القدرة النووية وتأثيرها على عملية صنع القرار في السياسة الخارجية:دراسة حالة”إيران -إسرائيل”
- المركز الديمقراطي العربي
إعداد الباحثيين:
- حسناء رجب ذكي
- دعاء جمال شاهين
- مها عبد الرءوف عبد الفتاح
- ندى عصام إبراهيم
- نورهان جمال سلامة
أولاً: المقدمة: –
تتميز العلاقات الدولية في الوقت الراهن بالتعقيد والترابط الناتج عن التطورات الكبيرة والسريعة التي يشهدها النظام السياسي الدولي منذ نهاية الحرب العالمية الأولى وحتى الآن، وكان أهم هذه التطورات هو التقدم الهائل في التكنولوجيا العسكرية والمتمثل في ظهور الأسلحة النووية، التي شغلت الرأي العام بصورة كبيرة وهو ما أدى إلى تعقيد عملية اتخاذ القرارات وبالأخص في السياسة الخارجية ([1]).
فقد تطورت ظاهرة السياسة الخارجية بصورة واضحة في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ومع تعدد القضايا العالمية وزيادة عدد الدول الأعضاء في النظام الدولي زاد تعقيد ظاهرة السياسة الخارجية، وهو ما زاد من أهمية التخطيط لها، فالتخطيط يمكن الدولة من توقع التطورات المستقبلية وتوفير الإمكانات اللازمة للتعامل معها وبذلك لا يفاجأ متخذ القرار بمواقف ليس مستعداٌ للتعامل معها.
ويتأثر السلوك الخارجي للدولة بسلوك الوحدات الدولية الأخرى تجاهها، فالدولة تستقبل سلوكيات عديدة من الوحدات الفاعلة في النسق الدولي وتقوم الدولة بالتعامل مع هذه السلوكيات على حسب فهمها لطبيعة السلوك.
وتدور سياسة أي وحدة دولية بصفة عامة حول مجموعة من الأهداف هي: حماية الذات والأمن والرفاهية الاقتصادية والهيبة الدولية، وبذلك تحصل الدولة على مكانة متميزة في النسق الدولي ويتحقق ذلك من خلال الاهتمام بصناعة القرار وأن يتم اتخاذه بناءً على أسس عملية وعلمية قوية لأنه يصنع ويمثل منزلة الدولة.
ويعتمد تحقيق المكانة الدولية لأي دولة أيضاً على حجم الموارد التي تمتلكها والخصائص التي تمكنها من إتباع سياسة خارجية نشيطة تجاه معظم القضايا الدولية، فمن الممكن أن تمتلك الدولة موارد عديدة ولا تقدر على استخدامها بطريقة تحقق لها مكانة عالمية، ومن ناحية أخرى يمكن أن يكون لدى الدولة خصائص وقدرات إذا أقدمت على تطويرها لحققت مكانة دولية تتسم بالهيبة والاحترام من جانب العالم أجمع.
فمثلاً: يعتبر امتلاك الأسلحة النووية في القرن العشرين من المحددات الأساسية للمكانة الدولية، ومما لا شك فيه أن امتلاك الدولة للقوة النووية من أهم الخصائص الدالة على التفوق العسكري والاقتصادي، ومن الواضح أن هذه الأسلحة لها دور كبير في استراتيجية الردع حيث أنها تمنع الحروب المباشرة بين القوى الكبرى وهو ما تجلى أثناء الحرب الباردة. ويمكن أن يكون الخلاف على كشمير هو ما دفع باكستان كذلك لامتلاك السلاح النووي من أجل موازنة الردع مع الهند الممتلكة أيضاً للسلاح النووي.
وبالنظر إلى دولة إسرائيل فقد يكون امتلاكها للسلاح النووي نابعاً من كونها دولة مهددة في وجودها أو أن لديها طموحات في السيطرة على مناطق واسعة في منطقة الشرق الأوسط. وبالنسبة لإيران فالعالم الغربي يظن أن إيران تسعى جاهدةً لامتلاك السلاح النووي لأسباب عدة، منها مثلاً: ردع إسرائيل أو تحرير فلسطين أو موازنة القوة مع أمريكا، ويمكن أن يكون لإيران طموحات كي تصبح قوة إقليمية لردع دول الخليج من التفكير في مواجهتها عسكرياً وفرض سيطرتها وهيمنتها على منطقة الخليج بأكملها خاصة بعد الحرب العراقية الإيرانية.
وفي هذه الدراسة سوف يتم مناقشة مدى فاعلية وتأثير امتلاك الدول للقدرة النووية على عملية صنع واتخاذ القرارات الخارجية وذلك بالتطبيق على دولتي: إسرائيل وإيران.
ثانياً: مشكلة الدراسة:
تحتل قضية حيازة وانتشار الأسلحة النووية بؤرة الاهتمام العالمي لارتباطهم الوثيق بالأمن والسلم الدوليين، وقد احتلت هذه القضية اهتمام العالم بشكل غير مسبوق مع بداية القرن الحادي والعشرين وتحديداً في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م.
فقيام بعض الدول بامتلاك القدرة النووية قد أثر على المتغيرات الإقليمية والدولية في سياسات بعض الدول، وجعلت متخذي القرارات السياسية يهتمون بالتخطيط لمواجهة التطورات في المستقبل.
وتعيش منطقة الشرق الأوسط حالة من الاضطراب بسبب حيازة إسرائيل وإيران للسلاح النووي، فإيران لم تعترف بقيام دولة إسرائيل وفي المقابل إسرائيل ترى خطورة امتلاك إيران للسلاح النووي في المنطقة مما يؤثر على أمن واستقرار دولة إسرائيل.
ومما لا شك فيه إن قيام الدولتين بمواجهة الدول الأخرى في امتلاك القدرة النووية والدخول في سباق التسلح النووي قد أثر سلباً علي أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط.
وتتمحور إشكالية الدراسة حول التساؤل التالي:
إلى أي مدي يؤثر امتلاك القدرة النووية على عملية صنع القرار في السياسة الخارجية للدولة؟
ويوجد عدة تساؤلات هي:
- ما هي أهداف سعي الدول لامتلاك السلاح النووي؟
- ما هي المخاطر الناتجة عن امتلاك الدول للسلاح النووي؟
- إلى أي مدي تتطور البرنامج النووي لكل من إيران وإسرائيل للسلاح النووي؟
- ما هي أهداف إيران وإسرائيل من تبني سياسة الغموض النووي؟
- ما هو موقف القوي الدولية والإقليمية لامتلاك الدولتين محل الدراسة للقدرة النووية؟
ثالثاً: أهمية الدراسة:
تنبع أهمية الدراسة من أهمية القدرة النووية للدول مع بيان ازدواجية المعايير في التعامل مع الملف النووي الايراني والاسرائيلي، ارتباطاً مما سبق الدراسة لها جانبين:
الجانب الأول: الأهمية العلمية أو النظرية، والتي تنصب أساساً على المجهود والجهد العلمي أو النظري للدراسة، حيث أن الدراسة تحلل الاتجاهات العلمية حول دور القدرة النووية وتأثيرها علي صنع القرار في السياسة الخارجية.
الجانب الثاني: الأهمية العملية أو التطبيقية، هي محاولة استخلاص الدروس المستفادة من دور وتأثير القدرة النووية على القرارات الخارجية، وذلك بدراسة حالتي “إيران وإسرائيل”.
رابعاً: أهداف الدراسة:
- دراسة الإطار النظري ل “القدرة النووية، عملية صنع القرار، السياسة الخارجية”.
2- دراسة ومعرفة الانتشار النووي والمخاطر الناتجة عنه.
3- التعرف على أهداف سعى الدول لامتلاك السلاح النووي.
4- معرفة مدي تأثير القدرة النووية على عملية صنع القرار في السياسة الخارجية لكل من إسرائيل وإيران.
5- معرفة المواقف الإقليمية والدولية من امتلاك الدولتين محل الدراسة للسلاح النووي.
6- توضيح بعض السيناريوهات حول مستقبل القدرة النووية.
خامساً: منهج الدراسة: –
لقد اعتمدت الدراسة على مناهج رئيسية هي” منهج تحليل النظم”: ويعتمد هذا المنهج على المدخلات والمخرجات، وتتمثل الفكرة الجوهرية التي يقوم عليها هذا المنهج على افتراض أساسي وهو أن النظام السياسي الخارجي يتضمن مجموعة من المتغيرات تتمثل في البيئة ومجموعة الفاعلين ومكونات النظام، وكل نظام للسياسة الخارجية يشمل مجموعة من العناصر يتم تصنيفها في ثلاث مراحل هي: المدخلات والعملية والمخرجات. وسيتم توظيف هذا المنهج في الدراسة من خلال تفسير المدخلات التي تضم مجموعة من العوامل والظروف الداخلية والخارجية التي واجهت كل من الدولتين محل الدراسة، ودراسة دوافع صانعي السياسة ومعرفة الظروف المؤثرة في اتخاذ القرارات، ثم معرفة التغذية العكسية أو المخرجات التي دفعت الدولتين لامتلاك القوة النووية ومدى تأثير ذلك في النظام الدولي. ويأتي المنهج الثاني،
“منهج صنع القرار”: ويركز هذا المنهج على البحث في كيفية التفاعل بين الدول والنظام الدولي الذي تعمل داخله، وفي البحث عن الكيفية التي يعبر بها هذا التفاعل مع الواقع الدولي من خلال اتخاذ قرارات خارجية محددة تدافع فيها الدولة عن مصالحها تجاه بقية الوحدات الدولية الأخرى. وسوف يتم توظيف هذا المنهج في الدراسة من خلال معرفة محددات البيئة الداخلية والخارجية لصانع القرار ومدى توافر المعلومات لديه ودور ذلك في اتخاذه للقرارات.
ويأتي المنهج الثالث،
“المنهج التاريخي”: وهو المنهج الذي يستند إلى الأحداث التاريخية في فهم الحاضر والمستقبل، إذ لا يمكن فهم وإدراك أية حالة سياسية إلا بالعودة إلى جذورها التاريخية وتطورها سواء كانت حالات سلبية أو إيجابية، ومن ثم استنتاج أفكار جديدة أو بناء تصورات. وسوف يتم توظيف هذا المنهج في الدراسة من خلال معرفة الوقائع التاريخية والأحداث التي دفعت الدول لامتلاك السلاح النووي، والوقوف على الدروس والعبر التي دفعت دولتي إيران وإسرائيل إلى اللجوء لامتلاك قدرة نووية.
سادساً: مجتمع الدراسة:
نجد أن بداية اختلال موازين القوى في المنطقة كانت منذ بداية إبرام الاتفاق النووي الإيراني بين دول (5+1)، كما نتج عن الاتفاق النووي الإيراني عدة عقوبات اقتصادية من قوى دولية كبرى مثل مجلس الأمن والولايات المتحدة، كما ثار قلق منطقة الخليج من امتلاك السلاح النووي الذي من شأنه أن يؤثر في استقرار منطقة الخليج سواء كانت بيئية أو أمنية، كما مارس وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف دوراً في تحقيق التقارب الشديد بين واشنطن وطهران من أجل دعم العلاقات النووية ووقف العقوبات الاقتصادية. كما قامت إيران عام 2005م بفك أختام مفتشي الوكالة الدولية للطاقة ووسائل مراقبتها على منشئاتها النووية التي يعتقد أنها تعمل بأجهزة التخصيب بالطرد المركزي في محاولة سياسية منها لقطع أي تدخل أجنبي متواصل.
أما إسرائيل فقد أصبح لديها قدرات نووية بمساعدة دول غربية وأصبحت إسرائيل أول دولة في الشرق الأوسط تمتلك سلاح نووي، ونجد أن الملف النووي الإسرائيلي أحد أكبر أسرار الحياة النووية في العالم، كما رفضت إسرائيل منذ بدأها العمل النووي عمليات التفتيش الدولية التي تجريها وكالة الطاقة الذرية، كما أفادت إدارة اوباما في عام 2014م بأن الولايات المتحدة وافقت عام1969م على وجود خيار نووي لدى إسرائيل، وتعهدت بالامتناع عن الضغط عليها للتخلي عن مساعيها النووية.
سابعاً: تقسيم الدراسة:
تنقسم الدراسة إلى مقدمة، وثلاث فصول، وخاتمة.
الفصل الأول: مفاهيم وإشكاليات مرتبطة بالانتشار النووي.
- المبحث الأول: القدرة النووية بين المفهوم والابعاد.
- المبحث الثاني: مشروعية امتلاك الدول للسلاح النووي.
- المبحث الثالث: مخاطر امتلاك الدول للسلاح النووي.
الفصل الثاني: البرنامج النووي الإيراني.
- المبحث الأول: البرنامج النووي الإيراني ومراحل تطوره.
- المبحث الثاني: موقف القوى الإقليمية والدولية إزاء البرنامج النووي الإيراني.
- المبحث الثالث: محركات التغيير في التعامل مع الملف النووي الإيراني.
الفصل الثالث: البرنامج النووي الإسرائيلي.
- المبحث الأول: نشأة البرنامج النووي الإسرائيلي وتطوره.
- المبحث الثاني: أثر البرنامج النووي الإسرائيلي على الامن القومي العربي.
- المبحث الثالث: الموقف الدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني والإسرائيلي.
ثامناً: الدراسات السابقة:
. مجموعة الدراسات المعنية بالبرنامج النووي الإيراني:
دراسة بعنوان:
عطا محمد زهرة، البرنامج النووي الإيراني ([2]): تتناول الدراسة طبيعة البرنامج النووي الإيراني ومع ذلك يمكن القول إنه ليس هناك اتفاق حول هذا الجانب، ويلاحظ عموما وجود ثلاثة اتجاهات واضحة؛ الأول يقر بأن هذا البرنامج سلمى تماماً، بينما يصر الثاني على أنه ذو طبيعة عسكرية، أما الثالث فانه يقف حائراً متردداً بين الاتجاهين السابقين، لاسيما وإن إيران تحيط برنامجها بكثير من الغموض على غرار ما فعلت بعض الدول مثل باكستان والهند وإسرائيل.
تميزت الدراسة بتوضيح أنه لم يثر أي ملف دولي في السنوات القليلة الماضية جدلاً كالذي أثاره الملف النووي الإيراني، فهي تحيط برنامجها بكثير من الغموض والتعتيم وهذا أدي إلى مشكلات اقتصادية لها مع الدول الغربية في محاولة منهم لفهم نشاطها النووي السري.
دراسة بعنوان:
فهمي هايدي, أزمة الخليج :العرب وإيران –وهم الصراع وهم الوفاق([3]) : تتناول الدراسة إدراك الجميع كم هي مهمة إيران ,قبل الغزو وخلاله , وأن إيران ستصبح أكثر أهمية بعد الغزو ,أيا كانت المدة التي ستستغرقها .وإن شئنا أن نعود إلى الحقائق الأساسية في الجغرافيا السياسية لمنطقة الشرق الأوسط ,فأننا ننبه إلي أنه بات مستقراً في مختلف الدراسات الاستراتيجية أن للشرق الأوسط ثلاثة أعمدة وركائز ,هي مصر وتركيا وإيران , غير أن أعمدة منطقة الخليج بوجه أخص كان ينظر إليها دائماً على أنها –أيضاً- ثلاثة تتمثل في :إيران والعراق والسعودية . وإن شئنا الدقة فقد نقول إن المنافسة العسكرية كان قائماً بين إيران والعراق، بينما كانت السعودية ومازالت تمارس نوعا من النفوذ السياسي ولا تدخل القوة العسكرية في موازينها. تميزت الدراسة ببيان قوة إيران وخاصة بعد الغزو العراقي لها، وأنها بعد هذه التجربة عملت على بناء قوتها مستندة إلى البرنامج النووي وتطويره حتى تستطيع بسط نفوذها السياسي في المنطقة دون التدخل العسكري منها.
دراسة بعنوان:
رائد حسين عبد الهادي, البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته علي الأمن القومي الإسرائيلي 1979-2010م ([4]): تتناول الدراسة طموح إيران النووي كشكل قضية شعبية إيرانية ومصدراً لشرعية نظام الحكم الإيراني ,الذي يتعذر كلما تقدمت في هذا المجال لاسيما بعد أن أصبحت تمتلك دورة الوقود النووي كاملة ,ولكن هذا الأمر لا يخلو من تباينات داخلية سواء في مراكز صنع القرار أم في الأوساط الأكاديمية أم في وسائل الإعلام رغم تمسك الجميع بحق الاستخدام النووي السلمي ,وان التباين الرئيسي ينصب بين فئات متشددة وفئات أكثر تشدداً للبرنامج النووي (الإصلاحيين والمحافظين ). فثمة اتفاق بين الإصلاحيين والمحافظين على الهدف رغم اختلاف الوسائل، كما أن هناك تبايناً أخر يمكن إضافته يتعلق في سبيل تحقيق التوترات والتهديدات الغربية من خلال إدارة حوار مع الغرب كما يرى الإصلاحيين، وهناك بعض الأصوات الخافتة في إيران تشير إلى أن تركيز إيران على البرنامج النووي أدي إلى مشكلات اقتصادية كبيرة، الأمر الذي يستدعي ترشيد نفقات للبرنامج والوصول إلى حلول سلمية مع الغرب.
تتميز الدراسة ببيان انقسام الشعب الإيراني حول حقيقة البرنامج النووي الإيراني فمنهم من كان يرى حقه في هذا الاستخدام ومنهم من كان يرى أن هذا البرنامج قد أدى إلى مشكلات اقتصادية كالفقر والبطالة، وأنه يجب الوصول إلى حلول مع الغرب لتسوية المسألة النووية.
دراسة بعنوان:
سعد مجيل فلاح، البرنامج النووي الإيراني وأثره على توجهات السياسة الخارجية الكويتية 2003-2012م ([5]): يسعى الباحث في الدراسة إلى توضيح أن دول الخليج لا تعترض على المساعي النووية السلمية، ولكنها تحتفظ على تصريح إيران بحقها في امتلاك السلاح النووي. وليس هذا معناه خوف من اختلال ميزان القوى الإقليمية فقط، بل هناك مخاطر بيئية وأمنية تهدد جيران إيران مستقبلاً. وتوصى الدراسة أفضل السبل لمواجهة التغيرات المختلفة للبرنامج النووي على دول الخليج العربي من خلال ضرورة تفعيل مؤسسات التكامل الخليجي من جهة –والعربي من جهة ثانية وتطوير هيكلها.
تناقش الدراسة رأى دول الخليج العربي في امتلاك إيران السلاح النووي، وتؤكد على حقها في هذا الأمر ولكنها تريد ضمان عدم حدوث كوارث بيئية وأمنية في المنطقة، وهذا هو الأمر الطبيعي خاصة بعد رفض إيران بدخول وكالات التفتيش الدولية للكشف عن مدى تقدم أسلحتها النووية.
دراسة بعنوان:
عصام نابل المجالي، تأثير التسلح الإيراني علي الأمن الخليجي منذ الثورة الإسلامية 1979م ([6]): تتناول الدراسة اهتمام الحكومات الإيرانية بالبرنامج النووي الإيراني منذ نهاية الستينات من القرن الماضي في عهد الشاه “رضا بلهوي ” الذي يمثل اهتمامه بالطاقة النووية جزءاً من جهوده الرامية لتحويل إيران إلى قوة إقليمية عظمي، وتواصل هذا الاهتمام بعد قيام الثورة الإيرانية عام 1979م. فرغم الدمار الذي ألحقته الحرب العراقية الإيرانية بالمفاعلات النووية التي أنشأها الشاه في إيران، إلا أن حكومة الجمهورية الإسلامية الإيرانية عاودت التفكير ببناء قوة نووية إيرانية في منتصف الثمانيات بعد أن جعلتها الحرب تدرك أهمية امتلاكها للقدرات النووية في ظل وجود قوي إقليمية على مستوي عال من القدرة العسكرية مثل العراق وتركيا وإسرائيل.
تميزت الدراسة بتوضيح أن امتلاك الدولة للقدرة النووية سوف يضمن أمنها واستقرارها في منطقتها وهذا ما قامت إيران بفعله عقب انتهاء الحرب العراقية الإيرانية بالإسراع لتطوير برنامجها النووي حتى تستطيع تحقيق مصالحها في منطقة الخليج العربي.
دراسة بعنوان:
هبة جمال الدين، إسرائيل والدور الإيراني بعد الاتفاق النووي ([7]): تتناول الدراسة رؤية مراكز الفكر ودوائر صنع القرار في إسرائيل للصفقة الإيرانية الدولية، وانعكاسات ذلك على دور طهران الإقليمي، وشكل التفاعلات بالإقليم خاصة العلاقات التركية-الإيرانية والتركية –الإسرائيلية. فالقوة النووية تعدها إيران أحد مقوماتها للزعامة الإقليمية بالمنطقة. وما يثير توقع إيران والمجموعة السداسية حول اتفاقيات العمل المشتركة، وما تقضيه من رفع العقوبات عن إيران ووضع قيود تراها إسرائيل غير كافية على البرنامج النووي الإيراني، ويتطابق هذا الوصف على كل من تركيا وإسرائيل.
تميزت الدراسة ببيان الرؤية الإسرائيلية للاتفاق الإيراني وانعكاساته على الدور الإقليمي لها، ورؤية صانعي القرار في إسرائيل من تملك إيران للسلاح النووي في المنطقة، وهذا ما يثير مخاوف إسرائيل من إيران بسبب محاولاتها الدائمة إلى تطوير برنامجها النووي
مجموعة الدراسات المعنية بالبرنامج النووي الإسرائيلي:
دراسة بعنوان:
وائل العبد درويش الهمس، البرنامج النووي الإسرائيلي وتأثيره على الأمن القومي العربي 1991-2000م ([8]): تناولت الدراسة نشأة دولة إسرائيل وسعيها إلى توفير المقومات التي تقوم عليها الصناعة النووية، والتي تشمل كل من العنصر العلمي والعنصر البشري، إضافة إلى العنصر المادي، واستطاعت في الفترة ما بين 1948م حتى 1954م أن تستكمل الحد المطلوب من تلك المقومات لبدء الاستعداد لإنشاء صناعة نووية موجهة لأغراض الحرب والسلم. فقد اهتم الدكتور “حاييم يزمن” أول رئيس لدولة إسرائيل بالنشاط النووي فيها, حيث كان يؤمن بوجود علاقات كبيرة بين التقدم العلمي وتحقيق أهداف إسرائيل, ولذلك كان يسعي إلي الاتصال المستمر بالعلماء المتخصصين في مجال الذرة منذ الحرب العثمانية الثانية, وأرسل رئيس وزراء إسرائيل “بن غيريون” والذي كان يشغل منصب وزير الدفاع الإسرائيلي الخبراء الجيولوجيين إلى صحراء النقب, للبحث عن أي وجود محتمل لليورانيوم وقامت الجامعات الإسرائيلية بتشجيع إرسال الطلاب المتميزين لديها إلى الولايات المتحدة ودول أوروبا للتخصص في ميدان الذرة.
تميزت الدراسة بتوضيح تتطور مواقف الزعامة الإسرائيلية إزاء المسالة النووية ومحاولتهم تطوير البرنامج منذ نشأة إسرائيل عام 1984م فهو يمثل من وجهة نظرهم ضمان لوجودهم في المنطقة ولبسط نفوذهم على الدول العربية.
دراسة بعنوان:
نازل عيسى جودة، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه منطقة القرن الإفريقي وأثرها على الأمن القومي العربي 1991-2011م ([9]): تتناول الدراسة ارتكاز الاستراتيجية الإسرائيلية على توفير المقومات الأساسية لبناء الدولة، تمثلت في بلورة وصياغة العقيدة السياسية لنظامها السياسي وقوتها العسكرية ومواردها الطبيعية وزيادة عدد سكانها ودرجة تقدمها العلمي. وأهم تلك المقومات لإسرائيل والتي حكمت الاستراتيجية هي موقع إسرائيل الجيوستراتيجى في قلب الوطن العربي الرافض لوجودها وما نتج عنه من صراع أدي إلي فرض حالة من العزلة التامة على إسرائيل.
تميزت الدراسة ببيان رؤية إسرائيل تجاه الدول العربية، فقد رأت أن حصر المعركة مع العرب في جبهة حدودية ضيقة لا يخدم مصالحها فكان لابد لها من توسيع تلك الجبهة، وفتح ساحات أخري لتتنافس مع العرب لتحقيق أهدافها.
دراسة بعنوان:
فلير كوهين، المسالة النووية في الشرق الأوسط: إسرائيل وابتكار التقسيم النووي ([10]): تتناول الدراسة حصول إسرائيل على قدرات نووية في أواخر الستينات لكنها فعلت ذلك بطريقة مختلفة تماماً عما افترضه “كنيت “وهو رئيس مكتب التقديرات. وقد افترض كنيت تفجير إسرائيل لجهاز نووي سواء بامتلاك أو عدم امتلاك أسلحة نووية، أو إعلان إسرائيل أنها تمتلك أسلحة نووية للأغراض السلمية، وعلى النقيض من الطريقة التي تصورها كنيت لظهور القنبلة الإسرائيلية طورت إسرائيل الأسلحة النووية لديها وحصلت عليها في نهاية المطاف من خلال نموذج مختلف تماماً، وهو نموذج التعتيم النووي.
تميزت الدراسة ببيان اختلاف الآراء حول حقيقة القدرة النووية لإسرائيل فالبعض يري أنه بمجرد امتلاك إسرائيل السلاح النووي سوف يتم الإعلان عنه، ولكن فشلت كل هذه الظنون حول برنامج التسليح النووي وذلك بسبب الغموض والتعتيم الذي تتبعه إسرائيل، إن لم يكن ناقص في الأساس.
دراسة بعنوان:
جياكومو لوشياني , المسالة النووية في الشرق الأوسط: دور الطاقة النووية في التقدم الاقتصادي لدول الخليج ([11]): تتناول الدراسة رؤية بعض دول مجلس التعاون الخليجي لاسيما الكويت والمملكة العربية السعودية في استخدام النفط والمنتجات البترولية في توليد الطاقة, قد يؤدي إلى تكلفة كبيرة في ظل عالم تتزايد فيه ندرة الإمدادات بالنفط, وهذه الممارسة ليست صحيحة علي الجانب الاقتصادي والبيئي لذا يجب التخلي عنها في أقرب وقت ممكن, وبالتالي فإن أفضل طريقة لتلبية احتياجات الحمل الأساسي تتمثل في الفحم أو الطاقة النووية, والفرق بينهما هو أن استخدام الفحم يولد كم كبير من انبعاث الغازات الدفيئة, في حين أن الطاقة النووية خالية من انبعاث الكربون.
تميزت الدراسة ببيان رؤية دول مجلس التعاون الخليجي في تفضيل استخدام الطاقة النووية عن النفط والفحم، وذلك للحد من الآثار البيئية لاستخدامها مع الاستمرار في التمتع بجودة لا مثيل لها من الكثافة والتنوع الكيميائي للطاقة في المنطقة العربية.
مجموعة الدراسات المعنية بصنع القرار في السياسة الخارجية للدولة:
دراسة بعنوان:
محمد السيد سليم, تحليل السياسة الخارجية([12]): تتناول الدراسة أهمية فهم كيفية صنع السياسة الخارجية وتحديد الهيكل الذي تصنع منه السياسة في إطاره والعمليات التي تصنع من خلالها السياسة الخارجية, ويقصد بهيكل صنع السياسة الخارجية نمط ترتيب العلاقات بين الأجهزة والمؤسسات في صياغة السياسة الخارجية أما عملية صنع السياسة الخارجية فأنها تشمل نمط التفاعلات بين الأجهزة والمؤسسات العاملة في ميدان السياسة الخارجية في إطار عملية تحديد الأهداف الرئيسية المبتغاة في المجال الخارجي وأدوات تحقيق تلك الأهداف, لعل كون السياسة الخارجية محصلة تفاعل القوي السياسية والمؤسسات البيروقراطية الحكومية يفسر لنا إلى حد ما ظاهرة التدريج في السياسة الخارجية, فنادراً ما تشهد السياسة الخارجية تغيراً كبيراً في مسارها الرئيسي ولكنها تتكون أساساً من إجراءات روتينية هدفها إرساء النمط الراهن للعلاقات الخارجية.
تميزت الدراسة ببيان أهمية السياسة الخارجية في العلاقات الدولية بين الدول، فبعد أن كانت ظاهرة تتعلق بقضية الأمن العسكري، أصبحت ظاهرة متعددة الأبعاد ترتبط بشتى الوظائف للمجتمعات ولذلك ظهرت محاولات لتقديم اطر علمية لتفسير ظاهرة السياسة الخارجية، تأخذ في اعتبارها هذا التطور.
دراسة بعنوان:
محمود شيت خطاب, العسكرية الإسرائيلية([13]): تتناول الدراسة محاولة إسرائيل رفع معنويات قواتها المسلحة خاصة وشعبها عامة, وتحطيم معنويات القوات العربية المسلحة خاصة والشعب العربي عامة, والمعنويات المالية عنصر ضروري للجيوش والشعوب وهي عامل حاسم من عوامل الانتصار في الحروب لا تقل شأناً عن التدريب الجيد والتسلح المتميز والتنظيم الدقيق والتجهيز المتكامل والقيادة الرفيعة, والجيش الذي يتفوق بمعنوياته علي عدوه لابد أن ينتصر عليه فإن تقوية جيش إسرائيل عامل مهم من عوامل انتصارها في الحرب علي الدول العربية, خاصة بعد أن عانت أنواع من الذل والهوان لفترة طويلة.
تميزت الدراسة ببيان محاولات إسرائيل الدائمة في تحطيم معنويات الدول العربية عن طريق امتلاك أفضل التكنولوجيا في الأسلحة وكذلك قدرتها في امتلاك السلاح النووي حتى تستطيع أن تفرض سيطرتها على المنطقة.
دراسة بعنوان:
سعاد حرب قاسم, أثر الذكاء الاستراتيجي على عملية اتخاذ القرارات([14]): تتناول الدراسة مفهوم الذكاء وهو مجموع القدرات العقلية التي يستخدمها الفرد لمواجهة المواقف الجديدة أو القدرة على فهم وإدراك الحقيقة, ويعبر عنه أيضاً علي أنه السلوك الذي ينتج عنه حل المشكلات والتكيف مع البيئة وتكوين المفاهيم العقلية والتعلم وبدأ الباحثون والأكاديميون يدركون أهمية الذكاء الاستراتيجي فقد تعددت التعريفات التي قدمها الكتاب المهتمين بهذا النمط من الذكاء, وتباينت وجهات النظر حول مفهوم الذكاء الاستراتيجي ويرجع هذا التباين إلي الحداثة النسبية في دراسة أبعاده .
تميزت الدراسة ببيان مفهوم الذكاء الاستراتيجي في عملية صنع القرار السياسي للدولة، وأن عملية اتخاذه لابد أن يقدمها الخبراء المتخصصين في فهم هذه الدراسة التي تقوم عليها قرارات الدولة.
دراسة بعنوان:
حمدي درويش, تأثير السياسة الخارجية على عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي بعد أحداث 11سبتمبر([15]): تتناول الدراسة تعريف السياسة الخارجية كحقل معرفي, هو الذي يعني واقع السلوكيات من أجل التفسير والتنبؤ وبالتالي فإن السياسة الخارجية لا يمكن فصلها عن ما نسميه بنظرية العلاقات الدولية لأنه توجد صلة وثيقة بين السياسات الخارجية والعلاقات الدولية, كون أن العلاقات الدولية هي تلك العملية التي تتفاعل فيها مجموعة السياسات الخارجية للوحدات الدولية وإذا كان هذا يعني هناك اختلافاً بين المفهومين, فانه لا ينفي وجود ترابط بين الظاهرتين لأن العلاقات الدولية هي نتيجة للسياسات الخارجية.
تميزت الدراسة بتوضيح أن السياسة الخارجية هي نتيجة لسياسات تشكلها وحدة دولية أو فواعل دولية اتجاه وحدات وفواعل دولية أخري في فترة زمنية معينة لاتخاذ القرار السياسي للدولة.
الفصل الأول
مفاهيم وإشكاليات مرتبطة بالانتشار النووي
أصبح السلاح النووي منذ ظهوره عاملاً رئيسياً في رسم معالم النظام الدولي وكان أهم مقياس في تحديد قوة الدولة وسرعان ما تحول إلى أداة سياسية في منظومة العلاقات الدولية، وأصبحت كل دولة تسعى إلى اكتسابه من أجل فرض حضورها على الساحة الدولية.
لذلك بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية سعت كلاً من الكتلتين الشرقية والغربية إلى حيازة السلاح النووي وذلك لأن وسائل الردع التقليدي لم تعد كافية لضمان عنصر القوة والأمن والاستقرار سواء على الصعيد الإقليمي أو العالمي.
سوف نتناول في هذا الفصل أهم التعريفات المرتبطة بالدراسة من خلال ثلاث مباحث، كل مبحث يفسر عدة نقاط كما يلي:
المبحث الأول: القدرة النووية بين المفهوم والأبعاد.
المبحث الثاني: دوافع امتلاك الدول لبرنامج النووي.
المبحث الثالث: مخاطر امتلاك الدول للسلاح النووي.
سوف نستعرض ذلك بالتفصيل
المبحث الأول :القدرة النووية بين المفهوم والأبعاد
هناك تعريفات عديدة يجب دراستها ومعرفتها لأنها مرتبطة ومتعلقة بالدراسة وتشكل أهمية كبيرة، سوف يتناول هذا المبحث عدة نقاط وعناصر وعدة مصطلحات؛ والتي تشكل جوهر الدراسة، ألا وهي:
أولاً: الانتشار النووي.
ثانيًا: الردع النووي.
ثالثاً: البرنامج النووي.
رابعاً: السياسة النووية.
خامساً: مبدأ الغموض النووي.
سادساً: العلاقات الدولية.
سابعاً: صنع القرار.
ثامناً: السياسة الخارجية.
تاسعاً: ازدواجية المعايير.
سوف نستعرض ذلك بالتفصيل كالآتي: –
أولاً: الانتشار النووي: –
ميز صانعو السياسة بين مفهومين رئيسين للانتشار النووي هما:
1 – المفهوم الأفقي.
2 – المفهوم الرأسي.
1 –المفهوم الأفقي: ” يقصد به انتشار الأسلحة النووية لدى دول أخرى غير القوى النووية الخمس المعترف بهم في معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية، وهي (الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد السوفيتي السابق ” روسيا الاتحادية حالياً “، بريطانيا، الصين، فرنسا) “.
2 -المفهوم الرأسي: ” يقصد به زيادة وتطوير حجم ونوعية الأسلحة النووية لدى الدول التي تمتلك الأسلحة النووية بالفعل “.
ولكن نجد أن المفهوم الذي تتعامل معه أغلب الدراسات هو المفهوم الأفقي للانتشار النووي دون المفهوم الرأسي للانتشار النووي على الرغم من أهميته أيضاً، ذلك لأن كلا المفهومين يكمل بعضهما الآخر ([16]).
ثانيًا: الردع النووي: –
” الردع النووي عرف الردع النووي بأنه إستراتجية تنتهجها الدول بامتلاكها أسلحة نووية ضمن ترسانتها العسكرية أو ترسانة نووية كاملة من أجل التأثير على سلوك دول أخرى وعدم تشجيع العدو على اتخاذ عمل عسكري وقد وسع هذا المفهوم في المجال السياسي ليعني عدم تشجيع طرف ثان على أن يفعل شيئاً ما بالتهديد الضمني أو المكشوف باستخدام عقوبة ما إذا أنجز العمل الممنوع ” ([17]).
وهناك عاملين لنجاح الردع:
1 -مدى قدرة الرادع على إيصال الرسالة وتأكده من استيعاب الطرف الثاني لها.
2 -التماثل بين النتائج المحتملة لقيام المردوع بالفعل وبين محتوى وحجم التهديد الموجه ضده ([18]).
ثالثاً: البرنامج النووي: –
” البرنامج النووي يعني خطة الدولة من الطاقة النووية واستخداماتها بشكل عام، ويتضمن ذلك تحديد الأهداف والأولويات في شكل مشاريع وبرامج عمل يتم تنفيذها في إطار جدول زمني محدد ” ([19]).
رابعاً: السياسة النووية: –
” السياسة النووية تعني تلك التوجهات السياسية التي ترتبط بامتلاك أو محاولة امتلاك قوة أو قدرة تكنولوجية نووية عسكرية أو سلمية، بالإضافة إلى سياسات تشكيل وإعداد البيئة الدولية والإقليمية والمحلية الملائمة لتحقيق تلك التوجهات “.
قد تعبر السياسة النووية عن توافر الأساس السياسي لامتلاك القدرات والتكنولوجيات النووية السلمية أو العسكرية ” ([20]).
خامساً: مبدأ الغموض النووي: –
” مبدأ الغموض النووي يعني سياسة تقوم على عدم تأكيد أو نفي امتلاك السلاح النووي، وتبرز ملامحها من خلال عدم السماح لأي دولة أو منظمة أو هيئة رسمية أجنبية من الاطلاع على حقيقتها النووية “.
تنحصر معرفة الرأي العام الدولي حول الموضوع على ما تريد إسرائيل أن تمرره من خلال التصريحات المبهمة والغامضة التي تتضمن عدة أبعاد ومعاني، لعل أشهر مثال على ذلك العبارة الشهيرة التي رددها العديد من المسئولين الإسرائيليين أمثال: (ليفي أشكول) و (شيمون بيريز) و (موشي دايان) بأن: ” إسرائيل ليست قوة نووية، ولن تكون الدولة الأولى التي ستدخل السلاح النووي إلى منطقة الشرق الأوسط، لكنها لن تكون الدولة الثانية التي تفعل ذلك “ ([21]).
سادساً: العلاقات الدولية: –
تعددت تعريفات العلاقات الدولية؛ أهمها:
” العلاقات الدولية تعني كل علاقة ذات طبيعة سياسية أو من شأنها إحداث انعكاسات وآثار سياسية تمتد إلى ما وراء الحدود الإقليمية لدولة واحدة “.
سعت الدراسات إلى معرفة طبيعة العلاقات الدولية؛ توصلت الدراسات وأشارت إلى أن دراسة العلاقات الدولية تمتد من العلوم الطبيعية متجهة إلى الفلسفة الأخلاقية ([22]).
سابعاً: صنع القرار: –
تعددت تعريفات صنع القرار؛ أهمها:
” صنع القرار يعني سلسلة الاستجابات الفردية أو الجماعية التي تنتهي باختيار البديل الأنسب في مواجهة موقف معين؛ فهو الاختيار الواعي بين البدائل المتاحة في موقف معين “([23]).
ثامناً: السياسة الخارجية: –
” السياسة الخارجية تعني برنامج العمل العلني الذي يختاره الممثلون الرسميون للوحدة الدولية من بين مجموعة من البدائل من أجل تحقيق أهداف محددة “.
من ذلك التعريف تنصرف السياسة الخارجية إلى 7 أبعاد؛ ألا وهي:
(الواحدية، الرسمية، العلنية، الاختيارية، الهدفية، الخارجية، البرامجية) ([24]).
تاسعاً: ازدواجية المعايير: –
إن ازدواجية المعايير تعني إصدار حكميين مختلفين في قضية واحدة على طرفين مختلفين، وإحكام المبادئ على الآخر والتملص منها من الطرف الأخر، كما أنها تعني سياسياً الكيل بمكيالين حيال حالة سياسية او ثقافية أو اجتماعية أو اقتصادية، ينظر إليها بوصفها مقبولة إن جاءت من فريق ما، ومرفوضة إذا لجأ إليها الفريق الأخر ([25]).
المبحث الثاني : دوافع امتلاك الدول للبرنامج النووي
نجد أن الأسلحة النووية أصبحت على قمة جدول الأعمال المرتبط بقضايا التسليح على المستوى الدولي خلال النصف الثاني من القرن العشرين، نتيجة المخاطر الهائلة المرتبطة بامتلاك تلك الأسلحة واحتمالية نشوب حرب نووية جديدة، على الرغم أنها لم تستخدم سوى مرة واحدة ضد اليابان عام 1945م، إلا أن الدول عادة ما يكون لديها تخوف كبير تجاه الدول التي تمتلك أسلحة نووية خوفاً من استخدامها بشكل مدمر دون الاستخدام السلمي لها.
سوف يتناول هذا المبحث العديد من العناصر، ألا وهي:
أولاً: تاريخ الأسلحة النووية.
ثانياً: دوافع امتلاك الدول للبرنامج النووي.
ثالثًا: الآليات الإقليمية والدولية لمواجهة المشكلة النووية.
أولاً: تاريخ الأسلحة النووية: –
نجد أن اهتمام الدول بالأسلحة النووية كان قرب بداية الحرب العالمية الثانية , عام 1939م حيث أن ألمانيا كانت عاكفةٌ على عمل برامج تسليح نووي , من ضمنها قسم يعنى بدراسة الطاقة النووية ، وكانت فرنسا أكثر تقدماً في بحوثها بشأن الذرة والانشطار النووي ؛ في تلك الأثناء وجهت مجموعة من العلماء الألمان منهم ( ألبرت آينشتاين ) رسالة إلى الرئيس الأميركي ( فرانكلين روزفلت ) حذروا فيها من خطر امتلاك ألمانيا قنبلة نووية , حفزت الرسالة الرئيس الأميركي على إطلاق مشروع قومي للبحث في المجال النووي ومنافسة ألمانيا, أطلق على المشروع اسم ” مانهاتن “ وتولته نخبة من علماء الفيزياء الأميركيين يتقدمهم ( روبرت أوبنهايمر ) بوصفه المدير العلمي للبرنامج , بحلول ربيع عام 1945م كان البرنامج قد أنتج ثلاث قنابل جُربت أولاها في صحراء نيومكسيكو، وألقيت الثانية والثالثة على هيروشيما وناجازاكي اليابانيتين في 6 و9 أغسطس من العام نفسه مما أسهم في وضع حد للحرب العالمية الثانية ([26]).
- تقنية الأسلحة النووية: –
الطاقة الذرية هي مصدر الطاقة لكل من المفاعلات النووية والأسلحة النووية، هذه الطاقة تنشأ عن انقسام ذرات (الانشطار الذري) أو اتحادها (الاندماج النووي)؛ حيث تقوم تقنية القنبلة النووية على تقنية الانشطار الذري، حيث أن الذرة هي أصغر جزء من العنصر يحمل الخصائص المميزة لهذا العنصر؛ من الخصائص الأساسية للذرة عددها الذري، وهو يتحدد وفق ما تحويه الذرة من بروتونات وتتحدد الخصائص الكيميائية للذرة بواسطة عددها الذري ([27]).
كما أنه يوجد ثلاث نظائر للهيدروجين : اثنان منها مستقران (غير مشعين ) ، لكن النظري الثالث (التريتيوم الذي يتألف من بروتون واحد واثنين من النيوترونات) غير مستقر ونواة عنصر اليورانيوم ٢٣٥ تتألف من ٩٢ بروتونًا و١٤٣ نيوترون , ومن هنا جاءت تسمية اليورانيوم 235, عام ١٩٠٥م طور ( أينشتاين ) نظرية النسبية الخاصة ، وكانت إحدى تبعاتها أنه بالإمكان تحويل المادة إلى طاقة والعكس بالعكس , تنص هذه المعادلة على أنه بالإمكان تحويل الكتلة إلى مقدار هائل من الطاقة ، وذلك بعد ضربها في مربع سرعة الضوء كما أن معادلة أينشتاين هي مفتاح قوة الأسلحة النووية والمفاعلات النووية , كما أستخدم تفاعل الانشطار النووي في أول قنبلة ذرية ولا يزال يُستخدم في المفاعلات النووية , أما تفاعل الاندماج النووي فقد صار يلعب دوراً مهما في الأسلحة النووية الحرارية وفي تطوير المفاعلات النووية ([28]).
وفي عام 1954م فجر الاتحاد السوفيتي قنبلة نووية بلغت شدتها 50 ميجا طن وحملت اسم “القيصر” واعتبرت أشد قنبلة تدميراً في تاريخ البشرية، شكل اكتشافُ القنبلة النووية تحولاً تاريخياً في المجال العسكري والاستراتيجي، فقد أصبحت سلاح الردع الأول والضامن للتوازن الاستراتيجي، بل إنه خلال الحرب الباردة شكلت الترسانة النووية للولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي وما أحدثته من رعب متبادل عامل توازن ضمن عدم انزلاق العالم إلى حرب عالمية جديدة. ويرجع باحثون كثر في العلاقات الدولية والعلوم السياسية الفضل في السلام الذي عاشه العالم خلال حقبة الحرب الباردة، إلى الردع النووي، في سياق ما بعد الحرب الباردة، تراجع هاجس التهديد وتوارى مصطلح الردع النووي، غير أن هناك تحديات أخرى ظهرت بشأن هذا السلاح المخيف، فمع تعاظم انتشار التنظيمات المتشددة أصبح الخوف مستحكماً من تمكنها من الحصول على أسلحة نووية وتنفيذ هجمات بواسطتها. كما أن انتشار السلاح النووي وتوفرِ بعض دول العالم الثالث عليه أدى إلى وجود مخاوف من وقوع حوادث نووية ، فالولايات المتحدة عبرت في مرحلة معينة عن مخاوف مما سمته حصول حركة طالبان على مواد نووية من الترسانة الباكستانية , كما أن الدول العربية طالما نددت بامتلاك إسرائيل لسلاح نووي بفضل دعم الدول الغربية لها وطالبت بتفتيش الترسانة العسكرية الإسرائيلية حفاظاً على أمن المنطقة واستقرارها , وقد شمل هذا القلق أيضا الملف النووي الإيراني حتى وقعت طهران على الاتفاق النووي مع القوى الكبرى الذي يقضي بوقف برنامجها النووي مقابل رفع العقوبات وتطبيع العلاقات ([29]).
ثانياً: دوافع امتلاك الدول لبرنامج النووي: –
هناك عدة دوافع؛ منها:
1 – الدوافع العامة.
2 – دوافع كلا من إسرائيل وإيران.
1 – الدوافع العامة: –
يوجد الكثير من الدوافع:
أ –الردع النووي:
تسعى الدول لامتلاك السلاح النووي عندما تواجه تهديداً عسكرياً لأمنها القومي لا تستطيع مواجهته بالبدائل التقليدية، إذ تواجه الدولة عندئذ خيارين؛ أولاً: إذا كانت الدولة قوية، فمن الممكن أن تقوم بنفسها بإنتاج أسلحتها النووية وتطويرها. وثانياً: إذا كانت الدولة ضعيفة فإنها في هذه الحالة ستلجأ إلى عقد تحالف مع دولة نووية تكفل لها ردع أي عدوان خارجي وقمعه ([30]).
ب – أزمة الطاقة:
حيث أن أحد الأهداف الرئيسية من امتلاك القدرات النووية حالياً هي تغطية احتياجات الطاقة الكهربائية المتزايدة فنضوب المصادر التقليدية للطاقة يمثل معضلة معقدة بحكم استنفاذ الموارد عاجلاً أم آجلاً؛ ووفقاً لذلك تشير الإحصاءات العالمية والدراسات الدولية إلى أن الطاقة النووية تزود العالم حالياً بنحو 16% من احتياجاته إلى الطاقة المحركة، بينما يحصل هذا العالم على 47% من طاقته من البترول و17% من الغاز الطبيعي والباقي من الفحم ومصادر الطاقة النظيفة والمتجددة مثل الشمس والرياح ([31]).
ج – تطلعات الفاعلين الوطنيين:
هناك بعض الفاعلين الوطنيين الذين يقومون بدفع الحكومة لاتخاذ قرار تطوير برامج التسليح النووي من شأنها خدمة مصالحهم سواء البيروقراطية أو السياسية، حيث أن هناك بعض الأحزاب السياسية وكبار قادة القوات المسلحة الذين يضخمون التهديدات الخارجية ويضغطون على القيادة السياسية من أجل زيادة نفقات الدفاع والشروع في تملك ترسانة نووية رادعة لتلك التهديدات؛ مثال: السياسة الهندية متمثلة في (أنديرا غاندي) رئيسة الوزراء سابقاً التي خضعت لضغوط الفاعلين المحليين من أجل أن تصبح الهند دولة نووية ([32]).
2 – الدوافع الخاصة لكل من إسرائيل وإيران: –
أ – دوافع إسرائيل: –
لطالما سعت إسرائيل لامتلاك قدرة نووية كبيرة في منطقة الشرق الأوسط، بحيث تكون هي الدولة الوحيدة المحتكرة، وكذلك الحـرص على حرمان أي دولة في المنطقة من امتلاك القدرات النووية وهو هدف تمكنت من تحقيقه.
* الدوافــع الأمنيــة : أن مفهـوم الأمن الإسرائيلي مقـرون بشـكل أسـاسي بالاستراتيجية العسـكرية التـي تعتمـد على القـوة فـي تثبيـت كيانهـا الاسـتيطاني ؛ وهـذا يعنـي أن اسـتخدام القـوة واللجـوء إليهـا فـي حالــة تهديــد أمـن وسـلامة إسـرائيل ، فقـد وضعت القدرات النووية في حالة تأهب أثناء الاحتلال الأمريكي للعراق فـي ٩ نيســان عــام 2003م للرد على أي هجـوم صـاروخي عراقــي محتمــل , كمـا يجـب أن لا ننسـى التهديـد الإسـرائيلي لمصـر بتـدمير السـد العالي مـن خـلال القصـف النـووي له نتيجة تهديد مصر بقصف مفاعل ( ديمونا) الإسرائيلي ([33]).
كما إنه عندما تحتكر إسرائيل السلاح النووي وتستعمله كأداة للردع فإن هذا الوضع كفيل بأن يضغط على الدول العربية إلى الحد الذي يجعلها تتنازل كلياً عن خططها في المواجهة العسكرية، ويرغمها على الدخول في اتفاقيات سلام معها، ويحقق لإسرائيل مكاسب سياسية كبيرة من خلال قدرتها على التحكم في عملية السلام داخلياً وخارجياً ([34]).
* الدوافــــع العســــكرية: حـركت هـذه الـدوافع الرغبـة فـي التفـوق والحمايـة المطلقـة أمام محدوديـة المعطيـات الديموغرافية والجغرافيـة وهـو مـا دفـع إسـرائيل لتمسـكها بـامتلاك الأسـلحة النوويـة كعنصـر للـردع فـي ظـل الطبيعــة المتغيـرة لحـروب المسـتقبل وتـداعياتها الخطيـرة لاسـيما وأن هنالـك محـاولات لدول في منطقة الشرق الأوسط بامتلاك صواريخ بالستية قادرة على حمل رؤوس غير تقليدية ([35]).
كما أنه عندما تملك هذا السلاح قد يؤدي ذلك إلى سباق تسلح نووي محتمل في الشرق الأوسط، وحتى لو تمكنت إحدى الدول العربية بامتلاكه فإن ذلك سيخلق نوع من توازن الرعب النووي، وهذا ما سيبعد احتمال نشوب حرب تقليدية بدافعي الخوف من تطورها إلى حرب نووية ([36]).
* الدوافـع الاستراتيجية : حيـث يعـد غيـاب العمـق الاستراتيجي لدولـة إسـرائيل مـن التحـديات الرئيسـية للنظريــة الأمنيــة الإسرائيلية إذ لــم يعــد العمــق الاستراتيجي الــذي حققتــه إســرائيل باحتلال أراض عربيـة محاولـة كافيــة لمنـع وصـول التهديـدات إلى مواقعهـا الحيويــة بعـد وصـول الصـواريخ العراقيــة إلى قلـب إسرائيل، وكـذلك صـواريخ حـزب الله التـي طالـت مـدن ومنشـآت إسرائيلية ، إضافة إلى تمسك القيادة الإسرائيلية بضرورة المحافظة على الأراضي التي حصلت عليها بعد حرب 1967م وأهميتها الاستراتيجية والحاجة إلى تأمينها ضد أي هجوم عربي مفاجئ، كل هذه الظروف مجتمعة خلقت دافعا قوياً وسبباً مقنعاً لصناع القرار الإسرائيليين بضرورة امتلاك القدرة النووية ([37]).
ب – دوافع إيران: –
* الدوافع العسكرية: هناك شبه إجماع على أن هناك دوافع عسكرية وراء البرنامج الإيراني، استناداً إلى أن الفكر الاستراتيجي الإيراني ركز بشدة على الدروس المستفادة من الحرب العراقية الإيرانية والتهديدات الأمريكية الإسرائيلية لإيران، وأبرزها أن إيران تستعد لأية احتمالات في المستقبل. كما أن إيران استنتجت أنها لا يجب أن تعتمد كثيراً على القيود الذاتية التي قد يفرضها الخصوم على أنفسهم أو على تمسكهم بالالتزامات الدولية ([38]).
* الدوافع الاستراتيجية: تندرج عملية تطوير القدرات النووية الإيرانية في إطار تصور متكامل للسياسة الخارجية الإيرانية على الأصعدة الإقليمية والدولية، كما تندرج ضمن برنامج متكامل لإعادة بناء القوات المسلحة الإيرانية. وترتكز السياسة الخارجية الإيرانية على الاستحواذ على مكانة متميزة على الساحة الإقليمية, وتذهب بعض التقديرات إلى أن القيادة الإيرانية تعمل في إطار هذا التصور على القيام بأدوار متعددة تبدأ بالمشاركة في ترتيبات أمن الخليج, وتحقيق الاستقرار في منطقة شمال غرب آسيا, وتصل الرؤى الرسمية الإيرانية إلى تصور إمكانية الإفادة من التحولات الهيكلية الجارية في المنظومة الدولية في وضع استراتيجية استقطابية هدفها الأول مليء الفراغ الأيديولوجي في العالم الثالث عقب انهيار الاتحاد السوفييتي, والثاني استمرار المواجهة مع الولايات المتحدة على أساس نظام قيمي مستمد من الإسلام, ويستوعب الطاقات والخبرات والتجارب التي أفرزتها حقبة الثمانينات والتسعينات, ولذلك فإن السلاح النووي يمكن أن يقدم لإيران أداة بالغة الأهمية لتعزيز مكانتها الإقليمية والدولية([39]) .
* الدوافع الأمنية: استمرار الضغط الأمريكي والغربي منذ الثورة الإسلامية، والأزمات المتتالية بين إيران والولايات المتحدة، وسعي هذه الأخيرة إلى تطبيق مذهب الاحتواء المزدوج مع مضاعفة عدد القواعد العسكرية في المنطقة، وغزو العراق، وتصنيف إيران ضمن دول محور الشر، وقيادة المجتمع الدولي إلى مؤامرات تهدف إلى عزل إيران خارجياً؛ كل هذا أقنع الإيرانيين بأن التهديد العسكري الأمريكي لبلادهم غير بعيد، ولابد من الاستعداد لذلك([40])، وتواجد إيران في محيط نووي، إذ أنها محاطة بقوى نووية من ثلاث جهات: ” روسيا وأوكرانيا وكازاخستان وروسيا البيضاء من الشمال، الهند وباكستان من الشرق، إسرائيل من الغرب ” ([41]).
ثالثاً: الجهود الإقليمية والدولية لمواجهة المشكلة النووية: –
لقد أثارت المسالة النووية في الشرق الأوسط جدلاً واسعاً على المستوى الدولي نظراً للاختلاف الكبير في الآراء حول قضية نزع السلاح النووي وإخلاء المنطقة من هذه الأسلحة ، فالأخطار التي ترتبت على إدخال هذا النوع من الأسلحة إلى منطقة يسودها التوتر والصراعات المعقدة أصبحت تشكل تهديداً حرجاً على الأمن والاستقرار الإقليمي، خاصة بالنظر إلى السياسة المميزة والخاصة التي تنتهجها إسرائيل في إدارة شؤونها النووية التي تتميز بالسرية والغموض والتعتيم مما يزيد من تعاظم الأخطار والتهديدات مع تزايد قلق الدول المجاورة من الانعكاسات السلبية لتطور هذه المسألة .
1 – منظمة الأمم المتحدة: –
لقد أدرجت المنظمة في دورتها رقم29 عام 1947م لأول مرة بنداً على جدول أعمالها يعالج هذه المسألة يحمل عنوان : ” إنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط ” وكان هذا البند بناء على طلب إيران بالدعوة إلى الحظر النهائي لصنع هذه الأسلحة واقتنائها وتجربتها ونقلها وتخزينها، وتم اعتماد هذا المقترح الإيراني كأول قرار أممي حول هذه القضية (القرار رقم3263، الدورة 29 المؤرخ في ديسمبر عام 1974م ) يدعو كل دول المنطقة إلى المشاركة في إخلائها من الأسلحة النووية والانضمام إلى معاهدة عدم الانتشار لما في ذلك من تعزيز للسلم والأمن، ومنذ هذا التاريخ أصبحت الجمعية العامة تدرج هذا الموضوع في جدول أعمالها وتتخذ قرارات بشأنه ([42]),وقد تبعه إصدار قرار مجلس الأمن رقم (487) عام 1981م الذي يلزم إسرائيل بإخضاع منشآتها النووية للرقابة الدولية، غير أن رفضها لذلك لم يدفع مجلس الأمن لاتخاذ الإجراءات المخولة له في إجبارها على ذلك بسبب الدعم الأمريكي لها ([43]).
وفي الدورة العادية رقم 40 عام 1985م إقترحت عشرون دولة معظمها من دول الشرق الأوسط مشروعاً يطالب بالتنفيذ الفوري للقرار487 ، وضرورة التعامل الحاسم مع الرفض المتكرر لإسرائيل لإلزام نفسها بعدم صناعة أسلحة نووية ، وأكد المشروع على أنه حان الوقت لتدخل مجلس الأمن باتخاذه التدابير العاجلة والفعالة لإرغامها على ذلك ، وقد رافق هذا المشروع مذكرة للأمين العام للأمم المتحدة ، يوضح فيها الدلائل المتاحة حول الأنشطة النووية في إسرائيل وقدرتها على صنع هذه الأسلحة , ويؤكد مدى القلق الذي تبديه المنظمة من هذه المسألة ([44]), وعلى الرغم من كل هذه القرارات الصادرة عن مجلس الأمن إلا أن إسرائيل ظلت تتنكر وترفض كل قرار يتخذ ضدها، سواء إذا تعلق الأمر بأسلحتها النووية أو بما تقترفه من جرائم ضد الشعب الفلسطيني، وهذا الموقف نابع من عدم اعترافها وعدم ثقتها في القانون الدولي من جهة، وإصرارها على مواصلة استخدام سياسة الغموض النووي لتحقيق أهدافها القومية من جهة أخرى.
2 – الوكالة الدولية للطاقة الذرية: –
أُنشئت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بناء على اقتراح تقدم به الرئيس الأمريكي أيزنهاور أثناء خطابهِ أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في ديسمبر عام 1653م والذي أوصى بضرورة أن تشترك حكومات الدول بالتبرع بجزء من مخزونها من اليورانيوم والمواد الانشطارية الأخرى، وأن تستمر في التبرع إلى وكالة وظيفتها الرئيسية إيجاد السبل التي تضمن استعمال المواد الانشطارية في الأغراض السلمية، من أجل إسعاد البشرية. وفى ديسمبر 1954م صدر قرار من الجمعية العامة بالإجماع بعنوان “الذرة من أجل السلام”، يقضى بإنشاء “الوكالة الدولية للطاقة الذرية”، وفى عام 1956م عُقد مؤتمر خاص لبحث النظام الأساسي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي وضع موضع التنفيذ في يوليو 1957م، وأصبحت الوكالة جهازاَ قائماً معترفاً به بعد إيداع وثائق التصديق على ميثاقها من جانب 18 دولة، أهمها الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي والمملكة المتحدة وفرنسا وكندا ومن الدول التي رفضت التصديق كانت إسرائيل ([45]).
- أهداف الوكالة الدولية للطاقة الذرية: –
– العمل على استخدام الطاقة الذرية في الأغراض السلمية في المجالات الصحية والاقتصادية من أجل العالم وراحة الإنسانية.
–التأكد من أن المساعدة التي تقدمها أو تنظمها أو تشرف عليها الوكالة لا تستغل في الأغراض العسكرية.
_ التعاون مع الوكالات المتخصصة المعنية من أجل وضع المعايير التي تكفل حماية الصحة العامة والحد من المخاطر المتعلقة سواء بالأرواح أو الممتلكات ([46]).
3 – الاتفاقيات الدولية للحد من الأسلحة النووية: –
إن معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية هي أبرز المعاهدات في هذا المجال ، حيث تلزم الموقعين عليها الذين لم تكن لديهم هذه الأسلحة عام 1968م بعدم السعي للحصول عليها ، كما تلزم الدول النووية بعدم مساعدة الدول الأخرى في الحصول عليها ؛ أما في منطقة الشرق الأوسط فإن كل الدول هي طرف في المعاهدة باستثناء إسرائيل التي لم توقع عليها ولا على اتفاق الضمانات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية , بسبب موقفها المعروف تجاه المعاهدة على الرغم من وجود بعض التوجهات الداخلية التي تدعو إلى الانضمام إلى المعاهدة على غرار بعض الأكاديميين الإسرائيليين أمثال ( افرايم عنابر ) الذي يرى أن هذا الانضمام له عدة مزايا وفوائد خاصة أن المعاهدة لا تتضمن نتائج خطيرة على آمن إسرائيل وأن توقيعها لن يحرمها من سلاحها النووي أو يفرض عليها التخلص منه إضافة إلى أنه يمكن أن يقلل من التهديد العربي ويخفف من سباق التسلح غير التقليدي ([47]).
المبحث الثالث
تداعيات امتلاك الدول للسلاح النووي
على الرغم من مشروعية امتلاك الطاقة النووية واستخدامها في الأغراض السلمية في مجالات التنمية والتطوير؛ ألا أن انفجار الأسلحة النووية له آثاراً تدميرية تضر بالبيئة وتدمرها سواء في الوقت الحاضر أو المستقبل، حيث أنه لا يوجد ضمان لعدم استخدام الطاقة النووية في الأغراض والمجالات العسكرية.
فقد كان أول استخدام للطاقة النووية كوسيلة للدفاع وكانت لها آثار بارزة وواضحة خلال الحرب العالمية الثانية، هذا أدى إلى زيادة انتشار الأسلحة النووية وبالتالي زيادة القلق الدولي، الأمر الذي أدى إلى تهديد الأمن والسلم الدوليين والخوف من نشوب حرب نووية، مازالت هناك دول تمتلك ترسانات نووية ضخمة.
هذا الأمر الذي أدى إلى التصدي لمسألة انتشار الأسلحة النووية من خلال مجموعة من الاتفاقيات والقواعد القانونية والتي من أهمها معاهدة أو اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية.
سوف يتناول هذا المبحث العديد من العناصر، ألا وهي:
1– تداعيات انتشار الأسلحة النووية.
2– التطور في الاستخدامات التكنولوجية ذات الأبعاد النووية.
3– الحد من الانتشار النووي.
4– معاهدة منع أو حظر انتشار السلاح النووي.
سوف نستعرض ذلك بالتفصيل كالآتي: –
1– تداعيات انتشار الأسلحة النووية: –
يمثل انتشار الأسلحة النووية تهديداً للأمن والسلم الدوليين، أيضاً يمثل تهديداً للبشرية بشكل كبير، والتي من الأسباب التي قد تؤدى إلى قيام حرب نووية سواء عن طريق العمد أو عن طريق الخطأ، هناك عدة مخاطر ناتجة من ذلك الانتشار النووي, فالأسلحة النووية لها خطورة جسيمة وكانت هناك عدة دول تستخدمها للتهديد وفرض سيطرتها في الحروب أو للدفاع عن نفسها، ولهذا أصبحت الأسلحة النووية أداة للردع النووي، فقد تطورت الأسلحة النووية من حيث الكم ومن حيث القوة التدميرية ولعل ما حدث في اليابان ” هيروشيما وناجازاكي “ أكبر دليل على مخاطر السلاح النووي، فالأسلحة النووية نوعاً من ضمن أنواع أسلحة الدمار الشامل البالغة الخطورة ([48]).
2– التطور في الاستخدامات التكنولوجية ذات الأبعاد النووية: –
يرى الخبراء أن الانتشار النووي يأخذ اتجاهين:
الاتجاه الأول (أفقي): يقصد به نقل التكنولوجيا النووية من دول حائزة لها إلى دول متطلعة إليها وغالباً ما يتحقق ذلك سراً وعبر مسالك غير رسمية على نحو ما أميط عنه وذلك من تقديم عالم الذرة الباكستاني (عبد القدير خان) تكنولوجيا نووية حساسة إلى كل من إيران وكوريا الشمالية.
الاتجاه الثاني (عمودي): يعني ذلك الارتقاء بمستوى القدرات النووية الموجودة لكي تصبح أكثر قوة وفعالية وقدرة على إصابة أهدافها، في ذلك نذكر سعي الولايات المتحدة الأمريكية إلى تصنيع صواريخ نووية صغيرة وقنابل مضادة لاستخدامات الحصينة، بالإضافة إلى مخاطر من احتمالية حصول الإرهابيين على الأسلحة النووية أو استخدامها ضد خصومهم ([49]).
3 – الحد من الانتشار النووي: –
نظراً لمخاطر السلاح النووي وانتشار الأسلحة النووية بصورة كبيرة؛ كانت هناك عدة محاولات للحد من الانتشار النووي، حققت الجهود الدولية نجاحاً في الحد من انتشار الأسلحة النووية في التسعينات، حيث نقص معدل الانتشار النووي ظاهريا ً، وفي الحقيقة كانت هناك عدة أسباب دعت إلى الحد من الانتشار النووي، ألا وهي:
أ – توفير وتحقيق القوتين العظمتين ” الولايات المتحدة الأمريكية، الاتحاد السوفيتي “ ضمانات أمنية لحلفائها، حيث أصبحت ألمانيا واليابان لا تحتاج إلى تطوير الأسلحة النووية في ظل حماية الولايات المتحدة الأمريكية النووية.
ب – أن الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي لهما ” نفس المصلحة ” وهي إحكام السيطرة على الانتشار الأفقي، ذلك على الرغم من سباق التسلح والذي يعرف أحيانا ب ” الانتشار الرأسي “.
ج – توقيع عدة دول على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية عام 1986 م ([50]).
4 – معاهدة حظر انتشار السلاح النووي: –
نظراً لأهمية وجود مجتمع خالي من الأسلحة النووية وخطرها ولضمان أمن البشرية من تلك الأسلحة المدمرة، عقدت في الفترة الأخيرة سلسلة من المؤتمرات التمهيدية، دارت حول البحث عن تصورات ذات فاعلية حول مستقبل معاهدة حظر الانتشار النووي، وكذلك نقاش حول الخفض التدريجي للسلاح النووي في الدول المالكة له وطبيعة المخاطر الناتجة عن إنتاج نماذج جديدة، واحتمالات وقوع حرب نووية.
بدأ في مقر الأمم المتحدة بنيويورك مؤتمر المراجعة الدوري لمعاهدة حظر الانتشار النووي في 3 مايو عام 2010 م , وهو مؤتمر يُعقد كل خمس سنوات ، بحضور 189 دولة عضوا , ويهدف المؤتمر إلى تقييم مدى التقدم الذي تم تحقيقه على صعيد الالتزام بنص الاتفاقية , أعلنت إسرائيل رفضها النهائي عن التوقيع على المعاهدة في 14 أبريل عام 2010 م , قالت إسرائيل أنها لم تنضم في الأصل إلى المعاهدة مما يعنى أنها ” ليست مضطرة لإثبات عدم حيازة أسلحة نووية أو السماح للمفتشين الدوليين بدخول منشآتها النووية ” ؛ وهي المنشآت التي يعتقد أنها أنتجت بلوتونيوم ونحو 200 رأس نووي .
في عام 1995م , اتخذ مؤتمر المراجعة قراراً بتحديد المعاهدة إلى مالا نهاية , وذلك بعد أن جرت تقوية عمليات المراجعة وتبنى عدد من المبادئ التي صيغت بهدف التحرك نحو التحقيق الكامل والتطبيق الفعال لأحكام المعاهدة , ولقد كان من بين هذه المبادئ الدعوة لإنشاء مناطق خالية من الأسلحة النووية، معترف بها دولياً ، وعلى وجه الخصوص في مناطق التوتر كالشرق الأوسط حاولت الدول العربية العمل على جعل منطقة الشرق الأوسط خالية من الأسلحة النووية وكافة أسلحة الدمار الشامل ولكن لم يتحقق حتى الآن بسبب التعنت الإسرائيلي . وهناك إجماع على أن معاهدة حظر الانتشار النووي تعتبر من أحد أكثر الصكوك الدولية احتراماً والتزاماً من قبل الدول المختلفة، وهي تلعب دور الضمان للأمن الجماعي العالمي, ولكن هذه المعاهدة عجزت عن منع كوريا الشمالية وتايوان وجمهورية جنوب أفريقيا من السعي في يوم ما لامتلاك سلاح نووي، وكما أنها لم تتمكن من وقف الاستخدام العسكري للطاقة النووية في كلاً من إسرائيل وباكستان والهند، وكذلك فإن المعاهدة تتضمن بنوداً تسمح لغير الدول النووية الخمس بتنفيذ برامج نووية سلمية ومن ثم سحب عضويتها بعد بلوغها التطور الذي يمكنها من تصنيع السلاح النووي، وهذا ما حدث في حالة كوريا الشمالية التي أعلنت انسحابها من المعاهدة عام 2003م.
كان هناك عدة دول ترفض لومها على عدم الالتزام بمتطلبات حظر الانتشار؛ متسائلة: “كيف يمكن لومنا على ذلك، في حين تفشل الدول النووية الكبرى في الوفاء بالتزاماتها المنصوص عليها في المعاهدة؟”، مثالاً على ذلك فرنسا؛ التي أعلنت صراحة أنها لا تنوي الشروع بأية مفاوضات حول تقليص ترسانتها النووية وحجتها في ذلك أن هذه الترسانة تختلف بدرجة كبيرة عن الترسانتين الروسية والأمريكية.
والأمر نفسه ينسحب على الصين هذا لفت الانتباه والنظر إلى حقيقة أن أي دولة نووية لم توافق في معاهدة الحد من الانتشار، عند إبرامها عام 1968م على الامتناع عن الحصول على أسلحة نووية , بل أن الدول النووية نقضت التزاماتها الخاصة بالحد من التسلح النووي وفقاً لنصوص المعاهدة ، مما أضعف شرعية مطالبة الدول الأخرى بالالتزام بها , وكان قد جرى عام 1957م إنشاء الوكالة الدولية للطاقة الذرية التي كلفت بمسؤولية مزدوجة تتمثل في تعزيز التكنولوجيا النووية ومراقبتها , وبدأت أنشطة المساعدة التقنية للوكالة عام 1958م , قد تم عام 1964م استبدال نظام الضمانات المؤقت للمفاعلات النووية الصغيرة الذي كان قد أنشئ عام 1961م بنظام يغطي منشآت أوسع ، وقد تم توسيعه في السنوات التالية ليشمل المرافق النووية الإضافية، بحلول عام 1968م تم الاتفاق نهائياً على معاهدة حظر الانتشار النووي التي تمنع انتشار الأسلحة النووية وتتيح التعاون من أجل استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية وتعزيز هدف تحقيق نزع السلاح النووي.
وفي مايو عام 1997م تم إقرار البروتوكول الإضافي النموذجي من جانب مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية؛ وأصبح بمقدور الوكالة القيام من خلال هذا البروتوكول بعمليات تفتيش أكثر فعالية من أجل ضمان عدم تحويل المواد والمرافق النووية عن أغراضها السلمية، وبحلول فبراير عام 2005م صدقت 63 دولة طرفاً في معاهدة عدم الانتشار على البروتوكول الإضافي ولدى 152 دولة حالياً اتفاقات ضمانات مع الوكالة، فيما تخضع 908 دولة كمرافق لعمليات تفتيش روتينية مرتبطة بضمانات.
وعلى صعيد مسيرة التخلص من الأسلحة النووية من قبل الدول غير الأعضاء في النادي النووي الرسمي ” الدول الخمس الكبرى “ ، أوقفت كل من تايوان وكوريا الجنوبية إنتاج هذه الأسلحة ؛ وقيل إن ذلك قد جرى تحت ضغوط سرية مارستها عليهما الولايات المتحدة الأمريكية وبعد أن حصل كل منهما على إعادة تأكيد من واشنطن بضمان أمنهم ؛ وكذلك أوقفت الأرجنتين والبرازيل برامجهما الناشئة لإنتاج الأسلحة النووية وتخلت جنوب أفريقيا عن مخزونها السري من هذه الأسلحة , وفي السياق ذاته وافقت كل من بيلاروسيا وكازاخستان وأوكرانيا على الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي في أوائل التسعينيات، وتصنف هذه الدول من دول العتبة النووية ؛ أي أنها تقف على مشارف إنتاج السلاح النووي .
وفي مؤتمر مراجعة اتفاقية حظر الانتشار النووي لعام 2000م، جرى التأكيد على أنه لن يتم قبول أية دولة كعضو جديد في المعاهدة إلا بصفتها دولة غير حائزة على الأسلحة النووية بصرف النظر عن قدراتها النووية، أما عام 2005م، فقد عجز مؤتمر المراجعة عن تبني أية تفاهمات نهائية ذات صلة بتعزيز حظر الانتشار النووي ([51]).
الفصل الثاني
البرنامج النووي الإيراني
يقوم جوهر القوة في العلاقات الدولية على ركنين أساسين: الأول، أنها تتضمن الوسائل المؤدية إلى طريق الحرب لتحقيق أهداف السياسة الخارجية عندما تعجز الوسائل السلمية عن تحقيقها. أما الثاني، أنها تمثل على الدوام العلاقة المحورية في العلاقات الدولية، ولا يعني ذلك بأن نعتبر القوة مجرد وسيلة للتدمير، وإنما هي بمفهومها الصحيح، تعتبر مزيج من القدرة على الإقناع والقدرة على الإكراه، حيث تستخدمها الدول مثلاً للدفاع عن كيانها القومي أو الحفاظ على النظام القائم.
وفي القرن العشرين أصبح امتلاك الأسلحة النووية هو المحدد الأساسي للمكانة الدولية ومن أهم الخصائص التي تدل على تفوق الدولة العسكري. وهو ما دفع العديد من الدول في السعي الدائم للحصول على قدرات نوية، وبالطبع تختلف دوافع وأهداف كل دولة عن الأخرى. وبالنظر لدولة إيران نجد أن سياستها النووية تتحرك في إطار مجموعة معقدة من الدوافع والنوايا بعضها معلن وبعضها الآخر غير معلن، ويتجلى ذلك بوضوح من خلال متابعة مسيرة برنامجها النووي. فعلى الرغم من أن دوافع إيران الظاهرية تبدو سلمية حتى الآن ولكن من الواضح أنها تتبع مبدأ الاستخدام المزدوج، حيث تقوم بتطوير القدرات النووية وتطوير أنظمة صاروخية متعددة، وهو ما يعني احتمالية الاستخدام السلمي والعسكري في آن واحد ([52]). هذا وقد أثار الملف النووي الإيراني جدلاً واسعاً على الساحة الدولية حيث تتطور الأحداث المتعلقة بالبرنامج يوماً بعد يوم بوتيرة عالية، خاصةً بعد التحول في موقف الدول الغربية من البرنامج وبالأخص الولايات المتحدة الأمريكية.
وسوف يتناول الفصل الثاني بالتفصيل:
المبحث الأول: نشأة البرنامج النووي الإيراني وتطوره.
المبحث الثاني: موقف القوي الإقليمية والدولية إزاء البرنامج النووي الإيراني.
المبحث الثالث: محركات التغيير في التعامل مع الملف النووي الإيراني
المبحث الأول
نشأة البرنامج النووي الإيراني ومراحل تطوره
جاءت بداية نشأة البرنامج النووي لإيران في فترة حكم الشاه محمد رضا بهلوي، حيث كان امتلاك إيران للقدرة النووية حلم يراودها منذ بداية عهد الشاه عندما تولى العرش في عام 1941م، ولم يكن هناك وقتها أي قوة في الداخل أو في الخارج تعترض برنامجه النووي، ومن الملاحظ أن السياسة الإيرانية وقتها لم تكن محكومة بتوجهات محددة منذ البداية، وإنما كانت تتطور تدريجياً ([53]). واستمرت القيادة الإيرانية بالسير تجاه تحقيق هذا الحلم بشتى القدرات والسبل لتحقيق طموحاتها الإقليمية والدولية وبروزها كقوة إقليمية عظمى في منطقة الشرق الأوسط. وفيما يلي سوف نتناول أهداف البرنامج النووي الإيراني ودوافعه ومراحل تطوره.
المحور الأول: أهداف البرنامج النووي الإيراني
أثارت الدوافع الحقيقية للبرنامج النووي الإيراني أثناء عهد الشاه جدلاً عنيفاً حيث لم يكن معروفاً بالضبط طبيعة الأهداف التي دفعت بالشاه إلى الاهتمام بالطاقة النووية، إلا أنه من الواضح بشكل عام أن هذا التوجه كان جزءاً من عملية البناء الشامل التي كان الشاه يسعى إلى تحقيقها في إيران وذلك على كافة المستويات وفي كل المجالات سواء كانت علمية أو عسكرية أو اقتصادية أو حتى ثقافية، رغبةً منه في تمكين إيران من تعظيم ما تمتلكه من مقومات القوة الشاملة في مختلف المجالات وذلك حتى تصبح القوة الإقليمية العظمى في منطقة الخليج ويكون لها دور أكبر على الساحة الدولية. وسوف نكتفي بذكر أهم ثلاث دوافع لدى إيران للسعي لامتلاك القوة النووية فيما يلي:
- امتلاك القوة النووية كوسيلة للردع وتوازن القوى: فالردع النووي يتجاوز الردع بمعناه التقليدي الذي تستخدم فيه الأسلحة التقليدية، إذ يقتصر الردع النووي على التلويح فقط باستخدام السلاح النووي، أي منع العدو من القيام بعمل عدواني معين. فلا شك أن إيران تنطلق في سياستها الخارجية من تصور التحديات التي يمثلها وجود قوى إقليمية قريبة منها، فمن ناحية تجد إيران نفسها محاطة بدول تمتلك أسلحة غير تقليدية، مثل باكستان من الشرق وإسرائيل من الغرب وروسيا من الشمال، هذا فضلاً عن القوات الأمريكية التي تنتشر في مختلف أنحاء العالم وخصوصاً في الخليج العربي جنوباً ([54]). ومن ناحية أخرى نجد بعض الدروس التي من الممكن أن تكون قد أثرت في التفكير الاستراتيجي في إيران، فبالرجوع إلى الحرب العالمية الثانية نجد أن امتلاك السلاح النووي قد حقق توازن للقوى بين الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، وأنه بفضل ذلك التوازن استطاعت الدولتان أن تحققا سلاماً بينهما دام لنحو خمسين عاماً.
وبعد أن اعتبرت إيران إحدى دول محور الشر كما جاء في “إعلان بوش” أصبح الهدف الرئيسي لدى إيران من خلا امتلاكها للسلاح النووي هو أن تمنع حدوث هجوم عسكري أمريكي عليها مثلما حدث في العراق عام 1991م عندما هدد الرئيس العراقي صدام حسين باستخدام السلاح الكيمياوي، وبالنظر لما حدث أثناء الحرب العالمية الثانية من توازن للقوى بين الطرفين لامتلاكهم القوة النووية ومقارنته مع ما حدث في العراق في1991م، نجد أن إيران تسعى لأن تتعظ بما حدث في العراق وتكون قوة رادعة للولايات المتحدة مثل الاتحاد السوفيتي وتحقق مكانة دولية([55]).
ومن ناحية أخرى نجد أن الحرب التي خاضتها إيران مع العراق والتي امتدت أمداً طويلاً قد نجحت خلالها القوات العراقية في قصف المنشآت النووية الإيرانية وتدميرها واستخدام الأسلحة الكيمياوية بفاعلية ضد القوات الإيرانية وبشكل واسع والنجاح في تدمير جزء كبير من البنية التحتية بها.
وعلى صعيد آخر وبالنظر إلى دولة إسرائيل المقاربة جغرافياً لإيران من جهة الغرب والتي تتبع سياسة الغموض النووي ([56]) ولم تعلن حتى الآن صراحةً عن امتلاكها للسلاح النووي، بأن إسرائيل تسعى للحفاظ على الوضع السائد في منطقة الشرق الأوسط لضمان التفوق الإسرائيلي في المنطقة ومن ثم الحفاظ على الأمن القومي لإسرائيل. ودائماً ما تبذل إسرائيل جهدها في احباط المشروع النووي الإيراني، وهذا ليس فقط من أجل الدفاع عن وجودها وإنما أيضاً لاحتكار السلاح النووي الذي يعد أحد أهم العوامل المؤثرة في بسط النفوذ الإسرائيلي وتعزيز سياسة إسرائيل وتوسعها في المنطقة والمساهمة في الحفاظ على مكانتها بصفتها أقوى الدول الإقليمية في المنطقة. كل ذلك يدفع بإيران بأن تسعى جاهدةً لامتلاك مصادر القوة التي تمكنها من مواجهة أي حروب قادمة، وتتمثل تلك القوة في الحصول على السلاح النووي الذي يعد أقوى سلاح سوف يقوم بردع أي قوة عسكرية من مجرد محاولة التفكير في مواجهة إيران.
- تحقيق الهيبة الدولية: فدائماً ما ترتبط سمعة الدولة بقوتها وقدرتها على الإبداع والخلق من خلال المناورة البارعة التي يمكن من خلالها جعل الآخرين يدركون حقيقة تلك القوة. ومثال على ذلك: ما جاء على لسان شارل ديغول فيما يتعلق بامتلاك بلاده للقنبلة النووية، والذي جاء فيه “بأن قضية السلاح النووي الفرنسي لا تهتم بالاستراتيجية العسكرية الفرنسية، وإنما تتضمن أن فرنسا ستبقى فرنسا”. وكذلك ما قاله ماوسي تونغ بأن “الصين قد بنيت سلاحها النووي كجزء مهم مما يتعلق بمنزلتها الدولية”. وبذلك تعتبر مكانة الدولة وحصولها على الهيبة الدولية من أهم الدوافع الإيرانية في الحصول على القوة النووية ([57]). فالوصول إلى هذه المكانة سوف يساعد في تقوية الدولة للحصول على مكاسب سياسية دولية في تفاوضها مع الدول الإقليمية والعالمية. وبناءً على ذلك فإن امتلاك إيران للقوة النووية سوف يعطيها مكاسب سياسية من شأنها أن تحقق لها الأمن والاستقرار والهيبة.
- حماية الثورة الإسلامية: دائماً ما يربط الإيرانيون مختلف جوانب الحياة بالدين، بما في ذلك القدرة النووية، فكثراً ما نسمع مثلاً عن القنبلة النووية الإسلامية، وخصوصاً في ظل العداء الغربي للإسلام. ونذكر من ذلك ما جاء على لسان آية الله الخميني في المؤتمر الإسلامي في طهران 1992م بأنه “طالما تقوم إسرائيل بمواصلة امتلاكها للسلاح النووي ([58])، فإن الواجب يحتم علينا نحن المسلمين التعاون فيما بيننا لإنتاج قنبلة نووية، بغض النظر عن جهود الأمم المتحدة لمنع الانتشار”. وكثيراً ما ينظر القادة الإيرانيين الإسلاميين إلى القوة النووية على أنها مصدراً لتدعيم نظام الحكم الإسلامي الشيعي، فهم يرون أن التهديد الحقيقي لإيران يتعلق ببقائها كدولة إسلامية ذات ثقافة شيعية، حيث ولد الاختلاف بين إيران وشعوب المنطقة خاوف من إمكانية الاضطهاد أو الاعتداء عليها من الطوائف الكبرى. وطبقاً لما سبق فامتلاك إيران للسلاح النووي سوف يعطي لها مكانة مرموقة تمكنها من التفاوض مع خصومها وتحقيق مكاسب عديدة على الساحة الدولية.
تُعتبر الثلاثة دوافع السابقة الذكر هذه هي أهم الدوافع الإيرانية لامتلاك السلاح النووي، والتي تضمن صعود إيران كقوة عظمى على المستويين العالمي والإقليمي وصد أي محاولات خارجية لتغيير النظام ([59]).
المحور الثاني: مسيرة البرنامج النووي الإيراني
كانت بداية انطلاقة البرنامج النووي الإيراني في الستينيات من القرن الماضي، ويتضح لنا من خلال متابعة مسيرة البرنامج وما آل إليه من تطورات بأنه قد مر بعدد من المراحل التي عكست طبيعة النظام السياسي الإيراني وسياساته الداخلية والخارجية والتي برغم تداخلها مع بعضها البعض إلى حد كبير إلا أن كل مرحلة فيها لها ملامحها الخاصة بها والتي تميزها عن المراحل الأخرى، بحيث يمكن ملاحظة مظاهر التطور التي حدثت في كل مرحلة وتأثرها بالبيئة الدولية والاقليمية وكذلك الداخلية في إيران.
وعلى هذا الأساس يمكننا التمييز بين أربعة مراحل أساسية مر بها البرنامج: وتبدأ المرحلة الأولى منذ بدايات التأسيس وتمتد هذه المرحلة حتى نهاية عهد الشاه، وتأتي المرحلة الثانية مع بداية وصول رجال الدين إلى الحكم وذلك في 1979م بعد انتصار الثورة الإسلامية، وأما المرحلة الثالثة فقد امتدت من انتهاء حرب الخليج الثانية وانهيار الاتحاد السوفيتي وحتى نهاية عام 2004م، وأخيراً المرحلة الرابعة تأتي من بداية ظهور الشكوك الدولية وتحويل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن، وفرض العقوبات الدولية على إيران في كثير من المجالات، وذلك مع استمرار إيران بتطوير برنامجها وتحديثه بشكل مثير للجدل.
- مرحلة التأسيس من 1958م إلى 1979م: تأتي بداية دخول إيران في المجال النووي في الستينيات من القرن الماضي أثناء عهد الشاه محمد رضا بهلوي، وكانت الولايات المتحدة الأمريكية في ذلك الحين قد أسست علاقات قوية مع نظام الشاه، وذلك بعد أن ساعدت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية في القضاء على ثورة رئيس الوزراء محمد مصدق في1953م ([60])، وهو ما جعل الشاه حليفاً استراتيجياً قوياً للولايات المتحدة الأمريكية في الحرب الباردة ضد الاتحاد السوفيتي، وبذلك بدأ البرنامج في ظل التعاون الوثيق مع الولايات المتحدة الأمريكية من خلال برنامج “الذرة من أجل السلام”، الذي أعلنه الرئيس الأمريكي دوايت أيزنهاور في الثامن من ديسمبر عام 1953م، بهدف إتاحة الطاقة الذرية أمام الاستخدامات السلمية لدول العالم، وبمقتضاه تم توقيع أول اتفاق نووي بين إيران والولايات عام 1957م والذي بدأ العمل فيه عام 1960م([61])، وحصلت إيران من خلاله على أول مفاعل للأبحاث في جامعة طهران عام 1967م ويعد هذا المفاعل التدريبي بمثابة حجر الزاوية للبرنامج النووي الإيراني وقد التزمت الولايات المتحدة بإمداد إيران بالوقود النووي اللازم لتشغيل هذا المفاعل. وتم تجديد الاتفاقية في 1969م للتعاون في مجال الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية لمدة عشر سنوات وكان الهدف المعلن في ذلك الوقت هو الحصول على الطاقة الكهربائية. وقد جاء على لسان الشاه في 1974م محاولاً التأكيد على عدم وجود نوايا مغايرة للاستخدامات السلمية ما يلي،” نحن من بين أولئك الذين لا يمتلكون أسلحة نووية ولذلك فإن الصداقة مع دولة مثل الولايات المتحدة الأمريكية مع ما تمتلكه من ترسانة نووية مسألة حيوية جداً”. ومن ناحية أخرى ولتدعيم وكسب مزيد من الامتيازات اهتم نظام الشاه بالمشاركة في التفاعلات الدولية المعنية بمنع الانتشار النووي. وفي عام 1968م وقعت إيران على معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية والتي تم التصديق عليها في 1970م، وقد جاء في الفقرة الرابعة من المادة ما يؤكد على حق إيران في تطوير وإنتاج واستعمال الطاقة النووية للأغراض السلمية. وفي عام 1974م تم إنشاء منظمة الطاقة الذرية لإيران للإشراف على تنفيذ البرنامج النووي لها، رغبةً منها في التأكيد على أن إيران كانت دائماً في مقدمة الجهود الدولية الهادفة إلى احتواء الانتشار النووي منذ البداية. ذلك ولم يقتصر التعاون في المجال النووي مع إيران على الولايات المتحدة الأمريكية فقط وإنما تعداها إلى دول غربية أخرى ([62]).
- توقف العمل بالبرنامج النووي الإيران وإعادة تشغيله من 1979م إلى 1990م: بعد قيام الثورة الإسلامية ووصول رجال الدين إلى الحكم في 1979م وسقوط الشاه واختلاف سياسة إيران النووية عما كانت عليه أثناء عهد الشاه واختلاف سياسة آية الله الخميني وأيديولوجيته عن الشاه محمد رضا، حيث اعتبر الخميني أسلحة الدمار الشامل أنها أسلحة محظورة بموجب الأخلاق والفقه الإسلامي كما اعتبر مفاعلات بوشهر عبارة عن مشروع يقف ضد الإسلام وبذلك توقف العمل ببناء المفاعلات النووية ([63]). وجاء ذلك في إطار إرساء الخميني ما سماه ب “مشروع الحضارة الإيرانية” رغبةً في أسلمة كافة المشروعات بما فيها البرنامج النووي. وعليه تم تعطيل البرنامج وإلغاء صفقات الأسلحة والمشاريع لصناعية مع الدول الغربية. من خلال ما سبق يتضح لنا أن إيران في بداية الحكم الجمهوري الإسلامي قد استغنت عن البرنامج النووي، إلا أنه خلال الحرب العراقية الإيرانية التي دامت أمداً طويلاً وتم قصف مفاعل بوشهر ست مرات وبالتحديد في 24مارس 1984م, 12فبراير 1985م, 4مارس 1985م, 12يوليو 1986م, 19نوفمبر1987م، 19يوليو1988م ومع استمرار الضرب المركز والمكثف تم تدمير المفاعل بالكامل وسوي بالأرض تماماً وتم تدمير البنية التحتية في إيران بشكل كبير أثناء الحرب وأحدثت خسائر هائلة. ومن الواضح أن الحرب قد أحدثت تحولات جذرية في التفكير الاستراتيجي الإيراني عموماً وفي المجال النووي خصوصاً، حيث وجدت القيادة الإيرانية أن من الأنسب لها أن تهتم بإعادة إحياء البرنامج وتشغيله. وبعد وفاة آية الله الخميني في 1989م استمر العمل على إحياء البرنامج النووي ونفذت إيران في ذلك الوقت الكثير من الأنشطة المتعلقة بتطوير البرنامج والاستمرار في بناء محطات بوشهر. هذا وقد قاد الرئيس السابق علي أكبر هاشمي الذي كان يشغل منصب رئيس البرلمان الإيراني بنفسه العمل على إعادة العمل بالبرنامج، وحاول إعادة إحياء الاتفاقيات بشأن التعاون مع إيران في المجال النووي مع عدد من الدول مثل الباكستان. إلى جانب ما سبق توجد عدد من الحقائق التي تؤكد على عدم التخلي كليةً عن البرنامج بعد انتصار الثورة الإسلامية وأهمها ما يلي ([64]):
- أبقى نظام الحكم الجديد على المفاعل البحثي الصغير الذي سبق وأن وضعه الشاه في كلية أمير أباد التكنولوجية، واستمر هذا المفاعل يعمل تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
- القيام بإخلاء الوقود النووي المستخدم في المفاعلات لمواقع أخرى بعيدة وآمنة عن المفاعلات تحسباً لهجوم عراقي محتمل، وهو ما يدل على شدة الاهتمام بذلك الوقود.
- إسناد مسؤولية إدارة البرنامج النووي في 1981م إلى آية الله حسين بهشتي الذي يتمتع بمنزلة سياسية ودينية رفيعة، مما يعني إعطاء أهمية للبرنامج النووي في ذلك الوقت وعدم التخلي الكامل عنه.
- توقف العمل كلياً في داخل محطة بوشهر عام1982م وذلك لوقوع حريق هائل وكان حجم الضرر الناتج كبيراً ولكن لم يتم الإعلان عن أسباب اندلاعه مما يدل على أن الحادث قد وقع في البنية التحتية للمفاعلات وهو ما يؤكد على وجود أعمال داخل المحطة حدثت في ظل غياب الخبرة والرقابة الأجنبية وما توفره تلك الخبرة من إجراءات السلامة المطلوبة.
طبقاً لما سبق يمكن القول بأن نظام الحكم بعد الثورة عمل على تعطيل العمل بالبرنامج وليس إنهائه كلياً، وقد يعود ذلك مثلاً إلى الموقف الدولي من النظام الإسلامي الجديد الذي أدى بدوره إلى رفض الدول الغربية وخاصةً الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا التعاون مع إيران في المجال النووي، هذا إلى جانب فرض حظراً شاملاً ضد إيران في مجالات التسليح كافة. وفي عام 1986م أعلن آية الله الخميني التزام بلاده بمواصلة تطوير قدراتها النووية، وفي إطار ذلك تم التعاون مع عدد من الدول الغربية، ووقعت إيران اتفاقاً مع باكستان للتعاون في المجالات النووية العسكرية، وفي عام 1987م تم توقيع اتفاق آخر مع الأرجنتين وأيضاً مع جنوب أفريقيا للحصول على اليورانيوم المخصب، كما تم افتتاح مركز أصفهان للبحوث النووية بمساعدة فرنسية ([65]).
من خلال ما سبق يتضح لنا أنه خلال الخمس سنوات الأولى من عمر الثورة الإسلامية تم تجميد العمل بالبرنامج النووي الإيراني وليس التخلي المطلق عنه، وربما كانت الحرب العراقية الإيرانية هي السبب في إعادة العمل بالبرنامج إلى جانب الطموحات الإيرانية في أن تصبح القوة الأكبر في الإقليم، حيث بدأت إيران في استكمال وتطوير برنامجها ولكن ليس بنفس المستوى الذي تقدم به في عهد الشاه.
ج) مرحلة الانطلاق السريع للبرنامج من 1991م إلى 2004م: تعتبر هذه المرحلة هي المرحلة الأهم من تاريخ البرنامج النووي لإيران، فقد حدثت الكثير من المتغيرات الإقليمية والدولية منها على سبيل المثال، انهيار الاتحاد السوفيتي واختلاف العلاقات في النظام العالمي الجديد، وسعي الولايات المتحدة الأمريكية للهيمنة العالمية واحباط طموح أي قوة تسعى للصعود الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط الذي من شأنه الإضرار بمصالح الولايات المتحدة ([66]). وفي إطار ذلك عملت إيران على تكثيف جهودها في المجال النووي بحيث أصبحت تمتلك بنية أساسية لإجراء الأبحاث النووية المتقدمة، وقامت بتأسيس المنشآت النووية الاستراتيجية على مساحة واسعة وتم إحاطتها بجدار هائل من السرية وذلك تجنباً لوقوع أي ضربات عسكرية من شأنها تدمير تلك المنشآت وتعطيل عمل البرنامج. كما تم بذل جهود ضخمة لتوقيع الاتفاقيات والحصول على المواد اللازمة لتطوير البرنامج النووي من روسيا والصين وكوريا الشمالية، بالرغم من الضغوط التي واجهتها من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل في تلك الفترة. وهو ما سيتم شرحه بالتفصيل في المبحث القادم. وعلى صعيد آخر كثفت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أعمال التخطيط والمتابعة والتنفيذ لكافة جوانب البرنامج.
د) مرحلة بدء الشكوك الدولية وفرض العقوبات من 2004م إلى2016م: شهدت هذه الفترة مزيد من الضغوط الخارجية على إيران، وذلك عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م حيث أخذت الولايات المتحدة الأمريكية بالضغط على عدد من الدول التي تعتبرها راعية للإرهاب وبدأت تصنيف العالم على أساس محورين: محور الشر ومحور الخير وكانت إيران إحدى الدول التي تم الإعلان عنها واعتبارها دولة راعية للإرهاب والتشكيك في سلمية برنامجها النووي وبالتالي اعتبارها إحدى دول محور الشر. وقامت الولايات المتحدة بزيادة الضغط على إيران عبر حشد الدول والحصول على تأييد دولي لحرمان إيران من امتلاك تكنولوجيا نووية، وفسرت ذلك بأن امتلاك إيران للقنبلة النووية سيمكنها من الحصول على السلاح النووي، وإمكانية القيام بضرب أجزاء متفرقة من العالم واستخدام القوة النووية في غير الاستخدامات السلمية المصرح بها وهو ما سوف يشكل تهديداً للعالم ويحدث اخلال بالتوازن في منطقة الشرق الأوسط مما يهدد مصالح الولايات المتحدة وحلفائها ([67]). ومن ناحية أخرى وبعد زيارات عدة أجرتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية على عدد من المواقع الإيرانية التي تقع تحت دائرة الشك في فبراير 2003م، وتأجيل إيران لزيارة وفد من الوكالة لعدد من مواقع أجهزة الطرد المركزي وعدم تسليمها مخططات وتصاميم هذه الأجهزة وكذلك نتائج الأبحاث التي أجرتها حول تحويل واختبار مواد نووية، ومنذ ذلك التاريخ أخذت الولايات المتحدة وحلفاؤها بالادعاء المباشر بأن مشروع إيران النووي هو مشروع تسلحي يسعى لإنتاج قنبلة نووية وبذلك بدأت العقوبات والاتهامات تتوالى على إيران.
المبحث الثاني
موقف القوى الإقليمية والدولية إزاء البرنامج النووي الإيراني
تتباين المواقف الإقليمية والدولية تجاه برنامج إيران النووي، فلكل دولة مجموعة من العوامل ساهمت في تشكيل موقفها تجاه البرنامج سواء كان بالتعاون أو بالموقف المعادي. فقد أثار البرنامج النووي لإيران جدلاً عنيفاً على الصعيدين الإقليمي والدولي ([68])، ومن خلال متابعة المشهد السياسي وتطورات التعامل مع الملف النووي لإيران نجد أن المواقف الدولية وحتى الإقليمية تباينت من دولة إلى أخرى، بل وتأرجحت على مستوى الدولة الواحدة وذلك بسبب الاختلاف الدائم في مصالح وأهداف الدول. ولمعرفة تلك المواقف ودوافعها، سنحاول من خلال هذا المبحث إلقاء الضوء على الاستراتيجية المتبعة للدول على المستويين الدولي والإقليمي في تعاملها مع برنامج إيران النووي ومعرفة ردود الفعل وانعكاساته على البرنامج النووي الإيراني للدول والمنظمات التي تؤثر تأثيراً واضحاً وفعالاً في المنطقة.
