أزمة المشاركة السياسية في الجزائر: بين ضعف الوعي لدى الناخب وانعدام الثقة في المنتخِب
الملخص:
تعتبر أزمة المشاركة السياسية في الجزائر من أهم المواضيع التي تحظى بأهمية بالغة لدى صناع القرار نظرا لانعكاساتها المختلفة على النظام السياسي وعلى مصداقيته وقد تجسدت هذه الأزمة عبر مختلف الاستحقاقات الانتخابية ومن بينها الانتخابات التشريعية 2002، 2007، 2012 ومن أجل تعزيز المشاركة السياسية وتجاوز الأزمة لا بد من توفر مجموعة من السبل تساعد على تفعيل المشاركة كضرورة ضمان توفير المتطلبات والاحتياجات الأساسية للجماهير ما يتيح له قدرًا من الاستعداد للمشاركة في الحياة العامة.
الكلمات المفتاحية: المشاركة السياسية ، أزمة المشاركة السياسية ، الناخب ، الانتخابات.
Abstract:
The crisis of political participation in Algeria is one of the most important issues for decision-makers Given their various implications political system and its credibility has been embodied this crisis across the various electoral entitlements, including the legislative elections 2002, 2007, 2012, and for the promotion of political participation and overcome the crisis it is necessary to provide a range of ways to help activate participation as a necessity to ensure the provision of basic requirements and needs of the masses to allow him a degree of readiness to participate in public life.
key words: Political participation, Crisis of political participation, The voter, The election.
- أزمة المشاركة السياسية في الجزائر: بين ضعف الوعي لدى الناخب وانعدام الثقة في المنتخِب – دراسة للانتخابات التشريعية من 2002-2012″.
مقدمة:
تعتبر أزمة المشاركة السياسية في الجزائر من أهم المواضيع التي لازالت تشغل بال المسؤولين الجزائريين في كل استحقاق انتخابي والتي لها أثر في إرساء البناء المؤسسي للدولة وعائقا حقيقيا أمام عملية التنمية السياسية ومن مظاهر هذه الأزمة هو عزوف الجزائريين عن العمل السياسي والتغيب عن العملية الانتخابية الناتج عن إيمان الناخبين بعدم إمكانية تحقيق تغيير حقيقي، هذه الأزمة وبالرغم من كل الجهود المبذولة من طرف مختلف الفاعلين الرسميين وغير الرسميين من وسائل إعلام كالتلفزيون والإذاعة وغيرها وكذا مؤسسات المجتمع المدني لتفعيل وإرساء المشاركة السياسية للمواطنين في الانتخابات إلا أنها ما تزال قائمة في المجتمع الجزائري.
وعليه يمكننا طرح التساؤل الرئيسي التالي:
فيما تتمثل أهم مظاهر أزمة المشاركة السياسية في الجزائر؟ وهل هذه الأزمة هي أزمة وضعف وعي لدى المواطنين أم أنها أزمة مرتبطة بالمترشح في حد ذاته ؟ ومن هذا يمكننا طرح التساؤلات الفرعية التالية: ما المقصود بالمشاركة السياسية وفيما تكمن مستوياتها وأهم أشكالها ؟ وفيما تتجلى مظاهر أزمة المشاركة السياسية في الجزائر؟
أهداف الدراسة: تسعى هذه الدراسة في أساسها إلى تحقيق جملة من الأهداف يمكن حصرها فيما يلي:
– التشخيص الدقيق لأزمة المشاركة السياسية التي مرت بها الجزائر من خلال استعراض أهم الاستحقاقات الانتخابية التشريعية 2002، 2007، 2012.
– تحديد مظاهر أزمة المشاركة السياسية.
– توضيح سبل تفعيل مشاركة المواطنين في الحياة السياسية.
هيكل الدراسة:هذه الدراسة مقسمة إلى ثلاث محاور أساسية تتمثل في التالي:
- المحور الأول: ماهية المشاركة السياسية:ودلك بتحديد مفهومها، مستوياتها، أشكالها.
- المحور الثاني: أزمة المشاركة السياسية في الجزائر:
1- مفهوم أزمة المشاركة
2 – مظاهر أزمة المشاركة السياسية في الجزائر
3- دراسة المشاركة السياسية في الجزائر في ضوء الانتخابات التشريعية 2002،2007، 2012.
- المحور الثالث: سبل تفعيل المشاركة السياسية في الجزائر.
المحور الأول: ماهية المشاركة السياسية
أولا: مفهوم المشاركة السياسية: أولا وقبل الحديث عن مفهوم أزمة المشاركة السياسية نتطرق إلى مفهوم المشاركة السياسية لكونه لا يمكننا الحديث عن أزمة قبل وجود المفهوم ، فالمشاركة السياسية يعني بها ”تلك الأنشطة التي يقوم بها أفراد المجتمـع بهـدف التأثير في العملية السياسية ومن مظاهر تلك المشاركة: التصويت، وحضور المؤتمرات والنـدوات، ومطالعة الصحف وبيانات الأحزاب وبرامجها، والاتصال بالجهات الرسمية، والانخراط في المؤسسات الوسيطة مثل الأحزاب والنقابات،والترشح للمناصب العامة، وتقلد المناصب السياسية.[i]
كما تعرف بأنها “عملية يمارسها الأفراد بهدف التأثير في قـرارات القـائمين علـى السلطة السياسية وهي أيضا عملية مساندة أو معارضة لقيم سياسية معينة”. وحســب الســيد عبــد المطلــب غــانم فالمشــاركة السياســية درجــات تتمثــل فــي: تقلد منصــب سياسي،السعي نحو منصب سياسي، العضوية الإيجابية في تنظيم سياسي،العضوية السلبية فـــي تنظـــيم سياســـي،المشـــاركة فـــي الاجتماعـــات السياســـية والمظـــاهرات والتصـــويت، والاهتمام العام بالسياسة، وتنجم أزمـة المشـاركة السياسـية عنـد عـدم تمّكـن أفراد المجتمـع من المساهمة في أحد هذه الجوانب وبالتالي في الحياة العامة لبلادهم.[ii]
كما يعني بها أيضا وحسب لوسيان باي بأنها“ مشاركة أعداد كبيرة من الأفراد والجماعات في الحياة السياسية”.أما صمويل هنتغتون وجون نيلسون ” ذلك النشاط الذي يقوم به المواطنون العاديون بقصد التأثير في عملية صنع القرار الحكومي سواء كان هذا النشاط فرديا أم جماعيا منظما أم عفويا متواصلا أم متقطعا سلميا أو عنيفا شرعيا أم غير شرعي فعال أم غير فعال“.[iii]
ثانيا: أهمية المشاركة السياسية: تتجسد أهمية المشاركة السياسية في كونها:
– تمثل المشاركة السياسية المحرك لعملية التنمية الشاملة والمستدامة عن طريق التركيز على العامل البشري وتنشيط دوره وتفعيله كحلقة أساسية مدعمة لحلقات التنمية،وذلك بإشراكه في عملية صنع القرارات وتطبيقها ومراقبتها.
– أنها تتيح للمواطن معرفة المشاكل وطرق طرحها وعرض حلولها وتقديم البرامج لذلك، ومن هنا تصبح كصمام أمان للقرار السياسي المتخذ نتيجة إشراك المواطن فيه ويصبح معه الفرد مستعدا لتحمل نتائجه سلبا أو إيجابا .
– أنها تمثل حقوق المواطنة بحيث تمنح للفرد فرصة القيام بدوره في الحياة السياسية والاجتماعية والاقتصادية بقصد تحقيق أهداف التنمية الشاملة وبالتالي تصبح مفتاحا للتعاون البناء بين المواطنين والمؤسسات الحكومية، وقناة اتصال تدعم التوجه الديمقراطي بما يتيح استتباب الأمن والسلم في المجتمع.
– أنها تضفي مصداقية وشرعية النظام والهيئات الحكومية وسياجا أمنيا للديمقراطية، وذلك من خلال تكريس حق المواطنين في التعبير عن آرائهم حول المسائل الوطنية في حدود ما يسمح به القانون.
– عدم احتكار العمل الوطني لصالح فئة معينة تعطي لنفسها حق الحراك السياسي.
– كما أن المشاركة السياسية من شأنها أن تبعد الحكومة عن حالة الانغلاق وتفتح أمامها المجال واسعا للعمل الجماعي الذي لا تكون فيه الحكومة الطرف الوحيد المعبر عن سياسة الأمر والنهي وإنجاز الأهداف.
أشكال المشاركة السياسية
يقسم إبراهيم أبراش أشكال المشاركة السياسية إلى ثلاثة مستويات:
1- مشاركة منظمة: تكون في إطار مؤسسات أو تنظيمات قائمة تشكل حلقة الوصل بين المواطن والنظام السياسي عن طريق أجهزة تقوم بمهمة تجميع ودمج المطالب الفردية المعبر عنها وتحويلها إلى اختيارات سياسية عامة في إطار برامج محددة تقوم بها الأحزاب السياسية والنقابات، والاتحادات المهنية، والمجلس المنتخبة.
2- مشاركة مستقلة: يقوم بها المواطن بصفة فردية بحيث تكون له حرية مطلقة في تحديد نوع مشاركته ودرجتها ويكون مخيرا في أن يشارك أو لا يشارك.
3- مشاركة ظرفية: تتم في المناسبات وتظم غير النشطين وغير المؤطرين سياسيا من الجمهور أي عامة الناس وتتجلى مظاهرها في التصويت في الانتخابات وفي الاستفتاءات.[iv]
المحور الثاني: أزمة المشاركة السياسية في الجزائر:
أولا: مفهوم أزمة المشاركة: وهي تشير إلى تدني معدلات مشاركة الجماهير في الحياة السياسية نظرا للجوء الصفوة إلي وضع العراقيل أمام المتطلعين إلى المشاركة من جهة وشيوع الأمية واستشراء الفقر في صفوف أبناء الشعب.
تصبح المشاركة السياسية أزمة في حالات هي:
1 – ظهور جماعات تطالب بإشراكها في الحكم.
2- عدم استجابة الجماعة الحاكمة إلى مطالب القوى الاجتماعية الصاعدة.
3- عجز النظام عن سد الاحتياجات المتعلقة بالمشاركة السياسية لجزء كبير من أبناء المجتمع، ولا تعزو هذه الأزمة لسبب بعينه بل أن هناك العديد من العوامل والتي تتداخل لتشكل هذه الأزمة وهي في حقيقية الأمر جزء من حلقة متصلة يبعضها من الأزمات التي تعاني منها كثير من الدول وخصوصا في الواقع العربي، مثل أزمة الشرعية ، وأزمة الهوية ، وأزمة التوزيع ، وأزمة التدخل ، وأزمة التكامل .
ثانيا: مظاهر أزمة المشاركة في الجزائر: تتمثل مظاهر أزمة المشاركة السياسية في :
– غياب التطابق بين المبادئ الإيديولوجية والمواقف والبرامج والنصوص القانونية مع الممارسات السياسية الملموسة التي صاحبها تفشي الفساد الإداري والسياسي.
– مشاركة شكلية موسمية غير فعالة من قبل القوي السياسية حيث لا تظهر الأحزاب إلا أثناء العملية الانتخابية بهدف تأدية أدوار معينة أم الحصول على الريع الانتخابي.
– المشاركة السياسية اتخذت شكل التعبئة بغرض خلق مساندة دون أن تعبر عن مشاركة حقيقية نابعة من اهتمام بما تجري في المجتمع السياسي.
– الحفاظ على الوضع القائم سواء في المؤسسات غير الرسمية الأحزاب والجمعيات وغياب التداول على السلطة في حياتها الداخلية أو في المؤسسات الرسمية بقاء نفس الأشخاص والسياسات.
– عزوف الشباب عن الانضمام للأحزاب السياسية، حيث يلاحظ سيطرة الشيوخ على المناصب القيادية وبالتالي غياب التجديد والحيوية لتحريك العمل السياسي.
– عدم المشاركة في الانتخابات الطلابية (ضعف الإقبال على ممارسة).
– ضعف المشاركة في أوجه النشاط الاجتماعي الأخرى وفي المجالات غير السياسية للحياة الاجتماعية ذلك أن مثل هذه المشاركة تؤثر في اتجاهات الأفراد نحو النظام السياسي والعملية السياسية.
-ضعف الحراك الاجتماعي وعزوف المثقفين.
– المقاطعة الانتخابية.[v]
ثالثا: دراسة المشاركة السياسية في الجزائر في ضوء الانتخابات التشريعية 2002-2012
1-: الانتخابات التشريعية30 ماي 2002
جاءت الانتخابات التشريعية 2002 في ظل تطورات معتبرة في الساحة السياسية منها:
- تحسن محسوس في الأوضاع الأمنية.
- صعود جبهة التحرير للواجهة السياسية.
- تطورات خطيرة في منطقة القبائل ابتداء من سنة 2001 ومشادات متواصلة بين الشباب والأجهزة الأمنية خاصة الدرك الوطني وبروز تيار سياسي جديد ” حركة العروش”. [vi]
نتائج الانتخابات التشريعية 30 ماي 2002:
عدد الناخبين المسجلين
|
17.951.00 |
عدد الناخبين الذين صوتوا
|
7.410.00 |
نسبة المشاركة
|
46% |
عدد الأصوات الملغاة
|
876.000 |
المصدر: عبد الرزاق مقري، التحول الديمقراطي في الجزائر رؤية ميدانية، ص.16
2- نتائج الانتخابات التشريعية17 ماي 2007
شهدت الانتخابات التشریعیة ل 17ماي 2007 في الجزائر الكثیر من الظواهر السیاسیة التي میزتها عن غیرها من الانتخابات ،وقد تمثلت هذه الظواهر السیاسیة فیما یلي:
أ – ظاهرة المنشقین عن الأحزاب السیاسیة:
واجهت الأحزاب السیاسیة أثناء وبعد إعداد ترتیب القوائم الانتخابیة سلسلة من الاحتجاجات والاستقالات، حیث لجئ أعضاء أحزاب إلى دخول الانتخابات في شكل قوائم مستقلة حرة والبعض الآخر فضل أحزاب أخرى وفي مراكز ورتب أحسن في قوائم جدیدة ویمكن تفسیر هذه العضویة المتحركة وظاهرة الانشقاق إلى ضعف الالتزام الحزبي وإخفاق الأحزاب في التوغل داخل المجتمع بالإضافة إلى غیاب الديمقراطية في الحیاة الداخلیة للأحزاب بالإضافة إلى وجود سلسلة تمردات وعملیات عنف على فترات متقاربة،الأمر الذي جدد مخاوف الشعب الجزائري من تكرار أحداث التسعینات .
ب – تدخل المال في العملیة الانتخابیة:
شكل المال في الانتخابات البرلمانیة الجزائرية دورا أساسیا في التأثیر سلبا على العملیات الانتخابیة سواء من حیث تقدیم رشاوى لرؤساء مكاتب الأحزاب السیاسیة من طرف بعض رجال المال والأعمال حتى یكونوا في المراتب الأولى لقوائم الأحزاب في الانتخابات، أو لشراء الأصوات أثناء عملیة التصویت، والسؤال المطروح لماذا یفكر المقاولون أو رجال الأعمال في الترشح كنائب ، هل هو حامل لمشروع تغییر وأفكار تساهم في حلول ناجعة لمشاكل الجماهیر؟ لا شك في أن الهدف الرئیسي للذین ینخرطون بمثل هذه الأسالیب هو الحصول على الحصانة البرلمانیة وتوظیفها كمشروع استثماري یدر على صاحبه الكثیر من المكاسب، وهو تهدید واضح للمسار الديمقراطي في الجزائر، لاسیما وأن تدخل المال في العملیات الانتخابیة بدا واضح المعالم خاصة خلال الانتخابات البرلمانیة.
نتائج الانتخابات التشريعية17 ماي 2007: أفرزت الانتخابات التشريعية 2007 نتائج وفيما يلي إيضاح لها حسب الجدول التالي:
عدد الناخبين المسجلين
|
18.761.084 |
عدد الناخبين الذين صوتوا
|
6.692.891 |
نسبة المشاركة
|
35.67% |
عدد الأصوات المعبر عنها
|
5.727.827 |
عدد الأصوات الملغاة
|
965.064 |
المصدر: إعلان رقم / 03 إ. م د 07 / مؤرّخ في 4 جمادى الأولى عام 1428 الموافق ل21 مايو سنة2007 يتضمّن نتائج انتخاب أعضاء اﻟﻤﺠلس الشّعبيّ الوطنيّ، الجريدة الرسمية رقم 45، ص.3.
3 – الانتخابات التشريعية 10 ماي 2012
لقد تمیزت الانتخابات التشریعیة في الجزائر سنة 2012 بإحاطتها بالعدید من المتغیرات الخارجیة (الدولیة) تمثلت في التطورات السیاسیة التي حدثت في البلدان العربیة أو ما يعرف باسم ” الربیع العربي” الأمر الذي جعل الجزائر تشهد مجموعة من التطورات الداخلیة ، والتي تتعلق بمحاولة تكییف النظام الانتخابي ، ولقد اندرجت هذه التطورات في سیاق هندسة العملیة الانتخابیة وخاصة خلال الانتخابات التشریعیة التي جرت في 10 ماي 2012 ، حیث تمثلت هذه التطورات في العدید من الإصلاحات السیاسیة التي قام بها الرئیس عبد العزیز بوتفلیقة في نهایة سنة 2011 التي جاءت قبل الانتخابات التشریعیة في الجزائر ، خاصة تعدیل القانون الانتخابي، و فتح المجال لتأسیس أحزاب سیاسیة جدیدة على الخارطة السیاسیة ، و توسیع مشاركة المرأة في المجالس الانتخابیة وذلك باعتماد نظام الحصص أو الكوتا ، بالإضافة إلى آلیات الرقابة الداخلیة والخارجیة على العملیة الانتخابیة ، وذلك من أجل ضمان شفافیة ونزاهة هذه الانتخابات. [vii]
نتائج الانتخابات التشريعية 10 ماي 2012:
21.645.841 | عدد الناخبين المسجلين
|
9.339.026 | عدد الناخبين الذين صوتوا
|
% 43.14
|
نسبة المشاركة |
9.634.979 | عدد الأصوات المعبر عنها
|
1.704.047
|
عدد الأصوات الملغاة |
المصدر: الجمهوریة الجزائرية الديمقراطية الشعبیة إعلان رقم 01 / إ.م / 12 ، مؤرخ في 24 جمادى الثانیة عام 1433 الموافق ل 15 مایو 2012 ، یتضمن نتائج انتخاب أعضاء المجلس الشعبي الوطني، الجریدة الرسمیة، عدد 32 ،السنة 49 بتاریخ 26 ماي 2012 ، ص. 5.
وبترجمة هذه النتائج على شكل أعمدة بيانية يتضح لنا التالي:
شكل يوضح نسبة المشاركة في الانتخابات التشريعية من 2002إلى 2012
فالملاحظ لنتائج الانتخابات التشريعية في الجزائر يلاحظ أن نسبة مشاركة الجزائريين في الانتخابات هي نسبة نستطيع أن نقول عنها نسبة من الضعيفة على المتوسطة حيث كانت متوسطة في سنة 2002 لتنخفض في سنة 2007 إلى نسبة متدنية حيث قدرت ب35.67% لترتفع نوعا ما في سنة 2012 إلى 14.43% إلا أن نسبة المشاركة هذه تبقى دون المستوى فهي لم تصل إلى نسبة 50% فإذ ما قارنا نسبة الأشخاص المنتخبين نجدها قليلة مقارنة بعدد الأفراد المسجلين في القوائم الانتخابية ،حيث نجد أنه وبالرغم من أن المواطنين متحصلين على شهادات علمية ومؤهلات جامعية ومعظمهم شباب إلا أنهم يبتعدون عن أداء واجبهم الانتخابي واختيار ممثليهم حيث نجد في كل تصريحات المواطنين أن ما يقال في الحملات الانتخابية من طرف المترشحين من وعود ما هي إلا مجرد كلام في مهب الريح وان هؤلاء المترشحين لا يملكون برامج ولا مستويات علمية، فمعظم المترشحين وبمجرد وصولهم إلى قبة البرلمان تجدهم لا يطبقون ما قالوه ووعود به المواطنون وهمهم جمع المال عوض من إيصال مطالب المواطنين ومشاكلهم إلى صناع القرار ما يولد لدى المواطنين نوعا من عدم الثقة فيهم وينتج فجوة بينهم فعوض أننا نسعى إلى تقريب الشعب من ممثليهم فإننا في الجزائر العكس.
وبما أننا مقبلين على الانتخابات التشريعية في 4 ماي 2017 فهل ستعرف هذه الانتخابات مشاركة قوية من قبل الموطنين أم أنه سيكون هناك عزوف عن المشاركة مما يجعل الجزائر تعيش مرة أخرى دوامة العزوف الانتخابي.
المحور الثالث: سبل تفعيل المشاركة السياسية في الجزائر.
ومن أجل تعزيز المشاركة السياسية وتجاوز الأزمة لا بد من توفر مجموعة من السبل تساعد على تفعيل المشاركة ومن بين هذه نجد:
1 – تعزيز وتوسيع دائرة مشاركة الشباب في العمل السياسي من خلال إشراكهم في كل العمليات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها، وتشبيب الإدارة.
2 – تعزيز دور البرلمان بوصفه حلقة وصل حقيقية بين القمة والقاعدة أي بين السلطة السياسية وانشغالات المواطن، كما ينبغي على البرلمانيين الاضطلاع بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم إزاء صياغة السياسات الاجتماعية والاقتصادية، واتساقا مع مبدأ أن زيادة مشاركة الشباب في الحياة العامة يعتبر عنصرا حاسما في نجاح كل برامج التنمية.
3– تعزيز دور الإعلام العام والخاص في تنمية الوعي السياسي لدى المواطن.
4 – توفير جميع الضروريات التي يحتاجها المواطن، كالغذاء، السكن، الأمن، تحقيق كرامة الإنسان وغيرها…الخ.
5- المشاركة الشعبية من خلال الهيئات والمجالس المحلية يمكن أن تقوم بدور الرقابة والضبط وهذا أمر ضروري يساعد الحكومة على اكتشاف نقاط الضعف بل يمنع أحيانا من وقوع أخطاء من المسؤولين التنفيذيين وصورة تسيير حل مشاكل الجماهير وتحقيق يكون فيه المواطنين مشاركين لا تفرجين.
6- تدعيم الثقة بين المواطن والأحزاب السياسية وتعزيز دور الممارسة السياسية في المجتمع والذي يظهر جليا من خلال دور التشكيلات السياسية والقيادات الحزبية في نقل صورة حقيقية معبرة عن انشغالات المواطن إلى البرلمان.[viii]
خلاصة:
وختاما لما تم ذكره في هذه الورقة البحثية يبقى موضوع أزمة المشاركة السياسية من أهم الأزمات التي تعيشها الجزائر في كل المواعيد الانتخابية وعائقا حقيقيا أمام تجسيد معالم الحكم الراشد، وقصور واضحا في سير العملية التنموية الشاملة بشكل عام.
ومن خلال هذه الدراسة يمكننا استعراض مجموعة من النتائج والاستنتاجات وهي أن:
– المشاركة السياسية تعد إحدى المؤشرات الدالة على ديمقراطية النظام السياسي.
– أزمة المشاركة السياسية تنشئ نتيجة تدني معدلات مشاركة الجماهير في الحياة السياسية نظرا لوضع الصفوة عراقيل أمام المتطلعين إلى المشاركة.
– أزمة المشاركة السياسية في الجزائر هي نتيجة ضعف وعي المواطنين بالمشاركة في الانتخابات من جهة و انعدام الثقة في المنتخب من جهة ثانية.
– من مظاهر أزمة مشاركة السياسية هو عزوف الجزائريين عن الانتخاب في مختلف الاستحقاقات الانتخابية التي عرفتها الجزائر لاسيما التشريعية منها باعتبارها موضوع دراستنا.
التوصيات: من خلال هذه الدراسة يمكننا تقديم بعض التوصيات تتمثل في التالي:
– تنشئة أفراد مجتمعنا على ثقافة سياسية واعية ومشاركة سياسية واسعة في مختلف الاستحقاقات الانتخابية وغرس روح المواطنة لديهم عبر التعريف بحقوقهم السياسية وواجباتهم،في مقابل ذلك على الممثلين المنتخبين أن يؤذوا واجبهم على أتم وجه والوفاء بوعودهم وان يخلقوا الثقة بينهم وبين من اختاروهم لتمثيلهم في البرلمان وذلك حتى تكون هناك كفة متوازنة قوامها مواطن واعي ومشارك ونائب مسؤول عن إيصال مطالب الشعب.
– القيام بحملات توعوية تبين أهمية المشاركة السياسية وذلك عبر مختلف الوسائل السمعية والسمعية البصرية وعبر مختلف مؤسسات المجتمع المدني وكذا الانترنت من خلال مواقع الشبكات الاجتماعية.
[i] منصور مرقومة، ” المجتمع المدني والثقافة السياسية المحلية في الجزائر بين الواقع و النظرية، مجلة دفاتر السياسة والقانون،عدد خاص أفريل ، ص. 302، 2011.
[ii] حياة قزادري،” التنمية السياسية:المفهوم..المشكلات والمقومات و الآليات.” نقل عن الموقع الالكتروني : https://www.nousharek.com/upload/files/2016/05/TOXEcaEbFpRxsSPoJcYY_26_8be940d6a2ef948bf26db48af9920683_file.pdf
[iii] ثامر كامل الخزرجي، النظم السياسية الحديثة والسياسات العامة دراسة معاصرة في إستراتيجية إدارة السلطة (عمان :دار مجدلاوي، 2004)، ص.181 ، 182.
[iv] لعجال أعجال محمد لمين ،إشكالية المشاركة السياسية وثقافة السلم، مجلة العلوم الإنسانية ، جامعة محمد خيضر بسكرة، ، العدد الثاني عشر، ص ص .244 ، 245، نوفمبر 2007 .
[v] ناجي عبد النور ” أزمة المشاركة السياسية في الجزائر دراسة تحليلية للانتخابات التشريعية 2007 “نقلا عن الموقع :
https://www.fichier-pdf.fr/2014/12/30/fichier-sans-nom/fichier-sans-nom.pdf
[vi] عبد الرزاق مقري ، التحول الديمقراطي في الجزائر رؤية ميدانية ، ص.16.
[vii] سمية مزغيش ،”الإصلاح في النظام الانتخابي وتأثيره على المشاركة السياسية في الجزائر خلال الفترة الممتدة من2004 إلى غاية 2012، رسالة مقدمة لنیل درجة الماجستیر في العلوم السیاسیة، جامعة قسنطينة 3، كلية العلوم السياسية ، 2013-2014 ، ص.130.
[viii] مهملي بن علي،” الخطاب السياسي وآليات تفعيل المشاركة السياسية في الجزائر “، مجلة العلوم القانونية والسياسية عدد 13جوان ، ص ص 93، 94، 2016.