إصلاح مجلس الأمن الدولي : إلى متى التأجيل ؟
اعداد الباحث: بازيد علي – المركز الديمقراطي العربي
تقديم:
أولى ميثاق الأمم المتحدة 1945 أهمية خاصة لتشكيلة مجلس الأمن، والمهام الموكولة إليه، والأدوات والآليات التنفيذية المتاحة له بموجب الفصلين السادس والسابع منه. فمجلس الأمن مهيأ ومنظم بطريقة تمكنه من ممارسة مهام باستمرارية، كونه عبارة عن “نادي مغلق” يضم دول دائمة العضوية ودول غير دائمة العضوية، وزد على ذلك تبني ميثاق الأمم المتحدة لمفهوم الأمن الجماعي، والذي جعله يعمل على إنشاء جهاز يتمتع بسلطات “البوليس الدولي” وضع تحت تصرفه القوات العسكرية اللازمة لردع العدوان وإعادة السلم إلى نصابه.
إلا أن المتتبع لشأن الدولي تستوقفه منذ الوهلة الأولى التناقضات التي يشهدها موقف مجلس الأمن الدولي حول نزاعات دولية من إخلال إصدار قرارات تشهد على العيوب التي تشوب الأدوار و الميكانزمات التي خولها الميثاق لمجلس الأمن للقيام بحفظ السلم والأمن الدوليين، تشكل عتبة أمام تطور المجلس لمواكبة ما يشهده العالم من تحولات ولتجاوز العراقيل والغموض الذي يطغى عل وظائف مجلس الأمن.
إن مسألة إصلاح مجلس الأمن هي جزء لا يتجزء من إصلاح هيئة الأمم المتحدة بشكل كامل، لكنه بقراءة متأنية للآراء والمواقف والمقترحات حول إصلاح مجلس الأمن بشكل خاص تدفع في اتجاه تبني خطوتين محتملتين لإصلاحه في الفترة الراهنة، تشتمل هاتين الخطوتين على تفعيل البنود المجمد من داخل الميثاق، أولا، بالعمل على أساس المرونة من أجل إصلاح المجلس من حيث التشكيلية والجوهر.ثم خيار ثاني، يدفع باتجاه إيجاد أساليب وآليات جديدة لدعم عمل مجلس الأمن بإعادة النظر في تركيبته وتوسيع مسألة النقض أو الفيتو بغية إشراك أوسع وأكبر لأعضاء المجتمع الدولي بما يستجيب للوقائع والتطورات الراهنة قصد تحقيق السلم والأمن الدولي، دون إغفال الموارد البشرية والمالية من أجل إنجاح أي إصلاح محتمل للمجلس.
لذا نتساءل هل فعلا حان الأوان لإصلاح مجلس الأمن الدولي أم أن الحديث عنه سابق لأوانه؟.
لإجابة هذا التساؤل الاستفهام سنتناول في هذا المقال، فكرتين،أولها أن جزء من الإصلاح يتضمنه ميثاق الأمم المتحدة ،يستوجب فقط تفعيل البنود المجمد و المرونة في مسألة توسيع العضوية وحق النقض أو الفيتو داخل مجلس الأمن (المحور الأول)، ثم في الشق الثاني من هذا، سنتناول إصلاح الموارد البشرية والإصلاح المالي للحد من الهيمنة المطلق للدول الداعمة للمجلس (المحور الثاني).
المحور الأول: نظرة التيار الإصلاح المعتدل لتوسع العضوية والحق في التصويت.
يشتمل هذا المحور لوقوف على المذهب الإصلاحي المعتدل من خلال خطة غزالي كمقترح ،وإعمال مبدأ المرونة في توسيع مسألة التشكيلة والتصويت .
الفقرة الأولى: المذهب الإصلاحي المعتدل و خطة غزالي[1] .
عرفت التطورات الدولية بعد انتهاء الثنائية القطبية –بسقوط جدار برلين- ونهاية حرب الخليج الأولى والثانية- ظهور الهيمنة الأمريكية على أجهزة الأمم المتحدة، من خلال فرض هيمنتها على قرارات مجلس الأمن، الأمر الذي سيتأكد بالملموس بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 من غزو لأفغانستان والعراق بذريعة الإرهاب تحت غطاء قرارات من مجلس الأمن الدولي.
كل هذه المجريات التي شهدها العالم في بداية القرن الواحد والعشرون تذكر بالفترة ما قبل انتهاء الحرب الباردة والعالم يقترب إلى فترة 1990، وما تشهده من تيه وضعف للمنظمات الدولية والاختلافات في التوجهات والمصالح حول تفعيل وتسريع من عملية الإصلاح لهيئة الأمم المتحدة وأجهزتها الرئيسية.
ورغم هذه الاختلافات في الاتجاهات المذهبية بشأن الإصلاح من إصلاح معتدل[2] والاتجاه نحو الجيل الثالث أو الدستورية[3]، تجعل مستقبل الإصلاح ذات راهني ومسألة مستعجل لإرجاع الأجهزة الرئيسية للأمم المتحدة من مجلس للأمن والجمعية العامة ومحكمة العدل الدولية إلى السكة الصحيحة والقيام بأدوارهم المنوطة بهم على أحسن وجه، وعليه انعكست هاتان الرؤيتين لإصلاح على المشاريع المقترحة بشأن إصلاح الهيئة ومجلس الأمن إذا كانت الرؤية الغالبة هي رؤية التيار الإصلاحي المعتدل.
وذهب البعض إلى تبني فكرة أن وصفة الإصلاح موجودة في الميثاق، وذلك بالانطلاقة أولا من تفعيل مواد الميثاق المجمدة وبث الحياة فيها بدلا من إعلان نوايا إصلاح معقد يحتاج إلى تمويل لن تتكفل به الدول الكبرى إطلاقا أو التركيز على الموضوعات التي تفيدها فحسب[4].
وركز هذا الموقف أساسا على أن يعمل مجلس الأمن وفقا لمقاصد ومبادئ الميثاق التي تشكل حدودا لسلطاته لا وفقا لمقاصد وغاية خاصة، بما يضمن عدم التعسف في استخدام هذه السلطات، وأن يلتزم المجلس بحدود نصوص المواد (43-47) من الميثاق التي ينبغي العمل على إحيائها بدلا من تفسير المواد الأخرى على نحو لا يتفق مع معناها، وهو ما يجعل المجلس آلية في خدمة أغراض خاصة لا تتماشى مع مبادئه ومقاصده الأساسية أو الآلية.
بالإضافة إلى الحد من سياسة الهيمنة المفرطة والمضادة تماما لروح نظام الأمن الجماعي، والتي يعبر عنها باللجوء إلى القوة أو التهديد باستعمالها والسيطرة والتدخل الأجنبي، والتي تستهدف تقييد حرية الدول في اختيار نظامها السياسي والاقتصادي…الخ.وذلك بضرورة بلورة معالم نظام للأمن الجماعي يحقق المعالجة الشاملة لجذور الأزمات الدولية (مشاكل اقتصادية- اجتماعية-ثقافية…) في الأساس، لا مجرد تسوية النزاعات السياسية بين الدول أو داخل الدولة أو قمع العدوان.
و العمل على تنظيم المجتمع الدولي على أساس شامل بحيث يتضمن هذا التنظيم مؤسسات (تشريعية، وقضائية) مستقلة يتحقق فيما بينها التوازن المطلوب والرقابة المتبادل. فإن معالجة قضايا السلم والأمن الدوليين لا يحتاج إلى وسائل مبتكرة، بقدر ما يحتاج إلى رباط مشترك ينتظم فيه مجتمعا مترابطا في ظل سلطة مشتركة ومفهوم واحد للعدل وهو ما يعزز في النهاية من نظام الأمم المتحدة.
وفي الأخير، فإن هذا الموقف المعتدل للإصلاح سيسقط في خانة التعميم والشمولية، لما يتضمن من أفكار عامة وفضفاضة تجعل مسألة الإصلاح معلقة على تفسير بنود الميثاق تارة، ثم التأجيل والتسويف والرغبة في الإصلاح تارة أخرى.
وفي عام 1997، حاول سفير ماليزيا “إسماعيل غزالي” وضع حل وسط، من خلال ما يسمى ب “خطة غزالي” ، و يعتقد أن مبادرته يمكن أن تؤدي إلى وضع نهاية سريعة للعملية التفاوضية للفريق العامل المفتوح باب العضوية “، وقال:” لا ينبغي أن ينظر….. إليه أن يعطي للأمم المتحدة صورة سيئة “[5]. وقدم غزالي خطة إصلاح ذو ثلاث مراحل:
ففي المرحلة الأولى ما بين يونيو وسبتمبر، ينبغي للجمعية العامة التصويت على قرار يدعو إلى توسع في أعضاء مجلس الأمن ليشمل خمسة أعضاء دائمين جدد (اثنان من الدول الصناعية وثلاثة من البلدان النامية مع واحد من كل من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي)، وأربعة أعضاء غير دائمين يأتي من أفريقيا وآسيا وأوروبا الشرقية وأمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي).
و في المرحلة الثانية، فإن الجمعية تمرر، قبل 28 فبراير 1998، قرار ثان من شأنه أن يملأ الفراغ عن طريق تحديد الدول المرشحة بالتحديد. وكان من المفهوم أنه، على الرغم من أن ألمانيا واليابان لم تذكر بالاسم، أنهما الدولتين التي كان غزالي يقصد عندما أشار إلى “اثنين من الدول الصناعية” و التي ينبغي أن تكون ضمن الدول دائمة العضوية. و سيتم اتخاذ كل القرارات بالتصويت وفقا للمادة 18 من ميثاق “، و بأغلبية ثلثي أعضاء الجمعية الحاضرين والمصوتين.
قدمت في خطة غزالي،أيضا، انه إذا كان عدد من الدول قد حصل على عدد اقل من الأغلبية المطلوبة من عدد المقاعد المخصصة للعضوية الدائمة، ستجري جولات جديدة من الاقتراع لفئة أو فئات المتبقية ،حتى حصلت على خمس الاصوات المطلوبة للحصول على الأغلبية لشغل المقاعد الخمسة.
و في المرحلة الأخيرة، ستقوم الجمعية، في موعد أقصاه أسبوع واحد بأن تنتخب رئيسا جديدا لخدمة أعضاء المجلس بعد تعيينه من الدول، والتصويت على قرار لتنفيذ القرار السابقة. كما أنه سيتم القيام بتعديلات في الميثاق.
و أما في ما يخص مواقف الدول الدائمة العضوية حول خطة غزالي.فقد اتسمت بتنوع ردود الأفعال. وكان رد فعل معظم القوى الغربية يسمو عليه طابع التحفظ بعض الشيء على هذه الخطة. حيت رحب” بيل ريتشاردسون” Bill Richardson ، الدبلوماسي الأميركي في الأمم المتحدة، بفكرة الخطة لنهج مرحلة تلو مرحلة والإجراءات المبينة في الخطة غزالي (اعتماد الجمعية العامة ثلاثة قرارات في إطار متطلبات مختلفة للتصويت). وأوضح رئيس الوزراء أن حكومته توافق من حيث المبدأ على وجود ألمانيا واليابان وكذلك ثلاث دول نامية على نيل العضوية الدائمة داخل المجلس. لكنه كرر معارضة واشنطن لأي زيادة عضوية المجلس لأكثر من 20 أو 21 دولة. في تصريح أدلى به للفريق العامل المفتوح العضوية، وأكد أن “ليست لدينا المرونة لتتجاوز في حالة إصلاح مجلس 20-21 مقعدا.. ، محذرا من أن الولايات المتحدة ستعارض أي قرار يدعو إلى أرقام أعلى، ومن هذا يريد ريتشاردسون أن يقول إن بلاده راغبة في قبول خطة غزالي، على الأقل في الشكل الحالي، كأساس للمفاوضات[6].”
وقد اتخذت روسيا موقفا مماثلا. و دلك بتأكدها على انه من غير المرجح أن يمكن إحراز أي تقدم إلا على أساس أن تخضع جميع أعضاء الأمم المتحدة الآخرين لرغبات الأمريكية والروسية.
و تجنبت بريطانيا والصين اتخاذ مواقف بشأن الأسس الموضوعية للخطة غزالي ، مثل الأعضاء الدائمين الآخرين، و أعربت بريطانيا عن تحفظات جدية بشأن الجدول الزمني الدقيق للخطة شأنهم شأن أمريكا و الصين ، وكان موقف فرنسا الوحيدة الذي رحب ب “خطة غزالي” ،و يعتبر الخطة فرصة للبدء بشكل جدي في عملية تؤدي إلى توسيع المجلس. كما جاء في موقف فرنسا “النهج الذي اقترحه الرئيس غزالي يستلزم المضي في عدة مراحل. ومن محاسن هذا النهج بأنه يسمح بالاستفادة من إتاحة الوقت الكافي للتوصل إلى اتفاقا تدريجيا، لأول مرة في إطار وضع أسماء الأعضاء الجدد “.[7]
و أخيرا و إلى حد الآن، شكل اقتراح “غزالي” الإصلاح الوحيد الأكثر أهمية والأكثر تماسكا. وعلى الرغم من أنه ثبت على أنه غير قابلة للتطبيق، فإنه يدل على تعقيدات، وتضارب المصالح وأوجه القصور المحيطة إصلاح مجلس الأمن.
الفقرة الثانية: المرونة في مسألة التركيبة والتصويت داخل مجلس الأمن
يعد الأساسي الفلسفي الذي بني عليه الميثاق من بين المبررات الرئيسية التي تدعو إلى إصلاح مجلس الأمن، فمسألة العضوية الدائمة تشكل تعارضا مع طبيعة العالم المتغير، حيث لازال الميثاق يتحدث عن الأمم المتحدة كأنها حلف بين الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية[8]، ولقد بنيت هذه الفلسفة الكامنة وراء العضوية الدائمة للدول الكبرى داخل مجلس الأمن على افتراضين: الأول، أن هذه الدول الخمس الكبرى التي حددها الميثاق بالاسم سوف تظل محتفظة بتفوقها، الثاني، أن التحالف الذي تحقق بينها خلال الحرب العالمية الثانية سيستمر وسيتحمل وحده مسؤولية حفظ السلم والأمن في العالم مفوضا عن المجتمع الدولي كله، غير أن هذه الرؤية سقطت، وثمة حاجة ماسة الآن إلى إصلاح مجلس الأمن تماشيا مع حقائق العالم المعاصر[9].
وشهدت الدورة 59 للجمعية العامة تقديم الأمين العام للأمم المتحدة تقريره المعنون ب: في جو من الحرية أفسح: صوب تحقيق التنمية والأمن وحقوق الإنسان للجميع، ولقد أكد التقرير في الفقرة 167 منه على أن الدول الأعضاء تقر بأن مجلس الأمن هو الجهاز الذي يتولى المسؤولية الرئيسية عن صون السلم والأمن الدوليين وتوافق على الالتزام بقراراته، وأشار التقرير أيضا في الفقرة 168 إلى إقرار كافة الدول في إعلان مؤتمر الألفية على تكثيف جهودها لإجراء إصلاح شامل لمجلس الأمن في جميع جوانبه وجعل المجلس أكثر تمثيلا للمجتمع الدولي المعاصر وجعل أساليبه أكثر فعالية وشفافية.
كما قدم الأمين العام في الفقرة 170 من تقريره مقترحين نموذجين لإصلاح مجلس الأمن، وطلب من كافة الدول مساندة الإصلاح والنظر في النموذجين كخيار في التقرير 2005 ويوضح الجدولين هذين المقترحين:
الجدول الأول: مقاعد دائمة جديدة ليس لها حق النقض Vito
|
المصدر: www.vobadylon.edu.iq
يقضي هذا المقترح الأول بإنشاء ست (6) مقاعد دائمة جديدة ليس لها حق النقض الفيتو، وثلاث عشر (13) مقعد غير دائم لمدة سنتين غير قابلة للتجديد مع تقسيم تلك المقاعد على المناطق الإقليمية الرئيسية.
الجدول الثاني: إنشاء فئة جديدة من 8 مقاعد لمدة 4 سنوات قابلة للتجديد
المنطقة الإقليمية | عدد الدول | المقاعد الدائمة المستمرة | المقاعد المقترحة القابلة للتجديد ومدتها 4 سنوات | المقاعد الجديدة المقترحة غير الدائمة لسنتين غير قابلة للتجديد | المجموع |
أفريقيا | 53 | – | 2 | 4 | 6 |
أوربا | 47 | 3 | 2 | 1 | 6 |
أمريكا | 35 | 1 | 2 | 3 | 6 |
آسيا | 56 | 1 | 2 | 3 | 6 |
المجموع | 191 | 5 | 8 | 11 | 24 |
المصدر: نفسه
ويعتمد هذا المقترح الثاني على عدم إنشاء أية مقاعد دائمة جديدة ولكن يقضي بإنشاء فئة جديدة من 8 مقاعد، لمدة أربعة سنوات قابلة للتجديد، وإحدى عشر (11) مقعد غير دائم جديد لمدة سنتين غير قابلة للتجديد، مع تقسيم تلك المقاعد على المناطق الإقليمية الرئيسية.
ويتضح من خلال هذين المقترحين أن تقرير الأمين العام (2005) يتجه نحو توسيع عضوية مجلس الأمن الدائمة إلى (24) عضوا، مع الإبقاء على الأعضاء الدائمين الأصليين، مما يجعل هذين المقترحين يصبوا في صالح المنطقة الإقليمية الأوربية التي لازالت تحافظ على أكثر المقاعد الدائمة، مما ينتج عنه عدم التوازن داخل مجلس الأمن.
وأما الرفع من عدد المقاعد غير الدائمة داخل مجلس الأمن قد يؤثر على سرعته في اتخاذ القرارات والبت في الأعمال التي قد تشكل تهديدا أو عدوان قد يمس بالسلم والأمن الدوليين، لكن من جانب آخر يساهم هذين المقترحين في التمثيل المناسب للتجمعات الإقليمية والحضارية الفاعلية في النظام الدولي الحالي.
وإلى جانب هذين المقترحين، حاولت جهات ومراكز طرح العديد من الخيارات لإصلاح مجلس نذكر أهمها فيما يلي:
الخيار الأول: صيغة (5+5):
يعرف هذا الخيار بصيغة 5+5، ويدور حول إضافة خمسة مقاعد دائمة يخصص اثنان منها لقوى ذات وزن عالمي .و تخصص الثلاثة الأخرى لقوى إقليمية تمثل القارات الثلاث (إفرقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية) بمعدل مقعد دائم واحد لكل منها تضاف إليها خمسة مقاعد غير دائمة.
الخيار الثاني: صيغة (2+3+1+4):
يعرف بصيغة (2+3+1+4)، ويتمثل في منح ألمانيا واليابان مقعدين دائمين من دون حق النقض، ومنح ثلاثة مقاعد شبه دائمة تخصص للقارات الثلاث (إفريقيا، آسيا، وأمريكا اللاتينية) ومقعد واحد يخصص لقوة ذات وزن عالمي تختار بالاقتراع العام من جانب الدول الأعضاء، إضافة إلى أربعة مقاعد غير دائمة يتم شغلها بالتناوب وفق النظام المعمول به حاليا.
الخيارات الثالث: صيغة (2+6+2):
يعرف بصيغة (2+6+2) ويختلف عن الخيار الثاني في تخصيصه مقعدين شبه دائمين لكل من القارات الثلاث ومقعدين يتم شغلهما على أساس عالمي من بين قائمة محدودية منن الدول يتم تسميتها على أسس موضوعية.
الخيار الرابع: صيغة (5+5) المعدلة:
تقضي هذه الصيغة بإضافة خمس مقاعد دائمة فقط يتم شغلها جميعا بالتناوب على أساس تعديل الميثاق للنص على أسماء الدول التي يمكن أن تتناوب على هذه المقاعد ،إضافة إلى خمسة مقاعد غير دائمة يتم التناوب عليها وفقا للنظام المعمول به حاليا[10].
وأما في مسألة إصلاح طريقة التصويت وإعادة النظر في حق النقض فلقد عرفت اختلاف في أراء ومواقف الدول بين من يطالب بإلغائه كليا، وبين من يدعو إلى تقييد نطاق استعماله.
فالموقف[11] المطالب بإلغاء حق الفيتو، يستند في موقفه على عرقلة هذا الحق لعمل أجهزة الأمم المتحدة، وذلك لأن حق النقض استعمل في مناسبات عدة لحسابات ومصالح وطنية ضيقة بدلا من الدفاع عن مسائل ومبادئ تهم مصلحة الجماعة الدولية، بل بالأكثر من ذلك استعمل في مناسبات حديثة وعديدة لمنع مبادرات جدية قام بها أعضاء الآخرون في مجلس الأمن لحل العديد من النزاعات المسلحة الدولية[12].
كما بررت الأطراف المطالبة بإلغاء حق الفيتو والبحث عن نظام آخر بديل لأسباب منها:
سبب عملي: يرجع عجز مجلس الأمن في إعادة السلم والأمن الدوليين، بسبب استخدام حق الفيتو مثلما هو الحال في الأزمة السورية والقضية الفلسطينية.
سبب منطقي: يتخلص في أن مجلس الأمن سيعجز عن القيام بمهام حفظ السلم والأمن الدوليين في حالة تعرضه للتهديد من طرف إحدى الدول الكبرى الدائمة العضوية التملك حق النقض.
سبب قانوني: يتمثل في أن مبدأ حسن النية في الوفاء بالالتزامات الدولية هو المبدأ الذي يجب أن يحكم تصرفات كافة أشخاص القانون الدولي، وهو مبدأ ليس بحاجة إلى شيء آخر يكمله سواء كان حق الفيتو أو غيره[13].
وإذا كانت المقترحات التي تذهب في اتجاه إلغاء حق النقض تبدو أكبر انسجاما مع مبدأ المساواة بين الدول من جهة.وتعطى طابعا ديمقراطيا للتصويت داخل مجلس الأمن من جهة ثانية، فإن الواقع الراهن الذي يطبع النظام الدولي يبدو معه هذا المقترح صعب التحقق، وغير واقعي كما أنه يصبو نحو الإضرار بقدرة المجلس على أداء واجباته.
وأمام صعوبة إلغاء حق النقض فقد أشارت العديد من الدول إلى ضرورة تقييد نطاق استعمال حق النقض بوضع حدود لاستخدام هذا الحق بوضع حدود متفق عليها للموضوعات التي يجوز استخدامه فيها وتلك التي لا يجوز استخدامه.
وفي هذا الاتجاه، فقد قدمت العديد من الدول اقتراحات مختلفة تحدد كيفية تقييد نطاق استخدام حق النقض في الممارسة العملية، فمن الدول من اقترح مثلا إخراج مسألة قبول أعضاء جدد في الأمم المتحدة، وإرسال لجان تحقيق من طرف مجلس الأمن طبقا للفصل السادس من الميثاق، وتعيين الأمين العام، والمسائل المتعلقة بالقانون الدولي الإنساني[14].
بينما اقترحت بعض الدول عدم استعمال حق النقض بالنسبة للقرارات المتعلقة بوقف إطلاق النار، والتدابير المؤقتة لمنع تدهور الوضع، أو التدابير الدبلوماسية الوقائية بما في ذلك الوساطة وإحالة المنازعات الدولية على محكمة العدل الدولية طبقا للمادة 36 من الميثاق، في حين اقترحت دول أخرى تقييد حق الاعتراض أو النقض في المسائل المتعلقة بالمسؤولية الأساسية لمجلس الأمن في حفظ السلم والأمن الدوليين[15].
وقدمت بعض الدول[16] اقتراحا مفاده رفع عدد أصوات الأعضاء الدائمين اللازمة لإمكانية عرقلة قرار يريد مجلس الأمن إصداره، بحيث لا يكفي اعتراض عضو دائم بل فضلت بعض الدول أن أي مشروع قرار من المجلس لا يسقط إلا إذا فعل حق النقض من طرف عضويين دائمين أو ثلاثة، بينما وافقت دول أخرى على عدم كفاية اعتراض عضو واحد، ولكنها لم تحدد العدد اللازم لإنتاج حق النقض لأثره.
وذهب موقف آخر إلى تقييد استعمال حق الفيتو وتقليص نطاق استخدامه، بالاستناد على ضرورة موافقة الجمعية العامة باعتبارها الهيئة التي تمثل كل الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة، وذلك أنه ينبغي ممارسة حق النقض بتصويت أغلبية ثلثي أعضاء الجمعية العامة، ووجوب تعديل الميثاق لينص على تعليق حق الفيتو في مناسبات معينة فقط، وتحديد الفقرة الثانية من المادة 27 المتعلقة بالقرارات التي تتخذ في المسائل الإجرائية، وهو ما يطلق عليه بمنهج التعداد الحصري أو السلبي للمسائل التي لا يمكن أن تخضع لحق النقض[17]، وبالرغم من ذلك تبقى حظوظ تعديل حق الاعتراض ضئيلة في ظل الأوضاع الدولية الراهنة.
المحور الثاني: إصلاح الموارد البشرية والمالية للمجلس للحد من الهيمنة.
يستوجب إصلاح أي خلل في منظمة أو مؤسسة ما أو جهاز معين عدم إغفال الجانب المتعلق بالموارد البشرية والسياسات المالية من حيث التمويل والإنفاق. فهيئة الأمم المتحدة بصفة عامة ومجلس الأمن بصفة خاصة، إذا ما أرادت التطوير والإصلاح، فلابد من معالجة مسألة الموارد البشرية حيث كشفت السنوات السابقة عن وجود مشكلة في ازدياد و كفاءة العاملين بالمنظمة (الفقرة الأولى)، من جهة، كما أنه لا يعقل استمرار اعتماد هيئة الأمم المتحدة في تمويلها على مساهمة الدول الأعضاء مما يجعل عملياتها معرضة للفشل في أية مرحلة (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إصلاح الموارد البشرية.
إن الإصلاح المؤسسي هو بلا منازع أكثر الجوانب تعقيدا في عملية التغيير، بحيث يستوجب عملية تصحيحية محكمة التخطيط والتنظيم تهدف إلى ضمان إدخال التغييرات وفق تسلسل منطقي، وبأقل قدر من وقف العمل المتخصص للمنظمة وباحترام حقوق الموظفين وتطلعاتهم، وأن تشارك فيها هيئات تمثل الموظفين مشاركة كاملة[18].
ويقضي هذا الإصلاح للموارد البشرية بانتقال عدد كبير من الموظفين بين وحدات المنظمة وإقامة شبكة علاقات عمل جديدة ومواجهة تحدي الانتقال من حيث يعملون اليوم إلى مواقع جغرافية أخرى، في حين يجدر بغيرهم من الموظفين اكتساب مهارات جديدة عن طريق التدريب لتمكن من أداء مهام قد تختلف عن تلك التي يضطلعون بها حاليا. وأخيرا، هناك حاجة إلى تقديم شروط وظروف عادلة لإنهاء خدمة أولئك الموظفين الذين سيتأثرون بتغير الطلب على الخبرات إذا اقتضت عملية الإصلاح ذلك[19].
ويقوم إصلاح المنظمة الجاري حاليا، على إعادة هيكلة المنظمة والتخفيضات في الميزانية من خلال عملية إدارة الشواغر، وتعيين موظفين وإعادة توزيعهم، وانتهاء الخدمة طبيعيا، من جهة، وعلى إستراتيجية لإدارة التغيير على مراحل تتطلب تدخلات محددة من جهة ثانية، من قبيل:
-تحديد قائمة شاملة للمهارات والخبرات بغية توفير الموارد البشرية الأساسية لها.
-عرض مبررات الإصلاحات وأهدافها وتقديم هيكل برامجي ومؤسسي جديد على الأجهزة الرئيسية للمنظمة.
-تنمية مهارات الموظفين الحاليين للمنظمة وإعادة تدريبهم وتحفيظهم.
-تعيين موظفين إضافيين.
-إنهاء الخدمات طبقا للنظام الأساسي لشؤون الموظفين.
ويستدعي الإصلاح المقترح للموارد البشرية توفر تكاليف مرحلية – لمرة واحدة فقط-نتيجة لعمليات إعادة الهيكلة وتفكيك الطبقات، وتشمل هذه التكاليف التي ستؤثر على الموظفين ما يلي:
- التكوين أو التدريب: الارتقاء بخبرات الموظفين الموجودين بالمنظمة بوضع برنامج تدريبي مكثف يمكن الموظفين من تحديث مهاراتهم أو من اكتساب مهارات جديدة.
- تكاليف النقل إلى مواقع أخرى: يستلزم إعادة توزيع الموظفين في مواقع أخرى غير تلك الموجدين فيها، توفر تكاليف للنقل من المقر والمكاتب الإقليمية إلى المكاتب الإقليمية الفرعية وغيرها من المكاتب الميدانية.
- خلق مهام مؤقتة: يتم تأمين التمويل لتغطية تكاليف المهام الخاصة والمؤقتة التي لا يغطيها البرنامج العادي.
- تكاليف إنهاء الخدمة المتفق عليها: يجوز عرض تعويضات لإنهاء الخدمة طوعا على الموظفين الذين ألغيت وظائفهم ولا تسمح لهم مهاراتهم بإعادة توزيعهم أو ترقيتهم.
- التكاليف المصاحبة للتنفيذ: بعد إلغاء بعض الوظائف، قد تستغرق إعادة توزيع الموظفين بعض الوقت، مما يجدر بالمنظمة أن تغطي التكاليف ذات صلة بالإجراءات المصاحبة لتعيين في وظائف جديدة أو إنهاء الخدمة[20].
واستمرارا في مسلسل الإصلاح الإداري[21] سيؤكد الأمين العام السابق كوفي عنان على بعض الإجراءات الأساسية، كتوسيع الإصلاحات الإدارية، ودراسة الفعالية ، وعقلنة البنية الإدارية للمنظمة[22]، مركزا على الإجراءات التي تهم جوانب التسيير، كطريقة إدارة الموارد المالية، طريقة عمل الموظفين، كيفية إدارة الأنشطة والعمليات الأممية، وتطوير مهمة المراقبة الداخلية المستقلة. ثم الجوانب المتعلق بتهييء برنامج الإصلاحات على المدى البعيد.
ومن بين هذه التدابير الإصلاحية نجد مكتب تسيير الموارد البشرية الذي يعمل على تسهيل إجراءات طلب المؤن الطبية، والتوزيع الالكتروني للنشرات الإدارية، واستعمال المراسلات الالكترونية لتكوين الموظفين، وإعلان التوظيف، إضافة إلى حصول مراكز التكوين على تفويض في مجال إدارة العقود الخاصة بالوكلاء المحليين[23].
وأما في ما يتعلق بالشؤون الإنسانية، فقد قام قسم الشؤون الإنسانية بإنشاء أربعة جسور جوية متصلة بالمنظمة العالمية للصحة والبرنامج العالمي للتغذية، من أجل تخفيض مصاريف النقل الخاصة بكل جهاز مشارك في هذه الأنشطة. وكذا الاستعمال المكثف لمستودع الأمم المتحدة في “بيزة” بإيطاليا خلال العمليات الإستعجالية، كمركز لتجميع الجسور الجوية العسكرية لنقل مؤن البرنامج العالمي للتغذية في منطقة الأنهار الكبرى، إلى جانب إنشاء برنامج مساعد في الميدان قصد تجنب ازدواجية الوظائف[24].
الفقرة الثانية: الإصلاح المالي لتفادي الهيمنة.
تعاني الأمم المتحدة في الغالب من أزمات مالية حادة، ناتجة عن ضعف التدبير الإداري والمالي، وعن تأخر الدول الأعضاء في دفع اشتراكاتها، تضع الهيئة بين حين وآخر على حافة الإفلاس، وهي ليست أزمة عارضة أو مؤقتة، وإنما هي أزمة مزمنة بدأت في الستينات ولا تزال مستمرة حتى اليوم، تأكد على الخلل البنيوي في سياسة التمويل والإنفاق وليس خللا طارئا يمكن إصلاحه بتدابير مؤقتة وفنية[25].
ويرجع سبب هذا التذبذب[26] الذي تعرفه مالية هيئة الأمم المتحدة، حسب بعض الفقه إلى بعض المظاهر الخلل وهي:
–أولها: تعدد مصادر التمويل، وتداخل أوجه الإنفاق: تعرف الأمم المتحدة ثلاثة نظم مختلفة على الأقل للتمويل:
* الميزانية العامة: تتمول الميزانية العامة عن طريق اشتراكات إلزامية على شكل حصص تتراوح بين 25% كحد أقصى و0,01% كحد أدنى كنفقات لقوات حفظ السلام، وتمول بمساهمات إلزامية أيضا،ولكن على شكل حصص تختلف عن الحصص التي تحدد على أساسها مساهمات الدول في الميزانية العادية، وأنشطة وبرامج التنمية والمساعدات الإنسانية وتمول عن طريق مساهمات طوعية.
ويعتبر تعدد مصادر التمويل أحد مظاهر غياب الاتفاق بين الدول حول كيفية تمويل أنشطة الأمم المتحدة. فإقرار الميزانية من طرف الجمعية العامة لا يعني أن أسس توزيع أعبائها تحظى بقبول عام، إذ يلاحظ شكوى مستمرة من جانب الدول التي تسهم بالنصيب الأكبر في الميزانية.فعشر دول أعضاء فقط هي التي تمول أكبر من 90% من إجمال النفقات[27].
وقد أدى ذلك إلى محاولة بعض هذه الدول ممارسة ضغوط على الأمم المتحدة عن طريق الامتناع عن دفع الحصص أو تأخير سدادها. وتجدر الإشارة إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية هددت بتخفيض مساهماتها المالية في ميزانية حفظ السلم إلى حدود 25% من أصل 31% الذي تدفعه لميزانية حفظ السلم. وأن هناك بعض المتأخرات التي مرت من 305 مليون دولار سنة 2002 إلى حدود 442 مليون دولار سنة 2003[28].
ثانيها: عدم توفر الشفافية في عملية الإعداد والرقابة على الميزانية
تشهد إجراءات إعداد الميزانية والرقابة عليها انتقادات حادة ومستمرة من جانب العديد من الدول الأعضاء، هذه الانتقادات ذات حمولة سياسية او بعد سياسي.لأن الدول التي تقدم الجزء الأكبر من التمويل لا تستطيع في الواقع أن تلعب دورا يذكر في صياغة بنود الإنفاق أو ترتيب الأولويات.
وعلى هذا الأساس فإن المراجعة البسيطة لأرقام ميزانية المنظمة تؤكد لنا هذا التوجه ومكانة الدول العظمى فيها، حيث على سبيل المثال، تقدر الميزانية العامة للأمم المتحدة لسنة 2010/2011 ب 15,5 مليار دولار، وتم تحديد حصص المساهمة فيها بدون تصديق استنادا إلى قدرة الدول على الدفع وعلى أساس عدد من المعايير مثل الناتج الوطني الخاص وعدد السكان، ومن هذا المنطلق حددت الالتزامات الرئيسية على النحو التالي: الولايات المتحدة الأمريكية22%، اليابان 12,6% بينما عدد من الدول النامية تبقى تسدد مبالغ ومساهمات بنسبة ضئيلة جدا تدور في نسبة 0,001% من ميزانية الهيئة[29]، كما أن الدور المرجح للجهاز البيروقراطي في إعداد الميزانية يجعل أقل حرصا على توفير مقتضيات الشفافية عند الإعداد أو الرقابة اللاحقة على الصرف[30].
وأمام هذا العجز لميزانية الأمم المتحدة، سيعمل الأمين السابق بطرس بطرس غالي على اتخاذ إجراءات في ثلاث مجالات، تتمثل في التدابير المالية الطارئة والإصلاح التنظيمي، ثم البحث عن توفير الاستقرار المالي على المدى الطويل، بوضع تصور شامل لكل حاجيات المنظمة المالية، وذلك لصالح تنفيذ البرامج المقررة[31]، وأضافت مجموعة التفتيش المشتركة، في سنة 1993 توفير حلولا عاجلة، ومن بينها أنه على الدول الأعضاء وضع تشريعات وطنية ملائمة لتفادي مشاكل دفع مساهماتها بالكامل في الوقت المحدد، وأن تقوم الدول الأعضاء ببيع طوابع بريدية خاصة، كما أوصى التقرير بضرورة تخفيض مصاريف المنظمة بالنسبة لجميع الأنشطة الأممية والسعي وراء الحد من التبذير[32].
وإلى جانب إسهامات الدول في ميزانية هيئة الأمم المتحدة، نجد أن التبرعات تعد مكونا أساسيا في التمويل الكلي لمنظومة الأمم المتحدة، وقد تعاظمت أهميتها في السنوات الأخيرة، ومن بين أسباب تغير التوازن بين التمويل المقرر والتبرع حدوث تطور في الأولويات مع مرور الزمن، وانعدام نمو الميزانيات العادية، والتحول إلى التنفيذ على الصعيد الوطني بواسطة برنامج الأمم المتحدة الإنمائي[33].
وتلعب هذه التبرعات آثار إيجابية وسلبية على تنفيذ برامج، ومن بين الأمور الإيجابية في ذلك، تيسير نمو الأنشطة التنفيذية في العديد من المنظمات وإعطاء زخم تنافسي للكفاءة، لكنها تطرح تحديات كبيرة منها ضعف القدرة على التنبؤ بالتبرع وأن قاعدة المانحين ضيقة في جميع المنظمات وتقيد الشروط المقترنة بالتبرع مرونة التمويل وأعاقت أمانات المنظمات في جهودها الرامية إلى تنفيذ البرامج المكلفة بها[34].
وأما فيما يخص دعم المساعدة الإنسانية، ففي عام 2003 التقت هيئات عدة تعمل في مجال المساعدة الإنسانية، بما فيها ممثلون الحكومات والجهات المانحة المتعددة الأطراف ومؤسسات الأمم المتحدة لإقرار المبادئ والممارسات الجيدة في إطار مبادرة معروفة باسم “المنح الإنسانية السلمية”، واعترف بالحاجة إلى ضمان وجود تمويل مرن وقابل للتنبؤ به لوكالات الأمم المتحدة وصناديقها وبرامجها وللمنظمات الإنسانية الرئيسية، وأن الاحتياجات المتغيرة في سياق الأزمات الإنسانية تتطلب استجابة دينامية ومرنة، ناهيك عن الالتزام بالعمل على كفالة جميع متطلبات المنظمات العالم في مجال المساعدات الإنسانية.
ولتعزيز مهام الرقابة المالية على ميزانية الأمم المتحدة، ثم تعيين مفتش عام تابع لمكتب المراجعة الداخلية لذلك، بناءا على قرار الجمعية العامة رقم 218/48 (ب)، ففي فترة السنتين 2014 و2015 تم استعراض الميزانية المقترح لمكتب خدمات الرقابة الداخلية .
ويتضح من خلال كيفية توزيع الميزانية على أن هيئة الأمم تعمل على تفعيل الرقابة الداخلية على الميزانية المرصد للتخطيط والبرامج، وتحسين كفاءة وفعالية مكتب خدمات الرقابة الداخلية، والحث على استعمال نظام المتابعة الشبكة لوحدة التفتيش المشتركة من أجل تعزيز التنسيق[35]، ثم استخدام تقييمات المخاطر لتحديد الأولويات لإنجاز برنامج العمل وتحديد أفضل سبل للاستفادة من الموارد المتاحة على أفضل وجه، وللإشارة فإن أهمية إجراء تقييم منهجي للمخاطر تتجلى في أن المنظمة تواجه حاليا وضعا ماليا صعبا، يدفع العديد من الإدارات أو المكاتب إلى إنجاز المزيد بتكاليف أقل، لهذا فإن ترتيب الأولويات من خلال مراجعة الحسابات من شأنه أن تصدى لأعلى المخاطر في المنظمة[36].
بالإضافة إلى أن وجود وظيفة فعالة وقوية للرقابة الداخلية يعد أمرا لازما لكي تحقق المنظمة أهدافها، وتساهم مسألة إجراء تحقيقات في تعزز دور الرقابة على الميزانية. ففي سنة 2008 عرفت أعلى مستوى لحالات التحقيق البالغ حوالي 130 حالة، إلا أن هذا العدد عرف انخفاض إلى حدود 40 حالة في عام 2012، مع وجود حالات استغرقت التحقيقات فيها أكثر من سنة لإنهائها من طرف شعبة التحقيقات.
وتعاني عملية التخطيط والميزانية للمنظمة من أوجه معينة ومعقدة وطويلة ومفككة ومستهلكة للوقت وجامدة، والنظام الحالي لتقييم أثر أنشطتها غير كافي[37]. بحيث تتألف دورة التخطيط والميزانية من ثلاثة عناصر:
أ-خطة متوسطة الأجل تحدد أوليات المنظمة لفترة أربع سنوات.
ب-مخطط الميزانية الذي يقدم بيانا بالمستوى الإجمالي للموارد للسنتين المقبلتين.
ج-ميزانية برنامجية تفصيلية مقترحة لفترة السنتين.
وتواجد ثلاث آليات لمراقبة واستعراض التخطيط والميزانية وهي كالتالي:
أ-اللجنة الخامسة للجمعية العامة.
ب-لجنة البرنامج والتنسيق.
ج-اللجنة الاستشارية لشؤون الإدارة والميزانية.
ولتفادي أوجه الضغط ولتسهيل وتبسيط عملية التخطيط والميزانية لهيئة الأمم أكد الأمين العام في تقريره المشار إليه على أنه ينبغي لتحسين نظام التخطيط والميزانية توفر السمات التالية:
أ-خطة متوسطة الأجل أقصر وأكثر إستراتيجية تغطي سنتين (2ans)بدلا من أربع سنوات (4ans)، وتقدم في وقت أقرب إلى الفترة التي تتصل بها.
ب-مخطط ميزانية يمكن الجمع بينه وبين الخطة المتوسطة الأجل.
ج-ميزانية أقصر وأكثر اتساما بالإستراتيجية مع تفاصيل تكميلية مقدمة على حدته.
د-مرونة في إعادة توزيع الموارد بين البرامج وبين اعتمادات الموظفين وغيرها من الاعتمادات بنسبة 10% في إطار كل فترة ميزانية.
هـ-نظاما معززا للتقييم والرصد يقيس أثر عمل هيئة الأمم المتحدة بصورة أفضل.وتكليف اللجنة الخامسة للجمعية العامة لاستيعاب الاستعراض الحكومي الدولي المشترك للخطط والميزانيات بدل العمل المشترك بينها وبين لجنة البرنامج والتنسيق. وكذا التقليص من حجم وثائق الميزانية إلى حد كبير أملا في أن يساعد ذلك الدول الأعضاء في التركيز على النتائج المتوقع لبعثة من البعثات، وعلى تحسين قدرتها على تقييم فعاليتها وإدارتها المالية[38].
وأما في ما يخص صناديق الاستئمان المستقل التي يوجد فيه أكثر من (150 صندوق) و37 حساب منفصل لحفظ السلام ،وما تكلفه من تكاليف وترتيبات الدعم الخاصة به، فإن التقرير الأممي[39]، تضمن بعض الاقتراحات تصب في إيجاد سبل مواصلة زيادة الطابع الاستراتيجي لعملية استعراض الميزانية وتقصير مدة دورة استعراضها وإقرارها على 12 شهرا.ودمج اعتمادات الميزانية في 13 جزء بدلا عن الأبواب الخمسة والثلاثين المعتمدة.
و بهذا تم دمج حسابات حفظ السلام اعتبارا من 2007 وتبسيط إدارة الصناديق الائتمانية باستحداث سياسة جديدة بزيادة مستوى رأس المال المتداول من 100 مليون دولار إلى 250 مليون دولار ،ورفع الحد الأعلى لسلطة الالتزام التي تمنحها الجمعية العامة لعمليات حفظ السلم من 50 مليون دولار إلى 150 مليون دولار.
والعمل أيضا على ربط عملية التخطيط والميزانية ربطا صريحا بالنتائج والأداء الإداري، كجزء من إطار أشد صرامة للرصد والتقييم.
وفي الأخير، إن مسألة إصلاح مجلس الأمن تستوجب الوقوف على بعض النقاط كمدخل لإصلاحه ومن بينها:
- العمل على استمرار الأمين العام للأمم المتحدة في اتخاذ المبادرة والاندفاع نحو الإصلاح المنشود.
- تجاوز الضغوط الكبيرة التي تفرضها الدول دائمة العضوية والعمل على رفع عدد المقاعد الدائمة وغير الدائمة فيه من أجل تحقيق أكثر تمثيلية على المستوى العالمي وأكثر انعكاس على المستوى الجيوسياسي من أجل تفعيل أشمل لقراراته.ومنه تحفيز الأعضاء الجدد على بذل الجهد في سبيل تحقيق الأمن والسلم الدوليين.
- تجاوز العقبات السياسية والإيديولوجية التي قد تؤثر على التوازن المطلوب في إصلاح مجلس الأمن. كتوفر الدول الأوربية حاليا على ثلاثة مقاعد دائمة، وبينما أفريقيا لا تمتلك مقعد دائم.وفي جانب آخر عدم إغفال البعد الاستراتيجي، فالهند مثلا في حالة منحها مقعد دائم في مجلس الأمن فإن ذلك قد يؤدي إلى اختلال التوازن الاستراتيجي في منطقة شبه القارة الهندية مما يعرض الأمن والسلم العالمي للخطر، ونفس الأمر في حالة حصول اليابان على مقعد دائم في مجلس الأمن فإن التحدي يزداد بينها وبين كل من الصين واندونيسيا وكوريا الشمالية.
- أما فيما يخص الإصلاح المالي والإداري فإن نهج مبدأ الشفافية في الميزانية والاعتماد على مبدأ النتائج والرقابة والتحقيقات ورفع الكفاءة والفعالية لدى موظفي الأمم المتحدة، قد يساهم في تحسين استعمال الموارد المالية والإدارية لتحقيق غاية المنظمة في حفظ السلم والأمن الدوليين.
وفي حالة إذا تم الحال على ما هو عليه أي أن الولايات المتحدة الأمريكية أكبر المساهمين في ميزانية الأمم المتحدة ب (25%) وأن مقر الهيئة يقع بالأراضي الأمريكية، فإن توجه الإصلاح سيكون خاضع للرؤية الأمريكية ومنسجم مع مصالحها وإستراتجيتها في تدبير النزاعات المسلحة.
وأما في ما يخص رؤية بعض الدول، التي تحاول تقوية هيئة الأمم المتحدة لتصبح قوة ذات ثقل عالمي لتخلص من الهيمنة الأمريكية على أجهزتها باعتبارها القوة الوحيدة على الصعيد الاستراتيجي العالمي، يعد صعب المنال في الظروف الحالية.
وأخيرا، أن مسالة إصلاح مجلس الأمن تتجادبها عدة مواقف تختلف من حيث فئات العضوية و فئة حق النقض:
مسألة العضوية: يتبين أنها من المسائل الرئيسية في العملية بأكملها،فبعض الدول تبنت توسيع مجلس الأمن في فئتي العضوية (المقاعد الدائمة والمقاعد غير الدائمة).واقترحت مجموعة من الدول أن يتمتع كل شاغلي المقاعد الدائمة الجديدة بكافة امتيازات الأعضاء الدائمين بما فيها حق النقض في حالة استبقائه، مدافعة في الوقت ذاته عن توسيع فئتي العضوية في مجلس الأمن.
أكدت مجموعة أخرى من الدول موقفها الساعي إلى إحداث فئة عضوية يكون طابعها دائما، لكن دون ممارسة حق النقض، في البداية على الأقل. واقترحت هذه المجموعة أيضا إضافة مقاعد غير دائمة جديدة.
وأكدت مجموعة من الدول موقفها المتمثل في عدم قبول التوسيع إلا في فئة المقاعد غير الدائمة، مرتئية في الوقت ذاته عدم استبعاد أي مواقف أولية في أي مناقشات مقبلة للمسألة. واعتبرت مجموعة من الدول أيضا الاكتفاء بإنشاء مقاعد غير دائمة موقفا احتياطيا، في حالة عدم التوصل إلى حل آخر مرضي.
وشجعت بعض الدول الأعضاء استكشاف نوع من ’’الحل المؤقت‘‘ أو ’’ الانتقالي‘‘ يستند إلى مقاعد ذات عضوية طويلة الأجل قابلة للتجديد. وعلى نفس المنوال، أعربت دول أخرى عن استعدادها لاستكشاف حل يدفع بالعملية إلى الأمام ويحظى في الوقت ذاته بالقبول على نطاق واسع.
وأعرب عدد كبير من الوفود عن رأي مفاده ضرورة ضمان تعزيز تمثيل البلدان النامية والدول الصغيرة في أي توسيع. وأكد عدد من الوفود ضرورة مراعاة التنوع الثقافي الواسع داخل المجتمع الدولي.
أما في مسألة حق النقض او الفيتو: نظرا للطابع الخاص لحق النقض تناولت الدول الأعضاء المسألة على مستويين: مستوى الإصلاح المثالي ومستوى الإصلاح الممكن تحقيقه. وانتقدت أغلبية كبيرة من الدول الأعضاء حق النقض لأسباب شتى، ونقل العديد منها في نفس الوقت تصورا يفيد بأن إلغاء حق النقض غير واقعي في هذه المرحلة. ومن التوجهات التي برزت بشأن حق النقض تقييد استخدامه، ومنع تخويله، والعدول عن إصلاحه في هذه المرحلة، وتخويله لكافة الأعضاء الدائمين ما دام هذا الحق قائما.
فمن حيث تقييد حق النقض، كان من بين الاقتراحات تحديد الحالات التي يمكن فيها استخدامه:
– تحديد نطاق استخدامه إما بقصره على القرارات المتخذة في إطار الفصل السابع أو عدم إجازة استخدامه في القرارات المتخذة في إطار الفصل السادس أو استبعاد حالات من قبيل الإبادة الجماعية، وجرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية.
-وضع معايير تحدد متى يمكن استخدام حق النقض وما هي الحالات التي يمكن استخدامه فيها.
-إضفاء طابع رسمي على تعليل استخدام حق النقض.
-ومنع استخدام حق النقض عندما يكون عضو دائم طرفا في نزاع، وتغيير وزنه باشتراط تصوتين سلبيين لرفض مشروع قرار، ونسخه، ووضع حد أقصى للعدد الإجمالي للأصوات السلبية التي يمكن أن يدلي بها عضو دائم.
كما أن هناك اتجاهات في صفوف الدول التي تؤيد التوسيع في عدد الأعضاء الدائمين والأعضاء غير الدائمين:
– اتجاه يرى أن حق النقض أداة للجمود لا يسهم في فعالية المجلس وينبغي عدم تخويلها للأعضاء الدائمين الجدد.
-اتجاه يؤيد التخويل المبدئي لحق النقض، المشفوع بالتزام بعدم استخدامه إلا بعد استعراض مقبول.
– اتجاه يدعو إلى التخويل التلقائي لحق النقض إلى الأعضاء الدائمين الجدد.
وحظي الخيار الثاني بأكبر قدر من التأييد، لأنه يعبر أيضا عن موقف احتياطي للعديد من الدول المؤيدة للخيارين الأول والثالث. فبالنسبة لمؤيدي تخويل حق النقض في هذه المرحلة، سيوفر الخيار الثاني إمكانية في المستقبل لهذه الغاية، في حين أنه بالنسبة لمؤيدي عدم تخويل حق النقض، سيرضي الخيار الثاني موقفهم في الوقت الراهن دون استبعاد تسوية هذه المسألة في نهاية المطاف.
وبشأن عام، يتصور الأعضاء الدائمين حق النقض بأنه يعد صلب المسألة وهو القوة الداعمة لنظام الأمن الجماعي. ويعتبر بطبعه مختلفا عن العناصر الأخرى التي جرت مناقشتها في عملية الإصلاح، لأنه نتيجة تفاهم سياسي كان قائما قبل وضع الميثاق وبالتالي لا يمكن إصلاحه بأغلبية واسعة من الأعضاء.فإصلاحه لا يحكمه إلا نفس الأساس المنطقي التاريخي الذي جاء به إلى الوجود باعتباره أداة لتقييد نطاق نظام الأمن الجماعي استنادا إلى اعتباراتهم الرئيسية المتعلقة بالسياسة العامة.
الحديث عن المبادئ التوجيهية للجمعية العامة بشأن كيفية ممارسته. فتدخل الجمعية العامة في المسائل التي تندرج في ما يعتبره الأعضاء الدائمون اختصاصا حصريا لمجلس الأمن ليس بالأمر الذي يسهل تقبله، شأنه في ذلك شأن تعليل استخدام حق النقض أمام الجمعية العامة (يرى الأعضاء الخمسة الدائمون أن الجهازين يقفان على قدم المساواة). ويبني معظم الأعضاء الدائمين قبولهم توسيع المجلس وغير ذلك من الإصلاحات المتعلقة به على الحفاظ على جوهر سلطتهم في النقض.
أما الدول التي تناولت استخدام حق النقض باعتباره مصدرا لجمود الأمم المتحدة فإنها أعربت عن آراء متباينة بشأن إمكانية معالجة هذه المسألة والكيفية التي يمكن أن يتم بها ذلك. وقبل البعض الآلية التي أنشئت بمقتضى قرار الجمعية العامة 377 (د-5) باعتبارها بديلا لكن البعض الآخر اعتبرها آلية غير فعالة و/أو غير مرغوب فيها. ولم تقدم أي اقتراحات محددة بشأن الكيفية التي يمكن أن تمارس بها الجمعية العامة دورا احتياطيا في تلك الحالات التي لا يضطلع فيها مجلس الأمن بمسؤوليته الأولى عن صون السلم والأمن الدوليين بسبب حق النقض.
و أكدت الدول الأعضاء فعلا ضرورة أن تبذل الجمعية العامة جهدا أكبر لممارسة اختصاصاتها بموجب المواد 10-12 من الميثاق، بطرق منها النظر في مسائل السلم والأمن، ودعوة مجلس الأمن إلى اتخاذ الإجراءات الملائمة. فيمكنها أن تحض مجلس الأمن على اتخاذ إجراء بشأن حالة ما، وأن تقدم رأي الأغلبية الواسعة للأعضاء إلى مجلس الأمن في مسألة معينة، وأن تحتوي حق النقض بإسهام يثني عن استخدامه. فإدراك مجلس الأمن لرأي الجمعية العامة في مسألة معينة سيصعب معه على المجلس أن يتجاهل لاحقا الإرادة الجماعية للمجتمع الدولي وأن يلتزم الصمت بسبب حق النقض.
كما ذهب البعض إلى القول إن التوسيع في حد ذاته هو تقييد بحكم الواقع لسلطة حق النقض لأن الأعضاء الدائمين سيشكلون ما يقل عن 25 في المائة من المجلس وستكون مسؤولية عرقلة اتخاذ إجراء بالنقض مسؤولية جسيمة بصورة ملموسة. ولما كان حق النقض مقترنا بنفوذ الأعضاء الخمسة الدائمين، فإن ثمة ملاحظة وجيهة للغاية وهي أن تعزيز حضور الدول الأعضاء من غير الأعضاء الخمسة الدائمين وسلطة تصويتها سيحدان، فيما تعتقده عدة جهات، من نفوذ الأعضاء الدائمين في صنع القرار وكذلك في عملية صنع القرار التي تحكمها موازين القوى حصرا. وأخيرا، ذهب بعض الرأي إلى أن السلطة التي تنبع من امتلاك حق النقض (حق النقض الضمني) ستتضاءل إذا كان المجلس يعمل بطريقة تحد من الضغط الممارس على الأعضاء غير الدائمين.
خلاصة:
إن الحديث عن إصلاح مجلس الأمن دولي يعد مطلب جديد قديم،بحيث نجد أن الأساس في تكون هيئة الأمم من أساسه جاء على انقاد نهاية الحرب العالمية الثانية 1945 التي شهدت طهور ما يسمى بدول منتصرة فرضت هيمنتها و اقتراحاتها على جل المؤسسات الدولية لخدمة أجندتها السياسية المستقبلية و دول منهزمة في الحرب تخضع لضريبة و تبعات الحرب ودول أخرى تقبع تحت سيطرة الاحتلال تبحث عن استقلالها.
لذا أصبح من اللازم في الظرفية الراهنة مراجعة مجموعة من المقتضيات التي تؤطر بعض المؤسسات الدولية التي تتحكم في صعب الحياة السياسية،إما بتحينها و عقلنتها أو إلغائها.
تشهد مسألة العضوية الدائمة حيف في حق الدول الإفريقية التي تشكل اغلب دول الأعضاء في هيئة الأمم المتحدة، والتي تعد في المقابل أكثر الدول تناولها مجلس الأمن بقراراته، مما يدفع إلى طرح ضرورة التوزيع على أساس جغرافي لمساواة القارات الخمس في العضوية الدائمة داخل مجلس الأمن.
يدفع الاستعمال المفرط لحق النقض أو الاعتراض أو الفيتو إلى المزيد من الضبط لهذا الحق، بحيث تحدد بشكل دقيق وواضح مجالات استعماله من طرف الدول الدائمة العضوية بالمجلس. ونجد انه أصبح من اللازم عدد استعمال حق الاعتراض في الأمور المتعلق بالعمل الإنساني و الإغاثة الإنسانية في زمن النزاعات المسلحة.
لائحة المراجع:
– خالد حساني: سلطات مجلس الأمن في تطبيق الفصل السابع: بين أحكام الميثاق والممارسات الدولية المعاصرة، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2015
-حسن نافعة: دور الأمم المتحدة في تحقيق السلم والأمن في ظل التحولات العالمية الراهنة، في الأمم المتحدة ضرورات الإصلاح بعد نصف قرن، وجهة نظر عربية، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، 1996،
– محمد أشلواح: إشكالية الانتقال الديمقراطي في إطار عمليات حفظ السلام الأممية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، 2014/2015
– الأخضر بن الطاهر: حق الاعتراض –الفيتو- بين النظرية والتطبيق، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر، 2010، ص295.
– فتيحة ليتيم: إصلاح منظمة الأمم المتحدة في ظل تطورات النظام الدولي الراهن، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية فرع العلاقات الدولية، جامعة الحاج لخضر، باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية، 2008/2009، ص64.
– فاطمة غلمان: دراسة تركيبية في إشكالية إصلاح الأمم المتحدة، أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانوني والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2005/2006.
– شطاب غانية: المجلة الإفريقية للعلوم السياسية، على الموقع الالكتروني:
www.maspolitiques.com/mas/indexphp?…
– سعد سلوم: خارطة طريق لإصلاح الأمم المتحدة بعد ستين عاما على تأسيس المنظمة العالمية لحفظ الأمن والسلم الدوليين، مواضيع وأبحاث سياسية، الحوار المتمدن، العدد: 1343، 2005/10/10، على الموقع الالكتروني:
– تقرير الجمعية العامة لمجموعة الإصلاح والتسيير 1997، ص 40-41.A/51/873
– تقرير الأمين العام: تجديد الأمم المتحدة برنامج للإصلاح، شتنبر 1997.A/51/873.
– حسن نافعة: الأمم المتحدة إلى أين، أمتي في العالم، مركز الحضارة للدراسات السياسية، ص11، موقع الالكتروني:
– أنظر: تقرير الأمين العام حول تحليل الحالة المالية للأمم المتحدة، 18 أكتوبر 1993، 503/48/A، ص2-3.
– تقرير الأمين العام حول المالية للأمم المتحدة، م.س، ص2.A/48/503
– محمد يوسف وخوان لويس لارابوري، وجيهان ترزي: التبرعات في مؤسسات منظومة الأمم المتحدة وأثرها على استراتيجيات تنفيذ البرامج وتعبئة الموارد .وحدة التفتيش المشتركة جنيف 2007، 1/2007/Rep/J14، ص1.
– قرار الجمعية العامة 270/65.
– تقرير اللجنة الاستشارية المستقلة للمراجعة بشأن الميزانية البرنامجية المقترح لفترة السنين 2014-2015، 86/68/، 27 ماي 2013.
– أنظر: تقرير الأمين العام، تعزيز منظومة المم المتحدة، برنامج لإجراء المزيد من التغييرات، الفقرة 155 منه، 2003
www.un.org/arabiv/docs/messages/reform.html
– الأمم المتحدة الجمعية العامة، الدورة الستون، تقرير الأمين العام: الاستثمار في الأمم المتحدة من أجل منظمة أقوى على الصعيد العالمي، 7 مارس 2006، A/60/692. – أنظر:
-Olivier Fleurence : la réforme du conseil de sécurité des nations unies l’état de débat depuis la fin de la guerre froide, Bruylant 2000.
- Dimitris Bourantonis : The History and politics of UN Security Council Reform. Edition Taylor and Francis ,e-library.2005..
[1] – قدم سفير ماليزا و رئيس الجمعية العامة إسماعيل غزالي في 20 مارس 1997 إلى فريق العامل المفتوح العضوية خطة للإصلاح تهدف إلى كسر الجمود بشأن إصلاح مجلس الأمن.
Dimitris Bourantonis : The History and politics of UN Security Council Reform. Edition Taylor and Francis ,e-library.2005.p 64
[2] – المذهب الإصلاحي المعتدل: هو الذي ينتمي إلى اديولوجية الميثاق، والذي يمثل الأكثرية، وهو الذي يرفض التغير الجذري للتنظيم الدولي الحالي، ويعتقد أن أنواع التقدم والرقي المتاحة بواسطة الميثاق الحالي هو وحده المأمول والجيد والصالح، دون المجازفة بتغير هذه الأساليب والطرق بأخرى قد تكون غير جيدة ولا تكون أحسن مما عليه الآن.
[3] – الاتجاه الجيل الثالث أو الدستورية: هذا الاتجاه حديث العهد يشمل مقترحات ملموسة تدعو له فئة قليلة من خبراء المنظمات الدولية والمختصين “كموريس برتران” الذي يعتقد أنه من الممكن وضع دستور عالمي جديد بدل الميثاق الحالي للمنظمة وإقامة منظمة عالمية من نمط جديد تسمى الجيل الثالث وتضم في ذلك منظمات عالمية التابعة لاتفاقية بريتون وودز.
للمزيد راجع: شطاب غانية: المجلة الإفريقية للعلوم السياسية، على الموقع الالكتروني:
www.maspolitiques.com/mas/indexphp?…
[4] – سعد سلوم: خارطة طريق لإصلاح الأمم المتحدة بعد ستين عاما على تأسيس المنظمة العالمية لحفظ الأمن والسلم الدوليين، مواضيع وأبحاث سياسية، الحوار المتمدن، العدد: 1343، 2005/10/10، على الموقع الالكتروني:
www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=47505
[5] Dimitris Bourantonis . op.cit.p .p.65 et 66.
[6] – Dimitris Bourantonis . op.cit.p .p.66
[7] – Ibid .p. 66
[8] – خالد الحساني: سلطات مجلس الأمن في تطبيق الفصل السابع: بين أحكام الميثاق والممارسات الدولية المعاصرة، منشورات الحلبي الحقوقية بيروت، لبنان، الطبعة الأولى، 2015، ص395.
[9] – حسن نافعة: إصلاح الأمم المتحدة في نظام دولي متغير، م.س، ص66.
[10] – محمد اشلواح: إشكالية الانتقال الديمقراطي في إطار عمليات حفظ السلام الأممية، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مراكش، 2014/2015، ص332.
[11] – عرفت المراحل الأولى من إنشاء منظمة الأمم المتحدة في خريف 1946، المطالبة بإصلاح مجلس الأمن بهدف التخلص من ما وصفته الدول الصغرى بامتياز حق الفيتو، كما طالبت الدول الإفريقية في هذا الإطار في إعلان هراري سنة 1997 بتضييق ممارسة حق النقض تدريجيا حتى يتم إلغاؤه وكانت حركة عدم الانحياز قبل ذلك قد تبنت مسألة إلغاء حق النقض في عدة مؤتمرات لها منها: مؤتمر (1979 بكولومبو، و1979 بهافانا، و1983 بنيودلهي ، وهراري 1986، وبلغراد 1989، وجاكرتا 1992، وقرطاجة1995، بدعوا أن سلطة النقض تتعارض مع السعي إلى تجسيد الدموقراطية في إطار الأمم المتحدة.
راجع خالد حساني، م.س، ص465-467.
[12] – تصريح ممثل ماليزيا في الخريف العامل بتاريخ 28 يونيو 1993 خالد حساني، م.س، ص468.
[13] – الأخضر بن الطاهر: حق الاعتراض –الفيتو- بين النظرية والتطبيق، دار الخلدونية للنشر والتوزيع، الجزائر، 2010، ص295.
[14] – أنظر:
-Olivier Fleurence : la réforme du conseil de sécurité des nations unies l’état de débat depuis la fin de la guerre froide, Bruylant 2000, p 99.
[15] – الأخضر بن الظاهر: حق الاعتراض –الفيتو- بين النظرية والتطبيق، م.س، ص291.
[16] – مقنرح الأوروغواي أمام الفريق العامل المفتوح العضوية بتاريخ 17 يونيو 1996.
[17] – الأخضر بن الطاهر: م.س، ص296.
[18] – فتيحة ليتيم: إصلاح منظمة الأمم المتحدة في ظل تطورات النظام الدولي الراهن، أطروحة مقدمة لنيل شهادة الدكتوراه في العلوم السياسية فرع العلاقات الدولية، جامعة الحاج لخضر، باتنة، كلية الحقوق والعلوم السياسية، السنة الجامعية، 2008/2009، ص64.
[19] – نفس المرجع السابق، ص65.
[20] – ليتيم فتيحة: م.س، ص66-67.
[21] – عرف شهر يناير 1997 قيام الأمين العام كوفي أعنان بتجميع الأقسام، والمكاتب والبرامج في أربعة قطاعات أساسية:
-قطاع السلع والأمن
-الشؤون الاقتصادية والاجتماعية
-الأنشطة الميدانية للتنمية
-الشؤون الإنسانية
تم إنشاء لجنة تنفيذية خاصة بكل قطاع من أجل تحقيق تشاور وتنسيق إداري وثيق.
أنظر: تقرير الجمعية العامة لمجموعة الإصلاح والتسيير 1997، ص 40-41.A/51/873
[22] – تقرير الأمين العام: تجديد الأمم المتحدة برنامج للإصلاح، شتنبر 1997.A/51/873.
[23] – نفس المصدر السابق، ص12-14.
[24] – نفس المصدر السابق، ص8.
[25] – حسن نافعة: الأمم المتحدة إلى أين، أمتي في العالم، مركز الحضارة للدراسات السياسية، ص11، موقع الالكتروني:
[26] – أعلن الأمين العام للأمم المتحدة بأن العجز المالي المنظمة عرف خلال سنوات التالية عجزا يقدر ب ما يلي:
- سنة 1985 وصل العجز الحالي إلى 390,7 مليون دولار.
- سنة 1986 وصل العجز الحالي إلى 735,6 مليون دولار.
- سنة 1989 وصل العجز الحالي إلى 315,00 مليون دولار.
- سنة 1992 المبلغ الإجمالي لاشتراكات غير المسددة للميزانية العادية حوالي 500,4 مليون دولار.
- سنة 1993 المبلغ الإجمالي لاشتراكات غير المسددة للميزانية العادية حوالي 1070 مليون دولار.
أنظر: تقرير الأمين العام حول تحليل الحالة المالية للأمم المتحدة، 18 أكتوبر 1993، 503/48/A، ص2-3.
[27] – حسن نافعة: الأمم المتحدة: إلى أين؟ م.س، ص11 و12.
[28] – تقرير الأمين العام حول المالية للأمم المتحدة، م.س، ص2.A/48/503
[29] – خلفان كريم، م.س، ص51.
[30] – حسن نافعة: الأمم المتحدة إلى أين؟ م.س، ص12.
[31] – فاطمة علمان،: دراسة تركيبية في إشكالية إصلاح الأمم المتحدة، أطروحة لنيل الدكتوراه الدولة في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانوني والاقتصادية والاجتماعية، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2005/2006 ، ص271.
[32] – بطرس بطرس غالي: مذكرة حول السلام
[33] – محمد يوسف وخوان لويس لارابوري، وجيهان ترزي: التبرعات في مؤسسات منظومة الأمم المتحدة وأثرها على استراتيجيات تنفيذ البرامج وتعبئة الموارد .وحدة التفتيش المشتركة جنيف 2007، 1/2007/Rep/J14، ص1.
[34] – نفس المرجع السابق، ص3 و5.
[35] – قرار الجمعية العامة 270/65.
[36] – تقرير اللجنة الاستشارية المستقلة للمراجعة بشأن الميزانية البرنامجية المقترح لفترة السنين 2014-2015، 86/68/، 27 ماي 2013.
[37] – أنظر: تقرير الأمين العام، تعزيز منظومة المم المتحدة، برنامج لإجراء المزيد من التغييرات، الفقرة 155 منه، 2003
www.un.org/arabiv/docs/messages/reform.html
[38] – أنظر: تقرير الأمين العام، نفس المرجع السابق، الفقرات 167 و168 منه.
[39] – الأمم المتحدة الجمعية العامة، الدورة الستون، تقرير الأمين العام: الاستثمار في الأمم المتحدة من أجل منظمة أقوى على الصعيد العالمي، 7 مارس 2006، A/60/692.
- تحريرا في 6-12-2017