عاجلمقالات

التغذية القسرية ما بين الخداع الإسرائيلي والتجريم الدولي

إعداد الحقوقي الفلسطيني : ثائر العقاد

 

تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي خرقها الواضح والفاضح لكافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية، وخاصة ما يتعلق بالإجراءات التعسفية والمنافية لكافة الحقوق الدولية التي تمارسها بحق الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام لليوم العشرين على التوالي، حيث يستمر حوالي 1600 أسير فلسطيني إضرابهم المفتوح عن الطعام رفضاً لكافة الانتهاكات التي تقوم بها مصلحة السجون الإسرائيلية ضدهم، ومن أجل تلبية مطالبهم العادلة والمتمثلة في معاملة كريمة وإنسانية ، وتحسين ملف زيارات الأسرى، وإنهاء سياسة العزل الانفرادي للأسرى ، وكذلك إنهاء سياسة الاعتقال الإداري، وتوفير الرعاية الطبية للأسرى، وتركيب هواتف عمومية لهم، وهي حقوق مشروعة كفلتها كافة الاتفاقيات والمواثيق الدولية .

وفي محاولات إسرائيلية لكسر إرادة الأسرى المضربين عن الطعام، عمدت مصلحة السجون الإسرائيلية على تنفيذ عقوبات انتقامية قائمة على القوة والعنف والتهديد والضرب وعزل الأسرى بهدف محاولة فك إضرابهم المفتوح عن الطعام .

وفي إطار المحاولات الإسرائيلية المتواصلة لكسر الصمود الأسطوري للأسرى في إضراب الحرية والكرامة تواردت أنباء على عزم حكومة الاحتلال الإسرائيلي جلب أطباء من الخارج من أجل القيام بتغذية الأسرى المضربين عن الطعام قسرياً في ظل رفض نقابة الأطباء الإسرائيلية التعاطي مع المطالب الحكومية الإسرائيلية بتغذية الأسرى قسرياً .

أن التّغذية القسرية تتم باستخدام ما تسمى بـ”الزوندة”، التي توضع إما بالأنف أو بالفم، ويتم ذلك بشكل متكرر بعد تكبيل الأسير بمقعد، وغالباً ما يصاحب هذه العملية نزيف بسبب تكرار إدخالها، وقد أقر الكنيست الإسرائيلي هذا القانون في عام 2015، وذلك بهدف كسر سلسلة الإضرابات الفلسطينية المتصاعدة في سجون الاحتلال الإسرائيلية، وللأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال تجربة مريرة مع التغذية القسرية التي طبقت في إضرابات سابقة وادت إلى استشهاد ثلاثة أسرى وهم الشهداء عبد القادر أبو الفحم في العام1970، وراسم حلاوة ، وعلى الجعفري في عام 1980 .

القانون الدولي كفل للأسير الحق في اللجوء لوسائل احتجاجية سلمية من أجل التعبير عن مطالبه المحقة والمشروعة من ضمنهم الحق في الإضراب، كما سمح للأسير الحق في التحكم بجسده ورفض كافة أساليب التغذية القسرية وذلك بعد أن يكون الأسير مدركاً وواع لكافة الآثار الناجمة عن إضرابه، لذلك التغذية القسرية سلوك مهين يمارس ضد رغبة الأسير عبر تقييده وتكبيله ،حيث تحاول إسرائيل خداع العالم من خلال الادعاء الكاذب أن هدفها من التغذية القسرية هو الحفاظ على صحة وحياة الأسير، بينما الهدف الحقيقي من وراء إقرارها إرغام الأسرى على فك إضرابهم حتى ولو كانت النتيجة موت بعضهم نتيجة التغذية القسرية التي لها مضاعفات صحية خطيرة .

لذلك توصف التغذية القسرية بجريمة تعذيب للأسير، وتخالف كافة الأخلاقيات الطبية التي لا تجيزها وفق ميثاق إتحاد الأطباء العالمي، وتخالف كذلك نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية ،حيث حظر في المادة الثامنة التعذيب والمعاملة غير الإنسانية وتعمد إلحاق أذى خطير في الجسم والصحة واعتبرهم جريمة حرب، وكذلك إعلان طوكيو لعام 1975 لم يجيز عملية التغذية القسرية للأسرى المضربين.

كما أكد إعلان مالطا الصادر عن الجمعية الطبية العالمية في نوفمبر 1991 بشأن الإضراب عن الطعام، على ضرورة أن يكون التدخل الطبي لصالح المضرب وبموافقته الصريحة أو الضمنية، ودون تدخل طرف ثالث في الأمر .

وفي هذا السياق لابد أن يكون هناك وقفة من قبل المنظمات الدولية وخاصة منظمة الصحة العالمية من أجل وقف هذه الجريمة المنظمة والممنهجة ضد أسرانا المضربين في سجون الاحتلال الإسرائيلي .

Rate this post

المركز الديمقراطى العربى

المركز الديمقراطي العربي مؤسسة مستقلة تعمل فى اطار البحث العلمى والتحليلى فى القضايا الاستراتيجية والسياسية والاقتصادية، ويهدف بشكل اساسى الى دراسة القضايا العربية وانماط التفاعل بين الدول العربية حكومات وشعوبا ومنظمات غير حكومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى