أثر ثورتي 25 يناير و30 يونيو علي المشاركة السياسية المرأة المصرية
اعداد الباحث : عبدالرحمن صلاح عبدالعزيز مصطفي – المركز الديمقراطي العربي
المقدمة :
دائما ما تعاني المرأة المصرية من التهميش والعنف وذلك قبل قيام الثورتي المصرية 25 يناير و30 يونيو بل كان النظام السياسي المصري القائم قبل ثورة يناير كان يستخدم ملف المرأة لتجميل وجهه امام العالم وذلك تحت ستار تمكين المرأة , بل كان ينظر الي المرأة باعتبارها أداة تستخدم فقط في الدعاية السياسية للنظام السياسي حتي حقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية كانت تستخدم فقط كستار لكسب النظام تأيد النظام الدولي بأدعاء تميكن المرأة واعطائها حقوقها ولكن في حقيقة الامر كانت المرأة تعاني من تهميش كبير للغاية في شتي المجالات الامر الذي كاد ان يؤكد بان المرأة لم تكن تتعامل كأنها مواطن بل كأنها اداة تمتلكها الدولة لتحقيق اهداف محددة .
فكان وضع المرأة قبل الثورة مُزري للغاية حتي وفي ظل تطبيق نظام الكوته للمرأة داخل البرلمان خلال الانتخابات البرلمانية 2010 ووصل 64 سيدة الي المجلس ولكن لم يكن لهن دور حقيقي في الحياة التشريعية او السياسية فلم يحدث تغير ملحوظ في مشاركة المرأة سياسيا او اجتماعيا فظل الوضع كما هو عليه وظلت المرأة أداة النظام لتحسين صورته فقط امام العالم بداعي تمكين المرأة لكسب دعم عالمي له.
ولكن خرج شعب مصر نسائه ورجالة شبابة وشباته في وجه هذا النظام الذي جرف الارض المصرية من القادة والكوادر الوطنية القادرة علي القيادة خرج الشعب المصري في وجه الظلم وفي وجه الفساد الذي شوه مصر واصبحت الرشوه هي عنوان المصالح الحكومية ولا يمكن ان تذهب الي اي مصلحة الا وتدفع المعلوم بجانب النظام التعليمي العقيم والنظام الدستوري المشوه بوجود دستور مهلهل لا يمكن ان يحكم قبيلة لا دولة لها جذورها وتاريخها حتي القوانين لم تسلم من النظام وانشأت قوانين بمساعدة مجلس الشعب الغير شرعي لتزيد القيود علي المنظمات وعلي المواطنين وعلي من يعلو كلمة الحق .(1)
__________________________________________________
- الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , حالة المرأة المصریة بعد ثورة 25 ینایر ” مزید من التهميش والانتهاك , , 2012
جاءت الثورة والمرأة المصرية كانت في الطليعة تقف بجانب الرجل تهتف وتستقبل الرصاص والغازات والعنف لانها تؤمن باهمية مشاركتها في تطهير بلدها من الفساد والمفسدين اعتصمت علي رصيف الميدان كانت تحتمي بحب الوطن وتحلم بالمستقبل من اجل وطن مدني يحمية القانون وترعاه الديمقراطية حلمت المرأة بالديمقراطية الممارسة لا الديمقراطية المنطوقة والمنقوصة وسقط عدد كبير من السيدات اثناء الثورة وتم القبض والاعتقال علي عدد كبير منهم ولا ننسي ان المرأة هي ام وابنة واخت اي انها تساوي نصف المجتمع.
ولكن لم يحدث هذا حيث ان الحكومات المتعاقبة بعد احمد نظيف كلها تدين بالولاء والفضل للنظام الفاسد وتمجد المخلوع وتتمني ان تنهي علي الثورة وان تحافظ علي اركان النظام كما هو فعانت المرأة اكثر واصبحت مهمشة بشكل كبير حتي انها تم انتهاكها في الشارع من ضرب ودهس وتعريه دون اي مشاعر او احترام لعادتنا وتقاليدنا التي دائما ما تجرم انتهاك المرأة بهذا الشكل المهين. (2)
التيار الاسلامي الذي شارك المرأة في الميدان لمدة 18 يوم وهو يحميها وهو يدافع عنها ويتشارك معها في كل معاركهم وكانت هناك طبيبات وممرضات وفتيات متطوعات, الا ان التيار الاسلامي انقلب علي المرأة وكان موقفة مغزي جدا في الدفاع عن حقوقها والحفاظ علي مكتسباتها وقوانينها الا انهم عندما وصلو الي الكراسي البرلمانية نسوا المرأة المصرية العاملة صاحبة الرأي والفكر وتذكروا فقط المرأة الام وكانها خلقت فقط لتربية الاولاد وهذا امر مغلوط لا يعبر عن صحيح الدين الاسلامي الذي يكرم المرأة ويحترمها.(3)
وكما جاء برلمان 2012 اول برلمان مصري بعد ثورة يناير بشكل اصاب الجميع بالاحباط حيث وجدت المرأة المزيد من التهميش وعانت من نفس الازمة التي عانت منها منذ عقود في ظل النظام الذي كان يحدث قبل ثورة يناير
_______________________________________________
(2), Egyptian streets, April 2016 Aya Nader , What Do Egyptian Women Aspire to
(3) الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , مرجع سابق
الا ان بعد الثورة وخاصة بعد الانتخابات البرلمانية تحطمت طموحات نساء مصر في فرصة التمكين حيث كانت نسبة المرأة في البرلمان لا تعني حتي حجم مشاركتها في الثورة وليس حجمها من اجمالي السكان في المجتمع , فكانت الانتخابات الصخرة التي تحطمت عليها آمال المرأة المصرية في المساواة مع الرجل او علي الاقل الحصول علي الحد الادني من التمكين السياسي لها تقديرا لدورها في المجتمع المصري خلال الصراع المصري الطويل مع الاحتلال من ثم بناء الدولة المصرية والمساهمة في انجاح ثورة يناير بشكل كبير الامر الذي جعل نساء مصر يطمحون في حياة سياسية اكثر استقرارا تقديرا لدورها الكبير علي مر العصور.
فلم تجد المرأة المصرية الا النزول الي الميادين من جديد وذلك يوم 30 يونيو لعام 2013 وذلك من اجل الثورة من جديد ولكن هذة المرة علي الرئيس المصري المعزول محمد مرسي ولعبت المرأة المصرية دول كبير وشديد الخطورة في نجاح هذه الثورة حيث كانت في الصفوف الاولي للمتظاهرين علي امل منها في ايجاد نظام سياسي يعامل المرأة علي انها مواطن لديه كافة الحقوق وعيله كافة الواجبات حيث نزلت المرآة في ذلك اليوم علي امل احياء طموحتها في التمكين السياسي او في ايجاد مناخ سياسي عام يمكنها من ممارسة حقوقها السياسية كمواطن دون النظر الي كونها انثي.
المشكلة البحثية :
لما كان للمرأة المصرية دور كبير علي مر العصور في محاربة الاحتلال ونيل الاستقلال من ثم في بناء الدولة المصرية والمساهمه في تقوية الدولة فاظهرت المرآة نفسها كاحد اهم الفواعل السياسين في المجال العام المصري الا ان رغم كل ذلك عانت المرأة ومازالت تعاني من تهميش سياسي و اجتماعي وعنف ممنهج ضد الدولة في ظل عدم وجود قوانين رادعه لحماية المرأة ومعاملتها كمواطن بالمعني التام وتمتعها بكافة الحقوق السياسية ومن هنا شاركت المرأة بشكل كبير في انجاح الثورة المصرية بشقيها ( 25 يناير و 30 يونيو ) املا منها في ايجاد المناخ الملائم لها.
ومن هنا نجد ان سؤال البحث الرئسي هو / الي اي مدي اثرت الثورة المصرية بشقيها علي مشاركة المرأة في الحياة السياسية المصرية ؟
ويتفرع من هذا التساؤل الرئيسي عدة اسئلة فرعية هي :
- ما هو دور المرأة التاريخي في نشاة وتطور الدولة المصرية من الاحتلال وحتي الاستقلال ؟
- الدساتير المصرية واعترافها بحقوق المرآة ؟
- الي اي مدي استطاعت المرأة المصرية تحقيق مكاسب سياسية داخل السلطة التنفيذية ؟
- الي اي مدي استطاعت المرأة المصرية تحقيق مكاسب من خلال السلطة التشريعية ؟
- ما الدافع وراء انتفاضة المرأة في ثورة 25 يناير ؟
- كيف عانت المرأة المصرية بعد ثورة ال25 من يناير ؟
- دور المرأة المصرية في ثورة 30 يونيو؟
- كيف ينظر المجتمع المصري الي المرأة خلال الاعوام القادمة هل سيظل الوضع كما هو ام تستطيع المرآة تحقيق مكاسب سياسية ؟
منهج الدراسة :
المنهج هو الطريقة التى تساعدنا على تفهم الظواهر السياسية محل البحث بشكل أعمق وأدق وفى هذا البحث فان المنهج المستخدم هو منهج دراسة الحالة لأهميته في دراسة موضوع البحث حيث أن هذا المنهج هو دراسة جميع الجوانب المتعلقة بدراسة الظواهر والحالات الفردية بموقف واحد فتعتبر المؤسسة أو الجماعة أو النظام السياسي وحدة الدراسة ويقوم منهج دراسة الحالة على التعمق في دراسة المعلومات الخاصة بمرحلة معينة من تاريخ هذه الوحدة أو مختلف مراحل تطورها بغرض الوصول إلى تعميمات علمية متعلقة بوحدة الدراسة وبغيرها من الوحدات المشابهة لها ويتيح هذا المنهج دراسة الظاهرة المبحوثة في مختلف تشابكاتها بما يوفر عمقا لدراسة ودقة النتائج , كذلك منهج أقتراب الدور والذي يشير الي دراسة أداء المرأة و التوقعات من ذلك الاداء , كذلك المنهج المؤسسي والذي يقوم بدراسة دور علاقة المرأة بالمؤسسات التشريعية والبرلمانية وغيرها.
أهمية الدراسة :
أهمية نظرية: تبع الدراسة اهمية نظرية من حيث ضرورة دراسة النظم السياسية ودور المرأة في تلك النظم حيث ان المرأة بشكل عام و المرأة المصرية بشكل خاص بدور كبير في تنمية وتطوير المجتمع ولكن مازلات تعاني من التهميش السياسي وكما انها تهدف للوصول الي شكل محدد لطبيعة دور المرآة وطريقة محددة لتمكين المرأة .
أهمية علمية : تعد المرأة من اهم الفواعل الرئيسن في المعادلات السياسية للعديد من الدول ولكنها مازلات تعاني من التهميش في الحياة السياسية المصرية بشكل خاص وكافة الدول النامية بشكل عام وهو الامر المعاكس في الدول المتقدمة ولذلك تهدف الدراسة الي النظر الي دور المرأة في تقدم الشعوب واهمية تميكن المرأة في تنمية المجتمع بشكل عام .
تحديد الدراسة: تركز الدراسة علي الفترة الزمنية منذ 2000م وحتي 2016 وذلك لدراسة وضع المرأة في ظل 3 أنظمة حكومية مصرية , ودورها في ثورتي 25يناير و30يونيو وما حققته الثورات المصرية السابق ذكرها للمرأة
تقسيم الدراسة
الفصل التمهيدي : الاطار النظري
الفصل الاول : تاريخ المرأة المصرية قبل 25 يناير
- المبحث الاول : الوضع السياسي للمرأة
- المبحث الثاني : المرأة في التشريعات المصرية
- المبحث الثالث : المرأة والمشاركة المجتمعية
الفصل الثاني : المرأة المصرية منذ 25 يناير 2011 وحتي 30 يونيو 2013
- المبحث الاول : الوضع السياسي للمرأة
- المبحث الثاني : المرأة في التشريعات الجديدة
- المبحث الثالث : المرأة في المشاركة الاجتماعية
الفصل الثالث : المرأة المصرية بعد 30 يونيو 2013.
- المبحث الاول : الوضع السياسي للمرأة بعد الثورة
- المبحث الثاني : وضع المرأة المصرية في الدستور المعدل
الخاتمة : مستقبل المرأة المصرية وآمال قضية التهميش.
الفصل الاول : تاريخ المشاركة السياسية للمرأة
المبحث الاول : الوضع السياسي للمرأة المصرية قبل 25 يناير
أكدت كافة الظواهر والمؤشرات انه وعلي مر العصور هناك تباين نسبي شديد في ما تتمتع بيه المرأة المصرية من حقوق خاصة الحقوق السياسية ويرجع ذلك التباين الشديد نتيجة اختلاف الارادة السياسية في مصر ,وكذلك نتيجة وجود العديد من الضغوط الداخلية والخارجية التي تمارس علي النظام السياسي من وقت الي اخر تحت ستار الحرية والديمقراطية وتمكين المرأة خاصة علي الجانب السياسي , بالاضافة الي المرأة المصرية تبذل جهدا كبيرا في اطار سعيها للحصول علي تلك الحقوق السياسية التي تمكنها من المساواوة مع الرجل في اطار السعي رغبتها في الحصول علي مفهوم المواطنة الذي يحقق لها المساواة مع الرجل من ثم يفتح الباب كثيرا امام تمكين المرأة , فالمرأة المصرية اصبحت تشن حروبا فكرية شديدة من اجل الحصول علي مساواتها للرجل وفي الحياة السياسية قبل ثورة الخامس والعشرون من يناير في عام 2011 شنت المرأة حروبها من اجل التمكين في العديد من الجهات منها ( الجهاز الحكومي في الدولة , الاعلام , الاحزاب , القضاء و الانتخابات البرلمانية تركيزا علي انتخابات 2005 ) سيتم في ذلك المبحث تناول تلك الجهات بشكل مفصل.
المرأة في الجهاز الحكومي للدولة :
اتسم تواجد المرأة في الجهاز الحكومي للدولة بانه تواجد شكلي بدون ان يكون له اي ابعاد اخري , فكان تعين المرأة في اي من الاجهزة الحكومية وخاصة مجلس الوزراء كان شيئا رمزيا لاشارة الي ان الدولة تكفل حقوق المرأة وتعمل علي قضية تمكين المرأة , الا انه في حقيقة الامر ذلك الشئ لم يحدث حيث ان المرأة مجرد رمز حتي في عملية الاختيار كان يتم اسبتعاد المرأة من تولي ايا من الملفات الهامة التي وكان ياتي تعينها في بعض الوزرات ذات المهام الغير حيوية بشكل كامل للدولة , كما تشير التقارير انه منذ عام 1963 م وهو العام الذي شهد تعين اول امرأة مصرية في الحكومة حتي عام 2005م لم تتولي الا تسع سيدات فقط منصب وزير باختلاف الوزارات التي كانوا فيها.(4)
______________________________________________
(4) استطلاع رأي حول مكانة المرأة في المجتمع المصري , تقرير مقارن , مركز المعلومات , مركز استطلاع الرأي العام ,مجلس الوزراء ,فبراير 2009
ورغم حرص كافة التشريعات علي التاكيد علي تكافئ الفرص بين الرجل والمرأة في كافة جوانب الحياة عملا علي مفهوم المواطنة والسعي وراء تمكين المرأة الا ان الاحصائيات الرسمية الصادرة من مركز المعلومات بوزارة التنمية الادارية توضح وبشدة التضائل الشديد للمرأة في الجهاز الاداري للدولة حيث خلت وظائف الدرجة الاولي في العديد من الوزارت حتي مطلع 2010م من اي تواجد للمرأة في تلك الدرجة .(5)
أما فيما يخص تولي المرأة منصب نائب وزير فبعد ان تمكنت المرأة من الوصول الي ذلك المنصب عام 1988م عندما تولت أمرأة واحدة فقط منصب نائب وزير في الحكومة المصرية في ذلك الوقت , حجب بعد ذلك المنصب علي النساء ففي عام 2000 و 2003 و 2006 لم يكن هناك اي نائبة للوزير في الحكومة المصرية .
تعتبر وزارة الخارجية المصرية من الوزرات التي استطاعت فيها المرأة ان تتبوء مكانة عالية داخل الوزارة علي مر العقود السابقة , فكانت المرأة رئيس بعثة , متحدث صحفي بأسم الوزير و مشرفة علي ادارة شئون حقوق الانسان ,كما شاركت المرأة في العديد المؤتمرات والمحافل الدولية ممثلة لجمهورية مصر العربية مثل مؤتمر بكين 1995م , كما يمكن الاشارة وبوضوح ان عدد النساء التي يعملن في السلك الدبلوماسي المصري من درجة سفير الي درجة ملحق 95 سيدة بنسبة 20.5% من اجمالي عدد أعضاء السلك الدبلوماسي منهم 37 أمراة بدرجة سفير.(6)
_______________________________________________________
(5)مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني , بأيدينا نظلم المرأة 24%نسبة تولي المناصب القيادة , تقرير , 24 ابريل 2009 , الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ,ص7
(6)التقرير الوطني لجهورية مصر العربية بيجين +15 , الامم المتحدة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا ص 17
وأكدت العديد من الدراسات و الاحصاءات الخاصة بمشاركة المرأة في الجهاز الحكومي وخاصة مجلس الوزراء ان اعلي نسبة توجد في وزارة المالية ومن ثم وزارة الاعلام فوزارة التعليم العالي ويلها وزراة التربية والتعليم ووزارة الاسكان (7) .
كما اتحلت شكاوي التميز ضد المرأة في تولي المناصب القيادة خاصة في الوزارت المركز الثاني في عام 2007-2008 والمركز الاول 2008-2009 حيث عانت المرأة علي حسب الشكاوي من تجاهل شديد من قبل القائمين علي الجاهز الاداري للدولة من ترقية المرأة الي مناصب عالية ومن المثير للدهشه تجاهل المحافظين في الرد علي تلك الشكاوي فلم يجب سوي 9 محافظين فقط , كما قامت العديد من الوزارت بتجاهل تلك الشكاوي تماما وكانت في مقدمتهم وزارة الداخلية والنقل والتنمية المحلية , في ذلك الاطار حرصت وزارة البحث العلمي وبشدة علي الرد علي كافة الشكاوي التي كانت مواجهه اليها والعمل علي حلها (8)
المرأة المصرية في الاعلام
يعتبر الاعلام المصري هو اول المجالات التي قامت المرأة المصرية بدخول فيه حيث عرفت المرأة المصرية الشغل في مجال الاعلام منذ ثورة 1919 حيث ان دخولها في بادئ الامر كان تحت كمالكة للصحف ولكن تطور الامر لديها بعد ذلك فأصبحت صحفية ومع انشاء الاذاعة والتليفزيون عرفت المرأة العمل كمذيعة بل يمكن القول ان الاعلام يعتبر من اكثر المجالات التي استطاعت المرأة تحقيق نجاحات كبيرة فيها قبل ثورة 25 يناير 2011م , الا ان ذلك النجاح يتسلل له بعض السلبيات الخطيرة والهامة حيث انه اقتصر عمل المرأة في مجال الاعلام سواء من الناحية الاذاعية والتلفزيونية او من الناحية الصحفية الا كونه نشاط اجتماعي فبرامج التي تقوم المرأة علي بتقدمها بشكل اساسي هي برامج أسرية من الطراز الاول
___________________________________________________
(7)وضع المرأة في لمحة احصائية , المجلس القومي للمرأة ,2005 , ص12
(8)اماني الطويل , المراة في المناصب القيادية , حالة المرأة في مصر دراسة في مستويات التمثيل بالمناصب القيادية , القاهرة , دورية مركز الدرسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام , 2010 , ص 59-62 .
فهي تركز علي القضايا الاجتماعية والصحية وتغفل تماما عن قضايا المرأة السياسية ,كما يمكن القول بأنه هناك بعض القضايا التي لا كان يجرم بشكل ما التحدث فيها وفي مقدمتها القضايا الخاصة بتمكين المرأة سياسيا واقصاديا و قانونيا. (9)
ولكن مع تطور الاعلام في مصر وبداية ظهور برامج الحوارات السياسية ( التوك شو ) علي الفضائيات المصرية نجد ان المرأة حصلت علي دور كبير في تلك البرامج سواء كمذيعة او كمحاورة ولكن دون النظر الخوض في بعض القضايا التي تتعلق بالاساس في الوضع السياسي للمرأة او تمكين المرأة المصرية , وعلي الرغم من ذلك التطور الملمس مشاركة المرأة في الجانب الاعلامي قبل ثورة يناير 2011م الا ان ذلك التطور كان يعتبر شكليا فقط حيث لم يصب بالأيجاب علي قضية تمكين المرأة في الاساس بل يمكن القول أنه ايضا كان شكليا بكان الهدف منه تطوير شكل النظام السياسي القائم في ذلك الوقت من ناحية قضية تمكين المرأة ,فكان النظام يري انه عن طريق الاعلام يستطيع تحسين صورته من الناحيه قضية تمكين المرأة عن طريق زيادة عدد وجوه السيدات في الاعلام المصري وفي نفس السياق خلو برامجهم من القضايا الهامة المتعلقة بالمرأة (10) .
الا ان المرأة المصرية في الاعلام منذ اواخر عام 2009م وبدأت في تطور كبير من الناحية دورها في خدمة قضية تمكين المرأة خاصة بالتزامن مع مناقشة مجلس الشعب لقانون الكوته فوجهت المرأة العاملة في الاعلام انظار الشعب المصري الي اهمية ذلك القانون وضرورة احترام حقوق المرأة والعمل من اجل تمكين المرأة .
_______________________________________________
(9) مني سعيد الحديدي , مناقشة الدور المرتقب للاعلام العربي عبر جميع مستوياته ووسائلة تجاة قضايا الاعلام العربي وقضايا المرأة العربية , المؤتمر الاول لقمة المرأة العربية في القاهرة 18_20 نوفمبر 2000.
(10) عادل عبدالغفار , الاعلام والمشاركة السياسية للمرأة رؤية تحليلية واستشراقية , الدار المصرية اللبنانية , 2009 , ص34 .
المرأة في الاحزاب المصرية قبل ثورة يناير
تعود نشأة الحياة الحزبية في مصر الي عام 1907 عندما اسس الزعيم مصطفي كامل الحزب الوطني الديمقراطي ومنذ ذلك التاريخ فتح الباب في مصر الي انشاء الاحزاب السياسية التي كانت تهدف في ذلك الوقت الي مساندة بعضها البعض من اجل انهاء الاحتلال واستقلال مصر ,فنجد انه بعد الحزب الوطني تم تاسس حزب الأمة علي يد أحمد لطفي السيد وبعدها بقليل تم انشاء حزب الوفد كحزب شعبي الذي عمل علي انتخاب مجموعة من المصرين لادارة الحوار مع العدو من اجل وضع حلول لازمة الاحتلال والتوصل الي الهدف الاهم وهو رحيل جيش الاستعمار عن مصر , وبالتزامن مع ذلك الوقت تم انشاء مجموعة من الاحزاب الصغيرة التي لم يكن لها دور ملموس في ذلك الوقت يمكن الجزم أن جميع تلك الاحزاب في العصر الحديث لم تخدم قضية تمكين المرأة سياسيا حيث جاءت اغلب برامج تلك الاحزاب باهته تماما فيما يخص قضية المرأة حيث ان تلك البرامج اقتصرت علي الاوضاع الاجتماعية للمرأة وتقديم الدعم المعنوي لها دون ان يكون لها دور حقيقي علي ارض الواقع او دون رؤي وخطة تساعد علي تمكين المرأة او تغير طريقة معاملة المرأة معاها,(11)
المرأة في برامج الاحزاب المختلفة :
فأذا نظرنا الي وضع المرأة في برامج اكبر واعرق 3 احزاب في ذلك الوقت سوف نجد افتقار كبير للرؤي وعدم وجود خطة تمكين واضحة للمرأة كما يلي :
أولا الحزب الوطني الديمقراطي : وهو الحزب الحاكم قبل الثورة وأكثر الاحزاب نفوذا في ذلك الوقت وتمثلت رؤية وبرنامج الحزب من البرنامج الانتخابي للرئيس المعزول محمد حسني مبارك في عام 2005م والذي اكتفي في الاشارة الي المرأة في نقطين تمثلت النقطة الاول المرأة كأم وعاملة ومعيله وأخذت في تلك النقطة علي الاشارة الي كل نوع وحقوقه وضرورة تقديم الدعم لهم وجاءت النقطة الثانية عن مشاركة المرأة سياسيا وأكدت انها حق من حقوق المرأة يكفله القانون دون الاشارة الي خطة تمكين محددة لتلك القضية ,وهنا يجب الاشارة الي نقطة هامة في ترتيب النقاط في برنامج الحزب حيث تم تقديم المكانة الاجتماعية للمرأة علي تمكينها سياسيا لكي يعكس وبوضوح رؤية الحزب للمرأة المصرية.
_________________________________________________
(11) المركز المصري لحقوق الانسان , المرأة المصرية بين تحرير الميدان وقيود الاحزاب ,تقرير عن وضع المرأة في برامج الاحزاب قبل وبعد الثورة , القاهرة , 2012.
ثانيا حزب الوفد : يعتبر حزب الوفد المصري واحدا من اعرق واقدم الاحزاب المصرية الذي تأسس علي يد الزعيم المصري سعد زغلول جاء وضع المرأة المصرية في برنامج الحزب في نصف صفحة فقط أكد من خلالها الحزب ان المرأة نصف المجتمع وان الحزب يحترم حقوق المرأة وأن للمرأة دور كبير في الاسرة والوطن وأكد علي حق المرأة في العمل كما اكد علي حقوق المرأة العاملة وحق المرأة في التساوي مع الرجل داخل العمل بيما يسمح لها بالترقية اسوه بالرجل ,كذلك حق المرأة في أجازات خاصة لكي تقوم برعاية ابنائها , اي ان الحزب لم يقوم بذكر خطة واضحة لتمكين المرأة بل جاء برنامجة تاكيدا علي حقوق اساسية للمرأة ويجب الاشارة الي ان برنامج حزب الوفد لم يذكر كلمة تمكين المرأة اطلاقا في برنامجه قبل ثورة يناير .
ثالثا حزب التجمع : حصلت المرأة علي علي حظ وافر في برنامج حزب التجمع عن حزب الوفد فجاء رؤية الحزب للمرأة في برنامجه في اربع صفحات من اصل اربعمائة صفحة أكد الحزب من خلال تلك الصفحات الي ضرورة تحرير المرأة من كافة القيود التي يفرضها عليها المجتمع , وأكد برنامج الحزب علي ضرورة توافر كافة الوظائف في الدولة للجميع رجالا ونساءا مع ضرورة مساواة المرأة بالرجل في قانون العمل الخاص بالترقية والحوافز والاجازات , كما اشار الحزب الي ضرورة تعديل بعض النصوص في قانون الاحوال الشخصية الخاصة بالمرأة. (12)
بشكل عام كانت برامج جميع الاحزاب قبل الثورة ضعيفة للغاية وافتقرت الي رؤية واضحة لقضية تمكين المرأة سياسيا بل يمكن القول ان برامج جميع الاحزاب كانت تاكيدا علي الواقع المرير التي تعانيه المرأة المصرية في ذلك الوقت من تهميش واضح وضعف في النظرة التي تنظر اليها , ويظهر ذلك بوضوع في تمثيل المرأة في اللجان العليا لاحزاب المصرية فنجد ان نسبة تمثيل المرأة في تلك اللجان قليلة للغاية بل انها معدومة في بعض الاحزاب ويمكن ان يعكس كل ذلك بوضح الوضع السياسي للمرأة المصرية داخل الاحزاب قبل ثورة 25 يناير.
_________________________________________
(12) المركز المصري لحقوق الانسان, مرجع سابق .
وضع المرأة في القضاء المصري :
تواصلت الجهود الكبيرة في مصر من اجل قضية تميكن المرأة ففي عام 2009 وافق مجلس النواب علي اقرار قانون الكوته في الانتخابات لرفع نسبة تمثيل المرأة في البرلمان , الا أن في نفس ذلك التوقيت قامت الجمعية العمومية لمستشاري مجلس الدولة الدولة وباغلبية اعضائها رفض تعيين المرأة في المناصب والوظائف الادارية بمجلس الدولة مما اصاب كافة حركات النضال النسائية بأحباط شديد , كما ان ذلك القرار كان مخالف لكافة القوانين ومواد الدستور المصري التي اشارت وبوضوح الي ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة وخاصة المادة 40 من الدستور المصري في ذلك الوقت الذي نصت علي ان المواطنون سواسيه في الحقوق والواجبات و يجرم التميز بينهم علي اساس الجنس , الاصل , اللغة او الدين , وبذلك يعتبر القرار السابق مخالف لكافة القوانين ومواد الدستور المصري وضرب الحركات النسائية التي تعمل علي تمكين المرأة بمقتل. (13)
الانتخابات البرلمانية 2005م ووجود المرأة
كانت نتائج الانتخابات البرلمانية 2005م صادمة تماما للحركات النسائية والداعمة لقضية تمكين المرأة حيث انها شهدت فوز 9 سيدات فقط من اجمالي عدد الاعضاء 454 , وعلي الرغم من أن هذة الانتخابات قد شهدت ترشح 122 مرشحة من أجمالي 5177 مرشح بغض النظر من كون نسبة ترشح المرأة ضئيلة للغاية الا ان نسب فوز المرأة في هذة الانتخابات كانت صادمة فمن 121 مرشحة استطاعت 9 فقط الوصول للبرلمان , كما ان مجلس الشعب الذي يجب ان يكون ممثل فيه كافة فئات المجتمع المصري لا يعكس عدد النساء الحقيقي في المجتمع ولكن يظل التساؤل لماذا قلت نسبة تمثيل المرأة في مجلس الشعب 2005م ؟ (14)
_____________________________________________
(13) عمرو عبدالرحمن , النظام الانتخابي واثره علي التمكين السياسي للمرأة في مصر , رسالة ماجستير , القاهرة , 2012 .
(14) أحمد سمير وهدي أدريس , تجربة الانتخابات البرلمانية 2005, دورية المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية , القاهرة , ديسمبر 2005 , ص 17.
من الجدير بالذكر زيادة عدد المرشحات المستقلات في الانتخابات البرلمانية في تلك الدورة حيث انه من اجمالي 122 مرشحة كانت منهم فقط 20 مرشحة فقط تنتمي الي احزاب والباقي نزلوا الي الساحة الانتخابية كمستقلات , كما يلاحظ صغر عمر المرشحات حيثوا كانت الاعمار للنساء في تلك الانتخابات تتراوح بين اوائل الثلاثينيات الي منتصف الاربعينات وهذا ايضا يعتبر مؤشر في غاية الاهمية في حقيقة الامر كما ان العديد من تلك المرشحات كانوا يخضون المعركة الانتخابية للمرة الاولي في تاريخهم ولعل ذلك يفسر نسبة الضئيلة للفوز للمرأة في تلك الانتخابات حيث لم تسفر العملية الانتخابية غير فوز 4 مرشحات فقط اي بنسبة لا تتعدي 1% من أجمالي عدد الفائزين , الا ان الرئيس قام بتعين 5 سيدات لكي ترتفع النسبة الاجمالية لعدد السيدات داخل المجلس الي 9 عضويات.(15)
في حقيقة الامر يوجد العديد من العوامل الخاصة بانتخابات 2005م والتي جعلت الجميع يعتقد بأن المرأة سوف تحصل علي فرصة ذهبية في تلك الانتخابات وذلك بسبب الضغط الخارجي الذي اخذ في الاصرار علي الحكومة المصرية ببداية سياسة الاصلاح ووضع المرأة علي رأس هذة السياسة الاصلاحية من خلال عملية تميكن المرأة ,كل هذا جعل الجميع يعتقد بأن المرأة سوف تحصل علي دعم كبير من قبل جميع الفئات من احزاب , مؤسسات حكومية وغيرها من المنظمات السياسية الا انه في حقيقة الامر كان الامر مختلفا تماما فلم يكن هناك دور حقيقي لتلك التنظيمات السياسية لدعم المرأة بشكل واضح خلال تلك العملية. (16)
(15) بسنت محمود , تمثيل المرأة في مجلس الشعب المصري دراسة في انتخابات 2000 و2005 , القاهرة, جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , 2010.
(16) www.bbc.co.uk/arabic/specials/1658-egypt-elections
حيث ان الاحزاب المصرية في هذة الانتخابات فاجئت الجميع حيث انها قامت بتقليل عدد المرشحات علي في واقعة غربية بل قامت الاحزاب بتقليل عدد المرشحات حتي عن انتخابات 2000م حيث نجد علي سبيل المثال قيام الحزب الوطني الذي كان قد وعد سابقا بترشيح في كل محافظة سيدة علي الاقل قام في تلك الانتخابات بترشيح 6 سيدات فقط من اصل 444 مرشح اي بنسبة 1.6% و هو ما يتعارض حتي مع تصريحات الرئيس المخلوع محمد حسني مبارك رئيس الحزب في ذلك الوقت عندما وعد بتخصيص 5% من اجمالي مرشحي الحزب للنساء وهو الامر الذي لم يحدث بل وقام الحزب الايضا بتقليل عدد المرشحات التابعة له مقارنة بانتخابات 2000 والتي قام الحزب فيها بترشيح 11 سيدة , كما نجد أن جبهة المعارضة بترشيح 7 مرشحات فقط من اصل 222 مرشح تابع لها وهو ايضا رقم ضئيل للغاية وقامت جماعة الاخوان بترشيح مرشحة واحدة فقط من اصل 160 مرشح وقام حزب الوفد المصري بترشيح سيدتين فقط في هذة الانتخابات مقارنة ب8 سيدات خاضوا انتخابات 2000 بدعم من حزب الوفد وقامت بعض الاحزاب بعدم ترشيح اي امرأة في انتخابات 2005 منها علي سبيل المثال حزب حزب مصر 2000 , كل تلك الارقام تعكس وبوضوح شديد التباين القوي بين الخطابات السياسية في ذلك الوقت والتي كانت جميعها يتزين بشعارات تميكن المرأة والواقع الفعلي حيث انه عزفت الاحزاب علي القيام بترشيح السيدات. (17)
كما ان المجلس القومي للمرأة في حقيقة الامر لم يقوم بمساندة فعلية للمرشحات في انتخابات 2005 حيث اكتفي المجلس بالدعم الفني البسيط فقط من خلال الدورات التدربية عن الانتخابات البرلمانية ,كذلك حقوق المرأة الا ان السيدات في ذلك الوقت كانت تامل في دعم حقيقي من المجلس ان لم يكن دعم مادي فعلي اقل تقدير يقوم المجلس مساندتهم اعلاميا وسياسيا حيث كانوا يأملوا في ان تستمر العلاقات بينهم وبين المجلس قائمة اثناء فترة الحملة الانتخابية لا ان ذلك لم يحدث حيث اقتصر دور المجلس علي التدريب فقط. (18)
__________________________________________________
(17) أحمد سمير وهدي مرجع سابق , ص28
(18) لمياء سيد كامل , تاثير الانتخابات البرلمانية في مصر علي عملية التحول الديقراطي , القاهرة , جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ,2010
ومع انتشار ظاهرة البلطجة والعنف السياسي والفساد المالي وشراء الاصوات وكل هذة الافعال التي تلوث المناخ الانتخابي علي المرأة المصرية كان من الطبيعي للغاية ان تقل نسبة تمثيل المرأة الي ذلك الحد , حيث لم تجد المرأة من يدعمها ويساندها في حربها الغير متكافئة مع كافة اشكال الفساد والعنف , الا ان مجلس 2005 وضع بصمة مضيئة في قضية تمكين المرأة المصرية تمثلت وبوضح في اقرار الكوته للمرأة بداية من انتخابات 2010م والتي تعمل علي زيادة عدد المقاعد المخصصة للمرأة في اطار السعي الي تمكين المرأة المصرية.
المبحث الثاني
المرأة المصرية في التشريعات قبل الثورة 25يناير2011
لا يستطيع أحد ان يجدال في أن المرأة المصرية أهمية خاصة في المجتمع وكان لها دور كبير علي مر العصور في تطور المجتمع المصري وتقدمه لذلك جاءت التشريعات المصرية مُحاولة لكي تساعد في قضية تمكين المرأة حيث نري أن المادة 40 من الدستور المصري “المواطنون لدى القانون سواء وهم متساوون فى الحقوق والواجبات العامة لا تمييز بينهم فى ذلك بسبب الجنس أو الاصل أو اللغة او الدين او العقيدة ” ونصت هذة المادة صراحة علي المساواة بين الرجل والمرأة في كافة الحقوق والواجبات التي يؤدوها أو يحصلون عليها من الدولة وذلك يشمل الحق في التعليم ,الحصول علي الرعايا الصحية ,الحق في العمل والحق في الترشح لانتخابات بكافة انواعه كذلك حق الانتخاب وكذلك تلتزم بما يلتزم به الرجل من واجبات مثل اداء الضرائب والمساهمة فى الحياة العامة والحفاظ على الوحدة الوطنية وصيانة اسرار الدولة وبذلك النص الدستوري تأكد لدي الجميع أن الدولة المصرية تدعم قضية تمكين المرأة ولكن لم يكن هذا النص الدستوري كافً حيث أن لم يتجاوز سوي كونه مادة دستورية غير مطبقة بشكل كامل في الحياة العملية في الدولة وهو ما دفع العديد من السيدات المصريات للمشاركة بشكل كبير وفعال في ثورة الخامس والعشرون من يناير في عام 2011م.
وتقديرا لدور المرأة الفعال فى حركة المجتمع ونموة وتحضرة فقد نصت المادة 10 من الدستور على حماية الامومة وجعلت كفالة هذه الحماية التزاما على الدولة ونصت ” تكفل الدولة حماية الامومة والطفولة وترعى النشئ والشباب وتوفر لهم الظروف المناسبة لتنمية ملكاتهم ” وايضا حرص الدستور بمادتة 11 ” تكفل الدولة التوفيق بين واجبات المرأة نحو الاسرة وعملها فى المجتمع ومساواتها بالرجل فى ميادين الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية دون اخلال باحكام الشريعة الاسلامية ” وبتلك المادتين أعترفت الدولة بحقوق المرأة علي شتي أوجه الحياة المختلفة سواء كأم أو كمرأة عاملة , بل توسع الأمر ليشمل الي ان تتلتزم الدولة بكفالة حقوق المرأة وحماية الامومة كما تلتزم بتوفير المناخ الملائم للمرأة من أجل ممارسة كافة حقوقها في مناخ ملائم , كما جاء التوضيح في المادة 11 وشمولها علي كافة ميادين الحياة تأكيدا علي حرص الدولة لكي تمارس المرأة كافة حقوقها ولم تترك المجالات للقانون بل جاء نص المادة شامل لتلك الاوجه المختلفة داعما لحقوق المرأة في أطار سعي الدولة المصرية لكي تظهر وكأنها داعمة لحقوق المرأة في كافة جوانب الحياة الحياة وذلك من أجل تحسين صورتها في المجتمع . (19)
وعلي الرغم من أن الدستور المصري قد أعطي كل تلك الحقوق للمرأة في آطار سعي الدولة لدعمها لقضية تميكين المرأة ألا ان القانون المصري قد أستمر في جعل المرأة في المرتبة الثانية بعد الرجل حيث ظلت بعض القوانين تقوم بعملية تميز ضد المرأة في العديد من المجالات وسنقوم بالتوضيح بشيئ من التفصيل :
أولا حق نقل الجنسية : في حقيقة الآمر مازالت المرأة المصرية محرومة من أحد الحقوق الطبيعية لها والتي يتمتع بها النساء خارج حدود الوطن العربي وهو الحق في نقل جنسيتها الي زوجها في حالة زواجها من رجل غير مصري, ذلك القانون يتعتبر تميز واضح وصريح ضد المرأة حيث أن الرجل لا يخضع لمثل هذا القيد حيث أن للرجل المصري الحق في منح الجنسية المصرية الي الاجنبية أذا تزوجها المصري ولكن لا يحق للمصرية ممارسة نفس الحق وهو ما يعتبر تميز واضح وصريح ضد المرأة وضد مواد الدستور التي تنص أن الرجل والمرأة متساويين في كافة الحقوق والواجبات . (20)
_________________________________________________
(19) تامر بركة , المراة فى التشريعات المصرية , القاهرة , المصري اليوم ,18/4/2010م
(20) د. عبدالحميد الانصاري , التشريعات العربية تضع المرأة في المرتبة الثانية وتجعلها تابعا للرجل , جامعة قطر.
ثانيا التمييز الإداري بين الرجل والمرأة في حق التنقل والسفر: لا توجد قيود قانونية على حرية المرأة المصرية في التنقل أو السفر للخارج، بعد أن ألغت المحكمة الدستورية العليا منذ سنة 2000 النصوص التي كانت تشترط موافقة الزوج على منح الزوجة جواز السفر أو تجديده أو سحبه بناء على طلبه , ومع ذلك لا تزال الإدارة المختصة تمنع عن إصدار جواز سفر للزوجة التي لم يوافق زوجها على استخراجه. (21)
ثالثا التفرقة بين الرجل والمرأة في عقاب الزنا: قام قانون الزنا بتميز واضح وصريح بين الرجل والمرأة في تلك القضية فالقانون فرق وشدة في عقوبته بين الزوج والزوجة ففي حالة وقوع جريمة الزنا يتم الحكم علي الزوجة بالسجن بمدة لا تزيد عن سنتين , أما في الحالة الزوج فيتم الحكم علية بالحبس بمدة لا تزيد عن سته اشهر وهو ما يدل علي تميز واضح وصريح ضد المرأة .(22)
بشكل عام وعلي الرغم من أن الدستور المصري قبل ثورة يناير أكد علي ضرورة المساواة بين الرجل المرأة في شتي مجالات الحياة , كذلك قام الدستور بالتأكيد علي اهمية عدم التميز بين المواطنين الا ان ذلك الامر كان في الدستور فقط دون أن يصاحبه ايا من التحركات علي أرض الواقع للدعم الفعلي لقضية تمكين المرأة .
______________________________________________
(21) د. عبدالحميد الانصاري , مرجع سابق
(22) د. فتوح الشاذلي , مكافحة القانون المصري للعنف والتمييز ضد المرأة (المأمول) الاسكندرية ,المجلس القومي للمرأة , 2012
المبحث الثالث
المرأة والمشاركة المجتمعية
المشاركة المجتمعية للمرأة هي أحد اهم أليات قياس مدي تطور ومشاركة المرأة في المناخ العام للدولة وذلك بطبيعة الحال لكون المشاركة المجتمعية يندرج تحتها العديد من الانشطة والمجالات تختلف وتتنوع بأختلاف الثقافات كما سيتم التناول في ذلك المبحث لاحقا , ولكن في حقيقة الامر لا يمكن الانكار أن العادات والتقاليد المصرية تقلل من أهمية المرأة في المجتمع وتجعلها في مرتبة ثانية بعد الرجل في المجالي السياسي والتشريعي كما تناولنا سابقا و سنحاول تسليط الضوء في ذلك المبحث حول بعض المجالات الاخري التي تعاني فيها المرأة المصرية من ظلم واضح مخالفة لكافة القوانين المصرية .
أولا المجال الاقتصادي : تعتبر مشاركة المرأة في الحياة الاقتصادية قبل ثورة الخامس والعشرون من يناير ضئيلة للغاية حيث أنه يمكن الجزم أن المرأة تعاني من الفقر أكثر من الرجل كما تشير العديد من الدرسات أن نسبة البطالة بين المرأة أكثر بدرجة كبيرة عن الرجل حيث ان 51% من النساء الطالبات للعمل لا يجدن عملا بينما 16% من الذكور الطالبين للعمل لا يجدون عملا وذلك الفرق يعتبر كبير للغاية ويوضح مدي الانحدار التي تعاني منه المكانة الاقتصادية للمرأة.(23)
وفي نفس السياق تعاني المرأة وبشكل واضح بتضارب كبير بين ما تساهم في أنتاجة وبين العائد الذي يأتي لها نظير مساهمتها في عملية الانتاج فعلي سبيل المثال فتساهم المرأة بشكل رئيسى في 42% من إنتاج الثروة بالريف و32% من إنتاج الثروة بالحضر، وبالرغم من ذلك يأتى نصيبها من الحصول على الثروة ضعيفا للغاية مقارنة بمجهودها في العملية الانتاجية(24)
(23) الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية , الإطار الدستوري والقانوني لقضايا المرأة المصرية.. مكامن الخلل وآليات المعالجة , القاهرة , 2014.
(24) الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية , مرجع سابق
علي الرغم من قيام المرأة بالمشاركة بتلك النسبة العالية الا أنها تحصل علي عائد أقل بكثير مما يحصل علية الرجل وذلك في حقيقة الأمر يعود الي العديد من الامور في مقدمتها الاعراف والثقافة المصرية المنتشرة في العديد من المناطق خاصة المناطق الريفية , بل ويزداد الامر سوءا في العديد من المناطق داخل مصر حيث تمنع بعض الاعراف من تملك المرأة الاراضي الي نسبة ضئيلة للغاية , أي يمكن الجزم بأنه لا يوجد أي نوع من انواع المساواة الاقتصادية بين الرجل والمرأة في الحياة الاقتصادية ويتجلي ذلك ايضا وبوضوح في تباين الاجر التي تحصل علية المرأة العاملة في مقارنته بأجر الرجل .
ثانيا التعليم : يعتبر التعليم وسيلة من أهم وسائل تمكين المرأة من خلال إكسابها المعارف والمهارات اللازمة من أجل المشاركة الفعالة فى عملية التنمية وعلي الرغم من ذلك ألا ان التعليم في ملف المرأة يوجد به العديد من المحاور فعلي الرغم من زيادة الاهتمام بتعليم المرأة المصرية حيث بلغ عدد بلغ إجمالى عدد التلاميذ المقيدين بالتعليم قبل الجامعى عام 2007 /2008 حوالى 15778.3 ألف تلميذ . وتمثل الإناث حوالى 48.8% من إجمالى المقيدين وتعتبر تلك النسبة مؤشر قوي للغاية الي التطور الذي حدث في مصر في ملف تعليم المرأة خاصة بعد عام 1933م حينما تمكنت الانسة نعيمة الايوبى من الحصول على شهادة ليسانس الحقوق وارادت ممارسة مهنة المحاماة ولكن وقف امامها عقبة قيدها فى سجلات المحامين حيث رفض الرجال حين ذاك انضمامها لصفوفهم ولم تستسلم وبعد مناقشات مستفيضة حصلت على احقيتها لتصبح اول محامية فى تاريخ نقابة المحامين المصريين ورغم انها لم تستمر طويلا فى مهنة المحاماة الا انها فتحت للمراة مكانا جديدا فى مصر , أصبحت مصر تشهد وبشدة تطور ملحوظ في مجال التعليم للمرأة , ويتجلي ذلك بوضوح في معدلات الامية التي تصدر عن الدولة المصرية والتي تفيد بأنخفاض عدد الامية بشكل ملحوظ بين الرجل والمرأة كما يشير الجدول التالي لأحصائيات الامية خلال أعوام 2003م, 2004م و2005م.
السنة | نسبة الامية بين الرجال | نسبة الامية بين النساء |
2003 | 22.0 | 47.0 |
2004 | 20.4 | 45.8 |
2005 | 18.3 | 43.8 |
شكل رقم (1)
تطور معدل الأمية (+15 سنة ) خلال الفترة 2003 – 2005
وعلي الرغم من الجهود التي قامت بها الحكومة من أجل تحسين ملف تعليم المرأة في مصر ,وعلي الرغم من نجاحها في تحقيق أنجازات كبيرة في تقليل عدد الأمية بين النساء كما سبق الاشارة اليه الا انه مازلات توجد بعض المناطق في مصر تعاني من أزمة تعليم تعود نتيجة العادات والتقاليد والثقافات السائدة في تلك المناطق بتفضيل الولد عن البنت وخاصة المناطق الريفية و يؤدي ذلك الي زيادة نسبة الامية بين الفتيات في تلك المناطق مما يؤثر بالسلب علي مجمل ملف تعليم المرأة في مصر علي الرغم من التحسن الكبير في ذلك الملف الا أنه مازال غير كافً لأرضاء أمال المرأة المصرية من التمكين .
وبذلك يعتبر ملف مشاركة المرأة المجتعية أحد أهم الملفات التي تخدم قضية تمكين المرأة وبشكل كبير حيث انه لا يمكن تصور التحدث عن مشاركة سياسية للمرأة في ظل غياب حقوق المرأة الاجتماعية والثقافية وعزوفها عن المشاركة المجتمعية فألاصلاح لا يبدأ من المشاركة السياسية أنما من نقطة البداية وهي حقوق المرأة حتي يتم الوصل الي مفهوم المشاركة السياسية للمرأة . (25)
ومع كل ذلك التدهور الشديد في ملف المرأة قبل يناير 2011م في شتي المجالا السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية كان ضروري علي المرأة المصرية الحشد والنزول بشدة الي الشارع خلال ثورة 25يناير رافعة شعارات الشعب المصري ولكنها كانت تأمل بشكل اساسي في تحسين ملف المرأة المصرية العمل علي تمكينها في شتي مجالات الحياة.
_______________________________________________
جدول (1) المصدر : الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء
(25) عزالدين محمد , الحالة التعليمية للمرأة فى مصر , القاهرة , 2009 , http://kenanaonline.com/users/ashhab/posts/101174
الفصل الثاني : المرأة المصرية منذ 25يناير وحتي 30يونيو
المبحث الاول : المشاركة السياسية للمرأة
عانت المرأة لسنوات عديدة من تهميش سياسي واقتصادي واجتماعي كما سبق الأشارة اليه في الفصل السابق مع زيادة ظلم المرأة وتهميشها وجدت المرأة فرصة ذهبية لها في رسم مستقبلها حين أندلعت ثورة الخامس والعشرون من يناير 2011م فأنتفضت المرأة مع الرجل لمحاربة وأسقاط نظام عانت منه النساء من ظلم علي مر عقود متواصلة , فكانت مشاركة المرأة في الثورة هي رد فعل طبيعي حيال التهميش التي تتعرض له المرأة المصرية في الفترة السابقة للثورة كما لعبت المرأة دور كبير للغاية في نجاح الثورة, فلم تترك المرأة المصرية الميدان طوال ايام الثورة , وكان ذلك نابعاً من إيمان المرأة بأن عليها كافة الواجبات المفروضة علي الرجل فشعرت المرأة بدورها الكبير للغاية في الثورة فشاركت من أجل مستقبل أفضل للدولة ككل ولها علي وجه الخصوص .
ألا ان الاحداث التي تلت الثورة المصرية كانت صادمة للغاية للمرأة وخاصة قضية التميكن السياسي لها فبعد أن واجهت المرأة كافة الصعاب التي وجها الرجل في الميدان خلال أحداث الثورة والاحداث التي تلًت الثورة وعلي الرغم من أنبهار العالم بشجاعة المرأة المصرية في أحداث 25يناير الا ان التهميش السياسي للمرأة مزال مستمرا بعد الثورة وبالرغم من كل تلك التضحيات التي قدمتها المرأة من اجل الحصول علي حقها في التمكين السياسي والقضاء علي التهميش التي عانت منه المرأة من عقود طويلة ألا أنه في حقيقة الامر لم يحدث ذلك فظلت المرأة تعاني من أزمة التهميش في العديد من القضايا سيتم تناولها بعضها في محاولة للوصول الاسباب التي جعلت المرأة المصرية تندفع في المشاركة في ثورة 30يونيو مطالبة من جديد بأسقاط النظام وسيتم تناول المشاركة السياسية للمرأة من خلال الجمعية التأسيسية للدستور , الفريق الرئاسي , نظرة الصحافة والاعلام لقضايا المرأة بالاضافة الي أنتخابات 2012 وضع المرأة في مجلسي الشعب والشوري في ذلك الوقت.
أولا الاعلام والصحافة وقضايا المرأة : بعد الثورة نالت قضية تمكين المرأة المصرية أهتمام وسائل الاعلام بأنوعها المختلفة , فأنطلقت القنوات التلفزيونية في بث العديد من التقارير عن دور المرأة واليات تمكينها من أجل اثارة القضية علي الرأي العام في سعي المجتمع المدني من دعم قضايا تمكين المرأة والقضاء علي أزمة التهميش التي تعاني منه المرأة , أما علي صعيد الصحافة تسارعت الصحف المختلفة لسرد مساحات خاصة لدعم قضية المرأة فعلي الصعيد المشاركة السياسية نجد تصدرت صحيفة المصري اليوم الاهتمام بالمرأة بنسبة حوالي 23 % فى حين جاءت الأهرام فى المركز الثانى بنسبة 19 % أما المركز الثالث فكان من نصيب الجمهورية بنسبة 13 % أما عن عرض قضايا المرأة على المستوى الاجتماعى فقد جاءت المصرى اليوم فى المركز الأول وذلك بنسبة 44 % فى حين تساوت كل من الأهرام وروز اليوسف فى المركز الثانى بنسبة 14 % وحلت الشروق فى المركز الثالث بنسبة 12 % , وكان ذلك كله في أطار سعي منظمات المجتمع المدني ووسائل الاعلام المختلفة لدعم قضية المرأة وفي حقيقة الامر كان ذلك الدعم من وسائل الاعلام غير مسبوق بالمرة من وسائل الاعلام فيمكن القول أن أحد أنجازات الثورة هو توجية أهتمام الرأي العام المصري الي قضية المرأة وخاصة الاعلام . (26)
ثانيا المرأة في التشكيل الحكومي بعد الثورة : فبعد أسقاط نظام مبارك دخلت المرأة في نفق جديد من التهميش السياسي بعد الثورة فمن ناحية وجدت المرأة نفسها تحت حكم المجلس العسكري وبعد ذلك حكم الاخوان وفي كلا العهدين شهدت المرأة ازمة كبيرة من التهميش السياسي حيث انه في المناصب القيادية ضمت وزارة د.عصام شرف سيدة واحدة في كل التشكيل الحكومي، ثم حكومة د. كمال الجنزوري ثلاث سيدات، وأخيرا ضمت وزارة د. هشام قنديل سيدتين فقط تعتبر تلك الارقام مؤشر صادم للغاية لا يبشر علي حلول مستقبلة للقضية تمكين المرأة أنما يدل علي دخول المرأة في مواجهة مع سياسية أستبدادية سياسياً واجتماعياً(27).
______________________________________________________
(26) حسن الشامي , تقرير حالة المرأة بعد 25 يناير , القاهرة , 2012 , http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=305913
(27) د.أماني قنديل , فصل دراسة حالة المرأة المصرية ,منظمة المرأة العربية , القاهرة , 2014
أما علي صعيد المناصب القيادية الاخري فعانت المرأة من تهميش واضح وكبير للغاية حيث تم أقصاء النساء من المواقع المهمة مثل منصب المحافظ، ونشر صراحة على لسان وزير الادارة المحلية أن “المرأة لا تصلح لهذا الموقع”، ثم كان التفسير التالي التقليدي بأنه “في ظروف الفراغ الامني يصعب على المرأة تولي هذه المناصب” ذلك التصريح الذي كان قاتل في حقيقية الامر للعديد من الحركات النسائية الداعمة لحقوق المرأة خاصة أن ذلك التصريح أصدر من قبل مسؤل في حكومة أتت بعد ثورة شاركت فيها المرأة جنبا الي جنب مع الرجل , بل وكانت للمرأة دور كبير في نجاح الثورة.
ثالثا المرأة في الاحزاب بعد الثورة : شهدت الساحة السياسية المصرية تطور كبير في ملحوظ في عدد الاحزاب السياسية فوصل عدد الاحزاب الي 56 حزبا سياسيا هو ما يعبر عن تطور كبير في صعيد مشاركة المواطنين سياسياً ولكن دون ان ينعكس ذلك علي المشاركة السياسية للمرأة حيث ان أغلب الاحزاب لم تعطي للمرأة أهتمام خاص للمرأة حيث نجد أن الاحزاب الاسلامية اشارت الي دور المرأة الاسري وأكدت علي وجود أختلاف كبير بين مفهوم المشاركة المجتمعية للرجل والمرأة دون أيضاح أو تفسير ذلك الاختلاف , قامت مجموعة من النساء الدعوة الي انشاء احزاب نسائية سياسية مثل الدعوة لانشاء حزب الحرية والانتماء، حزب المرأة الجديدة، الحق المصري، شباب مصر الجمهوري ألا ان أغلب تلك الاحزاب لا توجد لها قوة فعليه في أرض الواقع ولا يوجد أي مؤشرات حتي الأن الي اعضاء هذة الاحزاب .
يمكن القول أنه وعلي الرغم من زيادة عدد الاحزاب الا ان ذلك لم يصب في صالح قضية المرأة بأي جديد فظل التهميش السياسي للمرأة كما هو دون أي جديد يذكر وظهر ذلك وتجلي في ترشحات الاحزاب لانتخابات مجلس الشعب لعام 2012م كما سيتم التناول لاحقا وفيما يلي عرض لوضع المرأة داخل أبرز الاحزاب في ذلك الوقت :
أولا حزب الحرية والعدالة : أشار برنامج الحزب الي المرأة في العديد من الفقرات منها ضمن فترة الاوضاع التي خلفها نظام مبارك وفي خلالها اكد علي ان زيادة نسبة الطلاق جاءت نتجية زيادة البطالة في المجتمع , كما أكد الحزب في برنامجه انه يسعي الي تحقيق مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة فيما لا يخالف الشريعة الاسلامية .
ثانيا حزب النور : يأتي حديث الحزب حول المرأة تحت عنوان “برنامج المجال الاجتماعي” وفي أكد الحزب علي ضرورة المساواة بين الرجل والمرأة في الكرامة الانسانية مع ضرورة الحفاظ والتأكيد علي التميز بينهما في الادوار المجتمعية والانسانية , ثم قام الحزب في برنامجه بعد ذلك بسرد بعض المشاكل التي تعاني منها المرأة في المجتمع بصفة خاصة مثل مشكلة المرأة المعيلة و مشكلة العنف ضد المرأة وأكد برنامج الحزب علي ضرورة وجود الابحاث التي تهتم بوضع حلول لتلك القضايا دون ذكر أي ألية لحل تلك المشكلات .
ثالثا حزب الوفد : فى سياق الحديث عن أن المواطن المصرى هو حجر الأساس فى التنمية الشاملة للبلاد يأتى الحديث عن المرأة المصرية التى لها نصيب كبير فى برامج التنمية فهى “الأم المدرسة التى إن اعددتها أعددت شعبا طيب الأعراق”. وفى سياق آخر ياتى الحديث عن تعديل قوانين الأحوال الشخصية لتفادى المشاكل الأسرية التى تكدست بها المحاكم بسبب القانون الحالى.
رابعا حزب المصريين الاحرار : أكد الحزب في برنامجه أن من المبادئ الاساسية للحزب هو العمل علي تمكين المرأة ومساندة المرأة في تولي كافة المناصب في الدولة دون اي تميز بينها وبين الرجل , فأكد الحزب علي أهمية المساواة بين الرجل والمرأة بأعتبارهم مواطنين دون النظر الي عرق او جنس.
المرأة والانتخابات البرلمانية : بالرغم من التحسن البسيط علي الجانب الشكلي لقضية المرأة في مجالات المحتلفة , الا ان ذلك التحسن كان شكلي فقط دون أن يكون هناك اي عائد حقيقي علي المستوي السياسي حيث وأنه في اول تجربة انتخابية بعد ثورة شاركت فيها المرأة بقوة شديدة وكانت أحد أهم أسباب نجاحها , ألا انها لم تجد أياً من الدعم سواء الشعبي او الحزبي حيث وأن كافة الاحزاب تخلت تماما عن المرأة وقت الانتخابات وفي ظل ألغاء نظام الكوته ومع قيام الاحزاب بأدراج المرأة علي أواخر القائمة وعدم أقبال الاحزاب علي دفع المرأة علي المقاعد الفردية وقيام العديد من النساء علي خوض التجربة الانتخابية كمستقلة علي المقاعد الفردية حيث خاض الاغلبية من النساء الانتخابات كمستقلة منافسة علي المقاعد الفردية.
وتشير الاحصائيات الي ذلك بوضوح حيث في خلال الثلاث مراحل خاضت 984 مرشحة المعركة الانتخابية من أجمالي 8113 مرشحة بنسبة بلغت 12.1% منهم 633 مرشحة خاضت المعركة الانتخابية علي القوائم الحزبية بالرغم من أن نسبة التي خاضت الانتخابات كانت مبشرة الي حد كبير الا ان عدد الفائزين في الانتخابات كانت 7 نساء بنسبة أجمالية حوالي 1% وتعتبر تلك النسبة صادمة للغاية غير ان أغلب تلك النساء كانت من حزب الحرية والعدالة وكانت تلك النسبة بمثابة صدمة لجميع الحركات النسائية,
حيث أنها عادت المرأة الي وضع أسوء بكثير مما كانت عليه قبل الثورة التي أعتقد العديد من النساء انها سوف تساعد علي تحسين الوضع السياسي للمرأة الا أن ذلك لم يحدث حيث ظلت المرأة تعاني من المزيد من التهميش(28) .
أما في أنتخابات مجلس الشوري المصري لم يختلف الامر كثيرا علي الرغم من أنه شهد تطور كبير في مشاركة المرأة كمرشحة حيث خاضعت المعركة الانتخابية 196 سيدة وتعتبر تلك النسبة مرتفعة للغاية مقارنة بأنتخابات مجلس الشوري السابقة التي كان بها 9 سيدات فقط يخضون العملية الانتخابية , ولم تؤدي زيادة عدد المرشحات في تلك الانتخابات الي زيادة عدد المقاعد الخاصة للنساء فقد فازت 4 سيدات فقط من أصل 180 عضو بنسبة 2% , الا ان مسنادة الاحزاب للمرأة في هذة الانتخابات كانت افضل من مجلس الشعب حيث في تلك الانتخابات دفعت الاحزاب 128 مرشحة علي القوائم الحزبية بصرف النظر عن كون النساء كانوا في اواخر القوائم وكان ترشحهم شكليا من العيار الاول , الا انه ساعد في اعطاء المرأة المصرية دفعة قوية وتجربة تدربية حول كيفية خوض المعركة الانتخابية (29)
ويعتبر النسبة المتدنية للمرأة في المناصب الحكومية والبرلمان كذلك عدم مساندة الاحزاب لها سواء في الانتخابات او في المظاهرات التي نادت لها بعض الجماعات النسائية كان كل ذلك احد اهم الاسباب التي دفعت المرأة الي أكتسابها المزيد من الاحتقان والكره للنظام السياسي الذي أدي أليها الي المزيد من التهميش والعنف وكل ذلك بجانب وضع المرأة في الدستور الجديد كانت أحد أهم الأشكاليات التي دفعت المرأة و التي دفعت النساء الي الحشد بقوة في ثورة 30يونيو المطالبة بأسقاط النظام.
_______________________________________________
(28) الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء, الكتاب الإحصائي السنوي، القاهرة , 2011
(29) معركة الشوري ومشاكل القضاة مستمرة , جريدة التحرير , القاهرة 29 يناير 2012.
المبحث الثاني
المرأة في التشريعات الجديدة
الاوضاع القانونية للمرأة المصرية قبل يناير2011م كانت أحد الاسباب الرئيسية لتهميش المرأة ومعاملة المرأة معاملة اقل بكثير من الرجل كما سبق الاشارة اليه في الفصل الاول , الامر الي دفع المرأة المصرية وبشدة للنزول والمشاركة في ثورة الخامس والعشرون من يناير في اطار السعي الي الحصول علي حقوقها التشريعية سواء في الدستور أو القوانين المختلفة وفي مقدمتها قانون الاحوال الشخصية.
المرأة في الدستور الجديد : بدأت أزمة المرأة مع الدستور منذ اللجنة التي كلفت بصياغة التعديلات الدستورية في مارس 2011م حيث خلت اللجنة من النساء تماما في صدمة كبيرة لكافة الحركات النسائية خاصة مع وجود نخبة عالية بين صفوف نساء مصر قادرة ان تعمل بنفس كفاءة الرجل في كافة الشئون , وأستمر تمهيش النساء من مهمة كتابة الدستور المصري بعد الثورة التي كانت فيها المرأة أحد الاسباب الرئيسية لنجاحها حيث شهدت عملية تشكيل لجنة المئة المكلفة بصياغة الدستور المصري تهميش واضح وصريح للمرأة حيث مثلت المرأة ب6 نساء فقط في اللجنة بنسبة 6% بعد ما كانت تعلو الاصوات المطالبة بوصول نسبة تمثيل المرأة الي 50% او علي الاقل 30% ألا ان نسبة 6% جاءت كصدمة كبيرة للحركات النسائية وبدأت العديد منها باللجوء الي ساحات القضاء الي حكمت بضرورة اعداد تشكيل اللجنة ومراعاة التمثيل النسبي لشرائح المجتمع الامر الذي يحمل في باطنه علي زيادة نسبة تمثيل المرأة في اللجنة خاصة مع وجود العديد من الكوادر كما سبق الاشارة , وعلي الرغم من ذلك بقيت نسبة المرأة كما هي في اللجنة وكان اغلب اعضاء اللجنة كانوا من المنتمين علي حزب الحرية والعدالة وجماعة الاخوان المسلمين الامر الذي جعل الدستور ضعيف للغاية في ذكر المواد الخاصة بالمرأة واقتصرت الإشارة لدور الدولة تجاه المرأة فقط فيما يتعلق بالبيت والأسرة فنجد المادة 10 تنص على “قيام الدولة بالعمل على الموازنة بين واجبات المرأة الأسرية وعملها في المجتمع”، وهو ما يدعم الأفكار السائدة التي تميز بين الرجل والمرأة ويخل بأبسط مبادئ المساواة.
كما تضمنت نفس المادة “تحرص الدولة والمجتمع على الالتزام بالطابع الأصيل للأسرة المصرية” بدون أي تعريف لما هو الطابع الأصيل للأسرة المصرية مما يفتح الباب للسماح بالعديد من العادات المنتشرة في الريف مثل الختان كجزء من طابع الأسر المصرية في الريف والصعيد.
وبذلك نجد أن الدستور النهائي الذي تم صياغته ليس فقط يتجاهل حلم المرأة بالمساواة بل ويقنن كل الممارسات والانتهاكات التي تمارس ضد المرأة ليكشف لنا أي مجتمع يريد أن يبنيه النظام الحاكم في مصر في ذلك الوقت ، مجتمع قائم على التمييز الجنسي ويبيح شتى أنواع الاستغلال، مجتمع يحافظ على الموروث الفكري الذي تركه لنا النظام السابق باستبداده واستغلاله.
المرأة والقوانين المختلفة : يأتي الاهتام والنظر لقانون الاحوال الشخصية بكونه احد القوانين التي طالب العديد من المواطنين بتعديلها من أجل زيادة حقوق المرأة بشكل الخاص ببعض المشاكل المتعلقة بمسالة الاحوال الشخصية , فنجد أنه في مايو 2011م وافق مجمع البحوث الاسلامية علي الابقاء علي قانون الحضانة والرؤي لعام 2007م وذلك يعد انتصاراً كبيرا لحقوق المرأة حيث انه انتشر في ذلك الوقت العديد من الدعوات المطالبة بتخفيض سن الولاية الي 7 سنوات الا ان مجمع البحوث وافق علي ابقاءه كما هو علي سن 15 عام , كذلك اعترف واقر المجمع بحق الولاية التعليمة لاب للابناء مع ضرورة اشراك الام في ذلك وفي حالة حدوث تعارض بين رغبة الاب والام بالحاق الطفل في احد أنواع التعليم وفي حالة رغبة الام لالحاق الأبن بنوع تعليم عالي التكلفة واعترض الاب بصعوبة ذلك مادياً وفي حالة موافقة الام علي تحمل التكاليف وجب علي الاب نقل الولاية التعليمة للام فيما لا يضرر الابناء , كما اقر المجمع علي حق الأب و الأم اللجوء الي القضاء لحل ذلك النزاع . (30)
___________________________________________________________
(30) الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , مرجع سابق
في سياق أخر حقق مجلس الشعب أنتصاراً كبيراً لحقوق المرأة القانونية حيث قرر المجلس رفض المقترح الذي قدم له بألغاء قانون الخلع وطالب المجلس فقط بتعديل القانون , وجاء رفض المجلس أستناداً الي الازهر الشريف الذي أكد أن الخلع أحد الحقوق الاساسية للمرأة , ويأتي رفض مجلس الشعب بألغاء قانون الخلع تدعيماً لحقوق المرأة المصرية ودفعة قوية للحركات النسائية بضرورة الاستمرار في الضغط لحصول علي كافة الحقوق للمرأة المصرية التي تعمل علي تقوية دور المرأة في المجتمع ومن ثم تحقيق التمكين والمساواة التامة للمرأة المصرية في شتي المجالات.
كما شهد مايو 2011م الاعتراف بحق ابناء الام المصرية المتزوجة من فلسطيني بالجنسية المصرية تنفيذاً لقانون 154 لسنة 2004م حيث استثني القانون قدميا ابناء الام المصرية من فلسطيني بناءا علي طلب جماعة الدول العربية بعدم تجنسهم حفاظا علي الهوية الفلسطنية الا انه مع زادة عدد المطالبين باعطائهم الجنسية المصرية وافقت الحكومة علي ذلك وتم العمل بالقانون في شهر مايو كما سبق الاشارة سابقاً.(31)
وفي ظل زيادة العنف ضد المرأة خاصة بعد الثورة قام المجلس العسكري بتعديل قانون العقوبات حتي يتثني له تغليظ عقوبات التحرش الجنسي والاغتصاب لتصل الي الاعدام أو السجن مدي الحياة وأتي ذلك التعديل اعترافاً كبيرا من قبل السلطة المصرية في ذلك الوقت كذلك تدعيم حقوق المرأة ومحاربة الاعتداء علي المرأة وحقوقها.
يطهر من خلال ما سبق الاهتمام الكبير بقضايا المرأة من خلال المنظور القانوني ومن ناحية التشريعات القانونية , الا ان ذلك الاهتمام والانتصار الكبير التي حققته المرأة علي المستوي التشريعي اصابه العديد من الاحباط بعد الدستور الذي خلي من ذكر حقوق المرأة صراحة كما سبق الاشارة الا ان تلك القوانين تعتبر علامة مضيئة ساعدت في نشر الامل من جديد في قضية تكمين المرأة المصرية .
_________________________________________________
(31) الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , مرجع سابق
المبحث الثالث
المرأة والمشاركة الاجتماعية بعد الثورة
لعبت المرأة دوراً كبيرا في أيام الثورة فهي كانت دائما جنبأ الي جنب مع الرجل ألا ان معاناة المرأة المصرية بعد الثورة كانت اضعاف معاناة الرجل , فالمرأة لم تكن شهيدة أو مصابة فقط بل اضيف علي كونها تعاني في تهميش , فمعركة المرأة وراء البحث عن حقوقها لم تنتهي عند صراعها مع التشريعات والقوانين المختلفة بل أمتد للعديد من الظواهر الاخري وكان الشق الاجتماعي طرف دائم في تلك الحالات كما سيتم الاشارة خلال ذلك المبحث.
معاناة المرأة : ففي مارس 2011م ومع خروج النساء في مسيرة للاحتفال باليوم العالمي للمرأة رفعت من خلالها المشاركات اللافتتات المطالبة بحقوق المرأة مطالبين بدورة مساواتها مع الرجل في كافة القانوين وشتي أوجه الحياة , ألا أن هذة المسيرة تعرضت لاعتداء الشديد سواء اللفظي او البدني بدعوة من عديد من أطياف المجتمع أن الدولة غير مهيئة حاليأ لمثل هذة المطالب الفئوية وجاء الاعتداء علي تلك المسيرة ليوضح النظرة العنصرية المرتعة بشدة في المجتمع ضد المرأة وعدم أكتراث فئات المجتمع بحقوق المرأة رغم كل ما ضحت بيه المرأة من اجل حياة كريمة لمصر.
كما شهد مارس 2011 أيضاً واقعة القبض علي 18 فتاة من داخل ميدان التحرير وتعرضهم للعديد من انواع العنف داخل السجن الحربي وعلي الرغم من عدم الاهتمام الاعلامي بتلك القضية في ذلك الوقت الا انها شهدت نزاعات بين منظمات حقوق الانسان بشكل عام ومنظمات المرأة بشكل خاص وبين السلطة المصرية في ذلك الوقت متمثلة في المجلس العسكري وقامت العديد من الحركات النسائية برفع العديد من الدعاوي القضائية ضد الممارسات التي زعم البعض ممارستها في السجن الحربي ضد الفتيات ومنها اجبار بعضهم علي كشوف كشف العذرية علي حسب زعم بعض المعتقلات وأمر القضاء في ذلك الوقت بعدم ممارسة مثل تلك الافعال داخل السجون الامر الذي رفضة المجلس العسكري ومؤسسة الجيش المصري مؤكدة بأنه لا وجود لمثل هذة الكشوف دخل السجون. (32)
_______________________________________________________
(32) الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , مرجع سابق
في ديسمبر 2011م شهدت أحدث مجلس الوزراء واقعة شهيرة وهي سحل وتعرية فتاة وبغض النظر عن بشاعة المشهد الذي أنتشر وبشدة في ذلك الوقت حتي خرج العديد من حركات حقوق النساء تتهم الدولة بالرغبة في أضعاف عزيمة المرأة المصرية بمثل تلك التصرفات والرغبة في عدم نزول المرأة المصرية للشارع من جديد سواء في أحتجاجات او مظاهرات من اي نوع وعلي الرغم من أن تلك الواقعة لم تكن هي الاولي ولا الاخيرة في ذلك الوقت فالعديد من الفتيات أكدوا تعرضهم للعنف خلال مشاركتهم في التظاهرات الاحتجاجية بأشكالها المختلفة وبناءاً علي تلك التصرفات و الافعال ضد المرأة خرج العديد من النساء في مسيرات حاشدة مؤكدون عدم خوفها من العنف الممنهج ضدها وأستمرارها في المعركة لحين الحصول علي كافة حقوقها السياسية والاجتماعة ألا أنه من الملفت للنظر خروج العديد من السياسين محاربين لمثل هذة المطالب المشروعة وذلك بؤكد أيضاً علي النظرة الاجتماعية المتدنية للمراة المصرية.
وعلي الرغم من بشاعة الانتهاكات الجسدية ألا ان العديد من الحركات النسائية في مصر أكد علي ان الانتهاكات المعنوية كانت أكثر ضرراً حيث ان هجوم العديد من اطراف المجتمع علي النساء المشاركات في المظاهرات بسور الاخلاق وضرورة عدم قيامهم بمثل هذة الافعال تلك التصريحات اصابت العديد من النساء المصرييات بأحباط شديد وكان واقع تلك الاقوال اكثرا تأثيرا من العنف الجسدي حيث أنه أكد علي الاضهاد المجتمعي في كافة اطيافة حقوق المرأة بل ومحاربتها في صراعها للحصول علي حقوقها المشروعة وهي مساوتها بالرجل.
استطاعت المرأة أن تحرز مكانا فى النقابات المهنية حيث حصلت المحامية سامية سعيد على مقعد نقب المحامين بمحكمة منيا القمح بالشرقية, حيث تفوقت على منافسيها الثلاثة من الرجال , كما حققت المرأة فى عام 2011 انجازات علمية متميزة منها على سبيل المثال حصول الباحثة زينب أبو النجا على لقب “نساء فى الكيمياء” حيث ورد اسمها ضمن القائمة التى أعدتها اليونسكو فى إطار مبادرتها لجعل عام 2011 هو عام الكيمياء وذلك بالتزامن مع الذكرى المئوية لرحيل العالمة مارى كورى.
وفى هذا السياق أيضا يمكن الاشارة أيضا إلى الأحزاب النسائية التى تكونت -ولايزال بعضها تحت التأسيس- بعد الثورة, منها ما يهدف بالأساس لدعم قضايا المرأة, ومنها ما يمارس العمل السياسى بشكل عام ولكن يبدو فيه التمثيل النسائى واضحا ومؤثرا حيث تأتى المراة على قمة الهرم التنظيمى لهذه الأحزاب ,
ومنها:حزب “المرأة الجديدة” الذى أسسته الكاتبة والباحثة الإجتماعية “ريم أبو عيد”, حزب “المساواة والتنمية” برئاسة الفنانة “تيسير فهمى”, حزب “الحرية والانتماء” برئاسة المحامية “هالة طوبار”, حزب “الحق المصرى” برئاسة “نرمين محمد عبد الرحمن”, حزب “شباب مصر الجمهورى” برئاسة “مشيرة أبو غالى” عضو مجلس محلى حلوان, وحزب “الحق” تحت التأسيس برئاسة “مريم ميلاد” وهو يعتبر اول حزب سياسى تؤسسه إمرأة مصرية مسيحية.(33)
أي يمكن القول حقاً أنه وبصرف النظر عن نظرة المجتمع المتدنية لدور المرأة أستطاعت المرأة الاستمرار في تحقيق انجازات عديدة في شتي المجالات ولم تلهوها تلك الانجازات عن صراعها الاكبر ضد منظومة كاملة تعمل علي تهمشها وفي ظل محاولة المرأة للحصول علي حقوقها كاملة داعماً لقضيتها الاسمي وهي تحقيق التمكين الشامل للمرأة المصرية في شتي مجالات الحياة المختلفة , حشدت المرأة وبشدة للنزول في ثورة 30 يونيو لاسقاط نظام عانت منه المرأة علي مدار عام حيث كان يتم تهميشها تماما وينظر اليها نظرة سطحية للغاية في عهد الرئيس الاسبق محمد مرسي الا أن المرأة حاربت ذلك وحشدت وبقوة ضد النظام في ثورة 30 يونيو ولعبت دور كبير في نجاحها أملا منها في الوصل الي التكمين كما سيتم التناول في الفصل التالي.
____________________________________________________
(33) الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , مرجع سابق
الفصل الثالث : المرأة المصرية بعد 30 يونيو 2013.
المبحث الاول : الوضع السياسي للمرأة بعد الثورة
كانت المرأة المصرية احد أهم اسباب اندلاع ثورة 30 يونيو وذلك عندما زاد لدي النساء التخوف من النظام الذي سيطر علي الحكم في ذلك الوقت نتجية قلة الحقوق التي يحصل عليها النساء في مصر بعد نسبة تمثيل كارثية في البرلمان وعزلها التام عن مواقع صنع القرار في الدولة وهو ما دفعها الي الحشد والنزول بشدة في الثورة لتفتح من جديد الامال امام قضية تميكن المرأة المصرية و تحقيق هدفها من الحرب الطويلة مع العديد من الاطراف لتحقيق مساواتها التامة بالرجل , ولكن الجدير بالذكر أنه وبعد ثورتين ضحت فيهم المرأة المصرية كثيرا ألا انها تعتبر أقل الفئات تحيقا للنفع من الثورتين المصريتين , علي الرغم من كون ثورة 30 يونيو الي حد ما أعطت للمرأة العديد من الحقوق وساعدت في تحسين حالة المرأة ألا ان طريق المرأة نحو حلم التمكين مزال طويلا وصعبا ويحتاج الي مزيد من الجهد والامال علي الرغم من تحسن الاوضاع للمرأة كما سبق الذكر وفيما يلي سوف نعرض الاوضاع السياسية للمرأة بعد 30 يونيو والاهتمام بأنتخابات مجلس النواب 2015.(34)
الاهتمام بالمرأة : يمكن الجزم أن المرأة المصرية وفي عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي لاقت وللمرة الاولي في تاريخها أهتماما كبيرا من قبل رئيس الجمهورية ويتجلي ذلك الاهتمام من وقت الحملة الرئاسية التي كانت تضم في عضويتها العديد من النساء من مختلف المراحل العمرية وتجلي ذلك الاهتمام في احد الوجوه الاخري ومع أول خطاب للرئيس بعد فوزة بالانتخابات وعد بالعمل الجاد على أن يكون للمرأة دور فى الحياة السياسية، على أن يكون لها نصيب عادل فى مجلس النواب، ودور من المناصب التنفيذية فى الدولة، وتذليل العقبات أمامها فى الوظائف النيابية وجاء ذلك الوعد كدافع قوي أمام المرأة المصرية لاستمرار في صراعها مع قضية التمكين حيث كان الوعد بمثابة الباعث للامال المرأة المصرية.
___________________________________________________
(34) Nadje Al-Ali , Gendering the Arab spring , Middle East Journal of Culture and Communication , 5(2012 ) , p. 28
وبالفعل تجح الرئيس بتحقيق جزء كبير من ذلك الوعد حيث أنه عُينت 4 وزيرات دفعة واحدة في أول حكومة في عهد الرئيس السيسي، برئاسة المهندس ابراهيم محلب، هن: “الدكتورة ليلى إسكندر، وزيرة للتطوير الحضارى والعشوائيات، وناهد العشرى، وزيرة للقوى العاملة، والدكتورة غادة والي، وزيرة للتضامن الاجتماعى، والدكتورة نجلاء الأهوانى، وزيرة التعاون الدولى” , كما تولت السفيرة فايزة أبو النجا، منصب مستشارة الرئيس السيسي للأمن القومي، كأول امرأة مصرية تشغل هذا المنصب الرفيع، وكان ذلك بقرار جمهوري، نوفمبر 2014، فيما حصلت 3 سيدات على لقب “نائب المحافظ”، ضمن حركة المحافظات، في فبراير 2015، وهن: منال عوض ميخائيل، نائبًا لمحافظ الجيزة، وجيهان عبدالرحمن، نائبًا لمحافظ القاهرة، وسعاد عبدالرحمن نجا الخولي، نائبًا لمحافظ الإسكندرية.(35)
وبعد أستقالة المهندس أبراهيم محلب تكليف المهندس شريف إسماعيل بتشكيل وزارة جديدة، وجدت ثلاث سيدات في التشكيل، هن: الدكتورة غادة فتحي إسماعيل والي، وزيرة التضامن الاجتماعي، والدكتورة سحر أحمد محمد عبدالمنعم نصر، وزيرة التعاون الدولي، والدكتورة نبيلة مكرم عبدالشهيد واصف، وزيرة الدولة للهجرة وشئون المصريين بالخارج.
كما أكدت الحكومة المصرية في العديد من المواقف علي ضرورة الاهتمام بقضايا المرأة بشكل كبير وضرورة تناول وسائل الاعلام المختلفة وضع المرأة وتوجيه الضوء نحو المشاكل التي تعاني منها المرأة حتي يتمكن المجتمع بصفة عامة من تحقيق النقلة النوعية للمرأة الي الاعلي ذلك الامر الذي جعل وللمرة الاولي قضية تمكين المرأة ليست مطلب فئوي أو مساي من المهتمين بحقوق المرأة فقط بل ايضا هدف عام أمام القيادة العامة للدولة تسعي الي تحقيقة بشكل كبير ومثمر.
(35) عمرو أسامة , (عهد السيسي .. العصر الذهبي للمرأة ) , المصرد المصري , القاهرة , مارس 2016, متاح علي http://www.marsadmasry.com/news/81081
كما تؤكد الاجتماعات المستمرة من قبل الرئيس مع المجلس القومي للمرأة الي نظرة أختلاف ايجابي كبير في نظرة الدولة تجاة قضايا الدولة , الامر الذي دفع العديد من المهتمين بقضايا المرأة الي قول أن منظمات حقوق المرأة والدولة أصبحوا وللمرة الاولي يسيران جنبا الي جنب في طريق واحد نحو تمكين المرأة والقضاء علي كافة اشكال التميز ضد المرأة المصرية.
أما عن وضع المرأة في الاحزاب السياسية بعد الثورة شهد هو الاخر تطورا كبيرا خاصة داخل الاحزاب الليرالية , الامر الذي يؤكده العديد من الاحزاب فعلي سبيل المثال اكد حزب المحافظين أن عدد أعضاءه من النساء يتجاوز 51% الامر الذي يشير الي تطور كبيرا في اوضاع المرأة داخل الاحزاب , كما اشار كلا من حزبي الوفد والمصريين الاحرار علي الاهتمام بقضايا المرأة بشكل كبير وان الحزبي يضمان العديد من النساء دون ذكر نسب أو ارقام محددة(36)
وعلي الرغم من ذلك الا انه هناك بعض التحفظات من قبل المنظمات النسائية و جمعيات حقوق المرأة بسبب أن مساعي الرئيس الخاصة بمشاركة المرأة واحترامها وتمكينها، لا تلاقي اهتمامًا مماثلًا على مستويات المجتمع المختلفة والإعلام والصحافة والمجتمع المدني , حيث أنه هناك ثقافة رجعية تسود على الأمر، حتى أن هناك سيطرة ثقافية للتيارات الدينية المتشددة في المناطق الفقيرة والعشوائيات، إذ لا تعلم الدولة شيئًا عن هذا الوضع، مما يستلزم الأمر مواجهة ثقافية شديدة (37)
_______________________________________________________
(36) عمرو أسامة , (عهد السيسي .. العصر الذهبي للمرأة ) , مرجع سابق
(37) عمرو أسامة , (عهد السيسي .. العصر الذهبي للمرأة ) ,مرجع سابق
المرأة والانتخابات البرلمانية : شهدت الانتخابات البرلمانية الاولي بعد ثورة 30 يونيو زيادة ملحوظة في نسبة النساء التي يرغبن في خوض المعركة الانتخابية حيث قدرت نسبتهم بحوالي 17.19% حيث خاضت المعركة الانتخابية 949 مرشحة من أصل 5518 ويمكن تفسير زيادة عدد المرشحات الي ذلك الحد الي أميرين الاول هو أهتمام العديد من النساء بخوض العملية الانتخابية و الثاني هو حرص النساء في مصر علي ممارسة السياسية بغض النظر عن الحالة الامنية في الدولة , وعلي الرغم من أغفال الصحافة و وسائل الاعلام عن تقديم الدعم للمرأة المصرية في معركتها الانتخابية الا ان القانون الذي أعطي تميز الي حد كبير للمرأة ساعد في أن يصبح برلمان 2015 هو أكبر البرلمانات في تاريخ الحياة البرلمانية المصرية من حيث عدد النائبات فيه حيث وصل الي البرلمان 89 سيدة وهو الامر الذي يعد أحد أهم انجازات ثورة 30 يونيو.
كذلك دور المرأة داخل المجلس حيث استطاعت المرأة وحتي الان ان تثبت بأنها ليست أقل من داخل جدران المجلس وانما كانت بنفس القوة بل في بعض الحالات تفوقه في القوة أيضا من خلال طرح بعض القوانين و المناقشة الجادة لعديد من القضايا التي تطرح في المجلس وبذلك أستطاعت المرأة المصرية أن تثبت للجيمع علي انها مساوية للرجل وعلي قدرتها في تولي المناصب القيادية في الدولة الامر الذي احي من جديد أمال المرأة المصرية في التمكين الكامل خاصة مع وجود دستور وتشريعات قانونية جديدة تساعد المرأة المصرية علي تحقيق ذلك وتساندها للوصول الي هدفها كما سيتم التناول في المبحث التالي الخاص بوضع المرأة في التشريعات بعد الثورة .
المبحث الثاني
وضع المرأة المصرية في الدستور المعدل
بعد ثورة 30يونيو تغيرت نظرة الدولة بشكل عام للمرأة المصرية ولقضايا المرأة في المجالات المختلفة كما سبق وذكرنا علي المستوي السياسي ألا أن ذلك المبحث سوف يهتم بالجانب التشريعي وخاصة وضع المرأة في الدستور المعدل حيث يتعتبر الدستور المصري الجديد الذي أقر بعد الثورة خطوة اجابية نحو إقرار حقوق المرأة والمواطنة ويعتبر خطوة مضيئة نحو قضية تمكين المرأة , حيث نص الدستور في مادة الأولي أن الدولة تقوم علي أساس المواطنة بين الجميع وبذلك النص الصريح يصب أيجابيا في صالح المرأة المصرية وفي صراعها نحو الحصول علي حقوقها , كذلك أحتوي الدستور الجديد علي اكثر من 20 مادة تتعلق بالمرأة بشكل مباشر أو غير مباشر بالمقارنة بدستور 2012 والذي نص علي حقوق المرأة في مادة واحدة فقط يعتبر ذلك تطوراً كبيراً في نظرة الدولة لقضايا المرأة وخاصة مع سرد لها موقع كبير في الدستور كما سبق الاشارة اليه.
فالمادة (6) من دستور 2014 تنص علي ” الجنسية حق لمن يولد لأب مصرى أو لأم مصرية، والاعتراف القانونى به ومنحه أوراقًا رسمية تثبت بياناته الشخصية، حق يكفله القانون وينظمه. ويحدد القانون شروط اكتساب الجنسية.” وجاءت المادة لتحقق أنتصاراً كبيراً للمرأة حيث أكدت علي أحد الحقوق التي تطالب به المرأة منذ فترة طويلة وهي أعطاء الجنسية لابنائها من أب غير مصري أسوة بالرجل وهوما حققته تلك المادة .
وجاءت المادة (11) من الدستور تنص علي ” تكفل الدولة تحقيق المساواة بين المرأة والرجل في جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وفقا لأحكام الدستور. وتعمل الدولة على اتخاذ التدابير الكفيلة بضمان تمثيل المرأة تمثيلاً مناسبا في المجالس النيابية، على النحو الذي يحدده القانون، كما تكفل للمرأة حقها في تولي الوظائف العامة ووظائف الإدارة العليا في الدولة والتعيين في الجهات والهيئات القضائية، دون تمييز ضدها، وتلتزم الدولة بحماية المرأة ضد كل أشكال العنف، وتكفل تمكين المرأة من التوفيق بين واجبات الأسرة ومتطلبات العمل، كما تلتزم بتوفير الرعاية والحماية للأمومة والطفولة والمرأة المعيلة والمسنة والنساء الأشد احتياجا” فنجد أن في هذة المادة نصت المساواة بين الرجل والمرأة في جميع الحقوق في شتي جوانب الحياة المختلفة , كما نصت المادة وللمرة الاولي علي حق المرأة في التمثيل العادل في الوظائف العامة للدولة والهيئات القضائية بعد أن حرمت المرأة من ذلك الحق لفترات طويلة كما أكدت الدولة علي انها تكفل مواجهة كافة اشكال العنف ضد المرأة ونصت المادة صراحة علي تكفلها بتمكين المرأة ومساندتها للمرأة لكي توفق بين واجبتها لاسراتها وبين واجبتها نحو سوق العمل , وفي نفس المادة نصت المادة علي حماية المرأة من كافة أشكال العنف ضد المرأة وحماية الدولة للأمومة.
بنما نجد في المادة (53) ” المواطنون لدى القانون سواء، وهم متسـاوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة أو الجنس، أو الأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأي سبب آخر, التمييز والحس على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون, تلتزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كافة أشكال التمييز، وينظم القانون إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.” تأكد هذة المادة علي المساواة بين جميع المواطنين ولا تميز بينهم علي أساس جنس أو عرق وغيرها من الامور الطبيعية ألا أن الدستور هنا أكد في هذة المادة علي تجريم التميز بين المواطنيين كما أشارت المادة الي تكفل الدولة بأنشاء مفوضية مستقلة لمحاربة التميز ضد المرأة أو المواطنيين جميعا.
كما حققت المادة (80) من الدستور أنصاراً كبيرا للمرأة المصرية وحل كبير لأحد القضايا التي تواجهها حيث نصت المادة علي “حماية الطفل واعتبار مصلحته هي الفضلى، وتحديد سن الطفل ب18 عاما” وهو ما يضع حالا لقضية زواج القاصرات ويمنعة بالقانون ويعتبر ذلك أنتصاراً كبيراً لحقوق المرأة.
كما نصت المادة (89) علي ” تُحظر كل صور العبودية والاسترقاق والقهر والاستغلال القسرى للإنسان، وتجارة الجنس، وغيرها من أشكال الاتجار فى البشر، ويجرم القانون كل ذلك” وتعد تلك المادة نصاً هاما يواجه بقوة هذه الظاهرة الخطيرة التي أصبحت مصر مقرا لها، حيث يأتي العرب للزواج من فتيات صغار ثم يستغلوهم بعد ذلك في أعمال غير أنسانية ، وهذه المادة تعتبر نصرا للمرأة على عكس الدستور السابق الذي أهدر حقوق الطفل ولم يحدد سنه ورفض تجريم الإتجار بالبشر.
وجاءت المادة (93) تنص علي مايلي ” تلتزم الدولة بالاتفاقيات والعهود والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان التى تصدق عليها مصر، وتصبح لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا الأوضاع المقررة” وهي بذلك تشمل كافة الاتفاقيات الدولية التي تهتم بحقوق المرأة التي وقعت عليها مصر ويعتبر تعهد الدولة بالحفاظ علي تلك الاتفاقيات التزاماً من الدولة بحقوق المرأة المدرجة في تلك الاتفاقيات بشكل صريح او ضمني.
كما جاءت المادة (180) تحقيق تميزاً نوعياً للمرأة حيث تنص علي ” تنتخب كل وحدة محلية مجلسًا بالاقتراع العام السرى المباشر، لمدة أربع سنوات، ويشترط في المترشح ألا يقل سنه عن إحدى وعشرين سنة ميلادية، وينظم القانون شروط الترشح الأخرى، وإجراءات الانتخاب، على أن يُخصص ربع عدد المقاعد للشباب دون سن خمس وثلاثين سنة، وربع العدد للمرأة، على ألا تقل نسبة تمثيل العمال والفلاحين عن خمسين بالمائة من إجمالى عدد المقاعد، وأن تتضمن تلك النسب تمثيلا مناسباً للمسيحيين وذوى الإعاقة. وتختص المجالس المحلية بمتابعة تنفيذ خطة التنمية، ومراقبة أوجه النشاط المختلفة، وممارسة أدوات الرقابة على الأجهزة التنفيذية من اقتراحات، وتوجيه أسئلة، وطلبات إحاطة، واستجوابات وغيرها، وفى سحب الثقة من رؤساء الوحدات المحلية، على النحو الذى ينظمه القانون. ويحدد القانون اختصاصات المجالس المحلية الأخرى، ومواردها المالية وضمانات أعضائها واستقلالها. “(38) حيث خصصت تلك المادة ربع عدد مقاعد المجالس المحلية للمرأة وهو ما يؤكد علي أن الدولة المصرية علي الطريق الصحيح لوضع حل صريح لقضية تمكين المرأة .
______________________________________________________
(38) كافة مواد الدستور المصري متاح علي http://www.sis.gov.eg/Newvr/consttt%202014.pdf
الخاتمة
مستقبل المرأة المصرية وأمال التمكين
لقد عانت المرأة المصرية كثيرا من العديد من المشاكل المتعلقة بالمشاركة في شتي مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية الامر الذي لم يكن لفترة زمنية محددة وانما أمتد لاكثر من مئات السنين , ألا انه حديثا ومع أنتشار العولمة والانفتاح بين الشعوب المختلفة أدركت المرأة المصرية ضرورة أن تلعب دور في الحياة وضرورة تحقيق نهضة شاملة وتغير جذري لنظرة المجتمع للمرأة المصرية الامر الذي أدي الي المرأة للحشد في ثورة 25 يناير كما سبق وأوضحنا وعندما لم تجد ما تأمل بيه من مستقبل حشدت من جديد ولعبت دور كبير في ثورة 30 يونيو وبالفعل بدأت المرأة المصرية في كسب تحسن كبير في مجالات مختلفة بعد الثورة سواء من خلال وضعها في الدستور او تنصيب المرأة في العديد من المناصب الهامة مثل مستشارة للرئيس الجمهورية ووزيرة والعديد من المناصب الاخر التي اقبلت عليها المرأة بعد الثورة وجاءت تلك الدراسة لتناول ما سبق كما يلي :
جاء الفصل التمهيدي من الدراسة لعرض المقدمة والمشكلة البحثية والتساؤل البحثي الرئيسي والاسئلة الفرعية للبحث , وبعد ذلك تم عرض المنهج الذي ستتبعه الدراسة وأستخدم الباحث هنا 3 مناهج مختلفة هم ( منهج دراسة الحالة , منهج أقتراب الدور , والمنهج المؤسسي) وتحديد الفترة الزمنية للدراسة وأسباب اختيار تلك الفترة ,وتناول اهمية الدراسة من الجانبي النظري والعملي.
وجاء الفصل الأول من تحت عنوان “تاريخ المرأة المصرية قبل 25يناير 2011م” وتم تقسيم الفصل الي 3 باحث ركزت كل منهما علي جانب مختلف كما يلي : المحبث الاول والذي قام بدراسة الوضع السياسي للمرأة في قبل ثورة يناير 2011م والتهميش الشديد التي عانت منه المرأة في مختلف القطاعات السياسية , كما جاء المبحث الثاني لدراسة وضع المرأة المصرية في التشريعات في ذلك الوقت محل اهتمام الفصل وتوصل المبحث الي التميز الشديد بين الرجل والمرأة في مختلف التشريعات علي الرغم من أن ذلك يعُد مخالفاً للدستور المصري الذي يمنع التميز , بينما جاء المبحث الثالث لعرض المشاركة المجتمعية للمرأة المصرية في العديد من المجالات خاصة التعليم وعرض التطور الذي حدث علي مشاركة المرأة.
وجاء الفصل الثاني من الدراسة بعنوان ” المرأة المصرية منذ 25 يناير وحتي 30يونيو” وتم تقسيمه الي ثلاث مباحث , وجاء المبحث الاول لكي يسلط الضوء علي الوضع السياسي للمرأة وأوضح علي أن سياسات تهميش المرأة المصرية قد ظلت كما هي بل عانت المرأة من العديد من الظلم تجلي في نتائج الانتخابات البرلمانية وتحطيم أمالها بعد مشاركتها في الثورة , بينما ركز المبحث الثاني وضع المرأة في الدستور المصري الجديد والذي عكس تهميش واضح للمرأة المصرية سواء من حيث اللجنة التي قامت بتشكيله او من حيث مواده التي لم تعطي أي اهتمام للمرأة المصرية وجاء المبحث الثالث ليعرض مشاركة المرأة الاجتماعية بعد الثورة وأكد انه علي الرغم من نظرة المجتمع للمرأة وعلي الرغم من الصعوبات التي تواجة المرأة المصرية داخل المجتمع ألا انها في أطار المشاركة الاجتماعية حققت العديد من الانجازات وخاصة في جانب المجتمع المدني.
وجاء الفصل الثالث والاخير من الدراسة بعنوان “المرأة المصرية بعد ثورة 30يونيو 2013” والذي تفرع الي مبحثين وجاء المبحث الاول ليتناول التحسن السياسي الكبير الذي طرأ علي وضع المرأة المصرية في عهد الرئيس عبدالفتاح السيسي الامر الذي يعكسه وبوضوح نسبة مشاركة المرأة سواء في الجهاز القيادي او البرلمان علي الرغم من أن النسبة ليست مرضية الي حد كبير الا انها تدل علي مؤشر واضح في تحسن وضع المرأة , بينما عرض المبحث الثاني وضع المرأة المصرية في الدستور المصري المعدل والذي شهد هو الاخر تحسن كبير من حيث عدد المواد الخاصة بالمرأة كذلك من حيث اسلوب صياغة تلك المواد.
بشكل عام أصبحت المرأة المصرية وبعد الثورتين قوة كبيرة في الشارع المصري لا يمكن اغفالها أو الاستهانه بها بأي شكل من الاشكال , فبعد الدور التي لعبته المرأة بالاطاحة بنظامين خلال فترة قصيرة للغاية أصبح من الصعب أن يتم تهميشها من قبل الدولة أو النظر اليها علي انها مجرد فرد في المجتمع لا قيمة له , ألا انه في حقيقة الامر أكتسبت المرأة المصرية قيمة كبيرة للغاية تكمن من صراعها الطويل ضد الفساد والتهميش , قيمة أكتسبتها المرأة المصرية من شجاعتها في مواجهه العنف المُمنهج ضدها في العديد من المراحل الزمنية , وعلي الرغم من بدء المرأة المصرية في جني بعض ثمار كفاحها الطويل ألا ان الطريق مازال طويلا للغاية ويجب عليها الاستمرار فيما بدأته المرأة منذ عقود طويلة من الزمان , فقضية المرأة المصرية لم تكن يوماً ما قضية فئوية أو قضية عابرة أنما هي مطلب لملايين من المصريين لذلك يصعب تجنب القضية التي لن تنتهي عند تمكين المرأة , أنما تسعي الي لهدف أسمي وهو تحقيق المواطنة الكاملة ومساواتها التامة بالرجل وعندما يتحقق ذلك يمكن القول بأن المرأة المصرية أستطاعت حقاً الوصول الي غايتها واصبح المجتمع يعامل الجميع سواسيا كما يقول الدستور , وفي ذلك الاطار يوجد بعض التوصيات التي قد تخدم قضية تمكين المرأة وتحيقيق المواطنة الكاملة :
(أ) ضرورة وجود نص دستوري يحدد كوته معينة للمرأة علي الا تقل تلك الكوته عن 30% من مقاعد البرلمان
(ب) ضرورة تسهيل الاجراءات لانشاء الحركات الحقوقية المهتمة بحقوق المرأة مع توفير التسهيلات لهم التي تمكنهم من أداء عملهم بشكل افضل
(ج) عدم أهتمام الجمعيات النسائية بنساء الحضر فقط بل يجب النزول الي الريف و الي أقصي صعيد مصر من اجل تغير نظرة المجتمع للمرأة والحث علي ضرورة مشاركتها في كافة انواع نشاطات الحياة
(د) ضرورة وجود كوته تميزية للمرأة في الوظائف التي تعاني منها المرأة من التهميش علي ان يتم ربط الكوته بفترة زمنية محددة , حتي تساعد الدولة المرأة من الحصول علي حقوقها.
(ه) ضرورة توجيه اهتمام القنوات الفضائية المختلفة الي قضايا المرأة المختلفة وفتح باب الحوار حول ألية تميكن المرأة.
(و) ضورة أهتمام الاحزاب السياسية بالمرأة داخل الحزب والعمل علي تطويرها من خلال برامج التوعية وبرامج التأهيل والمشاركة السياسية للمرأة حتي نضمن وجود كوادر نسائية مصرية قادرة علي شغل الوظائف العامة في الدولة والمناصب القيادية أسوة بالرجل.
قائمة المراجع :
أولا المراجع باللغة العربية :
1- الكتب :
* وضع المرأة في لمحة احصائية , المجلس القومي للمرأة ,2005 , ص12
* عادل عبدالغفار , الاعلام والمشاركة السياسية للمرأة رؤية تحليلية واستشراقية , الدار المصرية اللبنانية , 2009 , ص34 .
* د. عبدالحميد الانصاري , التشريعات العربية تضع المرأة في المرتبة الثانية وتجعلها تابعا للرجل , جامعة قطر.
* د. عبدالحميد الانصاري , مرجع سابق
* د.أماني قنديل , فصل دراسة حالة المرأة المصرية ,منظمة المرأة العربية , القاهرة , 2014
* الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء, الكتاب الإحصائي السنوي، القاهرة , 2011
2- الدوريات :
* اماني الطويل , المراة في المناصب القيادية , حالة المرأة في مصر دراسة في مستويات التمثيل بالمناصب القيادية , القاهرة , دورية مركز الدرسات السياسية والاستراتيجية بالاهرام , 2010 , ص 59-62
* أحمد سمير وهدي أدريس , تجربة الانتخابات البرلمانية 2005,دورية المركز الدولي للدراسات المستقبلية والاستراتيجية , القاهرة , ديسمبر 2005 , ص 17.
* أحمد سمير وهدي مرجع سابق , ص28
* تامر بركة , المراة فى التشريعات المصرية , القاهرة , المصري اليوم ,18/4/2010م
* معركة الشوري ومشاكل القضاة مستمرة , جريدة التحرير , القاهرة 29 يناير 2012.
3- تقارير, رسائل علمية ومواقع :
* الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , حالة المرأة المصریة بعد ثورة 25 ینایر ” مزید من التهميش والانتهاك , , 2012
* الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , مرجع سابق
* استطلاع رأي حول مكانة المرأة في المجتمع المصري , تقرير مقارن , مركز المعلومات , مركز استطلاع الرأي العام ,مجلس الوزراء ,فبراير 2009
* مؤسسة عالم واحد للتنمية ورعاية المجتمع المدني , بأيدينا نظلم المرأة 24%نسبة تولي المناصب القيادة , تقرير , 24 ابريل 2009 , الشبكة العربية لمعلومات حقوق الانسان ,ص7
* التقرير الوطني لجهورية مصر العربية بيجين +15 , الامم المتحدة اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي اسيا ص 17
* مني سعيد الحديدي , مناقشة الدور المرتقب للاعلام العربي عبر جميع مستوياته ووسائلة تجاة قضايا الاعلام العربي وقضايا المرأة العربية , المؤتمر الاول لقمة المرأة العربية في القاهرة 18_20 نوفمبر 2000.
* المركز المصري لحقوق الانسان , المرأة المصرية بين تحرير الميدان وقيود الاحزاب ,تقرير عن وضع المرأة في برامج الاحزاب قبل وبعد الثورة , القاهرة , 2012
* المركز المصري لحقوق الانسان, مرجع سابق .
* الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية , الإطار الدستوري والقانوني لقضايا المرأة المصرية.. مكامن الخلل وآليات المعالجة , القاهرة , 2014.
* الجمعية المصرية للنهوض بالمشاركة المجتمعية , مرجع سابق
* الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , مرجع سابق
* الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , مرجع سابق
* الجمعیة الوطنیة للدفاع عن الحقوق والحریات , مرجع سابق
* عمرو عبدالرحمن , النظام الانتخابي واثره علي التمكين السياسي للمرأة في مصر , رسالة ماجستير , القاهرة , 2012 .
* بسنت محمود , تمثيل المرأة في مجلس الشعب المصري دراسة في انتخابات 2000 و2005 , القاهرة, جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية , 2010.
* لمياء سيد كامل , تاثير الانتخابات البرلمانية في مصر علي عملية التحول الديقراطي , القاهرة , جامعة القاهرة كلية الاقتصاد والعلوم السياسية ,2010
* د. فتوح الشاذلي , مكافحة القانون المصري للعنف والتمييز ضد المرأة (المأمول) الاسكندرية ,المجلس القومي للمرأة , 2012
* www.bbc.co.uk/arabic/specials/1658-egypt-elections
* عزالدين محمد , الحالة التعليمية للمرأة فى مصر , القاهرة , 2009 , http://kenanaonline.com/users/ashhab/posts/101174
* حسن الشامي , تقرير حالة المرأة بعد 25 يناير , القاهرة , 2012 , http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=305913
* عمرو أسامة , (عهد السيسي .. العصر الذهبي للمرأة ) , المصرد المصري , القاهرة , مارس 2016, متاح علي http://www.marsadmasry.com/news/81081
* عمرو أسامة , (عهد السيسي .. العصر الذهبي للمرأة ) , مرجع سابق
* عمرو أسامة , (عهد السيسي .. العصر الذهبي للمرأة ) , مرجع سابق
* كافة مواد الدستور المصري متاح علي http://www.sis.gov.eg/Newvr/consttt%202014.pdf
مراجع باللغة الانجليزية :
* Aya Nader , What Do Egyptian Women Aspire to , Egyptian streets, April 2016 .
* Nadje Al-Ali , Gendering the Arab spring , Middle East Journal of Culture and Communication , 5(2012 ) , p. 28