس الثورة المغدورة وبناء الدولة الديمقراطية مرجع سابق، ص 349-350
[33]Samy ;Ghorbal,(HamaddiJebali un repli très tactique) JeuneAfrique ,30mars au 5 avril 2014n ,p12
[34]– حمادي الجبالي لن أترشح إلا مستقلا ولهذا غادرت الأمانة العامة للنهضة;بتاريخ 27 مارس 2014 http://www.assabahnews.tn/article/83394
[35]-بيان حركة النهضة حول استقالة حكومة السيد علي العريض ،تونس 11جانفي 2014 http://www.ennahdaha.nt/
[36]– قناة الجزيرة ” برنامج بلا حدود ” 19 -02-2014
[37]-مونيكا ، ماركس ،أي أسلوب اعتمدته النهضة أثناء عملية صياغة الدستور التونسي: الإقناع ، الإكراه، ، أو تقديم تنازولات؟ الدوحة : مركز بروكجنز ، 10 فيفري 2014، ص 14 (نقلا عن : فرانشيسكو، كا فاتورتا و فابيو ، ميروني ، ” الاعتدال عبر الاستثناء؟ رحلة حركة النهضة من حزب أصولي إلى حزب محافظ ” ، ديموكراتايزيششن ، 20 ط 5 ، جويلية 2013 ، ص 857-875 ).
[38]– نفس المرجع ، ص 18
[39]– مقابلة أجرتها مونيكا ، ماركس مع راشد الغنوشي ، تو نس العاصمة ،بتاريخ 22 أوت 2011
[40]– مونيكا ، ماركس ، مرجع سابق ، ص19-20
[41]– سفيان ، بوزيد ،”الدستور التونسي انتصار للقوى الديمقراطية الحداثية في البلاد …ومسار أخر في نعش حركة النهضة والمشروع الإخواني بتونس” بتاريخ http://www.touneselkadra.com/index.php?28-01-2014
[42]-جريدة الخبر الجزائرية ” تونس: خلافات حول طبيعة النظام ” ، الخميس 20-12-2012 ،www.elkhabar .com
[43]– مونيكا ، ماركس ، مرجع سابق ، ص 23- 24
[44]فرانشيسكو ،كافاتورتا وريكي هوستراب، هوغبول ، “نهاية الحكم الاستبدادي وأسطورة تونس في ظل حكم بن علي”، مديتيرانيين بوليتيك، 17 العدد 2 ، جويلية 2012 ، ص179 -195