الجماعات الاسلاميةالدراسات البحثية

الفكر السياسي عند جماعة الإخوان المسلمون : آراء حسن البنا نموذجًا

The Political ideologies of the Muslim Brotherhood:The views of Hassan Al-Banna model

العدد الأول لسنة “2017 ” من مجلة العلوم السياسية والقانون

احدى اصدارات المركز الديمقراطي العربي

 

اعداد : إبراهيم عبد الله البنا – باحث دكتوراه بالجامعة الإسلاميّة العالمية ماليزيا

ملخص

تناول هذا البحث” الفكر السياسي عند جماعة الإخوان المسلمون”، وخاصة عند حسن البنا المؤسس الأول للجماعة، مبتدئاً بسيرته الذاتية منذ ولادته في قرية المحمودية عام (1906م)، وحتى انتهائه من كلية دار العلوم، وتأسيسه لجماعة الإخوان المسلمون عام (1928م)، وما بين ولادته وتأسيسه للجماعة،

حاول الباحث سرد أهم الأحداث التاريخية خلال تلك الفترة، وبعد عام (1928م)، تم عرض أهم المراحل التي مرت بها الجماعة خلال فترة البنا، كالمرحلة الدينية، والمرحلة السياسية، ومرحلة عنف الجماعة، ثم انتقل الباحث بعد ذلك، وناقش أهم الأفكار السياسية في فكر حسن البنا، محللاً أرائه حول السلطة، والحكومة الإسلامية، والمواطنة، والقانون، والتعددية الحزبية، والأقليات الدينية، والدستور، ومشاركة المرأة، والديمقراطية، والخلافة الإسلامية. وبعد عرض هذه الآراء ومناقشتها، تم إبراز أهم النتائج التي توصل إليها الباحث.

Abstract

This thesis analyzes the main political thoughts of the Muslim brotherhood, focusing on Hassan Al-Banna best known for founding this religious group. The study began with examining his biography since his birth on October 1906s in the village of Mahmoudiyya, until his graduation from the school of science and the formation of Muslim Brotherhood in 1928s. Within the scope of this study there are a major historical event have been explained during Al-Banna life.

After the 1928s the study extended to explain the most important stages of the brotherhood during Al-Banna period in term of their political, religious and violence. Furthermore, the study discussed and analyzed Hassan al-Banna most important political views about religion, power, Islamic government, citizenship and law, multi-party, religious minorities, Constitution, and women’s participation in society, democracy, and the Islamic caliphate. After that, different views have been discussed and the result has been showed.

 

*طالب دكتوراه بالجامعة الإسلاميّة العالمية ماليزيا

مقدمة

لقد شهدت مصر في الآونة الأخيرة، وخاصة بعد ثورة (25) يناير عام(2011م)، صراعًا قويًا بين الجماعات الإسلامية، وكان من أبرز هذه الجماعات صعودًا على الساحة المصرية، جماعة الإخوان المسلمون، التي فرضت نفسها بقوة على كل التيارات السياسية، واستطاعت عن طريق خبراتها في العمل السياسي، أن تحصل على عدد كبير من أصوات الجماهير في أول انتخابات برلمانية بعد نجاح ثورة (25) يناير عام (2011م)،  في مصر، بالإضافة إلى مقعد الرئاسة بعد فوز مرشحها محمد مرسى في الانتخابات الرئاسية ، وبدأت الجماعة في الظهور على الساحة المصرية بشكل ملفت للنظر، حتى أن كثيرًا من شاشات الإعلام تناولت سيرة المؤسس الأول حسن البنا، وطرحت فكره السياسي على دائرة النقاش، مما جعل الكثير ينقسم حول فكر حسن البنا وأراءه السياسية.

من هنا قرر الباحث الوقوف على فكر حسن البنا المؤسس الأول لجماعة الإخوان المسلمون، لمعرفة فكره السياسي الذي أثر في تكوين كثيرًا من الجماعات الإسلامية بعد ذلك.

مشكلة البحث:

لقد ظلت جماعة الإخوان المسلمون عبر تاريخها تبحث عن الإصلاح والتغيير في البلاد، وذلك من خلال نظرياتهم تجاه الحياة السياسيةـ، حتى فرض الواقع السياسي نفسه على الساحة المصرية بعد ثورة (25) يناير عام (2011م)، وتم طرح الفكر السياسي لحسن البنا، بشكل ملفت للنظر، لدرجة أن كثيرًا من الباحثين تناولوا المفاهيم السياسية لحسن البنا من خلال التنظير فقط، وليس البحث العلمي المبني على قواعد وأسس. لذلك تم تناول المفاهيم السياسية لحسن البنا بشكل فيه نوع من الكذب، والخداع.

لذلك كان لابد للباحث طرح الفكر السياسي لحسن البنا، مناقشًا فكره حول أهم القضايا التي أثارت دائرة النقاش العلمي آنذاك.

أهمية الدراسة:

ترجع أهمية هذا البحث إلى بعض الأسباب وهي كالتالي:

1-ندرة الدراسات الأكاديمية الخاصة بجماعة الإخوان المسلمون، على الرغم من اعتبارها واحدة من أكبر القيادات الفكرية، والسياسية على مستوى العالم الإسلامي.

2- دراسة وتحليل منهج حسن البنا، لما له من تأثير كبير على القضايا الفكرية، والسياسية التي ما زالت مستمرة حتى الآن، والتي ما زالت الجماعة تسير وتعتمد على الكثير مما قدمه حسن البنا، من إسهامات فكرية وسياسية.

3- إبراز أهم القضايا السياسية في فكر البنا، مع توضيحها ومناقشها مناقشة علمية متأصلة، لكي يستفيد منها الباحثين المهتمين بالفكر الإسلامي.

أهداف البحث:

يسعى الباحث إلى تحقيق جملة من الأهداف منها ما يلي:

1-التعرف على سيرة حسن البنا المؤسس الأول لجماعة الإخوان المسلمون، عارضًا أهم المراحل التاريخية من حياته، مع طرح أهم المحطات التي مرت بها جماعة الإخوان المسلمون في حياته.

2-بيان الفكر السياسي عند حسن البنا، مناقشًا أهم القضايا في فكره، كالسلطة، والحكومة الإسلامية، والأقليات الدينية، والمواطنة، والأحزاب، والمرأة، والدستور، والديمقراطية.

أسئلة البحث

1-من هو حسن البنا؟ وما هي المراحل التي مرت بها الجماعة في حياته؟

2-ما هي أهم المفاهيم السياسية في فكر حسن البنا؟

منهج البحث

نظرًا لطبيعة الموضوع سوف يعتمد الباحث في دراسته على المناهج الآتية:

1-المنهج الاستقرائي: سيتم استخدامه لجمع كل ما يتعلق بالموضوع من المصادر والمراجع قديمًا وحديثًا، وكذلك البحوث والمقالات التي نشرت في الإنترنيت وتوثيق المؤتمرات العلمية والمقابلات المنشورة عبر اليوتيوب.

2-المنهج التاريخي: ونعتمد عليه لتوثيق أهم الأحداث التاريخية في حياة حسن البنا، والمراحل التي مرت بها الجماعة.

3-المنهج التحليلي: ويتم استخدامه لتحليل أقوال العلماء والمفكرين، وذكر أدلتهم واستدلالاتهم ومناقشتها في هذا الموضوع، مع بيان الراجح منها ترجيحًا مستندًا إلى الأدلة والحجج.

الدراسات السابقة:

لقد طالعت جملة من الدراسات السابقة ذات الصلة المباشرة بموضوع البحث والتي تتعلق بالفكر السياسي عند جماعة الإخوان المسلمون، ومن الدراسات التي وقف عليها الباحث: كتاب الفقه السياسي عند الإمام الشهيد حسن البنا لمحمد عبد القادر أبو فارس ، ولقد افتتح الكاتب، كتابه بمقدمة اشتملت على بعض آراء العلماء في حسن البنا، ومن هؤلاء طنطاوي جوهري الذي قال” حسن البنا في نظري أعظم من الأفغاني”، بعد ذلك انتقل الكاتب إلى تعريف الفقه السياسي في اللغة والاصطلاح، مبينًا أن السياسة نوعان، سياسة شرعية، وسياسة غير شرعية، بعدها سلط الكاتب الضوء على مؤهلات البنا الفقهية، والسياسية موضحًا أن حسن البنا كان شديد الاطلاع على كثير من كتب التفسير، والحديث إلى جانب حفظه لكثير من المتون الفقهية، وضرب عدة أمثال لذلك منها متن فتح القدوري، ومنظومة ابن عامر، بعد ذلك انتقل الكاتب إلى مصادر الفقه السياسي عند حسن البنا، وذكر عدة مصادر لذلك من أهمها القرآن الكريم، والسنة النبوية المطهرة، وكتب الفقه، بعد ذلك ذكر الكاتب أن البنا نظر إلى الإسلام والسياسة على أنهما شيء واحد، ولا يجوز فصلهم، مستشهدًا على هذا الكلام بقول حسن البنا” إن الإسلام دين شامل، وانتقد أن يفصل بين الدين والسياسة، وأعلن أن أي حركة إسلامية تستبعد السياسة من أهدافها لا تكون إسلامية بالمفهوم الشامل للإسلام”، بعد ذلك انتقل الكاتب إلى تحذير حسن البنا من الغرب بحيث أنهم يشوهون صورة الإسلام، بعد ذلك بين الكاتب أن حسن البنا دعي في مؤتمراته أن جماعة الإخوان المسلمون ما كانوا يومًا من الأيام غير سياسيين، وما فرقت دعوتهم بين السياسة والدين، بعدها انتقل الكاتب إلى هدف حسن البنا في إقامة حكومة إسلامية، وبعدها إقامة الخلافة، بعد ذلك ذكر الكاتب شكل الدولة في الإسلام كما يراها حسن البنا، مبينًا عدة قضايا منها المرأة والعمل السياسي، الأقليات غير الإسلامية في بلاد المسلمين، الاستعانة بغير المسلمين، والأحزاب السياسية في مصر، والوطنية، إلا أن الكاتب تغافل عن عدد من القضايا الأخرى كالديمقراطية، والسلطة، وهذا ما يضيفه الباحث.كما وقف الباحث على كتاب” أوراق من تاريخ الإخوان المسلمون، وهذا الكتاب يعتبر مرجع لتاريخ الإخوان وخاصة في الفترة التي عاشها البنا. إلا أن الكاتب تغافل عن المراحل التاريخية التي مرت بها الجماعة، وهذا ما يضيفه الباحث.

حسن البنا المؤسس الأول لجماعة الإخوان المسلمون

ولد حسن أحمد عبد الرحمن الساعاتي، الشهير بحسن البنا، في قرية المحمودية التابعة لمحافظة البحيرة بمصر عام (1906م)[1]، كان أبوه الشيخ احمد عبد الرحمن الساعاتي عالماً بالسنة النبوية، والفقه الإسلامي، لذلك حرص على تعلم أبنائه الأربعة مسانيد الحديث الشريف، ومذاهب الفقه الإسلامي، فدرس ابنه الأكبر حسن فقه الإمام أبي حنيفة، وأخاه الثاني عبد الرحمن لدراسة فقه الإمام مالك، وأخاه الثالث محمد لدراسة مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وأخاه الرابع جمال للدراسة على المذهب الشافعي، فنشأ حسن البنا في أسرة تحتضن وتعتز بجماع التراث الإسلامي[2].

تعلم حسن البنا منذ الصغر حرفة أبيه وهي إصلاح الساعات، وتجليد الكتب، وذلك سيرًا على نهج العلماء في التعيش من الحرف، والصنائع، ليكون علمهم مبذولاً لوجه الله تعالي، وخدمة الناس[3].

بعد انتهاء حسن البنا من مرحلة التعلم في الكتاتيب، التحق بمدرسة الرشاد الابتدائية وسنه حوالي ثمانية أعوام، واستمر بها لمدة أربع سنوات[4]، تتلمذ في مرحلته الابتدائية على يد الشيخ الأزهري (محمد زهران)، الذي كان على قدر كبير من العلم والثقافة، وكان يصدر مجلة دينية لغوية أدبية اجتماعية اسمها (السعادة)[5].

بعد إتمام المرحلة الابتدائية التحق حسن البنا بالمدرسة الإعدادية وكانت هذه المرحلة بداية نشاطه، فانضم لجماعة (الأخلاق الأدبية) التي كانت تهدف إلى إلزام أعضائها من التلاميذ بالتحلي بالأخلاق الحميدة، وذلك من خلال فرض غرامات مالية كبيرة على التلاميذ المخالفين من أعضائها[6]، بالإضافة لتلك الجماعة أسس البنا مع مجموعة من زملائه وهو في مرحلته الإعدادية جماعة (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، وكانت تهدف إلى فرض الالتزام بتعاليم الإسلام، وذلك من خلال توجيه خطابات تهديد إلى الذين لا يلتزمون بتعاليم الدين الإسلامي[7].

انتهت المدرسة الإعدادية، والتحق حسن البنا بمدرسة المعلمين بدمنهور، وفيها انضم وصار على (الطريقة الصحافية) وكانت طريقة (صوفية)، فبايع شيخها (السيد عبد الوهاب الحصافي)، وذلك عام (1923م)، وكانت هذه الطريقة الصوفية من أقرب الطرق الملتزمة بتعاليم الدين الإسلامي، وبعيدة عن الخرافات والبدع1.

وأثناء تنقله بين مدرسة المعلمين بدمنهور وقرية المحمودية التي نشأ فيها لاحظ حسن البنا وجود الجماعات والإرساليات التنصيرية الإنجيلية التي دخلت مصر في ركاب الاستعمار الإنجليزي، فقام مع صديقه (أحمد السكرى) بتأسيس (جمعية الحصافية)2، وكانت فرعًا من الجماعة الصوفية الكبيرة، لكنها تتميز عنها بالعمل الجدي للحفاظ على تعاليم الدين وعلى مقاومة البعثات التبشيرية، وأصبح حسن البنا سكرتيرًا للجمعية، ولم يزل في الثالثة عشرة من عمره3.

انتهي حسن البنا من مدرسة المعلمين، والتحق بكلية دار العلوم في القاهرة عام (1924م)، وأثناء دراسته انضم لبعض الجمعيات الدينية مثل (جماعة السلوك الأخلاقي)، وجماعة (النهي عن المنكر)4.كما تتلمذ على يد مجموعة من العلماء أمثال الشيخ (أحمد بدير) تلميذ الإمام (محمد عبده)5.

وأثناء الدراسة في كلية دار العلوم عاصر حسن البنا مجموعة من الأحداث التي كانت عبارة عن صدمات تشجيعية وفي نفس الوقت حزن وألآم، فسقوط الخلافة الإسلامية، وصدور مجموعة من الكتب التي كانت تهاجم الإسلام كانت بمثابة صدمات حزينة، ومؤلمة في نفس حسن البنا، وفي نفس الوقت تشجيعية أدت إلى تمسكه بالدين، والحفاظ عليه، والدفاع عنه6.

وفي السنة الأخيرة من كلية دار العلوم، وعندما كان يستعد حسن البنا للإقبال على الحياة العملية إذ طلب منه أستاذه (أحمد حسن نجاتي) أن يكتب موضوعًا في مادة الإنشاء يتحدث فيه عن آماله وطموحاته بعد الانتهاء من الدراسة فكانت الإجابة عليه تقول: “فكان أعظم آمالي بعد إتمام حياتي الدراسية أملان: خاص: وهو إسعاد أسرتي وقرابتي، وعام: وهو أن أكون مرشدًا معلمًا؛ إذا قضيت في تعليم الأبناء سحابة النهار، قضيت ليلي في تعليم الآباء هدف دينهم ومنابع سعادتهم، ومسرات حياتهم، تارة بالخطابة والمحاورة، وأخرى بالتأليف والكتابة، وثالثة بالتجول والسياحة. وقد أعددت لتحقيق الأول: معرفة بالجميل وتقدير للإحسان، ولتحقيق الثاني: من الوسائل الخلقية: الثبات والتضحية وهما ألزم للمصلحة من ظله، وسر نجاحه كله، وما تخلق بهما مصلح فأخفق إخفاقًا يزري به أو يشينه. ثم يقول: “ذلك عهد بيني وبين ربي، أسجله على نفسي، وأشهد عليه أستاذي، في وحدة لا يؤثر فيها إلا الضمير، وليل لا يطلع عليه إلا اللطيف الخبير”1. بهذه المشاعر الملتهبة بالحزن على البلاد من ناحية، والإصرار على تغير المجتمع من ناحية أخرى يتخرج حسن البنا من كلية دار العلوم في عام(1927م)، وتم تعيينه مدرسًا في إحدى المدارس في مدينة الإسماعيلية2.

وفي الإسماعيلية رأى حسن البنا الاستغلال الأجنبي، والتغريب الثقافي والاجتماعي يتحدى هوية الأمة وكرامتها3، فسعى لنشر أفكاره وإلقاء الخطب والدروس التي لاقت قبولاً كبيرًا بين الناس، وكان أول المستجيبين لخطبه ومواعظه سته من الرجال وهم: (حافظ عبد الحميد)، (أحمد المصري)، (فؤاد إبراهيم)، (عبد الرحمن حسب الله)، (إسماعيل عز)، (زكى المغربي)، وكان هؤلاء من العمال الحرفيين، فبايعوه وحمّلوه تبعة أمرهم، واتفقوا على تسمية أنفسهم (الإخوان المسلمون) وكان ذلك في ذي القعدة عام (1928م)4.

ومن خلال ما سبق تبين أن حسن البنا منذ نعومة أظافره، وحتى تخرجه من كلية دار العلوم، كان شغوفًا بالعمل الدعوى ويرجع ذلك إلى البيئة التي تربى فيها، لذلك كان حريصًا منذ الصغر على الاشتراك في الجمعيات، والجماعات التي تخدم المجتمع، وتحث الناس على التحلي بمكارم الاخلاق، ويعتقد الباحث أن الجمعيات، والجماعات التي اشترك فيها حسن البنا، أثرت بشكل كبير على عمله الدعوى، وجعلت عنده روح القيادة، ونَمّت عنده ملكة الأفكار لخدمة المجتمع، بالإضافة إلى الأحداث التي عاصرها، وتعطش المجتمع للرجوع لدين الله، بعد انتشار الرذائل التي أحدثها الاستعمار، لذلك كان من السهل عليه إنشاء جماعة الإخوان المسلمون لما له من خبرة مر بها خلال تعلمه، وحاجة المجتمع لجماعة تخرجهم من الظلمات إلى النور وتذكرهم بما لهم وما عليهم.

ومنذ أن انطلقت جماعة الإخوان المسلمون من الإسماعيلية عام (1928م)، يلاحظ الباحث أن الجماعة قد مرت بعدة مراحل أثناء فترة حسن البنا وهي كالآتي:

المرحلة الأولى: المرحلة الدينية (1928م-1938م): تميزت هذه المرحلة بأنها كانت مرحلة دينية بحته، لا دخل لها بالسياسية، إذ كانت الجماعة في بدايتها تحض على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولقد كان نشاط الجماعة في ذلك الوقت متوجهًا إلى الوعظ الديني، وإقامة المساجد، مع إثارة المشاعر الإسلامية لدى الناس ضد مظاهر التحلل الأخلاقي1، واستمر ذلك التوجه حتى عام (1933م)، بعد ذلك حاولت الجماعة توسيع نشاطها الدعوى فأصدرت عدة مجلات منها، (مجلة الإخوان) الأسبوعية  وأشرف عليها (الشيخ محب الدين الخطيب)، (والشيخ جوهري طنطاوي)، ثم تحولت الدعوة بعد ذلك إلى (مجلة الخلود)، ثم انتقلت إلى (مجلة النذير)2.

وأثناء هذه المرحلة تبلور البناء الهيكلي للجماعة، حيث تشكلت لأول مرة هيئة مكتب الإرشاد العام، وطبيعة الحركة باعتبارها دعوة سلفية، وطريقة سنية، وحقيقة صوفية، وجماعة رياضية، ورابطة علمية، وشركة اقتصادية، وفكرة اجتماعية، وهو مما يؤكد شمولية فكر الجماعة وإحاطتها بمختلف أوجه الحياة منذ انطلاقها3.

كما شهدت هذه المرحلة تبنى الجماعة لمنهج البعد عن السياسية، إذ رفضت فكرة الأحزاب وهاجمتها4، كما أنهم حاولوا التقرب من السلطة الحاكمة الممثلة في (الملك فاروق)، ووصفوه في وسائل إعلام الجماعة (بالأسوة الحسنة) و (فخر الشباب) حتى إنهم نادوه بتنصيبه أميرًا للمؤمنين4.

ولقد شهدت المرحلة الأولى من تأسيس الجماعة كذلك وقفة عدائية من الأقليات الدينية وخاصة اليهود خلال تلك الفترة، وذلك بسبب سيطرة اليهود على أهم المشاريع الاقتصادية في مصر وتحكمهم في الاقتصاد المصري5.

أما الأقباط في مصر، فقد حرصت الجماعة على حفظ العلاقات الوثيقة وتطمينهم بأن الجماعة ليست عدوًا للأقباط في مصر، وهو الأمر الذي أدى إلى انضمام بعض الأقباط للجماعة ودفع اشتراكاتهم مثل المسلمين6.

ويلاحظ الباحث أن السبب في نجاح الجماعة منذ انطلاقها في ربوع مصر هو العمل الدعوى، فكان هدف الجماعة في ذلك الوقت مُركَّزٌاً في دعوة المجتمع للتحلي بمكارم الأخلاق، وحث الناس على الوقوف في وجه الاستعمار، وذلك عن طريق التمسك بدين الله تبارك وتعالى، ولما رأى كثيرٌ من الناس هدف الجماعة الديني، والبعيد عن السياسة، اتبعها الكثيرون وتعلقوا بأهدافها.

   المرحلة الثانية: المرحلة السياسية: في هذه المرحلة انتقلت جماعة الإخوان المسلمون من العمل الدعوى إلى المشاركة في الحياة السياسية، حيث أعلن البنا في عام (1938م)،  بأنه “سينتقل من خير الدعوة العامة إلى خير الدعوة الخاصة، ومن دعوة الكلام وحده إلى دعوة الكلام المصحوب بالنضال والأعمال، وسنتوجه بدعوتنا إلى المسئولين من قادة البلد، وزعمائه، ووزرائه، وحكامه، وشيوخه، ونوابه، وأحزابه، وسندعوهم إلى مناهجنا، ونضع بين أيديهم برنامجنا، وسنطالبهم بأن يسيروا بهذا البلد المسلم بل زعيم الأقطار الإسلامية في طريق الإسلام في جرأة لا تردد معها، وفي وضوح لا لبس فيه، ومن غير مواربة أو مداورة، فإن الوقت لا يتسع للمداورات، فإن أجابوا الدعوة وسلكوا السبيل إلى الغاية آزرناهم، وإن لجأوا إلى المواربة، والروغان، وتستروا بالأعذار الواهية، والحجج المردودة، فنحن حرب على كل زعيم أو رئيس حزب، أو هيئة لا تعمل على نصرة الإسلام، ولا تسير في الطريق لاستعادة حكم الإسلام ومجد الإسلام، سنعلنها خصومة لا سلم فيها ولا هوادة معها حتى يفتح الله بيننا وبين قومنا بالحق وهو خير الفاتحين”1.

بعد دخول الجماعة إلى العمل السياسي شهدت الجماعة أحداثًا وتطورات أثرت بالإيجاب والسلب على الجماعة ومكانتها، إذ شهد عام (1940م) أول انشقاق في صفوف الجماعة، حيث لجأ بعض الأعضاء في الجماعة إلى تكوين (جماعة شباب محمد) وكان يغلب عليها الجانب التطرفى، ولقد أرجع بعض هؤلاء المنشقين أسباب انشقاقهم عن الجماعة إلى تساهل الإخوان في التعامل مع القضايا السياسية، ومن بينها المشاركة في الانتخابات وقبولهم المعونات المالية2.

كما تطورت الأحداث في عام (1947م) وشهدت الجماعة انشقاقًا أخر في صفوفها، إلا أن هذا الانشقاق كان أكثر خطرًا، إذ يرجع خطورته إلى أهمية المنشقين عن الجماعة وعلى رأسهم (أحمد السكرى) نائب الجماعة3.

لم يقتصر الأمر على هذه الانشقاقات التي حدثت داخل صفوف الجماعة منذ أن دخلت المعترك السياسي بل صار الأمر أكبر من ذلك فلقد شهد عام (1948م)، تطورًا جديدًا حيث صدر قرارًا عسكريًا من قبل حكومة النقراشي بحل جماعة الإخوان المسلمون، ومصادرة أموالها، واعتقال أفرادها.

ومن خلال عرض الباحث لانتقال الجماعة من العمل الدعوى إلى العمل السياسي، يلاحظ الباحث أن هذا الانتقال كان بمثابة نقل الجماعة من النور إلى الظلمات، وجعل الجماعة تفقد كثيرًا من اتباعها، وذلك بسبب أن الجماعة في بدايتها كان هدفها بث روح الإسلام في نفوس الناس، فلما انتقلت إلى السياسة دخلت في صراعات متعددة مع الأحزاب التي كانت موجوده على الساحة كحزب الوفد، بالإضافة إلى صراعها مع الحكومة، فلما رأى كثير من اتباعها هذه الصراعات تركوا الجماعة، ولم يكتف الأمر على ذلك بل حدث انشقاقات داخلية تسببت في تفكك الجماعة داخليًا وخارجيًا، وهذه المرحلة في نظر الباحث هي بداية الهبوط للجماعة على مر تاريخها، وذلك بسبب انشغالهم بالعمل السياسي أكثر من العمل الدعوى.

   المرحلة الثالثة: مرحلة عنف الجماعة: من أبرز سمات هذه المرحلة هي تشكيل الجهاز السري للجماعة، وهو تنظيم خاص مسلح، ولكنه سرى ويعمل في الخفاء، يقوم هذا الجهاز بتنفيذ العديد من عمليات الاغتيالات السياسية، والأعمال التفجيرية، ولقد كان من أبرز أعمالها، اغتيال رئيس الوزراء محمود فهمي النقراشي، وذلك بعد قراره بحل جماعة الإخوان المسلمون في عام (1948م)، كما حاول التنظيم السري قتل الخزندار، ومحاولاتهم تفجير محكمة الاستئناف للتخلص من الوثائق، والمستندات التي تم ضبتها فيما عرف بقضية السيارة الجيب وهذه الملفات تدين الإخوان بتورطهم في قضايا عنف ومحاولاتهم لقتل رئيس مجلس النواب، ورئيس الوزراء إبراهيم عبد الهادي1.

وتعقيبًا على هذه المرحلة المهمة في تاريخ الإخوان المسلمون وخصوصًا في وجود حسن البنا، تبين للباحث أن هذه المرحلة كانت بمثابة الموت الإكلينيكي للجماعة، ولمؤسسها حسن البنا، نظرًا لما تسبب التنظيم الخاص في خلق مشاكل كثيرة للجماعة ووضعها تحت الرقابة من الحكومة حتى تسببت الاغتيالات التي نفذها أعضاء من التنظيم الخاص في قرار حل جماعة الإخوان المسلمون، كما يعتقد الباحث أن التنظيم الخاص هو المتسبب في قتل حسن البنا، نظرًا لما أنكره من عمليات القتل، والتفجيرات التي تسببت به جماعته.

مفاهيم وأفكار حسن البنا السياسية

1-السلطة: انطلق حسن البنا من مفهوم محوري في طبيعة السلطة، وهي وحدة السلطة في النظام الإسلامي، بحيث ميز النظام الإسلامي بأنه نظام رباني شامل خلافًا للنظم القائمة، فالسلطة مرتبطة بعقيدة دينية تجمع الأمة الإسلامية ولا تفرقها، لذلك يقول البنا في رسائله” وكانت الأمة مجتمعة الكلمة باستمساكها بأهداب الدين، واعتقادها فضل ما جاء به من أحكام، ورعايتها لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتشديده في الوحدة حتى أمر بقتل من فارق الجماعة أو خرج على الطاعة”1. كما أراد البنا تأكيد وحدة السلطة، فحاول جاهدًا أن ينفى الفصل بين الدين والسياسية كما ذكرنا سابقًا، وبالتالي لا توجد سلطتان في الإسلام سياسية، والأخرى دينية. يقول حيدر إبراهيم” أن البنا كان يتحفظ على استعمال كلمة رجال الدين في الإسلام، لأنها قد توحى بوجود فئة محددة المهام”2.

ومن خلال ما تم عرضه، تبين أن السلطة عند البنا مرتبطة بالعقيدة عند الفرد المسلم، وليست بالحدود الجغرافية، أو الإقليمية كما في عقائد الأنظمة المختلفة القائمة، لذلك رفض البنا الحزبية، معتقدًا أنها تفرق ولا تجمع، ولما أكد البنا على أن الإسلام دين شامل وحاول أن يجمع بين الدين والدولة، كان هدفه كما يظن الباحث أن يبعد عن الأذهان فكرة الدولة الكنيسية التي تصدر الأحكام نيابة عن الله في الأرض.

2- الحكومة الإسلامية: يرى حسن البنا أن الحكومة الإسلامية تتكون من أفراد مسلمين يؤدون الفرائض الإسلامية، ولا يتجاهرون بالمعاصي، لذلك فإن الحكومة التي لا تطبق أحكام الشرع الإسلامي ليست حكومة إسلامية، فالإسلام لا يتحقق كما أراد الله سبحانه وتعالى، إلا إذا قامت حكومة تطبق أحكامه في جميع شؤون الحياة السياسية، والاقتصادية، والنيابية، وغيرها، لذلك نظر البنا إلى الحكومة بنظرة مختلفة عمًّن كانوا قبله، فهو يرى أن الحكومة ركن من أركان الإسلام، ويؤكد ذلك في رسائله حيث يقول” وهذا الإسلام الذي يؤمن به الإخوان المسلمون يجعل الحكومة ركناً من أركانه، ويعتمد على التنفيذ كما يعتمد على الإرشاد، وقد جعل النبي ﷺ الحكم عروة من عري الإسلام، والحكم معدود في كتبنا الفقهية من العقائد والأصول، لا من الفقهيات والفروع، فالإسلام حكم وتنفيذ، كما هو تشريع وتعليم، كما هو قانون وقضاء، لا ينفك واحد منها عن الآخر “3. ومن أجل أن يتحقق الحكم الإسلامي في البلاد، لابد من مراعاة هذه القواعد وهي:

1-مسؤولية الحاكم                2- وحدة الامة            3- احترام إيراده الامة

وهذه القواعد الثلاثة عبارة عن دعائم للحكم الإسلامي، ولقد فسرها لنا البنا تفصيلاً وافيًا، حيث نظر إلى القاعدة الأولى على أساس أن الحاكم أجير عند المحكومين وعامل لديهم، فالعلاقة بين الحاكم والمحكومين عبارة عن عقد يقوم على مبدأ البيعة القائم على طاعة الرعية للحاكم طالما التزم الأخير بتطبيق الشريعة الإسلامية وأحكام الإسلام1.

كما بين لنا البنا القاعدة الثانية في رسائله فقال إن “الأمة الإسلامية واحدة، لأن الأخوة التي جمع الإسلام عليها القلوب أصل من أصول الإيمان لا يتم إلا بها، ولا يتحقق إلا بوجودها، ولا يمنع ذلك حرية الرأي، وبذل النصح من الصغير إلى الكبير، ومن الكبير إلى الصغير، وذلك هو المعبر عنه في عرف الإسلام ببذل نصيحة، والأمر المعروف النهى عن المنكر”2.

أما القاعدة الثالثة وهي احترام إرادة الأمة فهي تتمثل في مراقبة الحاكم وحق الأمة عليه أن يشاورها، ويربط البنا هذه القاعدة بنظام الانتخاب، وأن الأمة من حقها الاشتراك في الحكم اشتراكًا صحيحًا3.

ومن خلال هذه القواعد التي وضعها حسن البنا يقول عبد الله النفيسي عنها ” لا نرى هذه الدعائم التي وضعها البنا تتعارض بين نظام الإسلام، والنظام النيابي، لذلك فإن البنا لا يرى تعارضًا بين الوضعية والإسلام، وإذا كانت الدساتير الوضعية تعترف بسيادة الشريعة الإسلامية وقصور العقل البشرى، فإن هذه الدساتير لا تحول البلاد إلى دار كفر”4.

وانطلاقًا من هنا فإن الباحث يرى أن حسن البنا نظر إلى السلطة على أساس أنها ركن من أركان الإسلام، وهذا مخالف لمذهب أهل السنة، الذين أعدوا السلطة فرع من فروع الإسلام وليست أصل من أصوله يقول الآمدى” واعلم أنّ الكلام في الإمامة ليس من أُصول الديانات، بحيث لا يسع المكلَّف الإعراض عنها والجهل بها”5. كما يقول الإمام الغزالي “اعلم أنّ النظر في الإمامة أيضاً ليس من المهمات، وليس أيضاً من فنّ المعقولات، بل من الفقهيات”6. كما اتضح للباحث أن فكر حسن البنا في مسألة السلطة هو نفسه فكر المذهب الشيعي في الإمامة، حيث ينقل الشيعة عن أبي جعفر أنه قال” بني الإسلام على خمسة أشياء: الصلاة والزكاة والحج والصوم والولاية”7.

ومما اتضح للباحث فإن فكرة السلطة عند حسن البنا تأثرت بظروف إلغاء الخلافة الإسلامية من ناحية، والبحث عن نظام إسلامي أصيل وجديد في الوقت نفسه من ناحية أخرى، لذلك جعل السلطة ركن من أركان الدين. وأما بالنسبة للدعائم التي وضعها البنا فإن الباحث يرى أن الحكم النيابي سواء أكان برلمانيًا أو غير برلماني فإنه لا يرفض وحدة الأمة الإسلامية كما فرضها الإسلام، وخاصة إذا كانت الحياة الاجتماعية واحدة في أصولها واتجاهاتها العامة.

3-الخلافة الإسلامية: ينظر حسن البنا إلى الخلافة الإسلامية على أنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكير في إعادتها، ولكن قبل عودة الخلافة لابد وأن يسبقها عدة أشياء وهي: بناء الفرد المسلم، ثم الأسرة المسلمة، فيتكون المجتمع المسلم، فتأتي الحكومة الإسلامية، ثم الدولة الإسلامية، ثم تعاد الخلافة الإسلامية، فنصبح أستاذة العالم، وفي ذلك يقول البنا” أن الإخوان يعتقدون أن الخلافة رمز الوحدة الإسلامية، ومظهر الارتباط بين أمم الإسلام، وإنها شعيرة إسلامية يجب على المسلمين التفكر في أمرها والاهتمام بشأنها، والخليفة مناط كثير من الأحكام في دين الله، ولهذا قدم الصحابة رضوان الله عليهم النظر في شأنها على النظر في تجهيز النبي ودفنه، حتى فرغوا إلى تلك المهمة واطمأنوا إلى إنجازها، والأحاديث التي وردت في وجوب نصب الإمام، وبيان أحكام الإمامة وتفصيل ما يتعلق بها، لا تدع مجالا للشك في أن من واجب المسلمين أن يهتموا بالتفكير في أمر خلافتهم منذ حورت عن منهاجها ثم ألغيت بتاتاً إلى الآن، والإخوان المسلمون لهذا يجعلون فكرة الخلافة والعمل لإعادتها في رأس مناهجهم”1.ومن خلال ما سبق تبين أن فكرة إعادة الخلافة الإسلامية كانت من أولويات حسن البنا لدرجة أنها كانت مقدمة على طلب الاستقلال الوطني إبان تلك الحقبة التي عاشتها البلاد تحت الاحتلال، ويؤكد ذلك طارق البشرى بقوله” مطلب الخلافة أخذ عند البنا الأولوية على مطلب الاستقلال الوطني، وقد أعلن الشيخ البنا في العيد العاشر للجماعة أن الإخوان يعطون الأولوية لاسترداد الخلافة”2.

 وفي الحقيقة إذا نظرنا إلى كلام طارق البشرى سنجد أن تقديم الخلافة على الاستقلال الوطني كان لعدة أسباب منها:

  • 1-سقوط الخلافة الإسلامية وما سببته من ضياع للمجتمع الإسلامي.
  • 2-انكار الخلافة الإسلامية من قبل بعض الشخصيات الدينية، وعلى رأسهم الشيخ على عبد الرازق.
  • 3-التبشير وما سببه من مخلفات فكرية وعقائدية للمجتمعات الإسلامية.
  • 4-اعتقاد البنا أن الخلافة ستعيد الأمة إلى العصر الذهبي للإسلام، لأن الأمة الإسلامية ستكون تحت إمام واحد.

كما يعتقد الباحث أن الخطوات التي وضعها البنا للوصول إلى الخلافة الإسلامية كانت بمثابة رؤية جديدة، واجتهاد دستوري جديد في حياتنا الفكرية الحديثة والمعاصرة، لذلك يقول محمد عمارة عن هذه الخطوات” أن فكرة الخلافة وطرق استعادتها تجاوزت الرؤية التقليدية الجامدة، والرؤية اليائسة البائسة، والرؤية الرومانسية الحالمة، إلى رؤية فقهية، ودستورية، وتنظيمية”3.

4-الدستور: لقد نظر حسن البنا إلى الدستور بنظرة إيجابية مما دفع جماعته إلى المشاركة السياسية في الحياة العامة، ولعل السبب في هذه النظرة الإيجابية تجاه الدستور، اعتقاده بأنه من صميم الاسلام، بمعنى أن الدستور والتمثيل النيابي ليست أفكاراً غريبة عن عقيدة الاسلام وشريعته؛ بل هما من تعاليمه حتى وإن ظهر للجميع بأنه مأخوذ من الغرب، ولكن عند حديث البنا عن الدستور لابد لنا أن نفرق ونميز بين موقفين، الأول: نظرة البنا إلى الدستور على أنه وثيقة، وعلاقة سياسية. والثاني: نظرته إلى الدستور المصري بنظرة النقد، والرفض. ومما يدل على الموقف الأول يقول حسن البنا” أن الباحث حين ينظر إلى مبادئ الحكم الدستوري التي تتلخص في المحافظة على الحرية الشخصية بكل أنواعها، وعلى الشورى واستمداد السلطة من الأمة وعلى مسئولية الحكام أمام الشعب ومحاسبتهم على ما يعملون من أعمال، وبيان حدود كل سلطة من السلطات هذه الأصول كلها يتجلى للباحث أنها تنطبق كل الانطباق على تعاليم الإسلام ونظمه وقواعده في شكل الحكم. ولهذا يعتقد الإخوان المسلمون أن نظام الحكم الدستوري هو أقرب نظم الحكم القائمة في العالم كله إلى الإسلام، وهم لا يعدلون به نظاماً آخر”1.

وتعقيبًا على نظرة البنا الانفتاحية نلاحظ أن البنا نظر الى النظام الليبرالي الحديث من جهة النظام الدستوري هو أقرب نظم الحكم إلى الإسلام. ولكن هذه النظرة المنفتحة تتحول سريعًا إلى الرفض، وتحقق ذلك حينما رفض الدستور المصري، ووجه له انتقادات كبيرة، وفي ذلك يقول” إن من نصوص الدستور المصري ما يراه الإخوان المسلمون غامضًا مبهمًا يدع مجالاً واسعًا للتأويل والتفسير الذي تمليه الغايات والأهواء، فهي في حاجة إلى وضوح وإلى تحديد وبيان هذه واحدة، والثانية: هي أن طريقة التنفيذ التي يطبق بها الدستور، ويتوصل بها إلى جني ثمرات الحكم الدستوري في مصر، طريقة أثبتت التجارب فشلها و جنت الأمة منها الأضرار لا المنافع , فهي في حاجة شديدة إلى تحوير و إلى تعديل يحقق المقصود ويفي بالغاية، وحسبنا أن نشير هنا إلى قانون الانتخاب “2.

ومن هنا يلاحظ الباحث أن هناك تناقض وغموض في فكر البنا تجاه الدستور، وذلك بسبب قبوله أولاً بمبدئ الدستور كوثيقة وعلاقة سياسية، وبين رفضه للدستور المصري بسبب غموضه وعباراته.

وتعقيبًا على الدستور في فكر البنا يقول طارق البشرى “الذي يظهر من أقوال المرشد عن الدستور أن الغموض كان يكتنف أسلوب العمل السياسي للجماعة، ولم ينحسم أبداً في دعوته ما إذا كان يقصد الاصلاح أم الثورة، وإذا كانت الثورة فتنة فكيف يمكن اجراء التغييرات الجذرية في نظام الحكم؟ وبغير الثورة كيف يمكن الاحتفاظ بنظام للحكم يقوم على قواعد مخالفة لمجموعة من الأفكار التي دعت اليها الجماعة مثل الغاء الحزبية، واقامة الخلافة، وتوحيد السلطة، وتغيير كافة القوانين الوضعية”3.

ومما يثير دهشة الباحث ويؤكد التناقض في كلام البنا حول الدستور، هو ذلك التراجع الشديد الذي لاحظه الباحث في كلام البنا حيث يقول” إن الدستور بروحه وأهدافه العامة لا يتناقض مع القرآن من حيث الشورى وتقرير سلطة الأمة وكفالة الحريات وأن ما يحتاج إلى تعديل يمكن أن يعدل بالطريقة التي رسمها الدستور ذاته”3. وبهذه العبارات تبين أن حسن البنا تراجع عن نقده للدستور خوفًا من السلطة القائمة في مصر آنذاك، بحيث لا توجه له السلطة الاتهامات بأنه مناهض للدستور، أو يسعى لإحداث ثورة تطيح بالنظام القائم. ويؤكد ذلك قول الباحثة الغربية حاريز ” أن البنا كان له أسلوب ذو فاعلية واقتدار فهو يؤكد على الطابع الديني للجماعة إذا ما جاء رئيس قوى، ولكنه لا يلبث أن يتعمق في الصراعات السياسية إذا ما جاء رئيس ضعيف”2.

5- التعددية الحزبية: لقد كانت فكرة الحزبية كانت مرفوضة تمامًا عند حسن البنا، على الرغم من أنه يعترف صراحة بأن الإخوان المسلمين جماعة سياسية، إلى جانب عنايتها بالدين والعقيدة، ولكن هذا الرفض جاء نتيجة لعدة أسباب، وفي ذلك يقول حسن البنا” الإخوان المسلمون يعتقدون أن الأحزاب السياسية المصرية جميعا قد وجدت في ظروف خاصة، ولدواع أكثرها شخصي لا مصلحي، ويعتقد الإخوان كذلك أن هذه الحزبية قد أفسدت على الناس كل مرافق حياتهم، وعطلت مصالحهم ،وأتلفت أخلاقهم، ومزقت روابطهم، وكان لها في حياتهم العامة والخاصة أسوأ الأثر، ويعتقدون كذلك أن النظام النيابي، بل حتى البرلماني، في غنى عن نظام الأحزاب بصورتها الحاضرة في مصر، وإلا لما قامت الحكومات الائتلافية في البلاد الديمقراطية، فالحجة القائلة بأن النظام البرلماني لا يتصور إلا بوجود الأحزاب حجة واهية، وكثير من البلاد الدستورية البرلمانية تسير على نظام الحزب الواحد وذلك في الإمكان”3.ومما سبق تبين أن حسن البنا نظر إلى الأحزاب على أنها استثمار سياسي لبناء النفوذ الشخصي، ولم تعد لها من وظيفة سوى تعطيل الإنتاج، وإلهاء الناس، وإفساد القيم، وتمزيق النسيج الاجتماعي الموحد بفكرة الأمة والجماعة، واختلفت آراء المفكرين حول التعددية السياسية عند البنا، إذ يرى الباحث أن هذه الأسباب التي ذكرها البنا سابقًا، لم تكن  هي الأسباب الحقيقة من حل جميع الأحزاب، إذ كان الهدف الحقيقي هو إخلاء الساحة المصرية لحزب وحيد وهو جماعة الإخوان المسلمون، أو تشكيل إطار سياسي جامع يكون فيه للجماعة مركز القيادة، كما يرى آخرون أن الإخوان كان هدفهم السلطة، ولم يكن عندهم برنامج سياسي ملموس ينهض بالأمة في ذلك الوقت، لذلك يقول جاسم سلطان” هل يملك الإخوان المسلمون برنامجًا مختلفًا عن بقية الأحزاب في ذلك الوقت حتى يطالبوا بحل جميع الأحزاب ، أم أن الهدف واحد وهو التهالك على الحكم”4.

كما يرى عبد الإله بالقزيز ” إن الحزبيةـ في هذا المفهوم الذي طرحه البنا ليس في جملة الحقوق السياسية للأفراد والجماعات، وليست مظهراً من مظاهر الحق في التعبير الحر، أو في حرية الرأي، بل هو رديف للتعصب، وللعصيان والتمرد على رأي الجماعة، ولزعزعة الاستقرار السياسي”1.

ويضيف الباحث على ذلك أن مصلحة الإخوان تكمن في عدم وجود أحزاب سياسية تنافس الإخوان المسلمون في دورهم وتمثيلهم الاجتماعي، لذلك فإن السبب الرئيس الحامل على ذلك الموقف من الحزبية، هو الخشية من تصدع وحدة الجماعة، وانقسامها، وغرقها في الفتنة.

6-القانون: إن المطلع على ما كتبه البنا في هذا المجال سيجد أنه قد بين الحكم الشرعي في تطبيق هذه القوانين، فالبنا يرى أن القوانين الوضعية التي تخالف الأحكام الشرعية قوانين باطلة، لا يحل للمسلم أن يحكم بها، أو أن يتحاكم بها، أو أن يلتزم بأحكامها، وفي ذلك يقول” فمن غير المفهوم ولا المعقول أن يكون القانون في أمة إسلامية متناقضًا مع تعاليم دينها، وأحكام قرآنها وسنة نبيها، مصطدماً كل الاصطدام بما جاء عن الله ورسوله”2.

ومن خلال ما سبق تبين للباحث أن القانون في فكر البنا لا يجب أن يختلف مع الأحكام التي جاء بها الإسلام في نصوص واضحة لا تحتاج للشك أو التأويل، لأن القانون يجب أن يكون مستمد من أحكام الشريعة الإسلامية والحدود التي وضعها الله عز وجل، وهذه الحدود كفيلة بأن تردع المجرم حتى ولو اعتاد الإجرام، والذى يحكم بغير أحكام الله فهو كافر طبقاً لقول الله عز وجل ﴿ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون3﴾ فالإسلام في فكر حسن البنا يشمل جميع نواحي الحياة، فالإسلام دين ودولة، لذلك إذا قصرت الإسلام على العبادات فقط، واتبعت غير المسلمين في الشئون الأخرى من الحياة يصبح هذا الإسلام ناقص.

7-المواطنة: مفهوم المواطنة ظل يتردد في أدبيات الإخوان المسلمون ولكن على استحياء، وذلك بسبب تضارب الآراء داخل الجماعة حوله4، وعند الرجوع إلى كتابات البنا، لاحظ الباحث أن مفهوم المواطنة كما ورد في التعريف سابقًا لم يرد في كتابات البنا صريحًا، ولكن أشار إليه تحت مسمى الوطنية على اعتبارها مفهوم يقصد به الانتماء إلى الوطن، ويعتقد الباحث أن السبب في ذلك هو أن المواطنة لم تكن شائعة الاستخدام في تلك الفترة، فالبنا كان يرى أن الإسلام قد اعتبر حب الوطن فريضة من الفرائض5. وعليه يمكن القول بأن المواطنة عند البنا تعنى أن الإنسان يحب وطنه ويدافع عنه إذا ما وقع عليه اعتداء، ولكن الباحث يعتقد أن البنا حينما أشار إلى المواطنة فكان يقصد بها المواطنة التي أساسها رابط العقيدة، وهى على حد وصفه رابطة أقوى من روابط الأرض، واللغة وغيرها من الروابط الأخرى1.

8-الأقليات الدينية: تقدَّم أن الوطنية عند الإخوان تنطلق من العقيدة الإسلامية، وذات مضمون إسلامي؛ ومن خلال استقراء أفكار البنا حول الأقليات الدينية، نجد أنه أكد على أن الإسلامَ دين الوحدة ودين المساواة، وأنه كفل هذه الروابط بين الجميع ما داموا متعاونين على الخير قال الله تعالى: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ ولَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوهُمْ وتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ المُقْسِطِينَ2﴾، وفي رسالة “نحو النور”: يذكر أن الإسلام يحمي الأقليات عن طريق: أنه قدس الوحدة الإنسانية العامة، وقدس الوحدة الدينية العامة بأن فرض على المؤمنين به الإيمان بكل الرسالات السابقة، ثم قدس الوحدة الوطنية الخاصة من غير تعدٍ ولا كبْر، ويري أن هذا مزاج الإسلام المعتدل لا يكون سببًا في تمزيق وحدة متصلة، بل يكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية بعد أن كانت تستمد قوتها من نص مدني فقط، ويذكر أن الإسلام حدد بدقة من يحق للمسلمين مقاطعتهم وعدم الاتصال بهم، وهم الذين يقاتلونهم في الدين ويخرجونهم من ديارهم ويظاهرون علي إخراجهم، يقول: “فإن الإسلام الذي وضعه الحكيم الخبير الذي يعلم ماضي الأمم وحاضرها ومستقبلها قد احتاط لتلك العقبة وذللها من قبل، فلم يصدر دستوره المقدس الحكيم إلا وقد اشتمل على النص الصريح الواضح الذي لا يحتمل لبسًا ولا غموضًا في حماية الأقليات، وهل يريد الناس أصرح من هذا النص: ﴿لا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ3﴾، فهذا النص لم يشتمل على الحماية فقط، بل أوصى بالبر والإحسان إليهم “هذا الإسلام الذي بُني على هذا المزاج المعتدل، والإنصاف البالغ لا يمكن أن يكون أتباعه سببًا في تمزيق وحدة متصلة، بل بالعكس إنه أكسب هذه الوحدة صفة القداسة الدينية بعد أن كانت تستمد قوتها من نص مدني فقط”4.ويؤكد الإمام البنا على الفكرة نفسها في رسالته للشباب، فيقول: “فيخطئ مَن يظن أن الإخوان دعاة تفريق عنصري بين طبقات الأمة”، ويستدل بأن “الإسلام عني أدق عناية باحترام الرابطة الإنسانية العامة بين بني الإنسان، وأوصى بالبر والإحسان بين المواطنين وإن اختلفت عقائدهم، وبإنصاف الذميين وحسن معاملتهم (لهم ما لنا وعليهم ما علينا)، فلا ندعو إلى فرقةٍ عنصريةٍ ولا إلى عصبية طائفية، ثم يؤكد الإمام البنا المعنى السابق للوطنية فيقرر: “ولكننا إلى جانب هذا لا نشتري هذه الوحدة بإيماننا ولا نساوم في سبيلها على عقيدتنا، ونهدر من أجلها مصالح المسلمين وإنما نشتريها بالحق والعدالة والإنصاف وكفى”5.

ومن خلال ما سبق يمكن أن نلخص نظرة البنا إلى الأقليات الدينية، وذلك من خلال الآتي: الجانب العقائدي: وفيه التزم الإخوان بما جاء في القرآن الكريم والسنة من أن أهل الكتاب أرسل الله لهم سيدنا عيسى عليه السلام نبيًا ورسولاً وأنزل معه الإنجيل، وهم أقرب للمسلمين من اليهود فقد قال الله فيهم: ﴿لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا اليَهُودَ والَّذِينَ أَشْرَكُوا ولَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُم مَّوَدَّةً لِّلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ ورُهْبَانًا وأَنَّهُمْ لا يَسْتَكْبِرُونَ 1﴾، وهذا هو المفهوم العام للإخوان.

الجانب المعاملاتي: وفيه اعتبر الإخوان أن الأقباط لهم كافة حقوق المواطنة؛ حيث إنهم جزءٌ من نسيج الوطن، فهم شركاء في هذا الوطن؛ ولذلك جاءت علاقة الإخوان بالأقباط عمومًا علاقة طيبة كباقي فئات المجتمع، ولم يُعكِّرها إلا تدخل بعض المغرضين الذين يكرهون الخير للبلاد، أو متعصبين ضد كل ما هو إسلامي، يحكمهم في ذلك الهوى والحقد الشخصي، أو فئة فهمت الإسلام فهمًا خطئًا.

9-مشاركة المرأة: إن المدقق في رسائل البنا سيجد أن نظرته إلى المرأة تقوم على التفرقة بين الرجل والمرأة من حيث الحقوق والواجبات، نظراً لتباين دور كلاً منهما في المجتمع، وفي ذلك يقول” الفوارق بين المرأة والرجل مرده إلى اختلاف الدور الذي خلق من أجله كل منهما في المجتمع”2 . كما يرى البنا بأن الاختلافات الطبيعية في التكوين بين المرأة والرجل تحتم وجود هذه الفوارق، ويعتقد البنا بأن الرجل عليه واجبات تجاه بناته فعليه أن يعلمهم القراءة والكتابة وتاريخ السلف والحساب، ولا يتبحر الرجل في تعليمه لبناته دراسة الحقوق والقوانين لأن هذا لا نفع منه، ولأن المرأة أولاً وأخيراً للمنزل3. كما يؤمن البنا بأن المجتمع الإسلامي هو مجتمع فردى لا زوجي، بمعنى أن للرجال مجتمعات وللنساء مجتمعاتهن ولذلك نجد أنه حارب الاختلاط واعتبره مقدمة للوقوع في المعاصي، ولم يكتف الأمر على ذلك بل يقف البنا موقفًا معارضًا لمشاركة المرأة في العمل العام لدرجة تصل إلى التحريم4. ويؤكد البنا في رسالة نحو النور هذا الكلام حيث يقول” إعادة النظر بين منهج تعليم البنات ووجوب التفريق بينه وبين منهج الصبيان، وتحريم الاختلاط بين الرجل والمرأة”5.ومن خلال ما سبق تبين للباحث أن البنا نظر إلى المرأة بنظرة المغلاة والتشدد، والأخطر في ذلك أن البنا تحدث عن تلك المواقف كونها موقف الإسلام من المرأة مما يسقط عليها بعدًا دينيًا، والعجيب في الأمر أن المفكرين الإسلاميين الذين جاءوا قبل حسن البنا نظروا إلى المرأة بنظرة مختلفة تماًمًا، إلا أن البنا خالفهم في هذه النظرة، فنجد الشيخ محمد عبده نادى بضرورة تعليم المرأة أسوة بالرجل، وكان ممن يدافعون عن قضايا المرأة في تلك الفترة6.

ولذلك يتعجب الباحث من رأى البنا في هذه المسألة ويتساءل الباحث هل بيئة المجتمع في ذلك الوقت تحتم على البنا هذه النظرة المتشددة تجاه المرأة أم لا.

10-الديمقراطية: إن المدقق في رسائل حسن البنا سيجد اعتراضًا واضحًا وجليًا على الديمقراطية التي كان ينادى بها الغرب، حيث يعتقد البنا أن الديمقراطية في عهده كانت بمثابة ستار لممارسات المستعمر الخبيثة ضد الشعوب لذلك نجده يقول” أما أغنية الديمقراطية والديكتاتورية فأنشودة نعتقد أن الحرب الحالية ستدخل عليها ألحانًا جديدة، وأنغاما جديدة، ولن يكون في الدنيا بعد هذه المحنة ديمقراطية كالتي عهدها الناس، ولا ديكتاتورية كهذه الديكتاتورية التي عرفوها. ولن تكون هناك فاشية ولا شيوعية على غرار هذه الأوضاع المألوفة، ولكن سيكون هناك نظم في الحكم، وأساليب في الاجتماع تبتدعها الحرب ابتداعًا، ويخترعها الساسة اختراعا، ثم يضعونها موضع التجربة من جديد. وتلك سنة الله، ونظام المجتمع1” ويؤكد البنا كذلك في رسائله أن الدول الإسلامية عرفت مفاهيم أشمل من مفاهيم الديمقراطية، وهذه المفاهيم هي (الشورى) وفي ذلك يقول ” كم تريدون أن تثبتوا دعائم الديمقراطية الصحيحة وتقروا مبادئها في الأرض وتعلنوها في الناس شريعة العصر الجديد وثمرة هذا الجهد الجهيد والكفاح الشديد؛ ولكنا نحن المسلمين قد تلقيناها درسا أوليًا في أبجدية ديننا، وفى تاريخ أسلافنا، وطبقناها نظامًا عمليًا على أديم صحرائنا، وفى ظل مضاربنا، وخيامنا، وسجلها الله حكمًا عربيًا في آيات كتابنا، كما نظمناها أدبًا رائعًا في قصيد شعرائنا2“، ومن خلال ما سبق تبين أن الديمقراطية كانت مرفوضة عند حسن البنا، وذلك بسبب تستر الشعوب التي تنادي بالديمقراطية وراءها، إلا أنه في الحقيقة نجد بعض الباحثين  أشاروا إلى البنا بأنه قد قبل بالديمقراطية، مرتكزين الى أفعال البنا على أرض الواقع ومنها:

  • 1- ترشحه للانتخابات النيابية في مصر مرتين.
  • 2- إلقاء البنا محاضرة بمقر جمعية الشبان المسلمين بعنوان: الديمقراطية الإسلامية3.
  • 3- تأكيده على أن النظام البرلماني ينسجم من حيث المبدأ مع نظام الحكم الإسلامي.

ولكن يرى الباحث أن مواقف البنّا وكتاباته لم تعكس موافقة أو تأييد للنظام الديمقراطي، فالديمقراطية ليست مجرد انتخابات ونظام برلماني فحسب، وإنما تتألف من معايير عدّة أخرى لم يكن البنّا يوافق عليها، وأهمها أنه ينفي مبدأ السيادة الشعبية، ويؤكد ذلك في رسائله” أن الحاكم أو المسؤول هو مسؤول أمام الله عن الشعب وحكمه لهم وهل قام بتطبيق الشريعة الاسلامية أم لا. وهذه تعطي الحاكمية لله وتنفي مبدأ السيادة الشعبية، التي هي أساس الحكم الديمقراطي. وبالرغم من موافقة البنّا على مبدأ الانتخابات، لكنه حدد أن على الأمة واجب الاختيار من بين “أهل العقد والحل، أي أن البنّا لا يوافق على مبدأ المساواة في الفرص والمساواة في حق الترشح للجميع، وهذا يناقض المعايير الديمقراطية.

     كما يرى الباحث أن البنا لا يعترف بمبدأ المساواة في المواطنية، ونجد ذلك من خلال أمرين:

1- هو يعتبر أن الاسلام يحمي الاقليات غير المسلمة فقط من باب البرّ والاحسان الى غير المسلمين، وليس من مبدأ احترامهم لحقوقهم المواطنية في الدولة.

2-  بالنسبة للحكومة أو السلطة التنفيذية، يرى البنّا أن الحكومة يجب أن تكون إسلامية بحق، واعضائها مسلمين يؤدون الفرائض الإسلامية، ولا يقومون بمعصية الله ومخالفة أوامر الاسلام، وأن تنفّذ هذه الحكومة أوامر الله والاسلام. وهذا الأمر الأخير ينقض مبدأ السيادة الشعبية أيضًا.

كما تبين للباحث أن البنا يعارض التعدديّة الحزبية، إذ يرى أن الأحزاب السياسية تهدد الوحدة الإسلامية، ودعا إلى حلّها جميعًا ودمج القوى جميعها في حزب واحد، وهذا ضرب لأهم مبادئ النظم الديمقراطية أي التعددية. كما لا يعترف البنّا بالمساواة بين الرجل والمرأة، فيعتقد البنّا ان هناك فرق بين الرجل والمرأة، ونتيجة لذلك فإن المرأة يجب أن تتعلم تدبير المنزل وكيفية تربية الطفل والعلوم الاساسية مثل القراءة والكتابة والحساب ولا حاجة للمرأة للتبحر بالعلوم. وهذا يمسّ بأبسط مبادئ حقوق الإنسان الاساسية التي يقرّها النظام الديمقراطي.

نتائج البحث

بعد إنهاء الباحث لدراسته والتي تحمل عنوان: ” الفكر السياسي عند جماعة الإخوان المسلمون آراء حسن البنا نموذجًا، والتي حاول من خلالها التوصل إلى أهم المواقف في حياة الإمام البنا، ومن ثم عرض الأفكار السياسية، وتوصل الباحث إلى عدد من النتائج هذه النتائج هي:

1-خلصت الدراسة أن حسن البنا اشترك في كثير من الجماعات منذ الصغر، مما ساعده على اكتساب الخبرة الكافية لنشأة جماعة الإخوان المسلمون.

2-اتضح من الدراسة أن الأحداث التي عاصرها حسن البنا كسقوط الخلافة الإسلامية، والهجوم الشرس على الإسلام، ساعداه في توجيه الجماعة نحو الدعوة، ومحاربة الاستعمار.

3- تبين أن السلطة عند البنا مرتبطة بالعقيدة عند الفرد المسلم، وليست بالحدود الجغرافية، أو الإقليمية كما في عقائد الأنظمة المختلفة القائمة.

4- تبين من الدراسة أن الحكومة الإسلامية عند البنا هي ركن من أركان الإسلام، وهذا مخالف لمذهب أهل السنة، كما اتضح أن فكر حسن البنا في مسألة السلطة هو نفسه فكر المذهب الشيعي في الإمامة.

5- من خلال الدراسة تبين أن هناك تناقض وغموض في فكر البنا تجاه الدستور، وذلك بسبب قبوله أولاً بمبدئ الدستور كوثيقة وعلاقة سياسية، وبين رفضه للدستور المصري بسبب غموضه وعباراته.

6- من خلال البحث اتضح أن فكرة الحزبية كانت مرفوضة تمامًا عند حسن البنا، على الرغم من أنه يعترف صراحة بأن الإخوان المسلمين جماعة سياسية، كما أن مصلحة الإخوان تكمن في عدم وجود أحزاب سياسية تنافس الإخوان المسلمون في دورهم وتمثيلهم الاجتماعي.

7- اتضح للباحث من خلال دراسته أن حسن البنا نظر إلى القوانين الوضعية التي تخالف الأحكام الشرعية قوانين باطلة، لا يحل للمسلم أن يحكم بها، أو أن يتحاكم بها، أو أن يلتزم بأحكامها.

8-تبين من الدراسة أن مفهوم المواطنة لم يرد في كتابات البنا صريحًا، ولكن أشار إليه تحت مسمى الوطنية على اعتبارها مفهوم يقصد به الانتماء إلى الوطن.

9-تبين من الدراسة أن البنا نظر إلى الأقليات الدينية من خلال جانبين وهما، الأول: الجانب العقائدي: وفيه التزم الإخوان بما جاء في القرآن الكريم والسنة من أن أهل الكتاب، والثاني: الجانب المعاملاتي: وفيه اعتبر الإخوان أن الأقباط لهم كافة حقوق المواطنة؛ حيث إنهم جزءٌ من نسيج الوطن، فهم شركاء في هذا الوطن؛ ولذلك جاءت علاقة الإخوان بالأقباط عمومًا علاقة طيبة كباقي فئات المجتمع.

10- بينت الدراسة أن البنا نظر إلى المرأة بنظرة المغلاة والتشدد، والأخطر في ذلك أن البنا تحدث عن تلك المواقف كونها موقف الإسلام من المرأة مما يسقط عليها بعدًا دينيًا.

11- اتضح من خلال البحث أن البنا اعترض اعتراضًا واضحًا وجليًا على الديمقراطية التي كان ينادى بها الغرب، حيث يعتقد البنا أن الديمقراطية في عهده كانت بمثابة ستار لممارسات المستعمر الخبيثة ضد الشعوب، كما بينت ممارساته على أرض الواقع عدم قبوله بالديمقراطية.

قائمة المراجع

الكتب

1- إبراهيم، حيدر. على التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية. بيروت: مركز الدراسات للوحدة العربية، 1996م.

2- أبو المجد، عبد الجليل. مفهوم المواطنة في الفكر العربي الإسلامي. المغرب: إفريقيا الشرق، 2010.

3- أبو فارس، محمد عبد القادر. الفقه السياسي عند حسن البنا. القاهرة: دار البشير للثقافة والعلوم 1999.

4- إسماعيل، حمادة محمود. حسن البنا وجماعة الإخوان المسلين بين الدين والسياسة. القاهرة: دار الشروق، 2010.

5- الآمدى، سيف الدين.  غاية المرام في علم الكلام، تحقيق أحمد فريد المزيدي. بيروت: لبنان، دار الكتب العلمية، 2004.

6- أمين، جمعة.  أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين. القاهرة: دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2002.

7- بجك، بسيل يوسف. الدستور في الوطن العربي عوامل الثبات وأسس التغيير،2006.

8- البشرى، طارق. الحركة السياسية في مصر. القاهرة: دار الشروق، 2002.

9- البنا، حسن. مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا. القاهرة: دار الدعوة.

10- البنا، حسن. مذكرات الدعوة والداعية. الكويت: مكتبة آفاق للنشر والتوزيع، 2011م.

11- بيومي، زكريا. الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية المصرية1948-1928. القاهرة: مكتبة وهبة، 1978.

12- التلمساني، عمر. حول رسالة نحو النور. القاهرة: دار التوزيع والنشر الإسلامية، 1985.

الجندي، أنور.  الاخوان المسلمون في ميزان الحق، نقلاً من كتاب الاخوان المسلمون متي، وكيف، ولماذا، لرفعت السعيد.

13-  الجندي، أنور.  حسن البنا الداعية والإمام والمجدد الشهيد. دمشق: دار القلم،2000.

14- الحنفي، عبد المنعم.. موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب السياسية. القاهرة: مكتبة مدبولي، 2005.

15- السعيد، رفعت.  حسن البنا متى وكيف ولماذا. سوريا: دار الطليعة الجديدة، 1997.

16- سلطان، جاسم. أزمة التنظيمات السياسية الإخوان نموذجًا. بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2015.

17- عبد الوهاب، محمد رفعت. النظم السياسية. الإسكندرية: دار الجامعة الجديدة، ب.س.

18- عمارة، محمد.  المشروع الحضاري في فكر الإمام الشهيد حسن البنا. القاهرة: دار التوزيع والنشر الإسلامية، 2006م.

19- عمارة، محمد.  في النظام السياسي الإسلامي. القاهرة: الهيئة العامة لدار الكتب، 2009م.

20- عمارة، محمد. الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده. القاهرة: دار الشروق، 1993.

21- عودة، جهاد.  سقوط دولة الإخوان. القاهرة: كنوز للنشر والتوزيع، 2013.

22- الغزالي، أبي حامد. الاقتصاد في الاعتقاد، تحقيق الدكتورة انصاف رمضان. دمشق: سوريا، 2003.

23- القرضاوي، يوسف. التربية السياسية عند الإمام حسن البنا. القاهرة: مكتبة وهبة،2007.

24- الكليني، الكافي، إيران: طهران، دار الكتب الإسلامية، ب.س.

25- كمال، أحمد عادل. الإخوان المسلمون والنظام الخاص. القاهرة: الزهراء للإعلام العربي 1989.

26- محمد أحمد، عبد العاطي.  الحركات الإسلامية في مصر وقضايا التحول الديمقراطي. القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، 1995.

27- مصطفى، هالة. الإسلام السياسي في مصر من حركة الإصلاح إلى جماعات العنف. القاهرة: وكالة الأهرام للتوزيع، 1992.

28- النفيسي، عبد الله. الفكر الحركي للتيارات الإسلامية. الكويت: شركة الربيعان للنشر والتوزيع، 1995.

كتب باللغة الإنجليزية

(1) Harris Christina, nationalism and revaluation in Egypt. The role of Muslim brother

الدوريات

  • فهمي هويدي، الاسلام والديمقراطية. مجلة المستقبل العربي. العدد 16، 1996م.
  • حسن البنا، الشورى. مجلة المنار. الجزء الخامس. المجلد 35, 1جمادى الثانية 1358ه، 18 يوليو 1939م.

المواقع الإلكترونية

1-حسن البنا، رسالة المــرأة المسـلمة، نشر بتاريخ 29-10-2012م، انظر الرابط الآتي:

http://ikhwanlibya.org

2- حسن الرشيدي، مقالة بعنوان “قراءة في مفهوم المواطنة عند جماعة الإخوان المسلمين” موقع مفكرة الإسلام، أنظر الرابط الآتي:

http://islammemo.cc/print.aspx?id=6273

  • عبد الإله بالقزيز، مقال بعنوان “الدولة الإسلامية في خطاب البنا، نشر بتاريخ1-1-1970م، انظر الرابط التالي:

https://www.dahsha.com

1-جمعة أمين، أوراق من تاريخ الإخوان المسلمين. القاهرة: دار التوزيع والنشر الإسلامية، ط1، 1432ه/2002م، ص143.

2-محمد عمارة، المشروع الحضاري في فكر الإمام الشهيد حسن البنا. القاهرة: دار التوزيع والنشر الإسلامية، ط1، 1427ه/2006م، ص4.

3-المرجع السابق، ص4.

4-جمعة أمين، المرجع السابق، ص151.

محمد عمارة، المرجع السابق، ص5.-5

-رفعت السعيد، حسن البنا متى وكيف ولماذا. سوريا: دار الطليعة الجديدة، ط10، 1997م، ص57.6

7-عبد العاطي محمد أحمد، الحركات الإسلامية في مصر وقضايا التحول الديمقراطي. القاهرة: مركز الأهرام للترجمة والنشر، ب.ط، 1995م، ص34.

1-محمد عمارة، المرجع السابق، ص5.

محد عمارة، المرجع السابق، ص5.2

-رفعت السعيد المرجع السابق، ص58.3

زكريا سليمان بيومي، الإخوان المسلمون والجماعات الإسلامية في الحياة السياسية المصرية1948-1928. القاهرة: مكتبة وهبة، ط1، 1978م، ص74،73. –4

5-محمد عمارة، المرجع السابق، ص42.

6-محمد عمارة، المرجع السابق، ص7.

حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية. الكويت: مكتبة آفاق للنشر والتوزيع، ط1، 1433ه/2011م، ص63.-1

-محمد عمارة، المرجع السابق، ص7.2

3-محمد عمارة، المرجع السابق، ص9.

هالة مصطفي، الإسلام السياسي في مصر من حركة الإصلاح إلى جماعات العنف. القاهرة: وكالة الأهرام للتوزيع، ط1، 1992م، ص88.-4

طارق البشري، الحركة السياسية في مصر. القاهرة: دار الشروق، ط2، 1923ه،2002م، ص109.1

2-أنور الجندي، حسن البنا الداعية والإمام والمجدد الشهيد. دمشق: دار القلم، ط1، 1421ه،2000م، ص24.

جهاد عودة، سقوط دولة الإخوان. القاهرة: كنوز للنشر والتوزيع، ط1، 2013م، ص21.3

المرجع السابق، ص19.-4

حمادة محمود إسماعيل، حسن البنا وجماعة الإخوان المسلين بين الدين والسياسة. القاهرة: دار الشروق، ط1، 2010م، ص146،143.5

جهاد عودة، المرجع السابق، ص20.-6

حسن البنا، مذكرات الدعوة والداعية، مرجع سابق، ص178.-1

2-زكريا سليمان بيومي، مرجع سابق، ص134،132.

المرجع السابق، ص284.3

1-عبد المنعم الحنفي، موسوعة الفرق والجماعات والمذاهب والأحزاب السياسية. القاهرة: مكتبة مدبولي، ب.ط، 2005م، ص142.

1-حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع سابق، ص231.

2-حيدر إبراهيم، مرجع سابق، ص192.

3-حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع سابق، ص103.

1-حيدر إبراهيم، مرجع سابق، ص197،196.

2-حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع سابق، ص 229.

3-حيدر إبراهيم، على التيارات الإسلامية وقضية الديمقراطية، مرجع سابق، ص200.

4-عبد الله فهد النفيسي، الفكر الحركي للتيارات الإسلامية. الكويت: شركة الربيعان للنشر والتوزيع، ط1، 1995م، ص34.

5-سيف الدين الآمدى، غاية المرام في علم الكلام، تحقيق أحمد فريد المزيدي. بيروت: لبنان، دار الكتب العلمية، ط1، 1424ه،2004م، ص309.

6-محمد أبي حامد الغزالي، الاقتصاد في الاعتقاد، تحقيق الدكتورة انصاف رمضان. دمشق: سوريا، ط1، 1423ه، 2003م، ص169.

الكليني، الكافي. إيران: طهران، دار الكتب الإسلامية، ط4، ج2، ب.س، باب دعائم الإسلام ص18.7

حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا. القاهرة: دار الدعوة، ط1، ب.س، ص110.1

طارق البشري، الحركة السياسية في مصر. القاهرة: دار الشروق، ط2، 1923ه،2002م، ص122،121.-2

محمد عمارة، في النظام السياسي الإسلامي. القاهرة: الهيئة العامة لدار الكتب، ط1، 1430ه،2009م، ص42،41.3

حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع سابق، ص104.1

المرجع السابق، ص105.-2

-طارق البشري، الحركة السياسية في مصر، مرجع سابق، ص59.3

Harris Christina, nationalism and revaluation in Egypt. The role of Muslim brother Hood. P.1821

2-حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع السابق، ص112،111.

3-جاسم سلطان، أزمة التنظيمات السياسية الإخوان نموذجًا. بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، ط1، 2015م، ص268.

4-عبد الإلهبالقزيز، مقال بعنوان “الدولة الإسلامية في خطاب البنا، نشر بتاريخ1-1-1970م، أنظر الرابط التالي:

https://www.dahsha.com

5-حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع السابق، ص106

سورة المائدة، آية:44.3

4-حسن الرشيدي، مقالة بعنوان “قراءة في مفهوم المواطنة عند جماعة الإخوان المسلمين” موقع مفكرة الإسلام، أنظر الرابط الآتي:

http://islammemo.cc/print.aspx?id=6273

5-حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، مرجع السابق، ص 10.

عبد الجليل أبو المجد، مفهوم المواطنة في الفكر العربي الإسلامي. المغرب: إفريقيا الشرق، ط1، 2010م، ص136.1

2-سورة الممتحنة، أية 8.

سورة الممتحنة، أية 8.3

-عمر التلمساني، حول رسالة نحو النور، مرجع السابق، ص 110،109.4

حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، المرجع السابق، ص136.-5

سورة المائدة، أية82.1

2-حسن البنا، رسالة المــرأة المسـلمة، نشر بتاريخ 29-10-2012م، أنظر الرابط الآتي:

http://ikhwanlibya.org

المرجع السابق.3

4 -المرجع السابق.

5- عمر التلمساني، حول رسالة نحو النور،مرجع السابق، ص 67،66.

6-محمد عمارة، الأعمال الكاملة للإمام الشيخ محمد عبده. القاهرة: دار الشروق، ط1، 1993م، ج2، ص79.

حسن البنا، مجموعة رسائل الإمام الشهيد حسن البنا، المرجع السابق، ص162.1

2-مجلة المنار، الجزء الخامس، المجلد 35، 1جمادى الثانية 1358ه، 18 يوليو 1939م، ص41،34.

3-فهمي هويدي، الاسلام والديمقراطية، مجلة المستقبل العربي، العدد 16، 1996م، ص22.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى