اليمن .. مفاوضات تحركها المتغيرات
بقلم / عبدالله محسن الشاوش
القاعدة الاساسية لبناء مشروع وطني لاي بلد ، يعاني من التشضي والانهيار ، وانتشاله من مستنقع الفوضى والارهاب السياسي ، تنطلق من المصلحة الوطنية باعتبارها الحل الوحيد والامثل لكل الخلافات المتراكمة ، و التي تستند على ثوابت ومبادئ وطنية ، لا يمكن الميول عنها مهما كان ثقل الاحتقان السياسي والمذهبي بين الاطراف والجماعات ، المزروع من قوى خارحية وداخلية لتحقيق اطماع شخصية. الا ان مشاريع الاتفاقيات اليمنية ، التي تتم صناعتها اما عبر الامم المتحدة او بواسطة اطراف دولية مغايرة تماما للمشاريع المتناسقة مع الثوابت والمنضبطة مع المبادئ الوطنية ، التي لم يجني الشعب من ورائها سوى تعميق للشرخ الاجتماعي ، وازهاق ارواح الابرياء ، وسفك المزيد من الدماء.
وبالرغم ان كل المفاوضات التي اجريت بين جماعة الحوثي وحكومة هادي ، لم يكتب لها النجاح بنزع فتيل الحرب ، الذي تسبب بانعدام ابسط مقومات الحياة للمواطن اليمني ، الا انها حققت تقدما ملموسا في الطريقة التفاوضية ، مقارنة باول حوار بين الطرفين في جنيف ، رفضت فيه جماعة الحوثي اجراء حوار مباشر مع حكومة هادي ، كونها تسيطر على اغلب المحافظات اليمنية . لكن المتغيرات السياسية والعسكرية سواء الداخلية او الخارجية ، غيرت مسار الخريطة التفاوضية باجبار جماعة الحوثي التي تعاني من ازمة في الفكر ومأزق في الفهم ، على الانخراط في المفاوضات بدون وضع شروط او قيود ، واصبحت المحرك الوحيد للمفاوضات بعد ركودها اهمها :
- المتغير الاول : التطورات المتلاحقة على الارض ، باستيلاء الشرعية على مناطق واسعة كانت تحت سيطرة جماعة الحوثي ، الامر الذي اجبر الجماعة للولوج في الحوار .
- المتغير الثاني : التباينات في المواقف الدولية ، ففي الوقت الذي يشتد الخناق ، على جماعة الحوثي وصالح، اما بانتكاستهم على الارض ، من خلال فقدانهم لمناطق مهمه واستراتيجية ، او بتحشيد المجتمع الدولي ضدهم ، من خلال صياغة قرارات دولية ، تحشرهم في زاوية معينه ، وادانتهم كجماعة خارجة عن القانون الدولي ، ليتم معاقبتهم حتى يعلنو التزاماتهم بتنفيذ قرارت محلس الامن الدولي ، تضهر على السطح ، امريكا او روسيا تنتشلهم من هزيمة محققة ، وتعيد صناعة وجودهم كقوة يستغلوا من ورائهم تحقيق الاهداف التالية :
استعادة الدور الروسي في المنطقة عبر اجهاض روسيا لقرارات مجلس الامن بادانة جماعة الحوثي .
الثاني : الابتزاز والاستغلال الامريكي للمملكة العربية السعودية عند وصولهم مع النظام السعودي الى نقطة خلاف في بعض الملفات .
- المتغير الثالث : اخطاء الطيران السعودي ، باستهدافه للمدنيين توضف جماعة الحوثي تلك الاخطاء عبرالترويج الاعلامي ، الامر الذي يضع المملكه امام موقف محرج من انتقادات المنضمات الدولية والحقوقية ، ولا تجد امامها سوى البحث عن خروج لهذه الازمة ، فتعمد الى تحريك ورقة المفاوضات ، والدعوات الى حوار ، بهدف اشغال الراي العام العالمي عن الاخطاء وامتصاص غضبهم تجاه استهداف المدنيين .
لذلك ما آلت اليه نتائج المفاوضات السابقة ، يؤكد حتما ان المفاوضات اليمنية تمضي نحو افق مسدود ، وان المفاوضات القادمة التي يجري التحضير لها من الجانب الاممي وبمشاورات مع الدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية ، مقبلة على تطورات ليست في مصلحة تقدمها المنشود نحوتحقيق السلام ، وهو الشعار الذي يرفعه الفرقاء اليمنيين زورا ، منذ الوهلة الاولى للولوج في المفاوضات .
لذلك تبدو المفاوضات المقبلة اقرب الى نتائج المفاوضات السابقة ، وهذا صحيح الى حد ما ، لاننا ندرك تماما ان التهيئة الجارية للحوار القادم ناتج عن متغيرات ، وليست نابعة من احساس بالمسئولية الوطنية التي تحتم على الجميع التعاطي معها بايجابية ، خصوصا في ضل تردي الاوضاع الاقتصادية.