المحور الأول:
*موقف القوى الإقليمية إزاء البرنامج النووي الإيراني
منذ أن بدأت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إصدار تقاريرها تجاه البرنامج النووي الإيراني في عام 2003م والتي تشير إلى وجود مؤشرات جدية على أن البرنامج النووي الإيراني يمكن أن يخدم أهدافاً تسليحية غير سلمية، وبدأت الدول في منطقة الشرق الأوسط تأخذ مسألة هذا البرنامج ببالغ الجدية وتعطيه الأولوية في أجندتها السياسية انطلاقاً من أن إيران تسعى لأن تصبح اللاعب الأكبر والأقوى إقليمياً وخوفاً وبذلك تنجح في تصدير مبادئ الثورة والملف الشيعي داخل البلاد. وفيما يلي سوف نقوم بتوضيح مواقف الدول الكبرى في منطقة الشرق الأوسط من البرنامج مع ذكر لمحة تاريخية بين الطرفين لفهم أحداث ومجريات الأمور.
أولاً: المنظور الإسرائيلي لبرنامج إيران النووي وتداعياته: –
تعتبر إيران من أوائل الدول التي اعترفت بدولة إسرائيل على المستوى الدولي وذلك في عام 1950م وقد تمتعت إسرائيل بعلاقات ودية مع إيران أثناء فترة حكم
الشاه محمد رضا بهلوي، ورأت إسرائيل أن في تلك العلاقة خطوة إيجابية لكسر حلقة العداء العربي ضدها من ناحية ولتكون إيران سوق للأسلحة الإسرائيلية من ناحية أخرى إلى جانب ونها مصدر غني للنفط. في حين أن رأى الشاه إسرائيل هي بوابة وصوله إلى الغرب وتوطيد العلاقة مع الولايات المتحدة الأمريكية من أجل الحفاظ على سلطته ([69]). إلا أن الوضع تغير بعد الثورة الإسلامية، فبمجرد وصول رجال الدين إلى الحكم تحولت العلاقة الوثيقة بين إسرائيل وإيران إلى عداء وأصبح النظام الحاكم لا يعترف بدولة إسرائيل. وازدادت الخلافات بينهما بسبب دعم إيران للجماعات الفلسطينية الإسلامية المسلحة. وبدأت إسرائيل في التخوف من تطوير إيران لبرنامجها النووي خاصةً بعد هذا العداء. وفي إطار ذلك بدأت إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية في تضخيم الدعاية والمخاوف من التسليح النووي الإيراني، خاصةً بعد تراجع قوة الردع الإسرائيلية منذ عام 1973م وتحرير الجنوب اللبناني في 2000م وأيضاً وجود المقاومة الفلسطينية ودعم إيران لها ([70]). حيث أظهرت تلك الخبرات أن قدرة الردع الإسرائيلية في التوازن الاستراتيجي الإقليمي هي بالدرجة الأولى القدرة النووية، وبالتالي إذا امتلكت إيران القدرة النووية فإنها ستشكل قوة كبرى في المنطقة ورادعة لإسرائيل وبذلك تفقد إسرائيل تميزها باحتكار السلاح النووي في المنطقة ([71]). وعملت إسرائيل على حشد جهود المجتمع الدولي لوضع حل للبرنامج النووي الإيراني، وادعت أن هذا البرنامج يمثل خطراً على وجودها. وهو ما قاله رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست الإسرائيلي عام 2005م بأنه “في حالة كهذه “امتلاك إيران للسلاح النووي” سنقف أمام شرق أوسط جديد أكثر تهديداً وسوءً وخطورة، فعلى العالم بأسره بقيادة الولايات المتحدة احباط المشروع النووي الإيراني لأن في ذلك مشكلة وجودية لإسرائيل، لكن ليس على إسرائيل الصغيرة حل المشكلة”. كما هددت إسرائيل مراراً باستعمال القوة العسكرية ضد المنشآت النووية الإيرانية كوسيلة للضغط على المجتمع الدولي للتحرك عسكرياً ضد إيران ([72]). فإسرائيل قد لا تتوانى في الاستخدام الفعلي لسلاحها النووي ضد إيران وليس فقط مجرد التهديد في حالة شعورها بأن أمنها القومي معرض للخطر، ونستدل على هذا الأمر من خلال عدة تصريحات للحكومة الإسرائيلية: فمثلاً في أثناء حرب الخليج الثانية 15 يناير 1991م قام العراق بشن هجماته الصاروخية على إسرائيل، وكانت السياسة الأمريكية المعلنة في ذلك الوقت هي تأييد حق إسرائيل في الرد على أي هجوم عراقي بالأسلحة الكيميائية بهجوم مماثل يعتمد الأسلحة فوق التقليدية، وهو ما صرح به وزير الدفاع الأمريكي “ديك تشيني” في 3 فبراير 1991م بأنه “بالنسبة للإسرائيليين فإنه من المحتمل أن يردوا باستخدام الأسلحة فوق التقليدية” حيث جاء هذا التصريح قبل الحرب بثلاث أيام. وترى إسرائيل أن الخطر النووي الإيراني يشكل تهديداً جدياً ليس لها فحسب وإنما للعالم أجمع، وهو ما يتطلب من العالم اتخاذ موقف حاسم ضد هذا البرنامج، وهو ما جاء على لسان وزير الخارجية الإسرائيلي” سلفان شالوم” بقوله “إن إيران هي التحدي الوجودي الذي ينتصب أمام إسرائيل، فإيران تزعزع الاستقرار في المنطقة والعالم بأسره، وهي صلب المشكلة ولب الخطر وهناك أهمية لأن يرى المجتمع الدولي أيضاً أن التهديد الإيراني ليس موجهاً ضد إسرائيل فحسب، وإنما أوروبا أيضاً، ومن هنا علينا أن نعمل لتحويل الموضوع إلى مجلس الأمن لتترك إيران خطط تسلحها النووي”. وتظهر الصورة أكثر وضوحاً فيما ذكره وزير الخارجية الإسرائيلي “موشيه سينييه” مهدداً باستخدام السلاح النووي ضد إيران، بأنه ” إذا لم تتحرك الدول الغربية لمنع إيران من الحصول على قنبلة نووية فإن إسرائيل سوف تفعل ذلك بنفسها وسوف تنجز هذه المهمة حتى لو تطلب الأمر استخدام الوسائل النووية”([73]). كما دعا بنيامين نتنياهو لاستخدام الخيار العسكري ضد البرنامج النووي الإيراني مختلفاً بذلك مع الإدارة الأمريكية ورفض سياستها الهادفة إلى إيجاد حل سياسي لأزمة البرنامج النووي الإيراني، الأمر الذي وتر العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية بشكل غير معهود. حيث سعى نتنياهو إلى فرض رؤيته الهادفة إلى قيام الولايات المتحدة بضربة عسكرية للمنشآت النووية الإيرانية وخصوصاً بعد تحريرها من عزلتها الدولية ذلك لإرغامها على تفكيك مجمل مشروعها النووي. وبالرغم من انتقاد أحزاب المعارضة الصهيونية لنتنياهو لتوتيره العلاقات مع الإدارة الأمريكية وفشله في التصدي للمشروع النووي الإيراني إلا أن المعسكر الصهيوني يقف موحداً وبكل قوة عند الحديث عن أمن إسرائيل، فقد رفضت الحكومة والمعارضة على السواء الاتفاق الذي عقدته مجموعة (5+1) في 2015م حيث بات الكيان الإسرائيلي يشعر أن دوره في المنطقة بدأ في التقلص والانتهاء، فإسرائيل تؤمن بأن إيران تنظر للاتفاق الأمريكي بحسبانه انتصاراً للدولة الإسلامية الإيرانية، فهو انجاز للطموح الإيراني للهيمنة الإقليمية وهو ما سيعطيها مساحة واسعة من القوة والتدخل في شؤون العديد من دول منطقة الشرق الأوسط وبالتالي بدء تلاشي النفوذ الإسرائيل المهيمن([74]).
ثانياً: المنظور التركي لبرنامج إيران النووي وتداعياته: –
تتميز كلاً من إيران وتركيا بموقع جغرافي استراتيجي في منطقة الشرق الأوسط، وتعتبر كلا الدولتين من أقوى الدول في المنطقة ([75]). وبمتابعة المشهد السياسي بين الدولتين نجد أنه على الرغم العلاقات الطيبة في الجانب الاقتصادي فإن العلاقة بينهما تميزت بالتأرجح في مواقف عدة وذلك على حسب المصالح والأهداف والتنافس التاريخي بين الطرفين فيما يتعلق بالنفوذ الإقليمي وقيادة المنطقة خاصةً بعد غياب الدور العربي. حيث اعتمدت إيران في طموحاتها على العامل المذهبي والأيديولوجي وسياسة المواجهة المسلحة إضافةً إلى المال النفطي. في حين اعتمدت تركيا على القوة الناعمة، أي اعتماد سياسة الحوار في حل المشكلات ” تصفير المشكلات” مع دول الجوار مع تبني نزعة تدخليه إيجابية في حلها، إضافة إلى تبادل منافع اقتصادية. واستمرت العلاقات على هذه الحالة وسرعان ما كان يتم احتواء أي توترات بين البلدين. ولكن ازداد الموقف تعقيداً بينهم من حيث المصالح في العراق، حيث تسعى إيران إلى اخضاع العراق إلى نفوذها في الوقت الذي ترى فيه تركيا أن العراق عامل توازن بينها وبين إيران حيث تخشى تركيا من تنامي النفوذ الإيراني في المنطقة ولذلك اتبعت تركيا سياسة التضامن مع الشعب العراقي ([76]). ومازالت الدولتان تعمل على زيادة مساحة التفاهم بينهما. وفي إطار ذلك تتحرك تركيا في سياق تحسين علاقاتها مع إيران على أرضية المصالح المشتركة بينهما. وبذلك جاء موقف تركيا إزاء برنامج إيران النووي يتوافق مع مصالحها وأمنها القومي، فمن ناحية لا تستطيع تركيا احتمال امتلاك إيران لسلاح نووي بسبب اعتبارات النفوذ الإقليمي وتوازن القوى بين الطرفين كذلك التقارب الجغرافي بينهما بما يضع تركيا في موقف حرج من إيران بالرغم من تمتع تركيا بالحماية النووية الاستراتيجية لحلف شمال الأطلنطي باعتبارها عضو فيه. ومن ناحية أخرى تسعى تركيا إلى الحفاظ على العلاقات الاقتصادية الحيوية بين البلدين، خاصةً في مجال الطاقة. وهو ما تجلى في الموقف التركي بأنه يحق لجميع الدول الاستفادة من الطاقة النووية السلمية طالما أنها تتماشى مع القوانين الدولية وتخضع لالتزامات الوكالة الدولية للطاقة الذرية ([77]). ولذلك كانت تركيا دوماً مع طريق المفاوضات الدبلوماسية ومع دعم حق إيران في برنامج نووي سلمي ورفض الخيار العسكري للتعامل مع الأزمة. وبموجبه رفض تركيا استخدام أراضيها للاعتداء، فتركيا لا تحتمل تدخلاً عسكرياً ضد إيران حيث قد يؤدي ذلك إلى فتح جبهة جديدة على حدودها الجنوبية الشرقية لتحرك الأكراد للانفصال عن إيران كما في العراق وبالتالي سوريا وحينها يصعب وقف التحام أكراد تركيا بالدولة الكردية الجديدة مما يشكل تهديداً للنسيج الوطني التركي. وهو ما دفع تركيا إلى معارضة سياسة فرض العقوبات على إيران حيث يتعارض ذلك بشكل مباشر مع مصالحها الجوهرية مع إيران. وفي إطار ذلك فقد عارضت تركيا قرار مجلس الأمن رقم (1929) الصادر في عام 2010م والذي يقضي بفرض عقوبات على إيران، حيث صرح الرئيس التركي السابق عبد الله غول بأنه “يحل هذا الصراع بطرق سلمية ودبلوماسية وعن طريق الحوار” كما أكد على أن “تركيا سيكون لها دور بناء في البرنامج النووي الإيراني، وأن بلاده تدعم حق إيران النووي”، كما أكد على موقفه من استخدام الأراضي التركية للاعتداء قائلاً “أمريكا لا يمكن استخدامها للقواعد الموجودة في تركيا لأهداف عسكرية، إلا لو سمحت لها أنقرة رسمياً، ولن يحدث ذلك دون علمنا”. وفي مساعيها سلمياً لحل الأزمة حاولت تركيا في 2006م القيام بدور الوسيط مع الغرب لحل أزمة الملف النووي الإيراني إلا أن إيران رفضت ذلك حينها لخوفها من النوايا التركية وصعودها الإقليمي، إلا أنه في عام 2010م تم عقد اتفاق ثلاثي بين تركيا وإيران والبرازيل، عملت بمقتضاه إيران على السماح لتركيا بالتدخل كوسيط لبيان سلمية برنامجها وطمأنت الوكالة الدولية للطاقة، حيث جاء على لسان وزير الخارجية الإيراني “منوشهر متكي” أن “تركيا لديها معرفة كافية بمواقف إيران وبرنامجها النووي المدني، لذا بإمكانها أن تساعد وبشكل جيد في توضيح شفافية البرنامج” في الوقت الذي أكد فيه وزير خارجية تركيا “أحمد داوود أوغلو” أن “دول المنطقة وحدها ينبغي أن تعمل لتسوية الأزمات الإقليمية من خلال تعاونها المشترك”([78]). واستمرت جهود تركيا لرعاية جولات الحوار ومحاولة التوصل إلى حل دبلوماسي للأزمة. ومع التوصل لاتفاق (5+1) عبرت تركيا عن موقفها بأن الاتفاق يمثل عهداً جديداً لاستقرار المنطقة. فبمجرد خروج إيران من عزلتها الدولية والعقوبات المفروضة عليها سيحدث انتعاش اقتصادي بين البلدين والتخلص من الأضرار التجارية والاقتصادية التي نتجت عن العقوبات، وذلك مع التأكيد على استمرار رفض تركيا لانتشار الأسلحة النووية في المنطقة.
ثالثاً: موقف دول الخليج العربي ومجلس التعاون الخليجي إزاء البرنامج النووي الإيراني: –
تتسم العلاقات الخليجية الإيرانية بالتعقيد والتشابك الشديد حيث تتغير طبيعة تلك العلاقة وفقاً للمتغيرات الإقليمية والدولية في المنطقة فهي علاقات شديدة التفاوت، ولكنها تتجه أكثر الآن في طريق التحسن المطرد ([79]). ومما لا شك فيه أن العلاقات بين دول الخليج وإيران هي علاقات مهمة بالنسبة للطرفين تفرضها الاعتبارات الجغرافية والتاريخية والاقتصادية والأمنية بين الطرفين. فمنذ قيام الثورة الإسلامية في إيران عام 1979م مرت العلاقات بين إيران ودول الخليج العربي بفترات متفاوتة من الصدام والتعاون، حيث ازداد الخوف من تصدير مبادئ الثورة إلى تلك البلاد ولكن سارت هذه العلاقات أكثر في سبيل التحسن حيث دائماً ما تحرص الحكومة الإيرانية على المضي في علاقات حسن جوار مع الدول الخليجية من أجل تحقيق مصالح إيران القومية وتكثيف التفاعلات الاقتصادية والعسكرية ([80]). أما من ناحية العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي فقد رفضت إيران التعاون مع المنظمة حيث ترى أنها في الأصل تأسست لمجابهة طموحات إيران الإقليمية، وكان منطق القوة هو الحاكم لسياسة إيران تجاه دول الخليج العربية في مراحل تطور العلاقات بين الطرفين انطلاقاً من إدراك إيران لتفوقها المطلق على تلك الدول. وبذلك نجد أن المواقف الخليجية تجاه إيران بخصوص برنامجها النووي تنطلق من اعتبارات عدة منها المصالح المتبادلة مع إيران على الصعيدين السياسي والاقتصادي، حيث نجد أن التعاون الاقتصادي كان أحد أهم عوامل التقارب بين البلدين حيث تعد تلك الدول أكبر الشركاء التجاريين لإيران. وأما من الناحية السياسية وبالرغم من التوتر القائم بين الطرفين منذ قيام الثورة الإسلامية إلا أن بعض الدول الخليجية قد نجحت في الحفاظ على علاقات قوية مع إيران. وبذلك نجد أن العلاقات الإيرانية مع دول الخليج لها مسارين: الأول وهو حاجتها إلى توثيق الصداقات وتلافي العداوات وتجنب العزلة الإقليمية وتطوير علاقاتها التجارية، ولذلك تتبع إيران سياسة الانفراج مع الدول العربية مع التأكيد على سياسة التقارب مع دول الخليج. أما الثاني فهو رغبة إيران في انتهاج سياسة خارجية قوية مستقلة ([81]). من خلال ما سبق نستطيع فهم موقف الدول الخليجية من الملف النووي الإيراني، فعلى الرغم من إدراك دول الخليج لطموحات إيران الإقليمية وبأن تطوير القدرة النووية الإيرانية يعد عامل تهديد للمنطقة بأكملها وسوف يؤدي إلى عدم الاستقرار. وبالرغم من أن تلك الدول لم تعد آلية واضحة للتعامل مع تلك القضية حال تصعيدها، إلا أنها اتفقت جميعاً على تبني الوسائل الدبلوماسية والوصول لحل لتلك الأزمة. ومن خلال متابعة المشهد السياسي لتلك المواقف نلاحظ وجود اختلاف بين الدول الخليجية منفردة، فلكل دولة رؤيتها انطلاقاً من مصالحها وبين مؤسسة مجلس التعاون الخليجي:
- أولاً: موقف مجلس التعاون الخليجي: والذي تجنب رؤساء دوله حتى الآن مواجهة إيران بصورة مباشرة في موضوع برنامجها النووي، ودائماً ما دعا المجلس إيران إلى تقديم التعاون التام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية والسماح لها بالتفتيش من أجل التأكيد على شفافية برنامج إيران النووي. فيما نجد حرص إيران على الحفاظ على علاقات سوية مع دول المجلس والعمل على طمأنتهم بشأن برنامجها النووي ومن ذلك قيام كبير المفاوضين الإيرانيين “حسن روحاني” في عام 2005م بجولة في دول مجلس التعاون الخليجي، استهدفت التأكيد على الأغراض السلمية للبرنامج النووي الإيراني، والتأكيد على أنه يتوافق مع القوانين الدولية، وهو الأمر الذي وجد تفهماً خليجياً. أما عن موقف المجلس من اتفاق (5+1) فقد غلب عليه فكرة “الموافقة المشروطة” حيث رحب به المجلس على أن يكون مقدمة للتوصل إلى حل شامل لهذا الملف، وذلك جنباً إلى جنب مع التوصل إلى مرحلة جديدة بين دول مجلس التعاون الخليجي وإيران مبنية على عدم التدخل في شؤون الدول العربية وحسن الجوار وعدم استخدام القوة أو التهديد باستخدامها ([82]).
- ثانياً: المواقف الخليجية الفردية: وهنا نجد أن تركيز كل دولة جاء منصباً على النتائج الإقليمية لاتفاق (5+1) والذي اختلفت حوله الرؤى الخليجية، فلا يوجد موقف خليجي موحد من هذا الاتفاق. فنجد أن هناك من يعلن مخاوفه من البرنامج النووي الإيراني سواء أكان عسكرياً أو سلمياً، وبين من يحرص على تبديد هذه المخاوف ([83]).
فمثلاً نجد أن الكويت والإمارات والبحرين سارعت للترحيب بهذا الاتفاق، فقد رأت البحرين أن هذا الاتفاق من شأنه العمل على استقرار المنطقة. وكذلك رحبت الإمارات بهذا الاتفاق التمهيدي حول برنامج إيران النووي. وأما عن الكويت والتي أكدت مراراً على حق إيران في استخدام الطاقة النووية للأغراض السلمية والتأكيد على حق أي دولة في أن تمتلك التكنولوجيا النووية للأغراض السلمية، فقد رحبت بهذا الاتفاق ورأت أنه بداية ناضجة لاتفاق دائم ينزع فتيل التوتر ويحفظ للمنطقة أمنها واستقرارها.
ومن ناحية أخرى نجد أن الموقف السعودي قد غلب عليه التوجس الصريح في بداية الإعلان عن الاتفاق، ثم حدث تحول إلى فكرة “الموافقة المشروطة” حيث أكدت السعودية أنه في حالة توافر حسن النوايا فيمكن أن يشكل هذا الاتفاق خطوة أولية في سبيل الوصول لحل شامل لأزمة البرنامج النووي الإيراني في محاولة للوصول إلى منطقة شرق أوسطية تعمل على التخلي عن كافة أسلحة الدمار الشامل. وذلك مع كفالة حق كافة الدول في المنطقة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية.
من خلال ما سبق أن الدول الست في مجلس التعاون الخليجي بالرغم من قلقها بشأن البرنامج النووي الإيراني فإنها لن تستطيع المشاركة في أي عمليات ضد إيران دون صدور قرار واضح من مجلس الأمن يتطلب ذلك، انطلاقاً من العلاقات المتنوعة بين الطرفين.
رابعاً: المنظور العربي تجاه البرنامج النووي الإيراني: –
يدعو العرب دائماً إلى منع انتشار الأسلحة النووية ودعم جهود الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تنفيذ آليات عدم انتشار تلك الأسلحة، من أجل الحصول على مناطق خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط. وبذلك اتسم الموقف العربي اتجاه البرنامج النووي لإيران بالرفض وذلك لأن البرنامج يشكل تهديداً واضحاً لدول الجوار الجغرافي ([84]). فامتلاك تلك القوة من شأنها جعل إيران القوة الأولى في المنطقة ([85]). وبالنظر إلى الطموحات الإيرانية في بروز إيران كأكبر قوة إقليمية في المنطقة ولإحداث التوازن بينها وبين إسرائيل يوجد التخوف من احتمالية استخدام تلك القوة في أهداف تسليحية. ومنه فإن الدول العربية تأخذ مسألة الملف النووي لإيران ببالغ الجدية وتعطيه الأولوية في أجندتها السياسية خاصةً بعد صدور تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 2003م والتي تشير إلى وجود مؤشرات جدية على احتمالية خدمة البرنامج لأغراض تسليحية. وتطالب الدول العربية بأن يتم اشراكها في المفاوضات المتعلقة بالبرنامج وبضرورة قيام إيران بتقديم ضمانات إلى المجتمع الدولي بأن برنامجها يدعم الاستخدام السلمي ولن يتدعى ذلك لأغراض أخرى، مع التأكيد على استخدام الوسائل الدبلوماسية في التوصل لحل لهذه الأزمة.
من خلال ما سبق يتضح لنا موافقة القوى الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط على استكمال المشروع النووي الإيراني ولكن لاستخدام الطاقة النووية في خدمة الأغراض السلمية، مع إيجاد ضمانات قوية على ذلك. باستثناء إسرائيل التي رفضت من جانبها استكمال البرنامج النووي لإيران عامةً سواء كان للأغراض السلمية أو لخدمة أهداف عسكرية، فهي ترفض استكمال المشروع وبشدة حيث ترى أنه يمثل مصدر خطر وتهديد لها، إلى جانب خوفها من تعاظم الدور الإيراني في المنطقة وبروز إيران كقوة إقليمية كبرى، مع احتمالية أن تصبح حليفاً للولايات المتحدة بدلاً من إسرائيل في رعاية المصالح الأمريكية والأوروبية في منطقة الخليج العربي، ويتأثر تبعاً لذلك النفوذ الإسرائيلي في المنطقة ويبدأ في التقلص ([86]).
المحور الثاني:
*موقف القوى الدولية تجاه البرنامج النووي الإيراني
إن امتلاك إيران للتكنولوجيا النووية ليس هو الشغل الشاغل للدول والمنظمات على المستوى الدولي، فمنذ بداية طموح الشاه في بناء قدرة نووية إيرانية ذاتية لتوليد الطاقة الكهربائية وقد شجعته كثير من الدول الغربية على ذلك وحصل على مساعدات كبيرة وبالأخص من الولايات المتحدة الأمريكية وهو ما تم ذكره في مرحلة النشأة في المبحث السابق. ولكن مع انتصار الثورة الإسلامية وإعادة إحياء البرنامج النووي بعد توقفه خاصةً بعد تطور إمكانيات العراق في استخدام الأسلحة الكيميائية أثناء الحرب العراقية الإيرانية وبزوغ الطموح الإيراني في التوسع في البرنامج النووي، وبدأـت الشكوك الدولية في أن المشروع يحمل أهدافاً عسكرية وأن إيران عازمة على تصنيع سلاح نووي ([87]). ومن هنا بدأت العقوبات تتوالى على إيران. وبالرغم من تباين المواقف الدولية واختلاف مستوياتها وأسلوبها في التعامل إلا أنها انطلقت جميعاً من إشكالية عدم الثقة في نوايا البرنامج النووي الإيراني. وفيما يلي توضيح لأهم المواقف للدول والمنظمات الدولية.
أولاً: موقف الولايات المتحدة الأمريكية تجاه البرنامج النووي الإيراني: –
منذ انتهاء الحرب الباردة وانهيار قوة الاتحاد السوفيتي المنافس الأكبر للولايات المتحدة وبدأت المخططات الأمريكية لمحاولة الهيمنة على العالم وقيادة النظام الدولي الجديد ضمن إطار هيمنة القطب الواحد. وسعت الولايات المتحدة لإحداث توازن لصالحها يمنع صعود أي قوى أخرى منافسة لها ([88]). وعليه استخدمت الولايات المتحدة سياسة الكيل بمكيالين وما ينجم عنها من ازدواجية المعايير في التعامل مع امتلاك الدول لأسلحة الدمار الشامل ومحاولة الحصول على القوة النووية، حيث أصبح هذا الاتهام هو السلاح المستخدم من جانب الولايات المتحدة في محاولاتها للإطاحة بالأنظمة التي ترى أنها تشكل مصدر خطر عليها في المنطقة أو التي لا تتوافق مع مصالحها، وهو ما نراه متمثلاً من خلال احتلال العراق بدعوى وجود أسلحة دمار شامل بها، وفي إطار ذلك جاء موقف الولايات المتحدة من البرنامج النووي الإيراني في مساعيها لاحتواء أي فاعل يتحدى مصالحها وسياستها الخارجية.
عملت الولايات المتحدة الأمريكية على تعزيز علاقاتها مع إيران في حربها ضد الاتحاد السوفيتي كويلة لإنجاح استراتيجيتها الكونية في إيجاد أحلاف لها وذلك لتشكل حزاماً أمنياً ضمن سياسة الاحتواء لمنع وصول الاتحاد السوفيتي للمياه الدافئة وكان ذلك في عهد الشاه محمد رضا بهلوي ولكن مع انتصار الثورة الإسلامية في 1979م ومحاولة تصدير مبادئها ووصول رجال الدين للحكم، أصبحت الولايات المتحدة هي العدو الأول والرئيس لإيران، وبدأ النفوذ الأمريكي يتلاشى في إيران وسقط أهم حليف استراتيجي لأمريكا في المنطقة. وبدأت الهواجس الأمريكية من إعادة سباق التسلح بين القطبين واستعادة النفوذ السوفيتي وهو ما جعل الولايات المتحدة تعتمد إسرائيل حليفاً لها، حيث تم توقيع اتفاقية عام 1983م والتي تقضي بالتعاون الاستراتيجي الكامل بين البلدين لتصبح إسرائيل لأول مرة حليفاً استراتيجياً للولايات المتحدة.
وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر عام 2001م بدأت مرحلة جديدة في الاستراتيجية الأمريكية العالمية التي أخذت تعتمد على استخدام القوة العسكرية الكاسحة في استراتيجيات الردع، والتي تتناسب مع نوع التهديد وهوية العدو غير المعلومة ومع نمط الخطر غير المتوقع مستقبلاً والذي أصبح يتمثل في الإرهاب ([89]). ونتيجةً لذلك أصبحت الولايات المتحدة مقتنعة بأن الزعماء الدكتاتوريين أظهروا اهتماماً شديداً في سبيل الحصول على الأسلحة النووية والتأكيد على أن هذه الدول لاعتمد الشفافية في أنشطتها ولديها ميول واضحة لاستخدام السلاح النووي ضد الشعوب الأخرى بقرار من النظام الحاكم أو من خلال جماعات إرهابية يدعمها النظام. لذلك أعطت الولايات المتحدة لنفسها الحق في التصدي لأية دولة أو مجموعة إرهابية لديها ميول عدوانية تجاهها. وسعت الولايات المتحدة لاستغلال المناخ الدولي الجديد بعد أحداث 11 سبتمبر بتكثيف ضغوطها على إيران للتخلي عن برنامجها النووي واعتبارها إحدى دول محور الشر ومن الدول الراعية للإرهاب. وفي إطار ذلك صرح المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية في ذلك الوقت “ريتشارد باوتشر” بأن “الولايات المتحدة لديها دواعي قلق جدية بشأن سعي إيران النشط للحصول على الأسلحة النووية، كما لا يوجد مبرر اقتصادي لقيام دول غنية بالبترول ببناء منشآت دورة الوقود النووي ذات التكاليف الباهظة”([90]). واستخدمت الولايات المتحدة العديد من الوسائل والأدوات لتحقيق أهدافها تجاه وقف إيران لبرنامجها النووي كان من أهمها العقوبات الاقتصادية والتي تمثلت في:
اتبعت الولايات المتحدة سلسلة من العقوبات المتصاعدة ضد إيران منذ عام 1979م منها المعارضة الأمريكية لمنح قروض البنك الدولي لإيران عام 1984م وزيادة العقوبات على الصادرات ذات الاستخدام المزدوج والتي يمكن استخدامها لأغراض عسكرية. وكذلك فرض حظر على جميع الواردات الأمريكية من إيران بما فيها النفط عام1987م. وأيضاً معارضة انضمام إيران لمنظمة التجارة العالمية. بالإضافة إلى فرض حظر تام على التجارة مع إيران والاستثمار فيها بهدف إعاقة حصول إيران على مكانة اقتصادية عالمية.
ثانياً: موقف الاتحاد الأوروبي من الملف النووي الإيراني: –
مرت العلاقات الأوروبية الإيرانية بلحظات تقارب وتباعد بالتزامن مع التحولات السياسية الخارجية للولايات المتحدة تجاه إيران، وذلك رغبةً من أوروبا في أن تكون طرفاً فاعلاً في النظام الدولي. وقبل أحداث الحادي عشر من سبتمبر كان الحوار النقدي ([91]) هو المهيمن على العلاقات الإيرانية الأوروبية، ولكن بعد تلك الأحداث تغيرت العلاقة تغيراً جذرياً، حيث تم إعلان إيران كإحدى دول محور الشر واعتبارها دولة راعية للإرهاب. وفي إطار حل الأزمة النووية الإيرانية توجه وزراء خارجية كل من ألمانيا وفرنسا وبريطانيا إلى طهران في 20 أكتوبر 2003م لإجراء محادثات مع القادة الإيرانيين حول البرنامج النووي لإيران وذلك في إطار بيان لوكسمبرج الصادر عن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي الصادر في 23 يونيه 2003م، والذي وضع الأساس لقيادة أوروبية من نوع جديد لمنع الانتشار النووي في العالم، و بهدف محدد وهو عدم ترك هذه السياسة حكراً على الولايات المتحدة، وذلك من حيث استخدامها للقوة مدعية مكافحة انتشار الأسلحة النووية، وذلك خارج نطاق الشرعية الدولية، وهو ما يعتبر مصدر خطر للعالم أجمع.
وبدأت المحادثات مع إيران بالتحول من سياسة مكافحة الانتشار النووي بالبيانات إلى الإجراءات ([92]). فعلى الرغم من العقوبات الدولية ضد إيران استمرت الشركات الأوروبية في التعامل معها. ولكنها بدأت تتخذ طريق الإجراءات وذلك من خلال إنذار إيران بوقف جميع المفاوضات المتعلقة بالمزايا التجارية الممنوحة لها في الأسواق الأوروبية مع تصعيد الأمر إلى مجلس الأمن في حالة عدم التوصل إلى اتفاق واضح لاتخاذ إجراءات أشد قسوة. وقد قبلت إيران المبادرة الأوروبية الثلاثية من جهة، لكي تظهر أمام العالم بقبولها للوساطة الدولية للتعامل مع الأزمة وعدم طهورها داخلياً بمظهر من تراجع أمام الضغوط الأمريكية. ومن جهة أخرى توطيد العلاقات الإيرانية الأوروبية. وقد أكدت المبادرة على تبني الوسائل الدبلوماسية في التعامل مع الأزمة مع ضرورة تقديم إيران المساعدة الكاملة للوكالة الدولية للطاقة ([93]). ومع فشل الإدارة الأمريكية في تعاملها الانفرادي مع القضية العراقية، بدأت التنسيق الأمريكي الأوروبي المتمثل في اجتماع القمة للدول الثماني الصناعية المنعقد في عام 2004م في واشنطن، والاتحاد الأوروبي شأنه شأن الولايات المتحدة من ناحية التخوف من الطموحات النووية الإيرانية وإمكانية استخدام القدرة النووية لأغراض تسليحية. ولكن الخلاف بين الطرفين يأتي من خلال رؤية كيفية إدارة هذا الملف، فالولايات المتحدة ترى الحل الأمثل في اللجوء إلى التهديد بالحل العسكري لوضع حد للبرنامج، في حين أن دول الاتحاد ضد الخيار العسكري وتسعى لإيجاد الحل ولكن من خلال التفاوض. ومن خلال المفاوضات والمبادرة الثلاثية الأوروبية تم التوصل إلى اتفاق في نوفمبر2004م تلتزم إيران بمقتضاه بالوقف التام والشامل لكافة أنشطة برنامجها النووي بدءً من 22 نوفمبر 2004م ويتم اتباع عدد من الإجراءات بين الجانبين:
- تمنع إيران عن مزاولة تخصيب اليورانيوم أو تشغيل أجهزة الطرد المركزي والإقلاع عن عمليات فصل الغاز التي تستخدم في انتاج وتصنيع السلاح النووي.
- في مقابل احتواء الاتفاق على عطايا أوروبية مغرية من خلال تقديم الدعم التكنولوجي للمساعي الإيرانية في سبيل تطوير قدرات نووية سلمية في مجال انتاج الطاقة. ومساعدة إيران في الانضمام لمنظمة التجارة العالمية. فضلاً عن سعي الدول الأوروبية للحيلولة دون إحالة ملف إيران النووي إلى مجلس الأمن مادامت إيران ملتزمة بتعهداتها.
وتأتي المبادرة الأخيرة باتفاق بين الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأوروبية على مشروع خاص تمد بموجبه هذه الدول محطات إيران النووية بالوقود النووي اللازم للأغراض السلمية في مقابل موافقة إيران على إيقاف دورة الوقود النووية وإيقاف تخصيب اليورانيوم، إلا أن ذلك الاتفاق لم يكن مرضياً لإيران حيث وجدت أنه لا يمثل شيئاً أمام التعهدات السابقة وعبرت إيران بأنها كانت تترقب المزيد من الاتحاد الأوروبي حول الضمانات التي ستقدمها هذه الدول في مقابل وقف إيران أنشطتها النووية. ومع تعثر المفاوضات والتأكيد على عدم تقديم تنازلات، قامت إيران بإضافة مادة إلى دستورها تحرم التراجع أو تقديم تنازلات فيما يخص البرنامج النووي ([94]).
وهو ما أدى بدوره إلى تحويل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن لفرض العقوبات. وبذلك كانت وجهة النظر الإيرانية في هذا الشأن أن الدول الأوروبية لم تلتزم بتعهداتها تجاه إيران ([95]). حيث رأت إيران أنها بعد موافقتها على طلباتهم وفتح باب للمفاوضات السلمية الجادة لم تلتزم الدول الأوروبية بدورها بتعهداتها، وهو ما قاله كبير المفاوضين الإيرانيين “حسن روحاني” بأن ” الأوروبيون قالوا إن الملف الإيراني سيغلق في يونيو2004م، ولكنهم لم يلتزمون بتعهداتهم”. وبذلك نجد أن الموقف الأوروبي أصبح متوافقاً مع الرؤية الأمريكية. حيث قال وزير الخارجية البريطانية “جاك سترو” إن “طهران لم تتعاون بشكل كامل، وأنه غير متأكد من المزاعم الإيرانية بأنها لا تعتزم تطوير أسلحة نووية، وأنه على الإيرانيين الالتزام بالوفاء بتعهداتهم في حظر انتشار الأسلحة النووية”([96]).
من خلال ما سبق يتضح لنا أن الموقف الأوروبي من البرنامج النووي الإيراني لا يختلف منذ البداية في جوهره عن النوايا الأمريكية في ضرورة إنهاء هذه الأزمة. ولكنه عمل تبني طريق الحوارات والمفاوضات بحيث يتم الوصول لحل باستخدام الوسائل الدبلوماسية، حتى لا يتصعد الموقف مع إيران وتقع تحت طائلة العقوبات الدولية الصارمة الأمر الذي سيؤثر بشدة على العلاقات الاقتصادية بينهما، إلا أنه بعد فشل المفاوضات ومع استمرار الضغوط من جانب الولايات المتحدة تم إحالة الملف لمجلس الأمن. ويبقا الموقف الأوروبي على دراية تامة بأنه لا يمكن اجبار إيران على توقيع اتفاقيات إضافية لتقديم تنازلات بشأن برنامجها النووي في حالة رفض دول أخرى مثل إسرائيل ذلك مع عدم وجود موقف دولي حاسم ضدها. فلا شك من أن انتهاء الملفات النووية في الشرق الأوسط يتم بحزمة واحدة
المبحث الثالث
محركات التغيير في التعامل مع الملف النووي الإيراني
تعددت الجهود الرامية إلى محاولة حل أزمة البرنامج النووي الإيراني سلمياً، واتخذت المفاوضات الرامية إلى ذلك مراحل عديدة شاقة، شهدت خلالها تدخل العديد من الأطراف الدولية والإقليمية لمحاولة الوصول إلى حل دبلوماسي دون الحاجة إلى استعمال القوة العسكرية ومحاولة احتواء الموقف حتى لا يتصعد الأمر إلى مجلس الأمن.
ولكن من الواضح أن هذه الجهود والمفاوضات قد وصلت إلى طريق مسدود، خاصةً بعد فشل المفاوضات الثلاثية الأوروبية التي قامت بها كلٍ من (ألمانيا وفرنسا وإيطاليا)، وهو ما أحدث تحولاً في الموقف الأوروبي، حيث أعلنت دول الترويكا الثلاث في 12 يناير 2006م أن المفاوضات مع إيران بشأن برنامجها النووي قد وصلت إلى طريق مسدود، وأن الأمر يستدعي ضرورة إحالة الملف إلى مجلس الأمن تمهيداُ لفرض عقوبات على إيران حال إصرارها على المضي في تنفيذ برنامجها. وأرسل الاتحاد الأوروبي بدوره رسالة إلى طهران مفادها أن المجتمع الدولي دخل مرحلة جديدة في التعامل معها بشأن برنامجها النووي. وبذلك بدأ التعامل مع الملف النووي لإيران يتخذ موقفاُ أكثر تشدداُ. وفيما يلي سوف نوضح بشيء من التفصيل مسار تلك المفاوضات وما آلت إليه.
أولاً-المتغيرات التي أثرت في مسار تسوية الأزمة النووية الإيرانية:-
مما لا شك فيه أن إيران والقوى الغربية كانت دوماُ ما تسعى للوصول إلى تسوية سلمية ([97]) بشأن الملف النووي الإيراني، فإيران من جانبها تحرص على تجنب المواجهة العسكرية وتبديد الشكوك حول أهداف برنامجها النووي. فيما تسعى القوى الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية لمنع إيران من الهيمنة على منطقة الخليج العربي. وقد تأثرت المفاوضات الخاصة بهذا الشأن بالعديد من المتغيرات الخاصة بكل طرف:
أ-المتغيرات التي أثرت في مسيرة المفاوضات من وجهة النظر الإيرانية: -تشكل المفاوضات من وجهة النظر الإيرانية سبيلاُ للحصول على مجموعة من المزايا التي تحصل عليها إيران، والتي من أهمها ما يلي:
- الوصول إلى اتفاق سلمي وتفادي اللجوء إلى ضربة عسكرية أمريكية: حيث حرصت السياسة الخارجية الإيرانية دائماُ على التأكيد على سلمية برنامجها النووي أن عقيدة النظام السياسي الإسلامي تتعارض مع الأنشطة النووية العسكرية، وتحميل الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية تعثر المفاوضات طيلة هذه الأعوام وتصويرها على أنها ” شيطان أكبر” ([98]) والتأكيد دائماُ على رغبة وترحيب إيران بالتفاوض مع القوى الغربية.
- الرغبة في رفع العقوبات الدولية: لقد اتخذت العقوبات الدولية مساراُ طويلاُ لتنتج ضغطاُ هائلاُ على إيران، وتشكل المفاوضات بالنسبة لإيران طوق نجاة لمحاولة حل الأزمة بأسلوب يحقق لها تعويض ما فقدته من خسائر اقتصادية هائلة ويحافظ على نظامها السياسي، حيث قدر ما خسرت إيران نتيجة العقوبات المفروضة عليها ما يزيد عن 100 مليار دولار ([99])، إضافة إلى فقد العملة الإيرانية نصف قيمتها مقابل العملات الأخرى في عام 2011م وارتفاع معدلات التضخم في البلاد. وهو ما شكل في المفاوضات سبيلاُ للتخلص من تلك العقوبات خاصةُ في ظل المزايا التي تمنحها لها القوى الغربية في ظل التخلي عن برنامجها النووي ومن شأن تلك المزايا العمل على انتعاش الاقتصاد الإيراني وانتعاش التبادل التجاري.
ب-المتغيرات التي أثرت في مسيرة المفاوضات من وجهة النظر الغربية ([100]): بالرغم من التهديدات الأمريكية نحو اللجوء إلى استخدام القوة العسكرية لوقف نشاطات إيران النووية، إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية أدركت أن الحل الأمثل لتلك الأزمة هو استخدام الخيار الدبلوماسي، حيث أن استخدام القوة العسكرية سيكبد الولايات المتحدة الأمريكية العديد من الخسائر لعل أخطرها إمكانية امتلاك إيران للسلاح النووي فعلاُ وبالتالي لن تتوانى لحظة عن استخدامه حينها.
- عدم جدوى الضربة العسكرية: ففي أثناء حكم الرئيس باراك أوباما عمل حينها عن الابتعاد عن حالة العسكرة التي عاشها الرئيس السابق جورج بوش الابن واللجوء أكثر إلى الضغوط الاقتصادية، والعمل على احتواء إيران أكثر وتجنب الدخول معها في حرب نووية في ظل امكانية وجود برنامج سري موازي للبرنامج المعلن، هذا إلى جانب عم توفر الاستخبارات الكافية لطبيعة النظام السياسي الإيراني المنغلق واعتماده على درجات عالية من السرية. إلى جانب ذلك ستؤدي الضربة العسكرية إلى نتائج صارمة من الجهة الإيرانية، والاستعداد لمواجهة ردود فعل انتقامية إيرانية، كما أن ذلك الخيار سيؤدي إلى انسحاب إيران من معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وحشد الرأي العام خلف إيران ضد الولايات المتحدة الأمريكية وبالتالي وقف أي محاولات للتفاوض.
- المصالح الغربية في إيران: حيث تمثل إيران بالنسبة للغرب إحدى الأسواق الضخمة في الشرق الأوسط، ومنطقة جاذبة للاستثمارات خاصةُ في مجال النفط. وبالنظر إلى المدى البعيد من جهة أخرى أن التوصل إلى حل سلمي ونجاح المفاوضات مع إيران يضمن امكانية التحالف معها مستقبلاُ في حال صعودها كقوة إقليمية مهمة وعظمى في منطقة الخليج العربي.
ثانياً-مسار المفاوضات الإيرانية مع الغرب: –
اتبعت القوى الغربية وإيران مسارات تفاوضية لحل الأزمة سلمياُ وعدم الوصول إلى تصعيد الموقف إلى مجلس الأمن. وظلت إيران تتمسك بحقها في امتلاك القدرة النووية السلمية مع التأكيد على استعداد إيران للتعاون بشفافية مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية مقابل رفع العقوبات الدولية عليها ([101]). وكانت بداية المفاوضات مع دول الترويكا، ولكن مع تعثر المفاوضات ووصولها إلى طريق مسدود تمت إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي. وبعد فترة واجهت خلالها إيران العديد من الصعوبات إلى جانب التخوف الدولي من نشاطات إيران النووية، اقترحت إيران العودة إلى المفاوضات الدبلوماسية، فكانت المفاوضات مع مجموعة (5+1).
أ-مرحلة التفاوض مع دول الترويكا الأوروبية الثلاث (3+1): –
بدأت إيران تدخل مرحلة التفاوض الأولى مع كلٍ من (ألمانيا وبريطانيا وفرنسا) وحرصت إيران على عدم مناقشة برنامجها النووي إلا مع القوى الأوروبية الثلاث وذلك رغبةُ من إيران على تعقيد جهود واشنطن ضدها وتصويرها ب “الشيطان الأكبر”. وبدأت تلك المفاوضات في عام 2003م حيث الصدام مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية وعدم تقديم إيران التعاون الكامل لها، وهو ما وضع إيران في تحدٍ مع المجتمع الدولي الذي طالما كان لديه شكوك حول سلمية البرنامج، وهو ما استلزم خروج إيران والتحدث في العلن عن برنامجها النووي. وأصبحت مسألة التفاوض ضرورة من أجل إزالة الشكوك حول أهداف البرنامج ومنع تكوين أي تحالف دولي ضد إيران. وتم التوصل إلى اتفاق (سعد آباد) الذي قضى بالتعليق الطوعي لتخصيب اليورانيوم والتوقيع على البروتوكول الإضافي للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك في مقابل اعتراف دول الترويكا بحق إيران في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، إلى جانب تزويدها بالمساعدات التكنولوجية التي تحتاجها, وتم ذلك في ظل حكومة الرئيس (محمد خاتمي)، إلا أنه مع تولي الرئيس (محمود أحمدي نجاد) في عام 2004م والذي اختار مسار المواجهة مع الغرب منذ بداية توليه الرئاسة، حيث قرر الاستمرار في تخصيب اليورانيوم وتكملة مسيرة البرنامج النووي الإيراني ([102]). وبذلك تكون إيران قد نقضت اتفاقها مع دول الترويكا، وازداد المشهد تعقيداً حينما أبدى المجتمع الدولي وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية قلقاً من عدائية الرئيس أحمدي نجاد للغرب وإسرائيل ودعوته إلى محو إسرائيل عن الخريطة وذلك في خطابٍ ألقاه في عام 2005م.
وبدأت بذلك دول الترويكا الثلاث بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأمريكية في اتخاذ منحنى جديد في التعامل مع الملف النووي الإيراني، وهو التلويح بالعقوبات الاقتصادية. وظل الموقف الأوروبي يقوم على ضرورة إعطاء المزيد من الوقت للحل الدبلوماسي، وعدم تصعيد الموقف إلى مجلس الأمن. إلا أن المفاوضات باءت بالفشل والحيلولة دون التوصل إلى نتائج حاسمة بالرغم من تقديم الدول الأوروبية الثلاث العديد من المزايا لإيران إلا أن اختفاء عامل الثقة بين الطرفين أدى إلى الوصول إلى طريق مسدود، وهو ما استدعى تحويل الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن.
ب-إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن الدولي: –
تم إحالة الملف النووي الإيراني إلى مجلس الأمن بعد أن باءت المفاوضات الأوروبية بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأمريكية بالفشل، هذا إلى جانب إصدار الوكالة الدولية للطاقة الذرية قراراً بإدانة إيران لانتهاكها معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية. وبدأت قرارات مجلس الأمن في عام 2006م ضد إيران لوضع حد لبرنامجها النووي، حيث أصدر مجلس الأمن ثلاث حزم من العقوبات الدولية صدرت عبر عدة قرارات والتي قضت بإغلاق باب التفاوض مع إيران، وتعليق جميع الأنشطة النووية ذات الصلة بالتخصيب تعليقاً تاماً، والامتثال لتدابير مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وذلك مع اتخاذ كافة الاجراءات اللازمة لإجبار إيران على الامتثال لهذا القرار ([103]).
ج-مفاوضات إيران مع مجموعة (5+1): –
بدأت المفاوضات في عام 2013م بين القوى الغربية وإيران تعود من جديد في ظل اختلاف أوضاع وظروف كل منهما إلى حد كبير:
- بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، بدأت المفاوضات في ظل عهد الرئيس (باراك أوباما) الذي عرف بتفضيله الخيار الدبلوماسي في التعامل مع إدارة الملف النووي الإيراني مختلفاً بذلك عن سلفه الرئيس (جورج بوش الابن). هذا إلى جانب إدراك الرئيس (أوباما) لأهمية تحالف روسيا والصين وإيران.
- إدراك صعوبة توجيه ضربة عسكرية لجميع المنشآت النووية الإيرانية لأنها منتشرة على مساحات واسعة، هذا إلى جانب التخوف من رد الفعل الإيراني المنتقم خاصةً في ظل السرية الشديدة التي تحيط امكانية التعرف على قدرات إيران النووية.
- من ناحية أخرى ومع تولي الرئيس (حسن روحاني) وبروز الجناح الإصلاحي المعتدل والدعوة إلى الانفتاح على الغرب حيث لم يعد يجري الحديث عن الولايات المتحدة ” الشيطان الأكبر”. مما فتح الباب لإمكانية الرجوع إلى المفاوضات، وأعلنت إيران رغبتها في أن يجري التفاوض وفق مبدأ “خطوة بخطوة” مع تحديد سقف زمني بعدة أشهر، وهو ما وافقت عليه الولايات المتحدة، وبدا وكأن الطرفين يرغبان في التوصل إلى صيغة مشتركة للحل تخدم مصالح الطرفين.
- بدأت المفاوضات المباشرة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية إضافةً إلى الدول الكبرى الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا ([104])، وتم التوصل إلى اتفاق جنيف في نوفمبر 2013م: بمقتضى هذا الاتفاق تم تحديد إطاراً زمنياً مدته عام للتوصل إلى اتفاق شأن البرنامج النووي الإيراني. وقد جاء الاتفاق محققاً مصالح لإيران والقوى الغربية، وكانت أهم بنوده كالتالي: –
- حصول إيران على بعض الحوافز الاقتصادية متمثلة في الحصول على نحو 8-مليارات دولار من عوائد النفط المحتجزة في بنوك الولايات المتحدة الأمريكية.
- مقابل تجميد إيران عمليات تخصيب اليورانيوم لدرجة 20% وكذلك الالتزام بالتعامل مع كميات اليورانيوم المخصب لدرجة 5%.
وأدى ذلك الاتفاق إلى ضمان مزيداً من الثقة بين القوى الغربية ويران وتحقيق مصالح مشتركة وإبعاد شبح الدخول في حرب عسكرية ولو بصورة مؤقتة ([105]).
د-مفاوضات فيينا 2014م: –
سيطرت بعد الخلافات على مسار المفاوضات في فيينا، ربما يعود ذلك إلى أن هناك كثيراً من المواقع والمعلومات مازالت غير متوفرة لخبراء الوكالة الدولية للطاقة الذرية وهو ما ألقى بظلاله على مسيرة المفاوضات في فيينا، حيث تحفظت بعض الدول مثل: باريس على المضي في منح إيران تنازلات في ظل تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وجاءت مواقف الدول الأطراف متباينة ([106]): فالموقف الروسي والصيني كان أكثر مرونة من الموقف الفرنسي، بينما جاء موقف الولايات المتحدة وألمانيا وبريطانيا في المنطقة الوسط حيث أنها في الوق الذي تعمد فيه إلى استخدام أوراق الضغط فهي تقدم معها بعض المزايا التي يمكن أن تؤثر بها على إيران لاتخاذ قرارات إيجابية تنشدها الولايات المتحدة.
و-الاتفاق النووي مع إيران ومجموعة (5+1) من مخاض الولادة إلى عناء التنفيذ: –
بعد مفاوضات شاقة استمرت 12 عاماً بين إيران والقوى الغربية، تم التوصل إلى خطة العمل المشتركة الشاملة بين إيران ومجموعة (5+1) في 14 يوليو 2015م، والتي قضت برفع العقوبات عن إيران تدريجياً مقابل الحد من قدرة طهران على صنع السلاح النووي ([107])، وجاءت أهم بنود الاتفاق كالتالي: –
- التخلص من 98% من اليورانيوم الإيراني المخصب.
- استمرار تخصيب اليورانيوم بنسبة حددت ب 3, 67%، وهي النسبة الكافية لتوليد الطاقة النووية المدنية، لكنها لا تكفي لبناء سلاح نووي.
- خفض عدد أجهزة الطرد المركزي بمقدار الثلثين.
- عدم تصدير الوقود الذري خلال السنوات المقبلة، وعدم بناء مفاعلات تعمل بالمياه الثقيلة، وعدم نقل المعدات من منشأة نووية إلى أخرى لمدة 15 عاماً.
- السماح بدخول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية لكل المواقع المشتبه بها، ومنها المواقع العسكرية وذلك بعد التشاور مع طهران لمراقبة والتأكد من وفاء إيران بالتزاماتها وأنها لا تقوم بتحويل أي مواد انشطارية.
- الإبقاء على حظر استيراد الأسلحة 5 سنوات إضافية و8 سنوات للصواريخ البالستية.
- رفع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات عن إيران والمتعلقة بالأسلحة النووية بعد تحقق الأمم المتحدة من القيام بالعديد من الخطوات الرئيسة، وفي حال انتهاك إيران لشروط الاتفاقية ستعود تلك العقوبات تلقائياً.
- الإفراج عن أرصدة وأصول إيران المجمدة والمقدرة بمليارات الدولارات.
- رفع الحظر عن الطيران الإيراني وأيضاً عن البنك المركزي والشركات النفطية والعديد من المؤسسات والشخصيات.
مما سبق يتضح لنا أن المفاوضات بين إيران والقوى الغربية نحو التوصل إلى حلٍ للأزمة النووية الإيرانية أخذت مسارات عدة وتأثرت بمجموعة من التغيرات من الطرفين وبعد مفاوضات شاقة استمرت 12 عاماً بين إيران والقوى الغربية قد تجاوزت المطبات السياسية، وستحاول الثبات على ما جاء في اتفاق (5+1) والذي جنب العالم الدخول في مواجهة عسكرية مع إيران ([108])، خاصةً في ظل التخوف الدولي وعدم امكانية التعرف على حدود قدرة إيران النووية المحاطة بقدرٍ عالي من السرية.
الفصل الثالث
البرنامج النووي الإسرائيلي
تتمتع إسرائيل بمساحة جغرافية صغيرة تفقدها الأمن الاستراتيجي، وموضوع الأمن هو مصدر قلق بالنسبة للمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، فقد وضعت إسرائيل محددات أمنها القومي منذ نشأتها والتي رسمها “ديفيد بن غوريون” وبلورها، وباستراتيجيته التي استمرت في الحفاظ على جميع مكتسبات إسرائيل التي حققها في حرب عام 1948م، ولهذا بدأت إسرائيل برنامجها النووي منذ اللحظات الأولي لنشأة كيانها عام 1948م، أي منذ البدايات الأولي لانطلاق العصر الذري وبعد سنوات قليلة من تفجير أول قنبلة نووية عام 1945م. لم تكن هناك أمم كثيرة تمتلك هذا السلاح , وفى هذا السياق وضع بن غوريون أسس نظرية الأمن الإسرائيلي وفرضياتها, فقد كان إذا تحدث عن الدفاع عن وجود إسرائيل في تلك الفترة وفى الفترات اللاحقة يتم ذلك عن طريق تعزيز قوة إسرائيل في الحصول على السلاح النووي, وبدأ بن غوريون في ذلك العام يخطو الخطوات الأولي في السعي نحو الحصول على السلاح النووي وإحاطته بسد منيع من السرية التامة والغموض المحكم.
لقد كان اهتمام إسرائيل على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية بالبرنامج النووي الإيراني شاملاً بكل ما تحمله الكلمة من معنى، بحيث فاق جميع التهديدات الأخرى التي تحيط بإسرائيل، فامتلاك إيران للسلاح النووي يشكل تهديداً على إسرائيل، وفى المقابل ترى إسرائيل سعي إيران لامتلاك هذه الأسلحة من شأنه أن يشكل خطراً على بقاء دولتها، وقد تعلن عن استعدادها للتوقيع على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية شريطة أن يتم الاعتراف بها كدولة نووية، حيث يسمح هذا الاعتراف بالاحتفاظ بما لديها من أسلحة نووية.
وسوف يتناول الفصل الثالث أهم الموضوعات المرتبطة بنشأة البرنامج النووي الإسرائيلي ومراحل تطوره إلى أخر ما توصلت إليه إسرائيل في المجال النووي، حيث اتسمت إٍسرائيل بإتباع سياسة الغموض النووي، ولذلك تسعى الدراسة إلى إزالة ذلك الغموض من خلال إثبات امتلاك إٍسرائيل للسلاح النووي، وطرق التعامل مع الملف النووي الإيراني وذلك من خلال 3 مباحث كما يلي:
المبحث الأول: نشأة البرنامج النووي الإسرائيلي وتطوره.
المبحث الثاني: موقف القوي الإقليمية والدولية إزاء البرنامج النووي الإسرائيلي.
المبحث الثالث: بيان ازدواجية المعايير في التعامل مع الملف النووي الإيراني والإسرائيلي.
المبحث الأول
نشأة البرنامج النووي الإسرائيلي وتطوره
تتسم السياسة النووية الإسرائيلية بالغموض حول قدراتها النووية، رغم ما تعلنه مراكز الدراسات الدولية عن الامتلاك الإسرائيلي للسلاح النووي، حيث لم تعلن إسرائيل رسمياً عن كونها دولة نووية بشكل صريح وعلني منذ بداية مشروعها النووي عام 1948م وحتى الآن، فإسرائيل تركز علي اعتماد استراتيجية الغموض النووي القائمة في أذهان الخصوم في وقت واحد مع وجود الخيار النووي, مع إتباع الشفافية في إظهار وجود الغموض النووي لأنه الأكثر مصداقية من الردع التقليدي المباشر, ولكن إسرائيل تتبع هذه الاستراتيجية لتحقيق جملة من الأهداف منها أن التحول نحو استراتيجية الردع النووي يعنى البدء في سباق نووي في المنطقة وهذا لا ترغب به إسرائيل([109]), وكذلك ترفض الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية, وكذلك التفاوض حول إقامة منطقة خالية من هذه الأسلحة بحجة أن هذا سيأتي بعد تحقيق السلام في منطقة الشرق الأوسط وتوقيع اتفاقيات صلح مع الدول العربية ([110]), وعلى الرغم من عدم انضمام إسرائيل للاتفاقية، لكنها عضو في الوكالة الدولية للطاقة الذرية وترفض الكشف عن برنامجها أو السماح للوكالة بتفتيش منشأتها أو مراقبتها وذلك تصنيفاُ لما تسميه سياسة الغموض النووي ([111]).ولدت فكرة إقامة قوة نووية في إسرائيل قبل إقامة الدولة نفسها. فقد بدأت الفكرة تراود ديفيد بن غوريون، أول رئيس وزراء لإسرائيل منذ عام 1947م، ولكنها لم تبدأ في التحقق إلا في منتصف الخمسينيات عندما تجمعت العناصر وهم: أرنست ديفيد برجمان، العالم الكيميائي الذي علم بن غوريون كل شيء عن المسائل النووية، وشيمون بيريز، الذي استغل الفرصة الدولية لتحقيق الحلم، والدولة المتمثلة في فرنسا التي أقامت علاقات خاصة مع إسرائيل في ذلك الوقت ([112]). كان بن غوريون يدرك أن مقاومة العرب لإسرائيل لا ينبع من مجرد الإهانة التي لحقت بهم، وإنما من قيام إسرائيل بطرد الشعب الفلسطيني من وطنه وكذلك سعيها المستمر للتفوق على الدول العربية جميعاً من أجل فرض نفوذها في المنطقة العربية، ولهذا بدأ بن غوريون في عام 1948م يخطو الخطوات الأولي في السعي نحو الحصول على السلاح النووي. إذ اهتم خلال الحرب بتجنيد خبراء ذرة يهود من مختلف الدول في العالم، وفي نفس العام أقام في الجيش الإسرائيلي بما يسمى “وحدة سلاح العلم” ومهمتها التخصص بإقامة بنية تحتية للطاقة النووية، وفي هذا السياق أرسلت إسرائيل في الأعوام الأولي لتأسيسها البرنامج النووي مجموعات كبيرة من الطلاب من خريجي الجامعة العبرية في القدس والمعاهد الإسرائيلية الأخرى إلى أوروبا وأمريكا لدراسة الموضوعات ذات الصلة بالذرة والسلاح النووي. فقد كانت تطلعات القائمين على المشروع النووي الإسرائيلي في تلك الفترة تراهن على أنه في إمكان إسرائيل تنفيذ المشروع النووي بمفردها، ولكن سرعان ما تبين لهم جميعاً انه لا يمكن تحقيق هذا المشروع بمفردها دون تدخل دولة متقدمة تساعدها في إقامة مفاعل نووي خاص بها ([113]). لقد كانت إسرائيل في حاجة إلى معونة دولة ذات قاعدة صناعية ضخمة لتزويدها بالمعدات والأدوات الأزمة للمفاعلات، وقد ذكر البروفسور” أرنست برجمان”([114]), أن إسرائيل لم يكن في استطاعتها تطوير البرنامج النووي بمفردها، وإنما كانت في حاجة إلي التعاون مع بلد مستواه التكنولوجي مرتفع، وفي عام 1949م قرر بن غوريون أن يطلب العون من فرنسا، خصوصاً أن عدداً كبيراً من علماء الذرة الفرنسيين في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية كانوا من اليهود، وفى نفس العام أقام معهد وايزمان للعلوم في تل أبيب قسماً لأبحاث النظائر المشعة([115]), وفى عام 1952م اقامت حكومة بن غوريون لجنة الطاقة النووية الإسرائيلية التي كانت تعمل بتعاون مع نظيرتها الفرنسية برئاسة البروفسور” ارنست برجمان”, وشرعت فرنسا في تزويد إسرائيل بالأسلحة التقليدية الخفيفة منذ عام 1953م ثم استمرت في عام 1954م والأعوام اللاحقة في تزويدها بأنواع متقدمة من الأسلحة الثقيلة, وأثناء العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956م, وافقت فرنسا علي تزويد إسرائيل بمفاعل نووي باليورانيوم, وفي أعقاب الحرب أظهرت فرنسا وإسرائيل مسألة تعاونهما في الشأن النووي ووقعتا اتفاقيتين للتعاون النووي, الأولي في ديسمبر1956م,والأخرى في أكتوبر 1957م على الرغم من وجود فرنسا في هذه الفترة كعضو في حلف شمال الأطلسي الا أن فرنسا وقعت الاتفاقية وهذا جعل من إسرائيل سادس دولة في العالم تمتلك أسلحة نووية([116]). خلال تلك الفترة من التعاون الفرنسي الإسرائيلي في الميدان النووي، تمكنت إسرائيل من اكتساب القدرات العلمية والمادية الضرورية لها كي تصبح دولة نووية فقد تمكن علماؤها المتخصصون ي الفيزياء النظرية من تطوير قدراتهم في مركز الأبحاث الذرية الفرنسي في “سالكي” ومن المحتمل أن يكون ديغول – الذي كان علماؤه يقومون بإجراء تفجيرات ذرية ما بين عامي (1960-1964) م في مناطق شمال إفريقيا. قد سمح للعلماء الإسرائيليين بالاطلاع على المعلومات التي تم التوصل إليها في اختبارات التفجير النووي الفرنسي ([117])، وفي المقابل استطاعت فرنسا أن تحصل من إسرائيل على طريقة استخلاص اليورانيوم من خام الفوسفات، بالإضافة إلى تكنولوجيا الكمبيوتر الأمريكية، التي منعتها عنها واشنطن وذلك خشية أن تستخدمها فرنسا في تصميم القنابل الذرية وقد سعت فرنسا للحصول على تلك التكنولوجيا من خلال إسرائيل التي كانت تحصل عليها من الولايات المتحدة خلال برنامج الذرة مقابل السلام، بالإضافة لحصولها على الماء الثقيل ([118]).
وكان للولايات المتحدة الأمريكية دوراً في إقامة البنية النووية الإسرائيلية. وذلك من خلال تزويد إسرائيل بمفاعلات ومدرعات نووية، والبحوث والأدبيات الخاصة بالتكنولوجيا النووية، وقد سمحت للعلماء الأمريكيين بزيارة إسرائيل والبقاء بها مدة من الزمن من أجل تزويدها بالخبرات والمعلومات في المجال النووي، حيث قام عالم الذرة ” أوينها يمر” بزيارات منتظمة إلى إسرائيل. كما كان العلماء الإسرائيليين يزرون الولايات المتحدة الأمريكية للاطلاع على التقدم في مجال التكنولوجيا الذرية، لقد قامت الولايات المتحدة بإقامة أول مفاعل نووي في إسرائيل عام 1954م، وكان لبنائه فضل كبير على تقدم البحث العلمي في إسرائيل وقامت ايضاً بتصميم مفاعل نووي اخر وبنائه لها. كما فتحت أبوابها لإسرائيل من خلال برنامج الرئيس الأمريكي “إيزنهاور” الذرة من أجل السلام، وعلي أثر ذلك وقعت إسرائيل اتفاقية عام 1955م نتج عنها تزويد إسرائيل بمفاعل نووي ” سوريك” بالإضافة إلى نقل 20 كيلو غرام من يورانيوم 236 المشع وإضافة مكتبة بها 6500 تقرير عن الأبحاث النووية, 45 كتاباً عن الفيزياء النووية، إلا أن الدور الأمريكي الذي استمر منذ بداية الخمسينات حتى الأن يكمن في التضليل المتعمد الذي مارسته الإدارات الأمريكية رغم علمها بحقيقة البرنامج النووي الإسرائيلي وأهدافه العسكرية, فالدعم الأمريكي المباشر لإسرائيل قد مكنها من الإفلات من أي رقابة دولية علي أسلحتها النووية, وكذلك التهرب من الموافقة علي أي نظام لإخلاء منطقة الشرق الأوسط من أسلحة الدمار الشامل, في حين يزداد الضغط الأمريكي علي الدولة العربية من أجل منعها من امتلاك أسلحة نووية, التي قد تمكنها من تحقيق التوازن الاستراتيجي مع إسرائيل ([119]).
وقد كان لبريطانيا دوراً هاماً في دعم البرنامج النووي الإسرائيلي من خلال تقديم العديد من المساعدات العسكرية لإسرائيل من ضمنها مساعدات في برنامجها النووي، وشملت المساعدات البريطانية للمشروع عينات من مواد انشطارية ثقيلة خاصة اليورانيوم عالي التخصيب عام 1959م، والبلوتونيوم عالي التخصيب عام 1966م بالإضافة إلى إرسال بريطانيا 20 طناً من الماء الثقيل للإسرائيليين إلى مفاعل ديمونا ([120]). وكان لألمانيا دوراً مماثلاً في دعم البرنامج النووي الإسرائيلي، حيث تعود العلاقات النووية بين ألمانيا وإسرائيل إلى أعوام عديدة حيث قدم المستشار الألماني “ايدنارو” مساهمة مالية كبيرة لمعهد وايزمان، وكانت الزيارة التي قام بها وزير الأبحاث الإسرائيلي “يمان” عام 1985م إلى ألمانيا خطوة على طريق تطوير التعاون الإسرائيلي الألماني في مجال الطاقة النووية ([121]).
نجد ان الحركة الصهيونية نجحت في إعطاء شكل دولي لوجود الكيان الصهيوني وامتلاكه للسلاح النووي، ونشأت إسرائيل على الأراضي الفلسطينية نتيجة توافق إرادات الدول الاستعمارية الكبرى مع مصالحها الصهيونية العالمية، وهذا ما يفسر تعاون الدول الغربية مبكراً مع إسرائيل من أجل بناء وتطوير قدراتها النووية ([122]).
فإسرائيل منذ بداية مشروعها النووي وحتى الأن لم تعلن رسمياً عن نفسها كدولة نووية واتبعت سياسة الغموض تلك من خلال ثلاث مراحل لتتطور برنامجها النووي:
المرحلة الأولي (1948-1954م): وهي مرحلة التحضير والإعداد
منذ نشأة إسرائيل سعت القيادة الإسرائيلية إلى توفير المقومات التي تقوم عليها الصناعة النووية، والتي تشمل على كل من العنصر العلمي والبشري إضافة إلى العنصر المادي، واستطاعت في الفترة ما بين عام 1948م حتى عام 1954م أن تستكمل الحد اللازم من تلك المقومات لبدء الاستعداد لإنشاء صناعة نووية موجهة لأغراض السلم والحرب. فقد اهتم الدكتور حاييم وايزمان – أول رئيس لإسرائيل – بالنشاط النووي في إسرائيل، حيث كان يؤمن بوجود علاقات كبيرة بين التقدم العلمي وتحقيق أهداف إٍسرائيل، ولذلك كان يسعي إلي الاتصال المستمر بالعلماء المتخصصين في مجال الذرة منذ الحرب العالمية الثانية ([123]) , بدأت إسرائيل برنامجها النووي منذ نشأتها حيث أرسل رئيس وزراء إسرائيل بن غوريون الخبراء الجيولوجيين إلي صحراء النقب, للبحث عن أي وجود محتمل لليورانيوم, وقامت الجامعات الإسرائيلية بتشجيع منه ومن الدكتور وايزمن بإرسال العلماء الطلاب المتميزين لديها إلي الولايات المتحدة ودول أوروبا للتخصص في ميدان الذرة. أقامت وزارة الدفاع الإسرائيلية قبل حلول عام 1950م فرعاً للبحوث الذرية في معهد وايزمن، الذي أصبح بعد ذلك اهم المراكز الدراسية للبحوث النووية في إٍسرائيل، لقد كان الحدث الأكبر في عام 1954م علي صعيد البرنامج النووي الإسرائيلي يتمثل بعودة المبعوثون الإسرائيليين من الخارج حيث يعتبر هذا نقطة تحول هامة في استعدادات المشروع النووي الإسرائيلي، حيث عاد ” كوتييلي” وهو يحمل الدكتوراه في الكيمياء الإشعاعية, وعاد ” جولدرنج” وهو يحمل الدكتوراه في التحليل النيوتروني, وعاد “تالمي” وهو يحملها في الإشعاعات النووية, “بيلاج” يحمل الدكتوراه في تطبيقات النظائر المشعة, وقد شكل هؤلاء العلماء نواة المرحلة الثانية من مراحل بناء إٍسرائيل مشروعها النووي ([124]).
المرحلة الثانية (1954-1968م): مرحلة بناء القاعدة المتكاملة للقدرة النووية
لم تبدأ إسرائيل برنامجها النووي من مرحلة الصفر كما بدأت الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي، فقد اطلع علماؤها على اخر ما توصل إليه علماء الذرة في فرنسا، والولايات المتحدة، حيث أخذت إسرائيل تلحق بقطار التسابق على التسلح النووي، في الوقت الذي لم تفكر فيه أي دولة عربية بطرق هذا المجال. فقد جاء بناء القدرة النووية الإسرائيلية المتكاملة من خلال التعاون الوثيق بين إسرائيل والعديد من الدول التي زودتها بالمفاعلات النووية والوقود النووي إضافة إلى المعرفة العلمية والتكنولوجية، وتقع كل من فرنسا والولايات المتحدة على رأس هذه الدول ([125]).
المرحلة الثالثة(1968-1979م): مرحلة اتخاذ القرار وصنع القنبلة الذرية
مع حصول إسرائيل على المفاعلات الذرية وخصوصاً مفاعل ديمونة، إضافة إلى المعرفة العلمية الفائقة، فإن الخطوة الكبرى نحو إنتاج القنبلة الذرية قد تم اجتيازها، وأصبحت مسألة حصولها على هذه القنابل مرتبطة بمجرد اتخاذ القرار السياسي الازم لإنتاجها، حيث يمكن ان يتم هذا الإنتاج خلال بضعة شهور في تلك الفترة. وعلى الرغم من الانتصار الذي حققته إسرائيل علي العرب في حرب 1967م، إلا ان الوضع الدبلوماسي والعسكري الذي أعقب تلك الحرب ترك أثاراً لدي قادة إسرائيل بعد الأمان، ويرجع السبب في ذلك إلى تخلي فرنسا عنهم، حيث قام الجنرال “ديغول” بقطع العلاقة العسكرية بين بلاده إسرائيل، رغبة منه في بث الحياة من جديد في علاقاته المتوترة مع الدول العربية. وفي أوائل عام 1968م أصدرت الأوامر لديمونة بالانتقال إلى الإنتاج الكامل وبالفعل بعد اتخاذ القرار وبناء مصنع فصل البلوتونيوم بدأ الإسرائيليون بإنتاج السلاح النووي، ويعتقد بعض المحللين في وكالة الاستخبارات الأمريكية أن إسرائيل قد تمكنت من صنع عدة قنابل نووية عام 1968م، وأنها ربما قامت عام 1969م بصناعة خمس قنابل نووية قوتها 19 كيلو طن. حيث أن تلك المعلومات تبين قوة الردع النووي الإسرائيلي وبالتالي تشكل غطاء لازم المفاوضات ([126]).
المرحلة الرابعة(1979-2000م): تميزت هذه المرحلة بقيام إسرائيل بإنتاج كل من القنابل النيوترونية والهيدروجينية اللتين تعتبران أكثر تطوراً من القنبلة النووية، وقيام إسرائيل بلفت الأنظار إلى منعطفات جديدة في القدرة النووية الإسرائيلية عبر تكنولوجيا التصغير وصولاً إلى احتمالات الاشتراك في التجارب النووية ([127]), ونرى ان سياسة الغموض اتخذت طريق أخر محوره إعلان إسرائيل قدرتها علي إنتاج الأسلحة النووية مع نفي حيازتها لهذه الأسلحة, واهم الدوافع لهذه السياسة هو رفع مكانتها بعد تضرر هيبتها جراء حرب أكتوبر1973م, وتحطيم أسطورة جيشها الذي لا يقهر, واستخدام السلاح النووي كسلاح نفسي ضد العرب ونفعهم للاعتراف بإسرائيل والتوصل إلي تسوية سياسية معها([128]) , وقد صاحب تتطور هذه المراحل إنشاء العديد من المؤسسات والمعاهد المتخصصة في هذا المجال.
سوف تظل إسرائيل تتمسك بسياسة الغموض النووي حتى بعد مرور خمس عقود، ولا يزال هناك شبه إجماع في صفوف المؤسستين السياسية والعسكرية في إسرائيل على ضرورة الاستمرار في تبني هذه السياسة في المستقبل، ما دامت إسرائيل تحتكر السلاح النووي في المنطقة.
المبحث الثاني
أثر البرنامج النووي الإسرائيلي على الأمن القومي العربي
يعتبر السلاح النووي عاماً هاماً في تحديد قوة الدولة والعمل على ردع الدول الأخرى من أجل فرض حضور الدولة التي تملك السلاح النووي واكتسابها نفوذاً دولياً واقليميا, ً لذا أصبحت كل دولة تسعى إلى امتلاك السلاح النووي والقدرة على تطويره لتكتسب قوة ونفوذ في بيئة النظام الدولي ، وهو ما أدى إلى أن تكون العديد من مناطق العالم غير مستقرة ومهددة من قبل الدول التي تمتلك السلاح النووي والتي لديها القدرة على ردع من يقف في مواجهتها ، ولاسيما في منطقة الشرق الأوسط الذي يشهد حالة من عدم الاستقرار والاضطراب نتيجة امتلاك السلاح النووي([129]).
حيث تقوم استراتيجية اسرائيل الأمنية على أن الهدف الأساسي لدولة إسرائيل هو تحقيق أمنها القومي لذا لابد من امتلاك قوة ردع تمنع الدول العربية من شن حرب عليها لتحرير الأراضي الفلسطينية بل تجبرهم على الاعتراف بإسرائيل وإقامة علاقات معها , وذلك لتعويض القيود الجيوبوليتيكية التي تعاني منها دولة إسرائيل حيث أنها دولة صغيرة من حيث المساحة وعدد سكانها قليل ولا تملك عمق استراتيجي يعمل على تأمين حدودها مع جيرانها من الدول العربية, وبالتالي فإنه في حال قيام أي دولة عسكرية بشن هجوم على اسرائيل سيتشكل ذلك خطراً كبيراً على بقاء الكيان الصهيوني في ظل عدم امتلاك اسرائيل السلاح النووي([130]).
في عام 1968م وهو تاريخ دخول معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية حيز النفاذ والتي وقعت عليها 189 دولة رفضت اسرائيل التوقيع على تلك المعاهدة والانضمام إليها وهو ما زاد من الخطر النووي الإسرائيلي في المنطقة ([131])، خاصة أن القادة الإسرائيليين يرون أن ترسانتهم النووية تعزز فكرة الدولة الإسرائيلية كجزء من منطقة الشرق الأوسط وتعزز من استمرار بقائها واعتراف الدول العربية بها وإقامة علاقات سياسية ودبلوماسية واقتصادية معها, وبالتالي فإنه مع الإصرار الإسرائيلي بعدم التخلي عن خيارها النووي وعدم الانضمام إلى معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية من شأنه أن يدفع ايران والدول الأخرى في منطقة الشرق الأوسط إلى تطوير قدرتها النووية وتحقيق تقدم في المجال النووي للاستخدامات غير السلمية للوقوف في مواجهة التهديد النووي الإسرائيلي مما سيعرض أمن منطقة الشرق الأوسط والأمن القومي العربي لخطر كبير([132]).
وفي هذا الصدد سينقسم هذا المبحث إلى مطلبين:
المطلب الأول: الأبعاد السياسية للتهديد النووي الإسرائيلي على الأمن القومي العربي.
المطلب الثاني: موقف الدول العربية لمواجهة التهديد النووي الإسرائيلي.
المطلب الأول: الأبعاد السياسية للتهديد النووي الإسرائيلي.
لقد تأكدت اسرائيل خلال السنوات الأولى من إقامة الدولة الإسرائيلية إنها لن تحقق أهدافها فيما يتعلق بالوجود الإسرائيلي على أرض عربية والاعتراف بها إقليمياً ودولياً إلا إذا امتلكت عنصر من عناصر القوة الرادعة القادرة على إجبار الدول العربية على تحقيق أهداف إسرائيل، وهو ما يتمثل في الملف النووي والذي كان في نظر المسئولون في اسرائيل خير وسيلة لتحقيق أهداف دولتهم.
وتعتبر منطقة الشرق الأوسط هي مفتاح السيادة العالمية بسبب ما تتمتع به تلك المنطقة من عوامل تسمح لمن يستطيع السيطرة عليه الهيمنة الدولية والسيطرة على دول العالم , ومن بين هذه العوامل العامل الاقتصادي حيث تسيطر منطقة الشرق الأوسط على معظم احتياطات النفط العالمية وبالتالي فإن هذا ما دفع الولايات المتحدة لمحاولة السيطرة على تلك المنطقة لتعزيز الاقتصاد الأمريكي وتعزيز نفوذها الدولي , لذا عملت الولايات المتحدة لدعم نفوذ اسرائيل باعتبارها حليفتها الاستراتيجية في المنطقة للعمل على تدعيم المصالح الأمريكية وهيمنتها على منطقة الشرق الأوسط وذلك من خلال التزام الولايات المتحدة بتفوق اسرائيل في المجال النووي على مستوى المنطقة, وعدم انضمام اسرائيل لمعاهدة منع انتشار الأسلحة النووية وهو ما عمل على أن تكون اسرائيل دولة قوية تحتكر عناصر القوة النوعية من سلاح نووي بما يضمن استمرار بقائها وتحقيق أمنها القومي([133]).
كما أنه مع حقيقة انفراد اسرائيل بتفوقها الاستراتيجي فيما يتعلق بامتلاك السلاح النووي يجعلها قادرة على استخدامه كعامل ضغط في مفاوضاتها مع الدول العربية ومساومتهم على أمنهم القومي لإجبارهم على السلام، حيث أنها تمتلك جميع عناصر القوة التي تمكنها من فرض شروطها في مفاوضاتها مع الدول العربية ومكنها سلاحها النووي من الحصول على تنازلات من الجانب العربي فيما يتعلق بالاعتراف بها والتسليم بالوجود الصهيوني على أرض فلسطين ومحاولة التوصل لاستقرار الصراع العربي الإسرائيلي دون الدخول في حرب ([134]).
كما عمل التهديد النووي الإسرائيلي إلى جعل الدول العربية تخطط لتكون أهداف حرب أكتوبر 1973م محدودة، وبدلاً من أن يكون هدفها الأساسي تحرير كل الأراضي العربية المحتلة أصبح هدفها هو استرجاع الأراضي المحتلة خلال حرب 1967م وهو استرجاع سيناء المصرية وهضبة الجولان السورية وهذا ما يعني أن هناك اعتراف من قبل الجانب العربي بالوجود الإسرائيلي في فلسطين وأن الأراضي العربية المحتلة قبل حرب 1967م أصبحت أراضي الإسرائيلية بشكل شرعي، كما أصبح هذا الأمر المتعلق بالوجود الإسرائيلي في فلسطين غير قابل للتفاوض ([135]), وبعد حرب 1973م فقد استعملت إسرائيل سلاحها النووي كوسيلة للإكراه للارتباط بالشرق الأوسط وفرض السلام وفقاً للمنظور الإسرائيلي مع الدول العربية وهذا ما ظهر بوضوح في التغيرات الأساسية التي حدثت في السياسة الخارجية للرئيس المصري السادات تجاه إسرائيل وقيامه بزيارة القدس وتوقيع اتفاقية كامب ديفيد عام 1977م وتطبيع العلاقات مع إسرائيل والذي جاء نتيجة ضغط الملف النووي الإسرائيلي([136]),كما أدى الردع النووي الإسرائيلي إلى إدراك جميع دول الشرق الأوسط خاصة العربية منها أنه إذا اقدمت دولة واحدة أو عدة دول على شن حرب ضد إسرائيل أو مجرد اتخاذ سياسات وقرارات ضدها بأن إسرائيل لا تتردد في استعمال سلاحها النووي ضد تلك الدول للمحافظة على الكيان الإسرائيلي وهو ما دفعها لتطوير قدرات الضربة النووية الثانية في حال تعرض إسرائيل لهجوم نووي([137]).
كما أن حيازة اسرائيل السلاح النووي مكنها من اطلاق مشروع الشرق الأوسط الكبير الذي يسعى لجعل إسرائيل المهيمنة والمسيطرة على منطقة الشرق الأوسط وبالفعل بدأ الشروع في تنفيذ هذا المشروع عام 2003م عن طريق الدعم الأمريكي المباشر والذي تمثلت نتائجه في أن دول الخليج العربي أبدت استعدادها للتطبيع مع إسرائيل وإقامة علاقات تجارية معها ، بالإضافة إلى ذلك فقد لعب السلاح النووي الإسرائيلي دوراً كبيراً في جذب تركيا وإقامة علاقات معها لاقتناع الأخيرة بأن مثل هذه العلاقات سيكون له أثر في تطوير التكنولوجيا العسكرية التركية وإدخال تقنيات حديثة في مجال التسليح التركي وهو ما ساعد إسرائيل على التغلب على احدى نقاط ضعفها وهو التوسيع من عمقها الاستراتيجي من خلال عقد اتفاق التعاون العسكري مع تركيا سنة 1996م وبالتالي أدى ذلك لتوسيع الفجوة بين تركيا والدول العربية والإسلامية الأمر الذي من شانه زيادة الخطر الذي يواجه الأمن القومي العربي([138]) , وبالتالي قد أدت العوامل السابقة لتحقيق ما تسعى إليه الاستراتيجية الإسرائيلية من اضفاء الطابع الشرعي عليها وفرض إرادتها على دول المنطقة وردعهم من اتخاذ أي قرارات تضر بالوجود الإسرائيلي , وهو ما أدى إلى زيادة قوة اسرائيل اقليمياً ودولياً . وبالتالي قد أدت العوامل السابقة لتحقيق ما تسعى إليه الاستراتيجية الإسرائيلية من اضفاء الطابع الشرعي عليها وفرض إرادتها على دول المنطقة وردعهم من اتخاذ أي قرارات تضر بالوجود الإسرائيلي، وهو ما أدى إلى زيادة قوة اسرائيل اقليمياً ودولياً.
المطلب الثاني: موقف الدول العربية لمواجهة التهديد النووي الإسرائيلي.
إن الخطر الذي تشهده المنطقة العربية نتيجة الردع النووي الإسرائيلي واتسام الملف النووي بالغموض والتعميم زاد من قلق الدول العربية لإمكانية استخدام اسرائيل سلاحها النووي ضد الدول العربية إذا شعرت أن استمرار وجودها معرض للخطر.
وهو ما دفع الدول العربية لمحاولة بناء استراتيجية تتضمن مجموعة من الخيارات لمواجهة التهديد النووي الإسرائيلي والتي تعد من أهم متطلبات الأمن القومي العربي في الوقت الحالي، وتتعدد تلك الخيارات لتشمل ما يلي:
1-الدخول تحت مظلة نووية دولية: –
يقصد به أن تتعهد الدول التي تملك السلاح النووي أن تساعد وتمد الدول التي لا تمتلك تلك الأسلحة بالقوة الرادعة ليكون هناك توازن في القوة النووية، وهو ما ظهر في حرب أكتوبر1973م عندما قام الاتحاد السوفيتي بمد القوة الرادعة للسلاح النووي لمصر وذلك نتيجة تخوف الاتحاد السوفيتي من استخدام اسرائيل السلاح النووي في الحرب ([139]).
إلا أن مثل هذا الخيار يصعب الاعتماد عليه من قبل الدول العربية للشك من ناحية حقيقة التزام الدول التي تملك السلاح النووي بمساعدة الدول التي لا تملك حيث أنه ليس من المعقول أن تقوم دولة باستخدام سلاحها النووي في مواجهة دولة أخرى وتعرض مستقبل دولتها لخطر من أجل دولة صديقة لها ([140]).
2-محاولة امتلاك السلاح النووي: –
لقد سعت الدول العربية لمحاولة امتلاك السلاح النووي لأحدث نوع من توازن الرعب النووي في المنطقة وهو ما يعمل على الحد من الردع النووي الإسرائيلي للدول العربية، التي تشكلت مصدر رعب اسرائيل هي العراق فقد اعتمدت العراق في برنامجها النووي على مساعدة عدد من الدول على رأسها فرنسا التي ساعدتها في بناء معاملات (تموز 1) أو ما يعرف ب(أوزاريك) ومفاعل (تموز 2) أو (أوزيرس) وهو ما شكل خطر بالنسبة لإسرائيل التي قامت بقصف مفاعلي تموز([141]).إلا أن الرئيس العراقي صدام حسين أصر كسر الاحتكار النووي الإسرائيلي وبالفعل بدأ في برنامج نووي سمي بالبرنامج الوطني الذى يعتمد على تخصيب اليورانيوم عام 1981م , وكان هذا البرنامج يتضمن بناء مفاعلات نووية في خمس مواقع ثلاث مواقع منها بالقرب من بغداد وهم ( موقع التويثة ، موقع الطارمية ، موقع الأثير ) واثنان بالقرب من الموصل, وتمكنت العراق من انجاز تصميم ابتدائي للقنبلة النووية عام 1990م إلا أن الولايات المتحدة الأمريكية عندما شعرت بالتقدم العراقي في المجال النووي أصابها الذعر لتهديده مصالحها في منطقة الشرق الأوسط فقامت القوات الأمريكية بقصف موقع التويثة وهو من المواقع النووية ليتوقف مع هذا القصف البرنامج النووي العراقي([142]). وعلى الرغم من أن البرنامج النووي العراقي قد توقف عام 1991م وتأكد المجتمع الدولي من ذلك إلا أن هذا لم يمنع الولايات المتحدة من احتلال العراق عام 2003م بحجة امتلاكها أسلحة نووية لاستمرار الاحتكار النووي الإسرائيلي في المنطقة بما يحفظ المصالح الأمريكية.
3-محاولة تطوير أسلحة غير تقليدية: –
تتضمن الأسلحة غير التقليدية الأسلحة الكيميائية والأسلحة البيولوجية والصواريخ الباليستية والتي تدخل ضمن نطاق أسلحة الدمار الشامل ليكون هناك ردع متبادل بين اسرائيل والدول العربية وتتميز تلك الأسلحة برخص ثمنها مقارنة بالسلاح النووي هذا بالإضافة إلى تطوير الأسلحة التقليدية والعمل على الضغط على نقاط ضعف اسرائيل وصغر مساحتها وقلة عدد سكانها ، هو الأمر الذي يشكل رادعاً قوياً ضد اسرائيل إذا تطور الأمر إلى الدخول في حرب شاملة ضد إسرائيل , خاصة إذا قامت الدول العربية بالتحالف فيما بينها وبناء جيش عربي قوي وتعزيزه بالأسلحة غير التقليدية والقوة العسكرية الجوية وهو ما يعمل على أن يكون ميزان القوة لصالح الدول العربية([143]).
4-انتهاج الخيار الدبلوماسي: –
عن طريق استمرار الدول العربية في التنديد في المؤتمرات التي تعقدها بالتهديد الإسرائيلي النووي للمنطقة بمراجعة معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية والضغط على اسرائيل للانضمام إليها لإنشاء منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل واجبار اسرائيل على الموافقة على التفتيش الدولي على مواقع مفاعلاتها النووية لضمان سلمية استعمالها للطاقة النووية.
المبحث الثالث
الموقف الدولي تجاه البرنامج النووي الإيراني والإسرائيلي
إن غطرسة القوة والمصالح الخاصة هي التي تؤدي إلى ازدواجية المعايير، ولا يخفي أن النظام الدولي يخدم ازدواجية المعايير فهو يمارس احتكار السلاح، والخامات الرئيسية(قمح-بترول)، واحتكار الشرعية الدولية وفرض العقوبات الدولية، ومن هنا تبدو القضية النووية القضية الكبرى التي تشغل التفكير الاستراتيجي العالمي.
*النظام الدولي وموقفه في التعامل مع الملف النووي الإيراني: –
في ضوء المخاوف العالمية من أن يؤدي استمرار النزاع حول الملف النووي الإيراني إلى اندلاع حرب جديدة في منطقة الشرق الأوسط، إذا ما قررت أمريكا وإسرائيل توجيه ضربة عسكرية لتدمير المفاعلات النووية الإيرانية، وهو الأمر الذي أصبح كابوساً حقيقياً للأمن العالمي في الوقت الراهن، وتم فرض عقوبات دولية وحصار اقتصادي وتجارى ومالي علي إيران بسبب محاولتها إنتاج طاقة نووية سليمة ولأغراض مدنية ولكنها منعت من ذلك تحت ضغوط العقوبات الدولية التي فرضها مجلس الامن والدول الكبرى ومن المهم التأكيد أن هذه الازمة لم لتكن لتحدث لولا وقائع الخلل السياسي والاستراتيجي الدولي في التعامل مع الملف النووي، والتي لا تخلو من ممارسات النفاق ، الأمر الذي أدي في النهاية إلى المأزق الدولي الراهن ولهذا لابد من إعادة النظر والمراجعة التامة لآليات وسياسات مواجهة الخطر النووي ([144]), من خلال تعديل قوانين المعاهدات الدولية بشأن السلاح النووي, إن معاهدة حظر الانتشار النووي قد قامت منذ البداية علي خلل استراتيجي وهي الاعتراف بمزايا التفوق النووي للخمس الدول الكبرى في العالم فيما يسمي ” النادي النووي”, وهي الولايات المتحدة وروسيا, والصين وفرنسا وبريطانيا, وكان المقصود من هذا هو إبقاء تفوقاً وتمييزاً نووياً لهم, ويجعلها قادرة علي تحقيق ” الردع النووي”, وفي نفس الوقت تهدد بقية أعضاء المجتمع الدولي التي لا يحق لها بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي أن تسعي لامتلاك أسلحة نووية([145]) , وذلك بسبب نجاح الهند في منتصف الستينات في الحصول علي القنبلة الذرية ولهذا تم التحرك لوضع اتفاقية حظر الانتشار النووي, خوفاً من سعي مزيد من الدول إلي امتلاك السلاح النووي, ومع ذلك لم تستطع الاتفاقية ان تمنع كلاً من باكستان وكوريا الشمالية بعد ذلك من الحصول علي القنبلة الذرية.
* النظام الدولي وموقفه في التعامل مع الملف النووي الإسرائيلي: –
تجاهلت معاهدة حظر الانتشار النووي منذ البداية أن إسرائيل كانت قد حصلت علي القنبلة الذرية في الستينات بعد بناء مفاعلها النووي بمساعدة فرنسية في نهاية الخمسينات([146]),ولهذا نجد ان المعاهدة قد قامت علي خلل وتمييز لبعض الدول أبرزها حيازة إسرائيل للقنبلة النووية, وفي المقابل تم فرض عقوبات دولية علي إيران بينما لا تقوم منظمة الطاقة الذرية الدولية بأي تفتيش عن المفاعلات النووية الإسرائيلية منذ عشرات السنين, وقد كان لابد عند توقيع المعاهدة ودخولها حيز التنفيذ في عام1970م, أن تكون مدخلاً لمنع الانتشار النووي لكن السياسات النووية غير المتوازية وازدواجية المعايير والعقوبات الاقتصادية غير المنصفة زادت من مخاطر الانتشار النووي وخاصة مع التقدم العلمي والتكنولوجي في مجال البحوث النووية ([147]).
*الولايات المتحدة الامريكية وموقفها في التعامل مع الملف النووي الإسرائيلي: –
إن الراي السائد في المنطقة عن السياسة الأمريكية تجاه القضايا النووية المثارة في الشرق الأوسط هي انها مزدوجة المعايير، فهي تتقبل وجود سلاح نووي لدي إسرائيل، بينما تعمل على منع الدول العربية وخاصة إيران من الاقتراب من المساحة النووية، إن السياسة الأمريكية تجاه القضايا النووية تطرح سؤالاً مهماً حول كيفية تعامل الولايات المتحدة مع القضايا النووية في الشرق الأوسط؟ ([148])، لقد مارس النظام الدولي نفاقاً تجاه الترسانة النووية الإسرائيلية، فالقوي الكبرى وعلى رأسها أمريكا كانت تعلم تماماً بالبرنامج النووي الإسرائيلي الذي تم ابتداء بمساعدة سرية مع فرنسا إلى أن حققت إسرائيل أهدافها في صنع ما يتراوح ما بين 200و300 قنبلة ذرية، فإسرائيل انطلق برنامجها النووي من حيث انتهي علماء الذرة في فرنسا والولايات المتحدة بمعني أنها لم تبدأ من نقطة الصفر إلا بمساعدتهما وبمساعدة عديد من الدول كالنرويج والهند وجنوب إفريقيا, وعلي الرغم من أن هذا البرنامج السرى انفضح تماماً منذ ان كشف “موردخاي فعنونو”([149]) منذ منتصف الثمانينات , حين هرب من إسرائيل وكشف أسراره في الصحف البريطانية, إلا أن أمريكا تجاهلت القضية تماماً في إطار دعمها لإسرائيل([150]). وذكر موقع “نيوز وان ” الإخباري الإسرائيلي أن التقرير الذي حمل اسم ” التكنولوجيا الحيوية لإسرائيل ودول حلف الأطلسي” يكشف أن الولايات المتحدة قامت بخرق اتفاقيات تحظر تقديم المساعدة المادية إلي تطوير أسلحة نووية, وأشار التقرير إلي أن المنشآت الإسرائيلية في ديمونا وناحال سوريك تشبه المفاعلات الأمريكية الموجودة في “لوس الاموس واوك ريدج ” وكشف الموقع أنه من الصعب تقدير حجم الخسائر التي يمكن أن تحصل عليها إسرائيل نتيجة الكشف عن هذه المعلومات , ومنها قيام إيران باستخدام هذه المعلومات كأداة ضغط علي الولايات المتحدة من أجل وقف العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها, إضافة إلي مطالبة الولايات المتحدة بوقف كافة مساعداتها لإسرائيل سواء العسكرية او المدنية, كما يمكن للجانب الإيراني أن يطالب إسرائيل بالتوقيع علي ميثاق حظر انتشار الأسلحة النووية([151]).
*الولايات المتحدة الأمريكية وموقفها في التعامل مع الملف النووي الإيراني: –
فالولايات المتحدة تعتبرها مصدر التهديد الأكثر خطورة منذ منتصف عام2003م, وقامت بإثارة المخاوف الدولية من البرنامج النووي الإيراني بإصدار مجلس حكام “الوكالة الدولية للطاقة الذرية” يوم 12 سبتمبر 2003م قراراً يلزم إيران ب “الوقف الفوري الكامل” لكافة نشاطاتها المتعلقة بتخصيب اليورانيوم, وبتوقيع البرتوكول الإضافي الخاص بمعاهدة حظر الانتشار النووي, والسماح الفوري بتفتيش المنشأت النووية الإيرانية دون قيد أو شرط, علي الرغم من قيام إيران بإعلان انها تريد حل جميع النقاط المتعلقة بالملف النووي مع وكالة الطاقة الذرية، لكن من الواضح ان الولايات المتحدة تريد فرض سياسة التعليق لتخصيب اليورانيوم الذي يعتبر حق إيران وفقاً لمعاهدة حظر الانتشار النووي، فإيران على العكس من إسرائيل دولة موقعة على معاهدة حظر الانتشار النووي، وتخضع برامجها للتفتيش الدولي من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية, ولكن التقديرات الأمريكية تتركز في أن إيران تهدف إلي امتلاك دورة وقود نووي , واذا سيمكنها من حيازة قدرات نووية متطورة مما يهدد مصالح الولايات المتحدة في المنطقة, ويؤدي ايضاً إلي توجيه ضربة جديدة بحق معاهدة حظر الانتشار النووي فشكل العلاقات الصراعية القائمة بين الطرفين, يتسمان بمستوي من الحدة وهو أن الولايات المتحدة الأمريكية لن تسمح لإيران بتطوير القدرات النووي([152]), وهنا نجد ان وجود الولايات المتحدة ف المنطقة يحمل سياسة الكيل بمكيالين في كيفية التعامل مع الملف النووي والإسرائيلي, وهذا النوع من السياسة ليس بغريب علي الولايات المتحدة الأمريكية في التعامل مع مواقفها الدولية في صالح تحسين علاقاتها في منطقة الشرق الأوسط.
*الدول العربية وموقفها في التعامل مع الملف النووي الإيراني والإسرائيلي: –
إن الدول العربية تسعي إلى إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، ولهذا فهي تساند الجهود إلي منع إيران من حيازة أسلحة نووية وفي نفس الوقت تري ان التركيز على الملف النووي الإيراني، وتجاهل ما تملكه إسرائيل من سلاح نووي يعبر عن ازدواجية في المعايير يجب الا تستمر فترة أطول إذا ما أريد إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية، وفي المؤتمر العام ال51 ” الوكالة الدولية للطاقة الذرية” الذي عقد بفيينا في عام2007م, وقفت الدول الغربية وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية للمساعي العربية الداعية إلي اعتماد قرار يطالب إسرائيل بإخضاع منشأتها النووية لرقابة الوكالة الدولية والانضمام إلي معاهدة حظر الانتشار النووي مثل دول الشرق الأوسط كإيران, فالدول العربية شددت علي أن بناء نظام أمن إقليمي يقوم علي التوازن والشفافية ولن يتحقق في وجود دولة واحدة في المنطقة ( إسرائيل) تنفرد بحصانة غير مبررة من المساءلة الدولية([153]), ولكن الدول العربية لا تستطيع ان تقوم بمنع كلاً منهما من حيازة السلاح النووي بسبب وجود نظام دولي قائم علي المصلحة في المنطقة, فهناك ضغوطاً تمارس علي الدول العربية من اجل إنهاء بند القدرات النووية الإسرائيلية وعدم إدراجه في المستقبل علي جدول الاعمال المؤتمرات العامة للوكالة, وقد ردت إسرائيل علي محاولات الدول العربية بأنها تهدف إلي تقليل مصداقيتها بناء علي ما وصفته بدوافع سياسية في وقت لا تتصدي فيه لأبرز مخاوف الانتشار النووي في المنطقة إشارة إلي الملف النووي الإيراني([154]).
*تركيا وموقفها في التعامل مع الملف النووي الإسرائيلي: –
كانت تركيا من أول الدول التي اعترفت بدولة إسرائيل عام 1949م والتي بدأت معها العلاقات التركية الإسرائيلية حول مختلف المجالات العسكرية والسياسية والدبلوماسية, لتصبح اسرائيل هي اكبر مورد أسلحة للدولة التركية , حيث توثقت الصلة بين الدولتين على أساس التطورات التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط في تلك الفترة وما تتمتع به اسرائيل من نفوذ وبالتالي فقط فضلت تركيا صرف النظر عن البرنامج النووي الإسرائيلي فيما يتعلق بعدم انضمامها لمعاهدة عدم أنتشار الأسلحة النووية بل رأت انه من الأفضل الاستفادة من التفوق النوعي الإسرائيلي في المجال العسكري وخاصة في مجال السلاح النووي ([155]).
إلا أنه بدأت العلاقات التركية الإسرائيلية تشهد حالة من التوتر عندما قامت إسرائيل عام 2010م بضرب الأسطول التركي الذى كان متجها لفك حصار غزة, وهو ما دفع تركيا للتفكير في استخدام مفاعلاتها النووية لأغراض غير سلمية وتطوير برنامجها النووي لمواجهة الاحتكار النووي الإسرائيلي في المنطقة, فقد تلقت تركيا من الدول الإسلامية في أسيا الوسطى والتي كانت تحت نفوذ الاتحاد السوفيتي سابقاً مساعدات في المجال النووي حيث إنه هناك سعى من جانب تركيا لإنشاء عشرة مفاعلات نووية بحلول عام 2020م, وهو ما أدى لحدوث تغيرات جوهرية في منطقة الشرق الأوسط من شأنها أن تدفع بإسرائيل لإعادة التفكير في علاقتها بتركيا فيما خاصة فيما يتعلق بالملف النووي([156]).
*تركيا وموقفها في التعامل مع الملف النووي الإيراني: –
وصفت العلاقات التركية الإيرانية منذ العهود التاريخية بالتوتر والتشابك فيما يتعلق (بالصراع العثماني – الصفوي) , وعندما تحسنت العلاقات التركية الإيرانية بعدما أعيد “نجم الدين اربكان” الى السلطة في انتخابات 1996م بعد انقلاب الجيش التركي عليه, شعرت إسرائيل أن تحسن العلاقات بين الدولتين من شأنه أن يهدد مصالحها لذا سعت للاتفاق مع الجيش التركي لإعادة التوتر الى هذه العلاقات, وفيما يتعلق بالموقف التركي من البرنامج النووي الإيراني فقد أيدت تركيا برنامج إيران النووي شرط التزامها على أن يكون للأغراض السلمية , وسعيها لإنشاء منطقة خالية من السلاح النووي في الشرق الأوسط ([157]) .
وفي النهاية نجد أن النظام الدولي والدول الكبرى قد تعاملت مع الملفين النووي الإيراني والإسرائيلي بسياسة “ازدواجية المعايير” مما أدى إلى تعقيد حل الأزمة في المنطقة، ولم تصل الاتفاقيات الدولية إلى إخلاء المنطقة من الأسلحة النووية بسبب سياسة النفاق في التعامل مع البلدين.
الخاتمة
مع انتهاء الحرب الباردة بما اتسمت به من وضوح لأطراف الصراع، وحل محلها عالم ملئ بالغموض والرهبة يهدد فيه الأمن العالمي من قبل انهيار الأنظمة الحاكمة، والإرهاب النووي، والدول الحائزة حديثاً على الأسلحة النووية، والتوجه نحو امتلاك قدرات لتصنيع الأسلحة النووية من خلال امتلاك الدورة الكاملة للوقود النووي, وتزال الأسلحة النووية تمثل التهديد الأكبر الذي يواجه البشرية في القرن الحادي والعشرين، رغم عدم استخدامها في الحروب مرة اخري منذ قصف “هيروشيما وناجازاكي”، وحتى مع انتهاء الحرب الباردة ورغم الجهود الدولية التي ترمي إلى القضاء على الأسلحة النووية، فإن هذه الأسلحة تبدو جزءًا راسخاً من واقعنا اليوم .هناك ايضاً مشكلة انتشار الأسلحة النووية ووصولها إلي الدول الضعيفة, ومن الأمثلة الواضحة علي هذه المشكلة شبكة التهريب الدولية للتكنولوجيا والمواد الذرية التي أقامها عالم الذرة الباكستاني “عبد القدير خان”, فقد اتسمت الشبكة بكونها شبكة عالية التعقيد من التجهيز والإنتاج تمتد من باكستان إلي ليببا وكوريا الشمالية وإيران وغيرها من الدول. وقد كان لإسقاط هذه الشبكة تأثيرات فورية، فقد أفاق المجتمع الدولي على كيفية عمل هذه الشبكة في الخفاء وكيفية وصولها إلى هذه التكنولوجيا النووية، مما يثبت أن كافة المعاهدات والاتفاقيات الدولية المبرمة بشأن حيازة السلاح النووي ليس لها أي أهمية، كما أنها تخدم مصالح الدول الكبرى في العالم وخصوصاً منطقة الشرق الأوسط، فقد كان الخوف من نشوب حالة من المواجهة العسكرية، لأن الدخول في نزاع مسلح سيكون له تداعيات لا تنحصر في الإطار الإقليمي وإنما تتعدي إلى المحيط الدولي. فالقدرة النووية للدولة لها تأثير على السياسة الخارجية مع الدول الأخرى، حيث تمثل الأسلحة النووية من وجهة نظر الدول الكبرى أفضل الأسلحة التي تم ابتكارها التي لها قابلية علي تغيير القرار في حين لم تستفد منه الدول الكبرى وكذلك فهو يمثل وسيلة ردع للدولة المالكة له. ومن الدول التي رأت أن من مصلحتها ان يكون لها برنامج نووي حتى تحفظ مكانتها في منطقة الشرق الأوسط، وكذلك لبسط نفوذها بشكل كامل هي (إيران-إسرائيل).
مثلت الأزمة النووية الإيرانية أحد أبرز الأزمات على الساحة الدولية، وأثارت صراعاً بين مختلف القضايا الدولية والإقليمية، وكذلك تعقيداً في الأسباب والدوافع إلى امتلاك إيران السلاح النووي، واستحوذت المسألة النووية الإيرانية علي قدر كبير من الاهتمام الدولي والإقليمي، كما ان له تأثير على توازن القوي وفي منطقة الخليج خصوصاً، فهدف المشروع النووي الإيراني هو تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، حيث تعتبر إيران أن منطقة الشرق الأوسط تمثل الساحة الرئيسية لمشروعها الاستراتيجي, حيث أن امتلاكها لهذا المشروع سيمنحها تفوقاً عسكرياً علي باقي دول المنطقة مما يشكل عنصر تهديد للمنطقة العربية, ولكن الإجراءات التي اتخذت ضد إيران وعقوباتها الاقتصادية من قبل الولايات المتحدة والمجتمع الدولي سوف يؤخر اقتراب ايران من امتلاك السلاح النووي, ولكن لن يوقفها عن مصلحتها الأساسية بامتلاكه, وإذا تبين ان التطورات الأخيرة في الشرق الأوسط هي في غير مصلحة إيران, فلن يؤدي ذلك سوي إلي زيادة إصرارها علي امتلاك قدرات نووية لاعتقادها ان هذه الأسلحة ستمكنها من السيطرة علي المنطقة.
وبالنسبة لإسرائيل، فتبلورت سياسة الغموض النووي الإسرائيلية في سياق سعي إسرائيل إلى تطوير مشروعها النووي من دون إثارة معارضة دولية أو داخلية. وتحت غطاء الغموض النووي، طورت إسرائيل مشروعها النووي وأصبحت تمتلك ترسانة كبيرة من الأسلحة النووية تشمل أكثر من 400 قنبلة نووية هيدروجينية ونيترونيه، فسياسة الغموض النووي تشكل جزء من الثقافة النووية السائدة والمهيمنة في المجتمع الإسرائيلي، وذلك للحفاظ على إسرائيل كأقوى دولة وذات نفوذ في منطقة الشرق الأوسط، فإسرائيل تبذل كل طاقاتها لمنع الدول العربية وإيران من امتلاك السلاح النووي كي تصبح هي المحتكرة له في المنطقة لضمان امنها واستقرارها، فإسرائيل هي الدولة النووية الوحيدة التي تبنت سياسة الغموض. حتى لو كانت جميع المصادر الأساسية التاريخية متاحة لنا، فإنه لايزال من الصعب تفسير هذه القرارات، وذلك بسبب أسلوب الغموض وغير الشفاف لها.
وقد ادي الاحتكار النووي الإسرائيلي إلى شعور الإيرانيين والعرب بالضعف والتهديد، فهم ينظرون إلى البرنامج النووي الإسرائيلي على أنها تهديد لأمنهم القومي، فالدول المجاورة لها تحاول غما الحصول على الأسلحة النووية أو الضغط على إسرائيل لتجريدها من قدراتها النووية، ولكن إسرائيل تصر على انها سوف تتخلي عن خيارها النووي فقط إذا اعترف بها جيرانها، بمعني ان معاهدات السلام غير كافية، فهي تريد التطبيع الكامل مع الدول العربية.
إن معالجة كل هذه المشكلات في المنطقة يتطلب إنشاء بيئة مناسبة للسلام الشامل ولكنه يحتاج إلى وقت طويل لاتخاذ تدابير مكافحة السلاح والانتشار النووي المستمر في المنطقة.
النتائج والتوصيات
اولاً: النتائج:
ســعت هــذه الدراســة لبحــث واحــد مــن أهــم الموضــوعات المطروحة علــى الســاحتين الإقليميــة والدوليــة، وهو البرنامج الإيراني والإسرائيلي وذلك من خلال البحث في أهداف البرنامجين
من حيث دوافعـهم ونشـأتهم وتطـورهم، ومحاولة الدول في الشرق الأوسط إلى امتلاك القدرة النووية، ومعرفة المحددات الدولية والإقليمية، والـدور الـوظيفي لإسـرائيل وإيران فـي الشـرق الأوسط.
ومـن خـلال مـا سبق خلصت الدراسة إلى بعض النتائج التالية:
_ إن سباق التسلح الذي عاشته المنطقة بعد الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية شكل أهم مظاهر الصراع الإقليمي التي كانت سائدة بين العرب وإسرائيل.
_ بقدر ما حققت الأسلحة النووية قدراً من المكاسب لصالح إسرائيل، فإنها أنتجت كثير من المخاطر على دول الشرق الأوسط كافة وأصبحت بذلك هذه الدول تواجه مشكلة حقيقية تهدد أمن واستقرار المنطقة.
_ أن تفكك الأمن القومي العربي كان سببا رئيسيا في عدم وجود سياسة عربية مشتركة لمواجهة التحدي النووي الإسرائيلي.
_ لم يكن للغرب والولايات المتحدة وإسرائيل إشكالية في امتلاك إيران التكنولوجيا في فترة حكم رضا بهلوي شاه إيران ما دام ذلك كان ضمن الرؤية الأمريكي.
_ اسـتفادة إيـران مـن التحـولات الجاريـة فـي المنظومـة الدوليـة، واسـتغلالها حالـة الفـراغ الأيـديولوجي لوضـع استراتيجية اسـتقطابية للعـالم الثالـث عقـب انهيار الاتحاد السـوفيتي، كـذلك اسـتغلالها التعنت الإسرائيلي وانحياز الولايات المتحدة إلى إسرائيل.
_ نجد أن الاتفاق النووي الجديد لم يكفل لإيران اجتياز الكثير من الأزمات المالية إلا بشكل محدود، إلا أنه يعد مؤشراً طيباً لإنعاش الاقتصاد الإيراني.
_ إصرار الطرف الإيراني علي تحدي إقليم الشرق الأوسط عبر التصريحات الاستفزازية والتحدي الصارخ للقرارات.
_ محاولة الدول العربية لعب دور سياسة الاحتواء أو كما الإهمال كما فعلت السعودية بقطع علاقاتها مع إيران دون التورط في نزاع مسلح لا تحمد عواقبه.
_ إخفـاق السياسـة الإيرانيـة فـي إقنـاع المجتمـع الـدولي بـأن برنامجهـا النـووي سـلمي يهـدف إلـى إنتـاج الطاقـة الكهربائية، ولا يسعى إلـى امـتلاك الأسـلحة النوويـة، ولـم يثمـر الحـوار الـذي قـام بـين إيـران والوكالـة الدوليـة للطاقة الذرية في إزالة الشكوك حـول البرنـامج النـووي الإيرانـي.
_ وضعت إسرائيل سياسة الغموض النووي لكي تحافظ على مكتسباتها التي حققتها منذ نشأة الدولة عام 1948، وكذلك للحفاظ على مكانتها في منطقة الشرق الأوسط.
_ رفضت إسرائيل التوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي، وهذا ما ادي إلي زيادة الخطر الإسرائيلي على المنطقة حيث أنهم يعتبرون ترسانتهم النووية تعزز فكرة الدولة الإسرائيلية كجزء من منطقة الشرق الأوسط، وذلك يعزز من بقائها وإقامة علاقات دبلوماسية مع الدول العربية.
_ قامت الدول العربية بمحاولة بناء استراتيجية تتضمن مجموعة من الخيارات لمواجهة التهديد النووي الإسرائيلي من خلال (الدخول تحت مظلة نووية دولية-محاولة امتلاك السلاح النووي-محاولة تطوير أسلحة غير تقليدية-انتهاج الخيار الدبلوماسي).
_ إن مساعدات الدول الاستعمارية الكبرى (فرنسا-الولايات المتحدة الأمريكية-بريطانيا-المانيا) لإسرائيل وقيامها بالاستيلاء على الأراضي الفلسطينية نتيجة إرادات هذه الدول التي تخدم مصالحهم في المنطقة.
_ اتبعت إسرائيل عدة مراحل من خلال تبنى سياسة الغموض النووي وهي: مرحلة التحضير والإعداد، مرحلة بناء القاعدة المتكاملة للقدرة النووية، مرحلة اتخاذ القرار وصنع القنبلة الذرية.
_ هناك مخاوف من وصول الأسلحة النووية إلى الإرهابيين وهذا ينعكس سلباً على الدول التي توجد بها مشكلات سياسة في المنطقة.
_ إن النظام الدولي يخدم ازدواجية المعايير عن طريق احتكار السلاح، والخامات الرئيسية، واحتكار الشرعية الدولية، وان أزمة الانتشار النووي لم تكن لتحدث لولا وجود خلل سياسي واستراتيجي دولي في التعامل مع الملف النووي.
_ أثبتت أزمة الانتشار النووي على ان المعاهدات الدولية كمعاهدة حظر الانتشار النووي لم تكن لها أهمية ولم تمنع وصول الأسلحة النووية إلى الدول التي لم توقع على المعاهدة مثل كوريا الشمالية وباكستان وإسرائيل.
_ استمرار الولايـات المتحـدة الأمريكيـة باسـتخدام سياسـة الكيـل بمكيـالين، وازدواجيـة المعـايير فـي التعـاطي مــع امــتلاك الــدول لأســلحة الــدمار الشــامل، وألزمــت نفســها تجــاه إســرائيل بــأن تكــون رادعــة ومســاندة سياسية واقتصادية وأمنية وعـدم السـماح لأيـة ٍ دولـة بإعاقـة توجهاتهـا فـي المنطقـة، ولـم يشـفع لإيـران مـا قدمتـه مـن مسـاعدات وخـدمات للولايـات المتحـدة فـي حربهـا ضـد طالبـان والقاعـدة ونظـام الـرئيس صدام حسين , حيث تم إدراجها ضمن الدول الراعية للإرهاب وضمن دول محور الشر .
ثانياً: التوصيات:
_ قيام الخبراء والباحثين العرب بمواصلة العمل والبحث في وضع أسس قانونية لمعاهدة تهدف إلى إنشاء منطقة خالية من كل أسلحة الدمار الشامل في الشرق الأوسط ودراسة الخطوات العملية والدقيقة في سبيل إنشاء هذه المنطقة، وإنشاء معاهد ومراكز تهتم بضبط التسليح في المنطقة.
_ إنشاء مبادرة تعاون مشترك بين الجامعة العربية والوكالة الدولية للطاقة الذرية لتطوير هيئة عربية مشتركة تهتم بشؤون ومسار استخدام الطاقة النووية وخلق نظام عربي للتفتيش والرقابة، ونظام للرصد والتحقيق والبحث في نظام الضمانات في إطار الوكالة وتقويته بما يتلاءم مع المنطقة.
_ يقوم المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل حتى تقوم بالتوقيع على معاهدة حظر الانتشار النووي.
_ يجب على المجتمع الدولي والولايات المتحدة الأمريكية بعدم إتباع سياسة ازدواجية المعايير، ولا يجب أن يقفوا بجانب أي دولة من (إيران-إسرائيل) في منطقة الشرق الأوسط.
_ وجـوب ِّ تبني اسـتراتيجية عربيـة موحـدة تجـاه البرنـامج النـووي الإيرانـي تكـون ملزمـة، بالإضافة إلى اشتراك الـدول العربيـة المجاورة جغرافياً إلى إيران في المفاوضات والحوارات الخاصة ببرنامجها النووي.
_ ضرورة إعلان المنطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل والأسلحة النووية، حتى لا تضطر دول الخليج للتحالفات من أجل إحداث توازن للقوى.
_ ضرورة الاحترام المتبادل وعلاقات حسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية لدول الجوار.
_ التركيز على العلاقات الثقافية والاجتماعية إذ تعد هذه المنطقة ذات تواصل حضاري وثقافي ديني واحد.
قائمة المراجع
اولاً: الاتفاقيات والمعاهدات الدولية:
- معاهدة حظر الانتشار النووي عام 1968م.
- الاتفاقية الشاملة حول البرنامج النووي الإيراني 2015م.
ثانياً: الموسوعات:
- موسوعة العلوم السياسية والاستراتيجية، على الموقع:
ثالثاً: الكتب العربية:
- أمين، حامد هودي، الصراع العربي الإسرائيلي بين الردع التقليدي والردع النووي، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، بيروت , 1987م.
- جوزيف، أم سيراكوسا، ترجمة محمد فتحي خضر، مقدمة قصيرة جدا في الأسلحة النووية، الطبعة الثانية.
- جيورا، أيلاند، الملف النووي الإيراني: خيار إسرائيل العسكري، مجلة واشنطن كوارتر لي، ترجمات الزيتونة، يناير 2010م.
- خالـد، وليـد محمـود، آفـاق الأمن الإسرائيلي، الواقــع والمسـتقبل، مركـز الزيتونـة للدراسـات والاستشارات الطبعة الأولي، بيروت, 2007 م.
- رياض، الراوي، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، الأوائل للنشر والتوزيع، دمشق، 2006م
- زكريا، حسين، الخيار النووي والخيارات العسكرية البديلة، محرر من كتاب الخيار النووي في الشرق الاوسط، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت, 2001م.
- شاهرام، تشوبين، طموحات إيران النووية، ترجمة: بسام شيحا، الدار العربية للعلوم، مكتبة مدبولي، 2007م.
- عطا، محمد زهرة، البرنامج النووي الإيراني، مركز الزيتونة للدراسات والاستثمارات، الطبعة الأولي، بيروت, 2015م.
- علي، مفلح محافظة، العرب والعالم المعاصر، دار الشروق، الطبعة الأولي، 2009م.
- علي، عودة العقابي، العلاقات الدولية، دراسة تحليلية في الأصول والنشأة والتاريخ والنظريات، الفصل الثاني، المبحث الأول, 10أكتوبر عام 2010م.
- غسان، الجندي، الوضعية القانونية للأسلحة النووية، الأردن: دار وائل للنشر، عام 2000م.
- فؤاد، جابر، الأسلحة النووية واستراتيجية إسرائيل، ترجمة: زهدي جار الله، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1970م.
- فهمي، هويدي، أزمة الخليج: العرب وإيران-وهم الصراع وهم الوفاق، دار الشروق، القاهرة.
- مايكل، كونيلان، هل انتهى الردع؟ في التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي، ترجمة: فادي حمود وآخرون، معهد أستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، الكتاب السنوي 2003م، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2004م
- مارتن، غريني تش وتبري أوكلاهن، المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية، مركز الخليج للأبحاث، عام 2008م.
- محمد، السعيد عبد المؤمن، إيران ومشكلاتها النووية، مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، الأهرام، القاهرة، أغسطس2003م.
- محمد، السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية، مركز النهضة المصرية، الطبعة الأولي، القاهرة, 1998م.
- محمود، شيت خطاب، العسكرية الإسرائيلية، دار الطليعة، الطبعة الأولي، بيروت, 1968م.
- محمود، خيري بنونه، السياسة النووية لإسرائيل، مطبعة الشعب، القاهرة، 1970م.
- محمود، محارب، سياسة إسرائيل النووية وعملية صنع قرارات الأمن القومي فيها، المركز العربي للأبحاث والدراسات، الطبعة الأولي، بيروت، إبريل 2013م.
- مصطفى، يوسف اللداوي، القدرات النووية الإسرائيلية بين الغموض والإرهاب، دار الهادي، الطبعة الأولي، بيروت, 2007م.
- ممدوح، حامد عطية، البرنامج النووي الإسرائيلي والأمن القومي العربي، الهيئة العامة المصرية للكتاب، الطبعة الأولي، القاهرة, 1996م.
- نبيل، جامع، العرب وإسرائيل والقنبلة الذرية: ماذا نحن فاعلون؟، الإسكندرية: منشأة المعارف، عام2001م.
ثالثاً: الكتب الأجنبية:
- PRY، PETER، ISRAELI NUCLEAR ARSENAL، WESTVIEW PRESS، COLARDO, 1984.
رابعاً: الرسائل العلمية:
- حمدي، درويش، تأثير السياسة الخارجية الأمريكية على عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي بعد أحداث 11 سبتمبر، رسالة ماجيستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة متنوري, 2011م.
- رائد، حسين عبد الهادي، البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته علي الامن القومي الإسرائيلي 1979-2010م، رسالة ماجيستير، كلية الأداب والعلوم السياسية، جامعة الأزهر، غزة, 2011م.
- رزقين، عبد القادر، تنفيذ الجهود الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقاي بتلمساني، عام2014– عام 2015م.
- زايدى، وردية، استخدام الطاقة الذرية للأغراض العسكرية والسلمية، رسالة ماجيستير، جامعة مولود معمري تيزى وزو، كلية الحقوق والعلوم السياسية, 2012م.
- سعاد، حرب قاسم، أثر الذكاء الاستراتيجي على عملية اتخاذ القرارات، رسالة ماجيستير، كلية التجارة، غزة, 2011م.
- سعد، مجيل فلاح، البرنامج النووي الإيراني وأثره على توجهات السياسة الخارجية الكويتية 2003-2012، رسالة ماجيستير، كلية الأداب والعلوم الإنسانية، جامعة الشرق الأوسط, 2013م.
- عرجون، شوقي، المشكلة النووية في الشرق الأوسط وانعكاساتها على استقرار المنطقة، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والإعلام، عام2006 – عام 2007م.
- عصام، نابل المجالي، تأثير التسلح الإيراني علي الأمن الخليجي منذ الثورة الإسلامية 1979م، رسالة ماجيستير، جامعة مؤتة, 2007م.
- عيساوة، آمنة، الدور الإقليمي الإيراني في النظام الشرق أوسطي بعد الحرب الباردة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، قسم العلوم السياسية جامعة الحاج لخضر باتنة، 2010م.
- نازل، عيسى جودة، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه القرن الأفريقي وأثرها على الأمن القومي العربي 1991-2011م، رسالة ماجيستير، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، جامعة الأزهر، غزة, 2013م
- وائل، العبد درويش الهمص، البرنامج النووي الإسرائيلي وتأثيره على الأمن القومي العربي 1991-2000م، رسالة ماجيستير، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، جامعة الأزهر، غزة, 2010م.
خامساً: المجالات والدوريات:
- أحمد، إبراهيم محمود، الأزمة النووية الجديدة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، العدد 30، 2003م.
- أحمد، إبراهيم محمود، البرنامج النووي الإيراني: بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية، مختارات إيرانية، العدد 6، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، يناير2001م.
- أحمد، إبراهيم محمود، مؤتمر منع الانتشار النووي: الإشكاليات والمواقف واحتمالات المستقبل، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، يوليو 1995 م.
- أحمد، داوود أغلو، مكانة تركيا في العالم، مجلة شؤون الشرق الأوسط، عدد 118، 2005م.
- إدريس، الخليج والأزمة النووية الإيرانية، مجلة السياسة الدولية، العدد 165، 2006م.
- إسراء، شريف الكعود، التسلح النووي الإسرائيلي وأثره في الشرق الأوسط، دراسات دولية، العدد 45 بدون سنة نشر.
- إسماعيل، صبري، التحدي النووي الإسرائيلي وقضية السلام، مجلة السياسة الدولية، العدد 52، إبريل 1978م.
- أفير، كوهين، نحو شرق أوسط جديد: إعادة النظر في المسألة النووية، ترجمة: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، سلسلة دراسات عالمية، ال عدد1، أبو ظبي, 1990م.
- آمال، السبكي، تاريخ إيران السياسي بين ثورتين 1906ـ1979م، سلسلة عالم المعرفة، العدد 25، أكتوبر 1999م.
- السيد، عوض، عثمان، آفاق جديدة للعلاقات الإيرانية التركية، مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، العدد 25، القاهرة، أغسطس 2002م
- بشير، عبد الفتاح، المسألة النووية الإيرانية، تسوية أم هدنة، مجلة السياسة الدولية، العدد 159، القاهرة، يناير 2005م.
- جعفر، ضياء جعفر، نعمان سعد الدين النعيمي، الاعتراف الأخير: حقيقة البرنامج النووي العراقي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت, 2005م.
- جياكومو، لوشيان، المسألة النووية في الشرق الأوسط، دور الطاقة النووية في التقدم الاقتصادي لدول الخليج، مركز الدراسات الدولية والإقليمية، كلية الشئون الدولية، جامعة جورجتان، قطر, 2013م
- حسن، أبو طالب، نظم المواجهة العربية: من شرعية الصراع إلى شرعية المنافسة، السياسة الدولية، العدد 14، القاهرة، مؤسسة الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إبريل 2001 م.
- دينا، محمد جبر، الاستراتيجية النووية الإسرائيلية (الثوابت والمتغيرات)، مجلة دراسات دولية، بدون سنة نشر.
- راغب، السرجاني، معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية، مجلة قصة الإسلام، تاريخ ال نشر20-10-2009م.
- رانيا، ظاهر، سياسات الانتشار النووي، دراسة في المحددات السياسية والأطر القانونية، تاريخ النشر 6 يوليو عام 2015 م.
- رباب، الزبيدي، إيران: لمسات أخيرة على خريطة حل نووي، صحيفة السفير، بيروت، 14 أكتوبر، 2013.
- رندي، حيدر، الدول الأوروبية أكثر تشدداً، جريدة النهار اللبنانية، 3 أكتوبر2009م
- روز، ماري هولس، إيران والعلاقات الخارجية والدور الإقليمي المحتمل، مجلة المستقبل العربي، العدد 258، مارس 2007م.
- سالم، الفلاحات، ” ازدواجية المعايير”، مجلة سواليف، تاريخ النشر 11-1-2017م.
- شفيق، عبد الرازق السامرائي، الأمن القومي العربي في مواجهة الأمن الإسرائيلي، مجلة شئون عربية، عدد 56، 1988م.
- عبد الحي، وليد، إيران ومستقبل المكانة الإقليمية عام 2020م، مركز الدراسات التطبيقية والاشراف، الجزائر، 2010م.
- عبد المالك، سالمان، النفاق الدولي في مواجهة التحدي النووي، مجلة الوطن.
- عبد الوهاب، القايد، مؤتمر الوكالة الذرية يناقش بند القدرات النووية الإسرائيلية ومخاطرها، وكالة الأنباء الكويتية (كونا)، تاريخ النشر 21-9-2007م.
- عدنان، هياجنة، أزمة الملف النووي الإيراني وسيناريوهات الموقف الأمريكي المحتمل: دراسات استراتيجية، مجلة دراسات شرق أوسطية، مركز دراسات الشرق الأوسط، العدد 12,عمان، 2007.
- عدنان، أبو ناصر، التكنولوجيا النووية السلمية الإيرانية والموقف المتناقض للغرب، مجلة الوحدة الإسلامية، ال عدد101، 2010م.
- عصام، فاهم العامري، خصائص ترسانة إسرائيل النووية وبناء الشرق الأوسط الجديد: دراسة في الوظيفة الإقليمية والدولية لإسرائيل خلال الأعوام القادمة، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، عام 1999م.
- على، مستشاري، إيران والشرك النووي، مختارات إيرانية، مركز الأهرام الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، ال عدد 29، أكتوبر 2003م.
- غسان، سلامة، التحولات في النظام الدولي وأبعادها العربية، مجلة المستقبل العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، ال عدد 288 فبراير 2003م.
- فلير، كوهين، المسألة النووية في الشرق الأوسط: إسرائيل وابتكار التعتيم النووي، مركز الدراسات الدولية والإقليمية، كلية الشئون الدولية، جامعة جورجتان، قطر , 2013م.
- معين، عبد الحكيم، ازدواجية المعايير الأمريكية تجاه القضايا النووية، مجلة الوحدة الإسلامية، ال عدد160، بدون سنة نشر.
- محمد، أحمد، أمن الخليج وانعكاساته على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية، أبو ظبي، 1997م.
- محمد، السيد عبد المؤمن، إيران لماذا؟ المشروع الحضاري الإيراني، مختارات إيرانية، مركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية، ال عدد71، القاهرة، يونيو 2006م.
- محمد، حسن محمد، الطاقة النووية وآفاقها السلمية في العالم العربي، دراسات استراتيجية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، ال عدد88، الطبعة الأولى،2003م.
- محمد، زاهد غول، ازدواجية المعايير في معالجة قضايا الشرق الأوسط، مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية، تاريخ ال نشر2-3-2017م.
- محمد، عبد السلام، الأمن القومي الإيراني من وجهة نظر القدرات العسكرية، مؤتمر حول تقييم ومناقشة التقرير الاستراتيجي حول إيران 2007م، وحدة الأمن الإقليمي وثقافة الإسلام، برنامج الدراسات الإيرانية، القاهرة، 2008م.
- محمد، عبد السلام، حدود القوة واستخدامات الأسلحة النووية الإسرائيلية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 1993م.
- محمد، نبيل فؤاد، الأسلحة النووية وأولويات الأمن القومي في ضوء إمكانات بناء قوة نووية عربية، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، ال عدد27، بيروت، ٢٠٠١م.
- محمد، نصر الخطيب، حروب القرن، مجلة مقالات، مجلس الدراسات الاستراتيجية، العدد 4، السنة الرابعة، دمشق،2006م.
- محمود، محارب، سياسة الغموض النووي الإسرائيلية: الخلفية والأسباب والأهداف، مجلة سياسات عربية، ال عدد 2, 2013م.
- نزار، عبد القادر، العلاقات التركية الإسرائيلية: بين التحالف الاستراتيجي والقطيعة، تركيا تتوسع شرقاً على حساب إسرائيل والغرب، مجلة الدفاع الوطني، تاريخ النشر 10-10-2010م.
- نزار، عبد القادر، الدوافع الإيرانية والجهود الدولية للاحتواء، مجلة الدفاع الوطني اللبناني، ال عدد 54، 2005م.
- هادي، الموسوي، المشروع النووي الإيراني بين متطلبات الردع والتزامات اتفاق باريس، صحيفة الوسط البحرينية، العدد 889، 11 فب راير2005م.
- هبة، جمال الدين، إسرائيل والدور الإيراني بعد الاتفاق النووي، مجلة السياسة الدولية، العدد 202، متاح على الرابط:
- يوسف، عزيزي، إيران والمبادرة الأوروبية، جريدة الشرق القطرية، 27 أكتوبر 2004م
سادساً: المواقع الإلكترونية:
- البرنامج النووي الإيراني بين الظاهر والمسكوت عنه وحتمية التدخل، موقع منتدى الجيش العربي، 26 ديسمبر 2013م، على الرابط:
http://www.arabic-military.com/t88808-topic
- الاتفاق النووي مع إيران من مخاض الولادة إلى عناء التنفيذ، اسأل أكتر، أخبار العالم، 14 يوليو 2015م، على الرابط:
http://arabic.rt.com/news/788436
. المساعدات الخارجية لإسرائيل في برنامجها النووي، منتدى الجيش العربي، تاريخ النشر 7 يوليو 2014، على الرابط: http://www.arabic-military.com/t98162-topic
- الملف الشامل للسلاح النووي وتداعياته علي الأمن والسلام الدوليين، موسوعة السياسة والاستراتيجية، تاريخ النشر 25-10-2015م، على الرابط:
- النووي الإيراني: أرباح اتفاق جنيف وتكاليفه، موقع مركز الجزيرة للدراسات، 1 ديسمبر 2013م، على الرابط:
http://studies.aljazeera.net/positionestimate/2013
- إلهام وانغ، خبراء صينيون، تفاؤل حذر إزاء المفاوضات الإيرانية الغربية وسط مخاوف من تغييرات مفاجئة، وكالة أنباء شينخوا، 18 فبراير 2014م، على الرابط:
http://arabic.news.cn/topic-133124325.htm
- احمد إبراهيم محمود، البرنامج النووي الإيراني: بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية، موقع البنية، تاريخ النشر 28مارس 2017م، على الرابط:
http://www.albainah.net/Index.aspx?function=Item&id=1429&lang
- بثينة شتيوي، ماذا تعرف عن برنامج إسرائيل النووي؟، تاريخ النشر 29 إبريل 2015م، على الرابط:
https://www.sasapost.com/israels-nuclear-program.
- خسرت إيران 100 مليار دولار نتيجة العقوبات المفروضة عليها، مجلة المجلة، لندن، 6 فبراير 2014م، على الرابط: http://www.magalla.com/arab
- زكريا احمد سعد، ” دور فرنسا التاريخي في النشاط النووي لإسرائيل “، موقع مقالات إسلام ويب، تاريخ النشر 9-9-2010م، http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=5192
- صافي الياسري، الملف النووي الإيراني بين الضغط الدولي والتعنت الإيراني، الملف نت، 11 إبريل 2010م، على الرابط: http://www.ncr-iran.org
- صفاء الحصيف، صنع القرار، مقالة، صدرت عن مجلة التدريب والتقنية، تاريخ ال نشر21 يناير عام 2011م، على الرابط: http://altadreeb.ne
- عبد الفتاح على الرشدان، تركيا والبرنامج النووي الإيراني (حدود الاتفاق والاختلاف 2002-2006م)، على الرابط: http://www.dohainstitute.org\porta
- عرفة البنداري، أمريكا تكشف تفاصيل مساعداتها النووية لإسرائيل، موقع دوت مصر، تاريخ النشر 14-2-2015م، على الرابط: www.dotmsr.com
- نور الدين الفريضي، اتفاق جنيف الانتقالي يكبح جماح البرنامج النووي الإيراني، الحياة، 26 نوفمبر 2013م، على الرابط:
http://alhayat.com.details/576004
- موقع الجزيرة الإلكتروني، على الرابط:
- موقع إلكتروني: www.alwatan.com
- موقع إلكتروني: www.islamstory.com
- موقع إلكتروني: www.umayya.com
- موقع إلكتروني: www.wahdaislamyia.org
- موقع إلكتروني: www.kuna.net.kw
- موقع إلكتروني: www.lebarmy.gov
- موقع إلكتروني: http://www.assafir.com/article/32382
- موقع إلكتروني: www.sawaleif.com
- للمزيد حول قرارات العقوبات التي فرضها مجلس الأمن على إيران، على الرابط: http://www.un.org/sc/committees/1737/resolutions.shtm
[1]) أحمد عارف الكفارنة، العوامل المؤثرة في عملية اتخاذ القرار في السياسة الخارجية، مجلة دراسات دولية، مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، العدد 42، ص 13.
[2]) عطا محمد زهرة، البرنامج النووي الإيراني، مركز الزيتونة للدراسات والاستثمارات، الطبعة الأولي، بيروت, 2015م.
[3]) فهمي هويدي، أزمة الخليج: العرب وإيران-وهم الصراع وهم الوفاق، دار الشروق، القاهرة, 1991م.
[4]) رائد حسين عبد الهادي، البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته علي الامن القومي الإسرائيلي 1979-2010م، رسالة ماجيستير، كلية الأداب والعلوم السياسية، جامعة الأزهر، غزة, 2011م.
[5]) سعد مجيل فلاح، البرنامج النووي الإيراني وأثره على توجهات السياسة الخارجية الكويتية 2003-2012م، رسالة ماجيستير، كلية الأداب والعلوم الإنسانية، جامعة الشرق الأوسط, 2013م.
[6]) عصام نابل المجالي، تأثير التسلح الإيراني علي الأمن الخليجي منذ الثورة الإسلامية 1979م، رسالة ماجيستير، جامعة مؤتة, 2007م.
[7]) هبة جمال الدين، إسرائيل والدور الإيراني بعد الاتفاق النووي، مجلة السياسة الدولية، العدد 202، متاح علي
[8]) وائل العبد درويش الهمص، البرنامج النووي الإسرائيلي وتأثيره على الأمن القومي العربي 1991-2000م، رسالة ماجيستير، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، جامعة الأزهر، غزة, 2010م.
[9]) نازل عيسى جودة، السياسة الخارجية الإسرائيلية تجاه القرن الأفريقي وأثرها على الأمن القومي العربي 1991-2011م، رسالة ماجيستير، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، جامعة الأزهر، غزة, 2013م.
[10]) فلير كوهين، المسألة النووية في الشرق الأوسط: إسرائيل وابتكار التعتيم النووي، مركز الدراسات الدولية والإقليمية، كلية الشئون الدولية، جامعة جورجتان، قطر , 2013م.
[11]) جياكومو لوشيان، المسألة النووية في الشرق الأوسط، دور الطاقة النووية في التقدم الاقتصادي لدول الخليج، مركز الدراسات الدولية والإقليمية، كلية الشئون الدولية، جامعة جورجتان، قطر, 2013م.
[12]) محمد السيد سليم، تحليل السياسة الخارجية، مركز النهضة المصرية، الطبعة الأولي، القاهرة, 1998م.
[13]) محمود شيت خطاب، العسكرية الإسرائيلية، دار الطليعة، الطبعة الأولي، بيروت, 1968م.
[14]) سعاد حرب قاسم، أثر الذكاء الاستراتيجي على عملية اتخاذ القرارات، رسالة ماجيستير، كلية التجارة، غزة, 2011م.
[15]) حمدي درويش، تأثير السياسة الخارجية الأمريكية على عملية صنع القرار في الاتحاد الأوروبي بعد أحداث 11 سبتمبر، رسالة ماجيستير، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة متنوري, 2011م.
[16]) غسان الجندي، الوضعية القانونية للأسلحة النووية، الأردن: دار وائل للنشر، عام 2000م.
[17]) رياض الغامدي، مفهوم الردع النووي، منتديات الحوار الجامعية السياسية، تاريخ ال نشر23-7-2012م.
([18] نبيل جامع، العرب وإسرائيل والقنبلة الذرية: ماذا نحن فاعلون؟, الإسكندرية: منشأة المعارف, عام2001م.
[19]) عرجون شوقي، المشكلة النووية في الشرق الأوسط وانعكاساتها على استقرار المنطقة، رسالة ماجستير، جامعة الجزائر، كلية العلوم السياسية والإعلام، عام2006م – عام 2007م.
[20]) عرجون شوقي، المشكلة النووية في الشرق الأوسط وانعكاساتها على استقرار المنطقة، مرجع سبق ذكره.
[21]) عصام فاهم العامري، خصائص ترسانة إسرائيل النووية وبناء الشرق الأوسط الجديد: دراسة في الوظيفة الإقليمية والدولية لإسرائيل خلال الأعوام القادمة، أبو ظبي، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، عام 1999م.
[22]) علي عودة العقابي، العلاقات الدولية، دراسة تحليلية في الأصول والنشأة والتاريخ والنظريات, 10أكتوبر عام 2010م، الفصل الثاني، المبحث الأول، ص28.
[23]) صفاء الحصيف، صنع القرار، مقالة، صدرت عن مجلة التدريب والتقنية، تاريخ ال نشر21 يناير عام 2011م.
([24] محمد السيد سليم, تحليل السياسة الخارجية, القاهرة, صادر عن مكتبة النهضة المصرية, الطبعة لثالثة, عام 2013م, الفصل الأول, ص11.
[25]) سالم الفلاحات، ” ازدواجية المعايير”، مجلة سواليف، تاريخ النشر 11-1-2017م.
[26]) موقع الجزيرة الإلكتروني
[27]) جوزيف أم سيراكوسا، ترجمة محمد فتحي خضر، مقدمة قصيرة جدا في الأسلحة النووية، الطبعة الثانية، ص14, 15.
[28]) جوزيف أم سيراكوسا، مرجع سبق ذكره، ص16, 17.
[29]) موقع الجزيرة الإلكتروني، مرجع سبق ذكره.
[30]) غسان سلامة، التحولات في النظام الدولي وأبعادها العربية، مجلة المستقبل العربي، بيروت، مركز دراسات الوحدة العربية، عدد (288) فبراير 2003م.
[31]) محمد حسن محمد، الطاقة النووية وآفاقها السلمية في العالم العربي، دراسات استراتيجية، مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، العدد(88)، الطبعة الأولى،2003م.
[32]) محمد نبيل فؤاد، الأسلحة النووية وأولويات الأمن القومي في ضوء إمكانات بناء قوة نووية عربية، مجلة المستقبل العربي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، العدد ٢٧، ٢٠٠١م، ص ١٠٣_ ١٠٥.
[33]) عدنان محمد غنام، أرقام في الملف النووي الإسرائيلي،
شبكة الإنترنت
Http//Adnan ghnam, Maktobb/Org.
[34]) أمين حامد هودي، الصراع العربي الإسرائيلي بين الردع التقليدي والردع النووي، مركز دراسات الوحدة العربية، الطبعة الثانية، بيروت, 1987م.
[35]) خالـد وليـد محمـود، آفـاق الأمن الإسرائيلي، الواقــع والمسـتقبل، مركـز الزيتونـة للدراسـات والاستشــارات، بيروت، الطبعة الأولى, 2007م، ص٣.
[36]) عدنان محمد غنام، أرقام في الملف النووي الإسرائيلي، مرجع سبق ذكره.
[37]) أمين حامد هودي، الصراع العربي الإسرائيلي بين الردع التقليدي والردع النووي، مرجع سبق ذكره.
[38]) احمد إبراهيم محمود، البرنامج النووي الإيراني: بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية، موقع البنية، تاريخ النشر 28مارس 2017م
http://www.albainah.net/Index.aspx?function=Item&id=1429&lang
[39]) احمد إبراهيم محمود، مرجع سبق ذكره.
[40]) عرجون شوقي، مرجع سبق ذكره، ص 179.
[41]) معرجون شوقي، المشكلة النووية في الشرق الأوسط وانعكاساتها على استقرار المنطقة، مرجع سبق ذكره، ص180.
[42]) معرجون شوقي، المشكلة النووية في الشرق الأوسط وانعكاساتها على استقرار المنطقة، مرجع سبق ذكره، ص181.
[43]) محمود متولي، أحمد حلمي، إسرائيل والقنبلة الذرية، مطبعة دار أسامة.
[44]) محمود متولي، أحمد حلمي، إسرائيل والقنبلة الذرية، مرجع سبق ذكره.
[45]) أحمد إبراهيم محمود، مؤتمر منع الانتشار النووي: الإشكاليات والمواقف واحتمالات المستقبل، مجلة السياسة الدولية، القاهرة، يوليو 1995 م.
[46]) أحمد إبراهيم محمود، مؤتمر منع الانتشار النووي، مرجع سبق ذكره.
[47]) حسن أبو طالب، نظم المواجهة العربية: من شرعية الصراع إلى شرعية المنافسة، مجلة السياسة الدولية، العدد 14، ابريل 2001م، القاهرة، مؤسسة الأهرام للدراسات الاستراتيجية، ص 88 -93.
[48]) رزقين عبد القادر، تنفيذ الجهود الدولية للحد من انتشار الأسلحة النووية، رسالة دكتوراه، كلية الحقوق والعلوم السياسية، جامعة أبو بكر بلقاي بتلمساني، عام2014م– عام 2015م، ص 12، 13.14.
[49]) رانيا ظاهر، سياسات الانتشار النووي، دراسة في المحددات السياسية والأطر القانونية، تاريخ النشر 6 يوليو عام 2015 م.
[50]) مارتن غريني تش وتبري أوكلاهن، المفاهيم الأساسية في العلاقات الدولية، مركز الخليج للأبحاث، عام 2008م، ص 86, 87.
[51]) عبد الجليل زيد المرهون، حول معاهدة حظر الانتشار النووي، مقالة، صادرة عن جريدة الرياض، العدد 15292، تاريخ النشر 7مايو عام2010م.
[52]) محمد السعيد عبد المؤمن، إيران ومشكلاتها النووية، مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية، الأهرام، القاهرة، أغسطس 2003م، ص97.
[53]) شاهرام تشوبين، طموحات إيران النووية، ترجمة: بسام شيحا، الدار العربية للعلوم، مكتبة مدبولي، 2007م، ص 57,36.
[54]) محمد السيد عبد المؤمن، إيران لماذا؟ المشروع الحضاري الإيراني، مختارات إيرانية، مركز الأهرام للدراسات السياسية الاستراتيجية، القاهرة العدد 71، يونيو 2006م.
[55]) على مستشاري، إيران والشرك النووي، مختارات إيرانية، مركز الأهرام الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، العدد 29، أكتوبر 2003م، ص51.
[56]) محمود خيري بنونه، السياسة النووية لإسرائيل، مطبعة الشعب، القاهرة، 1970م، ص179.
[57]) محمد عبد السلام، الأمن القومي الإيراني من وجهة نظر القدرات العسكرية، مؤتمر حول تقييم ومناقشة التقرير الاستراتيجي حول إيران 2007م، وحدة الأمن الإقليمي وثقافة الإسلام، برنامج الدراسات الإيرانية، القاهرة، 2008م، ص7.
[58]) محمود خيري بنونه، السياسة النووية الإسرائيلية، مرجع سبق ذكره.
[59]) شاهرام تشوبين، طموحات إيران النووية، مرجع سبق ذكره.
[60]) آمال السبكي، تاريخ إيران السياسي بين ثورتين 1906ـ1979م، سلسلة عالم المعرفة، العدد 25، أكتوبر 1999م، ص176.
[61] (آمال السبكي، تاريخ إيران السياسي بين ثورتين 1906ـ1979م، مرجع سبق ذكره، ص173.
[62]) أحمد إبراهيم محمود، البرنامج النووي الإيراني: بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية، مختارات إيرانية، العدد 6، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، يناير2001م، ص55.
[63]) أحمد إبراهيم محمود، البرنامج النووي الإيراني: بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية، مرجع سبق ذكره، ص 57.
[64]) آمال السبكي، تاريخ إيران السياسي بين ثورتين 1906ـ1979م، مرجع سبق ذكره.
[65]) عدنان أبو ناصر، التكنولوجيا النووية السلمية الإيرانية والموقف المتناقض للغرب، مجلة الوحدة الإسلامية، عدد101، السنة التاسعة، 2010م، ص19.
[66]) أحمد إبراهيم محمود، البرنامج النووي الإيراني: بين الدوافع العسكرية والتطبيقات السلمية، مرجع سبق ذكره، ص55.
[67]) نزار عبد القادر، الدوافع الإيرانية والجهود الدولية للاحتواء، مجلة الدفاع الوطني اللبناني، العدد 54، 2005م، ص135.
[68]) نزار عبد القادر، الدوافع الإيرانية والجهود الدولية للاحتواء، مرجع سبق ذكره.
[69]) جيورا أيلاند، الملف النووي الإيراني: خيار إسرائيل العسكري، مجلة واشنطن كوارتر لي، ترجمات الزيتونة، يناير 2010م.
[70]) شفيق عبد الرازق السامرائي، الأمن القومي العربي في مواجهة الأمن الإسرائيلي، مجلة شئون عربية، عدد 56، 1988م، ص40.
[71]) مصطفى يوسف اللداوي، القدرات النووية الإسرائيلية بين الغموض والإرهاب، دار الهادي، الطبعة الأولي، بيروت 2007م، ص23.
[72]) محمد عبد السلام، حدود القوة واستخدامات الأسلحة النووية الإسرائيلية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، 1993م.
[73]) فؤاد جابر، الأسلحة النووية واستراتيجية إسرائيل، ترجمة: زهدي جار الله، مؤسسة الدراسات الفلسطينية، بيروت، 1970م، ص 130.
[74]) مصطفى يوسف اللداوي، القدرات النووية الإسرائيلية بين الغموض والإرهاب، مرجع سبق ذكره، ص117.
[75]) أحمد داوود أغلو، مكانة تركيا في العالم، مجلة شؤون الشرق الأوسط، عدد 118، 2005م، ص141.
[76]) السيد عوض عثمان، آفاق جديدة للعلاقات الإيرانية التركية، مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، القاهرة، العدد 25، أغسطس 2002م.
[77]) السيد عوض عثمان، آفاق جديدة للعلاقات الإيرانية التركية، مرجع سبق ذكره.
[78]) أحمد داوود أغلو، مكانة تركيا في العالم، مجلة شؤون الشرق الأوسط، مرجع سبق ذكره.
[79]) إدريس، الخليج والأزمة النووية الإيرانية، مجلة السياسة الدولية، العدد 165، 2006م، ص 96.
[80]) عبد الحي وليد، إيران ومستقبل المكانة الإقليمية عام 2020م، مركز الدراسات التطبيقية والاشراف، الجزائر، 2010م.
[81]) روز ماري هولس، إيران والعلاقات الخارجية والدور الإقليمي المحتمل، المستقبل العربي، العدد 258، مارس 2007م.
[82]) محمد أحمد، أمن الخليج وانعكاساته على دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، مركز الإمارات للبحوث والدراسات الاستراتيجية، أبو ظبي، 1997م.
[83]) رياض الراوي، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، الأوائل للنشر والتوزيع، دمشق، 2006م.
[84]) علي مفلح محافظة، العرب والعالم المعاصر، دار الشروق، الطبعة الأولي، 2009م، ص444.
[85]) رياض الراوي، البرنامج النووي الإيراني وأثره على منطقة الشرق الأوسط، مرجع سبق ذكره.
[86]) روز ماري هولس، إيران والعلاقات الخارجية والدور الإقليمي المحتمل، مرجع سبق ذكره.
[87]) محمد نصر الخطيب، حروب القرن، مجلة مقالات، مجلس الدراسات الاستراتيجية، العدد 4، السنة الرابعة، دمشق،2006م، ص35.
[88]) عيساوة آمنة، الدور الإقليمي الإيراني في النظام الشرق أوسطي بعد الحرب الباردة، رسالة ماجستير، كلية الحقوق، قسم العلوم السياسية جامعة الحاج لخضر باتنة، 2010م.
[89]) مايكل كونيلان، هل انتهى الردع؟ في التسلح ونزع السلاح والأمن الدولي، ترجمة: فادي حمود وآخرون، معهد أستوكهولم لأبحاث السلام الدولي، الكتاب السنوي 2003م، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت،2004م.
[90]) أحمد إبراهيم محمود، الأزمة النووية الجديدة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، العدد 30، 2003م، ص81.
[91]) الحوار النقدي: يعد التحول البارز في مسار العلاقات الأوروبية الإيرانية بعد الثورة الإسلامية عام 1979م وصدور جملة من العقوبات الأوروبية بعد فتوى الإمام الخميني بإهدار دم سلمان رشدي، عادت لرفع العقوبات في أواخر عام 1990م كمكافأة لإيران على موقفها الحيادي في حرب الخليج الثانية ومساندتها قرارات مجلس الأمن الدولي المتعلقة بعملية الاجتياح العراقي للكويت، كما جاء الحوار رغبة أوروبية في كسر الاحتكار الأمريكي في التفاعلات الدولية وإحباط سياسة احتواء إيران وإعادة دمجها في النظام الدولي وتشجيعها لسياسة الاعتدال، والحرص على عدم تصعيد الخلافات أو على أدنى تقدير التصعيد المحسوب الذي يحمل في ثناياه إمكانية حدوث انفراجه لاحقة، والسعي إلى تجنب لعزلة التامة والاحتفاظ بقناة اتصال مفتوحة، وهذا الحوار تشارك فيه إيران والدولة التي تتولى رئاسة الاتحاد الأوروبي والدولة التي ستخلفها إضافةً إلى المفوضية الأوروبية. حيث يتم تبادل الآراء مرة كل ستة أشهر في مختلف القضايا الثنائية والدولية محل الاهتمام المشترك من الطرفين، انظر:
السيد عوض عثمان، مستقبل الحوار النقدي بين إيران والاتحاد الأوروبي، مختارات إيرانية، مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بالأهرام، العدد 53 ديسمبر 2004م، ص 79-83.
[92]) هادي الموسوي، المشروع النووي الإيراني بين متطلبات الردع والتزامات اتفاق باريس، صحيفة الوسط البحرينية، العدد 889، 11 فب راير2005م.
[93]) يوسف عزيزي، إيران والمبادرة الأوروبية، جريدة الشرق القطرية، 27 أكتوبر 2004م.
[94]) صافي الياسري، الملف النووي الإيراني بين الضغط الدولي والتعنت الإيراني، الملف نت، 11 إبريل 2010م.
[95]) بشير عبد الفتاح، المسألة النووية الإيرانية، تسوية أم هدنة، مجلة السياسة الدولية، العدد 159، القاهرة، يناير 2005م.
[96]) رندي حيدر، الدول الأوروبية أكثر تشدداً، جريدة النهار اللبنانية، 3 أكتوبر2009م.
[97]) رباب الزبيدي، إيران: لمسات أخيرة على خريطة حل نووي، صحيفة السفير، بيروت 14 أكتوبر 2013م، على الرابط:
http://www.assafir.com\article\323827
[98]) محمود إسماعيل، صفقات إيران مع الشيطان الأكبر، وكالو الأخبار الإسلامية, 24 فبراير 2011م.
[99]) خسرت إيران 100مليار دولار نتيجة العقوبات المفروضة عليها، مجلة المجلة، لندن, 6 فبراير 2014م، على الرابط:
http://www.magalla.com.com\arab…
[100]) عدنان هياجنة، أزمة الملف النووي الإيراني وسيناريوهات الموقف الأمريكي المحتمل: دراسات استراتيجية، مجلة دراسات شرق أوسطية، مركز دراسات الشرق الأوسط، العددان 40,41، عمان , 2007.
[101]) صافي الياسري، الملف النووي الإيراني بين الضغط الدولي والتعنت الإيراني، مرجع سبق ذكره.
[102]) البرنامج النووي الإيراني بين الظاهر والمسكوت عنه وحتمية التدخل، موقع منتدى الجيش العربي, 26 ديسمبر 2013م، على الرابط:
http://www.arabic-military.com\t88808-topic
[103]) للمزيد حول قرارات العقوبات التي فرضها مجلس الأمن علي إيران: انظر:
http://www.un.org\sc\committees\1737\resolutions.shtml
[104]) نور الدين الفريضي، اتفاق جنيف الانتقالي يكبح جماح البرنامج الإيراني، الحياة, 26 نوفمبر 2013م. انظر:
http://alhayat.com.details\576004
[105]) انظر: البرنامج الإيراني: أرباح اتفاق جينيف وتكاليفه، موقع مركز الجزيرة للدراسات, 1 ديسمبر 2013م، على الرابط:
http://studies.aljazeera.net\positionestimate\2013
[106]) إلهام وانغ، خبراء صينيون، تفاؤل حذر إزاء المفاوضات الإيرانية الغربية وسط مخاوف من تغييرات مفاجئة، وكالة أنباء شينخوا, 18 فبراير 2014م، على الرابط:
[107]) الاتفاق النووي مع إيران من مخاض الولادة إلى عناء التنفيذ، أخبار العالم, 14 يوليو2015م، أنظر:
[108]) مرجع سبق ذكره.
[109]) دينا محمد جبر، الاستراتيجية النووية الإسرائيلية (الثوابت والمتغيرات)، مجلة دراسات دولية، ص 105, 112.
[110]) رائد حسين عبد الهادي، البرنامج النووي الإيراني وانعكاساته علي الأمن القومي الإسرائيلي 1979-2010م، رسالة ماجيستير، كلية الآداب والعلوم الإنسانية، جامعة الأزهر، غزة, 2011م، ص 107.
[111]) بثينة شتيوي، ماذا تعرف عن برنامج إسرائيل النووي؟، تاريخ النشر 29 إبريل 2015م.
https://www.sasapost.com/israels-nuclear-program./
[112]) دينا محمد جبر، مرجع سبق ذكره، ص113.
[113]) محمود محارب، سياسة إسرائيل النووية وعملية صنع قرارات الأمن القومي فيها، المركز العربي للأبحاث والدراسات، الطبعة الأولي، بيروت، إبريل 2013م، ص 13.14.15.
[114]) “ارنست برجمان” عالم كيميائي يهودي هاجر من المانيا النازية عام 1933م، وكان ع صلة وثيقة ب ” حاييم وايزمان” العالم الكيميائي الذي أصبح اول رئيس لإسرائيل عام 1949م، واتنقل معه إلى الولايات المتحدة وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية وقيام دولة إسرائيل انتقل “برجمان” معه إلى هناك، وعمل في معقد وايزمان الأبحاث، ثم عينه “بن غوريون” مديراً لهيئة الطاقة الذرية في إسرائيل عام 1952م، ووضع له هدف واحد وهو صناعة القنبلة النووية الإسرائيلية …. للمزيد انظر:
https://www.facebook.com/permalink.php?id=315509848525267&story_fbid=522359981173585.
[115]) زكريا احمد سعد، ” دور فرنسا التاريخي في النشاط النووي لإسرائيل “، موقع مقالات إسلام ويب، تاريخ النشر 9-9-2010م. http://articles.islamweb.net/media/index.php?page=article&lang=A&id=5192.
[116]) محمود محارب، مرجع سبق ذكره، ص15-16.
([117] ممدوح حامد عطية, البرنامج النووي الإسرائيلي والأمن القومي العربي, الهيئة العامة المصرية للكتاب, الطبعة الأولي, القاهرة, 1996م, ص 43.
3) PRY PETER, ISRAELI NUCLEAR ARSENAL, WESTVIEW PRESS, COLARDO, 1984, PAGE 10.
[119]) وائل العبد درويش الهمص، البرنامج النووي الإسرائيلي وتأثيره على الأمن القومي العربي (1991-2000م)، رسالة ماجيستير، كلية الاقتصاد والعلوم الإدارية، جامعة الأزهر، غزة, 2010م، ص 23,24.
[120]) المساعدات الخارجية لإسرائيل في برنامجها النووي، منتدى الجيش العربي، تاريخ النشر 7 يوليو 2014م.
http://www.arabic-military.com/t98162-topic.
[121]) المساعدات الخارجية لإسرائيل في برنامجها النووي، مرجع سبق ذكره.
[122]) رائد حسين عبد الهادي، مرجع سبق ذكره، ص 134.
([123] ممدوح حامد عطية, مرجع سبق ذكره, ص 37.
[124]) وائل العبد درويش الهمص، مرجع سبق ذكره، ص22.
[125]) وائل العيد درويش الهمص، مرجع سبق ذكره، ص22.
[126]) زكريا حسين، الخيار النووي والخيارات العسكرية البديلة، محرر من كتاب الخيار النووي في الشرق الاوسط، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت, 2001م، ص 113.
[127]) دينا محمد جبر، مرجع سبق ذكره، ص114.
[128]) أفير كوهين، نحو شرق أوسط جديد: إعادة النظر في المسألة النووية، ترجمة: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، سلسلة دراسات عالمية، ال عدد1، أبو ظبي, 1990م، ص38-63.
[129]) عرجون شوقي، المشكلة النووية في الشرق الأوسط وانعكاساتها على استقرار المنطقة، مرجع سبق ذكره، ص9,8.
[130]) وائل العبد درويش، مرجع سبق ذكره، ص2.
[131]) إسراء شريف الكعود، التسلح النووي الإسرائيلي وأثره في الشرق الأوسط، دراسات دولية، العدد 45 بدون سنة نشر، ص 2.
[132]) جودت بهجت، منطقة خالية من الأسلحة النووية في الشرق الأوسط، كلية الشئون الدولية، جامعة جورجتاون، قطر, 2012م. ص30.
[133]) رائد حسين عبد الهادي، مرجع سبق ذكره، ص145,144.
[134]) إسراء شريف الكعود، مرجع سبق ذكره، ص33,32.
[135]) زايدى وردية، استخدام الطاقة الذرية للأغراض العسكرية والسلمية، رسالة ماجيستير، جامعة مولود معمرى تيزى وزو، كلية الحقوق والعلوم السياسية, 2012م، ص 59.
[136]) عرجون شوقي، مرجع سبق ذكره، ص109.
[137]) محمود محارب، سياسة الغموض النووي الإسرائيلية: الخلفية والأسباب والأهداف، مجلة سياسات عربية، عدد 2, 2013م، ص 19.
[138]) عرجون شوقي، مرجع سبق ذكره، ص111.
[139]) شاي فيلدمان، الخيار النووي، ترجمة غازي السعدى، عمان، دار الجليل للنشر, 1984م، ص 76.
[140]) وائل العبد درويش، مرجع سبق ذكره، ص102.
[141]) عرجون شوقي، مرجع سبق ذكره، ص160-159.
[142]) جعفر ضياء جعفر، نعمان سعد الدين النعيمي، الاعتراف الأخير: حقيقة البرنامج النووي العراقي، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت, 2005م، ص 103.
[143]) وائل العبد درويش، مرجع سبق ذكره، ص103.
[144]) عبد المالك سالمان، النفاق الدولي في مواجهة التحدي النووي، مجلة الوطن.
([145] راغب السرجاني, معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية, مجلة قصة الإسلام, تاريخ النشر20-10-2009م.
[146]) الملف الشامل للسلاح النووي وتداعياته علي الأمن والسلام الدوليين، موسوعة السياسة والاستراتيجية، تاريخ النشر 25-10-2015م.
[147]) محمد زاهد غول، ازدواجية المعايير في معالجة قضايا الشرق الأوسط، مركز أمية للبحوث والدراسات الاستراتيجية، تاريخ ال نشر2-3-2017م.
[148]) معين عبد الحكيم، ازدواجية المعايير الأمريكية تجاه القضايا النووية، مجلة الوحدة الإسلامية، ال عدد160
[149]) كشف موردخاي فعنونو في عام 1986م عن البرنامج النووي الإسرائيلي تأكيدا على الشكوك بأن إسرائيل تمتلك ترسانة نووية، كما أظهر هذا الكشف أن البرنامج النووي الإسرائيلي أكبر مما كان معتقداً عنه، وعمل فعنونو لمدة تسع سنوات بمركز ديمونة لأبحاث النووية في صحراء النقب، إلا إنه ترك ذلك العمل في أواخر عام 1985م وتنقل بين دول الشرق الأقصى بعد أن تحرر من وهم العمل الذي يشارك به، للمزيد أنظر:
[150]) رائد حسين عبد الهادي، مرجع سبق ذكره، ص137.
[151]) عرفة البنداري، ” أمريكا تكشف تفاصيل مساعداتها النووية لإسرائيل”، موقع دوت مصر، تاريخ النشر 14-2-2015م
[152]) معين عبد الحكيم، مرجع سبق ذكره.
([153] عبد الوهاب القايد, مؤتمر الوكالة الذرية يناقش بند القدرات النووية الإسرائيلية ومخاطرها, وكالة الأنباء الكويتية (كونا), تاريخ النشر 21-9-2007م.
[154]) عبد الوهاب القايد، مرجع سبق ذكره.
[155]) نزار عبد القادر، العلاقات التركية الإسرائيلية: بين التحالف الاستراتيجي والقطيعة، تركيا تتوسع شرقاً على حساب إسرائيل والغرب، مجلة الدفاع الوطني، تاريخ النشر 10-10-2010م.
[156]) إسراء شريف الكعود، مرجع سبق ذكره، ص32.
[157]) عبد الفتاح على الرشدان، تركيا والبرنامج النووي الإيراني (حدود الاتفاق والاختلاف 2002-2006م)، متاح على موقع
http://www.dohainstitute.org\porta.
تحريرا في 14-6-2017