تأثير الصراعات الدينية على الشرعية السياسية للنظام السياسى المنتخب في نيجيريا
إعداد : دينا شفيق – باحث في العلوم السياسية والعلاقات الدولية – مصر
- المركز الديمقراطي العربي
ملخص:-
تعتبر نيجيريا من أكبر وأغنى البلدان الإفريقية، وهي تصنف من الدول الغنية بالبترول، ليس على مستوى إفريقيا فحسب، بل على مستوى العالم؛ حيث تحوي 2.6 % من احتياطي النفط في العالم، ومع هذا فإن أغلب سكانها يرزحون تحت خط الفقر. وقد تعرضت نيجيريا لمجموعه من الصراعات التي اتخذت ملمحا دينيا مثل الصراع بين المسلمين والمسيحيين، وقد كان للاضطرابات والصراعات الدينيه واجواء عدم الاستقرار التى تشهدها شمال ووسط نيجيريا انعكاس كبير على الشرعيه السياسيه للنظام السياسى المنتخب.ومن اهم أسباب نشأة الصراع الدينى في نيجيريا؛ العوامل الاقتصادية والاثنية، سوء توزيع الثروة والسلطة، الفساد وسوء الإدارة، وتسيس الخلافات الدينية. ومن اهم الاليات التي اتبعتها الحكومة للقضاء على الصراعات الدينية؛ سياسة العصا والجزرة، اتخاذ إجراءات امنية مشددة وإعلان حالة الطوارئ، انشات الحكومة بعثات استخباراتية جديدة في النيجر ومالى، قامت الحكومة بإجراء تغييرات كبيرة في الطبقة العليا من القيادات العسكرية.
الكلمات المفاجئة:-
الصراعات الدينية، الشرعية السياسية، النظام السياسى، الانتخابات الرئاسية، جماعة بوكو حرام.
THE Impact of Religious Conflicts on the Political Legitimacy of the Elected Political System in Nigeria
Abstract:-
Nigeria is the largest and wealthiest African countries, which is classified as oil-rich States, in the world; containing 2.6% of world oil reserves, however, most of its inhabitants live under the poverty line. Nigeria had a range of conflicts that have taken hinting religiously like conflict between Muslims and Christians, and unrest had religious conflicts and instability in Northern and central Nigeria great reflection on the political legitimacy of the elected political system.
One of the main reasons for the emergence of religious conflict in Nigeria; ethnic and economic factors, poor distribution of wealth and power, corruption and mismanagement, and the politicization of religious differences.
One of the most important mechanisms adopted by the Government to eliminate the religious conflict; carrot and stick, tight security measures and declare a State of emergency, the Government established a new intelligence missions in Niger and Mali, the Government has made major changes in the upper echelon of the military leadership.
Key words:-
Religious Conflicts, Political Legitimacy, political System, The presidential election, Baku Haram Group.
تأثير الصراعات الدينية على الشرعية السياسية
للنظام السياسى المنتخب في نيجيريا
الفترة من 2007-2014
المقدمه
تُعد نيجيريا من أكبر وأغنى البلدان الإفريقية، وهي تصنف من الدول الغنية بالبترول، ليس على مستوى إفريقيا فحسب، بل على مستوى العالم؛ حيث تحوي 2.6 % من احتياطي النفط في العالم، ومع هذا فإن أغلب سكانها يرزحون تحت خط الفقر.
بالاضافة الى ذلك فان المجتمع النيجيري يتسم بالتنوع الهائل التنظيم الاجتماعى والوضع الاقتصادى والانتماء الطائفى والاثنى حيث يتركز عدد كبير من السكان بشكل كبير في الشمال بينما يتركز المسيحيون في الجنوب، وتعيش أقليات دينية مسيحية ومسلمة بأعداد كبيرة في أغلب المدن في الشمال والجنوب، كما توجد أقلية ذات معتقدات وثنية يدينون بما يسمى بالديانات الطبيعية.
وقد تعرضت نيجيريا لمجموعه من الصراعات التى اتخذت ملمحا دينيامثل الصراع بين المسلمين والمسيحيين،وتعود جذور هذا الصراع لنهايه فتره السبعينات عندما طرحت مساله تطبيق الشريعه الاسلاميه من قبل ممثلوا الاقاليم الشماليه وذلك خلال اجتماعات لجنه صياغه الدستور عام 1979،وقد ساهمت هذه المطالب من قبل المسلمين الى تفجر الصراعات بينها وبين المسيحيين، حيث بلغ عدد هذه الصراعات إلي 45 صراعاً عنيفاً ذهب ضحيته ألاف القتلي وكذلك خسائر مالية كبيرة [1]
وقد اثرت الاضطرابات والصراعات الدينيه واجواء عدم الاستقرار التى تشهدها شمال ووسط نيجيريا على الشرعيه السياسيه للنظام السياسى المنتخب وذلك عن طريق تقويض شرعية النظام السياسى المنتخب وغياب الاستقرار السياسى في البلاد وازدياد الازمة الاقتصادية الطاحنة وتعميق الخلافات الاثنية والدينية واهتمزاز وضعف الحكومة في عدم قدراتها على السيطره على كافة أجزاء الإقليم.
وقد تم اختيار الفترة من 2007-2014 لدراسة تاثير هذه الصراعات الدينية على شرعية الرئيسى عمر ياردوا والرئيس جودلاك جوناثان كدراسة مقارنة بين هذين الحكومتين.
المشكله البحثيه والاسئله الفرعية:-
تتمثل اشكاليه الدراسه فى:
كيف تؤثر الصراعات الدينيه على الشرعيه السياسيه للنظام السياسى المنتخب فى نيجيريا فى الفتره من 2007-2014؟
ويتفرع من هذا السؤال الرئيسى عدد من الاسئله الفرعيه وهى:
1-ما هى اسباب نشاة الصراع الدينى فى نيجيريا؟
2-ما هى الاستراتيجيات (الاليات) التى تعاملت بها حكومه الرئيس عمر ياردوا والرئيس جودلاك جوناثان مع الصراع الدينى فى نيجيريا؟
3-ما هى اسباب تراجع شرعيه النظام السياسى فى الفتره من (2007-2014) فى نيجيريا (اسباب فشل الحكومه فى التعامل مع الصراع الدينى) ؟
تقسيم الدراسه:-
تنقسم هذه الدراسه الى ثلاثة مباحث:
- الاول:اسباب نشاة الصراع الدينى فى نيجيريا.
- الثانى:الاليات والوسائل التى اتبعتها حكومه الرئيس عمر ياردوا والرئيس جودلاك جوناثان مع الصراع الدينى فى نيجيريا.
- الثالث اسباب تراجع الشرعيه السياسيه للنظام السياسى المنتخب فى الفتره من(2007-2014) فى نيجيريا.
المبحث الأول: اسباب نشاة الصراع الدينى فى نيجيريا:-
لقد تعددت العوامل والاسباب التى ساهمت فى تفجر العديد من الصراعات الدينيه فى نيجيريا عموما وفى المناطق الشماليه خصوصا، ويمكن اجمال اهم الاسباب التى ادت للصراعات الدينيه عموما فى :
1-انتشار الفقر والبطاله: يعتبر انتشار الفقر والبطاله فى نيجيريا من اهم الاسباب المؤديه للصراع الدينى فى نيجيريا، حيث ان الاوضاع الاقتصاديه للمواطنين وكذلك نسبه الذين يعيشون تحت خط الفقر ثبت انها فى تزايد منذ عوده الحكم المدنى عام 1999. وكذلك ارتفعت معدلات البطاله وبخاصه بين الشباب لدرجه باتت تمثل ازمه وطنيه كبرى. حيث يعانى نحو 70% من خريجى الجامعات من عدم وجود فرص عمل، وفى هذا الاطار فقد وقفت الاوضاع الاقتصاديه المترديه لكثير من المواطنين دافعا للعديد من الصراعات الدينيه التى استخدم فى اطارها العنف بشكل مكثف ودون اى مبررات اخرى خلاف حوزه الضحايا او الافراد والهيئات المستهدفه من قبل الجماعات المحرومه اقتصاديا لبعض مظاهر الثراء.[2]
2-سوء توزيع السلطة والثروة: تعتبر عملية توزيع السلطة والثروة عملية مهمة بالنسبه لاى دولة، لاسيما فى الدول التى تشهد تعددية دينية مثل نيجيريا، ولم تستطيع اى من الحكومات التى تولت السلطة فى اطار الجمهورية الرابعة احداث نوع من التوازن فى توزيع السلطة والثروة فى الدولة على نحو ما يرضى طموحات مختلف الجماعات المشكلة لشعب الدولة. وذلك فى اطار ما يمكن تسميه بنظرية الاحباط والعدوان، ومؤدى هذه النظرية ان الاحباط الذى يتولد لدى الجماعات المختلفة التى لا تجد استجابة لاحتياجتها الاساسية من قبل النظام الحاكم عادة ما يدفعها لتنبى سلوك عدوان فى مواجهة النظام او فى مواجهة الجماعات الاخرى التى تحظى بالقسط الاكبر من موارد وثروات الدولة السياسية والاقتصادية، وذلك استنادا لتحليل الفجوه القائمه بين ما يتوقع المواطنين الحصول عليه وما يحصلون عليه بالفعل، وكلما اتسعت هذه الفجوه يشعر المواطنيين بحالة من الحرمان النسبى من الحصول على المطالب او المكاسب التى يرغبون فى تحقيقها، الامر الذى يدفعهم للصراع فى مواجهه الافراد والجماعات المهيمنة على الثروة،او المسئولة عن سوء توزيع الثروة كما هو الحال فى نيجيريا.[3]
3-فساد الحكومة وسوء الادارة: لقد كان الفساد سمة الحكومات التى توالت الامور فى نيجيريا منذ نهاية السبعينات وحتى الان، وبمرور السنوات اكتسب الفساد طابعا مؤسسيا لدرجها ان الخدمات الأساسية التى تقدم للمواطنين اكتبست صبغة تجارية واصبحت مسعرة شانها شان السلع تباع وتشترى. واصبح الفساد يصل لاكبر مسئولى الدولة من اجل تحقيق منافع خاصه لنخبة مختارة من شبكة الفساد دون مراعاة لمصالح المواطنيين من الدولة.
4-تسييس الخلافات الدينية: لقد كان فشل الحكم المدنى فى عملية بناء الدولة القومية التى يعلو فيها الولاء الوطنى على كل ما عداه من ولاءات أكبر الأثر فى تصاعد الصراعات الدينية، فبدلا من نبذ الانقسامات الدينية التى كرسها الاستعمار البريطانى فى اذهان الكثير من السكان، عملت الحكومة على استغلال هذه الانقسامات الدينية لتحقيق مكاسب سياسية لنخبة محدودة من المنتفعين المحيطين بالرؤساء وذوى المناصب القيادية فى الدولة.
وترجع اسباب نشاه الصراعات الدينيه بصوره خاصه فى شمال نيجيريا الى:
1-المشكلات المرتبطة بالاستعمار البريطانى: فقد تركت التجربة الاستعمارية آثارا سلبية كثيرة فى شمال نيجيريا، حيث تآمرت الإدارة الاستعمارية البريطانية مع الإمارات في الجنوب، ومنعت وصول التعليم والثقافة الغربية إلي الشمال. وعملت الإدارة الاستعمارية علي أن تبني الهياكل السياسية والاجتماعية بعيدا عن التأثيرات الغربية، ومن ثم لم يظهر في الشمال سوي عدد قليل من المدارس الغربية. وكانت محاولة من الاستعمار البريطاني لعزل الشمال النيجيري عن الحداثة، حتي لا تنضج عقول الشماليين نتيجة للتعليم، ويشارك أفراده في مقاومة الاستعمار، مثلما حدث في الجنوب، ومن ثم افتقد الشمال للقدرات البشرية الواعية لإدارة قطاعاته ومؤسساته.[4]
2-العوامل الاقتصادية و السياسية: تعد العوامل الإقتصادية والسياسية من العوامل المؤثرة في زيادة وانتشار الصراعات الدينية.وكذلك سياسات الحكومات العسكرية والمدنية المتعاقبة فى نيجيريا، والتى تستخدم العنف المفرط تجاه الحركات السياسية المناوئة لها، خاصة جماعة بوكو حرام، التى استطاعت أن تكسب العديد من الأنصار فى أوساط الشباب، كما استطاعت أن تكسب تعاطف بعض المسلمين بسبب عمليات القتل البشعة والخارجة على القانون، والتى ارتكبتها الشرطة النيجيرية فى حق أعضاء جماعة بوكو حرام، مما خلق نوعا من التعاطف تجاه الجماعة، وتقديم يد العون والمساندة له. ولقد فرض الرئيس جودلاك جوناثان بعد وصوله للسلطة تهميشا سياسيا، فبعد وفاة الرئيس عمر يارادوا قبل أن يكمل فترته الرئاسية الأولي، حيث كان المسلمون يتطلعون إلي أن يتولي السلطة محمد بخاري، وهو مسلم من الشمال، حتي يتم تطبيق الصيغة التوافقية لتناوب السلطة التي يجمع عليها النيجيريون، والتي تقضي بتداول رئاسة الدولة بين المسلمين و المسيحيين عبر فترتين رئاسيتين لكل منهما[5]. أضف إلى ذلك كله تردى الوضع الإقتصادى، وانتشار البطالة والفساد الموجود فى النخبة السياسية، وانضمام بعض الشباب إلى جماعة بوكو حرام. ومما زاد الأمر سوءا استخدام بعض السياسيين الانقسامات العرقية والطائفية من أجل الوصول للسلطة، وذلك عن طريق إثارة الاضطرابات العرقية والدينية، مما يعطى الفرصة للتيارات الدينية المتطرفة كى تنشط بقوة، على أساس أنها تدافع عن دينها وعقيدتها.ولذلك تعد هذه العوامل من اهم الاسباب التى ادت الى نمو وانتشار الصراعات الدينية.
*ومن اهم الحركات والتنظيمات الدينيه التى تشكل البعد الحركى للجماعات الدينيه خلال فترة من 2007–2014 هى:
*جماعه بوكو حرام: ظهرت حركة بوكوحرام عام 2002 علي يد الاستاذ محمد يوسف بسبب تدهور الاحوال الاجتماعية والاقتصادية نتيجة الفساد وقد انتشر فكرها بين أصوات الشباب [6]
وقد أتسمت جماعه بوكوحرام بالعنف والقوه المفرطه مما أثار قلق الحكومه وأيضاً الدول المجاوره والخوف من تحالفها بحركه الاصلاح بدلتا النيجر مما قد يؤدي إلي عدم استقرار الاوضاع الامنية في مناطق أنتاج النفط في نيجيريا ،وقد صرحت جماعة بوكوحرام بتحالفها مع القاعده مما اثار مخاوف كبيره بأن تكون المنطقة ماوي للتيارات الجهادية العابرة للقارات ومما يؤكد ذلك ارتباط جماعة بوكوحرام أيديولوجيا وفكريا بتنظيم القاعدة وتأكيدها بالالتحاق إلي تنظيما لكي
تتمكن من الحصول علي الدعم المادي والمالي من المسلمين وكسب تعاطفها وما تزال جماعة بوكوحرام تواصل أعمال العنف والمصادمات بين الحكومة والثكنات العسسكرية خاصة من عام 2009 إلي عام 2012 والهجمات الانتحارية وشن هجوم علي مراكز الامم المتحدة عام 2011 مما اسفر علي عدد كبير من القتلي والاصابات وايضا علي الرغم من مقتل زعيمها محمد يوسف الا انها ازدادت عنفا يتمثل في ممارسة تفجيرات كما في عيد الميلاد عام 2011 في بعض الكنائس والاعمال الانتحارية التي ركزت ضد المسيحيين.
المبحث الثانى: الاستراتيجيات والاليات التى اتبعها كل من الرئيس عمر موسى ياردوا والرئيس جودلاك جوناثان فى الصراع الدينى:-
*أولا: كيفيه تعامل الرئيس يارادوا مع الصراع الدينى:
ولد يارادوا في 16 أغسطس/آب 1951 في مدينة كاتسينا شمال البلاد، وينحدر من عائلة معروفة بنشاطها السياسي، وكان والده وزيرا في أول حكومة بعد استقلال نيجيريا، كما كان أخوه الأكبر الرجل الثاني في الحكومة العسكرية التي حكمت البلاد.وقد فاز يارادوا فى الانتخابات فى عام 2007 عن الحزب الوطنى الديمقراطى،وعلى الرغم من تعهده بمواصله سياسات الاصلاح الاقتصادى ومحاربه الفساد واتباع استراتيجيه للحد من الصراعات الدينيه، ففى عام 2008؛اندلعت مواجهات بين المسلمين والمسيحيين ادت الى سقوط نحو مائتى قتيل فى مدينه جوس شمال البلاد.وفى يوليو 2009؛اندلعت مواجهات عنيفه بين القوات الحكوميه وحركه بوكو حرام التى تطالب بتطبيق الشريعه الاسلاميه نتج عنه مئات القتلى وانتهت بمقتل زعيم الحركه.[7]
وفى عام2010؛توفى الرئيس يارادوا بعد صراع مع المرض، وترك البلاد فى مرحله صعبه تتجلى فيها اعمال العنف الدينى بين المسلمين والمسيحيين التى راح ضحيتها حوالى 150 قتيل.ولذلك نجد ان الرئيس يارادوا لم يستطيع تنفيذ ما وعد بيه وذلك بسبب قصر مده حكمه وبسبب صراعه مع المرض حيث اضطر الى مغادره البلاد مرات عديدة كان اخرها للسعودية منذ انتخابه لدواعى صحيه.[8]
*ثانيا: كيفيه تعامل الرئيس جودلاك جوناثان مع الصراع الدينى:
كان الرئيس جودلاك جوناثان نائب للرئيس السابق عمر ياردوا،وفى عام 2010 توفى الرئيس يارادوا وتولى جوناثان الحكم،وفى عام 2011 فاز الرئيس جودلاك جوناثان فى الانتخابات واصبح رئيسا رسما للبلاد،وقد اعلن جوناثان عن رغبته فى الترشح فى الانتخابات الرئاسيه القادمه،وذلك على الرغم من اعمال العنف الدينى التى تشهدها البلاد والتى كان اخرها خطف حركه بوكو حرام لاكثر من 200 تلميذ وذلك كرد فعل لما تقوم به الحكومه من سياسات للتعامل مع العنف الدينى؛ومن اهم هذه السياسات (الاليات):[9]
1-اتباع سياسه العصا والجزره:
اعتمدت الحكومة النيجيرية على سياسة “العصا” و “الجزرة” في تعاملها مع التمرد الملتهب الذي تقوده بوكو حرام. وقد تنطوي سياسة “الجزرة” على منح عفو عام عن أعضاء الحركة في حال نبذهم للتشدد،وقد اشارت الحكومه النيجيريه الى رغبتها فى إيجاد حل سياسي للتمرد من خلال التفاوض مع جميع المعنيين وفي هذا الصدد شكلت الحكومة لجنة تقصي حقائق برئاسة السفير عثمان كلتيماري من أجل تحديد المظالم التي تطرحها الجماعة وتقديم التوصيات اللازمة بخصوص تحسين الظروف الأمنية في مناطق الشمال الشرقي للبلد. وسياسة “الجزرة” يمكن أيضا أن تشمل معالجة قضايا الفقر، والبطالة، والظلم الاجتماعي والفساد العمومي من طرف الحكومة لأن هذه المشاكل تساهم في تغذية المظالم التي تشكل حافزا قويا للميل إلى الصراعات الدينيه من قبل الشباب المسلم في شمال نيجيريا.[10]
من ناحية أخرى تتضمن سياسة “العصا” استخدام قوات الأمن لشن عمليات تعقب وقمع صارمة ضد أعضاء الجماعة وفي هذا الصدد تم إنشاء فرقة عمل خاصة مشتركة وتعرف “بقوه اعاده النظام” وتهدف خصيصا للتصدي لتهديد جمعية بوكو حرام، وقد نجحت هذه الحركه فى القاء القبض على احد كبار قاده الجماعه ،ونجحت ايضا فى استخدام الحواجز العسكرية وفرض الحظر المؤقت على الدراجات النارية التي يتم استخدامها من قبل المتشددين في شن هجمات عن قرب،ولكن هذه القوه تعرضت للانقاد بسبب استخدام اساليب امنيه متشدده تسببت فى الحاق الضرر بالمدنيين والممتلكات [11]
2– قامت الحكومه باجراءات امنيه متشدده تهدف لتشديد الخناق على جماعه بوكو حرام التى هى من اهم اسباب الصراع الدينى فى الوقت الحالى،فقامت الحكومه باغلاق الحدود مع كل من الكاميرون والنيجر وترحيل المهاجرين غير الشرعيين.
3-اعلان حالة الطؤارى فى بعض المناطق: حيث اعلنت الحكومه حاله الطؤارى فى بعض المناطق التى هاجمتها الجماعة.
4-أنشأت الحكومة بعثات استخباراتية دفاعية جديدة في الدول المجاورة خصوصا: النيجر ومالي.
5-قامت الحكومه بإجراء تغييرات كبيرة في الطبقة العليا من القيادات العسكرية خلال يناير المنقضي وأحال عددًا من الجنرالات القدامى إلى التقاعد بسبب فشلهم في التعامل مع جماعه بوكو حرام.
ثالثا: اسباب تراجع الشرعيه السياسية للنظام السياسى المنتخب (اسباب فشل حكومتى الرئيس عمر ياردوا والرئيس جوناثان فى التعامل مع الصراع الدينى):-
تعتبر قدره اى نظام سياسى منتخب على الوفاء بمطالب الجماعات المشكله لشعب الدوله بمثابه الهدف الحقيقى له،وكذا بمثابه المعيار الرئيسى للحكم على اداء هذا النظام،وهنا تجدر الاشاره الى ان عجز النظام عن تلبيه مطالب الجماهير يفقده المصداقيه امام الجماهير،الامر الذى يخلق ازمه ثقه بين الحاكم والمحكوم عاده ما تنتهى بفقد هذا النظام لشرعيته السياسيه لدى الشعب، وقد تعاقب على حكم نيجيريا رئيسان منذ عام 2007،وقد تفاوت ادائهم من حيث قدره كل منهم على الوفاء بتعهداته ذات الصله بتحسين الاوضاع الاقتصاديه والاجتماعيه للجماهير،ومن اهم العوامل التى نالت من تحسين اداء الحكومات المنتخبه التى تعاقبت على الحكم هى الصراعات الدينيه باعتبارها من ابرز معوقات الانجاز بالنسبه للحكومات،ويرجع اسباب تراجع الشرعية السياسية لهذه النظم المنتخبة الى:
1-ارتكبت حكومة الرئيس جودلاك جوناثان أخطاء متعددة: تعاملت حكومة الرئيس جوناثان بطريقة قاسية مع اطراف الصراع الدينى مثل جماعة بوكو حرام، حيث قامت الحكومة بحملات امنية مداهمة وحملات اعتقال لاعضاء الجماعة، مما أدى الى رد فعل عنيف من جماعة بوكو حرام.[12]
2-عدم اتباع الحكومه لاستراتيجية شاملة وواضحة: تقوم باقتلاع هذا الصراع الدينى من جذوره حيث انها تعتمد فقط على الحلول الامنيه، حيث تعود جذور هذا الصراع لتدهور الاوضاع الاقتصاديه وانتشار الفقر والجهل والمرض والفساد والتهميش السياسى فى هذه المناطق.
3-الاستغلال السياسى لبعض قطاعات المجتمع ومؤسساته وتسيس هذه الصراعات الدينيه، من اجل تحقيق اهدافهم السياسيه البرجماتيه.
4-استغلال القوى الخارجيه للعمليات العنيفه التى تقوم بها جماعه بوكو حرام ضد مراكز الشرطه والمسحيين،وخاصه الولايات المتحده، للتدخل في إقليم غرب إفريقيا. فالإقليم يحتوي علي مصالح أمريكية حيوية، في الوقت الذي يشهد أجواء عدم استقرار، نتيجة لوجود دول ضعيفة وفاشلة، وظهور حالات من التطرف والإرهاب بين المسلمين، وكلها أسباب استخدمتها الولايات المتحدة كحجج للتدخل في أقاليم مختلفة في القارة الإفريقية ومنها نيجيريا مما كان له تاثير كبير فى تراجع شرعيه النظام السياسى
5-يرى الشعب أنه قد طال أمده تحت ظلم الحكام وفساد السياسيين، وهذه المرة قد دارت الكرّة على الظالمين أنفسهم،ولذلك تعتبر قدره النظام السياسى على الانجاز وتحقيق مطالب الشعب على المعيار الحقيقى لتمتعه بالشرعيه السياسيه.[13]
*ولذلك يصبح علي الحكومة النيجيرية مهمة إعادة صياغة أساليب التعامل مع الصراعات الدينيه، وبخاصه الجماعات التي تلجأ إلي استخدام العنف مثل جماعه بوكو حرام في مواجهة المظالم التاريخية، علي ألا تكون المعالجة الأمنية هي الوسيلة الوحيدة للحد من نمو هذه الصراعات، أو القضاء عليها، ولكن يجب أن تبدأ الحكومة النيجيرية في فتح حوار مع هذه الجماعات المسببه للصراع الدينى، وبالتوازي تحاول استعادة الاستقرار في الشمال، من خلال التنمية، وزيادة الاستثمارات التي توفر فرص العمل لشباب الإقليم، مع استحداث قنوات للتعبير أمام هذا الشباب، حتي لا يكون فريسة سهلة للتجنيد داخل الجماعات المتطرفة. كما ينبغي علي جماعة “بوكو حرام” أن تقبل التفاوض مع الحكومة النيجيرية، حتي تجنب المسلمين التهديدات الأمنية والإنسانية، وتجنب الدولة النيجيرية ودول إقليم غرب إفريقيا مخاطر التفكيك والتدخل الخارجي.
الخاتمه
ونظرا لما تعانيه نيجيريا من المشاكل الاقتصاديه والصراعات الدينيه وانتشار الفساد وتعارض رغبة الرئيس الحالى جولاك جوناثان فى ترشحه لفتره رئاسه ثانيه مع استقرار الأوضاع السياسية في البلاد بسبب تناقص شرعيه نظامه السياسى بشكل ملحوظ فى الفتره الاخيره بسبب تزايد اعمال العنف والقتل والخطف والصراعات الدينيه وانتشار الافكار الجهاديه فى الاماكن التى توجد بها صراعات دينيه، وبالرغم من هذا فان هناك رؤيه مستقبليه بشان السيناريوهات المتوقعه لمستقبل الصراعات الدينيه وتاثيرها على الشرعيه السياسيه للنظم السياسيه المنتخبه فى نيجيريا،واهم هذه السيناريوهات هى:
*السيناريو الاول:زياده انتشار وتوسع الصراعات الدينيه ومن ثم انحسار اكثر للشرعيه السياسيه للنظم المنتخبه:
وذلك ما دام هناك الفقر، والبطالة، والفساد، وعدم وجود عدالة فى التوزيع، وعدم قيام رجال الدين الاسلامى بمهامهم على الوجه الأكمل، إضافة إلى الانتهاكات الصارخة التى تقوم بها حكومات النتخبه تجاه مواطنيها ومعارضيه.
*السيناريو الثانى:توسع الصراعات الدينيه خارج نيجيريا وانضمام جماعه بوكو حرام لتنظيم داعش الجهادى ،واذا ما وقع ذلك فعلا فان القاره الافريقيه بشمالها ستصبح الساحه الساخنه لنشاط الدوله الاسلاميه ونمو الصراعات الدينيه.
*السيناريو الثالث:هو انتخاب رئيس مسلم فى الانتخابات الرئاسيه القادمه فى عام 2015، وهو ما حدث بالفعل حيث فاز في الانتخابات الرئاسية التي حدثت عام 2015 الحاكم العسكرى السابق محمد بخارى وهو من المعارضة النيجيرية،وتعتبر هذه اول مرة يفوز بالانتخابات الرئاسية شخص من المعارضة،يستطيع ان يتبع سياسه الاحتواء فى مناطق الصراعات الدينيه ومن ثم تخف حده هذه الصراعات الدينيه.
وفى هذا الاطار،يمكن القول ان السيناريو الثالث و الاول هوا اكثر قابليه للتطبيق على ارض الواقع وذلك بسبب الخبره التاريخيه والممارسات الفعليه للنظم النتخبه مع عدم وجود اراده سياسيه للتغلب على المشكلات السياسيه والاقتصاديه والاجتماعيه المسببه للصراع الدينى.
قائمه المراجع
اولا:الرسائل العلميه:
-شيماء محى الدين محمد محمد،العلاقه بين اليات اداول السلطه والاستقرار السياسى للدول الافريقيه منذ انتهاء الحرب البارده:دراسه حالتى نيجيريا وموريتانيا،رساله ماجستير،معهد البحوث والدراسات الافريقية،2014.
ثانيا: الكتب:
– شيماء محى الدين محمود،تداول السلطة والاستقرار السياسى في افريقيا، المكتب العربى للمعارف،2015.
ثالثا:المصادر الالكترونيه (الانترنت):
-احمد مرتضى،جماعه(بوكو حرام)..نشأتها ومبادئهاواعمالها فى نيجيريا،2012،ويوجد على الرابط ادناه:
http://www.qiraatafrican.com/view/?q=893
-الخضر بن عبد الباقى محمد، العوامل الداخلية لازمة نيجيريا،الجزيره،2004،ويوجد على الرابط ادناه:
http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/2552394a-6bf3-4487-ac69-37de262854b1
-اميره عبد الحليم،الغرب الافريقى:نيجيريا بين الداخل الدينى والخارج النفطى،السياسه الدوليه،2012،ويوجد على اللينك ادناه:
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=887220&eid=121
– محمد عبد الواحد النداوى،مشكلة الاندماج الوطنى في نيجيريا:بوكو حرام نوذجا،مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية،2015،ويوجد على الرابط ادناه
-روبى محمد عبد العال وشريف محمد على البربرى،الصراع الدينى وتاثيره على الحياه السياسية فى نيجيريا،رساله ماجستير،معهد البحوث والدراسات الافريقية،جامعه القاهره،2012،ويوجد على اللينك ادناه:
http://www.bchaib.net/mas/index.php?option=com_kunena&Itemid=12&func=view&catid=14&id=19
-على بكر،القاعده الافريقية:مستقبل تنظيم”بوكو حرام”فى شمال نيجيريا،السياسة الدوليه،2014،ويوجد على الرابط ادناه:
-فريدوم اوتوها،بوكو حرام وتجليات العنف الدينى فى نيجيريا،مركز الجزيره للدراسات،2012،ويوجد على اللينك ادناه:
http://studies.aljazeera.net/reports/2012/02/2012220115428600424.htm
-مقالات،نيجيريا صراع يتجدد(الجزء الاول)،ويوجد على اللينك ادناه:
http://albahah.net/articles.php?action=show&id=41
-مقالات،نيجيريا:ماذا وراء صراع الحكومه مع جماعه بوكو حرام؟،ويوجد على الرابط ادناه:
[1] شيماء محى الدين محمود،تداول السلطة والاستقرار السياسى في افريقيا، المكتب العربى للمعارف،2015.
[2] الخضر بن عبد الباقى محمد، العوامل الداخلية لازمة نيجيريا،الجزيره،2004،ويوجد على الرابط ادناه:
http://www.aljazeera.net/specialfiles/pages/2552394a-6bf3-4487-ac69-37de262854b1
[3] شيماء محى الدين محمد محمد،العلاقه بين تداول السلطه والاستقرار السياسى للدول الافريقيه منذ انتهاء الحرب البارده:دراسه حالتى نيجيريا وموريتانيا،2014،ص210.
[4] اميره عبد الحليم،الغرب الافريقي:نيجيريا بين الداخل الدينى والخارج النفطى،السياسه الدوليه،ويوجد على الرابط ادناه:
http://digital.ahram.org.eg/articles.aspx?Serial=887220&eid=121
[5] على بكر، القاعدة الافريقية:مستقبل تنظيم بوك حرام في نيجيريا، مجلة السياسة الدولية،2011،ويوجد على الرابط:
[6] روبى محمد عبد العال،الصراع الدينى وتاثيره على الحياه الدينيه فى نيجيريا،2012،ويوجد على الرابط ادناه:
http://www.bchaib.net/mas/index.php?option=com_kunena&Itemid=12&func=view&catid=14&id=19
[7] الرئيس النيجيري الراحل عمر ياردوا ،الجزيرة،2010،ويوجد على الرباط ادناه
[8] مرجع سابق
[9] نيجيريا: ماذا وراء صراع الحكومة مع جماعة بوكو حرام،ساسة بوست ،فيراير2014،ويوجد على الرابط ادناه:
[10] فريدوم اوتوها،بوكو حرام وتجليات العنف الدينى فى نيجيريا،2012،ويوجد على الرابط ادناه:
http://studies.aljazeera.net/reports/2012/02/2012220115428600424.htm
[11] مرجع سابق
[12] محمد عبد الواحد النداوى،مشكلة الاندماج الوطنى في نيجيريا:بوكو حرام نوذجا،مجلة جيل الدراسات السياسية والعلاقات الدولية،2015،ويوجد على الرابط ادناه
[13] شيماء محى الدين محمد محمد،العلاقه بين اليات اداول السلطه والاستقرار السياسى للدول الافريقيه منذ انتهاء الحرب البارده:دراسه حالتى نيجيريا وموريتانيا،رساله ماجستير،معهد البحوث والدراسات الافريقية،2014.
-
تأثير الصراعات الدينية على الشرعية السياسية للنظام السياسى المنتخب في نيجيريا
-
الفترة من 2007-2014
- تحريرا في 2-6-2017