روحاني يتعهد بعد إعادة انتخابه بتحقيق انفتاح أكبر لإيران
-المركز الديمقراطي العربي
تعهد الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم السبت بانفتاح إيران على العالم وتحقيق الحريات التي يتوق لها شعبها في لغة خطاب متحدية لمعارضيه المحافظين بعد فوزه الحاسم بفترة رئاسة ثانية.
وأعاد روحاني، المعروف عنه أنه عضو معتدل وحذر في المؤسسة، طرح نفسه كداعم قوي للإصلاح خلال حملة الانتخابات التي توجت بفوزه يوم الجمعة بحصوله على أكثر من 57 بالمئة من الأصوات فيما حصل منافسه الرئيسي القاضي المحافظ إبراهيم رئيسي على 38 بالمئة.
وفي أول خطاب تلفزيوني له بعد إعلان النتائج بدا أن روحاني يتحدى القضاة المحافظين علنا من خلال الإشادة بالزعيم الروحي لمعسكر الإصلاح الرئيس السابق محمد خاتمي. وحظرت محكمة ذكر اسم خاتمي علنا في وسائل الإعلام.
وقال روحاني “رسالة أمتنا في الانتخابات كانت واضحة. الأمة الإيرانية تختار طريق التفاعل مع العالم بعيدا عن العنف والتطرف”.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون الذي لا تربط بلاده علاقات دبلوماسية مع إيران منذ عام 1980 إنه يأمل في أن يستغل روحاني فترة رئاسته الثانية لإنهاء برنامج الصواريخ الباليستية وما وصفه بشبكة إيران الإرهابية.
وتنفي إيران أي ضلوع لها في الإرهاب وتقول إن برنامجها الصاروخي لأغراض دفاعية بحتة. وقد استهدف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برنامج إيران الصاروخي بعقوبات جديدة في الآونة الأخيرة.
وعلى الرغم من أن سلطات الرئيس المنتخب محدودة بالمقارنة مع سلطات الزعيم الأعلى آية الله علي خامنئي فإن حجم فوز روحاني يعطي المعسكر الموالي للإصلاحيين تفويضا قويا لتحقيق نوع من التغيير أحبطه المحافظون لعقود.
ورئيسي أحد تلاميذ خامنئي وتشير إليه وسائل الإعلام الإيرانية على أنه خليفة محتمل للزعيم الأعلى البالغ من العمر 77 عاما والذي يتولى الزعامة منذ 1989. وتترك هزيمته المحافظين دون حامل لواء واضح.
ومن شأن فوز روحاني بفترة جديدة حماية الاتفاق النووي الذي توصلت إليه إيران في ظل رئاسته مع القوى العالمية في 2015 وقضى برفع معظم العقوبات على الجمهورية الإسلامية نظير أن تكبح برنامجها النووي.
كما يمثل الفوز انتكاسة للحرس الثوري الذي يملك إمبراطورية صناعية كبيرة في إيران والذي أيد رئيسي في الانتخابات لحماية مصالحه.
* احتفالات
تجمع آلاف الأشخاص في وسط طهران للاحتفال بفوز روحاني. وأظهرت لقطات فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي شبانا وهم يصفقون ويهتفون “حسن روحاني ..نحبك وندعمك”.
وارتدى بعضهم أساور أرجوانية بلون حملة روحاني أو ملابس خضراء تمثل شعارا للحركة الإصلاحية التي سحقتها قوات الأمن بعد انتخابات عام 2009 والتي يقبع قادتها رهن الإقامة الجبرية منذ 2011.
وخلال الحملة الانتخابية وعد روحاني بإطلاق سراحهم إذا انتخب بتفويض قوي.
وقال أراش جيرانمايه (29 عاما) وهو صاحب مقهى تحدث عبر الهاتف من طهران “فزنا. فعلنا ما كان يتوجب علينا فعله من أجل بلادنا. والآن جاء دور روحاني للوفاء بوعوده”.
وأظهرت لقطات مصورة من مدن كرمان شاه وتبريز ومشهد مئات الأشخاص في الشوارع يهللون ويرقصون.
لكن روحاني (68 عاما) لا يزال يواجه نفس القيود التي منعته من إحداث تغيير اجتماعي كبير في إيران خلال فترة رئاسته الأولى وأحبطت كذلك جهود الإصلاح التي بذلها الرئيس السابق محمد خاتمي بين عامي 1997 و2005.
لكن من خلال ذكر اسمه علنا في خطاب فوزه بالقول أشكر “أخي العزيز محمد خاتمي” بدا أن روحاني بدأ في الاضطلاع بتلك المسؤولية. وكان ذلك تحديا بارزا للسلطات القضائية الدينية في البلاد التي أدرجت خاتمي في قائمة سوداء وأقصته من الحياة العامة لتأييده لإصلاحيين آخرين رهن الإقامة الجبرية.
ويتشكك خبراء كثيرون في قدرة الرئيس على تغيير الكثير في إيران مادامت السلطة العليا تملك سلطة الاعتراض على كل السياسات والسيطرة على قوات الأمن. وقال البعض إن النمط أصبح معتادا بفوز روحاني في الولاية الأولى قبل أربع سنوات وانتصارات خاتمي في العقد الماضي.
وقال كريم سجادبور وهو زميل بمؤسسة كارنيجي يركز على الشؤون الإيرانية “كانت الانتخابات الرئاسية على مدى العقدين الأخيرين أياما قصيرة من النشوة تتبعها سنوات طويلة من الخيبة.”
وأضاف “لا تزهر الديمقراطية في إيران إلا أياما معدودة كل أربع سنوات بينما الاستبداد في ربيع دائم”.
وسيتعين على روحاني إدارة علاقة شائكة مع واشنطن التي تبدو متشككة في الاتفاق النووي الذي وقعه الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما. ووصف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الاتفاق مرارا بأنه “أحد أسوأ الاتفاقات الموقعة على الإطلاق” لكن إدارته مددت تخفيف العقوبات عن إيران الأسبوع الماضي.
ووصل ترامب يوم السبت إلى السعودية في مستهل أولى جولاته الخارجية خلال رئاسته. والسعودية هي أكبر خصم لإيران في المنطقة ومن المتوقع أن تسعى جاهدة كي يتخلى ترامب عن الاتفاق النووي.
وفي مؤتمر صحفي مع نظيره الأمريكي في الرياض قال وزير الخارجية السعودي عادل الجبير إن الانتخابات الرئاسية الإيرانية شأن داخلي. وأضاف “نريد أن نرى أفعالا لا أقوالا” من إيران.
وهنأ الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير الكويت، حليفة السعودية، روحاني على إعادة انتخابه.
* كسر محظورات
خروج روحاني بصورة الإصلاحي المتحمس في أواخر الحملة الانتخابية ساعد في إثارة طموح الشبان والناخبين من أبناء الحضر المتطلعين للتغيير. وتخطى الرئيس في كلماته حدودا تقليدية حين هاجم علنا سجل حقوق الإنسان في أجهزة الأمن والقضاء.
وخلال إحدى خطبه الانتخابية أشار روحاني للمحافظين بوصفهم “هؤلاء الذين يقطعون الألسنة ويكممون الأفواه” كما اتهم رئيسي خلال مناظرة الأسبوع الماضي بالسعي “لاستغلال الدين من أجل السلطة”. وقوبلت هذه التصريحات بتوبيخ علني نادر من جانب خامنئي الذي وصفها بأنها “لا قيمة لها”.
وقال عباس ميلاني مدير برنامج الدراسات الإيرانية في جامعة ستانفورد إن الشراسة التي اتسمت بها الحملة الانتخابية قد تصعب على روحاني الحصول على موافقة المحافظين على تنفيذ برنامجه.
وقال “رفع روحاني من السقف في اللغة التي استخدمها خلال الأيام العشرة الماضية. من الواضح أنه سيكون من الصعب التراجع عن بعض ما قال”.
وقال مئیر جاودانفر وهو محاضر في الشأن الإيراني في مركز دراسات هرتزليا الإسرائيلي ومن مواليد إيران إن الحرس الثوري قد يستخدم دوره كقوات تدخل في مناطق أخرى بالشرق الأوسط لمحاولة عرقلة أي تقارب مستقبلي مع الغرب.
وأضاف “منذ ثورة 1979، كلما خسر المتشددون معركة سياسية حاولوا الانتقام… ما قد يقلقني هو انتهاج الحرس الثوري سياسات أكثر ميلا للمواجهة في الخليج الفارسي… وسياسات أكثر ميلا للمواجهة مع الولايات المتحدة والسعودية”.
ومن بين رسائل التهنئة التي تلقاها روحاني من قادة حول العالم قال الرئيس السوري بشار الأسد الذي تسانده إيران على أرض المعركة في بلاده إنه يتطلع للتعاون لتعزيز الأمن والاستقرار في البلدين والمنطقة والعالم.
والجائزة الكبرى التي حصل عليها أنصار روحاني هي احتمال التأثير على مسار إيران لعقود قادمة من خلال التأثير على اختيار من يخلف خامنئي الذي تولى منصب الزعيم الأعلى منذ عام 1989.
وكان من شأن فوز رئيسي أن يضمن على الأرجح أن الزعيم الأعلى القادم من المحافظين فيما يمنح فوز روحاني الإصلاحيين فرصة لبناء نفوذ لهم في مجلس الخبراء المنوط باختيار الزعيم والذي لا يهيمن عليه الإصلاحيون ولا المحافظون.
وأشاد خامنئي بإقبال الناخبين على التصويت ووقوفهم في الصفوف لساعات طويلة للإدلاء بأصواتهم. ويبدو أن الإقبال الكبير الذي بلغت نسبته 73 بالمئة جاء في صالح روحاني الذي قال مؤيدوه مرارا إن أكبر مخاوفهم هو عزوف الناخبين ذوي الميول الإصلاحية عن التصويت بسبب إحباطهم من بطء وتيرة التغيير.
وكان ناخبون كثيرون عازمين على منع صعود رئيسي الذي كان واحدا من أربعة قضاة حكموا على آلاف المعتقلين السياسيين بالإعدام في الثمانينيات وهو حكم اعتبره الإصلاحيون رمزا للدولة البوليسية في عنفوانها.
وقال ناصر وهو صحفي يبلغ من العمر 52 عاما “حشد الجماعات المحافظة الواسع والاحتمالات الواقعية بفوز رئيسي جعلت كثيرين يخشون الذهاب للتصويت”.
وأضاف “تراهنت أنا وأصدقائي. قلت إن رئيسي سيفوز وأعتقد أن هذا الأمر شجع أصدقائي الذين ربما قرروا عدم التصويت على الذهاب للإدلاء بأصواتهم”.المصدر:رويترز