الديبلوماسية الملكية تبوأ المغرب موقع ريادي على الصعيد الافريقي
بقلم : انغير بوبكر – باحث في العلاقات الدولية
المنسق الوطني للعصبة الامازيغية لحقوق الانسان
شهدت الديبلوماسية المغربية في عهد الملك السادس ثورة حقيقية في السنوات الاخيرة ، حيث ان المغرب اصبح يحظى بدور ريادي وقيادي في افريقيا واصبحت مواقف المغرب في قضايا متعددة تحظى بشبه اجماع في القارة الافريقية .انا لا اقول هذا الاستنتاج من خلفية انتمائي المغربي -الذي اعتز به- ولكن بناءا على مؤشرات ومعطيات مؤثرة تبين الدفعة القوية التي اعطاها الملك محمد السادس للديبلوماسية المغربية جعلت دولا عديدة كان لها السبق الديبلوماسي تاريخيا ، تتراجع تدريجيا لتتيح الطريق امام الدفعة الديبلوماسية المغربية الجديدة ، حيث ان هذه الدول لم تستطع ان تتأقلم مع سرعة الايقاع الديبلوماسي الجديد التي يفرضه الملك محمد السادس برؤيته الافريقية الجديدة كمحامي للقضايا العادلة للقارة الافريقية والدول الفقيرة بصفة عامة.
من المؤشرات التي تدل على نجاح الاستراتيجية الديبلوماسية الملكية الجديدة في تحقيق الريادة افريقيا اذكر ثلاث عناصر :
1-المؤشر الاول هو النجاح الباهر الذي حققه المغرب في تنظيم مؤتمر المناخ بمراكش كوب 22 حيث ان المؤتمر عرف مشاركة عالمية وازنة جدا وشهد حضور قادة افارقة من بلدان كثيرة وبعضها كان مغمورا بالنسبة لنا .ونجاح هذا المؤتمر لوجيستيكيا وتنظيميا يدل على ان بلادنا استثمرت الشئ الكثير من اجل توفير البنيات التحتية الاستقبالية لضيوف المملكة وهذا في حد ذاته انجاز كبير نفتخر به. كما ان جودة المداخلات الملقاة سواء من العاهل المغربي وعمقها وتبنيها لرؤية جدية في التعامل مع القضايا الجديدة التي انحصر الاهتمام بها في المجتمعات المتقدمة واستطاع المغرب بجدارة نقل هذا الاهتمام الى شعوب وقادة الدول الافريقية.
2-المؤشر الثاني على قوة الديبلوماسية الملكية افريقيا هو مضاعفة المبادلات التجارية والمعاملات الاقتصادية بين المغرب ومجموعة من الدول الافريقية التي كانت الى حدود العقد الماضي لا تربطها علاقات قوية بالمغرب ،مما جعل الاقتصاد المغربي عنصر فاعل في استقرار مجموعة من الدول الافريقية الشرقية منها على الخصوص ، حيث ان الاستثمارات المغربية الوليدة توفر فرص شغل حقيقية لشباب هذه الدول الافريقية وتعمل على انعاش الدورة الاقتصادية في هذه البلدان مما يقوي الروابط السياسية بين المغرب وهذه البلدان..
3-الديبلوماسية الملكية استطاعت ان تزكي دورها الديني في افريقيا حيث تربط المملكة علاقات روحية بعدد من القيادات الدينية افريقيا وكل هذه العلاقات تتعزز بتأسيس المملكة المغربية لمؤسسة خاصة بتكوين الائمة الافارقة.
هذه المؤشرات الثلاث التي سردتها باختصار شديد تجعل الديبلوماسية المغربية بقيادة الملك محمد السادس تربح نقاط مهمة سياسيا واقتصاديا على الصعيد القاري والدولي امام تعقد القضايا الدولية وتشابكها وامام نمو تحديات قارية ودولية خطيرة كالارهاب والعنف والجريمة المنظمة العابرة للحدود . ، ولكن يبقى على الديبلوماسية المغربية ان تستكمل تفوقها الافريقي بتعميق الاتحاد المغاربي وتعزيز افق الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والدول المغاربية. حيث ان البلدان المغاربية التي تعرف اوضاعها الداخلية بعض التململ بحاجة الى التفاتة مغربية حتى لا تقع في ايدي الجماعات الارهابية او الجماعات التكفيرية التي تنخر المجتمع الليبي مثلا وتستهدف امن واستقرار تونس ، ويبقى ارساء علاقات الاخوة والصداقة مع الجار الجزائري هو رهان المغرب الدائم منذ استقلال الجزائر الى اليوم ، رغم مزاجية الموقف السياسي الجزائري واستمرار اصراره على استعداء المغرب في وحدته الترابية ، لكن رهاننا كبير على رسائل الود المتبادلة اخيرا بين المغرب والجزائر بعد زيارة وزير الخارجية المغربي بوريطة للجزائر في يوليوز الماضي وزيارة وفد جزائري رفيع المستوى مكون من وزير الخارجية رمطان العممارة و بنصالح واخرين للمغرب بمناسبة قمة المناخ بمراكش في شهر نونبر 2016 .
لكن للاسف الشديد امام قوة ونجاعة الديبلوماسية الملكية افريقيا وعالميا وحرصها الشديد على مصالح المغرب وصورته في الخارج ، نجد ضعف مهول لبعض القضايا التي كانت تشرف المغرب دوليا في ازمنة معينة ، فتراجع المستوى الرياضي للمغرب لاسباب مختلفة ، جعل تراجع المغرب في الرياضة يعني تراجع التعريف بالمغرب في بلدان كثيرة ومغمورة، اذ اننا نعرف قوة كرة القدم والرياضة عموما في التعريف بالاوطان ، كما ان ضعف قطاع السياحة و الثقافة واسناده لوزراء غير موفقين بتاتا اثر بشكل كبير في ترهل قطاع السياحة المغربية وفي انعدام السياحة الثقافية في وقت كان من الممكن ان يستغل المغرب اوضاع بعض البلدان المنافسة لتطوير سوقه السياحي والثقافي.