الاقتصادية

العوامل السياسية المؤثرة على الالتزام الضريبي للمكلف بالضريبة في الجزائر

اعداد :

  • بلعوجة حسينة – باحث دكتوراه  – جامعة أبو بكر بلقايد تلمسان
  • الباحث: اسماعيل توزالة      
  • المركز الديمقراطي العربي

 

العوامل السياسية المؤثرة على الالتزام الضريبي للمكلف بالضريبة في الجزائر”

  • دراسة عينة احصائية من المكلفين بالضريبة-

الملخص:

إن كل نظام ضريبي هو ناتج عن قرار سياسي، حيث أن هذا التأثير للسياسة على الضريبة وُجد منذ قديم الزمان، و قد مس كلا من الدول المتقدمة و المتخلفة[1]، و من هنا سنحاول ابراز كيفية تأثير بعض العوامل السياسية المهمة على نظرة المكلف إزاء الضريبة في الجزائر.

المقدمة:

يمثل النظام الضريبي انعكاسا للبنيات الاجتماعية في الدولة، ومدى وعي الوسط الاجتماعي بأهمية الجباية وأدوارها الاقتصادية والاجتماعية، ويعتبر من العوامل المساعدة على تقبلها والاقتناع بها. و قد أثبت الواقع العملي أن هناك عوامل مختلفة الطبيعة تكتنف المكلف بالضريبة و تجعله ينظر للضرائب نظرة سلبية و إلى الخزينة كخصم أو كعدو له و هذا ما يشجعه على تهربه من أدائها و تعد الجزائر من أبرز الدول العربية التي تعرف ازديادا كبيرا في انتشار ظاهرة التهرب الضريبي.  فالظروف المحيطة بأي مجتمع تلعب دورا أساسيا في تشكيل الثقافة السائدة فيه،  إضافة إلى طول الفترة الزمنية التي تشكلت فيها تلك الثقافة وقوة العوامل المؤثرة في هذا المجتمع من عوامل سياسية وتاريخية واقتصادية و اجتماعية تتضافر معا تلك العوامل لتؤثر في المجتمعات لتشكيل ثقافة ما. و من هذا المنطلق نطرح التساؤل التالي:

ما هي أهم العوامل السياسية التي تؤثر على الالتزام الضريبي لدى المكلفين في الجزائر؟ و كيف تؤثر في ذلك؟

و للاجابة عن هذا التساؤل قمنا بتقسيم دراستنا كما يلي:

أولا: الجانب النظري:

تتمحور العوامل السياسية التي يتأثر بها المكلف بالضريبة الجزائري في سلوكه تجاه الالتزام الضريبي فيما يلي:

1-  سياسة الانفاق العام

إن سياسة الانفاق العام في الدولة تلعب دورا هاما في التأثير على سلوك المكلف تجاه الضريبة، حيث كلما أحسنت الدولة استخدام الأموال العامة كلما قل ميل المكلفين للتهرب الضريبي، و يتمثل هذا في ثقة المكلف بأن الدولة تقوم بالتوظيف الكفء للايرادات الضريبية بما يخدم أفراد المجتمع و لا تهدرها، من خلال انفاق الأموال في المكان الصحيح  لتحقيق الأهداف الاقتصادية و الوطنية المخطط بلوغها، و التي تكون في شكل خدمات متنوعة تفيد المواطنين. و تتغير هذه الثقة حسب القناعة التي تتكون لدى الأفراد بضعف كفاءة الحكام والأجهزة القائمة على شؤون الانفاق، والمكلف الذي لا يثق بهؤلاء الحكام وتلك الأجهزة، فإنه يجد تبريرًا للتهرب إزاء نفسه على الأقل وفي ذلك يقول أحد الكتاب اللبنانيين: “لماذا لا أشعر أن التهرب عمل انساني خالص في بلد تؤلف فيه ضريبة الجمارك خمسة وثلاثين في المائة من دخل الدولة وهي في بلاد الناس لا تؤلف أكثر من أثنين بالمائة من هذا الدخل…. في هذا البلد أشعر بأن التهرب فضيلة وطنيه إنسانية، أشعر بشهوة إلى التهريب نكاية بهذه الحكومات[2]“. أما إذا وثق المكلف بالحكام ومعاونيهم و اقتنع أن هناك تورع في إنفاق الأموال العامة و أن الحصيلة الضريبية توجه نحو الاتجاه السليم، فإن احتمال تهربه و عدم قبوله و سداده للضريبة ينخفض، و هذا ما يعرف بالثقة بسياسة الإنفاق العام، فلاشك أن لطريقة إنفاق حصيلة الضرائب تأثيرا على نفسية المكلفين، حيث إذا كانت الأموال تصرف في وجوه يستفيدون منها فإنهم يشعرون بالراحة والاطمئنان يدفعون الضريبة التزاما و اقتناعا بها.

2- المشاركة المدنية و السياسية

هي مجموع النشاطات التي من خلالها يتمكن المواطنون من الدخول في اتصال مع السلطة عن طريق المشاركة في النشاطات التي تمكنهم من المساهمة في اتخاذ القرار السياسي بكل شفافية لأن مصدر السيادة هو الشعب، و المطلوب من الدولة أن تشرك المواطن في وضعها للسياسة، من خلال مجهود للإقناع بفائدته[3]، فعدم اتاحة المجال للمواطنين بالمشاركة في الحياة السياسية و صنع القرار السياسي للدولة و حرمانهم من حرية التعبير عن آرائهم يضعف لديهم روح المواطنة، و عدم اشراكهم في صياغة القوانين التي تسير حياتهم بما في ذلك القوانين الضريبية يجعلهم يحسون بالتهميش و الظلم في دولتهم، خاصة إذا لم يقتنعوا بالقوانين المطبقة عليهم و كان لديهم انتقاد و نوع من عدم الرضا بشأنها، مما ينقص من الحس المدني و السياسي لديهم، و هذا ما يجعل نظرتهم للضريبة سلبية و بالتالي يحاولون التملص من أدائها.

3- الرضا الجبائي عند المكلف بالضريبة ( القبول بالضريبة):

إن القبول الجبائي يشكل محور محاولات التشريعات النظرية لتأسيس الاقتطاعات بأشكالها و أجهزتها، حيث تحظى بشرعية اجتماعية تلقى قبولا نظريا و شكليا من طرف الهيآت الدستورية بغية إرسائها، و يفترض في المجتمعات الديمقراطية أن يشكل النظام الجبائي مؤشرا للقبول السياسي و الإيديولوجي .

فالضريبة تعتبر عامل قوة في يد السلطات العمومية و عنصرا هاما في يد السلطة السياسية، ففي القديم كان الرضا و القبول بالضريبة يمثل مبدأ سياسيا فوق جميع الاعتبارات، حيث يجب قبول كل القرارات و كل الاجراءات المتخذة من طرف السلطات العامة و الحكام بدون أي نقاش و لا جدال في ذلك، و انطلاقا من هذا المبدأ انبعثت جذور و أسس الديمقراطية في انجلترا، أما في فرنسا فالقبول الشعبي بالضريبة تأكد جليا بواسطة نص قانون رقم 14 من التصريح بحقوق الانسان لسنة 1789: ”  لكل المواطنين الحق في أن يراقبوا أموال الضريبة سواء كانت المراقبة بأنفسهم أو بواسطة نوابهم. ولهم أيضاً البحث عن الوجوه التي تنفق فيها وتعيين مدة جبايتها”[4].

أما في مجتمع مثل المجتمع الجزائري و الذي يطمح إلى تجسيد الديمقراطية بقوة، يجب أن تكون الضريبة موضوع رضا و قبول سياسي و ايديولوجي، كما يجب أن تتمتع بالقبول شكلا و مضمونا حتى تكون سارية المفعول على الصعيد التطبيقي. وفي هذا الصدد تميل النظرية الأنجلوسكسونية للاختيار العام إلى أن حق الانتخاب هو الوسيلة الأساسية و الجوهرية للاختيار الاجتماعي و ابداء الرغبة و اظهارها في المجتمعات الديمقراطية. كما تلاحظ نفس النظرية ذلك الخلل أو الانقطاع الذي يظهر جليا ما بين المساواة السياسية في الحقوق و ذلك التوزيع غير العادل للمداخيل، ففي هذه الحالة الفئة البسيطة ذات الثروة القليلة في المجتمع و التي تسود بكثرة فيه و تمثل أغلبيته ستستعمل حقها في الانتخاب من أجل رفع مداخيلها، و ذلك عن طريق دعمهم لرجال السياسة الذين يطالبون برفع حدة الضغط الضريبي و ايصالهم إلى قمة هرم السلطة، و منه ستستفيد هذه الفئة من الأفراد من تحويلات اجتماعية جديدة نتيجة لهذا الارتفاع في الضغط الضريبي.

و انطلاقا من هنا فإن الضريبة ستحظى بالقبول القوي من طرف الأفراد المستفيدين منها بدون أن يقوموا بدفعها، و حتى لو يدفعونها فهي بالنسبة إليهم معقولة و ليس مبالغا فيها. فالقبول الفردي  للاقتطاعات يعد واجبا جبائيا مؤسسا على ضرورة اجتماعية مرتبطة بالانتماء إلى مجموعة أو كيان.

و بالتالي يمكن اذا استدعت الضرورة عند القيام باصدار تشريع جبائي جديد أن تلجأ السلطات العمومية المعنية إلى استشارة الذين يهمهم الأمر و ذلك باستفتاء عام لمعرفة درجة الموافقة و القبول بهذا التشريع الجديد. فالواقع الضريبي ينطلق من رغبة الأفراد فيه، و ذلك باستشارتهم عن طريق استفتاءات منظمة عندما يطرؤ أي تجديد   أو تعديل أو تغيير يمس منظومة الضرائب.

4- الحس الوطني السياسي للمكلف الضريبي

و يتمثل في الاحساس الحقيقي للمكلف دافع الضريبة بوجود سيادة الدولة فعلا و سريان القانون على الجميع، لأن هذا يجعل دفع الضريبة واجبا حتميا كجزء من مسؤوليته المطلوب منه أداءها في فجميع الظروف التي يمر بها البلد،و بالعكس من ذلك، فإن إحساس دافع الضريبة بعدم وجود سيادة فعلية للدولة على مكوناتها، يجعل من تسديده للضريبة بحكم القانون إسقاط فرض و ليس شعورا وطنيا لأداء واجبه[5].

و الالتزام السياسي للمواطن في الدولة أو الكيان الذي يعيش فيه يفرض عليه مسؤولية المشاركة في المحافظة على كيان الوطن و على تطوير هذا الكيان من جميع النواحي و مرافق الحياة.

و الالتزام بدفع الضريبة ما هو إلا تعبير عن ممارسة مسؤولية كل مكلف في المحافظة على وطنه،     و ذلك بإسهامه من نصيبه في الايرادات العامة للدولة و التي من المفترض أن يتم صرفها لتغطية النفقات العامة للدولة. و بذلك يمكن القول أنه إذا كان مستوى الأخلاق و الانتماء السياسي لمواطني الدولة قويا، فإن ذلك سوف يؤدي حتما إلى أن يكون التزام هؤلاء المواطنين بدفع الضرائب المترتبة عليهم قويا لأنه نابع عن قناعتهم بهذا الالتزام   و العكس صحيح أي إذا ضعف المستوى الأخلاقي و الانتماء السياسي لمواطني الدولة فيتبع ذلك  ضعف الشعور الوطني لديهم تجاه دولتهم و مجتمعهم،  و بالتالي ضعف إحساسهم بالمسؤولية في تحمل الأعباء العامة و منها الضرائب أي أن ضعف المستوى الأخلاقي للأفراد يؤدي بشكل طبيعي إلى ضعف الالتزام بدفع الضريبة و يعد حافزا على التهرب الضريبي من أداء الضريبة[6].

و منه، و حتى تتمكن أي دولة على الإبقاء على نفسها، لا بد أن يكون نظامها السياسي مقبولا من طرف شعبها، و حتى يستطيع هذا النظام أن يحقق ما تهدف إليه الشعوب فإنه يحتاج إلى إيرادات مالية دائمة و ثابتة، وهو ما يتطلب وجود نظام ضريبي خاص بكل حكومة أو نظام سياسي معين يجعل من الضريبة  أداة في يد المواطنين يستخدمونها عن طريق التهرب منها، بطبيعة الحال للتعبير عن رفضهم لهذا النظام أو ما شابه ذلك.

إن المكلف الضريبي في ظل هذه الشروط ينشؤ لديه سلوك ايجابي تجاه الضريبة، مما يجعله ملتزما بأدائها للدولة عن اقتناع و بكل ثقة، و ليس اسقاطا لها فقط باكراه بموجب القانون، و هذا الالتزام يولد صفة المواطنة لديه و بالتالي ينتقل من مكلف مكره ضريبيا إلى مواطن ملتزم ضريبيا.

ثانيا: الجزء التطبيقي:

يتضمن هذا الجزء دراسة و تحديد أهم العوامل السياسية المؤثرة على نظرة المكلفين و سلوكهم تجاه الضريبة في الجزائر، و ذلك من خلال جملة من الأسئلة قمنا بتصميم استبيان بشأنها، حيث تعبر عن موقف عينة عشوائية من المكلفين ( 90 مكلف بالضريبة) عبر مختلف مناطق الوطن حيال مجموعة من العوامل السياسية المهمة، كما يهدف إلى تبيان و كيفية تأثيرها إما ايجابا أو سلبا على الالتزام الضريبي.

كما قمنا بمعالجة البيانات المتعلقة بهذا الاستبيان باستخدام برنامج تحليل المعلومات الاحصائي للعلوم الاجتماعية spss  ،و الجدول التالي يوضح عبارات الاستبيان و نتائج تحليل إجابات أفراد العينة عليها بهذا البرنامج، و ذلك كما يلي:

العبــــــــــــارات المتوسط الحسابي انحراف المعياري الاهمية النسبية% مستوى الموافقة
1-       لديك ثقة في الدولة 2,222 1,1782 %44,44 منخفضة
2-       لديك تقة في سياسة الانفاق العام للدولة 1,844 1,0696 %36,88 منخفضة
3-       الدولة تشاركك في وضعها و تقييمها للسياسة الضريبية 2,011 1,0222 %40,22 منخفضة
4-       أنت راض عن السياسة الضريبية المطبقة و سياسات الحكومة 1,889 0,8798 %37,78 منخفضة
5-       تحس بوجود سيادة الدولة و سريان القانون على الجميع 1,944 1,0847 %38,88 منخفضة
6-       دفع الضرائب تعبير عن المواطنة و التضامن 3,222 1,3220 %64,44 متوسطة
7-       دفع الضرائب ضمان لمستقبلك و مستقبل الأجيال 3,100 1,3073 %62,00 متوسطة
8-       تشعر بجودة الخدمات العمومية التي تقوم بها الدولة وهياكلها 1,878 0,9695 %37,56 منخفضة
9-       تشعر بوجود إرادة سياسية من أجل تحصيل الضرائب 2,878 1,3054 %57,56 متوسطة
10-   تحس أن للدولة تقدم  لك  منافع اكثر مما تقدمه لها انت من ضرائب 2,122 1,1301 %42,44 منخفضة
11-      تحس انك تشارك في التدابير و القرارات السياسية و غير مقصي منها 1,533 0,6902 %30,66 منخفضة
العوامل السياسية 2,240 0,64489 %44,80 منخفضة

المصدر: من إعدادنا  بالاعتماد على مخرجات برنامج SPSS .V 23 

من خلال الجدول أعلاه، يظهر لنا مدى تأثير العوامل السياسية على نظرة عينة الدراسة تجاه الضريبة،  و ذلك كما يلي:

  • العبارة رقم (01): لديك ثقة في الدولة نلاحظ ان قيمة المتوسط الحسابي لإجابات أفراد العينة بلغ2.222  و الانحراف معياري بلغ:1.1782 وان قيمة المتوسط تشير الى أن  اتجاهات (تقييم) أفراد العينة موافقون بدرجة منخفضة في إجابتهم على العبارة ، و تقدر نسبة ثقتهم في الدولة %44 حسب وجهة نظر العينة . ويبرر هذا من خلال عدم الثقة في الدولة و أدائها كجهاز حكومي يتولى أمور الدولة و الشعب، و يظهر ذلك من خلال:
  • اقرار العينة في العبارة رقم (02) عن عدم رضاها عن سياسة الانفاق العام الدولة و احساساها أن هناك هدر في المال العام، نفس الشئ بالنسبة للسياسة الضريبية المطبقة و سياسات الحكومة كله من خلال العبارة رقم (04) فمعظم العينة راضية بدرجة منخفضة تقدر ب 37.78% عن ذلك، مما يجعلها تتخذ موقفا سلبيا تجاه الضريبة و الالتزام بها.
  • اقرار العينة من خلال العبارتين رقم (03) و (11)، أنها تحس بنوع من التهميش من طرف الدولة و أنها مقصاة من التدبير و المشاركة في القرار السياسي، خاصة فيما يتعلق بالسياسة الضريبية، حيث يظهر موقفها بالسلب إزاء ذلك في العبارتين بدرجة منخفضة تقدر ب 40.22% و 30.66% على الترتيب. و هذا ما نفسره بضعف مستوى المشاركة المدنية و السياسية في المجتمع الجزائري فيما يتعلق بأخذ السلطات و الحكومة مختلف القرارات المتعلقة بالشعب خاصة في مجال حساس كالضرائب، و هذا ما يؤدي الى تدني مستوى الحس المدني و السياسي لدى المكلفين تجاه دولتهم كمواطنين، كما أن هذا الأمر أيضا ينافي تجسيد الديمقراطية في الدولة.
  • كما اشارت العينة في العبارة رقم (05)، أنها لا تشعر بسيادة الدولة و سريان القانون على الجميع، من خلال موافقتها على العبارة بدرجة منخفضة تقدر ب 38.88 %، و هذا يبرر بوجود تمييز و انحياز في تطبيق القانون من طرف الدولة، كون هذه الأخيرة تراعي مصالح سياسية مع فئات معينة من المكلفين على غرار القئات الأخرى، هذا ما يجعل المكلفين المكلفين يحسون بنوع من التعسف الضريبي، و عدم تطبيق القانون بالعدل على الجميع من طرف الدولة.
  • و من خلال العبارات رقم (06) و (07) ، أقرت نصف العينة و بدرجة متوسطة كما هو موضح في الجدول، أنها لا تعتبر أن دفع الضرائب هو  تعبير عن المواطنة واجبها في التضامن و اعانة الدولة لأنها ترى أنها لا تنتفع لا هي و لا المجتمع من الضرائب التي تدفعها للدولة. و هذا ما يعكس لنا تدني مستوى الشعور الحس المدني و السياسي و تدني الاحساس بروح التضامن مع الدولة من طرف المكلفين نظرا لعدم احساسهم بالعائد مقابل ذلك.
  • عدم الرضا عن أداء الدولة و جودة الخدمات العمومية التي تؤديها من خلال العبارة رقم (08)، حيث ظهر موقف العينة إزاء ذلك بالسلب معبرة عن قبولها لذلك بدرجة منخفضة تقدر ب 37.56%، و يبرر هذا بتقصير الدولة من هذه الناحية و أنها لا تخدم المواطنين كما ينبغي. بالاضافة الى احساس العينة أنها تقدم للدولة من ضرائب أكثر مما تؤديه لها من خدمات

وبصفة عامة نجد أن :

المتوسط الحسابي الإجمالي لإجابات أفراد العينة على عبارات العوامل السياسية: بلغ 2.240 وهو لا يدخل ضمن مجال متوسط (من 2.333 إلى 3.666) بانحراف معياري يقدر ب 0.64489 ، أي أن اتجاهات أفراد العينة سلبية  ويوافقون بشدة على أن العوامل السياسية تؤثر سلبا على سلوكهم ، حيث كانت درجة موافقتهم على معظم عبارات هذا المحور منخفضة  بنسبة% 44.80  .

و منه نستنتج أن العامل السياسي له أهمية كبيرة و مهمة من حيث التأثير على سلوك المكلف بالضريبة، حيث بينت نتائج الدراسة  أنه يؤثر سلبا على سلوك العينة و التي بدورها تعكس رأي المكلفين في الجزائر ازاء الضريبة. و هذا السلوك السلبي ناتج  بصفة عامة عن عدم رضا العينة عن أداء الدولة لوظائفها    و الخدمات التي تؤديها للمواطنين ناهيك عن عدم مراعاتها لحقوقهم في هذا المجال. و بالتالي كلما حضيت العوامل السياسية بالقبول و الاقتناع و الرضا من طرف المكلفين و كان أداء الدولة جيدا و رشيدا في المجتمع، كلما انعكس ذلك ايجابا على سلوكهم تجاه الضريبة و التزامهم بأدائها و لا يفكرون أبدا في التملص منها، و العكس صحيح.

الخاتمة:

إن نظرة المكلف للضريبة ما هو إلا موقفه تجاه الدولة باعتبار أن دفع الضريبة هو التعبير المالي عن علاقة الفرد بدولته، و هذا الموقف في حد ذاته ما هو إلا انعكاس للظروف السياسية و الاقتصادية والاجتماعية و القانونية في البلاد ، بغض النظر عن دوافعه الشخصية ، إذ تلعب كل هذه العوامل دورا بارزا في التأثير على سلوك المكلف الضريبي  لكن بدرجات متفاوتة حسب أهميتها بالنسبة إليه.

و اثر هذا البحث نقترح التوصيات التالية:

  • يجب ترشيد سياسة الانفاق العام للدولة، و انفاق المال العام في المكان الصحيح.
  • يجب أن تتوفر الشفافية الضريبية للمكلفين و مراعات ارائهم فيما يتعلق باصدار القوانين  و القرارات المتعلقة بالسياسة الضريبية.
  • يجب على الدولة أن تحسن من جودة الخدمات التي تقدمها للمواطنين لكي لا يحسوا أنهم لا ينتفعون مقابل ما يدفعونه من ضرائب.
  • يجب أن تعمل الدولة على تكريس مبدأ المساواة أمام الضرائب بالنسبة لجميع فئات المكلفين دون انحياز و تمييز.

[1]  دراوسي مسعود، السياسة المالية ودورها في تحقيق التوازن الاقتصادي حالة الجزائر: 1990- 2004، رسالة دكتوراه دولة في العلوم الاقتصادية، جامعة الجزائر، 2005، ص 63

[2]  ايهاب خضر منصور،ا لعقوبات الضريبية ومدى فاعليتها في مكافحة التهرب من ضريبة الدخل في فلسطين ، رسالة ماجستير في المنازعـات الضـريبية بكليـة الدراسات العليا في جامعة النجاح الوطنية في نابلس، فلسطين. 2004، ص 85

[3]  شريف الدين، المواطنة في الجزائر، مقال منشور بتاريخ 09 جويلية 2010 على الرابط http://philo-ethique.alafdal.net/t133-topic

[4]  المادة 14 من  اعلان حقوق الانسان و المواطن، ترجمة فرح أنطون 1901، الجمعية الوطنية ، فرنسا، 1789

[5]  صلاح صاحب شاكر، ضياء شمخي، ما العدالة في إستقطاع ضريبة الدخل على رواتب وإجور العاملين في القطاع العام بطريقة الإستقطاع المباشر في العراق، مجلة دراسات محاسبية و مالية، جامعة بغداد، 2009، ص 04

[6] غازي عناية، الاقتصاد الاسلامي، الزكاة و الضريبة، دراسة مقارنة،  منشورات المكتب، الجزائر ، 1991، ص 225

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى