عاجل

تساؤلات حول الحرب الدائرة في اليمن وسط تزايد حالة القلق ومستقبل الصراع ؟

-المركز الديمقراطي العربي

أكد أحمد عبيد بن دغر، رئيس الحكومة اليمنية، أن انسحاب الحوثيين من المناطق الواقعة تحت سيطرتهم، مع تسليمهم السلاح “هو مفتاح الحل العادل” للأزمة التي تعصف بالبلاد منذ أكثر من عام ونصف.

شارفت الحرب الدائرة في اليمن بين القوات الحكومية المسنودة بالتحالف العربي من جهة، ومسلحي جماعة “أنصار الله” (الحوثيين) وقوات الرئيس السابق، علي عبد الله صالح من جهة أخرى، على إكمال الـ26 شهراً، وسط تزايد حالة القلق الشعبي جراء التدهور المطّرد للأوضاع الإنسانية، والضبابية التي تكتنف مستقبل الصراع عسكريا وسياسيا.

وقال بن دغر في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية الحكومية “سبأ”، اليوم الأحد، إنه “على الحوثيين أن يعلموا أن الوقت حان للجنوح نحو السلام الذي يصعب تحقيقه قبل الانسحاب من العاصمة صنعاء، ومحافظتي تعز والحديدة (غرب) والمدن والمناطق الأخرى التي سيطروا عليها بقوة السلاح”.

وأضاف “يجب أن يسلم الحوثيون السلاح الثقيل والمتوسط لطرف ثالث يمكن الوثوق به، وبقدرته على الاحتفاظ به في مكان آمن، بحيث لا يمكن أن يجرؤ أحد على التفكير في الاستيلاء عليه مرة أخرى، أو استخدامه ضد الإرادة الوطنية”.

وتابع: “الانسحاب وتسليم السلاح يعد مفتاحاً للحل العادل وعودة الأمور إلى طبيعتها واستعادة الوفاق الوطني”.

مستطرداً “الفرصة لازالت سانحة، ولا يجوز تفويتها فمصلحة البلاد تتطلب التضحية والتنازلات ليصل الجميع إلى سلام الشجعان الذي يحقن الدماء ويوقف النزيف، بحيث يمكن الوصول إلى نقطة الالتقاء لا يكون فيها غالب ولا مغلوب، ولا منتصر ولا مهزوم”.

رئيس الوزراء اليمني، دعا إلى ضرورة إعادة الحوثيين السلطة إلى الرئيس المنتخب عبد ربه منصور هادي، و”التعجيل بالقبول بالذهاب الفوري إلى ترتيبات سياسية مرحلية انتقالية يترأسها هادي، وتشارك فيها كافة القوى السياسية، بحيث يكونوا هم جزءاً منها، وتحت إشراف دولي”.

وعلى كافة الجبهات، كانت عمليات الكر والفر هي السمة الغالبة للمواجهات المسلحة بين طرفي الصراع، منذ أن سيطر الحوثيون وقوات صالح على العاصمة صنعاء في 21 سبتمبر/ أيلول 2014، دون أن يكون هناك أفق لحسم هذه الحرب.

وفي ظل هذا الغموض يطرح الشارع اليمني تساؤلات حول أسباب تأخر الحكومة في إنهاء الانقلاب، بعد تشكيلها جيش وطني، وإطلاق تحالف عربي يضم 10 دول بقيادة السعودية، لعملية “عاصفة الحزم” في 26 مارس/ آذار 2015، قبل أن تبدأ عملية ثانية، تحت مسمى “إعادة الأمل”، علاوة على تفوق القوات الحكومية عسكريا بامتلاكها سلاح جو متطور، فضلا عن اكتسابها للشرعية السياسية الدولية.

*ضبابية المعركة

ورغم تفوقها العسكري، إلا أن الحكومة اليمنية لا تقلل من قدرات الحوثيين وصالح، حيث قال مسؤولون في تصريحات متكررة إن “المتمردين يمتلكون قوة لا يستهان بها، سواء على صعيد العناصر أو التسلح، خاصة وأنهم سيطروا على سلاح الجيش النظامي ومخازن ذخيرته إبان الانقلاب، فضلاً عن أنهم يتلقون دعما مسلحا من إيران عبر البحر”.

ولعل ما يزيد ضبابية المعركة، اتسام المواجهات بأسلوب “الضربات الخاطفة” التي ينتج عنها تقدم سريع وسيطرة للقوات الحكومية تستمر لشهور دون تحرك جديد، كما هو الحال في محيط منطقة “ميدي” الاستراتيجية، ومديرية عيسلان النفطية، في محافظة شبوة (جنوب) ومديريات نهم، وحرض، والبوابة الشرقية بالعاصمة صنعاء.

*الحسم لا يزال بعيدا

الخبير العسكري والرائد طيار في الجيش اليمني مقبل الكوماني، يرى في تحليله لسير المعارك ومصيرها أن “قوات الحكومة والتحالف العربي متفوقة في المعركة لامتلاكها الطائرات المتطورة، والقاعدة العسكرية تقول إن من يحسم الجو فهو المنتصر”.

إلا أن الكوماني يعتقد أن “حسم المعركة لا يزال بعيدا؛ بسبب الطبيعة الجغرافية الجبلية لليمن التي تحتاج لطيران حربي ومروحي خاص يقوم بإسناد جوي”. ويعتبر أن “عدم توفر هذا النوع من الطائرات يعد السبب الرئيس في تأخر حسم المعركة البرية”.

ويوضح في حديث مع الأناضول أنه “في عدن (جنوب) حسمت قوات التحالف والمقاومة الشعبية، المعركة في أسرع وقت؛ وذلك للطبيعة الساحلية المسطحة الخالية من الجبال، بعكس الطبيعة الجغرافية في الشمال”.

ويشير إلى أنه “إذا لم يتم إشراك طائرات هجوم أرضي متخصصة في الإسناد الجوي القريب للقوات البرية مثل (سوخوي 24 و25) و(أباتشي)، والتي أثبتت نجاحها في معارك وتضاريس الجبال، كما حدث في أفغانستان والعراق، فلا ننتظر حسما بريا للمعركة”.

ويُبين أن “طائرات الأباتشي تتميز بأنها تحمل قرابة 4 أطنان من السلاح، وهي مخصصة للقتال في الطبيعة الجبلية، وتطير بسرعات تحت صوتية، بحيث يستطيع الطيار المقاتل تحديد الهدف بسهولة، كما تتميز بالمناورة بين الأودية والجبال”.

*معركة صعدة

من جانبه، يقول مدير الدراسات والبحوث في المنطقة العسكرية الثالثة بالجيش اليمني، المقدم ناجي منيف للأناضول إن “الحكومة لها توقعاتها بناء علی الوضع السياسي المحيط بها، ولذلك اتخذت الأسبوع الماضي، قرارا عسكريا مفاجئا بتحويل اتجاه المعركة من العاصمة وميدي إلى معقل الحوثي في محافظة صعدة عبر منفذي البقع وعلب الحدوديين مع السعودية، وهو تحول يتجه نحو حسم المعركة”.

ويرى منيف أن “نقل المعركة إلى صعدة يمثل عسكرياً، خطوة ذكية تهدف إلی مباغتة الانقلابيين وإرباكهم وتشتيت قواتهم المحيطة بصنعاء، وهو ما سيسهل من عملية دخول العاصمة بأقل خسائر بشرية ومادية، وفي زمن أقل”.

ويرجح أن “خطوة الحكومة الأخيرة ستدفع الحوثيين إلى سحب مقاتليهم من صنعاء إلى صعدة للدفاع عن معقلهم، بينما ستبقى قوات صالح في العاصمة، باعتبارها أولوية بالنسبة لها؛ الأمر الذي سيشتت قوات الانقلابيين، وبالتالي يتمكن الجيش الحكومي والمقاومة (الشعبية الموالية له) من الانتصار”.

*خارطة الطريق

وتصاعدت حدة القتال في اليمن، مع فشل الجولة الثالثة من المحادثات التي رعتها الأمم المتحدة بين طرفي الأزمة، وكانت الأولى في جنيف منتصف يوليو/تموز 2015، والثانية في مدينة بيال السويسرية منتصف ديسمبر/كانون أول الماضي، والثالثة في الكويت (21 إبريل/نيسان الماضي وحتى 6 أغسطس/آب)، لكنها فشلت جميعا في تحقيق السلام.

وخلال مداخلة أمام جلسة لمجلس الأمن الدولي خاصة باليمن، يوم 30 أكتوبر/ تشرين أول الماضي، قال المبعوث الدولي إسماعيل ولد الشيخ أحمد، إن جميع الأطراف اليمنية رفضت خريطة الطريق التي سلمها لهم بنفسه، متهما إياها بالعجز عن تجاوز خلافاتها وتغليب المصالح الشخصية على المصلحة الوطنية.

ودعا ولد الشيخ، مجلس الأمن إلى دعم الخريطة، والتشديد على الوقف الفوري للأعمال القتالية والإفراج عن جميع الأسرى والمعتقلين، محذرا من أن التدهور الاقتصادي في اليمن يهدد بأزمة إنسانية خطيرة.

ويرجع مراقبون رفض الحكومة للخارطة الأممية، إلا أنها، وبحسب التفسير الحكومي، تهمش دور الرئيس الشرعي، عبد ربه منصور هادي، وتسحب صلاحياته لصالح نائب له يُعين بالتوافق حتى إجراء انتخابات عامة.

بينما يعتبر تحالف “الحوثي/ صالح” أن الخارطة تحمل اختلالات جوهرية، سواء في إطارها العام أو تفاصيلها أو تراتيبتها الزمنية، فضلا عن أنها، وفقا لهذا التحالف، تستوعب رؤية الطرق الآخر (يقصد الحكومة الشرعية).

*خطوة على المجاعة

وخلال جلسة مجلس الأمن المذكورة، حذر منسق وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، ستيفان أوبراين، من أن اليمن على بعد خطوة واحدة من المجاعة.

وبحسب جورج خوري، مدير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، فإن هذا البلد العربي يقترب من أزمة إنسانية خطيرة، حيث يعاني 14 مليون يمني (من أصل 26 مليون نسمة) من انعدام الأمن الغذائي.

وشدد خوري في تصريحات صحفية مطلع الشهر الجاري، على أن المستشفيات غير قادرة على التعامل مع حالات سوء التغذية، خاصة وأن معظم العائلات في اليمن صارت تعيش على “كوب شاي وقطعة خبز”.

ووفقا لأحدث تقدير للأمم المتحدة في أغسطس/ أب الماضي، شردت الحرب 3 ملايين يمني، وأودت بحياة عشرة آلاف شخص، إضافة إلى ما يزيد عن 35 ألف جريح.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى