الدراسات البحثيةالمتخصصة

الأمن الطاقوي في الشرق الأوسط على محك تنظيم الدولة الإسلامية: العراق وسوريا نموذجا

اعداد : فني كنزة – باحثة في العلوم السياسية – جامعة قالمة

  • المركز الديمقراطي العربي

 

 

تزايد الطلب على الموارد الطاقوية وتزايد معه مستوى انجراحيتها، فقد غدا الأمن الطاقوي من أبرز اهتمامات الدول بعد تغير البيئة الأمنية لفترة ما بعد الحرب الباردة فقد ، التي أصبحت عرضة للعديد من التحديات التي قد تتسبب في انقطاع الموارد الطاقوية وعلى رأسها النفط، خاصة في منطقة الشرق الأوسط;وعلى رأسها العراق وسوريا، حيث يعتبر تنظيم الدولة الإسلامية من أهم التهديدات اللاتماثلية التي استهدفت البنية التحتية للطاقة حيث استولت على العديد من الآبار والحقول النفطية ومراكز التكرير، كما قامت بتفجير خطوط الأنابيب  وهوما أثر بدوره على الأمن الطاقوي الإقليمي والدولي.

Abstract :

Since the need for energy has grown ; the vulnerability of energy resources has grown too, therefore energy security has became one of the most important states concerns in the post cold war area, ,and this vulnerability can lead to  energy interruption, especially oil in middle east such as Iraq and Syria ,and the Islamic State is considered as one of the most interesting asymetric threats that aims to destroy energy infrastructure, and it has control on oil field and refineries, also it has explosed pipelines, and that what influence energy security in its turn.

مقدمة:

أصبح الأمن الطاقوي من أهم القضايا التي تحتل الأجندة الأمنية للدول، المنتجة والمستهلكة على حد سواء، خاصة تلك التي تحظى بحصة الأسد من الموارد الطاقوية والمتمثلة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وفي ظل التغيرات التي شهدتها البيئة الأمنية الجديدة لفترة ما بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر ، والدور المتنامي للفواعل اللاتماثلية ، أصبح الأمن الطاقوي  للعالم العربي عموما ولدول الشرق الأوسط مهددا بشكل كبير.

و يعد تنظيم الدولة الإسلامية من أهم التهديدات الللاتماثلية التي ظهرت وتفعل دورها بالتوتر واللاستقرار الذي شهدته دول المنطقة، واستطاع هذا التنظيم المساس بالأمن الطاقوي من خلال تأثيره على البنية التحتية للطاقة، إمّا بتخريبها أو بالإستيلاء عليها، والتي تعتبر أهم ضامن لاستمرارية إنتاج االمواد الطاقوية وتوزيعها، و بالتالي فالإشكال المطروح هو:

كيف أثر تنظيم الدولة الإسلامية على البنية التحتية للطاقة، وهدد بذلك الأمن الطاقوي في الشرق الأوسط؟

وتمّ تقسيم الدراسة إلى ثلاث محاور:

المحور الأول: مدخل معرفي للبنى التحتية للطاقة.

المحور الثاني: التعريف بماهية تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام.

المحور الثالث: كيفية تأثير التنظيم على البنية التحتية للطاقة و تهديد الأمن الطاقوي، وذلك من خلال دراسة حالة كل من العراق وسوريا .

المحور الرابع: مستقبل أنشطة  تنظيم الدولة الإسلامية في مجال النفط في الشرق الأوسط.

المحور الأول: البنية التحتية للطاقة:

تسهم البنية التحتية للطاقة بالحفاظ على الأمن الطاقوي والإقتصادي، فتخريب هذه البنية أو انقطاع توزيع النفط من خلالها سيكون له تأثير على بقاء الفرد و الدولة والنظام الدولي على حد سواء وتضم البنية التحتية للطاقة العديد من الهياكل والتجهيزات، مولدات الكهرباء، ونظام النقل والتوزيع وخطوط الأنابيب، حاملات النفط ومراكز التكرير، وأجهزة المعالجة و التحويل…

وتوجد مجموعة من الآليات لحماية البنى التحتية:

  • توفير الحلول المدمجة لحماية البنية التحتية، من خلال دمج جهود المنتجين والعاملين والمستهلكين في هذا القطاع، من أجل تعزيز وتقوية أداء التجهيزات، والتأمين والوقاية من المخاطر للحد من التأثير، فالحلول المدمجة تساعد العاملين على تعزيز نظام التزويد من خلال إدارة المخاطر؛
  • محاكاة استقلالية البنى التحتية وتحليل مستوى الإنجراحية ، ممّا يسهل على صناع القرار فهم وتحديد مستوى التعرض للتهديد وتحديد طبيعة هذا التهديد، وبالتالي تحديد التهديدات التي تمس العاملين و الوكالات الدولية للطاقة؛
  • تشخيص ومراقبة البنى التحتية، وهذا بالاعتماد على التكنولوجيات المتطورة مثل نظام القياس في المساحات الشاسعةsystem the wide area measurement، من أجل الكشف القبلي عن الفشل والتهديد المحتمل الذي قد يصيب البنى التحتية.(1)

خطوط أنابيب النفط و الغاز في الشرق الأوسط:

تعتبر شبكة خطوط أنابيب النفط و الغاز في الشرق الأوسط أكثر منها تعقيدا في شمال إفريقيا ولدراسة البنية التحتية للطاقة في الشرق الأوسط يتم تقسيم الدراسة و تتمثل الدول المنتجة في السعودية  إيران، العراق، اليمن، مصر، و شرق المتوسط.

السعودية: تمتلك السعودية نظام خطوط أنابيب بطول يصل إلى 17 ألف كلم، و معظمها متوجهة من مراكز الإنتاج إلى الجانب الغربي للتوزيع، وموانئ البحر الأحمر، وشمال العراق، وترتبط هذه الخطوط بمراكز التصفية مثل: رأس التنورة، الرياض، وجدة، و تقدر القدرة الإنتاجية للنفط في المملكة بـ 1,6 مليون برميل يوميا، كما يعتبر خط الأنابيب شرق غرب من أهم الخطوط و الذي يمتد على طول 1170كلم، بقدرة 5مليون برميل يوميا، وخط أنابيب آخر للغاز بقدرة 290ألف برميل معادلة بالنفط، وهو أطول خط أنابيب في المملكة.

توجد خطوط أنابيب أخرى لم تعد مستعملة بسب الظروف السياسية، فقد تّم إيقاف خط الأنابيب الرابط بين السعودية والعراق على إثر غزو صدام حسين للكويت في 1990، كما أنّ هنالك مشروع لإنجاز خط أنابيب يربط بين السعودية والبحرين على بعد 115كلم. خارطة.

العراق:أهم ما يميز الموارد الطاقوية في العراق هو أنّها تتمركز في إقليم كردستان، أي المنطقة الشمالية كما تتواجد بعض حقول النفط في الجنوب بالقرب من الخليج الفارسي، وأهم طرق النقل تمر عبر الخليج الفارسي وتركيا، أمّا مراكز التكرير فتتموقع في وسط العراق، لذلك فخطوط الأنابيب تربط بين كركوك وبغداد والميناء في الجنوب، وتتجه نحو تركيا، وأهم خط أنابيب هو الذي يربط بين حقل كركوك والخليج الفارسي ويمر عبر بغداد، و أيضا خط الأنابيب الذي يربط بين العراق وتركيا، ويوجد خطين آخرين، أحدهما تسيطر عليه الحكومة العراقية، والآخر تمّ إنشاؤه من طرف حكومة إقليم كردستان، في 2014، والذي أصبح يصدر لتركيا، حيث في سبتمبر وصل حجم التصدير إلى 602ألف برميل يوميا، وتمّ إنشاء خط أنابيب آخر يربط العراق بسوريا، لكنه توقف عن النقل عند بداية الحرب الأهلية في سوريا، وظهور ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية.

اليمن:إنّ مايجعل شبكة خطوط الأنابيب في اليمن مختلفة عن باقي الشبكات هو أنّها تقع بعيدا عن باقي شبكات الدول المجاورة، حيث توجد ثلاث خطوط أنابيب تمتد من مركز اليمن إلى الموانئ الغربية والجنوبية، كما يوجد خط أنابيب لنقل المواد الخامة في الجنوب الشرقي، ولكن تأزم الأوضاع السياسية والاقتصادية ، والحرب الداخلية بين الفصائل بالإضافة إلى الحرب الأهلية مابين الحوثيين وقوات النظام أدى إلى تعطيل هذه الخطوط عن العمل.(2)

مصر وشرق المتوسط:على الرغم من أنّ مصر هي أصغر مصدر للموارد الطاقوية النفطية مقارنة بالدول سالفة الذكر، إلاّ أنّ البنية التحتية للطاقة متطورة إلى حد ما، و ترتبط مصر مع كل من الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين بخط أنابيب واحد يسمى بخط العربArab pipeline، ولكن مع الوضع السياسي المتأزم الذي شهدته كل من مصر وسوريا ، أدى ذلك إلى توقف هذا الخط نسبيا عن نقل النفط، و في 2011، تمّ تفجير جزء من هذا الخط.

دول العبور:تعتبر تركيا أهم دولة عبور، حيث يمر عبرها ما يقدر بـ70بالمئة من النفط والغاز، وأهم خطوط الأنابيب التي تربطها بالشرق الأوسط هي خط أنابيب العراق-تركيا،وخط الأنابيب الكردي.(3)

المحور الثاني: تنظيم الدولة الإسلامية:

تمّ التوصل إلى ثلاث مقاربات من طرف الأكاديميين حول ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية، وتتمثل هذه المقاربات في :

المقاربة الأولى : السياق  وعوامل تشكل تنظيم الدولة الإسلامية:

ترتبط هذه المقاربة بعوامل التشكل والأبعاد المتعددة المرتبطة بالظهور والنشأة، فمن الناحية الاجتماعية هنالك انفجار ديمغرافي وبطالة ومستوى تعليمي متدني وغيرها من الظروف البيئية المساهمة في عملية ظهور التنظيم، أما من الناحية السياسية فالشعوب تعاني من الاستبداد السياسي، وصاحب ذلك فشل الدولة الوطنية في تحقيق التنمية الشاملة والمتوازنة، وبالتالي تغييب القدرة على جسر الهوة بين التمايزات الهوياتية والتركيبات المجتمعية المتعددة والمختلفة، والتوزيع غير العادل للثراوات …، أما من الناحية التاريخية، فقد أتاحت المجازر والحروب الأهلية ، والمد الاستعماري الذي شهدته المنطقة العربية،بالإضافة إلى موجة الهجرات و اللاجئين…، كلها عوامل أدت إلى توفير الجو الملائم لظهور الفكر المتطرف، فالمقاربة السياقية متعددة الأبعاد لها الدور البارز في فهم بعض ثنايا التنظيمات المتطرفة، بالإضافة إلى معرفة عوامل التشكل و تفعيل الدول و ضمان الاستمرارية.

المقاربة الثانية: النصوص الدينية والفقهية:

تحال نشأة تنظيم الدولة الإسلامية إلى النصوص الدينية والفقهية، التي تعتبر كركيزة فكرية  ومرجعية ثقافية التي ترسم مسار نشاط التنظيم وترسم المنظومة التسييرية و العملياتية له، حيث أنّها السند الفكري الذي ينطلق منه ويتم الرجوع إليه في كل الحالات، ولكن تطرح تساؤلات حول لما لم تنشأ تنظيمات من هذا القبيل من قبل؟ ولماذا غيبت التفسيرات الدينية والفقهية عن هذه التنظيمات في وقت سابق.(4)

المقاربة الثالثة: المقاربة الاجتماعية والنفسية:

تركز على التكوينات النفسية و المجتمعية و الاجتماعية لقادة التنظيم، وتحديد كيفية تأثيرهم في بنية التنظيم ، وتأثرهم بها، حيث هنالك تأثير متبادل من حيث التركيب والدور.

المقاربة الرابعة: ماهية تنظيم الدولة الإسلامية في حد ذاته:

يعتبر تنظيم الدولة الإسلامية طفرة في تاريخ الحركات الجهادية العالمية، من خلال الأفعال والأنشطة التي يقوم بها هذا التنظيم، وقدرته على التوسع والسيطرة على العديد من الأقاليم، من خلال اعتماد العديد من الإستراتيجيات، وقد أغفلت هذه المقاربة العامل الإعلامي، الذي أكسب التنظيم زخما إعلاميا كبيرا، وجعل له صيت مسموع على الساحة الإقليمية و الدولية على حد سواء.

ولفهم هذا التنظيم يجب الاستعانة بكل هذه المقاربات، ففهم التنظيم يرتبط بفهم الأفكار والبنية الفكرية للتنظيم، فهنالك تطور ملحوظ في الإطار المفاهيمي للجهاد العالمي، خاصة ما ارتبط منها بالقيادة المركزية، وأيضا الوسائل المستخدمة تجاوبا مع الظروف التي فرضت نفسها في البيئة الداخلية والخارجية، بالإضافة إلى أن شعار “الحكم بما أنزل الله”، هو جوهر البنية الفكرية للجهاد العالمي عموما ولتنظيم الدولة الإسلامية خصوصا.

فسيطرة تنظيم الدولة الإسلامية هو نتاج سياقات مركبة تداخل فيها الواقع مع النص، وأيضا النص مع الواقع، فالتنظيم استمر في مسار الجهاد، ولكنه تبنى أساليب وتقنيات جديدة، واستراتيجيات جهادية حديثة  كون جذوره تمتد في معارضة خصومه الإخوان المسلمين، مرورا بالسيد قطب، وأئمة الدعوة النجدية، وحركية الجهاد العالمي وفقهائه، بالإضافة إلى السياقات السياسية شديدة التعقيد في المنطقة، وأيضا سياق تشكل الدولة الوطنية التي ورثت الاستعمار ، إلى جانب التحدي  العربي و التدخل الأجنبي ، وانتهاك قيم الجماعات و أعرافها ، وإهانة المعتقدات و الصراعات الإثنية والعرقية. (5)

المحور الثاني: ماهية تنظيم الدولة الإسلامية:

إعلاميا يطلق عليها “داعش”، وهي امتداد لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق وعلى رأسها أبو عمر البغدادي (حامد داود الزاوي)، في 15أكتوبر2006، وفي 19أفريل 2010، قتل أبوعمر البغدادي ووزير الحرب أبو حمزة المهاجر، ثمّ تمت مبايعة أبو بكر البغدادي (إبراهيم عوان إبراهيم البدري السامراني)، أميرا لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق، وبعدها قرر دخول سوريا، و بدأت عمية التجنيد الفكري قبل التجنيد العسكري.

بدأت عناصر التنظيم بالقتال ضد الجيش السوري والسيطرة على المنطقة الشرقية التي تتصل جغرافيا بالموصل والأنبار في العراق، وتتميز هذه المنطقة بكثرة الحركات الإنفصالية، ودعا البغدادي إلى توحيد الدولة الإسلامية في العراق والشام “داعش”، في 8أفريل 2013، كردة فعل على جبهة النصرة بقيادة الجولاني، وتمردا على تنظيم القاعدة بقيادة أيمن الظواهري.

و اعتمد التنظيم في ذلك على مجموعة من الإستراتيجيات :

  • فرض البيعة للأمير على كل من يحمل السلاح ضد الأسد في الجبهة السورية؛
  • بسط نفوذ التنظيم و توسيع فروعه في العالم الإسلامي، تقليدا لاستراتيجية أسامة بن لادن، لجعل التنظيم ظاهرة دولية وحركة عالمية؛
  • التمويل الذاتي من خلال السيطرة على آبار النفط في العراق و في سوريا، خصوصا المنطقة الشرقية على غرار آبار الرقة والزملة والطبقة، وما حولها من الحقول على غرار حقل الثورة، والجبسة، وكونيكو، والجفرة…، و إحكام السيطرة على مخازن الحبوب في سورية، وأخذ الإتاوات من قطاع الطرق، والفديات من وراء إختطاف الصحافيين والسياح الأجانب، والتجار والشركات النفطية الأجنبية، والمتاجرة بالأسلحة المحرمة دوليا، وبالمخدرات، وبأعضاء البشر…. (6)

المحور الثالث: تنظيم الدولة الإسلامية و تهديد البنى التحتية للطاقة

تقوم الفواعل العنيفة من غير الدولviolent– states actors non في محاولتها لفرض سيطرتها و تأسيس استقلاليتها باستعمال العديد من الأساليب و التكتيكات، مثل الخطف والقتل والاغتيال والإكراه…، مع الاستهداف المباشر للقطاع العسكري، والإعداد والإشراف على العمليات السياسية والعسكرية، بالإضافة إلى استهداف البنى التحتية للطاقة، وتعتبر من أهم الإستراتيجيات لمحاربة مصالح الأنظمة، وإضعاف قدراتها العسكرية، كون الأنظمة الطاقوية هي مصدر القوة الاقتصادية  وكذلك مصدر للضعف، ففي العديد من الدول التي تعرضت لهجومات لاتماثلية ، كانت البنية التحتية فيها هي المستهدف الأول، أو وسيلة للحرب، وهذا يعود لثلاث أسباب رئيسية:

  • البنية التحتية ككل التي تتجسد في صناعة النفط والمواد المكررة معقدة ومعرضة للاستغلال والتخريب من طرف الفواعل العنيفة من غير الدول، فعلى سبيل المثال الشاحنات التي تحمل المواد المكررة على مسافات طويلة، التي تكون سهلة التفجير، تستهدف من طرف هذه الفواعل إمّا كمصدر للعائدات، أو استعمالها في مضاعفة القدرة القتالية والعسكرية، فحتى جزء صغير من هذه المواد كفيل بإحداث خسائر معتبرة، وفي هذا السياق قدم المعهد العسكري لسياسات البيئة army environmental policy institue أنّ نسبة 10إلى 12 من الجرحى الأمريكيين في أفغانستان والعراق كانت بسبب هذه المواد المكررة القابلة للتفجير، وأيضا حسب نظام النقل الأمريكي US Transportation Command “USTRANSCOM”، أنّ محطات النقل تمّ استهدافها أكثر من 1100مرة خلال 2010، و يضم هذا العدد تفجير خطوط التزويد بالمواد الكربونية والنفطية، وأيضا قواعد إنتاج، وما بين 2003و 2007 تمّ قتل أكثر من 3000 جندي و قناص أمريكي في العراق وأفغانستان باستعمال الوقود والماء المكرر، الذي يتم نقله من مراكز الإنتاج إلى مراكز التوزيع و الاستهلاك.
  • الهجومات اللاتماثلية ضد البنية التحتية للطاقة على غرار خطوط الأنابيب pipelines يتسبب في خسارة كبيرة ومعتبرة للحكومات والأنظمة ،كما أنّها تشكل تهديد مباشر للمصالح الاقتصادية والطاقوية، ممّا يؤدي إلى إضعاف القدرات العسكرية، كما أنّ النفط يمكن تحويله مباشرة من خطوط الأنابيب لصالح الفواعل العنيفة غير الدولاتية، فالأنظمة الطاقوية الممركزة والتي تتحكم فيها الحكومات يمكن تعرضها للهجوم، ممّا يؤدي إلى إضعاف مصداقية الدول أمام مواطنيها والمستثمرين، و بذلك تؤثر على استقرارها النقدي والاقتصادي، فعلى سبيل المثال القوات الثورية الكولومبية المسلحةrevolutionary armed forces of Colombia  نفذت مايزيد عن 239 هجوم ضد البنى التحتية الطاقوية، وبالخصوص خطوط الانابيب، مثل Cano-Limon-Covenas pipeline، والذي يعتبر ثاني أهم خط أنابيب في كولومبيا، و في باكستان قام متمردو بالوكشBalochs بتنفيذ هجوم على الحكومة وعلى الشركات الأجنبية للبنى التحتية مثل خطوط أنابيب الغاز، فمنذ 2000كان هنالك حوالي 515هجوم على البنى التحتية للطاقة في باكستان. (7)
  • العمليات التي تقوم بها الفواعل العنيفة من غير الدول في المناطق الغنية بالموارد الطاقوية مثل الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تشكل تهديدا على أسعار الطاقة، فهذه الجماعات على غرار القاعدة وتنظيم الدولة الإسلامية، تحقق أهدافها من وراء الهجوم على البنى التحتية للطاقة، فالحرب الاقتصادية وتدمير البنى التحتية للطاقة هو من ضمن أولويات هذه التنظيمات فبعد تدخل الولايات المتحدة الأمريكية في أفغانستان والعراق، نادى تنظيم القاعدة بالجهاد واستهداف الموارد الطاقوية، من أجل إضعاف القدرات العسكرية للغرب.

فما بين عام 2000و 2014  سجل حوالي 463 هجوم على البنى التحتية للطاقة في الشرق الأوسط، و شمال إفريقيا، خاصة في العراق واليمن ، وفي 2006 حاولت القاعدة الهجوم على أكبر منتج للنفط في السعودية بالبقيع، فلو استطاعت تنفيذ الهجوم لمست الخسائر النفط السعودي، وأيضا مصالح الغرب النفطية، من خلال زعزعة الأسواق العالمية للنفط، والزيادة الرهيبة في الأسعار.21(8)

تأثير تنظيم الدولة الإسلامية على العراق وسوريا:

        من أهم الخصائص المميزة لتنظيم الدولة الإسلامية، هو استهدافها للموارد الطاقوية على الرغم من أنّه تنظيم حديث النشأة، فقد استهدف البنية التحتية للنفط في إقليم كردستان العراق في شمال العراق من أجل إضعاف الحكومة المستقلة للأكراد، وفي مارس 2015، قام مقاتلي التنظيم بإضرام النار في آبار النفط بالقرب من منطقة تكريت، من أجل عرقلة هجوم للميليشيات الشيعية والقوات الحكومية، وقد وضع التنظيم مصفاة بيجي نصب الأعين، كونها أكبر مصفاة نفط في العراق، فمنذ 2014 والتنظيم يقاتل من أجل السيطرة عليها، وفي 2015 أحكم التنظيم سيطرته على جزء منها، وقطع خطوط التزويد الحكومية وفي ماي في نفس السنة قام بإضرام النار في جزء كبير من المصفاة، لمنع القوات الحكومية العراقية من التقدم، فمصفاة بيجي هي أحد أعمدة الاقتصاد العراقي، فقبل 2014 كانت تنتج أكثر من نصف المواد المكررة في العراق، وتقدر عائدات المواد المكررة بملايين الدولارات، و بالتالي أضعفت القدرات العسكرية العراقية.(9)

كما قام التنظيم باستهداف شبكة الغاز والنفط في كل من العراق وسوريا، فمنذ 2014، قام بجهود إستراتيجية لإحكام السيطرة على المنطقة، وأيضا للسيطرة على القدرات الإنتاجية الطاقوية الإقليمية للنفط فقد قام بتنظيم العديد من العمليات العسكرية في المناطق الإستراتيجية، في شمال العراق و مصادرة حقول النفط ومحطات التكرير في المناطق الإستراتيجية، في شمال العراق ومصادرة حقول النفط ومحطات التكرير، ومن بينها محطة بيجي التي تصل طاقتها الإنتاجية من 50000إلى 100000  برميل يوميا من النفط، وبالتالي تحولت إلى مصدر تمويل للتنظيم من خلال المبيعات التي تمّت على مستوى السوق السوداء بأسعار زهيدة.

وكإستراتيجية مضادة لإستراتيجية التنظيم، قامت الولايات المتحدة الأمريكية بتوجيه ضربات جوية للبنى التحتية على غرار محطات التكرير من أجل القضاء على مصادر التمويل، التي تزيد من قوة التنظيم، و بين عامي 2014 و 2015 تمّ تدمير حوالي 26 بنية تحتية للنفط عبر سوريا والعراق، لذلك فإنّ أنشطة الفواعل العنيفة من غير الدول على غرار تنظيم الدولة الإسلامية أدى فعليا إلى تهديد الأمن الطاقوي، وهو ما أدى بدوره إلى إضعاف القدرات العسكرية والاستقرار الاقتصادي للدول، خاصة تلك الغنية بالموارد الطاقوية، على غرار الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، لذلك فإنّ الفواعل العنيفة من غير الدول تقوم بمايلي:

  • البنى التحتية للطاقة يمكن استغلالها كأسلحة مادية و استعمالها من أجل الضغط على الحكومات و إضعاف شرعيتها؛
  • الفواعل العنيفة من غير الدول تستهدف الشركات الاستثمارية الخارجية التي تعتبر أداة لاستغلال الموارد الطاقوية؛
  • الفواعل العنيفة من غير الدول تهدد مصالح  القوى الكبرى من خلال السيطرة على البنى التحتية للطاقة، على غرار آبار النفط وعلى الهياكل الطاقوية، التي تنجر عنها أموال طائلة؛
  • في العمليات المضادة للتمرد يجب التركيز على البنى التحتية للطاقة، على اعتبار أنّ الفواعل العنيفة من غير الدول سوف تقوم باستهداف خطوط أنابيب النفط، وشاحنات النقل، ومراكز الشحن… فعلى الحكومة التركيز على حماية هذه البنى لتفادي الخسائر الطاقوية والمادية والبشرية.(10)

فمنذ تأسيس تنظيم الدولة الإسلامية و حتى السنوات الأخيرة، حققت مكاسب  معتبرة من خلال التأثير على القدرات الإنتاجية للقوى النفطية الإقليمية، وشن العمليات العسكرية على المناطق الإستراتيجية الغنية بالنفط في شمال العراق، ففي جوان 2014 بعد سقوط الموصل، سيطر التنظيم على حقول النفط ومراكز التكرير شمال العراق، والسيطرة على جزء من مصفاة بيجي، وفي منتصف جوان سيطرت على حقل نجمة بالقرب من الموصل، واتجهت إلى الجنوب باتجاه تكريت، وأحكمت سيطرتها على حقل هيميرين، وآجيل، الذي يعتبر وحدة إنتاج نفطية، بما يقارب 25000برميل يوميا، و150 مليون مكعب من الغاز يوميا، وأكد الخبراء على أنّ تنظيم  الدولة الإسلامية حازت على مايقارب 300إلى 500 برميل من النفط من كل مركز تكرير، وهو ما يوفر عائدات تقدر بـ1إلى 3 مليون دولار.

وهناك تقديرات على غرار تلك التي قدمها مسرور البرازاني مسؤول كردستاني، أنّ العائدات لا تصل إلى 6مليون دولار كما قام تنظيم الدولة الإسلامية بتخريب البنى التحتية للنفط، المستخدمة من طرف قوات البشمركة الكردية في شمال العراق، لتدمير المصدر الممول للأكراد، كما قام التنظيم بالسيطرة على حقل عين زالا في ريف نينوى، الذي يصل انتاجه النفطي إلى حوالي 20ألف برميل يوميا، و احتياطي يقدر ببليون برميل. (11)

وكون العراق خامس احتياطي للنفط على المستوى العالمي، والثالثة على مستوى الشرق الأوسط بعد السعودية وإيران، فإنتاجها اليومي كان يقارب 3,4 مليون برميل بحوالي 4بالمئة من الإنتاج الكلي ففي تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية المعنون بـ تقرير النفط للمدى القصير meduim term oil report  لـ2014، توقعت أنّ العراق سوف تسهم بثلاث أخماس في إنتاج النفط على مستوى منظمة OPECإلى غاية 2019، وأكثر من نصف الإنتاج المحلي الخام، الناتج عن قطاع النفط، ويشغل حوالي 40بالمئة من اليد العاملة ، وعائدات النفط الحكومية من النفط تصل إلى نسبة 93بالمئة.

فتنظيم الدولة الإسلامية تعتمد على الثروة النفطية لتمويل مختلف الأنشطة والعمليات التي يقوم بها، حيث أنّه يحكم السيطرة في الشمال كما تمت الإشارة سابقا، حيث أنّ سعر البرميل في أكتوبر2014كان يتراوح بين  80و 85 دولار للبرميل، لكن بسبب تحكم تنظيم الدولة الإسلامية في جزء من تجارة النفط في الشرق الأوسط وبيعه عبر السوق السوداء، وصل بذلك السعر إلى 30دولار للبرميل، و يتم توظيف المبالغ المالية في عمليات التجنيد التي أصبح يشكل فيها تنظيم الدولة الإسلامية المنافس الأكبر مع باقي التنظيمات الجهادية، كونها تدفع أسعار أكبر.

و بتضرر العراق من تنظيم الدولة الإسلامية تضررت معها باقي الدول التي تربطها علاقات تجارية في مجال النفط على غرار الأردن، ولبنان، وتركيا، فالصراع أدى إلى تخريب خط أنابيب كركوك-تركيا، وبالتالي توقف تدفق النفط إلى تركيا، و منذ أن أحكم تنظيم الدولة الإسلامية سيطرته على الحدود مابين سوريا و العراق تراجعت نسبة الصادرات و الواردات ، إن لم نقل انعدمت من العراق نحو سوريا خاصة و أنّ التنظيم يسيطر على العديد من حقول النفط السورية التي تشكل حوالي 60 بالمئة من إنتاج النفط السوري، وبالتالي فتنظيم الدولة الإسلامية في ظل الظروف المعقدة في كل من سوريا والعراق، وطبيعة النزاعات الداخلية تمكن من تعزيز سيطرته على البنية التحتية للطاقة و بالخصوص النفط،و بذلك هدد الأمن الطاقوي والاقتصادي على حد سواء.(12)

استهدفت التنظيمات الإرهابية حقول النفط والغاز، وضرب خطوط الأنابيب والخزانات ومراكز التكرير، ساعية من وراء ذلك إلى تقويض الاستقرار الداخلي للأنظمة المستهدفة، وإضعاف الاقتصاد والقوى الاقتصادية المستثمرة في المنطقة، و لم يتم أخذ هذا التهديدات التي حدثت في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا ، وأيضا في أمريكا اللاتينية بعين الاعتبار، إلا بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر حيث تبنى تنظيم القاعدة إستراتيجية جديدة قوامها النظام الطاقوي، وبالتالي المساس بالاقتصاد الأمريكي، والعالمي ككل. (13)

و لكن بالنسبة للمناطق الغنية بالثروات النفطية والدول المنتجة للنفط والتي تمتلك حصة الأسد من الإنتاج النفطي، وتعاني من الفشل في أداء أدوارها، واللااستقرار السياسي على حد تعبير جورج بوش الإبن خصوصا وأنّ هذه الدول ليست كالولايات المتحدة الأمريكيةdon’t particulary like the USA، فثلثي الثروة النفطية تتواجد في المناطق الأكثر عرضة للتهديد، وعلى رأسها الشرق الأوسط، أين تنقسم هذه الثروات النفطية بين السعودية والعراق وإيران والإمارات العربية المتحدة والكويت بالإضافة إلى ليبيا، و ربع الإحتياط العالمي من النفط تحت سيطرة السعودية.

كما أنّ الجماعات الإرهابية تستهدف الثروة النفطية لمرونة وسهولة تحقيق الهدف، فالأهداف النفطية أكثر عرضة للتهديد على الرغم من الموارد التي يتم تجنيدها لمواجهة إرهاب النفط، ففي الوقت الحالي، هنالك أزيد من 60بالمئة من النفط العالمي الذي يتم نقله بحاملات النفط  عبر نقاط حساسة وأكثر عرضة للقرصنة والهجومات الإرهابية، وأهم هذه المعابر مضيق هرمز الذي يمر عبره حوالي 13مليون برميل نفط يوميا، وباب المندب الذي يربط بحر العرب يخليج عدن وبالبحر الأحمر، حيث يمر عبره 80 بالمئة من النفط الياباني الخام، بالإضافة إلى حاملات وناقلات النفط والغاز للشرق الآسيوي، ومعظم هذه الممرات والناقلات مهددة من طرف التنظيمات الإرهابية، وتعرضها للتهديد يعني تهديد مباشر و فعلي للأسواق العالمية.

والأسوء من ذلك هو التحالف بين التنظيمات الإرهابية وعصابات القرصنة، كما بين المكتب الدولي البحريInternational Maritime Bureau، أنّ هجوم القراصنة على السفن في تزايد مستمر أمّا بالنسبة لخطوط الأنابيب فإنّ تدفقات النفط العالمي تمر عبر هذه الخطوط بنسبة 40بالمئة، ففي السعودية لوحدها يوجد حوالي 10آلاف ميل من خطوط الأنابيب، و4000ميل في العراق، ومن الصعب حمايتها، فقد تعرض خط أنابيب التنورة للتفجير، وأيضا خط أنابيب تركيا-كركوك بالعراق. (14)

المحور الرابع: مستقبل أنشطة  تنظيم الدولة الإسلامية في مجال النفط :

إنّ التحالف الذي قادته الولايات المتحدة الأمريكية ضد تنظيم الدولة الإسلامية كان النفط العامل الأساسي في هذه الإستراتيجية، ولكن هذه الحملة أدت إلى ارتفاع في أسعار النفط، وحسب رامي عبد الله مسؤول في جمعية حقوق الإنسان، فإنّ  برميل دازيل أو مازوت تضاعف لأكثر من النصف، من 9آلاف ليرة إلى 21ألف ليرة.

لكن تنظيم الدولة الإسلامية ليست له السيطرة المطلقة على حقول النفط السورية والعراقية، فقد استعادت القوات الكردية وكذا الحكومية العديد منها، وبدخول تركيا في التحالف ضد التنظيم، ستكون فاعل مؤثر في هذا التحالف، خاصة بفتح مجالها الجوي لشن الهجوم عليها، وتؤثر بذلك على مصادر تمويل التنظيم وحماية طرق ووسائل نقله وتصديره، فتصدير النفط لا يتعلق فقط بخطوط الأنابيب وإنّما بالشاحنات التي تنقل النفط عبر الطرق المعرضة للهجوم، من طرف قوات التنظيم، التي يجب عليها قطع حوالي 560 ميل، مابين تركيا و سوريا. (15)

استراتيجيات مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية و حماية الأمن الطاقوي في الشرق الأوسط:

إنّ تعرض البنية التحتية للتهديد هو ما يقوض الأمن الطاقوي، على المستوى العالمي والإقليمي على حد سواء، خاصة في ظل توفر الظروف التي تحفز ظهور و انتشار الجماعات الإرهابية وتفعيل دورها، و من أهم استراتيجيات حماية البنية التحتية للطاقة نجد تعزيز الأنشطة المضادة للإرهاب خارج الحدود، تعزيز الإصلاحات السياسية كجزء من استراتيجة مكافحة الحركات الجهادية المتطرفة، ردع هجومات الدول المعتدية، تعزيز القدرات العسكرية، واللجوء إلى الطاقات البديلة.

  • تعزيز الأنشطة المضادة للإرهاب خارج الحدود: تطبيق هذه الإستراتيجية يمر عبر مجموعة من الخطوات:
  • تقييم مستوى الأمن:من خلال قياس مستوى الإنجراحية، وتطوير المخططات الأمنية لردع التهديدات، و تفعيل الأداء الأمني على أرض الواقع؛
  • تحقيق الأمن المادي: و يرتبط بتنوع مستويات التهديد، فتحقيقه يتعلق بتحديد هذه المستويات وخطورة التهديد الذي يتعرض له كل مستوى، ثمّ يتم بعد ذلك ترتيبها حسب أولوية واستعجالية الحماية، من أجل تحقيق الأمن المادي؛
  • حماية المعلومات والبيانات وأنظمة المراقبة: العمل على عدم تعرضها للإختراق من طرف الفيروسات والأنظمة المعادية على غرار الفواعل اللاتماثلية؛
  • تطوير استراتيجيات فعالة للتقليل من الإنجراحية وإنشاء تصور متكامل ومتناسق عن التهديدات؛ وتوفير التجهيزات الللازمة؛
  • إعادة بناء التجهيزات والأنظمة:مثل بناء الوكالات المتخصصة في التعامل مع الأزمات الطاقوية؛
  • تحديد مواقع و مراكز الدعم بالتجهيزات اللازمة، لتغطية ودعم كافة الأنشطة، سواء ماارتبط بالعتاد المادي، أو الكفاءات البشرية. (16)
  • التحول نحو الطاقات البديلة: على غرار الطاقة الشمسية التي يعتبر الشرق الأوسط من أهم المناطق الإستراتيجية التي يمكنها الإستفادة من هذه الطاقة، الإضافة إلى طاقة المياه، كون الشرق الأوسط محاط بالمصادر المائية وهي البحر الأحمر وبحر العرب والخليج الفارسي وخليج عمان، بالإضافة إلى البحر المتوسط.
  • تعزيز وتطوير البنى التحتية وتوفير الحماية أكثر لوسائل وطرق نقل الموارد الطاقوية ، مع العمل على التقليص التدريجي في الإعتماد على النفط وتعويضه بالصناعات المعتمدة على الطاقات البديلة.
  • العمل على تظافر الجهود الجماعية لحماية البنى التحتية للطاقة من خلال الإستراتيجيات التكاملية لمواجهة القرصنة البحرية والفواعل اللاتماثلية والفواعل العنيفة من غير الدول ، على غرار تنظيم الدولة الإسلامية، ومحاربة السوق السوداء لبيع الموارد الطاقوية، وليس اللجوء فقط إلى التحالفات العسكرية، لأن ّ القوة العسكرية لها دور في التقليل الجزئي من تأثير الحركات الإرهابية على الموارد الطاقوية وليس لها القدرة على إيجاد الحلول الجذرية للتخلص من التهديد جذريا، كون التهديدات الحديثة ليست ذو طبيعة تقليدية ولاتتطلب المواجهة العسكرية فقط.
  • ردع الدول المعتدية: بعض الدول التي تستغل الأوضاع الأمنية المتدهورة لإنشاء علاقات مصلحة من التنظيمات الإرهابية، في مجال الطاقة، و التعامل معها عن طريق السوق السوداء لذلك يجب فرض العقوبات الدولية اللازمة عليها وتفعيل دور الوكالة الدولية للطاقة الذرية للتعامل مع الطبيعة الجديدة للتهديدات التي تمس الأمن الطاقوي.
  • الإصلاحات السياسية:ترتبط بفتح المجال أكثر للحريات ومحاولة تحقيق التكامل والتناسق بين الهويات المختلفة داخل كل دولة كونها مجتمعات فسيفسائية، وذلك من خلال تحقيق مبدأ العدالة التوزيعية، سواء ما تعلق بالثروات أو بالمناصب والأدوار على مستوى النظام السياسي بمختلف تفرعاته، والقيام بالإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية لضمان المستوى المعيشي الذي يحول دون زعزعة الاستقرار الداخلي، فكل هذه الإستراتيجيات تقلل بدورها وبشكل تلقائي من ظهور التنظيمات الإرهابية، وتقلل من قدرتها التأثيرية.(17)

استنتاجات:

من خلال هذه الدراسة تمّ التوصل إلى مجموعة من الاستنتاجات:

  • الأمن الطاقوي في القرن العشرين وفي مطلع القرن الحادي والعشرين من أهم القضايا التي طرحت في النقاشات الأمنية على المستوى المحلي والدولي؛
  • تعتبر البنية التحتية للطاقة من أهم عوامل تحقيق الأمن الطاقوي، و يعتبر الشرق الأوسط من أهم الأقاليم التي يجب أن تولي اهتمام كبير لها سواء من حيث عملية بنائها أو من حيث حمايتها؛
  • انجرا حية البنى التحتية للطاقة و ضعف وسائل وآليات حمايتها هو ما يزيد من مستوى تعرضها للتخريب و الاستيلاء والتهديد، لذلك يجب على دول المنطقة اتخاذ الإجراءات الأكثر صلابة والكفيلة بعدم تعرضها للتهديد؛
  • شهدت البيئة الأمنية الجديدة مجموعة من الفواعل اللاتماثلية على غرار التنظيمات الجهادية المتطرفة والتي استهدفت الموارد الطاقوية في المنطقة ممّا أثر على الأمن الطاقوي؛
  • استطاع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام السيطرة على العديد من حقول النفط والغاز كما ٌقام بتفجير العديد من خطوط الأنابيب والغاز، واستولى على مراكز التصفية والتكرير، وهو ما أظهر قدرة فعلية للتنظيم في التأثير على الأمن الطاقوي في الشرق الأوسط والعالم ككل، وبالتالي فالتنظيم استطاع اللعب على الورقة الحساسة في الأجندة الأمنية العالمية، ممّا مكنه من زيادة قدراته المادية، وتوسيع دائرة متبيعيه و مناصريه، وإكسابه المصداقية التي أفقدها للدول التي استهدفها.
  • إنّ استراتيجيات الدول المتحالفة لمواجهة تنظيم الدولة الإسلامية من أجل حماية البنى التحتية للطاقة لا يجب أن ترتبط فقط بالحل العسكري وهذا مراعاة لطبيعة التهديد، وإنّما يجب اتباع استراتيجيات مضادة تكون منطلقاتها قائمة على المقاربات التي تم ّ تقديمها سابقا، من أجل التعامل الجذري مع المشكل، وليس التعامل الآني فقط الذي قد يؤدي إلى ظهور تهديدات جديدة أكثر تأثير، مثلما تمّت الإشارة حول التحالف بين تنظيم الدولة الإسلامية وعصابات المافيا والقراصنة في مجال تهديد البينى التحتية للطاقة.

قائمة الهوامش

[1] -Security researcch in Italy,”SG2-energy infrastructure security ” on : http://www.piattaformaserit.it/sicurezza-delle-infrastrutture-energetiche/?lang=en

2- Southfront,”analysis oil and gas pipelines in the middle east,”(30-11-2015),on : https://southfront.org/analysis-oil-and-gas-pipelines-in-the-middle-eas/

3-Idem.

4-هشام العاشمي،عالم داعش من النشأة إلى إعلان الخلافة،(بغداد:دار بابل للنشر و التوزيع،2015)، ص ص 8-9.

5-نفس المرجع السابق،ص ص 8-9 -15-16.

6- نفس المرجع السابق،ص ص 132-133 .

7Renigijus Zilinskas and Jan Ciampor, “energy infrastructure in asymmetric warfare: the case of Islamic State, “Energy Security Operational Highlights,no10,(2016),pp19-20

8 -Ibid.,20-21.

9 – Ibid.,21-22.

10 – Ibid.,23.

11 -John C.K.Daly, the Islamic State’s oil network,Terrorism Monitor,issue19,(october2014),pp7-8.

12 – Ravi Srikant, “oil and terror :ISIS and Middle East economies,”Invest Opedia,(october22,2014).

13 -Gal Lutf and Ann Korin ,”terror and oil : terror next target,” the Journal of International Security Affaires,(december2003).

-14Idem.

-15John C.K.Daly, the Islamic State’s oil network,Terrorism Monitor,issue19,(october2014),pp9-8.

-16Patrik Clawson and Simon Henderson,”reducing vulnerabilty to Middle East energy shocks,” policy forum 49,(the Washington Institue, november2005),p27.

17-Idem.

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى