أهداف ومصلحة الأطراف المنظرة لإلغاء عقوبة الإعدام
العدد الثالث “يونيو – حُزيران” لسنة “2017 ” من مجلة العلوم السياسية والقانون
احدى اصدارات المركز الديمقراطي العربي
إعداد: د. أحمد توبة – مدرس العلوم السياسية والقانون في جامعة الاستقلال- أريحا فلسطين
ملخص:
تشكل عقوبة الإعدام وفقاً لآراء العديد من المنظمات الدولية وأيضاً فقهاء القانون الدولي، عقوبة في منتهى القسوة، واللاإنسانية، والإهانه . وهي عقوبة لا يمكن الرجوع عنها حال تنفيذها، ويمكن أن تُنزل بالأبرياء. ولم يتبين قط أنها تشكل رادعاً ضد الجرائم أكثر فعالية من العقوبات الأخرى.
ويرى البعض أن عقوبة الإعدام هي الاسم الحكومي لكلمة القتل، فالأفراد يقتلون بعضهم البعض، ولكن الحكومات والدول تعاقب الأفراد بعقوبة الإعدام، وينبع مطلب إلغاء الإعدام ومنع القتل كلاهما من السبب نفسه؛ أي معارضة القتل المتعمد مع سبق الإصرار والترصد من قبل شخص ما لشخص آخر، وسواء قام بالقتل حكومة معينة أو مرجع ذو صلاحية، فلن يغير ذلك من حقيقة الأمر أبداً، وهي أننا نواجه حالة قتل متعمد. فعقوبة الإعدام هي أبشع أشكال القتل المتعمد وأقذرها، وأشدها سخافة؛ لأن ثمة مؤسسة سياسية تقرر أمام الناس، وتعلن مسبقاً على الزملاء وبأقصى درجات اللامبالاة وبرود الأعصاب والشعور بالحقانية عن قرارها في قتل شخص، وتعلن أيضاً اليوم والساعة التي ستقوم فيها بهذا الأمر.
وفي مقابل الدعوة للإبقاء على عقوبة الإعدام – تقود منظمة العفو الدولية- الدعوة إلى إلغاء تلك العقوبة حيث تكتسب مؤيدين وأنصاراً وأرضاً جديدة في دعوتها، فالمشاهد أن الدول التي ألغت عقوبة الإعدام من تشريعاتها الجنائية في ازدياد مستمر.
الكلمات المفتاحية :
عقوبة الإعدام ، التعزير ,الجريمة ، الإرهاب
The interests and interests of the parties to the abolition of the death penalty
Abstract:
According to the views of many international organizations and scholars of international law, the death penalty is cruel, inhuman and degrading punishment. It’s not a reversible case, and I’m going to be riddled with innocents. I’m not a deterrent
In the view of some, the death penalty is the government’s name for the word murder. Individuals kill each other, but governments and states punish individuals with the death penalty. The demand for the abolition of death and the prevention of murder stems both from the same reason: the opposition to premeditated murder, Whether he has killed a certain government or a competent authority, that will never change the fact that we are facing a case of deliberate murder. The death penalty is the most heinous and cruelest form of murder, and the most ridiculous. Because there is a political institution that decides before the people, it declares in advance its colleagues, with utmost indifference, coolness and a sense of urgency in its decision to kill a person
In exchange for the call for the retention of the death penalty, Amnesty International is calling for the abolition of the penalty, as supporters, supporters and new territories are gaining their support. The observer states that States that have abolished the death penalty from their criminal legislation are on the rise.
key words :Capital punishment, torture, crime, terrorism
مقدمة:
تعتبر عقوبة الإعدام من أقدم العقوبات التي عرفتها القواعد القانونية الجنائية، وهي أقسى أنواع العقوبات، وهذا ما كان سائداً منذ زمن طويل، حيث لجأ المشرع الجنائي إلى نظام العقوبات البدنية وعلى رأسها عقوبة الإعدام، كنوع من استئصال الجاني من الجماعة على نحو قطعي ونهائي.
وكان السائد في معظم التشريعات عدم تحديد الأفعال التي تعد جريمة، وعدم تحديد عقوبات معلنة سلفاً للكافة كجزاء على الجريمة، فكانت سلطة الحاكم في فرض الجزاء وإيقاع العقاب على من يعد جانياً في نظره مطلقة على مدى تاريخ طويل، حيث كان الحاكم يفوض صلاحياته القضائية إلى قضاة يحددهم لاعتبارات يراها هو تتعلق بالولاء له في غالب الأحيان، وهذا الأمر على عكس الفلسفة الحديثة في السياسة العقابية القائمة على أساس مبدأ شرعية الجرائم والعقوبات.
ونظراً لهذا الوضع صدرت بعض الدعوات عن الفلاسفة والمفكرين والمصلحين إلى الإصلاح العقابي، وصدرت بعض الدعوات الهادفة إلى إلغاء العقوبات الأكثر قسوة وبشاعة الا وهي عقوبة الإعدام .
ومن هنا نجد الاختلاف في موقف المشرع الجنائي بخصوص عقوبة الإعدام من دولة إلى أخرى بين مؤيد لعقوبة الإعدام وبين معارض لها وبين من يدعو إلى تجميدها، وكل فريق له حججه ومبرراته واهدافه .وقد اهتمت التشريعات القديمة والحديثة وأعرافها بجرائم القتل ونظرت إليها نظرة خطيرة حيث اعتبرتها جريمة فيها مساس بالحقوق الإلهية على البشر ورتبت لها اشد الإجراءات وأحاطتها بنقمة الإله والبشر على أساس أنها تمس أهم الحقوق التي حرصت التشريعات على حمايتها [1].
ولما كان قانون العقوبات يحمي حق الإنسان في الحياة منذ ولادته إلى وقت وفاته وامتدت هذه الحماية أكثر من ذلك لتشمل الجنين في بطن أمه[2]، فمن باب أولى أن يحميها من اخطر الجرائم التي تقع على النفس وهو (القتل العمد، ويرجع خطره في أن واحد إلى القصد الجنائي وهو نية القتل عند الجاني والى الضرر الذي ينجم عنه وهو القضاء على حياة المجني عليه[3]، وخطره يكمن في كونه يقترن بظرف سبق الإصرار والترصد حيث يعاقب عليه بالإعدام .
وتشكل عقوبة الإعدام- وفقاً لآراء العديد من المنظمات الدولية وأيضاً فقهاء القانون الدولي، عقوبة في منتهى القسوة، واللاإنسانية،والإهانة. وهي عقوبة لا يمكن الرجوع عنها حال تنفيذها، ويمكن أن تُنزل بالأبرياء. ولم يتبين قط أنها تشكل رادعاً ضد الجرائم أكثر فعالية من العقوبات الأخرى.
ويرى البعض أن عقوبة الإعدام هي الاسم الحكومي لكلمة القتل، فالأفراد يقتلون بعضهم البعض، ولكن الحكومات والدول تعاقب الأفراد بعقوبة الإعدام، وينبع مطلب إلغاء الإعدام ومنع القتل كلاهما من السبب نفسه؛ أي معارضة القتل المتعمد مع سبق الإصرار والترصد من قبل شخص ما لشخص آخر، وسواء قام بالقتل حكومة معينة أو مرجع ذو صلاحية، فلن يغير ذلك من حقيقة الأمر أبداً، وهي أننا نواجه حالة قتل متعمد. فعقوبة الإعدام هي أبشع أشكال القتل المتعمد وأقذرها، وأشدها سخافة؛ لأن ثمة مؤسسة سياسية تقرر أمام الناس، وتعلن مسبقاً على الزملاء وبأقصى درجات اللامبالاة وبرود الأعصاب والشعور بالحقانية عن قرارها في قتل شخص، وتعلن أيضاً اليوم والساعة التي ستقوم فيها بهذا الأمر.[4]
وفي مقابل الدعوة للإبقاء على عقوبة الإعدام – تقود منظمة العفو الدولية- الدعوة إلى إلغاء تلك العقوبة حيث تكتسب مؤيدين وأنصاراً وأرضاً جديدة في دعوتها، فالمشاهد أن الدول التي ألغت عقوبة الإعدام من تشريعاتها الجنائية في ازدياد مستمر
ومنذ فترة ليست بالقصيرة اختلف الفقهاء والمشرعون حول الإبقاء على عقوبة الإعدام أو إلغائها، وقد انعكس ذلك على مختلف دول العالم، فبينما احتفظت العديد من الدول بهذه العقوبة، نجد دولاً أخرى قد قامت حالياً بإلغائها ولجميع الجرائم، في حين أن دولاً أخرى ألغتها لجميع الجرائم ما عدا الجرائم الاستثنائية كجرائم الحرب
مشكلة الدراسة:
مازالت عقوبات الإعدام هي العقوبات الأكثر شيوعاً واستعمالاً في غالبية دول العالم، ويتم تنفيذ هذه العقوبات في مراكز الإصلاح والتأهيل بهدف معاقبة مرتكب الجريمة نظير ما اقترفه من ذنب بحق المجتمع لتحقيق الردع العام.
وتكمن مشكلة الدراسة في التعرف على أثر السلبي لإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام على المجتمع خاصة وان العديد من الدول العربية والاسلامية ما زالت تصدر احكام بالاعدام ولا يتم تنفيذها من قبل السلطة التنفيذية ولاحكام الدستور الذي ينص على ان دين الدولة هو الاسلام .
أهداف الدراسة:
1- التعرف على المقصود بعقوبة الإعدام؟
2- حجج كل مؤيدي ومعارضي عقوبة الاعدام.
3- توضيح أثر إيقاف عقوبة الإعدام على المجتمع.
4- أهداف ومصالح المنظرين لإلغاء عقوبة الإعدام.
المبحث الأول
ماهية عقوبة الإعدام
يدور الحديث في الوقت الراهن حول أهمية موضوع عقوبة الإعدام كعقوبة رادعة وشديدة ضد الجرائم الأكثر خطورة في المجتمع. وينقسم الفقهاء حول هذا الموضوع إلى من هو مؤيد ومن هو ضد الإعدام.. إلا أن مصلحة الوطن والمواطن وقناعة الجماهير ورجال القانون تفرض نفسها بأسلوب واقعي ومنطقي مؤداها مساندة الرأي القائل بفرض عقوبة الإعدام كجزاء ضد مرتكبي الجرائم الخطرة منها على سبيل المثال (الخيانة، التجسس، القتل المتعمد…).
المطلب الأول :عقوبة الإعدام
لا يقضى بأية عقوبة لم ينص القانون عليها حين اقتراف الجريمة [5] إذ لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص القانون ، وقد نصت المادة 14 من قانون العقوبات على ان الإعدام هو احد العقوبات الجنائية .
ومن هنا نرى أن القانون الأردني نص في مواده وعقوباته على عقوبة الإعدام وجعلها عقوبة لجريمة القتل العمد [6]، وذلك لخطورتها على المجتمع ولجسامة أضرارها سواء على أهل المجني عليه وعلى أمن المجتمع وذلك لما تنطوي عليه من إرادة الجاني إتيان الفعل بترو وهدوء وتفكير بعواقب الأمور التي تنتج عن فعلته. والإعدام هو شنق الجاني حتى الموت ، ولم يذكر القانون الأردني طريقة معينة يتم فيها الإعدام . وإنما وضع لها إجراءات تكفل حسن تنفيذها .
إجراءات تنفيذ عقوبة الإعدام :
- “عند صدور حكم الإعدام يرفع رئيس النيابة العامة إلى وزير العدل أوراق الدعوى مرفقة بتقرير يضمنه موجزا عن وقائع القضية والأدلة المستند إليها في صدور الحكم وفي الأسباب الموجبة لإنفاذ عقوبة الإعدام أو لإبدالها بغيرها .
- يرفع وزير العدل الأوراق المذكورة مع التقرير إلى رئيس مجلس الوزراء لإحالتها على المجلس .
- ينظر مجلس الوزراء في الأوراق المذكورة وتقرير رئيس النيابة ويبدي رأيه في وجوب إنفاذ عقوبة الإعدام أو إبدالها بغيرها ويرفع التوصية التي يتخذها في هذا الشأن مشفوعاً ببيان رأيه إلى جلالة الملك) .[7]
إذا وافق جلالة الملك على إنفاذ حكم الإعدام يشنق المحكوم عليه داخل بناية السجن أو في محل آخر إذا عين مثل هذا المحل في الإرادة الملكية ولا يجوز تنفيذ عقوبة الإعدام هذه في المحكوم عليه بها في يوم من أيام الأعياد الخاصة بديانته أو أيام الأعياد الأهلية و الرسمية ولا يجوز تنفيذ حكم الإعدام بالإمرأة الحامل إلا بعد وضعها بثلاثة أشهر .[8]
أما عن كيفية تنفيذ عقوبة الإعدام ، فهي تجرى بمعرفة وزارة الداخلية بناء على طلب خطي من النائب العام مبينا فيه استيفاء الإجراءات التالية المنصوص عليها سابقا وبحضور كل من :
- النائب العام أو أحد مساعديه .
- كاتب المحكمة التي أصدرت الحكم .
- طبيب السجن أو طبيب المركز .
- أحد رجال الدين من الطائفة التي ينتمي إليها المحكوم عليه .
- مدير السجن أو نائبه .
- قائد الشرطة في العاصمة , أو قائد المنطقة .
ويسأل النائب العام أو أحد مساعديه المحكوم عليه إذا كان لديه ما يريد بيانه ويدون أقواله الكاتب في محضر خاص يوقعه النائب العام أو أحد مساعديه والكاتب والحاضرون ,وبعدها ينظم كاتب المحكمة محضرا بإنفاذ الإعدام ويوقعه مع النائب العام أو مساعده والحاضرون ويحفظ في إضبارته الخاصة عند المدعي العام . على أن تدفن الحكومة جثة من نفذ فيه حكم الإعدام عند عدم وجود ورثة يقومون بدفنها ويجب أن يكون الدفن بدون احتفال .[9]
بقي أن نشير إلى أن هنالك آراء جاءت لتعترض على عقوبة الإعدام بسبب قسوتها ولأن الله هو الذي منح الحياة وهو وحده الذي يسلبها بالموت .
المطلب الثاني : العقوبة في الإسلام
ان تعريف الجريمة في الشرع الإسلامي هو أنها مخالفة أوامر الله ونواهيه بحيث تستوجب العقوبة . وقد عرفها بعض الفقهاء بأنها محظور شرعي زجر الله عنه بحد أو تعزير . ويمكن تصنيف الجرائم حسب الشريعة الإسلامية حسب العقوبات التي تفرض عليها إلى ما يلي :
أولاً : القصاص : ومعناه تساوي العقوبة مع الجرم أي حسب قاعدة العين بالعين والسن بالسن حيث منعت الشريعة القتل واعتبرت ان من قتل أحدا من الناس فكأنه قتل الناس جميعاً ، ولذلك وحفاظاً على سلامة المجتمع وردع الجاني يكون عقاب القاتل القتل وتعرف في جرائم القتل العمد والإيذاء العمد ففي القتل العمد هي القتل أيضاً ما لم يعفو ذوي المجني عليه عن القاتل ويستبدلون الدية بالإعدام . ولذلك لم يعتبره الفقهاء من جرائم الحـدود لأن العقوبة موقوفة على عفو ذوي المجني أو عدمه
ثانياً :- جرائم الحدود :– هي الجرائم المنصوص عليها في القرآن الكريم كما ان عقوبتها محددة فيه . وقد الحق بها الفقهاء جريمة شرب الخمر إذ نهى عنها القرآن الكريم ولم يحدد عقوبة لها لكن النبي قرر ان هذا الحد هو الجلد ويمكن تلخيص جرائم الحدود بما يلي :-
أ- السرقة : والحد فيها قطع اليد ( والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما ) ويرى البعض ان القطع لا يجوز في القليل كما انه لا يطبق إلا عند تكرار السرقة .
ب- الزنا : ان الزنا يعرف بأنه علاقة جنسية غير شرعية وطبعاً تم تشديد وسائل إثبات هذه الجريمة حرصاً على كيان العائلة . العقوبة لغير المتزوجين الجلد مائة جلده . أما المتزوجون فالعقوبة هي الرجم حتى الموت .
جـ- القذف: وعرفها الفقهاء وهي ان يرمي القاذف المقذوف بالزنا أو يطعنه في نسبة وقد اختلف الفقهاء في شروط إيقاع الحد فقال بعضهم انه لا يجوز إيقاع الحد إلا بناء على شكوى المقذوف ، فإذا ثبت عليه الجرم فعقوبته ان يجلد ثمانين جلده، بالإضافة لذلك لا تقبل شهادته لأنه أصبح مفترياً، وإذا كان القذف بين الزوجين فتكون بينهم الملاعنة .
د- شرب الخمر : وهي جريمة وردت في القرآن لكن لم يحدد عقوبتها فيه ولكن النبي حدد عقوبتها بالجلد ثمانين جلده .
هـ- الحرابه (قطع الطريق) : وهي قطع الطريق وقد سماها البعض بالسرقة الكبرى . وقد عرفها البعض بأنها إشهار السلاح وقطع السبيل على الناس .
وقد عرفها ابن تيميه ومن يرتكبونها بأنهم (قطاع الطرق الذين يعترضون الناس في الطرقات ونحوها ليغصبوهم المال مجاهرة اعتماداً على القوة مع البعد عن الغوث ولوحكما. أما عقوبة الحرابة فتختلف باختلاف نوع التعدي كما في الحالات التالية:-
إذا قتل وأخذ المال فانه يقتل ويصلب وقتله محتم لا يجوز العفو عنه .
إذا قتل ولم يأخذ المال فانه يقتل ولا يصلب .
إذا أخذ المال ولم يقتل فقطع يده اليمنى ورجله اليسرى .
إذا أخاف المارة ولم يقتل ولم يأخذ مالاً فانه ينفى ويشرد .
و- جريمة الردة : وهي جريمة تغير المسلم دينه إلى دين أخر وعقوبتها القتل عملاً بقول الرسول ( من غير دينه فاقتلوه) .
ثالثاً :- جرائم التعزيز: بعد ان بينت جرائم القصاص وجرائم الحدود فمن المهم بحث جرائم التعزيز والجريمة التي يعاقب عليها بالتعزيز هي الجريمة غير الخاضعة لجرائم القصاص أو جرائم الحدود . ونظراً لقلة الجرائم المشار إليها يبقى حجم جرائم التعزيز هو الأكبر . وقد رأى المشرع ان الشرع نزل لكل زمان ومكان وان مصالح الناس وأحكامهم التي يسيرون عليها تتبدل وتتغير بتبدل الأزمان وبتغيرها إذ ان القاعدة انه لا ينكر تغير الأحكام بتغير الأزمان ولذلك ترك هذه الجرائم بدون تحديد فعقوبتها تكون للقاضي الصلاحية في تقدير العقوبة حسب جسامة الجريمة وحسب ما تلحقه من ضرر بالمصالح العامة . وجرائم التعزيز تتعدد حيث منها جرائم متعلقة بحقوق الله وجرائم متعلقة بحقوق العباد، ويراعي ان تكون العقوبة أشد في الجرائم الأولى . وقد عدد ابن تيميه جرائم التعزيز نذكر بعضاً منها ( أما المعاصي التي ليس فيها حد مقدر ولا كفاره كالذي يقتل الصبي والمرأة الأجنبية أو يأكل ما لا يحل أكله أو يقذف الناس بغير الزنا أو يخون الأمانة وكذلك جريمة البغي (أي القوة المسلحة ). فهؤلاء يعاقبون تعزيراً وتأديباً. ويقرر القاضي عقوبة التعزيز حسب جسامة الجرم أو تكراره ، ولكن صلاحية القاضي ليست مطلقة برأيه الشخصي بل لابد ان يكون مصدر اجتهاده القرآن والسنة وتحري مبادئ العدل والمساواه بين الناس في نفس الجرائم .
مما سبق يتبين ان الجرائم التي تعاقب عليها الشريعة الإسلامية بالإعدام محدودة وهي :-
1) القصاص في حالة القتل العمد وقد تركت الشريعة لذوي المجني عليه صلاحية قبول الدية والتعويض واستبدال العقاب بها
2) جريمة الحرابة أي قطع الطريق وعقوبتها القتل والصلب كما ورد عند بحث هذه الجريمة .
3) جريمة الردة أي ارتداد المسلم عن الدين الإسلامي ليعتنق ديناً أخر .
المطلب الثالث
مفهوم الجريمة والعقوبة في القانون الوضعي
تعد الجريمة من الظواهر القديمة قدم الإنسانية وتتنوع تبعاً لاختلاف الزمان والمكان والدوافع والعوامل والظروف المؤدية إليها، فهناك جرائم ضد الأشخاص كالقتل والضرب وجرائم ضد الممتلكات كالسرقة والحريق العمد وجرائم ضد النظام العام كالممارسات الرامية إلى المساس بأمن الدولة. وهناك أيضاً جرائم متمثلة بإخلال العلاقات الاجتماعية والعادات والتقاليد والقيم الدينية ومكارم الأخلاق([10]).
وإزاء ذلك ليس للجريمة تعريف عام، إذ يختلف تعريف الجريمة تبعاً لاختلاف الأزمنة والأمكنة، ولا نكاد نجد اتفاقاً حول تعريف جامع ومانع للجريمة. لذلك لم يورد قانون العقوبات تعريفاً للجريمة .
وقد عرفها بعض الفقهاء بأنها سلوك يجرمه القانون ويرد عليه بعقوبة جزائية أو تدبير احترازي .
وعرفها آخرون بأنها كل عمل أو امتناع عن عمل يجرمه القانون ويرد عليه بعقوبة جزائية أو تدبير ويمكن تعريفها حسب أراء فقهاء أخرين (بأنها فعل غير مشروع إيجابي أو سلبي صادر عن إرادة جنائية يقرر القانون لمرتكب هذا الفعل عقوبة أو تدبيرً احترازياً ) . ومثل هذا التعريف يشمل القاعدة العامة انه لا جريمة ولا عقوبة إلا بنص وهذا يعرف بمبدأ الشرعية .
وتقسم الجرائم حسب جسامتها وبموجب أحكام المادة (55) من قانون العقوبات إلى جنايات وجنح ومخالفات وهذا التقسيم يتبع نوع العقوبة المفروضة للجرم والتي نصت المادة (55/2) عليها . وقد صنفها قانون العقوبات كما يلي :-
أ- العقوبة الجنائية :- مادة (14) عقوبات 1) الإعدام . 2) الإشغال الشاقة المؤبدة . 3) الاعتقال المؤبد . 4) الإشغال الشاقة المؤبدة . 5) الاعتقال المؤقت .
ب- العقوبات الجناحية :- حسـب نـص المادة (15) عقوبات هي 1) الحبـس3 سنوات بحد الاعلى أسبوع بالحد الادنى ( مادة 21 عقوبات ).
2) الغرامة بحد أدنى مقداره خمسة دنانير وبحد أقصى مائتي دينار (مادة 22 عقوبات) . 3) الربط بكفالة .
ج- المخالفات :- العقوبات التكدير (المادة 16 عقوبات) وهي :-
الحبس وهو بحد أدنى 24 ساعة وبحد أقصى أسبوع (مادة 23) .
الغرامة وتتراوح بين دينارين وعشرة دنانير .
وحتى يدان المجرم بأي من هذه الجرائم لابد تتوفر في الجرم ما يلي :-
أولاً :- الركن الشرعي : أي الشرعية إذ ان القانون يحدد انه لا جريمة ولا عقوبة بدون نص.
ثانياً :- الركن المعنوي : وهو إرادة ارتكاب الجرم حسب وصفه في القانون .
ثالثاً :- الركن المادي : وهو تنفيذ فعل من الأفعال الظاهرة المؤدية إلى ارتكاب جناية أو جنحه .
ولابد هنا من الإشارة إلى أسباب التبرير التي تنفي الصفة الجرمية عن ذلك الفعل الجرمي أصلاً وهي كما يلي :-
1- ممارسة الحق : حيث نصت المادة (59) على ان الفعل المرتكب في ممارسة الحق دون إساءة استعمال لا يعد جريمة . ويشترط في ذلك ان يكون الحق موجوداً ومحمياً بالقانون ومعترف به وإلا يتجاوز الفعل حدود ممارسة هذا الحق .
2- الدفاع الشرعي : بالرجوع إلى المادة (341) هناك شروط يجب توفرها حتى يصبح الفعل دفاعاً مشروعاً . وهي ان يقع الدفاع حال وقوع الفعل وانه اعتداء الغير وغير مثار من المعتدى عليه وإلا يكون باستطاعة المعتدى عليه التخلص من هذا الاعتداء إلا بالقتل أو الجرح أو الفعل المؤثر وسواء أكان الدفاع عن نفس الفاعل أو عرضه أو عن ماله أو مال غيره الذي هو في حفظه بشرط ان يتناسب درة فعل المجني عليه مع فعل الجاني وليس أكثر .
3- إجازة القانون : تنص المادة (62) عقوبات على انه لا يعد الفعل الذي يجيزه القانون جريمة وقد حددت المادة نفسها بان القانون يجيز ضروب التأديب التي يلحقها الإباء بالأبناء وكذلك أعمال العنف أثناء الألعاب الرياضية . وكذلك العمليات الجراحية التي تجري على الأصول الفنية بشرط رضي المريض أو من يحل محله .
أداء الواجب : نصت المادة (61) عقوبات على انه لا يعتبر الإنسان مسؤولاً جزائياً عن أي فعل إذا أتاه في أي من الأحوال التالية :-
أ- تنفيذ القانون . ب- إطاعة أمر صدر إليه من مرجع ذي اختصاص يوجب عليه القانون إطاعته إلا إذا كان الأمر غير مشروع .
4- رضي المجني عليه : ومثل هذا الرضى لا قيمة لـه في الاعتداءات على النفس لا قتلاً ولا إيذاء وإنما تنحصر بالحقوق المتعلقة بالملكية فقط .
5- حالة الضرورة : ومفهومها يماثل حالة ممارسة الحق المنصوص عليها في المادة (60) حيث تنص المادة (89) عقوبات على انه لا يعاقب الفاعل على فعل الجاته إليه الضرورة ان يدفع به في الحال عن نفسه أو غيره أو عن ملكه وملك غيره خطراً جسيماً محدقاً لم يثبت هو فيه قصداً شرط ان يكون الفعل متناسباً والخطر .
أما بالنسبة للعذر القانوني فان المادة (340) وردت بعنوان ” العذر في القتل ” حيث جاء في الفقرة (1) منها انه يستفيد من العذر المخفف من فؤجىء بزوجته أو إحدى أصوله أو فروعه أو أخواته حال تلبسها بجريمة الزنا وفي فراش غير مشروع فقتلها في الحال أو قتل من يزني بها أو قتلهما معاً أو اعتدى عليها أو عليهما بالضرب اعتداء أفضى إلى موت أو جرح أو إيذاء أو عاهة دائمة .
أما الفقرة (2) منها فنصت على ان الزوجة أيضاً تستفيد من العذر المخفف حيث ان الزوجة التي فجئت بزوجها حال تلبسه بجريمة الزنا أو في فراش غير مشروع في سكن الزوجية يحق لها ما ورد في الفقرة الأولى من المادة (340) وهذا تعديل جديد على قانون العقوبات . ولا يجوز استعمال حق الدفاع الشرعي بحق من يستفيد من هذا العذر ولا تطبق عليه أحكام الظروف ألمشدده .
المطلب الرابع
قانون مكافحة الإرهاب
عرفت المادة (147) من قانون العقوبات الإرهاب بأنه استخدام العنف أو التهديد باستخدامه أيا كانت بواعثه وأغراضه ، يقع تنفيذاً لعمل فردي أو جماعي بهدف الإخلال بالنظام العام أو تعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر إذا كان من شان ذلك إيقاع الرعب بين الناس وترويعهم أو تعريض حياتهم وأمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو المرافق والأملاك العامة أو الأملاك الخاصة أو المرافق الدولية والبعثات الدبلوماسية أو باحتلال أي منها أو الاستيلاء عليها أو تعريض الموارد الوطنية للخطر أو تعطيل تطبيق أحكام الدستور والقوانين .
وقد شهد العصر الحديث ما يعرف بإرهاب الدولة المتمثل في إسرائيل في الاغتيالات الفردية من ناحية وفي ترويع المواطنين العزل باستعمال الأسلحة الثقيلة إلى غير ذلك من وسائل الرعب التي تستخدمها قوى الاحتلال ، يضاف لذلك ما تجريه في العراق قوات التحالف من بطش وتعريض حياة المدنين العزل للرعب واجتياح مناطقهم بجيوش منظمة .
لذلك فان علماء مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورته السابعة عشر في عمان من 24 – 28 حزيران 2006 اتفقوا على تعريف للإرهاب هو ” العدوان أو التخويف أو التهديد مادياً أو معنوياً الصادر من الدول أو الجماعات أو الأفرادعلى الإنسان في دينه أو نفسه أو عرضه أو عقله أو ماله بغير حق بشتى صنوف العدوان وصور الإفساد في الأرض”([1])حيث اتفق العلماء على تحريم جميع أنواع الإرهاب واعتبروها أعمالا إجرامية تدخل ضمن جريمة الحرابة أينما وقعت وأياً كان مرتكبوها.
كما تضمن هذا البيان وجوب التفريق والتمييز بين جرائم الإرهاب وبين المقاومة المشروعة للاحتلال بالوسائل المقبولة شرعاً لأنه لإزالة الظلم واسترداد الحقوق المسلوبه ، وهو حق معترف به شرعاً وعقلاً وأقرته المواثيق الدولية .
هذا وقد وافقت المملكة الأردنية الهاشمية على الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب، وذلك بموجب القانون رقم 11 لسنة 1998 وقد ورد تعريف الإرهاب في المادة الثانية منه بأنه ( كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه يقع تنفيذاً لمشروع إجرامي فردي أو جماعي يهدف إلى إلقاء الرعب بين الناس وترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بإحدى المرافق أو الأملاك العامة أو الأملاك الخاصة أو احتلالها أو الاستيلاء عليها أو تعريض الموارد الوطنية للخطر) اتسعت دائرة العنف في الآونة الأخيرة وشهد مسرح الأحداث الدولية العديد من النشاطات الإرهابية التي تتجاوز آثارها حدود الدولة الواحدة لتمتد إلى عدة دول مكتسبة بذلك طابعاً عالمياً مما يجعل منها جريمة ضد النظام الدولي ومصالح الشعوب الحيوية وأمن وسلام البشرية. [11]ولم يسلم الأردن من الأعمال الإرهابية شأنه شأن بقية الدول العربية كمصر والسعودية والمغرب ولبنان وسوريا والجزائر واليمن والسودان والبحرين.
وفي الفترة الأخيرة خاصة في هذا العقد روع العالم بحوادث إرهابية مجنونة بكل المقاييس والمعايير، هدفها القتل لمجرد القتل فلا قضية يدافعون عنها، ولا مطالب عادلة يلتمسون لها العون والتأييد، إنما هي مجرد عمليات إرهابية لتحقيق خسائر بشرية ومادية ضخمة ، ترتكب في برود تام بل أحياناً في نشوة وسرور وتفاخر .
وتشير ورقة العمل التي قدمها القاضي الأردني محمد الحوامدة النائب العام في عمان إلى أن القضايا الإرهابية التي وقعت في الأردن حسب سجلات محكمة أمن الدولة في الفترة من عام 1994 إلى عام 1998م بلغت سبعة قضايا، وقد بلغ عدد المتهمين في القضايا السبع 56 شخصاً، وأشارت الورقة إلى أن غالبية المتهمين من صغار السن وأن بعضهم عاطل عن العمل والبعض الآخر يمارس أعمالاً بسيطة. والواقع أن الجماعات الإرهابية المتشددة في الأردن كانت في حالة سكون، وعادة ما كانت تتجنب المواجهة مع السلطات وظل الأمر كذلك حتى تاريخ 20/8/2005م حيث قامت فئة إرهابية بإطلاق ثلاث صواريخ كاتيوشا من العقبة، أحد الصواريخ سقط على معسكر لتدريب قوات الجيش أدى إلى استشهاد جندي وإصابة آخر، فيما أطلق الإرهابيون صاروخاً آخر على بارجة أمريكية كانت في ميناء العقبة لكنه لم يصبها. أما الصاروخ الثالث فقد سقط في إيلات ولم تقع خسائر. وقد تم القبض على الجناة وأحيلوا للقضاء لأخذ جزاءهم[12].(12)
وبتاريخ 9/11/2005 مساء يوم الثلاثاء شن انتحاريون هجمات على ثلاث فنادق في العاصمة الأردنية عمان وفجروا أنفسهم في حادثة راح ضحيتها عشرات القتلى والجرحى من الأبرياء الرجال والنساء والأطفال، فكان هذا العمل الإرهابي الجبان هو آخر عمل وقع في الأردن، وكان الهدف من ورائه إثارة الرعب والإخلال بالأمن .
هذه وقفة سريعة على الأفعال الإرهابية التي وقعت في الأردن منذ عام 1998 حتى عام 2005م وما زال مرتكبيها قيد المحاكمة .
ونشير إلى موقف قانون العقوبات الأردني من الأعمال وتجريمها: فقط تناول المشرع الجـزائي الأردني الإرهاب ووسائله والجمعيات الإرهابية في المـواد 147 و 148 و 149. فأورد تعريفاً للإرهاب في المادة 147 وعقوبته في المادة 148 وإنشاء الجمعيات الإرهابية في المادة 149. كما ورد في مطلع هذا البحث بحيث تشمل الحالات التي يعاقب عليها بالإعدام .
أما المادة (148) عقوبات فقد نصت الفقرة (4) منها على ما يلي :-
1- ويقضي بعقوبة الإعدام في أي من الحالات التالية:
أ- إذا أفضى الفعل إلى موت إنسان.
ب- إذا أفضى الفعل إلى هدم بناء بصورة كلية أو جزئية وكان فيه شخص أو أكثر.
إذا تم ارتكاب الفعل باستخدام المواد المتفجرة أو الملتهبة أو المنتجات السامة أو المحرقة أو الوبائية أو الجرثومية أو الكيميائية أو الإشعاعية أو ما شابهها.
علماً بان المادة (208) عقوبات عرفت المؤامرة بأنها ( كل اتفاق تم بين شخصين أو أكثر على ارتكاب جريمة بوسائل معينة ).
وجاء نص المادة 149 من قانون العقوبات الأردني كما يلي:
يعاقب بالأشغال الشاقة المؤقتة كل من أقدم على أي عمل من شأنه تقويض نظام الحكم السياسي في المملكة أو التحريض على مناهضته وكل من أقدم على أي عمل فردي أو جماعي بقصد تغيير كيان الدولة الاقتصادي أو الاجتماعي أو أوضاع المجتمع الأساسية.
يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في الفقرة (1) من هذه المادة كل من احتجز شخصاً أو احتفظ به رهينة بقصد ابتزاز أي جهة رسمية أو خاصة بأي صورة كانت أو إجبارها على القيام بأي عمل معين أو الامتناع عنه، وتكون العقوبة الأشغال المؤبدة إذا أدى هذا العمل إلى إيذاء أحد وبالإعدام إذا أدى إلى موت أحد.
المبحث الثاني
إيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام وأثرها السلبي على المجتمع
لقد انعقد في العالم الكثير من المؤتمرات والندوات الحكومية وغير الحكومية ومنها مؤتمرات دولية لمؤيدي ومعارضي عقوبة الإعدام في العالم. ولقد لاحظت ان الإعلام العربي ممثلا في الفضائيات وغيرها لم يعط هذه المؤتمرات المهمة حقها لا من حيث التغطية الإعلامية ولا من حيث مناقشة الأفكار والأطروحات ووجهات النظر المقدمة فيها . وتأتي أهمية هذا المؤتمرات من أهمية معرفتنا بالأفكار التي يتبناها معارضو ومؤيدو عقوبة الإعدام في العالم.
أن مسألة عقوبة الإعدام في العالم هي من أهم موضوعات العولمة الثقافية المطروحة للنقاش حيث ينقسم العالم حولها فكرا وثقافة وسياسة وفلسفة وإعلاما وتطبيقا بين مؤيد لعقوبة الإعدام ومعارض لها. ويسعى معارضو عقوبة الإعدام في العالم بقيادة أوروبا إلى وقف تنفيذ هذه العقوبة في جميع دول العالم.
وما دامت المجتمعات العربية والإسلامية مهتمة بالحوار مع الثقافات الأخرى فينبغي عليها المشاركة في الحوار العالمي حول هذه العقوبة وتقديم ما لديها من الأسس الشرعية الخاصة بتنفيذ عقوبة الإعدام. وعندما نتحدث عن حوار العولمة أو حوار تعايش الحضارات فإن المقصود هو حوارنا مع الآخرين وليس حوارنا مع أنفسنا. ومن المهم لنا في هذا الحوار ان نستمع للآخرين وان نصغي إليهم حتى يستمعوا ألينا ويصغوا لنا..
عقوبة الإعدام ..
وردت في الشرائع وخاصة في الدين الإسلامي .. على قول ” ولكم في القصاص حياة ” وتطور تنفيذ الإعدام بتعاقب الزمن وألاجيال، وتنوعت أساليبه بين الشنق بالحبل والرمي بالرصاص الإعدام بالمقصلة، كما اشتهرت في هذا الثورة الفرنسية وساحة العقوبات أمام سجن الباستيل، ولابد ان ينته صراع الفكرتين، بين إبقاء الإعدام أو إلغائه، إلى نتائج مهمة منها، ان دولة عربية واحدة هي البحرين، ألغت هذه العقوبة، وان ثلاثة عشر دولة متمسكة بنظرية إبقاء الإعدام .. ولطالبي إلغاء عقوبة الإعدام، وخاصة التي تعتمد على الشريعة الإسلامية كأحد مصادر التشريع .. تفسر ان في الإسلام مجالا في ذلك إذ أعطى الحق لذوي المجني عليه إعفاء الجاني من الإعدام او العقوبة، إذا دفع الديٌة المفروضة دينا .. وفي ذلك الكثير مما سطر فيه من نظريات وفقه، كما ان الدول الأوربية ورغم عدم وجود السماح الديني الإسلامي، بالتحول من الإعدام إلى الديٌة .. إلا أنهم ينظرون بواقعية عن فائدة الإعدام وتواجده في المجتمعات، وهل ان تطبيقه يؤدي إلى تخفيض نسبة الإجرام ..؟ وهل ان الإعدام بذاته سبب للردع وخوف الآخرين من أعمال ضد القانون .. توصلهم إلى المحاكم بعقوبة الإعدام([13]).
ان هذه النقطة هي أهم نقاط الموضوع في نظري ومفادها انه يمكن للعرب والمسلمين الملمين بالشريعة الإسلامية ان يثروا بشكل كبير الحوار العالمي الساخن حول موضوع عقوبة الإعدام. فعقوبة الإعدام في الشريعة الإسلامية تقوم على أسس مجتمعية مدنية حضارية متميزة، وتختلف اختلافا جوهريا في منطلقها وفلسفتها عن أسس تنفيذ عقوبة الإعدام في القوانين الوضعية الموجودة في العالم. ولقد أكد معالي الشيخ محمد بن جبير رئيس مجلس الشورى السعودي المتميز بعلمه في الشريعة وبخبرته الطويلة في القضاء، وهو يشرح لغير المسلمين موقف الإسلام من عقوبة الإعدام. ولقد وردت في حديثه بعض النقاط التي تؤكد تميز الإسلام في هذا الموضوع الهام. فالاسلام يحترم النفس الانسانية ولا يفرق في ذلك بين نفس الطفل الوليد والرجل العتيد. ويهدف الإسلام إلى حماية النفس الإنسانية والى رحمتها. وعندما نتأمل في مسألة جريمة القتل وعقوبة الإعدام في المجتمعات الإنسانية نجد ان الإسلام ارحم في التعامل معها من أي قوانين وضعية في العالم. فالقوانين الوضعية تجعل حق العقوبة دائما للدولة، وأما الشريعة الإسلامية فإنها خارج نطاق التعزيز تجعل حق المطالبة بالعقوبة لورثة القتيل. وعندما يكون حق قتل القاتل للدولة فإنه لا يمكن التنازل عنه إلا بإجراءات معقدة جدا، لكن عندما يكون هذا الحق للورثة فإن مسألة التنازل عنه تكون أسهل بكثير وهذا ارحم بالنفس الإنسانية.
ومما سبق يتضح ان تنفيذ عقوبة القتل بالقاتل في الإسلام إذا لم تخضع لأحكام التعزيز فإنها لا تتم إلا بناء على رغبة أهل القتيل. فإن أصروا مجمعين على إيقاع عقوبة القتل بالقاتل فلا بد للحاكم ان يمتثل لرغبتهم. وفي ذلك تحقيق للعدالة ومحافظة على أسس وروابط حياة الجماعة، ووفاء لحق القتيل الذي اعتدي على حياته. ولكن إذا تنازل الورثة عن حقهم في العقوبة وقرروا التسامح مع القاتل فلا يجوز أو يحق للدولة عندئذ ان تنفذ عقوبة الإعدام به ويمكنها ان تخضعه لعقوبة السجن أو غيرها إذا وجدت في ذلك مصلحة أو ضرورة عامة. وهناك اعتقاد خاطئ في أذهان البعض يتم فيه الربط دائما بين تنازل الورثة عن حقهم في العقوبة وبين أخذهم مبلغا من المال تعويضا لهم عن دم قتيلهم أو قتيلتهم (الدية) والتي يعرفها البعض بمال الدم. ولكن الأصل في الأمر الذي أراده الإسلام هو إقرار مبدأ الرحمة والمسامحة بين الناس، وأما دفع الدية فهو إجراء مكمل يتيح للورثة إذا رغبوا الحصول على مبلغ من المال من القاتل تعويضا عن قتيلهم الذي قد يكون هو مصدر رزقهم الوحيد . والعرب كما يقول فضيلة الشيخ ابن خبير يعيبون في الأصل اخذ الدية ويتحدد موقفهم عادة أما بالمسامحة أو بطلب العقوبة([14]
المطلب الأول : آراء مؤيدي فرض عقوبة الإعدام وحججهم والنصوص الدستورية والقانونية التي يرون فيها ضمانة لعدم إساءة تطبيقها
يقول أنصار الحفاظ على عقوبة الإعدام أنها ضرورية للحفاظ على سلامة الجماعة ويسوقون رأيهم بأن هذه العقوبة ظفرت بتأييد عدد من المفكرين الكبار مثل روسو، الذي فلسفها بنظريته الشهيرة عن العِقد الاجتماعي ، فالفرد الذي قبل مختارا بعقد يبرمه مع المجتمع، أن يتخلى عن الانتقام الفردي، مقابل حماية المجتمع له، يكون قد قبل سلفا بالتخلي عن حياته فيما إذا فصم هذا العِقد، واعتدى على حياة شخص أخر، وعنده أن (كل مجرم يعتدي على الحق الاجتماعي يصبح عاصيا وخائنا للوطن وبالتالي فيجب قتله والخلاص من شره باعتباره عدوا عاماً)، وان قانون الحرب يقتضي قتل المغلوب وأيد موتتسكيو عقوبة الإعدام بالنسبة للقتلة فقط وقبلها لمبروزو وغاوفالو وهما من زعماء المدرسة الوضعية لتخليص المجتمع من رجل وهو المجرم بالفطرة ويأتي على رأس قافلة المؤيدين المعاصرين كبار أساتذة القانون الجنائي الفرنسي مثل غارو وغارسون ودونديودوفاير([15]).
ويقول مؤيدو عقوبة الإعدام أن عقوبة الإعدام عقوبة تكفيرية بمعنى أن الذي قتل أخر في ظروف فظيعة وحرمه من حياته بدون وجه حق يجب أن يكفر بدمه عن خطيئته، فهي أذن عقوبة عادلة يتساوى فيها تماما الأذى الذي اوقعة المجرم بحياة قتيله بالأذى الذي تعرضت له حياته وهما حياتان تتساويان أمام القانون وفي مفاهيم الناس الذين يقولون البادئ اظلم.
وعقوبة الإعدام عقوبة مخيفة يهلع من هولها قلب من تسول له نفسه هز دعائم المجتمع الأمن فليس امرأ بسيطا أن يعرف القاتل ما ينتظره من حبل يخنقه ويحرمه من حياته وأحبائه وذويه كما حرم ضحيته من نعمائها وأحبائها، ثم أنها تخيف الآخرين الذين يشهدون تنفيذ الإعدام أو تبلغهم إنباؤه فإذا نفذت أحكام الإعدام على فترات متقاربة بقيت العظة ماثلة في كل نفس .
تشير الإحصائيات انه لم يقم دليل قاطع على أن إلغاءها قد ساعد على انخفاض الخط البياني للإجرام أو حتى على الأقل الحفاظ على مستواه العادي لذلك يقول أنصارها هاتوا إحصاءاتكم فان كانت مقنعه فإننا سننحاز إلى رأيكم فهذا أمر لا يمكن أن يقبله إنسان حصيف.[16]
وعقوبة الإعدام هي الوسيلة الوحيدة للقضاء على شر خطر، يهدد المجتمع وأهله في أمنهم وحياتهم وكل عقوبة أخرى، لا يمكن أن تكون ناجعة حياله، فهل نحكم عليه بالحبس المؤبد كعقوبة بديلة ولكن لا يحدث إلا نادرا أن يبقى مجرم سجينا طيلة حياته فهو يحلم تارة بالهرب أو بقانون عفو شامل أو مرسوم عفو خاص يقصر مدة سجنه ثم يجد نفسه حرا خارج القضبان يزرع الذعر والهلع في الناس.
ولو فرضنا جدلا أن المحكوم عليه بقى في زنزانته طيلة حياته فانه سيكون في غاية التعاسة لا ينفعه أن يحسن أو يبذل جهده لإعادة تأهيل نفسه ما دام سيظل قابعا في مكانه حتى الموت أنها حياة عذاب جسدي ونفسي لا يطاق طالما لا يلوح على أفاقها طيف من أطياف الفرج[17]
أن الرأي العام قد ألفها واطمأن إليها والبحث في إلغائها سيثير أعصابه ويجسد له المخاطر فلماذا نقلب قواعد حياتنا القانونية من اجل عدد ضئيل من القتلة والأشرار، وقد تطالبت الأنظمة الديمقراطية مع إرادة الشعب والشعوب إذا استفتيت فإنها ستقف إلى جانب إبقاء الإعدام.
ويرد خصوم عقوبة الإعدام بان استفتاءات الرأي العام ظالمة لأنها تطرح في ظروف عاطفه حساسه ثم أن لطريقة عرض الاسئلة على الجمهور تؤثر كثيرا في نتيجة الاستفتاء والواقع أن أخر استفتاء في فرنسا جرى في اعقاب سلسلة جرائم القتل المتعاقبة التي هزت الراي العام وفي مقدمتها قتل ثلاث موظفات وتقطيعها وقتل زوجة من قبل زوجها الذي استفاد من عفو عام وخرج وقتل مدير المؤسسة التي وضع فيها لاصلاحه.
ويضيفون حجة ذات طابع مالي إلى حججهم فيقولون لماذا نحتجز سفاحا سنين طويلة ويتحمل المجتمع نفقات حراسته واطعامه دون هدف كهدف اصلاحه اليس من حق دافعي الضرائب أن يطالبوا بتوجيه هذا المبلغ إلى جهة يكون نافعا فيها، والحقيقة أن هذه الحجة غير مقنعة بالمرة لان حياة الإنسان دوما اثمن من المال ولن يعجز الدولة اطعام قليل من الناس دفاعا عن مبادئ عليا ولا سيما وانها تستطيع أن تشغلهم مقابل طعامهم وكسائهم وتحقق ربحا من ذلك إذا شاءت([18])
وان الشريعة الإسلامية قاطعة في موضوع عقوبة الإعدام فهي قصاص عادل عن جريمة قتل عمد وقد قال الله تعالى في محكم التنزيل :(يا ايها الذين امنوا كتب عليكم القصاص في القتلى، الحر بالحر) ([19]).
وقد أورد بعض الباحثين دراسات تدل على ان إلغاء عقوبة الإعدام ستؤدي في النتيجة إلى زيادة في عدد الجرائم التي توجب هذه العقوبة وفي المملكة الأردنية الهاشمية فأنه لا ينفذ حكم الإعدام بالمجرم إلا بعد عرضه على جلالة الملك مشفوعاً
بتوصيات مجلس الوزراء بناءً على المادة (39) من الدستور كما ورد في تنفيذ حكم الإعدام في الأوراق السابقة كما اشترط حضوراً معيناً لبعض الأشخاص لضمان حسن التنفيذ وذلك عملاً بالمواد 357 لغاية 362 من أصول المحاكمات الجزائية .
المطلب الثاني:
اراء معارضي ابقاء عقوبة الإعدام المطالبين بالغائها والحجج التي يسوقونها لتعزيز ارائهم
تحققت بعض الخطوات الإيجابية المهمة عام 2001 على طريق الاتجاه العام في العالم بأسره نحو إلغاء عقوبة الإعدام. ففي أبريل/نيسان، قضت محكمة الاستئناف لشرقي الكاريبي بأن عقوبة الإعدام الإلزامية مخالفة للدستور. وبكلمات القاضي جيه سوندرز، فإن: “عقوبة الإعدام الإلزامية تنتزع من الأشخاص الذين تصدر بحقهم كل فرصة، مهما كانت ضئيلة، لأن تأخذ المحكمة في اعتبارها الظروف المخفِّفة، حتى عندما تكون العقوبة التي تصدر بحقهم عقوبة لا رجوع فيها. إن كرامة الحياة البشرية تتعرض للحط من شأنها عندما يُلزِم قانون ما محكمة ما بأن تفرض عقوبة الإعدام شنقاً على جميع من يدانون بجرم القتل، دون أن تمنح واحداً منهم فرصة لأن تأخذ المحكمة التي تصدر الحكم في قضيته بعين الاعتبار الظروف التي تحيط بهذه القضية”…….. وفي مايو أيار، ألغت تشيلي عقوبة الإعدام بالنسبة للقضايا العادية، واستبدلتها بعقوبة السجن المؤب).
وفي يونيو، حزيران، صوت الناخبون الأيرلنديون لصالح إزالة جميع العبارات التي تشير إلى عقوبة الإعدام في دستور البلاد. وفي يونيو، حزيران أيضاً، عُقد أول مؤتمر عالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في ستراسبورغ، بفرنسا. وحضر المؤتمر، الذي نظمته المنظمة غير الحكومية ضد عقوبة الإعدام واستضافه مجلس أوروبا، محكومون سابقون بالإعدام من الولايات المتحدة الأمريكية واليابان، وكذلك أعضاء في البرلمان الأوروبي والجمعية الوطنية الفرنسية والعديد من المنظمات غير الحكومية، بما فيها منظمة العفو الدولية. وخلال المؤتمر، وقع 15 من رؤساء الحكومات على نداء لفرض حظر على نطاق العالم بأسره على عقوبة الإعدام، بهدف الإلغاء التام لها.
ويقول أنصار إلغائها انه يجب إلغاء عقوبة الإعدام فوراً:
إن الإعدام ليس بعقوبة، إنها جريمة. جريمة بحق البشرية جمعاء وليس بحق من يطاله حكم الإعدام فقط، إنه جريمة بحقنا نحن الأحياء قبل أن تكون بحق من طالته الجريمة. إنها دلالة ومقياس على انعدام احترام النفس والذات الإنسانية، دلالة وشاهد على مدى تدني مكانة واحترام وقدسية “الإنسانية” و “الإنسان”. إن الطبقات الحاكمة، ولكي تضفي طابعاً من “القانونية” و “العدل القضائي وغير القضائي” على جريمة قتل النفس هذه لجأت لتسميتها عقوبة الإعدام وتشيعه في أذهان البشر كأنه شيء طبيعي وعادي. إن سعي الطبقات والهيئات الحاكمة لتلطيف هذه الجريمة عبر تسميتها بعقوبة لهو عمل مخادع. إن أمرء يقتل آخر، وأن الحكومة أو الدولة تعاقب أحد ما بالإعدام!! رغم هذا، إنهما (أي القتل والإعدام) لا يقفان على قدم المساواة ولا يمكن النظر لهما كأمر واحد. إن عقوبة الإعدام لهي أبشع بمئات المرات من القتل. إنه قتل مع سبق الإصرار والترصد، قتل وضعت الدولة له ساعة محددة في اليوم الفلاني وفي الساعة الفلانية وبالطريقة الفلانية. تقوم بذلك رغم ما تعلمه، وبإدراك تام، لما سيخلق من أسى وحزن لأطفاله، لأحبائه وللآخرين، بإدراك تام لهول مشاعر وأحاسيس الضحية العصية على الوصف.
إنها تقتل إنساناً عاجزاً تماماً عن عمل أي شيء إذ بوسع القتيل أن يقاوم يدافع عن نفسه يهرب، يستنجد بأحد ما، يصرخ، يلحق نوع من الضرر الجسدي بالمعتدي، بيد أن من يعاقب بالإعدام عاجز عن القيام بأي من هذه الأمور الأولية والبسيطة لإنقاذ حياته. على الأقل أن القتيل، ولحين موته، لديه أمل ما أن شخصاً ما أو يداً سواء بالصدفة أم بغيرها قد تنقذه وتنهي هذا الكابوس المؤرق بيد أن المحكوم بالإعدام لا يساوره حتى هذا الأمل البسيط إن المحكوم بالإعدام حتى عاجز على الأقل بأن تراود الدولة مشاعر تأنيب الضمير والندم ، وفي بعض الأحيان ، الخبل والتعاسة التي ترافق القاتلين بعد لحظات من انقضاء أنفاس صريعهم ، وهو الأمر المألوف عادة ، فأية بشاعة وأي حزن .
أن الإنسان مسؤول عن أفعاله ويجب أن يتحمل تبعات أعماله علماً أن القصد من كلمة تبعات هو يختلف تماماً عن المعنى غير الإنساني والظالم والمدمر الشائع. بيد أن طرح المسألة بهذا الشكل لا يتعدى سوى خداع البشر. إن جلنا بأبصارنا في هذا العالم، نرى تلك الحقيقة الجلية أن نسبة ضئيلة جداً من الذين يطالهم الإعدام هم من القتلة في بلدان كثيرة من العالم، أن 99% من الذين تطالهم هذه الجريمة هم الشيوعيون، التحرريون، قادة النقابات، المدافعون عن الحقوق والحريات السياسية والمدنية على امتداد تاريخ البشرية، كان التحرريون هم أول ضحايا عمليات القتل، كان المنادون بتحسين ظروف العمال والزنوج والنساء الكتاب والمثقفون والمفكرون هم أول ضحايا الإعدام إن ذلك لا يشمل بلدان مثل العراق وإيران والسعودية وحسب بل وحتى الأمس القريب، كان هذا شائعاً في نفس أوروبا وأمريكا وغيرها من بلدان العالم المتقدم. يعاقب الناس بالإعدام جراء تركهم جبهات القتال بيع النساء لأجسادها، إقامة العلاقات الجنسية خارج الزواج، الانتماء للمنظمة الفلانية وممارسة العمل السياسي، شتم رئيس الدولة الإلحاد تعاطي المشروبات الروحية، المخدرات والعلاقات المثلية وغيرها تحت يافطات صيانة الوطن ، احترام المقدسات، احترام مشاعر الآخرين والإخلال بالأمن الاجتماعي وغيرها إن عقوبة الإعدام لا تتعلق قط بمجازاة البشر على أعمالهم إنها تتعلق بسعي الهيئات الحاكمة لإخضاع الناس ، وأخافتهم وبث الرعب في أفئدتهم كي تخضعهم.
الآثار السلبية لإيقاف تنفيذ عقوبة الإعدام
يمكن تلخيص اهم الاثار السلبية للاغاء عقوبة الاعدام
1-لقد شرع الله سبحانه وتعالى القصاص وشرع الإعدام للقاتل المتعمد. فماذا تكون الحال لو تركنا هذا المجرم دون قصاص؟ ألا يكرر جريمته المزهقة الأرواح؟ إن العدالة تقتضي من جهة، ومصلحة الجماعة من جهة أخرى، أن نتمسك بشريعة القصاص وعقوبة الإعدام.
2-ان الغاءعقوبة الإعدام تعمل على الابقاء على خطر الجاني وتأصل روح الشر فيه ويلغي الدفاع عن. حق المجتمع في البقاء وذلك ببتر كل عضو يهدد كيانه ونظمه.
3- ان العضو الفاسد في المجتمع ولا يمكن أن يكون عضوًا منتجًا في المجتمع لأن أكثر السجون قد يتخرج منهامحترفو الإجرام فلا بد من استئصال العضو الفاسد لكي ينصلح وينزجر الفرد والمجتمع
4-اثبتت الدراسات المتعلقة بهذا الموضوع ان الغاء عقوبة الاعدام زاد من نسبةالجريمة بشكل ملحوظ.
الخاتمـــــــة:
لقد استعرضت في هذا البحث تعريف الجريمة والعقوبة وتطورهما عبر التاريخ الإنسـاني بحيث أصبحت العقوبة وسيلة للأصلاح بعد ان كانت وسيلة للانتقام .
كما استعرضت عقوبة الإعدام بشكل عام وأوضحت أراء مناصريها ومعارضيها كما بينت أيضاً الجرائم التي تعاقب عليها القوانين الأردنية بالإعدام وقد أحاطتها بنود من التقييد من خلال المادة (39) من الدستور بحيث لا ينفذ حكم الإعدام إلا بالمصادقة عليه من جلالة الملك ، كما ان جلالة الملك يأمر بالتنفيذ أو تخفيف العقوبة وذلك بعد الإطلاع على توصية رئيس النيابات ثم وزير العدل ثم يدرس مجلس الوزراء هذا الموضوع وينسب لجلالة الملك الموافقة على التنفيذ أو تخفيف العقوبة .
ومثل هذا الإجراء يتيح للمحكوم بالإعدام عدم تنفيذ العقوبة بحقه بشكل عشوائي بل بعد دراسة وافية وقضائية تتناسب بين الجرم الذي ارتكبه والعقوبة الواجب تطبيقها.
ان التوجـه الحديث في العالم هو إلغاء هذه العقوبة حيث ألغتها كثير من الدول، وهنالك دول أخرى أبقتها ولكنها علقت تطبيقها دون إلغائها، حيث ان الرأي السائد في العالم في ضوء صدور وتطبيق المواثيق الخاصة بحقوق الإنسان تعتبر هذه العقوبة قاسية وغير جائزة قانوناً لأن من الحقوق الملازمة لشخص الإنسان هو حق الحياة وحق الدفاع عن هذه الحياة التي منحها الله له ولا يجوز ان تسلبه إياها الدولة من خلال عقوبة الإعدام وهي عقوبة قاسية ولا إنسانية أما في المملكة الأردنية الهاشمية فان عقوبة الإعدام تطبق في الجرائم التي تم ذذكرها سابقاً.
ان ظروف عدم الاستقرار التي تشهدها المنطقة وخاصة في الدول المجاورة وانعكاساتها على الأردن وتأثيرها على الأردنيين فان المطالبة بإلغاء عقوبة الإعدام كلياً تبدو غير مقبولة منطقيا.
التوصيات:
1- توصي الدراسة الابقاء على عقوبة الاعدام نظرا لمشروعيتها وشرعيتها والجدوى العائدة من تطبيقها لأن الفائدة من وجودها ضمن القوانين والتشريعات التي تساهم في الحفاظ على الأمن والسلام لكافة أفراد المجتمع.
2- على الرغم من الحجج التي تقول بان هذه العقوبة قاسية وفظة، الا ان الابقاء عليها يعد ضرورة من أجل حماية المجتمع من المجرمين
3- تقضي مصلحة المجتمع مكافحة الإجرام من خلال الإبقاء على هذه العقوبة، فهذه العقوبة تحقق الردع العام، فهي تنذر الناس بسوء عاقبة ارتكاب الجرائم المعاقب عليها بهذه العقوبة.
4- لان الابقاء على عقوبة الإعدام بحاجة الى تقنين ، مع المحافظة على أسلوب معين في تنفيذها ومكان التنفيذ وزمانه، ووضع المحكوم عليه، وذلك للحفاظ على التوازن بين وجوب إيقاع العقوبة المناسبةبحق مرتكب الجريمة، وبين الحفاظ على كرامة النفس البشرية .
المراجع:
1_أحمد بن حجر الهيثمي ، الزواجر عن اقتراف الكبائر، دار المعرفة، بيروت، 1980 .
2_احمد فتحي بهنسي ، القصاص في الفقه الإسلامي .
3_درر الحكـام في شرح غرر الأحكام لمنلا خسرو، طبعة محمد رجائي ، 1268هـ .
4_د. أحمد سمهور، الوسيط في العقوبات العام، القسم الخاص، دار الثقافة، 1999.
5_د. جندي عبد الملك الموسوعة الجنائية، ج5، دار المؤلفات القانونية، بيروت، 1942.
6_د. سامية حسن الساعاتي، الجريمة والعقوبة في الشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية، 1986.
7_د. عبد الرحيم صدقي، الإرهاب السياسي والقانون الجنائي، دار الثقافة العربية القاهرة، 1985م .
8_د. عبد الوهاب حومد، دراسات معمقة في الفقة الجنائي المقارن، المطبعة الجديدة، دمشق، ط2، 1987.
9_د. عبد الوهاب حومد، علم الاجرام وتنفيذ العقابي، المطبعة الجديدة، دمشق، 2000.
10_د. علي محمد جعفر، داء الجريمة سياسة الوقاية والعلاج، مؤسسة المجد للدراسات والنشر، 2003.
11_د. كامل السعيد، شرح الإحكام العامة في قانون العقوبات دراسة مقارنة، المركز العربي للخدمات الطلابية، 1998.
12_د. محمد ابو حسان ، أحكام الجريمة والعقوبة في الشريعة الإسلامية / دراسة مقارنه / الطبعة الأولى سنة 1987 .
13_د. محمد زكي أبو عامر، شرح قانون العقوبات، دار النهضة، 1992.
14_د. محمد صبحي نجم، الوجيز في علم الإجرام والعقاب، القسم العام، ط2، مكتبة دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1991.
15_د. محمد صبحي نجم، شرح قانون العقوبات الأردني، القسم العام، ط2، دار الثقافة للنشر والتوزيع، 1991.
16_د. محمد نجم، د. عبد الرحمن توفيق، الجرائم الواقعة على الأشخاص والأموال.
17_د. يوسف مراد، مبادئ علم النفس ، دار المعارف، القاهرة، 1966.
18_د. سامية حسن الساعاتي، الجريمة والعقوبة في الشريعة الإسلامية، دار النهضة العربية، 1986.
19_اللواء غازي جرار، شرح قانون العقوبات العسكري، مديرية الأمن العام، 2000
[1] د .محمد نجم، د . عبد الرحمن توفيق ، الجرائم الواقعة على الاشخاص والاموال، جامعة فلادليفيا ، عمان ، الاردن ،1987، ص7
[2] المرجع السابق نفسة ، ص9 .
[3] د.جندي عبدالملك ” الموسوعه الجنائية “، ج5 ، دار المؤلفات القانونية ، بيروت ،1942، ص678.
[4] اللواء غازي جرار، شرح قانون العقوبات العسكري، مديرية الأمن العام، 2000 ,ص23
[5] المادة 3 من قانون العقوبات الأردني .
[6] المادة 328 من قانون العقوبات الأردني .
.[7] المادة 357 من قانون أصول المحاكمات الجزائية
.[8] المادة 358 من قانون أصول المحاكمات الجزائية
[9] . د. كامل السعيد: شرح الإحكام العامة في قانون العقوبات دراسة مقارنة، المركز العربي للخدمات الطلابية،1998ص56
[10] المرجع السابق نفسة
[11] البيان الختامي للمجمع المنشور في جريدة الغد رقم 693 تاريخ 29/06/2006
[12] ندوة مكافحة الإرهاب، الرياض 2/6/1999 أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية.
[13] الدكتور كامل السعيد، شرح الإحكام العامة في قانون العقوبات دراسة مقارنة، المركز العربي للخدمات الطلابية، 1998
[14] جريدة السفير الحوار المتمدن – العدد: 719 – 2004 / 1 / 20
[15] السفير الحوار المتمدن – العدد: 719 – 2004 / 1 / 20
[16] الدكتور عبد الوهاب حومد، دراسات معمقة في الفقة الجنائي المقارن، ط2، المطبعة الجديدة، دمشق، ص186
[17] الدكتور جندي عبد الملك الموسوعة الجنائية ج5، دار المؤلفات القانونية ، بيروت، 1942، ص188
ا [18] لمرجع السابق نفسة ، ص 39
[19] الإسراء الاية 33
- د. أحمد توبة – مدرس العلوم السياسية والقانون في جامعة الاستقلال- أريحا فلسطين
- تحريرا في 1-6-2017