معضلة بناء الدولة في العراق
اعداد : أ. م. د. اسراء علاء الدين نوري – أ. م. د. علي محمد علوان – أ. م. د. خضر عباس عطوان
كلية العلوم السياسية – جامعة النهرين
– المركز الديمقراطي العربي
المقدمة
أنهت الولايات المتحدة الاميركية في 28 حزيران 2004 أعمال الحاكم المدني (بول بريمر) للعراق، وسمحت بتشكيل حكومة مؤقتة فيه، تدار من قبل عراقيين، تم اختيارهم بالتعاون مع الامم المتحدة، ومنحوا سلطة ادارة الحكم في العراق، وليؤسسوا بعدها نظاماً سياسياً ما زال مستمراً لليوم.
ومنذ تبلور ذلك النظام، ولا زال العراق يعيش معضلة حقيقية سواء تلك المتعلقة بتعريف هويته، إذ إن التيارات السياسية فيه متباينة ومتناقضة لا تنتظمها رؤية ولا يجمع بينها تصور، كما أن ما تم وضعه من اطار دستوري لبناء الدولة العراقية لم يسهم في حل المعضلة، بل زاد في تعقيد ما موجود، كونه اوجد معضلات اخرى متعلق بعضها بعدم بيان معالم الهوية العراقية، وطبيعة النظام السياسي، والعلاقة بين السلطات الثلاث وليشخص ذلك ضياع الدولة بين اتون نصوص (دستورية) لا رابط لها في الغالب، بل كانت اقتطاعات غير موفقة وضعت اما على عجل او عن قصد او عن عدم دراية بدور الدستور ومكانته في حياة الدول والشعوب.
هدف البحث / تتحدد غاية البحث في تبيان بعض ما عليه النظام السياسي الاتحادي العراقي، وما فيه من معضلات، اثرت على كيان الدولة العراقية، لذلك، تحددت حدود البحث بأطار موضوعي مفاده ابراز ما في النظام من معضلات واقعة بين متغيرين :
ـ الاول، (دستور) صيغ او وضع بطريقة لم تهتم بالعراق كدولة وكشعب، لهما مصالح.
ـ والثاني، بناء دولة، فالعراق عانى على اغلب الاراء من عدم وجود معنى للدولة منذ ظهوره بإرادة بريطانية عام 1921، وسيق من قبل انظمة حكم لم تهتم ببناء الدولة بل عمدت الى المطابقة بين السلطة والدولة، وذلك على مدى العقود التسعة الماضية.
وإذا كانت معضلة الدستور قد صاغت في اتجاه عدم التفاؤل، فأنه أيضاً يشخص معضلة النظام السياسي وما عليه من مشكلات، حتى صار النظام السياسي العراقي لما بعد العام 2005 هو بذاته يمثل معضلة عراقية متفردة، لا يختلف الاكاديميون في تشخيصها.
اشكالية البحث / سيعالج البحث اشكالية ومعضلة فكرية محددة، متعلقة بكون العراق يعاني من ضعف البناء الدستوري ولا ينسجم مع مقتضيات وجود الدولة، فكيف الحال ببناء دولة خرجت من رحى حروب عدة وازمات متتابعة ؟ لتكون المحصلة نظام سياسي مشوه غير قادر على تمثيل العراق كدولة وشعب، انما صار ينذر بحدوث ازمة اوسع تأثيراً واعمق خطراً مما حصل في العام 1921، إذ حمل معه ازمات عقود تسعة لم يتم تسويتها، فضلاً عن ازمات العقد الاخير بعد العام 2003، وهذا طريق صار يمهد لتفكك العراق اكثر مما يمهده لبناءه.
بمعنى اخر، ان البحث يركز على معضلة محددة مفادها ان عدم اهتمام الدستور ببناء دولة عراقية ((على صعيد علاقات الاقاليم ومجالس المحافظات والحكومات المحلية، وعلى صعيد معنى الدولة وكيفية ادارة انشطتها الداخلية والضمانات لحماية حقوق الافراد، وتعريف من هو العراقي…))، قد خلق مشكلة بنيوية للنظام السياسي، تطرح احتمالات لإنهيار هذا النظام، والدستور وانتهاء بقايا الدولة القائمة اليوم.
وهذه المعضلة تطرح عدة تساؤلات، منها :
- ما هي اهم التشوهات التي يعاني منها النظام السياسي العراقي ؟
- هل العراقيون استحضروا ازمات نحو قرن من الزمن، ثم ليعيدوا انتاجها بزخم اكبر، عن قصد ؟
- ما هي اوجه الخلل في بناء الدولة العراقية حالياً ؟
فرضية البحث / تدور الفرضية حول ((ان استمرار الاداء الحالي للقوى السياسية، مع عدم الثقة بينها، وعدم توحد الرؤية حول العراق كمشروع دولة، يجعل العراق مقبل على انهيار مؤسسات الدولة والنظام السياسي، وعلى المدى المتوسط يتوقع تفكك الدولة العراقية، مستندين الى الخلل البنيوي الحاصل في النظام السياسي الاتحادي والى معضلتي دستور الدولة وسياسات بنائها غير السليمة المتبعة من قبل القوى السياسية)).
هيكلية البحث / بقصد التحقق من صحة الفرضية التي يتناولها البحث، وفي ضوء المعضلة الفكرية اعلاه، فأن الفقرات في ادناه ستكون محور اهتمام البحث، وهي :
المحور الاول / تشوهات النظام السياسي
إن المواطن البسيط لا يفقه معنى الدولة بشكل عام، انما هو يتفاعل مع مؤسساتها وخدماتها، اي انه يتعامل مع النظام السياسي فيها.
ويعد النظام السياسي الوجه المعبر عن الدولة في كل مرحلة تاريخية قيد البحث والدراسة، فالدولة كما هو معروف كائن غير محدد الابعاد المادية، الا انه شخصية معنوية، يتعامل افرادها معها من خلال سلطاتها، التي تعارف الفرد عليها من سلطة الحكومة المنشأة او التي فرضت نفسها على ارض وشعب محددين ([1]).
والنظام السياسي، قد يكون شرعياً او قد يكون غير شرعي، واذا كان شرعياً فان هذا يعني ان بنية النظام السياسي قد خضعت لنقاشات من قبل الشعب او من ينوب عنه لمعرفة ما سيستقر عليه الرأي بشأن مضامين ذلك النظام سياسياً واقتصادياً واجتماعياً ([2])، واستقر اما على رأي توافقي او على رأي التيار الغالب، والمهم هنا ان هناك تغذية عكسية تسمح بإعادة نقاش دائمة لبنية النظام السياسي ومعرفة مدى استمرار اقتناع الشعب به من عدمه، طالما ان آراء وقناعات الشعب متغيرة بحكم تغير الاحوال، وما تسفر عنه من تغيير الاراء والقناعات بشأن كل شيء وبضمنه الفلسفة التي انشأ بموجبها النظام السياسي، واساس الشرعية في الدولة يتوجب اعادة النظر بمضامين النظام السياسي قبل ان يفقد شرعيته؛ إلا ان هذا التغير لا يحصل خلال سنين قليلة او عقود قليلة، فهنا سيكون حديثاً عن رأي عام وليس اتجاهات بشأن التيارات الفكرية الاصلح لتمثيل الشعب؛ والفكرة من ذلك ان الاصل في الحياة الانسانية هي للشعب والفرد وكرامته وليس لاستمرار شكل محدد من انظمة الحكم ([3]).
أما إذا لم يكن النظام السياسي شرعياً، فأن مسألة شكل نظام الحكم لا تعني الا تقليل كلف حدة الرفض الشعبي، وليس لبيان الشرعية.
إن تغيير النظام السياسي العراقي انطوى على مرحلتين، اولاهما إزالة النظام السياسي، وهي المرحلة السهلة نسبياً لقوات التحالف بما تملكه من قوة رهيبة اثناء قيامها بغزو العراق وهزيمة الجيش العراقي. وثانيهما احلال نظام سياسي اخر محله، إذ انطوت هذه المرحلة على قدر كبير من المشكلات والمخاطر [4]
لقد اقر للعراق نظام سياسي محدد خلال نهاية العام 2005 بعد نقاش بين التيارات والقوى السياسية، وضغوط من البيئة الخارجية، واستقر الرأي على ان العراق لا يصلح له الا نظام توافقي في اطار النظام البرلماني الفيدرالي، كون حدة الاختلافات الايديولوجية بين التيارات السياسية والمجتمعية من الصعب التوفيق بينها ([5])، فـ : ([6])
- هناك من بين القوميين من كل الاطراف الاثنية الكبرى التي ترى ان العراق او المناطق التي تعيش عليها تلك الاثنيات؛ لا يساوي الا جزء من مشروع اكبر يمتد خارج العراق، او ان اجزاء العراق هي جزء من ذلك المشروع الاكبر، وهذا ما نجده لدى القوميين العرب والقوميين الكرد ([7]). فكل من القوميتين يسود بينهما تيار قوي لا ينظر للعراق كدولة موحدة وطنية انما العراق هو جزء من اجزاء اكبر كان يفترض ان تكون كل منها دول بعد الحرب العالمية الاولى ومنها الدولة الكردية العربية.
- وهناك من بين الاسلاميين، الذين يبنون تقسيماتهم وفق رؤية شمولية، لا ترى في العراق دولة لها سيادة وإنما يعد عراقاً في نظرهم، جزء من مشروع اوسع ينتمون اليه يمتد ليشمل كل دول الانتماء العقيدي، ومن ثم فأن مشروع الدولة غير واضح المعالم، كما ان الشعور الديني يفضي الى توظيف كل امكانات الدولة في خدمة مشروعها الذي تعتقد انه هو النظام الامثل لبناء الانسان والمجتمع.
- وهناك من بين العلمانيين الذين يحلمون بعراق ليبرالي، وطالما ان الدولة في الاساس هي مشروع علماني وليس ديني، فالدين لا يقترن بالدولة كأساس كونه عبارة عن انتماءات مفتوحة لمريديه وشأن شخصي وهو لا يساوي بين المواطنين، أما الدولة فهي اجراءات ذات صبغة علمانية، وما نقصده هنا هو حلمهم بأن يسود العمل السياسي العلماني الليبرالي على العمل السياسي الذي يتخفى خلف الانتماءات الدينية. إلا ان التطبيق قد جاء خلاف ذلك فقد ضعفت العلمانية في ظل تعاظم ضغوط الطرحين القومي والاسلامي، وعلى هذا بدا التيار العلماني واقطابه بلا غطاء وبلا دعم، وانسحب مريدوه تحت طلب الحماية الشخصية عن النفس حتى صار بلا اساس يستطيع ان يعتمده او قاعدة ينطلق منها ([8]). ناهيك على افتقاره لمشروع سياسي واجتماعي * في ظرف اتجهت غالبية المجتمع نحو خيارات اخرى، اما اقتناعاً بها او طلباً للحماية او طلباً لمصادر الرزق، لقد جاء ذلك بسبب انتهاء دور الدولة المدنية.
- وهناك القبليون ومن ليس لهم حلم سوى الحلم بالعيش بعيداً عن كل ما تقدم من اطروحات، وهؤلاء يمثلون اغلبية صامتة، لكنها اغلبية غير منظمة لا تستطيع العمل في ظل هذا الواقع، والنظر في علاقات القوى تجعل المواطنين الذين لهم هذه القناعات في اضعف حال. المهم ان هذا التيار ومريديه لا زال غير مرصود ولم يظهر الى السطح بعد.
وهنا فرضت الولايات المتحدة الاميركية، ودول الجوار، ارادتهما في توجيه العراق الرسمي باتجاه يتقاطع مع سياسات العراق قبل عام 2003، عراق يبحث عن توازن غائب في علاقاته بين اتجاهات اقليمية متقاطعة ومتصارعة ([9]). هذه الارادات اثرت بدون شك في عملية التوازن والتأثير للتيارات والقوى السياسية الموجودة في العراق.
وطالما ان تلك التيارات والقوى متقاطعة فيما بينها ازاء دستور توافقي فيه من التناقضات الشيء الكثير *، وهي ذاتها كانت غير مقتنعة باقامته وتطبيقه، نجدها في اوقات لاحقة على نفاذ الدستور تستعين بفقرات محددة منه وليس الاستعانة بالدستور كحكم؛ بل وصرح اكثر من مسؤول سياسي انه مع تعديل الدستور دافعه في ذلك مصالحه ومصالح مجموعته السياسية.
كما انه، اي الدستور، معيب بحق التيارات التي تدعوا او تتطلع الى عراق يسود على ارضه وعراق له رأيه في المنطقة، فالدستور لا يضع هماً له في بناء الدولة، او ان يضع مشروع الدولة في اولوياته؛ وان كنا نتفق على كون فقرات عديدة فيها طفرة في تقدير الحقوق قياساً لما كان قبل 2003 ولما موجود لدى دول مجاورة عدة، إلا ان ذلك لم يمنع من حدوث العديد من الانتهاكات التي حصلت دون دراية او تخطيط من قبل الحكومة على نحو يعطي انطباع ان هناك خلل في اداء الحكومة. كما ان البعض الاخر غير مهتم بتطبيق الدستور على علاته، والشواهد على ذلك ما يلاحظ من اعمال تقوم بها بعض السلطات التي تعمل في الحكومة واجهزتها مستغلة وظيفتها لتحقيق اهداف وغايات خاصة، وليس تنفيذ واجباتها الامنية([10]).
إن الدولة هي مشروع سياسي واقتصادي واجتماعي داخلياً، وهي هوية يعرف بها الانسان نفسه، وهي مشروع سياسي موجه نحو الخارج ايضاً، يستطيع الفرد – المواطن خلالها العيش في كنف مؤسسات تضمن سلامته وتضمن غده ([11])، إلا ان ما اقر في الدستور العراقي يكاد يتفق عليه شريحة واسعة من الباحثين انه دستور لا يضمن بناء دولة جديدة وفاعلة ([12]).
ويعيش النظام السياسي بعد عام 2003 ازمة معقدة على المستويات كافة وفي القطاعات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، مما أدى الى ظهور الاضطرابات السياسية وانعدام السلم الاجتماعي والمدني، وتعدد الولاءات والقيم والمرجعيات الوطنية، وكثرة الصراعات والتناقضات، إذ اختفت لغة الحوار والتسامح وحلت محلها لغة التعصب والتطرف، وتفاقمت ظاهرة التفكك السياسي والتحلل الاجتماعي، واصبحت اجهزة الدولة مشلولة وضعيفة، مما رشح اللجوء الى ممارسة العنف او الحرب الاهلية، فضلاً عن اختلال تنفيذ سياسات الدولة الخاصة بالتنمية والاعمار للنهوض بالواقع العراقي، الامر الذي عمق ازمات النظام السياسي، إذ اصبح معرض لانهياره كدولة مع عدم وجود او ضعف استراتيجيات ناجعة للوصول بالدولة الى حافة البناء من جديد. وتمتاز عملية بناء الدولة العراقية بكونها مسيسة بالمساومات الطائفية والعرقية ومنطلق للمحاصصة وهي العوامل التي تعرقل اعادة بناء الدولة في العراق، فالحكومة قامت على اساس التوازن الطائفي وتعاني الكثير منه، إذ يترتب على ذلك نتائج بالغة الخطورة تصيب الحكومة في كفاءتها وتهددها بالجمود والتكلس وتعرقل عملية صناعة القرار ([13])، ونتيجة لذلك جاءت الحكومة هشة، فضلاً عن ضعف كفاءتها وقلة تجربتهم، وذلك بسبب التقاسم الوظيفي المذهبي والاثني والولاء والمغانم السياسية على حساب الخبرة والكفاءة ([14]).
وعلى الرغم من صور الديمقراطية التي يتمتع بها النظام السياسي العراقي كالانتخابات، إلا ان النظام السياسي ما يزال لا يمثل طموحات المواطن، مما انعكس على واقع ومكانة النظام السياسي وفقدانه لفرصة تبني استراتيجية موحدة لبناء الدولة والنظام السياسي على اسس ديمقراطية صحيحة.
المحور الثاني / الخلل الحاصل في بناء الدولة العراقية
مما تقدم، ان الدستور صاغ نظام سياسي بلا هدف وبلا رؤية، والصياغة تمت في مرحلة كان يفترض ان يتجه العراقيون خلالها الى بناء دولتهم، طالما ان المراحل السابقة قد صاغت انظمة حكم وجعلت تعريفها للدولة خضوع وخنوع المواطن لابعاد السلطة، فانتهى الحال الى قيام عاملين في ان :
- الاول / اتجاه الى الاستعارة من التجارب العالمية لمؤسسات دولة ومحاولة زرعها في العراق،
- الثاني / التنفيذ القسري لهذه التجارب دون الاخذ بنظر الاعتبار طبيعة المجتمع العراقي وخصائصه.
ويمتاز الدستور العراقي بالعديد من الاشكاليات التي تحتاج الى اصلاح وبيان وهذه الاشكاليات تحتاج الى تعديلات عاجلة باعتبار بقائها يعمق الازمة السياسية ويزيد جذوتها ويعمق من حجم حالة الصراع داخل اطار النظام السياسي في كل دول العالم يعد الدستور عنصر اتزان واستقرار للنظام السياسي، إلا أنه في بعض الاحيان يمثل عنصر اشكال وباعث ازمة ويمكن الاشارة هنا الى الاشكالات الدستورية في الدستور العراقي والتي تحتاج الى حلول([15]).
ومنذ اقرار الدستور، صار العراق يعاني، كما بينا في اعلاه، ومبعث معاناته، تداخل مشكلتين في آنٍ واحد :
المشكلة الاولى / الصياغات الخاطئة للدستور، فكما بينا ان الدستور كتب على عجل وانه تضمن العديد من القضايا التي كان يجب الحسم بشأنها حتى لا تكون عرضة للتأويلات والتفسيرات التي تدخل البلد في حلقة مفرغة من الازمات.
المشكلة الثانية / عدم استيعاب معنى الدولة ([16]) في فكر وممارسات الاحزاب الفاعلة في العراق، فكل قوة تنظر الى العراق من منظورها ورؤيتها وفهمها وقد تكون هذه الرؤية غير ناضجة او متكاملة.
يقابل ذلك وجود مشكلات اخرى في فهم معنى الدولة ومؤسساتها لدى كل الاطراف ([17])، العاملة على الساحة العراقية.
إذ قام دستور عام 2005 بناء على احكام قانون ادارة الدولة، الذي حدد الاجراءات والتوقيتات المتعلقة بإقرار الدستور، إذ تم اعلان مشروع الدستور ونشره لغرض اجراء الاستفتاء عليه، فأي نص يتعلق بدستور او قانون او معاهدة يراد اقرارها بالاستفتاء لا يجوز تعديل او تبديل مواد فيها بعد نشرها وقبل اجراء الاستفتاء عليه، ولكن الذي حصل على مشروع دستور العراق، أنه بعد نشره وقبل اجراء الاستفتاء عليه بمدة قصيرة، جرى تعديل بعذ مواده، وكذلك يفترض في تدوين الدستور مراعاة الشكلية من حيث اللغة والصياغة، والابتعاد عن السرد الادبي والتكرار والاسلوب الانشائي، فديباجة الدستور عبارة عن خطبة انشائية وضعت وصيغت ترضي بعض الاطراف الرئيسة في العملية السياسية، لم يراع فيها الانجاز القانوني المكثف ولا اللغة القانونية التي تبتعد عادة عن السرد الصحفي والخطابي فالديباجة ينبغي ان تكون موجزة تعبر عن جوهر الدستور، ونجد كذلك ان الالية التي صيغت بموجبها النصوص المتعلقة بممارسة السلطة سواء اكانت على المستوى الاتحادي ام على العلاقة بين السلطة الاتحادية وسلطات الاقاليم، بحالة من التعقيد والتعارض في الاختصاصات، لا يوجد لها شبيه في اي دستور في العالم، إذ تظهر العديد من الاشكالات منذ تطبيق الدستور والاعتماد عليه بين مؤسسات الدولة في العراق ([18]).
وقد يطرح رأي فيه مبالغة في توصيف ان العراق لا يعيش اليوم مرحلة الدولة، منطلقاً من مؤشرات عديدة تضعها منظمات دولية محترمة، كلها تقول ان مفهوم الدولة في العراق يعاني من ازمة ([19]).
واليوم، ومن خلال ما سبق يمكن ان نحدد عدد من المشاكل والتحديات التي تحول دون بناء دولة تقوم على انقاض مؤسسات شكلية لأنظمة مستبدة او مؤسسات جديدة تعاني اشكالية البناء، وهذه التحديات تنقسم بدورها على تحديات داخلية وتحديات خارجية، يمكن وصفها وتحديدها بالاتي : ([20])
- من خلال قراءتنا للواقع السياسي العراقي نلاحظ، ان هناك مشكلة اساسية تحول دون بناء دولة مؤسسات في العراق، وهذه المشكلة تقوم على اساس (ازمة الثقة)، ففقدان الثقة السياسية هي بين اطراف العملية السياسية ككل ممن اتفق الشعب على اختيارهم لتمثيله، وهذا يعتبر واحدة من اوجه المعضلة السياسية التي تحول دون بناء دولة عراقية، فالعراق كما هو معرف منقسم الى عدة طوائف واقليات اثنية ودينية، حيث تكمن المعضلة السياسية من فقدان الثقة السياسية بين كلاً من العرب من جهة والاكراد من جهة الساعين لتحقيق اكبر قدر من المكاسب السياسية والاستقلالية من السلطة الاتحادية، كما ان الانقسام الديني المذهبي من جهة اخرى، قد القى بضلاله هو الاخر على الواقع السياسي، وهو ما يشكل مشكلة حقيقية تواجه الاستقرار السياسي في العراق.
- معضلة التدخل الخارجي في العراق، والذي يعد بمثابة المعضلة الكبيرة في تحقيق التوافق السياسي الداخلي بين التيارات السياسية، فتفاعلات التغيير وابعاده قد دفعت دول الجوار الى الانخراط بشدة في الملف العراقي والاستفادة من اشكاليات ما بعد التغيير، واعطى التغيير للتدخل الخارجي فرصة كبيرة من اجل تحقيق بعض المكاسب السياسية في ساحة خصبة تسهل امكانية التوسع الاقليمي على حساب ارض وشعب العراق.
- كما تعد مشكلة تدني مستوى الثقافة السياسية لدى الشعب العراقي مشكلة حقيقية امام استيعاب شكل نظام الحكم (الديمقراطي)، فأن غياب هذه الثقافة يشكل عائق امام تقدم بناء الدولة من خلال ان الواقع الاجتماعي هو الذي يشكل نواة بناء الحكومة، التي يقع على عاتقها ادارة الحكم في العراق، فكما هو معروف فان الحكومة هي وليدة المجتمع، وليس من شك حداثة التجربة الديمقراطية وضآلة الثقافة السياسية لدى تيار واسع من الشعب العراقي الذي لم يكتسب بعد الوعي اللازم الذي يمكنه من الاختيار بموضوعية وعقلانية، بل ان عملية الترويج للمرشحين غالباً ما تنبني على اسس تتجاوز البرنامج السياسي للمرشح لصالح اعلاء الانتماءات الاولية، بمعنى ان خيارات المواطنين لم تقم على اساس الخيارات الحرة، وهذا يجرنا الى مشكلة جديدة سوف نتناولها وهي مشكلة التكنوقراطي.
- تفتقر الحكومة العراقية الى تطبيق نظام التكنوقراطي، بمعنى ان المشكلة الاخرى التي تواجه بناء الدولة العراقية هي حاجتها الى الكفاءة والعقول في ادارة مفاصل الدولة العراقية، فالتهديدات الامنية والاستهداف الدائم للكفاءات العراقية، أدى بالتالي الى إفراغ البلد منها، وهذا ما دفع عن (قصد أو بدافع الاضطرار)، إلى تولية غير الكفوئين للمهام المختلفة، علاوة على تأثير التأثيرات والضغوط السياسية في تولية من تريد، مع إن نظام تولي المناصب يجب إن يخضع الى نظام دقيق وصارم يعلي الكفاءة، وهو ما ينعكس سلباً على بناء دولة مؤسسات. فالإتيان بأشخاص غير كفوئين في النظام الاداري العام (امني وخدمي وفني) قد انتهى سلباً الى ظهور نظام اداري شبه عاجز عن ادارة جسم الدولة *.
وكل ما تقدم، ارتبط بعد العام 2003 بمشكلتين عممهما السفير بريمر لإدارة العراق والتحكم فيه، وهذه المشكلتين التي تحولتا الى ظواهر مستفحلة هي :
- المحاصصة: ونقصد بها، ان هناك وفقاً لتقديرات الامريكان نسب محددة من العراقيين، وهذه النسب من العراقيين يجب احترامها في التمثيل السياسي والاداري في العراق ([21]). وكانت عملية بناء الدولة في العراق بعد 9/ 4/ 2003 من مشكلة جوهرية عند تأسيس نجلس الحكم الانتقالي على وفق مبدأ التمثيل النسبي للقوميات والاديان والطوائف العراقية، لضمان تمثيلها واسماع اصواتها والاعتراف بوجودها وحقوقها لتتأسس الدولة العراقية على قاعدة المحاصصة القومية والدينية والطائفية ([22])، إذ لم يتمكن النظام السياسي من تكوين مشروع وطني لدولة وطنية مبنية على العدالة والمساواة والحرية بل أتت بدولة مشوهة قائمة على اساس عرقي وطائفي ومذهبي، مما ادى الى فشلها والذي تتحمله الكتل السياسية المشاركة في العملية السياسية، حيث ان اغلب المحاولات البنيوية للدولة العراقية قامت على اسس متقطعة عن استحقاقات الدولة الوطنية ([23]). فاعتمد النظام السياسي العراقي على المحاصصة التي تعمل على تقاسم مراكز الحكم في الدولة بين الاحزاب والقوى السياسية التي عمدت على تجذير الطابع الطائفي لشكل الدولة والذي يلغي امكانية تحقيق التمثيل الوطني في الدولة ([24])، فقامت الاحزاب والقوى السياسية على اساس الانتماءات الطائفية والاثنية في الانتخابات وفي تشكيل الحكومات بعد عام 2003، وتم تفنين المحاصصة الطائفية في الدستور ضمنياً حيث لم تعطِ صلاحيات لفصل اي وزير من رئاسة مجلس الوزراء الا بموافقة البرلمان، وعندما يكون البرلمان مقطع الاوصال بين الاحزاب السياسية الفئوية، فإن اقالة اي وزير يهدد في استقرار الوزارة، وهذا ما لا تستطيع اي من القوى السياسية ان تجازف به، وبذلك غيب دور البرلمان الذي تحول في بعض الاحيان الى واجهة للسلطة التنفيذية ([25]).
إن نظام المحاصصة على المستوى السياسي والاداري هو احد خصائص الدولة العراقية بعد عام 2003، واستمراره يهدد اي بناء محتمل لدولة عراقية تقوم على المؤسسات ونظام الكفاءة في ادارة الدولة. واخطر ما في المحاصصة هو عدم ركونها الى التقسيم الحزبي، انما اتجهت الى اعتماد مستويات اخرى من المحاصصة، التي تعد اخطر مشكلة تواجه بناء الدولة العراقية، وان اي دولة تقوم على هذا النوع من النظام في ادارة المؤسسات سوف يؤدي بها الى تفشي الفساد والاسلوب السيء في ادارة الدولة كمرحلة اولى وانهيار الدولة كمرحلة تالية.
- التوافقية: ولم يكتف الامريكان بالمحاصصة انما فرضوا التوافقية، ومفادها ان كل ما يقر انتخابياً لا يعمل به سياسياً، انما كل قرار عليه ان يعاد صياغته، وفقاً لمنطق قبول وجود المحاصصة، ومن ثم ان تكون القرارات والتشريعات وسطياً تراعي مصالح من موجود في قمة الحكم في عراق ما بعد العام 2003 ([26]). فقد يكون من المناسب الاخذ بالديمقراطية التوافقية بعد انهيار النظام السياسي العراقي للاتفاق على حد ادنى من القواعد التي تحكم ممارسة السلطة على قاعدة ضمانات متبادلة للمصالح الحيوية للاطراف المشاركة كلها في العملية السياسية، لأجل ارساء اسس بناء الدولة والشروع في عملية التحول الديمقراطي ([27])، ويكاد ينطبق هذا على الاحزاب والقوى السياسية التي ادارت العملية السياسية بعد عام 2003، فهي ذات انتماء ديني او مذهبي، إذ أعاد المشهد السياسي نمذجة المجتمع العراقي على اساس الهوية الطائفية والعرقية ([28])، إذ تحمل التوافقية اعترافاً ضمنياً بالواقع الراهن كحل انتقالي ولكن استمرارها يغدو عقبة امام بناء الدولة العراقية، لأنها تصطدم بحواجز جرى ترسيخها عبر ذلك كجزء من التسوية السياسية، وهذه الحواجز هي الطائفية والعرقية والاثنية التي يصعب تجاوزها وتخطيها ولم تستطع ثقافة المجتمع السياسية القفز فوقها وتجاوزها، مما ادى الى ترسيخ هذه الحواجز ([29])، إذ تؤدي الى ضعف مفاهيم القيم السياسية الديمقراطية او غيابها واهمها المعارضة والاغلبية السياسية، لأن التوافقية في هذه الحالة تحاول ان تجهض على موضوعية الاختلاف التي هي القاعدة الاساسية للمعارضة، وان الركون الى المحاصصة الطائفية، ما دامت صيغت على اساس التمثيل الاجتماعي السياسي ذوي الاستقطاب الطائفي ([30]).
وكل من نظامي المحاصصة والتوافقية، انتهيا الى اشاعة اجواء من الممارسات التي عمقت من ازمة العراق كدولة، واهمها :
- الفساد : فأحدى المشكلات الاساسية التي يعاني منها العراق اليوم هي مشكلة الفساد حتى امسى داء اصاب معظم مفاصل الدولة العراقية وعلى الرغم من الجهود التي تبذل من قبل المؤسسات الرسمية وغير الرسمية لا زال يمثل مشكلة اساسية امام بناء الدولة*. إذ ظهر الفساد بشكل جلي وواضح في العراق بعد الاحتلال الاميركي للعراق في عام 2003، إذ ساعد الاحتلال في استشراء ظاهرة الفساد، وذلك من خلال اساءة استعمال سلطة الاحتلال للبنى المؤسسية واتاحة الفرصة للفاسدين بالبنى التحتية والرموز الحضارية والثقافية للدولة العراقية، مما ادى الى اضعاف الدولة وبنيتها الاساسية ([31]). وان ارتفاع مستويات الفساد في العراق انطوى على عدد من المستوحاة التي لو توفرت في اي نظام سياسي تجعل من الفساد ممارسة محدودة، وهذه المقومات هي: العقلانية في اتخاذ القرارات وتوافر الشفافية والمسائلة والمحاسبة ([32]). ويلعب الفساد دوراً كبيراً في نخر وتداعي النظام السياسي برمته سواء من حيث شرعيته او استقراره او سمعته كما يحد من شفافية النظام وانفتاحه، ويقود الى صراعات كبيرة اذا ما تعارضت المصالح بين المجموعات المختلفة، ويؤدي الى خلق جو من النفاق السياسي كنتيجة لقلة الثقة بالمؤسسات العامة واجهزة الرقابة والمساءلة، كما يسيء الفساد الى سمعة النظام السياسي وعلاقاته الخارجية خاصة مع الدول التي يمكن ان تقدم الدعم المادي له وبشكل يجعل هذه الدول تضع شروطاً قد تمس بسيادة الدولة لمنع مساعدتها ([33]).
- الانفلات الامني: وله نصيبه الكبير في عرقلة بناء دولة عراقية يسودها الامن والاستقرار، حيث ان الاستقرار الامني ينعكس على الاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، والمشكلة الامنية تشكل عائقاً كبيراً في وجه الحكومة العراقية، فحل المؤسسات الامنية من قبل سلطة الائتلاف الموحدة قد فتح البلاد على مصراعية امام توافد القوى الارهابية، كما امكن ان يخلق خلايا نائمة لتنفيذ اعماله ورغم تعدد هذه القوى وتباين الاهداف التي تسعى لتحقيقها في العراق، إلا انها تشترك في هدف واحد الا وهو ايقاع الاذى بالشعب العراقي وخلق حالة من اللاستقرار فيه. أدى انهيار النظام السياسي العراقي بعد عام 2003 الى الانفلات الامني وتزايد مظاهره وصوره كـ (استخدام السيارات المفخخة والتي توقع عشرات الضحايا، وتعرض العلماء والاكاديميين والاطباء لعمليات الخطف والقتل والاغتيالات المنظمة، وتزايد عمليات القتل الجماعي، وظاهرة الجثث المجهولة الهوية في اماكن متفرقة من البلاد، وظهور الميليشيات وتصاعد نشاط الجماعات المسلحة، وتفجير المراقد والاماكن الدينية من مساجد وحسينيات، واستخدام الاحزمة الناسفة والتفجيرات الانتحارية وغيرها) ([34])، إذ نشأت نتيجة ذلك شرائح اجتماعية جديدة في المجتمع العراقي وظهور فئات بيروقراطية ذات سمة طائفية وعشائرية ([35]). وتعد الميليشيات المسلحة غير النظامية اساس للانفلات الامني والفراغ السياسي الذي خلفه انهيار النظام السياسي راحت تملؤه الميليشيات المسلحة غير النظامية التي حولت الخلافات الدينية الى مصالح سياسية، ذلك ان هذه الميليشيات لا زالت تملك سيطرة فعلية على الارض وتعتقد بقدرتها على التحدي ([36]).
- غياب الرؤية الشمولية الجامعة: لقد أتاحت ظروف انهيار النظام السياسي السابق، فرصة للأحزاب والتيارات السياسية والدينية المعارضة له، إلى اعادة ممارسة العمل بعلنية بإعادة صلاتها بأعضائها القدامى وكسب تعاطف الجيل الجديد من أنصارها، وقد قادت ظروف الصراع على السلطة حالياً ببعض من الاحزاب السياسية والمدفوعة بشعورها بوجود التهديد لهويتها او كيانها، فتشكلت في كيانات سياسية صغيرة للمطالبة بحقوق الفئات التي تمثلها([37]). إذ أن معظم التيارات والاحزاب السياسية الحالية لا تملك من الحنكة ما يجعلها تكتفي بمظاهر التعددية السياسية في افضل الاحوال ومفهوم الديمقراطية لدى الجماعات الحاكمة يقتصر على الانتخابات ولا يسمح للمعارضين ان يكون لهم صوت، اي ان مفهوم الديمقراطية في العراق لا يتعدى السماح لوجود رأي دون الرأي الاخر، اما ان تكون فعلياً هي آلية الانتقال السلمي للسلطة فأن هذه المسألة لا ترد على ذهن اي مسؤول، والمتتبع للخطاب السياسي للقيادات السياسية في العراق سيجد انهم يصفون الرغبة في تولي السلطة عن طريق صناديق الانتخاب بأنه الهدف الاسمى للديمقراطية، وان السماح بهذا القدر من حرية التعبير وحرية التنظيم الحزبي كافي في هذه المرحلة، وهو بالحقيقة يكفي لامتصاص التوترات الناجمة عن غياب قنوات التعبير والتنظيم بالنسبة لجماعات من النخب. وهنالك ايضاً مسألة عدم التوافق على مفهوم الديمقراطية، فعلى الرغم من ان القيادات والقوى السياسية كثيرون ولكنهم غير متفقين على مضمون الديمقراطية ولا يمارسها معظمهم على ارض الواقع على اي مستوى من مستوياتها، فالديمقراطية ما زالت شعارات تفتقر الى وجود مفهوم مشترك متفق عليه بين الداعين الى الانتقال اليها، كما ان ممارستها في تنظيم المجتمع المدني مثل الجمعيات والتجمعات المهنية واحزاب الامر الواقع يشوبها الكثير من اوجه النقص([38]). وقد ادى الاختلاف في فهم الديمقراطية وغياب العمل بها الى صعوبة العمل المشترك بين التيارات والقوى السياسية التي تنشد التغيير والتحول([39]). إذ تفتقر جميع الكيانات السياسية الى برنامج وطني موحد يجمع في طياته جميع العراقيين، ويكون هدفه الاساسي بناء دولة عراقية، رغم ان جميع الاصوات تنادي بهذا الهدف من الظاهر ولكن عند الافعال تنحصر برامجها بمصالح ضيقة، وهو ما يشكل عائق كبير في وجهة بناء دولة تقوم على المؤسسات والمصالح الوطنية المشتركة ([40]).
- غياب الدولة المدنية ودولة القانون: إن التهديد الفعلي الاخر للنظام العام هو غياب الحكم المدني من خلال احياء حكم (القبيلة والدين، فضلاً عن حكم المتعسكرين ([41]))، وهو تهديد فعلي للحكومة المدنية التي تقوم على اساس فرض القانون وسيادة حكم المؤسسات الحكومية في ادارة شؤون الدولة، ومن خلال ذلك فأن الحكومة العراقية تواجه تهديد خطير يهددها من خلال حكم (القبيلة والدين) التي يعطيها المواطن ولاءه وليس تقديم الولاء للدولة. فالتنظيمات العشائرية التي برزت بعد عام 2003 تستند في هيكلها واهدافها الى رؤى تقليدية فأغلب التأثيرات العشائرية في الحدث العراقي تأتي في إطار التأثيرات الشخصية لبعض رؤوساء العشائر من خلال احزاب دينية او علمانية، فتأثير القبيلة على سلوك الفرد بدا واضحاً ولا يمكن تجاهله، فالقبيلة والعشائرية في العراق تعد من اكثر المرجعيات المحددة لسلوك الفرد، حيث يكون لهذه المرجعية دور في تنشئة الافراد ربما تكون او تحاول ان تكون متناسب مع مرحلة التحول الديمقراطي الذي يشهده العراق، فصوت الدين والعشيرة والمذهب اقوى من اي صوت اخر، لذلك لابد من ان تكون البداية منهم، لما يشكلون تأثير حيوي وحاسم([42]). فتحول ولاء الفرد من الدولة الى الطائفة والعشيرة، بل ان المواطن العراقي ونتيجة لضعف سلطة الدولة وربما غيابها بالكامل فأن صار يلجأ الى الاهتمام بالعشيرة والطائفة من اية قوة خارجية، وبالتالي ادى الى ضعف مفهوم المواطنة. فالاستقرار السياسي في اي نظام سياسي ديمقراطي يشمل مجموعة من القيم الاخلاقية والسلوكية والاختيار الرشيد بين بدائل متعددة احد اهم هذه القيم، في حين تعمل الهوية العشائرية والطائفية في احيان معينة الى تشويه هذه القيم عن طريق منع الفرد من التصرف العقلاني، فمنطق القبيلة والطائفة في بعض الاحيان الذي يعلو على منطق المواطنة، وهنا ينعدم التسامح والتفاعل السياسي بين افراد المجتمع او بين الاحزاب نفسها، وبالتالي يسود منطق العنف السياسي. وإن التنافس السياسي بين الاحزاب على أسس سياسية تتحول الى منافسة بين اشخاص ينتمون الى قبائل معينة وليس الى برامج سياسية تطرحها احزاب، بل ان بعض الاحزاب تلجأ الى اختيار مرشحين من شيوخ القبائل لزيادة رصيدها من الاصوات، كذلك فقد تحولت الاحزاب العراقية الى احزاب طائفية تعمل لخدمة الطائفية وتستمد رصيدها السياسي من تمثيلها لهذه الطائفة او تلك ([43]).
ان العراق يعاني في هذه المرحلة من غياب الرؤى بشأن الدولة، وكيفية بنائها، كما يعاني من معضلة عدم تسوية المتراكم من ازمات منذ العام 1921، والمستمرة لليوم.
إذ عانى العراق من تأثير مرحلة حرجة مرَّ بها (وهي التي حصلت بين 2005 ــ 2008)، والتي هددت السلم الاهلي، وغاب خلالها الامن العام والسكينة العامة، فأن احتمالات ان يكون الدستور مشجعاً لفكرة اتجاه العراقيين الى الفيدراليات هو امر وارد، تشجعه الخرائط الجغرافية والبشرية للتقسيم، او ما حصل من تغير في حركة السكان بفعل عمليات التهجير والنزوح الداخلي.
واستمرار مثل هذا الجو السياسي المشحون في العراق، ووفقاً للاشكالات المذكورة سابقاً قد ينذر باحتمالات سلبية تنعكس على واقع النظام السياسي وواقع العراق ككل ودخول العراق في فوضى، أو قد ينذر باضعاف شرعية النظام السياسي، وهناك من يقول بأكثر مما تقدم، فيقول ان العراق متجه نحو التفكك كون النظام السياسي غير مستقر ([44]).
وهكذا يتضح، ان الخلل الدستوري، وما رافقه من خلل في عملية بناء الدولة المفترض اجراءه بعد العام 2003 عموماً وبعد العام 2005 خصوصاً، انتهى الى توليد معضلة اكبر انعكست على ادارة العراق وفي حركة النظام السياسي ([45])، وبالشكل الذي افضى الى الفيدرالية تارة وبالتقسيم تارة، وكل ذلك يعكس غياب الرؤية الجامعة ووضع المصالح الحزبية والانية فوق مصالح العراق، فضلاً عن استثمار هذا الضعف القائم من قبل بعض القوى السياسية من اجل تعظيم سقف مطالبها، فبدلاً من ان تشارك في حلحلة الازمات وتعرض جهود الوساطة فأنها تعمق ضغوطها وكان استبقاء حالة الازمة هو هدف اساسي تسعى له وتعمل على استمراره.
الخاتمة:
وخاتمة القول، إن الدولة العراقية على مستوى البناء والاداء تواجه ازمات عميقة تهدد وحدة العراق وتماسكه الاجتماعي لتؤدي كمحصلة الى ما يسميه استاذنا د. عامر حسن فياض برباعية العين (عوز دستوري، عوق مؤسسي، عجز تدبيري، عبث في المال العام)، وإن هذه الازمات تتطلب وقفة جديدة من جميع القوى السياسية من اجل وضع حد لها طالما انها تهدد مستقبل الدولة العراقية برمتها، وهي وقفة تصحيح الدستور وضبط مسار الدولة وتقويم النظام السياسي وتأهيل الشعب العراقي ليمارس دوره بفاعلية وتأثير عميق والعمل بجد من اجل خلق التوافق السياسي بين القوى السياسية من اجل الاتفاق على خارطة طريق تضمن للدولة وجودها وللشعب حقوقه، منطلقين من الاعتقاد ان البناء السياسي لا يقوم الا بتكاتف الجميع وتعاونهم، كما إن أي مسار يخالف الاجماع ويرتضي الاحادية لن يؤدي الى مزيد من تقهقر الدولة ومن ثم ذوبانها.
([1]) احسان المفرجي وآخرون، النظرية العامة في القانون الدستوري، جامعة بغداد، 1991، ص42.
([2]) حميد حنون، الانظمة السياسية، بغداد، بلا، 2008، ص ص144 ـ 150.
([3]) تعتبر هذه النقطة واحدة من النقاط الخلافية بين التيارات السياسية الا ان الاختلاف فيها اقل حدة في المجال الاكاديمي، فالتيارات السياسية تتكالب على مسألة السيطرة على الحكم ضمن نظرية الاقوى، إلا أن التيارات الاكاديمية تنظر لمسألتين: مصالح الشعب واتفاق عامة الشعب على التيار الاقدر على تمثيله خلال فترة زمنية محددة. ويتركز الاختلاف في مدى استقرار الحكم وان كان غير شرعي، طالما ان الغاية هو فرض النظام العام، وهذه نقطة ارتكاز التيارات السياسية، وهذه النقطة محط انتقاد كون ما يبنى على غصب الارادة والافتقار للشرعية لن يكون قادراً على تمثيل المصلحة العامة تمثيلاً صحيحاً انما يبنى على الغصب ويفرض ما يراه من المصلحة والنظام العام.
([4]) جاريث ستانسفيلد، الشعب والتاريخ والسياسة، مركز الامارات للدراسات والبحوث، ابو ظبي، 2009، ص175.
([5]) ينظر للمقارنة، علي شكري، النظام الفيدرالي وتوزيع السلطات طبقاً لدستور العراق، كلية القانون، جامعة الكوفة، على الموقع الالكتروني:
http://law.kufauniv.com/staff/ahmedon/files/al-nedham%20alfedrali.doc
([6]) خضر عباس عطوان، علي زياد عبد الله، النظام السياسي العراقي بين معضلة الدستور وتحدي بناء الدولة، مؤتمر سكول العلوم السياسية، جم جمال / جامعة السليمانية، (النظام السياسي العراقي، الواقع، الاصلاح، المستقبل)، في 10 ـ 11 نيسان 2013، ص4.
([7]) د. خضر عباس عطوان، ظاهرة الانفصال في العالم العربي : العالم العربي بين التغيير والتفكك في ضوء تحديات الاصلاح الداخلية والضغوط الخارجية، مجلة حمورابي، العدد (4)، مركز حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، بيروت، 2012، ص67.
([8]) محمد جواد كاظم، الفكر السياسي الليبرالي في العراق، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2001، ص ص26 – 50.
* تتعدد الاشكاليات التي تعاني منها الاحزاب العلمانية في المنطقة العربية ومنها العراق بعد عام 2003، ومنها ضعف التنظيم وغموض الرؤية ازاء مشكلات المجتمع علاوة على الانشغال بالجدل الفكري واتساع الهوة بينها وبين الجماهير كلها عملت على اضعاف هذا الدور بشكل عميق، فضلاً عن الدعم الدولي لوصول الاحزاب الدينية بعدما نالت الاحزاب العلمانية قسطاً من الحكم ورسم خارطة جديدة تتيح للاحزاب الدينية الظهور والمنافسة ومن ثم القيادة، للمزيد من الاطلاع ينظر: مارينا اوتاواي، عمرو حمزاوي، الاحزاب العلمانية في الوطن العربي: الصراع على جبهتين، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد (16)، بيروت، حزيران 2007، ص9 وما بعدها.
([9]) عصام عبد الشافي، تقسيم العراق بين الاطروحات الامريكية والمواقف الاقليمية والدولية (2.2) ايار 2008.
* منذ اقرار الدستور عام 2005 فأن ثمة ادراك علمي يؤكد على حاجة الدستور الى التعديل لاحتوائه على العديد من القضايا والمسائل التي يمكن ان تثير الكثير من الازمات على صعيد الواقع العراقي. ينظر : فالح عبد الجبار، نحن والدستور، سلسلة اوراق ديمقراطية، مركز العراق لمعلومات الديمقراطية، العدد (6)، اكتوبر 2005، ص10 وما بعدها.
([10]) ينظر : مسؤولون وبرلمانيون لـ (الشرق الاوسط) : امن العراق ضحية لبيع المناصب.. وصراعات احزاب السلطة، صحيفة الشرق الاوسط اللندنية، العدد (11296)، 1 نوفمبر 2009.
([11]) احسان المفرجي وآخرون، مصدر سبق ذكره، ص ص60 ـ 64.
([12]) قارن مع : سير الجميل، الهوية العراقية : تشكيل معنى واستعادة جذور، محاضرة في الجمعية العراقية/ تورنتو، 16 ايار 2010. الانترنيت :
http://www.sayyaraljamil.com/Arabic/viewarticle.php?id=index-20100827-1878
([13]) ينظر: طه حميد حسن العنبكي، نحو بناء نظام سياسي صالح في العراق، مجلة المستنرية للدراسات العربية والدولية، العدد (28)، مركز المستنصرية للدراسات العربية والدولية، بغداد، كانون الاول 2009، ص114. وكذلك ينظر: حسن لطيف الزبيدي، نعمة محمد العبادي، عاطف لافي السعدون، العراق والبحث في المستقبل، مطبعة جاردينا للطباعة والنشر، مركز العراق للبحوث والدراسات، النجف الاشرف/ بيروت، 2008، ص ص236 – 237.
([14]) مجموعة باحثين، حالة الامة العربية 2006 – 2007: ازمات الداخل وتحديات الخارج، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 2007، ص133.
([15]) ينظر: مالك منسي صالح الحسيني، قراءة قانونية وتحليلية لدستور العراق الدائم، مجلة مستقبل العراق، العدد (9)، مركز العراق للابحاث، بغداد، اذار 2007، ص94.
([16]) قارن مع : كاظم علي مهدي البياتي، الدولة في الفكر السياسي العراقي المعاصر، اطروحة دكتوراه، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2011، ص ص190 ـ 200.
([17]) ينظر للمقارنة : منتصر مجيد حميد، التحول الديمقراطي وبنية المجتمع العراقي المعاصر، رسالة ماجستير، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2005، ص ص160 ـ 208.
([18]) ينظر: محمد عياش الكبيسي، المصالحة الوطنية: وجهة نظر سياسية – اسلامية، دار المأمون للنشر والتوزيع، عمان، 2008، ص ص81 – 85. وكذلك ينظر: سولاف محمد، الازمة الدستورية في العراق: دراسة تحليلية مقارنة للدستور الفيدرالي لعام 2006 ومقارنتها مع دساتير الدول الفيدرالية، ص ص9 – 11، الانترنيت:
http://www.alnoor.se/article.asp?id=42883
([19]) توجد مؤشرات عدة في هذا الصدد للمزيد من الاطلاع ينظر : ديرك ادريانسنس، ما وراء ملفات ويكليكس : تفكك الدولة العراقية (1 ـ 2)، ترجمة : سناء عبد الله، صحيفة الزمان، العدد (3776)، 22 / 12 / 2010.
([20]) خضر عباس عطوان، علي زياد عبد الله، النظام السياسي العراقي بين معضلة الدستور وتحدي بناء الدولة، مصدر سبق ذكره، ص7.
* فشل النظام الاداري هو احدى تعابير الفساد السياسي الذي يعاني منه العراق والذي انعكس بشكل سلبي على اداء هذا الجهاز، وبالتالي تعمق ازمة الادارة بالعراق. للمزيد من الاطلاع ينظر : سالم سليمان وخضر عباس عطوان، الفساد السياسي والاداء الاداري : دراسة في جدلية العلاقة، مجلة شؤون عراقية، العدد (1)، المركز العراقي للدراسات الاستراتيجية-عمان، كانون الثاني 2010، ص67.
([21]) جابر حبيب جابر، العراق : تعددية مفرطة، الشرق الاوسط اللندنية، العدد (11303)، 8 نوفمبر 2009.
([22]) علي عباس مراد، اعادة بناء الدولة في العراق، مجلة حمورابي للبحوث والدراسات الاستراتيجية، العدد (4)، العراق، كانون الاول 2012، ص207.
([23]) حسين مشتت، المواطنة والتحول الديمقراطي في العراق، مجلة شؤون عراقية، العدد (9)، مركز دراسات النهرين، جامعة النهرين، اذار 2007، ص51.
([24]) مهران سومو شيخ، مفهوم المحاصصة في القاموس السياسي العراقي، الانترنيت:
www.ahewar.org
([25]) ينظر: مثنى المهداوي، اثر التحول الديمقراطي على السياسة الخارجية العراقية، في مجموعة باحثين، اشكالية التحول الديمقراطي في العراق، مطبعة الضياء، النجف، 2009، ص7. وكذلك ينظر: فالح عبد الجبار، حكومة الشراكة فشل التوافقية، صحيفة الصباح، العدد (2220)، بغداد، 11 نيسان 2011.
([26]) سعد عبد الرزاق، التوافقية العراقية إلى أين ؟، الشرق الاوسط اللندنية، العدد (11729)، 8 يناير 2011.
([27]) ينظر: ارنت ليبهارت، الديمقراطية التوافقية في مجتمع تعددي، ترجمة: رنيه حسيني، معهد الدراسات الاستراتيجية، بيروت، 2006، ص25.
([28]) ينظر: حسن تركي عمير، اشكالية التحول الديمقراطي في العراق: دراسة في الديمقراطية التوافقية، مجلة ديالى للبحوث الانسانية، العدد (58)، جامعة ديالى، 2013، ص146 وما بعدها.
([29]) المصدر نفسه، ص166 وما بعدها.
([30]) ينظر: د. جاسم محمد عبد الكريم، الديمقراطية التوافقية في العراق الجديد، مجلة العلوم السياسية، العدد (36)، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2008، ص ص206 – 208.
* رغم الجهود التي تبذلها الحكومة العراقية من اجل محاربة الفساد، ومع وجود العديد من المؤسسات والهيئات الرسمية وغير الرسمية، لا يزال الفساد يمثل مشكلة معقدة ليس من اليسير احتوائها خلال فترة زمنية قصيرة أو ضمن اطار خطط قصيرة، وانما يحتاج الى استراتيجية وطنية متكاملة، وقد تبنت الحكومة العراقية في هذا الصدد استراتجية محددة واعتبرت خطرة بموازاة الارهاب، لكن تبقى تلك الجهود متواضعة قياساً بحجم المشكلة.
([31]) لمياء محسن، الفساد الاداري والسياسي في العراق، مجلة دراسات سياسية، العدد (14)، قسم الدراسات السياسية، بيت الحكمة، 2009، ص33.
([32]) ايمن احمد محمد، الفساد والمسائلة في العراق، مؤسسة فريدريش، ايبرت، مكتب الاردن والعراق، بغداد، 2013، ص2.
([33]) سالم محمد عبود، ظاهرة الفساد الاداري والمالي، المكتبة الوطنية، بغداد، 2008، ص91.
([34]) ينظر: ستار جبار علاي وخضر عباس عطوان، العراق: قراءة لوضع الدولة ولعلاقاتها المستقبلية، ط1، سلسلة دراسات استراتيجية، العدد (116)، مركز الامارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ابو ظبي/ دولة الامارات العربية المتحدة، 2006، ص ص35 – 39.
([36]) رنا الشجيري، السيادة العراقي في ظل العلاقة مع الولايات المتحدة، مجلة شؤون عراقية، العدد (2)، مركز العراق للدراسات، بغداد، شباط 2009، ص174.
([37]) أسماء جميل، تطور الأحزاب السياسية في العراق، مجلة مدارك، مركز مدارك للبحوث والدراسات، السنة الثانية، العدد(7)، 2007، ص79.
([38]) د. شذى زكي حسن، معوقات البناء الديمقراطي في العراق، مجلة دراسات وبحوث الوطن العربي، مركز دراسات الوطن العربي، الجامعة المستنصرية، العدد (17)، 2005، ص ص83 – 84.
([40]) قارن مع: احمد غالب محي جعفر الشلاه، الهوية الوطنية العراقية: دراسة في اشكالية البناء والاستمرارية، اطروحة دكتوراه، كلية العلوم السياسية، جامعة بغداد، 2010، ص ص297 – 311.
([41]) لا يزال لا يوجد في العراق مؤسسة عسكرية للقول بوجود حكم العسكر، أو تأثيرهم في الحياة السياسية، انما هناك متربحين من اتجاه العراق نحو عسكرة المجتمع، لهذا نفضل اطلاق لفظ متعكسر على لفظ العسكر.
([42]) ينظر: امال وهاب العنبكي، المشهد العراقي بعد الاحتلال: الواقع والمؤمل، الرأي الأخر، العدد (1)، وحدة البحوث والدراسات السياسية والاستراتيجية، كلية العلوم السياسية، الجامعة المستنصرية، 2006، ص64. وكذلك: عبد الجبار احمد، العراق ومحنة الديمقراطية: دراسات سياسية راهنة، ط1، مطبعة الطباع، بغداد، 2013، ص130.
([43]) ينظر: عبد الواحد مشعل، القبيلة والدولة الديمقراطية في المجتمع العراقي: نظرة سريعة في دور المجتمع الاهلي في بناء الدولة، اعمال المؤتمر المركزي لبيت الحكمة: بناء الانسان/ بناء العراق، بيت الحكمة، بغداد، 18 – 20 كانون الاول 2008، ص ص219 – 224. وكذلك ينظر: احمد عبد الله ناهي، المشهد الديمقراطي العراقي بعد التغيير، مجلة قضايا سياسية، العدد (12)، كلية العلوم السياسية، جامعة النهرين، 2007، ص64.
([44]) خضر عباس عطوان وشيماء معروف فرحان، خيارات العراق القادم: قراءة في فرضيتي الفيدرالية والتفكك، بحث القي في مؤتمر العلوم السياسية جمجمال ـ السليمانية، 2012، ص ص21 – 22.
([45]) الفيدرالية تفيد ان الدولة اتحادية، ناجمة عن اتحاد دولتين او اكثر، وواحدة من مظاهرها هو وجود مجلس اتحاد يمثل حماية لحقوق الدول التي دخلت الاتحاد، الا ان مشروع مجلس الاتحاد المطروح للمناقشة منذ تشرين الثاني 2012 يجعل من مجلس الاتحاد مجلس محافظات وليس مجلس اتحاد دول دخلت الاتحاد، فلا نعلم لما الاصرار على منح المحافظات حقوق دول داخلة في الاتحاد دون صلاحيات الدول الداخلة فيه ؟ هذا الامر لا يفسر الا رفضاً للدستور وما اقره من حقوق في تشكيل الاقاليم، ومن ثم رفضاً للدستور ككل، كونه بنيَّ على فكرتين : البرلمانية والفيدرالية. ينظر في الفيدرالية: جورج اندرسون، مقدمة عن الفيدرالية، ما هي الفيدرالية؟ وكيف يتجه نحوها العالم؟، منتدى الاتحادات الفيدرالية، بلا طبعة، كندا، 2007، ص73 وما بعدها.